أثر الحرية على النمو الاقتصادى دراسة حالة الاقتصاد المصرى

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

أکاديمية السادات للعلوم الإدارية ، مصر.

المستخلص

تهدف الدراسة إلى اختبار الفرضية أن الحرية السياسية والاقتصادية ذات تأثير إيجابي ومعنوي على النمو الاقتصادي،بالتطبيق على الاقتصاد المصري، من خلال استخدام نموذج قياسي مناسب (OLS) خلال الفترة (1990-2017م). وتم استخدام معدل نمو نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي کمتغير تابع"، أما المتغيرات المستقلة فتمثلت في "الحرية الاقتصادية"؛ و"الحرية السياسية"؛ و"تکوين رأس المال الثابت کنسبة من الناتج المحلي الاجمالي"؛ و"الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى الناتج المحلي الإجمالي"؛ بالإضافة إلى "معدل نمو السکان". وتوصلت الدراسة إلى أن إشارات تأثير المتغيرات المستقلة على المتغير التابع تتفق مع التوقعات والنظرية وذات معنوية، حيث کان تأثير النمو السکاني سلبي على معدل نمو نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، وقد کان تأثير الحرية الاقتصادية والحرية السياسية والتکوين الرأسمالي والاستثمار الأجنبي المباشر على معدل نمو نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي إيجابي. وکان النموذج ککل معنوي عند مستوى دلالة 1%. ومن اثبتت الدراسة صحة الفرضية الخاصة بوجود تأثير ايجابي لکل من الحرية الاقتصادية والسياسية علي النمو الاقتصادي في مصر.

نقاط رئيسية

مستخلص

 

تهدف الدراسة إلى اختبار الفرضیة أن الحریة السیاسیة والاقتصادیة ذات تأثیر إیجابی ومعنوی على النمو الاقتصادی،بالتطبیق على الاقتصاد المصری، من خلال استخدام نموذج قیاسی مناسب (OLS) خلال الفترة (1990-2017م). وتم استخدام معدل نمو نصیب الفرد من الناتج المحلی الإجمالی کمتغیر تابع"، أما المتغیرات المستقلة فتمثلت فی "الحریة الاقتصادیة"؛ و"الحریة السیاسیة"؛ و"تکوین رأس المال الثابت کنسبة من الناتج المحلی الاجمالی"؛ و"الاستثمارات الأجنبیة المباشرة إلى الناتج المحلی الإجمالی"؛ بالإضافة إلى "معدل نمو السکان". وتوصلت الدراسة إلى أن إشارات تأثیر المتغیرات المستقلة على المتغیر التابع تتفق مع التوقعات والنظریة وذات معنویة، حیث کان تأثیر النمو السکانی سلبی على معدل نمو نصیب الفرد من الناتج المحلی الإجمالی، وقد کان تأثیر الحریة الاقتصادیة والحریة السیاسیة والتکوین الرأسمالی والاستثمار الأجنبی المباشر على معدل نمو نصیب الفرد من الناتج المحلی الإجمالی إیجابی. وکان النموذج ککل معنوی عند مستوى دلالة 1%. ومن اثبتت الدراسة صحة الفرضیة الخاصة بوجود تأثیر ایجابی لکل من الحریة الاقتصادیة والسیاسیة علی النمو الاقتصادی فی مصر.

 

کلمات مفتاحیة : النمو الاقتصادى، الاقتصاد المصرى.

الكلمات الرئيسية


مقدمـــة

     تعنی الحریة إمکانیة الاختیار Possibility' to choose، ویتطلب تحقیق تلک الامکانیة وجود فرصة للاختیار Opportunity to choose من عدة بدائل متوفرة ودون قیود تحظر ما تم اختیاره؛ والقدرة على الاختیار Capability to choose. وبالتالی؛ فإن إمکانیة الاختیار تتطلب توافر أکثر من فرصة؛ یستدعی اغتنامها وجود وعیاً مستنیراً بالبدائل المتاحة وشجاعة للاختیار، بما یجعل المتطلبات الأساسیة للقدرة على الاختیار تکمن فی الاعتراف بالفرصة المتاحة التی یجب اغتنامها فی ظل توافر مقومات الاختیار (Veenhoven,  Ruut, 2000: 3-4)

  وقد أثارت العلاقة بین الحریة الاقتصادیة والحریة السیاسیة والنمو الاقتصادی الکثیر من الجدل على المستوى العلمی والعملی، فهناک من یعتقد أن الحریة السیاسیة والاقتصادیة ذات أثر إیجابی على التنمیة، وهناک من یرى إنه یجب الترکیز على التنمیة دون الأخذ فی الإعتبار الحریة السیاسیة والاقتصادیة على أساس عدم وجود تأثیر. والإعتقاد فی تأثیر الحریة على النمو والتنمیة قد لا ینبع من أسس اقتصادیة، وإنما تحقیقاً لمصالح سیاسیة؛ لارتباط العلاقة بینهم بنمط الحکم السائد فی الدولة؛ بحیث یعتقد البعض بأن وجود التأثیر الإیجابی للحریة السیاسیة والاقتصادیة على النمو والتنمیة یدعم نظام الحکم الدیمقراطی؛ وعلى النقیض من ذلک یرى آخرون بأن العلاقة سلبیة بینهم یدعم الحکم الشمولی والدیکتاتوری من منطق إنه الإصلاح للنمو والتنمیة فی البلاد.

وتتمثل مشکلة الدراسة فی الاعتقاد الراسخ  لدى البعض بأن التعامل مع المتغیرات الاقتصادیة وتفاعلاتها مع بعضها البعض یمکن أن یولد النمو والتنمیة الاقتصادیة؛ بمعزل عن الإطار المحیط الذی تعمل به هذه السیاسات، ألا وهو إطار الحریة السیاسیة والاقتصادیة. فبالرغم من تعدد الأدبیات السابقة التی تناولــت أسباب تخلــف سیاســات الإصــلاح الاقتصادی فی الــدول النامیــة؛ والذی یرجع فی جــزء کبــیر منــه إلى ســوء التخطــیط الاقتصادی، وتفاعل العوامل الاقتصادیة مع بعضها البعض، إلا أن تلک الدراسات لم تشر الاطار الذی تعمل فیه تلک المتغیرات، وخاصة الحریــة الاقتصادیة والسیاسیة  وأثرهــا علــى فاعلیة سیاسات الإصلاح الاقتصادی. من هنا؛ ستسعى الدراسة الحالیة للتعرف على طبیعة هذا الأثر سواء کان إیجابیاَ أم سلبیاَ. 

وترجع الأهمیة العلمیة للدراسة إلى سعیها لاکتشاف العلاقة بین فاعلیة الإجراءات والإصلاحات الاقتصادیة وتوافر الحریة السیاسیة والاقتصادیة. ومن ثم؛ هل الإجراءات التقشفیة ورفع الدعم فی الدول النامیة وبدعم وبمشروطیة اقتصادیة من الصندوق والبنک الدولیین یمکن ان  تؤدی إلى النمو والتنمیة  بدون إطار اقتصادی وسیاسی یتمتع بالحریة. وتحاول الدراسة الإجابة على تساؤل رئیسی وهو هل یؤدی توافر الحریة السیاسیة والاقتصادیة داخل الدولة إلى تعزیز النمو الاقتصادی.  وفی إطار الإجابة على هذا السؤال تقوم الدراسة بإختبار فرضیة " أن الحریة السیاسیة والاقتصادیة ذات تأثیر إیجابی ومعنوی على النمو الاقتصادی". وتعتمددراستناعلى فرضیة علاقة إقترانطردیةإیجابیةقوامهاإنهکلماأطلقتالحریاتالعامةللأفرادفیالمجتمع  فیالقولوالفعل،وتمصیانتهابالأنظمةوالقوانین وفی الممارسة،کلما انعکسذلکإیجابیاًعلىالنمو والتنمیةالاقتصادیة. وتهدف الدراسة إلى اختبار الفرضیة السابقة بالتطبیق على الاقتصاد المصری، من خلال استخدام نموذج قیاسی (OLS) خلال الفترة (1990-2017).ولتحقیق هدف الدراسة تنقسم الدراسة الی عدة اقسام - بالاضافة الی المقدمة والخاتمة-  وهی مفهوم ومقاییس الحریة السیاسیة والحریة الاقتصادیة، والإطار الفکری لعلاقة الحریة السیاسیة بالاقتصادیة والتنمیة الاقتصادیة، والدراسة التطبیقیة لأثر الحریة على التنمیة الاقتصادیةبالاضافة الی  قیاس أثر الحریة السیاسیة والاقتصادیة على التنمیة فی مصر.

 

أولاً: مفهوم ومقاییس الحریة السیاسیة والحریة الاقتصادیة

    تشیر الحریة السیاسیة إلى مدى سهولة/صعوبة تأثیر الجمهور فی نظم الحکم، وهی مفهوم عام ویمتد لکافة الحقول ویخترق کل المجالات. وعلى الرغم من أن مصطلح الدیمقراطیة دائماً ما یستخدم کبدیل لمصطلح الحریة السیاسیة؛ إلا إنهما فی واقع الأمر لا یحملان نفس المعنى، فمن الممکن اعتبار الدیمقراطیة أنها بعض المبادئ والتطبیقات التی تضمن وتحمى الحریة. والدیمقراطیة هی حکم الشعب للشعب؛ وهذا یتم من خلال اختیار الشعب من یقوم بالنیابة عنه فی الحکم بموجب عقد اجتماعی بینهما، بحیث یتنازل الشعب عن جزء من حریته لصالح النظام الحاکم حتى یتمکن الاخیر من امتلاک سلطة الحکم التی یحمی بها أرواح وممتلکات الشعب. اما الحریة السیاسیة هی القدرة علی الاختیار من بین عدة بدائل لحکم البلاد، کما انها القدرة علی ازاحة انظمة حکم لایرغب فیها الجمهور بالوسائل الدیمقراطیة.

وعلى الرغم من تعدد المقاییس للحریة السیاسیة، إلا أنه یمکن القول أن أکثر المقاییس شهرة وأفضلها هو ذلک المقیاس الصادر عن منظمة Freedom House الأمریکیة حیث أن هذا المؤشر یشمل جمیع البلدان وهو یعود إلى أوائل السبعینات، وقد تم استخدامه بکثافة فى الکثیر من التحقیقات التجریبیة للعلاقة بین العدید من المتغیرات الاقتصادیة والاجتماعیة. وقد أصدرت المنظمة أول استبیان خاص بالحریة فی العالم (الحقوق السیاسیة والحریات المدنیة) عام 1973، حیث قامت بتعریف الحریة بأنها: تلک الفرصة للتصرف بعفویة فی مختلف المجالات دون تحکم أو تقیید من الحکومة السیادیة فی الدولة، وتقاس درجة الحریة طبقاً للحقوق السیاسیة والحریات المدنیة، فالحقوق السیاسیة هی  تمکین الأفراد من المشارکة الحرة فی العملیة السیاسیة من خلال حق التصویت، والمنافسة على المناصب العامة، واختیار ممثلین للتأثیر على السیاسة العامة لیکونوا مسؤلین أمام الناخبین، أما الحریات المدنیة فهی: حریة التعبیر والاعتقاد، وحقوق المؤسسات والجمعیات، وسیادة القانون، والاستقلالیة الشخصیة دون تدخل الدولة. تقیِّم منظمة "Freedom House" مستوى الحریة السیاسیة فى (194) دولة بالإضافة إلى (14) إقلیم؛ وذلک من خلال مقیاس من "1 إلى 7 لکل من الحقوق السیاسیة والحریات المدنیة حیث یمثل (1) أعلى درجة للحریة أما (7) فهی أقل درجة للحریة"، وبناء علیه یتم تصنیف کل دولة على أنها لدیها حریة أو حریة جزئیة أو بلا حریة (Freedomhouse, 2012).

     وتقوم عملیة التصنیف على أساس عشرة أسئلة خاصة بالحقوق السیاسیة وخمسة عشر سؤالاً خاص بالحقوق المدنیة، فالأسئلة الخاصة بالحقوق السیاسیة تندرج تحت ثلاثة أقسام رئیسیة على النحو الآتی: (1) العملیة الإنتخابیة، (2) التعددیة السیاسیة والمشارکة، (3) أداء الحکومة، أما الأسئلة الخاصة بالحریات المدنیة فتندرج تحت أربعة أقسام رئیسیة على النحو الآتی: (1) حریة الاعتقاد والتعبیر، (2) حقوق المؤسسات والمنظمات، (3) سیادة القانون، (4) الاستقلالیة الشخصیة وحقوق الأفراد. ویعطى کل سؤال من تلک الأسئلة المشار إلیها درجة على أساس مقیاس من "صفر إلى 4"، الصفر أدنى مستوى والـ4 أعلى مستوى"، وبالتالی أقصى درجة یمکن إعطائها للحقوق السیاسیة هی 40 وبالنسبة للحریات المدنیة 60 ، وتلک الدرجات المعطاة تعد المؤشر الذی یتم على أساسه التقییم النهائی لکل دولة. کما أشرنا من قبل أن التصنیف النهائی یکون أحد تلک التصنیفات " حریة" أو "حریة جزئیة" أو "لا حریة" ، فالدول التی یتم تقییمها ما بین "1-2.5" تعد حرة ، أما الدول ما بین "3-5" تعد حرة جزئیاً وأخیراً الدول ما بین "5.5-7" فهی غیر حرة، ومن الجدیر بالإشارة إلى أن الدول التی تفتقر إلى مناخ مدنی متطور من الصعب أو من المستحیل أن یکون لدیها مناخ داعم للحقوق السیاسیة؛ وبالتالی لا یمکن أن تحصل دولة على تقییم 6 أو 7 فی الحریات المدنیة (غیر حرة) وفى نفس الوقت تحصل على 1 أو 2 فی الحقوق السیاسیة (حرة).

