نوع المستند : المقالة الأصلية
المؤلف
کلية التجارة وإدارة الأعمال، جامعة حلوان
المستخلص
نقاط رئيسية
تهدف هذه الدراسة إلى استخدام نموذج الجاذبیة لتحلیل التدفقات التجاریة السلعیة بین مصر ودول إتفاقیة السوق المشترکة لشرق وجنوب أفریقیا المعروفة بإتفاقیة الکومیسا، والتى تشتمل على 19 دولة خلال فترة الدراسة (2001-2016)، بإستخدام بیانات مجمعة Panel Data من خلال نموذج الآثار العشوائیة (REM) ونموذج Pooled Model. ومن أجل تحقیق هذا الهدف تم تناول الإطار النظرى لنموذج الجاذبیة، مع عرض نبذه عن نظریة التکامل الاقتصادى وتناول العلاقة بین مصر ودول الکومیسا. وتوصّلت الدراسة إلى أن هناک تأثیر إیجابى لکل من الناتج المحلى الإجمالى لدول الکومیسا، والناتج المحلى الإجمالى لمصر ومعدل الصرف على التدفقات التجاریة بین مصر ودول الکومیسا، بالإضافة إلى التأثیر السلبى للمسافة الجغرافیة، اللغة والحدود المشترکة، وعدم الإستقرار السیاسى، وسکان دول الکومیسا على التدفقات التجاریة بین مصر ودول الکومیسا.
نموذج الجاذبیة، التکامل الاقتصادى، الکومیسا، مصر.
الكلمات الرئيسية
التدفقات التجاریة بین مصر ودول الکومیسا
"نموذج الجاذبیة"
مُستخلص
تهدف هذه الدراسة إلى استخدام نموذج الجاذبیة لتحلیل التدفقات التجاریة السلعیة بین مصر ودول إتفاقیة السوق المشترکة لشرق وجنوب أفریقیا المعروفة بإتفاقیة الکومیسا، والتى تشتمل على 19 دولة خلال فترة الدراسة (2001-2016)، بإستخدام بیانات مجمعة Panel Data من خلال نموذج الآثار العشوائیة (REM) ونموذج Pooled Model. ومن أجل تحقیق هذا الهدف تم تناول الإطار النظرى لنموذج الجاذبیة، مع عرض نبذه عن نظریة التکامل الاقتصادى وتناول العلاقة بین مصر ودول الکومیسا. وتوصّلت الدراسة إلى أن هناک تأثیر إیجابى لکل من الناتج المحلى الإجمالى لدول الکومیسا، والناتج المحلى الإجمالى لمصر ومعدل الصرف على التدفقات التجاریة بین مصر ودول الکومیسا، بالإضافة إلى التأثیر السلبى للمسافة الجغرافیة، اللغة والحدود المشترکة، وعدم الإستقرار السیاسى، وسکان دول الکومیسا على التدفقات التجاریة بین مصر ودول الکومیسا.
الکلمات الإفتتاحیة:نموذج الجاذبیة، التکامل الاقتصادى، الکومیسا، مصر.
أولاً: المقدمـــة
یحظى نموذج الجاذبیة بأهمیة بالغة فى أدبیات الاقتصاد الدولى خاصة مع نمو وتزاید التکتلات الاقتصادیة الدولیة والإقلیمیة، على اعتبار أن تلک التکتلات سمة من سمات التنمیة الاقتصادیة فى العالم فى ظل المتغیرات الدولیة الجدیدة، حیث إزداد عدد الدول التى تنضم إلى التکتلات سواء تکتلات دولیة أو إقلیمیة. ومن أهم تلک التکتلات على سبیل المثال، الاتحاد الأوروبى ومنطقة التجارة الحرة لأمریکا الشمالیة على مستوى الدول المتقدمة الأعلى نمواً، أما بالنسبة لتکتلات الدول النامیة الأقل نمواً، فمنها على سبیل المثال، إتفاقیة السوق المشترکة لشرق وجنوب أفریقیا والمعروفة بإتفاقیة الکومیسا، ومجموعة التنمیة لأفریقیا الجنوبیة المعروفة بالسادک، ومجموعة شرق أفریقیا. وتم إستخدام نموذج الجاذبیة فى العدید من الدراسات کوسیلة لقیاس مدى نجاح أو فشل قیام التکتل الاقتصادى بین الدول من خلال تحدید مدى زیادة التدفقات التجاریة بین دول التکتل بالإضافة إلى توضیحه أهم العوامل التى تؤثر على نجاح أو فشل التکتل.
وقد حظى نموذج الجاذبیة بإهتمام الاقتصادیین فى التطبیق وتوضیح آثاره على التکتلات من حیث التجارة البینیة أو التدفقات التجاریة. ومن هذه الدراسات دراسة (Thai, 2006( والتى عملت على إستخدام نموذج الجاذبیة لشرح التدفقات التجاریة بین دولة فیتنام و23 دولة أوروبیة خلال الفترة (1993-2004). وإعتمدت الدراسة على نموذج الجاذبیة بإعتبار إجمالى التجارة (الصادرات والواردات) بین فیتنام والدول الأوروبیة المتغیر التابع، وکل من الناتج المحلى الإجمالى، والسکان، ومعدل الصرف الحقیقى، والمسافة الجغرافیة بین الدول، والتاریخ المشترک بین الدول بالمتغیرات المستقلة. وقد توصلت الدراسة إلى أن المسافة والتاریخ لیس لهما تأثیر على التدفقات التجاریة بین فیتنام والدول محل الدراسة بعکس الناتج المحلى الإجمالى، والسکان، ومعدل الصرف الحقیقى الذین لهم تأثیر على التدفقات التجاریة، کما توصلت إلى عدم وجود تدفقات تجاریة بین فیتنام وعدد من الدول محل الدراسة منها النمسا، وفنلندا، ولوکسمبورج(1).
کما إستخدمت دراسة (Rahman, 2009) نموذج الجاذبیة لتحدید التدفقات التجاریة لدولة استرالیا مع 57 دولة آخرى خلال الفترة (1972-2006)، وتوصلت إلى التأثیر الإیجابى للناتج المحلى الإجمالى واللغة المشترکة بین الدول، والتأثیر السلبى للمسافة الجغرافیة، وأن أکثر الدول تدفقاً للتجارة مع استرالیا هى سنغافورة، والأرجنتبین، وروسیا، والبرتغال، والیونان، وشیلى، والفلبین، والنرویج، والبرازیل، وبنجلادیش(2).
بالإضافة إلى دراسة (Abdmoulah، 2009) التى تناولت تدفقات التجارة ل 21 دولة عربیة مع 77 شریک تجارى خلال الفترة (1990-2007)، بإستخدام نموذج الجاذبیة فى محاولة لتقییم أثر إتفاقیة الأغادیر ومجلس التعاون الخلیجى فى تحفیز التجارة البینیة العربیة، وقد توصلت الدراسة إلى التأثیر الإیجابى لحجم الاقتصاد "الناتج المحلى الإجمالى" وکذلک اللغة والحدود المشترکة بین الدول، والتأثیر السلبى للمسافة على التدفقات التجاریة(3).
وإستخدمت دراسة (Bacxuan, 2010) کذلک نموذج الجاذبیة لتحلیل تدفقات الصادرات الفیتنامیة مع دول أخرى داخل قارة آسیا خلال الفترة (1986-2006). وقد تبین أن الصادرات الفیتنامیة تزداد مع الدول الآخرى مع زیادة الناتج المحلى الإجمالى ومعدل الصرف، بالإضافة إلى شراکة الدول فى تکتل الآسیان. کما تبین التأثیر السلبى للمسافة الجغرافیة على قیمة الصادرات الفیتنامیة، وأن الصاردات الفیتنامیة تزداد مع الدول القریبة منها جغرافیاً(4).
کذلک اهتم الاقتصادیین بإستخدام نموذج الجاذبیة لتحلیل التجارة المصریة مع التکتلات الاقتصادیة الأخرى، ومن تلک الدراسات: دراسة (El-Sayed، 2012) حیث تناولت التأثیر الاقتصادى للتدفقات التجاریة بین مصر وعدد من التکتلات الاقتصادیة وهى، الإفتا AFTA، والکومیسا COMSA، والاتحاد الاوروبى EU، بإستخدام نموذج الجاذبیة خلال الفترة (2007-2010). وتوصلت الدراسة إلى معنویة الناتج المحلى الإجمالى للتکتلات الثلاث على التدفقات التجاریة، بالإضافة إلى التأثیر السلبى للمسافة الجغرافیة على التدفقات التجاریة مع ملاحظة عدم معنویتهم إحصائیاً لکل من الکومیسا والاتحاد الاوروبى(5).
کما تناولت دراسة (عبد الحمید، وصبرى، 2015) التدفقات التجاریة بین مصر والدول العربیة السبع وهى: الأردن، ولبنان، ولیبیا، والسعودیة، والسودان، وسوریا، والإمارات، بإستخدام نموذج الجاذبیة خلال الفترة (1990-2013). وقد توصلت الدراسة إلى إنخفاض متوسط الأهمیة النسبیة للصادرات والواردات وحجم التجارة العربیة مقارنة بالصادرات والواردات وحجم التجارة العالمیة بنسب بلغت 4.33%، 3.17%، 3.76% على الترتیب. کذلک التأثیر الإیجابى للناتج المحلى الإجمالى لمصر والدول العربیة السبع على کل من الصادرات والواردات المصریة، مع التأثیر السلبى للمسافة الجغرافیة على الصادرات والواردات المصریة للدول العربیة السبع(6).
کما تشیر دراسة (Mahmood، Maalel and Tawfik، 2016) إلى تجارة مصر الزراعیة مع دول الکومیسا خلال الفترة (1990- 2015) بإستخدام نموذج الجاذبیة. وتوصلت الدراسة إلى التأثیر السلبى للسکان والناتج المحلى الإجمالى لمصر على التدفقات الزراعیة، والتأثیر الإیجابى للسکان والناتج المحلى الإجمالى للکومیسا على التدفقات الزراعیة، کما أن سیاسة سعر الصرف لها تأثیر غیر محدد على القطاع الزراعى فى الأجل القصیر وذات تأثیر محدد فى الأجل الطویل(7).
وتعتبر إتفاقیة الکومیسا من أقوى التکتلات الإقلیمیة والأفریقیة التی شهدها القرن الحالى. والدلیل على ذلک إستمرار إنضمام الدول الأفریقیة إلى أن وصل عدد أعضائها إلى 19 دولة حالیاً، وذلک لإعتبارها بوابة أفریقیا التجاریة حیث تم زیادة التجارة البینیة بین تلک الدول بالإضافة لفتح أسواق جدیدة وزیادة حجم السوق الأفریقى، وإنضمت إلیها مصر عام 1998 ودخلت حیز التنفیذ عام 1999 کوسیلة للإستفادة من حجم السوق الأفریقى وزیادة نشاطها التجارى والاقتصادى. وبناءً على أهمیة نموذج الجاذبیة فسیتم توضیح التدفقات التجاریة بین مصر ودول الکومیسا وأهم العوامل المؤثرة بإستخدام نموذج الجاذبیة خلال الفترة (2001-2016).
