الارتقاء بالتعليم في الدول العربية: متطلبات الاستدامة وقيود التمويل

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

المعهد العربى للتخطيط ، الکويت

المستخلص

تهدف هذه الدراسة الى تقييم مدى مساهمة التعليم في الدول العربية، في تلبية متطلبات الاستدامة التنموية، التي أصبحت تمثل غاية لکل دول العالم. وذلک من خلال تحليل واقع الاداء الکمي والنوعي للتعليم بمختلف مراحله في الدول العربية ومدى مواکبته للمعدلات والمتوسطات الدولية، وکذلک لتلک المعدلات المحققة في الدول المتقدمة والصاعدة التي تنتمي لذات المراحل التنموية التي تندرج ضمنها الدول العربية. إضافة الى تقييم أحد اهم المتغيرات الحاکمة المؤثرة في هذا القطاع الحيوي، الممثلة في الاستدامة التمويلية وأدوار شرکاء التنمية، لاسيما، الحکومة والقطاع الخاص والاطر الاهلية وغير الحکومية، بما يمکن الدراسة من طرح السبل والاليات العملية والمناسبة لخصوصية الدول والمجتمعات العربية القادرة بدورها على توفير متطلب الاستدامة التمويلية للعملية التعليمية، وفي ذات الوقت تضمن استدامة مسارالتنمية في الدول العربية.
 

نقاط رئيسية

تهدف هذه الدراسة الى تقییم مدى مساهمة التعلیم فی الدول العربیة، فی تلبیة متطلبات الاستدامة التنمویة، التی أصبحت تمثل غایة لکل دول العالم. وذلک من خلال تحلیل واقع الاداء الکمی والنوعی للتعلیم بمختلف مراحله فی الدول العربیة ومدى مواکبته للمعدلات والمتوسطات الدولیة، وکذلک لتلک المعدلات المحققة فی الدول المتقدمة والصاعدة التی تنتمی لذات المراحل التنمویة التی تندرج ضمنها الدول العربیة. إضافة الى تقییم أحد اهم المتغیرات الحاکمة المؤثرة فی هذا القطاع الحیوی، الممثلة فی الاستدامة التمویلیة وأدوار شرکاء التنمیة، لاسیما، الحکومة والقطاع الخاص والاطر الاهلیة وغیر الحکومیة، بما یمکن الدراسة من طرح السبل والالیات العملیة والمناسبة لخصوصیة الدول والمجتمعات العربیة القادرة بدورها على توفیر متطلب الاستدامة التمویلیة للعملیة التعلیمیة، وفی ذات الوقت تضمن استدامة مسارالتنمیة فی الدول العربیة.

 

التعلیم – الاستدامة التمویلیة – الاستدامة التنمویة –تمویل التعلیم – جودة التعلیم - الدول العربیة –المؤشرات الکمیة والنوعیة للتعلیم.

الكلمات الرئيسية


الارتقاء بالتعلیم فی الدول العربیة: متطلبات الاستدامة وقیود التمویل

 

 

 

 

مستخلص:

تهدف هذه الدراسة الى تقییم مدى مساهمة التعلیم فی الدول العربیة، فی تلبیة متطلبات الاستدامة التنمویة، التی أصبحت تمثل غایة لکل دول العالم. وذلک من خلال تحلیل واقع الاداء الکمی والنوعی للتعلیم بمختلف مراحله فی الدول العربیة ومدى مواکبته للمعدلات والمتوسطات الدولیة، وکذلک لتلک المعدلات المحققة فی الدول المتقدمة والصاعدة التی تنتمی لذات المراحل التنمویة التی تندرج ضمنها الدول العربیة. إضافة الى تقییم أحد اهم المتغیرات الحاکمة المؤثرة فی هذا القطاع الحیوی، الممثلة فی الاستدامة التمویلیة وأدوار شرکاء التنمیة، لاسیما، الحکومة والقطاع الخاص والاطر الاهلیة وغیر الحکومیة، بما یمکن الدراسة من طرح السبل والالیات العملیة والمناسبة لخصوصیة الدول والمجتمعات العربیة القادرة بدورها على توفیر متطلب الاستدامة التمویلیة للعملیة التعلیمیة، وفی ذات الوقت تضمن استدامة مسارالتنمیة فی الدول العربیة.

 

کلمات مفتاحیة:

التعلیم – الاستدامة التمویلیة – الاستدامة التنمویة –تمویل التعلیم – جودة التعلیم - الدول العربیة –المؤشرات الکمیة والنوعیة للتعلیم.

 

مقدمة:

فی ضوء ما یمثلة التعلیم من أهمیة ترتبط بکونه مرتکزا أساسیا من مرتکزات بناء القدرات البشریة وداعما أساسیا للاستدامة الاقتصادیة والاجتماعیة للدول والمجتمعات، وفی ضوء ما تتضمنه معظم الرؤى الوطنیة للدول العربیة من ترکیز واضح على قطاع التعلیم،إدراکا لاهمیة وحیویة دوره فی تحقیق اهداف تلک الرؤى الوطنیة والخطط التنمویة المنبثقة عنها.

تسعى هذه الدراسة الى التصدى للاجابة على تساؤل اساسی یتمحور حول تقییم مدى تمکن الدول العربیة من بناء قدرات وأنطمة تعلیمیة داعمة للاستدامة التنمویة، وکذلک تقییم مدى قدرة تلک الانظمة التعلیمیة على تلبیة متطلبات الاستدامة التمویلیة، ویأتی ذلک من خلال توجه الدراسة لرصد وتقییم أداء قطاع التعلیم فی الدول العربیة، من خلال تبین اهم التحدیات الکمیة والنوعیة التی یواجهها. وکذلک تحلیل مدى مساهمة الأنماط القائمةلانطمة التعلیم فی الدول العربیة وتوزیع الأدوار بین شرکاء التنمیة فی الدولة، ممثلین فی الحکومة والقطاع الخاص والمنظمات والاطر غیر الحکومیة، وذلک فیما یتعلق بتدعیم مسارات التعلیم المفضیة للاستدامة، مع الترکیز فی إتمام هذا التحلیل والتقییم على إشکالیة استدامة وکفاءة تمویل خدمات التعلیم فی الدول العربیة، وکذلک البحث والطرح لأهم السبل التی تضمن التصدی لتلک الإشکالیة بشکل داعم لکفایة وکفاءة العملیة التعلیمیة ومخرجاتها، مع السعی لتحدید أدوار ومسئولیات شرکاء التنمیة، لاسیما الحکومات الوطنیة، تجاه تأمین مسار مستدام للارتقاء بالعملیة التعلیمیة فی الدول العربیة. وذلک فی ضوء التطبیقات والممارسات الدولیة الرائدة فی هذا المجال.

وقد قامت المنهجیة التی استخدمتها هذه الدراسة على المنهج التحلیلیبشکل أساسی من خلال تتبع وتشخیص الظواهر محل اهتمام الدراسة، وبما مکن فی النهایة من فهم تحدیات الواقع الراهن لاشکالات تمویل التعلیم فی الدول العربیة، ومن ثم توجیه مستقبل استدامتها التمویلیة والتنمویة. حیث قامت الدراسة باستخدام مختلف أنواع المؤشرات الکمیة والنوعیة التی ترصد وتقیم واقع التعلیم فی الدول العربیة وقدرته على استیفاء متطلب الاستدامة التمویلیة، مع استخدام واسع للمقارنات الدولیة لتحدید حجم الفجوات فی الدول العربیة، وذلک وفق القدرات والإمکانات المالیة والاقتصادیة المتاحة للدول العربیة، وبمراعاة اختلاف وتباین مستویاتها التنمویة، کما استرشدت الدراسة فی صیاغة تصوراتها ومقترحاتها لاهم الممارسات الناجحة فی تجارب الدول المتقدمة والصاعدة على مستوى العالم وإسقاط ذلک على واقع الدول العربیة.

وفی هذا الإطار تاتی الدراسة فی أربعة محاور أساسیة على النحو التالی:

أولاً: التعلیم والاستدامة والتأسیس لقواعد الاقتصاد القائم على المعرفة فی الفکر والتطبیق.

ثانیاً:التحدیات الکمیة والنوعیة للتعلیم فی الدول العربیة: الواقع والأداء المقارن.

ثالثاً: إشکالات وقیود تمویل التعلیم فی الدول العربیة.

رابعاً: اطروحات إستیفاء متطلبات الاستدامة التمویلیة للارتقاء بالتعلیمفی الدول العربیة فی ضوء التجارب والتوجهات الدولیة.

الخاتمة والتوصیات.

یظهر الواقع الدولی اضطراد الاهتمام بجوانب التنمیة الشاملة، القائمة على تطویر القدرات والطاقات الفعلیة القائمة داخل الدول والمجتمعات، والتطلع المستمر نحو آفاق جدیدة فی مجالات التکنولوجیا وتطبیقاتها، وسرعة ترجمة الأفکار والابتکارات ونتائج البحوث والدراسات الى منتجات سلعیة او خدمیة قابلة للاتجار.

ومما لا شک فیه ان مثل هذا التوجه هو نتاج لمنظومة عمل واسعة ومتکاملة تشمل کافة اطر التشریعات والمؤسسات والتنظمیات وقواعد العمل الی تمیز ترکیبة الهیاکل الاقتصادیة والاجتماعیة لتلک الدول والمجتمعات. ویبقى الامر المؤکد ان جوهر هذه المنظومة هو الاهتمام بالعنصر البشری وبناء قدراته، والتی تتمحور بشکل اساسی حول التعلیم. ویاتی هذا التوجه الدولی فی الوقت الذی لازالت فیه الدول العربیة تواجه العدید من التحدیات والعقباتالتنمویة والهیکلیة. حیث تواجه الدول العربیة الأعلى دخلاً والأکثر رقیاً فی سجل التنمیة البشریة (HDI)، إشکالیة ضعف أو قصور مستویات التنویع الاقتصادی فیها وارتباط الجزء الأکبر من النشاط الاقتصادی وکذلک من تمویل الانفاق العام بالموارد النفطیة، إضافة لما تواجهه تلک الدول من إشکالات اختلال الترکیبة السکانیة، وتنامی العمالة الوافدة، بشکل یمثل تهدیدا لاستقرارها وتوازنها المجتمعی والسیاسی، ممثلة بشکل اساسی فی دول مجلس التعاون الخلیجی.کما تواجه باقی الدول العربیة متوسطة ومنخفضة الدخل إشکالات أخرى ترتبط بشکل أساسی بضعف او عدم کفایة او ندرة الموارد، إضافة للنمو السکانی، وضعف الکفاءة الاقتصادیة، وقصور التشغیل وتنامی الفقر والبطالة واتساع حجم القطاع غیر المنظم. هذا إضافة لما تواجهه الدول العربیة بشکل عام، وبمختلف تصنیفاتها الاقتصادیة والتنمویة، من إشکالات تنامی الطلب على الخدمات العامة، والمطالبات المستمرة بتحسین وتجوید نوعیة الخدمات المقدمة للمواطنین، بما فی ذلک خدمات التعلیم، وکذلک ما تواجهه من تحدیات تلبیة استحقاقات الاستدامة بابعادها الاقتصادیة والاجتماعیة والبیئیة، والتی یدور جانبها الأکبر حول بناء عنصر بشری فی الوقت الحاضر والمستقبلی یقود ویؤسس وینتفع بهذا المسار، وهو الامر الذی یرتبط مباشرة بقطاع التعلیم ومخرجاته فی الدول العربیة. کما تاتی أهمیة معالجة هذا الموضوع استنادا لما یظهره الواقع العربی من تنامی معدلات البطالة وقصور التشغیل، وتجاوزه المتوسطات العالمیة بأکثر من الضعف، وهو الامر الذی یعود فی جانب کبیر منه، الى معاناة معظم الدول العربیة من عدم تأهیل او مناسبة مؤهلات قوة العمل فیها (مخرجات العملیة التعلیمیة) لمتطلبات أسواق العمل، إضافة لضعف انظمة التعلیم والتدریب والاستعداد التکنولوجی والابتکار، وهی مجموعة العوامل التی تضعف من التنافسیة الاقتصادیة وتهدد المسار المستدام للتنمیة[1].

أولاً: التعلیم والاستدامة والتأسیس لقواعد اقتصاد المعرفة فی الفکر والتطبیق

1- التعلیم والاستدامة التنمویة

جاء التعلیم على رأس الأهداف العالمیة للتنمیة المستدامة SDGs – 2015، مؤکدا على ""ضمان التعلیم الجید المنصف والشامل للجمیع وتعزیز فرص التعلم مدى الحیاة للجمیع" وذلک کهدف قائم بذاته ضمن الأهداف السبعة عشرة للتنمیة المستدامة، إضافة لکونه عنصراً أساسیاً ضمن خمسة اهداف أخرى للتنمیة المستدامة. وهی الأهداف التی تمثل جدول اعمال للعالم للفترة 2015 – 3030، والتی مثلت بدورها تطویراًلاهداف الالفیة التنمویة MDGs – 2000، Millennium Development Goals، والتی تضمنت أیضا التعلیم وتعمیمه کهدفین أساسیین من أهدافها الثمانیة، والتی امتدت للفترة (2000 – 2015)[2]. کما اکدت الدراسات ان التعلیم الذی یتسم بالجودة هو أساس تحقق النمو الاقتصادی والارتقاء بمستویات التنمیة.[3] کذلک فان الانفاق على التعلیم وتمویله هو أحد اهم جوانب الاستثمار طویل الاجل، التی تتضمن عوائدة جوانب اقتصادیة واجتماعیة، ترفع من قدرات الافراد والمجتمعات، وکذلک تزید الطاقة الإنتاجیة الکلیة للاقتصاد، بمعنى ان الانفاق على التعلیم سواء على مستوى الافراد او الدول، هو إنفاق استثماری ذو طبیعة منتجة، ولا یندرج تحت أی توصیف ضمن أوجه الانفاق الجاری [4]، وهو الطرح الذی یجب التأکد من ادراکه لدى واضعی السیاسات ومتخذی القرار وبخاصة فی الدول العربیة، لیتم ترجمته الى خطط وبرامج وموازنات وتوجهات مؤسسیة وتشریعیة تؤکد وتبرهن على هذا الادراک. ووفقا للبنک الدولی، فان جدوى هذا الاستثمار ترتکز او تتحدد بمرتکزات أساسیة تتمثل فی الاستثمار فی وقت مبکر، والبناء الحقیقی للقدرات/التعلم، إضافة للجانب المرتبط بضمان عدم الاقصاء او التمییز بمعنى ان التعلیم للجمیع. کما ان نجاح تلک الجهود یبقى مرتهنا بالقدرة على تهیئة بیئة أعمال تنافسیة، ورفع مستوى المساءلة، وتحدیث التعلیم ونظم تنمیةالمهارات لإعداد المواطنین لوظائف المستقبل[5].

کذلک للتعلیم دورا محوریا فی ضمان التمکین (للافراد والمجتمعات) بمعناه الواسع اقتصادیا واجتماعیا وسیاسیا، حیث یمثل التعلیم "الجید" أداة فعلیة تزید من قدرات الافراد والمجتمعات على توسیع خیاراتهم التنمویة بکافة جوانبها، وکذلک تزید من مستویات استمتاعهم بالحیاة ذاتها [6]. وکانت احدى الدراسات التطبیقیة الخاصة برصد وقیاس أثر التعلیم على التنمیة قد توصلت الى إیجابیة أثر التعلیم والتراکم المعرفی على تحقیق عوائد اقتصادیة ممثلة فی فرص عمل أکثروانتاجیة واجور اعلى[7]. إضافة لدراسات أخرى متعددة اکدت على الارتباط الإیجابی بین نوعیة التعلیم وجودته، والنموالاقتصادی وتعزیز الرفاهة[8].