   

تجدر الإشارة إلى أن هناک أیضاً قائمة لقیاس دیمقراطیة الدول تصدر عن Economist Intelligence Unit حیث تم إصدار أول عدد عام 2007 وهی تحتوی على المؤشرات الخاصة بـ 165 دولة مستقلة بالإضافة إلى إقلیمین، وهی تحتوى على خمسة مؤشرات رئیسیة على النحو الآتی: (1) العملیة الانتخابیة والتعددیة، (2) الحریات المدنیة، (3) أداء الحکومة، (4) المشارکة السیاسیة، (5) الثقافة السیاسیة، هذه الخمس مجموعات متداخلة لتکون وحدة شاملة متماسکة، تعمل بمبدأ ثابت وهو مشروطیة وجود انتخابات حرة تنافسیة نزیهة، وإشباع القضایا المتعلقة بالحریة السیاسیة(Economist Intelligence Unit). وتتمیز هذه القائمة بأنها تتسع لتشمل بعض القضایا المجتمعیة والثقافة السیاسیة، فهی لا تکتفی بأن تعکس وضعیة الحریة السیاسیة والحریات المدنیة بل تتناول بشکل موسع عناصر المشارکة السیاسیة وأداء الحکومة، وذلک نظراً إلى أن المقاییس الأخرى قد تتناول تلک العناصر؛ ولکن بشکل سطحی إلى حد ما. وقیمة المقیاس من (0) إلى (10)، على أساس تصنیف 60 مؤشر مدرج تحت الخمسة مجموعات الرئیسیة المشار إلیها، وکل مؤشر لدیه أیضاً مقیاس خاص به من (0) إلى (10)، لیکون التصنیف النهائی فی القائمة هو متوسط ناتج الخمسة مجموعات. وکلما اقتربت الدولة من 10 کلما کانت دیمقراطیة.

وتشیر الحریة الاقتصادیة الی القدرة الاختیار وإمکانیة الدخول فی عقود طوعیة فی إطار حکم قانونی مستقر ومقبول یدعم العقود ویحمی الملکیة الخاصة، مع درجة محدودة من التدخل فی شکل ملکیة الحکومة واللوائح والضرائب. فالحریة الاقتصادیة هی المعیار الکمی لتأثیر السیاسات الاقتصادیة على مناخ التنافسیة لعمل الوحدات الخاصة (المُنتجة أو المستهلکة)، وتفعیل جهاز الثمن؛ وإفساح المجال للمبادرات الفردیة وتنمیة روح المخاطرة والابتکار. وهناک العدید من التعریفات الخاصة بالحریة الاقتصادیة، حیث یُعرفها البعض بأنها حجر الزاویة للاختیارات الشخصیة، والتبادل الطوعی، وحریة المنافسة، وتأمین الممتلکات الشخصیة، فالحریة الاقتصادیة هی استغلال الأفراد لرغباتهم الإنتاجیة باتباع مخططاتهم الخاصة، وفرصة جمع الثروة دون مخافة المصادرة أو الحرمان JuditKapás and PálCzeglédi, 2007) )، وتعرف مؤسسة ""Heritage Foundation الحریة الاقتصادیة بأنها: حق لکل فرد للتحکم فیما یخصه من جهد وممتلکات، حیث أن المجتمع الحر اقتصادیاً یضمن الحریة للأفراد للعمل والإنتاج والاستهلاک والاستثمار بأی طریقة تروق لهم وبدون فرض أی قیود أو تدخل من الحکومة وتحت حمایة الدولة، وأیضا السماح للعمالة ورأس المال والموارد بالإنتقال بحریة تامة ودون قیود، وهو المجتمع الذی یحمى ویدعم الحریة ویتحرر من جمیع القیود التی تتعارض مع حمایة ودعم الحریات، وبالتالی کلما ابتعد الأداء الاقتصادی عن تلک الحریات اقترب من درجة اللاحریة، وهذا الأداء هو مؤشر الحریة الاقتصادیة؛ والذی تعمل المؤسسة على قیاسه (heritage, 2012). أما معهد فریزر فیعرف الحریة الاقتصادیة بأنها: مدى قدرة الفرد على ممارسة النشاط الاقتصادی دون تدخل من الحکومة، مع مراعاة عدم انتهاک حقوق الآخرین. ویضیف أن الحریة الاقتصادیة هی أحد المحرکات الرئیسیة للرخاء حیث ینتج عنها الثروة والصحة والتعلیم؛ وذلک تباعاً لتحکم أفراد المجتمع فی مستقبلهم الخاص(Fraser insitute, 2012).

وتتعدد أسالیب قیاس الحریة الاقتصادیة حیث کان من أوائل تلک المحاولات هی محاولة مؤسسة "Freedom House"، فکانت تلک المحاولة لتصنیف الحریات الاقتصادیة لدى الدول لتتوافق مع التصنیف الخاص بالحریة السیاسیة الذی تصدره المنظمة، ثم توالت المحاولات حتى ظهر فی العهد القریب قائمتین لقیاس درجة الحریة الاقتصادیة تصدران عن منظمتین Heritage Foundation و Fraser Institute، کلتا القائمتین تعملان على تصنیف الدول على حسب درجة الحریة الاقتصادیة خلال عام محدد وذلک بإتباع خطوات متماثلة؛ وهی: تعریف الحریة الاقتصادیة، اختیار عناصر محددة، تصنیف تلک العناصر، وأخیراً جمع تلک التصنیفات فی التصنیف النهائی للحریة الاقتصادیة. ویتضمن مؤشر الحریة الاقتصادیة طبقاً  لمؤسسة "Heritage Foundation عدد (10) مؤشر فرعی تهدف إلى دراسة أوضاع الحریة الاقتصادیة ودرجة التدخل الحکومی فی النشاط الاقتصادی للدول، وتلک المؤشرات هی: حریة الأعمال، حریة التجارة، الحریة المالیة، الإنفاق الحکومی، الحریة النقدیة، حریة الاستثمار، الحریة المصرفیة، حقوق الملکیة، التحرر من الفساد، وحریة التوظف، ویأخذ المؤشر قیمة بین الصفر (أدنى مستوى من الحریة الاقتصادیة) و100 (أعلى مستوى من الحریة الاقتصادیة)، وتحتل کل دولة أحد التصنیفات الآتیة: من 80 إلى 100 اقتصاد حر ، من 70 إلى 79.9 فی الأغلب حر، من 60 إلى 69.9 متوسط الحریة، من 50 إلى 59.9 فی الأغلب غیر حر، وأخیراً 49.9 فأقل یعد اقتصاداً مقمعاً. ویصدر هذا المؤشر من مؤسسة "هیرتاج" بالتعاون مع صحیفة "وال ستریت جورنال" منذ العام 1995 ویستخدم لقیاس درجة التضییق التی تمارسها الحکومة على الحریة الاقتصادیة، وغطى المؤشر 156 فی العام 2001 من بینها 20 دولة عربیة. ویستند المؤشر على 10 عوامل، وهی (1) السیاسة التجاریة وبخاصة معدل التعریفة الجمرکیة ووجود الحواجز غیر الجمرکیة. (2) وضع الإدارة المالیة لموازنة الدولة وبخاصة الهیکل الضریبی للأفراد والشرکات. (3) حجم مساهمة القطاع العام فی الاقتصاد.  (4) السیاسة النقدیة وبخاصة مؤشر التضخم. (5) وتدفق الاستثمارات الخاصة والاستثمار الأجنبی المباشر. (6) ووضع القطاع المصرفی والتمویل. (7) مستوى الأجور والأسعار. (8) وحقوق الملکیة الفکریة. (90) والتشریعات والإجراءات الإداریة والبیروقراطیة. (10)  وأنشطة السوق السوداء. وتمنح هذه المکونات العشرة أوزاناً متساویة ویحتسب المؤشر بأخذ متوسط هذه المؤشرات الفرعیة

وطبقاً لمعهد "فریزر" تقاس درجة الحریة الاقتصادیة من خلال خمسة مجالات ننقلها کما وردت فی نتائج القیاس وهی، (1) حجم الحکومة؛ الإنفاق، والضرائب، والمشاریع الحکومیة: وتشیر إلى مدى اعتماد البلدان على العملیة السیاسیة فی تخصیص الموارد والسلع والخدمات. فعندما یزداد الإنفاق الحکومی بالنسبة إلى إنفاق الأفراد، والأسر، والشرکات، فإن اتخاذ القرار من جانب الحکومة یحل محل الاختیار الشخصی؛ فینخفض مستوى الحریة الاقتصادیة. (2) الهیکل القانونی وحمایة حقوق الملکیة، إن حمایة الأشخاص وممتلکاتهم التی اکتسبوها بحق هی عنصر أساسی لکل من الحریة الاقتصادیة ووجود مجتمع مدنی، والمکونات الرئیسیة لأی نظام قانونی متناسق مع الحریة الاقتصادیة هی سیادة القانون، وحمایة حقوق الملکیة، والقضاء المستقل، ونظام محاکم حیادی. (3) إمکانیة الوصول إلى الأموال المشروعة: إن الأموال بمثابة الزیت لتحریک عجلة التبادل وغیابها یقلل من شأن المکتسبات من التجارة. (4) حریة التجارة دولیاً: إن التبادل الطوعی هو نشاط جماعی إیجابی؛ إذ أن کلاً من شرکاء التجارة یکسبون، والسعی وراء الکسب یوفر الحافز للتبادل. بناء علیه، فإن حریة التجارة دولیاً تساهم أیضاً بشکل أساسی فی مستویات معیشتنا المعاصرة. (5) تنظیم الائتمان، والعمالة، وقطاع العمل: عندما تحد التنظیمات من القدرة على الدخول إلى الأسواق، وتتدخل فی حریة المشارکة فی التبادل الطوعی، فإنها تقلل الحریة الاقتصادیة. ویوجد مقیاس آخر للحریة الاقتصادیة وهو، (1) حجم الحکومة (2) استخدام المؤسسات فی السوق (3) استقرار الأسعار (4) حریة اقتناء العملات الأجنبیة (5) الهیکل القانونی وحقوق الملکیة (6) حریة التجارة مع الأجانب (7) حریة التبادل فی أسواق رأس المال (JuditKapás and PálCzeglédi, (2007 ).

ویرى امارتیا صن أنه لیس من المقبول أن نتناول المشکلات والاحتیاجات الاقتصادیة والحریات السیاسیة فی ضوء تقسیم ثنائی أساسی من شأنه کما یبدو أن یقوض صلة الحریة السیاسیة بالموضوع بحجة أن الاحتیاجات الاقتصادیة أشد إلحاحاً. غیر أن هذه النظریة خاطئة تماماً، فالقضایا الحقیقیة تقضی بأن ندرک الترابطات المتبادلة والمتداخلة بین الحریات السیاسیة، وفهم وإیفاء الاحتیاجات الاقتصادیة، فالحریات السیاسیة یمکن أن یکون لها دور مهم فی توفیر الحوافز والمعلومات من أجل حل الضرورات الاقتصادیة المُلحة، وصیاغتنا لمفاهیم عن الضرورات الاقتصادیة تتوقف بشکل حاسم على الحوارات والمناقشات العامة المفتوحة والصریحة، وضمان أنها فی حاجة إلى الإصرار على الحریة السیاسیة والحقوق المدنیة الأساسیة. کما أن شدة المطالب الاقتصادیة وکثافتها تٌضیفان إلى الضرورة الملحة للحریات السیاسیة ولا تنقصان منها، وثمة اعتبارات ثلاثة مختلفة تقودنا فی اتجاه القول بغلبة الحقوق السیاسیة واللیبرالیة الأساسیة (امارتیا صن، 2010، 224)، وهی أهمیتها المباشرة فی الحیاة الإنسانیة فی اقترانها بالقدرة الأساسیة بما فی ذلک المشارکة السیاسیة والاجتماعیة. ودورها فی تعزیز الحجج التی یدلی بها الناس عند التغییر ودعم مطالبهم بالاهتمام السیاسی، بما فی ذلک مطالبهم بشأن الاحتیاجات الاقتصادیة. بالإضافة إلى دورها البنائی فی صیاغة المفاهیم عن الاحتیاجات، بما فی ذلک فهم الاحتیاجات الاقتصادیة فی سیاق اجتماعی.

