التنافس الدولى فى القطب الشمالى دراسة حول الاستراتيجية الروسية فى المنطقة

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

أستاذ العلوم السياسية - كلية الاقتصاد والعلوم السياسية- جامعة القاهرة

المستخلص

     تشهد منطقة القطب الشمالى حاليا تنافسا دوليا كبيرا بين القوى الكبري سعيا للتفرد بهذا الفضاء الجيواستراتيجي، هذا فى ظل التغيرات المناخية والتى جعلت من الوصول إليه والاستفادة من ثرواته أمرا سهلا، إلي جانب الهروب من نقاط التوتر التقليدية كالشرق الأوسط وآسيا الوسطى.
كلمات مفتاحية: القطب الشمالى-استراتيجية- الجغرافيا السياسية- الصراع الدولى- التنافس- القوى الكبرى- أمن الطاقة.
Abstract:
The Arctic region has gained great geostrategic importance in recent years in light of climate changes such as global warming, which have changed the difficult climatic features of the region. The frozen northern ocean has lost half of its ice-covered area, which prompted the major powers to try to take advantage of its underground and oil wealth, in addition to sea lanes and new international trade routes, to escape from international crises in several regions around the world.
The research problem of this study revolves around the importance of the Arctic region as a new space for pragmatic economic interests, and how the major powers: U.S.A., Russia, and China, interact in light of the new developments.
The study’s main question is represented in the following:
What is Russia’s strategy in the Arctic, and how do the major powers interact with such geopolitical developments?

نقاط رئيسية

مقدمـــة:

اكتسبت منطقة القطب الشمالى أهمية جيواستراتيجية كبيرة فى السنوات الأخيرة فى ظل التغيرات المناخية كظاهرة الاحتباس الحرارى، والتى غيرت الميزات المناخية الصعبة للمنطقة. لقد فقد المحيط الشمالى المتجمد نصف مساحته المغطاة بالجليد، وهو ما دفع القوى الكبرى لمحاولة الاستفادة من ثرواته الباطنية والنفطية، بالإضافة إلى الممرات البحرية والطرق الجديدة للتجارة الدولية، للهرب من الأزمات الدولية فى مناطق عدة حول العالم.

وتتمحور إشكالية هذه الدراسة حول أهمية منطقة القطب الشمالى كفضاء جديد للمصالح الاقتصادية البراجماتية،  وكيف تتفاعل القوى الكبرى فى ظل التطورات الجديدة.. ويتمثل سؤال الدراسة الرئيسي فى التالى: ما هى استراتيجية روسيا فى القطب الشمالى، وكيف تتفاعل القوى الكبرى مع هذه التطورات الجيوسياسية؟.

وسيتم الاعتماد على منهج المصلحة الوطنية، والذى يعد ترجمة واضحة للمدرسة الواقعية فى العلاقات الدولية. ووفقا لمنهج الوصلحة المستخدم، هناك ثلاث مجموعات من المصالح: وهى استراتيجية عسكرية، والثانية السياسية، والتى تتضمن الحفاظ على العقيدة السياسية والحفاظ على الهوية الوطنية، وأخيرا الاقتصادية المتمثلة فى رفاهية الدولة. ومن أبرز محددات المصلحة الوطنية وأولوياتها، القيادة السياسية العليا فى الدولة، وهو ما برز بوضوح فى حالة الاستراتيجية الروسية فى القطب الشمالى، لأنها ارتبطت بفكر وعقيدة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وكانت جزءا من استراتيجية روسية كبرى لاستعادة الدور الدولى ضمن القوى الكبرى، وهو ما نجحت فى تحقيقه فى المنطقة محل الدراسة. هناك محددات أخرى للمصلحة، مثل هيكل صنع القرار والنخبة السياسية المؤثرة، وأخيرا إمكانيات الدولة وقدراتها، ومكانتها الدولية. ومن الملاحظ توفر كل هذه الجوانب فى الدولة الروسية، مما مكنها من لعب دور مؤثر وفاعل فى القطب الشمالى، مقارنة بالقوى الكبرى الأخرى الولايات المتحدة والصين.

