حدود المنظور الواقعي کمدخل لتفسير الحروب الداخلية في دول الجنوب

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

کلية الاقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة ،مصر

المستخلص

تخلص الدراسة إلى محدودية قدرة النموذج الواقعي على تفسير الحروب الداخلية في دول الجنوب، الأمر الذي يستوجب الاستعانة بتفسيرات مکملة، خاصة تلک التي تطورت في إطار دول الجنوب وتعبر عن خصوصيته، والتي تعطى وزناً أکبر لدور المتغيرات الداخلية والأبعاد المعيارية بما يسمح بإمکانية التحليل على مستوى کل من الفرد والدولة والنظام الدولي.
 

نقاط رئيسية

تخلص الدراسة إلى محدودیة قدرة النموذج الواقعی على تفسیر الحروب الداخلیة فی دول الجنوب، الأمر الذی یستوجب الاستعانة بتفسیرات مکملة، خاصة تلک التی تطورت فی إطار دول الجنوب وتعبر عن خصوصیته، والتی تعطى وزناً أکبر لدور المتغیرات الداخلیة والأبعاد المعیاریة بما یسمح بإمکانیة التحلیل على مستوى کل من الفرد والدولة والنظام الدولی.

تفسیر الحروب - دول الجنوب -الحرب الباردة - العلاقات الدولیة

الكلمات الرئيسية


حدود المنظور الواقعی کمدخل لتفسیر الحروب الداخلیة فی دول الجنوب

 

 

مقدمة:

رکز الدارسون أثناء فترة الحرب الباردة على تحدیات المواجهة الأمریکیة السوفیتیة، ومن ثم أعطوا اهتماماً محدوداً بالصراعات الداخلیة فی دول ما أطلق علیه آنذاک "العالم الثالث"([1])، حتى هذا الاهتمام المحدود کان یتم فی إطار سیاق الصراع بین الشرق والغرب([2])، وبانتهاء الحرب الباردة وبالرغم من التغیرات الکبیرة على مسرح السیاسة الدولیة وداخل دول العالم نفسها خاصة دول الجنوب التی شهدت تزایداً فی معدل الحروب بداخلها، إلا إن ذلک لم یصاحبه تقدم على مستوى التنظیر یسمح بتقدیم إطار متکامل لتفسیر تلک الظاهرة أو وضع أسس لتسویتها وحلها، خاصة وإن الجدل قد ثار بالفعل بین المنظرین عقب انتهاء الحرب مباشرة حول مدى ملائمة المدارس التقلیدیة فی العلاقات الدولیة لدراسة القضایا الداخلیة والخارجیة المرتبطة بدول الجنوب.

          وفی هذا الإطار یقتصر هدف هذه الدراسة على السعی للوقوف على مدى ملائمة المنظور الواقعی-باعتباره التیار السائد فی تحلیل العلاقات الدولیة منذ الحرب العالمیة الثانیة- لتحلیل ظاهرة الحروب الداخلیة([3]) فی دول الجنوب، حیث ثار جدل بهذا الشأن بین فریقین من المنظرین، یرى أولهما أن المدرسة الواقعیة خاصة – تیار الواقعیة الهیکلیة – قادرة على تفسیر بعض أشکال الصراع الداخلی فی دول الجنوب، لما تتضمنه من مفاهیم رئیسیة مثل القوة والطبیعة الإنسانیة والفوضى والمعضلة الأمنیة التی یمکن اختبارها فی إطار الحروب الداخلیة کما هو الحال بالنسبة للحروب الدولیة، الأمر الذی یسمح بتقدیم تفسیر أوضح لطبیعة تلک الحروب فضلاً عن تسویتها، وفی هذا الصدد یجادل أنصار هذا الفریق أنه بالرغم من قوة فکرة تماثل الوحدات "Like Units" فی إطار  النظام الدولی، إلا أن الواقع العملی قد شهد أشکالاً مختلفة من الدول، ففی ظل الحرب الباردة کان هناک حدیث عن عالم أول وثان وثالث، وبنهایة الحرب الباردة واختفاء العالم الثانی أصبحت دول العالم الحدیث تنقسم إلى دول ما بعد الحداثة ودول حدیثة ودول ما قبل الحداثة([4])، وهذا الاختلاف بین الوحدات یقدم أساساً لفکرة وجود عالمین فی النظام الدولی الحدیث، العالم الأول یطلق علیه "منطقة السلام Zone of Peace" وهو یضم دول ما بعد الحداثة أی الدول الدیمقراطیة الصناعیة القویة، حیث العلاقات فیما بینها لم یعد یحکمها القواعد الواقعیة القدیمة، فالدول فی هذا العالم لا یتوقع استخدامها الحرب کوسیلة للتعامل فیما بینها، ونظراً لأن هذا العالم یضم القوى الکبرى فأنه أکثر أهمیة لتطور النظام الدولی ککل، أما العالم الآخر فیطلق علیه "منطقة الصراع Zone of Conflict"، وهو یضم مزیج من دول حدیثة ودول ما قبل الحداثة حیث داخل تلک الدول وفیما بینها مازالت قواعد الواقعیة التقلیدیة صالحة للتطبیق نظراً لاستمرار استخدام الحرب من جانب أعضائه کأداة لتحقیق الأهداف سواء داخل الدولة أو خارجها([5]).

          أما الفریق الثانی فقد حاول أن یضع القضیة فی إطار أرحب بربطها بمدى ملائمة نظریة العلاقات الدولیة بصفة عامة لتفسیر القضایا الداخلیة والخارجیة المرتبطة بدول الجنوب، وفی ذلک یرى أن معظم المنظورات فی العلاقات الدولیة وعلى رأسها المنظور الواقعی ولیدة السیاق الجغرافی والتاریخی الذی نشأت فیه، فضلاً عن إدراکات المنظرین وخبرتهم، وبالتالی من المنطقی عدم صلاحیتها للتطبیق بشکل کامل على مستوى العالم، أو بمعنى آخر عدم ملائمتها لتفسیر سلوک أغلبیة أعضاء النظام الدولی أی دول الجنوب، فی السیاق ذاته یعتقد أنصار هذا الفریق أن محاولات بعض تلک المنظورات لتطویر مقولاتها بعد انتهاء الحرب الباردة مازالت قاصرة عن دراسة دول الجنوب بشکل متکامل نظراً لاستمرار ترکیز اهتمامها على القوى الکبرى فی النظام الدولی والنظر إلى دول الجنوب على أنها مجرد Objects أو مقصد لسیاسات تلک القوى([6])، وفی ذلک یشیرون إلى التقارب بین الواقعیة الجدیدة Neorealism واللیبرالیة الجدیدة Neoliberalism والذی تولد عنه ما أطلق علیه Ole Waever "الترکیبة الجدیدة الجدیدة Neo- Neo Synthesis([7])، والتی تحاول تفسیر التعاون (أفکار کوهین) فی إطار النظام الدولی الفوضوی (أفکار والتز) بعد انتهاء الحرب الباردة([8])، حیث لم تعد القوى الکبرى منغمسة فی التوازن فی مواجهة بعضها البعض وإنما اتجهت لخلق تجمع من القوى یتولى المسئولیة الرئیسیة فی الحفاظ على النظام الدولی فی إطار مرحلة أطلق علیها بوزان Unipolarized Multi polarity.