ومن ثم تتمثل مشکلة الدراسة فى إنخفاض الدور الإقلیمى لمصر فى القارة الأفریقیة سواء على المستوى الاقتصادى أو السیاسى مما إستدعى إنضمام مصر إلى التکتلات الأفریقیة لإسترجاع دورها السیاسى والاقتصادى، والإستفادة من القرب الجغرافى للقارة السمراء. ومن أهم تلک التکتلات هى تکتل الکومیسا کمحاولة لزیادة التبادل التجارى والإستفادة من حجم السوق الأفریقى أمام المنتجات المصریة مما یعمل على کسب میزة تنافسیة وزیادة حصة السوق المصرى فى السوق الأفریقى.
کما تقوم هذه الدراسة على ثلاث فرضیات أساسیة، الأولى: هى "یؤثر الناتج المحلى الإجمالى على التدفقات التجاریة بین مصر ودول الکومیسا تأثیراً ایجابیاً". الثانیة: وهى "تؤثر المسافة الجغرافیة على التدفقات التجاریة بین مصر ودول الکومیسا تأثیراً سلبیاً". الثالثة: وهى "یؤثر معدل الصرف على التدفقات التجاریة بین مصر ودول الکومیسا تأثیراً ایجابیاً".
وتهدف هذه الدراسة إلى إختبار مدى صحة أو خطأ الفرضیات الأساسیة، بجانب دراسة العلاقة بین تکتل الکومیسا ومصر والذى یمثل أحد الطرق أمام مصر للدخول إلى القارة السمراء لزیادة حصتها من السوق الأفریقى، والعمل على تقویة المنتج المحلى الذى ما زال یواجه منافسة شرسة فى السوق العالمى خاصة المنتجات ذات المیزة النسبیة مثل الغزل والمنسوجات. وفى سبیل تحقیق هذا الهدف تعتمد الدراسة على الأسلوب الوصفى فى عرض الإطار النظرى لنموذج الجاذبیة مع تناول نبذه عن نظریة التکامل الاقتصادى وتحلیل العلاقة بین دول الکومیسا ومصر، بجانب الأسلوب القیاسى بإستخدام نموذج الجاذبیة لیوضح أثر إنضمام مصر إلى الکومیسا على التدفقات التجاریة بین مصر وباقى دول الأعضاء خلال فترة الدراسة (2001-2016).
وتنقسم الدراسة إلى أربعة أقسام بخلاف المقدمة، القسم الأول یتناول الإطار النظرى لنموذج الجاذبیة، أما القسم الثانى فیوضح العلاقة بین مصر والکومیسا من خلال تناول نبذه عن نظریة التکامل الاقتصادى وتحلیل لإتفاقیة الکومیسا ومراحلها وأهم أهدافها ومبادئها، بالإضافة إلى تحلیل للصادرات والواردات المصریة بجانب تحلیل عام عن التدفقات التجاریة بین مصر ودول الکومیسا، ویختص القسم الثالث بتوصیف النموذج القیاسى وتحلیل النتائج. والقسم الأخیر یشمل الخلاصة وأهم نتائج الدراسة.
ثانیاً: الإطار النظرى لنموذج الجاذبیة
یهتم الاقتصاد إهتمام خاص بنموذج الجاذبیة لتفسیر التجارة الدولیة والتدفقات التجاریة بین الدول، خاصة مع ظهور عدد من الظواهر الاقتصادیة التى فشلت النظریات الاقتصادیة الکلاسیکیة فى تفسیرها مثل التجارة داخل الصناعة الواحدة والعناقید الصناعیة وتجزئة الإنتاج. ویأخذ نموذج الجاذبیة إسمه من قانون الجاذبیة للعالم نیوتن وهو أن قوى الجاذبیة تتوقف على کتل الأجسام المتجاذبة کما تتوقف على المسافة الفاصلة بینهما، وأثبت أن قوة التجاذب المادى بین حجمین تتناسب طردیاً مع حاصل ضرب کتلیتهما وعکسیاً مع مربع المسافة بینهما(8).
ولقد ظهر نموذج الجاذبیة لأول مرة من خلال الاقتصادى الألمانى تنبرجن Tinbergen لتحلیل تدفقات التجارة الخارجیة فى عام 1962 وسمى بنموذج الجاذبیة الأساسى. ویفسر النموذج الأساسى للجاذبیة تدفق التجارة (صادرات أو واردات) (Fij) من الدولة محل الدراسة (i) إلى الدولة أو الدول الآخرى (j) على أنه حاصل ضرب الناتج المحلى الإجمالى لکل من الدولتان (GDPi, GDPj) مقسوماً على المسافة (D) بینهما بالإضافة إلى الثابت(9).
(1) Fij = GDPi × GDPj ÷ Dij
ویلاحظ أن تفسیر تدفقات التجارة إعتمد على ثلاث متغیرات متمثلة فى حجم اقتصاد الدولة محل الدراسة (i) ویتم التعبیر عنها بالناتج المحلى الإجمالى، وحجم اقتصاد الدولة أو الدول الآخرى (j) ویتم التعبیر عنها بالناتج المحلى الإجمالى، والمسافة الجغرافیة بینهما(D). وتزید تدفقات التجارة على وجه التحدید إذا زاد حجم اقتصاد الدولة i فى حین تتقلص تدفقات التجارة بین الدولتینi و jإذا زادت المسافة بینهما.
وتفسر متغیرات النموذج الأساسى جزءاً بسیطاً من التغیرات فى تدفقات التجارة، لذلک عمل الکثیرین على إدخال العدید من المتغیرات الإضافیة التى تفسر قرب أو بعد التجانس بین هذه الدول، ومن هذه المتغیرات، مستوى متوسط الدخل، وعدد السکان، ومستوى الأسعار، واللغة والحدود المشترکة، والتاریخ المشترک، ومعدلات الصرف. کذلک فقد تم إعتماد متغیرات وهمیة (Dummy Variable) لتقییم أثر الإتفاقیات الإقلیمیة فى تعزیز التدفقات التجاریة بین الدول المنتمیة لهذه التکتلات، وعلى الرغم من الإنتقادات الموجهة إلى أن إستخدام المتغیرات الوهمیة یؤدى إلى سوء صیاغة النموذج، بالإضافة إلى التشکیک فى مدى ملاءمة النموذج الخطى للجاذبیة، وذلک لإحتمال إنحیاز تقدیرات المرونة الحقیقیة من خلال تقدیر معالم النموذج الخطى بإستخدام طریقة المربعات الصغرى(10).
ویستخدم نموذج الجاذبیة لمعالجة موضوعات مرتبطة بالتجارة الدولیة مثل التکلفة عند الحدود، ففى ظل وجود تسهیلات للحدود المشترکة للتجارة الثنائیة بین الدولتین فإن نفس الحدود یمکن أن تکون عائقاً للتجارة مع بقاء العوامل الآخرى ثابتة دون تغیر، فإن التجارة البینیة للإقلیم یجب أن تنمو بمعدل أسرع من التجارة بین الأقالیم فى الدولتین وهو ما یعرف بأثر الحدود. کما یستخدم فی تفسیر أنماط التجارة حیث یمکن أن تفسر أنماط التجارة بإستخدام معادلة النموذج، بالإضافة للتجارة الکلیة والتجارة الثنائیة فیما بین الصناعات، حیث تم وضع مؤشرات لها على مستوى الصناعة. وهذه المؤشرات سواء کانت کلیة أو بمتوسط مرجح تم تفسیرها بإستخدام معادلة جاذبیة وکذلک نوع التجارة کطریقة بدیلة لتحلیل التجارة داخل الصناعات(11).
کما یتم إستخدام نموذج الجاذبیة لتفسیر أثر خلق التجارة وتحویل التجارة فى معالجة موضوع الإقلیمیة من خلال متغیرین، الأول، هو both in ویفسر أن الدولتان فى الإتفاقیة. الثانى in out ویفسر أن الدولتان خارج نطاق الإتفاقیة. وبالتالى فإذا کانت الإشارة المقدرة للمتغیر both in موجبة فإن هناک خلقاً للتجارة نتیجة الإقلیمیة، وعلى العکس من ذلک لو أن الإشارة المقدرة للمتغیر in out سالبة فإن هناک تحویل للتجارة، ویتم إجراء هذا الإختبار لکى نوضح التجارة المحتملة کنتیجة للتکامل الإقلیمى(12). بالإضافة إلى تقدیر التجارة المحتملة حیث یفسر نموذج الجاذبیة الصادرات الثنائیة بین دول العینة التى تم إختبارها، ویستخدم النموذج فى عملیة المحاکاة للحصول على التجارة الثنائیة الطبیعیة بین أى من الدول بالإعتماد على المسافة، والناتج المحلى الإجمالى، والسکان، ومقارنتها بعد ذلک بالتجارة المحتملة فنحصل على الصادرات الثنائیة المحتملة.
وبالرغم من أهمیة نموذج الجاذبیة وإستخدامه المتکرر فى العدید من الدراسات لتفسیر التدفقات التجاریة بین الدول، إلا أنه ظهر العدید من المشاکل والعیوب بتطبیق النموذج والتى تقلل من قدرته التفسیریة للتدفقات وفى بعض الأحیان یجعل القیاس القائم على النموذج أقل دقة. ومن هذه المشاکل هناک مشکلة تعدد العلاقات الخطیة حیث أنه ضمن فروض نموذج الإنحدار المتعدد أنه لا یوجد أى علاقة خطیة بین المتغیرات التفسیریة من النموذج، ولما کان هناک إرتباط بین متغیرین أو أکثر من المتغیرات التفسیریة التى یتضمنها النموذج خصوصاً تلک التى تتضمن سلاسل زمنیة، وعلى الرغم من وجود عدد من الدراسات لإختبار تعدد العلاقات الخطیة فإن أى منها لم یتلق قبولاً واسعاً، وأحد تلک الإختبارت یشترط العدد المترابط ببیانات التغیرات، وعندما یزید عن 20 أو 30 یدل ذلک على وجود تعدد للعلاقات الخطیة(13). کما أن هناک مشاکل مرتبطة بکیفیة قیاس المتغیرات مثل الدخل والمسافة فلا توجد هناک أى مشاکل سوى توحید طریقة القیاس المستخدمة فى نماذج القیاس، وعلیه فلابد من توحید قیاس المسافة مثلاً بالکیلو متر بین عواصم الدول محل الدراسة(14). کما أن البیانات المستخدمة فى النموذج سواء بیانات مقطعیة أو بیانات سلسلة زمنیة فهناک صعوبة فى جمع البیانات عبر فترة زمنیة طویلة حیث کان ذلک یمثل قیداً على إستخدام النموذج قبل ذلک.
