تحليل العلاقة بين استهلاک الطاقة المتجددة والنمو الاقتصادي في المغرب باستخدام نموذج الانحدار الذاتي للإبطاء الموزع غير الخطي (NARDL)

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

أستاذ الاقتصاد المساعد- قسم السياسة والاقتصاد- کلية الدراسات الإفريقية العليا- جامعة القاهرة

المستخلص

هدفت هذه الورقة البحثية إلى تحليل عدم التماثل أو عدم التناظر في أثر استهلاک الطاقة المتجددة على النمو الاقتصادي في المغرب خلال الفترة (1971-2015)، وقد استخدمت الورقة البحثية منهجية قياسية حديثة نسبيًا حيث تم تطبيق نموذج الانحدار الذاتي للإبطاء الموزع غير الخطي NARDL والذي طوره Shin وآخرون عام 2014، بالإضافة إلى اختبار سببية جرانجر Pairwise Granger Causality Test. وقد أشارت النتائج إلى أن هناک علاقة توازنية طويلة الأجل أى علاقة تکامل مشترک بين استهلاک الطاقة المتجددة والنمو الاقتصادي في المغرب. کذلک أوضحت النتائج وجود عدم تناظر أو عدم تماثل في تأثير استهلاک الطاقة المتجددة على النمو الاقتصادي في المغرب، کما توصل اختبار السببية إلى أن هناک علاقة سببية في اتجاه واحد بين استهلاک الطاقة المتجددة والنمو الاقتصادي تتجه من استهلاک الطاقة المتجددة إلى النمو الاقتصادي، مما يعني أن استهلاک الطاقة المتجددة له أثر مهم جدًا على النمو الاقتصادي في المغرب.
 

نقاط رئيسية

تلعب الطاقة دورًا مهمًا في التنمية الاقتصادية لمعظم الاقتصادات. حيث أن العلاقة السببية بين استهلاک الطاقة والنمو الاقتصادي مهمة في سن سياسة استهلاک الطاقة والسياسة البيئية. وقد حظى النقاش الدائر حول فکرة ما إذا کان استهلاک الطاقة هو المحرک للنمو الاقتصادي، أو ما إذا کان النمو الاقتصادي يعزز استهلاک الطاقة بالاهتمام الواسع منذ العقدين الماضيين. کان الدافع وراء هذا الموضوع هو حقيقة أن زيادة الطلب على الطاقة تؤدي إلى ثورة صناعية ونمو سريع في کل من البلدان النامية والمتقدمة. وقد أدى ذلک أيضًا إلى وجود ظواهر بيئية مثل الاحترار العالمي، وتغير المناخ، والزيادة في انبعاثات غاز ثاني أکسيد الکربون. ومن ثم اهتمت الدول بالسياسات المتعلقة باستهلاک الطاقة، والتي من شأنها تعزيز النمو الاقتصادي دون التسبب في التدهور البيئي

الكلمات الرئيسية


مقدمـــة:

تلعب الطاقة دورًا مهمًا في التنمية الاقتصادية لمعظم الاقتصادات. حيث أن العلاقة السببية بين استهلاک الطاقة والنمو الاقتصادي مهمة في سن سياسة استهلاک الطاقة والسياسة البيئية. وقد حظى النقاش الدائر حول فکرة ما إذا کان استهلاک الطاقة هو المحرک للنمو الاقتصادي، أو ما إذا کان النمو الاقتصادي يعزز استهلاک الطاقة بالاهتمام الواسع منذ العقدين الماضيين. کان الدافع وراء هذا الموضوع هو حقيقة أن زيادة الطلب على الطاقة تؤدي إلى ثورة صناعية ونمو سريع في کل من البلدان النامية والمتقدمة. وقد أدى ذلک أيضًا إلى وجود ظواهر بيئية مثل الاحترار العالمي، وتغير المناخ، والزيادة في انبعاثات غاز ثاني أکسيد الکربون. ومن ثم اهتمت الدول بالسياسات المتعلقة باستهلاک الطاقة، والتي من شأنها تعزيز النمو الاقتصادي دون التسبب في التدهور البيئي.[i]

کان لاتفاق باريس 2015 کأهم مخرجات مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي رقم 21، أثرًا کبيرًا على الکثير من دول العالم وخاصة الدول النامية والتي بدأت تهتم بصورة أکبر بالمساهمات الوطنية الطوعية المحددة للحد من آثار تغير المناخ وتحقيق أهداف التنمية المستدامة والتي من بينها الهدف السابع الخاص بالطاقة، وذلک من خلال إدراج أهداف خاصة بالطاقة المتجددة في خططتها الوطنية لتنويع مزيج الطاقة، ووضع وتنفيذ السياسات ذات الصلة.[ii]

وقد هدفت هذه الورقة البحثية إلى تحليل عدم التماثل أو عدم التناظر في العلاقة بين استهلاک الطاقة المتجددة بأثريها الموجب والسالب على النمو الاقتصادي في المغرب خلال الفترة (1971-2015).

 وبالنسبة للمنهج العلمي الذي اتبعته الورقة فهو يعتمد على الاقتصاد القياسي، وذلک من خلال تطبيق نموذج الانحدار الذاتي للإبطاء الموزع غير الخطي NARDL Model والذي طوره  Shinوآخرون عام 2014، بالإضافة إلى اختبار سببية جرانجر Pairwise Granger Causality Test. وتم الحصول على البيانات من مؤشرات التنمية العالمية الصادرة عن البنک الدولي خلال الفترة الزمنية من 1971 حتى 2015.

وسعت الورقة البحثية لاختبار صحة الفروض التالية:

  1. هناک أثر لاستهلاک الطاقة المتجددة على النمو الاقتصادي في المغرب في الأجلين القصير والطويل.
  2. يوجد عدم تناظر أو عدم تماثل في تأثير استهلاک الطاقة المتجددة على النمو الاقتصادي في المغرب.
  3. هناک علاقة سببية بين استهلاک الطاقة المتجددة والنمو الاقتصادي في المغرب.

وتتمثل أهمية الورقة البحثية بالنسبة للمغرب في أن تأمين توافر الطاقة يعد أحد أهم المصالح الوطنية والأمن القومي. حيث يعد توافر مصادر الطاقة المتجددة وزيادة استخدامها استراتيجية رئيسية لقطاع الطاقة بالمغرب، وذلک نظرًا لسيطرة الوقود الأحفوري على قطاع الطاقة وهو معظمه مستورد. لذا فإن أحد الأهداف الرئيسية لاستراتيجية الطاقة الوطنية في المغرب والتي أطلقت عام 2009، هو تقليل الاعتماد على الطاقة المستوردة إلى أقل من 82% في عام 2030، وزيادة استخدام الطاقة المتجددة لتمثل 52% من الطاقة في عام 2030. ومن ثم تتضح أهمية هذه الورقة البحثية في بيان العلاقة بين استهلاک الطاقة المتجددة والنمو الاقتصادي المغربي بالاعتماد على أسلوب قياسي يتمکن من إظهار هل هناک عدم تناظر في تأثير استهلاک الطاقة المتجددة على النمو الاقتصادي في المغرب أم لا؟.

وقد تم تقسيم الورقة البحثية إلى أربعة أقسام رئيسية وهى: الطاقة المتجددة في المغرب، والاستعراض المرجعي للدراسات السابقة، والإطار النظري لنموذج NARDL، وتقدير نموذج الانحدار الذاتي للإبطاء الموزع غير الخطي NARDL، وأخيرًا النتائج والتوصيات.

القسم الأول: الطاقة المتجددة في المغرب

تسعى دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بشکل متزايد لتبني استراتيجيات طموحة لنشر الطاقة المتجددة ولتحسين توازن طاقتها. والاستفادة من الموقع المتميز للمنطقة، والذي يدعم فکرة أن منطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط ستشارک في إنشاء جزء من إمدادات الطاقة المستقبلية للعالم. هناک العديد من محطات الطاقة التي تعمل بالفعل داخل تلک الدول، والبعض الآخر مازال في مرحلة التخطيط. وبحلول عام 2050، سوف يلبي الحصول على الطاقة المتجددة احتياجات الطاقة لما يقرب من 1.2 مليار شخص.[iii]

وتعتبر منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا واحدة من أکثر الأسواق الواعدة لمشروعات الطاقة المتجددة خلال السنوات العشر إلى العشرين القادمة بسبب وفرة مواردها الطبيعية من أشعة الشمس، والرياح والکتلة الحيوية، والطاقة الحرارية الأرضية، حيث تلعب الطاقة المتجددة دورًا حاسمًا في النمو الاقتصادي لدول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ومن ثم تشکل موارد الطاقة المتجددة فرصة کبيرة للعديد من دول المنطقة لزيادة تنميتها الاقتصادية وتحسين بيئتها. ومع ذلک، فإن معدل الاستثمار الفعلي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجال الطاقة المتجددة يظل صغيرًا مقارنة بالمناطق الأخرى في العالم، خاصة فيما يتعلق بالطلب المتزايد بمعدل سريع على الکهرباء.[iv]