ولتوثیق الأثر المباشر للتعلیم على المرود التنموی مقاسا بالاثر على دخل الفرد، فقد اکدت دراسة مسحیة للبنک الدولی أن کل عام دراسی إضافی فی متوسط عدد سنوات التعلیم یرفع من العائدات الحدیة لدخل الفرد من الدخل القومی بقیمة 840 دولار فی الدول منخفضة الدخل، وبقیمة 1954 دولار فی الدول متوسطة الدخل، وبقیمة 16430 دولارفی الدول ذات الدخل المرتفع، وهو الامر الذی یوضح الارتباط الإیجابی بین التعلیم واسوق العمل والدخول المحققة، کما یظهر کذلک حدة التفاوت فی العائدات الحدیة لسنوات التعلیم فیما بین دول العالم، حیث تتضاعف تلک العوائد کلما ارتفع المستوى الکلی للدخول والتنمیة فی الدولة. [9]

وتکمن أهمیة تلک الدراسة المسحیة للبنک الدولی فی انها أجریت على أکثر من 140 دولة عبر العالم، کما انها خلصت فی المحصلة لارساء حقیقیة الدور المرکزی لراس المال البشری فی تکوین وتراکم ثروات الدول والمجتمعات، مقارنة بباقی اشکال راس المال (الطبیعی او المادی)، بمعنى ان راس المال البشری المؤهل والمتعلم والقادر على الابتکار والتطویر هو الرکن الأساسی والمساهم الأکبر فی النمو العالمی مقارنة براس المال الطبیعی من ثروات وهبات طبیعیة غیر متجددة، او راس المال المادی من الات ومعدات وتجهیزات واصول مادیة ومالیة أخرى.  کما ان اللافت فی هذه الدراسة هو ما رصدته من ارتفاع المساهمة المرتبطة بدور راس المال البشری او غیر المادی او المعنوی، کلما ارتفع المستوى التنموی والاقتصادی للدول أو للإقلیم، وانخفاضها بالتوازی مع انخفاض أو تراجع مستویات التطور التنموی والاقتصادی للدول، فی ربط واضح بین الابعاد المتصلة ببناء راس المال البشری مثل التعلیم والتدریب والابتکار، وباقى الترتیبات الاقتصادیة والاجتماعیة القائمة فی الدولة، والتی تؤثر بطبیعة الحال فی فعالیة وجودة المنتج البشری[10]. وتتفق تلک النتائج مع نتائج سابقة قدرها العدید من الباحثین لاسیما روبرت سولو، الذی توصل الى ان العامل الأساسی للنمو الاقتصادی هو اکتساب وإنتاج ونشر المعرفة والاستثمار فی رأس المال البشری[11].

2- التعلیم وأسس الاقتصاد القائم على المعرفةوالابتکار

یشهد العالم بکافة أقالیمه تطورا غیر تقلیدی للمنظومة الاقتصادیة التی تأصلت معالمها منذ خمسینات القرن الماضی، فی مختلف التجارب الدولیة التنمویة.حیث یتحرک العالم بخطوات متسارعة نحو منظومة عالمیة قائمة على الابتکار والاعتماد على المکون المعرفی والقدرات والامکانات البشریة للمجتمع لخلق وتولید أفکار وأسالیبإبداعیة، على شکلمسموع أو مقروء أو مرئی، ومن ثم دفع التنمیةوتعزیز عملیة تولید الدخول والتوظف وزیادة عوائد التصدیر وزیادة الاندماج الاجتماعی والتنوع الثقافی والإنسانی[12].وأصبحت منظومة عناصر الإنتاج الحدیثة تعتمد على محصلة تفاعلکل من راس المال البشری، والثقافی، والاجتماعی، والمؤسسی (شکل 1)، وهی العوامل التی تطلق القدرات الإبداعیة فی الدول والمجتمعات، والتی تتمحور بدورها حول التعلیم واکتساب المعارف. حیث تکون المخرجات أو المنتجات غیر قاصرة على محتوى القیمة المادیة أو المالیة، بل تتعداها إلى المحتوى الثقافی والفکری والمؤسسی[13]. (شکل 1)

 

 

 

شکل 1: مکونات عناصر المنتج الإبداعی – UNDP 2010

 

 

ومما یشیر الى أهمیة هذا التوجه وانعکاساته على واقع الاقتصاد عالمیا، ما رصدته التقاریر الدولیة من بلوغ قیمة صادرات العالم من السلع القائمة على الابتکار والابداع عام 2011 نحو 454 ملیار دولار، استحوذت 10 دول فقط على إنتاج75% منه، (الصین – الولایات المتحدة – ألمانیا – هونج کونج – ایطالیا – الهند – المملکة المتحدة – فرنسا – سویسرا – هولندا)، ومثلت صادرات الصین وحدها نحو 25% من الإجمالی العالمی للسلع القائمة على الابتکار. ولم تتمکن أیِ من الدول العربیة من اللحاق بذلک الاتجاه الدولی، الذی یؤسس لمرحلة جدیدة فی الاقتصاد العالمیوالتجارة الدولیة[14]. کذلک فقد قام البنک الدولی ببناء مؤشر لرصد وتقییم الأداء فیما بین دول العالم فی مجال بناء الاقتصاد القائمعلى المعرفة، ورصد دور الابتکار والتعلیم والتدریب على مستوى المجتمعات. حیث اظهرت نتائجهالتأخر الواضح للدول العربیة سواء فی المؤشر الکلی، او فی مؤشراته الفرعیة، مؤکدة تأخر مدخلات ومتطلبات بناء الاقتصاد القائم على المعرفة، لاسیما فی جانبی بناء وإنتاج المعرفة، وجاء انجاز الدول العربیة بما متوسطه 46.5% فقط مقارنة بالمتوسط العالمی البالغ 51.2% ومتوسط الشرق الأوسط وشمال افریقیا البالغ 47.4%[15]. کما یؤکد ذات النتائج المؤشر العربی للمعرفة للعام 2015، الذی یرصد واقع العناصر الأساسیة للمعرفة متضمنة عناصر او مؤشرات ستة أساسیة وهی التعلیم ما قبل الجامعی، والتعلیم التقنی والتدریب المهنی، والتعلیم العالی، وتکنولوجیا المعلومات والاتصالات، والاقتصاد، والبحث والتطویر والابتکار، بما یتضمنه کل مؤشر من مؤشرات فرعیة وتفصیلیة تتناول کافة العملیات المرتبطة بأداء المؤشر الأساسی. (جدول 1)

جدول (1) مؤشر المعرفة العربی 2015

الدولة/البیان

مؤشر

التعلیم ما قبل الجامعی

مؤشر

التعلیم التقنی والتدریب المهنی

مؤشر

التعلیم العالی

مؤشر

تکنولوجیا المعلومات والاتصالات

مؤشر الاقتصاد المعرفی

مؤشر

البحث والتطویر والابتکار

الجزائر

56.0375

54.9069

44.6055

25.5801

31.2116

22.1686

البحرین

66.5175

51.5194

28.6784

69.1276

62.116

36.2828

جزر القمر

28.751

-

-

-

28.78

-

جیبوتی

-

-

-

-

-

-

مصر

55.3537

54.3804

57.5091

40.7283

43.7266

27.1003

العراق

48.4891

28.6367

27.5271

-

-

24.5616

الأردن

55.2599

58.9916

59.0592

55.5981

58.8527

39.5303

الکویت

63.0288

55.2749

49.4085

56.2088

42.754

36.6207

لبنان

56.3348

60.8629

57.861

43.4605

47.5878

35.2897

لیبیا

26.5388

-

-

-

27.5946

22.9993

موریتانیا

21.1971

15.0566

19.1888

20.8747

33.4572

15.5942

المغرب

50.3478

63.695

40.8068

45.6484

58.1551

39.0253

عُمان

37.3922

48.9543

49.6663

55.0992

59.2569

39.0238

فلسطین

51.1434

33.1741

43.8774

-

-

18.18

قطر

66.2285

59.3249

59.4145

76.22

75.5844

40.4508

السعودیة

67.3942

56.0078

62.43

69.5848

64.7218

56.843

الصومال

27.5367

-

9.7493

-

-

-

السودان

41.2605

35.7107

34.1549

-

-

16.1018

سوریا

41.4071

38.355

26.379

-

-

21.5654

تونس

43.0464

68.7902

49.3712

46.1664

44.7182

49.0249

الإمارات

68.555

60.79

72.5581

77.477

77.5948

50.0765

الیمن

40.407

30.6229

16.7384

23.99

28.111

13.1583

المصدر: برنامج الأمم المتحدة الإنمائی UNDP ومؤسسة محمد بن راشد (2015): مؤشر المعرفة العربی – 2015.

 

ووفقا لتلک البیانات فقد جاء أداء الدول العربیة متدنیا على وجه العموم، حیث تراوح الأداء لمؤشر التعلیم ما قبل الجامعی بین أقل معدلاته فی موریتانیا (21.2%)، وأفضلها فی الامارات (68.5%)،  ومؤشر التعلیم التقنی والتدریب المهنی بین أقل معدلاته فی موریتانیا (15.1%) وأعلاها فی تونس (68.8%)، ومؤشر  التعلیم العالی بین أقل معدلاته فی الیمن (16.7%) وأعلاها فی الامارات (72.5%)، ومؤشر تکنولوجیا المعلومات والاتصالات بین أقل معدلاته فی موریتانیا (20.9%)، وأعلاها فی الامارات (77.5%)، ومؤشر  الاقتصاد المعرفی بین أقل معدلاته فی الیمن (28.1%)، وأعلاها فی الامارات (77.6%)، ومؤشر  البحث والتطویر والابتکار بین أقل معدلات فی الیمن (13.1%)، وأعلاها فی السعودیة (56.8%). ویلاحظ وجود ارتباط بین مستویات الدخول ومستوى الأداء التنموی بشکل عام ومتوسط الأداء العام فی عناصر المعرفة فی الدول العربیة (التی توفرت عنها بیانات)، کما یلاحظ ان الجانب الأکبر من الدول العربیة لم یتمکن من تجاوز حاجز الــ 50 فی المائة من المؤشرات محل القیاس، فی دلالة واضحة تؤکد حجم الفجوة والتاخر الذی تواجهه الدول العربیة فی معظمها فی مجالات التعلیم والتأسیس لبناء الاقتصاد القائم على المعرفة *[16]

ثانیاً: التحدیات الکمیة والنوعیة للتعلیم فی الدول العربیة: الواقع والأداء المقارن

1- الدول العربیة فی میزان التنمیة البشریة.

تجدر الإشارة قبل استعراض الواقع الکمی والنوعی للتعلیم فی الدول العربیة، التأکید على وجود تفاوتات تنمویة فیما بین الدول العربیة، تتضمن بشکل أساسی فجوات واسعة فی مستویات الدخول، حیث یبلغ متوسط نصیب الفرد من الناتج فی أعلى الدول العربیة دخلا ممثلة فی دولة قطر نحو 65ألف دولار لکل فرد، فی حین یبلغ فی أقل الدول دخلا ممثلة فی الصومال نحو 281 دولار لکل فرد وذلک کمتوسط لسنوات الفترة 2011 – 2013 [17]. وقد میزت بعض الدراسات بین الدول العربیة، على أساس وفرة الثروات والموارد النفطیة، بحیث تقسم إلى مجموعتین (نفطیة وغیر نفطیة)، تضم مجموعة الدول النفطیة کل من الدول الستة أعضاء مجلس التعاون إضافة الى الجزائر ولیبیا والعراق، وتضم المجموعة الثانیة باقی الدول العربیة، إلا أن هذا التقسیم یواجه کذلک بتناقضات وتفاوتات واضحة فی السمات التنمویة الأساسیة للدول المنتمیة لکل مجموعة. لذا فقد یکون الأنسب الاستعانة بالتقسیم القائم على معدل الأداء فی السجل الدولی للتنمیة البشریة، الصادر عن البرنامج الإنمائی للأمم المتحدة – HDI – Human Development Index، والذی یعکس الى حد بعید الواقع التنموی الکلی للدول، بین دول ذات تنمیة بشریة عالیة جدا، ودول ذات تتنمیة بشریة عالیة، ودول ذات تنمیة بشریة متوسطة، ودول ذات تنمیة بشریة منخفضة. والذی یقوم على قیاس التقدم فی مجالات التنمیة الاقتصادیة معبرا عنها بمؤشر متوسط نصیب الفرد من الناتج، ومجالات التنمیة الاجتماعیة معبرا عنها بمؤشرات لقطاعی التعلیم والصحة. حیث تضم المجموعة الأولى کل من (قطر، والسعودیة، والامارات، والبحرین، والکویت)، وتضم المجموعة الثانیة کل من (عمان، ولبنان، والجزائر، والأردن، ولیبیا، وتونس)، وتضم المجموعة الثالثة کل من (مصر، وفلسطین، والعراق، والمغرب)، وتضم المجموعة الرابعة کل من (سوریا، وموریتانیا، القمر، السودان، والیمن، وجیبوتی، والصومال)[18]. ویمکن هذا التصنیف من موضوعیة تقییم الأداء العربی مقارنة بالمتوسطات العالمیة او بالمتوسطات المحققة فی الدول التی تنتمی الى ذات الإطار التنموی فی سجل التنمیة البشریة.

2 التقییم الکمی لاداء قطاع التعلیم فی الدول العربیة.

رغم ما یظهره واقع الأداء العربی فی قطاع التعلیم، من تمکن معظم الدول العربیة من تحقیق تقدمفی المؤشرات الکمیة لقطاع التعلیم، معبرا عنها بمؤشر معدل القید الإجمالی على مستوى مختلف المراحل التعلیمیة، بدءا من مرحلة التعلیم ما قبل الابتدائی، ثم التعلیم الابتدائی، مرورا بالتعلیم الثانوی، ثم التعلیم العالی.الا ان تحلیل هذه النتائج مقارنة بالمتوسطات العالمیة، او بالدول المناظرة فی مستویات التقدم فی سجل التنمیة البشریة عالمیا، یمکن من التقییم الموضوعی القائم على رصد الفجوات عن المسارات التنمویة العالمیة، وفیما یلی عرض وتحلیل لهذه المؤشرات:(جدول 2).

أ‌-                  معدلات القید الإجمالی فی التعلیم الابتدائی: یمثل هذا المعدل أهمیة بالغة کما سبقت الإشارة فی التأسیس لمسار القدرات البشریة المکتسبة فی المستقبل للفرد وللمجتمع، إضافة لکونه استحقاقاللمواطن وفقا للدساتیر الوطنیة والمواثیق الدولیة. ویبرز التحلیل أنه رغم بلوغ المتوسط العربی لهذا المؤشر (98%)، الا أنه أقل من المتوسط العالمی البالغ (105%)، وأقل من نظیره المحقق فی الدول المتقدمة والبالغ (103%)، کما ییبرز تمکن عدد من الدول العربیة من تجاوز المتوسط العالمی المحقق، وکذلک المتوسط المحقق فی الدول المتقدمة (OECD)، حیث تمکنت الجزائر وتونس والمغرب، إضافة الى عمان والسعودیة والامارات والقمر من تحقیق هذا الإنجاز. ویظهر من هذا المؤشر أن هناک تفاوتاً واضحاً وحاداً فی السجل التنموی (HDI) بین هذه الدول.وهو الامر الذی قد یفسر بارتفاع معدلات الامیة فی هذه الدول (ما بین 20 الى 30%) فی بعض الدول، وتنامی جهودها لإعادة ادماج الفئات العمریة التی تجاوزت السن المناظرة لهذه المرحلة التعلیمیة، کما یوضح هذا المؤشر عدم ارتباط الاهتمام بهذه المرحلة التعلیمیة الحیویة بالموارد والإمکانات المالیة والاقتصادیة المتاحة للدولة، حیث تتباین هذه الدول بوضوح فی هذه الإمکانات. 

کذلک فقد تمکنت معظم الدول العربیة وفقا للتقاریر الدوریة للیونسکو من تحقیق تعمیم التعلیم الابتدائی (الهدف الثانی للاهداف التنمویة الالفیة – MDGs 2015، إلا أن هناک عدداًغیر قلیل لازال بعیدا عن تحقیق هذا الهدف مثل (الیمن، وموریتانیا، وجیبوتی، وفلسطین، والأردن)، وتشیر التقدیرات الى عدم تمکن 5 ملیون طفل عربی سنویاً من الالتحاق بالتعلیم الابتدائی، معظمهم فی الیمن ومصر وموریتانیا والمغرب والسعودیة، اغلبهم من الفتیات [19].

ب‌-              معدلات القید فی التعلیم ما قبل الابتدائی: رغم أن الاهتمام بهذه المرحلة التعلیمیة یمثل توجهاً عالمیاً، إلا انه لازال غیر الزامی فی معظم الدول العربیة، وإن کان هناک تنامی فی کافة الدول العربیة فی الاهتمام بهذه المرحلة التعلیمیة، وقد جاء المتوسط العام للدول العربیة أقل کثیرا من المتوسط العالمی، حیث بلغ المتوسط العربی 37%، مقابل بلوغ نظیره العالمی 47%، کما یلاحظ أن بعض الدول العربیة ذات السجل المتقدم فی التنمیة البشریة مثل قطر والبحرین، لم تواکب المعدلات المحققة کمتوسط للدول المتقدمة (80.0%)، مقابل تمکن دول مثل الامارات ولبنان والکویت من تحقیق افضل المعدلات والتی تجاوزت  تلک المحققة عالمیا أو فی مجموعة الدول المتقدمة، لاسیما الامارات التی حققت معدل قید بلغ 92.0%.فی حین تمکن عدد من الدول العربیة من تجاوز المتوسط العالمی مثل (الجزائر، والمغرب، وقطر، والبحرین، وعمان، وجیبوتی، وفلسطین)، بما یوضح انخراط معظم الدول العربیة ضمن هذا التوجه العالمی، وان کانت الفجوة فی الأداء لازالت واسعة لمعظم الدول العربیة، والتی تمثل مرکز الثقل فی عدد السکان فی الدول العربیة ممثلة فی مصر، والسعودیة، والیمن، وموریتانیا، والسودان والأردن.

