محددات ومداخل تطوير أداء الموارد البشرية ورؤية مستقبلية للتطوير: مدخل نظري

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

الجامعة الأمريکية بالقاهرة ،مصر / کلية الاقتصاد والعلوم السياسية ،جامعة القاهرة ،مصر

المستخلص

هدفت الدراسة لرسم صورة تقريبية بين مجال دراسة الموارد البشرية، وبين مجال السلوک التنظيمي ونظرية الإدارة کتخصصات أکاديمية تندرج في إطار العلوم الإدارية بوجه عام، ومنها سعى الباحثان للوقوف على عدد من المحددات المؤثرة على فاعلية أداء الموارد البشرية العاملة بالمنظمات على اختلاف أنواعها عامة وخاصة امکن للباحثين تصنيفها لمحددات تنظيمية على المستوى الکلى للمنظمة Macro level ومحددات فنية متخصصة ذات صلة مباشرة بساسات وممارسات إدارة الموارد البشرية التقليدية من أساليب الاستقطاب والاختيار والتعيين والتدريب وتقييم الأداء، ثم المحددات السلوکية على مستوى الأفراد وجماعات العمل أي على المستوى الجزئيMicro level، وصولاً لإطار مشترک يهدف لتطوير الأداء المستقبلي للمورد البشري بوصفه ميزة تنافسية مستدامة، مع صياغة عدد من التصورات لتعزيز دراسة إدارة الموارد البشرية کتخصص أکاديمي حيوي ضمن باقة العلوم الإدارية.

نقاط رئيسية

هدفت الدراسة لرسم صورة تقریبیة بین مجال دراسة الموارد البشریة، وبین مجال السلوک التنظیمی ونظریة الإدارة کتخصصات أکادیمیة تندرج فی إطار العلوم الإداریة بوجه عام، ومنها سعى الباحثان للوقوف على عدد من المحددات المؤثرة على فاعلیة أداء الموارد البشریة العاملة بالمنظمات على اختلاف أنواعها عامة وخاصة امکن للباحثین تصنیفها لمحددات تنظیمیة على المستوى الکلى للمنظمة Macro level ومحددات فنیة متخصصة ذات صلة مباشرة بساسات وممارسات إدارة الموارد البشریة التقلیدیة من أسالیب الاستقطاب والاختیار والتعیین والتدریب وتقییم الأداء، ثم المحددات السلوکیة على مستوى الأفراد وجماعات العمل أی على المستوى الجزئیMicro level، وصولاً لإطار مشترک یهدف لتطویر الأداء المستقبلی للمورد البشری بوصفه میزة تنافسیة مستدامة، مع صیاغة عدد من التصورات لتعزیز دراسة إدارة الموارد البشریة کتخصص أکادیمی حیوی ضمن باقة العلوم الإداریة.

 

 تطور مفهوم إدارة الموارد البشریة، محددات أداء الموارد البشریة، مداخل تطویر الموارد البشریة.

الكلمات الرئيسية


محددات ومداخل تطویر أداء الموارد البشریة ورؤیة مستقبلیة للتطویر: مدخل نظری

                                                

 

 

مستخلص:

 

هدفت الدراسة لرسم صورة تقریبیة بین مجال دراسة الموارد البشریة، وبین مجال السلوک التنظیمی ونظریة الإدارة کتخصصات أکادیمیة تندرج فی إطار العلوم الإداریة بوجه عام، ومنها سعى الباحثان للوقوف على عدد من المحددات المؤثرة على فاعلیة أداء الموارد البشریة العاملة بالمنظمات على اختلاف أنواعها عامة وخاصة امکن للباحثین تصنیفها لمحددات تنظیمیة على المستوى الکلى للمنظمة Macro level ومحددات فنیة متخصصة ذات صلة مباشرة بساسات وممارسات إدارة الموارد البشریة التقلیدیة من أسالیب الاستقطاب والاختیار والتعیین والتدریب وتقییم الأداء، ثم المحددات السلوکیة على مستوى الأفراد وجماعات العمل أی على المستوى الجزئیMicro level، وصولاً لإطار مشترک یهدف لتطویر الأداء المستقبلی للمورد البشری بوصفه میزة تنافسیة مستدامة، مع صیاغة عدد من التصورات لتعزیز دراسة إدارة الموارد البشریة کتخصص أکادیمی حیوی ضمن باقة العلوم الإداریة.

 

کلمات مفتاحیة : تطور مفهوم إدارة الموارد البشریة، محددات أداء الموارد البشریة، مداخل تطویر الموارد البشریة.

 

 

 مقدمة :

تحظى دراسات إدارة الموارد البشریة بأهمیة کبرى ضمن العلوم الإداریة بصفة عامة خاصة فی ظل ظروف التطور العلمی والتکنولوجی وزیادة النشاط الاقتصادی مع حدة المنافسة بین المشروعات الخاصة على اختلاف أنواعها، ومع التغیرات الکبرى التی شهدتها ولا زالت بیئات الأعمال فقد کان لزاماً على المنظمات أن تطور فی سیاساتها وممارساتها تجاه المورد البشری العامل لدیها بما یواکب حرکة التطورات الواسعة على کافة المستویات، مما استدعى ضرورة البحث عن مداخل غیر تقلیدیة لتعظیم الفائدة العملیة والتشغیلیة للمورد البشری، خاصة فی ظل تعاظم المشکلات المتعلقة بالأجور وزیادة معدلات الأسعار ودرجة تناسبها مع ما یتقاضاه المورد البشری من حوافز مادیة، حتى المورد البشری العامل داخل القطاع الحکومی لم یکن هو الآخر ببعید عن حرکة الإصلاح والتطویر، فبرزت معها سیاسات تطویر الموارد البشریة بالقطاع الحکومی من خلال إصلاح نظم الخدمة المدنیة.

وفی نفس الوقت لم تعد دراسات الموارد البشریة قاصرة فحسب على مجالات الاستقطاب والاختیار والتعیین ومسائل التدریب والحوافز المادیة وتقییم الأداء والترقی وسیاسات إنهاء الخدمة، صحیح أن تطویر سیاسات الموارد البشریة یستدعی البحث الدائم والدؤوب والمستمر عن کل ما هو جدید فی مجالات وأسالیب استقطاب المورد البشری وتدریبه، غیر أن الکثیر من الممارسات الإداریة فی عالم الیوم قد تؤثر إما سلباً أو إیجاباً على مجمل أداءات الموارد البشریة العاملة على اختلاف المستویات الإداریة، ومن ثم قد تثور العدید من العوامل والمؤثرات التنظیمیة والسلوکیة التی قد تحد کثیراً من فاعلیة الأداء التنظیمی للموارد البشریة.

تتیح الطبیعة البینیة لمجال دراسة الموارد البشریة أن یفید من کافة الدراسات والتخصصات الأخرى ذات الصلة بممارسات المورد البشری بالمنظمة، وما هذه الدراسة إلا محاولة متواضعة للتقریب بین مجال إدارة الموارد البشریة ونظریة الإدارة بما تستوعبه من مفاهیم ومداخل مستحدثة لتطویر الممارسات الإداریة التی یکون المورد البشری بمثابة جزء لا یتجزأ منها.

وفی نفس الوقت تأتی النظرة الإستراتیجیة المستقبلیة للمورد البشری کمیزة تنافسیة بل ومستدامة Sustainable Competitive Advantage  ، وهذه النظرة الإستراتیجیة لا تکتمل بغیر النظر للمورد البشری نظرة متکاملة من جمیع الزوایا والجوانب، إذ لا یکفی فقط مجرد الحکم على أداء المورد البشری وإنتاجیته بناء على کفاءة سیاسات التعیین والاختیار المتبعة لاستقطاب عناصر المورد، إذ أن هذه العوامل والمحددات إنما تأتی فی بدایة حیاة المورد البشری العملیة بالمنظمة أیاً کانت، غیر أنه تتکامل مع هذه العوامل سلاسل أخرى من المؤثرات التنظیمیة على المستوى الکلی للمنظمة، إلى عوامل ومحددات سلوکیة على مستوى الفرد العامل وجماعات أو فرق العمل، والتی تتخلل بدورها منتصف الحیاة المهنیة للعنصر البشری وحتى نهایتها بالمنظمة، وهو ما یسعى الباحثان لدراسته من خلال محاور البحث. 

 

المشکلة البحثیة

من خلال ما سبق، یثور لدى الباحثَینِ ثمة تساؤل رئیسی مفاده: أنه فی ظل تغیر النظرة للمورد البشری من النظرة التقلیدیة کأصل مملوک للمنظمة أو مجرد عنصر من عناصر الإنتاج والعمل إلى المورد البشری کمیزة تنافسیة مستدامة للمنظمة، فما هی طبیعة العوامل والمحددات التنظیمیة التی تؤثر على کفاءة أداء المورد البشری؟، وما هی المداخل المستقبلیة التی یمکن من خلالها تطویر أداء الموارد البشریة ؟.  

 

أهداف الدراسة

یسعى الباحثان للوصول للنقاط التالیة من خلال هذه الدراسة:

(1)   الإلمام بالتطورات التاریخیة التی ارتبطت بممارسات الموارد البشریة علماً وعملاً.

(2)   تحدید العوامل التی تؤثر على کفاءة أداء الموارد البشریة من محددات تنظیمیة وسلوکیة وفنیة بالمنظمات على اختلاف أنواعها وممارساتها.

(3)   الوقوف على المداخل المستقبلیة لتطویر أداء الموارد البشریة.

(4)   تقدیم عدد من المقترحات النظریة لتطویر دراسة الموارد البشریة کتخصص أکادیمی. 

 

مراجعة الأدبیات

سیطرت على الأدبیات المعنیة بدراسة مجال الموارد البشریة سمة البحث عن الاتجاهات الحدیثة فی إدارة الموارد البشریة اعتماداً على النظرة الإستراتیجیة لهذا المورد الحیوی، حیث توافر لدى الباحِثَینِ عدد من الأدبیات والدراسات التی یمکن تقسیمها إلى اتجاهین أساسیین على النحو التالی:

الاتجاه الأول: الدراسات التی رکزت على سیاسات الموارد البشریة بشکل متخصص.

الاتجاه الثانی: الدراسات التی رکزت على بعض المحددات التنظیمیة المؤثرة على کفاءة أداء المورد البشری.

 

 

 

الاتجاه الأول: الدراسات التی رکزت على سیاسات الموارد البشریة بشکل متخصص، ومنها:

دراسة د. سعید شعبان بعنوان "الاتجاهات الحدیثة لإدارة الموارد البشریة"، حیث رسم خلالها الباحث إطاراً نظریاً لمفهوم إدارة الموارد البشریة، مع التأکید على معنى المورد البشری کمیزة تنافسیة للمنظمة، مع إشارة خاصة لأبرز الاتجاهات الحدیثة فی مجال إدارة الموارد البشریة من حیث الربط بین مفهوم الموارد البشریة ومفاهیم کإدارة الجودة الشاملة، ورأس المال الفکری، التمکین الإداری، التسویق الداخلی، الحکومة الإلکترونیة، ونموذج فلسفة الإدارة الیابانیة فی مجال إدارة الموارد البشریة، مع التطبیق على الحالة المصریة.([1])

دراسة الباحثة مروة محمد بعنوان "الاتجاهات الحدیثة فی إدارة الموارد البشریة: ممارسات إدارة الموارد البشریة وأثرها على العاملین بالمنظمة (القدرة – التمیز- المشارکة) باستخدام نموذج AMO "، والتی رکزت على مسألة تمکین العاملین من الموارد البشریة الماهرة من خلال صقل قدراتهم ومواهبهم باستخدام افضل أدوات ووسائل التدریب الحدیثة، ومن ثم تمکینهم إداریاً من خلال إشراکهم فی عملیة صنع القرار، کما أشارت الباحثة إلى أن مجرد الاختیار السلیم للمورد البشری العامل لا یکفی وحده للوصول لأفضل النتائج من حیث مخرجات الأداء التنظیمی، وإنما یجب تهیئة البیئة وعوامل المناخ التنظیمی بما ینعکس إیجاباً على فاعلیة المورد البشری.([2])