تلعب الطاقة المتجددة دورًا مهمًا في تحقيق التنمية المستدامة. وينبغي إعطاء الأولوية القصوى لتطوير الطاقة المتجددة واستخدامها السليم، خاصة مع وجود القضايا البيئية الحالية المتعلقة بتغير المناخ والتي تعد من أهم القضايا المتعلقة بالطاقة. يمکن أن يعزى الاهتمام المتزايد بمصادر الطاقة المتجددة إلى عدد من العوامل التي تتجاوز تغير المناخ، حيث أن المخاوف الأخيرة بشأن تقلب أسعار النفط، والاعتماد على مصادر الطاقة الأجنبية کلها عوامل تساهم في الاهتمام الحالي بمصادر الطاقة المتجددة، مع الأخذ في الاعتبار أن الطاقة تعد هي المحرک الأساسي لکل القطاعات الاقتصادية.[v]

يمثل قطاع الطاقة أحد القطاعات الهامة في المغرب، وهو يمثل حوالي 3.1% من الناتج المحلي الاجمالي، ويعمل فيه حوالي 0.4% من السکان، ويتميز هذا القطاع بالتنامي السريع في مستويات الاستهلاک من 7% إلى 8% سنويًا، وهو يعتمد بشکل کبير على الوقود الأحفوري المستورد، حيث تمثل الطاقة المستوردة للمغرب من الخارج حوالي 13.3% من إجمالي الواردات، وهذا جعل المغرب يعتبر أکبر مستورد للطاقة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.[vi]

يعد تأمين توافر الطاقة أحد أهم المصالح الوطنية، والأمن القومي للدولة. کما يعد توافر مصادر الطاقة المتجددة وزيادة استخدامها استراتيجية رئيسية لسياسة قطاع الطاقة في العديد من الدول، وتعد الدولة آمنة عندما تستورد من 10%-15% من الطاقة من الخارج.[vii]

ينعکس الاعتماد الکبير للمغرب على الوقود الأحفوري المستورد على أمن الطاقة بها وعلى اقتصادها، حيث يتکون مزيج الطاقة في المغرب إلى حد کبير من الوقود الأحفوري، الذي يمثل ما يقرب من 90% من إجمالي إمدادات الطاقة الأولية و80٪ في إمدادات الکهرباء. وفي عام 2017، شکل النفط 62٪ من من إجمالي إمدادات الطاقة الأولية، يليه الفحم (22%) والغاز الطبيعي (5%)، وقد ارتفعت فاتورة استيراد الطاقة في البلاد إلى 69.5 مليار درهم مغربي في 2017 (بما يعادل 7.3 مليار دولار أمريکي، 6.3 مليار يورو).[viii]

يسيطر الوقود الأحفوري على قطاع الطاقة في المغرب وهو معظمه مستورد، حيث بلغ معدل الاعتماد على الطاقة المستوردة في المغرب 93.3% عام 2016، لذا فإن أحد الأهداف الرئيسية لاستراتيجية الطاقة الوطنية في المغرب والتي أطلقت عام 2009، هو تقليل الاعتماد على الطاقة المستوردة إلى أقل من 82% في عام 2030، وزيادة استخدام الطاقة المتجددة لتمثل 52% من الطاقة  في عام 2030 موزعة کالتالي: 20% من الطاقة الشمسية و20% من طاقة الرياح و12% من الطاقة الکهرومائية.[ix]

وقد أنشأت المغرب في عام 2009 معهد بحوث الطاقة الشمسية والطاقة الجديدة لتنمية البحث والتطوير والابتکار في تقنيات الطاقة المتجددة. وفي عام 2010 تم إنشاء الوکالة الوطنية لتنمية الطاقة المتجددة وترشيد الطاقة وتم تغيير الاسم ليصبح الوکالة الوطنية لکفاءة الطاقة. وفي ذات العام تم إنشاء الوکالة المغربية للطاقة الشمسية وذلک لإنتاج الکهرباء من الطاقة الشمسية وتم إعادة التسمية لتصبح الوکالة المغربية للطاقة المستدامة والتي تهدف إلى الوصول بالقدرات المرکبة من الطاقة المتجددة إلى 3000 ميجاوات في عام 2020، وإلى 6000 ميجاوات بحلول عام 2030. وفي أغسطس 2016 تمتعت الوکالة المغربية للطاقة المستدامة بوضع جديد فقد أصبحت هى الجهة الوحيدة المرکزية والمتکاملة المتعلقة بالطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة الهيدروليکية وأى طاقة متجددة أخرى يمکن تطويرها في المغرب. فهي وفقًا للقانون هى الجهة الوحيدة المسئولة عن تطوير وتمويل وإدارة جميع مشاريع الطاقة المتجددة في المملکة.[x]

وفي أکتوبر 2017 تم إطلاق الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة 2030، والتي تضمنت في محورها الرابع تسريع الوتيرة الصناعية ضمن مسار الاقتصاد الأخضر وتحديد الحکومة لعدد من الاستراتيجيات ذات الصلة بالطاقة المتجددة مثل المخطط المغربي للطاقة الشمسية، والمخطط المغربي للطاقة الريحية والکهرومائية، ومحطات تحويل الطاقة عن طريق الضخ ومحطات المعالجة. وتضمن المحور الخامس تسريع وتيرة تنفيذ الانتقال للطاقة المتجددة ورفع حصة الطاقة المتجددة إلى 52% من إجمالي الطاقة الکهربائية المنتجة في عام 2030. [xi]

وفي عام 2018 قامت المغرب بإطلاق أول سندات خضراء للمساعدة في تمويل مشروعات الطاقة الشمسية. وبنهاية عام 2018 کان القطاع الخاص في المغرب يمتلک محطات طاقة متجددة ويديرها بالفعل.[xii]

القسم الثاني: الاستعراض المرجعي للدراسات السابقة

تناقش الأدبيات الاقتصادية بشکل مکثف الدور المهم لقطاع الطاقة المتجددة في النشاط الاقتصادي. يمکن تقسيم الدراسات التي تناولت هذا الموضوع إلى مجموعتين رئيسيتين. اهتمت المجموعة الأولى بدراسة العلاقة بين الطاقة المتجددة والاقتصاد الکلي، حيث رکزت معظم تلک الدراسات على العلاقات السببية بين استهلاک الطاقة المتجددة وغير المتجددة والنمو الاقتصادي، والعلاقة بين الطاقة المتجددة وغير المتجددة وانبعاثات ثاني أکسيد الکربون والنمو الاقتصادي. أما المجموعة الثانية من الدراسات السابقة فقد اهتمت بتحليل محددات الطلب على الطاقة المتجددة، من خلال البحث عن محددات إنتاج واستهلاک الطاقة المتجددة، ويتم فيما يلي تناول عددًا من الدراسات السابقة التي توضح مساهمة کلا المجموعتين.

 أولاً: العلاقة بين الطاقة المتجددة والاقتصاد الکلي

سعت دراسة (Valodka, Valodkiene, 2015)[xiii]إلى التحقيق في التأثيرات السلبية والإيجابية لمصادر الطاقة المتجددة على اقتصاد ليتوانيا. وتوصل البحث إلى ضرورة وضع إستراتيجية لتطوير الطاقة المتجددة، ويجب وضع هذه الاستراتيجية من قبل علماء مستقلين لا علاقة لهم بالهياکل التجارية المنتجة للطاقة التقليدية. کذلک من الضروري انخراط صغار المستثمرين في قطاع الطاقة، وبالتالي تحقيق إنتاج أکبر للطاقة بطريقة لامرکزية على أساس التوسع في مصادر الطاقة المتجددة. أما دراسة              ( (Belaid, Zrelli, 2016[xiv] فقد کان الترکيز الرئيسي لهذه الورقة هو دراسة العلاقة السببية بين معدلات استهلاک الکهرباء، والناتج المحلي الإجمالي وثانى أکسيد الکربون لدول شمال وجنوب البحر الأبيض المتوسط خلال الفترة 1980-2012. وتستخدم تقنية التکامل المشترک واختبارات السببية للتحقيق في هذه العلاقة. أشارت النتائج إلى أن هناک علاقة سببية ثنائية الاتجاه بين انبعاثات ثانى أکسيد الکربون واستهلاک الکهرباء. دلت النتائج على أن استهلاک الکهرباء وتحفيز النمو الاقتصادي تزيد من انبعاثات ثانى أکسيد الکربون في دول جنوب وشمال البحر المتوسط. لذلک فإن التوسع في مصادر الطاقة المتجددة تعد خطة استراتيجية لمعالجة أمن الطاقة وتقليل انبعاثات الکربون لحماية البيئة للأجيال المقبلة.

وقد بحثت دراسة (Shahbaz, et al, 2018)[xv] في التأثير غير المتماثل للعولمة والنمو الاقتصادي على استهلاک الطاقة في دول البريکس، بتطبيق نموذج NARDL لاستکشاف وجود تکامل غير متماثل عبر المتغيرات. کشفت النتائج أن الصدمة الإيجابية في النمو الاقتصادي تعزز استهلاک الطاقة، بينما الصدمة السلبية تقلل من استهلاک الطاقة. کذلک حاولت دراسة(Masih, 2018& Noh)[xvi] البحث في العلاقة بين استهلاک الطاقة والنمو الاقتصادي لتايلاند خلال الفترة من 1976 إلى 2014 بتطبيق نموذج NARDL، وعلاقة السببية باستخدام جرانجر. الاستنتاج الرئيسي الذي توصلت إليه الورقة البحثية هو عدم التماثل على المدى الطويل والقصير بين استهلاک الطاقة والنمو الاقتصادي، مما يعني أن أخذ اللاخطية وعدم التماثل في الاعتبار مهم عند دراسة العلاقة بين النمو الاقتصادي واستهلاک الطاقة.