الكلمات الرئيسية


مقدمـــة:

اكتسبت منطقة القطب الشمالى أهمية جيواستراتيجية كبيرة فى السنوات الأخيرة فى ظل التغيرات المناخية كظاهرة الاحتباس الحرارى، والتى غيرت الميزات المناخية الصعبة للمنطقة. لقد فقد المحيط الشمالى المتجمد نصف مساحته المغطاة بالجليد، وهو ما دفع القوى الكبرى لمحاولة الاستفادة من ثرواته الباطنية والنفطية، بالإضافة إلى الممرات البحرية والطرق الجديدة للتجارة الدولية، للهرب من الأزمات الدولية فى مناطق عدة حول العالم.

وتتمحور إشكالية هذه الدراسة حول أهمية منطقة القطب الشمالى كفضاء جديد للمصالح الاقتصادية البراجماتية،  وكيف تتفاعل القوى الكبرى فى ظل التطورات الجديدة.. ويتمثل سؤال الدراسة الرئيسي فى التالى: ما هى استراتيجية روسيا فى القطب الشمالى، وكيف تتفاعل القوى الكبرى مع هذه التطورات الجيوسياسية؟.

وسيتم الاعتماد على منهج المصلحة الوطنية، والذى يعد ترجمة واضحة للمدرسة الواقعية فى العلاقات الدولية. ووفقا لمنهج الوصلحة المستخدم، هناك ثلاث مجموعات من المصالح: وهى استراتيجية عسكرية، والثانية السياسية، والتى تتضمن الحفاظ على العقيدة السياسية والحفاظ على الهوية الوطنية، وأخيرا الاقتصادية المتمثلة فى رفاهية الدولة. ومن أبرز محددات المصلحة الوطنية وأولوياتها، القيادة السياسية العليا فى الدولة، وهو ما برز بوضوح فى حالة الاستراتيجية الروسية فى القطب الشمالى، لأنها ارتبطت بفكر وعقيدة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وكانت جزءا من استراتيجية روسية كبرى لاستعادة الدور الدولى ضمن القوى الكبرى، وهو ما نجحت فى تحقيقه فى المنطقة محل الدراسة. هناك محددات أخرى للمصلحة، مثل هيكل صنع القرار والنخبة السياسية المؤثرة، وأخيرا إمكانيات الدولة وقدراتها، ومكانتها الدولية. ومن الملاحظ توفر كل هذه الجوانب فى الدولة الروسية، مما مكنها من لعب دور مؤثر وفاعل فى القطب الشمالى، مقارنة بالقوى الكبرى الأخرى الولايات المتحدة والصين.

ويتفرع عن هذه الإشكالية مجموعة من الأسئلة الفرعية نوجزها كالتالى:

-              ما هى الأهمية الاستراتيجية لمنطقة القطب الشمالى؟

-              هل هناك تحديث فى استراتيجيات كل من روسيا والولايات المتحدة تجاه المنطقة فى ظل التطورات المناخية؟

-              كيف تتفاعل القوى الكبرى فى منطقة القطب الشمالى، فى ظل التطورات الحالية؟

-              كيف سيؤثر التنافس العالمي علي تغير الخارطة الاستراتيجية الدولية؟.

أولا: أبعاد المنافسة الدولية فى القطب الشمالى:

وفقاً لتقرير صادر عن خبراء علميين فى برنامج مراقبة وتقييم المنطقة القطبية الشمالية التابع لمجلس المنطقة القطبية الشمالية فى مايو 2021، "إن ارتفاع متوسط حرارة سطح المنطقة القطبية الشمالية بين عامى 1971 و2019، سيتخطى ثلاثة أضعاف ارتفاع متوسط الحرارة فى باقى مناطق الكرة الأرضية، وهو ما ترتب عليه تقلص كبير للكتلة الجليدية فى المنطقة القطبية الشمالية فى نهاية فصل الصيف. ولقد انخفض إجمالى حجم الجليد البحرى فى المنطقة القطبية الشمالية بنسبة 75% منذ عام 1980. وهو ما يتوقع ارتفاعه فى السنوات القادمة فى حال لم يتم التحرك لمجابهة الاحتباس الحرارى أو الاحترار العالمى فى 1.5 درجة مئوية فوق مستويات حقبة ما قبل الثورة الصناعية([i]).