بالإضافة إلى تعرض نموذج الجاذبیة لعدد من التحدیات إستطاع عدد من الاقتصادین مواجهتها، ومن أهم هذه التحدیات تحدى التدفقات التجاریة الصفریة Zero Trade Flows والذى بدأ مع وضع تنبرجن النموذج الأساسى للجاذبیة، حیث طریقة المربعات الصغرى العادیة ols لا تستقبل بیانات صفریة فى القیاس للتدفقات التجاریة لأنها تسقط من القیاس خاصة مع تحول المعادلة إلى الشکل اللوغارتیمى(15). ولمواجهة هذا التحدى لجأ (Head and Mayer، 2014) بوضع رقم آخر غیر الصفر یتم الإتفاق علیه فى وضع الأرقام، إلا إن ذلک یؤثر على دقة البیانات ومن ثم صحة نتائج القیاس، کما تم مواجهتها من قبل (Rubinstein, Melitz and Helpman، 2008) من خلال تطبیق النموذج على مرحلتین، الأولى تحدید الصادرات بالإعتماد على التکالیف الثابتة فقط، والمرحلة الثانیة إستخدام طریقة ols والإعتماد على عینة إیجابیة لا تحتوى على أصفار للتدفقات التجاریة. وسمیت هذه الطریقة بHMR Estiamation(16). کذلک هناک تحدى تکالیف التجارة الثنائیة Bilateral Trade Costs حیث تمثل أهمیة کبیرة فى التوازن الجزئى والتوازن العام، لذلک تم الإتفاق على وضع تکالیف التجارة الثنائیة کمتغیر فى معادلة نموذج الجاذبیة(17).
وبالرغم من کافة الإنتقادات والعیوب والتحدیات التى یشملها نموذج الجاذبیة إلا إنه یستخدم بشکل واسع خاصة مع التطور الهائل فى طرق القیاس والتى تمکِّن من تقدیر العلاقات السببیة بین المتغیرات المفسِّرة وتدفقات التجارة. ویرجع ذلک لعدد من الأسباب والإعتبارات أهمها، ان نموذج الجاذبیة یتمیز بتقدیم أقوى التفسیرات الممکنة فى علم الاقتصاد فى ظواهر التجارة الدولیة الجدیدة مثل العناقید الصناعیة والتجارة داخل الصناعات، بالإضافة إلى قدرة عالیة على التفسیر فى أوضاع اقتصادیة مختلفة، کما أنه یستخدم کثیراً لمقارنة التجارة داخل الدول أو فیما بینها (کما تم توضیحه فى الدراسات السابقة). کذلک یعمل على إدخال عدد کبیر من العوامل التى تمثل عنصر هام من عناصر زیادة أو إنخفاض التکالیف التجاریة مثل المسافة بین الدول، واللغة والحدود المشترکة، والرابط التاریخى، ومدى التقلب فى أسعار الصرف حیث تعتبر تلک العوامل الجاذبة لتدفق التجارة بین دولتان أو أکثر(18). کما أرجع تنبرجن المؤسس الأساسى لنموذج الجاذبیة أن العوامل التى تقف وراء تدفق التجارة السلعیة بین الدول حول العالم إلى حجم وقوة النظام الاقتصادى للدول معبراً عنها بالناتج المحلى الإجمالى لکل دولة والمسافة فیما بینها کؤشر لتکلفة نقل البضائع مما یؤثر على تکالیف التجارة بصفة عامة(19).
ثالثاً: التکامل الاقتصادى (الکومیسا ومصر)
تتجه معظم دول العالم النامى منها والمتقدم إلى قیام تکاملات اقتصادیة نتیجة ما یمر به العالم من تغیرات اقتصادیة مختلفة، والتى لم تعد قاصرة على دولة دون أخرى بل تؤثر على العالم أجمع. وتهدف التکاملات الاقتصادیة إلى تحقیق المزید من القدرة الإنتاجیة لدول الأعضاء، من خلال الإستخدام الأمثل للموارد الاقتصادیة، وخلق فرص جدیدة للإستثمار، مما ینعکس على زیادة معدلات النمو الاقتصادى ورفع مستوى معیشة الأفراد داخل دول التکامل الاقتصادى.
ویعرف تنبرجن Tinbergen التکامل الاقتصادى بأنه وسیلة لتحریر التجارة بین مجموعة من الدول الأعضاء تؤدى فى النهایة إلى تساوى اسعار عناصر الإنتاج فى ظل فروض سیادة المنافسة الکاملة، وتشابه أنماط الطلب العالمى وغیاب نفقات النقل وتشابه دوال عناصر الإنتاج وعدم قابلیة تبدیل کثافة عناصر الإنتاج(20). کما یعرف بلاسا Balassa التکامل الاقتصادى بأنه تحریر کافة عناصر الإنتاج سواء العمالة أو رؤوس الأموال، أو إزالة کافة القیود الجمرکیة وغیر الجمرکیة بین الدول الأعضاء فى شکل إتفاق محدد تحت إطار التکامل الاقتصادى لرفع معدلات النمو وخفض معدلات البطالة(21). ویعرف میردال Myrdal التکامل الاقتصادى بأنه عملیة تحریر التجارة الخارجیة بین الدول الأعضاء، یتحقق بمقتضاها تساویاً فى اسعار عناصر الإنتاج أو تحریر إنتقال عناصر الإنتاج أو الإثنین معاً(22).
وبشکل عام یمکن النظر للتکامل الاقتصادى التام على إنه إزالة کافة العقبات التى تعترض التجارة القائمة بین مجموعة من الدول الأعضاء فى التکامل الاقتصادى، وفى مقدمتها إزالة العقبات الجمرکیة وغیر الجمرکیة والعقبات التى تعرقل إنسیاب حرکات رؤوس الأموال وإنتقال العمالة وتنسیق وتجانس السیاسات الاقتصادیة المختلفة التى تؤدى إلى نشأة کیان اقتصادى واحد بین هذه الدول.
ویتضح من التعریفات السابقة صعوبة تطبیق الدول للتکامل الاقتصادى بشکل کامل دفعة واحدة، ومن ثم وضع بلاسا Balassa(23)عدد من مراحل التکامل الاقتصادى، تتمیز کل مرحلة بتهیئة الدول الأعضاء لدرجة من التکامل تجعلها تصلح للإنتقال إلى المرحلة التالیة وصولاً إلى مرحلة التکامل الاقتصادى التام(24).
وتعتبر نظریة التکامل الاقتصادى من احدث النظریات الاقتصادیة فى الفکر الحدیث وقد أسست النظریة بناءً على مرحلة الاتحاد الجمرکى لأنها تعتبر من انجح مراحل التکامل تطبیقاً وإنتشاراً. ویقوم النموذج الاساسى لنظریة الاتحاد الجمرکى على ما یسمى قانون فاینر للاتحادات الجمرکیة الذى یعتمد على فروض نظریة هیکشر أولین لنسب عناصر الإنتاج وهى، تشابه دوال الإنتاج الخطیة والمتجانسة، وسیادة المنافسة الکاملة، وعدم قدرة عناصر الإنتاج على التنقل دولیاً، وتشابه أذواق المستهلکین(25)، کذلک یفترض فاینر عدم إمکانیة الإحلال فى جانب الطلب مما یعنى مساواة جمیع مرونات الطلب السعریة للصفر "عدیم المرونة"، وخضوع الإنتاج لظروف النفقة الثابتة فى جانب العرض مما یعنى مساواة جمیع مرونات العرض السعریة ما لا نهایة.
وإعتمدت النظریة على المقارنة بین تأثیر قوتین على التجارة الدولیة تتمثل القوة الأولى، فى القوة التحویلیة أو قوة تحویل التجارة وهى تمثل الإنتقال من منتجین خارج التکامل الأقل تکلفة (الأکثر کفاءة) إلى اعضاء التکامل الأکثر تکلفة (أقل کفاءة). ومن ثم فهى تؤدى إلى تخفیض الرفاهیة لأنها تعمل على تحویل الدولة العضو "فى الاتحاد الجمرکى" من الإستیراد من الدولة صاحبة المیزة النسبیة الأقل تکلفة إلى الدولة العضو "فى الاتحاد الجمرکى" ذات التکلفة الأعلى. وتتمثل القوة الثانیة فى القوة الإنشائیة أو قوة خلق التجارة، وهى تعنى التوسع فى التجارة العالمیة بسبب تکوین الاتحاد الجمرکى ویأتى ذلک نتیجة الإنتقال فى الإستیراد من مصادر إنتاجیة أکثر تکلفة (أقل کفاءة)، بسبب فرض تعریفة جمرکیة على الواردات من الدولة غیر العضو فى التکامل إلى مصادر أقل تکلفة (أکثر کفاءة) بسبب عدم فرض تعریفة جمرکیة على واردات الدولة العضو فى التکامل. وتؤدى قوة خلق التجارة إلى زیادة الرفاهیة لأنها تعمل على تحویل الدولة العضو من الإستیراد من الخارج ذات التکلفة الأعلى إلى دولة العضو ذات التکلفة الأقل(26).
ویتوقف الأثر النهائى للاتحاد الجمرکى للدولة من خلال المقارنة بین نتائج القوتین الإنشائیة والتحویلیة، فإذا کانت أثر القوة الإنشائیة أکبر من القوة التحویلیة أصبح للتکامل دور فى رفع معدل الرفاهیة الاقتصادیة للدول، أما فى حالة تفوق أثر القوة التحویلیة على القوة الإنشائیة أصبح للتکامل دور فى خفض الرفاهیة الاقتصادیة لهذه الدول.
وهناک عدد من مناهج تطویر النظریة الأساسیة للاتحاد الجمرکى قائمة على عدم تطرق نظریة الاتحاد الجمرکى إلى کیفیة سیر العملیة الاقتصادیة من اهمها، منهج کوبر- میسل Cooper-Massell Approach، ومنهج جونسون Johnson Approach، حیث یعتمد الأول على التفرقة بین نوعین من الآثار الاقتصادیة لتکوین الاتحاد الجمرکى، النوع الأول یتعلق بإلغاء الرسوم الجمرکیة على التجارة البینیة بین دول الاتحاد الجمرکى، والثانى یتعلق بعملیة إعادة فرض الرسوم الجمرکیة الموحدة على واردات الاتحاد من العالم الخارجى. ومن ثم فإن رفاهیة المستهلک تزداد فى النوع الأول عن النوع الثانى حیث تؤدى إلغاء الرسوم الجمرکیة على التجارة البینیة بین الدول الأعضاء إلى إعطاء الفرصة للمستهلک لمزید من الإختیارات والإشباع وهذا هو الأثر الإیجابى لفاینر لإقامة الاتحاد الجمرکى، أما النوع الثانى فإن فرض الرسوم الجمرکیة على دول خارج الاتحاد تقید إختیارات المستهلک وتقلل من الإشباع ویمثل هذا الأثر التحویلى للاتحاد الجمرکى(27).