وقد بحثت دراسة (Adebumiti, Masih, 2018)[xvii] في العلاقة غير الخطية وغير المتماثلة بين استهلاک الطاقة والنمو الاقتصادي في نيجيريا خلال الفترة (1980-2014). تم تطبيق منهج NARDL لفحص التکامل غير المتماثل بين المتغيرات. کما تم استخدام اختبار السببية لفحص العلاقة السببية بين المتغيرات. أشارت النتائج إلى التکامل المشترک بين المتغيرات في وجود عدم التماثل. وأظهرت نتائج السببية أن الصدمات السلبية لاستهلاک الطاقة لها تأثيرات على النمو الاقتصادي. کما طبقت دراسة  (Khan,et al, 2019)[xviii]نفس المنهجية لبحث العلاقة بين استهلاک الطاقة والزراعة ورأس المال والنمو الاقتصادي في باکستان. استخدمت بيانات من عام 1971 إلى عام 2014 واعتمدت على نموذج (NARDL). أکدت نتائج اختبار NARDL التکامل المشترک غير المتماثل بين الصدمات الإيجابية والصدمات السلبية في استهلاک الطاقة والنمو الاقتصادي. أشارت نتائج اختبار سببية جرانجرإلى وجود ارتباط أحادي الاتجاه بين رأس المال والنمو الاقتصادي.

ورکزت دراسة (Awodumi, 2020 (Adewuyi,[xix]على دور الطاقة غير المتجددة في النمو الاقتصادي وانبعاثات الکربون في أعلى الاقتصادات انتاجًا للنفط في أفريقيا خلال الفترة 1980-2015. تبنت الورقة نموذج الانحدار الذاتي للإبطاء الموزع غير الخطي (NARDL). تکشف الدراسة عن أدلة على التأثير غير المتماثل لاستهلاک الفرد من النفط والغاز الطبيعي على النمو الاقتصادي وانبعاثات الکربون للفرد في جميع البلدان المختارة باستثناء الجزائر. لذلک، يتحتم على واضعي السياسات في الاقتصادات المنتجة للنفط بأفريقيا استکشاف سبل الاستثمار في تکنولوجيا الحد من الکربون وتعزيزها في عمليات الإنتاج في سعيهم للنمو الاقتصادي إذا کان يجب عليهم الاستمرار في زيادة استهلاک مواردهم الوفيرة من النفط والغاز الطبيعي. في حين هدفت دراسة (Munir, Riaz, 2020)[xx] لفحص التأثير غير المتماثل لاستهلاک الطاقة مثل النفط والغاز والفحم والکهرباء على التدهور البيئي في استراليا، والصين، والولايات المتحدة الأمريکية. تستخدم الدراسة بيانات من 1975 إلى 2018 وتطبق نموذج (NARDL) لفحص العلاقة طويلة المدى وقصيرة المدى. تظهر النتائج أن زيادة استهلاک النفط والفحم في استراليا، واستهلاک النفط والغاز والکهرباء في الصين، واستهلاک النفط والفحم والغاز في الولايات المتحدة الأمريکية تؤدي إلى زيادة انبعاثات ثاني أکسيد الکربون على المدى الطويل. ينبغي على مراکز البحث والتطوير السيطرة على التلوث من خلال التقنيات الجديدة، للحد من الانبعاثات من خلال استخدام موارد الطاقة المتجددة کمصدر للطاقة. وتناولت دراسة (Bosah, et al, 2020)[xxi] العلاقة غير المتماثلة بين استهلاک الکهرباء والنمو الاقتصادي وانبعاث ثاني أکسيد الکربون في 15 دولة خلال الفترة 1971-2014، بإستخدام نموذج (NARDL) للتحقق من التکامل غير المتناظر بين المتغيرات. بالإضافة إلى ذلک، تم تطبيق اختبار سببية جرانجر لتحديد العلاقة السببية بين المتغيرات. أکدت النتائج التکامل غير الخطي بين المتغيرات في الکاميرون، وجمهورية الکونغو، وزامبيا، وکندا، والمملکة المتحدة. وأکدت نتائج اختبار والد عدم تماثل العلاقة بين استهلاک الکهرباء والنمو الاقتصادي وانبعاث الکربون في کندا والکاميرون. جاءت النتائج من اختبار سببية جرانجر متقلبة عبر المتغيرات.

ثانيًا: محددات الطلب على الطاقة المتجددة

تناولت دراسة (Omria, Nguyenb, 2014)[xxii] محددات استهلاک الطاقة المتجددة في 64 دولة خلال الفترة 1990-2011. وقد توصلت الورقة إلى أن الزيادات في انبعاثات ثاني أکسيد الکربون والانفتاح التجاري هي المحرکات الرئيسية لاستهلاک الطاقة المتجددة. کذلک أدت زيادات أسعار النفط إلى تأثير أصغر ولکنه سلبي على استهلاک الطاقة المتجددة . أما دراسة (Bellakhal, et al, 2017)[xxiii]فقد اهتمت ببحث الصلة بين الحوکمة والانفتاح والاستثمار في الطاقة المتجددة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في 15 دولة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خلال الفترة 1996-2013. أکدت النتائج أن قضايا الحوکمة وکذلک السياسات التجارية تحددان بشکل کبير الاستثمارات في الطاقة المتجددة في المنطقة. ورکزت دراسة (Da Silva, et al, 2018)[xxiv]على  تحليل محددات استهلاک الطاقة المتجددة في 17 دولة في أفريقيا جنوب الصحراء. باستخدام نموذج ARDL للفترة 1990-2014، أشارت النتائج إلى أن التنمية الاقتصادية متمثلة في نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي تزيد من استخدام وتطوير الطاقة المتجددة، بينما يعوقها النمو السکاني. کما أوضحت هذه الدراسة أنه على الرغم من أن المنطقة لديها إمکانات کبيرة لتطوير الطاقة المتجددة مثل الرياح، والکتلة الحيوية، والطاقة الشمسية، والطاقة الکهرومائية المنتشرة في جميع أنحاء القارة، إلا أن هذه الإمکانات لم يتم استکشافها بالکامل، على الرغم من توفر العديد من الموارد بکثرة.

أما دراسة (,2018 (Koengkan[xxv] فقد سعت لتحليل تأثير التحضر على استهلاک الطاقة لمجموعة من ثماني دول في أمريکا اللاتينية في الفترة من 1970 إلى 2015. تم استخدام نموذج (NARDL). أشارت النتائج إلى أن النمو الاقتصادي والتحضر لهما تأثير إيجابي على استهلاک الطاقة في المدى القصير والطويل. في حين هدفت دراسة (Zaharia, et al, 2019)[xxvi] إلى تحديد تأثير مختلف العوامل الاقتصادية والاجتماعية والبيئية لاستهلاک الطاقة المتجددة بدول الاتحاد الأوروبي خلال الفترة (1975-2019). أظهرت النتائج الرئيسية أن عوامل مثل انبعاثات غاز ثاني أکسيد الکربون، والناتج المحلي الإجمالي، ونمو السکان والعمالة، لها علاقة إيجابية مع استهلاک الطاقة المتجددة. کذلک، هناک عوامل مثل زيادة أعداد النساء، ونفقات الرعاية الصحية أو ضرائب الطاقة، تحد من استهلاک الطاقة المتجددة. أما دراسة (Ergun, et al, 2019)[xxvii]فقد رکزت على محددات استهلاک الطاقة المتجددة في 21 دولة أفريقية خلال الفترة (2013-1990). ووجدت الدراسة أن البلدان التي لديها مؤشر تنمية بشرية أعلى ونصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي أعلى لديها حصة أعلى من استهلاک الطاقة المتجددة. من ناحية أخرى، وجدت الدراسة أن زيادة الاستثمار الأجنبي المباشر يرتبط بارتفاع استهلاک الطاقة المتجددة.