دراسة د.محمد علی عبد الوهاب، بعنوان "إدارة الموارد البشریة وأهمیتها فی تطویر الإدارة"، والتی عرضت بدورها عدداً من المفاهیم الحدیثة عن مجال الموارد البشریة، مع الإشارة للمهام الحدیثة لممارسات إدارات الموارد البشریة بالمنظمات المعاصرة مقارنة بالمهام والأعباء التقلیدیة لها، مع اقتراح نموذج نظری یعکس تصوراً لما یجب أن تکون علیه ممارسات الموارد البشریة فی المستقبل بالربط بینه وبین الاتجاهات الحدیثة.([3])

دراسة John E. Delery and Dorothea Roumpi, " Strategic human resource management, human capital and competitive advantage: is the field going in circles?" ، قدمت هذه الدراسة تحلیلاً لممارسات إدارة الموارد البشریة من حیث التأکید على مسألة الربط بین مفهوم رأس المال الفکری أو البشری، وبین إعادة النظرة للمورد البشری بوصفه " میزة تنافسیة مستدامة " للمنظمات المعاصرة، مع رسم إطاراً نظریاً تحلیلیاً یعالج هذه المسألة، تدعیماً لاتجاه الإدارة الإستراتیجیة للموارد البشریة.([4])

 

الاتجاه الثانی: الدراسات التی رکزت على بعض المحددات التنظیمیة المؤثرة على کفاءة أداء المورد البشری، ومنها:

دراسةS. Shekhar  بعنوان " Managing the Reality of Virtual Organizations, Management for Professionals" ، والتی عالج من خلالها  بعض التطبیقات الحدیثة المتعلقة بالأداء التنظیمی ذات الصلة بأداء المورد البشری العامل من مفاهیم مرتبطة بالمنظمات الافتراضیة وفکرة العمل عن بعد، وأشار إلى أن فکرة البُعد هنا قد لا تتجسد فقط من خلال بعد المسافة أو البُعد الجغرافی اللوجستی، بل البُعد فی القیم والأفکار وقیم المجتمع ومستویات الثقافة التنظیمیة، ومستویات الثقة التنظیمیة وهی کلها عوامل سلوکیة من شانها التأثیر على مستویات کفاءة الموارد البشریة العاملة بالمنظمات.([5])

دراسة Irina V. Popova-Nowak and Maria Cseh, The Meaning of Organizational Learning: A Meta-Paradigm Perspective" ، قدمت الباحثة من خلال هذه الدراسة إطاراً للإفادة من تطبیق مفهوم التعلم التنظیمی ضمن ممارسات إدارة الموارد البشریة المعاصرة، بدءاً بتعریف عملیة التعلم التنظیمی ومراحلها والمشکلات التی تعتریها مروراً بمحاولة صیاغة تصور فلسفی لمراحل ما بعد إتمام عملیة التعلم التنظیمی، ومن ثم انعکاسات ذلک الأمر على ممارسات وأداء الموارد البشریة العاملة بالمنظمة.([6])

دراسة William R. King, "Knowledge Management  and Organizational Learning " ، ربطت هذه الدراسة بین مسألة التعلم التنظیمی وبین مدخل إدارة المعرفة بالمنظمات من حیث الإشارة لعوامل الارتباط بین کلا المدخلین، وقد أفاد الباحثان من هذه الدراسة من حیث الربط بین هذه المداخل الحدیثة وبین ممارسات إدارة الموارد البشریة بما ینعکس على کفاءة أدائها، فهی فی المحصلة النهائیة مداخل لها علاقة مباشرة بتنمیة وتطویر لیس فحسب القدرات التنظیمیة فحسب، بل وقدرات المورد البشری العامل أیضاً.([7])

دراسة Nick Petrie ، بعنوان " Future Trends in Leadership Development" ، حیث حاول من خلالها الباحث تقدیم رؤیة لتطویر قیادات المستقبل من الأجیال الشابة حیث تنمیة المهارات القیادیة لمدیری المستقبل، مبیناً المراحل المختلفة لبناء قادة الصف الثانی أفقیاً ورأسیاً، وما یحیط بهذا المفهوم من صعوبات، مع عرض بعض النماذج والحالات التطبیقیة المرتبطة بهذه الممارسات الداعمة لسیاسات الموارد البشریة على المستویات القیادیة بالمنظمات.([8])

          أیضاً دراسة الباحثة عزیزة عبدالرحمن عبدالله صیام، بعنوان" واقع تطبیق نظام إدارة المواهب البشریة من وجهة نظرالإدارة الوسطى والعلیا: دراسة حالة الجامعة الإسلامیة بغزة"، ومن خلالها أشارت الباحثة لعدد من المفاهیم والمداخل الحدیثة المتعلقة بممارسات إدارة الموارد البشریة من خلال استعراض مفهوم "إدارة المواهب البشریة" من حیث التعریف والمراحل والأهمیة والمکونات أو العناصر التی تمر بها هذه العملیة مع الإشارة لعدد من النماذج التطبیقیة الناجحة فی هذا المجال.([9])

تعلیق الباحِثَینِ على الأدبیات السابقة:

قدمت الأدبیات والدراسات العلمیة سالفة البیان العدید من المداخل التطویریة الحدیثة ذات الصلة بمفاهیم إدارة الموارد البشریة وممارساتها وأداء المورد البشری العامل، وهو ما ساعد الباحِثَینِ کثیراً خاصة فی صیاغة النموذج المقترح لمداخل تطویر إدارة الموارد البشریة مع مراعاة إضافة أبعاد جدیدة لمداخل التطویر من وجهة نظر الباحِثَینِ.

لکن مع هذا یرتئی الباحثان أنه لکی تکتمل وتکلل جهود مداخل تطویر أداء المورد البشری بالنجاح المنشود، فلا غِنى للمنظمة أیاً کان نوعها عن السیطرة بدرجة ما أو بأخرى على مجموعة من المحددات الحاکمة قُبُلاً لأداء الموارد البشریة سواء کانت هذه المحددات نابعة من المستوى التنظیمی الکلی للمنظمة أو من المستوى الجزئی حیث السلوک التنظیمی وممارساته وإشکالیاته وما یرتبط به من عوامل قوة أو إضعاف بیِن لمجریات الأداء التنظیمی وأداء المورد البشری، وهو ما یسعى الباحثان لبلورته بشکل واضح من خلال محاور الدراسة کما سیتضح.

التساؤلات البحثیة

یندرج تحت التساؤل الرئیسی الذی تحاول الدراسة الإجابة علیه عدد من التساؤلات الفرعیة على النحو التالی:

(1)   ما هی أبرز المحطات التاریخیة التی مر بها مفهوم إدارة الموارد البشریة عبر مدارس تطور الفکر الإداری؟

(2)   إلى أی مدى تؤثر العوامل والمحددات التنظیمیة والسلوکیة على مستوى کفاءة أداء الموارد البشریة ؟

(3)   ما هی أبرز الاتجاهات المستقبلیة الاهدفة لتطویر أداء الموارد البشریة والصالحة للتطبیق؟

(4)   ما هی الوسائل التی یمکن الاستعانة بها بهدف تطویر مجال إدارة الموارد البشریة کتخصص أکادیمی؟

منهاجیة الدراسة

الاقتراب المستخدم:

قام الباحثان بتوظیف المنهج الوصفی التحلیلی کاقتراب مستخدم للدراسة بهدف وصف المحطات التاریخیة المختلفة التی مر بها تطور ممارسات إدارة الموارد البشریة، إلى جانب الإفادة من فرضیات منهج تحلیل النظم للوقوف على طبیعة مدخلات أداء المورد البشری العامل بالمنظمات من محددات فنیة متخصصة ومتعلقة بصمیم ممارسات إدارات الموارد البشریة إلى جانب المحددات التنظیمیة والسلوکیة المؤثرة فی هذا الاتجاه، إلى جانب استعراض عدد من الاتجاهات التطویریة المغذیة لأداء المورد البشری.

وفیما یلی یستعرض الباحثان محاور الدراسة بقدر من التفصیل على النحو التالی ..

المحور الأول :التطور التاریخی لمفهوم إدارة الموارد البشریة

مر مفهوم إدارة الموارد البشریة بعدة مراحل تاریخیة ، حیث یرجح الکثیر من الکتاب والمفکرین فی مجالی العلوم الإداریة بشکل عام وإدارة الموارد البشریة بشکل خاص أن أول ظهور لممارسات هذا المفهوم عملیاً على نحو علمی متخصص یرجع إلى بیئة الثورة الصناعیة، ویمکن إیجاز أهم المحطات التاریخیة التی تطور خلالها على النحو التالی:

المرحلة الأولى : تطور الحیاة الصناعیة الغربیة وظهور تأثیر الثورة الصناعیة:

کانت الأنشطة الصناعیة قبل الثورة الصناعیة تمارس یدویاً فی المنازل وبأدوات بسیطة محصورة فی نظام الطوائف المتخصصة لذا بدأت المشاکل الإنسانیة المتعلقة بجانب الموارد البشریة مع البدایات الأولى لعصر النهضة الصناعیة التطور الصناعی([10]) ، مما دعا إلى ظهور توظیف الکثیر الأیدی العاملة المتخصصة فی النشاط الصناعی بدرجة کبیرة وبأعداد کبرى خاصة مع تنامی الصناعات کثیفة الاستخدام للطاقة البشریة من العمالة الماهرة والمدربة، ومنها بدأت الکثیر من ممارسات إدارة الموارد البشریة فی الظهور خاصة مع ما صاحبها من مشکلات تنظیمیة واجتماعیة وإنسانیة شابت أداء الموارد البشریة العاملة والتی استدعت بالضرورة التعامل معها بمستوى الحرفیة المطلوبة خاصة فی ظل ما یستهلکه المورد البشری من موارد المنظمة المادیة کالأجور والحوافز بدرجة کبیرة خاصة مع احتیاج المصانع إلى أعداد کبیرة من العاملین ذوی المهارات لتشغیل الآلات فی بادیء الأمر.([11])

ومع إحلال الآلة محل الإنسان تدریجیاً، بدأت ممارسات الموارد البشریة تأخذ فی الحسبان مسألة التقدیر الدقیق لأعداد

الموارد البشریة العاملة بالمنظمات الصناعیة  تحت تأثیر العدید من المتغیرات منها على سبیل المثال:

  • ·         زیادة التوسع فی استخدام الآلات وإحلالها محل العمال .
  • ·         ظهور مبدأ التخصیص وتقسیم العمل .
  • ·         إنشاء المصانع کبیرة الحجم ومتعددة النشاط.
  • ·         مع التطور التدریجی للفن الإنتاجی المستخدم والعامل التکنولوجی حلت الآلة مکان العامل وأصبح العامل فى نظر الإدارة مجرد سلعة تباع وتشترى.([12])

المرحلة الثانیة : حرکة الإدارة العلمیة وإسهامات التیار الکلاسیکی (فریدریک تایلور)

تمیزت هذه المرحلة باهتمامها بتحدید المواصفات اللازم توافرها فی العاملین، وتحدید مستوى القدرات والمهارات الحاکمة لأداء العامل، بالإضافة إلى اهتمامها بالدراسات والبحوث التی ترکز على زیادة الإنتاجیة وأداء الوظیفة بأفضل الطرق المناسبة، کذلک عملیات تدریب العاملین وتطویر الأداء وصولاً للمستوى المطلوب.

یعتبر ظهور حرکة الإدارة العلمیة من عام 1890م حتى بدایة الحرب العالمیة الأولى حیث إسهامات فردریک تایلور، المعروف " بأبو الإدارة العلمیة" من التطورات الهامة التی ساهمت فی ظهور أهمیة إدارة الموارد البشریة ، حیث تعتبر المبادیء العلمیة التی أرساها تایلور بمثابة حجر الأساس لکثیر من مملرسات الموارد البشریة فی الوقت الحالی من خلال تأکیده على الآتی:([13])

  • ·         مسألة الاختیار العلمی للأفراد بعد التأکد من تأهیلهم المناسب وامتلاکهم القدرات والمهارات اللازمة لتحمل عبء ومسؤولیة الوظیفة.([14])
  • ·         الاهتمام بتعلیم وتنمیة وتطویر الموارد البشریة.
  • ·         التعاون الحقیقی بین الإدارة والموظفین.
  • ·         التأکید على فکرة الحافز المادی کأداة لرفع مستویات الأداء الفردی.
  • ·         التأکید على التطویر الحقیقی للإدارة من خلالاستبعادالأسالیب التجریبیة والعشوائیة فی الإدارة التی تعتمد على التخمین والتجربة والخطأ وتبنی الأسالیب العلمیة المنطقیة.([15])

وبالرغم من أن هذه الأسالیب والمبادیء تبدو للقاریء بمثابة مبادیء بدیهیة، إلا أنها کانت فی حینها تعد بمثابة ثورة کبیر فی عالم الإدارة وممارسات الموارد البشریة بالمجتمعات الغربیة حدیثة العهد بالتصنیع المتقدم.

