الديمقراطية في الدول النامية: دراسة تفسيرية مقارنة

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

قسم العلوم السياسية ، کلية الاقتصاد والعلوم السياسية ، جامعةالقاهرة،مصر.

المستخلص

تحاول هذه الدراسة معرفة بعض الأسباب التي تؤدي إلى تباين الدول النامية في مستويات الديمقراطية. وإذ ذاک فقد شرع الباحث في اختبار نظرية التحديث التي تمثل دائما الخيار الأول لدى المتخصصين في دراسات النظم المقارنة لتفسير وجود أو غياب الديمقراطية في الدول المختلفة. وقد تبين بالفعل إن هناک دليلا على صحة هذه النظرية بين هذه المجموعة من الدول، ولذا فقد عمد الباحث إلى محاولة تنحية متغير الدخل جانبا لاختبار تفسيرات أخرى بديلة تمثلت في تأثير درجة الانقسام المجتمعي بأبعاده المختلفة، العرقي واللغوي والديني، وطبيعة الثقافة السياسية للمواطنين، وأخيرا ما إذا کانت الدولة قد تعرضت لتجربة استعمارية غربية. ولاختبار هذه الفروض تم استخدام تصميم بحثي کيفي يعتمد المقارنة بين ست حالات دراسية تنتمي إلى مناطق العالم النامي الثلاث وهي جنوب آسيا وإفريقيا جنوب الصحراء وأمريکا اللاتينية، حيث تم استخدام أکثر الدول النامية ديمقراطية في هذه المناطق وهي مونغوليا، وغانا، وکوستاريکا على الترتيب في مواجهة أکثرها تسلطية وهي ترکمانستان، وغينيا الاستوائية، وکوبا، وذلک في تطبيق لقاعدة جون ستيوارت ميل المزدوجة للاتفاق والاختلاف. إلى ذلک فقد تم استخدام بعض الأساليب الإحصائية لاختبار تأثير بعض المتغيرات. وقد خلصت الدراسة إلى وجود دليل يؤيد صحة متغير الثقافة السياسية ليصبح هو التفسير الأبرز لبناء النظام ديمقراطي في الدول النامية إضافة إلى المتغير الاقتصادي

نقاط رئيسية

تحاول هذه الدراسة معرفة بعض الأسباب التی تؤدی إلى تباین الدول النامیة فی مستویات الدیمقراطیة. وإذ ذاک فقد شرع الباحث فی اختبار نظریة التحدیث التی تمثل دائما الخیار الأول لدى المتخصصین فی دراسات النظم المقارنة لتفسیر وجود أو غیاب الدیمقراطیة فی الدول المختلفة. وقد تبین بالفعل إن هناک دلیلا على صحة هذه النظریة بین هذه المجموعة من الدول، ولذا فقد عمد الباحث إلى محاولة تنحیة متغیر الدخل جانبا لاختبار تفسیرات أخرى بدیلة تمثلت فی تأثیر درجة الانقسام المجتمعی بأبعاده المختلفة، العرقی واللغوی والدینی، وطبیعة الثقافة السیاسیة للمواطنین، وأخیرا ما إذا کانت الدولة قد تعرضت لتجربة استعماریة غربیة. ولاختبار هذه الفروض تم استخدام تصمیم بحثی کیفی یعتمد المقارنة بین ست حالات دراسیة تنتمی إلى مناطق العالم النامی الثلاث وهی جنوب آسیا وإفریقیا جنوب الصحراء وأمریکا اللاتینیة، حیث تم استخدام أکثر الدول النامیة دیمقراطیة فی هذه المناطق وهی مونغولیا، وغانا، وکوستاریکا على الترتیب فی مواجهة أکثرها تسلطیة وهی ترکمانستان، وغینیا الاستوائیة، وکوبا، وذلک فی تطبیق لقاعدة جون ستیوارت میل المزدوجة للاتفاق والاختلاف. إلى ذلک فقد تم استخدام بعض الأسالیب الإحصائیة لاختبار تأثیر بعض المتغیرات. وقد خلصت الدراسة إلى وجود دلیل یؤید صحة متغیر الثقافة السیاسیة لیصبح هو التفسیر الأبرز لبناء النظام دیمقراطی فی الدول النامیة إضافة إلى المتغیر الاقتصادی.

دیمقراطیة، دول نامیة، مونغولیا، ترکمانستان، غانا، غینیا الاستوائیة، کوستاریکا، کوبا.      

الكلمات الرئيسية


الدیمقراطیة فی الدول النامیة: دراسة تفسیریة مقارنة

 

 

 

مستخلص

 

تحاول هذه الدراسة معرفة بعض الأسباب التی تؤدی إلى تباین الدول النامیة فی مستویات الدیمقراطیة. وإذ ذاک فقد شرع الباحث فی اختبار نظریة التحدیث التی تمثل دائما الخیار الأول لدى المتخصصین فی دراسات النظم المقارنة لتفسیر وجود أو غیاب الدیمقراطیة فی الدول المختلفة. وقد تبین بالفعل إن هناک دلیلا على صحة هذه النظریة بین هذه المجموعة من الدول، ولذا فقد عمد الباحث إلى محاولة تنحیة متغیر الدخل جانبا لاختبار تفسیرات أخرى بدیلة تمثلت فی تأثیر درجة الانقسام المجتمعی بأبعاده المختلفة، العرقی واللغوی والدینی، وطبیعة الثقافة السیاسیة للمواطنین، وأخیرا ما إذا کانت الدولة قد تعرضت لتجربة استعماریة غربیة. ولاختبار هذه الفروض تم استخدام تصمیم بحثی کیفی یعتمد المقارنة بین ست حالات دراسیة تنتمی إلى مناطق العالم النامی الثلاث وهی جنوب آسیا وإفریقیا جنوب الصحراء وأمریکا اللاتینیة، حیث تم استخدام أکثر الدول النامیة دیمقراطیة فی هذه المناطق وهی مونغولیا، وغانا، وکوستاریکا على الترتیب فی مواجهة أکثرها تسلطیة وهی ترکمانستان، وغینیا الاستوائیة، وکوبا، وذلک فی تطبیق لقاعدة جون ستیوارت میل المزدوجة للاتفاق والاختلاف. إلى ذلک فقد تم استخدام بعض الأسالیب الإحصائیة لاختبار تأثیر بعض المتغیرات. وقد خلصت الدراسة إلى وجود دلیل یؤید صحة متغیر الثقافة السیاسیة لیصبح هو التفسیر الأبرز لبناء النظام دیمقراطی فی الدول النامیة إضافة إلى المتغیر الاقتصادی.

الکلمات الدالة:دیمقراطیة، دول نامیة، مونغولیا، ترکمانستان، غانا، غینیا الاستوائیة، کوستاریکا، کوبا.      

 

مقدمة :

یمکن القول إن دراسة الدیمقراطیة هی جوهر حقل النظم السیاسیة المقارنة، فهی النموذج المعرفی السائد لدى الباحثین فی هذا الحقل، وهی المنظور الذی یتم من خلاله تحلیل الأنظمة السیاسیة وتصنیفها، بل إنه حتى عندما یقوم الباحثون بدراسة النظم السلطویة فإنهم یقومون بذلک باعتبار أن الأخیرة تمثل انحرافا عن النموذج الأمثل الذی یجب أن یقاس علیه ویقارن به، وهو النموذج الدیمقراطی. 

وقد مثلت ظاهرة تفاوت دول العالم المختلفة من حیث مستوى دیمقراطیة مؤسساتها السیاسیة مشکلةً بحثیة مهمة للکثیر من الباحثین فی حقل النظم السیاسیة المقارنة. وفی هذا السیاق کان للمنظور التنموی developmentalist approach، الذی بدأ فی أعقاب انتهاء الحرب العالمیة الثانیة واستمر مسیطرا على الجماعة البحثیة طیلة الخمسینات والستینات من القرن ذاته، دور کبیر فی محاولة إیجاد تفسیرات محتملة لهذا التساؤل البحثی. وإجمالا، فقد اهتم هذا المنظور بربط تحقیق الدیمقراطیة بارتفاع مؤشرات التحدیث الاقتصادی والاجتماعی، شریطة أن یکون هذا التحدیث استنساخا للتجربة الغربیة فی النمو والتقدم. وعلى الرغم من تباین مشارب الباحثین الذین أسهموا فی بناء هذه المدرسة الفکریة؛ حیث کان بعضهم دارسا للاقتصاد مثل کارل بولانی Karl Polanyi، وإیفیریت فون هاجنEverett von Hagen  وبروس موریس Bruce Morris ، فیما تخصص آخرون فی علم الاجتماع من أمثال تالکوت بارسونز Talcott Parsons، ودانییل لیرنر Daniel Lerner، وسیمور مارتن لیبست Seymour Martin Lipset، بینما خرجت جماعة ثالثة من عباءة علم السیاسة کجابریل ألموند Gabriel A. Almond وجیمس إس کولمان Games S. Coleman – نقول على الرغم من ذلک التباین إلا إنهم جمیعا اتفقوا على أن استتباب السلم الأهلی، وبناء التعددیة الحزبیة، وترسخ الاستقرار السیاسی، وازدهار الدیمقراطیة کنظام للحکم لن یمکن الحصول علیها إلا مع نمو الاقتصاد بمؤشراته المختلفة متمثلة فی ارتفاع الدخل القومی، وزیادة التصنیع، وانتشار التحضر والتعلیم، وتقدم وسائل الاتصال، وکذلک التخلص من القیم الاجتماعیة التقلیدیة، تماما کما فعل الغرب فی طریق تطوره وتحدیثه وتقدمه إلى أن وصل إلى ما هو علیه من دیمقراطیة سیاسیة وازدهار اقتصادی.[1]