          وارتباطاً بما سبق تسعى الدراسة للإجابة على التساؤل الآتی: هل یستطیع المنظور الواقعی تقدیم تفسیر یعتد به للحروب الداخلیة فی دول الجنوب؟ فإذا کانت الإجابة بالنفی فلماذا؟، وإذا کانت الإجابة بالإیجاب فما هی العوامل المفسرة لذلک؟ وهی فی ذلک تنطلق من افتراض قصور المنظور الواقعی عن تقدیم إطار متکامل لتفسیر تلک الحرب، الأمر الذی یستوجب الاستعانة بتفسیرات مکملة تعطی وزناً أکبر للمتغیرات الداخلیة فی تلک الدول، ولذلک تنقسم الدراسة إلى ثلاثة أجزاء یحلل الجزء الأول افتراضات المدرسة الواقعیة حول الحروب الداخلیة، ویدرس الثانی حدود صلاحیة المنظور الواقعی لدراسة تلک الحرب، فی حین یتناول الجزء الثالث کیفیة تفسیر الحروب الداخلیة من خلال رؤیة من دول الجنوب.

أولا: افتراضات المدرسة الواقعیة حول الحروب الداخلیة:

          لم تکن دول الجنوب موضع اهتمام المدرسة الواقعیة، حیث ارتکز تحلیلها بالأساس على القوى الکبرى داخل النظام الدولی وذلک بالرغم من فکرتها عن تماثل الوحدات Like Units فی إطاره، والتی یجب فهمها فی ضوء التماثل الوظیفی للدول أی بالرجوع إلى الوظائف التی تؤدیها کل دولة من أجل تشکیل نفسها کوحدة سیاسیة، وفی ذلک یجادل والتز بأنه لا یوجد اختلاف فی الوظائف التی تؤدیها الوحدات المختلفة فی العالم الفوضوی الذی یرتکز على حقیقة أن کل الوحدات (أو على الأقل الغالبیة العظمى منها وکل القوى الرئیسیة) تتمتع بالسیادة والتی تعنى أن لها الحق فی تأدیة کل وظائف الحکومة بغض النظر عن مستوى ذلک الأداء، أی عما إذا کان جیداً أم سیئاً([9])، فاختلاف الدول فی تأدیة المهام الحکومیة لیس مهماً طالما کانت الدول العظمى قادرة على فعل ذلک باعتبارها الفاعل الذی یشکل هیکل النظام الدولی، بمعنى آخر التماثل بین الوحدات لا یجب فهمه فی ضوء الأدوار المختلفة التی تلعبها الدول فی إطار النظام الدولی، حیث توجد قوى کبرى، ومتوسطة، وتابعة... ([10]). وهو ما یعنی بدایة استبعاد الکثیر من دول الجنوب من دائرة اهتمام المدرسة الواقعیة، ومن ثم عدم اتفاق منظریها حول أهمیة دورها فی النظام الدولی، وهو الجدل الذی اشتد بعد انتهاء الحرب الباردة خاصة فی الولایات المتحدة الأمریکیة فی إطار مراجعة الأهمیة الاستراتیجیة لبعض الأقالیم ومنها الجنوب، وارتباط ذلک بمصالح السیاسة الأمریکیة([11]).

          وفی هذا السیاق یمکن القول أنه بالرغم أن الواقعیة بتیاراتها المختلفة مرتبطة بتحلیل وتفسیر السلوک الخارجی للدول، إلا إن افتراضاتها من الممکن أن تساعد فی فهم الحروب الداخلیة، والتی یرى کثیر من المحللین أنها تحول السیاسة الداخلیة إلى فوضى کما هو الحال فی النظام الدولی، حیث یسعى الفاعلون فی ظل الفوضى إلى الاعتماد على الذات فی تحقیق الأمن باستخدام القوة([12])، الأمر الذی یجعل مفاهیم مثل الفوضى والمعضلة الأمنیة وتوازن القوى من الممکن اختبارها فی إطار الحرب الداخلیة کما هو الحال فی الحرب الدولیة.

          تفترض الواقعیة أن الدول هی الفاعل الرئیسی فی النظام الدولی، وإنها تسعى للاستزادة من قوتها للحفاظ على أمنها، وهی تتسم بالرشادة والعقلانیة ومن ثم تستند فی اتخاذ قراراتها على حسابات المکسب/الخسارة، رغم ذلک یختلف منظروها حول ما إذا کانت تسعى للتوازن فی مواجهة القوة أو التهدیدات([13])، کذلک لا یوجد اتفاق حول المحدد الرئیسی لهذا السلوک وعما إذا کان الطبیعة الإنسانیة أم عنصر الفوضى فی النظام الدولی.

          وفی هذا الإطار تبدأ الواقعیة الکلاسیکیة بنظرة متشائمة حول الطبیعة الإنسانیة تخلص من خلالها إلى افتراضات رئیسیة حول طبیعة الدول وسلوکها، فکما أن الإنسان أنانی یعیش فی إطار بیئة اجتماعیة تتسم بالصراع المستمر مع أقرانه للحفاظ على الذات، فإن الدولة لها نفس الاهتمام بالذات حیث تتحرک فی إطار نظام یتسم بالفوضى مما یجعلها فی صراع مستمر من أجل البقاء بالاستحواذ على أکبر قدر من القوة([14])، ونظراً لهذه الطبیعة الإنسانیة الأنانیة فإن الوظیفة الأساسیة للدولة هی تعدیل حسابات المکسب/الخسارة لمواطنیها بما یؤدی إلى خفض فرص لجوئهم إلى العنف إلى أدنى درجة ممکنة، حیث تقوم الدولة بدور الحکم أو الوسیط Arbiter لحل المصادمات التی قد تنشأ بین الأفراد نظراً لامتلاکها السلطة الشرعیة التی منحت لها عن طریق العقد الاجتماعی لفرض النظام Order فی المجتمع، حیث تفعل ذلک عن طریق نزع سلاح الأفراد والجماعات داخلها، فی نفس الوقت تشکل قوتها الذاتیة من الجیش والشرطة بما یمکنها من تحقیق النظام الداخلی والبعد عن الفوضى([15]).

          فی السیاق ذاته ترى أن الصراع من أجل الاستحواذ على القوة وتحقیق البقاء یتحقق داخل الدولة کما هو الحال بین الدول، وفی ذلک قال مورجانثو أن جوهر السیاسة الدولیة یتطابق مع مثیله الداخلی فکلاً منهما ما هو إلا صراع من أجل القوة، وإن کان یرتبط ذلک بالضرورة بالسیاق المختلف لمثل هذا الصراع فی کل من المجالین، بمعنى تمتع الدولة على المستوى الداخلی بوجود حکومة مرکزیة تحتکر امتلاک واستخدام القوة([16]).

          وارتباطاً بما سبق تعطى الواقعیة الکلاسیکیة اهتماماً کبیراً بتشکیل وتنظیم المجتمعات السیاسة ودینامیات التفاعل بین الأبنیة السیاسیة الداخلیة، فی حین یحتل النظام الدولی المرتبة الثانیة فی اهتمامها، الأمر الذی یجعلها أقرب إلى تفسیر المراحل الأولى لتشکیل الدول فی النظام الدولی مقارنة بالواقعیة الهیکلیة، حیث افترض کل من هوبز ومیکافیللی أن قضایا الحفاظ على النظام Order على المستوى الدولی لا یمکن تحلیلها بمعزل عن مشکلة النظام داخل الدولة Domestic Order ، باعتباره المکون الرئیسی الذی على أساسه یرتکز النظام على المستوى الدولی، ولذلک یرى هوبز فی نظریته للعقد الاجتماعی أن السیادة هی ارتباط بین القوة الإکراهیة والقبول، وأن هذا الارتباط هو الذی یوفر الشرعیة للسلطة السیاسة ویحل مشکلة النظام داخل المجتمعات، وبالتالی تحقیقه على المستوى الدولی، بمعنى منع تصدیر الفوضى الداخلیة إلى المستوى الدولی أی العلاقات بین الدول ([17]).