المرحلة الثالثة : نمو المنظمات العمالیة وبوادر تیار المدرسة السلوکیة فی إدارة الموارد البشریة

یرى الکثیر من المتخصصین فی دراسات الموارد البشریة  أن ظهور النقابات والاتحادات العمالیة کانت نتیجة مباشرة لممارسات أرباب العمل السلبیة تجاه المورد البشری من استغلال للجهود وعدد ساعات العمل المفرطة دون مقابل عن الساعات الزائدة عن المعدل الطبیعی، مما استدعى وجود تنظیماتتهدف للدفاع عن مصالح وحقوق المورد البشری دون افتئات وذلک من جمعیات ونقابات مهنیة وعمالیة، حیث مارست دورها من خلال الدعوات المتصاعدة لزیادة أجور العمال وخفض ساعات العمل، تحسین ظروف العمل ومنح العمال الحق فى التعبیر عن حقوقهم والمطالبة بها حیث أصبح الإضراب عن العمل والمقاطعة کوسائل للضغط فی مواجهة الممارسات الجائرة فی حق المورد البشری العامل.([16])

المرحلة الرابعة : الحرب العالمیة الأولى

اتصالاً مع ما سبق من المرحلة السابقة ، فقد دأبت أقسام إدارة شئون الأفراد على تنظیم شئون العمال والموظفین بالمنظمات الصناعیة فی الفترة قبل الحرب العالمیة الأولى حیث کانت مهامها متابعة سجلات العاملین المتضمنة المعلومات الأساسیة والمتعلقة بالوظیفة من خلال تاریخ التعیین فی العمل، المعلومات الصحیة عن العاملین، مراجعة وتقییم الأداء، کما اهتم قسم شئون الأفراد فی هذه الفترة بإدارة نظم الأجور والتعیین ومتابعة العاملین ذوی الأداء المنخفض.

 وفى مرحلة ما بعد الحرب العالمیة الأولى،ازدادت مجالات الاهتمام بالرعایة الاجتماعیة والصحیة للعمال حیث أنشئت الکثیر من المراکز للخدمات الاجتماعیة والترفیهیة والتعلیمیة، ولقد اعتبرت هذه المراکز بمثابة البدایة الأولىلظهور وظیفة إدارة الموارد البشریة بالمعنى الحدیث، بالترکیز على البعد الإنسانی والاجتماعی للعاملین بالمنظمات، وقد أظهرت الحرب العالمیة الأولى الحاجة إلى استخدام طرق وأسالیب جدیدة لاختبار الموظفین قبل تعیینهم تفادیا لعوامل القصور فی أداء المورد البشری بعد التوظیف، هذا إلى جانب لإفادة إدارات الموارد البشریة من تطورات الإدارة العلمیة ونظم التدریب ومبادیء علم النفس الصناعی. ([17])

المرحلة الخامسة : ممارسات إدارة الموارد البشریة ما بین الحرب العالمیة الأولى والحرب العالمیة الثانیة وانطلاق تیار المدرسة السلوکیة (حرکة العلاقات الاجتماعیة والإنسانیة)

بدأت الشرکات فى مرحلة الحرب العالمیة الأولى والثانیة بدراسة العلاقة بین مشارکة العاملین فی اتخاذ القرار ورضائهم الوظیفی،  وکان الترکیز فى هذه الفترة على دراسة معدلات الغیاب ومعدلات دوران العمال، وبدأت تظهر أکثر جهود ونفوذ النقابات العمالیة لمصلحة العاملین بهدف تطویر وسائل التعامل مع إدارة المورد البشری وضماناً لحقوقه، من حیث التأکید على ضرورة إتاحة الفرصة لهم للمشارکة فی عملیات صنع القرار مع الإدارة العلیا وتحملهم لمسئولیة هذه القرارات على نتائج أعمالهم.

وشهدت  نهایة العشرینات وبدایة الثلاثینات من القرن بعض التطورات فی مجال العلاقات الإنسانیة من خلال الاهتمام بالدراسات السلوکیة والنفسیة للعاملین، وترسیخ مبدأ رضاء العاملین من خلال توفیر الظروف المناسبة للعمل ، حیث کانلتجارب مصانعالهاوثورن بالولایات المتحدة الأمریکیة التی أجریت فی ویسترن الیکتریک عام 1927م بواسطة إلتون مایو آثاراً عظیمة لتأکید هذه المعانی والکثیر من افتراضات التیار السلوکی فی إدارة الموارد البشریة ونظریات السلوک التنظیمی من خلال التأکید على البعد الإنسانی والاجتماعی فی ممارسات إدارة الموارد البشریة. ([18])

المرحلة السادسة : إدارة الموارد البشریة من بعد فترة الحرب العالمیة الثانیة وحتى الوقت الحاضر

أما فى مرحلة ما بعد الحرب العالمیة الثانیة حتى وقتنا هذا، فقد کان لزاماً على إدارات الموارد البشریة أن تلتزم وتراعی ما تصدره الدولة من قوانین وتشریعات راعیة لحقوق العمال وواجباتهم، وممارسات أصحاب العمل، کما اتسع نطاق أعمالها فأصبحت مسئولة عن تدریب وتنمیة مهارات العاملین وتحفیزهم وإعداد الدراسات والتوصیات المتعلقة بتحدید الحد الأمثل لأجر العامل ومنظومة حوافزه المادیة وغیرها من المزایا، إضافة إلى إعداد الاختبارات النفسیة والسلوکیة للمتقدمین لشغل الوظائف، تصنیف العاملین وفقاً لمستویات قدراتهم ومهارتهم ضماناً لوضعهم فى المکان المناسب وفقا للسمات العقلیة والنفسیة والجسمانیة، هذا بالاضافة إلى اهتمام إدارة الموارد البشریة بمسائل تدعیم قیم الولاء الوظیفى والعدالة التنظیمیة والثقة بین العاملین والقادة من خلال الترکیز على مدخل العلاقات الإنسانیة وعلاقات العمل الرأسیة والأفقیة.([19])

یتضح من خلال ما سبق، أن مفهوم إدارة الموارد البشریة وما ارتبط به من ممارسات وأنشطة قد تأثر کثیراً بالعدید من الأحداث الکبرى سواء على مسرح البیئة المحلیة أو البیئة الدولیة للأنظمة الإداریة التی شهدت البدایات الأولى لانطلاق هذه المفهوم، حیث تنامى وتطور على مدار عدة عقود عدة من منطلق أنه یمثل حجر الزاویة فی سبیل الأداء الجید للمنظمات ومستوى إنتاجیتها على المدى القریب والبعید وقدرتها على التنافس فی عالم یتسم بظروف عدم التأکد والمخاطرة لاسیما فی بیئة الأعمال.

کان هذا عرضاً موجزاً للتطور التاریخی لمفهوم إدارة الموارد البشریة على امتداد مدارس تطور الفکر الإداری..

ینتقل الباحثان الآن لمناقشة العوامل المرتبطة بتطویر أداء الموارد البشریة العاملة بالمنظمات على اختلاف أنواعها، بوصفها میزة تنافسیة إستراتیجیة للمنظمة على المدى البعید، حیث تستدعی النظرة الإستراتیجیة الحدیثة لإدارة الموارد البشریة الأخذ فی الحسبان عاملین أساسیین:

(1)   ماهی طبیعة المحددات المؤثرة على کفاءة أداء المورد البشری العامل بالمنظمة على اختلاف المستویات الإداریة؟

(2)   ما هی المداخل التطویریة التی یمکن توظیفها لرفع انتاجیة المورد البشری المعاصر بوصفه میزة تنافسیة مستدامة؟ ، وهو ما یقودنا بالتبعیة إلى المحور التالی:

 

المحور الثانی: بعض المحددات الحاکمة لنشاط أو أداء الموارد البشریة

تتطلب الإدارة الفعالة للموارد البشریة من المنظور الإستراتیجی الإلمام بتطبیق عدد من المداخل التطویریة لرفع کفاءة هذا المورد إلى جانب السیطرة على عدد من المحددات الحاکمة لنشاط المورد البشری قُبُلاً، إذ لابد من فتح المجال وتهیئة السبیل أولاً أمام أیة محاولة للإصلاح أو التطویر لاسیما فیما یتعلق بإدارة المورد البشری، فما لم تکن عوامل البیئة التنظیمیة مواتیة بشکل کافی لاستیعاب أی سیاسات جدیدة لتطویر المورد البشری سواء على المستوى الکلی أو الجزئی للمنظمة، ربما أدى هذا للحد کثیراً من فاعلیة جهود التطویر.

ومع هذا ربما یتصور البعض أو یعتقد بإمکانیة اختزال سیاسات إدارة الموارد البشریة بالمنظمات على اختلاف أطیافها– عامة أو خاصة أو غیر حکومیة – فی مجرد الحدیث عن أسالیب استقطاب واختیار وتعیین المورد البشری، صحیح أن نظم الاختیار والتعیین وتصمیم بطاقات الوصف الوظیفی وتوصیف الوظائف، ووضع جداول الأجور والحوافز المادیة، واقتراح برامج التدریب ورفع وبناء قدرات المورد البشری العامل إلى جانب أسالیب تقییم الأداء – هی کلها من صمیم عمل واختصاص إدارة الموارد البشریة فی صورتها التقلیدیة والمألوفة الموجودة فی منظمات الیوم، ولکن الحدیث عن مسألة أداء المورد البشری من حیث الکفاءة والفاعلیة والإنتاجیة هی مسألة أکثر تعقیداً من هذا، لأنه تتحکم بها العدید من العوامل والمؤثرات والمحددات التی قد لا تکون خاضعة بالضرورة فی کل زوایاها لممارسات الموارد البشریةالمعهودة، فهناک ثمة احتمالات کبرى أن تتبنى المنظمات أسالیب محکمة لاستقطاب وتعیین أفضل العناصر من ذوی الخبرات والمواهب، غیر أنه قد یتداخل مع ذلک عدة محددات أخرى من شأنها عرقلة الأداء الفاعل للمورد البشری سواء کانت هذه المحددات نابعة من المستوى التنظیمی الکلی، أو حتى محددات سلوکیة تتسم بالطبیعة الجزئیة على مستوى الأفراد أنفسهم من عناصر الموارد البشریة فی المستویات الإداریة العلیا أو المتوسطة أو حتى المباشرة ذات الاحتکاک المباشر مع جمهور المتعاملین مع المنظمة، حیث تتداخل فیها عوامل الصراع التنظیمی أو مسائل الإدراک والشخصیة والدافعیة للعمل أو مسائل الفروق الفردیة والرضا الوظیفی وغیرها من المفاهیم السلوکیة النابعة من تیار دراسات السلوک التنظیمی.

انطلاقاً مما سبق، یمکن القول بأن النظرة الإستراتیجیة لتطویر أداء الموارد البشریة بالمنظمات هو أمر یستدعی لیس فقط الإلمام الوافی بالمحددات الفنیة المتعلقة بأسالیب الاستقطاب والاختیار والتعیین، بل هی مسالة تتعدى ذلک بکثیر لتأخذ فی الحسبان العدید من العوامل والمحددات المؤثرة على کفاءة وأداء المورد البشری على الأجلین القصیر والبعید، ویمکن بیان ذلک على النحو التالی:

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

شکل رقم (1) : محددات أداء المورد البشری

المصدر : الباحثان.