وفیما یتعلق بمنهج جونسون فهو یعمل على تفسیر الاتحاد الجمرکى على أنه إحدى سیاسات الحمایة حیث یقوم بتحسین معدلات التبادل الدولیة، والحصول على المکاسب الدینامیکیة، وزیادة المنافسة داخل أسواق الاتحاد الجمرکى، وتحقیق الإستقرار الاقتصادى لدول الأعضاء. کما حدد جونسون أن التکامل وسیلة لتحقیق مجموعة من الأهداف غیر اقتصادیة ومنها السلع العامة التى تتخذ شکل التفضیل الجماعى للإنتاج الصناعى، وتمثل دالة فى الرفاهیة الإجتماعیة للاقتصاد القومى باکمله بجانب السلع الخاصة. کما أنها وسیلة الدولة للحصول على التأیید من الأفراد فى الإنتخابات والتصویت، لذلک فإن الدول الصناعیة صغیرة الحجم اقتصادیاً تتجه إلى الدخول فى اتحادات جمرکیة للحصول على التحریر المتبادل بین الدول الأعضاء والحصول على الحمایة المطلوبة لسلعها من المنافسة الخارجیة من الدول خارج الاتحاد بالإضافة إلى التأیید الشعبى لها(28).
ومن اشهر الاتحادات الجمرکیة على مستوى القارة الأفریقیة الکومیسا COMESA. وهى إختصار Common Market for Eastern and Southern Africa وتعنى السوق المشترکة لشرق وجنوب أفریقیا، وهو تجمع إقلیمى اقتصادى یضم 19 دولة أفریقیة إتفقت على تحقیق التکامل الإقلیمى، من خلال خطط وبرامج ومشاریع تهدف لتنمیة جمیع شعوب الإقلیم. وهى، مصر، وکینیا، والسودان، ولیبیا، وزامبیا، وملاوى، وزیمبابوى، وأثیوبیا، وجیبوتى، ومدغشقر، وأوغندا، وأریتریا، والکونغو الدیمقراطیة، وبوروندى، ورواندا، وسیشل، وجزر القمر، وسوازیلاند، وموریشیوس.
أنشئت الکومیسا عام 1993 ودخلت حیز التنفیذ عام 1994 کخطوة لاحقة لإنشاء منطقة التجارة التفضیلیة لدول شرق وجنوب أفریقیا عام 1981 ودخولها حیز التنفیذ عام 1982. وتهدف الکومیسا إلى تنشیط التجارة الإقلیمیة وإنشاء المؤسسات التى تکفل تنفیذ التعاون بین الدول الأعضاء، بحیث یمکن من خلالها ضمان الإستغلال الأمثل للموارد الأفریقیة، کما تعمل على خلق بیئة مواتیة للإستثمارات المحلیة والأجنبیة وتشجیع أنشطة البحوث والتطویر ووضع قانون مشترک للإستثمار بالإضافة إلى تحریر حرکة الأفراد ورؤوس الأموال، کذلک تهدف إلى التعاون فى المجالات الزراعیة والأمن الغذائى من خلال تحریر التجارة والتعاون الجمرکى وإنشاء اتحاد جمرکى وإلغاء العوائق الجمرکیة وغیر الجمرکیة بین الدول الأعضاء، والتعاون فى مجالات النقل والمواصلات حیث تعمل الإتفاقیة على تشجیع التعاون من أجل تسهیل عملیة نقل السلع وتیسیر إنتقال عوامل الإنتاج والأفراد، بالإضافة إلى مجالات الصناعة والطاقة حیث تبنى معاییر ونظم قیاسیة ومعاییر جودة موحدة وتوفیر بیئة جاذبة للإستثمار، کما تعمل على توحید السیاسات الاقتصادیة الکلیة وتسهیل قابلیة تحویل العملات تدریجیاً لضمان وضع سیاسة موحدة خاصة بالتمویل، کذلک المساهمة فى مجال التنمیة الزراعیة ووضع سیاسة زراعیة موحدة لزیادة الإنتاج الزراعى وإنخفاض الواردات الزراعیة من دول خارج الاتفاقیة(29).
ومرت الإتفاقیة بمراحل التکامل الاقتصادى بدایة من إتفاقیة التجارة التفضیلیة فى عام 1980، حیث تتبادل الدول الأعضاء السلع المنتجة فیها والمستوفاه لقواعد وشروط المنشأ المتفق علیها بتعریفة جمرکیة تفضیلیة مخفضة بنسب معینة. ثم مرحلة منطقة التجارة الحرة فى عام 2000، حیث یتم إزالة کافة التعریفات الجمرکیة وغیر الجمرکیة أمام حرکة التجارة بین الدول الأعضاء وتمنح التعریفة الصفریة للسلع المستوفاه لقواعد المنشأ المتفق علیها( وهى أن تکون المنتجات بالکامل من دولة العضو، أو تکون السلع قد تم إنتاجها فى دولة العضو جزئیاً وأن یتم إجراء تحول جوهرى علیها بشرط ألا تتجاوز قیمة المواد المستوردة الداخلة فى إنتاج السلعة شاملة المصاریف 60% من التکلفة الإجمالیة للمواد المستخدمة فى إنتاجها، أو أن تصل القیمة المضافة الناتجة عن عملیات الإنتاج إلى 45% على الأقل من تکلفة السلعة عند باب المصنع)، مع إحتفاظ کل دولة بتعریفتها الجمرکیة الخاصة لتطبق على السلع المستوردة من الدول الأخرى خارج الإتفاقیة. وقد تم إعلان تطبیق التعریفة الصفریة فى عام 2000 وبلغ عدد الأعضاء التى تطبقها 13 دولة وهى، السودان، ومصر، ولیبیا، وکینیا، وجیبوتى، وملاوى، وموریشیوس، ومدغشقر، وجزر القمر، وبورندى، ورواندا، وزامبیا، وزیمباوى. وباقى الدول وصلت إلى 80% من التخفیض لکل من أوغندا، واریتریا، و70% لجمهوریة الکنغو الدیمقراطیة، و10% لدولة أثیوبیا، أما سیشل وسوزیلاند لا تطبق أى منهما تخفیض جمرکى(30).
أما مرحلة الاتحاد الجمرکى فقد تم الإتفاق على إنشاءه فى عام 2009 ووضع خطوات تنفیذه فى عام 2012، کذلک تم توحید نظام کامل للنظم الجمرکیة بین الدول الأعضاء مع تنسیق القوانین والإجراءات والمستندات، وتطبیق تعریفة موحدة على السلع المستوردة من خارج الاتحاد، ثم تصبح سوق مشترکة فى عام 2015، إلا للأسف لم تستطع الدول تطبیق وتنفیذ الإجراءات اللازمة لإنتقال منطقة التجارة الحرة إلى اتحاد جمرکى ومن ثم إلى سوق مشترکة، وبالتالى توقفت الکومیسا فى مرحلة منطقة التجارة الحرة إلى الآن(31).
وقد حددت المادة السادسة من الإتفاقیة مجموعة من المبادىء یلتزم بها الدول الأعضاء ومنها، المساواة والإعتماد المتبادل بین الدول الأعضاء، التضامن بین الدول الأعضاء وتنسیق السیاسات وتکامل البرامج بینهم، عدم الإعتداء بین الدول بما یکفل تحقیق السلام والأمن والإستقرار، الإعتراف بحقوق الإنسان والشعوب وحمایتها طبقاً للمیثاق الأفریقى لحقوق الإنسان، تسویة المنازعات بین الدول الأعضاء سلمیاً، والتعاون الفعال بین الدول المتجاوره وتشجیع الحفاظ على بیئة سلیمة کأحد متطلبات التنمیة الاقتصادیة(32).
وبالرغم من کافة الإجراءات والمبادىء المطبقة بین الدول الأعضاء إلا أن إتفاقیة الکومیسا تعانى من بعض العقبات والتحدیات السیاسیة. فعلى سبیل المثال، تعانى دول الکومیسا من المنازعات الحدودیة بین أعضاء الإتفاقیة مثل الصراع بین أثیوبیا واریتریا على الحدود، ومطالب أوغندا ببعض أراضى کینیا، کذلک النزاع بین مالاوى وتنزانیا، بالإضافة إلى الحروب الأهلیة فى دول رواندا، وبورندوى، وجمهوریة الکنغو الدیمقراطیة. کذلک عدم وجود آلیه إقلیمیة على مستوى الإتفاقیة لفض المنازعات مثل باقى التکتلات دون الإکتفاء بعملیات الإدانة والرفض فقط لبعض التصرفات والقرارات السیاسیة(33).
کما تعانى الکومیسا من بعض العقبات والتحدیات الاقتصادیة، مثل إعتماد دول الأعضاء على عدد محدود من المواد الخام فى صادراتها، کذلک معظم دول الإتفاقیة تعتمد على سلعة واحدة للتصدیر، وإرتفاع حجم المدیونیة، وزیادة خدمة الدین العام، وعدم وجود طرق نقل لتسهیل عملیات التبادل التجارى بین الدول الأعضاء ما یزید من التکلفة. بالإضافة إلى عدم قدرة عدد من الدول الأعضاء لتوفیر الموارد المالیة اللازمة لتنفیذ المشروعات الاقتصادیة، مما یؤثر على إستکمال مراحل التکامل الاقتصادى بین تلک الدول(34).
وقعت مصر على الإنضمام إلى إتفاقیة السوق المشترکة لشرق وجنوب أفریقیا فى عام 1998 وقد دخلت حیز التنفیذ فى عام 1999، حیث تم البدء فى تطبیق الإعفاءات الجمرکیة على الواردات من باقى الدول الأعضاء على أساس مبدأ المعاملة بالمثل للسلع التى یصاحبها شهادة المنشأ معتمدة من الجهات المعنیة بکل دولة.