وعلى الرغم من الأناقة النظریة للاقتراب التنموی، إلا إنه تعرض للعدید من سهام النقد، وکان من المفارقات أن تأتی أولى الانتقادات من الطلاب الذین تتلمذوا على أیدی الرعیل الأول من منظریه، حیث سافر هؤلاء الطلاب إلى دول العالم الثالث لیجروا دراساتهم المیدانیة للحصول على درجاتهم العلمیة، فأتیح لهم ما لم یتح لأساتذتهم من ملاحظة قریبة وفحص دقیق لأحوال وظروف هذه الدول وتلک المجتمعات، فتبین لهم أن المؤسسات والقواعد التشریعیة لا دور حقیقیا لها فی سیاسات تلک الدول، وإنما تلعب القبائل والعشائر والأنساب الدور الرئیس فی تحریک دفة الأحداث. إلى ذلک، فلم تتوافق التطورات الجاریة فی تلک الدول مع تصورات مؤسسی المنظور التنموی، فلم یحدث النمو الاقتصادی والاستقرار السیاسی الموعود فی أغلب دول العالم الثالث، وإنما حدث تدهور اقتصادی وانقسام سیاسی، بل وارتفعت وتیرة العنف وصولا إلى الحرب الأهلیة فی غیر قلیل من الحالات.[2]

إلى ذلک الاختبار الإمبریقی، کانت هناک انتقادات أخرى وجهت إلى المدرسة التنمویة، منها أن الظروف التاریخیة التی مثلت إطارا زمنیا لعملیات التنمیة التی تمت فی الغرب لا یمکن أن تتکرر فی الوقت الحالی، فحینما تطور الغرب وتقدم اقتصادیا لم یکن هناک على سبیل المثال قیود دولیة تنظم الاقتصاد العالمی وتحد من قدرة الدول على المنافسة، بل على العکس تماما من ذلک، فقد رکب الغرب موجة الاستعمار فأفاد من وفرة المواد الخام لدى الدول التی سیطر علیها، کما عمد إلى تسویق إنتاجه فی هذه المستعمرات أیضا.

من أهم الانتقادات أیضا أن المنظور التنموی تجاهل دور المؤسسات التقلیدیة لدى مجتمعات العالم الثالث فی إحداث التقدم والنمو، لا بل شوهها فی أحیان کثیرة؛ فالدین والقبیلة والعشیرة والطائفة والأسرة الممتدة کلها کیانات تلعب – فی عرف التنمویین – أدوارا سلبیة تؤثر على النمو والتحدیث الاقتصادی المطلوب، ولابد من تحییدها حتى تحدث الانطلاقة المطلوبة فی هذه الدول، بینا – من الناحیة النظریة على الأقل - قد یمکن استغلال هذه المؤسسات فی إحداث نمو اجتماعی واقتصادی وسیاسی فی مسار خاص بهذه الدول لا ینبغی بالضرورة أن یضاهی ما حدث فی الغرب.[3]

وعلى الرغم من هذه الانتقادات وغیرها، وعلى الرغم من ظهور اقترابات أخرى سعت إلى منافسة الاقتراب التنموی وحاولت سحب البساط التنظیری من تحت قدمیه، وعلى رأسها نظریة التبعیة التی تحدثت عن الدور السلبی الذی لعبه الغرب فی تاریخ العالم النامی، بما أدى إلى ربط مصائر دول الأخیر الفقیرة بالدول الاستعماریة الأم، تلک الدول التی مثلت مراکز أساسیة لصنع القرار الاقتصادی والسیاسی بالنسبة للمستعمرات السابقة، الأمر الذی أدى إلى إعاقة النمو والتطور على کافة الأصعدة فی الدول الفقیرة ومن بینها صعید التحول الدیمقراطی،[4] على الرغم من هذا فلا زالت المدرسة التنمویة تلعب دورا مهما فی حقل النظم السیاسیة المقارنة، بحیث إنه حتى الیوم لا تکاد تخلو دراسة عن تفسیر وجودالدیمقراطیة أو غیابها فی أی نظام سیاسی من محاولة اختبار علاقة المتغیرات الاقتصادیة المختلفة به، دون أن یعنی ذلک عدم طرح متغیرات أخرى.[5]

1- مشکلة الدراسة:

نقطة الانطلاق فی هذه الدراسة هی علاقة الدیمقراطیة بنظریة التحدیث داخل فئة محددة من دول العالم. وبشکل مباشر، هل تنطبق فروض النظریة على مجموعة الدول النامیة فی حد ذاتها أم لا؟ ولکی نکون أکثر تحدیدا، لابد أولا من تعریف المقصود بالدولة النامیة.

تعریف الدولة النامیة:

لیس ثمة تعریف موحد لهذا المفهوم، وإنما توجد تعریفات عدیدة لعل أهما وأکثرها شیوعا تلک التی یعتمدها کل من البنک الدولی وصندوق النقد الدولی بالإضافة إلى الأمم المتحدة. وعلى الرغم من نسبة الاتفاق الکبیرة بین التصنیفات الثلاث لدول العالم المختلفة، إلا إن هناک عددا غیر قلیل من الحالات التی تشذ عن هذا الاتفاق لتصنف کدول ذات اقتصاد متقدم وفق أحد التعریفات، وذات اقتصاد نام فی تعریف آخر.

یمکن القول إن تصنیف صندوق النقد الدولی هو أضعف التصنیفات الثلاثة؛ حیث لم یُذکَر أولا فی اتفاقیة إنشائه منتصف الأربعینات من القرن العشرین ما یشیر إلى تمییز الدول وفقا لمدى نموها الاقتصادی. وفی منتصف السبعینات اضطر الصندوق أن یضع تمییزا بین الدول التی تحتاج للحصول على مساعدات نقدیة وبین غیرها من الدول الغنیة، فکانت المفارقة أن معظم الدول الأعضاء أرادت أن تصنف کدول نامیة من أجل ضمان حصولها على تلک القروض حال احتیاجها لها فیما بعد. وبالرغم من إجراء بعض المفاوضات بین الصندوق والدول وکذلک إجراء بعض الدراسات العلمیة للمساعدة فی حسم الأمر، إلا إنه بالأخیر لا یمکن استبعاد شبهة أن التصنیف قد عانى من بعض التحکم بل وحتى التسییس منذ بدایته. ولقد مر التصنیف الذی قدمه الصندوق بعدة مراحل إلى أن وصل إلى الشکل الحالی الذی یشتمل على فئتین هما: الاقتصادات المتقدمة advanced economies، والأسواق الصاعدة والاقتصادات النامیة emerging market and developing economies.[6]

أما تعریف البنک الدولی فیتمیز على ما عداه بالوضوح والتحدید؛ حیث یصنف الدول إلى أربع فئات من حیث متوسط نصیب الفرد من الناتج القومی الإجمالی per capita Gross National Income (GNI) وهی: دول ذات دخل منخفض، دول ذات دخل متوسط (فئتان: متوسط منخفض، ومتوسط مرتفع)، دول ذات دخل مرتفع. وتتغیر حدود هذه الفئات مع کل عام مالی جدید، وتستمر ثابتة لمدة اثنی عشر شهرا. وفی الأول من یولیو 2017 تم تحدیث هذه الحدود لِتُعْتَبَرَ الدولةُ ذات دخل منخفض إذا قل متوسط نصیب الفرد فیها من الناتج الإجمالی عن 1005 دولارات فی العام، وتعتبرَ ذاتَ دخل مرتفع إذا زاد نصیب الفرد فیها عن 12,235 دولارا فی العام، بینما تکونُ ذاتَ دخل متوسط منخفض إذا تراوح ذلک المقدار ما بین1,006  إلى 3,955 دولارا، وذاتَ دخل متوسط مرتفع إذا تراوح بین 3,966 و 12,235 دولارا فی العام.[7] هذا ویَعتَبِر البنک إن کافة الدول التی لا تندرج تحت قائمة الدول ذات الدخل المرتفع هی دول نامیة.[8]

وأخیرا، یضیف دلیل الأمم المتحدة للتنمیة البشریة إلى متوسط نصیب الفرد من الناتج القومی الإجمالی مؤشرین آخرین هما متوسط العمر المتوقع لعمر الفرد عند المیلاد، ومتوسط سنوات التعلیم للأفراد فوق 25 عاما بالنسبة إلى سنوات التعلیم المتوقعة للطفل حین یبدأ رحلة الدراسة.[9] وبذلک فإن هذا المقیاس یدخل فی الحسبان کیفیة انعکاس ارتفاع نصیب الفرد من الناتج الإجمالی على حیاة المواطنین فی شکل تحسن فی بعض مؤشرات جودة الحیاة کالحیاة الصحیة الطویلة ومستوى المعرفة. ویصنف الدلیل دول العالم فی أربع فئات هی: فئة التنمیة المرتفعة جدا، وفئة التنمیة المرتفعة، وفئة التنمیة المتوسطة، وفئة التنمیة المنخفضة.[10] ومثل البنک الدولی، یرى هذا التصنیف أن وصف الدول النامیة ینطبق على کافئة الفئات دون الفئة العلیا (التنمیة المرتفعة جدا).[11] 

هل تنطبق نظریة التحدیث إذن على الدول النامیة؟ وبعبارة أخرى، هل ثمة علاقة بین الشریحة التی یصنف بها اقتصاد الدولة النامیة وبین احتمال کونها دیمقراطیة؟

للإجابة على هذا التساؤل المبدئی قام الباحث برصد کافة دول العالم التی حققت شرطین هما: أولا: أن تصنف کدولة نامیة على أی مقیاس من المقاییس الثلاثة المذکورة، ثانیا: أن تحصل على أسوأ الدرجات على مقیاس الحریة (سبع درجات أو ستة درجات ونصف)، أو أن تحصل، على النقیض من ذلک، على أفضل الدرجات (درجة واحدة أو درجة ونصف). [12]   

          وبناء على ذلک تکون الجدول التالی:

 

 

 

 

 

 

 

 

 

جدول (1) خصائص الدول النامیة وفقا لعدد من المقاییس[13]

الدولة

دلیل الحریة *   (FH)

مؤشر الحالة الأمنیة على دلیل الهشاشة

(FSI)

دلیل الأمم المتحدة للتنمیة البشریة ‡   (HDI)