          أما الواقعیة الهیکلیة أو الواقعیة الجدیدة فأنها بالمقارنة بالواقعیة الکلاسیکیة تجعل عنصر الفوضى فی النظام الدولی هی نقطة البدایة فی تفسیر السیاسة الدولیة بدلاً من الطبیعة الإنسانیة، حیث الفوضى تجبر الدول على الاستزادة من مصادر القوة من أجل الحفاظ على البقاء، فی نفس الوقت ترتکز على تمییز واضح بین الفوضى خارج الدول أی فی النظام الدولی ووجود نظام Order داخلها، حیث وجود الفوضى خارج الدول یجعلها تسعى للحصول على المکاسب النسبیة ممثلة فی القوة أو الأمن، فی حین یسهل لها النظام فی الداخل اتباع السلوک العقلانی لتحقیق هذا الهدف، بمعنى آخر تفترض الواقعیة الهیکلیة أن العالم السیاسی داخل الدول یختلف تماماً عن العالم السیاسی خارجها، حیث یتسم داخلها بالهیرارکیة أی وجود سلطة مرکزیة حاکمة، بینما یتسم خارجها بالفوضى من حیث عدم وجود مثل تلک السلطة([18])، ونظراً لخشیة والتز من توصل دراسات إمبریقیة إلى نتائج قد تقوض مقولته فأنه قد أشار إلى أن هناک احتمالات لحدوث عنف شدید داخل بعض الدول مقارنة باستخدامه فیما بینها، الأمر الذی یجعل من المحال الفصل بین المجالین الداخلی والخارجی من حیث اللجوء لاستخدام القوة([19])، وهو ما یعنی أن غیاب وجود سلطة مرکزیة لفرض النظام یؤدی إلى حدوث صراع عنیف، حیث تتجه الجماعات والدول للتصرف بشکل أکثر تشابها فی حالة الفوضى، فی نفس الوقت رأى والتز أن وجود بعض مظاهر الهیرارکیة فی النظام الدولی مثل منظمة حلف شمال الأطلنطی أو منظمة الأمم المتحدة لا ینفی صفة الفوضویة عن النظام الدولی، حیث أنها عناصر تعمل على ضبط ممارسة السیادة فی عالم فوضوی فی إطار نظام دولی أکبر([20])، حیث أن المهم من وجهة نظره هو السمة السائدة وعما إذا کانت الفوضى أم النظام.

          وارتباطاً بذلک ترى الواقعیة أن الحرب الداخلیة تحدث الفوضى داخل الدولة، نتیجة ضعفها أو تفککها أو عدم وجود حکومة مرکزیة، حیث یبرز دور "المعضلة الأمنیة" والتی تعنی هنا سعی کل طرف داخل الدولة لتحسین وضعه الأمنی، فإذا کانت الفوضى على المستوى الدولی تقود الدول إلى الاستزادة من قوتها وربما تقود للحرب بین الدول، فإن ذلک قد یحدث أیضاً داخل الدولة عندما تنهار السلطة المرکزیة، الأمر الذی قد تکون من نتیجته حدوث حرب داخلیة بغض النظر عما إذا کان ذلک هو الهدف الأساسی لتلک الجماعات([21])، وتستمر تلک الجماعات فی التصارع طالما استمر غیاب السلطة المرکزیة الإکراهیة، وتتوقف فقط عندما تصبح جماعة منها قویة بدرجة تکفی لفرض إرادتها على الجماعات الأخرى، أی حدوث توازن فی القوى کما هو الحال فی الحروب بین الدول([22])، أی أن التفوق أو على الأقل توازن القوى هو الوسیلة لکبح العنف([23]).

          أما بالنسبة لإنهاء الحرب الداخلیة، فإن الواقعیة ترى إنه إذا کانت الحرب تقع بسبب الطبیعة الإنسانیة الأنانیة أو الفوضى. وحیث أنه من الصعوبة تغییر تلک الطبیعة الإنسانیة فإن وسیلة إنهاء الحرب تکمن فی الحد من الفوضى أو إنهائها، فإذا کان ذلک مستحیلاً على مستوى النظام الدولی فإنه ممکناً على مستوى الحروب الداخلیة، وفی هذا السیاق یرى هوبز أن الحل یکمن فی خلق حکومة مرکزیة تتمتع بدرجة من القوة تکفی للتغلب على تلک التحدیات، فإذا کان ینقص النظام القائم القوة الإکراهیة للاستمرار فی السلطة، فإن نظاماً آخر أکثر قدرة من الممکن أن یحل محله، وعندما یدرک الطرف المتمرد أنه لن یستطیع تحقیق مصالحه عن طریق استخدام العنف فإنه قد یتوقف عن استخدامه أو حتى على الأقل لن یستمر عنفه سوى لفترة محدودة على المدى القصیر([24])، أی أن المهم عند الواقعیة هو إیقاف العنف والفوضى، ومن ثم لا تهتم بأسباب هذا العنف، بمعنى أنها لا تهتم بالجذور الأساسیة للصراع، وعما إذا کانت الجماعات داخل الدولة قد سلکت طریق العنف لأنها لا تشعر بالأمن، أو لأن الشعب یشعر بالإحباط، حیث کل ما تهتم به هو أن الجماعات ستتوقف عن استخدام العنف فی مواجهة الحکومة عندما تدرک أنها لن تحصل على مکاسب أو إنها ربما تعاقب بشدة إذا استمرت فی استخدامه([25]).

          فی السیاق نفسه تقدم الواقعیة اقترابین لإنهاء الحرب یفتحان الباب أمام تدخل العامل الخارجی، فمن جانب یستطیع التدخل لتغییر میزان القوى الداخلی فی الدولة الهدف بما یسمح للطرف الأقوى من أن یفرض التسویة على الأطراف الأخرى، حیث یکون هذا الاقتراب غالباً هو المفضل بالنسبة للفاعل الخارجی بدلاً من السماح للصراع من أن یستمر إلى ما لا نهایة، رغم ذلک فإن انتهاء الحرب الداخلیة عن طریق التفاوض والتوصل إلى اتفاق تسویة غالباً ما یکون مهمة صعبة، حیث أن تلک التسویات قد تؤدی إلى جعل المعضلة الأمنیة أکثر خطورة، فغالباً ما تترک تسویات الحروب الدولیة کل طرف فی الحرب قادراً على الدفاع عن نفسه، فی حین تتطلب تسویات الحروب الداخلیة نزع سلاح أحد الأطراف، فی الوقت الذی یستمر فی الحیاة داخل نفس الدولة مع خصومه السابقین([26])، ومن ثم فأن تدخل العامل الخارجی فی حد ذاته لا یؤدی إلى سلام ما لم یدعم بنوع من القوة الإکراهیة، بمعنى أن المعضلة الأمنیة فی الحروب الداخلیة یصعب حلها ما لم یتعهد الفاعل الخارجی بالتزامات معقولة بالتدخل باستخدام القوة لحمایة الأطراف التی تم نزع سلاحها([27]).