وتستفید مصر من الإنضمام للإتفاقیة العدید من المزایا منها، زیادة حجم السوق المتاح للسلع المصریة حیث یبلغ تعداد الکومیسا ما یزید عن 490 ملیون نسمة، بالإضافة إلى النفاذ لأسواق أربع عشرة دولة من الدول الأفریقیة بدون سداد رسوم جمرکیة تطبیقاً لمبدأ الإعفاءات الجمرکیة المتبادلة حیث تقوم تلک الدول بمنح وارداتها من الدول الأخرى إعفاء تام من التعریفة الجمرکیة. کما یتم الإستفادة من هیکل واردات الدول الأعضاء، فتقبل تلک الدول على إستیراد العدید من السلع التى تتمتع مصر بمیزة عالیة فى إنتاجها وعلى رأسها السلع الهندسیة والأدوات المنزلیة، والبصل المجفف، والسیرامیک والأدوات الصحیة، والأدویة، وإطارات السیارات، ومنتجات الألومنیوم، والحدید والصلب، والغزل والمنسوجات والأحذیة، کذلک إمکانیة إستیراد العدید من المواد الخام اللازمة للصناعة المصریة ومؤثرة على رفاهیة المستهلک المصرى بإعفاء جمرکى مثل، النحاس، والبن والشاى، والجلود الخام، والماشیة واللحوم، والسمسم والذرة والتبغ. والإستفادة من المساعدات المالیة التى یقدمها البنک الأفریقى وغیره من المؤسسات المالیة الدولیة فى مجال تنمیة الصادرات إلى دول أفریقیا، بالإضافة إلى الإنخراط فى الإتفاقیات الأفریقیة الذى سیعید دور مصر الفعال ومکانتها الدولیة فى ریادة القارة الأفریقیة، مع إقامة نظام متقدم لتبادل المعلومات داخل الدول الأعضاء(35).
کما أن مصر امامها العدید من الفرص التى من الممکن الإستفادة منها أهمها على سبیل المثال، تفعیل الإستفادة من مؤسسات الکومیسا فى تنمیة الصناعات الإقلیمیة وزیادة کفاءتها وتوفیر خدمات سداد المدفوعات، بالإضافة إلى تکثیف التعاون بین الهیئة المصریة العامة للمواصفات والجودة ونظیراتها فى الدول الأفریقیة لتسهیل الحصول على مواصفات المنتجات. ونظم تقییم المطابقة وعلامات الجودة للمنتجات الأکثر تبادلاً بین هذه الدول، مما یؤدى إلى تسهیل وإزالة الحواجز الفنیة على التجارة، کذلک زیادة البرامج التدریبیة بین مصر والکومیسا ودول حوض النیل فى المجال التجارى والصناعى مثل، البرامج المتفق علیها مع دولة السودان. کما یتم توفیر الدورات التدریبیة والخبراء والإستشاریین فى مجالات المواصفات والجودة لدول الکومیسا(36).
وقد وضعت مصر مجموعة من الآلیات الجدیدة لتحسین التبادل التجارى بینها وبین دول الکومیسا، فقد أقرت نظام إلکترونى للتدخل السریع لإزالة أیة عقبات تتصل بالتصدیر أو الإستیراد حیث یعمل هذا النظام على تتبع وحل مشکلات المصدرین والمستوردین وتحدید نقاط اتصال للمتابعة (نقطة الإتصال المصریة فى قطاع الإتفاقیات التجاریة بورزاة التجارة)، حیث تتلقى الشکاوى المتعلقة بأیة صعوبات تواجه المصدرین أو المستوردین. بالإضافة إلى الوکالة الإقلیمیة للإستثمار والتابعة للکومیسا ومقرها مصر وهو ما یسهل على المستثمرین متابعة الأحوال الاقتصادیة الخاصة بالإقلیم، بالإضافة إلى جذب الإستثمارات إلى الإقلیم ومصر بصفة خاصة.
کما یقوم البنک المرکزى المصرى بدراسة ومتابعة نظام تسویة المدفوعات الإقلیمیة للکومیسا، وبالأخص الإجراءات القانونیة والمتطلبات الخاصة بالمراحل التشغیلیة الأولیة تمهیداً لتفعیل النظام بین الدول الأعضاء على قیام البنوک المرکزیة بتأدیة دور الوسیط فى تسویة المدفوعات الناتجة عن العملیات التجاریة. مع معالجة المعوقات التى تواجه المنتجات والصادرات المصریة فى إطار اللجنة الوطنیة لمتابعة ورصد القیود غیر الجمرکیة فى التکتلات الأفریقیة الثلاث الکومیسا، والسادک(37)، وجماعة شرق أفریقیا(38)، حیث تم تشکیل اللجنة برئاسة رئیس قطاع الإتفاقیات التجاریة وعضویة الجهات المعنیة من القطاعین العام والخاص، وقد عقد الإجتماع الأول فى دیسمبر عام 2013 والذى تناول أهم المشاکل التصدیریة التى تواجه المستثمرین فى التوجه نحو دول التکتلات الثلاث وسبل وآلیات التغلب علیها(39).
وتتمتع کافة السلع المصریة إلى الدول الأعضاء بإعفاء تام من کافة الرسوم الجمرکیة وفقاً لنسب التخفیضیات التى تقرها کل دولة وعلى أساس مبدأ المعاملة بالمثل. ولا یوجد إستثناءات إلا لدولة السودان، حیث تقدمت السودان فى عام 2001 بقائمة سلبیة تتضمن 58 سلعة لا یسمح بإستیرادها من مصر إلا بعد سداد الرسوم کاملة، ثم قامت السودان فى عام 2003 بناءً على طلب من الجانب المصرى بإعادة تقییم وتخفیض عدد السلع المدرجة فى القائمة، ومن ثم عملت السودان على تخفیض الرسوم الجمرکیة بنسبة 30% على بعض السلع، على سبیل المثال لا الحصر، مراتب الإسفنج، والمواسیر، والتلیفزیونات، والأثاث المنزلى، مع إستمرار باقى السلع فى القائمة بسداد الرسوم کاملة مثل، السکر، والدقیق، والقطن الطبى، والدهانات، والعصائر، والبسکویت، والعطور، والثلاجات، ومکیفات الهواء، والاسمنت، والالومنیوم، والأثاث المکتبى. أما الواردات المصریة المسثناه من الرسوم الجمرکیة تسرى على کافة السلع المستوردة من جمیع الدول الأعضاء والتى تحقق قیمة مضافة تساوى 45%، ولا تحتفظ مصر بأى قوائم سلبیة سوى مع السودان کما تم ذکرها(40).
ویوضح جدول (1) فى الملحق أهم السلع المصدرة والمستوردة المصریة إلى ومن أهم الشرکاء من دول الکومیسا خلال الفترة الزمنیة (2010-2016)، فمن الملاحظ إستحواذ لیبیا والسودان وکینیا على أهم السلع المصدرة المصریة والتى تتمثل فى، مواد البناء والمنتجات المعدنیة، والسلع الزراعیة، والصناعات الغذائیة، والمنتجات الکمیاویة والدوائیة. فعلى سبیل المثال بلغت الصادرات المصریة الإجمالیة من مواد البناء والمنتجات المعدنیة نحو 567 ملیون دولار فى عام 2010، واستمرت بالتغیر إلى أن وصلت فى عام 2012 تقریباً 808 ملیون دولار، ثم إنخفضت لتصل إلى 522 ملیون دولار فى عام 2016.
وعلى الجانب الآخر استمرت مواد البناء والمنتجات المعدنیة، وکذلک کل من السلع الزراعیة والصناعات الغذائیة من أکثر السلع المستوردة المصریة، بالإضافة إلى الحیونات الحیة ومنتجاتها. کذلک إستحوذت لیبیا والسودان على الواردات المصریة بالإضافة إلى کینیا وتنزانیا، وعلى سبیل المثال بلغت الواردات المصریة الإجمالیة من مواد البناء والمنتجات المعدنیة 229 ملیون دولار فى عام 2010، واستمرت فى الزیادة إلى أن بلغت 338 ملیون دولار فى عام 2012، و386 ملیون دولار فى عام 2016.
ویشیر جدول (2) فى الملحق لحجم الصادرات المصریة إلى دول الکومیسا، التى شهدت الإرتفاع المستمر لحجم الصادرات المصریة خلال فترة الدراسة (2001-2016)، حیث إرتفعت من 64.18 ملیون دولار فى عام 2001، وإستمرت بالزیادة بشکل تدریجى إلى أن وصلت 369.80 ملیون دولار فى عام 2007، بنسبة زیادة تصل إلى 476%. وتعتبر لیبیا من أکثر الدول إستیراد من مصر حیث وصلت حجم الصادرات المصریة لها 45 ملیون دولار فى عام 2001، واستمرت بالزیادة لتصل إلى 247 ملیون دولار فى عام 2007، بنسبة بلغت حوالى 60% من إجمالى حجم الصادرات المصریة إلى دول الکومیسا. ومنذ عام 2008 حدثت طفرة فى حجم الصادرات حیث بلغت 1055.05 ملیون دولار، ثم بلغت 2495.004 ملیون دولار فى عام 2012، بنسبة زیادة وصلت إلى 136.4%. واستحوذت لیبیا على النصیب الأکبر من حجم الصادرات حیث بلغت 1439 ملیون دولار عام 2012، بنسبة بلغت حوالى 50% من إجمالى الصادرات. وقد یرجع ذلک لإتجاه الدول الأفریقیة لزیادة التبادل التجارى فیما بینها خاصة بعد الأزمة المالیة العالمیة فى 2007، وتدهور اقتصادیات الدول الأوروبیة التى تعتبر الشریک الأکبر فى حجم التجارة الافریقیة.
ومنذ عام 2013 إلى نهایة فترة الدراسة تدهورت حجم الصادرات المصریة بشکل تدریجى حیث بلغت 2390 ملیون دولار فى عام 2013، وإنخفضت لتصل إلى 1986 ملیون دولار فى عام 2014، بنسبة إنخفاض تصل إلى 18.8%. واستمر الإنخفاض إلى أن بلغ 1726، و1636.9 ملیون دولار خلال عامى 2015 و2016 على الترتیب. وقد یرجع ذلک إلى الظروف السیاسیة التى تواجهها مصر فى ذلک الوقت من إنهیار النظام السیاسى، ومن ثم التأثیر على الوضع الاقتصادى، وإنهیار بعض الشرکات الإنتاجیة المصدرة، ومن ثم عجز کبیر فى المیزان التجارى والذى یؤدى بدروه إلى المزید من عجز فى میزان المدفوعات. والدلیل على ذلک إنخفاض حجم الصادرات المصریة إلى لیبیا لتصل إلى 1277 ملیون دولار فى عام 2013، ثم بلغت 990، و572، و581 ملیون دولار فى الأعوام 2014 و2015 و2016 على الترتیب.
