أدبيات الشفافية والفساد ودورها في مکافحـة الفسـاد في مصـر

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

بالمعهد العالي للخدمة الاجتماعية بالقاهرة،مصر.

المستخلص

تأتي هذه الدراسة بالتزامن مع اهتمام واضح من قبل الدولة بالتصدي لظاهرة الفساد ومحاربتها، واهتمامها أيضًا بالبحث العلمي، ودوره في حل مشکلات المجتمع، ولا يوجد خلاف علي أنظاهرة الفساد واحدة من أهم مشکلات المجتمع المصري، التي يتعين علي الباحثين دراستها والاهتمام بتشخيصها والبحث في سبل علاجها، وفي هذا الإطار تطرح الدراسة سؤالاً جوهريًّا: هل يمکن أن تصبح الجهود البحثية المبذولة في دراسة قضايا الشفافية والفساد إحدي الطرائقالممکنة للتخفيف من حدة الظاهرة ومواجهتها؟وهل يمکن أن تؤدي الجهود البحثية دورًا مساندًا ومکملاًللجهد الوطني الذي تقوم به الدولة لمکافحة الفساد؟ الأمر الذي يتطلب مراجعة للأدبيات التي تناولت الظاهرة، وهو ما تسعي الدراسة الحالية إليه، حيث تهدف إلي مراجعة أدبيات "الشفافية والفساد" من حيث موضوعاتها، وأهدافها، ومنهجيتها، وإسهاماتها، أملاً في تطويرها، وتفعيل دورها في تعزيز الشفافية ومکافحة الفساد في مصر.
 

نقاط رئيسية

تأتی هذه الدراسة بالتزامن مع اهتمام واضح من قبل الدولة بالتصدی لظاهرة الفساد ومحاربتها، واهتمامها أیضًا بالبحث العلمی، ودوره فی حل مشکلات المجتمع، ولا یوجد خلاف علی أنظاهرة الفساد واحدة من أهم مشکلات المجتمع المصری، التی یتعین علی الباحثین دراستها والاهتمام بتشخیصها والبحث فی سبل علاجها، وفی هذا الإطار تطرح الدراسة سؤالاً جوهریًّا: هل یمکن أن تصبح الجهود البحثیة المبذولة فی دراسة قضایا الشفافیة والفساد إحدی الطرائقالممکنة للتخفیف من حدة الظاهرة ومواجهتها؟وهل یمکن أن تؤدی الجهود البحثیة دورًا مساندًا ومکملاًللجهد الوطنی الذی تقوم به الدولة لمکافحة الفساد؟ الأمر الذی یتطلب مراجعة للأدبیات التی تناولت الظاهرة، وهو ما تسعی الدراسة الحالیة إلیه، حیث تهدف إلی مراجعة أدبیات "الشفافیة والفساد" من حیث موضوعاتها، وأهدافها، ومنهجیتها، وإسهاماتها، أملاً فی تطویرها، وتفعیل دورها فی تعزیز الشفافیة ومکافحة الفساد فی مصر.

الشفافیة، الفساد، البحث العلمی، مکافحة الفساد، مصر

الكلمات الرئيسية


أدبیات الشفافیةوالفساد

ودورها فی مکافحــة الفســــاد فی مصــر

 

 

 

 

مستخلص

 

تأتی هذه الدراسة بالتزامن مع اهتمام واضح من قبل الدولة بالتصدی لظاهرة الفساد ومحاربتها، واهتمامها أیضًا بالبحث العلمی، ودوره فی حل مشکلات المجتمع، ولا یوجد خلاف علی أنظاهرة الفساد واحدة من أهم مشکلات المجتمع المصری، التی یتعین علی الباحثین دراستها والاهتمام بتشخیصها والبحث فی سبل علاجها، وفی هذا الإطار تطرح الدراسة سؤالاً جوهریًّا: هل یمکن أن تصبح الجهود البحثیة المبذولة فی دراسة قضایا الشفافیة والفساد إحدی الطرائقالممکنة للتخفیف من حدة الظاهرة ومواجهتها؟وهل یمکن أن تؤدی الجهود البحثیة دورًا مساندًا ومکملاًللجهد الوطنی الذی تقوم به الدولة لمکافحة الفساد؟ الأمر الذی یتطلب مراجعة للأدبیات التی تناولت الظاهرة، وهو ما تسعی الدراسة الحالیة إلیه، حیث تهدف إلی مراجعة أدبیات "الشفافیة والفساد" من حیث موضوعاتها، وأهدافها، ومنهجیتها، وإسهاماتها، أملاً فی تطویرها، وتفعیل دورها فی تعزیز الشفافیة ومکافحة الفساد فی مصر.

 

 

کلمات مفتاحیة : الشفافیة، الفساد، البحث العلمی، مکافحة الفساد، مصر.

 

مقدمـــة

یعد الفساد ظاهرة بشریة ممتدةفی کل النظم السیاسیة علی اختلاف مستویاتها الاقتصادیة وثقافتها المجتمعیة؛ إذ یعد ظاهرة عامة تعانی منها کل المجتمعات المتقدمة أو النامیة علی حدّ سواء. إلا إن انتشار الفساد بوصفه ظاهرة عامة، والإقرار بوجوده فی المجتمعات کافة، لا یعنی التعایش معه أوعدم مواجهته؛ إذ یعد من أخطر الظواهر التی تنعکس سلبًا علی المواطنوالدولة والمجتمع.

ومن الجانب الاجتماعی  یؤدی الفساد إلی زیادة الشعور باللامبالاة والسلبیة لدی أفراد المجتمع، ویقتل الدافع والرغبة فی الإنجاز، ویؤدی إلی انتشار الجریمة کرد فعل لانهیار منظومة القیم الأخلاقیة. وعلى الجانب الاقتصادی یؤدی إلی زیادة العجز فی الموازنة العامة للدولة، وارتفاع تکلفة الخدمات التی یحتاجها المواطن، بالإضافة إلی إعاقة التنمیة الاقتصادیة وإهدار المال العام([1]). وعلى الجانب السیاسی یؤدی الفساد إلی إضعاف قدرة النظام السیاسی علی تلبیة حقوق مواطنیه،  ومن ثم زعزعة الاستقرار السیاسی للدولة.([2])

ویظل الفارق بین مجتمع وآخر غیر متمثلٍفی وجود الفساد أوعدم وجوده، فهو موجود فی جمیع الحالات، لکن الفارق یتمثل فی درجة انتشار الفساد من جانب، ومدى القدرة على مکافحة الفساد فی حالة ظهوره من جانب آخر([3]).

وفی مصر تشیر المؤشرات الدولیة والمحلیةإلی انتشار ظاهرة الفساد عامة علی مدىالسنواتالماضیة، فعلی المستوی المحلی سجل مؤشر إدراک الفساد الذی یصدره مرکز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء 66 نقطة خلال عام 2007 من إجمالی 100 نقطة، واستمر علی الدرجة نفسها تقریبًا لیسجل  3،66نقطة فی عام 2008، ثمانخفض لیسجل 62،5 نقطة خلال عام 2009، لیرتفع مرة أخری ویسجل 64.6 نقطة خلال عام 2010،([4]) وهو ما یعنی الادراک المتزاید من جانب المبحوثین الذین شملهم المؤشر بانتشار الفساد فی المجتمع، لأن مؤشر إدراک الفساد مؤشر متدرج یتراوح من صفر( انعدام ظاهرة الفساد) إلی 100 نقطة( أعلی درجات الفساد)، وکلما ارتفعت الدرجة کان ذلک مؤشرًا علیارتفاع فی إدراک المواطنین للفساد فی محافظات الجمهوریة المختلفة.

ولم تکن المؤشرات المحلیة هی الوحیدة التی سجلت ارتفاع فی إدراک حجم الفساد فی مصر، فوفقًا لمؤشر مدرکات الفساد العالمی، الذی تصدره منظمة الشفافیة الدولیة، وهو أیضًا مقیاس مدرج، لکنه علی عکس مؤشر الفساد المحلی، یتدرج من صفر(فاسد جدًا) إلی100 (نظیف جدًا)، نجد أنه على الرغممن تحسن درجة مصر وارتفاعها من 32 درجة فی عامی 2012، 2013 إلی 37 درجة فی عام 2014([5])، و36 درجة فی عام 2015. فالأمر لم یستمر طویلأ، فلقد أخذت الدرجة فی التراجع مرة أخری لتهبط إلی 34 درجة فی عام 2016، لیتراجع ترتیب مصر من المرتبة 88 من أصل 168 دولة، إلی المرتبة 108 من أصل 176 دولة شملها الاستطلاع علی مستوی العالم.([6])

وبغض النظر عن تراجع درجتها وترتیبها فی عام 2016، مقارنة بعامی 2014 و2015، فإن مراجعة موقف مصر بالنسبة لمؤشر مدرکات الفساد، یبین- کما هو موضح بالشکل التالی- تسجیل مصر لدرجات منخفضة باستمرار، طوال العشر السنوات السابقة.

شکل (1) یوضح درجة مصر علی مؤشر مدرکات الفساد فی الفترة من2006-2016

 

              الأعـــــوام

 

 

 

المصدر**: Corruption PerciptionIndex،Transparency International Organisation.

       لم تتجاوز درجة مصر علی مؤشر مدرکات الفساد، 37 درجة من إجمالی 100 درجة، وهو ما یضع مصر فی الطرف الأدنى للمؤشر، ویشیر إلی وجود مشکلة کبیرة فی مدرکات الفساد فی القطاع العام. ([7])

الأمر الذی تدارکته الحکومات المتعاقبة؛ مما دفعها إلی إتخاذ خطوات جادة لمعالجة تدنی ترتیب مصر فی المؤشرات الدولیة المتعلقة بالفساد، وکان من أبرز هذة الخطوات: إنشاء لجنة الشفافیة والنزاهة، والموافقة علی إنضمام مصر إلی الاتفاقیة العربیة لمکافحة الفساد، وإطلاق الاستراتیجیة الوطنیة لمکافحة الفساد،وإلیجانب هذه الاجراءات وغیرها من الإجراءات المؤسسیة والتشریعیة المتخذة؛ فقد أولت القیادة السیاسیة، متمثلة فی رئیس الجمهوریة، اهتمامًا کبیرًا بمکافحة الفساد ودعم الجهود المبذولة لمواجهته، ظهر هذا الاهتمام بوضوح فی الخطاب السیاسی الرسمی؛ حیث أکد الرئیس عبد الفتاح السیسی أنه "لا أحد فوق المحاسبة والقانون، بدایة من رئیس الجمهوریة حتى أصغر مسئول دون استثناء، وأن الدولة جادة ومصرة على النجاح فى مکافحة الفساد حتى تصل إلى المعدلات العالمیة فى وقت قصیر جدًا".([8]) وفی أثناء تکلیفه للوزراء والمحافظین الجدد، أکد رئیس الجمهوریة أیضًا علی ضرورة إیلاء الأولویة لعدة أمور من أبرزها تحقیق المزید من الشفافیة والنزاهة والاستمرار فى جهود مکافحة الفساد.([9])

واتساقًا مع هذة التصریحات، وتأکیدًا لجدیة الدولة فی مکافحة الفساد، قامت الأجهزة الرقابیة، وفی مقدمتها جهاز الرقابة الإداریة، فى الآونة الأخیرة، بالکشف عن العدید من الوقائع وقضایا الفساد الکبری التى تقدر بمئات الملایین، وإعادتها إلى الدولة.([10])

وعلی الرغم من جدیة الدولة وحرصها علی مواجهة الفساد والحد منه، والدور الذی تقوم به الرقابة الاداریة فی مواجهة الظاهرة فی السنوات العشر الأخیرة، فإن معدلات الفساد لم تنخفض؛ لأن ظاهرة الفساد فی مصر ظاهرة عمیقة ومتشعبة، الأمر الذی یفرض علی الجمیع الاهتمام والمشارکة فی عملیة مکافحة الفساد، والوقوف إلی جانب المؤسسات الحکومیة والرقابیة، ومؤازرتها لاستکمال مشوار القضاء على الفساد، ومسألة مکافحته لم تعد مهمة الدولة، والأجهزة الرقابیة، وحدها، وإنما أصبحت مسئولیة مجتمعیة یجب أن یشارک فیها جمیع المواطنین، وکذلک المجتمع بکل مؤسساته، ومکوناته.([11])

فالبرلمان یمکن أن یشارک عن طریق سن القوانین اللازمة لمکافحة الفساد، ومؤسسات المجتمع المدنی یمکن أن تواجه الظاهرة عن طریق خلق ثقافة مجتمعیة تنبذ الفساد، والإعلام یمکن أن یؤدی دورًا عن طریق تنویر المواطنین وتوعیتهم بمخاطر الفساد......

والتساؤل الذی تطرحه الدراسة فی هذا السیاق: ماذا عن المؤسسات العلمیة والجهود البحثیة المبذولة فی مجال الشفافیة والفساد؟ هل تعد الجهود البحثیة المبذولة فی هذا المجال أحد المکونات التی یمکن أن تؤدی دورًا فی مکافحة ظاهرة الفساد والحد منها؟ هل یمکن أن تصبح إحدی الطرائق الممکنة للتخفیف من حدة الظاهرة ومواجهتها؟ أم أن إسهاماتها إسهامات نظریة تقتصر علی المجتمع البحثی، ولا دور لها فی عملیة مکافحة الفساد فی المجتمع المصری؟

المشکلة البحثیة وأهمیتها :

اهتمت الأوساط الاکادیمیة ومنظمات المجتمع المدنی المحلیة والعالمیة طوال العقد الماضی بقضایا الشفافیة والفساد، تجلی هذا الاهتمام فی صور عدة منها؛ تنظیم المؤتمرات والندوات وورش العمل، وإعداد رسائل الماجستیر والدکتوراه، الأمر الذی أسفر عن صدور العدید من الأدبیات التی تبحث فی هذه القضایا وترصدها وفق منهجیة علمیة منظمة.

وتعد الجهود المبذولة لدراسة قضایا الشفافیة والفساد، دلیلاً علی إدراک الباحثین لخطورة ظاهرة الفساد غیر أنها لا تعد بالضرورة دلیًلا علی إسهام  تلک الجهود فی مواجهة الظاهرة وعلاجها فی الواقع, الأمر الذی یتطلب قدرًا من المراجعة للأدبیات التی تناولت قضایا الشفافیة والفساد؛ مراجعة لموضوعاتها ومنهاجیتها، أملاً فی تطویرها وتفعیل دورها فی مواجهة الظاهرة، ففی ظل دولة تسعی لمواجهة الفساد بکل أجهزتها التنفیذیة والتشریعیة والقضائیة، وفی ظل تأکید الدولة أیضًا علی أهمیة البحث العلمی ودوره الکبیر فی تحقیق التنمیة وحل مشکلات المجتمع([12])، یصبح من الضروری تفعیل الجهود البحثیة المبذولة فی مجال الشفافیة والفساد للاستفادة منها ومن نتائجها فی تعزیز الجهود التی تبذلها الدولة فی هذا المجال.