وتعنی اللیبرالیة – فلسفة الرأسمالیة – أن ترفع الدولة یدها عن وسائل الإنتاج وتترک ملکیتها للأفراد فی تنافسهم الحر وصراعهم، ولا تتدخل فی العلاقات الاقتصادیة بین الأفراد.. أو بین الجماعات.. أو بین الطبقات؛ فکان التنافس هو الصورة العامة للاقتصاد اللیبرالی.. وذلک تحقیقاً للمبدأ المعروف باسم مبدأ الاقتصاد الحرLaissez faire، أی الشعار اللیبرالی/الرأسمالی الشهیر دعه یعمل.. دعه یمر.. إن العالم یسیر من تلقاء نفسه، من دون تدخل الدولة(الخولی، یمنی، 2008). وفی إطار هذا الدور للدولة، نجد النظام السیاسی اللیبرالی هو النقیض للدیکتاتوریة، ولأی استبداد بالسلطة أو انفراد بالرأی أو إلزام بمذهب معین. وذلک على أساس أن المبادئ النهائیة التی تمثل الحقیقة التی لا وجود لها فی إمکانیات البشر.

والحریة فی اللیبرالیة هی فی آن واحد حریة سیاسیة وحریة اقتصادیة. ولئن استندت الحریة السیاسیة فی اللیبرالیة إلى نظریة العقد الاجتماعی، فإن الحریة الاقتصادیة فیها تستند إلى نظریة القوانین الطبیعیة. فقد أقام "جون لوک" الحریة الاقتصادیة فی اللیبرالیة التی تؤکد أن الملکیة غریزة وحق من أهم الحقوق الطبیعیة التی قامت الدولة من أجل تأمینها، على أساس فکرة (القوانین الطبیعیة) التی سادت القرن الثامن عشر، ومؤداها أن ثمة قوانین طبیعیة تحکم حیاة البشر وتجمعاتهم وأنشطتهم، وتنظمها بصورة تلقائیة. وأهم القوانین التی تحکم المجتمع قانونان؛ وهما: (1) قانون المنفعة الخاصة التی تجعل کل فرد یعمل على تحقیق مصلحته الخاصة. (2) قانون المنافسة الحرة ومؤداه أن کل فرد مجبور على منافسة الآخرین ومحاولة التفوق علیهم. ویضع القانون الثانی أی قانون المنافسة الحرة ضوابط للقانون الأول أی لقانون المنفعة الخاصة. بعبارة أخرى قانون المنفعة یکفل تحقیق الصالح الخاص وقانون المنافسة یکفل تحقیق الصالح العام. أی أنهما معًا یوفقان بین الصالح الخاص والصالح العام فی آن واحد. هذه القوانین الطبیعیة فطریة فی خلق الله للکون، فلابد وأنها خیّرة (الخولی، یُمنى، 2008).

ثانیاً: الإطار الفکری لعلاقة الحریة السیاسیة والاقتصادیة والتنمیة الاقتصادیة

تشیر الأدبیات إلى عدم وجود اتفاق بین المدارس الفکریة حول أیهما أفضل للتنمیة الاقتصادیة، حیث أن هناک فریق یرى أن النظام الذی یجمع الحریة الاقتصادیة والدیمقراطیة هو أفضل النظم للتنمیة الاقتصادیة، أما الفریق الأخر فیرى عکس ذلک. وفیما یلی شرح علاقة الاختلاف بین الفریقین.

أ‌.        الحریة الاقتصادیة والسیاسیة تؤدی الی النمو والتنمیة الاقتصادیة

یرى أصحاب منهج اعتماد التنمیة على الحریة الاقتصادیة والحریة السیاسیة أن تحقیق التنمیة، وضمان استدامتها، هو أمر متعذر بمعزل عن الدیمقراطیة. على أنّ عملیة التنمیة لا تتأثر بالدیمقراطیة فحسب، بل تؤثر فیها أیضا. (ترکمانی، عبدالله، 2007). کما أن الفعل المرتبط بتطویر آلیات العمل السیاسی یکون فی الغالب صدى لأوضاع اقتصادیة ومعطیات اجتماعیة وثقافیة وعلاقات خارجیة، ومن ثم؛ فإن الدیمقراطیة کنهج سیاسی فی الحکم لایُطلب لذاته؛ وإنما لتحقیق أهداف ترتبط بنهوض المجتمع وتقدمه. وتبدأ علاقة الاقتصاد بالدیمقراطیة من المنشأ وتنتهی عند صناعة واتخاذ القرارات داخل المجتمع، مروراً بتوزیع الأدوار والأنصبة؛ أو الأوزان السیاسیة بین القوى التی تتزاحم أو تتنافس أو تتکتل فی سبیل أن تجد لها موقعاً على خریطة صنع القرار. إنّ الحکم الجید/الرشید لا یضمن- فی ذاته - نتائج جیدة فی مجال التنمیة، لکنه شرط لا غنى عنه لمنع استمرار النتائج المخیبة والسیاسات غیر الفعالة، والانتقال إلى نتائج وسیاسات أفضل.

ولقد کان "آدم سمیث"، فی کتابه "ثروة الأمم" أول من عبر عن هذا الاتجاه من خلال دعوته للیبرالیة السیاسیة باعتبارها شرطاً ضروریاً للأداء الفعال للسوق الذی یعتبره محرک النمو الاقتصادی. بالنسبة لـ "آدم سمیث"، فإن الحکومة التی تحکم أقل ما یمکن هی أفضل حکومة، فالحد الأدنى من الحکم یفضی إلى الحریة الفردیة والمنافسة والکفاءة وإمکانات النمو الاقتصادی (Ake, C, 2000: 76). إن وجود السوق الحرة لا یلغی بالطبع الحاجة إلى الحکومة؛ بل على العکس من ذلک فإنللحکومة دور أساسی کمنبر یحدد "قواعد اللعبة" وکحکمٍ یفسر ویفرض القواعد المتفقعلیها. والذی یقوم به السوق هو تقلیل مجال المسائل التی یجب البّت فیها من خلالالوسائل السیاسیة؛ وبالتالی التقلیل من مدى الحاجة إلى الحکومة للمشارکة بشکل مباشرفی اللعبة. إن الصفة البارزة للعمل من خلال القنوات السیاسیة هی أنها تمیل إلىالحاجة أو إلى فرض خضوع کبیر (القاضی، اسامة، 2012).

کما أن الحریةالاقتصادیة وبحد ذاتها جزء مهم للغایة من الحریة بمفهومها الشامل باعتبارهاوسیلة لتحقیق الحریة السیاسیة؛ فإن الأنظمة الاقتصادیة مهمة بسبب تأثیرها على ترکیزأو توزیع السلطة؛ فذاک النوع من النظام الاقتصادی الذی یوفر الحریة الاقتصادیة بشکلمباشر، وأعنی النظام الرأسمالی التنافسی، یشجع کذلک الحریة السیاسیة لأنه یفصلالسلطة الاقتصادیة عن السلطة السیاسیة وبذلک یمکن أحدهما من أن یوازنالآخر (فریدمان، میلتون، 2012).وأن السمة الرئیسیةلنظام السوق للنشاط الاقتصادی ستکون منع الفرد من التدخل بشؤون الآخر فیما یتعلقبمعظم نشاطاته، حیث سیصان المستهلک من القهر من قبل البائع بسبب وجود باعة آخرینیستطیع التعامل معهم، ویصان البائع من الإجبار من قبل المستهلک بسبب وجود مستهلکینآخرین فی إمکانه البیع لهم، ویصان العامل من أن یقهره صاحب العمل بسبب توفر غیرهیستطیع العمل عندهم، وهلم جرا، بحیث یحقق السوق ذلک بطریقة موضوعیة وبدون سلطةمرکزیة. ومن ثم؛ فإن السوق الحرة تقدم للناس ما یرغبون به بدلاً عماتعتقده جماعة محددة بالذی یجب علیهم أن یرغبوا به.

وتکمن الفائدة العظمى للسوق بأنها تسمحبتنوع کبیر. إنها— بالمفهوم السیاسی — نظام تمثیل نسبی، أی نظام انتخابی تمنحالجماعات والأحزاب السیاسیة بمقتضاه مقاعد فی البرلمان تتناسب وقوتها الشعبیة أوقوته الإقتراعیه الفعلیة، وهذه هی خاصیة السوق التی نشیرإلیها عندما نقول بأن السوق یوفر حریة اقتصادیة. ومن علاماتالحریة السیاسیة لمجتمع رأسمالی بأن یستطیع الناس تأیید الاشتراکیة بصراحة والعمللصالحها. وبشکل مماثل، ستتطلب الحریة السیاسیة فی مجتمع اشتراکی بأن یکون الناسأحراراً فی تأیید إدخال النظام الرأسمالی إلیه. فکیف بالإمکان حمایة والمحافظة علىحریة تأیید الرأسمالیة فی مجتمع اشتراکی (فریدمان، میلتون، 2012). کما أن هناک علاقة جوهریة بین النظام السیاسی والنظام الاقتصادی بحیث أنه بالإمکانالجمع فقط بین أنظمة سیاسیة واقتصادیة محددة دون غیرها، وأنه على وجه الخصوص لایمکن لمجتمع اشتراکی فی أن یکون فی الوقت ذاته دیمقراطیًا ضمن مفهوم ضمان الحریةالفردیة. إن الأنظمة الاقتصادیة تلعب دورًا مزدوجًا فی تأسیس مجتمع حر؛ فمنناحیة، فإن الحریة فی الأنظمة الاقتصادیة هی بذاتها جزء من الحریة بمفهومها الأوسع،وهی هدف نهائی بحد ذاتها. أما فی المرتبة الثانیة فإن الحریة الاقتصادیة کذلکوسیلة لا یستغنى عنها فی سبیل تحقیق الحریة السیاسیة. لذلک لا بدیل للحریات السیاسیة وحریة الأسواق للبلدانالنامیة إذا ما أرادت تنمیة اقتصادها (مارکس، کارل). کما ان الأسواق تخلق الظروف الأساسیة للحریة الفردیة، فهی هنا أهم للدیمقراطیة من دستورالدولة، وإن أی محاولة لتصحیح قوى السوق تعنی قمع الحریات، فالحکومات غیر معنیةبإنتاج السلع والخدمات، بل علیها (واجبها) مراعاة دوران عجلة الإنتاج والخدماتوضمان حریة الأسواق دون تدخل أجهزة الدولة بأدوات الاقتصاد. إن اقتصاد السـوقوالدیمقراطیة هما أساس التنمیة فی الدول الفتیة (جیدتر، انطونی، 2002: 62-66).

وفکرة العدالة الاجتماعیة غیر مترابطة، ولا تتحقق عنطریق الدولة، بل عن طریق التحرک صعوداً فی الهرم الاجتماعی واکتساب الممتلکات،حیث تتوفر هذه الإمکانیة من خلال السوق لمن تتوفر لدیهم إرادة النجاح وعزیمةالمنافسة. والدیمقراطیة وحدها تخلق عبر مناقشة بدائل عدة نمطاً تنمویاً حرا (هایک، فریدریک)، کما أن عملیة التنمیة الاقتصادیة بحد ذاتها تساهم فی رفع نسبة المساواة فی توزیع الثروات فی المجتمع، ویعتقد أن هذا ما یؤهل الدیمقراطیة لتکون أفضل وسیلة غیر مباشرة یعاد بها توزیع الثروات فی المجتمع، فی عملیة التنمیة الاقتصادیة. تفتح الدیمقراطیات جبهات للصراع حول توزیع مصادر الثروة، بسبب آلیاتها الدیمقراطیة التی تعطی حریة الاختیار، والإقصاء، فمن غیر المتصور أن تتبنى الحکومة سیاسة تنمویة اقتصادیة تحرم فئة اجتماعیة بعینها من حصتها، او تتجاهل الاصوات التی تطالب بحقوقها الشرعیة (القاضی، اسامة، 2002). وتأتی أهمیة الدیمقراطیة لتحفز الناس على رفع قدراتهم، فهی بإفساحها المجال أمام المواطنین للمشارکة فی صنع القرار تمکّن من وضع الحاجات الإنسانیة فی مقدمة أولویات عملیة التنمیة. ولا حاجة إلى القول بأنّ تلبیة هذه الحاجات من شأنها أن تعمل على تطویر قدرات المواطن وتوسیع الخیارات أمامه على نحو یساعده على تحقیق ذاته، وإطلاق طاقات الخلق والإبداع الکامنة فیه. إنّ إدراک المواطن بأنّ فرص التقدم مفتوحة أمامه، وأنّ تقدمه مرهون بعمله دون أی اعتبار آخر، وثقته بأنّ ثمار عمله ستعود علیه، سوف یدفعه إلى السعی - دون کلل - لاکتساب المزید من المعارف والمهارات وبذل المزید من الجهد فی العمل.