تصنیف البنک الدولی ×  (WB):

 دخل:

تصنیف صندوق النقد الدولی ††  (IMF)

عدد السکان بالملیون ‡‡

أ‌-         دول نامیة سلطویة

کوریا الشمالیة

7

8.3

NA

NA

NA

 

ترکمانستان

7

6.3

متوسط

متوسط - مرتفع

سوق صاعدة واقتصادات نامیة

5.5

أوزباکستان

7

7.1

مرتفع

متوسط-منخفض

سوق صاعدة واقتصادات نامیة

30.7

سوریا

7

9.8

منخفض

متوسط-منخفض

سوق صاعدة واقتصادات نامیة

 

الصومال

7

9.4

منخفض

منخفض

NA

 

السودان

7

9

منخفض

متوسط-منخفض

سوق صاعدة واقتصادات نامیة

 

جمهوریة إفریقیا الوسطى

7

9

منخفض

منخفض

سوق صاعدة واقتصادات نامیة

 

غینیا الاستوائیة

7

6.5

متوسط

متوسط مرتفع

سوق صاعدة واقتصادات نامیة

0.9

إریتریا

7

7.2

منخفض

منخفض

سوق صاعدة واقتصادات نامیة

5.5

جنوب السودان

7

10

منخفض

منخفض

سوق صاعدة واقتصادات نامیة

 

طاجیکستان

6.5

6.7

متوسط

متوسط-منخفض

سوق صاعدة واقتصادات نامیة

 

أذربیجان

6.5

6.2

مرتفع

متوسط - مرتفع

سوق صاعدة واقتصادات نامیة

 

الصین

6.5

5.9

مرتفع

متوسط - مرتفع

سوق صاعدة واقتصادات نامیة

 

لاوس

6.5

5.5

متوسط

متوسط-منخفض

سوق صاعدة واقتصادات نامیة

 

الیمن

6.5

9.8

منخفض

متوسط-منخفض

سوق صاعدة واقتصادات نامیة

 

بوروندی

6.5

8.8

منخفض

منخفض

سوق صاعدة واقتصادات نامیة

 

إثیوبیا

6.5

8.4

منخفض

منخفض

سوق صاعدة واقتصادات نامیة

 

جمهوریة الکونغو الدیمقراطیة

6.5

9

منخفض

منخفض

سوق صاعدة واقتصادات نامیة

 

لیبیا

6.5

9.6

مرتفع

متوسط مرتفع

سوق صاعدة واقتصادات نامیة

 

تشاد

6.5

9.4

منخفض

منخفض

سوق صاعدة واقتصادات نامیة

 

کوبا

6.5

5.2

مرتفع

متوسط مرتفع

NA

11.4

ب‌-       دول نامیة دیمقراطیة

کوستاریکا

1

3.6

مرتفع

متوسط مرتفع

سوق صاعدة واقتصادات نامیة

4.9

دومینیکا

1

NA

مرتفع

متوسط مرتفع

سوق صاعدة واقتصادات نامیة

0.073

مونغولیا

1.5

3.6

مرتفع

متوسط منخفض

سوق صاعدة واقتصادات نامیة

3.1

غانا

1.5

3.8

متوسط

متوسط منخفض

سوق صاعدة واقتصادات نامیة

28.7

موریشیوس

1.5

2.3

مرتفع

متوسط مرتفع

سوق صاعدة واقتصادات نامیة

1.3

بیلیز

1.5

6.4

مرتفع

متوسط مرتفع

سوق صاعدة واقتصادات نامیة

0.375

جرینادا

1.5

5.7

مرتفع

متوسط مرتفع

سوق صاعدة واقتصادات نامیة

0.107

*Freedom House, “Freedom in the World 2018: Table of Country Scores,” Freedom House Website, 2018, https://freedomhouse.org/report/freedom-world-2018-table-country-scores

  The Fund for Peace, “Fragile States Index,” The Fund for Peace Website, 2017 http://fundforpeace.org/fsi/data/

United Nations Development Program, “Human Development Report 2016,” March 2017: 202-205, http://hdr.undp.org/sites/default/files/2016_human_development_report.pdf

×The World Bank, “New Country Classification by Income Level,” The World Bank Data Blog Webpage, 1 July 2017,  https://blogs.worldbank.org/opendata/new-country-classifications-income-level-2017-2018

††The International Monetary Fund, “World Economic Outlook: Gaining Momentum?”  World Economic and Financial Surveys (April 2017): 180-181. 

‡‡Numbers are derived from: “Total Population by Country,” World Population Review, 2017, http://worldpopulationreview.com/countries/

وبالاعتماد على مقیاس البنک الدولی، لأنه کما سبق القول یعد أفضل المقاییس الثلاثة نظرا لاعتماده المباشر على متوسط الدخل القومی لکل فرد وهو مؤشر بسیط وواضح، وباستخدام بعض الحسابات الإحصائیة یتضح أن الفئة الوسیطة لدى الدول النامیة التسلطیة هی "متوسط منخفض" بینما تزداد لدى مجموعة الدول النامیة الدیمقراطیة إلى "متوسط مرتفع".[14] إن هذا یعنی إن هناک دلیلا فی صالح نظریة التحدیث حتى على مستوى الدول النامیة کمجموعة جزئیة من دول العالم.

ولکن من المتعارف علیه فی منهجیة البحث فی العلوم الاجتماعیة إن نمط التفسیر العام للظواهر لا یجعل من سبب واحد مفسرا شاملا للظاهرة، بمعنى إنه حتى مع وجود دلیل على إن الدیمقراطیة ترتبط بالتحدیث، أو بعبارة أخرى إن التحدیث یؤدی إلى الدیمقراطیة، فإن هذا لا یعنی مطلقا إن التحدیث هو السبب الوحید أو هو المفسر الشامل لحدوث الدیمقراطیة، بل لابد وأن توجد أسباب أخرى یتوجب علینا البحث عنها، لا سیما وإنه یظل هناک عدد من الاستثناءات لأی علاقة سببیة عامة، هذه الاستثناءات فی حد ذاتها تکون فی حاجة للبحث عن أسباب لتفسیرها، ویظل العلم على هذه الحال من المحاولات المستمرة لتفسیر ما یحدث فی العالم.[15]

فإذا وضعنا فی الاعتبار إن هناک قدرا لا ینکر من عدم الاتفاق بین الباحثین حول حقیقة  العلاقة بین التنمیة الاقتصادیة والدیمقراطیة، وهو ما سیتضح فی الإطار النظری، فإن التساؤل یظل قائما حول الأسباب التی تؤدی لتباین الدول النامیة فی مستویات الدیمقراطیة لدیها بغض النظر عن مستویات دخولها، بل ما الذی یؤدی أحیانا إلى تحقق عکس ما تقوله نظریة التحدیث حیث توجد دول تسلطیة تتفوق دخلا على دول أخرى دیمقراطیة، وذلک على الرغم من إن الاتجاه العام کما قلنا آنفا هو فی صالح النظریة؟[16] تمثل هذه القضیة المشکلة البحثیة لهذه الورقة.

2- الإطار النظری:

هناک الکثیر من الدراسات التی اهتمت بدراسة النموذج الدیمقراطی تعریفا ووصفا وتفسیرا. نعود فی هذا السیاق فنؤکد إن نظریات التنمیة الاقتصادیة-الاجتماعیة کان لها السبق فی محاولة تفسیر تباین دول العالم فی مستوى الدیمقراطیة، حیث کان عالم الاجتماع السیاسی الأمریکی سیمور مارتن لیبست Lipset من أوائل من حاولوا إقامة العلاقة بین متغیرات الدخل القومی والتصنیع والتحضر والتعلیم ووسائل الاتصال من جهة ومستوى الدیمقراطیة من جهة أخرى،[17] وتبعه فی ذلک الکثیر من الباحثین الذین شارکوه فی اختبار تأثیر المتغیرات الاقتصادیة على طبیعة نظام الحکم، وکان من أمثال هؤلاء فیلیبس کترایت Phillips Cutright، ومارفن أولسن Marvin E. Olsen، وروبرت دال Robert Dahl، وتوصلوا إلى نفس النتائج أیضا.[18]

          وقد خضعت نظریة التحدیث لکثیر من الانتقادات کما سبق العرض فی المقدمة، ونضیف إلیها فی هذا المقام أن البعض قد شکک فی وجود علاقة سببیة بین التنمیة الاقتصادیة متمثلة فی ارتفاع متوسطات الدخول للأفراد فی الدول التسلطیة وبین حدوث الدیمقراطیة، حیث میز آدام شڤورسکی Adam Przeworski على سبیل المثال بین سیناریوهین للربط بین الدیمقراطیة وثراء الدولة، الأول وهو ما أطلق علیه الدیمقراطیة من الداخل endogenous democratization وهو سیناریو مکافئ لنظریة التحدیث وفیه ترتفع الدخول أولا ثم تحدث الدیمقراطیة لاحقا، والدیمقراطیة من الخارج، أی من خارج نظریة التحدیث، وفیه تحدث الدیمقراطیة لا بسبب زیادة ثراء الدولة وتحسن أوضاعها الاقتصادیة ولکن بسبب عوامل أخرى کهزیمة عسکریة أو رحیل دیکتاتور، وکل ما فی الأمر أن الدیمقراطیة تزداد رسوخا ویقل احتمال تعرضها للانتکاس متى حدثت فی دولة غنیة.[19] بل ذهب شفورسکی إلى أبعد من ذلک فقال إن بعض الأنظمة الدیکتاتوریة، مثل ألمانیا الشرقیة والاتحاد السوفیتی وإسبانیا وبلغاریا والأرجنتیتن والمکسیک مکثت لفترات طویلة بعد وصول معدلات دخولها إلى مستویات مرتفعة تفوق متوسطات دخول عدد آخر من الدول التی کانت قد تحولت إلى الدیمقراطیة أو عادت إلیها بحلول الخمسینات من القرن العشرین مثل ألمانیا (الغربیة) والنمسا وفرنسا وأیسلندا وإیطالیا وهولندا.[20]