وهناك أربعة جوانب تحرك التنافس الدولى فى هذه المنطقة، وهى :

1-        البعد الجيوسياسي، وما يرتبط به من تطورات عسكرية.

2-        أمن الطاقة، وأمن الموارد.

3-        الاقتصاد السياسي.

4-        الأمن الغذائى.

1-        الجيوسياسي والعسكري :

جيوسياسيا: كان القطب الشمالى مسرحاً أساسياً للمواجهة العسكرية بين القوتين العظميين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتى خلال فترة الحرب الباردة. وقد احتفظ الجانبان بقواعد عسكرية ضخمة، ومنصات إطلاق صواريخ، فى شمال الدائرة القطبية، تم إغلاق كل هذه المواقع تقريبا فى إطار سياسة الانفراج تسعينيات القرن العشرين.. لكن تطورات جديدة سواء المتعلقة بالتغيرات المناخية، والجدال الحالى بشأن حقوق المرور فى الطرق البحرية فى ظل الاحتباس الحرارى الحالى، فضلاً عن الثروات الطبيعية الكثيرة والتى سنسرد لها جزأً منفرداً للإشارة إليها.. إلخ كل هذه التطورات تحفز الحشد العسكرى فى المناطق الشمالية من البلدان المجاورة للقطب الشمالى عامة، والقوى الكبرى: الولايات المتحدة والصين وروسيا خاصة(2).

ويثير موضوع تجدد المنافسة الدولية فى منطقة القطب الشمالى سؤالاً أساسياً حول ما إذا كانت المنطقة ستعكس فى السنوات القادمة صوراً للتعاون الدولى وانخفاضاً لوتيرة التوترات، كما كانت خلال فترة ما بعد الحرب الباردة فيما يسمى بعصر "روح القطب الشمالى"، والتى عكست تقارباً وتنسيقاً بين الدول لاسيما منذ تأسيس "مجلس القطب الشمالى" فى عام 1996 لإدارة قضايا المنطقة.

وهناك سيناريو آخر أقرب تصوراً بأن المنطقة تدخل فى حيز المنافسة المتصاعدة بين القوى الكبرى؛ مما سيعكس توترات متزايدة كالحال فترة الحرب الباردة المشار إليها من قبل(3). فمن غير المعقول أن يظل القطب الشمالى معزولاً عن المنافسة وتوازنات القوى فى أجزاء أخرى من العالم.

عسكريا: يمثل القطب الشمالى ضرورة للقوة العسكرية الروسية، وتعد التطورات العسكرية للجيش الروسى المحرك الأساسي أو الدافع الأكبر لمواجهة بين الولايات المتحدة وروسيا. كما ستكشف عنه الورقة لاحقاً.

أما عن الصين، فتمثل المنطقة حدودا استراتيجية جديدة فى الفضاء وقاع البحر، حيث لا توجد "سيادة محددة" كما عرفها السياسيون الصينيون، وهذا الغموض السيادى يسمح للصين لتبرير الوصول إلى المنطقة والتواجد، وربما باستخدام الوسائل العسكرية للقيام بذلك(4).

2-        الطاقة والمعادن:

وفقاً لدراسة عن معهد الدراسات الجيولوجية فى الولايات المتحدة عام 2008، فإن المنطقة القطبية الشمالية قد تحتوى على ما يناهز 13% من الموارد العالمية غير المكتشفة بعد من النفط أى 90 مليار برميل، وعلى 30% من الموارد العالمية غير المكتشفة بعد من الغاز، أى حوالى 47 تريليون متر مكعب. كما اعتبرت الهيئة أن الجرف القارى فى القطب الشمالى قد يشكل أضخم منطقة جغرافية محتملة غير مكتشفة للبترول المتبقى على الأرض(5).