وتوصلت دراسة (النقیب، 2018) إلى أن الحریة السیاسیة تؤثر فی عملیة صنع السیاسات، فغیابها یسفر عن سیاسات لا تستجیب لمطالب الجماهیر، وعدم إتاحة فرص متساویة لهم، نظراً لتخصیص الموارد فی الغالب لمشاریع تخدم مصالح فئة معینة على حساب غالبیة الجماهیر. وعلى النقیض من ذلک، یؤدی وجودها إلى سیاسات تسفر عن قرارات تمثل مصالح أغلب فئات المجتمع، لأنها تتم بطریقة تضامنیة وتشارکیة وشفافة ومسؤولة. وتتوقف کفاءة وفعالیة المؤسسات الناقلة لرغبات الجماهیر الاقتصادیة (أحزاب، جماعات، إعلام...) على طبیعة النظام السیاسی؛ فإن کان دیمقراطیاً اتسمت تلک المؤسسات بالکفاءة والفعالیة؛ وإن لم یکن اتسمت بنقیض ذلک. وترتبط کفاءة وفاعلیة السیاسات الاقتصادیة بمدى توافر الحریة السیاسیة، والتی فی ظلها یدفع النظام الحاکم الثمن السیاسی (الدعم له) فی حالة اتخاذه سیاسات اقتصادیة غیر فعالة فی الواقع الاقتصادی. کما أن الأنظمة التی یُفعّل فیها الثمن السیاسی[1] (الأنظمة الدیمقراطیة)، یتم التعامل مع المشکلات بالجدیة المناسبة سواء من ناحیة التحلیل أو التقییم أو وضع وتنفیذ السیاسات والإستراتیجیات المناسبة؛ وذلک من منطق ضرورة الحصول على نتائج ملموسة على الأرض؛ بغرض الحصول على التأیید والدعم السیاسیین، والأنظمة التی ینعدم بها الثمن السیاسی (الأنظمة الدیکتاتوریة) فلا یتم التعامل مع تلک المشاکل بالجدیة المطلوبة ولا بالشکل الاحترافی المناسب، وإن تم التعامل معها فیکون من منطق إطالة عمر النظام الحاکم، وبشکلٍ جزئی ومعالجة أعراض المرض. وینعکس تنفیذ السیاسات الاقتصادیة مباشرة على الفاعلین الاقتصادیین؛ وعلى التنمیة الاقتصادیة على أرض الواقع، نظرا لأن ترجمة تلک السیاسات إلى برامج وآلیات هو ما یحدد الإطار الحاکم بشأن مَنْ سینتج؟ ولمن؟ وماذا سینتج؟ وکیف؟ أی تحدد إطار الحریة الاقتصادیة سواء کانت للمنِتج أو للمستهلک. وتعمل السیاسات الاقتصادیة الفعالة على خلق فضاءً تنافسیًا محفزًا لتحرک الفاعلین الاقتصادیین (الوحدات الخاصة المنِتجة أو المستهلکة) یؤدی إلى التخصیص الکفؤ للموارد، الذی تضع شروطه تلک السیاسات، من خلال تفعیل جهاز الثمن وحریة الدخول والخروج من السوق، وإفساح المجال للمبادرات الفردیة وتنمیة روح المخاطرة والابتکار، وتحدید دور إنتاجی للدولة فی حالة فشل السوق فی إطار الحریة الاقتصادیة، بالإضافة إلى التوزیع العادل للناتج وحمایة وتمکین المهمشین. وتتأثر التنمیة الاقتصادیة بکفاءة صناعة السیاسات الاقتصادیة فی ظل الحریة السیاسیة، حیث تنبع تلک الکفاءة من مدى تضمن تلک السیاسات لرغبات الجماهیر وضمان تنفیذها والرقابة علیها بما یضمن تفعیل الثمن والمنافسة والابتکار. کما ان الشرط الضروری لضمان فعالیة السیاسات الاقتصادیة هو البیئة المناسبة التی تعمل بها تلک السیاسات، والتی تتمثل فی سیادة القانون وانعدام القهر السیاسی وبیئة استثماریة محفِزة وحکم رشید، وهذا ما تخلقه الحریة السیاسیة.

ب‌.    التنمیة لا تعتمد على الحریة الاقتصادیة والسیاسیة

أما الفریق الذی یرى أن التنمیة لا تعتمد على الحریة الاقتصادیة والسیاسیة، أن السیاسة والاقتصاد أمران منفصلان ولا علاقة لأحدهما بالآخر؛ وأن الحریة الفردیةمسألة سیاسیة بینما أن الرفاهیة المادیة مسألة اقتصادیة، وبأنه من الممکن ضم أی نوعمن الأنظمة السیاسیة إلى أی نوع من الأنظمة الاقتصادیة، والتطبیق المعاصر الأوضحلهذه الفکرة هو الدفاع عن "الاشتراکیة الدیمقراطیة " من قبل العدید من الذین یدینونفی الوقت ذاته القیود التی تفرضها "الاشتراکیة الدیکتاتوریة" على الحریة الفردیةفی روسیا، وکذلک هؤلاء المؤمنین بأنه من الممکن أن تقوم دولة بتبنی الخصائصالأساسیة للأنظمة الاقتصادیة الروسیة وفی الوقت ذاته ضمان الحریة الفردیة من خلالتلک الأنظمة السیاسیة (میلتون، فریدمان، 2008).

والعلاقة بین الدیمقراطیة والنمو الاقتصادی هی علاقة تضاد وأن النجاح الاقتصادی، والنمو السریع یحتاج إلى نظام سلطوی یحد من توسع النشاط الدیمقراطی، ویحتوی توسع الحدود الحریات المدنیة لأنه سینتج عن هذا التوسع فی الحقوق المدنیة دیمقراطیة غیر ناضجة، تؤخر من سرعة عجلة النمو الاقتصادی، خاصة أنها فی هذه المرحلة لن تکون قادرة بشکل فاعل على فرض السیاسات الاقتصادیة بحزم، بل إن عملیة التنمیة برأیهم بحاجة إلى تدخل فعال للدولة، والتی لا تتوافق مع السیاسات الدیمقراطیة (القاضی ، اسامة، 2012). کما أن النمو یحتاج إلى وفورات مالیة تتاح للمستثمرین بما یمکنهم من إقامة مشروعات تنهض بعملیة التنمیة. لکن هذه الوفورات من الممکن أن تذهب إلى الاستهلاک ولیس إلى الاستثمار. وهنا یصبح الطریق الوحید أمام زیادة الفوائض المالیة هو تقلیل الإنفاق الاستهلاکی. وتعجز الأنظمة الدیمقراطیة عن فرض خطوة من هذا القبیل، لأن المستهلکین فی النهایة ناخبون وبإمکانهم أن یعاقبوا الساسة، الذین طالبوهم بضغط الإنفاق، فی أقرب فرصة تتاح لهم من خلال صنادیق الانتخابات. ومن ثم؛ یهتم القائمون على الأمر فی الأنظمة الدیمقراطیة بتلبیة الاحتیاجات قصیرة الأمد والملحة للمواطنین، وهذا توجه یضر بالاستثمار (علی حسن، عمار، 2004).

کما ان التنمیة فی حاجة ماسة إلى الاستقرار، وفى ظل الدولة الدیمقراطیة یکون الباب مفتوحاً أمام المؤسسات والجماعات الصغیرة لتسبب إزعاجاً دائما للسلطة من خلال الضغوط التی تمارسها لتحقیق مصالحها، الأمر الذی یشیع جواً من البلبلة الاجتماعیة، بما یضر بالتنمیة الاقتصادیة. أما فی ظل التسلطیة فإن المجتمعات تستقر، ومن ثم؛ تتفاعل عملیة التنمیة فی هدوء وثقة (علی حسن، عمار، 2004). ولیس هناک إجماعاً على قبول النموذج الدیمقراطی کحل عادل لتوزیع الثروات داخل الدولة، فنموذج الدولة السلطویة یدعم السیاسات التنمویة بشکل أکبر من سابقتها فی النموذج الدیمقراطی، والدولة السلطویة أکثر قدرة على حمایة حقوق الطبقات الفقیرة منها فی النموذج الدیمقراطی لأن الحقوق السیاسیة المتاحة وأسالیب التعبیر عنها عبر آلیات انتخابیة لا تستطیع أن ینتفع منها أکثر الفئات الاجتماعیة المهمّشة، بمعنى آخر فإن عدم التوزیع السوی للموارد المادیة یعاد إنتاجها مرة أخرى بمؤثرات سیاسیة غیر عادلة، لأن الطبقات المهمّشة اجتماعیاً غیر قادرة على التعبیر عن رأیها بالطرق الدیمقراطیة، أما الدولة السلطویة فهی قادرة على الدفاع عن حقوقهم اکثر من الدولة الدیمقراطیة. لقد أیّد هنتجنتون ونیلسون

والتخلف الاقتصادی الناجم عن قرون الاستعمار الطویلة یجعل من المستحیلتطبیق الدیمقراطیة فی بلد یعانی فقدان ضرورات الحیاة للغالبیة العظمى من مواطنیه،فما نفع الدیمقراطیة دون  المأکل والملبس والمسکن؟ إن الأولیة هنا هی لتلبیةالمتطلبات الملحة لحیاة الناس، وهذا هو الهدف من تحقیق التنمیة الاقتصادیة. وترتبط الدیمقراطیة بالإرث الاجتماعی والثقافی والدینی لکل شعب، وبالطریقةالتی یدیر بها   سیاسته الاقتصادیة، ولا یجوز هنا التعمیم ونقل التجارب دون أخذالفوارق بین الشعوب بالحسبان، فالجائع فی الدول الإفریقیة الفقیرة الذی یتلقىالمعونات الغذائیة من المنظمات الإنسانیة لا تشکل الدیمقراطیة ملحاً بالنسبة إلیه. وقد  برزت فی الدول الدیمقراطیة الکبرى دیکتاتوریة لا تقل بطشاًعن الدیکتاتوریات التی تسود فی الدول النامیة والمتخلفة، وهی دیکتاتوریة الشرکاتالکبرى المتعددة الجنسیات التی أخضـعت الدولة إلى قوانینها، فتحولت إلى حکومة صغیرةبعد أن فقدت إمکانیة التأثیر على المؤشرات الاقتصادیة، مما عرضها لاضطرابات شدیدةساهم بها المتضررون من العمال وأصحاب الدخول المنخفضة والطلاب احتجاجاً على البطالةوتقلیص الدعم  وابتعاد الدولة (الدیمقراطیة) عن دورها الراعی والضامن لمجتمع الرفاهلصالح حفنة من أصحاب الملیارات. وفی النهایة فإن فرض أسلوب محدد للتنمیة على الدول النامیةلا یهدف فعلیاً إلى مساعدتها على الاندماج فی الاقتصاد العالمی، بل تمکینالاستثمارات الأجنبیة الباحثة عن الفرص من السیطرة على اقتصادات هذه الدول،وتحویلها إلى دول تابعة، ویجب على الدول النامیة أن تختار نموذج التنمیة الذییتوافق مع أوضاعها الاقتصادیة والاجتماعیة، ویکفی التذکیر بوصفات البنک الدولی،ونماذج النمو الاقتصادی التی تسوقها اللیبرالیة الجدیدة.

ومن الناحیة الأخرى، تشیر التجربة الأوروبیة فی القرن التاسع عشر، وفی بدایات تطبیق النظام الرأسمالی، إلى أن السلطة السیاسیة لم تکن تتمتع مطلقا باستقلال أصیل، وإنما کانت موجهة من قبل من بیده المقدرات الاقتصادیة، فالرأسمالیون کانوا یقبضون على الخیوط الأساسیة التی تشد الحکام، ویوجهون الدولة إلى إصدار قرارات تهدف فى النهایة  إلى تحقیق مصالحهم. لکن هذه العلاقة لم تمت بانقضاء القرن التاسع عشر، إنما یعاد إنتاجها بأشکال مختلفة فی دول کثیرة بعالمنا المعاصر. ففی المجتمعات التی تکون فیها مصادر القوة، وفى مقدمتها القوة الاقتصادیة ، مرکزة فی ید حفنة قلیلة من البشر، تکون السلطة السیاسیة هى الأخرى مملوکة لزمرة من الناس. وعلى العکس من هذا فإنه فی المجتمعات التی تنتشر فیها مصادر القوة وتوزع على نطاق واسع تکون القوة السیاسیة مائلة إلى أن تکون منتشرة بین أیدی عدد کبیر من النخبة. وهذه العلاقة الطردیة بین توزیع الموارد الاقتصادیة وانتشار القوة السیاسیة تجعلنا بصدد معادلة  تقربها التجارب العملیة من أن تکون قانوناً اجتماعیاً، تقوم على أن ترکز القوة أو الموارد الاقتصادیة یقود إلى الأوتوقراطیة (الحاکم الفرد)، وانتشار هذه الموارد یفضى إلى الدیمقراطیة السلیمة. فالمؤسسات السیاسیة فی النهایة تمثل وسیلة لکفاح البعض من أجل التواجد والاستمرار. وفى هذا الکفاح، الذی یصل إلى حد الصراع أو على الأقل التنافس الحاد، یجنح کل طرف إلى استخدام کل ما یتوافر لدیه من موارد متاحة، ولأن الموارد الاقتصادیة تأتى فی المقدمة، إذ أنها الأکثر فاعلیة فإن السلطة السیاسیة لا تبدو مستقلة عن القوة الاقتصادیة. بل أکثر من ذلک فإن هذه المعادلة یتم عکسها تماما فی کثیر من المجتمعات بحیث تصبح السلطة السیاسیة وسیلة للحصول على القوة الاقتصادیة. ففی البلاد المتخلفة لا تطلب المناصب لذاتها، إنما للاستئثار بمزایا اقتصادیة. والتمعن فی المفهوم العملی للدیمقراطیة، یشیر إلى أنها عملیة لا یمکن فصلها عن التوازنات الاقتصادیة داخل المجتمع، بأی حال من الأحوال. فالدیمقراطیة فی صیغتها الممارسة، هی عملیة یتم بواسطتها المفاضلة بین خیارات عدة، بحیث تکون هناک حریة للاقتراح وتقویم البدائل، وتتوافر آلیات لاتخاذ قرار المفاضلة هذا، ثم تتاح القدرة على ترجمة هذا القرار فی الواقع، ومراقبة تنفیذه. فهذه الخیارات وتلک الآلیات واختیار طرق العمل وامتلاک القدرة على تنفیذ القرارات، تتطلب وجود إمکانات مادیة للجماعات (الأحزاب وغیرها) المنوط بها القیام بهذه العملیة، وتفوق إحداها فی تلک الإمکانات یجعل فرصها أکبر فی توسیع الخیارات وزیادة عدد البدائل. وحال احتکار أی من القوى السیاسیة للإمکانات المادیة، فإننا لن نکون بصدد نظام حکم دیمقراطی حتى لو ادعى من یستأثرون بالمناصب السیاسیة ذلک، بل أقصى ما یمکن الحصول علیه فی هذه الحالة هو نظام تسلطی مغلف بمسوح دیمقراطیة، ولن یسمح للمعارضة بالتأثیر الفعال فی إدارة العملیة السیاسیة بالبلاد (حسن الغباشی، مختار).