ت‌-     معدلات القید الإجمالی للتعلیم الثانوی: تشیر البیانات الى تساوی المتوسط المحقق عربیا مع نظیره المحقق عالمیا عند مستوی76%، ومع ذلک فقد بلغ هذا المتوسط فی مجموعة الدول المتقدمة 104%، حیث یمثل هذا التعلیم خصوصیة عالیة فی مجال أسواق العمل وکذلک الامداد لمدخلات مرحلة التعلیم العالی، وقد تمکن العدد الأکبر من الدول العربیة من تجاوز المتوسط العربی والعالمی ممثلین فی قطر، والسعودیة، وعمان، والجزائر، والکویت، وتونس، ومصر والأردن، وفلسطین، کما تمکنت الدول العربیة الاعلی فی سجل التنمیة البشریة (قطر والسعودیة) من تجاوز المعدل المحقق کمتوسط فی الدول المتقدمة ، حیث بلغ معدل القید الإجمالی 109%، 108% لکل منهما على التوالی. فی حین تظهر البیانات عدم تمکن باقی الدول العربیة من تحقیق المتوسط العربی والعالمی ممثلین فی السودان، وجیبوتی، والیمن، وسوریا، والقمر، ولبنان، والمغرب، وهی الدول التی تنتمی الى سجل التنمیة البشریة المنخفضة والمتوسطة. 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

جدول (2): مؤشرات أداء قطاع التعلیم فی الدول العربیة ودول مقارنة على مستوى العالم

لسنوات الفترة 2005 –  2015 (188 دولة)

الدولة/المؤشر/ الترتیب الدولی

معدل الانفاق الحکومی على التعلیم للناتج المحلی الإجمالی

(2010 – 2014)

معدل الطلبة لکل معلم فی التعلیم

الابتدائی

(2010-2015)

معدل التسرب من التعلیم الابتدائی

معدل القید الإجمالی

نسبة السکان الحاصلین على التعلیم الثانوی کحد ادنی للفئة 25 عام فأکثر

الالمام بالقراءة والکتابة بین البالغینن 15 عام فأکثر

التعلیم العالی

التعلیم الثانوی

التعلیم الابتدائی

التعلیم ما قبل الابتدائی

تنمیة بشریة مرتفعة جدا

1.النرویج

7.4

9

0.4

77

113

100

98

95.3

-

2.استرالیا

5.3

-

-

87

138

107

109

91.5

-

5.سنغافورة

2.9

17

1.3

-

-

-

-

78.6

96.8

10.الولایات المتحدة الامریکیة

5.2

15

-

87

98

100

71

95.3

-

12- هونج کونج

3.6

14

1.6

69

101

111

109

77.4

-

17- الیابان

3.8

17

0.2

62

102

102

90

91.8

 

18.کوریا

4.6

17

0.4

95

98

99

92

91.4

-

33.قطر

3.5

11

2.3

16

109

101

58

68.4

97.8

38.السعودیة

5.1

11

1.3

61

108

109

16

66.5

94.7

42.الامارات

1.0

19

8.0

22

92.4

107

92

67.7

93.8

47.البحرین

2.6

12

2.2

37

95.5

105

55

57.9

95.7

49- الاتحاد الروسی

4.2

20

3.6

79

101

99

84

94.6

99.7

51.الکویت

3.8

9

4.3

27

94

103

81

57.4

96.2

تنمیة بشریة مرتفعة

52.عمان

5.0

-

1.3

29

102

110

54

58.8

94.8

56 - کازاخستان

3.1

16

1.2

46

109

111

60

100

99.8

59.مالیزیا

6.1

11

5.8

30

79

107

99

77.1

94.6

76.لبنان

2.6

12

6.7

43

68

97

84

54.2

93.9

83.الجزائر

4.3

24

6.6

35

100

119

79

34.9

80.2

86.الاردن

3.4

 

2.1

48

84

89

32

81.3

96.7

90.الصین

-

16

-

39

94

104

82

75.0

96.4

97.تونس

6.2

17

6.0

35

88

113

43

43.9

81.8

تنمیة بشریة متوسطة

111.مصر

3.2

23

3.9

32

86

104

30

61.4

75.2

114.فلسطین

4.9

24

2.5

44

82

95

51

58.8

96.7

123.المغرب

6.6

26

10.7

25

69

116

60

29.4

72.4

تنمیة بشریة منخفضة

149.سوریا

4.9

-

83.9

33

50

80

6

38.9

86.4

157.موریتانیا

3.3

34

35.9

6

30

98

3

17.3

52.1

160.جزر القمر

5.1

28

44.6

9

59

105

23

-

77.8

165.السودان

2.2

25

20.6

17

43

70

34

16.3

75.9

168.الیمن

-

30

30.5

10

49

97

1

24.4

70.1

172.جیبوتی

4.5

33

15.6

5

47

66

54

-

-

متوسط الدول العربیة

-

21

16.1

30

76

98

37

47.0

80.7

المتوسط للعالم

5.0

24

-

35

76

105

47

64.9

84.3

المتوسط لمنظمة التعاون الاقتصادی والتنمیة OECD

5.1

15

-

70

104

103

80

85.5

-

UNDP – 2016.: “ Human Development Report 2016- Human Development for Everyone”, UNDP – 2016

 ویتفق مع نتائج هذا المؤشر الى حد بعید، ما اظهرته نتائج مؤشر عدد السکان الحاصلین على التعلیم الثانوی کحد ادنی للفئة العمریة 25 عام فأکثر، وهو المؤشر الأکثر ارتباطا بمستویات التقدم والانجاز التنموی، حیث ظهر ان الدول المتقدمة کمتوسط عام وکدول مثل النرویج والولایات المتحدة وأسترالیا وکوریا، هی الأعلى إنجازا ضمن هذا المؤشر، وجاءت  الدول العربیة الأعلى فی سجل التنمیة البشریة مثل قطر ، والامارات ، والسعودیة، متجاوزة للمتوسط العالمی، ولکنها أقل کثیرا من المتوسط المناظر للدول  المتقدمة، کذلک فقد کان الأردن البلد العربی الوحید خارج مجموعة الدول العربیة الأعلى فی سجل التنمیة الببشریة الذی تجاوز المتوسط العالمی وکذلک کان الأعلى عربیا ضمن هذا المؤشر. وبشکل عام فقد کان المتوسط العربی أقل کثیرا من المتوسط العالمی، حیث بلغ المتوسط العربی 47%، مقابل بلوغ المتوسط العالمی 64.9%، وبلوغه فی الدول المتقدمة 85.3%. فی مقابل ذلک جاءت معظم الدول العربیة أقل من المتوسط العالمی ممثلة فی مصر، وعمان، وفلسطین، والبحرین، والکویت، ولبنان، وتونس، وسوریا، والجزائر، والمغرب، والیمن، وموریتانیا، وأخیرا السودان الذی بلغت فیه هذه النسبة 16.3% فقط. وترى العدید من الدراسات أن ارتفاع هذه النسبة هو دلالة ومؤشر یرتبط إیجابیا بقدرة الدول والمجتمعات على النمو وتنمیة قدراتها الإنتاجیة.

د- معدلات القید الإجمالی فی التعلیم العالی: تظهر البیانات – اتفاقا مع المؤشر سابق التقدیم – تدنی الإنجاز العربی فی هذا المؤشر ، حیث بلغ المتوسط العربی 30%، مقابل بلوغ المتوسط العالمی 35%، وبلوغه فی الدول المتقدمة 70%، ولم تتمکن سوى 7 دول عربیة فقط من تجاوز المتوسط العالمی ممثلة فی (السعودیة، والأردن، وفلسطین، ولبنان، والبحرین، والجزائر، وتونس)، فی حین لم تتمکن باقی الدول العربیة من تحقیق معدلات مواکبة للمتوسطات العالمیة، ممثلة فی (سوریا، ومصر، وعمان، والکویت، والمغرب، والامارات، والسودان، وقطر، والیمن، والقمر، وموریتانیا، وجیبوتی) ، ولم تتمکن أی من الدول العربیة من تحقیق المعدلات السائدة کمتوسط فی الدول المتقدمة، لاسیما الدول العربیة الأعلى فی سجل التنمیة البشریة، مثل السعودیة، والبحرین، بل ان باقی دول مجلس التعاون الخلیجی (عمان، والکویت، والامارات، وقطر)، تساوت مع الدول العربیة الأقل تقدما فی سجل التنمیة البشریة فی عدم استیفاءها -على الأقل- للمتوسط العام للدول العربیة.

مما سبق یظهر أن الدول العربیة بوجه عام أخفقت فی إدراک المتوسطات العالمیة السائدة فی المؤشرات الکمیة للتعلیم، رغم وتیرة التحسن والتطور الذی حققته معظم هذه المؤشرات، کما أخفقت الدول العربیة لاسیما الدول العربیة الأکثر تقدماً فی سجل التنمیة البشریة من مواکبة المعدلات التی تحققها الدول المناظرة لها فی السجل التنموی ممثلة فی مجموعة الدول الأعضاء فی منظمة التعاون (OECD). کما یظهر أن کافة الدول العربیة وعلى اختلاف مستویاتها وقدراتها التنمویة قد أخفقت بنسب متفاوتةفی تحقیق المؤشرات الکمیة المناسبة فی مختلف مراحل التعلیم.

3-المؤشرات النوعیة لاداء قطاع التعلیم فی الدول العربیة

رغم ما أظهره الأداء الکمی لقطاع التعلیم فی الدول العربیة من تأخر واضح عن المعدلات العالمیة السائدة، الا أن الفجوة تصبح أکثر وضوحا عند استعراض واقع نوعیة وجودة التعلیم فی الدول العربیة، حیث تنامی الاهتمام الدولی بإنتاج مؤشرات أکثر تعبیراً عن نوعیة التعلیم متحولاً فی ذلک عن الرصد التقلیدی لنوعیة العملیة التعلیمیة وفقا للمؤشرات ذات الطابع الکمی. حیث تظهر المؤشرات النوعیة المرتبطة بنتائج الاختبارات الدولیة الخاصة بتقییم جودة العملیة التعلیمیة، عدم تمکن أیِ من الدول العربیة من تحقیق معدلات تتقارب على الأقل من المتوسطات الدولیة، وجاءت جمیع الدول العربیة (التی شارکت فی تلک الاختبارات) فی المواقع الأکثر تأخراً فی نتائج تلک الاختبارات، وفیما یلی عرض لأهم نتائج هذه الاختبارات.

3/1: الدول العربیة فی ضوء نتائج اختبارات البرنامج الدولی لتقییم الطلابPISA- "Programme for International Student Assessment"

یصدر هذا التقییم عن منظمة التعاون والتنمیة الاقتصادی (OECD)، وهو یرکز على تقییم مجالات القراءة والریاضیات والعلوم، متتبعا فی ذلک تقییم المعرفة والمهارات الأساسیة التی یحتاجها البالغون فی حیاتهم (15 عام). لاستکمال مسارهم التعلیمی ومن بعد ذلک المهنی، بمعنى أنه یسعى للتأکد من اکتساب المهارات الحقیقیة والقدرة على تطبیق المعارف لدى الطلاب. ویتم إجراء هذا الاختبار مرة کل ثلاث سنوات للطلاب فی سن (15 عام)، کما أنه یعطی ترکیزاً أکثر فی کل مرة على أحد المجالات الثلاثة سابقة الذکر.وقد أظهرت نتائج تلک الاختبارات للعام 2015، تذیل الدول العربیة المشارکة لقائمة الدول المشارکة. جدول (3).

جدول (3): متوسط قیمة المؤشر المحقق فی اختبارات (PISA) للعلوم والقراءة والریاضیات

للدول العربیة ودول مقارنة - 2015

الدولة/التخصص

العلوم

القراءة

الریاضیات

متوسط دول منظمة التعاون OECD

493

493

490

سنغافورة

556

535

564

الیابان

538

516

532

استونیا

534

519

520

تایوان

532

497

542

فنلندا

531

526

511

کندا

528

527

516

فیتنام

525

487

495

هونج کونج

523

527

548

کوریا

516

517

524

نیوزلندا

513

509

495

المانیا

509

509

506

هولندا

509

503

512

سویسرا

506

492

521

الولایات المتحدة الامریکیة

496

497

470

لوکسمبورج

483

481

486

ترکیا

425

428

420

قطر

418

402

402

الاردن

409

408

380

لبنان

386

347

396

تونس

386

361

367

الجزائر

376

350

360

OECD (2015): PISA 2015 Results in Focus- https://www.oecd.org/pisa/pisa-2015-results-in-focus.pdf

وکانت أفضل النتائج عربیا من نصیب قطر والأردن، وجاءت بعد ذلک کل من لبنان وتونس والجزائر، ویلاحظ وفقا للنتائج المدرجة فی هذا الجدولامراً غایة فی الأهمیة، وهو عدم اقتصار قائمة المراکز المتقدمة فی هذا الاختبار على الدول المتقدمة او الدول مرتفعة الدخل. حیث یلاحظ تمکن دول مثل الیونان واستونیا من إحراز مراکز أکثر تقدماً مثل الولایات المتحدة وسویسرا وهولندا وألمانیا، وکوریا، علما بأن متوسط دخل الفرد فی کلا الدولتین أقل کثیراً من الدخل المحقق فی معظم الدول المتقدمة، اذ یبلغ فی الیونان نحو 33 ألف دولار، وفی استونیا نحو 29.5 ألفدولار فقط وفقا لبیانات العام 2016.[20]

بل إن البیانات تظهر تمکن احدى الدول النامیة ممثلة فی فیتنام من تحقیق تقدمجوهری وواضح مقارنة بالدول السابق الإشارة الیها، وبطبیعة الحال مقارنة بنتائج الدول العربیة المشارکة، علما ببلوغ قیمة متوسط دخل الفرد فیها نحو 6100 دولار فقط، فی حین یبلغ هذا المعدل نحو 129 ألف دولار فی قطر، ونحو 18500 دولار فی لبنان، ونحو 15 ألف دولار فی الجزائر، ونحو 11700 دولار فی تونس، ونحو 11100 دولار فی الأردن. فی دلالة على عدم ارتباط قدرة الدول فی تطویر نوعیة التعلیم لدیها بقدراتها الاقتصادیة معبرا عنها فی هذه الحالة بمؤشر متوسط دخل الفرد. [21]

3/2: الدول العربیة فی ضوء نتائج اختبارات دراسة الاتّجاهات فی الرّیاضیات والعلوم– TIMSS Trends In Mathematics and Science Study

یعنى هذا الاختبار الدولی باختبار وتقییم قدرات الطلاب فی الصفوف الرابع والثامن فی مجالی الریاضیات والعلوم، وهو یهدف إلى الترکیز على السیاسات والنظم التعلیمیة، ودراسة مدى فعالیة المناهج الدراسیة وطرق تدریسها، والتطبیق العملی لها، وتقییم التحصیل فی الریاضیات والعلوم. حیث یتم جمع مصفوفة بیانات موسعة عن اهم العوامل التی تؤثر او تنعکس آثارها على معدلات التحصیل والمعارف والمهارات والقدرات لدى الطلاب فی کلا المجالین. وتتم هذه الدراسة تحت إشراف الهیئة الدولیة لتقییم التحصیل التربوی (IEA)..

ووفقا لبیانات الجدول (4) یظهر بوضوح توافق نتائج هذا الاختبار مع النتائج النوعیة السابق الإشارة الیها لاختبار PISA، حیث یظهر تأخر الدول العربیة (المشارکة).کما یتأکد مجددا عدم ارتباط القدرة على الارتقاء ینوعیة التعلیم بالقدرات والموارد الاقتصادیة.ویکفی للتدلیل على ذلک ملاحظة إنجاز دول نامیة متوسطة الدخل مثل الصین وروسیا وکازاخستان، والتی جاءت فی المراکز الدولیة الأکثر تقدما (بین المرکزین الثالث، والثالث عشر) فی قیمة المؤشر المحقق لکلا المرحلتین التعلیمیتین وفی کلا المجالین. وجاءت الدول العربیة بوجه عام مرتفعة ومتوسطة الدخل والتصنیف التنموی، فی نهایة الترتیب الدولی، لاسیما السعودیة والکویت والمغرب ومصر، وفی تأکید لحجم الفجوة القائمة فی نوعیة التعلیم فی الدول العربیة، واستنادا للاداء المحقق فی افضل الدول إنجازا فی هذه المؤشرات والممثلة فی سنغافورة، فقد بلغ حجم الفجوة بین الدول العربیة وسنغافورة فی مرحلة الصف الرابع فی الریاضیات ما بین (26.6 الى 42.7 %) ، وفی العلوم ما بین (18.1% الى 42.9 %)، کما ارتفعت هذه الفجوة فی مرحلة الصف الثامن لتبلغ ما بین (33.5 %الى 68.8%) فی الریاضیات ، وما بین (20.1% الى 37.9%) فی العلوم . وهو الأداء الذی نتج عنه فی المحصلة تواجد کافة الدول العربیة المشارکة ضمن التصنیف "الضعیف" وفقا لتصنیفات هذا الاختبار الدولی لنوعیة التعلیم، وکان أفضل الإنجازات عربیا من نصیب الامارات والبحرین وقطر وعمان لکلا المرحلتین التعلیمیتین[22].