کذلک تناولت دراسة (Belaid, Elsayed, 2019)[xxviii] دور العوامل المختلفة في تشکيل إنتاج الطاقة المتجددة، تم تطوير نموذج انحدار کمي في دول مختارة من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خلال الفترة (2014-1984). أکدت النتائج التي تم التوصل إليها أن تأثير مؤشر الاستقرار السياسي على إنتاج الطاقة المتجددة غير متجانس بشکل واضح، علاوة على ذلک، فإن فعالية الحوکمة هي محدد مهم لإنتاج الطاقة المتجددة في دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتطور القطاع المالي له نتائج إيجابية وإحصائية على إنتاج الطاقة المتجددة، وهناک علاقة تکاملية بين فعالية الحکومة والتنمية المالية في تعزيز إنتاج الطاقة المتجددة. وقد قدمت دراسة (Akintande, et al, 2020)[xxix] نموذجًا لمحددات استهلاک الطاقة المتجددة باستخدام بيانات للفترة من 1996 إلى2016 في خمسة دول في أفريقيا وهى: إثيوبيا، وجنوب أفريقيا، ونيجيريا، وجمهورية الکونغو الديمقراطية، ومصر. تم تصنيف المحددات إلى ثلاثة مجالات حيث تشمل متغيرات اقتصادية واجتماعية ومؤسسية، تم تحليل أربعة وثلاثين متغيرًا. تشير نتائج التحليل إلى أن النمو السکاني، وسکان الحضر، واستخدام الطاقة، واستهلاک الطاقة الکهربائية، ورأس المال البشري هي المحددات الرئيسية لاستهلاک الطاقة المتجددة في البلدان المختارة. کما أن الزيادة في أي من هذه المحددات تسبب زيادة في استهلاک الطاقة المتجددة. وتم تحليل محددات إنتاج الطاقة المتجددة في دول وسط وشرق أوروبا والقوقاز وآسيا الوسطى باستخدام بيانات من 27 دولة  خلال الفترة (2014-1990) من خلال دراسة   ( (Przychodzen, Przychodzen, 2020[xxx]، وتبين أن ارتفاع النمو الاقتصادي وارتفاع مستوى البطالة والديون الحکومية کان بمثابة محفزات لتوليد الطاقة المتجددة. کما أدى تنفيذ بروتوکول کيوتو إلى زيادة کبيرة في استخدام مصادر الطاقة المتجددة. أشارت النتائج أيضًا إلى أنه منذ بداية الأزمة المالية العالمية الأخيرة في عام 2007، کان لتعزيز المنافسة داخل سوق الطاقة والتمويل العام الإضافي دور أقوى بکثير کعوامل تحفز نشر مصادر الطاقة المتجددة.

وبعد استعراض الدراسات السابقة يمکن القول أن الفرق بين تلک الدراسات السابقة والدراسة التي نحن بصدد إجرائها، يتمثل في تحليل عدم تماثل أو عدم تناظر العلاقة بين استهلاک الطاقة المتجددة والنمو الاقتصادي لفترة طويلة نسبيًا 45 عامًا (2015-1971)، وهو-على حد معرفة الباحثة- لم ينفذ من قبل في المغرب. کما أن نتائج التحليل باستخدام نموذج NARDL الذي تعتمد عليه الدراسة المذمع تنفيذها يتميز بأنه يتضمن کافة النتائج التي يوفرها نموذج ARDL، بالإضافة إلى مراعاة احتمالية اللاخطية في تأثير المتغير المستقل في المتغير التابع وهذا سواء في الأجل القصير أو الأجل الطويل کما سيتضح فيما بعد.

ثالثاً: الإطار النظري لنموذج  NARDL

يعد نموذج الانحدار الذاتي للإبطاء الموزع غير الخطيNonlinear Auto Regressive Distributed Lag (NARDL) والذي طوره  Shin وآخرون عام 2014 إطار ديناميکي بسيط ومرن غير خطي قادر على النمذجة في وقت واحد ومتسق التباين سواء في العلاقة طويلة الأجل الأساسية أو في أنماط التکيف الديناميکي. وهو يعد تعميمًا أو توسيعًا للتقدير الخطي لأسلوب الانحدار الذاتي للإبطاء الموزع ARDL. حيث يأخذ أسلوب NARDL بعين الاعتبار احتمالية اللاخطية في تأثير المتغير المستقل في المتغير التابع وهذا سواء في الأجل القصير أو الأجل الطويل.[xxxi]  

ويقوم نموذج NARDL -کما في نموذج ARDL- بالکشف عن التأثيرات قصيرة الأجل وطويلة الأجل في معادلة واحدة. ويفترض نموذج NARDL أن العلاقة بين المتغيرات الاقتصادية قد لا تکون متماثلة أو تناظرية بمعنى أن يکون هناک اختلاف في آليات التأثير بين القيم الموجبة وتلک السالبة، کذلک فهو يمتاز بقدرته على استخدام المتغيرات المتکاملة من الرتبة صفر أو واحد بمعنى سواء کانت المتغيرات مستقرة في المستوى أو الفرق الأول أو مزيج بينهما.[xxxii]

وبالتالي فهناک شروط ينبغي توافرها لتطبيق نموذج NARDL وهى: يجب أن تکون المتغيرات المستخدمة لتقدير النموذج مستقرة في المستوى أو متکاملة من الرتبة I(1) وليس أي منها متکامل من الرتبة I(2)، کذلک يجب أن يکون المتغير التابع متکامل من الرتبة I(1)، کما أن عدد المشاهدات يجب ألا يقل عن 30 مشاهدة.[xxxiii]

يعتمد نموذج NARDL على تقدير علاقة عدم تماثل المعلمات، حيث يعبر عن العلاقة بين المتغيرين  Xو  Yکما في المعادلة رقم (1):

 

حيث أن المتغير X تم تقسيمه ما بين قيم موجبة وأخرى سالبة کما في المعادلة رقم (2):

 

ويتم حساب  کما في المعادلة رقم (3):

 

ويتم حساب  کما في المعادلة رقم (4):

 

وبناء على تقسيم المتغير المستقل X وبعد ادخال کل من  و  سيأخذ نموذج NARDL الصيغة التالية الواردة في المعادلة رقم (5):

 

حيث تمثل  و   و المعاملات في الأجل الطويل، وتمثل  و  و  المعاملات في الأجل القصير.

وبعد إجراء تقدير نموذج NARDL يتم اختبار وجود التکامل المشترک بين المتغيرات باستخدام اختبار الحدود، وتکون فرضية العدم هى (عدم وجود تکامل) ويعبر عنها کما في المعادلة رقم (6):

   

 في مقابل الفرضية البديلة (وجود تکامل) ويعبر عنها کما في المعادلة رقم (7):

 

يتم مقارنة قيمة F الاحصائية F-Statistic بالقيمتين الحرجتين (العليا والدنيا) لاختبار الحدود التي وضعها Pesaran وآخرون عام 2001، فإذا کانت قيمة F الإحصائية أقل من القيمة الحرجة الدنيا يتم قبول فرضية العدم (عدم وجود تکامل بين المتغيرات)، وإذا کانت قيمة F الإحصائية أعلى من القيمة الحرجة العليا نرفض فرضية العدم ونقبل الفرضية البديلة (وجود تکامل بين المتغيرات).[xxxiv]

وتتشابه الاختبارات التشخيصية لنموذج NARDL مع تلک التي يتم استخدامها في نموذج ARDL، مثل مشکلة اختلاف التباين، ومشکلة الارتباط الذاتي للبواقي، ومشکلة غياب التوزيع الطبيعي للبواقي، کذلک اختبار استقرار النموذج، واختبار قدرته على التنبؤ.[xxxv]

وهناک اختبار إضافي في أسلوب NARDL وهو اختبار التماثل باستخدام اختبار والد Wald test،[xxxvi]  حيث يتم اختبار فرضية العدم وهى تماثل العلاقة بين المتغيرين کما في المعادلة رقم (8):

 

في مقابل الفرضية البديلة التي تنص على عدم تماثل العلاقة بين المتغيرين کما في المعادلة رقم (9):

 

 

 

القسم الرابع: تقدير نموذج الانحدار الذاتي للإبطاء الموزع غير الخطي (NARDL)

  • ·         تحديد متغيرات الدراسة ومصادر البيانات

تم في هذه الورقة البحثية الاعتماد على الناتج المحلي الإجمالي کمؤشر لقياس النمو الاقتصادي وکان رمزه GDP، واستهلاک الطاقة المتجددة وکان رمزها REC، وإنبعاثات غاز ثاني اکسيد الکربون وکان رمزه CO2، وإجمالي تکوين رأس المال الثابت وکان رمزه GFCF ، کما تم استخدام متغير الانفتاح التجاري وهو عبارة عن إجمالي الصادرات والواردات نسبةً إلى الناتج المحلي الإجمالي وکان رمزه TO. وتم الحصول على البيانات الخاصة بتلک المتغيرات من مؤشرات التنمية العالمية الصادرة عن البنک الدولي خلال الفترة الزمنية من 1971 حتى 2015، کما تم الاعتماد على البرنامج الاحصائي   EViews 10 للقيام بکافة الاختبارات والتقديرات المطلوبة.

وفيما يتعلق بهذه الورقة البحثية فقد تم صياغة نموذج NARDL في المعادلة التالية رقم (10):

 

 

حيث:

GDP: الناتج المحلي الاجمالي (بالأسعار الثابتة لعام 2010 بالدولار الأمريکي).

REC: استهلاک الطاقة المتجددة (% من إجمالي استهلاک الطاقة).

CO2: إنبعاثات غاز ثاني اکسيد الکربون (کيلو طن).

GFCF: إجمالي تکوين رأس المال الثابت (بالأسعار الثابتة لعام 2010 بالدولار الأمريکي).

TO: الانفتاح التجاري (بالأسعار الثابتة لعام 2010 بالدولار الأمريکي).