          وقد ذهب آخرون إلى إنه لا توجد أی علاقة سببیة فی أی اتجاه بین الدیمقراطیة والتنمیة الاقتصادیة، بمعنى إنه لا التنمیة تؤدی إلى الدیمقراطیة، ولا الدیمقراطیة تؤدی إلى التنمیة، حیث تحدث الدیمقراطیة وفقا لهذا التحلیل بسبب عوامل أخرى أهمها توجهات الأفراد التی تبنى عبر الزمن وتؤثر فیها دیاناتهم وثقافاتهم السیاسیة وعوامل أخرى مختلطة.[21]         

وبالتالی لم تکن التفسیرات الاقتصادیة هی الوحیدة التی طرحت لتفسیر ظاهرة الدیمقراطیة، إذ اقترح فریق آخر وجود عدد من العوامل منها التاریخیة والثقافیة والخارجیة ذات التأثیر القوی على عملیات التحول عن النظم السلطویة.[22]

من تلک العوامل فکرة التجانس المجتمعی بأبعاده المختلفة إثنیا کان أو دینیا أو طائفیا وأثر ذلک إیجابیا على إمکانیة بناء النظام الدیمقراطی. [23] هنالک أیضا ذلک العامل المتعلق بثقافة الشعوب ذاتها ومدى إیمانها بالقیم التحتیة للدیمقراطیة کالتسامح ونبذ التعصب والثقة فی الآخر والإیمان بأفضلیة الدیمقراطیة على ما سواها من أنظمة الحکم.[24] إلى ذلک یضاف عامل ثالث یرتبط بثقافة النخب السیاسیة وانفتاحها الفکری وتشربها هی الأخرى بفکرة تسویة نزاعاتها من خلال الأسالیب السلمیة قبولها واستعدادها للتنازل وقبولها بالحلول الوسطى.[25]

یضیف آخرون فکرة التجریة التاریخیة، والتی یقصد بها أن تکون الدولة قد عرفت فی فترة زمنیة سابقة تجربة دیمقراطیة وجدت بها أنظمة حکم تستند إلى مؤسسات سیاسیة منتخبة من الشعوب، حتى وإن لم تکن هذه التجارب متکاملة أو خالیة من النواقص. وفی هذا السیاق غالبا ما تطرح التجربة الاستعماریة فی الکتابات الغربیة کعامل من العوامل المؤثرة إیجابا على التحول الدیمقراطی وبالتحدید إذا کانت الدولة المستعمرة هی بریطانیا بسبب تقدم التجربة الدیمقراطیة بها زمنیا، وکذلک لمنهج الحکم الاستعماری الذی اتبعته، وهو النموذج غیر المباشر الذی کان یقوم على بناء موسسات وطنیة للحکم تدین بالولاء للتاج البریطانی. [26]

إلى ذلک فإن فکرة العوامل الخارجیة، وإن کان دورها أکثر محدودیة، إلا إنها لیست منبتة الصلة بإمکانیة إحداث التحول الدیمقراطی. وقد لخص صمویل هنتنجتون هذه العوامل فی إمکانیة أن یحدث التحول فی عدد من الدول بسبب وقوع حدث عالمی کحرب کبرى أو تغیر عظیم فی میزان القوى الدولی، أو أن تحدث سلسلة من تساقط الأنظمة الدکتاتوریة فی إقلیم ما واحدا تلو الآخر فیما یعرف بنموذج کرات الثلج.[27]  

3-   فروض الدراسة:

تستخدم الدراسة الأطروحات النظریة السابقة فی محاولة تفسیر ظاهرة تباین الدول النامیة فی تحقیق الدیمقراطیة وبمعزل عن متغیر الدخل. وترکز الدراسة تحدیدا على ثلاثة متغیرات هی:

4-1           التجانس المجتمعی: ویقصد به هنا غیاب الانقسام الناجم عن عوامل عرقیة أو ثقافیة. وتنقسم العوامل الثقافیة إلى دینیة، ومذهبیة، ولغویة، وفی بعض الأحیان أیدیولوجیة أیضا. والمنطق هنا أن الدیمقراطیة توجد غالبا فی مجتمعات تقل بها تلک الانقسامات بحیث تتمتع بدرجة عالیة من التماسک الذی یسمح بتکوین أحزاب غیر طائفیة، وبحیث لا تمثل خسارة حزب أو آخر فی المعارک الانتخابیة مغرما قاسیا لجمهوره ومؤیدیه کما هو الحال فی المجتمعات شدیدة الانقسام.[28]

وتستخدم الدراسة معامل التشرذم الإثنی لقیاس مدى التجانس العرقی.

4-2           الثقافة السیاسیة: یشیر هذا المتغیر إلى مدى تأیید الشعوب للنموذج الدیمقراطی، واعتباره النموذج الأفضل للحکم بالمقارنة بغیره من الأنظمة. وتذهب النظریات هنا إلى أن الدول التی استطاعت تحقیق الدیمقراطیة هی تلک التی تتمتع فکرة الحکم الدیمقراطی بها بنسب تأیید تزید عن نظیراتها فیمن عداها من الدول.

وتستخدم الدراسة مسح القیم العالمی لقیاس هذا المتغیر.

4-3           الخبرة التاریخیة: بمعنى وجود سابقة حکم دیمقراطی بالدولة أو خضوعها لتجربة استعماریة من دولة دیقراطیة من عدمه.

4-   منهج الدراسة:

5-1 التصمیم البحثی

قام الفیلسوف الإنجلیزی جون ستیوارت میل بوضع خمس قواعد منطقیة للتعمیم صارت مع مرور الوقت الأساس الذی یستخدمه الباحثون فی عقد المقارنات بین الحالات الدراسیة. وعلى الرغم من أنها صیغت بالأساس لخدمة المنطق الاستقرائی induction الذی یقوم على دراسة الحالات الجزئیة وصولا إلى أحکام عامة، إلا إنه قد شاع استعمال تلک القواعد أیضا لدى تفسیر الظواهر بأسلوب الاستنباط deduction الذی یجیب على التساؤلات من خلال طرح نظریات مصوغة سابقا واستخراج الفروض منها لیتم اختبارها لاحقا فی الحالات التطبیقیة.

ویعد تصمیما الحالات الأکثر اختلافا the most different systems design (MDSD)، والأکثر تشابها the most similar systems design (MSSD) من أشهر التصمیمات البحثیة التی تقوم على قواعد "میل" المنطقیة والتی یشیع استخدامها فی الدراسات الکیفیة المقارنة. إلا إن قاعدة میل الثالثة فی المقارنة والتی تقوم على دمج الأسلوبین السابقین تعد الفضلى من حیث مستوى الصحة الداخلیة للتصمیم، بمعنى درجة التأکد من حقیقة العلاقة السببیة بین المتغیرات المستقلة والمتغیر التابع. ومؤدى هذه الأخیرة، إنه لیس کافیا لإثبات علاقة السببیة بین متغیرین أن یتوافر المتغیر المستقل فی کل الحالات شدیدة التباین التی یتواجد بها المتغیر التابع (MDSD)، أو أن یظهر کلا المتغیرین المستقل والتابع سویا ویغیبا سویا فی الحالات عالیة التشابه (MSSD) فقط، وإنما لابد من تحقق الشرطین معا.[29]

وبالتطبیق على مجتمع البحث الخاص بهذه الدراسة، فإن التصمیم الأول، الحالات الأکثر اختلافا، یقتضی المقارنة بین دولتین مختلفتین تماما فی الظروف ومتفقتین فی النتیجة (کلاهما دیمقراطی). یتحقق ذلک مثلا فی المقارنة بین مونغولیا وکوستاریکا. أما التصمیم الآخر، الحالات الأکثر تشابها، فیتطلب المقارنة بین دولتین متشابهتین فی الظروف ومختلفتین فی النتیجة (أحدهما دیمقراطی والآخر تسلطی)، مثل مونغولیا وترکمانستان. أما التصمیم المزدوج فإنه یتطلب المقارنة بین الحالات الثلاث فی آن واحد، بحیث یعتبر المتغیر المستقل (أ) سببا فی حدوث المتغیر التابع (ب) إذا توافر (أ) فی مونغولیا وکوستاریکا (الدولتین الدیمقراطیتین المختلفتین) وغاب فی ترکمانستان (غیر الدیمقراطیة المتشابههة مع إحدى الحالتین السابقتین، وهی هنا مونغولیا). وهذا هو التصمیم الذی سوف تستخدمه الدراسة مع زیادة الحالات.

5-2 اختیار حالات الدراسة:

          یمثل اختیار الحالات الدراسیة أهمیة کبرى فی البحث العلمی؛ ذلک أن هذه الخطوة تؤثر على اختبار الفروض وبالتالی على النتائج التی تتوصل إلیها الدراسة. وتسعى الدراسة إلى تطبیق التصمیم المزدوج بشکل موسع یشمل کافة المجموعات الثقافیة لدول الجنوب أو الدول النامیة. ومن أجل هذا الغرض، استقر الباحث على ثلاثة أزواج من الدول هی: ترکمانستان 7/منغولیا 1.5، غینیا الاستوائیة 7/غانا1.5، وکوبا 7/کوستاریکا 1. 

أما عن معاییر اختیار هذه الحالات فتمثلت فی:

أولا: اختیار حالتین متناقضتین من کل مجموعة ثقافیة داخل الدول النامیة، وهی مجوعة الدول الآسیویة، مجموعة الدول الإفریقیة، مجموعة دول أمریکا اللاتینیة.

ثانیا: تفضیل الدول التی حصلت على أقل درجات (7) والدول التی حصلت على أعلى الدرجات (1) فی کل مجموعة، والانتقال فی حال عدم توفر ذلک إلى دولة ذات تقدیر لاحق من الطرفین (6.5 للتصنیف السلطوی، و 1.5 للتصنیف الدیموقراطی).