 

ثالثاً: الدراسة التطبیقیة لأثر الحریة على التنمیة الاقتصادیة

تناولت العدید من الدراسات على مدار العقود الماضیة العلاقة السببیة بین الحریة الاقتصادیة والحریة السیاسیة وأثرهما على النمو الاقتصادى بالبلاد، حیث تنوعت النتائج التى توصلت إلیها تلک الدراسات بین مؤکدة على العلاقة الإیجابیة بین کل من الحریة الاقتصادیة والسیاسیة وأثرهما على النمو، وبین مؤکدة على الدور الإیجابى فقط للحریة الاقتصادیة وأثرها على النمو بینما العلاقة العکسیة فیما یتعلق بالحریة السیاسیة، وهناک من توصل إلى عدم وجود علاقة فى الأساس بین الحریة السیاسیة والنمو، وعلى الصعید الآخر توصل البعض إلى اختلاف الأثر وفقاً لکل دولة أو کل مجموعة دول؛ فهناک من أکد على الدور الإیجابى للدیموقراطیة بالدول المتقدمة على عکس أثرها فى الدول النامیة، وهناک من توصل إلى أن الاستقرار السیاسى هو الأهم فى التأثیر على النمو ولیس الحریة السیاسیة،

وقد جاءت أطروحة "لیبست" عام  1959م لتمثل نقطة البدایة لبدء الدراسات التطبیقیة لدراسة الارتباط بین الدیمقراطیة والتنمیة، ووفقاً لأطروحة "لیبست"، ترتبط الدیمقراطیة بمستوى التنمیة الاقتصادیة والاجتماعیة. وتبین من الدراسة أن البلدان الأکثر دیمقراطیة کانت تتمتع أیضاً بمستویات تنمیة اجتماعیة واقتصادیة أعلى من البلدان الدکتاتوریة. استناداً على ذلک، افترض "لیبست" وجود تطابق بین التنمیة الاقتصادیة وبین النظام الدیمقراطی. کان هذا التطابق نتاجاً لعدة متغیرات اجتماعیة. بناءً علیه فإن التنمیة الاقتصادیة ترتبط بازدیاد التعلیم والاتجاه نحو مزید من المشارکة، کما أنها تخفف من حدة التفاعلات السیاسیة وتخلق مصالح متقاطعة وانتماءات متعددة تعمل على تسهیل بناء الإجماع الدیمقراطی والاستقرار السیاسی. أخیراً فإن التنمیة الاقتصادیة ترتبط بنمو وحیویة الحیاة الترابطیة والمجتمع المدنی (Lipset, S., 1993: 155-175). وقد تعرضت هذه الأطروحة للدراسة والتمحیص من وقت لأخر باستخدام منهجیات أکثر دقة وصرامة وأسالیب إحصائیة متقدمة، فقد اثبتت دراسة (Coleman J, 1960) وجود ارتباط واعتماد متبادل بین الدیمقراطیة والتنمیة إلا أنها لم تثبت وجود علاقات سببیة، وتوصلت دراسة (Cutright, P., 1963 : 253-264) الی وجود ارتباطاً عالیاً بین مؤشر الاستقرار السیاسی "وبین مجموعة من أربعة مؤشرات للتنمیة وهی: "تطور وسائل الاتصال، والحضریة، والتعلیم والتصنیع". وأثبتت دراسةBollen, k. and Jakman, R., 1985: 438-457)  نتیجة "لیبست"، فی أن التنمیة الاقتصادیة هی المحدد الأکثر الأهمیة من المتغیرات الأخرى مجتمعة. وطبقاً لدراسة (Grossman, H. and Noh, 1988) فإن وجود نظام دیمقراطی یضمن خضوع الحاکمین للمساءلة أمام المحکومین مما یحفزهم على تخصیص الموارد بکفاءة وفعالیة لضمان استمراریتهم فی الحکم. وتضمن الدیمقراطیة قیام الحکام بتوظیف الموارد بالطریقة التی تحقق النمو والإنتاج الأمثل طبقاً دراسة  (Dahl, R., Polyarchy, 1971) ، أما دراسة (Olson, M, 1999) فقد توصلت إلى أن النظام الدیمقراطی یلزم الحکام بتجنب السعی نحو تحقیق مصالح ذاتیة أنانیة ویفرض علیهم وضع السیاسات العامة التی تحقق وتخدم المصلحة العامة ضماناً لاستمرار التأیید والقبول الشعبی. وأثبتت دراسة  (Bahala, S, 1994)وجود  ارتباط إیجابی وقوی ومتزامن بین التنمیة الاقتصادیة وبین الحریة، حیث أن الحریة تفضی إلى تنمیة اقتصادیة أکبر والتی تؤدی بالتالی إلى المزید من الحریة.

وفی دراسة (Bashir & Xu, 2014: 59-67) تم قیاس تأثیر المتغیرت المستقلة فی معدل نمو نصیب الفرد من الناتج المحلی الإجمالی، وذلک فی 117 دولة خلال الفترة (1980-2012). وتمثلت المتغیرات المستقلة فی المتغیرات المؤسسیة (الحریة السیاسیة والحریة الاقتصادیة والاستقرار الاقتصادی) والمتغیرات الاقتصادیة (الاستثمار الأجنبی المباشر، ومعدل نمو السکان والاستثمار وتوقع الحیاة ورأس المال البشری). وقد توصلت الدراسة إلى أن الحریة الاقتصادیة والاستقرار الاقتصادی ذات تأثیر ایجابی قوی على النمو الاقتصادی. وقامت دراسة (Bayar & Aytemiz, 2015: 62-73) بدراسة أثر الحریة الاقتصادیة والاستقرار الاقتصادی وغیاب التوتر والارهاب وضبابیة السیاسات الاقتصادیة فی نصیب الفرد من الناتج المحلی الإجمالی فی کلاً من الصین والهند وإندونسیا وکوریا الشمالیة ومالیزیا والفلبین وتایلاند خلال الفترة 2002-2013. وقد توصلت الدراسة إلى أنه قد یکون للمتغیرات تأثیرًا على النمو الاقتصادی من خلال التأثیر على المؤسسات التی تحکم السیاسات الاقتصادیة،هناک علاقة طویلة المدى للتکامل المشترک بین المتغیرات فی النموذج والحریة الاقتصادیة والاستقرار السیاسی کان لها تأثیر إیجابی على النمو الاقتصادی.

وقامت دراسة (Farr, et al., 1998: 247-262)بدراسة أثر الحریة الاقتصادیة والحریة والسیاسیة علی الرفاهة الاقتصادیة معبراً نصیب الفرد من الناتج الحقیقی فی 20 دولة صناعیة و 78 دولة غیر صناعیة خلال الفترة 1975-1995، وقد توصلت الدراسة إلى أن الحریة الاقتصادیة هی عامل مهم یقود النمو، کما یعزز مستوى الرفاهیة الاقتصادیة الحریة الاقتصادیة. ولم تدعم النتائج أن الحریة السیاسیة تؤثر بشکل کبیر على مستوى الرفاهیة الاقتصادیة؛ على الجانب الآخر فإن مستوى الرفاه الاقتصادی یعزز الحریة السیاسیة. لا یوجد دعم لعلاقة مباشرة بین الحریة الاقتصادیة والحریة السیاسیة، ولکن النتائج تدل على وجود علاقة غیر مباشرة من خلال مستوى الناتج المحلی الإجمالی الحقیقی للفرد. وفی دراسة (Vega-Gordillo & A lvarez-Arce, 2003: 199-2015)تمت دراسة أثر الحریة الاقتصادیة والحریة السیاسیة على النمو الاقتصادی فی 45 دولة خلال الفترة (1975-1995م) وقد توصلت الدراسة إلى أن أن الحریة الاقتصادیة تعزز النمو الاقتصادی. بشکل کبیر، کما یعتبر ﺗﺤﺮﻳﺮ اﻷﺳﻮاق إﺻﻼح ﻣﺆﺳﺴﻲ ﻣﻨﺎﺳﺐ ﻟﻠﺪول اﻟﺘﻲ تهتم باﻟﻨﻤﻮ اﻻﻗﺘﺼﺎدی، ومن الناحیة الأخرى؛ فإن تأثیر الحریات السیاسیة على النمو الاقتصادی أقل وضوحاً بکثیر، وقد تؤدی الدیمقراطیة المکثفة إلى نمو أسرع وحریة اقتصادیة أکبر،  الرخاء الاقتصادی یجعل عملیة الدیمقراطیة أسهل.

وتوصلت دراسة  (Gasiorowski, 2000: 319-349) إلى تأثیر الدیمقراطیة على النمو الاقتصادی والتضخم فی 49 دولة خلال الفترة 1968-1991، وتوصلت الدراسة إلى أن الدیمقراطیة تنتج تضخماً أعلى ونمو اقتصادی أبطأ فی البلدان النامیة، والأنظمة الأکثر دیمقراطیة لدیها تضخم أعلى من الأنظمة الأقل دیمقراطیة، وذلک لأنها تعانی من عجز مالی أکبر ونمو أسرع فی الأجور.هذا التضخم المرتفع، بدوره، یقلل بشکل هامشی من معدلات نموها،  لا تتمتع الدیمقراطیات الجدیدة بمعدلات تضخم أو معدلات نمو مختلفة بشکل ملحوظ عن الدیمقراطیات الناضجة القدیمة. وهدفت دراسة (Doucouliagos & Ulubasoglu, 2006: 60-81)إلى قیاس أثر الحریة الاقتصادیة على النمو الاقتصادی فی 82 دولة خلال الفترة (1970-1999م)، وأثبتت الدراسة وجود ارتباط إیجابی وإحصائی مهم بین الحریة الاقتصادیة والنمو الاقتصادی. کما أن الحریة الاقتصادیة تؤثر بشکل کبیر على النمو الاقتصادی أکثر من الحریة السیاسیة.

أما دراسة (Hekelman, 2000) فقد قامت بدراسة أثر مؤشرات الحریة الاقتصادیة (والتی تقوم مؤسسة Heritage Foundationبإصدارها وهی السیاسة التجاریة والضرائب والتدخل الحکومی والسیاسة النقدیة والتدفقات المالیة والاستثمار الأجنبی المباشر والبنوک والتحکم فی الأسعار والأجور وحقوق الملکیة الفکریة واللوائح المنظمة والسوق السوداء) على النمو الاقتصادی فی 49 دولة خلال الفترة (1994-1997م). وقد توصلت الدراسة إلى أن متوسط مستوى الحریة فی أی دول ، وکذلک العدید من المکونات الأساسیة المحددة للحریة، تسبق النو.  ومع ذلک ، قد یسبق النمو أحد المؤشرات المکونة (التدخل الحکومی)، ولا توجد علاقة بین النمو واثنین من المؤشرات (السیاسة التجاریة والضرائب). وفی دراسة (Alesina, et al., 1996: 189-211) تمت دراسة أثر عدم الاستقرار السیاسی - تغییر الحکومة (النقل المنتظم أو غیر المنتظم للسلطة التنفیذیة أو  تغییر رئیسی (نقل غیر منتظم للسلطة مع مجموعة فرعیة من التحویلات العادیة التی تنطوی على تغییر جوهری فی الحزب أو الائتلاف أو الأطراف فی المکتب)  الانقلاب (التحویلات غیر المنتظمة فقط) على الناتج المحلی الإجمالی فی 113 دولة خلال الفترة (1950-1982م). وتوصلت أن عدم الاستقرار السیاسی یقلل من النمو. هذه النتیجة قویة بشکل خاص بالنسبة لحالة التغییرات التنفیذیة غیر الدستوریة مثل الانقلابات، وکذلک بالنسبة للتغییرات التی تغیر بشکل کبیر التکوین الأیدیولوجی للسلطة التنفیذیة.، إن أثر عدم الاستقرار على النمو أقل بالنسبة للتحولات التنفیذیة المنتظمة والمتکررة النموذجیة للدیمقراطیات الصناعیة، انخفاض النمو یزید من احتمالیة تغییر الحکومة، ولا سیما فی حالة الانقلابات،  لا یمکن أن نجد أی فرق فی أداء النمو فی لانظمة الدیمقراطیة مقارنة بالانظمة غیر الدیمقراطیة، إن حدوث تغییر حکومی یزید من احتمال حدوث تغییرات لاحقة، مما یوحی بأن عدم الاستقرار السیاسی یمیل إلى أن یکون مستمراً.