­: تشير إلى الفروق منالدرجة الأولى

: الحد الثابت

t : اتجاه الزمن

p, q1,q2,q3, q4: الحد الأعلى لفترات الإبطاء الزمني للمتغيرات

b1,b2,b3,b4,, : معاملات العلاقة قصيرة الأجل (تصحيح الخطأ)

a1,a2,a3 ,,,: معاملات العلاقة طويلة الأجل

et: حد الخطأ العشوائى

  • ·نتائج النموذج والاختبارات المختلفة:
  1.  فحص مستوى استقرار متغيرات النموذج

قبل البدء في التقدير الإحصائي للنموذج، لابد من اختبار استقرار السلاسل الزمنية حيث أن الاعتماد على المتغيرات غير المستقرة يعطي نتائج مضللة، وتکون العلاقة بين تلک المتغيرات غير حقيقية وهذا يطلق عليه الانحدار المضلل أو الزائف. وقد تم استخدام اختبارين من أشهر الاختبارت التي تستخدم لاختبار جذر الوحدة للإستقرار هما: اختبار ديکي- فوللر الموسع[xxxvii] Augmented Dickey Fuller Test (ADF)، واختبار فيليب- بيرون[xxxviii] Phillip- Perron Test (PP) وذلک للتأکد من مدى ملاءمة البيانات لتطبيق النموذج. حيث تم التحقق من سکون متغيرات النموذج، وتحديد رتبة تکامل کل متغير على حده عن طريق اختبار جذر الوحدة للإستقراروذلک لفحص خواص السلاسل الزمنية لکل المتغيرات خلال الفترة محل الدراسة، والتحقق من مدى سکونها، وتحديد رتبة تکامل کل متغير على حدة.[xxxix]

جدول رقم (1): نتائج اختبار جذر الوحدة بإستخدام ديکي فوللر الموسع ADF

المتغير

المستوى

الفرق الأول

القرار

ثابت واتجاه

ثابت فقط

بدون

ثابت واتجاه

ثابت فقط

بدون

GDP

1.73 (3)

0.06 (3)

2.24 (3)

-4.15 (2)***

-5.19(2)***

-3.36(2)***

I(1)

REC

-2.03(0)

-2.98(0)

-2.47(0)

-6.26(0)***

-6.22(0)***

-5.87(0)***

I(1)

CO2

1.07(0)

-1.64(0)

4.91(0)

-7.73(0)***

-8.06(0)***

-0.99(3)***

I(1)

TO

-2.15(0)

-1.84(0)

1.54(0)

-5.28(0)***

-5.38(0)***

-5.26(0)***

I(1)

GFCF

0.79(2)

-0.94(2)

2.44(2)

-4.87(0)***

-4.48(1)***

-2.48(1)**

I(1)

المصدر: من إعداد الباحثة بالاعتماد على برنامج Eviews 10

تشير*، **، *** إلى رفض فرض العدم (فرضية عدم سکون السلاسل الزمنية) عند مستوى معنوية 10%، 5%، 1% على التوالي حسب قيم MacKinnon (1996)

() بجوار قيمة إحصاء ADF تعبر عن: طول فترة الإبطاء المناسبة آلياً وفق معيار SIC)) Schwarz Info Criterion

عند تفسير نتائج اختبار ديکي- فوللر الموسع، الواردة في الجدول رقم (1)، يتضح أنه بالنسبة لکافة المتغيرات الواردة بالنموذج  فإنه نظرًا لأن القيمة المحسوبة المطلقة المقدرة للاختبار أصغر من القيمة الجدولية المطلقة فإنه لايمکن رفض فرض جذر الوحدة، أى أن السلاسل غير ساکنة عند المستوى،ومن ثم تم اختبار سکون الفرق الأول للسلاسل والذي جاءت قيمته أکبر من القيمة الجدولية بالنسبة لقيمة الناتج المحلي الاجمالي، ومصادر الطاقة المتجددة، وانبعاثات ثاني أکسيد الکربون، الانفتاح التجاري وإجمالي تکوين رأس المال الثابت، أى أن تلک السلاسل الزمنية ساکنة عند الفرق الأول I(1).

جدول رقم (2): نتائج اختبار جذر الوحدة باستخدام فيليب بيرون

المتغير

المستوى

الفرق الأول

القرار

ثابت واتجاه

ثابت فقط

بدون

ثابت واتجاه

ثابت فقط

بدون

GDP

5.38(3)

0.59(3)

13.58(2)

-7.83(5)***

-10.61(4)***

-4.27(5)***

I(1)

REC

-2.03(0)

-2.98(0)

-2.47(2)

-6.26(2)***

-6.21(2)***

-5.87(0)***

I(1)

CO2

1.60(5)

-1.53(1)

6.16(4)

-7.75(2)***

-8.34(3)***

-5.24(1)***

I(1)

TO

-1.33(1)

-2.13(2)

1.01(4)

-8.29(2)***

-8.26(3)***

-8.18(1)***

I(1)

GFCF

1.12(4)

-1.14(3)

3.57(4)

-4.82(4)***

-4.81(7)***

-3.97(1)***

I(1)

المصدر: من إعداد الباحثة بالاعتماد على برنامج Eviews 10

تشير*، **، *** إلى رفض فرض العدم (فرضية عدم سکون السلاسل الزمنية) عند مستوى معنوية 10%، 5%، 1% على التوالي حسب قيم MacKinnon (1996)

() بجوار قيمة إحصاء فيليب بيرون تعبر عن: العدد الأمثل لفترات الارتباط التسلسلى وفق الاختيار الآلى Newey-West Automatic باستخدام طريقة Bartlett kernel

وبالنسبة لتفسير نتائج اختبار فيليب- بيرون الواردة في الجدول رقم (2)، يتضح تشابه النتائج التي تم الحصول عليها من خلال اختبار فيليب بيرون مع تلک السابق الحصول عليها من اختبار ديکي- فوللر الموسع، وحيث أن المتغيرات غير مستقرة وساکنة عند الفرق الأول تظهر الحاجة إلى التحقق من وجود علاقة توازنية بين متغيرات النموذج، ويتم ذلک من خلال اختبار التکامل المشترک بين هذه المتغيرات، ومن ثم يمکن تطبيق اختبار الحدود (Bound Test).

 

 

  1. اختبار الحدود Bound Test

يشير الجدول رقم (3) لنتائج اختبار الحدودBounds Test والتي تعبر عن وجود تکامل مشترک طويل الأجل بين المتغيرين حيث بلغت القيمة الإحصائية F-statistic المحسوبة 6.0053 وهو ما يتجاوز القيمة الحرجة للحد الأعلى عند 1% وهى 4.15.

جدول رقم (3): نتائج اختبار الحدود Bounds Test

المصدر: من إعداد الباحثة بالاعتماد على برنامج Eviews 10

  1. تقدير العلاقة طويلة الأجل

نظرًا لوجود علاقة تکامل مشترک بين متغيرات النموذج، تم فيما يلي تقدير العلاقة طويلة الأجل بين تلک المتغيرات.

جدول رقم (4): نتائج تقدير العلاقة طويلة الأجل

المصدر: من إعداد الباحثة بالاعتماد على برنامج Eviews 10

يوضح الجدول رقم (4) معاملات الأجل الطويل في إطار نموذج NARDL، ويتضح منه أن الصدمة الإيجابية في استهلاک الطاقة المتجددة لها تأثير إيجابي ومهم على النمو الاقتصادي، مما يشير إلى أن أي صدمة إيجابية لاستهلاک الطاقة ستعزز النمو الاقتصادي في المغرب. وهذا يشير إلى أن أي صدمة إيجابية لاستهلاک الطاقة تلعب دورًا تمکينيًا في تحفيز النمو والتنمية في الاقتصاد المغربي. في المقابل، فإن تأثير الصدمة السلبية في استهلاک الطاقة المتجددة مرتبط بشکل إيجابي بالنمو الاقتصادي. تشير هذه النتيجة إلى أن أي صدمة سلبية لاستهلاک الطاقة تلعب أيضًا دورًا محفزًا في النمو الاقتصادي طويل المدى في المغرب. قد يکون هذا بسبب انتقال استهلاک الطاقة من الاستهلاک التقليدي إلى استهلاک الطاقة المتجددة التي تؤدي إلى نمو الاقتصاد المغربي. وتتفق تلک النتيجة مع الوضع الاقتصادي في المغرب، والذي يسعى نحو الاعتماد بشکل أکبر على الطاقة المتجددة وزيادة استخدام الطاقة المتجددة لتمثل 52% من الطاقة  بحلول عام 2030.

  1. تقدير العلاقة قصيرة الأجل

يتضح من الجدول رقم (5) أن معامل تصحيح الخطأ CointEq(-1) جاء سالبًا ومعنويًا، حيث أن قيمته بلغت -0.304193، وهى تعبر عن أن 30% من الأخطاء قصيرة الأجل سيتم تصحيحها خلال سنة واحدة، وهو ما يعني أن تصحيح الأخطاء يستغرق 4 أعوام (مقلوب معامل تصحيح الخطأ).