کما یشیر جدول (3) فى الملحق إلى حجم الواردات المصریة من دول الکومیسا والتى تمیزت بالإستقرار التدریجى منذ عام 2001 إلى عام 2007، حیث بلغت 261 ملیون دولار فى 2001، واستمرت بالإرتفاع لتبلغ 308 ملیون دولار فى 2007. ومن الملاحظ أن لیبیا لم یکن لها النصیب الأکبر من الواردات المصریة، حیث بلغت الواردات المصریة 39 ملیون دولار فقط فى عام 2001، واستمرت بالزیادة لتصل إلى 197 ملیون دولار فى عام 2007. إلا أن کینیا تأتى فى المرتبة الأولى فى حجم الواردات المصریة حیث بلغت 95 ملیون دولار فى عام 2001، وإستمرت بالإرتفاع لتصل إلى 200 ملیون دولار فى عام 2007.
وإرتفعت الواردات المصریة بشکل کبیر فى عام 2008 لتصل إلى 1100 ملیون دولار. وقد یرجع ذلک إلى تدهور الاقتصاد العالمى والأزمة المالیة العالمیة، وإنخفاض التبادل التجارى بین مصر والاتحاد الأوروبى نتیجة الأزمة الأوروبیة. ومن ثم تحول بعض الواردات المصریة من الاتحاد الأوروبى إلى الدول الأفریقیة دول الکومیسا. وحظیت لیبیا بنصیب من هذا الإرتفاع حیث إرتفعت الواردات المصریة منها إلى 260 ملیون دولار فى عام 2008. ومنذ عام 2009 إلى نهایة الفترة إنخفضت الواردات المصریة بشکل تدریجى من 920 ملیون دولار فى عام 2010، إلى 584 ملیون دولار عام 2014، لتصل إلى 474 ملیون دولار فى عام 2016. کذلک إنخفضت الواردات المصریة من کینیا لتصل إلى 273 ملیون دولار فى عام 2016، بعد الزیادة التى شهدتها لتصل إلى 336 ملیون دولار فى عام 2011. کذلک إنخفضت الواردات المصریة من لیبیا لتصل إلى 68 ملیون دولار فى عام 2016. وقد یدل ذلک على تحسن الاقتصاد المصرى وکذلک عودة التبادل التجارى بین مصر وشریکها الأول الاتحاد الأوروبى إلى معدلاتها الطبیعیة.
ومن الملاحظ من تحلیل الجدولین (2) و(3) أن حجم التبادل التجارى مع السودان لم یتأثر کثیراً بالتغیرات السیاسیة والاقتصادیة التى مرت بها مصر، حیث إستقرت حجم الصادرات والواردات المصریة فى بدایة الفترة الزمنیة إلى أن زادت الصادرات بشکل تدریجى منذ عام 2012 لتصل إلى 452 ملیون دولار، و545 ملیون دولار فى عام 2016. وکذلک حجم الواردات المصریة استقرت ما بین 70 -100 ملیون دولار خلال الفترة من 2012 إلى 2016.
ویشیر جدول (4) فى الملحق إلى التدفقات التجاریة بین مصر ودول الکومیسا حیث من الملاحظ تقسیمها إلى مرحلتین، المرحلة الأولى، وهى نمو التدفقات التجاریة بین مصر ودول الکومیسا حیث بدأت التدفقات التجاریة بدون قیود جمرکیة بشکل کامل فتراوحت ما بین 260 ملیون دولار إلى 678 ملیون دولار خلال الفترة 2001 إلى 2007. وقد یرجع إنخفاض التدفقات التجاریة فى البدایة لإنفتاح السوق الأفریقى لأول مرة بشکل کبیر أمام المنتجات المصریة.
أما المرحلة الثانیة فإرتفعت فیها التدفقات التجاریة بین مصر ودول الکومیسا بشکل کبیر، وقد یرجع ذلک إلى بدایة دخول تنفیذ عدد من الإتفاقیات والبرامج الخاصة بدول الکومیسا ومنها، على سبیل المثال لا الحصر، مشروع ضمانات المستودعات الجمرکیة وهو مشروع یهدف إلى وضع نظام جمرکى إقلیمى مشترک للسلع العابرة والنقل العابر مما یؤدى إلى تسهیل حرکة البضائع والسلع مع توفیر الضمانات المالیة لدول العبور فى حالة تحویل السلع للإستهلاک المحلى فى دولة العبور. کذلک تم الإتفاق على النظام التجارى المبسط وهو نظام یسمح لصغار التجار بتکملة إجراءات تجارتهم المحدودة بصفقات فى حدود 1000 دولار، دون الحاجة لترتیبات مصرفیة وتکملة المستندات حیث یتم التبادل التجارى على مبدأ التعامل بالمثل من خلال شهادات جمرکیة مبسطة وفق قائمة سلعیة متفق علیها بین الدولتین. وهذا ما شجع العدید من صغار المستثمرین على زیادة التجارة مع دول الکومیسا والدخول إلى السوق الأفریقى. بالإضافة إلى مشروع v- satوهو عبارة عن شبکة تربط جمیع دول الکومیسا مع بعضها البعض حیث تعمل على تقدیم العدید من الفوائد للدول من بینها تبادل المستندات إلکترونیاً مما سهل على المستثمرین إتمام صفقاتهم فى أسرع وقت وأقل تکلفة ممکنة(41).
وقد ترواحت حجم التدفقات التجاریة ما بین 1675 و2941 ملیون دولار خلال الفترة 2008 إلى 2016. وبالرغم من ذلک فقد شهدت التدفقات التجاریة خلال عام 2015 إنخفاض ملحوظ فى حجم التدفقات یبلغ حوالى 19.41%. وقد یرجع ذلک إلى إتجاه عدد من المستثمرین من السوق الأفریقى إلى السوق الآسیوى بجانب السوق الأوروبى، وعقد عدد من الإتفاقیات مع عدد من التکتلات الدولیة، کذلک زیادة التبادل مع دول الخلیج وأهمهم الإمارات العربیة المتحدة والمملکة العربیة السعودیة. ویوضح شکل (1) فى الملحق التدفقات التجاریة بین مصر ودول الکومیسا خلال الفترة (2001-2016) فی المرحلتین الأولى والثانیة.
وتعتبر أکثر الدول تدفقاً للتجارة مع مصر هى لیبیا، وکینیا خاصة فى المرحلة الثانیة بعد عقد الإتفاقیات والبرامج الجدیدة، حیث قفزت التدفقات التجاریة ما بین مصر ولبیبا من 445 ملیون دولار عام 2007 إلى 1034 ملیون دولار فى عام 2008 بنسبة زیادة 132%. وإستمرت بالإرتفاع إلى أن وصلت لأعلى قیمة وهى 1581 ملیون دولار فى عام 2012، ثم تراجعت لتصل إلى 650 ملیون دولار فى عام 2016. وقد یرجع ذلک للظروف الاقتصادیة السیئة التى تمر بها لیبیا وعدم الإستقرار السیاسى الناتج عن الثورة اللیبیة، وبالرغم من ذلک تعتبر لیبیا من أعلى دولتین تدفقاً للتجارة بینها وبین مصر لقربها الجغرافى والعلاقات الاقتصادیة المتبادلة.
وتأتى کینیا فى المرتبة الثانیة حیث إرتفعت التدفقات من 89 ملیون دولار فى عام 2007 إلى 314 ملیون دولار فى عام 2008 بنسبة زیادة بلغت 252%. وإستمرت فى الزیادة حتى بلغت 540 ملیون دولار فى عام 2016، وإحتل عام 2012 أعلى حجم تدفق حیث بلغ 603 ملیون دولار. وهذا ما یوضحه الشکل (2) فى الملحق.
وتعتبر دولتى جزر القمر وسیشل أقل دولتان تدفقاً للتجارة مع مصر خلال الفترة (2001- 2016)، فلم یکن هناک تدفق للتجارة بین مصر وجزر القمر خلال الفترة (2001-2004)، ثم بدأت التدفقات بشکل محدود للغایة إلى أن وصلت فى عام 2007 حوالى 0.108 ملیون دولار، ثم شهدت بعض الإرتفاعات الضئیلة بعد عقد الإتفاقیات والبرامج حیث وصلت إلى 1.246 ملیون دولار فى عام 2016. وکذلک بالنسبة لدولة سیشل فقد بدأت التدفقات ضئیلة جداً وکانت من جانب واحد وهى الصادرات المصریة، وبلغت أعلى قیمة 1.450 ملیون دولار فى عام 2008 بعد عقد الإتفاقیات والبرامج. ثم بدأت التدفقات من الجانب الآخر فى صورة واردات مصریة فى عام 2010 حیث بلغت حجم التدفقات 1.086 ملیون دولار وإستمرت بالإرتفاع إلى أن بلغت 3.848 ملیون دولار فى عام 2016. وهذا ما یوضحه شکل (3) فى الملحق.
رابعاً: توصیف النموذج القیاسى
تستخدم الدراسة نموذج الجاذبیة لإختبار التدفقات التجاریة بین مصر ودول إتفاقیة الکومیسا وهی 18 دولة COMESA خلال فترة الدراسة (2001-2016). من خلال المتغیرات المستقلة وهی السکان والناتج المحلى الإجمالى لدول الکومیسا، بالإضافة إلى السکان والناتج المحلى الإجمالى لمصر، مع المسافة الجغرافیة، ومعدل الصرف، اللغة والحدود المشترکة، وعدم الإستقرار السیاسى. ومن الملاحظ إهتمام الدراسات والأدبیات بأهمیة نموذج الجاذبیة فى توضیح التدفقات التجاریة من خلال المتغیرات الأساسیة وهى الناتج المحلى الإجمالى والمسافة أو بباقى العوامل التى من أهمها معدل الصرف والسکان، واللغة والحدود المشترکة، لذلک فالمعادلة رقم (2) تبین المتغیرات التفسیریة لنموذج الجاذبیة التى تؤثر على التدفقات التجاریة بین مصر ودول إتفاقیة الکومیسا.
TiJt = a0 +a1P e +a2 P c + a3 GDPe + a4 GDPc + a5 Dij + a6 EX ijt + a7 L ijt a8 B ijt +a9 Zt (2)+
حیث أن:
i= مصر.
j= دولة الشریک (دول الکومیسا 18).
t = عدد سنوات الدراسة وهی (2001-2016).
T = المتغیر التابع ویمثل التدفقات التجاریة السلعیة بین مصر ودول الکومیسا، وهو عبارة عن إجمالى الصادرات والواردات السلعیة بالملیون دولار.
Pe = سکان مصر، بالملیون نسمة.
Pc = سکان دول الکومیسا 18، بالملیون نسمة.
GDPe = حجم الناتج المحلى الإجمالى لمصر بالملیون دولار.
GDPc = حجم الناتج المحلى الإجمالى لدول الکومیسا 18 بالملیون دولار.
D = المسافة الجغرافیة، وهى المسافة بین عاصمة مصر (القاهرة) وعواصم دول الکومیسا 18 بالکیلو متر.