ثالثا: حال توافر أکثر من بدیل ینتمی لنفس المجموعة الثقافیة داخل فئة الدول التسلطیة، یتم اختیار الدولة التی تحصل على ترتیب أفضل على مؤشر الحالة الأمنیة، وهو جزء من دلیل  الدول الهشة (الدول الفاشلة سابقا)؛[30] والعبرة هنا هی الرغبة فی استبعاد الدول التی تعانی من التدهور الشدید فی حالة استقرارها السیاسی حتى تجوز المقارنة بغیرها من الدول النامیة الدیمقراطیة؛ حیث إنه من الیسیر جدا أن ننسب الاختلاف بین دولة نامیة وأخرى فی مجال الحکم الدیمقراطی إلى معاناة الدولة التسلطیة من حرب أهلیة أو نزاعات مسلحة بین طوائفها أو أی أوضاع أمنیة أو سیاسیة أخرى غیر مستقرة.[31]

رابعا: بعد تطبیق المعاییر السابقة کان الاختیار یدق أحیانا بین دولتین تصلحان للعب نفس الدور فی المقارنة؛ فهناک کوستاریکا ودومینیکا کمثال للدول اللاتینیة الدیمقراطیة، وکذلک غانا وموریشیوس کمثال للدول الإفریقیة الدیمقراطیة. تحیزت الدراسة للدول الأکبر من حیث المساحة وعدد السکان، وبالتالی تمثل القرار الأخیر فی استبعاد کل من دومینیکا وموریشیوس.[32]

خامسا: یلاحظ على الحالات المختارة أن الدول التسلطیة بها جمیعها ذات دخل متوسط مرتفع، بینما اثنتان من الدول الدیمقراطیة المناظرة لها جغرافیا وثقافیا ذات دخل متوسط منخفض وفقا لتصنیف البنک الدولی. إن تناول حالات تمثل تحدیا لنظریة التحدیث والتنمیة الاقتصادیة کهذه یمثل محاولة حقیقیة للتوصل إلى المسببات الأخرى للدیمقراطیة وبالتالی للإجابة على السؤال البحثی للدراسة.

          وبالتالی تتمثل حالات الدراسة فی الجدول التالی.

 

 

 

 

 

 

جدول (2) حالات الدراسة

الدولة

دلیل الحریة    (FH)

مؤشر الحالة الأمنیة على دلیل الهشاشة

تصنیف البنک الدولی (WB): دخل:

متوسط الدخل للفرد  2017 بالدولار

عدد السکان بالملیون

ترکمانستان

7

6.3

متوسط – مرتفع

6,987

5.5

غینیا الاستوائیة

7

6.5

متوسط – مرتفع

12,029

0.9

کوبا

6.5

5.2

متوسط – مرتفع

7,578

11.4

کوستاریکا

1

3.6

متوسط – مرتفع

9,714

4.9

مونغولیا

1.5

3.6

متوسط – منخفض

3,894

3.1

غانا

1.5

3.8

متوسط – منخفض

1,708

28.7

1-    المناقشة والنتائج:

 6-1 التجانس المجتمعی:

یبحث هذا الجزء فی حالة التجانس المجتمعی من حیث الترکیب العرقی واللغوی والدینی (أو المذهبی) داخل کل دولة من الدول الست محل الدراسة؛ حیث یغلب أن تمثل هذه العناصر العوامل الأکثر أهمیة فی وصف حالة الانقسام المجتمعی داخل الدول.

6-1-1 ترکمانستان: دولة عالیة التجانس بالنسبة للأبعاد الثلاثة. فعلى مستوى العرق، یحتل الترکمان المرکز الأول بلا منازع حیث یشکلون 85 بالمائة من إجمالی السکان، بینما تتوزع نسبة الخمس عشرة بالمائة الباقیة بین الأوزبک (5%) والروس (4%) وآخرین (6%). یتوافق الانقسام اللغوی تقریبا مع الانقسام الإثنی، حیث تشکل الترکمانیة اللغة الغالبة بنسبة 72% من السکان، یلیها الروسیة (12%)، فالأوزبکیة (9%). أما من حیث الدیانة فیأتی الإسلام فی المرتبة الأولى بنسبة 89% من السکان، یلیه المسیحیة الأوثوذکسیة الشرقیة بنسبة 9%.[33]

6-1-2 مونغولیا: تعتبر مونغولیا دولة متجانسة بالنسبة للعرق واللغة، حیث تنتمی الغالبیة العظمى من السکان للعرق المعروف بالکالک Khalkh بنسبة 81.9%، بینما تتوزع النسبة الباقیة على العدید من الإثنیات المختلفة التی لا یتجاوز أکبرها حجما 3.8% من إجمالی السکان (عرق الکازاک Kazak)، کما یتحدث المنغولیة 90% من السکان. أما من حیث الدیانة، فالأمر مختلف قلیلا؛ حیث توجد کتلتان کبیرتان هما کتلة البوذیین التی تشکل أغلبیة بهامش بسیط (53%) وکتلة الذین لا یعتنقون أیة دیانة (حوالی 39%)، ویأتی بعدهما أقلیات صغیرة من المسلمین (3%)، والمسیحیین (2.2%) وغیرهما.[34] 

6-1-3 غینیا الاستوائیة: عالیة التجانس من حیث العرق (یشکل الفانج Fang حوالی 86% من السکان)، وإلى حد معتدل من ناحیة اللغة (68% یتحدثون الإسبانیة التی تعتبر اللغة الرسمیة إضافة إلى اللغة الفرنسیة). کما إنها شدیدة التجانس من حیث الدیانة حیث یدین 93% من السکان بالمسیحیة، و2% فقط بالإسلام.

6-1-4 غانا: ما یمیز غانا إنه لا یوجد بها مجموعة عرقیة واحدة تنتمی إلیها أغلبیة السکان، حیث تتمثل أکبر العرقیات فی الأکان Akan الذین یشکلون 47.5% فقط من السکان، کما تتوزع النسبة الباقیة من السکان على عدد آخر غیر قلیل من الأقلیات الإثنیة. یتأکد هذا الانقسام بشکل أکبر على محور اللغة؛ حیث إنه وإن کانت الإنجلیزیة هی اللغة الرسمیة للبلاد، إلا إن هناک عددا آخر کبیرا نسبیا من اللغات المحلیة التی لا یشکل متحدثو أی منها أغلبیة واضحة. ومن حیث الدیانة، یشکل المسیحیون النسبة الغالبة (71.2%) وإن کانوا ینقسمون بشکل عمیق مذهبیا، بینما یشکل المسلمون 17.6%. 

6-1-5 کوبا:یعتبر الشعب الکوبی متجانسا إلى حد ما من ناحیة العرق؛ حیث یشکل ذوو الأصول البیضاء 64.1% من السکان، یلیهم أصحاب البشرة السمراء بما نسبته 9.3% من الإجمالی، أما النسبة الباقیة، وتزید عن الربع تقریبا، فتعتبر مختلطة. کذلک تتحدث الغالبیة العظمى من السکان اللغة الإسبانیة. ومن حیث الدیانة، یعتنق 85% من السکان المذهب الکاثولیکی، فیما تدین النسبة الباقیة بمذاهب مسیحیة أخرى.

6-1-6 کوستاریکا: یشکل البیض الغالبیة العظمى من السکان بنسبة 83.6%، کما إن اللغة الإسبانیة هی اللغة الغالبة وکذلک الرسمیة. أما من حیث الدیانة، فالانسجام هو السمة الغالبة أیضا حیث لا تزید نسبة من لا یعتنقون المسیحیة بمذاهبها المختلفة عن 8% فقط من إجمالی السکان.

الاستنتاج:لا یوجد دلیل على ارتباط طبیعة النظام من حیث کونه دیمقراطیا أم تسلطیا بمدى الانسجام المجتمعی علی أی من المحاور الخاصة بالأخیر سواء کان الإثنیة أو اللغة أو الدیانة.  فإذا کانت مونغولیا "الدیمقراطیة" متجانسة إلى حد کبیر من حیث العرق واللغة، فإن ترکمانستان "السلطویة" متجانسة بنفس القدر تقریبا بالنسبة للعاملین، وإذا کانت کوستاریکا "الدیمقراطیة عالیة التجانس من حیث الدیانة، فکذلک الحال مع غینیا الاستوائیة "السلطویة".

إلى ذلک فقد قدم الباحثون عددا من المحاولات لقیاس مدى التجانس فی المجتمعات المختلفة على المحاور الثلاثة المذکورة أو بعضها. وتقوم الفکرة على قیاس مقلوب التجانس، وهو التشرذم، وتعریفه إنه یساوی احتمال أن ینتمی أی فردین یختاران بشکل عشوائی من بین مواطنی الدولة إلى مجموعتین عرقیتین (أو لغویتین أو دینیتین) مختلفتین، ویتراوح هذا الاحتمال بین الصفر والواحد، حیث یشیر الصفر إلى التجانس التام، بمعنى إنه لا یوجد أی احتمال لأن یکون الشخصان المختاران مختلفین، بینما یدل الواحد على التشرذم الکامل، بمعنى وجود یقین بانتماء الشخصین المختارین إلى مجموعتین متباینتین.[35] ویشیر الجدول التالی إلى المعاملات المحسوبة فی ألبرتو ألیسینا Alberto Alesina.  

                      جدول (3) درجات التجانس المجتمعی فی حالات الدراسة

الدولة

التشرذم الإثنی

التشرذم اللغوی

التشرذم الدینی

ترکمانستان

0.39

0.40

0.23

مونغولیا

0.37

0.37

0.08

غینیا الاستوائیة

0.35

0.32

0.12

غانا

0.67

0.67

0.80

کوستاریکا

0.24

0.05

0.24

کوبا

0.59

0.00

0.51

أوزبکستان

0.41

0.41

0.21

Source of data: AlbertoAlesina, Arnaud Devleeschauwer, William Easterly, Sergio Kurlat,    and Romain Wacziarg, “Fractionalization,” Journal of Economic Growth 8, no. 2 (June 2003), Appendix 1: 176-181.