وفی هذا الإطار تتمثل مشکلة الدراسة فی محاولة التعرف علی الجهود البحثیة المبذولة فی مجال الشفافیة والفساد فی مصر؛ من حیث موضوعاتها ومنهجیتها، وإسهاماتها، للاجابة عن تساؤل جوهری مؤداه: هل یمکن أن تصبح الجهود البحثیة المبذولة فی مجال الشفافیة والفساد إحدی الطرائق الممکنة لمکافحة الفساد؟ وکیف یمکن تعظیم الاستفادة من مخرجات تلک الجهود فی عملیة تعزیز الشفافیة ومکافحة الفساد فی المجتمع المصری؟

أهداف الدراسة:

  1. التعرف علی الاتجاهات الرئیسة فی دراسة قضایا الشفافیـة والفساد فی مصـــر.
  2. مراجعة المنهجیـة المستخدمـة فی دراسة قضایا الشفافیـة والفسـاد فی مصـر.
  3. بلورة الأدوار التی یمکن أن تسهم عن طریقها الأدبیات فی تعزیز الشفافیة ومکافحـة الفساد.
  4. تقدیم تصور مقترح لتفعیل دور الأدبیات فی مجال تعزیز الشفافیة ومکافحـة الفساد فی مصر.

تساؤلات الدراسة:

  1. ما الاتجاهات الرئیسة فی دراسة قضایا الشفافیة والفســـاد فی مصـر؟
  2. ما المنهجیة المستخدمة فی دراسة قضایا الشفافیة والفساد فی مصر؟
  3. ما الأدوار التی تسهم عن طریقها أدبیات "الشفافیة والفساد" فی مکافحة ظاهرة الفســـاد؟
  4. کیف یمکن تعظیم الاستفادة من مخرجات الأدبیات فی تعزیز الشفافیة ومکافحة الفساد فی مصر؟

أهمیة الدراسة:

تأتی هذة الدراسة بالتزامن مع اهتمام واضح من قبل الدولة، لیس فقط بالتصدی لظاهرة الفساد ومحاربتها، ولکن أیضًا بمحوریة دور البحث العلمی فی حل مشاکل المجتمع، وهو ما یوضح أهمیة الدراسة، التی یمکن أن تسهم فی:

  1. دعم الجهد الوطنی لمکافحة الفساد، عن طریق البحث فی الدور الذی یمکن أن تؤدیه الأدبیات فی تعزیز الشفافیة ومکافحة الفساد، وتقدیم آلیات مقترحة لتحقیق ذلک.
  2. تعظیم شأن البحث العلمی، ودوره فی معالجة الظواهر السیاسیة والاجتماعیة التی تقوض من التنمیة، وفی مقدمتها ظاهرة الفساد.
  3. تقدیم طرح نظری یسهم فی الاستفادة من الأبحاث العلمیة التی تجری لمواجهة ظاهرة الفساد، فعادة ما یثار الحدیث بشأن جدوی الأبحاث ومدی الاستفادة منها، إلا أن هذا الحدیث لایترجم إلی دراسات تقدم حلولاً عملیة.
  4. تحفیز الباحثین السیاسیین والاجتماعیین، وحثهم علی مراجعة أدبیات تتناول قضایا أخری لا تقل أهمیة عن قضیة الفساد، والبحث فی کیفیة الاستفادة منها، لتحسین مستویات المعیشة وتحقیق نهضة المجتمع.
  5. مساعدة الباحثین السیاسیین الراغبین فی دراسة قضایا الشفافیة والفساد، وتوجیههم للنقاط البحثیة الجدیرة بالدارسة.

منهجیة الدراسة:

تنتمی هذه الدراسة إلی الدراسات الوصفیة، فهی تهدف إلی مراجعة أدبیات الشفافیة والفساد، بما یحقق المعرفة بواقع تلک الأدبیات وطبیعتها من حیث :أهدافها، ومنهجیتها، واسهاماتها. وتعتمد الدراسة فی تحقیق هذا الهدف علی منهج المسح بالعینة للأدبیات التی تناولت قضایا الشفافیة والفساد فی مصر، خلال العشر السنوات السابقة.

التحدید الزمنی للدراسة:

 یتحدد المجال الزمنی للدراسة فی الفترة الممتدة من 2006-2016 م ، ولعل فی اختیار هذة الفترة ما یبررها، حیث یعد عام 2006 بدایة لمرحلة جدیدة من الالتزامات الرسمیة، والجهود البحثیة المبذولة فی مجال تعزیز الشفافیة ومکافحة الفساد فی مصر.

  • o       منذ عام 2006 أصبحت مصر ملزمة دولیًا بالعمل علی مکافحة الفساد، بعد أن صدقت فی نهایة عام 2005 فی 14 دیسمبر 2005 م علی اتفاقیة الأمم المتحدة لمکافحة الفساد.
  • o       فی سبتمبر من عام 2006 قام مرکز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء – ولأول مرة – بإعداد مؤشر محلی لقیاس ظاهرة الفساد فی مصر.
  • o       فی2007 م صدر قرار من وزیر الدولة للتنمیة الإداریة، بإنشاء لجنة الشفافیة والنزاهة التی اهتمت منذ نشأتها بإصدار التقاریر والدراسات العلمیة المتعلقة بموضوعات الشفافیة ومکافحة الفساد.
  • o       فی الفترة من عام 2011 إلی 2013 شهدت الدولة العدید من التغیرات السیاسیة التی کشفت عن حجم الفساد، وما یترتب علیه من آثار وخیمة علی المستویات کافة ؛ الأمر الذی صاحبه عددًا من الجهود الرسمیة والبحثیة التی استهدفت مواجهة الظاهرة ودراستها.
  • o       فی مایو من عام 2014 صدر قرار جمهوری بالموافقة علی انضمام مصر إلی الاتفاقیة العربیة لمکافحة الفساد، وفی دیسمبر من العام نفسه، أطلقت الحکومة المصریة الاستراتیجیة الوطنیة لمکافحة الفساد.
  • o       فی عامی 2015، 2016، قامت الأجهزة الرقابیة بجهود مکثفة، نتج عنها الکشف عن قضایا فساد کبری یتورط فیها مسؤولون تنفیذیون وقیادات إداریة کبری فی السلطتیتین التنفیذیة والقضائیة، فأبرز القضایا التی کان یتم ضبطها قبل ذلک، لم یکن متورطاً فیها مسئولون کبار، بل کانت تقتصر علی صغار الموظفین، إلا أنه فی سبتمبر 2015 وبناءً علی تعلیمات من الرقابة الإداریة ألقت السلطات المصریة  القبض علی وزیر الزراعة عقب تقدیم استقالته للتحقیق معه بشأن إحدى قضایا الفساد، وفی أبریل من عام 2016 تم الحکم علی الوزیر المستقیل بالسجن عشر سنوات فی قضیة الرشوة المنسوبة إلیه.
  • o       فی عام 2016 وبالتحدید فی دیسمبر 2016 تم الکشف والإعلان أیضًا عن عدة قضایا فساد کبری، أبرزها قضیة مجلس الدولة التی تم الکشف عنها بشفافیة لم یعتدها المجتمع المصری.

عینة الدراسة: تم وضع مجموعة من المحددات لاختیار العینة الملائمة لهدف الدراسة کالتالی:

-        أن یکون الإصدار دراسة علمیة من مثل: أطروحة ماجستیر أو دکتوراة، أو بحث منشور،  أو غیر منشور، أو ورقة عمل، أو  تقریر، أو کتاب صادر عن مرکز أوجهة بحثیة تتبع المنهج العلمی،  مع استبعاد الکتب والمقالات الصحفیة التی تخلو من الصفة العلمیة.

-        أن یکون الإصدار فی إطار المجال الزمنی للدراسة الممتد من عام2006 حتی عام 2016.

-         أن یکون الإصدار منصبًّا علی دراسة أوضاع الشفافیـة والفسـاد فی الحالة المصریـة فقط، أو یتناولها فی إطار مقارن مع حالات أخری.

وبعد تحدید شروط اختیار العینة، لجأت الباحثة إلی اختیار عینة عشوائیة طبقیة، ونظرًا لعدم توافر قائمة بکل أدبیات الشفافیة والفساد، تم الاعتماد علی مصدرین أساسیین:

1-     موقع اتحاد مکتبات الجامعات المصریة([13]) بوصفه موقعًا موحدًا یتیح جمیع مصادر المعرفة؛ من رسائل الماجستیر والدکتوراة، والأبحاث، والمجلات العلمیة بالجامعات المصریة.

2-     مکتبة مرکز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء، بإعتباره رائداً فی بناء مؤشر محلی للفساد، فضلاً عن قیامه -فی الفترة من 2006-2010- بإصدار ما یزید عن الخمسین إصدار ما بین دراسات وتقاریر، بشأن الفساد فی مصر.

هذا بالإضافة إلی شبکة المعلومات الدولیة؛ للوصول إلی التقاریر والدراسات الصادرة عن منظمات المجتمع المدنی الدولیة والمحلیة التی یتم نشرها علی مواقعها الإلکترونیة غیر المتوفرة فى مکتبات الجامعات المصریة.

      و نظرًا لطبیعة الدراسة، وما تتطلبه من مراجعة کل دراسة علمیة، أو تقریر علمی علی حدی، تم تحدید خمسین إصدارًا علمیًّا تمثل عددًا متوسطًا للمراجعة والتحلیل. وتنقسم عینة الدراسة* کما یأتی :

عشرون بحثًا ودراسة علمیة، وعشرون أطروحة ماجستیر ودکتوراة أجیزت فی الجامعات المصریة، وعشرة تقاریر صادرة عن جهات بحثیة ومنظمات مجتمع مدنی محلیة وعالمیة.

مفاهیم الدراسة:

  • §        مفهوم الشفافیة:

ورد فی لسان العرب : " وشفه الحزن أظهر ما عنده من الجزع . وشفه الهم أی هزله وأضمره حتى رق وهو من قولهم : شف الثوب إذا رق حتى یصف جلد لابسه([14]) فکلمة شفافیة تشتق من الفعل( شف) وهو ستر القلیل، وشف الثوب أی رق حتی یری ما خلفه.

وتعنی فى الإنجلیزیة Transparency)) الشئ الواضح، الشفاف الذی یسمح بالرؤیة عن طریقه، وتتسم بإمکانیة الوصول إلی المعلومات([15]).   

واصطلاحًا :لایختلف معنی الشفافیة کثیرًا عن معناها اللغوی؛ حیث یدل على إظهار وجه الحقیقة والوضوح الشدید فی کل شئ، وبمعنی أدق فهی الصدق والمصافحة والمکاشفة، وأیضًا الجرأة فی مواجهة العقبات والأزمات لإیجاد حلول لها.([16])

ولقد أصبحت کلمة شفافیة أکثر شیوعًا واستخدامًا فی العلوم الاجتماعیة مع بدایة تسعینیات القرن العشرین، وارتبط استخدامها فی البدایة بالکتابات الاقتصادیة التی تنص علی ضرورة إتاحة المعلومات للمستثمرین لیتمکنوا من اتخاذ قرارت خاصة بأموالهم، ثم انتقل استخدام الکلمة للکتابات السیسیولوجیة والسیاسیة([17])، لیوضح ضرورة المکاشفة وإتاحة المعلومات من مؤسسات الدولة وکذا مؤسسات المجتمع المدنی والقطاع الخاص لکل المعنیین.   

وتعرف الشفافیة بأنها: "توافر المعلومات التی تتعلق بالسیاسات والنظم والقوانین والقرارات واللوائح لکافة المواطنین"([18]). وتعرف أیضًا  بأنها" آلیة الکشف والإعلان من جانب الدولة عن أنشطتها کافة فی التخطیط والتنفیذ"([19])

ویعرفها آخرون بأنها: "إفصاح الفرد أو الجماعة أو المؤسسة أو التنظیم عن ذاته/ ذواتهم، وقیامه بإتاحة البیانات صحیحة ودقیقة فی مواقیتها، وأن یکون متقبلاً لمراجعتها وتقییمها، وأن یطور اتجاهات إیجابیة نحو کل هذه العناصر"([20])، وهو التعریف الذی تتبناه الدراسة لشموله الأفراد والمؤسسات کافة الموجودة فی المجتمع سواء کانت حکومیة أوغیر حکومیة، کما یمکن عن طریق هذا التعریف، تقدیم مجموعة من المؤشرات التى تشکل عناصر التعریف الإجرائى للشفافیة کما یأتی([21]):

-        الحرص علی نشر المعلومات.

-        إتاحة المعلومات فی أوقاتهـا.

-        صحة البیانات المنشورة وصدقها .

-        الحرص علی تلبیة استفسارات المعنیین حول البیانات.

-        الأخذ بآراء المعنیین وإشراکهم فی صنع القرار.

ویرتبط مفهوما الشفافیة والفساد ارتباطًا وثیقًا ببعضهما، إذ تقوم الشفافیة علی حق المواطنین (سواء أکانوا باحثین أم إعلامیین، أم منظمات مجتمع مدنى...) فی الحصول علی المعلومات المتعلقة بالسیاسات والقرارات؛ الأمر الذی یمکنهم من محاسبة الحکومة، والکشف عن الممارسات الفاسدة من جانب، وتقلیل فرص الفساد المحتمل حدوثها من جانب آخر.

  • §        مفهوم الفساد

ورد فی لسان العرب :" فسد : الفساد : نقیض الصلاح ، فسد یفسد ویفسد وفسد فسادًا وفسودًا ، فهو فاسد وفسید فیهما ، ولا یقال ان فسد وأفسدته أنا. وقوله تعالى :ویسعون فی الأرض فسادًا نصب فسادًا لأنه مفعول له أراد یسعون فی الأرض للفساد . وقوم فسدى کما قالوا ساقط وسقطى " ([22]).

وفی الإنجلیزیة تشتق کلمة" Corruption " من الفعل اللاتینى " Corrupts "،وتشیر إلی أن شیئًا ما تم کسره، هذا الشئ قد یکون قاعدة سلوکیة، أوقاعدة إداریة أو قانونیة، وهذا الکسر یتم بهدف تحقیق منفعة([23]). وتبعث المعانی اللغویة للفساد تصورًا سلبیًا، لما تحمل کلمة الفساد من التحول من الصالح إلی السیء مثل العطب والتلف، أو حدوث خلل أو کسر قاعدة لتحقیق منفعة ما، فالفساد شکل من السلوکیات یتعارض مع القیم والقانون([24]).