جدول (4): بیان توضیحی حول اهم نتائج اختبارات TIMSS لقیاس نوعیة التعلیم فی الدول العربیة وعدد من دول المقارنة - TIMSS 2015

الدولة/المؤشر

نتائج اختبارات الصف الرابع

نتائج اختبارات الصف الثامن

الریاضیات/قیمة المؤشر

الترتیب الدولی

(49 دولة)

العلوم/ قیمة المؤشر

الترتیب الدولی

(47 دولة)

الریاضیات /قیمة المؤشر

الترتیب الدولی

(39 دولة)

 

العلوم/ قیمة المؤشر

الترتیب الدولی

(39 دولة)

سنغافورة

616

1

590

1

621

1

597

1

هونج کونج

615

2

557

5

594

4

546

6

کوریا

608

3

589

2

606

2

556

4

الصین

597

4

555

6

599

3

569

3

الیابان

593

5

569

3

586

5

571

2

الاتحاد الروسی

564

7

567

4

538

6

544

7

کازاخستان

544

13

550

8

528

7

533

9

ترکیا

483

36

483

35

458

24

493

21

الامارات

452

39

451

40

465

23

477

23

البحرین

451

40

459

38

454

25

466

25

قطر

439

41

436

41

437

28

457

26

عمان

425

43

431

42

403

32

455

29

الأردن

388

45

-

-

386

36

426

32

مصر

-

-

-

-

392

34

371

38

السعودیة

383

46

390

45

368

39

396

35

المغرب

377

47

352

46

384

37

393

36

الکویت

353

49

337

47

392

33

411

33

لبنان

-

-

-

-

442

27

398

34

IES- NCES – 2016: Times 2015 Result (2016): https://timssandpirls.bc.edu/timss2015/international-database/

 

3/3: المؤشرات الکمیة لنوعیة التعلیم

رغم الاهتمام الدولی بتقییم جودة العملیة التعلیمیة استنادا للحصیلة المعرفیة والتطبیقیة المکتسبة لدى المتلقین/الطلاب، وتقییم قدرتهم على الاستدعاء والتوظیف الکفء لمعارفهم ومهاراتهم، الا أن الملاحظ عدم شمول نتائج هذه الاختبارات لکافة دول العالم بما فیها الدول العربیة، لذا یمکن استخدام عدد من المؤشرات الکمیة (الأکثر إتاحة) ذات الدلالات النوعیة ، مثل مؤشر عدد الطلاب لکل فصل دراسی، أو لکل مدرسة، أو لکل مدرس، وهی المؤشرات التی قد تدلل على جودة البیئة التعلیمیة المحیطة بالطلاب، وفی هذا الاطار نستعرض مؤشر عدد الطلاب لکل مدرس لمرحلة التعلیم الابتدائی فی الدول العربیة ودول مقارنة کمتوسط للفترة 2010 - 2015، لمحاولة رصد وتقییم واقع هذه البیئة فی مختلف الدول العربیة.فوفقا لطبیعة هذا المؤشر، فان جودة العملیة التعلیمیة ترتبط بتراجع قیمته المحققة، وبملاحظة الشکل (2) یلاحظ أن معظم الدول العربیة قد حققت معدلات مقبولة فی هذا المؤشر مقارنة بالمتوسطات العالمیة.

 

UNDP – 2016.: “Human Development Report 2016- Human Development for Everyone”, UNDP – 2016

ففی الوقت الذی بلغ فیه المتوسط العربی لهذا المؤشر (21 طالب لکل معلم) فقد بلغ المتوسط العالمی (24 طالب لکل معلم)، اما عند تقییم الاداء المقارن فی الدول المتقدمة، فیلاحظ بلوغ هذا المعدل فی مجموعة الدول المتقدمة أعضاء منظمة التعاون الاقتصادی والتنمیة (15 طالب لکل معلم فقط)، وقد تمکن عدد من الدول العربیة من تحقیق معدلات أکثر افضلیة من تلک المحققة فی الدول المتقدمة، مثل الکویت وقطر والسعودیة والبحرین ولبنان، وتراوحت المعدلات المحققة بین 9 الى 12 طالب لکل معلم للمرحلة الابتدائیة. الا أن محدودیة الأهمیة النسبیة لعدد السکان والطلاب فی تلک الدول منسوبا لاجمالی عدد السکان والطلاب فی الدول العربیة لم یسهم فی انعکاس هذا الإنجاز على المتوسط العام للدول العربیة.

ورغم ذلک الإنجاز النسبی للدول العربیة فی هذا المؤشر مقارنة بالمتوسطات العالمیة او حتى بتلک المعدلات السائدة فی الدول المتقدمة، الا ان المؤکد أن ذلک الأداء لم ینعکس على الأداء النوعی لمخرجات العملیة التعلیمیة کما أظهرت ذلک المؤشرات النوعیة لاختبارات الجودة التعلیمیة السابق الإشارة الیها.

3/4: نوعیة التعلیم العالی فی الدول العربیة.

تؤکد المؤشرات الدولیة استمرار حالة التأخر العربی فی مجال نوعیة التعلیم العالی مواکبة لذات الأداء المتحقق فی التعلیم العام، فوفقا لمؤشر QS للتصنیف العالمی للجامعات (QS World University Rankings)، فقد جاءت الجامعات العربیة متأخرة، وکانت أول ظهور للجامعات العربیة فی القائمة من نصیب (جامعة الملک فهد للبترول والمعادن) فی المرتبة 227 عالمیا، ثم تلتها جامعات عربیة أخرى وذلک وفقا لبیانات العام 2017 لتظهر اخر الجامعات العربیة فی الترتیب الدولی889لجامعة الکوفة فی العراق. [23]ویتفق مع ذلک نتائج التصنیف العالمی للجامعات "شنغهای - 2016" الذی یضم قائمة لــ 500 جامعة عبر العالم، فلم تتمکن سوى 4 جامعات عربیة فقط من التواجد ضمن هذا التصنیف، منهم 3 جامعات سعودیة وجامعة مصریة، حیث جاءت جامعة الملک سعود فی المرکز 111، وجامعة الملک عبد الله للعلوم والتکنولوجیا فی المرکز 222، وجامعة الملک فهد للتعدین فی المرکز 326، وجاءت جامعة القاهرة فی المرکز 410 عالمیا. [24]کذلک فوفقا للتصنیف الصادر عن "مرکز تصنیف الجامعات" فمن بین 1000 جامعة على مستوى دول العالم فقد جاءت الجامعات العربیة ما بین المرکز 602 لجامعة الملک سعود فی السعودیة ، والمرکز 995 لجامعة الإسکندریة فی مصر، ولم تتمکن سوى 8 جامعات عربیة من التواجد ضمن التصنیف الذی ضم 1000 جامعة فی مختلف دول العالم، تضمنت إضافة للجامعتین السابقتین کل من الجامعة الأمریکیة فی لبنان فی المرکز 651، وجامعة الملک فهد فی السعودیة فی المرکز 707، وجامعة القاهرة فی مصر فی المرکز 771، وجامعة الإمارات فی الامارات فی المرکز 937 ، وجامعة عین شمس فی مصر فی المرکز 960، وجامعة المنصورة فی مصر فی المرکز 985، وجامعة الإسکندریة فی مصر فی المرکز 995[25].

ورغم استحواذ الدول المتقدمة مثل الولایات المتحدة والمملکة المتحدة والیابان وألمانیا والدول الأعضاء فی مجموعة OECD للجزء الأکبر من عدد الجامعات المدرجة ضمن هذه التصنیفات، واستحواذها على الجزء الأکبر من المراکز المتقدمة والمتوسطة فیها، الا أن تتتبع هذه القوائم، قد اظهر تمکن العدید من الدول النامیة والصاعدة من الانخراط ضمن هذه التصنیفات الدولیة، وکذلک تحقیق مراکز أکثر تقدما من الدول سابقة الذکر، لاسیما الصین وروسیا وسنغافورة وهونج وکونج، وتایوان، وتشیلی وجنوب افریقیا والهند والمکسیک. فی تأکید لما سبق تقدیمه فی الدراسة من عدم ارتباط الارتقاء بالخدمة التعلیمیة ومخرجاتها بالامکانات الاقتصادیة والسجل التنموی القائم فی الدولة، ووجود الامکانیة الدائمة للارتقاء بجودة التعلیم دون النظر لعامل الموارد والطاقات المتوفرة.کما تجدر الإشارة الى أن الملاحظة الواجب التوقف عندها هی أنه ورغم التاخر الواضح والکبیر للجامعات العربیة فی التصنیفات الدولیة لجودة العملیات التعلیمیة ومخرجاتها للتعلیم العالی، الا أن المساهمة الأساسیة کانت من نصیب مؤسسات التعلیم العالی الحکومیة/الجامعات الحکومیة، دون أی تواجد ملموس للجامعات الخاصة [26].

مما سبق یظهر أن کافة الدول العربیة لم تتمکن من تحقیق التحسن المرجو فی مستویات نوعیة التعلیم فی مختلف مراحل التعلیمالعام والتعلیم العالی. وهو الخلل الذی لا یؤسس لبناء قدرات بشریة قادرة على تحقیق التنمیة والتقدم الاقتصادی والتنموی المأمولین على مستوى الدول العربیة، لاسیما وأن نوعیة التعلیم والقدرة على الاستفادة والترجمة الفعلیة لمکتسبات العملیات التعلیمیة الى مهارات ومعارف وقدرات فعلیة، هو محدد أساسی للتقدم والانتقال من مرحلة تنمویة الى مرحلة أخرى أکثر تقدما. وهو الخلل والتحدى الواجب التصدى له کأولویة مطلقة ضمن اجندت العمل التنموی فی الدول العربیة.

2/3/4: الرضی المجتمعی عن جودة التعلیم فی الدول العربیة.

استکمالا لما سبق رصده فی الأجزاء السابقة من تراجع المؤشرات الکمیة والنوعیة للتعلیم فی معظم الدول العربیة، یقوم هذا الجزء من الدراسة بتعزیز تلک المؤشرات، وذلک فی ضوء تحلیل نتائج الاستبیانات الدوریة التی تعدها بعض المؤسسات الدولیة ذات الصلة مثل مؤسسة غالوب ومؤسسة  (World Values Surveys)، وهی الاستبیانات التی تٌعنى بقیاس وتتبع أراء المستفیدین من الخدمات التعلیمیة، ممثلین فی الشعوب او المجتمعات او الافراد، حیث أظهرت النتائج المرصودة لعدد من الدول العربیة (الجزائر، وتونس، والمغرب، والبحرین، وقطر، ومصر، والأردن، وفلسطین،ولیبیا، والیمن ، والعراق) حول مدى الرضى عن التعلیم استناداً الى ثلاثة أسئلة أساسیة یتعلق أولها بدور أنظمة التعلیم الرسمیة فی إکساب المعارف والمهارات والتدریب بصورة حسنة، اما الثانی فیتعلق بمدى مساهمة تلک الأنظمة فی تمکین الافراد من الالتحاق بوظیفة، فی حین یقیم الثالث مساهمة تلک الأنظمة التعلیمیة الرسمیة فی تمکین الافراد من اکتساب القدرات المتصلة بالمبادرة لبدء الاعمال والأنشطة التجاریة، حیث کان متوسط نتائج هذه الاستطلاعات للدول العربیة المرصودة نحو 45.5 %، 49.2% ، 36.0% ، کمعدل رضی لکل جانب من الجوانب الثلاثة السابقة على التوالی، بمعنى ان معدل الرضی لم یتجاوز حاجز الــ 50.0% من عدد الافراد الذین ابدوا حالة من الرضی عن انعکاسات أنظمة التعلیم على قدراتهم ومستقبلهم المهنی والحیاتی بوجه عام[27].وهی نسبة متدنیة تتفق تماما مع عدم مواکبة أنظمة التعلیم الرسمی فی معظم الدول العربیة لمتطلبات التحدیث واحتیاجات المجتمعمن المهارات والمعارف والتدریب، وقصور مساهمتها فی التمکین الحقیقی، وکذلک تأسیس مسار یربط بین خلق الوظائف والإنتاجیةوالنمو والاستدامة.

ثالثاً: إشکالات وقیود تمویل التعلیم فی الدول العربیة

3/1: واقع وأولویة تمویل التعلیم فی الدول العربیة

یهتم هذا الجزء من الدراسة بتقییم مدى کفایة التمویل المخصص للتعلیم فی الدول العربیة، ومدى تناسب هذا الانفاق مع التوجهات والمعدلات العالمیة، وکذلک مع المعدلات المحققة فی الدول المتقدمة والصاعدة والنامیة.حیث یمثل الانفاق على التعلیم رکناً ومقوماً أساسیاً فی المنظومة التعلیمیة، وهو المنوط به تمویل الأنشطة التعلیمیة المختلفة لکافة المراحل التعلیمیة، وبکافة مکوناتها الجاریة والرأسمالیة. وقد قامت المؤسسات الدولیة المعنیة بالتعلیم لاسیما منظمة الأمم المتحدة للتربیة والثقافة والعلوم، باجراء عدد من الدراسات التطبیقیة، انتهت الى اقتراح معدلات محددة یجب السعی لتحقیقها للانفاق على التعلیم فی مختلف دول العالم، لاسیما الدول النامیة بما فیها الدول العربیة، والتی لازالت تواجه إشکالات فی تحقیق الأهداف الالفیة المتصلة بتعمیم التعلیم الأساسی، واقترحت الیونسکو فی هذا الإطار الا یقل الانفاق على التعلیم عن 6.0% من الناتج المحلی الإجمالی، او ما یمثل 20% من اجمالی الانفاق العام للدولة.[28]

ورغم ما شهده العقدالماضی من تسارع وتیرة تبنی معظم الدول العربیة استراتیجیات ورؤى وطنیة للتطویر والتنمیة المستدامة، متضمنة بناء قدرات بشریة عربیة قادرة على المساهمة الفاعلة فی انجاز التحول الاقتصادی والاجتماعی، المقلص للفجوات التنمویة بین الدول العربیة والعالم، کما فی رؤیة مصر 2030، ورؤیة الامارات 2021، ورؤیة الکویت 2035، ورؤیة السعودیة 2030. إضافة لاقرار العدید من الدول العربیة خطط واستراتیجیات موجهة بشکل محدد لقطاع التعلیم مستهدفة الارتقاء به وبجودة مخرجاته ، کما فی استراتیجیة التعلیم فی عُمان (2006 -2020)، واستراتیجیة التعلیم العام فی الکویت 2025، واستراتیجیة قطاع التعلیم والتدریب فی قطر (2011- 2016)، ومشروع تطویر التعلیم والتدریب فی البحرین (2003)، والخطة العشریة لوزارة التربیة والتعلیم فی السعودیة (2004-2014)، والاستراتیجیة الوطنیة لتطویر التعلیم الأساسی فی الیمن (2003-2015)، والخطة الاستراتیجیة للتعلیم قبل الجامعى فی مصر(2014-2030)، وغیرها من الخطط فی باقی الدول العربیة[29]. الا أن تلک الاستراتیجیات لم تنعکس  بالقدر الکافی او المقبول على واقع التعلیم فی الدول العربیة، کما أنها لم تظهر الاولویة التی یفترض أن یحتلها التعلیم ضمن أولویات التنمیة لدى معظم الحکومات العربیة، فطبقا للبیانات المتاحة حول الانفاق على التعلیم فی الدول العربیة، فقد ظهر التدنی الواضح لمتوسط قیمة هذا الانفاق للناتج المحلی الإجمالی، مقارنة بالمتوسط العالمی المقترح لیبلغ نحو 4.3% فقط من الناتج المحلی الاجمالی، ولم تتمکن سوى اربع دول عربیة فقط من تجاوز هذا المتوسط ، ممثلة فی المغرب وتونس والقمر والسعودیة، حتى أن المغرب وتونس هما الدولتان العربیتان اللتان حققتا معدلا یتجاوز ذلک الذی حققته الدول المتقدمة ذات السجل الارقی فی التنمیة البشریة ممثلة فی مجموعة OECD، وجاءت باقی الدول العربیة قاصرة عن مواکبة هذا التوجه ، وکان أقل المعدلات فی السودان، والبحرین، ولبنان حیث تراوح متوسط نسبة الانفاق للناتج المحلی الإجمالی فیما بین 1.0% الى 2.6%، وتراوح هذا المعدل فی باقی الدول العربیة بین 3.3% فی موریتانیا، ومعدل 3.8% فی مصر  والکویت.کما یظهر تحلیل تلک النتائج تباین الأهمیة النسبیة واولویة الانفاق على التعلیم بین الدول العربیة، مع ملاحظة التأخر اللافت للعدید من الدول العربیة الأعلى دخلا والأکثر تقدما فی سجلات التنمیة البشریة، لاسیما البحرین، وقطر، والکویت، هذا فی الوقت الذی قامت فیه دول عربیة تنتمی للدول الأقل نموا والأقل فی سجل التنمیة البشریة، بتحقیق معدلات انجاز ملموسة فی هذا المؤشر، حیث تراوحت معدلات الانفاق على التعلیم منسوبة للناتج المحلی الإجمالی بین 4.5%، 5.1%، ممثلة فی جیبوتی والیمن والقمر(شکل 3). أما فیما یتعلق بمدى مواکبة والتزام الدول العربیة بالنسبة المعیاریة المقرة دولیا للانفاق على التعلیم، کنسبة من اجمالی حجم الانفاق العام للموازنة العامة، فیما یعبر عن الأولویة للانفاق على التعلیم بالنسبة للتوجهات القطاعیة والوظیفیة للموازنة العامة. فان النتائج تظهر کذلک عدم تمکن معظم الدول العربیة من تحقیق النسبة الدولیة المقترحة لهذا المؤشر والبالغة 20%، حیث بلغ المتوسط العربی نحو 16.0% فقط، ولم تتمکن سوى دولتان فقط من تحقیق بل وتتجاوز هذا المعدل بواقع 23.4% فی الامارات، ونحو 21.6% فی تونس وذلک کمتوسط لسنوات الفترة 2008 -2013.[30]

 

UNDP – 2016.: “ Human Development Report 2016- Human Development for Everyone”, UNDP – 2016

 

فی حین أظهرت البیانات المتاحة عدم تمکن معظم الدول العربیة من تحقیق النسبة المعیاریة او حتى من تحقیق معدلات تتقارب مع تلک المحققة فی الدول المناظرة فی المستوى التنموی. کما فی حالة دول مجلس التعاون الخلیجی باستثاء السعودیة والامارات، والتی لم تتمکن من مواکبة المعدلات المحققة فی دول مثل سنغافورة ومالیزیا والمکسیک [31].