          أما الاقتراب الآخر فیتمثل فی المساعدة فی إقامة حکومة مرکزیة قویة فی الدولة الهدف، وذلک إما بالتدخل العسکری المباشر، أو بتشجیع النخب الوطنیة عن طریق مساعدات عسکریة وسیاسیة کافیة لفرض سیادتها على أرضها([28])، وفی ذلک تجادل الواقعیة بأن تحقیق الأمن والاستقرار السیاسی یجب أن یکون الهدف الأول للتدخل الخارجی، لأن البدیل هو العودة للفوضى مرة أخرى، بمعنى أن نجاح التدخل الخارجی یجب أن یقاس بقدرته على تحقیق السلام والأمن الداخلی([29])، الذی یؤدی إلى التغلب على المعضلة الأمنیة التی قد تدفع الأفراد والجماعات داخل الدولة للحصول على بدیل آخر یمنحهم إیاه، وفی ذلک یرى البعض ضرورة وضع استراتیجیات للتعامل مع العناصر المتطرفة المصرة على الاستمرار فی استخدام العنف لتحقیق أهدافها نظراً لإدراکها الصراع على أنه مباراة صفریة، بحیث تتضمن تلک الاستراتیجیات مجموعة من العقوبات التی تزید من عبء تکلفة الحرب على تلک العناصر([30]).

          فی السیاق ذاته یرى البعض الآخر أن هناک ثلاثة عوامل تزید من احتمال نجاح تدخل العامل الخارجی تتمثل فی استخدام قدر کاف من القوة العسکریة Overwhelming Force، کذلک قدر کاف من التمویل، فضلاً عن قدرته على الاستمرار لفترة طویلة نسبیاً داخل الدولة، حیث أن رحیله المبکر قد یؤدی للفشل([31])، فی نفس الوقت یعتقد أنصار هذا الرأی أن تلک العوامل من السهل توافرها إذا کان الطرف المتدخل له مصالح ذاتیة تدفعه للوفاء بتلک الالتزامات مثل وجود روابط استعماریة، أو مصالح استراتیجیة، واستثمارات اقتصادیة([32]).

          نخلص مما سبق:

أن الواقعیة ترى أن السبب الرئیسی لحدوث الحرب الداخلیة هو عامل الفوضى، والذی ینتج عن ضعف الدولة أو انهیارها أو ضعف سلطة الحکومة المرکزیة، وما یرتبط بذلک من فوضى تؤدی إلى المعضلة الأمنیة "حیث یسعى الفاعلون داخل الدولة إلى الاعتماد على الذات فی تحقیق الأمن لأنفسهم باستخدام القوة، ومن ثم إیقاف تلک الحرب عن طریق إنهاء تلک الفوضى أو الحد منها عن طریق تغییر میزان القوى الداخلی أو إقامة حکومة مرکزیة قویة بمساعدة العامل الخارجی.

ثانیاً:   الانتقادات الواردة على التفسیرات الواقعیة للحرب الداخلیة وإنهائها:

          اختلف الدارسون فی تقییمهم لمدى ملائمة مقولات المدرسة الواقعیة لتفسیر الحرب الداخلیة وتسویتها فی دول الجنوب، حیث اعتقد البعض منهم فی قدرة النموذج الواقعی على تفسیر تلک الحرب لسببین أولهما مناسبة الواقعیة التقلیدیة لتفسیرها نظراً لاهتمامها بتشکیل الوحدات السیاسیة فی مراحلها الأولى، کذلک دینامیات التفاعل داخل الدولة، الأمر الذی یجعلها أقرب إلى تفسیر الحرب الداخلیة فی تلک الدول التی یمر معظمها الآن بنفس المرحلة من النمو الاجتماعی کما کان الحال فی فلورنسا فی القرن 19، وبریطانیا فی القرن 17 أی نفس السیاق الذی انعکس فی کتابات الآباء المؤسسین للواقعیة، حیث تشیر الخبرة التاریخیة إلى أن الدول فی تلک المراحل الأولى من التکوین تکون أکثر میلاً لتبنی السلوک الصراعی وإن أغلب هذا الصراع یحدث داخل الدول، فی نفس الوقت الذی لا تستبعد فیه الواقعیة الکلاسیکیة دور النظام الدولی فی التأثیر على سلوک الدول وإن احتل المرتبة الثانیة فی اهتمامها([33])، أما السبب الثانی فیکمن فی المفاهیم الرئیسیة للنموذج الواقعی مثل القوة والمعضلة الأمنیة وتوازن القوى، التی تصلح کلها للتطبیق فی إطار الحرب الداخلیة حیث تسود الفوضى داخل الدولة کما هو الحال فی الحروب الدولیة.

          أما الفریق الثانی فیرى قدرة محدودة للنموذج الواقعی فی تفسیر الحروب الداخلیة فی دول الجنوب، حیث تمثلت الأسانید التی ارتکز علیها رأیه فیما یلی:

1-                یصعب تقبل فرض الواقعیة القائل "بتماثل الدول" فی النظام الدولی، ومن ثم النظر إلى دول الجنوب على أنها صورة Version ناجحة من النموذج الغربی للدولة، حیث أن ذلک لا یصدق بالنظر إلى الحقائق المرتبطة بالواقع العملی، فمثلاً الاهتمام الأساسی لمعظم دول الجنوب لیس ممارسة علاقاتها الخارجیة وفقاً لافتراضات النموذج الواقعی أی التوازن فی مواجهة القوى الأخرى أو فی مواجهة التهدیدات الخارجیة، حیث أن شاغلها الأساسی هو القدرة على الوصول بدولها إلى مصاف نموذج الدولة الفعالة المدعمة بالشرعیة، بمعنى أن الواقعیة خاصة فی تیارها الهیکلی قد أعطت الأولویة للعوامل النظامیة Systemic Factors فی تفسیر سلوک الدولة، فی نفس الوقت الذی أهملت فیه المتغیرات الداخلیة التی قد تؤدی إلى الصراع، ومن ثم عدم قدرتها على تطویر آلیات لحله([34]).

2-                أن الواقعیة الهیکلیة على صواب فی رؤیتها للفوضى Anarchy فی النظام الدولی بمعنى غیاب سلطة مرکزیة قادرة على فرض القواعد على المستوى الدولی ولیس بمعنى التشتت Chaos، رغم ذلک فإن معظم منظریها قد جانبهم الصواب فی افتراض أن الفوضى تسود العلاقات بین الدول، فی حین یسود النظام Order داخل الدول، حیث أن الأدق افتراض وجود نظام على مستوى العالم وفوضى داخل الدول وأنها تمثل التهدید الأکثر خطورة للدول فی النظام الدولی بما فی ذلک الدول الرئیسیة([35]).

3-                أن دراسات دول الجنوب تشیر إلى الدور الرئیسی الذی تلعبه التهدیدات الداخلیة فی دفع قادتها إلى جر الدولة إلى حروب خارجیة، بمعنى أن دراسة قضایا دول الجنوب لا تحتاج فقط للتحلیل على مستوى النظام والدولة، ولکن قد یکون التحلیل على مستوى الفرد هو الأکثر ملائمة، حیث یتجه قادة الدول المهددة بحروب داخلیة إلى فعل کل ما یستطیعون للبقاء فی السلطة، ومن ثم یستوجب هذا فهما لمصالح القادة ولیس فقط مصالح الدولة، حیث تشیر خبرة دول الجنوب إلى أن القیادة قد تذهب إلى الحرب، إذا کان ذلک یزید من فرص بقائها فی السلطة ویمکنها من ردع الصراع الداخلی، أی أن السلوک الصراعی الخارجی للدولة یتطلب لیس فقط فهم توازن القوى الإقلیمی أو الدولی، ولکن أیضاً ضرورة النظر إلى توازن القوى الداخلی لاحتمال کونه دافعاً للحرب الدولیة([36]).