EX = معدل الصرف ما بین مصر ودول الکومیسا، وهو ناتج قسمة معدل صرف العملة المصریة بالنسبة للدولار الأمریکى على معدل صرف عملة الدولة الآخرى (دول الکومیسا) بالنسبة للدولار الأمریکى(42).
L = اللغة والحدود المشترکة وقد تضمینها فى النموذج کمتغیر وهمى (Dummy Variable)، حیث یتم إعطاء رقم واحد للدول التى تمتلک لغة وحدود مشترکة مع مصر، ویتم إعطاء رقم صفر للدول التى لا تملک لغة وحدود مشترکة مع مصر.
B = عدم الإستقرار السیاسى وقد تم تضمینه أیضاً کمتغیر وهمى حیث یتم إعطاء رقم صفر للدول التى تعانى من عدم إستقرار سیاسى، وإعطاء رقم واحد للدول التى تتمتع بإستقرار سیاسى.
Z = حد الخطأ العشوائی.
وتشیر a0إلى ثابت المعادلة، أما (a5, a6 a7, a8, a9, ,a4, (a1, a2, a3 فهی معلمات المتغیرات المستقلة. أما التأثیر المتوقع للمتغیرات المستقلة على المتغیر التابع (التدفقات التجاریة السلعیة)، فبالنسبة لـ (P) هناک تأثیر إیجابى للسکان سواء مصر أو سکان دول الکومیسا على التدفقات التجاریة حیث یعبر السکان عن حجم السوق، فکلما زاد حجم السکان والذى یقارب 490 ملیون نسمة لدول الکومیسا یؤدى ذلک لکبر وإتساع حجم السوق المتاح أمام السلع والخدمات، مما یزید من التدفقات التجاریة سواء على مستوى الصادرات أو الورادات، وبالتالی من المتوقع أن یکون معامل سکان مصر وسکان دول الکومیساPc, Pe أکبر من الصفر(0<(a1 ، (0<(a2 على التوالى، أی موجب.
فیما یتعلق بتأثیر الناتج المحلى الإجمالى (GDP) على التدفقات التجاریة، فمن المتوقع أن یکون معامل الناتج المحلى الإجمالى لمصر ومعامل الناتج المحلى الإجمالى لدول الکومیسا GDPe، GDPC أکبر من الصفر0)<(a3 0)< (a4أی موجب، حیث أن زیادة الناتج المحلى الإجمالى، یعمل على تشجیع المستثمرین على المزید من الإنتاج ومن ثم زیادة الفائض المحلى وزیادة الصادرات ومن ثم زیادة التدفقات التجاریة بین الدول. أما تأثیر معدل الصرف (EX) على التدفقات التجاریة فهو موجب، حیث أن زیادة معدل الصرف تعنى إنخفاض فى قیمة العملة المحلیة ومن ثم زیادة أسعار الواردات وإنخفاض أسعار الصادرات، وهذا یؤدى بدوره إلى زیادة الصادرات وإنخفاض الورادات، وحیث أن معظم الواردات أساسیة لا یمکن الإستغناء عنها لدول الکومیسا وخاصة مصر لزیادة التنمیة الاقتصادیة، لذلک فمع زیادة معدل الصرف تزداد التدفقات التجاریة "الصادرات والواردات" بین مصر ودول الکومیسا، وبالتالی من المتوقع أن یکون معامل معدل الصرف أکبر من الصفر ( 0<a5) أی موجب(43).
أما التأثیر المتوقع للمسافة (D) على التدفقات التجاریة فهو سالب، حیث یترتب على زیادة المسافة الجغرافیة زیادة تکلفة النقل مما یعمل على زیادة أسعار السلع مما یقلل من الطلب علیها، وهذا یؤدى بدروه إلى خفض الإنتاج ومن ثم خفض التدفقات التجاریة، لذلک من المتوقع أن یکون معامل المسافة أقل من الصفر (0>a6 )، أی سالب.
وبالنسبة للمتغیر الوهمى اللغة والحدود المشترکة (L) فمن المتوقع أن یکون تأثیره إیجابى على التدفقات التجاریة حیث تزداد التجارة فیما بین الدول ذات الحدود الواحدة لخفض تکلفة النقل، بالإضافة إلى أن اللغة المشترکة تعمل على تسهیل التعاملات بین الأطراف المشارکة فى التبادل التجارى، لذلک من المتوقع أن یکون معامل اللغة والحدود المشترکة أکبر من الصفر (0<a7) أى موجب.
وبالمثل فإن المتغیر الوهمى عدم الإستقرار السیاسى (B) فمن المتوقع أن یؤثر بالسلب على التدفقات التجاریة بین الدول، فکلما زادت الحروب الأهلیة والنزاعات والإضطرابات السیاسیة کلما إنخفض حجم التدفقات التجاریة بین تلک الدول، لذلک من المتوقع أن یکون معامل عدم الإستقرار السیاسى أقل من صفر (0>a8 )، أى سالب.
وتستخدم الدراسة الحالیة البیانات المجمعةPanel Data فی القیاس، وهناک عدة طرق لقیاس panel data وهىpooled model والنموذج العشوائى Random Effect Model ونموذج الآثار الثابتة Fixed Effect Model، ولوجود متغیرات فى نموذج الجاذبیة لا تتغیر عبر الزمن وأهمها المسافة الجغرافیة، لذلک لا یصلح نموذج الآثار الثابتة لقیاس النموذج وسیتم إستخدام نموذج الآثار العشوائیة مع Pooled Model کطریقة لقیاس نموذج الجاذبیة للبیانات المجمعة.
ویوضح جدول (5) فى الملحق نتائج إختبارات جذر الوحدة التى تم إستخدام Levin, Lin & Chu Unit Root Testللبیانات المجمعة للحکم على مدی سکون أو إستقرار البیانات(44). ویوضح الجدول إستقرار الناتج المحلى الإجمالى لدول الکومیسا والتدفقات التجاریة بین مصر ودول الکومیسا عند المستوى الأول للفروق، مع إستقرار کل من سکان مصر، سکان دول الکومیسا، والناتج المحلى الإجمالى لمصر عند المستوى الثانى للفروق، مع إستقرار معدل الصرف عند المستوى الصفرى، بإستخدام الثابتIntercept والإتجاهTrend وفترة إبطاء واحدة.
کذلک قبل تقدیر النموذج لابد من التأکد من عدم وجود مشکلة الإرتباط المتعدد بین المتغیرات الکلیة المستخدمة فی النموذج. ویقصد بالإرتباط المتعدد (Multicollinerarity) وجود علاقة إرتباط بین أحد المتغیرات المستقلة ومتغیر أو أکثر من المتغیرات المستقلة الآخری، مما یؤثر على دقة المعلمات المقدرة. ویتم التأکد من عدم وجود إرتباط متعدد من خلال عدد طرق منها إستخدام طریقة معامل تضخم التباین Variance Inflation Factor (VIF) مع المتغیرات عند المستوی الصفری(45). وحساب الإرتباطCorrelation من خلال البرنامج Eviews، ویتضح من جدول (6) وجدول (7) وجود إرتباط کبیر بین سکان مصر والناتج المحلى الإجمالى لمصر وهو متوقع، ومن ثم تم حذف المتغیر المستقل وهو سکان مصر.
کذلک یوضح جدول (8) وجود مشکلة إختلاف تباین حد الخطأ Hetroskedasticity من خلال إستخدام إختبار Wald Test، ولعلاج ذلک سیتم إستخدام Feasible Generalized Squares (FGLS)، وبعد علاج مشکلات القیاس، یتم مناقشة وتحلیل نتائج تقدیر النموذج.
1. نتائج التقدیر
تستخدم الدراسة الحالیة طریقة البیانات المجمعة panel data من خلال إستخدام pooled model ونموذج الآثار العشوائیة Random Effect Model لتقدیر نموذج الجاذبیة للتدفقات التجاریة بین مصر ودول الکومیسا خلال الفترة (2001-2016)، مع إستخدام طریقة Feasible Generalized Squares (FGLS) (کما أوضحنا فى إختبارات القیاس). هذا وقد تم تجمیع بیانات متغیرات الناتج المحلى الإجمالى والسکان عن الفترة (2001- 2016) من مصدر بیانات صندوق النقد الدولى من الموقع الإلکترونیwww.IMF\Data.org، علماً بأن البیانات بالملیون دولار وملیون نسمة على التوالى. بالإضافة إلى تجمیع التدفقات التجاریة (الصادرات والواردات) بالألف دولار من مرکز التجارة الدولى International Trade Centre ITC، والحصول على المسافة الجغرافیة بین عاصمة مصر وعواصم دول الکومیسا من الموقع الإلکترونى www.chemical- ecology.net. مع الحصول على معدل الصرف من البنک الدولى www.world bank.org.
وقد ظهر فى نتائج قیاس معادلة النموذج (2) مشکلة الإرتباط الذاتى بین قیم خطأ (Z) عبر الزمن، وذلک من خلال إختبار دیربن وتسون Durbin- Waston حیث بلغ قیمة D.W (0.65)، ولعلاج تلک المشکلة یتم إستخدام حجم التدفقات التجاریة کمتغیر مستقل مبطأ لفترة زمنیة واحدة TiJt (t-1)(46). ومن ثم تصبح المعادلة کالتالى:
TiJt = a0 +a1P e +a2 P c + a3 GDPe + a4 GDPc + a5 Dij + a6 EX ijt + a7 L ijt a8 B ijt + a9 TiJt (t-1)+ a10 Zt (3)+
ویقدم جدول (9) نتائج تقدیر نموذج الجاذبیة لتقدیر التدفقات التجاریة بین مصر ودول الکومیسا خلال الفترة الزمنیة (2001-2016).
جدول (9): نتائج تقدیر نموذج الجاذبیة لتقدیر التدفقات التجاریة بین مصر ودول الکومیسا خلال الفترة (2001-2016)
المعنویة |
T-Statistic |
Coefficient قیمة المعلمات |
المتغیرات |
0.008 |
2.624 |
25.281 |
C (الثابت) |
0.000 |
-10.452 |
-1.658 |
Pc |
0.000 |
14.657 |
4.115 |
GDPc |
0.004 |
2.875 |
0.209 |
GDPe |
0.815 |
0.233 |
0.082 |
EX |
0.077 |
-1.767 |
-0.003 |
Di |
0.000 |
-5.047 |
-59.546 |
L |
0.024 |
-2.249 |
-12.921 |
B |
0.000 |
39.739 |
0.658 |
Ti(1) |
|
|
0.79 |
R2 |
|
|
0.78 |
Adjusted- R2 |
0.000 |
|
935.666 |
F-Statistic |
|
|
2.071 |
D.W |
تشیر نتائج التقدیر فی جدول (9) إلى أن قیمة معامل التحدید المعدل R2بلغت (0.79)، وهذا یعنی أن المتغیرات المستقلة تفسر (79%) من التغیرات فی التدفقات التجاریة بین مصر ودول الکومیسا، وأن قیمة إختبار F الإحصائی یدل على أن النموذج جید وقدرته التفسیریة عالیة، وأن المتغیرات المستقلة مجتمعة لها تأثیر معنوی على التدفقات التجاریة بین مصر ودول الکومیسا خلال فترة الدراسة.