وفق تقديرات أشارت إليها شبكة سي إن بى سي الأمريكية، فإن المنطقة تحوى احتياطات غير مستغلة من الغاز والنفط وموارد معدنية قد تبلغ قيمتها 35 تريليون دولارا(6).

كما أفادت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية بأن 22% من الموارد البترولية العالمية غير المكتشفة تقع فى القطب الشمالى، 78% منها غاز طبيعى و22% نفط(7).

ويشكل الساحل الروسي 53% من ساحل المحيط المتجمد الشمالى فى منطقة يقطنها مليونى فرد، أى ما يقرب من نصف سكان القطب الشمالى. و وفقاً لمجلس النواب الروسي (دوما)، فإن 95% من مخزون الغاز الطبيعى الروسي، و60% من مخزون النفط موجودة فى القطب الشمالى(8).

كما يحتوى القطب الشمالى على رواسب ضخمة من المعادن الأساسية ( الألومنيوم/ النحاس والحديد والنيكل والقصدير)، والمعادن النفيسة (ذهب وبلاتين وفضة)، وأحجار كريمة (الماس)، ومعادن أخرى (الأباتيت، الجرافيت، والجيس)، وكذلك اليورانيوم. وربما الأهم من ذلك بالنسبة للمجتمعات الرقمية حول العالم، فإن القطب الشمالى يمثل مصدرا لمعدن نادر وهو الديسبروسيوم والنيوديميوم وبراسيوديميوم، وهى معادن تسمح بتصغير مكونات محركات الطائرات والأسلحة المتطورة، كذلك أجهزة التليفزيون والهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر المحمولة والسيارات، بالإضافة إلى أدوية لعلاج السرطان (9).

3- النقل:

هناك انخفاض بنسبة40% فى مؤشر الجليد البحرى فى المنطقة خلال العقود الأربعة الماضية فى شهرى الدفء يونيو ويوليو، وما يقرب من 10% فى أشهر البرد. كما يتراجع مدى الجليد البحرى إلى مستويات تدفع بالاهتمام لاستكشاف إمكانية الشحن الجديد عبر القطب الشمالى. ونشير فى هذا السياق إلى طرق التجارة المستقبلية فى المنطقة القطبية وهى كالتالى، "انظر الخريطة المرفقة"(10).

طرق الشحن القطبية

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

NSR: الممر البحرى الشمالى بين المحيطين الأطلنطى والهادىء. ويسمى أيضاً طريق بحر الشمال والممر الشمالى الشرقى.. باللون الأخضر وفقا للخريطة المرفقة.

NWP: الممر الشمالى الغربى: هو الطريق البحرى بين المحيطين الأطلنطى والهادىء عبر المحيط المتجمد الشمالى، على طول الساحل الشمالى لأمريكا الشمالية عبر الممرات المائية عبر أرخبيل القطب الشمالى الكندى.باللون الوردى فى الخريطة.

TSN: الطريق البحرى العابر للقطب، يمتد من المحيط الأطلنطى إلى المحيط الهادئ عبر مركز المحيط المتجمد الشمالى، باللون البنفسجى فى الخريطة.

وبخلاف الممر الشمالى الشرقى، وطريق بحر الشمال، يتجنب هذا الطريق إلى حد كبير المياة الإقليمية لدول القطب، ويقع فى أعالى البحر الدولية(11).