3/2: کفاءة استخدام الموارد المالیة للدولة للانفاق على التعلیم: تعلیم أرقی بکلفة أقل.

رغم ما أظهره التحلیل السابق من عدم کفایة الانقاق الحکومی على التعلیم فی معظم الدول العربیة، الا أن هذا القصور لا یمثل الوجه الوحید لتهدیدات بناء مسار متطور ومستدام للتعلیم فی الدول العربیة، حیث تبرز قضیة کفاءة وفعالیة هذا الانفاق ومدى قدرته على الانعکاس الایجابی على نوعیة التعلیم، وهو الامر الذی یفضی الى الإجابة على تساؤل جوهری یواجه المهتمین بقضیة تطویر التعلیم، ألا وهو الى أی مدى یمکن اعتبار ان حجم الانفاق والتمویل المخصص للتعلیم، هو المتغیر الحاکم للتطویر والارتقاء بنوعیةالتعلیم؟

وسعیا للإجابة على هذا التساؤل نعرض من خلال الشکل التالی علاقة توضح مدى انعکاس الانفاق الحکومی الموجه للتعلیم منسویا للناتج المحلی الإجمالی، على جودة العملیة التعلیمیة ومخرجاتها، معبرا عنها بمؤشر نتائج اختبارات TIMSS فی الریاضیات للصف الثامن، حیث تم الاستقرار على هذا المؤشر نظراً لمشارکة عدد کبیر من الدول العربیة فی هذه الاختبار.حیث یظهر من خلال الشکل (3) ان الدول الارقی والاعلى فی نتائج مؤشر نوعیة التعلیم، کما فی حالات سنغافورة، وهونج کونج، والیابان، لم تکن هی الأعلى فی معدلات الانفاق على التعلیم، حیث بلغت هذه النسب 2.9%، 3.6%، 3.8% لکل منهم على التوالی. وفی مقابل ذلک فرغم تمکن دولعربیة من تحقیق تقدم واضح فی معدلات الانفاق على التعلیم، کما فی المغرب (6.6%)، والسعودیة (5.1%)، وعمان (5.0%). الا ان تلک الدول لم تتمکن من ترجمة وتوظیف هذا الانفاق لخدمة الجودة التعلیمیة، حیث أخفقت تلک الدول فی تحقیق معدلات مقبولة للجودة التعلیمیة. کما یوثق هذا الشکل الفجوات القائمة  فی الکفاءة والفعالیة ، حیث یظهر بوضوح وقوع کافة الدول العربیة، على اختلاف معدلات انفاقها على التعلیم ، وکذلک على اختلاف وتباین واقعها التنموی وفقا لمؤشرات التنمیة البشریة، دون خط الاتجاه العام المقدر للعلاقة بین هذین المتغیرین، مقابل وقوع دول المقارنة فوق هذا الخط، مع ملاحظة ان هناک دول مقارنة مثل الصین وکازاخستان لم تحققا معدلات انفاق على التعلیم مثل تلک التی حققتها العدید من الدول العربیة، واقتصرت معدلات الانفاق فیهما على نحو 3.69%، 3.1% لکل منهما على التوالی،مقابل تمکنهما من تحقیق ارتقاء نوعی فی الجودة التعلیمیة، بل ان الدول الارقی فی سجل نوعیة التعلیم على مستوى العالم ممثلة فی سنغافورة، کانت هی الدول الأقل فی معدل الانفاق على التعلیم منسوبا للناتج المحلی الإجمالی، حیث بلغ هذا المعدل 2.9% فقط، وفی الوقت الذی انفقت او خصصت فیه دول عربیة مرتفعة الدخل والتنمیة البشریة  مثل قطر نحو 3.5%  من الناتج المحلی الإجمالی لتمویل التعلیم، متساویة فی ذلک مع حالة هونج کونج التی خصصت نحو 3.6%، الا ان فارق الإنجاز واضح فی نوعیة التعلیم بین الحالتین، حیث تجاوزت هونج کونج قطر بـ 157 نقطة وفقا لهذا المعیار النوعی.

اما على مستوى الدول العربیة فقد تمکن عدد من الدول العربیة من تحقیق أداء نوعی یتجاوز ذلک الذی حققته دول عربیة أخرى تخصص نسب اعلى من الناتج للانفاق على التعلیم مثل البحرین ولبنان، کما یظهر ان اعلى الدول العربیة فی تخصیص الموارد لتمویل التعلیم، کانت هی الأقل إنجازا فی نوعیة التعلیم، لاسیما المغرب والسعودیة، مقابل ذلک فقد تمکنت دولة الامارات من تحقیق أفضل معدلات الإنجاز فی نوعیة التعلیم عربیا، وذلک وفقا لأقل معدل مرصود عربیا للانفاق على التعلیم.

 

المصدر: قام الباحث باعداد هذا الشکل استنادا لبیانات الانفاق على التعلیم ومؤشرات جودة العملیة التعلیمیة - نتائج اختبارات TIMSS.

 

ویتفق مع نتائج هذا التحلیل ما یظهره الشکل (4)، الذی یبرز انه رغم إعطاء عدد من الدول العربیة أولویة للتعلیمضمن أولویاتها فی المخصصات الحکومیة، بما بعادل بل ویزید على النسب المعیاریة العالمیة، وکذلک على النسب التی حققتها الدول المتقدمة، الا ان تلک المعدلات لم تنعکس نهائیا على جودة العملیة التعلیمیة.

 

المصدر: قام الباحث باعداد هذا الشکل استنادا لبیانات الانفاق على التعلیم ومؤشرات جودة العملیة التعلیمیة - نتائج اختبارات TIMSS.

فقد قامت دولة مثل السعودیة بتخصیص 25% من انفاقها العام للتعلیم، متجاوزة فی ذلک المتوسط العالمی، ومتوسط انفاق الدول الأعضاء فی منظمة التعاون والدول المتقدمة والصاعدة على مستوى العالم، مقابل تحقیقها ادنی المعدلات عالمیا وعربیا فی جودة مخرجات العملیة التعلیمیة معبرا عنها بنتائج اختبارات TIMSS فی الریاضیات للصف الثامن کما سبق التقدیم.کما جاءت کافة الدول العربیة المرصودة أسفل خط الاتجاه العام، فی حین جاءت دول المقارنة جمیعها ورغم انخفاض تخصیصات الانفاق الموجه للتعلیم فی العدید منها مثل کندا والولایات المتحدة والیابان، متقدمة فی سجل الجودة التعلیمیة ونوعیة مخرجاتها.

مما سبق یظهر إخفاق معظم الدول العربیة فی استیفاء المعاییر الکمیة فی تمویل التعلیم، إضافة لاخفاقهاجمعیاً فی تحقیق الاستخدام الکفء والفعال لهذا الانفاق لتحقیق الارتقاء المفترض فی جودة العملیة التعلیمیة وارتفاع نوعیة مخرجاتها.

 

3/3 تحدیات الاستدامة فی تمویل التعلیم فی الدول العربیة: الحاضر والمستقبل.

مما لا شک فیه ان توفیر مصدر لتمویل المنظومة التعلیمیة هو مکون أساسی من عوامل نجاحها وتمکینها من انجاز أهدافها، وضمان تنفیذ کافة الأنشطة والبر امج المخططة. على مستوى البنى والمرافق، والمتطلبات التشغیلیةللعملیة التعلیمیة، إضافة لعملیات الصیانة الدوریة، والجوانب المتصلة بتفعیل النظم وتنفیذ خطط الإصلاح والتطویر والارتقاء بالعملیة التعلیمیة ومخرجاتها. وهو الامر الذی یفرض ضرورة اتسام هذه العملیة التمویلیة ومصادرها الأساسیة بمقومی الکفایة والاستدامة. بما یضمن الالتزام بمسار منضبط ومتراکم للتطور والارتقاء فی المسارات والأداء لقطاع التعلیم، إضافة لارتباط مفهوم الاستدامة التمویلیة ببعدین غایة فی الأهمیة، أولهما هو قید الالتزامات الدولیة وکذلک الوطنیة بتعمیم التعلیم واتاحته للجمیع دون تمییز، وکذلک تحسین نوعیته. وثانیهما هو البعد المرتبط بالقدرة على مواکبة الطلب المستقبلی على خدمات التعلیم، لاسیما فی حالة الدول والمجتمعات العربیة التی تتسم بالفتوة، حیث تظهر الاسقاطات السکانیة للدول العربیة وفقا لتقدیرات الأمم المتحدة، تنامی واستمراریة وتیرة الطلب على خدمات التعلیم فی کافة الفئات العمریة الموازیة لسن التعلیم والمراحل التعلیمیة المناظرة، وتستند تلک التقدیرات الى حقیقة اتساع القاعدة السکانیة فی معظم الدول العربیة، ووقوع نحو 35% من السکان تحت الفئة العمریة أقل من 15 عام وفقا لبیانات العام 2015. کما تتسم المنظقة العربیة بارتفاع معدل الخصوبة فیها مقارنة بباقی أقالیم العالم، حیث یبلغ نحو 3.4 طفل للمرأة الواحدة[32].

فعلى سبیل المثال تشیر التقدیرات الى ارتفاع الطلب على التعلیم بکافة مراحله بدءا من مرحلة التعلیم ما قبل الابتدائی وانتهاءا بمرحلة التعلیم العالی فی أکبر الدول العربیة فی عدد السکان وعدد الطلاب ممثلة فی مصر  ، لیبلغ نحو 27.4 ملیون طالب عام 2028. منهم حوالی 59% فی مرحلتی ما قبل الابتدائی والابتدائی. کما تشیر التقدیرات الى بلوغ هذا العدد (الطلب المستقبلی) فی المملکة العربیة السعودیة والیمن لیبلغ نحو 19.5 ملیون طالب (منهم 9.4 ملیون طالب فی السعودیة) عام 2025، کما أظهرت البیانات ان الطلب على مرحلة التعلیم الابتدائی یمثل نحو 47.5% من اجمالی الطلب.[33] ثم تتابع الأهمیة النسبیة لهذا الطلب المستقبلی لباقی المراحل التعلیمیة متضمنة مرحلتی التعلیم الثانوی والتعلیم العالی. وهو الامر الذی یبرز ان التحدى سیزداد والعبء سیشتد على الدول العربیة التی ترغب فی توفیر تعلیم یلبی متطلبات الکفایة، وکذلک یعوض قصوره الشدید فی معاییر الجودة ونوعیة التعلیم.بمایتطلبه ذلک من تطویر اطر التمویل لتواکب هذا التحدی المستقبلی فی کافة الدول العربیة دون استثناء، حیث تشترک کافة الدول العربیة فی مواجهة هذا التحدی رغم تبایناتها التنمویة والاقتصادیة والتعلیمیة کما سبق التقدیم.کذلک یزید من هذا التحدی ما تشهده الدول العربیة لاسیما النفطیة من تراجع عوائدها ومواردها المالیة الناجمین عن تراجع الأسعار العالمیة للنفط، کما تواجه باقى الاقتصادات والمجتمعات العربیة إشکالات أخرى ربما اشد تاثیرا تتمثل فی قصور هیاکلها الاقتصادیة والإنتاجیة وتنامی أولویات أخرى للانفاق العام لاسیما لقطاعات الامن وتوفیر الخدمات الأساسیة.ویأتی کل ذلک فی وقت تتطلع فیه الرؤى والاستراتیجیات العربیة لتأسیس اقتصادات ومجتمعات أکثر تطورا ومواکبة، وأکثر سعیا لتقلیص الفجوات التنمویة والمعرفیة عن باقی دول وأقالیم العالم.

رابعاً: اطروحات إستیفاء متطلبات الاستدامة التمویلیة للارتقاء بالتعلیم فی الدول العربیةفی ضوء التجارب والتوجهات الدولیة.

فی ضوء ما أظهرته الاجزاء السابقة من الدراسة من ضعف وقصور الاداء الکمی والنوعی لقطاع التعلیم فی الدول العربیة على وجه العموم، وهو الامر الذی لا یدعم استدامة النمو وجهود التنمیة المرجوة، ولا یٌمکن کذلک من تجسیر الفجوات التنمویة بین الدول العربیة والدول المتقدمة والصاعدة على مستوى العالم. یملی ذلک توجیه الاهتمام العربی صوب توسیع مستویات الاستثمار فی قطاع التعلیم وتوفیر الموارد والطاقات التمویلیة الکافیة لاستنهاضه. ویسعى هذا المحور من الدراسة الى عرض وتحلیل المزیج القائم حالیا لتمویل التعلیم فی الدول العربیة.لرصد وتحلیل استدامته، بما یمکن من طرح تصور حول المزیج الأمثل الممکن تبنیه لتمویل التعلیم.

وفی هذا الإطار فقد قام البنک الدولی بتقسیم مصادر تمویل التعلیم الى ثلاثة مکونات أساسیة هی: المصادر العامة، والمصادر الخاصة، والمصادر الدولیة، إلا أن بعض الدراسات تتوسع فی هذه المصادر لإظهار أهمیة وحیویة بعض المصادر دون غیرها، لتقسم مصادر التمویل الى خمسة مصادر تتمثل فی (التمویل الحکومی، والتمویل الخاص، والتمویل الدولی، والتمویل غیر الهادف للربح، والتمویل الذاتی).

حیث یتضمن التمویل الحکومی کافة أشکال التمویل المقدم من الحکومة المرکزیة أو حکومات البلدیات أو الولایات داخل الدولة، وهو التمویل المقدم استناداً واستجابة للاستحقاقات الوطنیة والدولیة والإنسانیة المعنیة بتعمیم وإتاحة وضمان التعلیم العام الأساسی، وتعزیز مبدأ تکافؤ الفرص والعدالة بین المواطنین[34]. وهو المکون الأساسی للتمویل فی کافة دول العالم، والذی یعکس بطریقة قابلة للقیاس مدى الالتزام القائم من جانب الحکومات تجاه التعلیم. أماالتمویل الخاص فهو یتضمن کافة أشکال الانفاق على التعلیم من المصادر غیر الحکومیة، لاسیما التمویل المقدم عبر مساهمات الاسر والعائلات، والتمویل عبر القروض المیسرة للافراد او للمؤسسات التعلیمیة، والتمویل عبر تقدیم مساعدات أو قروض میسرة للمؤسسات التعلیمیة أو للأفراد الملتحقین بالعملیة التعلیمیة. وتجدر الاشارة الى تنامی التوجه الدولی نحو تنمیة دور هذا المورد التمویلی واسهاماته فی تمویل التعلیم، کما أکدت الیونسکو ان هناک ارتباط ایجابی بین تنمیة دور هذا المصدر التمویلی ورفع جودة مخرجات التعلیم، وان التعاون مع القطاع الخاص فی العدید من دول العالم یجب ان یتم التعامل معه بوصفه ضرورة ولیس مجرد خیار [35].