 

وباستخدام الاختبارات الإحصائیة المناسبة للمقارنة بین متوسطات المتغیرات الثلاثة بالنسبة للمجموعتین من الدول تبین إنه لا یوجد اختلاف معنوی بین هذه المتوسطات،[36] وهو ما یؤکد النتیجة التی تقدم الحدیث عنها.     

6-2 الثقافة السیاسیة:

تعتمد الدراسة فی هذا الجزء على نتائج استطلاعات مسح القیم العالمی World Values Survey فی دورته السادسة، والتی امتدت بین عامی 2010-2014. ولقیاس مدى إیمان شعوب الدول محل الدراسة بالدیمقراطیة، وجد الباحث إن هناک أربعة تساؤلات قد تصلح لقیاس إیمان المواطنین بالدیمقراطیة، وهی کالتالی: سؤال عما إذا کان المبحوث یرى أن الأفضل للدولة أن یحکمها زعیم قوی لا یأبه بالبرلمان أو الانتخابات، وثان عما إذا کان من الأفضل أن یقوم الخبراء فی المجالات المختلفة باتخاذ القرارات بدلا من الحکومات، وثالث عن مدى تفضیل المبحوث لحکم المؤسسة العسکریة، ورابع وأخیر عما إذا کان النظام الدیمقراطی هو الأفضل لحکم البلاد.

وقد جاءت الأسئلة الأربع متتالیة فی الاستبیان الذی یستخدمه المسح، وعرضت أربع فئات للإجابة على المبحوثین، وهی: جید جدا، جید إلى حد ما، سیئ، سیئ جدا. ومن الواضح أن هذه التساؤلات تستبطن منطقا یقوم على تقدیم أشهر ثلاث بدائل لنموذج الحکم الدیمقراطی الذی یقوم على فکرة إنشاء أحزاب تمثل المصالح المختلفة والمتناقضة أحیانا لقطاعات المواطنین المتعددة، بحیث تتنافس هذه الأحزاب فی انتخابات حرة ونزیهة فی محاولة للحصول على توکیل من المواطنین لتکوین حکومات تستند إلى أغلبیات برلمانیة واضحة، وبحیث یستند نمط سن التشریعات والتوصل إلى القرارات إلى فکرة الحوار والتنازل والحلول الوسطى. نعود فنقول إن أشهر ثلاث بدائل للحکم الدیمقراطی هو حکم الفرد وهو ما یطلق علیه الأوتوقراطیة autocracy، وحکم الخبراء وهم من یُسمَّون بالتکنوقراط technocrats، وحکم المؤسسة العسکریة، وهو ما رکزت علیه الأسئلة الثلاثة.

تتوافر بیانات المسح لکل من أوزبکستان وغانا،[37] حیث أجری الاستطلاع فی الأولى فی 2011 والأخرى فی 2012.[38] وقد قام الباحث ببناء مؤشر index مجمع للأسئلة الثلاثة الأولى دون الرابع؛ حیث یمیل المواطنون فی الغالب فی أی دولة إلى الإعلان عن تأیید النظام الدیمقراطی حتى وإن کانوا یعیشون فی ظل نظام سلطوی، وبذلک فإن هناک بعض الشکوک حول مدى صلاحیة validity هذا السؤال لقیاس مدى إیمان المواطنین بالدیمقراطیة.      

                        جدول 4: مؤشر تأیید الدیمقراطیة

الدولة

درجة التأیید للنظام الدیمقراطی

معامل الالتواء

أوزبکستان

2.5

0.43

غانا

3.1

-0.48

یتراوح هذا المؤشر بین درجة واحدة وأربع درجات. ونظرا لأن أکواد فئات الإجابة معکوسة، بمعنى إن فئة "جید جدا" تأخذ رقم 1، وسیئ جدا تأخذ رقم 4، ونظرا لأن المبحوث یقترب أکثر من النموذج الدیمقراطی کلما أبدى امتعاضه من النماذج البدیلة، فإن المحصلة النهائیة إن الدرجة الأعلى تعنی إیمانا أکبر بالدیمقراطیة.

یتضح من بیانات الجدول إذن، إن الثقافة السیاسیة الشعبیة فی غانا، الدولة الدیمقراطیة، أکثر نفورا من الحکم الأوتوقراطی والتکنوقراطی والعسکری، وبالتالی أکثر قربا من تأیید النموذج الدیمقراطی بشکل یفوق الوضع مع أوزبکستان السلطویة.

 

 

 

 

 

 

 

                       أوزبکستان                                        غانا

 

معامل الالتواء skewness أیضا ذو دلالة فی حالتنا هذه، حیث إشارة المعامل إیجابیة فی حالة أوزبکستان بمعنى أن ذیل منحنى التوزیع ینحرف إلى الیمین، وبالتالی فالبیانات تترکز على الیسار عند الأرقام المنخفضة (تأیید الأشکال البدیلة للدیمقراطیة)، وهو عکس الحال مع غانا. 

الاستنتاج: یؤید الدلیل المتوافر إن هناک اختلافا بین ملامح الثقافة السیاسیة للمواطنین فی الدول الدیمقراطیة وفی الأخرى السلطویة، حیث یزداد النفور من الأنظمة التسلطیة فی المجموعة الأولى من الدول عن الحال فی المجموعة الأخرى.

6-3 الخبرة التاریخیة:

6-3-1 ترکمانستان: لم تشهد ترکمانستان تجربة دیمقراطیة فی أی مراحل تاریخیة سابقة، بل إنها لم تعرف کیانا سیاسیا موحدا حتى عام 1925 عندما أصبحت رسمیا إحدى جمهوریات الاتحاد السوفیتی السابق، وقبل هذا التاریخ کانت قد خضعت للنفوذ الروسی فی شکل مقاطعات منفصلة. وقد حصلت الدولة على استقلالها فی مطلع التسعینات من القرن العشرین لتعیش  تحت نظام شدید التسلط یقوده الرئیس صابر مراد نیازوف Saparmurat Niyazov الذی رحل فی عام 2006 لیحل محله وزیره جوربانجولی بردی محمدوف Gurbanguly Berdymukhammadov، والذی استمر هو الآخر فی الطریق التسلطی. [39]

6-3-2 مونغولیا: حصلت مونغولیا عن استقلالها عن الصین فی عام 1913 فی أعقاب الثورة التی أطاحت بالنظام الإمبراطوری بالأخیرة قبل ذلک بعامین، وعلى الرغم من إن مونغولیا لم تکن یوما جزءا من الاتحاد السوفیتی السابق، إلا إنه فی عام 1924 استطاع الحزب الشیوعی المونغولی، والذی کان قد تأسس قبلها بأربع سنوات واستطاع الانتصار فی مواجهات مسلحة على القومیین، استطاع تأکید سیطرته على مقدرات البلاد، حیث دشن دستورا جدیدا جعل نمط الحکم شبیها بالنموذج السوفیتی ذی الحزب الواحد والاقتصاد المرکزی. ولم تبدأ الأمور فی الانفراج إلا کإنعکاس لمحاولات الانفتاح التی حدثت فی الثمانینات فی الدولة النموذج، حیث تم السماح فی مونغولیا لأول مرة لغیر الشیوعیین بالوصول إلى البرلمان، کما تم قبول فکرة تواجد غیر رسمی لبعض التیارات السیاسیة المعارضة. وفی عام 1992، تم إعلان الدستور الدیمقراطی الجدید للبلاد، حیث تم تقسیم السلطة بین الفروع الثلاث للحکومة التشریعیة والتنفیذیة والقضائیة بشکل متوازن، وتم السماح بالتعددیة الحزبیة ومبدأ تداول السلطة. [40]

6-3-3 غینیا الاستوائیة: تقع غینیا الاستوائیة فی غرب القارة الإفریقیة، وتتکون من جزء قاری وخمس جزر أطلسیة مجاورة للساحل یطلق على أکبرها میوکو Mioko، وهی التی تحتضن عاصمة البلاد مالابو Malabo.[41] کانت جزیرة میوکو هی أول ما اکتشفه الغرب من غینیا الاستوائیة الحالیة، حیث عثر علیهه البرتغالیون فی الربع الأخیر من القرن الخامس عشر، وحملت حینها اسم فرناندو بو Fernando Po، ومنها بسطوا سیطرتهم على الساحل أیضا. وقد استمر الوجود البرتغالی على الجزیرة والساحل لمدة ثلاثة قرون تقریبا، حیث توصلوا فی الربع الأخیر من القرن الثامن عشر إلى اتفاقیة مع إسبانیا لمقایضة المستعمرات، حصلت بموجبها الأخیرة على هذه المنطقة من القارة الإفریقیة فی مقابل حصول البرتغال على البرازیل. ولکن بعد هذه الاتفاقیة بسنوات قلیلة اضطرت إسبانیا إلى إخلاء قواتها بسبب انتشار وباء بین الجنود، وقامت بتأجیر بعض المناطق لبریطانیا التی أرادت إنشاء مراکز عسکریة علیها لمراقبة وقف الاتجار فی العبید. وعلى الرغم من محاولات بریطانیا المستمرة لإقناع إسبانیا بالتنازل عن الإقلیم نهائیا لصالحها، إلا إن الاخیرة رفضت، وعادت بقواتها مرة أخرى فی عام 1844. فی عام 1959 أصبحت غینیا الاستوائیة إقلیمین لإسبانیا ما وراء البحار بحیث تم منح حقوق الجنسیة الإسبانیة لکافة مواطنیها، وتم تعیین حاکمین مدنیین لها. وفی عام 1968 حصل الإقلیمان على استقلالهما الکامل. وفی هذه التجربة التاریخیة لا یوجد ما یشیر إلى إن غینیا الاستوائیة قد عرفت أی تجربة فی الحکم الدیمقراطی تحت أی من القوى الاستعماریة التی مرت علیها.[42]

ولا یختلف حاضر الدولة من هذه الزاویة کثیرا عن ماضیها، حیث لم تعرف منذ استقلالها حتى الیوم سوى حاکمین فقط هما فرانسیسکو ماسیاس انجیوما Francisco Macias Nguema حتى 1979، والرئیس الحالی تیودور أوبیانج انجیوما امباسوجو Teodoro Obiang Nguema Mbasogo. وکلاهما سار على نفس النهج السلطوی.[43]