کما توضح النتائج ارتباط الصدمة الإيجابية لاستهلاک الطاقة بشکل معنوي وعکسي بالنمو الاقتصادي، کذلک الصدمة السلبية لاستهلاک الطاقة ترتبط بشکل معنوي وطردي بالنمو الاقتصادي على المدى القصير. کذلک فإن الصدمة السلبية (في الفارق 1) لها علاقة طردية مع النمو الاقتصادي. هذه النتيجة تشير إلى أنه إذا قام المنتجون بأي محاولة لزيادة استخدام الطاقة في أنشطة الإنتاج في المغرب، فسيتم تعزيز النمو الاقتصادي على المدى القصير والعکس صحيح.

وحيث أن تأثير القيم الموجبة للطاقة المتجددة (D(REC_POS)) جاء سالبًا ومعنويًا، في حين جاء تأثير القيم السالبة للطاقة المتجددة ((D(REC_NEG) موجبًا ومعنويًا. فهذا يستدعي القيام باختبار التماثل بإستخدام اختبار والد Wald test.

جدول رقم (5): نتائج تقدير نموذج تصحيح الخطأ ECM

المصدر: من إعداد الباحثة بالاعتماد على برنامج Eviews 10

  1. اختبار التماثل أو التناظر

يلاحظ من الجدول رقم (6) أنه يتم رفض الفرض العدم الذي يعبر عن وجود تماثل، وقبول الفرضية البديلة التي تعبر عن عدم تماثل العلاقة بين المتغيرين. وتعني هذه النتيجة أن هناک تأثير  مختلف للقيم الموجبة مقارنة بالقيم السالبة لاستهلاک الطاقة المتجددة في المغرب، وهذه النتيجة تدعم النتائج التي تم الوصول إليها سابقًا.

جدول رقم (6): نتيجة اختبار والد Wald Test

المصدر: من إعداد الباحثة بالاعتماد على برنامج  Eviews 10

  1. تقييم جودة النموذج

سوف يتم فيما يلي التأکد من عدم وجود مشاکل قیاسیة في النموذج المطبق، ويتأتى ذلک من خلال اختبار وجود مشاکل القیاس في نموذج NARDLوهي: مشکلة اختلاف التباين، ومشکلة الارتباط الذاتي للبواقي، ومشکلة غياب التوزيع الطبيعي للبواقي.

  • ·اختبار مشکلة اختلاف التباين (عدم ثبات التباين)

Heteroskedasticity Test

جدول رقم (7): نتائج اختبار مشکلة اختلاف التباين

القيمة الاحتمالية

قيمة الاختبار

نوع الاختبار

0.7592

Prob. F(18,21)

0.718003

F-statistic

Breusch-Pagan-Godfrey

0.6739

Prob. F(18,21)

0.807733

F-statistic

Harvey

0.1752

Prob. F(1,37)

1.910485

F-statistic

ARCH

المصدر: من إعداد الباحثة بالاعتماد على برنامج Eviews 10

کما يتضح من الجدول رقم (7) فقد تم إجراء ثلاثة اختبارات لفحص مشکلة اختلاف التباين وهى: Breusch-Pagan-Godfrey، Harvey، ARCH. أشارت النتائج إلى أن القیمة الاحتمالیة للاختبارات الثلاثة جاءت أکبر من 0.05، وبالتالي فهذه تعتبر دلالة على أن النموذج لا یعاني من مشکلة اختلاف التباین.

  • ·         اختبار مشکلة الارتباط الذاتي للبواقي

تم الاعتماد على اختبار LM وذلک کما يلي:

جدول رقم (8): نتيجة اختبار LM

القيمة الاحتمالية

قيمة الاختبار

نوع الاختبار

0.5021

Prob. F(2,19)

0.714537

F-statistic

LM Test

         

المصدر: من إعداد الباحثة بالاعتماد على برنامج Eviews 10

يشير الجدول رقم (8) إلى أن القیمة الاحتمالیة لاختبار LM أکبر من0.05، وبالتالي لاتوجد مشکلة ارتباط ذاتي للبواقي.

  • ·        اختبار مشکلة غياب التوزيع الطبيعي للبواقي

يبين الشکل رقم (3) أن قيمة اختبار Jarque-Bera قد بلغت 3.820132 بقيمة إحتمالية بلغت 0.148071 أى أکبر من 0.05، وبالتالي لا يعاني النموذج من مشکلة التوزيع غير الطبيعي للبواقي وهذا دلالة على أن بواقي النموذج تتبع التوزیع الطبیعي.

شکل رقم (3):نتائج اختبار Jarque-Bera Test

المصدر: من إعداد الباحثة بالاعتماد على برنامج Eviews 10

 

  1. اختبار استقرار معاملات النموذج

قبل تقییم مقدرة النموذج على التنبؤ ینبغي أولاً الکشف عن مدى استقراریه معالم النموذج المراد استخدامه في التنبؤ، وذلک من خلال اختبار الاستقرار الهيکلي لمعاملات الأجلين القصير والطويل، بمعني أن البيانات المستخدمة في النموذج لا تعاني من وجود أى تغيرات هيکلية فيها عبر الزمن. وقد تم الاستعانة بإختبارين لتحقيق هذا الغرض.

  • ·       اختبار CUSUM Test

تم الاعتماد على اختبار مسار البواقي المتراکم للتقدیر المتتالي لمعاملات النموذجCUSUM Test، حيث تعتمد اختبارات الاستقرار على التمثيل البياني لتطور معاملات النموذج المقدر مع الزمن، والنظر إلى مدى ثباتها ضمن مجال ثقة محدد، وفي حال ثبات المعاملات وعدم وجود تغير هيکلي تبقى القيم المقدرة للمعاملات ضمن حدي الثقة. حيث أن کل اختبار يتکون من حدين علوي وسفلي، يتوسطهم مسار معاملات النموذج، فإذا جاء خط مسار الاختبار بين الحدين العلوي والسفلي ولم يتجاوز أي منهما فهذا يعني أن معاملات النموذج مستقرة والعکس صحيح. 

يوضح الشکل رقم (4) اختبار مسار البواقي المتراکم للتقدیر المتتالي لمعاملات النموذجCUSUM Test ، والذي يشير إلى أن خط مسار الاختبار قد تم تمثيله ضمن الحدين العلوي والسفلي، ولم يخرج عن نطاق أى منهما، وبالتالي فإن معاملات النموذج المقترح مستقرة ولاتوجد تغيرات هيکلية ضمن سلسلة البيانات المستخدمة، وهذه تعتبر دلالة على أن هناک استقرار في النموذج فيما يخص نتائج الأجلين القصير والطويل.  

شکل رقم (4): اختبار الاستقرار الهيکلي باستخدام

 CUSUM Test

المصدر: من إعداد الباحثة بالاعتماد على برنامج Eviews 10

 

 

  • ·        اختبار CUSUM of Squares Test

ينطبق على اختبارCUSUM of Squares Testنفس التفسير السابق الخاص بإختبارCUSUM Test، وذلک طبقًا لما يشير إليه شکل رقم (5) وقد وضح اختبار مربع مسار البواقي المتراکم للتقدیر المتتالي لمعاملاتالنموذجCUSUM of Squares Test ، ظهور خط  مسار الاختبار ضمن الحدين العلوي والسفلي مما يدل على استقرار المعاملات خلال فترة الدراسة- مثلما أظهرت نتائج الاختبار السابق CUSUM Test - وبالتالي التأکيد على صحة النموذج المقدر.

شکل رقم (5): اختبار الاستقرار الهيکلي بإستخدام

 CUSUM of Squares Test

المصدر: من إعداد الباحثة بالاعتماد على برنامج Eviews 10

  1. تقييم مقدرة النموذج على التنبؤ

يعبر التنبؤ عن عملية تقدير لقيم متغيرات الظواهر الاقتصادية بناءً على الوضع الراهن وما هو متاح من معلومات. ومن أمثلة اختبارات التنبؤ اختبار ثايل Theil، حيث تکون مقدرة النموذج على التنبؤ عالیة إذا کان قيمة معامل ثایل أقرب إلى الصفر، وتکون مقدرة النموذج على التنبؤ ضعیفة إذا کانت قیمـة معامـل ثایل أقـرب إلـى الواحـد الصحیح.[xl] وهذا يتضح من الشکل رقم (6) حيث أن قیمة معامل عدم التساوي لثایل تساوي 0.007216،وهي قریبة من الصفر مما یشیر إلى المقدرة العالیة للنموذج على التنبؤ.

 

 

شکل رقم (6): اختبار عدم التساوى لثايل Theil Inequality

المصدر: من إعداد الباحثة بالاعتماد على برنامج Eviews 10

  1. اختبار علاقة السببية

ثمة أهمية التعرف على طبيعة العلاقة السببية بين استهلاک الطاقة المتجددة والنمو الاقتصادي في المغرب، وأحد أهم الاختبارات التي يمکن تطبيقها في هذا الإطار هو اختبار  Pairwise Granger Causality Tests، وقد أدخل العالم جرانجرGrangerمفهوم السببية في الاقتصاد القياسي عام 1969، ويعد اختبار السببية بين المتغيرات هو أحد أهم الاختبارات التي يعتمد عليها لبيان العلاقة بين المتغيرات الاقتصادية.[xli] حيث أنه يتم استخدام اختبار سببية جرانجر لاختبار اتجاه العلاقة بين المتغيرات الاقتصادية، وتحديد ما إذا کانت علاقة السببية تتجه من أحدهما للآخر، أم أنها علاقة تبادلية يؤثر فيها کل منهما على الآخر.[xlii]

يتضح من الجدول رقم (9) أن استهلاک الطاقة المتجددةRECتسبب الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي GDPعند مستوى معنوية 5%، إذ أنه يتم رفض فرضية العدم التي تقول أنالمتغير RECلا يسبب المتغيرGDP. في حين أن المتغير GDPلا يسبب المتغير RECعند مستوى معنوية 5%، حيث أنه لا يمکن رفض فرضية العدم التي تقول أنالمتغير GDPلا يسبب المتغيرREC  أى أن هناک علاقة سببية في اتجاه واحد بين استهلاک الطاقة المتجددة والنمو الاقتصادي تتجه من استهلاک الطاقة المتجددة إلى النمو الاقتصادي في المغرب، وتؤکد هذه النتيجة- مثلما تم التوصل من خلال نتائج النموذج القياسي السابق- على أهمية استهلاک الطاقة المتجددة في تعزيز النمو الاقتصادي بالمغرب.