وإصطلاحًا تتعدد تعریفات الفساد بتعدد أبعادها الاجتماعیة والاقتصادیة والسیاسیة والاداریة والقانونیة. إلا إن هناک اتفاقًا أو قبوًلا دولیًا لبعض تعریفات الفساد من مثل تعریف البنک الدولی، الذی یعرف الفساد علی أنه " إساءة استغلال الوظیفة العامة لتحقیق مصلحة خاصة"، ویتبنی کثیرون هذا التعریف([25])، علی اعتبار انه بسیط وواسع بما فیه الکفایة لیشمل معظم الفساد الذی نواجهه([26])،  ومع ذلک لا یخلو التعریف السابق من الانتقاد، علی أساس أنه یقصر الفساد علی القطاع الحکومی، لأنه یعرفه علی إنه إساءة استغلال السلطة العامة.([27])

وفی المقابل طرحت منظمة الشفافیة الدولیة تعریفًا یضیف إلی تعریف البنک الدولی القطاع الخاص، وذلک بتعریف الفساد علی أنه "إساءة استغلال السلطة المخولة لتحقیق مکاسب خاصة"، والسلطة المخولة قد تکون فی القطاع الحکومی، عندما یسیء موظف عام استخدام سلطاته، کما قد تکون السلطة المخولة فی القطاع الخاص، حین یسیء العامل استخدام وظیفته لتحقیق مصلحة خاصة.([28])

وإساءة استخدام المنصب العام، أو السلطة یمکن أن تتم بطرائق عدیدة، على سبیل المثال، عندما یقبل المسؤولون الرشوة أو یبرمونها؛ أو عندما یتم استخدامها للحصول على منافع شخصیة حتى لو لم یحدث رشوة عن طریق سرقة أصول الدولة، أو سوء إدارة مواردها([29]).

ولا یشترط بالضرورة أن تکون إساءة استخدام السلطة من أجل تحقیق مصلحة خاصة بالفرد نفسه فقط، ففی کثیر من حالات الفساد، یمکن أن تکون من أجل حزبه، أو أصدقائه، أوأفراد أسرته، أو الطبقة التی ینتمی إلیها..([30]). وأیضًا لا یشترط أن تقتصر ممارسات الفساد علی التربح أو دفع الرشاوی، حیث تمتد لتشمل استغلال السلطة لتحقیق مصالح مادیة مثل : غسیل الأموال،  أو غیر مادیة کالواسطة، بل إن الإهمال وعدم المبالاة وعدم إنجاز الفرد لواجبات وظیفته، یعد نوعًا من أنواع الفساد الذی یترتب علیه الإضرار بالصالح العام.

وفی ضوء ما تقدم، تتبنی الدراسة تعریف واسع للفساد کما یأتی: " هو استخدام غیر مشروع، وغیر مبرر للسلطة أو القوة ابتغاء المصلحة الخاصة سواء کانت شخصیة أو عائلیة أو ما یشابهها، وذلک لدوافع سیاسیة أو اقتصادیة أو اجتماعیة یقوم بها فرد، أو أفراد أو مؤسسة أو دولة،  ویترتب علیها إحداث آثار وخسائر مادیة ومعنویة، تصیب الأشخاص والممتلکات العامة والخاصة."([31])

وفی ضوء هذا التعریف یمکن تحدید المؤشرات التی یتضمنها مفهوم الفساد إجرائیًا کما یأتی :

-        الرشــاوی

-        التربح من المال العام أوالاستیلاء علیه أو إهداره .

-        المحاباة والواسطة والمحسوبیة

-        الإهمال فی أداء واجبات الوظیفة العامة

-        إعلاء المصلحة الخاصة علی المصلحة العامة

محاور الدراسة:

تنقسم الدراسة إلی ثلاثة محاور: یعرض الأول للاتجاهات الرئیسة فی دراسة قضایا الشفافیة ومکافحة الفساد فی مصر، ثم یکشف الثانی عن المنهجیة المستخدمة فی دراسة تلک القضایا، ویسعی الأخیر إلی بلورة الأدوار التی یمکن أن تسهم عن طریقها أدبیات الشفافیة والفساد فی مواجهة الظاهرة، مع تحدید مدی الاستفادة من تلک الأدبیات فی الواقع، وکیفیة تعظیم هذة الاستفادة لدعم الجهود التی تبذلها الدولة فی هذا المجال.

أولاً :الاتجاهات الرئیسة فی دراسة قضایا الشفافیة والفساد فی مصر

زاد الاهتمام بظاهرة الفساد رصدًا ودراسًة ومواجهًة خلال العقدین الأخیرین علی المستوی العالمی والمحلی، فعلی المستوی العالمی أصدرت کثیر من الهیئات والمنظمات تقاریر سنویة لرصد واقع الفساد علی مستوی الدول، وعلی المستوی المحلی اهتمت کثیر من الهیئات والمنظمات الحکومیة وغیر الحکومیة فی مصر بدراسة ظاهرة الفساد من جوانب مختلفة: منها ما یرکز علی الجوانب الکمیة الخاصة بقیاس انتشار الفساد، ومنها ما یرکز علی الجوانب التحلیلیة الکیفیة.([32]) وفیما یلی عرض للاتجاهات المختلفة فی دراسة قضایا الشفافیة والفساد، وفقًا لموضوعاتها وأهدافها البحثیة، حیث یمکن تصنیفها کما یأتی:

1-   أدبیات الشفافیة: تتضمن هذة النوعیة من الأدبیات، البحوث والدراسات والتقاریر التی تتناول الشفافیة ودورها فی مکافحة الفساد، کما تتضمن أیضًا الدراسات التی تهدف إلی الکشف عن الجهود المبذولة أو المقترحة لتعزیز الشفافیة فی مصر، ویمکن تقسیمها علی النحو التالی:

أ‌-      أدبیات تتناول الشفافیة بالترکیز علی محوریة دورها فی مکافحة الفساد، حرصت بعض الأدبیات علی تناول الشفافیة بوصفها مبدأً من مبادئ الدیمقراطیة، والحکم الرشید، مع التأکید علی ضرورة الأخذ بها فی إدارة شؤون الدولة، وعادة ما ترکز هذه النوعیة من الأدبیات فی تناولها لمبدأ الشفافیة علی دورها فی مکافحة الفساد بالتعرض له من زوایا مختلفة مثل: شفافیة الموازنة العامة، أو حریة المعلومات ودورها فی مکافحة الفساد([33]).

ب‌-    أدبیات تتناول واقع الشفافیة فی قطاع محدد؛ اتجهت بعض الأدبیات إلی دراسة واقع الشفافیة فی قطاع بعینه، من مثل قطاع التعلیم أو الصحة، بهدف الوقوف علی واقع الشفافیة، والکشف عن مدی التزام الجهات الحکومیة بتطبیقها فی هذا القطاع([34])، ومن اللافت للنظر اتجاه تلک النوعیة من الدراسات إلی دراسة الشفافیة فی قطاعات التعلیم والصحة والمحلیات، على نحو متکرر دون التطرق لقطاعات أخری من مثل قطاع العدل، و قطاع البترول، و قطاع التموین، وغالبًا ما یتم تناول الشفافیة فی هذه القطاعات علی المستوی الإداری، لا السیاسی.

ج- أدبیات تهتم بعرض الجهود المبذولة أو المقترحة لتعزیز الشفافیة فی مصر, اهتمت بعض الأدبیات بعرض الجهود المؤسسیة والتنظیمیة التی تتخذها الدولة فی مجال تعزیز الشفافیة، وعادة ما یکون ذلک مصحوبًا بتقدیم سیاسات أو آلیات جدیدة لتحسین واقع الشفافیة فی مصر، مثال علی ذلک: التقریر الثالث للجنة الشفافیة والنزاهة، الذی أفرد الجزء الأول منه وهو بعنوان "المشاهدات الإیجابیة" لعرض الخطوات الإیجابیة التی قامت الحکومة باتخاذها لتعزیز الشفافیة ومکافحة الفساد کإقرارًا بمبدأ النشر الإلکترونی ورفع کفاءة أداء الخدمات العامة، وتسهیل الإجراءات وشفافیتها، ثم انتقل التقریر فی الأجزاء الستة التالیة إلی تقدیم مشورات لتعزیز الشفافیة ومکافحة الفساد فی مصر.

2-   أدبیات تسعی لتشخیص ظاهرة الفساد فی مصر وتحلیلها: وتشمل تلک النوعیة من الدراسات التی تتناول ظاهرة الفساد فی مصر جزئیًّا أو کلیًّا، وتتنوع بین:

أ‌-      أدبیات تتناول ظاهرة الفساد فی مصر من جوانبها کافة، اتجهت بعض الأدبیات إلی دراسة ظاهرة الفساد دراسة شاملة من حیث: ماهیتها، ومظاهرها، وأسبابها، وآثارها، وانتهاءًا بتقدیم رؤیة شاملة لمنع ومکافحة الفساد فی المجتمع المصری([35]).

ب‌-   أدبیات تستهدف دراسة ظاهرة الفساد فی قطاعات بعینها: علی خلاف الأدبیات السابقة رکزت بعض الأدبیات فی تناولها لظاهرة الفساد علی قطاعات محددة: مثل قطاع التعلیم، أو الصحة، أو الجمارک أو المحلیات. وتتمیز هذة الدراسات بالتعمق فی تناول الظاهرة علی مستوی جزئی؛ مما یساعد متخذی القرار، فی اتخاذ السیاسات المناسبة لمکافحة الظاهرة فی کل قطاع علی حدة، إلا أنه مثلها مثل دراسات الشفافیة، غالبًا ما تتناول ظاهرة الفساد فی بعدها الإداری لا السیاسی.

ج‌-   أدبیات تهتم بدراسة بعد أو آخر من أبعاد ظاهرة الفساد : تنوعت زاویة البحث فی قضایا الفساد بتنوع التخصصات العلمیة التی ینتمی إلیها الباحثون؛ فمنهم من اهتم بدراسة الأبعاد القانونیة لظاهرة الفساد([36])، ومنهم من اهتم بدراسة الأبعاد الاجتماعیة والاقتصادیة للفساد فی مصر([37]).فی حین رکز آخرون علی معالجة وسائل الإعلام التقلیدیة أو الجدیدة أو کلاهما لقضایا الفساد فی مصر.

3-        أدبیات تبحث فی طبیعة العلاقة بین الفساد وغیره من المتغیرات الأخرى,  تتجه قله من الدراسات إلی البحث فی طبیعة العلاقة بین الفساد  وغیره من المتغیرات، وخاصة المتغیرات السیاسیة، ومن أبرز المتغیرات التی تم البحث فی علاقتها بالفساد: النمو الاقتصادی، حکم القانون، الثورات، والاستقرار السیاسی. وتفید تلک الدراسات فی فهم الظاهرة والتحکم فیها على نحو  أفضل، وفی هذا السیاق اهتمت إحدی الدراسات بالبحث فی طبیعة العلاقة بین الفساد السیاسی والاستقرار السیاسی؛ وتوصلت إلی وجود علاقة عکسیة بین کلا المتغیرین، فعندما زاد الفساد السیاسی، انخفضت درجة الاستقرار السیاسی ، وفقد النظام السیاسی المصری لشرعیته([38]).

4-      أدبیات تبحث فی سبل مکافحة الفساد فی الحالة المصریة:

یتبلور الهدف الرئیسی لبعض الأدبیات فی تحدید السبل والآلیات اللازمة لمکافحة ظاهرة الفساد فی مصر، سواء على نحو مباشر، أو غیر مباشر عن طریق البحث فی الدور الذی تقوم به الجهات المختلفة لمکافحة الفساد فی مصر. تتضمن هذة النوعیة من الأدبیات الکثیر من الدراسات والتقاریر وأطروحات الماجستیر والدکتوراة التی أجریت فی السنوات العشر الأخیرة ، وتشمل علی سبیل المثال لا الحصر:

أ‌-           أدبیات توضح دور الأطر التشریعیة والسلطة القضائیة فى ملاحقة ظاهرة الفساد مثل التقریر الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائى الذی یبحث فى المهام التى تستطیع الدساتیر الوطنیة الاضطلاع بها لتحسین أطر مکافحة الفساد، مع ترکیز خاص على الدول العربیة التى تمر بمرحلة انتقالیة، ومن بینها مصر.

ب‌-       أدبیات تعرض لدور الأجهزة الرقابیة فی مکافحة الفساد من مثل: الرقابة الإداریة، والجهاز المرکزى للمحسابات؛ وذلک بغیة الوقوف على أهم المشکلات والصعوبات التى تقابلها أثناء العمل والآلیات اللازمة لتطویرها وتعزیز دورها فی تحقیق الشفافیة، ومکافحة الفساد([39]).

ج- أدبیات ترکز علی المجتمع المدنی والأدوار المنوط بها فی محاربة الفساد، مع التطبیق علی منظمات المجتمع المدنی المصریة، وتحلیل دورها فی تفعیل المساءلة المجتمعیة، والتحدیات التی تعوقها عن التصدی للظاهرة([40]).

د- أدبیات تستعرض دور الاتفاقیات الدولیة والتعاون الدولی فی مکافحة الفساد،عن طریق البحث فی دور الاتفاقیات الدولیة؛ من مثل اتفاقیة الأمم المتحدة لمکافحة الفساد، بالتطبیق علی الحالة المصریة([41]).

5-        أدبیات تسعی لرصد وتقییم مدی تقدم مصر فی مجال تعزیز الشفافیة ومکافحة الفساد: یتمثل الهدف الرئیسی لکثیر من الدراسات فی رصد ظاهرة الفساد وقیاسها خطوة ضروریة للوقوف علی مدى نجاح السیاسات والجهود المبذولة فی تعزیز الشفافیة و مکافحة الفساد فی مصر.