وقام (Barro, 1996: 1-27)بدراسة عن تأثیر الحریة السیاسیة على الناتج المحلی الإجمالی فی 100 دولة خلال الفترة (1960-1990م)، وأثبتت الدراسة أن التأثیر العام للدیمقراطیة على النمو ضعیف بشکل سلبی.کما أنالتحسینات فی مستوى المعیشة تزید بشکل کبیر من احتمالیة نمو الحریات السیاسیة. وأثبتت دراسة (Gründlera & Kriegerb, 2016: 85-107)عن تأثیر الدیمقراطیة علی الناتج المحلی الإجمالی فی معظم دول العالم تقریباً (185 دولة)  خلال الفترة (1981-2001م)، عن وجود علاقة إیجابیة قویة بین الدیمقراطیة والنمو الاقتصادی، وتتمیز البلدان الدیمقراطیة بسکان متعلمین أفضل، وأسهم استثماریة أعلى، ومعدلات خصوبة أقل، ولکن لیس بالضرورة مستویات أعلى من إعادة التوزیع. وقامت دراسة Hussain & Haque, 2016)) بدراسة اثر مؤشر الحریة الاقتصادیة، ومؤشر الحریة المالیة، ومؤشر الحریة التجاریة، وحریة العمل، وتؤثر الحریة التجاریة علی معدل النمو السنوی للناتج المحلی الإجمالی (GDP) معدل نمو الناتج المحلی الإجمالی لمدة خمس سنوات فی 186 دولة من خلال بیانات عن الفترة (2013-2015م) و 2004-2014 . وقد توصلت الدراسة إلى وجود دلیل قوی لدعم وجود ارتباط إیجابی بین معدل النمو (یتمقیاسه بالتناوب مع معدل النمو السنوی ومعدل النمو فی خمس سنوات) ومؤشر الحریة الاقتصادیة.  دلیل على وجود تأثیر إیجابی وقوی للحریة التجاریة على النمو الاقتصادی. کما أن للحریة المالیة وحریة العمل وحریة العمل والحریة المالیة کلها لها تأثیر إیجابی على النمو الاقتصادی.

 

رابعاً: قیاس أثر الحریة السیاسیة والاقتصادیة على التنمیة فی مصر

متغیرات النموذج

فی ضوء مراجعة الدراسات القیاسیة السابقة، فقد تم تحدید المتغیر التباع وهو معدل نمو نصیب الفرد من الناتج المحلی الإجمالی GDP per capita growth، وذلک طبقاً لدراسات (Bashir & Xu, 2014)، (Bayar & Aytemiz, 2015). وقد تم الاعتماد على قاعدة بیانات البنک الدولی (شکل 1). کما تم تحدید خمس متغیرات مستقلة وهی: (أ) الحریة الاقتصادیة: طبقاً لدراسات (Bashir & Xu, 2014)،  (Bayar & Aytemiz, 2015)ـ، (Farr, et al., 1998)، (Vega-Gordillo & A lvarez-Arce, 2003)، (Doucouliagos & Ulubasoglu, 2006)،  (Hussain & Haque, 2016). وقد تم الاعتماد علی بیانات Heritage Foundation ،وتتکون الحریة الاقتصادیة من 10 جوانب، یمکن تجمیعها فی أربع فئات عامة وهی (1) سیادة القانون (حقوق الملکیة ، الحریة من الفساد). (2) حجم الحکومة (الحریة المالیة ، الانفاق الحکومی). (3) الکفاءة التنظیمیة (حریة الاعمال، حریة العمل، الحریة النقدیة). (4) انفتاح السوق :حریة التجارة ، حریة الاستثمار ، الحریة المالیة).  وتشیر البیانات إلى أن الحریة الاقتصادیة ارتفعت من 34.7 عام 1990 إلى 58 عام 1999 ثم انخفضت خلال العشر سنوات التالیة إلى أقل من ذلک حتى عام 2008، إلى أن بلغت أعلى مستوى لها فی مصر عام 59.1 عام 2011، ثم حدث انخفاض بعد ذلک إلى أن وصلت إلى أدنى مستوى لها منذ عام 2002 (شکل 2). (ب) الحریة السیاسیة: طبقاً لدراسات (Bashir & Xu, 2014)، (Farr, et al., 1998)، (Vega-Gordillo & A lvarez-Arce, 2003)،  (GASIOROWSKI, 2000)، (Barro, 1996)، (Gründlera & Kriegerb, 2016)تم الاعتماد علی بیانات Economist Intelligence Unit (EIU)، وترکز علی الانتخاب والمساءلة وتشمل مؤشر الدیمقراطیة، والمصالح المکتسبة، ومساءلة الموظفین العمومیین، وحقوق الانسان، وحریة تکوین الجمعیات. وتشیر بیانات الحریة السیاسیة إلى أنها ظلت ثابتة خلال الفترة 1990 إلى 2000 عند 0.31، ثم انخفضت بعد ذلک إلى أن وصلت أدنى مستوى لها فی 2002 و 2003 و 2005، ثم وصلت إلى أعلى مستوى لها عام 2011 و 2012 نتیجة ثورة ینایر، ثم حدث انخفاض بعد ذلک (شکل 3). (ج) اجمالی تکوین رأس المال الثابت إلی الناتج المحلی الإجمالی: طبقاً لدراسة(Bashir & Xu, 2014) ، وتم الاعتماد على قاعدة بیانات البنک الدولی، وبلغ أعلى معدل التکوین الرأسمالی إلى الناتج المحلی الإجمالی عام  1990 وحدث انخفاض لمعدل تکوین رأسمالی إلى الناتج المحلی الإجمالی، خلال فترة الدراسة، وقد کان أعلى معدل تکوین رأسمالی عام 2008 (بعد عام 1990) بمعدل 22.3% من الناتج المحلی الإجمالی. ومنذ عام 2011 وتشهد مصر أدنى مستویات للتکوین الرأسمالی (شکل 4). (د) الاستثمارات الأجنبیة المباشرة إلى الناتج المحلی الإجمالی: (Bashir & Xu, 2014)، (Heckelman  2000: 71-91)، وتم الاعتماد على قاعدة بیانات البنک الدولی. ویصفة عامة فإن نسبة الاستثمارات الأجنبیة إلى الناتج المحلی الإجمالی فی مصر منخفضة، حیث کانت فی أعلى مستوى عام 2008 حیث بلغ نحو 1.18% ، وقد کانت سنة استثنائیة (شکل 5). (ه) معدل نمو السکان: (Bashir & Xu, 2014) ، حیث تم الاعتماد على الکتاب الإحصائی السنوی للجهاز المرکزی للتعبئة العامة والإحصاء. وبلغ أعلى معدل نمو سکانی فی مصر عام 1991، معدل 2.5%، وبعد ذلک تراوح معدل النمو السکانی بین 1.8% إلى 2.2% خلال فترة الدراسة (شکل 6.

   وبناءً على تحلیل الأدبیات والدراسات السابقة والموجودة فی القسم الأول لهذا البحث فقد تم استخدام نموذج OLS لتحلیل العلاقة بین المتغیرات محل الدراسة. إن إنحدار المربعات الصغرى الإعتیادیة هو طریقة إحصائیة للتحلیل لتقدیر العلاقة بین متغیر واحد مستقل أو أکثر ومتغیر تابع؛ تقوم الطریقة بتقدیر العلاقة عن طریق تقلیل مجموع المربعات فی الفرق بین القیم المرصودة والمتنبئ بها للمتغیر التابع الذی تم تکوینه کخط مستقیم. فی هذا البحث، سیتم تطبیق انحدار OLS فی سیاق نموذج متعدد المتغیرات، وهو نموذج یوجد فیه متغیران مستقلان أو أکثر (X) یتنبأون بمتغیر تابع (Y). ما یلی هو مثال على هذا النموذج:

 

          حیث أن البیتا () هی المعلمة التی یقوم نموذج المربعات الصغرى الإعتیادیة بتقدیرها. أما الإبسیلون () هو الخطأ العشوائی.

          وبما أنه فی هذا البحث سیتم اختبار وتحلیل ستة متغیرات فإن النموذج سیکون کالآتی:

For

 

          یقدم القسم التالی النتائج التجریبیة لنموذج OLS وذلک بعد شرح مفصل لنتائج مصفوفة الإرتباط واختبار جذر الوحدة (السکون) والتکامل المشترک.

یتم تحدید معنویة المعلمات من خلال قیمة P لإحصائیات t الخاصة بها ویمکن أن یکون مستوى الدلالة المعنویة 1٪ أو 5٪ أو 10٪. تدل فرضیة العدم على أن المعلمة لیست ذات معنویة  ویتم رفض هذه الفرضیة إذا کانت قیمة P أقل من مستوى الدلالة المعنویة.

تحلیل الارتبط    

یعد تحلیل الارتباط طریقة فعالة لتحدید العلاقة الخطیة بین متغیرین من حیث القوة والاتجاه. یمکن أن تکون القوة ضعیفة أو معتدلة أو قویة بناءً على قیمة معامل الارتباط . ویتم تفسیر اتجاه العلاقة بعلامة معامل الارتباط لتکون موجبة أو سالبة. لدراسة وجود هذه العلاقة الخطیة، فإن قیمة P لاختبار t هی العنصر الأساسی لتحدید معنویة هذه العلاقة الخطیة. تفترض فرضیة العدم أنه لا یوجد ارتباط خطی بین المتغیرات المعنی . یتم رفض هذه الفرضیة إذا کانت قیمة P أقل من مستوى الدلالة المعنویة .

قبل توظیف نموذج OLS یجب أن یتم عرض قوة العلاقة بین المتغیرات أولاً. حیث یساعد تحلیل الارتباط فی تحدید المتغیرات التی یمکن أن تتسبب فی مشکلة التعددیة الخطیة (Multicollinearity) فی النموذج، مما یؤدی إلى التأثیر على معنویة المتغیرات وبالتالی الوقوع فی أحد نوعی الأخطاء الإحصائیة. تمثل مصفوفة الارتباط احدى مناهج تحلیل الارتباط فی الجدول -1 . وتشیر النتائج یتبین أن الارتباط الخطی بین معظم المتغیرات محل دراسة هو ارتباط ضعیف. حیث أن قیمة معامل الإرتباط  للمتغیرات لم یتعدى 0.5 أی أن . وحتى المتغیرات التی لیس لدیها ارتباط خطی ضعیف فإنه لدیها ارتباط خطی متوسط لم یصل حتى إلى درجة الخطورة أی أن قیمة معامل الإرتباط لأی منهم لم تتعدى 0.7 أی أن . بالتحدید هناک متغیر النمو السکانی والذی یرتبط ارتباطا خطیا بنصیب الفرد من الناتج المحلی الإجمالی والذی سجلت قیمة معامل الإرتباط الخاص بهما 0.61-والتی تعد اکبر قیمة بین جمیع المتغیرات. ما یلی هذه القیمة من حیث الحجم هی قیمة معامل الإرتباط بین متغیر النمو السکانی والحریة الاقتصادیة والتی سجلت 0.51- أی أنها تدخل ضمن القیم ذات الدرجة المتوسطة ولکن بشکل لیس بالکبیر. وبناء علیه یمکن القول أن فرصة وجود مشکلة التعددیة الخطیة غیر واردة.

    إن قیم معامل ارتباط متغیرات النموذج یمکن تفسیرهم تفسیرا منطقیاً، لأنه بالنظر إلى معادلات وطریقة حساب المتغیرات فإن مؤشر الحریة الاقتصادیة، على سبیل المثال مبنی على أربعة متغیرات أساسیة وهم سلطة القانون وحجم الحکومة والکفاءة التنظیمیة والانفتاح على السوق. وبداخل کل واحد من هذه المتغیرات هناک مجموعة من العوامل التی تم تحدید قیمة لها بالاعتماد على عدة مصادر. تجدر الإشارة إلى ان مجموع هذه العوامل فی الأربع متغیرات هو 12 عامل ولکن لا یوجد أی عامل لدیه ارتباط خطی بنصیب الفرد من الناتج المحلی الإجمالی. لذلک فإن الارتباط الخطی ضعیف(0.22)بین نصیب الفرد من الناتج المحلی الإجمالی ومؤشر الحریة الاقتصادیة.