وهذه النتيجة تتفق مع ما توصلت إليه عدد من الدراسات التطبيقية التي تناولت دراسة العلاقة السببية بين استهلاک الطاقة المتجددة والنمو الاقتصادي مثل دراسة Singh, et al, 2019))[xliii]، ودراسة (Bayar, Gavriletea, 2019)[xliv]، ودراسة Tariq, et al, 2018))[xlv]، ودراسة (Soava, et al, 2018)[xlvi]، ودراسة Khobai, Le Roux, 2018))[xlvii].

جدول رقم (9): نتائج اختبارات السببية  Pairwise Granger Causality Tests

المصدر: من إعداد الباحثة بالاعتماد على برنامج Eviews 10

النتائج والتوصيات

سعت هذه الورقة البحثية إلى دراسة عدم التناظر أو عدم التماثل في العلاقة بين استهلاک الطاقة المتجددة بشقيها الموجب والسالب على النمو الاقتصادي في المغرب خلال الفترة (1971- 2015)، وقد تم استخدام منهجية قياسية حديثة نسبيًا حيث تم تطبيق نموذج الانحدار الذاتي للإبطاء الموزع غير الخطيNARDL والذي طوره       Shinوآخرون عام 2014. حيث يقوم ذلک النموذج على افتراض أن العلاقة بين المتغيرات الاقتصادية قد لا تکون متماثلة أو تناظرية بمعنى أن يکون هناک اختلاف في تأثير الصدمات الموجبة وتلک السالبة في آليات التأثير. کذلک استخدمت الورقة البحثية اختبار سببية جرانجر للتعرف على اتجاه العلاقة السببية بين استهلاک الطاقة المتجددة والنمو الاقتصادي.

وقد أشارت نتائج التطبيق القياسي أن هناک علاقة تکامل مشترک طويلة الأجل أى علاقة توازنية طويلة الأجل بين استهلاک الطاقة المتجددة والنمو الاقتصادي والمتغيرات الأخرى الواردة في النموذج. کذلک أشارت النتائج أنه توجد علاقة غير تناظرية أو غير متماثلة بين استهلاک الطاقة المتجددة والنمو الاقتصادي. کما تم التوصل لوجود علاقة سببية في اتجاه واحد بين استهلاک الطاقة المتجددة والنمو الاقتصادي تتجه من استهلاک الطاقة المتجددة إلى النمو الاقتصادي في المغرب، وتؤکد هذه النتيجة على أهمية استهلاک الطاقة المتجددة في تعزيز النمو الاقتصادي بالمغرب.

وبالتالي إذا تم الاعتماد فقط على التحليل المتماثل، فلن نتمکن من استنتاج أن الصدمات السلبية والإيجابية في استهلاک الطاقة المتجددة لها تأثيرات على النمو الاقتصادي. هذه النتيجة مهمة لأنها تشير إلى أن استهلاک الطاقة المتجددة في المغرب سيحسن النمو الاقتصادي، مع اختلاف آليات التأثير. ومن ثم تمکنت الدراسة من إستنتاج أنه يمکن للمملکة المغربية بذل المزيد من الجهود لتشجيع استخدام المزيد من الطاقة المتجددة. حيث أن تسريع نشر الطاقة المتجددة سيغذي النمو الاقتصادي، ويخلق فرص عمل جديدة، ويعزز رفاهية مستوى المعيشة، ويساهم في مستقبل مناخي نظيف وآمن.

ومن ثم  توصي الدراسة بأنه نظرًا لأن الاعتماد بشکل أکبر على استهلاک الطاقة المتجددة يعد أحد العوامل الرئيسة التي تعزز بشکل کبير النمو الاقتصادي في الاقتصادات النامية مثل المغرب وهذا يرتبط أيضًا بکونها أحد مصادر الطاقة النظيفة التي تحافظ على البيئة، لذلک، تحتاج الدول النامية ومنها المغرب إلى تنويع مصادر الطاقة، وزيادة الاعتماد على الطاقة المتجددة وذلک من خلال:

  • ·         تعزيز التوسع في تکنولوجيا الطاقة المتجددة والطاقة النظيفة، والتي تتسم بالتنافسية من حيث التکلفة بالمقارنة بمصادر الطاقة التقليدية، من خلال تشجيع الشرکات على الاستثمار في البحث والتطوير والنشر الواسع النطاق لتکنولوجيات الطاقة المتجددة.
  • ·         تشجيع التعاون في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من خلال مراکز البحث والتطوير في مختلف الدول بالمنطقة، والاستفادة من مناطق التجارة الحرة بالمنطقة.
  • ·         تحاشي أية تأثيرات ضارة للطاقة على النمو الاقتصادي بالمغرب، وذلک من خلال تشجيع الصناعة المغربية على مراعاة استخدام التقنيات والوسائل التي تحد من التلوث. ومن ثم يمکن الحصول على جودة بيئية أفضل مع تحقيق نمو اقتصادي مستدام.
  • ·         وضع قوانين ملزمة لاستخدام الطاقة المتجددة، وصياغة إطار قانوني وتشريعي لمشاريع الطاقة المتجددة بالمغرب.
  • ·         توفير حوافز مباشرة أکثر لمنتجي الطاقة المتجددة، وتخصيص مزيد من التمويل الحکومي لتدبير احتياجات المدن والأقاليم في المغرب من المعدات اللازمة للطاقة المتجددة.
  • ·         التوسع في تطبيق فکر إنتاجية الطاقة المتکاملة -والذي يتضمن المنافع البيئية والاجتماعية المرتبطة باستخدام الطاقة بالإضافة إلى المنافع الاقتصادية التقليدية-، والذي يمکن تطبيقه من خلال الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة مما يعزز من إمکانية تحقيق أهداف التنمية المستدامة بحلول عام 2030، حيث يتمحور الهدف السابع من أهداف التنمية المستدامة حول ضمان الحصول على طاقة نظيفة وبأسعار معقولة. 
  • ·         جعل کفاءة الطاقة أولوية للمملکة المغربية من خلال تنفيذ التشريعات الحالية، واعتماد سياسات ومعايير فعالة من حيث التکلفة للطاقة، والاتفاق حول استراتيجية وطنية لکفاءة الطاقة مع کافة الأطراف المعنية. کذلک التوجه نحو تغيير نمط الحياة والسلوک الاستهلاکي لترشيد استخدام الطاقة.
  • ·         تعزيز أمن الطاقة لإدارة المخاطر الناجمة عن الاعتماد على الاستيراد من خلال مراجعة سياسات حيازة مخزون النفط، واتخاذ خطوات لتأمين واردات الغاز الطبيعي في المستقبل وتعزيز تشغيل نظام الطاقة وتخطيط نظام الطاقة في نظام يتمتع بحصص أعلى من مصادر الطاقة المتجددة.
  • ·         زيادة فعالية خطط الدعم للطاقة المتجددة، وزيادة الاستثمارات في البنية التحتية من خلال استغلال مصادر الطاقة المتجددة، وتشجيع تطوير إنتاج الطاقة المتجددة من مصادر أقل استغلالًا.
  • ·         تحديث استراتيجية الطاقة المستدامة المتکاملة والسياسات المتصلة بها بصورة دورية لدمج التطورات التقنية التي حدثت في الطاقة المتجددة بالمغرب.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 



 