وبالرغم من اتفاق بعض الباحثین علی الهدف فإن هناک اختلافًا وتنوعًا فی طریقة رصدهم وتقییمهم لمدی تحسن الظاهرة،  ویمکن فی هذا السیاق تقسیم الأدبیات إلی:

أ‌-           أدبیات تعمل علی تقییم الجهود الحکومیة المبذولة لمکافحة الفساد: ویکون ذلک عن طریق مراجعة الاتفاقیات الدولیة: من مثل: اتفاقیة الأمم المتحدة لمکافحة الفساد، أوالاستراتیجیات من مثل: الاستراتیجة الوطنیة لمکافحة الفساد؛ لتقییم مدی نجاح الحکومة فی مکافحة الفساد سواء من ناحیة مدی التزامها بتطبیق الاتفاقیات، أو التزامها  بتفعیل الاستراتیجیة الوطنیة، أوجدیتها فی اتخاذ السیاسات اللازمة لمکافحة الظاهرة، وتصنف کثیر من التقاریر الصادرة عن منظمات المجتمع المدنی فی هذا الاطار، من مثل: التقریر الصادر عن مؤسسة عالم واحد للتنمیة، بعنوان " مؤشر مکافحة الفساد فی مصر" الذی یهدف إلی قیاس التقدم المحرز فی نشر مبادئ الشفافیة ومکافحة الفساد فی مصر، فی فترة زمنیة محددة من یولیو وحتی دیسمبر 2015([42]).

ب‌-       أدبیات تستعرض موقع مصر على خریطة مؤشرات الفساد الدولیة أو المحلیة: اهتمت تلک النوعیة من الدراسات بالبحث فی موقع مصر على خریطة المؤشرات الدولیة، من مثل: مؤشر النزاهة العالمیة، ومؤشر مدرکات الفساد، وبارومیتر الفساد العالمى، لتحدید مدی تقدمها فی مجال تعزیز الشفافیة ومکافحة الفساد، وذلک بهدف متابعة موقف مصر ومدی تقدمها وفقا لمؤشرات الفساد الدولیة([43]).

ج‌-        أدبیات تهدف إلی قیاس إدراک المواطنین للفساد وتحدید اتجاهاتهم نحو سیاسات وقیم الشفافیة, یتمثل الهدف الأساسی لهذة النوعیة من الأدبیات، فی رصد إدراک المواطنین والتعرف علی أرائهم إزاء قضایا الفساد، بالإضافة إلی تحدید اتجاهاتهم نحو سیاسات الشفافیة، ومدی الرضاء عن الجهود الحکومیة المبذولة فى هذا المجال. وتصنف هذة البحوث بأنها بحوث میدانیة تعتمد علی الاستبیان والمقابلة کأداوات أساسیة لجمع البیانات المتعلقة بالظاهرة. 

ونتیجة للتکلفة المادیة الکبیرة التی  تتطلبها تلک النوعیة من البحوث، وفی ظل ضعف القدرات المادیة للباحث الفرد، نجد أن کثیرًا منها، تم إجراؤها عن طریق مراکز أو جهات بحثیة: من مثل: مرکز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء، الذی قام  بإعداد مؤشرًا لإدراک الفساد الإداری على مستوی الجمهوریة على نحو کلی، ثم قام بعد ذلک بالتوسع فی قیاس إدراک ظاهرة الفساد لدى المواطنین على نحو أکثر عمقًا، لیشمل تقییم درجة انتشاره علی المستوى الجغرافی بجمیع محافظات الجمهوریة([44]).کذلک اهتمت لجنة الشفافیة والنزاهة، بالتعاون مع کلیة الآداب بجامعة القاهرة، بتنفیذ دراسة للتعرف على الأطر الحاکمة لأفعال المصریین واختیاراتهم بین النزاهة والشفافیة، والفساد، بهدف رصد اتجاهات المصریین المتصلة بالقیم الحاکمة للشفافیة والفساد، من مثل : قیمة الوضوح والإفصاح  ، والصدق المحسوبیة والمصلحة الشخصیة([45]). کما أهتم "مرکز الدراسات السیاسیة والاستراتیجیة" التابع لمؤسسة الأهرام، علی مدى السنوات العشر الماضیة، بإجراء أکثر من دراسة میدانیة واستطلاع رأی للتعرف علی آراء المواطنین والنخب وقادة الرأى العام من (الأحزاب والقوى السیاسیة، و رجال الدین، و منظمات المجتمع المدنى، و الإعلام ، وجمعیات رجال الأعمال) إزاء قضایا الفساد واتجاهاتهم نحو سیاسات الشفافیة. 

ولم یقتصر الاهتمام بقیاس إدراک المواطنین لمعانی الفساد علی الجهات الحکومیة والمراکز البحثیة، بل امتد لیشمل بعض منظمات المجتمع المدنی المحلیة من مثل : مرکز دعم التنمیة والتأهیل المؤسسی الذی أصدر دراسة بعنوان "إدراک المجتمع المصری لمعانی وأشکال الفساد الإداری وطرق تعزیز الشفافیة والمساءلة"، وهی دراسة میدانیة تهدف إلی قیاس إدراک المواطنین والقیادات السیاسیة والشعبیة والتنفیذیة لمعانى الفساد وأشکاله، وطرائق تعزیز الشفافیة، وتمثل تلک الدراسة عینة لغیرها من الدراسات التی تهدف إلی قیاس مدی الالتزام بالشفافیة ومحاربة الفساد لیس فقط بالمؤسسات الحکومیة، ولکن أیضًا بمؤسسات المجتمع المدنی.

کذلک حرصت بعض منظمات المجتمع المدنی العالمیة علی قیاس وتقییم الفساد فی دول العالم، وتأتی منظمة الشفافیة الدولیة فی مقدمة تلک المنظمات المهتمة بالتوعیة بالفساد ومکافحته، وإصدار دراسات وتقاریر لقیاسه، ومن أحدث الدراسات التی قامت المنظمة بإجرائها وتعرضت فیها للحالة المصریة، دراسة بعنوان "الناس والفساد دراسة مسحیة للشرق الأوسط وشمال أفریقیا "2016، التی توصلت فیها إلی مجموعة من النتائج الخاصة بإدراک الفساد فى مصر. وتفید تلک النوعیة من الدراسات فی إلقاء الضوء علی القطاعات الأکثر فسادًا، والمحافظات الأکثر احتیاجًا لمحاربة الفساد، کما تفید فی  إعطاء مؤشرات عن مدی نجاح الجهود الحکومیة فی تعزیز الشفافیة ومکافحة الفساد؛ مما یسهم فی توجیه متخذی القرار ودعمهم لاتخاذ السیاسات اللازمة، بنًاء علی معرفة عمیقة بالظاهرة .

إن مراجعة الأدبیات التی تناولت قضایا الفساد من حیث موضوعاتها وأهدافها، یوضح ما یلی:

-            وجود اهتمام بحثی بقضایا الشفافیة والفساد، من قبل تخصصات مختلفة، فإلی جانب العلوم السیاسیة، صار البحث فی هذه القضایا فی بؤرة اهتمام تخصصات الاجتماع والاقتصاد والإدارة، والإعلام ، فضلاً عن القانون والتربیة.

-            إن الاهتمام البحثی بقضایا الفساد لا یقتصر علی الجامعات، والمراکز البحثیة ولکن یشمل جهات حکومیة، ومنظمات مجتمع مدنی محلیة وإقلیمیة ودولیة.

-            تحتاج خریطة الاهتمامات البحثیة فی هذا المجال إلی مراجعة؛ ففی الوقت الذی بدا فیه اهتمام واضح بشأن الأطر التشریعیة والمؤسسیة ودورها فی مواجهة ظاهرة الفساد، فقد انحسر الاهتمام البحثی بشأن دور المواطن ومدی استعداده لمکافحة الفساد، بوصفه عنصرًا مهمًّا، ومدخلاً ضروریًّا لمواجهة الظاهرة فی الحالة المصریة. وقد بدا اهتمام بارز بالفساد الإداری، فی مقابل انحسار الاهتمام البحثی بالفساد السیاسی، فغالبیة الدراسات التی أجریت فی العشر سنوات الأخیرة حول ظاهرة الفساد، اقتصرت علی دراسة الفساد الإداری أو الفساد الصغیر، دون التعمق فی دراسة الفساد السیاسی أو الفساد الکبیر.

-            تسهم الدراسات الوصفیة الکیفیة فی تشخیص ظاهرة الفساد والتعرف علیها من جوانبها کافة، ولکن مع ذلک تعانی من تکرار کثیر من النقاط البحثیة؛ مثل النقاط المتعلقة بــ: أنواع الفساد وأسبابه وآثاره، الأمر الذی لا یمثل إضافة علی المستویین النظری أو العملی.

-            على الرغم من أهمیة الدراسات التی تتناول العلاقة بین الفساد وغیره من المتغیرات، فإنها لا تزال قلیلة، مع ندرة شدیدة فی الدراسات التی تبحث فی المتغیرات الوسیطة المسببة لظاهرة الفساد.

-            إن المکتبة المصریة لا تزال بحاجة إلی بحوث قومیة لرصد الظاهرة رصدًا کمیًا دوریًا،  وعلى الرغم من قیمة الدراسات والتقاریر الذی قام مرکز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بإجراؤها، فإن هذا الجهد لم یستمر طویلاً، حیث توقف المرکز عن إصدار مؤشر إدراک الفساد فی عام2010.

-            یحتاج هذا المجال البحثی إلی التوسع فی إجراء دراسات تقویمیة، تهدف إلی قیاس فعالیة البرامج والسیاسات التی تتبناها الحکومة لمواجهة الفساد، بنًاء علی مقاییس موضوعیة، ونماذج کمیة، یتم بنائها لهذا الغرض.

ثانیاً: المنهجیة المستخدمة فی دراسة قضایا الشفافیة والفساد فی مصر

تنوعت المنهجیة العلمیة المتبعة فی دراسة قضایا الشفافیة والفساد، بتنوع الموضوعات البحثیة والتخصصات العلمیة للباحثین، وفیما یلی عرض لأهم الإجراءات المتبعة فی دراسة قضایا الفساد والشفافیة؛ من حیث نوع الدراسات والمناهج، والأدوات البحثیة والعینات الأکثر استخدامًا فی تلک الدراسات.

1-   من حیث نوع الدراسة: اتجهت الغالبیة العظمی من الأدبیات إلی التناول الوصفی للظاهرة، حیث تندرج (92%) من أدبیات الشفافیة والفساد ضمن الدراسات الوصفیة التی تهدف إلی تشخیص الظاهرة کمًا وکیفًا، عن طریق جمع البیانات عنها وتحلیلها، واستخراج النتائج منها.

جدول (1):توزیع العینة وفقًا لنوع الدراسة

البیان

التکرار

النسبة

الترتیب

وصفیة

46

92%

1

تجریبیة

4

8%

2

المجموع

50

100%

 

یتضح من الجدول السابق، انحسار الدراسات القائمة علی التصمیمات التجریبیة انحسارًا شدید، إذ لم تبادر باستخدام ذلک المنهج سوی أربعة دراسات (بنسبة 8% من من إجمالی عینة الدراسة)([46]) ، فعلى الرغم من أهمیة تلک النوعیة من الدراسات فی معرفة العلاقات السببیة على نحو علمی دقیق یساعد فی التنبؤ بالظاهرة والتحکم فیها، فإن صعوبة تطبیق المنهج التجریبی فی العلوم الاجتماعیة، أدی إلی عزوف الباحثین عن إجراء البحوث التجریبیة، تجنبًا للصعوبات والعراقیل التی تواجههم حال اتباع ذلک المنهج.

2-        من حیث المناهج المستخدمة: تنوعت المناهج المستخدمة فی دراسة قضایا الشفافیة والفساد، وکان أکثرها استخدامًا، کما هو مبین بالشکل التالی: منهج المسح الاجتماعی، والمنهج المقارن، والمنهج الوصفی التحلیلی، والمنهج القانونی.

 

شکل ( 2):المناهج الأکثر استخدامًا فی دراسة قضایا الشفافیة والفساد

اعتمدت (50% من إجمالی عینة الدراسة) علی منهج المسح فی تناولها لظاهرة الفساد فى مصر، وعادة ما یکون المنهج المستخدم فی أدبیات الفساد منهج المسح الاجتماعی بالعینة، الذی یستهدف رصد الظاهرة والتعرف علی أسبابها، وتقییم دور الحکومة والمجتمع المدنی والإعلام فی مواجهتها؛ من وجهة نظر عینة من الأفراد من مثل : (المواطنین، والعاملین بالمجتمع المدنی، والعاملین بالجهات الحکومیة والإعلامیین....) وفی إطار المنهج المسحی، تتجه بعض البحوث الإعلامیة (بنسبة 16% من إجمالی عینة الدراسة ) لدراسة الظاهرة عن طریق المسح لعینة من وسائل الإعلام التقلیدیة والحدیثة؛ من مثل : الصحف والبرامج التلیفزیونیة أو المواقع الإلکترونیة المختلفة، للکشف عن الدور الذی تقوم به وسائل الإعلام فی محاربة الفاسدین، أو لرصد قضایا الفساد فی المجتمع المصری عن طریق تلک الصحف([47]).

وبالاضافة إلی المنهج المسحی، اتجهت 22% من الأدبیات –کما هو مبین بالشکل السابق- إلی استخدام المنهج المقارن فی دراسة قضایا الشفافیة والفساد، ویستخدم المنهج المقارن فی الأدبیات علی مستویین: أفقی ورأسی؛ فأحیانًا یستخدم للمقارنة بین مستویات الفساد، أو إجراءات مکافحة الفساد فی مصر مقارنة بغیرها من الدول([48])، وأحیانًا أخری یستخدم لمتابعة مستویات الفساد فی مصر عبر فترات زمنیة مختلفة، وقد استخدمه بعض الباحثین لمقارنة النصوص القانونیة الدولیة المتعلقة بمکافحة الفساد بالقواعد المنصوص علیها فی القانون المصری، کما استخدم المنهج المقارن فی بعض البحوث الإعلامیة، للمقارنة بین معالجة قضایا الفساد فی وسائل الإعلام التقلیدیة ووسائل الإعلام الحدیثة.

وعلى الرغم من أن الغالبیة العظمی من أدبیات الشفافیة والفساد التی تم مراجعتها تصنف– کما سبق التوضیح-  علی أنها دراسات وصفیة، فإن( 16% فقط منها) هی التی نصت علی تبنی المنهج الوصفی منهجًا لدراسة ظاهرة الفساد فی مصر، واستخدم بعضها المنهج الوصفی التحلیلی، لوصف وتحلیل الظاهرة تحلیلاً کیفیًا([49])، بالاعتماد علی البحث المکتبی، فی حین استخدم آخرون المنهج الوصفی لوصف الظاهرة وصفًا کمیًا، بالاعتماد علی البحث المیدانی الذی یوضح مقدار الظاهرة ومدى انتشارها، وسبل علاجها فی المجتمع المصری([50]).