    هناک أیضا مؤشر الحریة السیاسیة ومؤشر الحریة الاقتصادیة اللذان یوجد بینهما ارتباط خطی ضعیف (0.08). هذه النتیجة تعکس مدى ضعف الارتباط الخطی للمؤشرین ببعضهما البعض من ناحیة عناصر المؤشرین. تجدر الإشارة إلى ان مؤشر الحریة السیاسیة هو مبنی على 10 متغیرات تم تحدید قیم لهم. وحتى مع وجود تشابه فی بعض متغیرات هذا المؤشر مع متغیرات مؤشر الحریة الاقتصادیة (على سبیل المثال سلطة القانون) فإن المنهجیة المستخدمة لحساب هذا المتغیر هی مختلفة فی المؤشرین وبالتالی حتى وإن وجد ارتباط بین المؤشرین فهو ضعیف جدا وهذا ما تؤکده نتیجة مصفوفة الارتباط. نتیجة هذه المصفوفة تتیح إجراء الإختبارات الأخرى للمتغیرات محل الدراسة بشکل آمن مع عدم القلق من احتمالیة وجود مشکلة التعددیة الخطیة بین أی من المتغیرات.

اختبارات جذر الوحدة والتکامل المشترک

جذر الوحدة هو واحد من القضایا الاقتصادیة القیاسیة التی تمنع عملیة التنبؤ من أن تتم بسهولة. تنشأ المشکلة عندما یقترب autoregressive-lagged value(s) من 1. ولقد تم تطویر العدید من الاختبارات فی الأدبیات للکشف عن جذر الوحدة فی أی سلسلة زمنیة. یستخدم اختبار دیکی-فولر لالتقاط تأثیر مشکلة جذر الوحدة (السکون). یتم إجراء الاختبار تحت مواصفات trend ،intercept. تفترض فرضیة العدم أن هناک جذر الوحدة فی السلسلة الزمنیة. بعبارة أخرى، یقال إن سلسلة زمنیة معینة خالیة من مشکلة جذر الوحدة عندما یتم رفض فرضیة العدم. ویظهر اختبار جذر الوحدة (جدول – 2) أن متغیر نصیب الفرد من الناتج المحلی الإجمالی ومؤشر الحریة السیاسیة لا یعانون من مشکلة جذر الوحدة أو بمعنى أخر فإن السلاسل الزمنیة لتلک المتغیرات هی ساکنة. تجدر الإشارة إلى أن کلا المتغیرین لا یعانون من جذر الوحدة عند مستوى دلالة معنویة 10%. أما باقی المتغیرات فإنها تعانی من جذر الوحدة حیث وجد انهم غیر ساکنین حتى عند مستوى دلالة 10%.

       هناک طریقتان للتعامل مع مشکلة جذر الوحدة هذه. الأولى هی تطبیق التحولات الإحصائیة من خلال حساب ال difference ،/ أو log على المتغیرات التی تعانی من جذر الوحدة حتى تصبح ساکنه. والطریقة الثانیة هی اختبار ما إذا کانت المتغیرات الساکنة والغیر ساکنة لدیها تکامل مشترک فیما بینها قبل اتخاذ أی قرار. فإذا وجد أنه لا یوجد تکامل مشترک فیما بین المتغیرات فیفضل تطبیق واحدة أو أکثر من التحولات الإحصائیة حتىتصبح المتغیرات کلها ساکنة قبل المتابعة فی تقدیر نموذج OLS. ولکن تجدر الإشارة إلى انه فی هذه الحالة ستصبح نتائج نموذج OLS معبرة فقط عن العلاقة قصیرة المدى بین المتغیرات ولیست طویلة المدى[2]. ولکن فی حالة أن جمیع المتغیرات لدیها تکامل مشترک فیما بینها فإنه لا توجد حاجة إلى إجراء أی تحولات إحصائیة للمتغیرات الغیر ساکنه کما أن نتائج النموذج ستعتبر حقیقیة ولیست زائفة. بعبارة أخرى فإن النموذج فی هذه الحالة یلتقط التوازن فی المدى الطویل بین المتغیرات.

وتعتبر عملیة التکامل المشترک ضروریة للتأکید على أن متغیرات الدراسة تتشارک فی نفس السلوک خلال الفترة الزمنیة المحددة. وتعنی المتغیرات المتکاملة أنها لا تبتعد عن بعضها البعض عبر الوقت، أو بمعنى آخر تصل إلى التوازن فی المدى الطویل. فعلى سبیل المثال، إذا کان نمو الناتج المحلی کان Cointegrated مع مؤشر الحریة الاقتصادیة فهذا یعنی أن کلا المتغیرین یشترکان فی نفس السلوک. وهذا یعنی أنه عندما یُظهِر الانحدار أن معامل مؤشر الحریة الاقتصادیة له علامة إیجابیة فإن هذا یعنی أنه عندما یزداد مؤشر الحریة الاقتصادیة فإن النمو فی الناتج المحلی الإجمالی یزید کذلک. فی الواقع، تساعد عملیة التکامل المشترک فی التعامل مع المتغیرات غیر الثابتة، حیث أنها تتجنب السقوط فی حالة الانحدار الزائف حیث تکون R-squared عالیة وتکون المعلمات ذات دلالة على الرغم من عدم وجود علاقة بین المتغیرات. ویتم إجراء اختبار جوهانسن لتحدید ما إذا کانت المتغیرات متکاملة أم لا. یتم رفض فرضیة العدم لعدم وجود التکامل المشترک عندما تکون قیمة P لإختبار جوهانسن أقل من مستوى الدلالة المعنویة .

ویظهر (الجدول – 3) أن هناک تکامل مشترک بین متغیرین على الأکثر مما یعنی أن أی نموذج یشمل هذه المتغیرات لن یؤدی إلى نتائج مزیفة بسبب مشکلة جذر الوحدة بل سیؤدی إلى نتائج حقیقیة. فی الواقع اختبار جوهانسن للتکامل المشترک یوضح کیف أن التکامل المشترک موجود بین متغیرین على الأکثر عند مستوى دلالة معنویة 5% وبین متغیر واحد عند مستوى دلالة معنویة 1%. وبناءً على هذه النتائج یمکن المتابعة فی تقدیر نموذج OLS بدون القلق من النتائج التی سیتوصل إلیها النموذج.

تقدیر نموذج المربعات الصغرى الإعتیادیة (OLS)

تظهر نتائج النموذج (الجدول-4) العلاقة بین المتغیرات المستقلة والمتغیر التابع أو نصیب الفرد من الناتج المحلی الإجمالی. ومن خلال النظر إلى إشارات المتغیرات یمکن القول أن جمیع المتغیرات المستقلة لدیها الإشارة المتوقعة منها سواء أکانت بالسالب، وهذا فی حالة النمو السکانی، أو بالموجب، کما هو الحال فی باقی المتغیرات.

          وبالتحول إلى قیمة المعاملات المختلفة فإنه من الملاحظ أن هناک متغیرین لدیهما تأثیر کبیر على نصیب الفرد من الناتج المحلی الإجمالی ألا وهما النمو السکانی أولا والحریة السیاسیة ثانیا. حیث أنه بناء على تقدیرات النموذج فإن النمو السکانی إذا ارتفع بنسبة 1% فإن النمو فی نصیب الفرد من الناتج المحلی الإجمالی سینخفض بنسبة 4.7%. ولکن على صعید أخر فإنه إذا ازدادت الحریة السیاسیة بنسبة 1% فإن نصیب الفرد من الناتج المحلی الإجمالی سیزداد هو الأخر وبنسبة 3.3%. الجدیر بالذکر أن نتائج هذه المتغیرات هی معنویة عند مستوى دلالة معنویة 1%.

 

     هناک أیضا معامل الاستثمار الأجنبی المباشر والذی سجل ثالث أکبر قیمة بین المعاملات والتی تخبر بأنه إذا ارتفع الاستثمار الأجنبی المباشر بنسبة 1% فإن نصیب الفرد من الناتج المحلی الإجمالی سیرتفع بنسبة 0.95%. أما بالنسبة لمتغیر إجمالی تکوین رأس المال الثابت فمن الواضح أنه إذا ارتفع بنسبة 1% فإنه سوف یؤثر على نصیب الفرد من الناتج المحلی الإجمالی بشکل إیجابی وبنسبة تتعدى 0.20%. تجدر الإشارة إلى أن نتائج هذه المتغیرات أیضا هی معنویة عند مستوى دلالة معنویة 1%.

    وأما بالنسبة لأخر متغیر وهو الحریة الاقتصادیة فإن نتائج النموذج تشیر إلى أنه إذا ارتفع بنسبة 1% فإن نصیب الفرد من الناتج المحلی الإجمالی سیرتفع هو الآخر ولکن بمقدار 0.012 أی أن هناک علاقة إیجابیة بین المؤشرین ولکن تأثیر الحریة الاقتصادیة على نصیب الفرد من الناتج المحلی الإجمالی هو صغیر نسبیا إذا تمت مقارنته بالمتغیرات الأخرى فی نفس النموذج. هذه النتیجة معنویة عند مستوى دلالة معنویة 5%.

بالنظر إلى قیمة مربع Rالمعدل (Adjusted R-squared)یمکن استنتاج أن المتغیرات المستقلة فی النموذج قادرة على تفسیر 37% من التغیرات فی نصیب الفرد من الناتج المحلی الإجمالی. هذه النتیجة تعتبر عادلة وغیر مبالغ فیها لأنها تظهر عدم معاناة النموذج لانحدار زائف قد یتسبب فی ارتفاع قیمة مربع R بصورة مبالغ فیها. ومن ناحیة الدلالة المعنویة للنموذج ککل، فبناء على تقدیرات النموذج یمکن استنتاج أن النموذج هو معنوی عند مستوى 1%.

الخاتمة

تهدف الدراسة إلى اختبار الفرضیة أن الحریة السیاسیة والاقتصادیة ذات تأثیر إیجابی ومعنوی على النمو الاقتصادی،بالتطبیق على الاقتصاد المصری. وقد استعرضت الدراسة مفهوم ومقاییس الحریة السیاسیة والحریة الاقتصادیة، والإطار الفکری لعلاقة الحریة السیاسیة بالاقتصادیة والتنمیة الاقتصادیة، والدراسة التطبیقیة لأثر الحریة على التنمیة الاقتصادیةبالاضافة الی قیاس أثر الحریة السیاسیة والاقتصادیة على التنمیة فی مصر. وقد تم اختبار الفرضیة من خلال استخدام نموذج قیاسی مناسب (OLS) خلال الفترة (1990-2017م).، وتم استخدام معدل نمو نصیب الفرد من الناتج المحلی الإجمالی کمتغیر تابع"، أما المتغیرات المستقلة فتمثلت فی "الحریة الاقتصادیة"؛ و"الحریة السیاسیة"؛ و"تکوین رأس المال الثابت کنسبة من الناتج المحلی الاجمالی"؛ و"الاستثمارات الأجنبیة المباشرة إلى الناتج المحلی الإجمالی"؛ بالإضافة إلى "معدل نمو السکان".

 

وتظهر نتائج النموذج إلى أن جمیع المتغیرات المستقلة لدیها الإشارة المتوقعة منها سواء أکانت بالسالب، وهذا فی حالة النمو السکانی، أو بالموجب، کما هو الحال فی باقی المتغیرات. کما تشیر قیمة المعاملات المختلفة أن هناک متغیرین لدیهما تأثیر کبیر على نصیب الفرد من الناتج المحلی الإجمالی ألا وهما النمو السکانی والحریة السیاسیة. حیث أنه بناء على تقدیرات النموذج فإن ارتفاع النمو السکانی بنسب معینة یؤدی الی انخفاض النمو فی نصیب الفرد من الناتج المحلی الإجمالی بنسب اعلی منه. کما أن ازدیاد الحریة السیاسیة یؤدی الی زیادة نصیب الفرد من الناتج المحلی الإجمالی بنسب اعلی منها. وسیؤدی زیادة الحریة الاقتصادیة وإجمالی تکوین رأس المال الثابت الی التأثیر الایجابی علی نصیب الفرد من الناتج المحلی الإجمالی ولکن بنسب اقل.  لکن من الناحیة الاخری ، اذا ارتفع الاستثمار الأجنبی المباشر فسیؤدی الی ارتفاع  نصیب الفرد من الناتج المحلی الإجمالی بنسب اقل منه.  وتشیر إلى قیمة مربع Rالمعدل الی أن المتغیرات المستقلة فی النموذج قادرة على تفسیر 37% من التغیرات فی نصیب الفرد من الناتج المحلی الإجمالی. هذه النتیجة تعتبر عادلة وغیر مبالغ فیها لأنها تظهر عدم معاناة النموذج لانحدار زائف قد یتسبب فی ارتفاع قیمة مربع R بصورة مبالغ فیها. ومن ناحیة الدلالة المعنویة للنموذج ککل، فبناء على تقدیرات النموذج یمکن استنتاج أن النموذج هو معنوی عند مستوى 1%.