أما التمویل الدولی فانه یتضمن ذلک التمویل المقدم من جانب المؤسسات والهیئات الدولیة المعنیة بقضایا التنمیة وتطویر التعلیم، والتی قد تأخذ صوراً وأشکالاً مالیة أو فنیة، وذلک عبر أطر ثنائیة أو متعدد الأطراف. ثم یأتی المکون الرابع الممثل فی التمویل الخاص غیر الهادف للربح، والذی یتضمن مختلف أشکال تمویل التعلیم المقدم من الأطر غیر الحکومیة للمساهمة فی تمویل العملیة التعلیمیة بشکل کلی او جزئی، متضمناً قیام الافراد او المؤسسات او الهیئات بتقدیم التبرعات أوالهباتأوالموقوفات لتمویل التعلیم.

وأخیرا التمویل المرتبط بالجهود الذاتیة للمؤسسات التعلیمیة، والذی یتضمن قیام المؤسسات التعلیمیة بتوظیف بعض قدراتها وإمکاناتها المادیة أو البشریة لتحقیق عوائد یمکن توجیهها لتمویل العملیة التعلیمیة، مثل إنتاج البحوث والدراسات لصالح مؤسسات الاعمال، أو عبر القیام باستثمار بعض الأصولوالممتلکات من خلال التأجیر المؤقت أو الموسمی، الى غیر ذلک من الوسائل التی تنمی العوائد والقدرات المالیة للمؤسسات التعلیمیة.  [36]

4/1: واقع وتحدیات الهیکل الراهن لتمویل التعلیم فی الدول العربیة: الأداء المقارن فی ضوء التوجهات العالمیة.

ارتبط تمویل التعلیم فی الدول العربیة شأنها فی ذلک شأن باقى الدول النامیة التی حظیت باستقلالها السیاسی خلال منتصف القرن الماضی، بدور واسع وحیوی للقطاع الحکومی فی تمویل کافة المراحل التعلیمیة للتعلیم العام والعالی، وهو المسار الذی لازال یظهر بوضوح فی هیکل التمویل القائم للتعلیم فی الدول العربیة الى وقتنا الراهن.من جانب اخر فان تتبع المسار التاریخی لتمویل التعلیم فی دول العالم بما فیها الدول العربیة یظهر الدور المحوری للافراد والمؤسسات غیر الهادفة للربح فی تمویل جهود التعلیم، وهی السمة الأساسیة لفترات ما قبل ظهور المفهوم الحدیث للدولة الوطنیة، حیث ارتبطت جهود تمویل  التنمیة عموما لاسیما التعلیم، بمساهمات الافراد والجمعیات ومقدمی الهبات والاوقاف، الا ان ذلک الدور لم یتمکن من التطور والمواءمة لمواصلة اسهاماته فی تمویل وتطویر التعلیم فی حالة الدول العربیة ومعظم الدول النامیة، مقابل تمکنه من تحقیق تلک المواءمة فی حالة معظم الدول المتقدمة وبخاصة فی الولایات المتحدة الامریکیة ودول أوروبا وکندا، حیث لعب دورا حیویا فی تمویل وتطویر التعلیم ، وکانت أبرز صوره هی الوقف المخصص لتمویل الأنشطة التعلیمیة.حتى ان الإحصاءات المتاحة حول الجامعات الممولة من أنشطة الوقف تشیر لبلوغ أعداد هذه الجامعات والمؤسسات التعلیمیة العلیا 828 مؤسسة فی الولایات المتحدة الامریکیة وکندا وحدهما، کما بلغ إجمالی القیمة السوقیة لموقوفات تلک المؤسسات التعلیمیة إلى نحو 536 ملیار دولار وفقا لبیانات العام 2014[37]. کذلک فقد قدرت قیمة الأصول الموقوفة لـ 50 جامعة ومؤسسة تعلیم علیا على مستوى العالم بنحو 324.6 ملیار دولار عام 2014، منهم نحو 140 ملیار دولار قیمة الأصول الوقفیة لـ (6) جامعات أمریکیة فقط (هارفارد، تکساس، یال، ستانفورد، برنستون، وماساتشوستس) وذلک بخلاف الأوقاف المخصصة لقطاع التعلیم العام، وذلک وفقا لبیانات العام 2015. [38]

وقد أظهرت الممارسات الحدیثة فی مجال تمویل التعلیم فی العدید من دول العالم، وبخاصة تلک التی تتمتع بسجل متقدم فی مؤشراتها الاقتصادیة وکذلک التعلیمیة، الممثلة فی مجموعة الدول الأعضاء فی منظمة التعاون الاقتصادی والتنمیة (OECD) ، والتی تضم دولاً متقدمة مثل مجموعة الدول الأوروبیة والولایات المتحدة الأمریکیة والیابان وکندا، وکذلک دول ناشئةمثلالمکسیک، وتشیلی، ورومانیا، وبلغاریا، وجود سمات أساسیة لطبیعة التمویل وهیکله طبقا لمصادر تقدیمه، حیث ارتفاع نسبة الإنفاق على التعلیم للناتج المحلی الإجمالی بوجه عام لتبلغ نحو 5.3%، فی مؤشر عام یظهر أهمیة التعلیم فی أجندات العمل الوطنیة فی تلک الدول (بلغ هذا المعدل أقصاه فی نیوزلندا بمعدل 6.7%، وبلغ أقل معدلاته فی لوکسمبورج بمعدل 3.7%).کما أظهرت هیاکل التمویل فی معظم تلک الدول، أنها لا زالت تعول على القطاع الحکومی ودوره الأساسی فی تمویل العملیة التعلیمیة، وبخاصة فی مراحل التعلیم ما قبل الجامعی، حیث مثل التمویل الحکومی لإجمالی التمویل لکل المراحل نحو 87%، مقابل مساهمة بنحو 13% للتمویل الخاص، کما بلغت هذه النسبفی التعلیم العام نحو 94.6% للتمویل الحکومی، ونحو 5.4% فقط للتمویل الخاص، مقابل تراجع نسبة التمویل الحکومی وارتفاع نسبة التمویل الخاص لتبلغا نحو 73.3%، ونحو 26.7% لکل منهما على التوالی للتعلیم العالی.  وهو ما یوضح التزام تلک الدول بمسئولیتها فی توفیر التعلیم العام وإتاحته، حتى أن نسبة التمویل الحکومیالموجهة للتعلیم العام لإجمالی التمویل تصل فی بعضالدول إلى 100% (النرویج، ولوکسمبورج، والنمسا، وبلجیکا، والسوید، وسویسرا، وإستونیا، والدانمارک)، مقابل ذلک فقد تحرک عدد من الدول الأخرى لتنمیة معدلات تنویع مصادر تمویل التعلیم العام، وتنمیة دور التمویل الخاص، حیث بلغت مساهمته التمویلیة نحو 22.2% فی تشیلی، ونحو 17.6% فی أسترالیا، ونحو 16% فی نیوزلندا، ونحو 15.6% فی کوریا، ونحو 14.6% فی المکسیک. [39]

وبذلک یظهر ان الدول المتقدمة والصاعدة ذات السجل التنموی والاقتصادی والتعلیمی المتطور قد اهتمت بمختلف الأشکال والمصادر والالیات لتمویل التعلیم، مع تمکنها جمیعاً من إدراک مستویات راقیة ومستدامة فی جودة مخرجاتها التعلیمیة. أما فیما یتعلق بالهیکل القائم لتمویل التعلیم فی الدول العربیة، ودور الأطر الفاعلة فی الدولة فی المساهمة فی تمویل التعلیم، فتجدر الإشارة بدایة الى عدم توفر البیانات والإحصاءات الکافیة والموثقة فی معظم الدول العربیة، حول المساهمات المقدمة من الأطر الخاصة ونظیرتها الاهلیة او غیر الهادفة للربح، الموجهة لتمویل التعلیم، وانحصار البیانات والإحصاءات فی معظم الدول حول التمویل الحکومی. وهو عنصر ضعف فی التحلیل وفی صیاغة السیاسات والبرامج التمویلیة بوجه عام، ورغم ذلک فقد قامت الدراسة بتوظیف ما هو متاح من بیانات أو تقدیرات لتمویل التعلیم من الأطر غیر الحکومیة (خاصة وأهلیة) فی محاولة للرصد العام لملامح الهیاکل القائمة لتمویل التعلیم فی الدول العربیة، بما یمکن من تبین مدى الانسجام أو الاختلاف بین تلک الهیاکل ونظیرتها السائدة عالمیا، وکذلک بما یمکن من تحلیل وتقییم طبیعة هذا الهیاکل وأثرها على استحقاقات الاستدامة المطلوب إنجازها فی الدول العربیة. 

 

حیث قامت العدید من مراکز الأبحاث والدراسات بوضع تقدیرات لمساهمة التمویل الخاص فی قطاع التعلیم وبخاصة على مستوى دول الشرق الأوسط وشمال افریقیا MENA، حیث قدرت إحدى الدراسات مساهمة القطاع الخاصعلى مستوى إقلیم MENAبنحو 11.2% للإنفاق الخاص،وبنحو 84.9% للإنفاق العام[40]. کما تظهر هیاکل التمویل للتعلیم فی عدد من الدول العربیة، التی تنتمی الى مجموعات تنمویة مختلفة، الدور المرکزی للتمویل الحکومی على حساب التمویل الخاص، وان کان ذلک بوتیرة متفاوتة، وهو ذات النسق الذی یسود فی معظم الدول المتقدمة، مع ملاحظة فارق الانعکاس على الجودة التعلیمیةکما سبق التقدیم. (جدول 6)

اما فیما یتعلق بمساهمة التمویل الخاص، والذی یترکز بشکل أساسی فی التمویل المقدم من الأسر والعائلات، فقد تحققت أفضل معدلات مساهمته فی الامارات ومصر بمعدل مساهمة بلغ نحو 43.7%، 30.0% لکل منهما على التوالی. فی حین توالت باقی المساهمات بواقع 16.22% فی عمان، ثم بواقع 14.29% لکل من البحرین والکویت، بنحو 9.38% فی قطر، وکانت أقل المساهمات للتمویل الخاص من نصیب السعودیة بواقع نحو 5.10%، یظهر هذا أن الدول العربیة التی تمکنت من تحقیق أفضل المساهمات للتمویل الخاص ممثلة فی الامارات ومصر وبتیرةأقل نسبیا فی عمان، هی دول متباینة الدخل والمستوى التنموی ، إلا أنها تشترک فی کونها دولا أکثر تنوعا فی هیاکلها الاقتصادیة من باقی الدول العربیة محل المقارنة ، بمعنى ان أنشطتها الاقتصادیة ودورة الاعمال فیها لا ترتبط بالدور الحکومی بشکل أساسی،   ویؤکد ذلک التحلیل، تتبع مؤشر التنویع الاقتصادی الصادر عن الاونکتاد، والذی یعنی بقیاس التنویع الاقتصادی فی دول العالم استنادا لمستویات التنویع فی الصادرات، والتی تعکس إلى حدٍ کبیر تنوع هیاکل الإنتاج الوطنیة، حیث جاءت افضل معدلات الإنجاز للدول العربیة محل الرصد متحققة فی الامارات ثم مصر ثم عمان بواقع 0.492، 0.512، 0.686 لکل منهم على التوالی، ثم تراوحت باقی المعدلات بین (0.700 ، 0.777)*[41] وهو ما یتفق أیضا مع نتائج هذا المؤشر بالنسبة للدول المتقدمة التی حققت معدلات عالیة فی مساهمة التمویل الخاص فی التعلیم مثل الولایات المتحدة الامریکیة والیابان، حیث بلغت قیمة مؤشر التنویع الاقتصادی فیهما 0.257 للاولى، 0.461 للثانیة، کما بلغت مساهمة التمویل الخاص نحو 31.6%، 29.9% لکل منهما على التوالی[42].

 

جدول رقم (6): تمویل التعلیم فی عدد من دول الدراسة طبقا لمصادر التمویل

 (العام والخاص)(بالأسعار الجاریة - ملیار دولار– 2013)

الدولة/البیان

التمویل الخاص

التمویل الحکومی

اجمالی التمویل

القیمة

الأهمیة النسبیة

القیمة

الأهمیة النسبیة

القیمة

الأهمیة النسبیة

مصر**

1.98

30.0

4.7

70.0

6.68

100

السعودیة

2.24

5.10

41.9

94.93

44.14

100

الکویت

0.80

14.29

4.8

85.71

5.6

100

عمان

0.60

16.22

3.1

83.78

3.7

100

الامارات

1.40

43.70

1.8

56.30

3.2

100

قطر

0.30

9.38

2.9

90.63

3.2

100

البحرین

0.1

14.29

0.6

85.71

0.7

100

AL MASAH Capital Research- “the MENA Education Sector, April 2014, copyright ©2014 AL MasahCapital Management Limited.

*بیانات مصر لتمویل التعلیم تخص بیانات العام الدراسی 2004/2005.

یلاحظ مما سبق محدودیة دور التمویل الخاص، وأن الدول العربیة فی معظمها لازالت تعول على القطاع الحکومی فی تمویل التعلیم، ویأتی هذا الدور المحدود للتمویل الخاص، فی الوقت الذی تتزاید فیه توجهات معظم الحکومات العربیة لخفض حجم وأهمیة التمویل الحکومی فی العملیة التعلیمیة، والسعی لإشراک وتوسیع دور القطاع الخاصفی الحیاة الاقتصادیة بوجه عام، وفی تقدیم الخدمات التعلیمیة بوجه خاص. وذلک انطلاقا من عدة أسباب أهمها تزاید أعباء التمویل ونمو الطلب فی المستقبل وتراجع الإیرادات العامة فی معظم الدول العربیة وبخاصة تلک المرتبطة بالانشطة النفطیة. إضافة لما یظهره الواقع الدولی من تنامی دور التمویل الخاص فی التعلیم، حیث أظهر تحلیل بیانات تمویل التعلیم لعینة مکونة من 50 دولة على مستوى العالم، ممن توفرت عنهم بیانات کاملة، بلوغ متوسط مساهمة القطاع الخاص فی تمویل التعلیم نحو 31.0%، مقابل معدل قدره 69.0% للقطاع الحکومی، کما أنه على مستوى 25.0% من عینة الدراسة، فقد تجاوزت مساهمة القطاع الخاص نظیرتها للقطاع الحکومی فی تمویل التعلیم[43]. کذلک فإن تحلیل واقع الأداء فی الدول العربیة التی حققت إنجازا فی مساهمة التمویل الخاص فی التعلیم مثل الحالة المصریة، یظهر أنه رغم ارتفاع نسبة التمویل الخاص فی النموذج المصری، مقارنة بالدول العربیة محل الرصد، الا ان هذه النسبة لا زالت بعیدة عن النسب والمعدلات المحققة فی حالات عدیدة من الدول النامیة والدول الصاعدة المقاربة للحالة المصریة فی الأداء التنموی ومستویات التنویع الاقتصادی مثل باکستان ، کما ان هذا التمویل یترکز جانبه الأکبر فی المراحل التعلیمیة للتعلیم العالی والتعلیم ما قبل الابتدائی ، کما ان البیانات تؤکد ان هذه المساهمة الجیدة نسبیا للتمویل الخاص لم یکن لها انعکاسا مناسبا على المساهمة فی استیعاب الطلاب، حیث تشیر أحدث الإحصاءات المتاحة الى استیعاب نحو 9.0% فقط من اجمالی عدد الطلاب ضم اطر التعلیم الخاص، مقابل نحو 91% ضمن اطر التمویل الحکومی. وذلک وفقا لبیانات العام الدراسی 2016/2017[44]. اما فی حالة النموذج الاماراتی، فقد کان الدور المحقق للقطاع الخاص أکثر وضوحا وکذلک أکثر انعکاسا على المراحل التعلیمیة المختلفة ومعدلات الاستیعاب فی مختلف المراحل التعلیمیة، حیث حظیت مرحلة التعلیم ما قبل الابتدائی بنحو 6.0% من اجمالی قیمة التمویل الخاص، وحظی التعلیم العالی بنحو 26.0%، فی حین توجه 68% من هذا التمویل لصالح باقی المراحل التعلیمیة، وهو الامر الذی أکده ارتفاع عدد مؤسسات التعلیم الخاص بالنسبة لعدد المؤسسات التعلیمیة الحکومیة فی دولة الامارات مقارنة بباقی الدول العربیة.  [45]

4/2: نحو رؤیة موسعة لتقاسم أعباء تمویل التعلیم وضمان نوعیته:المزیج الأمثل للتمویل.