[i] Khobai, H., "Renewable energy consumption and economic growth in Indonesia. Evidence from the ARDL bounds testing approach", Munich Personal RePEc Archive (MPRA), Paper No. 85081, 2018, p 3.
[ii] اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربى آسيا، الطاقة المتجددة: التشريعات والسياسات في المنطقة العربية. بيروت، الأمم المتحدة، 2019، ص9.
[iii] Belaid, F., and Elsayed, A. H.,"What drives renewable energy production in MENA Region? Investigating the roles of political stability, governance and financial sector", Economic Research Forum Working Paper Series No. 1322, 2019, p 7.
[iv] Bellakhal, R., Kheder, S. B., and Haffoudhi, H. (2017). Governance and renewable energy investment in MENA countries: How does trade matter? Economic Research Forum Working Paper Series No. 1053, 2017, p 9.
[v] السالم، رجاء عبد الله عيسى، "قياس الطلب على الطاقة في العراق للمدة (1995-2012)"، مجلة البحوث الاقتصادية والمالية، المجلد 4، 2015، ص 85.
[vi] منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، المغرب: تعزيز النزاهة في قطاعات الطاقة والصحة والنقل. منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، 2018، ص 17.
[vii] Valodka, I., and Valodkiene, G., "The Impact of Renewable Energy on the Economy of Lithuania", Procedia - Social and Behavioral Sciences, Vol. 213, p 123.
[viii] International Energy Agency, Energy Polices Beyond IEA Countries: Morocco, 2019, p 12.
[ix] منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، مرجع سبق ذکره، ص 17.
[x] اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربى آسيا، مرجع سبق ذکره، ص 46.
[xi] المرجع السابق، ص 47.
[xii] محمود، ماجد کرم الدين؛ حبيب، علي؛ المصري، ياسمين، (2020). "تفاعلات أسواق الطاقة المتجددة العربية". الکهرباء العربية، المجلد 139، 2020، ص 2. 
[xiii] Valodka, I., and Valodkiene, G. , op.cit, p 15
[xiv] Belaid, F., and Zrelli, M. H., "Renewable and non-renewable electricity consumption, carbon emissions and GDP: evidence from Mediterranean Countries", Economic Research Forum Working Paper Series No. 1037, 2016, p 25.
[xv] Shahbaz, M., Shahzad, S. J. H., Alam, S., and Apergis N., "Globalisation, economic growth and energy consumption in the BRICS region: the importance of asymmetries", Journal of International Trade & Economic Development, Vol. 27, No. 8, 2018, P 985.
[xvi] Noh, N. M., Masih M., "The relationship between energy consumption and economic growth: evidence from Thailand based on NARDL and causality approaches", Munich Personal RePEc Archive (MPRA), Paper No. 86384, 2018, p 3.
[xvii] Adebumiti, Q., and Masih, M., "Economic growth, energy consumption and government expenditure: evidence from a nonlinear ARDL analysis", Munich Personal RePEc Archive (MPRA), Paper No. 87527, 2018, p 1.
[xviii] Khan, B., Deyi X., Ampofo G. M. K., Ali I., Cheng J., and Ali H. ,"Energy consumption and economic growth nexus: New evidence from Pakistan using asymmetric analysis", Energy, Vol.189, 2019, p 116.
[xix] Awodumi, O. B., and Adewuyi, A. O.,"The role of non-renewable energy consumption in economic growth and carbon emission: Evidence from oil producing economies in Africa", Energy Strategy Reviews, Vol. 27, 2020, p1.
[xx] Munir, K., and Riaz N., "Asymmetric impact of energy consumption on environmental degradation: evidence from Australia, China, and USA", Environmental Science and Pollution Research, Vol. 27, 2020, p 11749.
[xxi] Bosah, P. C., Li S., Ampofo, G. K. M., Asante, D. A., and Wang, Z., "The Nexus between Electricity Consumption, Economic Growth, and CO2 Emission: An Asymmetric Analysis Using Nonlinear ARDL and Nonparametric Causality Approach". Energies, Vol. 13, No. 1258, 2020, p 1.
[xxii] Omria, A., and Nguyenb, D. K., "On the determinants of renewable energy consumption: International evidence", EnergyVol. 72, 2014, p 554.
[xxiii] Bellakhal, R., Kheder, S. B., and Haffoudhi, H., op.cit, p 11.
[xxiv] Da Silva, P. P., Cerqueira, P. A., and Ogbe, W., "Determinants of Renewable Energy Growth in Sub-Saharan Africa: Evidence from Panel ARDL", Energy, Vol. 188, 2018, p 1.
[xxv] Koengkan, M., "The positive influence of urbanization on energy consumption in Latin American Countries: An approach with ARDL and NARDL modeling", Revista de Estudos Sociais, Vol. 20, No. 40, 2018, p 4.
[xxvi] Zaharia, A., Diaconeasa, M. C., Brad, L., Lădaru, G. R., and Ioanăs, C., "Factors Influencing Energy Consumption in the Context of Sustainable Development", Sustainability, Vol. 11, 2019, p 1.
[xxvii] Ergun, S. J., Owusu, P. A., and Rivas, M. F., "Determinants of renewable energy consumption in Africa", Environmental Science and Pollution Research, Vol. 26, 2019, p 15390.
[xxviii] Belaid, F., and Elsayed, A. H. op.cit, p 23.
[xxix] Akintande, O. J., Olubusoye, O. E., Adenikinju, A.F., and Olanrewaju, B.T., "Modeling the determinants of renewable energy consumption: Evidence from the five most populous nations in Africa",Energy, Vol. 206, 2020, p 216.
[xxx] Przychodzen, W., and Przychodzen, J., "Determinants of renewable energy production in transition economies: A panel data approach", Energy, Vol. 191, 2020, p 670.
[xxxi] Shin, Y., Yu, B., and Greenwood-Nimmo, M., "Modelling Asymmetric Cointegration and Dynamic Multipliers in a Nonlinear ARDL Framework" in Robin C. Sickles, William C. Horrace, (Editors), Festschrift in Honor of Peter Schmidt: Econometric Methods and Applications, New York: Springer, 2014, p 281.
[xxxii] موسى، منصوري حاج؛ وعبد اللطيف، طيبي، "أثر عدم تماثل التضخم على عوائد مؤشر الأسهم بإستخدام منهجیة NARDL دراسة حالة سوق الأسهم السعودي"، مجلة آفاق علمية، المجلد 10، العدد 2، 2018، ص 239.
[xxxiii] المصبح، عماد الدين أحمد، التناظر وعدم التناظر في العلاقات الاقتصادية الکلية: تطبيق عملي لدالة الاستهلاک في الولايات المتحدة الأمريکية. ورقة مقدمة إلى ورشة عمل کلية الإدارة والاقتصاد، جامعة القادسية، 2020، ص 5.
[xxxiv] Pesaran, M. H., Shin, Y., and Smith, R. J., "Bounds testing approaches to the analysis of level relationships", Journal of Applied Econometrics, Vol. 16, 2001, p 289.
[xxxv] المصبح، عماد الدين أحمد، العوامل المؤثرة في الاستثمار في المملکة العربية السعودية. ورقة مقدمة إلى مؤتمر الاستثمار والتمويل الصناعي في المملکة العربية السعودية، 2018، ص 12.
[xxxvi] Taner, T., and Mesut, K., "Asymmetries in Twin Deficit Hypothesis: Evidence from CEE Countries", Ekonomický časopis (Journal of Economics), Vol. 66, No. 6, 2018, p 580.
[xxxvii] Dickey, D. A., and Fuller, W. A., "Likelihood ratio statistics for autoregressive time series with a unit root", Econometrica, Vol. 49, No. 4, 1981, p 1057.
[xxxviii] Phillips, P. C. M., and Perron, P., "Testing for a Unit Root in Time Series Regression", Cowles Foundation Discussion Paper No. 795-R, 1987, p 1.
[xxxix] العبدلى، عابد بن عابد ، "محددات الطلب على واردات المملکة العربية السعودية في إطار التکامل المشترک وتصحيح الخطأ"، مجلة مرکز صالح کامل للاقتصاد الاسلامى،  المجلد 32 ،2007. ص 19.
[xl] عبد الله، محمد التوم أحمد؛ والتوم، ياسر أحمد عبدالله، "تقدير دالة الطلب على سلعة السکر في السودان خلال الفترة من (1985-2015 )"، مجلة الدراسات العليا- جامعة النيلين، المجلد 12، العدد 46، 2018، ص  68.
[xli] نقار، عثمان؛ والعواد، منذر، "استخدام نماذج VAR في التنبؤ ودراسة العلاقة السببية بين إجمالي الناتج المحلي وإجمالي التکوين الرأسمالي في سورية"، مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية، المجلد 28، العدد 2، 2012، ص 337.
[xlii] عطيه، عبد القادر محمد عبد القادر ، الحديث في الاقتصاد القياسي بين النظرية والتطبيق، (الاسکندرية: الدار الجامعية، 2005)، ص 690.
[xliii] Singh, N., Nyuur, R., and Richmond, B., "Renewable Energy Development as a Driver of Economic Growth: Evidence from Multivariate Panel Data Analysis", Sustainability, Vol. 12, 2019, p 1.
[xliv] Bayar, Y., and Gavriletea, M.D., "Energy efciency, renewable energy, economic growth: evidence from emerging market economies", Quality & Quantity, Vol. 53, 2019, p 2221.
[xlv] Tariq, G., Sun, H., Haris, M., Javaid, H. M., and Kong. Y, "Energy Consumption and Economic Growth: Evidence from Four Developing Countries", American Journal of Multidisciplinary Research, Vol. 7, No., 1, 2018, p 100.
[xlvi] Soava, G., et al, "Impact of Renewable Energy Consumption on Economic Growth: Evidence from European Union Countries", Technological and Economic Development of Economy, Vol. 24, No. 3, 2018, p 914.
[xlvii] Khobai, H., Pierre Le Roux, "Does renewable energy consumption drive economic growth: Evidence from Granger causality technique", International Journal of Energy Economics and Policy, Vol. 8, No. 2, 2018, p 205.