ومن ثم توصلت الدراسة الی التحقق من صحة فرضیة وجود تأثیر ایجابی للحریة السیاسیة والحریة الاقتصادیة علی معدل النمو الاقتصادی. وبالتالی فإن الإعتماد علی اصلاح المتغیرات الاقتصادیة بدون بیئة حاضنة مناسبة – تتمتع بالحریة السیاسیة والاقتصادیة – لتفاعل تلک المتغیرات، لن تتحقق النتائج المرجوة من ذلک، وسوف یزداد الامر سواءاً، نتیجة التراکم، والإعتماد اکثر علی اصلاح المتغیرات الاقتصادیة مما سیؤدی الی زیادة الاثار الجانبیة من فقر وتضخم، بالاضافة الی ضعف تأثیر وفعالیة ادوات السیاسات الاقتصادیة سواء المالیة او النقدیة. 

 

 

 

 

 

 

 

الملحق

شکل 1: معدل نمو نصیب الفرد من الناتج المحلی الإجمالی

 

 

شکل 2: مؤشر الحریة الاقتصادیة فی مصر

 

 

شکل 3: مؤشر الحریة السیاسیة فی مصر

 

 

 

شکل 4: إجمالی تکوین رأس المال الثابت کنسبة من الناتج المحلی الإجمالی

 

 

شکل 5: معدل نمو السکان

 

 

شکل 6: الاستثمارات الاجنبیة المباشرة الی الناتج المحلی الإجمالی

 


الجدول – 1 : تحلیل الارتباط

Covariance Analysis: Ordinary

       

Sample: 1990-2017

       

Included observations: 28

       

Correlation Probability

           
 

GDP per Capita

Economic Freedom

FDI

Gross Fixed Capital

Political Freedom

Population Growth

GDP per Capita

1

         

Economic Freedom

0.220051

1

       

FDI

0.435934**

0.309869

1

     

Gross Fixed Capital

0.400796**

-0.451328**

0.279524

1

   

Political Freedom

-0.070408

0.080868

0.176714

-0.028116

1

 

Population Growth

-0.610107*

-0.519089*

-0.305997

-0.015529

0.263407

1

*, ** & *** refer to significance level of 1%, 5% and 10% respectively

   

 

(الجدول – 2): اخبارات جذر الوحدة

 

Dickey-Fuller Test

Test Statistic

P-Value

Economic Freedom

-1.095807

 0.9112

FDI

-3.060001

 0.1356

GDP per Capita

-3.30415

 0.0886***

Gross Fixed Capital

-2.850889

 0.1933

Political Freedom

-3.282451

 0.0906***

Population Growth

-3.15207

 0.1167

*, ** & *** refer to significance level of 1%, 5% and 10% respectively

 

 

 

 

 

 

 

 

(الجدول – 3): اخبارات التکامل المشترک

Sample (adjusted): 1992 2017

 

 

Included observations: 26 after adjustments

 

Trend assumption: Linear deterministic trend

 

Series: Economic Freedom FDI GDP per Capita Gross Fixed Capital Political Freedom Population Growth

Lags interval (in first differences): 1 to 1

 

Unrestricted Cointegration Rank Test (Trace)

 

Hypothesized

 

Trace

0.05

 

No. of CE(s)

Eigenvalue

Statistic

Critical Value

Prob.**

None *

 0.966584

 188.5276

 95.75366

 0.0000

At most 1 *

 0.839432

 100.1607

 69.81889

 0.0000

At most 2 *

 0.630700

 52.60572

 47.85613

 0.0168

At most 3

 0.443608

 26.70594

 29.79707

 0.1090

At most 4

 0.287955

 11.46262

 15.49471

 0.1846

At most 5

 0.096298

 2.632648

 3.841466

 0.1047

 

 

 

 

 

 Trace test indicates 3 cointegrating eqn(s) at the 0.05 level

 * denotes rejection of the hypothesis at the 0.05 level

 **MacKinnon-Haug-Michelis (1999) p-values

 

           

(الجدول – 4): تقدیرات النموذج

Dependent Variable: GDP per Capita

 

Method: Robust Least Squares

 

 

Sample: 1990 2017

 

 

Included observations: 28

 

 

Method: M-estimation

 

 

M settings: weight=Welsch, tuning=2.985, scale=MAD (median centered)

Huber Type I Standard Errors & Covariance

 

 

 

 

 

 

Variable                                        CoefficientStd. Error                                  z-Statistic Prob.  

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

Economic Freedom

0.012828

0.005331

2.406297

0.0161**

FDI

0.954169

0.138677

6.880491

0.0000*

Gross Fixed Capital

0.202396

0.011448

17.67908

0.0000*

Political Freedom

3.306781

0.996539

3.318266

0.0009*

Population Growth

-4.799182

0.198204

-24.21332

0.0000*

C

6.236893

0.678386

9.193724

0.0000*

 

Robust Statistics

 

 

 

 

 

 

 

R-squared

0.487133

    Adjusted R-squared

0.370573

Rw-squared

0.575578

    Adjust Rw-squared

0.575578

Akaike info criterion

23.50649

    Schwarz criterion

42.40715

Deviance

28.66082

    Scale

1.130799

Rn-squared statistic

2045.616

    Prob (Rn-squared stat.)

0.000000*

 

 

 

 

 

           

  *, ** & *** refer to significance level of 1%, 5% and 10% respectively

 

  • مراجع الدراسة

    • §        المراجع باللغة العربیة
    • § أسامة القاضی, إشکالیة الدیمقراطیةوالتنمیةالاقتصادیة فی العالم الإسلامی http://investigate-islam.com/al5las/showthread.php?t=3225, 8/4/2012
    • § ترکمانی، عبدالله، 2007، جدل التنمیة والدیمقراطیة فی العالم العربی وأفریقیا (1/3)،
    • § جیدتر، أنطونی  (1994)، بعیداً عن الیمین والیسار، مستقبل السیاسات الرادیکالیة، ترجمة شوقی جلال، عالم المعرفة، سلسلة الکتب الشهریة، الکویت، أکتوبر
    • § حسن، عمار علی حسن، التکافؤ الاقتصادی والدیمقراطیة، کراسات إستراتیجیة، مرکز الدراسات السیاسیة والإستراتیجیة بالأهرام، العدد 135 - ینایر 2004
    • § صن، امارتیا (2010) التنمیة حریة، ترجمة شوقی جلال، سلسلة العلوم الاجتماعیة، القراءة للجمیع، (2010).
    • § فریدمان، میلتون،  العلاقة بین الحریة الاقتصادیة والحریة السیاسیة، میلتون فریدمان، http://vb.arabsgate.com/showthread.php?t=481030، 4/6/2012
    • § القاضی، أسامه، 2002، إشکالیة الدیمقراطیة والتنمیة الاقتصادیة فی العالم الإسلامی، د. أسامة قاضی، رئیس منتدى الفکر والثقافة – میشغان، http://investigate-islam.com/al5las/showthread.php?t=3225, 4/5/2012
      • § کارل مارکس، کتاب رأس المال، الجزء الأول
      • § یُمنى الخولی (1998)، الطبیعیات فی علم الکلام: من الماضی إلى المستقبل، دار قباء، القاهرة،.
      • § یُمنى الخولی (2008) نشأة الفلسفة الإسلامیة کتطور لعلم الکلام ، مؤتمر الفلسفة فی الفکر الإسلامی: قراءة منهجیة ومعرفیة، أقامه المعهد العالمی للفکر الإسلامی بالتعاون مع الجامعة الأردنیة ووزارة الثقافة، عمان 29-30 أکتوبر.

    § الغباشی،  مختار حسن، الإصلاح السیاسی فی مصر والعالم العربی، http://kenanaonline.com/users/mokhtaralghobashy/topics/75777/posts/158351

    المراجع باللغة الإنجلیزیة

    Ake,C.,(2000), The Feasibility of Democracy in Africa, Dakar: Council forthe Development of Social Science in Africa.

    Alesina, A., et al, (1996). Political Instability and Economic Growth. Journal of Economic Growth, 1.

    Barro, R. J. (1996). Democracy and Growth. Journal of Economic Growth, 1.

    Bashir, M. F., & Xu, C. (2014). Impact of Political Freedom, Economic Freedom and Political Stability on Economic Growth. Journal of Economics and Sustainable Development, 5(22).

    Bayar, Y., & Aytemiz, L. (2015). Impact of Economic Freedom, Political Stability, And Economic Growth In The USA on Emerging Asian Economies. Actual Problems Of Economics, 6 (168).

    Bhalla, S. (1994), Freedom and Economic Growth: A Virtuous Cycle” Quated in Ake, op. Cit.

    Bollen, k. and Jakman, R., (1985) Political Democracy and the Size Distribution of Income”, American Sociological Review, 50.

    Coleman, J, “The Politics of Sub-Sahara Africa”, in G. Almond and J. Coleman ( eds). Politics of the Developing Areas, Princeton: Princeton University Press.

    Cutright, P. (1963), “National Political Development: Measurement and Analysis”, American Sociological Review, 28, (1960).

    Dahl, R., (1971) Polyarchy: Participation and Opposition, New Haven: Yale University Press

    Doucouliagos, C., & Ulubasoglu, M. A. (2006). Economic freedom and economic growth: Does Specification Make A difference? European Journal of Political Economy, 22.

    Economist Intelligence Unit (2010), Democracy index.   

    Farr, W. K., Lord, R. A., & Wolfenbarger, J. L. (1998). Economic freedom, Political Freedom, And Economic Well-Being: A Causality Analysis. CATO Journal, 18(2).

    GASIOROWSKI, M. J. (2000). Democracy and Macroeconomic Performance in Underdeveloped Countries An Empirical Analysis. Comparative Political Studies, 33(3)..

    Grossman, H. and Noh, S. , (1988) Proprietary Public Finance, Political Competition and Regulation, IMF Seminar series, No.8. Quoted in Ake.

    Gründlera, K., & Kriegerb, T. (2016). Democracy and growth: Evidence from a machine learning indicator. European Journal of Political Economy, 45, 85-107.

    Heckelman, J. C. (2000). Economic Freedom And Economic Growth: A Short-Run Causal Investigation. Journal of Applied Economics, III(1).

    http://www.fraserinstitute.org, 5/5/2012

    http://www.freedomhouse.org/, 5/5/2012

    http://www.heritage.org/, 5/5/2012

    [1]http://www.heritage.org/, 5/5/2012

    Hussain, M. E., & Haque, M. (2016). Impact of Economic Freedom on the Growth Rate: A Panel Data Analysis. Economies, 4(5).

    JuditKapás and PálCzeglédi (2007), op. cit

    JuditKapás and PálCzeglédi, (2007) Economic Freedom: A Hayekian Conceptualization,  New Perspectives on Political Economy, Volume 3, Number 2,

    Lipset, S., (1959) Some Social Requisites of Democracy: Economic Development and Political Legitimacy”, American Political Science Review, 53, (1959), PP. 69- 105.

    Lipset, S., (1960) Political Man: The Social Bases of Politics, Garden City, New York; Doubleday, (1960)

    Lipset, S., (1994) “The Social Requisites of Democracy Revisited”, American Sociological Review, 59, 1, (1994), PP. 1-22.

    Lipset, S., et al, (1993), A Comparative Analysis of the Social Requisites of Democracy”, International Social Science Journal, Vol. 136, (1993), PP. 155- 175.

     NICLAS BERGGREN, (2003) The Benefits of Economic Freedom, A Survey, The Independent Review, v. VIII, n. 2, Fall 2003, pp. 194– 195.

    Olson, M., (1191) Autocracy, Democracy and Prosperity, in R. J. Zeckhauser (ed.), Strategy and Choice, Cambridge, Mass: MIT Press. Quoted inAke.

    Przeworski, A., & Limongi, F. (1993). Political Regimes and Economic Growth. Journal of Economic Perspective, 7(3), 51-69.

    The Fraser Institute, Economic Freedom of the world, annual report, different issues.

    Veenhoven, Ruut (2000) Freedom and Happiness A comparative study in 46 nations in the early 1990's,   in: Diener, E. & Suh, E.M. (eds) 'Culture and subjective wellbeing' MIT press, Cambridge, MA USA, 2000, ISBN 0 262 041820

    Vega-Gordillo, M., & A lvarez-Arce, J. L. (2003). Economic growth and freedom: “A Causality Study”. CATO Journal, 23(2), 199-215.

    W. Ken Farr, etl (2000), Additional Evidence on the Linkages Between Economic Growth and the Institutions of Economic Freedom, Political Rights, and Civil Liberties , Western International Economics Association Annual Meeting Vancouver, B.C. pp.8

     

     



    [1] الثمن السیاسی هو اعادة انتخاب هذا النظام واستمراره فی الحکم عندما یحقق نتائج ایجابیة، او عدم انتخابه عندما یخفق فی تحقیق تلک النتائج

    [2]لإلتقاط العلاقة طویلة المدى بین المتغیرات سیتوجب تقدیر نموذج أخر وهو ال ECM أو نموذج تصحیح الخطأ وذلک بعد تقدیر نتائج نموذج OLS.