سعیا لطرح تصور حول المزیج التمویلی المناسبلتمویل الخدمات التعلیمیة فی الدول العربیة، یضمن الارتقاء فی نوعیة المخرجات التعلیمیة. یجب التأکید على ان المزیج المقترح یجب ان یعمل وفق محددات أساسیة تتعلق جمیعها بضمان الاستدامة والفعالیة والکفایة والکفاءة، والإقرار بالحق الکامل للمواطنین فی التعلیم.حیث یؤسس هذا التصور على ضرورة تکامل أدوار شرکاء التنمیة (الحکومات والقطاع الخاص، والمؤسسات والاطر المجتمعیة غیر الهادفة للربح)، على ان تکون المسئولیة الأساسیة فی تکوین ذلک المزیج التمویلی او توسیعه وتوسیع أدوار المشارکین فیه على عاتق الدولة ومؤسساتها المعنیة بالتشریع والتنظیم للخدمات التعلیمیة فی الدول العربیة، بحیث یتم عمل المنظومة التمویلیة تحت القیادة والاشراف الکاملین للدور الحکومی وذلک وفقا لعدد من المحددات الثابتة والاساسیة المتمثلة : الارتقاء بالبناء المؤسسی وقواعد الحوکمة فی المؤسسات العامة التی تتولى إدارة وتنظیم العملیة التعلیمیة، وضمان العدالة والإنصاف والحق فی التعلیم للجمیع، والالتزام بالتحدیث المستمر ومرونةاللوائح التنظیمیة، لاسیما تلک المتصلة بالتمویل الخاص والهامش المتاح للمؤسسات التعلیمیةلتدعیم قدراتها الإداریة او التمویلیة، وکذلک العمل وفق اطار سیاسی ومجتمعی قائم على تفعیل مبدأ المشارکة، إضافة لإقرار وتقنین أسس واضحة لادماج الاسر والعائلات ومؤسسات المجتمع المدنی فی الرقابة على التعلیم. حیث تمثل هذه المحددات الأساس الصلب الذی یمکن ان یتم البناء علیه لنموذج متطور ومرن ومتنوع لتمویل التعلیم فی الدول العربیة، یضمن بدوره الکفاءة والفعالیة للجهود التی تبذلفی معظم الدول العربیة لتطویر التعلیم، ویحفظ حق المواطن فی خدمة تعلیمیة تلبی تطلعاته، ویکون هذا النموذج بحد ذاته مکونا مرکزیا لمنظومة جدیدة للعمل التنموی، والتحول الهیکلی فی الدول العربیة وهیاکلها الاقتصادیة والاجتماعیة.حیث یمکن تأسیس هذا النموذج على النحو التالی:

أ‌-      دور القیادة والاشراف للقطاع الحکومی.

أظهرت الدراسة ان العدید من الدول المتقدمة والصاعدة والتی تتسم بتنوع هیاکها الاقتصادیة، وبتقدمها التقنی والمعرفی، وبتموضعها ضمن الفئات الأکثر رقیا فی التنمیة وفی جودة أنظمتها التعلیمیة، لازالت تعول على التمویل الحکومی بشکل تام او شبة تام، وفی نفس الوقت فقد ظهر ان الدول العربیة على اختلاف مستویاتها التنمویة لم تلبی الحدود المقبولة عالمیا لتمویل التعلیم، یملی هذا على الدول العربیة، عدم التسرع فی تبنی الدعوات والتوجهات المتصلة بالانسحاب الحکومی واطلاق دور القطاع الخاص فی العملیة التعلیمیة، وتبریر ذلک بالحد من الانفاق الحکومی والضغوط على الموازنة العامة، أو سعیا لتحسین الجودة التعلیمیة، او ترویجا لدعوات إطلاق دور القطاع الخاص وتشجیعه للمشارکة فی الاستثمار فی التعلیم.حیث ان کافة هذه المبررات، ورغم موضوعیتها وکذلک أهمیتها، الا انها لا تمثل أی ثقل مقارنة بالأساس الدستوی والتشریعی والمجتمعی الخاص بمسئولیة الدولة عن توفیر وإتاحة التعلیم، کما ان هذه الأسس لم تحل دون قیام شریحة واسعة من الدول المتقدمة بالاستمرار فی تحمل المسئولیة الکاملة عن تمویل التعلیم کما سبق التقدیم.

ورغم کل ذلک فهناک العدید من المهام والالیات الممکن تطبیقها لمحاولة المواءمة بین الدور المرکزی للتمویل الحکومی تجاه تأمین وإتاحة الخدمات التعلیمیة، وبین المبررات سابقة التقدیم، المتصلة بتحسین النوعیة والحد من أعباء الانفاق العام وإعطاء دور أکبر للقطاع الخاص وذلک عبر اعتماد الیات أساسیة أهمها:

-     رفع مستویات کفاءة الانفاق الحکومی : تکمن أهمیة هذه الالیة فی قابلیتها العالیة للتطبیق فی کافة الدول العربیة دون استثناء، کما انها تمثل أولویة فی وقتنا الراهن لکافة الدول العربیة مرتفعة ومتوسطة ومنخفضة الدخل، حیث یسعى الجمیع الى محاولة تقلیص او الحد من نمو الانفاق العام، بما فیه الانفاق الموجه للخدمات التعلیمیة، ویمکن تطبیق هذه الالیة من خلال صیاغة نظم وقواعد جدیدة للتصنیف وللتتبع لمختلف بنود النفقات التعلیمیة، بما یٌمکن من دقة المحاسبة والرقابة، ومن ثم الحد من الکلفة وترشیدها، إضافة لما یمکنه إقرار مثل هذه النظم من رقع القدرة الحکومیة على رصد اثر مختلف بنود الانفاق العام الموجه للتعلیم على جودة المخرجات التعلیمیة، وذلک على مستوى کافة بنود الانفاق (الرأسمالی والجاری والتشغیلی) وکذلک على مستوى المراحل التعلیمیة (العام والعالی)، بل أیضا على مستوى المناطق التعلیمیة فی مختلف إقلیم وجهات الدول العربیة، وبخاصة تلک التی تتسم باتساعها الجغرافی والجهوی، او بارتفاع  عدد سکانها.  کذلک سیسهم هذا النظام فی ضمان المعرفة المسبقة للکیفیة التی سیتم بها استخدام وتوظیف التمویل الحکومی، بما یسهل عملیات الرقابة والمحاسبة، إضافة لدوره فی رفع قدرة المخططینعلى المفاضلة بین الأهداف التعلیمیة، وفقا للمرود أو للاثر الناتج عن مختلف بنود الانفاق على نوعیة التعلیم.

-     یمکن کذلک لعدد کبیر من الدول العربیة، لاسیما تلک التی تمتلک قطاعا واسعا للتعلیم العالی، وتتسم بارتفاع مستویات الدخل فیها ،القیام باطلاق دور مؤسسات التعلیم العالی الحکومیة لتنویع مصادرها التمویلیة، بما یسمح بتحریر وإعادة تخصیص تلک الموارد لصالح المراحل التعلیمیة الأخرى ، حیث تمتلک مؤسسات التعلیم العالی العدید من المقومات التی تتیح لها التحرک بسهولة لحشد المزید من الموارد التمویلیة، وفی ذات الوقت تطویر قدراتها الکمیة والنوعیة، فیما یطلق علیه "الجامعات المنتجة" من خلال القیام بالبحوث والدراسات لصالح لمؤسسات الاعمال، استقطاب مؤسسات الاعمال الوطنیة والدولیة للمساهمة فی تمویل الأنشطة التعلیمیة لاسیما البحثیة، الاستفادة من التوظیف المالی لبعض المنشات والمرافق الجامعیة، مثل اتاحة بعض القاعات لاستضافة اللقاءات والفعالیات الوطنیة والإقلیمیة والدولیة، أو استخدام المرافق الجامعیة للدعایة والاعلان والترویج للمؤسسات الإنتاجیة الوطنیة، او عبر التوسع فی الاتجاهات العالمیة الحدیثة المرتبطة بالتعلیم عن بُعد، حیث یمکن للمؤسسات التعلیمیة تقدیم خدماتها إلى شرائح واسعة من الطلاب دون أی أعباء تمویلیة إضافیة.

-     توسیع أدوار الأطر الجهویة الحکومیة فی تمویل التعلیم، بما یسمح لتلک الأطر (جهات، مناطق، أقالیم، محافظات، بلدیات) بصلاحیات إضافیة لحشد موارد مالیة یمکن توجیهها لتمویل التعلیم، بما فی ذلک القدرة على فرض بعض الرسوم والضرائب (محلیة الطابع) وتخصیصها بشکل واضح ومحدد لصالح تمویل التعلیم او بعض مراحله او بعض انشطته، ولهذه الالیة قدرة عالیة على العمل وبخاصة فی الدول العربیة منخفضة الدخل، والتی تمتلک قطاعا واسعا للتعلیم العام، حیث یتم خلق رابط عضوی بین تلک المجتمعات المحلیة وخدمات التعلیم المقدمة الیها والى ابناءها بشکل مباشر، وقد یضمن  فعالیة هذه الالیة وجود دور محاسبی او اشرافی او حتى رقابی للمجتمعات ات المحلیة  (مجتمع مدنی، اتحادات، نقابات، مجالس اباء). تجدر الإشارة الى ان معظم الدول المتقدمة تعتمد بشکل أساسی فی تمویل التعلیم لاسیما الموجه للمراحل ما قبل التعلیم العالی، على تطبیق تلک الالیة، بحیث یتم تدخل الحکومة المرکزیة عند الحاجة لسد الفجوات التمویلیة القائمة، فیما یطلق علیه التمویل المنصف، الذی قد یتوجه الى إقلیم او منطقة دون أقالیم ومناطق أخرى، حیث انه من المعلوم أن أقالیم الدولة لا تتسم بقدرات او إمکانات واحدة، وبخاصة فی حالة الدول العربیة کبیرة الحجم والسکان، والتی تتباین فیها بشدة مستویات الدخول بین الحضر والریف وبین المراکز والأطراف.

ب‌-       دور مخطط للقطاع الخاص.

أظهرت الدراسة ان دور التمویل الخاص لازال محدودا فی تمویل التعلیم فی معظم الدول العربیة، وکما سبق التقدیم فان معظم الدول العربیة تسعى الى ادماج وتطویر هذا الدور. وفی ضوء ما عرضته الدراسة من ضرورة عدم تنازل الدول والحکومات العربیة بمختلف مستویاتها التنمویة وقدراتها التمویلیة عن التزامها تجاه تمویل التعلیم، یمکن إطلاق دور القطاع الخاص تجاه تمویل التعلیم، دون التصادم بحیویة ومرکزیة الدور الحکومی من خلال الالیات التالیة:

-     تطویر الإطار التشریعی المنظم لدور التعلیم الخاص فی التعلیم العام:یمثل تطویر الإطار التشریعی والقانونی حجر الزاویة لإطلاق الدور التمویلی للقطاع الخاص، لاسیما ما یتعلق بتطویر القوانین والتشریغات المرتبطة والمنظمة لدور القطاع الخاص وصور مساهمته ومشارکته فی العملیة التعلیمیة. بحث یتم التوفیق العادل بین توفیر الحوافز المناسبة لجذب القطاع الخاص للاستثمار فی التعلیم، واولویات النهوض والارتقاء بالتعلیم وجودة مخرجاته بالنسبة للدولة وللمجتمع. حیث تجدر الاشارة الى ان التجارب الدولیة قد أظهرت ان تطویر مستویات الحوکمة والرقابة لاسیما دور الأُسر والعائلات فی رقابة الأداء التعلیمی للمدارس، قد انعکس إیجاباً على ارتفاع نوعیة التعلیم ومستویات التحصیل المدرسی للطلاب. کما یرتبط بهذه الالیة دور الدولة فی توفیر وتهیئة بیئة أعمال مناسبة للقطاع الخاص على وجه العموم.

-     خصخصة الأنشطة والخدمات التعلیمیة: یمثل التوجه نحو التخصیص المتدرج لعدد من الأنشطة والخدمات التعلیمیة المختارة الیة اضافیة لتوسیع دور القطاع الخاص فی تمویل التعلیم، ویرتبط نجاح دور هذه الالیة فی صیاغة متوازنة لکل التشریعات، والقوانین، واللوائح المنظمة لتلک الالیة، اضافة لمدى حجم وعمق مستویات المشارکة والنقاش بین شرکاء التنمیة ممثلین فی الحکومة والقطاع الخاص والمجتمع المدنی وممثلی الأسر والعائلات، یما یتعلق بتحدید الانشطة التعلیمیة المؤهلة للتخصیص.

-     توسیع اطر الشرکات بین القطاعین الجکومیوالخاص: وذلک عبر مختلف الصیغ المتداولة عالمیا فی هذا المجالPublic Private Partnership- PPP، مثل  الشراء والبناء والتشغیل، والبناء والتطویر والتشغیل، والبناء والتأجیر والتملک ونقل الملکیة، والبناء والتملک والتشغیل، والبناء والتأجیر والتملک ونقل الملکیة، والبناء ونقل الملکیة والتشغیل، والتصمیم والبناء والتمویل والتشغیل، والتصمیم والإنشاء والادارة والتمویل. وتسمح کافة هذه الصیغ لیس فقط بتوسیع دور القطاع الخاص الوطنی بل انها تسمح ایضا للاستثمار الاجنبی بالانخراط فی عملیة تمویل التلعیموالاسنفادة من خبراته فی هذا المجال.

-     الإدماجالممنهجلدور الأفراد والمؤسسات والهیئات العاملة: یتوجه هذا المزیج لمساندة جوانب القصور أو الضعف التمویلی الذی قد یواجهأنشطة العملیة التعلیمیة، وذلک على مستوى الجهات أو المناطق أو الإدارات أو المراحل أو حتى على مستوى المدارس، حیث یمکن إسناد دور مباشر للأفراد والمؤسسات من خلال توجیههما لبناء المدارس أو لتوسیع ما هو قائم منها، أو لتمویل أی من الأنشطة التعلیمیة المختلفة.ویتطلب نجاح هذه الالیة، وجود دور حکومی استباقی وتوجیهی، یعمل على توفیر حوافز مناسبة، مع استیفاء قواعد الحوکمة، إضافة لمرونة القواعد والإجراءات المنظمة لذلک بعیدا التعقید والبیروقراطیة.

ث‌-   دور التمویل غیر الحکومی من الأطر المجتمعیة غیر الهادفة للربح.

مثلت الجهود الاهلیة ممثلة فی الجهود غیر الجکومیةممثلة فی الاطر التعاونیة أوالوقفیة مکونا أساسیا من النظم الاجتماعیة والاقتصادیة للعدید من الدول والمجتمعات قدیما وحدیثا، کما أسهمت بفاعلیة فی إقامة الأساس المادی للخدمات الاجتماعیة والمنافع العامة، وتطویر قدرات وامکانات رأس المال البشری.

وفی حال الدول العربیة فان هناک امکانیة عالیة لاعادة اطلاق دور تلک الالیات لمساندة تمویل الانشطة التعلیمیة فی ضوء محدد اساسی وهو تحسین الجودة والاداء النوعی للمخرجات التعلیمیة، فقد أظهرت التجارب الدولیة أن العدید من مجتمعات الدول المتقدمة تقتطع دوریا ما متوسطه 2% من دخلها للجمعیات الخیریة والمنظمات غیر الحکومیة لتمویل أنشطتها وأدوارها التنمویة بما فیها تمویل التعلیم.کما اظهرت ذات التطبیقات ان الاستثمار فی التعلیم هو وجهة مثالیة لاستثمار الموارد الموقوفة، ومن ثم استمراریتها واستدامتها، اضافة لدوره المجتمعی والتنموی والخیری. على ان تتم مراعاة القیود والاشتراطات المتعلقة بالوقف، حیث تخضع جمیع الأنشطة الوقفیة إلى عدد من الضوابط الشرعیة، وفقا لأصول وقواعد الشریعة الإسلامیة.

 ویظل التحدی فی التعامل مع ذلک المورد، ممثلاً فی آلیات جذبه، وتوجیهه لتمویل الأنشطة التعلیمیة، وهو ما یمکن إنجازه من خلال مسارین أساسیین وهما: الدور المباشر للمؤسسات الوقفیة المختلفة فی مخاطبة الواقفین، أو التواصل المباشر بین المؤسسات التعلیمیة ومقدمی الأوقاف. وذلک دون التنازل عن مطلب الإشراف والرقابة الحکومیة على عناصر العملیة التعلیمیة، ویبقى هذا التوجه منوطاً بما تحققه التشریعات الوطنیة والجوانب التنظیمیة فی الدول العربیة من مرونة للمؤسسات التعلیمیة لجذب مصادر تمویلیة إضافیة وتنویعها. وفی هذا الإطار، یمکن بلورة عدد من الآلیات الهادفة الى تحسین الموارد الموقوفة، وتوجهاتها، وبخاصة ما یتعلق بدور المؤسسات الوقفیة، وأسالیب زیادة الموارد الموقوفة من مختلف الأفراد والمؤسسات داخل المجتمع، والتی ستقود فی المحصلة إلى مضاعفة الموارد الموقوفة، وإعادة توجیه جزء مهم منها للمساهمة فی تمویل التعلیمفی الدول العربیة وأهمها:

-     تطویر قدرات المؤسسات الوقفیة وتنویعها: من خلال صیاغة إستراتیجیات عامة للمؤسسات الوقفیة تتجاوز الأبعاد التقلیدیة لغایات العمل الوقفی لتتضمن دوراً أکثر اتساعاً للعمل التنموی، وذلک للنهوض بالتعلیم بوجه عام. اضافة لضرورة تطویر النظم والإجراءات التی تحکم تنفیذ العملیات الوقفیة وتحسینها، بما یحقق لها مستویات أعلى من السرعة والمرونة. وکذلک الابتکار فی طرح آلیات حدیثة ومرنة لحشد الموارد الوقفیة والعمل على توجیهها لصالح الانشطة التعلیمیة المستهدفة.بحیث یتم اعتماد أسالیب الوقف المخصص لنشاط محدد داخل المنظومة التعلیمیة (بناء مدارس – بناء فصول – توفیر مستلزمات – توفیر وسائل نقل... إلخ)، بحیث یتم استحداث باب خاص بتمویل التعلیم أو أی من أنشطته داخل اجندات عمل مؤسسات الأوقاف فی الدول العربیة.