4-                وجود تحفظات على الافتراض الرئیسی للواقعیة والذی یرى أن المفتاح الرئیسی لتحقیق النظام Order کوسیلة للخروج من الفوضى – باعتبارها المصدر الرئیسی للحرب - هو إقامة حکومة مرکزیة قویة، بمعنى أن غیاب ذلک قد یؤدی إلى حرب داخلیة فی دول الجنوب أو فی أی مکان آخر، حیث تشیر خبرة تلک الدول إلى منطق معکوس فقد تکون تقویة السلطة المرکزیة ولیس ضعفها أو انهیارها هو السبب الرئیسی فی الحرب الداخلیة، حیث کثیر من النظم المدعمة بقوة إکراهیة ضخمة قد تم إقصاؤها أو أصبحت مهددة بحروب داخلیة، بمعنى أنه توجد عوامل أخرى تفسر قیام حرب داخلیة فی دولة وعدم حدوثها فی أخرى بالرغم من توافر القوة الإکراهیة، وهی عوامل مرتبطة بالقیم مثل الشرعیة ومن ثم لابد من أخذها فی الاعتبار نظراً لتجاهلها من جانب الواقعیة([37]).

5-                أن رؤیة الواقعیة لتسویة وإنهاء  الحرب الداخلیة قد تکون ملائمة للدول التی تتمتع تاریخیاً بالاندماج القومی، أو  حالة وجود صراع داخلی بین جماعتین داخل الدولة کما هو الحال بالنسبة للسلام النسبی بین المسلمین والهندوس فی الهند منذ الاستقلال اعتماداً على کفاءة وقوة الشرطة والجیش الهندیین، ولکن یصبح الحل المقدم من الواقعیة موضع تساؤل فی المجتمعات التی تضم جماعات عدیدة عرقیة أو دینیة أو إثنیة لا یعترف أحداها بشرعیة الآخر، أی یوصف الوضع بعدم وجود شرعیة أفقیة Horizontal Legitimacy کما یحب أن یسمیه هولستی، الأمر الذی یفرض ضرورة عدم الاعتماد على حلول مرتبطة بالخبرات الغربیة، أی أخذ السیاق الداخلی فی دول الجنوب فی الاعتبار عند تسویة وإنهاء الحروب الداخلیة([38])، من جانب آخر فإن خبرة تلک الدول تشیر إلى أن المشکلة الحقیقیة داخل الدولة لا ترتبط فی کثیر من الأحیان بعلاقة الجماعات المختلفة بعضها البعض، وإنما تکمن فی علاقة تلک الجماعات بالدولة (الشرعیة الرأسیة Vertical Legitimacy)، أی أن الدولة تصبح هی مصدر التهدید الرئیسی لأمن الجماعات، ومن ثم اتجاه أعضاء تلک الجماعات لتسلیح أنفسهم للحفاظ على أمنهم فی مواجهة الدولة([39])، حیث تشیر الإحصائیات إلى أن حوالی 169 ملیون ضحیة قد لقیت حتفها على ید حکوماتها مقابل 38.5 ملیون ضحیة للحروب الدولیة خلال القرن العشرین([40]).

          مما سبق تخلص الدراسة إلى محدودیة صلاحیة المنظور الواقعی لتفسیر الحروب الداخلیة فی دول الجنوب لعدة أسباب یأتی إلى رأسها خصوصیة طبیعة الدولة فی الجنوب واختلافها عن مثیلاتها فی الشمال، کذلک إغفال النموذج الواقعی لدور المتغیرات الداخلیة خاصة الأبعاد المعیاریة، مع ترکیزه على التحلیل على مستوى النظام الدولی فی حین أن قضایا دول الجنوب تتطلب أیضاً التحلیل على مستوى کل من الفرد والدولة.

          فی السیاق ذاته ترى الدراسة أنه بسبب هذه العوامل کلها لم ینجح فی تطویر آلیات لحل الحرب الداخلیة، حیث یمکن القول أن ما قدمه هو أقرب إلى إدارة الصراع وتسویته([41])، بمعنى العمل على الحد من العنف والحیلولة دون تصاعده دون أن یعنی ذلک بالضرورة حله، أی التعامل مع الجذور الرئیسیة المسببة للحرب والذی یتطلب عملیة طویلة المدى، وبالتالی فإن ما قدمه النموذج الواقعی ما هو إلا نقطة بدایة على طریق طویل قد یؤدی إلى تحقیق النظام Order بالمعنى الذی تقصده الواقعیة.

ثالثا: کیفیة تفسیر الحروب الداخلیة: رؤیة من دول الجنوب:

          فی ضوء محدودیة قدرة المنظور الواقعی على تفسیر الحرب الداخلیة فی دول الجنوب، فإن الدراسة ترى أن فهم تلک الحرب یتطلب وضع إطار یجمع بین متغیرات خارجیة مرتبطة بالتحلیل على مستوى النظام الدولی، وأخرى داخلیة یتم تحلیلها على مستوى کل من الفرد والدولة، مع افتراض أن ما یحدث داخل الدولة هو المتغیر الرئیسی المفسر لاندلاع تلک الحرب، ودون أن یعنی ذلک استبعاد دور العامل الخارجی، فهو موجود بالقدر الذی تکون فیه الظروف الداخلیة ملائمة لانغماسه، أو بمعنى آخر ترى الدراسة أهمیة الاستفادة من الجوانب الإیجابیة فی النموذج الواقعی، مع استکمال أوجه النقص بالاستعانة بالمنظورات الأخرى التی تهتم بالأبعاد المعیاریة([42])، أو بنماذج تطورت فی إطار دول الجنوب تعکس خصوصیته([43]).

          وارتباطاً بذلک تطرح الدراسة فی هذا الجزء نموذجاً یعبر عن رؤیة مفکر من دول الجنوب([44])، یجمع فیه بین افتراضات المدرسة الواقعیة التقلیدیة والحقائق الواقعیة فی دول الجنوب، ویجعل محوره عملیة بناء الدولة والمجتمع السیاسی باعتبارها القضیة الرئیسیة لمعظم دوله والتی تسعى من خلالها لتحقیق التوازن بین الکفاءة والفعالیة من جانب، والشرعیة من جانب آخر، وبما یحقق النظام الداخلی Domestic Order باعتباره شرط مسبق للحفاظ على نظام دولی مستقر.

          وهو فی ذلک یرى ملائمة الواقعیة التقلیدیة لدراسة قضایا دول الجنوب، لأن الظروف الحالیة فی تلک الدول تشبه نفس ظروف ولادة النموذج الأوروبی للدولة فی القرنین 17، 19، أی نفس السیاق الذی صیغت فی إطاره کتابات الآباء المؤسسین للواقعیة([45]).

          وقد أطلق أیوب على نظریته اسم "Subaltern Realism" أی "واقعیة المهمشین"، حیث یشیر المعنی الاصطلاحی للمفهوم إلى الأضعف أو الأدنى فی المکانة، وقد برز هذا المفهوم فی المجتمعات الإنسانیة التی تشکل فیها تلک العناصر الأغلبیة العظمى من سکانها، فی نفس الوقت الذی لا تتمتع فیه بالاهتمام الکافی على کافة المستویات، حیث استعار أیوب هذا المفهوم من مدرسة التاریخ الهندیة والتی تخصصت فی دراسة دور العناصر المحدودة القوة داخل المجتمع الهندی مثل الفلاحین والحرفیین، وفی هذا الصدد یرى أیوب أن هناک تشابها بین تلک العناصر ودول الجنوب التی تمثل الشریحة الأکبر من الدول فی النظام الدولی، فی نفس الوقت. تتسم بالضعف النسبی، ومن ثم تم تجاهلها من معظم مدارس العلاقات الدولیة([46]).