حالياً، الطريق غير صالح للملاحة إلا بواسطة كاسحات الجليد الثقيلة، لكن بالنظر للانخفاض المتزايد فى مدى الجليد البحرى فى القطب الشمالى، فمن المقرر أن يعتبر الطريق صالحاً للشحن السائد فى القطب الشمالى بحلول عام 2030. ويبلغ طول الطريق البحرى العابر للقطب حوالى 39000 كم، ويوفر أموالاً كبيرة فى المسافات بين أوروبا وآسيا. كما يعد أقصر طرق الشحن فى القطب الشمالى. وعلى عكس طريق بحر الشمال، والممر الشمالى الغربى، وكلاهما طريق ساحلى، فإن الممر العابر هو طريق وسط المحيط يمر بالقرب من القطب الشمالى.وتمثل الطرق المشار إليها طرق مستقبلية للتجارة البحرية، وهى طرق تقطع المسافة بين آسيا وأوروبا فى وقت أقل، كما تتجنب الممرات البحرية فى مضيقى ملقا وباب المندب([ii]1).

3-        الأمن الغذائى:

تمثل فرص الصيد الجديدة موردا اقتصادىا لكل القطب الشمالى، والدول غير القطبية. إن الجليد السميك لسنوات عدة قد أوقف الصيد أومصائد الأسماك الإقليمية، واحتفظت المنظمات بالصيد التجارى فى مياة القطب الشمالى فى أدنى صورة (13).

لكن على مدار الثلاثين عاماً القادمة، سيكون القطب الشمالى حاسما لإنعاش الاقتصاد الروسى فى الثروة السمكية، أما الصين، فسيكون القطب الشمالى مصدراً ضرورياً للطاقة والتصنيع والنقل وتنويع الأمن الغذائى(14).

 

ثانيا: الاستراتيجية الروسية فى القطب الشمالى:

مع انهيار الاتحاد السوفييتى، تدهور وضع البنية التحتية فى القطب الشمالى بشكل كبير، وتحول تركيز روسيا بعيداً عن هذه المنطقة الاستراتيجية سواء بسبب ارتفاع تكلفة الحفاظ على نفوذها هناك، أو بالأساس لغياب رؤية للقيادة السياسية الروسية والتى افتقدت إلى وجود أساس استراتيجي فى المنطقة، وكانت بؤرة التركيز متوجهة نحو الغرب، إلا أن جاء الرئيس فلاديمير بوتين منذ عام 2000، وبذلك توفرت رؤية استراتيجية روسية للمنطقة خاصة مع التغيرات المناخية وتزايد قوة الاقتصادات الآسيوية، وهى عوامل دفعت لصالح تواجد روسى أكبر وجهود متواصلة ومتطورة ومتنوعة فى هذه المنطقة، وهو ما ستكشف عنه الدراسة لاحقاً.

ويمثل العام 2010/2011 تاريخا فاصلاً، حينما أصبح واضحاً لروسيا أنه سيتعين عليها القتال لحماية حدود القطب الشمالى، وبناء نظام موثوق للدفاع عنه(15).

ويؤكد عدد كبير من المحليين الروس على الأهمية الكبيرة لهذه المنطقة، انطلاقا من رؤية القيادة السياسية عامة، وبشكل خاص الرئيس الحالى فلاديمير بوتين باعتبارها اعجاز ومكان لانطلاق وازدهارالأجيال الروسية القادمة. وحسب الأكاديميين الروس، من بينهم كريستيان أتلانتد، أن الاستراتيجية الروسية فى القطب الشمالى كانت تدخل فى نطاق الأمن القومى الروسي، أما الآن، فهى تنطلق بالأساس من المصالح الاقتصادية لروسيا وللشركات النفطية، خاصة عندما تم التقدم بطلب لاستعاده 52 ألف كم2 من المياة الاقليمية فى بحر أوخوتسك فى غرب المحيط الهادئ بين شبه جزيرتى كوريل وكامشاتكا(16).

وتعتمد روسيا على عدد من الآليات للسيطرة على نفوذها فى منطقة القطب الشمالى:

1-        على الصعيد العسكرى: يعتبر الأسطول الروسي الأكبر فى المحيط المتجمد الشمالى، خاصة ضد الغريم الأول حلف شمال الأطلنطى والذى لا يملك قدرات بحرية حتى الآن تستطيع الإبحار فى الجليد.