أما المنهج القانونی فقد استخدم من قبل (10% من الأدبیات) لدراسة فاعلیة القوانین فی مکافحة الظاهرة، أو لدراسة النصوص القانونیة فی الاتفاقات الدولیة، وفی التشریعات الوطنیة المصریة الخاصة بمکافحة الفساد، والکشف عن مدی التزامات مصر وفق اتفاقیة مکافحة الفساد([51]). وأشارت أربع دراسات بنسبة ( 8% من إجمالی العینة) بأنها ترتکز علی المنهج العلمی بشقیه الاستنباطی والاستقرائی، الذی یقوم علی استعراض النظریات والأفکار المتعلقة بالشفافیة أو الفساد، ثم تطبیق ما تم التوصل إلیه لفهم الظاهرة فی مصر([52]).

إن الاستخدام المتکرر للمناهج السابقة من مثل: منهج المسح الاجتماعی، والمنهج الوصفی ، والمنهج المقارن, کاد أن یجعلها المناهج الوحیدة المستخدمة فی دراسة قضایا الشفافیة والفساد فی مصر، لولا اتجاه بعض الأدبیات لاستخدام مناهج أخری؛ من مثل :المنهج التاریخی، ومنهج دراسة الحالة، (4% من إجمالی عینة الدراسة )، کذلک استخدمت بعض الدراسات ـ وتنتمی کلها إلی حقل العلوم السیاسیةـ مناهج أخری کمنهج النخبة السیاسیة، ومنهج تحلیل النظم، والمنهج المؤسسی، اقترابی الاقتصاد السیاسی، والاتصال والتعاون الدولی، وکان ذلک بنسبة لا تتعدی(2% من إجمالی عینة الدراسة).

هذا وفی الوقت الذی أعتمدت فیه بعض الدراسات –ومعظمها من الرسائل الجامعیة - علی أکثر من منهج، خلت دراسات وتقاریر أخری( بنسبة 12% من إجمالی العینة) من ذکر المنهج المستخدم أو الاداة التی اعتمدت علیها الدراسة فی جمع المادة العلمیة واستخلاص النتائج الواردة بها([53]).

3-             من حیث الأدوات البحثیة؛ جاء الاستبیان، فی المرتبة الأولى من حیث الأدوات الأکثر استخدامًا من جانب الباحثین فی جمع البیانات من مفردات البحث، إذ اتجهت 30% من الأدبیات إلی تصمیم إستمارة استبیان لاستطلاع آراء المواطنین، بشأن قضایا الفساد، وتوسعت بعض الأدبیات فی تصمیم بنود الاستبیان لتشمل ( أسبابه- مظاهره- دور الحکومة فی مواجهته ...) فی أکثر من قطاع من مثل : ( قطاعات التعلیم، المحلیات، الداخلیة، الصحة، الزراعة، والری.([54])، فی حین اتجهت أدبیات أخری إلی تصمیم الاستبیان لرصد ظاهرة الفساد وتحدید آثارها أو طرق علاجها فی قطاع بعینه کالمحلیات([55]).

جدول(2 ):الأدوات المنهجیة المستخدمة فی دراسة قضایا الشفافیة والفساد

الأداة

التکرار

النسبة

الترتیب

الاستبیان

15

30%

1

المقابلة

5

10%

3

القیاس

4

8%

4

تحلیل المضمون

8

16%

2

الملاحظة العلمیة

2

4%

5

**لا یوجد مجموع لأن بعض الدراسات استخدمت أکثر من أداة، فی حین أن البعض الآخر لم یستخدم أیة أدوات بحثیة

وجاءت أداة تحلیل المضمون فی المرتبة الثانیة بعد الاستبیان، حیث أعتمدت جمیع البحوث المعنیة بمعالجة الإعلام لظاهرة الفساد، علی تحلیل مضمون عینة من البرامج التلیفزیونیة أو الصحف الورقیة أو الالیکترونیة لرصد أهم قضایا الفساد وکیفیة معالجة وسائل الإعلام لها، أو للکشف عن الدور الذی یقوم به الإعلام فی محاربة الفساد.

 وفی الوقت الذی أکتفت بعض الأدبیات بتحلیل مضمون عینة من الصحف، جمعت أدبیات أخری بین تحلیل المضمون والاستبیان أو غیره من الأدوات؛ لدراسة معالجة وسائل الإعلام لقضایا الفساد، مع بیان تأثیرها علی غیرها من المتغیرات کالمشارکة السیاسیة للشباب([56]).

وفی حین تراجع استخدام بعض الأدوات البحثیة کالمقابلة (بنسبة 10%)، والمقاییس (بنسبة8% من إجمالی عینة الدراسة)، انحسر استخدام الملاحظة انحسارًا شدیدًا فی دراسة قضایا الشفافیة والفساد فی مصر، إذ لم یتعدی ال4% من إجمالی عینة الدراسة، الأمر الذی یرتبط بانحسار الدراسات التجریبیة التی  تتطلب إخضاع الظاهرة محل الدراسة للملاحظة العلمیة.

4-        من حیث العینة المستخدمة فی بحوث الفساد: تنوعت العینة المستخدمة فی بحوث الفساد، فشملت فئات مختلفة أبرزها، وأکثرها انتشارًا کما هو مبین بالشکل التالی؛ المواطنین العادیین ممن هم 18سنة فأکثر، بحکم أنهم یمثلون الجمهور العام، وأن أی آثار یمکن دراستها عن طریقهم کما أنها فئة واسعة تشمل : العاملین وغیر العاملین، والشباب وکبار السن، ومستویات اجتماعیة واقتصادیة متباینة؛ مما یسهم فی تحدید مدی التفاوتات فی إدراک المواطنین لانتشار ظاهرة الفساد، وفقًا لخصائصهم الدیموجرافیة([57]).

شکل ( 3):العینة موضع اهتمام أدبیاتالشفافیة والفساد

 

ثم جاءت بعد ذلک الصحف الورقیة والإکترونیة لتحتل المرتبة الثانیة( بنسبة 14%من إجمالی الأدبیات)؛ حیث اهتم الباحثون فی مجال الإعلام ، برصد قضایا الفساد فی الصحف أکثر من البرامج التلیفزیونیة التی جاءت فی مرتبة أخیرة لم تتعد 2% من إجمالی الأدبیات محل الدراسة. أما المرتبة الثالثة فکانت لأعضاء منظمات المجتمع المدنی سواء کانوا من القیادات أو العاملین بنسبة (10% من إجمالی عینة الدراسة) حیث اهتمت بعض الأدبیات بالکشف عن دور المجتمع المدنی فی محاربة الفساد فی المجتمع المصری عن طریق دراسات،وبحوث تطبیقة یتم تطبیقها علی عینة من القیادات والعاملین فى تلک المنظمات([58]). جاء بعد ذلک العاملون فی المؤسسات الحکومیة  والإعلامیون بنسب 8%، و6% علی التوالی. ویعد الاهتمام باختیار مبحوثین لجهات مختلفة؛ کالعاملین بالمؤسسات الحکومیة وغیر الحکومیة، والإعلامیون ، أمر جید من الناحیة العلمیة؛ إذ یفید فی التوصل لنتائج ممثلة لشرائح مختلفة من المجتمع المصری.

إلا أنه کان من الملاحظ تراجع اهتمام الباحثین بالتطبیق علی بعض الفئات من مثل : شباب الجامعات وقادة الرأی العام من الأحزاب والقوى السیاسیة، و رجال الدین، والأکادیمین، الذین لم تتعد نسبة اختیارهم کعینة للدراسة 2% (من إجمالی الأدبیات التی تم مراجعتها).

وکان من اللافت للنظر أیضًا عدم انجذاب الباحثین نحو (مرتکبی جرائم الفساد) بوصفهم فئة للدراسة والبحث؛ إذ لم تهتم سوی دراسة واحدة([59]) ( بنسبة 2% فقط ) بالتطبیق علی مرتکبی جرائم الفساد الذین صدرت أحکام قضائیة بشأنهم؛ الأمر الذی یحتاج إلی مزید من الاهتمام البحثی بتلک الفئة، للتعرف علی المتغیرات الوسیطة المسببة للفساد.

 

  إن مراجعة المناهج والأدوات البحثیة المستخدمة فی الأدبیات التی تناولت قضایا الفساد یوضح ما یأتی:

-        سیطرة الدراسات الوصفیة سیطرة شبه کاملة علی مجال البحث فی قضایا الشفافیة والفساد، واتجاه غالبیة الدراسات الوصفیة إلی تناول العلاقة بین الفساد وغیره من المتغیرات تناولاً نظریًا خالیًا من استخدام أیة أسالیب إحصائیة تحدد طبیعة العلاقة تحدیدًا کمیًا.

-        غیاب الدراسات التتبعیة، التی یمکن أن تؤدی دورًامهمًّا فی معرفة مدی نجاح برامج وسیاسات مکافحة الفساد من عدمه؛ فمثًلا لم تقم أیة دراسه بتصمیم أو تطبیق مقیاس قبلی- بعدی، لاستطلاع آراء فئة من المترددین علی إحدی القطاعات الحکومیة، فی فترات مختلفة، لتقدیر عائد البرامج التی تتبناها الحکومة فی خفض معدلات الفساد فی هذا القطاع خلال فترة زمنیة محددة؛ مما یساعد فی تطویر تلک البرامج أو استبعادها.

-        بخصوص الدراسات الکیفیة، تشیر مراجعة الأدبیات إلی  الحاجة إلی استخدام مناهج أکثر تنوعًا، وعدم الاقتصار علی استخدام المنهج المقارن والقانونی، والوصفی التحلیلی بوصفها مناهج وحیدة فی تحلیل الظاهرة تحلیلاً کیفیًا، ویقترح فی هذا السیاق استخدام منهج الطبقة، الذی لم یحظ بالاستخدام الکافی فی بحوث الفساد وأدبیاته ، وذلک على الرغم من أن الفساد لا یمکن أن یفهم - مثله مثل غیره من الظواهر السیاسیة -  إلا فی ضوء الخریطة الطبقیة([60]).

-        أما البحوث المیدانیة فتحتاج إلی التوسع فی دراسة عینات من فئتی "متلقی الخدمات الحکومیة"، و"مرتکبی جرائم الفساد"، باعتبارهما الطرفان الأساسیان فی معادلة الفساد. 

-        کشفت الدراسة عن الحاجة إلی بناء مقاییس وطنیة لقیاس الظاهرة قیاسًا موضوعیًا یکشف عن مدی نجاح الحکومة والتزامها بتعزیز الشفافیة ومکافحة الفساد. ویقصد بالمقاییس الموضوعیة تلک النوعیة من المؤشرات التی تعتمد علی حقائق وبیانات من مثل: حجم القضایا المحولة إلی القضاء والمتعلقة بالفساد، إنفاذ قوانین مکافحة الفساد، وجود قوانین تلزم الدولة بالافصاح عن المعلومات، وغیرها من المؤشرات التی تبین مدی إلتزام الدولة ومضیها فی تعزیز الشفافیة ومکافحة الفساد بناءً علی مؤشرات موضوعیة، بعیدة عن التحیز القیمی.

ثالثًا: دور الأدبیات فی مکافحة الفساد: بین الواقع والمأمول

عادة لا یکون البحث العلمی بغرض البحث، یستوی فی ذلک علم السیاسیة وغیره من میادین العلم الاجتماعی. فمن قبیل السفه أن ینفق الباحثون السیاسیون المال والوقت والجهد بلا هدف یتطلعون إلی بلوغه. ومن مهمات أو أغراض البحث العلمی فی میدان السیاسیة المساهمة فی تطویر المجتمع من منطلق مبدأ: العلم فی خدمة المجتمع،  فعلماء السیاسة مدعوون - کغیرهم من العلماء الاجتماعیین – إلی الاهتمام فی بحثهم بمشکلات المجتمع  تشخیصًا وعلاجًا .([61])

ولا یوجد خلاف علی أن ظاهرة الفساد واحدة من أهم المشکلات، التی یتعین علی الباحثین دراستها والاهتمام بتشخیصها والبحث فی سبل علاجها، لتلافی آثارها الاقتصادیة والاجتماعیة والسیاسیة الضارة بالدولة والمجتمع. وانطلاقًا من ذلک، یرکز المحور الحالی من الدراسة علی أهمیة البحث العلمی، ودوره فی مکافحة الفساد، وکیف یمکن تفعیل الجهود البحثیة المبذولة فى هذا مجال لمکافحة الظاهرة عملیًا لا نظریًا .

1-  أهمیة البحث العلمی ودوره فی تعزیز الشفافیة ومکافحة ظاهرة الفساد :

یعد الفساد ظاهرة متشعبة تتقاطع سیاسات مواجهته مع مؤسسات عدیدة حکومیة وغیر حکومیة، فالبرلمان یمکن أن یسهم عن طریق ممارسة دور الرقابی ، وأیضًا التشریعی المرتبط بسن القوانین اللازمة لمکافحة الفساد، ومؤسسات المجتمع المدنی یمکن أن تواجه الظاهرة عن طریق خلق ثقافة مجتمعیة تنبذ الفساد، والإعلام یمکن أن یؤدی دورًا عن طریق تنویر المواطنین وتوعیتهم بالآثار السلبیة المترتبة علی الفساد، کذلک البحث العلمی یمکن أن یسهم مساهمة لا تقل فی أهمیتها عما تسهم به تلک المؤسسات وغیرها من المؤسسات المعنیة بمواجهة الظاهرة.