 

1- فمن حیث المحددات التنظیمیة على مستوى المنظمة ککل:

تتأثر ممارسات الموارد البشریة على أرض الواقع إلى حد کبیر بالعدید من المتغیرات، فعلى سبیل المثال یلعب المتغیر القیادی دوراً کبیراً فی التأثیر على أداء الموارد البشریة مهما کانت درجة کفاءة المورد البشری العامل وحسن اختیاره، فالأسلوب القیادی الذی یتفاعل من خلاله الرئیس مع المرؤوسین کفیل بدفع کفاءة الأداء إما للأمام أو للخلف وفقاً لدرجة التمکین التی یتیحها القائد لمرؤسیه، ودرجة مشارکتهم فی صنع القرارات الإداریة، تشارک الخبرات والمعارف الإداریة معهم، خلق قادة صف ثان منهم، سمات القائد وخصائصه النفسیة والعقلیة والذهنیة، أسلوبه فی التعامل من حیث السلطویة والمرکزیة الشدیدة أو الدیمقراطیة واللامرکزیة، حرصه على العدالة التنظیمیة وإحساس المورد البشری بالرضا والمواطنة التنظیمیة، الطبیعة الکاریزمیة التی یتحلى بها القائد من عدمه، قوة الشخصیة، السمة الإنسانیة، حسن تفاعله مع التنظیم غیر الرسمی الموجود بالمنظمة، القیادة التحویلیة الداعمة للتغییر وأسلوب إدارتها للتغییر وفرضها لسیاسات التطویر والمبادأة بها مع الأخذ فی الحسبان العوامل المعوقة له لاسیما أصحاب المصلحة من الموارد البشریة العاملة بالمنظمة.

کما یتأثر أداء المورد البشری بالمناخ التنظیمی السائد بالمنظمة ونوع البیئة المادیة والفیزیائیة التی یباشر بها أعماله ومهامه، فإذا ما کان المناخ التنظیمی مواتی قدر الإمکان لأداء الأعمال والأنشطة کلما کانت إنتاجیة المورد البشری أعلى وأفضل، خاصة من حیث طبیعة النشاط الذی یؤدیه المورد البشری من حیث کونه نشاط إنتاجی میکانیکی روتینی متکرر أم نشاط ذهنی یتطلب أعلى درجات الترکیز العقلی والإبداع کالصناعات الإلکترونیة والمخطوطات والتصامیم الفنیة، کذلک درجة تناسُب الظروف البیئیة التنظیمیة مع الخلفیة الاجتماعیة والثقافیة والحضاریة والتعلیمیة التی ینحدر منها المورد البشری تلعب دوراً کبیراً من حیث درجة انسجامه مع طبیعة مهنته.([20])

یشیر مفهوم الثقافة التنظیمیة إلى جملة الخبرات والمفاهیم والاعتقادات والعادات والتقالید والقیم التی تسود بیئة العمل التنظیمیة، وهی بطبیعة الحال یفترض أن تکون صورة مصغرة من ثقافة المجتمع ککل، غیر أنها تضیف إلى ذاتها بعض الملامح واللمسات الخاصة التی تجعلها سمة ممیزة لجوهر المنظمة السائدة بها تمیزاً لها عن سائر المنظمات الأخرى المنافسة أو القریبة الشبه بها على الأقل من حیث النشاط، ومن ثم یکون على إدارة الموارد البشریة أن تبذل بعض الجهود من أجل التنشئة التنظیمیة السلیمة للمورد البشری حدیث العهد بها لضمان استیعابه بشکل کامل للثقافة التنظیمیة الجدیدة التی یفترض به أن یتشبع بها على نحو ینسجم مع خلفیاته الثقافیة والحضاریة والاجتماعیة لاسیما فی حالة الکیانات التنظیمیة متعددة الجنسیات، لیس هذه فحسب بل ضرورة الموائمة بین ثقافة المورد البشری الحالیة بالمنظمة التی یلتحق بالعمل بها للمرة الأولى من ناحیة، وبین الثقافة التنظیمیة التی سبق أن تشبع بها حال عمله فی منظمات أخرى سابقة قبل التحاقه ببیئة العمل الجدیدة بمتغیراتها المستحدثة، ویزداد الأمر تعقیداً إذا ما صادف أن المؤثرات البیئیة والثقافیة التی شابت خبرات المورد البشری سابقاً بالمنظمات سابق العمل بها هی أکثر تقدماً وحنکة من تلک المؤثرات للبیئة التنظیمیة الجدیدة، من هنا یکون التحدی أکبر أمام إدارة الموارد البشریة أن تقلص من حجم تلک الفجوة المحتملة بین السیاقین التنظیمیین قدیماً وحدیثاً، بل أن الثقافة التنظیمیة الواحدة للمکان الواحد قد تکون عرضة للتغیر بین الحین والآخر لکن ذلک قد یستغرق سنوات طویلة، فلا یکاد یشعر بهذه الفجوة إلا الموارد البشریة ذات الأعمار السنیة الکبیرة من ذوی الخبرات، وهنا یلعب عامل الزمن والعمر دوره فی التأثیر على هذه المسألة إما بالسلب أو بالإیجاب.

أما من حیث الحدیث عن برامج التغییر والتطویر التنظیمی وحرکات الإصلاح الإداری على مستوى المنظمة، فعادة ما تأتی مبادرة الإصلاح والتغییر التنظیمی من القمة، ومن ثم تثور العدید من الاحتمالات والسیناریوهات حول مدى قبول المورد البشری ودعمه لحرکات التغییر التنظیمی من عدمه، وهنا یظهر البعد الأخلاقی الحاکم لأداء المورد البشری العامل، فمنهم من یکون لدیه دوافعه الخاصة لمقاومة التغییر حرصاً على بقاء أوضاع تنظیمیة بعینها دون تغییر حفاظاً على مصالحه الشخصیة، ومنهم من یتمتع بحس أخلاقی عالی ینعکس بالتبعیة على أدائه فیندفع للمشارکة بجدیة فی عملیة التغییر والإصلاح ویقوم بالتعدیل فی أدائه على هذا الأساس، بل ومنهم من یبادیء بطرح رؤى الإصلاح والتغییر على مسامع القیادة الإداریة أملاً فی التطویر ورفع کفاءة الأداء، وفی کل الأحوال ربما یکون من الحکمة بمکان أن تعمل القیادة الإداریة على إشراک الموارد البشریة العاملة فی فعالیات التطویر والتغییر تخطیطاً وتنفیذاً لضمان تقلیل حدة المقاومة المتوقعة وانحسارها فی أضیق نطاق ممکن.

کما تلعب محددات الاتصال التنظیمی والحجم دوراً کبیراً فی التأثیر على کفاءة أداء المورد البشری، فمع زیادة الحجم التنظیمی تبرز الحاجة لوسائل وقنوات اتصالیة جیدة على درجة عالیة من الوضوح والدقة تلافیاً لعوامل التشویه سواء المتعمد أو غیر المقصود لمحتوىات المواد الاتصالیة التی یتم نقلها عبر قنوات الاتصال المختلفة سواء کانت تعلیمات أو قرارات جدیدة أو فتاوى إداریة أو أوامر واجبة النفاذ، فکلما قلت أعداد القنوات التی تنتقل عبرها الرسالة کلما کان أفضل خاصة فی سیاق المنظمات ذات الحجم الکبیر، وبالتالی مهما بلغت کفاءة المورد البشری فإنه لو تم تشویه قنوات الاتصال بما تحتویه من مواد اتصالیة من طرف إلى طرف آخر سواء کان رئیس أو مرؤوس فی شکل اتصال رأسی من وإلى أو حتی بین مرؤوس وزمیله فی شکل اتصال أفقی، أدى ذلک بالتبعیة إلى الإخلال بواجبات العمل نتیجة خلل ما فی وسیلة الاتصال من طرف مرسِل، وآخر مرسَل إلیه.([21])

 

2-   محددات فنیة متخصصة تحکم نشاط وأداء الموارد البشریة:

تسعى المنظمات على اختلاف أنواعها لاستقطاب واستمالة واختیار أفضل عناصر الموارد البشریة العاملة فی المجال ذات التخصص الذی تباشره المنظمة، وذلک من خلال آلیات الاستقطاب والاختیار والتعیین والتدریب وتقییم الأداء التی تتبعها إدارات الموارد البشریة، ومع تقدم الفن الإنتاجی والعامل التکنولوجی وزیادة حدة المنافسة وزیادة درجة التعقید والتخصص الفنی فی النشاط الإنتاجی الصناعی لاسیما بمجالات الصناعات المتقدمة ذات التقنیات العالیة، ومع تقدم آلیات التسویق والترویج للمنتجات وفتح أسواق جدیدة وتغیر الذوق العام للمستهلک، مع تحکم العدید من العوامل الاقتصادیة کحجم الطلب والعرض سواء من السلع والمنتجات من ناحیة أو من حیث طلب وعرض العمالة من الموارد البشریة وتغیرات الأسعار ومستویات الأجور وموجات التضخم، وسط کل هذه المتغیرات والتحدیات المتعاظمة، تجد إدارة الموارد البشریة نفسها أمام تحدیات جسام تفرض علیها مواکبة کل هذه التغیرات ووضعها فی حسبانها حال الشروع فی التخطیط لاحتیاجات المنظمة من الموارد البشریة کماً ونوعاً، مما یفرض علیها اتباع أسالیب وطرق وآلیات غیر تقلیدیة فی سبیل استمالة واختیار أفضل العناصر من الموارد البشریة الموهوبة ذات القدرة على العطاء المتواصل بما یحقق میزة تنافسیة ملموسة النتائج لمنظماتها التی تعمل على خدمتها.

مما سبق، فإن الوظائف التقلیدیة التی تباشرها الإدارات المعاصرة للموارد البشریة فی منظمات الأعمال تتمثل فی کل من:

  • ·         استقطاب واختیار وتعیین القوة العاملة وتدبیر احتیاجات المنظمة من الموارد البشریة کماً ونوعاً.
  • ·         تطویر الهیکل الوظیفی للموارد البشریة باستمرار تماشیاً مع التطورات المتلاحقة فی بیئة العمل.
  • ·         تنمیة مهارات العاملین وتصمیم برامج التدریب.
  • ·         وضع سیاسات التحفیز المادی والمعنوی.
  • ·         صیانة القوى العاملة من الموارد البشریة من خلال إشباع احتیاجاتهم الإنسانیة والاجتماعیة.
  • ·         متابعة تقدم العاملین والتقییم المستمر للأداء.
  • ·         إجراء بحوث التطویر المستمر لممارسات وسیاسات الموارد البشریة.