وتعتمد روسيا استراتيجية عسكرية ترتكز على التحديث العسكرى فى القطب الشمالى، حيث تسعى روسيا للحفاظ على قدراتها فى الردع النووى، على اعتبار أن 1/3 الرؤوس النووية الروسية فى الغواصات الموجودة بالمنطقة، لكونها أقصر منطقة لعبور الصواريخ نحو الولايات المتحدة ودول المحيط الأطلنطى وحسب تقرير العقيدة البحرية الروسية الصادر عام 2015، فإن الأسطول الشمالى الذى ينطلق من شبه جزيرة كولا فى غرب روسيا يستطيع الوصول إلى المحيط المتجمد الشمالى دون أى احتكاك بقوات حلف الناتو، على عكس أسطولى البحر الأسود وبحر البلطيق(17).

وارتباطاً بما سبق ذكره حول محورية عام 2011 فى تحول الاستراتيجية الروسية فى منطقة القطب الشمالى، فمنذ هذا التاريخ، وينفذ الرئيس الروسي برنامجين على طول الحدود الشمالية الروسية لبناء أسطول كاسحات الجليد للعمل بصورة دائمة فى طريق بحر الشمال، فضلاً عن إنشاء بنية تحتية لوزارة حالات الطوارئ على طول الطريق، ومراكز إنقاذ. وهو ما يكشف عملية توحيد كبيرة للقوات القطبية الشمالية البرية والجوية والبحرية.

وفى بلاغوينستشينسك، بدأ تدريب ضباط قوات القطب الشمالى البرية، كما بدأ مجمع الدفاع الروسي فى إنتاج أسلحة ومعدات عسكرية مصممة خصيصًا للعمل فى ظروف الجليد الأبدى(18).

وتنفذ وزارة الدفاع الروسية بنشاط برنامجا لتطوير القطب الشمالى سواء على صعيد ترميم المطارات، أو بناء أخرى، أو إقامة مدن عسكرية جديدة، وتكييفها للعيش فى ظروف مناخية قاسية. كما تم إنشاء مجموعة القوات القطبية الشمالية، وبدأت عملياً فى أداء مهامها.. وكلها خطوات هامة فى سبيل تمكين الوجود الروسي فى المنطقة، كما سنوضح تفصيلياً لاحقاً.

فمنذ عام 2013، أنفقت روسيا مليارات من الدولارات على عمليات لبناء وتحديث سبع قواعد عسكرية فى جزر وأشباه جزر تقع على طول مسار البحر الشمالى بعد تأثره بظاهرة التغير المناخى، والتى تعمل بشكل متسارع على تقليص حجم الغطاء الجليدى فى المنطقة الشمالية. ولأن المسار الشمالى مهم فى الشحن البحرى بين أوروبا وآسيا، بالإضافة إلى احتياطات الهيدروكربون الضخمة تحته، مما قد يسبب تغيرات فى أسواق الطاقة (19).

ووفقاً لصحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية، فإن هناك هوس روسي بالقطب الشمالى، مشيرة إلى أن خمس الأراضى الروسية تقع داخل الدائرة القطبية الشمالية، وتسعى للبحث عن مزيد من الأراضى مطالبة بنحو102 مليون كم2 متر مربع أخرى من المحيط المتجمد الشمالى، بإدعاء أن التلال المرتفعة الموجودة تحت الماء يجب منحها مساحة أخرى بديلة (20).

وحسب المجموعة الهيدروجرافية التابعة لأسطول الشمال الروسي، فقد قامت بإدخال تعديلات على خريطة روسيا عام 2019 بضم عدة جزر تم اكتشافها مؤخراً فى منطقة القطب الشمالى ضمن حدود روسيا. وبحسب أليكس كورنيس: رئيس قيم المجموعة الهيدروغرافية فى أسطول الشمال: هناك ست جزر أو سبع سيتم تأكيد وجودها خلال البعثات الاستكشافية، والكبرى بينها، يبلغ طولها على الأغلب أكثر من 500 متر، وإن المناطق المكتشفة هى ليابسة غير معروفة سابقا لكنها ظهرت بعد تراجع الكتل الجليدية عنها بسبب الاحتباس الحرارى. وهى أراضى تقع فى قوام أرخبيل نوفايا زيملا القطبي، وقد اعترفت لجنة الأمم المتحدة المعنية بحدود الجرف القارى كجزء من المياه المحايدة فى القطب الشمالى، على أنه استمرار للجرف الروسي(21).