وتنبع أهمیة البحث العلمی فی هذا المجال من أهمیة الأدوار التی یمکن أن یسهم عن طریقها فی تحقیق الشفافیة وتحجیم ظاهرة الفساد، وتبلور الدراسة تلک الأدوار فیما یأتی:

  • §             تشخیص ظاهرة الفساد، تؤدی البحوث العلمیة دورًا أساسیًا فی تشخیص ظاهرة الفساد ووصفها وصفًا دقیقیًا، یسهم فی التعرف علی أسبابها وتجلیاتها، وتکلفتها وآثارها الاقتصادیة والاجتماعیة والسیاسیة.
  • §             تقدیم الحلول لعلاج ظاهرة الفساد: یتمثل الهدف الرئیسی من البحث العلمیّ فی تقدیم وتطویر الحلول العلمیة والعملیة للمشکلات والظوهر التی تواجه المجتمع، وفی مقدمتها ظاهرة الفساد.
  • §             تقویم السیاسات التی تتبعها الدولة لمواجهة ظاهرة الفساد؛ یمکن أن یتم ذلک عن طریق إجراء بحوث تقویمیة دوریة، لتقییم مدی فعالیة السیاسات الحکومیة فی تقلیل معدلات الفساد، ومدى التقدم فی تنفیذ الاستراتیجیة الوطنیة لمکافحة الفساد، بل وإجراء دراسات أخری علی الأجهزة الرقابیة، لقیاس مدی کفاءتها فی تحقیق أهدافها، وحاجتها للتطویر.
  • §             تعزیز دور الأجهزة الرقابیة المعنیة بمکافحة الفساد؛ إذ یمکن للبحوث العلمیة أن تقوم بدور رقابی مکمل لدور تلک الأجهزة، فإذا کانت الأولی تضع یدها علی بؤر الفساد فی مؤسسات الدولة المختلفة، فإن البحوث العلمیة یمکن أن تقوم أیضًا بإلقاء الضوء علی بعض الممارسات الفاسدة التی تتم داخل تلک المؤسسات، والکشف عنها للرأی العام.
  • §             دعم متخذی القرار بالمعرفة والبیانات اللازمة لمکافحة الفساد، وتزویدهم بالآلیات والأسالیب الحدیثة المتبعة لمواجهة الظاهرة فی دول العالم، وإجراء بحوث استطلاعیة علی عینة من العاملین بأجهزة الدولة لمعرفة مدی إمکانیة تطبیق تلک الآلیات فى الحالة المصریة.
  • §             دعم الدور الرقابی لأعضاء السلطة التشریعیة، ویتحقق ذلک عن طریق تزوید أعضاء مجلس النواب بنتائج الدراسات التقویمیة التی توضح مدی قیام مؤسسات الدولة وأجهزتها التنفیذیة والرقابیة بالدور المنوط بها فی مکافحة الفساد؛ مما یساعد أعضاء السلطة التشریعیة فی أدائهم لدورهم الرقابی ویمکنهم من مساءلة أعضاء السلطة التنفیذیة، بناءً علی مؤشرات موضوعیة و حقائق علمیة. 
  • §              دعم دور الهیئة التشریعیة المتعلق بسن القوانین اللازمة لتعزیز الشفافیة، ومواجهة الفساد، عن طریق تزوید أعضاء السلطة التشریعیة بمقترحات لقوانین وتشریعات لازمة لمکافحة الفساد، بالاضافة إلی توجیه نظرهم إلی بعض القوانین التی تحتاج إلی مراجعة وتنقیة من المعوقات کافة التى تحول دون تحقیق الشفافیة.
  • §             تشجیع الاصلاحات المؤسسیة؛ إذ إن قیاس تکالیف الفساد فی مؤسسات الدولة، یمکن أن یساعد علی تحدید القطاعات التی یجب أن یشملها الإصلاح أولاً، وعلی إیجاد معاییر کمیة تساعد بدورها علی قیاس مدی نجاح الاصلاحات المؤسسیة([62]).
  • §             زیادة المعرفة بممارسات الفساد ومخاطرها، وتکلفتها وآثارها السلبیة، وممارسات الشفافیة وآثارها الایجابیة، فضلا عن توعیة المواطنین والعاملین بالقطاع الحکومى بشأن ما یحدث على صعید الإدارة الحکومیة، وتعریفهم بدورهم فی مواجهة الفساد، وذلک عن طریق إعداد البحوث المتخصصة فی هذة الموضوعات ونشرها بطرائق سهلة فی وسائل الإعلام المقروءة والمرئیة لتستفید منها شرائح المجتمع کافة .
  • §                    المساهمة فی تحفیز المشارکة المجتمعیة اللازمة لمکافحة الفساد: إن الحث علی مناقشة نتائج البحوث على نحو علنی، یمکن أن یسهم فی تحفیز المواطنین علی المشارکة فی مواجهة الظاهرة.
  • §             المساهمة فی خلق ثقافة مجتمعیة مناهضة للفساد: إن نشر البحوث العلمیة یمکن أن یسهم فی تنشیط الرأی العام الرافض للممارسات الفاسدة، ویوفر الدفع المطلوب لخلق ثقافة جدیدة مناهضة للفساد فی المجتمع المصری.

ومما سبق یتبین أهمیة البحث العلمی فی مجال الشفافیة والفساد، والدور، أو التأثیر المأمول الذی یمکن أن تؤدیه البحوث العلمیة فی مکافحة ظاهرة الفساد.

 وإذا کان هذا هو المأمول، فما واقع مساهمة الجهود البحثیة المبذولة فی مجال الشفافیة والفساد، وهل تقوم الأدبیات بکل تلک الأدوار؟ وهل تسهم فعلیًا فی الحد من تفشی الظاهرة وانتشارها فی المجتمع؟

2- واقع مساهمة الأدبیات فی تعزیز الشفافیة ومکافحة الفساد

     تؤدی الأدبیات والبحوث العلمیة دورًا أساسیًا فی تشخیص ظاهرة الفساد تشخیصًا دقیقًا وقراءتها قراءة واعیة، مع تحدید المؤثرات وتقویم الإنجازات، فضلاً عن الوقوف علی مواطن القصور فی السیاسات والمؤسسات المعنیة بمکافحة الظاهرة، وانتهاءً بطرح البدائل والتوصیات اللازمة لتعزیز الشفافیة ومکافحة الفساد فى المجتمع المصری، وبصفة عامة تسهم أدبیات الشفافیة والفساد فیما یأتی:

  • §         تشخیص ظاهرة الفساد فی مصر من جوانبها کافة.
  • §         التعرف علی موقع مصر علی خریطة مؤشرات الفساد المحلیة والعالمیة.
  • §         تحدید إدراک المواطن لظاهرة الفساد، والتعرف علی مدی انتشار الظاهرة.
  • §         تقویم الإنجازات الحکومیة فى مجال الشفافیة ومکافحة الفساد، وأیضًا رصد أهم الإشکالیات التى تواجه الدولة فی هذا المجال.
  • §         تحدید دور الجهات المختلفة التی تساهم فی مواجهة الظاهرة، وتحدید المجالات التی ینبغی العمل فیها.
  • §         تقدیم التوصیات التی تتضمن الکثیر من الحلول والمقترحات الضروریة لتعزیز الشفافیة، ومواجهة الفساد فی الحالة المصریة.

  وعلى الرغم من وجود جهد بحثی شبه متکامل لدراسة قضایا الشفافیة والفساد فی مصر، یتمثل فی تناول الظاهرة من جوانبها کافة ، وبأکثر من منهج وأداة بحثیة، فإن هذا الجهد یقتصر إسهامه فی معظم الأحیان علی تشخیص ظاهرة الفساد وتحلیلها ، ومع الإقرار بأهمیة ذلک الدور فإنه فی ظل دولة تحارب الفساد بکل مؤسساتها وأجهزتها الرقابیة، یفترض أن یتسع دور البحوث العلمیة من التشخیص إلی التنویر؛ ونقصد بذلک الاستفادة من البحوث فی تنویر المواطنین وتوعیتهم بدورهم فی تحقیق الشفافیة ومواجهة الفساد، کذلک یجب أن یتسع لینتقل من التحلیل إلی التفعیل، ونقصد بذلک تفعیل ما توصلت إلیه الأدبیات من نتائج وتوصیات، والأخذ به من قبل الجهات المعنیة، فمراجعة الأدبیات یشیر إلی إن السواد الأعظم من التوصیات المطروحه بها لم یتم تفعیله أو الأخذ به، نذکر علی سبیل المثال، التوصیة المتکرره من قبل الباحثین علی مدار العشر سنوات الماضیة بـ : إنشاء جهاز جدید لمکافحة الفساد یتمتع بالاستقلالیة عن السلطة التنفیذیة، إنشاء محاکم متخصصة فی قضایا الفساد، إصدار حزمة من القوانین أهمها قانون الوصول إلی المعلومات.....، الأمر الذی لم یتحقق حتی الآن.

إن واقع أدبیات الشفافیة والفساد یؤکد الحاجة إلى التحول بالجهود البحثیة المبذولة فی هذا المجال إلى مرحلة التطبیقات العملیة والانتقال بها من رفوف المکتبات إلی صانعى السیاسات، حتی یتسع دورها من مواجهة الظاهرة نظریًّا علی مستوی المجتمع البحثی، إلی مواجهتها عملیًّا علی مستوى المجتمع المصری.

3- آلیات مقترحة لتعظیم الاستفادة من أدبیات الشفافیة والفساد فی مصر

 إن تفعیل دور البحث العلمی وإثرائه فی مجال الشفافیة والفساد، والتحول بالجهود البحثیة المبذولة فی هذا المجال إلى مرحلة الممارسات العملیة، یتطلب أمور عدة، فی مقدمتها توافر إرادة سیاسیة للاستفادة من مخرجات البحوث العلمیة، فالاستفادة من البحوث العلمیة فی حل قضایا المجتمع، وعلی رأسها قضیة الفساد، أمر مرهون بتوافر إرادة سیاسیة للتغییر تتمثل فى دعم اتخاذ قرارات من شأنها إحداث ثورة علمیة وبحثیة حقیقیة، وتفعیل دور البحث العلمى لمعرفة المشکلات التى تواجها الدولة([63])، والإسهام فی حلها. وهو ما یتوافر فی الحالة المصریة، فلقد أکدت القیادة السیاسیة، على نحو متکرر، علی محوریة دور العلم، وضرورة الاهتمام به لیسهم فى تحسین مستوى المعیشة، کما أکدت علی ضرورة الاهتمام بالبحث العلمی بوصفه المدخل لتحقیق التنمیة. إلا إن توافر إرادة سیاسیة، داعمه لدور البحث العلمی فی حل مشکلات المجتمع، لابد وأن تقترن بفتح قنوات للاتصال بین الجهات البحثیة، والجهات الأخری الرسمیة وغیر الرسمیة المعنیة بمکافحة الظاهرة. فى هذا الإطار تقدم الدراسة مجموعة من الآلیات المقترحة التی یمکن أن تسهم فی تعظیم الاستفادة من الجهود البحثیة المبذولة فی مجال تعزیز الشفافیة ومواجهة الفساد کما یأتی:

  • §          إیجاد حلقة وصل بین الباحثین وصانعی القرار، یتمکن الباحثون عن طریقها إیصال نتائج وتوصیات دراساتهم إلی الجهات المسؤولة عن تحقیق الشفافیة ومحاربة الفساد.

یمکن أن یتم ذلک عن طریق إنشاء لجنة، أو تخصیص فرد داخل لجنة الشفافیة والنزاهة، یتولی مسؤولیة استلام الدراسات وإیصالها إلی أعضاء السلطة التنفیذیة والأجهزة الرقابیة المعنیة بمکافحة الفساد فی مصر. ویقترح فی هذا السیاق إعداد استمارة یحدد فیها الباحث الجهات الأکثر استفادة بدراسته، والإجراءات أو الخطوات المتوقع أن تتخذها تلک الجهات لتفعیل التوصیات الصادرة عن دراسته.

  • §         إیجاد حلقة وصل بین الباحثین وأعضاء السلطة التشریعیة التی  تؤدی دورًا کبیرًا فی إصدار وتنقیح التشریعات الداعمة للشفافیة ومحاربة الفساد، فعلى الرغم من توصیة العدید من الدراسات بسن بعض القوانین, مثل قانون الإفصاح وتداول المعلومات، و قانون حمایة المبلغین والشهود، فإن مثل هذة التوصیات لم تر النور بعد.

  و یقترح فی هذا الإطار تحدید مسؤول إداری داخل البرلمان، یتولی الجوانب المتعلقة باستلام الدراسات من الباحثین ومراجعتها وتوزیع ملخصاتها علی أعضاء اللجنة التشریعة والدستوریة، کما یقترح تحدید مسؤول فنی، یتولی إعداد التقاریر بشأن محتوی الدراسات ، وما یمکن تفعیله من توصیاتها.

  • §          وضع آلیة تمکن الباحثین من مراجعة السلطة التشریعیة والتنفیذیة، ومتابعتهما فی تحقیق التوصیات الصادرة عن تلک الدراسات . کأن یکون من حق الباحث، بعد مرور سنة، مراجعة اللجنة فیما تم إنجازه لتنفیذ التوصیات الصادرة عن دراسته، أو إلزام اللجنة التی تسلمت البحوث بإصدار تقریر دوری یوضح ما تم إنجازه فی هذا الصدد، وإرساله إلی الجهات البحثیة التی تقدمت إلیها بدراستها.
  • §         العمل علی نشر الدراسات المتعلقة بقضایا الفساد فی وسائل الإعلام التقلیدیة والحدیثة، وإیصال نتائجها لأکبر عدد ممکن من المواطنین، ویقترح فی هذا السیاق إلزام الباحثین بتقدیم عرض میسر وجذاب للبحث، یتم نشره إلکترونیًا علی شبکات التواصل الاجتماعی ومواقع الجامعات، أو المراکز البحثیة التی تصدر عنها الدراسة.
  • §         التنسیق بین مسؤولی العلاقات العامة فی الجامعات والمؤسسات البحثیة من جهة والمؤسسات الإعلامیة من جهة أخری، و العمل على عرض الدراسات فی وسائل الإعلام المقروءة والمرئیة بأسلوب میسر یفید المواطنین ویعمل علی توعیتهم بدورهم فی مواجهة الفساد، و یسهم فی خلق ثقافة مناهضة للفساد.