أما عن التصور الجدید لأدوار ومهام إدارة الموارد البشریة وفقاً للاتجاهات المستقبلیة کما حددها بعض المتخصصین فی هذا المجال فهی تتمثل فی ما یلی:

  • ·         تبنی مدخل التعلم التنظیمی المستمر کآلیة لرفع کفاءة أداء المورد البشری.
  • ·         غرس القیم الإنسانیة النبیلة بشکل مستمر فی نفوس العاملین بما یحد من عوارض اختلال الشخصیة.
  • ·         الاهتمام المستمر بتقویة شخصیة العامل من الموارد البشریة وصولاً لدرجة کافیة من النضج خاصة مع الأعمار الصغیرة والشابة نسبیاً.
  • ·         الحث المستمر على الابتکار والإبداع بممارسة أنماط التفکیر خارج الصندوق مع الإثابة الملموسة الداعمة لهذا الغرض.
  • ·         نشر أفکار وأسالیب إداریة جدیدة تقوم على أساس الإدارة بالأهداف والإدارة بالنتائج.
  • ·         نشر ثقافة إدارة الوقت کمورد غیر قابل للتعویض.
  • ·         تعزیز قیم الأمان الوظیفی لدى المورد البشری من خلال التفکیر فی آلیات عملیة جدیدة تدعم هذا الغرض لاسیما بوظائف القطاع الخاص لزیادة الإقبال علیها والتخلى عن فکرة "ثقافة المیری" التقلیدیة.([22])

 

3-    أما من حیث المحددات السلوکیة على المستوى الفردی:

فهی بطبیعة الحال تتسم بکونها عوامل ومحددات نابعة بشکل مباشر وذاتی من عمق شخصیة المورد البشری العامل بالمنظمة، فعوامل وسمات الشخصیة من ذکاء وقوة ونزاهة وسرعة بدیهة، والتحلی بالأمانة والالتزام الحرفی بالمواثیق الأخلاقیة الحاکمة للنشاط التنظیمی وما عاصرته الشخصیة الفردیة من عوامل تتصل بالتنشئة الأسریة والخلفیة الاجتماعیة والبیئیة والثقافیة والتعلیمیة التی تمیز المورد البشری هی کلها عوامل من شأنها ان تتحکم فی کفاءة المورد البشری لأطول مدة ممکنة طیلة سنوات عمله بالمنظمة الواحدة، فقد یجتاز المورد البشری سلاسل طویلة من الاختبارات التنافسیة للالتحاق بوظیفة ما عامة أو خاصة، ومن ثم تظهر علیه بوادر الحماسة والتفوق والأمانة التنظیمیة وحرفیة الأداء خلال سنوات عمله الأولى بالمنظمة، غیر أنه ربما یصادف أداؤه عوامل الضعف أو القصور أو التراخی والإهمال واللامبالاة خلال سنوات عمله اللاحقة بالمنظمة حتى أنها قد تصل فی بعض الحالات إلى ارتکاب جرائم أخلاقیة، فقد یعزى هذا السلوک التنظیمی المنحرف إلى بعض العوامل التی تتصل بعوامل الشخصیة أو التنشئة والتربیة أو التمتع بالوازع الأخلاقی والدینی من عدمه لدى الشخص، مما یخرجه من دائرة الاحترافیة إلى دائرة الانحراف الوظیفی، لهذا دأبت العدید من المنظمات على مسألة التحری عن الخلفیة الاجتماعیة والأخلاقیة للموارد البشریة المرشحة لشغل وظائف بعینها لاسیما بالقطاع الحکومی لبعض الأنماط الوظیفیة خاصة ذات الطبیعة الحساسة منها، کما أن العدید من قوانین الخدمة المدنیة حول العالم تشترط ضمن شروط التعیین أن یکون المورد البشری حسن السیرة والسمعة وأن یقدم من المستندات ما یفید ذلک ضمن مسوغات التعیین، کذلک الحال فی بیئة الأعمال.

کما تلعب عوامل کالتنظیم غیر الرسمی وعلاقات العمل والشللیة وجماعات الصداقة والروابط الإنسانیة دوراً کبیراً فی التأثیر على مجمل أداء الموارد البشریة العاملة بشکل واضح خاصة لدى وجود بوادر للصراعات التنظیمیة ووجود تکتلات وأحلاف بین جماعات تنظیمیة بعینها فی مواجهة جماعات أخرى سعیاً للدفاع عن مصالح کل منها والاستحواز على أکبر قدر ممکن من الموارد والمزایا المادیة أو للحفاظ على أوضاع قائمة دون تغییر، وعلى هذا فمهما بلغت کفاءة الموارد البشریة من احترافیة ومهنیة ومهارات عملیة وفنیة ملموسة، فإن کل هذه المزایا التنافسیة تتضائل قیمتها کثیراً وتضمحل أمام موجات الصراع التنظیمی وسیادة جو من الکراهیة التنظیمیة بین الأفراد وغیاب التعامل والثقة التنظیمیة سواء بین الأفراد والوحدات بعضها البعض من جانب، أو حتى بینها وبین المتغیر القیادی فی اتجاه رأسی من ناحیة أخرى، فهی فی محصلة الأمر ممارسات شدیدة الخطورة تهدد بتحویل بیئة الموارد البشریة العاملة من بیئة جاذبة للکفاءات إلى بیئة طاردة لها مهما بلغت حجم المزایا المادیة من أجور وأنظمة حوافز مادیة مرتفعة مقارنة بمنظمات أخرى، من هنا تتضح خطورة هذه المحددات السلوکیة على المستوى الجزئی (الفرد الواحد) بقیمه وإدراکاته للسیاق المحیط به وعلاقاته بأقرانه ورؤسائه، فإذا ما ساءت هذه المحددات وسارت فی غیر الاتجاه المنشود، باتت تهدد استقرار المنظمة وبالتالی یصبح انهیارها وشیکاً إن آجلاً أو عاجلاً فهذا یتوقف على درجة حِدة هذه العوامل والمتغیرات انطلاقاً من أن الفرد العامل هو اللبنة الأولى للوحدات والأقسام الإداریة، وهذه الأخیر هی اللبنة الأکبر حجماً التی تتألف منها المنظمة ککل، فإذا صلح (الجزء) ممثلاً فی الفرد، صلح معها (الکل) ممثلاً فی المنظمة، والعکس صحیح.([23])

 

المحور الثالث: بعض المداخل المقترحة لتطویر أداء الموارد البشریة

رکز الباحثان فی المحور السابق على دراسة وتحلیل عدد من المحددات التنظیمیة المؤثرة على أداء الموارد البشریة، حیث اتضح أن السیطرة على أکبر قدر ممکن من هذه العوامل هو أمر ضروری لنجاح وفاعلیة سیاسات الموارد البشریة من ناحیة وبرامج الإصلاح والتطویر من ناحیة أخرى، بغیة الوصول لأفضل معدل أداء ممکن، صحیح أنه یصعب عملیاً السیطرة على کافة العوامل والعملیات سالفة الذکر بنسبة 100% سواء على المستوى الکلی أو الجزئی، إلا أنه یمکن القول بأنه هناک ثمة علاقة طردیة تحکم الرابطة بین محددات الأداء للمورد البشری وبین مداخل تطویره، فکلما وصلت المنظمة لدرجة مرضیة من ضبط محددات الأداء، کلما جاءت جهود الإصلاح والتطویر لسیاسات وممارسات الموارد البشریة بنتائج أفضل.

فقط یبقى على المنظمة أن تحدد بدقة ما یتماشى مع حالتها من مداخل تطویریة لعناصر مواردها البشریة بما یتوائم مع طبیعة النشاط والمهام والغرض الذی أنشات المنظمة من أجله، یستوی فی ذلک أن تکون منظمات عامة أو خاصة، من منطلق أن أدبیات مجال الموارد البشریة ونظریة الإدارة تزخر دائماً بالعدید من الآلیات والمداخل العملیة والمفاهیم المستحدثة التی یمکن الاستعانة بها تحقیقاً لهذا الغرض.

وبناءاً علیه، یقترح الباحثان عدداً من المداخل بهدف تطویر أداء المورد البشری ویمکن بیان ذلک من خلال النموذج المقترح التالی: 

إطار مقترح لتطویر وتعزیز کفاءة أداء الموارد البشریة بالمنظمات العامة والخاصة

شکل رقم (2) : نموذج مقترح لمداخل تطویر أداء المورد البشری

إطار مقترح لتطویر وتعزیز کفاءة أداء الموارد البشریة بالمنظمات العامة والخاصة

 

     
   
 
   

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المصدر : الباحثان.

  • ·         مدخل التعلم التنظیمی وعلاقته بإدارة الموارد البشریة:

یأتی مفهوم التعلم التنظیمی Organizational Learning ضمن دراسات السلوک التنظیمی وإدارة الموارد البشریة بشکل خاص فی الأدبیات الغربیة، وهو من المداخل التطویریة ذات الاستمراریة التی تدفع فی اتجاه تطویر الأداء لیس فقط على مستوى المنظمات والمؤسسات على اختلاف أطیافها، وإنما على مستوى أداء الأفراد بالمنظمات العامة والخاصة على حدٍ سواء، فما أداء المنظمات الکلی فی المحصلة النهائیة إلا نتاجاً لسلسلة طویلة من الجهود الفردیة المبذولة.

تعتمد الفکرة الأساسیة التی یقوم علیها مفهوم التعلم التنظیمی على أساس تبادل الخبرات والأفکار وأسالیب العمل والمعلومات والمعارف سواء الصریحة أو الظاهرة منها أو حتى الضمنیة فیما بین الأفراد وبعضهم البعض أو حتى على مستوى جماعات العمل على مستوى الوحدات الإداریة الفاعلة بالمنظمة وذلک فی إطار تفاعلی تشارکی بینی وإیجابی إنسانی مشترک بهدف تعزیز وتقویة أواصر العلاقات التنظیمیة بین الأفراد إلى جانب تدعیم المهارات الفکریة والعقلیة للأفراد والجماعات ، وهو ما یبدو فی فحواه أو مضمونه العام وثیق الصلة بتطویر أداء المورد البشری العامل بالمنظمات على اختلاف أشکالها سواء عامة أو خاصة أو غیر حکومیة.([24])

  • ·         الربط بین مدخل رأس المال البشری کأحد أدوات الإدارة الإستراتیجیة للموارد البشریة تحقیقاً للمیزة التنافسیة المستدامة:

تختلف النظرة للمورد البشری العامل داخل المنظمة من کیان إداری لکیان آخر، فالنظرة له فی إطار العمل الحکومی تختلف عن نظرة قطاع الأعمال، حیث تتحکم نوعیة الأنشطة والأعمال التی تؤدیها أو تتخصص بها هذه النوعیة من المنظمات فی النظرة للمورد البشری، حیث تختلف فیما لو کانت تتخصص المنظمة فی أعمال ومنتجات روتینیة تقلیدیة عن المنظمات المتخصصة فی الصناعات التکنولوجیة الدقیقة کالصناعات الإلکترونیة مثلاً، لکن فی کل الأحوال لا یسعنا سوى التسلیم بأن المورد البشری هو فی المحصلة جوهر مفهوم رأس المال البشریHuman Capital  وهذه هی النظرة الإستراتیجیة التی دأبت علیها کبریات المنظمات العاملة فی البیئة الغربیة کمؤسسة جوجل على سبیل المثال، خاصة مع زیادة حدة المنافسة فیما بین المنظمات مع تصاعد وتیرة الإنتاج الاقتصادی وتغیر الذوق العام ومستویات التنافسیة.

لهذا السبب تنظر الاتجاهات الحدیثة فی إدارة الموارد البشریة إلى مفهوم رأس المال البشری على أنه أحد المداخل الرئیسیة لمتطلبات الإدارة الإستراتیجیة للموارد البشریة بما یحقق المیزة التنافسیة المستدامة لهذه المنظمات، لیس فقط تدعیماً للتنافسیة بین المنظمات المتخصصة فی نفس النشاط، بل أن مفهوم المیزة التنافسیة المستدامة لرأس المال البشری بالمنظمات یکتسب أهمیته من کونه مصدراً للتخطیط الفعال والإدارة الفعالة لموارد المنظمات المالیة والبشریة بل ومواجهة المشکلات التنظیمیة واقتراح الحلول والسیناریوهات لها بما یعزز من کفاءة أدائها.([25])

  • ·         مدخل إدارة المعرفة وإدارة الموارد البشریة:

یشیر مفهوم المعرفة التنظیمیة  إلى مجمل الخبرات والمعارف والمعلومات والبیانات المختزنة فی ذاکرة المنظمات سواء الذاکرة الفردیة (المعرفة المختزنة داخل عقل المورد البشری العامل على المستوى الفردی الجزئی) وهی ما تعرف بالمعرفة الضمنیة، أو حتى تلک النوعیة المختزنة داخل الذاکرة الجماعیة المنظمیة المملوکة للمنظمات على اختلاف أنواعها سواء داخل ملفات الأرشیف الورقیة فی الصورة التقلیدیة أو تلک المختزنة داخل قواعد البیانات والمعلومات التکنولوجیة فی إطار أتمتة نظم وقواعد البیانات الرقمیة مع الأخذ فی الاعتبار عامل تکنولوجیا المعلومات.([26])

إن المورد البشری العامل بالمنظمات على اختلاف أنواعها عامة أو خاصة أو غیر حکومیة یعد بمثابة المحور الرئیسی لإدارة المعرفة التنظیمیة، فما المعرفة التنظیمیة فی المحصلة النهائیة إلا الطاقة العقلیة الذهنیة الحقیقیة المغذیة للأداء وتصرفات الأفراد داخل المنظمات على اختلاف مستویاتها سواء کانت تلک الموارد البشریة المنتسبة لقمة الهرم الإداری بالمنظمات المسئولة عن مهام معینة تتحدد علیها مستقبل المنظمات والقطاعات التی تتولى إدارتها کالتخطیط الإستراتیجی ووضع السیاسات العامة الحاکمة للمنظمة أو اقتراح مشروعات قرارات مصیریة تتحدد علیها توجهات المنظمات فی المستقبل، ومن ناحیة أخرى هناک المورد البشری من مستوى القیادات التنفیذیة الوسطى المسئولة عن وضع خطط تنفیذیة ذات خطوات وملامح عملیة لنقل الإستراتیجیات لحیز النفاذ، وهناک المورد البشری المنتسب لقاعدة الهرم الإداری بالمنظمات وهی العناصر المسئولة عن التنفیذ المباشر للخطط والبرامج المصاغة فی المستویات الأعلى.