وخلال الفترة 2013 إلى 2018، قامت روسيا ببناء قاعدة تمب(Temp)  العسكرية بجزيرة كوتلن فى أرخبيل جزر نوفوسيبرسك، وقاعدة ناجورسكو (Nagurskoe) بجزيرة ألكسندرلاند فى أرخبيل فرانز يوسف، كما يستمر إنشاء مطار قطب شمالى فى أرخبيل فرانز يوسف (22). وخلال العام العام 2018، أجرى الأسطول الشمالى فى روسيا أكبر تدريبات عسكرية له منذ عقد من الزمن (23).

وتعد مناورات Grom -19 أو Thunder فى أكتوبر من العام 2019، أكبر المناورات الاستراتيجة النووية فى القطب الشمالى، وتضمنت القوات النووية الاستراتيجية الروسية الأربعة جميعها من الأساطيل البحرية الروسية فى بحر بارنتس، وتألفت من 1200 جندياً، ورأسين نووين إلى جانب عدة صواريخ باليستيه أخرى. وهو إنذار بانطلاق منافسة كبيرة مع الولايات المتحدة حتى عام 2050 حول هذه المنطقة(24).

كما قامت روسيا من البحر الأبيض باختبار صاروخ كروز تفوق سرعته سرعة الصوت، إضافة إلى نشر أنظمة رادار ودفاع صاروخية متقدمة قادرة على ضرب الطائرات والصواريخ والسفن لمناطق ومواقع يمكن لدرجات الحرارة فيها أن تخفض إلى ما دون 50 درجة مئوية. هذا بالطبع يمنح روسيا تغطية شبة كاملة لكامل الشريط الحدودى والمناطق المتاخمة له. وتسعى روسيا إلى فرض سيطرتها على هذه المنطقة الاسترتيجية، سواء على صعيد الملاحة البحرية أو أمن الطاقة. وهو ما أكد عليه وزير الخارجية الروس سيرجى لافروف حين أشار خلال حديثه فى مؤتمر بطرسبرج حول القطب الشمالى فى مايو 2021: " يعتقد الأمريكيون أنه لا يمكن لأحد غيرهم تغيير الموسيقى وإرساء قواعد جديدة فيما يتعلق بمسار البحر الشمالى.. هذا هو شريان النقل الوطنى لدينا" (25).

وتعد أحدث أسلحة روسيا فى القطب الشمالى طوربيد بوسيدون إم 392، والذى اعتبره بعض الخبراء، أنه مصمم لإغراق المدن الساحلية الأمريكية من خلال موجات مد عملاقة(26).

ومن حيث القدرات، تمتلك روسيا قطبين: شرقى وغربى. فى القطب الشمالى الشرقى: قامت روسيا بتجديد المطارات ، وطورت قدرات البحث والإنقاذ ومحطات الرادار. كما زاد تطوير المجالات الجوية والبحرية والتى تشمل أنظمة الرادار Sopka-2 فى جزيرة وارنجل (Wrangel) تبعد 300 ميلا من ألاسكا، وكيب شميدت. وهى أنظمة تخلق نوعاً من "القبة الواقية" عبر مساحة روسيا الشاسعة فى ساحل القطب الشمالى، وتحسين عملياته الشاملة والقدرة على اكتشاف وتعقب السفن والطائرات (27).