6-3-4 غانا: لغانا تجربة مختلفة عن جمیع الحالات السابقة، إذ إنها خضعت للاستعمار البریطانی بشکل کامل منذ مفتتح القرن العشرین، وبالتالی عرفت بشکل تدریجی حیاة سیاسیة على قدر من المؤسسیة، حیث أنشأ کوامی نکروما Kwame Nkrumah حزب المؤتمر الشعبی Convention People’s Party لکی یواجه المستعمر، وتم إنشاء مجلس تشریعی تحول إلى برلمان حقیقی ذی صلاحیات استطاع فی النهایة أن یأخذ بنفسه قرار الاستقلال عن بریطانیا فی عام 1957، کما کانت هناک انتخابات عامة برلمانیة، وحکومة ومعارضة إبان فترة الاحتلال. ترسخت هذه الخبرة الدیمقراطیة فی أذهان الطبقة السیاسیة فی غانا، فعلى الرغم من الانحراف السریع الذی حدث عقب الاستقلال عن الطریق الدیمقراطی، وذلک من خلال نکروما نفسه الذی لم یسمح بوجود أحزاب سوى حزبه فقط، وأعلن نفسه زعیما للدولة والحزب مدى الحیاة، وعلى الرغم من الانقلابات العسکریة المتکررة التی أطاح أولها بنکروما نفسه عام 1966، إلا إن المتابع لتاریخ غانا یجد إنه کانت هناک محاولات متکررة للرجوع للنموذج الدیمقراطی مرة أخرى. حدث ذلک فی الفترة 1969-1972، ثم مرة أخرى بین عامی 1979- 1981، ثم مرة ثالثة عام 1992، إلى أن أخذت الأمور فی الاستقرار بدءا من عام 2001 مع تنحی الرئیس جیری رولینجز Jerry Rawlings مع نهایة فترته الثانیة.[44]

6-3-5 کوبا: منذ بدایة اتصالها بأوربا وقعت کوبا تحت تأثیر ثلاثة قوى کبرى هی إسبانیا منذ عام 1492 ولمدة أربعة قرون متتالیة، ثم الولایات المتحدة الأمریکیة منذ مفتتح القرن العشرین وحتى ثورة فیدل کاسترو 1958، ثم الاتحاد السوفیتی منذ بدایة الستینات من نفس القرن وحتى عام 1991 مع انهیار الأخیر. ولم تشهد کوبا أی خبرة دیمقراطیة سوى مع فترة النفوذ الأمریکی التی کانت فی البدایة أشبه بالاحتلال الفعلی، وعلى الرغم من ذلک فقد اتسمت هذه الدیمقراطیة بالکثیر من مظاهر الفساد والانحراف ومحاولات الهیمنة التسلطیة من جانب الرؤساء المنتخبین. هذا بالإضافة إلى إهدار حقوق الکوبیین ذوی الأصول الإفریقیة وإقصائهم المستمر من مؤسسات الحکم حتى نهایة هذه الفترة "الدیمقراطیة". ومع وصول کاسترو إلى الحکم، وقعت کوبا تحت التأثیر المباشر للاتحاد السوفیتی، حیث تم استنساخ التجربة الشیوعیة فی الحکم من خلال وجود حزب واحد، والأخذ بسیاسة التخطیط الاقتصادی المرکزی، وتأمیم الأعمال الخاصة الکبرى والصغرى، ... إلخ. وعلى الرغم من رحیل کاسترو عن عالم السیاسة بالتنحی لصالح أخیه راؤول فی عام 2006، ثم عن العالم فی 2016، إلا إن النظام المرکزی التسلطی الذی وضع أرکانه منذ ما یقارب الستین عاما ما یزال قائما.[45]  

6-3-6 کوستاریکا: شهدت کوستاریکا تاریخیا سیاسیا أکثر هدوءا من أغلب دول أمریکا اللاتینیة. اکتشفها کریستوفر کولمبوس فی رحلته الرابعة إلى المنطقة عام 1502، ولم تکترث بها إسبانیا حتى بدایات العقد السابع من نفس القرن، حیث لم تتمتع کوستاریکا بنفس الموارد التی تمتعت بها أقالیم أخرى بالقارة. لم تهتم إسبانیا بالاستثمار فی البنیة التحتیة بالمستعمرة، أو حتى على تعظیم الاستفادة الاقتصادیة منها بسبب ضعف الموارد، ونتیجة لذلک أصبح معظم السکان مجرد ملاک لعدد کبیر من المزارع الصغیرة التی تقوم على إنتاج الکاکاو، والذی مثل النشاط الاقتصادی الأبرز بالإقلیم. حصلت کوستاریکا على استقلالها من إسبانیا وانضمت فی ذات الوقت إلى الإمبراطوریة المکسیکیة الولیدة التی شملت عدة دول بالمنطقةفی عام 1821، وبعد تجربة کونفیدرالیة أخرى انتهت فی عام 1837 فضلت کوستاریکا أن تفرض على نفسها حالة من العزلة الاختیاریة. لم یعکر صفو الحکم الدیمقراطی فی کوستاریکا سوى حدثین فقط، تمثل الأول فی انقلاب قصیر الأجل خلال الفترة 1917-1919، والآخر فی حرب أهلیة استغرقت آثارها العام ونصف العام فی 1948، لتنتهی بإعلان دستور جدید ودائم للبلاد فی عام 1949، ویعود الحکم الدیمقراطی مرة أخرى.[46]  

الاستنتاج: لا یوجد دلیل قوی فی الحالات المدروسة على إن الخضوع لتجربة استعماریة غربیة یرتبط بإقامة النظام الدیمقراطی. فعلى الرغم من أن غانا التی أصبحت دیمقراطیة الیوم قد تعرضت للاستعمار البریطانی إلا إن مونغولیا التی لم تخضع لتجربة مماثلة قد استطاعت تحقیق الدیمقراطیة أیضا.

الخاتمة:

حاولت هذه الورقة البحث فی الأسباب التی تؤدی إلى تباین الدول النامیة فی تحقیق الدیمقراطیة وذلک باستخدام أحد تصمیمات دراسة الحالة وهو الأسلوب المشترک للاتفاق والاختلاف، وبالمقارنة بین ست حالات، ثلاثة منها من أسوأ الدول النامیة تصنیفا، وثلاثة من أفضل الدول النامیة ترتیبا على أحد أهم مقاییس الدیمقراطیة وأکثرها شیوعا فی الدراسات السیاسیة. وقد تمثل الهدف المبدئی للدراسة فی التحقق مما إذا کانت نظریة التحدیث تنطبق على الدول النامیة کمجموعة جزئیة من دول العالم، وقد تبین صدق ذلک الفرض بشکل مبدئی، فتم الانتقال إلى الهدف الآخر المتمثل فی معرفة الأسباب الأخرى التی تؤثر على مستوى الدیمقراطیة فی تلک الدول بغض النظر عن المستوى الاقتصادی لها. فی سبیل ذلک تم اختبار علاقة ثلاثة متغیرات إضافیة بالمتغیر التابع هی التجانس المجتمعی، الثقافة السیاسیة، الخبرة التاریخیة.

 

وتخلص الدراسة أولا إلى وجود دلیل یؤید صحة الفرض الرئیسی لنظریة التحدیث بالنسبة لمجموعة الدول النامیة، حیث یرتفع متوسط دخل الأنظمة الدیمقراطیة عن نظیراتها التسلطیة. وثانیا، فإنه مع تنحیة المتغیر الاقتصادی واختبار العلاقة بین الدیمقراطیة والمتغیرات الثلاثة المذکورة تبین إن التشرذم/التجانس المجتمعی بمحاوره الثلاثة العرقی واللغوی والدینی لا یؤثر على درجة تقدم الدیمقراطیة فی الدولة. کذلک کانت الحال مع التجربة الاستعماریة الغربیة، حیث تبین تداخل الأدلة فیما یتعلق بهذا المتغیر. إلا إن الدلیل المتاح قد أید وجود تأثیر لنمط الثقافة السیاسیة للشعوب على طبیعة النظام السیاسی بها، حیث ارتبطت النظم الدیمقراطیة فی المتاح من حالات الدراسة بوجود ثقافة سیاسیة لدى المواطنین هی الأکثر نفورا من أنماط الحکم غیر الدیمقراطیة.

 وبالتالی، تصبح المتغیرات التی یحتمل أن یکون لها تأثیر على مستوى الدیمقراطیة فی الدول النامیة هی مستوى التنمیة الاقتصادیة أ/و وجود ثقافة سیاسیة تؤمن بالدیمقراطیة وتنفر من أضدادها، بینما یبقى متغیر الخبرة التاریخیة فی حاجة إلى المزید من الدراسات للتأکد من طبیعة علاقته بالدیمقراطیة.

 

 

 

 

[1]See Howard J. Wiarda, Comparative Politics: Approaches and Issues (Maryland: Rowman and Littlefield, 2007), 47-65. 
[2] Ibid.
[3]Ibid., 59-65.
[4]Andres Valesco, “Dependency Theory,” Foreign Policy 133 (Nov.- Dec. 2002): 44-45.
[5] See for example: Kenneth A. Bollen and Robert W. Jackman, “Economic and Noneconomic Determinants of Political Democracy in the 1960s,” Research in Political Sociology 1 (1985): 27-48; Axel Hadenius and Jan Teorel, “Cultural and Economic Prerequisites of Democracy: Reassessing Recent Evidence,” Studies in Comparative International Development 39.4 (Winter 2005): 87-106; Zehra F. Arat, “Democracy and Economic Development: Modernization Theory Revisited,” Comparative Politics 21.1 (Oct. 1988): 21-36.   
[6]Lynge Nielsen, “Classifications of Countries Based on Their Level of Development: How it is Done and How it Could be Done,”  a working paper published by the International Monetary Fund (2011), 14-18, https://www.imf.org/~/media/Websites/IMF/imported-full-text-pdf/external/pubs/ft/wp/2011/_wp1131.ashx
 
[7]  “New Country Classification by Income Level,” The World Bank Data Blog Webpage, 1 July 2017, https://blogs.worldbank.org/opendata/new-country-classifications-income-level-2017-2018
 
[8]  Nielsen, “Classifications of Countries,” 19.
 