          وتتمثل الافتراضات الرئیسیة لهذا النموذج فیما یلی:

1-         تداخل قضایا النظام الداخلی والنظام الدولی خاصة فی مجال الصراع وحله.

2-         أن قضایا النظام الداخلی – التی هی نتاج عملیة  بناء الدولة– یجب أن تکون لها الأولویة فی التحلیل إذا أردنا تفسیراً أوضح للصراعات على المستوى الدولی.

3-         أن الصراعات الداخلیة لیست بمنأى عن تأثیر العوامل الخارجیة سواء إقلیمیة أو دولیة.

4-         وجود علاقة ارتباطیة بین الصراع داخل الدولة والصراع بین الدول([47]).

          وارتباطاً بذلک یرى أیوب أن نظریته فی ضوء الافتراضات السابقة یمکن أن تساعد فی وضع استراتیجیات لحل الصراع خاصة مع النظر للمتغیرات التالیة:

‌أ)          المرحلة التی وصل إلیها بناء الدولة، ویمکن تحدید ذلک من خلال مؤشرات تتعلق بمستوى القدرة السیاسیة Political Capacity، والربط بین الفعالیة والشرعیة، فکلما کانت الدولة فی مرحلة أولیة من البناء کلما انخفضت قدرتها على تحقیق الفاعلیة ومن ثم زیادة احتمالیة الصراع الداخلی وحدوث الفوضى.

‌ب)        التکوین الأثنی للسکان، فکلما انخفضت درجة الاندماج القومی لسکانها کلما زاد احتمالات حدوث صراع داخلی.

‌ج)         طبیعة سیاسات القوى الکبرى تجاه الدولة والإقلیم الکائنة فیه.

‌د)          وجود أو عدم وجود قواعد ومعاییر سلوک Norms دولیة تشجع على الصراع داخل الدول أو بین الدول، فکلما کانت تلک القواعد والمعاییر تسمح أو تشجع على تحلل وانهیار الدول القائمة (کما هو الحال عقب انتهاء الحرب الباردة مباشرة)، کلما زاد احتمال حدوث صراع داخلی وتحلل الدولة أو فشلها.

‌ه)              هـ)    عامل الفوضى فی النظام الدولی، وفی ذلک یرى أیوب أن ما یمیز "واقعیة المهمشین" عن الواقعیة التقلیدیة هو عدم التقلیل من أهمیة تأثیر الطبیعة الفوضویة للنظام الدولی على سلوک الدول، کذلک اهتمامها بتأثیر التقسیم الدولی للعمل واعتماد دول الجنوب على مراکز القوة الاقتصادیة الدولیة المتواجدة فی الشمال، وتأثیر ذلک کله على شرعیة وفعالیة دول الجنوب([48])، بمعنى إنها لم تهمل هیکل النظام الدولی، فی نفس الوقت لم تجعله أیضاً المتغیر الرئیسی فی تحدید سلوک الدول، حیث تعتقد أن أغلبیة الدول تعانی من معضلة الأمن التی هی أکثر تعقیداً أو ارتباطاً بالعوامل الداخلیة مقارنة بالمعضلة الأمنیة التی تفترضها الواقعیة الهیکلیة([49]).

          ونتیجة لذلک یرى أیوب أن هذه المتغیرات السابقة ستجعل صانعی السیاسة یدرکون أن وجود توترات داخل الدولة خلال المراحل الأولى من بنائها، هو أمر طبیعی. ومن حتمیات عملیة بناء الدولة، وإن الأمر یتطلب القدرة على تحقق التوازن بین متطلبات الفعالیة والشرعیة([50]).

          وفی التعقیب على نموذج أیوب ترى الدراسة أنه یتضمن العدید من العناصر الإیجابیة، من أهمها جعله المتغیرات الداخلیة العنصر الأهم فی تفسیر الحرب الداخلیة فی دول الجنوب، کذلک عدم إهماله لدور العامل الخارجی وإن جعله أکثر اتساعاً من مجرد تأثیر هیکل النظام الدولی على سلوک الدولة کما افترضت الواقعیة الهیکلیة، غیر أنه من جانب آخر أهمل دراسة دور الفرد - ممثلاً فی القائد السیاسی – فی الصراع الداخلی خاصة وأن خبرة دول الجنوب تشیر إلى الدور المتنامی للقادة السیاسیین فی عملیة صنع السیاسة، فضلاً عن أن المصادر الداخلیة والخارجیة للحرب تؤثر من خلال الشاشة الادراکیة لهم، ومن ثم تقترح الدراسة إضافة هذا العنصر للنموذج بحیث یمکن تحلیل الحروب الداخلیة فی تلک الدول على کل من مستوى الفرد والدولة والنظام الدولی.

          فی السیاق ذاته تقترح  الدراسة إضافة متغیر قد یساعد فی تحدید توقیت حدوث الحروب الداخلیة أی متى تحدث الحرب؟، فقد تتوافر کل هذه المتغیرات الموضوعیة التی تحدث عنها النموذج ویتم التفاعل فیما بینها، دون أن ینفجر الموقف فی شکل صراع داخلی، هذا المتغیر تحدث عنه راسل هاردن Russell Hardan فی کتابه "One for All: The Logic of Group Violence" وأطلق علیه "أحداث فجائیة "Tipping Events"([51])، والتی یعرفها بأنها تغیرات فجائیة أو حتى أحداث عرضیة تؤدی إلى تغیر فی طبیعة علاقات القوة بین الجماعات داخل الدولة، أو حتى بین تلک الجماعات والدولة نفسها، حیث تبدأ بتصرف عرضی مبنی على العنف لتبدأ بعده سلسلة من ردود الفعل العنیفة تعتمد على عامل الخوف حیث یُجبر الأفراد على الانضمام لجانب طرف فی الصراع فی مواجهة الآخر إذا کانوا یرغبون فی البقاء أحیاء([52])، فی نفس الوقت تکون تلک الأحداث بمثابة نافذة الفرصة "Window of Opportunity"([53])، لمخرجات التفاعل بین المتغیرات الموضوعیة الداخلیة والخارجیة فی شکل عنف مسلح، وبذلک تشکل النافذة السیاسیة عنصراً هاماً فی الإطار التحلیلی، بمعنى آخر إن المتغیرات الموضوعیة التی تحدث عنها نموذج أیوب ضروریة لحدوث الحرب الداخلیة، غیر أنه من المرجح أن تنجح هذه العملیة إذا ارتبطت بنوع معین من الأزمات أی Tipping Events  والتی تصبح بمثابة الفرصة السانحة لحدوث تلک الحرب.

          وبإضافة هذه العناصر السابقة إلى نموذج أیوب، ترى الدراسة أنه یمکن التوصل إلى إطار لتحلیل الحروب الداخلیة یتکون من أربعة عناصر أساسیة أنظر الشکل رقم (1) على النحو التالی:

1- متغیرات مستقلة:

          تشمل المصادر الداخلیة والخارجیة لحدوث الحرب الداخلیة.

2- متغیرات وسیطة:

          تضم صانع السیاسة وسماته الشخصیة فضلاً عن نسقه العقیدی وإدراکاته، عملیة صنع السیاسة کذلک الأحداث الفجائیة عبر نافذة الفرصة.