 

 

 

 

 

جدول (3):الآلیات المقترحة لتعظیم الاستفادة من مخرجات أدبیات الشفافیة والفساد

م

الدور المأمول

الآلیة المقترحة

مسؤولیة التنفیذ

1

دعم متخذی القرار بالمعرفة والبیانات اللازمة لمکافحة الفساد

إیجاد حلقة وصل بین الباحثین وصانعی القرار

لجنة الشفافیة والنزاهة،

المجلس التخصصی للتعلیم والبحث العلمی

2

تعزیز دور الأجهزة الرقابیــــة

تزویدهم بالبیانات المتعلقة بالممارسات الفاسدة فی قطاعات مختلفة

الجهات البحثیة بالتعاون مع

لجنة الشفافیة والنزاهة

3

دعم الدور الرقابی للسلطة التشریعیة

تزوید أعضاء مجلس النواب بنتائج الدراسات التقویمیة

الجهات البحثیة مع

مسؤول بالبرلمان

4

دعم الدور التشریعی للبرلمان

تزوید أعضاء البرلمان بمقترحات قوانین تعزز الشفافیة وتحارب الفساد

الجهات البحثیة مع

مسؤول بالبرلمان

5

تقویم سیاسات مکافحة الفساد

بناء مؤشرات وطنیة موضوعیة وذاتیة

الأکادیمین والسیاسیین والموظفیین والمجتمع المدنی

6

تشجیع الإصلاحات المؤسسیة

تطبیق مقاییس دوریة,ومناقشة نتائجها مع العاملین بالمؤسسات

الباحثین بالتعاون مع القیادات التنفیذیة بمؤسسات الدولة

7

تحفیز المشارکة المجتمعیة اللازمة لمکافحة الفساد

مناقشة نتائج الدراسات فی لقاءات جماهیریة

الباحثون ومنظمات المجتمع المدنی والاحزاب السیاسیة

8

زیادة الوعی بممارسات الفساد ومخاطرها

-نشر نتائج الدراسات فی وسائل الإعلام

- لقاءات بأعضاء الجهاز الاداری

الباحثین و المؤسسات الإعلامیة والقیادات التنفیذیة بالوزارات

9

خلق ثقافة مجتمعیة مناهضة للفساد

-نشر الدراسات إعلامیًا

- مناقشة نتائجها

تنسیق مسؤولی العلاقات العامة فی الجامعات مع المؤسسات الإعلامیة والباحثین

10

المشارکة فی رسم سیاسات تعزیز الشفافیة ومکافحة الفساد

-         وضع خطة قومیة لبحوث الفساد

-         إقامة شبکة وطنیة لبحوث الفساد

لجنة الشفافیة والنزاهة،الجهات البحثیة، المجلس التخصصی للتعلیم والبحث العلمی

المصدر: إعداد الباحثة

  • §         التنسیق مع منظمات المجتمع المدنی العاملة فى مجال مکافحة الفساد، وتزویدهم بملخلصات میسرة للدراسات العلمیة الصادرة فی هذا المجال، بهدف دعمهم فی الدور الحیوی الذی یقومون به والمتعلق بتوعیة المواطنین بمخاطر الظاهرة، فضًلا عن الدور المتعلق بحشد الجماهیر لمواجهة ظاهرة الفساد.
  • §         بناء مقیاس وطنی لمکافحة الفساد والشفافیة، ویقترح فی هذا السیاق بناء مقیاس موضوعی لقیاس مدی تقدم الدولة فی تعزیز الشفافیة ومکافحة الفساد، یطبق على نحو دوری، بمشارکة المتخصصین من الأکادیمین والسیاسیین والموظفیین وأعضاء المجتمع المدنی.کما یقترح بناء مقیاس ذاتی، لقیاس تصورات المواطنین وخبراتهم بشأن الفساد، علی أن یتکون کل مقیاس من محاور فرعیة تقیس فی مجملها درجة انتشار الفساد وأشکاله واتجاهات المواطنین نحو سیاسات الشفافیة والإجراءات المتخذة للحد من الفساد.
  • §         تعمیق التعاون بین المؤسسات البحثیة والقطاع الخاص الذى یعول علیه على نحو کبیرفى تمویل البحوث العلمیة، وبخاصة بحوث الفساد المیدانیة التی تحتاج إلی تکلفة مادیة کبیرة، لجمع البیانات وتفریغها وتحلیلها، عن طریق فرق بحثیة کبیرة مدربة علی رصد آراء المواطنین علی مستوى جمیع محافظات الجمهوریة.
  • §         وضع خطة بحثیة قومیة تکون مثل وصلة توجه باحثی العلوم السیاسیة والاجتماعیة نحو النقاط البحثیة الأحق بالدراسة فی موضوعات الشفافیة والفساد، فی الخمس سنوات القادمة، یشترک فی وضعها لجنة الشفافیة والنزاهة مع ممثلین عن الجهات البحثیة المهتمة بدراسة الظاهرة.
  • §         إقامة شبکة وطنیة إلکترونیة لبحوث الفساد، تربط بین الجامعات والمؤسسات البحثیة من ناحیة، والمؤسسات التنفیذیة والتشریعیة من ناحیة أخری، تعلن علیها الخطة البحثیة الموحدة لقضایا الشفافیة والفساد، کما یلزم الباحثین بوضع بیاناتهم ، ودراساتهم علیها، حتی یتسنی الاستفادة من الجهود البحثیة المبذولة، من قبل العاملین فی مؤسسات مکافحة الفساد، أو من قبل غیرهم من الباحثین علی حد سواء.

ملاحظات ختامیة:

  • §         کشفت الدراسة عن وجود اهتمام بحثی بقضایا الشفافیة والفساد، من قبل تخصصات مختلفة، وأیضًا من قبل جهات مختلفة، حکومیة وغیر حکومیة، ولقد أسهمت البحوث والدراسات التی أجریت علی مدار العشر السنوات الأخیرة، فی تشخیص ظاهرة الفساد وتحلیلها  فی مصر إلی حد کبیر، کما أسهمت فی رصد المعوقات، وتحدید المجالات التی ینبغی العمل فیها.
  • §         بصفة عامة یمکن القول بأن واقع أدبیات الشفافیة والفساد، ومدى الاستفادة منها، وتوظیفها فی مکافحة الظاهرة لیس بعیدًا عن واقع البحث الاجتماعی فی مصر، فلا یزال البحث الاجتماعی وتوظیف نتائجه دون المستوی المرغوب، ولا تزال الاستفادة من أدبیات الشفافیة والفساد فی مکافحة الظاهرة استفادة محدوة، لا ترقی "إلى المستوی المطلوب، فی دولة تحارب الفساد وتسعی لتحقیق التنمیة، فواقع أدبیات الشفافیة والفساد یؤکد الحاجة إلى التحول بالجهود البحثیة المبذولة فی هذا المجال إلى مرحلة الممارسات العملیة، التی تنقلها من رفوف المکتبات وتجعلها محل نظر صانعى السیاسات.
  • §          إن الاستفادة من أدبیات الشفافیة والفساد وتعظیم دورها فی مواجهة الفساد، یتطلب وجود علاقة تفاعلیة بین المؤسسات البحثیة وغیرها من المؤسسات المعنیة بمکافحة الظاهرة ، فمن الضروری فتح قنوات للتواصل بین الجهات البحثیة ومؤسسات الدولة الرسمیة وغیر الرسمیة؛ من مثل وسائل الإعلام ، ومنظمات المجتمع المدنی العاملة فى مجال مکافحة الفساد، بهدف دعمهم فی الدور الحیوی الذی یقومون به لمواجهة الظاهرة. وفی هذا الإطار تطرح الدراسة آلیات تمکن الباحثین من إیصال نتائج دراساتهم إلی الجهات المعنیة، کما تؤکد علی ضرورة تطبیق آلیات تمکنهم فی الوقت ذاته من مراجعة تلک الجهات، ومتابعتهما فی تنفیذ التوصیات الصادرة عنها.
  • §         إن التعویل علی أدبیات الشفافیة والفساد للقیام بدور مساند ومکمل للجهد الوطنی الذی تقوم به الدولة فی مکافحة الفساد, أمر یستلزم إحداث تطویر فی الموضوعات البحثیة  والأدوات المنهجیة المستخدمة فی هذا المجال البحثی، کما یستلزم دعم الباحثین المعنین بدراسة الظاهرة، وفی هذا الصدد تقترح الدراسة مجموعة من التوصیات التی من شأنها تطویر بحوث الشفافیة والفساد، وتعظیم دورها فی مکافحة الظاهرة:  

1-   مراجعة خریطة الاهتمامات البحثیة فی هذا المجال؛ وتبنی أجندة بحثیة موحدة بالأقسام العلمیة بالجامعات، یلتزم بها الباحثون لتجنب تکرار بعض الموضوعات، التی أشبعت بحثًا ودراسة، کالموضوعات المتعلقة بدور الاتفاقیات الدولیة فی مکافحة ظاهرة الفساد، ویقترح فی هذا السیاق استطلاع آراء عینة من المسؤولین والخبراء والاکادیمین، حول الموضوعات البحثیة الاولی بالدراسة فی الفترة القادمة.

2-   تطویر المنهجیة المستخدمة فی بحوث الفساد الکیفیة والکمیة، وتوصی الدراسة فی هذا السیاق، بعقد سمینارات علمیة، بمشارکة باحثین من العلوم السیاسیة والاجتماعیة وعلوم الریاضة والاحصاء.

 

3-   التوسع فی إجراء المزید من الدراسات التقویمیة، والتجریبیة للأهمیة العملیة المترتبة علیهما.

4-   العمل علی إعادة إصدار ونشر التقاریر الدوریة الصادرة عن مرکز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، ولجنة الشفافیة والنزاهة، لما کان لتلک التقاریر من دورکبیر فی دعم متخذی القرار لاتخاذ السیاسات اللازمة لمواجهة الظاهرة من جانب، ودعم الباحثین بمعلومات وإحصائیات تفیدهم فی دراسة الظاهرة من جانب آخر.

5-   تحفیز الباحثیین لإعداد البحوث التی تساهم فی تعزیز الشفافیة ومکافحة الفساد فی الواقع الفعلی، ویقترح فی هذا الصدد دعم المشروعات البحثیة الموجهة لهذا الغرض عن طریق قیام الجامعات بتمویل تلک الأبحاث، أو ترشیحها للحصول علی منح بحثیة من جهات أخری.

6-   تغییر ثقافة المجتمع البحثی التی تقصر مهمة البحث العلمی، فی کثر من الأحیان، علی الترقیة، أو الإجازة العلمیة، إذ یجب التأکید علی عدم التعارض بین أن یهدف البحث إلی المساهمة فی "حل مشاکل المجتمع"، والترقیة،  فی آناً واحد. ویمکن أن یتم فی هذا السیاق عقد عدة سمینارات علمیة عن دور البحث العلمی فی مکافحة ظاهرة الفساد، وإستطلاع آراء عینة من الباحثین السیاسیین حول أبرز الصعوبات التی تواجههم عند دراسة قضایا الفساد، والعمل علی مناقشتها وتذلیلها.

7-    إنشاء مرصد لقضایا الفساد، یوفر للباحثین قاعدة بیانات، تتضمن المعلومات والاحصاءات المتعلقة بالفساد، حتی یتسنی للباحثین دراسة الظاهرة على نحو دقیق.

8-   ولما کان البحث العلمی عملیة مستمرة تسعی إلی تقدیم معلومات جدیدة بشأن الظواهر السیاسیة والاجتماعیة، فإن الدراسة توصی بإستکمال البحث فی ظاهرة الفساد، فهذا المجال البحثی علی ما شهد من تطور، إلا انه لایزال بحاجة إلی مزید من البحوث، وتوصی الدراسة بالترکیز علی جانبین أحدهما: وقائی یتضمن الدراسات المتعلقة بالبحث فی العوامل التی تحد من تفشی ظاهرة الفساد فی مصر قبل وقوعها وانتشارها، والآخر : علاجی یرکز علی سبل مواجهة الظاهرة.

وفی هذا الصدد تقترح الدراسة مجموعة من النقاط البحثیة التی یمکن أن تسهم دراستها فی مواجهة ظاهرة الفساد فی مصر :

-            دور مؤسسات التنشئة السیاسیة ( کالأسرة، والمدرسة، والجامعة والمؤسسات الدینیة... ) ومدی فعالیتها فی الحد من تفشی ظاهرة الفساد فی مصـر.

-            دور الأحزاب السیاسیة فی مکافحة ظاهرة الفساد فی مصر.

-            دور المواطنین فی مواجهة ظاهرة الفساد فی مصر، إن مشارکة المواطنین أمر لا غنی عنه للتصدی لظاهرة الفساد، ولابد من إجراء دراسات حول کیفیة نشر ثقافة مناهضة للفساد مدخلًا لمکافحة الظاهرة. ویوصی فی هذا الاطار بإعداد دلیل للمواطن بعنـوان: "الشفافیة والنزاهة ومحاربة الفساد " لتوعیة وتحفیز المواطنین للمشارکة فی مواجهة الظاهرة.

-            البحث فی المتغیرات الوسیطة المسببة لتفشی ظاهرة الفساد؛ فقد توصلت کثیر من الدراسات إلی أن الفقر وضعف الأجور من الأسباب الأساسیة لانتشار الفساد فی مصر، ولکن هل کل الفقراء أو الموظفین من محدودی الدخل فاسدین ویلجأون للرشوة ؟! بالطبع لا، ومن ثم من الضرورى البحث فی المتغیرات الوسیطة التی تسبب ذلک، والتی تتعلق فی معظم الأحوال بمنظومة القیم السائدة لدی هؤلاء الأفراد.

-            إجراء المزید من الدراسات الاستطلاعیة، التی تکشف عن مدی استعداد المواطن المصری لمواجهة الفساد لا معایشته.

-            إجراء دراسات کمیة حول تکلفة الفساد الاجتماعیة والاقتصادیة والسیاسیة, کذلک إجراء دراسات حول الفساد فی قطاعات لم یتم الترکیز علی تناولها بحثیًا على نحو کاف، من مثل : قطاع البترول، والمالیة، والإسکان، والعدل.

-            الاستمرار فی إجراء الدراسات العلمیة للتعرف علی التشریعات، والوقوف علی الأسالیب الحدیثة التی تتبعها الدول الأخری فی محاربة الفساد.

-            إجراء بحوث تقویمیة دوریة، لتقییم مدی فعالیة السیاسات الحکومیة فی تقلیل معدلات الفساد، ومدى التزام الدولة بتنفیذ الاستراتیجیة الوطنیة لمکافحة الفساد.

-            إجراء بحوث تجریبیة لاختبار مدی ملائمة تطبیق بعض أسالیب مکافحة الفساد فی الحالة المصریة.

 

 

 

 

 

 

 

 

 تأتی هذه الدراسة بالتزامن مع اهتمام واضح من قبل الدولة بالتصدی لظاهرة الفساد ومحاربتها، واهتمامها أیضًا بالبحث العلمی، ودوره فی حل مشکلات المجتمع، ولا یوجد خلاف علی أنظاهرة الفساد واحدة من أهم مشکلات المجتمع المصری، التی یتعین علی الباحثین دراستها والاهتمام بتشخیصها والبحث فی سبل علاجها، وفی هذا الإطار تطرح الدراسة سؤالاً جوهریًّا: هل یمکن أن تصبح الجهود البحثیة المبذولة فی دراسة قضایا الشفافیة والفساد إحدی الطرائقالممکنة للتخفیف من حدة الظاهرة ومواجهتها؟وهل یمکن أن تؤدی الجهود البحثیة دورًا مساندًا ومکملاًللجهد الوطنی الذی تقوم به الدولة لمکافحة الفساد؟ الأمر الذی یتطلب مراجعة للأدبیات التی تناولت الظاهرة، وهو ما تسعی الدراسة الحالیة إلیه، حیث تهدف إلی مراجعة أدبیات "الشفافیة والفساد" من حیث موضوعاتها، وأهدافها، ومنهجیتها، وإسهاماتها، أملاً فی تطویرها، وتفعیل دورها فی تعزیز الشفافیة ومکافحة الفساد فی مصر.