وفی کافة الأحوال یجب أن تتوافر سلاسل من المعارف التنظیمیة التی تخدم کل مستوى إداری وما تضمه من موارد بشریة متباینة فی خصائصها ومهامها وطبیعة واجباتها ومهاراتها، حیث یلزم کل عنصر من هؤلاء نوعیات مختلفة من المعارف التنظیمیة التی تساعده على أداء واجباته الموکولة إلیه وهو ما یتحقق من خلال الإدارة الفعالة للمعرفة التنظیمیة المختزنة بذاکرة المنظمة الفردیة والجماعیة بحیث یکون المستفید الأول والأخیر منها هو المورد البشری، وإلا فلا قیمة للمعلومات والمعرفة التنظیمیة إن ظلت حبیسة الأوعیة الحاویة لها دون توظیف جید لصالح تحسین وتطویر الأداء، إلى جانب کونها جوهر مفهوم رأس المال الفکری أو البشری الذی یخلق للمنظمات میزتها التنافسیة المستدامة.

 

  • ·         إدارة الموارد البشریة والتوجه الإستراتیجی لفکرة بناء قادة الصف الثانی:

تُعرف قیادات الصف الثانی على أنها القیادات البدیلة فی المستقبل عن القیادة الإداریة الحالیة، أو هم القادة الخلفاء المحتملین والمرشحین لشغل وظائف ومناصب القادة الحالیین ممن یتم تدریبهم وتفویضهم وتمکینهم وتزویدهم بالمعلومات والمهارات اللازمة والمؤهلة لهم لشغل المناصب القیادیة الشاغرة فی المستقبل القریب أو البعید.([27])

تشیر التوجهات الحدیثة لتطویر إدارة الموارد البشریة إلى ضرورة تشارک المعارف والمعلومات والخبرات المختزنة لدى کبار القادة الإداریین من الموارد البشریة الشاغلة للمناصب المختلفة، ذلک أن المنظمات التی ربما تتقاعس عن تنمیة ذلک الاتجاه إذ ربما تواجه فی المستقبل القریب أو البعید مشکلة غیاب القیادة الإداریة الفعالة الواعیة والقادرة على الأخذ بزمام الأمور بالحرفیة والمهنیة اللازمةتحت أی ظرف من الظروف التی تؤدی فی بعض الأحیان لخلو بعض أو کل المراکز القیادیة من شاغلیها الأساسیین، مما یستدعی بالضرورة الشغل الفوری والسریع لهذه المراکز لئلا تصاب العملیات الإداریة واتخاذ القرارات بالبطء، مما ینعکس سلباً على المجمل العام للأداء التنظیمی، من هنا کانت الدعوة لجعل مبدأ بناء قادة الصف الثانی ضمن الأولویات الإستراتیجیة لتطویر أداء المورد البشری العامل.

إلا أن هذه العملیة تتطلب بطبیعة الحال کسر العدید من المفاهیم المعرقلة لهذا التوجه الإستراتیجی، فقد ینظر البعض إلى المعلومات بوصفها مصدر من مصادر القوة التنافسیة داخل المنظمة، فمن یستحوذ على أکبر قدر ممکن من المعلومات والمعارف یجعل المنظمة فی احتیاج دائم له، وتقلل من احتمالات استبعاده من منصبه أو مرکزه القیادی الذی یشغله، مما یعطیه حافز بعدم تشارک المعلومات والخبرات المختزنة لدیه مما یمثل أکبر عائق أمام مسألة خلق وبناء قادة الصف الثانی خاصة مع ضعف ثقافة التمکین الإداری بالمنظمة، وغیاب ثقافة التفویض ونقل السلطة وضعف التوجه نحو اللامرکزیة الإداریة.

یلاحظ مدى الارتباط بین هذا المدخل وبین المدخل السابق المتعلق بسبل الإدارة السلیمة للمعرفة التنظیمیة داخل المنظمة وکذلک الانسجام مع فکرة بناء رأس المال الفکری بالمنظمة وفکرة التعلم التنظیمی فی نفس الوقت، وهی کلها مداخل تطویریة تجعل من المورد البشری بمثابة محوراً مشترکاً فیما بینها.

  • ·         تعزیز ثقافة التعاون وتشارک الخبرة والتنسیق الإداری والعصف الذهنی لمجموعات الموارد البشریة العاملة داخل المنظمة من خلال مفهوم فرق العمل المدارة ذاتیاً:

من ملامح التمکین الفعال ونشر ثقافة صنع واتخاذ القرار بواسطة المورد البشری تفعیل مدخل فرق العمل المُدارة ذاتیاً داخل المنظمات المختلفة، فمع الأخذ بمبدأ التخصص وتقسیم العمل کأحد المبادیء التنظیمیة الحاکمة للنشاط الإداری، ینقسم مجمل النشاط أو الهدف العام للمنظمة إلى مجوعة من الأنشطة الفرعیة ذات مهام وأعباء متباینة تستدعی وجود جماعات عمل من ذوی التخصصات والخلفیات المتباینة والمتخصصة، بحیث یُراعى لدى تنفیذ الأنشطة الفرعیة والمهام المجزأة أن توکل إلى مجموعات من الأفراد المنظمة فی شکل فرق عمل تدار على نحو ذاتی وتضم مجموعة من الأعضاء العاملین فی إطار الفریق الواحد المحکوم بثقافة فریق العمل أو ما یسمى بروح العمل الجماعی، مع تنصیب أحد أعضائها قائداً على هذه المجموعة التی یجمعها تحقیق هدف مشترک یتم السعی إلیه بنظام وبخطوات محددة مدروسة خلال مدة زمنیة وخطة محددة فی ظل شعور جماعی بالألفة والتعاون والشعور بقوة الاتحاد([28])، على أن یُراعى لدى تشکیلها أن تضم أفراداً من خلفیات متباینة ومتخصصة، مما یفتح المجال لتشارک المعلومات والخبرات والأفکار بین عناصر الموارد البشریة المنظمة فی شکل فرق عمل مُدارة ذاتیاً، وهو ما ینسجم بالتبعیة مع الفکرة السابقة وغیرها من مداخل تطویر إدارة الموارد البشریة السالف الإشارة إلیها، مع إضافة هذا البُعد المتضمن تعزیز ثقافة العمل الجماعی وروح الفریق ضمن المهارات المطلوب تعزیزها لدى المورد البشری الإستراتیجی.

  • ·         إدارة التنوع والاختلافات فی السیاقات الفکریة والثقافیة والمجتمعیة للموارد البشریة:

یشیر مفهوم إدارة التنوع إلى جملة الإجراءات والأسالیب التنظیمیة التی یمکن من خلالها ضم موارد بشریة عاملة من خلفیات ثقافیة متنوعة فی الهیاکل التنظیمیة الرسمیة وغیر الرسمیة من خلال سیاسات وبرامج مدروسة، وهو أیضاً یعنی قبول مجموعات متنوعة من الأفراد العاملین بالمنظمة لتشکیل قوة العمل بما یحقق أهداف المنظمة ککل ولیس أهداف جماعة عرقیة بعینها دون غیرها.([29])

وتظهر هذه الخاصیة بشکل جلی لدى الحدیث عن الموارد البشریة العاملة لدی المنظمات الدولیة أو الشرکات متعددة الجنسیاتMulti-National Corporations  أو حتى فی إطار بعض المنظمات الحکومیة أو شبه الحکومیة على نطاق إقلیمی أو دولی، إذ ربما یجتمع أو تضم الموارد البشریة العاملة ضمن هذه الکیانات عدة جنسیات من دول ومجتمعات ذات خلفیات حضاریة وثقافیة ودینیة واقتصادیة وسیاسیة واجتماعیة متباینة بشکل واضح، خاصة مع اختلاف أنظمة التعلیم ونوعیاته وأسالیب الإدارة وتوجیه الأفراد بتفاعلاتهم وتعاملاتهم مع بعضهم البعض، مما یستدعی ضرورة التعامل الحذِر مع هذه التباینات أملاً فی حصر الخلافات التنظیمیة المحتملة فی أضیق الحدود المُمکنة، لیس هذا فحسب وإنما خلق مناخ تنظیمی قیادی یسمح بعزیز أواصر التعلم وتبادل الخبرات وتشارک المعارف والثقافات والممارسات الإداریة فیما بین هذه العناصر وبعضها البعض، إذ أن هذا التباین الثقافی والحضاری بین جماعات الموارد البشریة إما أن یخلق بیئة مواتیة للتعلم التنظیمی وتبادل المعارف فی إطارة تعاونی هائل، أو أنه قد یخلق أو یحول المنظمة لساحة من الخلافات والصراعات التنظیمیة بین جماعات العمل، وهذا الأمر یتحکم فیه بطبیعة الحال العدید من عناصر والمحددات التنظیمیة السابق الإشارة إلیها.

  • ·         مدخل إدارة الأزمة وعلاقته بتعزیز مهارة المورد البشری:

یشیر مفهوم إدارة الأزمة إلى تبنی المنظمة لمنهج إداری یقوم بالدرجة الأولى على أساس توقع وقوع أو اندلاع موقف مفاجیء سریع التطور متلاحق الأحداث یهدد الکیان التنظیمی ویترتب علیه حدوث نوع من الخلل مما یستدعی اتخاذ عدد من الإجراءات التنظیمیة والتدابیر الإداریة اللازمة لاحتواء الأزمة من خلال جمع المعلومات عن الموقف وتشخیصة لمعرفة أسبابه ثم تطویر أسالیب وسیناریوهات للتعامل الفوری معه من خلال فریق مدرب على هذا الأمر.([30])

وعلى هذا فقد لا تسیر دفة الأمور التنظیمیة فی إطار مجریات النشاط الإداری الیومی على نحو منتظم، إذ ربما تقع عدة أزمات ضمن أحداث العمل سواء کانت من النوع السلوکی أو التنظیمی الداخلی بین الوحدات العاملة أو حتى أزمات نابعة من خارج السیاق التنظیمی المحیط ببیئة العمل سواء کان مصدرها المنافسین أو الموردین أو العملاء أو حتى نابعة من ظروف عدم استقرار سیاسی أو اجتماعی أو اقتصادی أو بیئی، فالمنظمة فی النهایة ما هی إلا کیان بشری اجتماعی تنظیمی یؤثر بالبیئة المحیطة ویتأثر بها، غیر أن الأحداث المحیطة ببیئة العمل سواء فی الداخل أو فی الخارج ربما تضع المورد البشری العامل تحت ضغط نفسی ومهنی بحیث تجبره على العمل والتعایش مع هذا الظرف أو الأزمة المرحلیة التی تمر بها المنظمة، وعلى الرغم من أضرار الأزمة إلا أنها فی حد ذاتها وفی السیاق الطبیعی لوقوعها تمثل فرصة لتدریب المورد البشری على اختلاف مستویاته وأطیافه للتعامل مع حیثیاتها وظروفها ومسبباتها ومحاولة صیاغة الحلول المقترحة للحیلولة دون تفاقم آثارها من أجل الخروج منها بسلام وبأقل خسائر ممکنة، من هنا یلعب المدخل الموقفی دوره فی تعزیز مهارة العنصر البشری للتعامل الحرفی مع هذه المواقف الصعبة والمفاجئة أحیاناً، ومن هنا أیضاً تأتی أهمیة نماذج المحاکاة العملیة لتخیل مثل هذه الأزمات وتوقعها، بل ومحاولة تعزیز المدخل الوقائی لمنع اندلاع الأزمات والمشکلات التنظیمیة من الأساس.