3- متغیرات تابعة:

          تتمثل فی حدوث الحرب الداخلیة نتیجة التفاعل بین المصادر الخارجیة والداخلیة للصراع، والتی یتم إدراکها من جانب صانع السیاسة، مع وجود نافذة أی فرصة سانحة تسمح بدفع مخرجات هذا التفاعل فی شکل عنف مسلح.

4- التغذیة الاسترجاعیة:

          حیث تؤدی تداعیات الحرب على المستوى الداخلی والإقلیمی والدولی إلى بذل الجهود لتسویتها وحلها، وقد تنجح تلک الجهود ومن ثم تحقیق الاستقرار، أو قد تفشل لیندلع العنف مرة أخرى لتبدأ جولة جدیدة من الحرب الداخلیة.

الشکل رقم (1):الإطار المقترح لتحلیل الحرب الداخلیة

 

 

 

 

 
   

 

 

 

 

 

 
هوامش الدراسة
([1])   أصبح هذا الاصطلاح غیر ملائم بنهایة الحرب الباردة واختفاء ما یسمى بالعالم الثانی، حیث أصبح یستخدم بالتبادل مع مصطلحات أخرى منها دول الجنوب، الدول النامیة، الدول غیر الغربیة، الدول غیر الصناعیة، الدول الأقل نمواً، وبالرغم من عدم وجود اتفاق بین الدارسین على أی منها إلا إنها تستخدم جمیعاً للإشارة إلى نفس المجموعة من الدول التی تقع فی قارات أفریقیا وآسیا (باستثناء الیابان)، والشرق الأوسط وأمریکا اللاتینیة، والدول المستقلة حدیثاً عن الاتحاد السوفیتی باستثناء روسیا، وذلک بالرغم من أنها لا تمثل وحدة واحد، حیث تضم تنویعات وأصناف مختلفة من الدول وفقاً لمعاییر نشأة الدولة أو توافر مقوماتها وتکویناتها الإثنیة، انظر فی ذلک :
         Asoka Bandarage, "Global Peace and Security in the Post-Cold War Era: A Third World Perspective" in Michael T. Klare ed., Peace and Security Studies: A Curriculum Guide, (Boulder, Co and London: Lynne Rienne Publishers, 1994), pp. 29-42.
([2])   حیث قام الدارسون أثناء فترة الحرب الباردة خاصة فترة الستینیات بتحلیل ما سمی بحرب الشعوب "Peoples' War"، والتی افترضوا أنها تندلع لعدة أسباب تتعلق بالتخلف أو القومیة أو بالدعاوی الشیوعیة، حیث تم ربط التمرد فی دول العالم الثالث بالتنافس بین القوتین العظمیین، وکانت النتیجة وجود عدد محدود من الأدبیات لتفسیر أسباب تلک الحروب، ودراسات أضخم حول کیفیة حلها حیث کان الهدف المساعدة فی صنع سیاسات ناجحة تمکن من القضاء على حرکات التمرد، ومن ثم غطت تلک الدراسات المناطق التی یرتبط فیها التمرد بالحرکات المارکسیة مثل الفلبین وفیتنام، فی حین تم تجاهل مناطق الصراعات المزمنة مثل إثیوبیا وسری لانکا.
         K. J. Holsti, "International Relations Theory and Domestic War in the Third World: The Limits of Relevance" in Sephanie G. Neuman ed. International Relations Theory and the Third World, (New York: St.Martin's Press, 1998), pp. 107-108.
([3])   یقصد بالحرب الداخلیة فی هذه الدراسة صراع یرتبط بأربعة خصائص أساسیة هی: حدوثه داخل الحدود الجغرافیة للدوله، وأن یتولد عن (1000) ضحیة على الأقل فی أرض المعرکة سنویاً، کذلک أن تنغمس الحکومة المرکزیة فیه کطرف رئیسی، وأخیراً استخدام عنیف للقوة من جانب أطراف الصراع جمیعاً على مدار فترة حدوثه، انظر فی ذلک التعریف الذی اعتمد علیه Correlates of War Project فی:
         Malvin Small and David Singer, Resort to Arms: International and Civil Wars, 1816-1980 (Beverly – Hills: Sage Publications, 1982).
([4])   حیث تحدد الدولة الحدیثةوالتی تعد الشریحة الأکبر فی عالم الیوم استناداً على معاییر مرتبطة بالنموذج الغربی للدولة، وبینما تجاوزت الدول الرأسمالیة الکبرى الحداثة فإن معظم الدول فی الشرق الأوسط وآسیا وأمریکا اللاتینیة تعبر عن الحداثة من حیث الشکل، بالإضافة إلىمجموعة متناثرة من الدول فی أفریقیا وآسیا الوسطى تعیش فی مرحلة ما قبل الحداثة من حیث وجود مستوى منخفض من التماسک السیاسی والاجتماعی أو الأبنیة السیاسیة، فی نفس الوقت تتطلع للوصول إلى مرحلة الحداثة مما یفتح الباب لحدوث صراع ما بین إطار الحداثة والأنماط التقلیدیة على المستوى السیاسی والاجتماعی، لمزید من التفاصیل أنظر:
         Barry Buzan and Gerald Segal, "The Rise of the Lite Powers: A Strategy for Post Modern State", World Policy Journal, Vol., No.2, (1996), pp. 1-10.
([5])   أنظر فی ذلک:
-          James M. Goldgeier and Michael McFaul," A Tale of Two Worlds: Core and Periphery in the Post-Cold War Era", International Organization, Vol. 46, No. 2 (Spring, 1992), pp. 467-491.
-          Max Singer and Aaron Wildavsky, The Real World Order: Zones, of Peace, Zones of Turmoil, (Chatham, NJ: Chatham House Publishers, 1993), pp. Xi, 3.
([6])    Amitav Acharya, "Periphery as the Core: The Third World and Security Studies", in Keith Krause and Michael Williams, eds. Gritical Security Studies (Minneopolis, MN: University of Minnesota Press, 1997), pp. 299-327.
([7])    Ole Waever, "The Rise and Fall of Inter- Paradigm Debate", in Steve Smith et.al, eds. International Theory: Positivism and Beyond (NY: Cambridge University Press, 1996), pp. 163-164.
([8])   لمزید من التفاصیل أنظر:
         Robert Keohane, "Institutional Theory and the Realist Challenge after the Cold War", in David Baldwin, ed. Neorealism and Neoliberalism (NY: Colombia University Press, 1993), pp.269-300.
       کذلک تدخل کتابات بوزان فی إطار هذا التحلیل، أنظر على سبیل المثال:
         Barry Buzan, "New Patterns of Global Security in the Twenty – First Century", International A ffairs, Vol. 67, No. 3 (1991).
([9])    Kennth Waltz, Theory of International Politics (Mass: Addison – Wesley, 1979), p. 96.
([10])   Ibid, p94.
([11])   C. Desch, "Why Realists Disagree about the Third World (and Why They Shouldn't)", Security Studies, Vol. 5, No. 3 (Spring, 1996), pp. 375-377.
([12])   Robert Jervis, "Cooperation Under Security Dilemma, World Politics, Vol.30, No.2 (January, 1978), pp186-214.
([13]) أنظر نموذجاً لهذا الجدل فی:
         Waltz, Op. Cit. & Stephen Walt, The Origins of Alliances (Ithaca, NY: Cornell University Press, 1987).
([14])   Laura Neack, The New Foreign Policy, Power Seeking in a Globalized Era (New York: A Rowman & Littlefield Publishers, Inc., 2008), p14.