 

 

 
هوامش الدراسة
*قامت الباحثة بتجمیعه من أعداد مختلفة من مؤشر مدرکات الفساد , المتاح علی رابط منظمة الشفافیة الدولیة. 
*انظر :ملحق الدراسة رقم(1).
 
1- لجنة الشفافیة والنزاهة، التقریر الثانی للجنة الشفافیة والنزاهة :أولویات العمل وآلیاته، تقریر سنوی ،القاهرة
وزارة الدولة للتنمیة الإداریة، لجنة الشفافیة والنزاهة، أغسطس 2008، ص5.
2- المرجع السابق، نفس الصفحة.
3- إکرام بدرالدین، الفسادوالتنمیة والشرعیة السیاسیة، جریدة الوفد، 16-یونیه-2015.
4- مرکز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، تجربة بناء مؤشر إدراک الفساد الإداری فی مصر ورقة منهجیة ،القاهرة، مجلس الوزراء مرکز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، أکتوبر 2010.
Corruption Perceptions Index 2014،https://www.transparency.org/cpi2014/results5-
 
6- https://www.transparency.org/news/feature/corruption_perceptions_index_2016  
 
7- بیان منظمة الشفافیة الدولیة بخصوص ترتیب مصر فی مؤشر مدرکات الفساد 2015، متاح علی موقع المنظمة علی الرابط التالی:
8 - جریدة الأهرام 29 دیسمبر2016، متاح علی الرابط التالی:
http://www.ahram.org.eg/NewsQ/570584.aspx
9 -جریدة الأهرام، 17فبرایر 2017متاح علی الرابط التالی: 
 http://www.ahram.org.eg/NewsQ/579413.aspx
10- جریدة الأهرام، قضایا وآراء، مکافحة الفساد مسئولیة الجمیع، ، 31 دیسمبر 2016متاح علی الرابط التالی:
http://www.ahram.org.eg/NewsQ/570991.aspx
11-المرجع السابق
12- انظر :تصریحات رئیس الجمهوریة بشأن محوریة دور العلم وأهمیته التطبیقیة: جریدة المصری الیوم، 13/12/2014 متاح علی الرابط التالی:
-       انظر أیضًا،تصریحات وزیر التعلیم العالی والبحث العلمی : جریدة الوطن، وزیر التعلیم العالی: البحث العلمی المدخل الحقیقی لتحقیق التنمیة الشاملة، بتاریخ 8-3-2017. متاح علی الرابط التالی:
http://www.almasryalyoum.com/news/details/1099657
13- موقع اتحاد مکتبات الجامعات المصریة:
14- ابن منظور، لسان العرب، تحقیق مجموعة من الأساتذة، دار صادر، بیروت، ط3 ، ج8 ، 1994م ، ص 103 (شفف)
15 Merriam Webster Dictionary، Transparent
      https://www.merriam-webster.com/dictionary/transparent
16- حسین رمزی کاظم، الشفافیة وحق المواطن فی المعرفة، جریدة الاهرام، السنة 130، العدد43590 ،11-ابریل-2006.
17- أحمد زاید وآخرون، لجنة الشفافیة والنزاهة، الأطر الثقافیة الحاکمة لسلوک المصریین واختیاراتهم  دراسة لقیم النزاهة والشفافیة والفساد،القاهرة،  وزارة الدولة للتنمیة الإداریة، أکتوبر 2009، ص36.
18- إبراهیم سیف منشاوى ، اتفاقیة الأمم المتحدة لمکافحة الفساد 2005 :دراسة الحالة المصریة بعد ثورة 25 ینایر 2011 ، رسالة ماجستیر،کلیة الاقتصاد والعلوم السیاسیة، جامعة القاهرة ،2013،ص1.
19 -www.nazaha.iq/search_web/others/4.pdf
20- أحمد زاید وآخرون، مرجع سابق، ص39.
21 - المرجع سابق، نفس الصفحة.
22- ابن منظور ، لسان العرب ، ج 11، مادة (فسد )
23  -Edgerdo Buscaglia، An analysis of the causes of corruption in the judiciary legal and judicial   reform branch- Washington DC ،The World Bank ،2000.
 نقلا عن: محمود عبدالعال مشعال، القیاس الکمی لخطر الفساد، جامعة المنصورة، المجلة المصریة للدراسات التجاریة،مج 34، عدد4، 2010.
24- المرجع السابق، ص 376.
[25]- Frunzik Voskanyan، A Study of The Effects of Corruption on Economic and Political Development of Armenia، Master Essay submitted to the Faculty of the graduate School of Political Science and International Affeairs، Yerevan، Armenia، November 2000
[26]-  Ibid، p13.
27- حسین محمود حسن، دراسة تحلیلیة لأسباب الفساد فى مصر قبل ثورة 25 ینایر نحو رؤیة مستقبلیة لمنع ومکافحة الظاهرة  ،القاهرة ،مجلس الوزراء ،مرکز العقد الاجتماعی ،2011،ص10.
28- المرجع السابق، ص10-11.
[29]- Ibid. p8.
[30]- Vito Tanzi، corruption around the world: Causes، Consequences، Scope، and Cures، IMF Working paper، International Monetary fund، May 1998.p8، 9.
31- محمود عبدالعال مشعال، مرجع سابق، ص379.
32- لجنة الشفافیة والنزاهة، التقریر الثالث للجنة الشفافیة والنزاهة: تعزیز جهود الشفافیة والنزاهة ، تقریر سنوی،القاهرة، وزارة الدولة للتنمیة الإداریة ،مارس 2010، ص34.
33- مثال علی ذلک انظر : دراسة: عبدالفتاح الجبالی، حریة المعلومات والشفافیة فی مصر، مرکز المشروعات الدولیة الخاصة، سلسلة أوراق سیاسات تعزیز الشفافیة و مکافحة الفساد، القاهرة، 2007.
34- انظر :دراسة: محمد علی حسن، الشفافیة وصنع القرار بالادارات التعلیمیة فی جمهوریة مصر العربیة،رسالة ماجستیر، کلیة التربیة، جامعة کفر الشیخ، 2016.
35- انظر :: حسین محمود حسن، مرجع سابق.
36- مثال لتلک الدراسات: عبد المجید محمود، المواجهة الجنائیة للفساد فی الاتفاقیات الدولیة والتشریع المصری، رسالة دکتوراه ، کلیة الحقوق،جامعة عین شمس، 2010.
37-مثال لتلک الدراسات انظر :نهی عبدالعزیز، الأبعاد الاجتماعیة والاقتصادیة للفساد المالی والاداری فی مصر، دراسة سیسیولوجیة، رسالة دکتوراه، کلیة الآداب، جامعة المنصورة، 2016.
38- نهى محمد الدسوقى، تأثیر الفساد السیاسى على استقرار النظام السیاسى المصرى 1990-2011، رسالة ماجستیر، کلیة الاقتصاد والعلوم السیاسیة، جامعة القاهرة، 2016.
39- انظر: خالد سری صیام، دور الهیئة العامة للرقابة المالیة فی تعزیز الشفافیة ومکافحة الفساد فی: عبدالفتاح الجبالی، هناء عبید (محررین)، دور الأجهزة الرقابیة فی مکافحة الفساد وتعزیز الشفافیة، القاهرة، مرکز الدراسات السیاسیة والاستراتیجیة،2010.
40- انظر : شدوى عصمت، دور المساءلة الاجتماعیة فی مکافحة الفساد الاداری: دراسة مقانة مع التطبیق علی الحالة المصریة، رسالة دکتوراه، کلیة الاقتصاد والعلوم السیاسیة،  جامعة القاهرة، 2015
41- انظر : یاسر إسماعیل حسن، دور الاتفاقیات الدولیة فی مکافحة الفساد دراسة سیاسیة لإتفاقیة الأمم المتحدة لمکافحة الفساد، رسالة دکتوراه، کلیة الاقتصاد والعلوم السیاسیة، جامعة القاهرة، 2013.
42- لمزید من التفاصیل انظر :مؤسسة عالم واحد للتنمیة، تقریر مؤشر مکافحة الفساد بمصر، القاهرة، مؤسسة عالم واحد للتنمیة، ینایر2016 .
43- مثال لتلک النوعیة من الدراسات ، انظر :یاسمین خضرى ، الموقع الحالی لمصر علی خریطة المؤشرات الدولیة والمحلیة للحوکمة الرشیدة ومکافحة الفساد، القاهرة ،مجلس الوزراء ،مرکز العقد الاجتماعی ،2014.
44- لمزید من التفصیل، انظر :مرکز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، منهجیة مؤشر قیاس الفساد الاداری فی مصر ،القاهرة ،مجلس الوزراء مرکز المعلومات ودعم اتخاذ القرار،سبتمبر 2006.
45- لمزید من التفصیل، راجع: أحمد زاید وآخرون، الأطر الثقافیة الحاکمة لسلوک المصریین واختیاراتهم  دراسة لقیم النزاهة والشفافیة والفساد، مرجع سابق.
46- مثال للدراسات التی استخدمت المنهج التجریبی فی دراسة الفساد: انظر :طارق حمدى محمود، استکشاف دور السمات النفسیة للموظف العام فى نزعته للفساد، جامعة الاسکندریة، کلیة التجارة ،2014.فقد سعت الدراسة إلی استکشاف دور السمات النفسیة للموظف العام فی نزعته لارتکاب ممارسات فاسدة، بالتطبیق علی مجموعتین، لمرتکبی جرائم الفساد، لاختبار الفارق فی نزعتهم للفساد .
47- تعتمد بعض التقاریر الصادرة عن منظمات المجتمع المدنی، علی الصحف کمصدر أساسی لرصد قضایا الفساد فی مصر، انظرعلی سبیل المثال : مؤسسة ملتقی الحوار للتنمیة وحقوق الانسان، تقریر " الفساد فی المحلیات ..غیاب الضمیر وانعدام الرقابة"، القاهرة، مؤسسة ملتقی الحوار للتنمیة وحقوق الانسان، 2008.
48- انظر :دراسة شدوى عصمت، دور المساءلة الاجتماعیة فی مکافحة الفساد الاداری: دراسة مقانة مع التطبیق علی الحالة المصریة، مرجع سابق.
49- مثال علی ذلک انظر : دراسة: حسین محمود ، مرجع سابق، حیث اعتمدت علی المنهج الوصفی التحلیلی؛ لتحلیل أسباب الظاهرة وتحلیل المؤسسات المعنیة بمکافحة الفساد وکذلک تحلیل الأنماط الثقافیة السائدة فی المجتمع وعلاقتها بالفساد، و اعتمد الباحث علی دراسات ومسوح سابقة قامت بها الجهات المعنیة بالظاهرة.
50- انظر: علی سبیل المثال: دعاء لطیف ابراهیم، تصور مقترح لإصلاح بعض صور الفساد فى التعلیم الابتدائی بمصر فی ضوء أهداف وخبرات بعض الدول الأجنبیة، رسالة دکتوراه، کلیة التربیة،جامعة المنیا، 2016.
51- مثال للدراسات التی اتبعت المنهج القانونی انظر: یاسر إسماعیل حسن، دور الاتفاقیات الدولیة فی مکافحة الفساد دراسة سیاسیة لإتفاقیة الأمم المتحدة لمکافحة الفساد، رسالة دکتوراه، کلیة الاقتصاد والعلوم السیاسیة، جامعة القاهرة، 2013.
52- مثال لتلک الدراسات، انظر: محمد فوزى حامد، الآثار الاقتصادیة والاجتماعیة للفساد الاداری فی القطاع الصحی فی مصر،رسالة دکتوراه، جامعة المنصورة، کلیة الحقوق، 2013.
53- انظر علی سبیل المثال: التقریر الصادر عن مؤسسة عالم واحد للتنمیة بعنوان: تقریر مؤشر مکافحة الفساد بمصر، حیث یهدف التقریر إلی قیاس التقدم المحرز فی مکافحة الفساد فی مصر، أحتوى التقریر علی سرد لبعض المعلومات حول القوانین وعمل الاجهزة الرقابیة فی الفترة محل الرصد، دون تحدید للمنهجیة المتبعة فی ذلک، ودون عرض واضح للمؤشرات المتبناه لقیاس مدی التزام الدولة بمکافحة الفساد.
54- کسلسلة الاستبیانات الذی قام مرکز معلومات مجلس الوزراء بتصمیمها وتطبیقها، انظر علی سبیل المثال: مرکز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، استطلاع رأى المواطنین حول الفساد الإدارى ومدى انتشاره- المرحلة الأولى (المنوفیة- الفیوم-بورسعید- شمال سیناء)، القاهرة، مرکز المعلومات ودعم اتخاذ القرار،2009.
55- کمثال: عطا الله حسونه السید، الاثار الاجتماعیة والاقتصادیة للفساد الاداری فی المحلیات :دراسة میدانیة بمحافظة الدقهلیة، رسالة ماجستیر، کلیة الآداب، جامعة المنصورة، 2015.
56- انظر :هشام رشدی خیرالله، معالجة الصحافة الالکترونیة لقضایا الفساد فی المجتمع المصری وتأثیرها علی المشارکة السیاسیة للشباب الجامعی:دراسة تحلیلیة میدانیة، رسالة دکتوراه، کلیة التربیة النوعیة، جامعة المنصورة، 2013.
57- عادة ما کان یأتی الاهتمام بالتطبیق علی فئة المواطنون 18 فأکثر، من قبل الدراسات الصادرة عن مراکز بحثیة، أومنظمات المجتمع المدنی الدولیة، لقدرة تلک الجهات علی تحمل تکلفة وعبء جمع المادة من فئة واسعة ممثلة للمصریین بکل خصائصهم.
58- انظر کمثال: خالدة ممدوح سید، تنظیمات المجتمع المدنى ومظاهر الفساد: دراسة میدانیة بمحافظة بنی سویف، رسالة ماجستیر کلیة الآداب، جامعة بنی سویف، 2016.
59- طارق حمدى محمود، مرجع سابق.
60- کمال المنوفی، مقدمة فی مناهج وطرق البحث فی علم السیاسة، القاهرة، کلیة الاقتصاد والعلوم السیاسیة،2002،ص 74.
61- المرجع السابق، ص 22.
62- منظمة الشفافیة الدولیة، المنظمة العربیة للتنمیة الاداریة، نظام النزاهة العربی فی مواجهة الفساد: کتاب المرجعیة، 2009، ص270.
63- إسلام الغزولی ، قضایا قومیة ..البحث العلمی ومستقبل مصر الحدیثة، جریدة الوطن بتاریخ 8-11-2014 ، متاح على الرابط