-     تطویر الانشطة التعاونیة الموجهة لتمویل الانشطة التعلیمیة، حیث تمثل هذه الالیة اهمیة عالیة للمجتمعات والجهات والمناطق التی تواجه قصور دور التمویل الحکومی فیها، والتی تعانی ایضا من ضعف امکاناتها ومواردها ومن ثم عدم جاذبتها للتمویل الخاص. حیث یمکن إطلاق الأنشطة التعاونیة التی تتسم بقدرته العالیة على حشد المدخرات الصغیرة والمحدودة للافراد والاسر والعائلات فی المجتمعات المحلیة، لتقوم بتلبیة متطلب محلی ملح وهو توفیر التعلیم الجید لابناء تلک المجتمعات، أسوة بالجمعیات التعاونیة الزراعیة والسکانیة والاستهلاکیة المنتشرة فی معظم الدول العربیة. بما یتطلبة ذلک من مساندة تشریعیة وقانونیة من جانب الدولة، وخلق الحوافز المناسبة لتسهیل اقدام المجتمعات المحلیة على تبنی تلک الالیة وتوسیع دورها. اضافة لدور الدولة فی توفیر الاراضی وبعض المرافق والخدمات الاساسیة، بما یتناسب وخصوصیة ومعطیات کل حالة.

 

الخاتمةو التوصیات.

رغم ما أظهرته الدراسة من أهمیة التعلیم ودوره الفاعل فی تأسیس مسار مستقر ومستدام للتنمیة والتطور والارتقاء لکافة الدول والمجتمعات، الا أنها أظهرت ایضاً تزاید واتساع حجم الفجوات التنمویة بین الدول العربیة والعالم، فی مجالات المعرفة والابتکار. حیث رصدت الدراسة مواجهةالتعلیم فی کافة الدول العربیة بالعدید من الاشکالات والتحدیات الکمیة والنوعیة وفی کافة المراحل التعلیمیة. وهی التحدیات التی ستتزاید وتیرتها فی المستقبل نتیجة التنامی الطبیعی فی الطلب على الخدمات التعلیمیة، اضافة لتراجع القدرات التمویلیة الجکومیة لدى معظم الدول العربیة. کما سلطت الدراسة الضوء على اشکالات وقضایا قصور تمویل التعلیم فی الدول العربیة، هذا فی الوقت الذی یجظى الانفاق على التعلیم وتمویله بأهمیة عالیة ضمن اولویات الانفاق فی دول العالم المتقدمة والصاعدة والنامیة على حد سواء، وذلک ادراکا من تلک الدول لأهمیة هذا المقوم فی انجاز الاهداف المرجوة للمنظومة التعلیمیة والتی تتمحور حول بناء وتطویر القدرات والمهارات الحقیقیة للأفراد والمجتمعات.

یفرض کل ذلک ضرورة التبنی العربی وسرعة التحرکلکافة الأطر المجتمعیة الرسمیة وغیر الرسمیة، فی استکمال المقومات والرکائز المؤهلة لتعدیل هذا الاتجاه. وذلک تأسیسا على الاستثمار فی البشر وقدراتهم وإبداعاتهم، وتوفیر البیئة المناسبة لذلک، وهو التحدی الذی تفاعلت معهالدول العربیة، وان کان بمعدلات متفاوتة وغیر کافیة بالإجمال. ومن هنا ایضا تبرز اهمیة سرعة إقرار وتنفیذ سیاسات وطنیة عربیة تستهدق بوضوح تطویر المنتج البشری وثقافة الابتکار والمبادأة وذلک من خلال رفع جودة التعلیم والبحث العلمی والتطویر، وحمایة حقوق الملکیة الفکریة.هذا إضافة لضرورة تأمین وضمان بناء بیئة مؤسسیة مواتیةلاطلاق دور القطاع الخاص الوطنی والاجنبی. لاسیما فی المجالات والاولویات القطاعیة المحددة من جانب الدولة والتی یجب ان یُشترط فیها مدى تطور وکثافة المکون المعرفی أو التکنولوجی فیها.  وفی هذا الإطار یمکن بلورة عدد من التوصیات الاساسیة لتصویب المسارالراهنللتعلیم وتمویله صوب تدعیم الاستدامة التنمویة المرجوة وأهمها:

  1. التزام الحکومات العربیة بحزمة من الأهداف الکمیة والنوعیة المحددة والمعلنة للنهوض بقطاع التعلیم، بما یمکن من المتابعة والتقییم ومن ثم المحاسبة، بعیدا عن إطلاق الاستراتیجیات والرؤى العامة للتعلیم وتطویره فی الدول العربیة، والتی تتصف فی معظم الاحیان بالتعمیم والشمول.
  2. ضرورة الاسراع فی بناء قواعد بیانات موسعة وتفصیلیةودقیقیةلکافة المراحل والمناطق التعلیمیة، ولکافة الجهات والاقالیم الجغرافیة، تسهم فی الرصد الکمی والنوعی الدقیق لکافة الانشطة التعلیمیة، وتمکن من التخطیط ورسم السیاسات وتطبیق البرامج الاکثر استهدافا للفجوات وجوانب القصور القائمة. وهو الامر الذی سیسهم کذلک فی القیاس الصحیح لمعدلات العائد المجتمعی على التعلیم، وکذلک ضمان فعالیة التکلفة بالنسبة للانفاق على التعلیم فی الدول العربیة. کما ان توفیر مثل هذه القواعد الموسعة للبیانات سیدعم من التعرف على جدوى أی برامج أو خطط أو انشطة تعلیمیة یتم اقرارها وتطبیقها، حیث سیمکن من التقییم الفعال لکافة أوجه الإنفاق ویضمن الکفاءة والفعالیة فی الاستخدامات.
  3. الربط بین مختلف المسارات التعلیمیة وأسواق العمل، بما یضمن الحد من وتیرة الطلب المتنامی على التعلیم العالی وکذلک یضمن تلبیة الاحتیاجات الحقیقیة لأسواق العمل العربیة. بما یخفف الاعباء المتنامیة لتمویل التعلیم عن کاهل الموازنات العامة للدول العربیة، لاسیما فی مراحل التعلیم العالی التی تتسم بارتفاع کلفتها مقارنة بمراحل التعلیم ما قبل الجامعی.
  4. اضطلاع الحکومات فی کافة الدول العربیة بدور مرکزی فی تمویل التعلیم، وضرورة عدم التسرع فی الانسحاب من هذا الدور، حیث ان تمویل التعلیم هو استثمار تنموی طویل الاجل یدعم الاستدامة التنمویة بکافة ابعادها الاقتصادیة والاجتماعیة. کما انه سیظل استحقاق للمواطن یجب تلبیته وتقدیمه بالصورة المناسبة.
  5. تنویع الیات التمویل الحکومی للتعلیم وبخاصة ما یتعلق بتوسیع الیات اللامرکزیة وتوسیع دور البلدیات والمحلیات فی تمویل التعلیم فی المجتمعات والمناطق المحلیة، بما یتضمنه ذلک من حق تلک الأطر فی فرض بعض انواع الرسوم الموجه لتمویل انشطة تعلیمیة محددة ومعلنة للمجتمعات المحلیة، ویبقى نجاح فعالیة هذه الالیة مرهونا بحوکمة المحلیات والبلدیات فی الدول العربیة، ومستویات الشفافیة والرقابة والمحاسبة، وبخاصة ما یتعلق بالمشارکة والدیمقراطیة فی تشکیل مجالس هذه الاطر الجکومیة.

تطویر دور الدولة، وبخاصة ما یتصل بتطویر الأطر التشریعیة والقانونیة والتنظیمیة بما یسمح بتوسیع الآفاق لمساهمة التمویل الخاص والاهلی (الوقفی والتعاونی)، وکذلک مساهمات الفئاتوالقطاعاتالمجتمعیة المختلفة لتمویل التعلیم کلیا أو جزئیا وفقاً لقدرات کل حالة ومعطیاتها، بما یلبی استحقاقات التنمیة المستدامة، القائمة على أولویة الاستثمار فی بناء رأس المال البشری وتدعیم القدرات والمهارات وبخاصة فی المراحل العمریة المبکرة، التى تتسم بأثرها المستدام على المسار التنموى للدول والمجتمعات العربیة.

 

هوامش الدراسة
[1]- World Economic Forum – WEF (2013): "The Global Competitiveness Report 2013/2014", world economiv forum 2013.
[2]- http://www.undp.org/content/undp/en/home/sdgoverview/mdg_goals.html
[3] - الیونسکو (1996): "التعلیم ذلک الکنز المکنون"- تقریر لجنة دیلور – الیونسکو – 1996 (http://unesdoc.unesco.org/images/0010/001095/109590ab.pdf)
[4]- http://www.unesco.org/new/ar/education/themes/leading-the-international-agenda/education-for-all/sdg4-education-2030/
[5] - البنک الدولی (2016): "تقریر عن التمیة فی العالم – العوائد الرقیمة" ، البنک الدلی – 2016. Washington DC 20433 ،1818 H Street NW.
[6]- Weiss, A. (1995), “Human capital vs. signaling explanations of wages”, Journal of Economic Perspectives, V.9, N.4, pp. 133 – 154
[7]  - Dowrick, S., 2003, “Ideas and Education: Level or Growth Effects?” NBER Working Paper No. 9709.
[8]-  Hanushek, E. and Woessmann, L., 2007b, “The Role of School Improvement in Economic Development,” NBER Working Paper, No. 12832
[9] -  The World Bank (2006):” Where Is the Wealth of Nations? Measuring Capital for the 21st century”, Copyright©2006 by The International Bank for Reconstruction and Development/The World Bank, Washington, DC 20433, ISBN-10: 0-8213-6354-9.
[10]- World Bank (2006). Ibid.
[11]- Solow and Robert, (1988):“Economic Growth Theory: An Exposition”, Oxford University Press.
[12]- http://documents.worldbank.org/curated/en/198711468001491553/pdf/102724-ARABIC-Revised-WDR2016Overview-PUBLIC.pdf
[13]-  UNDP: Creative Economy – report 2010 – a feasibledevelopment option. UNDP. 15 December 2010 p.50
[14]- UNDP – 2016.: “ Human Development Report 2016- Human Development for Everyone”, UNDP – 2016
[15] : قام الباحث باحتساب تلک المعدلات استنادا لقواعد بیانات البنک الدولیhttp://www.undp.org/content/dam/rbas/report/UAE_KR2014_Full_Arb.pdf
[16] - برنامج الأمم المتحدة الإنمائی – UNDP، ومؤسسة محمد بن راشد (2015): "مؤشر المعرفة العربی"، 2015.
*: تتراوح قیمة المؤشر بین الصفر – 100.
[17]- البرنامج الإنمائی للأمم المتحدة (2014): "تقریر التنمیة البشریة 2014 - المضی فی التقدم- بناء المنعة لدرء المخاطر"، الأمم المتحدة - ISBN- 978-92-1-626020-0  .
[18]- UNDP – 2016.: “ Human Development Report 2016- Human Development for Everyone”, UNDP – 2016
[19] - منظمة الأمم المتحدة للتربیة والثقافة والعلوم/یونسکو (2014): "التقریر الإقلیمی للتعلیم للجمیع الخاص بالدول العربیة للعام 2014"، الاجتماع العالمی للتعلیم للجمیع – مکتب الیونسکو الإقلیمی للتربیة – الاردن - عمان (12 – 14 مایو 2014).
[21]- Ibid.
[22]- http://timssandpirls.bc.edu/timss2015/international-results/timss-2015/science/student-achievement/
[24]- https://www.timeshighereducation.com/student/news/shanghai-ranking-academic-ranking-world-universities-2016-results-announced
[25]- CWUR 2016 - World University Rankings -  http://cwur.org/2016.php
[26]- https://ae.aliqtisadi.com/679334-%D8%A3%D9%81%D8%B6%D9%84%D8%A9-2015-qs/2/
[27]- http://www.worldvaluessurvey.org/WVSOnline.jsp
 
[28]- UNESCO (2015): “Education for all Global Monitoring Report”, Education for all 2000-2015: achievements and challenges, UNESCO, 2015.
[29]- وزارة التربیة والتعلیم، جمهوریة مصر العربیة: "الخطة الاستراتیجیة للتعلیم قبل الجامعی2014 – 2030: التعلیم المشروع القومی لمصر"(http://planipolis.iiep.unesco.org/sites/planipolis/files/ressources/egypt_strategic_plan_pre-university_education_2014-2030_arabic.pdf)
[30] - التقریر الاقتصادی العربی الموحد (2016): التقریر السنوی – التقریر الاقتصادی العربی الموحد – صندوق النقد العربی – الامارات – ابوظبی – 2016.
[31]- UNISCO (2015): “Education for all: 2000-2015: Achievements and Challenges”, United Nations Education Scientific and Cultura Organization, 2015.
[32]- UNDP (2016): Op cit.
[33] - تم استخلاص هذه النتائج استنادا لبیانات الأمم المتحدة، وبیانات التقریر الاقتصادی العربی الموحد للعام 2016، باستخدام منهجیة اسبکتروم.
[34] -  یستند ذلک الالتزام الى الدساتیر الوطنیة المتضمنة لمبادئ التکافؤ والحقوق الأساسیة للمواطن، وکذلک للالتزامات الدولیة ذات الصلة مثل أهداف الالفیة MDGs، ومبدأ التعلیم للجمیع، إضافة لمقررات الإعلان العالمی لحقوق الانسان للعام 1948 فی مادته رقم 26 المتضمنة ان لکل شخص الحق فی التعلیم، وان التعلیم یجب ان یکون فی مراحله الأولى والأساسیة على الأقل بالمجان، وأن یکون التعلیم الأولی إلزامیًا.
[35] - منظمة الأمم المتحدة للتربیة والثقافة والعالوم (2017): "الاستراتیجیة متوسطة الاجل 2014 – 2021) – الأمم المتحدة – قرار المؤتمر العام 37م/1- الیونسکو 2014. http://ar.unesco.org/partnerships/private_sector
[36]- OECD (2016): “Education at a Glance 2016 OECD INDICATORS”, http://www.oecd-ilibrary.org/docserver/download/9616041e.pdf?expires=1495533087&id=id&accname=guest&checksum=090913DBEB24309C5AB8230CA2D74698
[37]- NACUBO (2016): “U.S. and Canadian Institutions Listed by Fiscal Year (FY) 2015 Endowment Market Value and Change* in Endowment Market Value from FY2014 to FY2015”, © Copyright 2016 National Association of College and University Business Officers and Commonfund Institute.
http://www.chronicle.com/blogs/ticker/files/2016/01/2015-NCSE-Endowment-Market-Values.pdf
[38]-NACUBO (2017):  http://www.nacubo.org/Research/Publications_and_Resources.html
[39]- OECD (2016): “Education at a Glance 2016”. http://www.oecd-ilibrary.org/education/education-at-a-glance-2016_eag-2016-en;jsessionid=72osutrsug1lo.x-oecd-live-03
[40]- AL MASAH Capital Research- “the MENA Education Sector, April 2014, copyright ©2014 AL MasahCapital Management Limited.
* مؤشر التنویع الاقتصادی الصادر عن الاونکتاد ، تتراوح قیمته بین (0، 1) حیت تعتبر الدولة اکثر تنوعا کلما انخفضت قیمة هذا المؤشر.
[42]- OECD (2016): “Education at a Glance 2016 OECD INDICATORS”, http://www.oecd-ilibrary.org/docserver/download/9616041e.pdf?expires=1495533087&id=id&accname=guest&checksum=090913DBEB24309C5AB8230CA2D74698
[43]- UNISCO (2015): “Education for all: 2000-2015: Achievements and Challenges”, United Nations Education Scientific and Cultura Organization, 2015.
[44] - وزارة التعلیم: التقریر السنوی 2015/2016، مرکز المعلومات – الإدارة الالکترونیة للتعلیم – فبرایر 2017. http://emis.gov.eg/Site%20Content/book/015016/main_book2016.html .
[45]- AL MASAH Capital Research- “the MENA Education Sector, April 2014, copyright ©2014 AL MasahCapital Management Limited.