  • ·         إدارة الموارد البشریة ومفهوم إدارة المواهب:

برز الاهتمام بتطبیق مفهوم إدارة المواهب فی المنظمات المعاصرة ضمن المهام الرئیسیة التی تطلع بها إدارات الموارد البشریة فی هذه المنظمات من حیث اکتشاف المواهب لدى العاملین الفعلیین بالمنظمة أو حتى لدى تقدمهم لشغل الوظائف من خلال عملیات الاستقطاب والاختیار والتعیین والتدریب، لتعد بذلک أحد أهم نقاط القوة التی تضیف بدورها الکثیر إلى المیزة التنافسیة للمنظمات فی عالم الیوم.([31])

عادة ما تکون هناک مجموعة من الفروق الفردیة التی تمیز عناصر الموارد البشریة عن بعضها البعض، من حیث مستوى الذکاء والملکات العقلیة، ممارسة بعض أنماط التفکیر الإستراتیجی، القدرة على توجیه الغیر وممارسة التأثیر على جماعة العمل وتوجیههم فی اتجاه معین، وقد یصادف أن یکون الأفراد المتمتعین بهذه المزایا والمواهب غیر معروفین أو مجهولین بالنسبة لقادتهم أو أقرانهم أو حتى لأنفسهم، ومن ثم یکون هؤلاء الأفراد بحاجة مستمرة إلى من یکتشف هذه المهارات والفروق الفردیة فیما بینهم ومن ثم یعمل على تنمیتها وتعزیزها وصقلها على النحو الذی یجعل من الممکن توظیفها لخدمة المنظمة والعمل، ومن ناحیة أخرى مراعاة مبدأ وضع الرجل المناسب فی المجال المناسب، لذا تکشف الممارسات الحدیثة فی مجال إدارة الموارد البشریة عن أهمیة التمییز بین مستویات الفروق الفردیة بین الموارد البشریة العاملة بما یفتح المجال للإفادة من أصحاب المهارات والمواهب الممیزة فی إطار مفهوم إدارة المواهب.

  • ·         المنظمات الافتراضیة Virtual Organizations مفهوم العمل عن بعد فی ظل تکنولوجیا المعلومات الإداریة، ومسألة تحدید الحجم المثل من الموارد البشریة کماً ونوعاً:

فی ظل التقدم التکنولوجی الکبیر الذی یمیز بیئة الیوم وثورة الاتصالات والمعلومات ووسائل التواصل الاجتماعی بأشکالها وصورها المختلفة، یأتی الحدیث عن أهمیة تقلیص حجم المستویات التنظیمیة ومستوى الهیرارکیة التی تمیز المنظمات التقلیدیة لاسیما فی القطاع الحکومی وبعض کبریات منظمات قطاع الأعمال، فقد جعلت ظروف التقدم العلمی فی ظل ثورة الاتصالات من تکنولوجیا المعلومات بمثابة عاملاً مساعداً فی سبیل تقلیص حجم المنظمات العاملة وإن بدا ذلک الأمر أیسر من حیث التطبیق فی ظل بیئة منظمات قطاع الأعمال أکثر من بیئة القطاع الحکومی – حتى الآن على الأقل - مما یخلق تحدیاً کبیراً أمام المنظمات التی تتبنى البعد الافتراضی من الناحیة التنظیمیة من حیث ضرورة التحدید الدقیق للحجم الأمثل من الموارد البشریة التی تتطلبها طبیعة العمل فی المنظمات الافتراضیة التی تجری تعاملاتها عبر وسائل الاتصال السلکیة واللاسلکیة، وکذلک تحدید نوع المهارات الخاصة التی یجب أن تتمتع بها فی ظل هذا التوجه الجدید، مع تحدید وسائل قیاس الأداء والناتج المتحقق ووسائل الثواب والعقاب والإثابة والحوافز والتدریب وتقییم الأداء والترقی ونطاق الإشراف ووسائل الاختیار والاستقطاب والتعیین وغیرها من الممارسات التقلیدیة من محددات إدارة الموارد البشریة على صورتها التقلیدیة.

کما تلعب تکنولوجیا المعلومات بوجه عام دوراً کبیراً فی تعزیز الممارسات المتعلقة بإدارة الموارد البشریة وذلک على العدید من الأصعدة ، منها:

-        تدعیم مفاهیم الحکومة الإلکترونیة.

-        إثراء جانب العمل عن بعد.

-        إدارة المعرفة المختزنة بذاکرة المنظمات الجماعیة.

-        تدعیم الاتصال الفعال بین عناصر الموارد البشریة على امتداد المستویات الإداریة المنتشرة بالمنظمة.

  • ·         تفعیل اتجاه صنع واتخاذ القرار الجماعی ضمن إطار الممارسات الحدیثة لإدارة الموارد البشریة:

تمر عملیة اتخاذ القرار داخل المنظمات بالعدید من الخطوات والمراحل، فبدءاً من تحدید المشکلة أو الموقف أو المسألة محل القرار، ومن ثم تجمیع المعلومات والبیانات حول الموقف، والوقوف على الأسباب الحقیقیة للموقف، مروراً بتطویر وتحدید الأولویات والسیناریوهات المقترحة للحل فی ظل الموارد المتاحة، ومن ثم تغلیب البدیل المناسب للحل ضمن سلسلة البدائل بعد المفاضلة بین مزایا وعیوب کل بدیل من البدائل، لذا تمثل کل هذه الخطوات إطاراً تعلیمیاً تنظیمیاً للتعلم وصقل خبرات المورد البشری المشترک فی فعالیات عملیة صنع القرار بشکل جماعی.

تبدو فائدة عملیة الصنع الجماعی للقرارات التنظیمیة فیما یلی:

-        أنها فرصة لإکتشاف المواهب الفردیة والعقول الواعیة ذات القدرات الذهنیة العالیة.

-        اکتشاف قائد أو مدیر المستقبل من قادة الصف الثانی.

-        جلسات العصف الذهنی فرصة هائلة للتعلم وتبادل الخبرات واکتشاف أنماط التفکیر التنظیمی للموارد البشریة.

-        استشراف طبیعة العلاقات الإنسانیة والتنظیمیة المحیطة ببیئة العمل.

-        تولید أکبر قدر ممکن من الحلول المناسبة.

-        نموذج محاکاة تدریبی للمورد البشری.

-        الحد من فرص استبداد القیادة وانفرادها بالقرار.

  • ·         إدارة الموارد البشریة فی إطار المقارنة المرجعیة Benchmarking :

یشیر مفهوم المقارنة المرجعیة إلى قیام أی منظمة بدراسة وتحلیل ونقل أیاً من الخبرات والمهارات والممارسات الإداریة الناجحة من سیاق تجربة أخرى إلى السیاق المحلی، على أن یراعى أن تتشابة السمات والخصائص الإداریة فی النموذج الرائد مع سمات وخصائص النموذج المنقول إلیه الخبرة الإداریة أو الممارسة المشار إلیها، وقد برع الیابانیون فی هذا المجال خاصة بعد الحرب العالمیة الثانیة باتجاهها نحو بیئات الغرب لاسیما الولایات المتحدة الأمریکیة لنقل خلاصات تجاربها الإداریة الناجحة لاسیما فیما کان یتصل بفکر الجودة الشاملة، ویشیر الفکر الإداری المعاصر إلى وجود العدید من الممارسات الإداریة الناجحة فی مجال إدارة الموارد البشریة بالعدید من البیئات والخبرات الدولیة فی أوروبا والولایات المتحدة الأمریکیة ونماذج دول جنوب شرق آسیا الناجحة، حیث یمکن تعلم العدید من الأسالیب الإداریة الناجحة فی مجال الموارد البشریة ونقلها إلى البیئات الوطنیة فی سیاق مقارن مع مراعاة فروق الإمکانیات والثقافات، لیس هذا فحسب بل أن فی سیاق الدولة الواحدة یمکن نقل الکثیر من سیاسات إدارة الموارد البشریة والکثیر من الدروس المستفادة سواء تلک السائدة ببعض نماذج القطاع الخاص أو القطاع الحکومی مثل سیاسة التأمینات على سبیل المثال وتحدید عدد ساعات العمل، بل أن قانون الخدمة المدنیة المصری الجدید رقم 81 لسنة 2016 م قد درج فی العدید من مواده على استخدام لفظ (الموارد البشریة) أسوة بما هو معمول به من مفاهیم بیئة قطاع الأعمال، وبالتالی تطویر أنظمة الاختیار والتعیین وسیاسات النقل والندب والترقی والحقوق والواجبات ونماذج تقییم الأداء ال 360 درجة متعدد الزوایا، وغیرها من الممارسات التی تقترب کثیراً فی بعضها من ممارسات القطاع الخاص فی سیاسات الموارد البشریة.([32])

  • ·         التمکین الإداری ورفع درجة حافزیة الموارد البشریة:

یشیر مفهوم التمکین الإداری فی أبسط تعریفاته إلى نشر صلاحیة اتخاذ القرار فی المنظمات على اختلاف المستویات الإداریة، وهو بذلک یکاد یقترب إلى أن یکون صورة مصغرة من صور اللامرکزیة الإداریة، وهو أیضاً إستراتیجیة تهدف إلى تحریر الطاقات الکامنة لدى الأفراد من خلال إشراکهم فی عملیات بناء المنظمات لتحقیق أهدافها على المدى البعید، کما یمکن النظر إلیه على أنه عملیة نقل المسئولیة والسلطة ودعوة العاملین لتشارک المعلومات والمعرفة التی توفرها المنظمات فی قواعد بیاناتها بهدف الإسهام فی تحلیل المواقف وحل المشکلات التنظیمیة المعقدة وبالتالی المشارکة فی سلطة اتخاذ القرارات وبالتالی تولید الشعور لدى المورد البشری بالمسئولیة عما اتخذه أو شارک فیه من قرارات أو اتخاذ إجراءات معینة تجاه موقف ما.([33])

إن من شأن تفعیل هذا المدخل فی إطار ممارسات الموارد البشریة أن یقود فی اتجاه زیادة درجة الانجاز والشعور بالانتماء والمواطنة التنظیمیة لدى المورد البشری العامل بالمنظمات على اختلاف أطیافها، إلى جانب تعزیز جانب التعلم وسیولة النشاط الإداری وزیادة تحمل المسئولیة، وهو بهذا المعنى یتکامل مع سائر المداخل الإداریة الأخرى لاسیما جانب التعلم التنظیمی وإدارة المواهب ورأس المال الفکری ومفهوم حلقات الجودة وفرق العمل المدارة ذاتیاً ومدخل صنع القرار وغیرها.

خاتمة الدراسة : رؤیة مستقبلیة لتطویر دراسات إدارة الموارد البشریة على المستوى الأکادیمی

        مع مستوى الأهمیة الکبیرة التی یحظى بها المورد البشری فی کافة أنواع المنظمات عملیاً، تزداد معها بالتبعیة الأهمیة العلمیة لتخصص إدارة الموارد البشریة بالنظام الأکادیمی المعنی بدراسات هذا القطاع الحیوی سواء محلیاً أو إقلیمیاً أو دولیاً، ومع هذا یبقى التأکید على عدة نقاط:

(1)   الربط بین اتجاه وممارسات الموارد البشریة وبین باقی المداخل التنظیمیة الأخرى ذات الصلة بموضوعات نظریة التنظیم الإداری والسلوک التنظیمی لما لها من تأثیرات کبیرة على نجاح ومستوى فاعلیة المورد البشری العامل بالمنظمات سواء العامة أو الخاصة على حدٍ سواء.

(2)   تطویر مقاییس کمیة ونوعیة للتقدیر والقیاس الدقیق لمستوى إنتاجیة الموارد البشریة فی کافة القطاعات وذلک بالرجوع إلى الدراسات الغربیة ومحاولة تطویع بعضها للموائمة مع الممارسات المحلیة فی مجال سیاسات الموارد البشریة.