([15])   Holsti, Op. Cit, p. 113.
([16])   Hans Morgenthau and Kenneth Thompson, Politics Among Nations, sixth edition (NY: Knoph, 1985), pp. 39, 190.
([17])   Mohammed Ayoob, "Subaltern Realism: International Relations Theory Meets the Third World" in Neuman, ed., Op. Cit, pp. 29, 40.
([18])   Barry Buzan, "System Versus Units in Theorizing about Third World", in Neuman, ed., Op. Cit., p. 215.
([19])   Waltz, Op. Cit. p.89.
([20])   Ibid, pp. 115-116.
([21]) أنظر تفاصیل ذلک:
Jervis, Op. Cit., pp. 167-213.
([22])   Steven R. David, "The Primacy of Internal War", in Neuman, ed., Op. Cit,., p.78.
([23])   Ibid, p. 92.
([24])   Ibid, p. 85.
([25])   Ibid.
([26])   Brabara F. Walter, "The Critical Barrier to Civil War Settlement", International Organization, Vol. 51,No.3 (Summer, 1997), p. 363.
([27])   Mark Pecenty and William Stanely, "Liberal Social Reconstruction and Resolution of Civil War in Central America", International Organization, Vol.55, No.1, (Winter, 2001), p.151.
([28])   Fen Osler, Hampson and David Mandelof, "Intervention and the Nation – building Debate" (Paper Presented at Annual Meeting of International Studies Association, California, March 22-26, 2006), p.18.
([29])   Ibid, p.14.
([30])   Ibid, p.19.
([31])   Walter, Op. Cit., p. 347 & Seth G. Jones, "State Building and Overwhelming Force: The Legacy of Iraq and Afganistan",(Paper Prepared for Annual Meetting of the American Political Science Association, August 30th – September 2nd, 2007), pp. 12-14.
([32])   Walter, Op. Cit., p. 341.
([33])   Ayoob, Op. Cit. pp. 41-42.
([34])   Ibid, p. 38.
([35])   David, Op. Cit., p. 79.
([36])   Ibid
([37])   Ibid, p. 91.
([38])   Holsti, Op. Cit., p. 120.
([39])   Ibid, p.115.
([40])   David, Op. Cit, p.93.
([41]) انظر الفرق بین منع الصراع، وإدراته، وتسویته وحله، وتحویله، حیث أنها کلها آلیات للتعامل مع الصراع فی مراحله المختلفة و إن کانت تعمل بشکل متداخل.
-          Niklas L. P. Swanstrom & Mikael S. Weissmann, "Conflict, Conflict Prevention and Conflict Management and Beyond: a Conceptual exploration", Concept Paper (Summer, 2005).
-          Karen Mingst "Conflict Resolution: Review Essay", The Journal of Conflict Studies (Fall, 1996).
-          Gunter Bachler, "Conflict Transformation Through Stale Reform", (Gerghof Research Center for Constructive Conflict Management, August, 2004) Available at: http://www.berghof-handbook-net
([42]) حیث یتم فی هذا الإطار تسویة الصراعات وحلها بتعدیل تفضیلات أطراف الصراع وإعادة تشکیل هویاتهم، عن طریق تشجیعهم على تبنی معاییر جدیدة من خلال عملیة تنشئة فی إطار ما أسمته مارثا فینیمور "بالبناء الاجتماعی الاستراتیجی"، حیث یتم الربط بین الخطابات Discursiveواستراتیجیات ترتکز على منح مکافآت أو فرض عقوبات فی حالة خرق تلک المعاییر أنظر فی ذلک:
Martha Finnimore and Kathryn Sikkink, Inter-norm Dynamics adhere and Political Change, International Organization, Vol.52, No.4 (1998).
       راجع أیضاً خبرة دول أمریکا الوسطى فی هذا المجال (السلفادور وجوایتمالا ونیکاراجوا) فی:
Pecenty and Stanely, Op. Cit, pp. 149-182.
       کذلک راجع مقولات المدرسة النقدیة خاصة فی مجال تسویة الصراع وحله بترکیزها على تحویل العلاقات الداخلیة القائمة على التمییز وعدم العدالة سواء بین الجماعات Societal Level أو بین الأفراد Interpersonal Level، أنظر على سبیل المثال:
Toran Hansen, Critical Conflict Resolution Theory and Practice, Conflict Resolution Quarterly, Vol.25, No.4 (Summer, 2008).
([43]) انظر فی ذلک على سبیل المثال :
-          نادیة مصطفى (إشراف وتقدیم)، سلسلة الأبعاد الحضاریة للصراعات فی العالم الإسلامی (القاهرة: مرکز الدراسات الحضاریة وحوار الثقافات، 2001).
-          ــــــــ، تجاور الثنائیات : "رؤیة حضاریة مغایره لفهم صراعات ما بعد الثورات العربیة"، ملحق اتجاهات نظریة، مجلة السیاسة الدولیة، العدد 190 (أکتوبر، 2012)، ص ص 29-32.
-          ــــــــ، "الدیمقراطیة العالمیة من منظورات غربیة، نحو منظور إسلامی فی علم العلاقات الدولیة"، سلسلة الوعی الحضاری، العدد 2 (2012).
([44]) هو الدکتور محمد أیوب الاستاذ بجامعة نهرو بالهند.
([45])   Ayoob, Op. Cit., p.41.
([46])   Ibid.
([47])   Ibid, pp. 45-46.
([48])   Ibid, p. 47.
([49])   Ibid.
([50]) أنظر فی ذلک:
         Mahammed Ayoob, "State – Making, State Breaking, State Failure" in Chester A Crocker and Fen Osler Hampson, eds. Managing Global Chaos: Sources of and Responses to International Conflict (Washington Dc: United States Institute of Peace Press, 1996), pp. 37-51.
([51])   Holsti, Op. Cit., p118.
([52]) یرى هولستی أن هذا المتغیر یعمل کعامل وسیط یفسر لماذا یحدث تفکک فی العلاقات فی لحظة معینة بین مجموعة من البشر عاشوا فی سلام لفترة طویلة من الزمن، وفی ذلک یشیر إلى حادث سقوط طائرة الرئیس الرواندی المنتمی إلى الهوتو فی أبریل 1994، وهو فی طریق عودته من مؤتمر السلام الذی عقد فی تنزانیا لینهی حرب العصابات التی تزعمها التوتسی ضد النظام، لتبدأ بعد ذلک عملیة إبادة واسعة النطاق ضدهم عبر جمیع أنحاء البلاد.
Ibid, p. 119.
([53]) "النوافذ السیاسیة" مصطلح تعرفه أدبیات الإصلاح الداخلی، وقد أشتقه روجر کینجدون من فکرة "نوافذ الفضاء" التی تشیر إلى أنه فی لحظة معینة من الوقت یوجد الکوکب المستهدف فی المکان المناسب لإطلاق الصاروخ الفضائی، لکن لن یبقى لفترة طویلة على هذا النحو، ومن ثم فإن عملیة الإطلاق یجب أن تتم عندما تکون النافذة مفتوحة وإلا ضاعت الفرصة، فإذا ضاعت فإنها من الممکن أن تتکرر فی وقت آخر وعلى رواد ومهندسی الفضاء الانتظار حتى یعاد فتح النافذة، أنظر فی ذلک:
         R. Kingdon, Agendas: Alternatives and Puplic Policies (Boston: Little, Brown and Company, 1984), pp. 174-178