[9] “Human Development Index (HDI),” United Nations Development Program: Human Development Reports, accessed 13 August 2017, http://hdr.undp.org/en/content/human-development-index-hdi
[10]  “International Human Development Indicators,” ibid, 13 August 2017, http://hdr.undp.org/en/countries
 
[11] Nielsen, “Classifications of Countries,” 19
[12] یتم القیاس بالنظر إلى شقین هما الحقوق السیاسیة والحریات المدنیة، ویتدرج المقیاس من واحد (أفضل الدول) إلى سبعة (أسوأ الدول).
[13] تم حذف الدول التی صنفت کدولة متقدمة على الأقل فی دلیل واحد من الأدلة الثلاثة، وهی کالتالی:
دول متقدمة على دلیل التنمیة البشریة والبنک الدولی معا: السعودیة، البحرین، تشیلی
دول متقدمة على دلیل التنمیة البشریة فقط: روسیا، جزر مارشال، کرواتیا
دول متقدمة على دلیل البنک الدولی فقط: أوروجوای
[14]باستخدام اختبار Kruskal-Wallis تبین معنویة وجود فروق بین المجموعتین من الدول حیث sig.= 0.29
[15]  Earl Babbie, The Basics of Social Research, 5th ed. (Belmont, CA, US: Wadsworth, 2011), 99-100. 
 
[16] یتبین ذلک فیبعض الحالات المختارة للدراسة حیث تتمتع ترکمانستان وغینیا الاستوائیة، وهی من أشد الدول تسلطیة فی العالم، بدخول متوسطة مرتفعة، بینما تنتمی مونغولیا وغانا، الدولتان الدیمقراطیتان، إلى شریحة الدول ذات الدخل المتوسط المنخفض.
[17] Seymour Martin Lipset, “Some Social Requisites of Democracy: Economic Development and Political Legitimacy,” The American Political Science Review 53.1 (March 1959): 69-105.
[18] See: Phillips Cutright, "National Political Development: Measurement and Analysis," American Sociological Review 28.2 (Apr., 1963): 253-264; Marvin E. Olsen, "Multivariate Analysis of National Political Development," American Sociological Review 33.5 (Oct. 1968): 699-712; Robert Dahl, Polyarchy: Participation and Opposition (New Haven: Yale University Press, 1971).
 
[19] Adam Przeworski and Fernando Limongi, “Modernization: Theories and Facts,” World Politics, vol.49, no.2 (Jan.1997): 155-183.
[20] Ibid., 160.
[21] Daron Acemoglu and James A. Robinson as cited in:  Ronald Inglehart and Christian Welzel, “Changing Mass Priorities: The Link Between Modernization and Democracy,” Perspectives on Politics, vol. 8, no.2 (June 2010): 551.
[22] See for example: Samuel P.Huntington, The Third Wave: Democratization in the Late Twentieth Century (Norman: The University of Oklahoma Press, 1991), 37-38.
 
[23] See: Arend Lijphart, Democracy in Plural Societies: A Comparative Exploration (Yale: Yale University Press, 1977).
[24]See: Moataz Bellah Mohamed Abdel Fattah, "Islam and Democracy: An Empirical Examination of Muslims' Political Culture," (PhD Diss., Western Michigan University, 2004, Proquest).
 
[25] Lijphat, Democracy.
[26]Christopher Clague, Suzanne Gleason and Stephen Knack. “Determinants of Lasting Democracy in Poor Countries: Culture, Development, and Institutions.” Annals of the American Academy of Political and Social Science 573 (Jan 2001): 16-41.
[27]  Huntington, Third Wave, 31-34.
[28]على الرغم من وجود استثناءات لهذا الاتجاه العام، بمعنى وجود دول على درجة عالیة من الانقسام على أی محور من المحاور الثلاثة ومع ذلک هی دول راسخة فی الدیمقراطیة، وذلک مثل کندا التی یرتفع فیها معدل الانقسام العرقی بدرجة کبیرة ( انظرتکوین المجموعات العرقیة فی کندا على: “Canada,” CIA World Factbook, https://www.cia.gov/library/publications/the-world-factbook/geos/print_ca.html )، إلا إن ذلک لا ینال من حقیقة إن مختلف المنظرین قد أیدوا هذا التوجه، ومنهم أرند لیبهارت ذاته مؤسس نظریة الدیمقراطیة التوافقیة التی تقوم على فکرة إمکانیة قیام الدیمقراطیة فی مجتمعات غیر متجانسة، حیث أقر بصعوبة ذلک فی مفتتح دراسته عن الدیمقراطیة فی الدول التعددیة. انظر: Liphart, Democracy, 1.   
[29]  See: “Mill’s Methods,” Encyclopedia Britannica Online, 2018, https://www.britannica.com/topic/Mills-methods
[30]دلیل الدول الهشة  Fragile States Index (Formerly, Failed States Index)هو مقیاس یعبر عن حالة الاستقرار الکلی فی الدول من خلال استخدام 12 مؤشرا مصنفة فی خمس مجموعات هی: مجموعة مؤشرات التماسک (الحالة الأمنیة، انقسام النخب، وجود مظالم جماعیة)، ومجموعة المؤشرات الاقتصادیة (الانحدار الاقتصادی والفقر، التنمیة غیر المتکافئة، نزیف العقول)، ومجموعة المؤشرات السیاسیة (شرعیة الدولة، الخدمات العامة، حقوق الإنسان وسیادة القانون)، ومجموعة المؤشرات الاجتماعیة ( الضغوط السکانیة، اللاجئین)، وأخیرا مجموعة المؤشرات متعددة القطاعات (التدخلات الخارجیة السیاسیة والاقتصادیة). المصدر:
“Fragile States Index Methodology and CAST Framework,” The Fund for Peace, 2017, http://fundforpeace.org/fsi/2017/05/13/fragile-states-index-and-cast-framework-methodology/fsi-methodology/
[31] یشمل مؤشر الحالة الأمنیة نشوب أعمال عنف ذات طبیعة سیاسیة، وجود متمردین أو میلیشیات مسلحة، استخدام مجموعات شبه عسکریة خاصة لتأمین الممتلکات، وقوع حرب أهلیة أو مقدمات لها، کما یشمل مدى وجود ثقة بین المواطنین وجهاز الشرطة. المصدر:   Ibid, 6.
 
[32] دومینیکا جزیرة صغیرة مساحتها 751 کیلو مترا مربعا،  تقع فی البحر الکاریبی، بلغ عدد سکانها أقل من 74 ألف نسمة وفقا لتقدیرات عام 2017، وتأتی فی المرکز الـ 22 على قائمة أصغر دول العالم بترتیب تصاعدی. موریشیوس جزیرة صغیرة تزید مساحتها قلیلا عن ألفی کیلومتر مربع، تقع فی المحیط الهندی، تنتسب لقارة إفریقیا، بلغ عدد سکانها حوالی 1.3 ملیون نسمة وفقا لتقدیرات نفس العام، تأتی فی المرکز الـ 26 على نفس القائمة.  
[33]  “Turkmenistan,” CIA World Factbook, 14 Nov. 2017, https://www.cia.gov/library/publications/the-world-factbook/geos/tx.html
[34] “Mongolia,” Ibid.
[35] AlbertoAlesina, Arnaud Devleeschauwer, William Easterly, Sergio Kurlat, and Romain Wacziarg, “Fractionalization,” Journal of Economic Growth 8(2) (June 2003): 158.
  
[36] تم استخدام اختبار Kruskal Wallis لتقدیر معنویة الفروق بین المتوسطات، وأشارت المعاملات إلى قبول الفرض العدمی، بمعنى عدم وجود اختلاف بین المتوسطات وذلک بالنسبة للمتغیرات الثلاثة، ورفض الفرض البدیل، حیث کانت قیمة الـ significance لمتغیر الإثنیة 0.827، ومتغیر اللغة 0.513، ومتغیر الدیانة 0.827 وجمیعها أکبر من نسبة الخطأ المسموح بها وهی  0.05
[37] تم الاستعانة بأوزبکستان بدلا من ترکمانستان بسبب عدم توافر بیانات عن الأخیرة، وبسبب التشابه الکبیر جدا بین الدولتین فی معظم الخصائص، بالإضافة إلى حصول الاثنتین على نفس الدرجة على مقیاس الحریة.
[39] “Turkmenistan,” Britannica Academic, Encyclopedia Britannica, accessed 15 Feb. 2018, http://081078acg.1106.y.http.academic.eb.com.mplbci.ekb.eg/levels/collegiate/article/Turkmenistan/108344
[40] “Mongolia,” Ibid.
[41] “Equatorial Guinea Profile – Full Overview,” BBC News, Last updated 17 Dec. 2015, http://www.bbc.com/news/world-africa-13317175
[42] “Equatorial Guinea,” Britannica Academic, Encyclopedia Britannica, accessed 16 Feb. 2018, https://academic.eb.com/levels/collegiate/article/Equatorial-Guinea/1107794
[43]Equatorial Guinea Profile,” op. cit.
[44]“Ghana,” Britannica Academic, Encyclopedia Britannica, accessed 17 Feb. 2018, https://academic.eb.com/levels/collegiate/article/Ghana/110781
[45] “Cuba,” Britannica Academic, Encyclopedia Britannica, accessed 20 Feb. 2018, https://academic.eb.com/levels/collegiate/article/Cuba/117378#129488.toc
[46]“Costa Rica,” Britannica Academic, Encyclopedia Britannica, accessed 22 Feb. 2018, https://academic.eb.com/levels/collegiate/article/Costa-Rica/110096#129485.toc