(3)   التوسع فی مسألة الربط بین مداخل الإصلاح والتطویر الإداری وبین ممارسات الموارد البشریة خاصة المفاهیم المعاصرة کمفهوم إدارة المواهب ورأس المال الفکری، إدارة الوقت، إدارة التمیز، إدارة الجودة الشاملة، إدارة ضغوط العمل، إدارة الأزمة، التعلم التنظیمی.. وغیرها.

(4)   تشجیع وتحفیز الباحثین العرب على البحث عن کل ما هو جدید فی هذا المجال من ممارسات دولیة سواء فی البیئة الأوروبیة أو الأمریکیة أو بعض النماذج الآسیویة المتقدمة فی تخصص إدارة الموارد البشریة سواء من خلال قنوات النشر الدولی المتقدم بالدوریات العالمیة أو من خلال تنشیط حرکة التألیف والنقل والترجمة من وإلى اللغات المختلفة، أو من خلال المشارکة فی الندوات والمؤتمرات الدولیة ذات الصلة بالموارد البشریة، أو من خلال برامج تبادل البعثات والمنح العلمیة لدراسة التخصص سواء على مستوى برامج الماجستیر أو الدکتوراه.

(5)   توسیع دائرة البحوث العلمیة الجماعیة والمشترکة بین الباحثین العرب وبعضهم البعض أو الباحثین المحلیین من ذوی التخصصات المختلفة، أو بین الباحثین العرب والأجانب من المدارس والجامعات المختلفة لما لذلک من زیادة روابط التاون العلمی المثمر فی هذا المجال الحیوی.

(6)   الجمع بین أکثر من تخصص ومدخل علمی فی معالجة موضوعات إدارة الموارد البشریة من خلال الإفادة من أدوات التحلیل الکمی والکیفی والأسالیب الریاضیة والإحصائیة المتقدمة وبناء النماذج وطرق القیاس المتطورة أملاً فی تطویر مقاییس کمیة لقیاس إنتاجیة المورد البشری العامل سواء بالقطاع الحکومی أو الخاص، وهی لاتزال من المسائل الحاضرة الغائبة – إن جاز التعبیر – فی مجال إدارة الموارد البشریة خاصة عند إثارة مسألة صعوبة قیاس الأداء التنظیمی بصفة خاصة بالقطاع الحکومی.

(7)   تتسم الکثیر من دراسات الموارد البشریة بالطبیعة البینیة التی تمنحها میزة أو فضیلة الإفادة من أکثر من حقل أکادیمی کالاقتصاد وعلوم النفس والاجتماع والإدارة العامة وإدارة الأعمال والقانون وغیرها من الدراسات القطاعیة التی تمس أنشطة الحیاة الیومیة نظراً لتغلغل المورد البشری فی کل هذه القطاعات، مما یفتح المجال لکثیر من التخصصات العلمیة للتداخل مع تخصص إدارة الموارد البشریة، مثال ذلک (اقتصادیات الموارد البشریة) کمجال مشترک بین حقل الاقتصاد والعلوم الإداریة.

(8)   الإفادة من استخدام وتوظیف الاقترابات المنهاجیة والبحثیة المستخدمة فی سائر العلوم الاجتماعیة الأخری کالإدارة العامة والعلوم السیاسیة، والاقتصاد وغیرهاحیث تطویعها لتتماشى قدر المستطاع مع دراسات الموارد البشریة، مع إمکانیة تطویر مداخل واقترابات بحثیة خاصة بمجال إدارة الموارد البشریة وحده.

(9)   الجمع بین النظریة والممارسة فی مجال إدارة الموارد البشریة فی المحافل والمدارس الأکادیمیة المتخصصة فی الحقل، حیث محاولة تفعیل نماذج المحاکاة العملیة لبعض قضایا الممارسة المتعلقة بسیاسات الموارد البشریة، تنظیم الزیارات المیدانیة لکبریات المؤسسات الوطنیة بالقطاع الخاص والحکومى لمتابعة ودراسة الأسالیب العملیة التی تجری على أرض الواقع لمباشرة نشاط إدارة المورد البشری عن کثب، إبرام بروتوکولات التعاون بین المؤسسات الجامعیة والشرکات الوطنیة لمتابعة وتدریب الطلاب خلال فترات العطل الصیفیة على الممارسات الحدیثة للموارد البشریة، إمکانیة دعوة کبار المتخصصین فی المجال للمحاضرة بالکلیات والمدارس والمعاهد المتخصصة فی الموارد البشریة لزیادة وتدعیم الخبرات الطلابیة وتقلیص الفجوة بین مجال الدراسة النظریة والممارسة العملیة فی ذات التخصص.

 

 

 

 

 

 

 

 

 
هوامش الدراسة
[1]  د. سعید شعبان حامد، الاتجاهات الحدیثة للموارد البشریة، بحث مرجعی مقدم إلى اللجنة العلمیة الدائمة لإدارة الأعمال ، 2006 م.
 [2] مروة محمد، "الاتجاهات الحدیثة فی إدارة الموارد البشریة: ممارسات إدارة الموارد البشریة وأثرها على العاملین بالمنظمة، (القدرة – التمیز- المشارکة) باستخدام نموذج AMO "، مجلة الدراسات المالیة والمصرفیة، العدد الثانی، 2013 م ، ص ص 75 – 78 .
[3]  د.علی محمد عبد الوهاب، " إدارة الموارد البشریة وأهمیتها فی تطویر الإدارة"، بحث مقدم إلى اجتماع استشاری تنمیة الإدارة العامة والمالیة العامة - اللجنة الاقتصادیة والاجتماعیة لدول غرب آسیا، منظمة الأمم المتحدة ، فی الفترة من 1 – 3 یولیو 2003 بیروت، لبنان، 2003 م .
[4] John E. Delery and Dorothea Roumpi, "Strategic human resource management, human capital and competitive advantage: is the field going in circles?",Human Resource Management Journal, Vol. 27, no 1, 2017, pp.1 - 21.
[5] S. Shekhar, Managing the Reality of Virtual Organizations, Management for Professionals, DOI 10.1007/978-81-322-2737-3_5, springer, India, 2016, pp. 81 – 110.
[6] Irina V. Popova-Nowak and Maria Cseh, The Meaning of Organizational Learning: A Meta-Paradigm Perspective, Human Resource Development Review,2015, Vol. 14(3) , pp. 299 - 331.
[7] William R. King, "Knowledge Management and Organizational Learning ", Annals of Information Systems 4, DOI 10.1007/978-1-4419-0011-1_1, Springer Science& Business Media, LLC 2009, pp.3- 13.
 
[8]Nick Petrie, " Future Trends in Leadership Development", Center for Creative Leadership, USA, 2014.
[9] عزیزة عبد الرحمن عبد الله صیام،" واقع تطبیق نظام إدارة المواهب البشریة من وجهة نظر الإدارة الوسطى والعلیا: دراسة حالة الجامعة الإسلامیة بغزة"، رسالة ماجستیر فی إدارة الأعمال، کلیة التجارة ، الجامعة الإسلامیة فی غزة – فلسطین، 2013 م.
[10] عبد العزیز علی حسن, الإدارة المتمیزة للموارد البشریة: تمیز بلا حدود، (القاهرة: المکتبة العصریة للنشر والتوزیع, 2009م ), ص 17.
[11] عبد الحمید المغربی، الاتجاهات الحدیثة فی دراسات وممارسات إدارة الموارد البشریة ، (القاهرة: المکتبة العصریة ،2007 م) , ص23.
[12] صلاح الدین عبدالباقی،الاتجاهات الحدیثة فی إدارة الموارد البشریة،(القاهرة: دار الجامعة الجدیدة للنشر , 2002م ) , ص21.
[13] عبدالعزیز حسن، مرجع سابق، ص ص17 – 18.
 [14]المرجع السابق , ص 23.
 [15]صلاح الدین عبد الباقی، مرجع سابق،ص 22.
 [16]المرجع سابق, ص 24.
 [17]عبدالعزیز حسن، مرجع سابق، ص 18.
[18] عبدالحمید المغربی، مرجع سابق، ص 24.
[19] صلاح الدین عبدالباقی، مرجع سابق، ص25.
[20]  د. حسن عبد المطلب العلوانی، محاضرات فی نظریة التنظیم الإداری ألقیت على طلاب ماجستیر ودکتوراه الإدارة العامة بکلیة الاقتصاد والعلوم السیاسیة ، جامعة القاهرة، بالفصل الدراسی الأول ، للعام الجامعی 2007 / 2008م.
 [21]المرجع السابق.
[22]  د. علی محمد عبد الوهاب، " إدارة الموارد البشریة وأهمیتها فی تطویر الإدارة"، بحث مقدم إلى اجتماع استشاری تنمیة الإدارة العامة والمالیة العامة - اللجنة الاقتصادیة والاجتماعیة لدول غرب آسیا، منظمة الأمم المتحدة ، فی الفترة من 1 – 3 یولیو 2003 بیروت، لبنان ، ص ص 9 - 13.
  [23]د. حسن عبد المطلب العلوانی، محاضرات فی السلوک التنظیمی ألقیت على طلاب ماجستیر ودکتوراة الإدارة العامة بکلیة الاقتصاد والعلوم السیاسیة ، جامعة القاهرة، بالفصل الدراسی الثانی ، للعام الجامعی 2007 / 2008م.
[24] Irina V. Popova-Nowak and Maria Cseh, The Meaning of Organizational Learning: A Meta-Paradigm Perspective, Human Resource Development Review,2015, Vol. 14(3) , p. 302.
[25] John E. Delery and Dorothea Roumpi, " Strategic human resource management, human capital and competitive advantage: is the field going in circles?",Human Resource Management Journal, Vol. 27, no 1, 2017, p.6.
[26] William R. King, "Knowledge Management and Organizational Learning ", Annals of Information Systems 4, DOI 10.1007/978-1-4419-0011-1_1, Springer Science& Business Media, LLC 2009, p. 3.
[27] حنان موسى أبو سلطان، دور القیادة الإستراتیجیة فی بناء قیادات الصف الثانی بالوزارات الفلسطینیة، رسالة ماجستیر فی إدارة الدولة والحکم الرشید، أکادیمیة الإدارة والسیاسة – جامعة الأقصى ، غزة ، فلسطین، 2016 م ، ص 27.
[28] د.محمد المحمدی الماضی، "دور القائد الإداریفی بناء وتمکین الصف الثانی من القیادات"، ورقة بحثیة منشورة ضمن فعالیات ملتقى دورالقائد الإداری فی بناء وتمکین الصف الثانی من القیادات ، المنظمة العربی للتنمیة الإداریة ، تونس، فی الفترة من 1 – 3 یونیو 2009م ، ص 96.
  [29]نسرین شاکر رضوان سمارة، " واقع إدارة التنوع وأثرها على الثقافة التنظیمیة بالجامعات الفسطسنیة – محافظات غزة"، رسالة ماجستیر فی إدارة الأعمال ، کلیة التجارة، الجامعة الإسلامیة بغزة – فلسطین، 2017 م ، ص ص  46 – 47.
  [30]د. محمد عبد القادر، دلیل فن إدارة الأزمات ، ص  55 ، متاح على : http://www.drkader.com/Training/01_Crisis.pdf
[31]  نضال المصری ، محمد الأغا ، " إدارة المواهب البشریة فی الجامعات الفلسطینیة : مقترح تطبیقی تنموی إستراتیجی"، بحث مقدم إلى المؤتمرالسنوی الرابع للعلوم الاجتماعیة والإنسانیة، المرکزالعربی للأبحاث ودراسة السیاسات ،مراکش - المغرب، 19 – 21 مارس 2015 م ، ص 2 .
  [32]لمزید من التوضیح، راجع نص قانون الخدمة المدنیة المصری رقم 81 لسنة 2016 م.
[33]  د. أحمد یوسف عریقات ، دور التمکین فی إدارة الأزمات فی منظمات الأعمال ، بحث مقدم إلى المؤتمر العلمی الدولی السابع بکلیة الاقتصاد والعلوم الإداریة بجامعة الزرقاء الخاصة، الزرقاء – الأردن ، د. ت ، ص . 7. ،
                                                       متاح على:   http://iefpedia.com/arab/wp-content/uploads/2009/11/10.pdf