وفیما یتعلق بتأثیر المتغیرات التفسیریة على التدفقات التجاریة، فإن التقدیرات تشیر إلی أن إشارات معاملات المتغیرات التفسیریة تتفق بعضها مع تلک المتوقعة عند التوصیف النظری للنموذج. حیث بلغ التأثیر الإیجابى لمعامل الناتج المحلى الإجمالى لدول الکومیسا على التدفقات التجاریة بین مصر ودول الکومیسا (4.115)، وهذا یعنی أن زیادة الناتج المحلى الإجمالى بواحد دولار یؤدی إلی زیادة التدفقات التجاریة بقیمة 4.115 دولار. کما أن تأثیر الناتج المحلى الإجمالى على التدفقات التجاریة معنوی إحصائیاً عند مستوی 1%.
وفیما یتعلق بمعدل نمو الناتج المحلى الإجمالى لمصر فتشیر التقدیرات إلی وجود تأثیر إیجابى للناتج المحلى الإجمالى على التدفقات التجاریة، حیث بلغ معامل الناتج المحلى الإجمالى لمصر (0.209). وهذا یعنی أنه زیادة الناتج المحلى الإجمالى بقیمة واحد دولار تؤدی إلی زیادة التدفقات بقیمة 0.209 دولار. کما أن هذا التأثیر معنوی إحصائیاً عند مستوی 1%.
ویتضح من التفسیر السابق للناتج المحلى الإجمالى لدول الکومیسا إثبات صحة الفرضیة الأولى والتى تنص على أن " یؤثر الناتج المحلى الإجمالى على التدفقات التجاریة بین مصر ودول الکومیسا تأثیراً ایجابیاً".
أما بالنسبة لباقی المتغیرات التفسیریة، فتوضح التقدیرات أن المسافة الجغرافیة لها تأثیر سلبى على التدفقات التجاریة. حیث بلغ معامل المسافة (0.003) وهذا یعنى أن زیادة المسافة الجغرافیة بقیمة واحد کیلو متر تؤدى إلى إنخفاض التدفقات التجاریة بقیمة 0.003 دولار، کما أن هذا التأثیر معنوى إحصائیاً عند مستوى 10%، وهذا یشیر إلى صحة الفرضیة الثانیة آلا وهى "تؤثر المسافة الجغرافیة على التدفقات التجاریة بین مصر ودول الکومیسا تأثیراً سلبیاً".
کما أن معدل الصرف له تأثیر إیجابى على التدفقات، حیث بلغ معامل معدل الصرف (0.082(، وهذا یدل على أنه عند زیادة معدل الصرف بقیمة واحد یؤدى إلى زیادة التدفقات التجاریة بقیمة 0.082. بالرغم من أن هذا التأثیر غیر معنوى إحصائیاً، وبذلک تم إثبات صحة الفرضیة الثالثة آلا وهى "یوثر معدل الصرف على التدفقات التجاریة بین مصر ودول الکومیسا تأثیراً ایجابیاً".
هذا بالإضافة إلى التأثیر السلبى لسکان دول الکومیسا على التدفقات التجاریة حیث بلغ معامل السکان (1.658)، وهذا یعنى أنه عند زیادة السکان بواحد نسمة تنخفض التدفقات التجاریة بقیمة 1.658 دولار وهذا غیر متفق مع النظریة الاقتصادیة، کما أن هذا التأثیر معنوى إحصائیاً عند مستوى 1%. کذلک التأثیر السلبى للغة والحدود المشترکة على التدفقات حیث بلغ معامل اللغة والحدود المشترکة (59.54)، وهذا غیر متفق مع التوصیف النظرى، وقد یرجع ذلک لوجود دولتان فقط هما لیبیا والسودان مع اللغة والحدود المشترکة مع مصر، بالإضافة إلى تدهور الظروف الاقتصادیة لتلک الدولتان. کما أن هذا التأثیر معنوى إحصائیاً عند مستوى 1%. وتوضح النتائج التأثیر السلبى لعدم الإستقرار السیاسى على حجم التدفقات التجاریة بین مصر ودول الکومیسا کما هو متوقع، حیث بلغ معامل عدم الإستقرار السیاسى (12.921(، کما أن هذا التأثیر معنوى إحصائیاً عند مستوى 1%.
ومن ثم تشیر النتائج السابقة للنموذج القیاسى إلى مدى ملائمة تفسیر نموذج الجاذبیة للتدفقات التجاریة السلعیة بین مصر ودول الکومیسا خلال فترة الدراسة (2001-2016)، کما تشیر إلى صحة الفرضیات الثلاث.
خامساً: الخلاصة والنتائج
تهدف الدراسة إلى إختبار تفسیر نموذج الجاذبیة على التدفقات التجاریة السلعیة بین مصر ودول الکومیسا خلال فترة الدراسة (2001-2016) بطریقة البیانات المجمعة panel data بإستخدام نموذجpooled model ونموذج الآثار العشوائیة (REM) وطریقة (FGLS). وفى سبیل تحقیق هذا الهدف تضمنت الدراسة أربعة أجزاء بخلاف المقدمة، حیث تعرض الجزء الثانى بإختصار إلى الإطار النظرى لنموذج الجاذبیة، بدایة من النموذج الأساسى المعتمد على حجم الدولة والمسافة الجغرافیة، إنتهاء بالنموذج المتطور الذى یعمل على إضافة کافة العوامل التى تؤثر على العلاقات المتبادلة بین دول التکتل مثل حجم السوق، ومعدل الصرف، واللغة والحدود المشترکة، والإتفاقیات الثنائیة، کما تناولت الدراسة فى الجزء الثالث نبذه عن نظریة التکامل الاقتصادى بدایة من تعریف التکامل الاقتصادى، ونظریته الأساسیة نظریة الاتحاد الجمرکى، ومناهج تطویرها منهج کوبر– میسل، ومنهج جونسون، بالإضافة إلى تناول علاقة مصر والکومیسا، حیث تم تناول مراحل الإتفاقیة وأهم مبادئها وأهدافها، وأهم التحدیات والعقبات السیاسیة والاقتصادیة التى تتعرض لها. بالإضافة إلى تحلیل الصادرات والواردات المصریة إلى ومن دول الکومیسا، کذلک تحلیل التدفقات التجاریة بین مصر ودول الکومیسا خلال فترة الدراسة (2001-2016)، والوصول إلى أن لیبیا وکینیا هما أکثر دولتین بالنسبة للتدفقات التجاریة مع مصر، وفى المقابل فإن سیشل وجزر القمر هما أقل دولتین بالنسبة للتدفقات التجاریة مع مصر. أما الجزء الرابع فتناول نموذج الجاذبیة لتفسیر التدفقات التجاریة السلعیة بین مصر ودول الکومیسا خلال الفترة (2001-2016) بطریقة البیانات المجمعة panel data بإستخدام نموذح pooled model ونموذج الآثار العشوائیة (REM) وطریقة (FGLS)، وقد أظهرت نتائج النموذج:
أولاً: الأثر السلبى لسکان دول الکومیسا على التدفقات التجاریة حیث بلغ التأثیر السلبی لمعامل السکان على التدفقات (1.658)، وهذا یعنی أن زیادة سکان الکومیسا بواحد نسمة تؤدی إلی خفض التدفقات التجاریة بقیمة 1.658 دولار.
ثانیاً: الأثر الإیجابی للناتج المحلى الإجمالى لدول الکومیسا على التدفقات التجاریة، حیث بلغ معامل الناتج المحلى الإجمالى (4.115). وهذا یعنی أن زیادة الناتج المحلى الإجمالى بواحد دولار تؤدی إلی زیادة التدفقات بقیمة 4.115 دولار.
ثالثاً: أن المسافة الجغرافیة لها تأثیر سلبى على التدفقات التجاریة بلغ (0.003) وهذا یعنى أنه زیادة المسافة بواحد کیلو متر تؤدى إلى إنخفاض التدفقات بقیمة 0.003 دولار.
رابعاً: أن معدل الصرف له تأثیر إیجابى على التدفقات التجاریة حیث بلغ معامل معدل الصرف (0.082)، ویقصد بذلک أنه عند زیادة معدل الصرف بقیمة واحد یؤدى ذلک إلى زیادة التدفقات بقیمة 0.082 دولار. مع العلم أنه غیر معنوى إحصائیاً.
خامساً: وجود تأثیر ایجابى للناتج المحلى الإجمالى لمصر على التدفقات التجاریة. حیث بلغ معامل الناتج المحلى الإجمالى (0.209)، ویفسر ذلک أنه عند زیادة الناتج المحلى الإجمالى بواحد دولار یؤدى ذلک لزیادة التدفقات بقیمة 0.209 دولار.
سادساً: التأثیر السلبى للغة والحدود المشترکة حیث بلغ معامل اللغة والحدود المشترکة (59.546(، ویدل ذلک على أنه کلما إختلفت اللغة وبعدت الحدود أدت لإنخفاض حجم التدفقات التجاریة، لإرتفاع تکلفة النقل والمعاملات.
سابعاً: التأثیر السلبى لعدم الإستقرار السیاسى حیث بلغ المعامل (12.921(، ویقصد بذلک کلما کانت الدول تعانى من التدهور السیاسى کلما إنخفضت التدفقات التجاریة بین مصر ودول الکومیسا.
ومن ثم فإن النتائج السابقة توضح صحة الفرضیات الثلاث، الأولى وهى: "یؤثر الناتج المحلى الإجمالى على التدفقات التجاریة بین مصر ودول الکومیسا تأثیراً ایجابیاً"، الثانیة وهى "تؤثر المسافة الجغرافیة على التدفقات التجاریة بین مصر ودول الکومیسا تأثیراً سلبیاً"، الثالثة وهى "یؤثر معدل الصرف على التدفقات التجاریة بین مصر ودول الکومیسا تأثیراً ایجابیاً". وهکذا یمکن لمصر الإتجاه إلى الإنضمام لمزید من التکتلات والإتفاقیات الأفریقیة للإستفادة من القرب الجغرافى ومن حجم الاقتصاد، والعمل على المزید من عقد الإتفاقیات بین التکتلات الأفریقیة والتکتلات الأوروبیة والآسیویة والعالمیة، لنقل الخبرات والتکنولوجیا والمنتجات من الجانبین کوسیلة لخروج ونقل عدد من الدول الأفریقیة من دائرة الفقر والتخلف إلى دائرة الغنى والتقدم.