إن البصمة العسكرية لروسيا تتحرك نحو الغرب فى القطب الشمالى الأوروبى،وقد أعلن الجيش الروسي مؤخراً أنه سيزيد من عدد وحدات الدفاع الصاروخى S-400 المنتشرة فى جميع أنحاء أراضيها فى القطب الشمالى. وإن جزيرتى كوتلنى (Kotelny) ونوفايا زيملياNovaya Zemlya)) مجهزتا بأنظمة الدفاع الصاروخى مثل Panstir –S1 و Bastian –P، والتى من شأنها إنشاء ترتيب دفاعى ساحلى معقد متعدد الطبقات، وهى تؤمن الأراضى فى عمق القطب الشمالى الأوسط. وهى بالطبع قدرات تعزز من بروز القوة الروسية وقدراتها فى بحر بارنتس، لمنع الوصول الجوى أو البحرى أو البرى سواء لحلف شمال الأطلنطى أو للولايات المتحدة (28).

       وتعد جهود روسيا لإعادة تشكيل وضعها العسكرى فى القطب الشمالى فى المقام الأول لأغراض الدفاع الاقليمى، وحماية قدرات الضربة الثانية لروسيا. لكن بالنظر إلى قدرات روسيا الهجومية المتنامية والتى يتم اختبارها وممارستها فى جزء القطب الشمالى الغربى كما أشرنا من قبل – كصواريخ كروز التى تفوق سرعتها سرعة الصوت، وذخائر الضربة الدقيقة المصممة بحيث لا يمكن اكتشافها بواسطة أنظمة الدفاع الصاروخى الأمريكية كذلك، فإن تحديث الوجود الروسي السطحى وتحت السطحى، المدعوم بواسطة المركبات المسيره تحت الماءUUV ، فضلاً عن قدرات الحرب الالكترونية المتفوقة فيها روسيا...إلخ. كل هذا يكشف عمق وجدية الاهتمام الروسي بالمنطقة؛ مما يضع مزيداً من الضغوط على الولايات المتحدة لأنه يؤثر على قدرتها عن الدفاع عن الوطن والأرض.

وتمتلك روسيا قدرات عسكرية كبيرة فى المنطقة من خلال معدات متطورة جدا، حيث تستطيع ناقلات DT30BM بقيادة عربة TRECOL 35T من السير فى الجليد وفى كل التضاريس بحمولة 80 طنا متفوقة بذلك على الناقلة الأمريكية ARCTOS  التى يمكنها أن تجر 20 طناً فقط ومزودة بأجهزة جديدة لقياس سمك الجليد مباشرة أثناء السير، بالإضافة إلى ناقلات غاز كاسحة للجليد كريستوفر دى مارجيرى (29).

وفى عام 2015، قامت روسيا بتحديث المعدات والمنشآت العسكرية فى نوفايا زيمليا؛ كما وضعت استراتيجية لنشر منظومة صواريخ إس 400 المضادة للطائرات فى هذا الأرخبيل، وكذلك منظومة الصواريخ والقذائف المضادة للطائرات "بانتسير إس 6" فى أحد المطارات فى منطقة القطب الشمالى الروسية. وتم نقل طائرات مروحية من طراز M26 وM8، والتى تحمل أكثر من 30 طناً من المعدات والمواد نحو مطار تامب العسكرى(0[iii]) .

وحسب وكالة تاس الروسية، فقد قامت روسيا بنشر رادار"Resonance –N"  فى نوفمبر 2019 فى منطقة أرخبيل "نوفايا زمليا" والعمل على إدخاله فى حالة تأهب متتالى، لاكتشاف الأهداف الباليسيتة بالإضافة إلى صواريخ كروز، والأهداف التى تفوق سرعتها سرعة الصوت، والطائرات التى يتم تزويدها باستخدام تقنية التخفى؛ وهو ما يعزز بشكل كبير القدرات القتالية للمجموعة المضادة للطائرات فى القطب الشمالى لحماية مناطق الأورال وسيبريا وروسيا الوسطى. ومن المتوقع إضافة "أسطول للقطب الشمالى" كتشكيل منفصل داخل القوات البحرية الروسية،بحيث تكون مهمته الرئيسية ضمان سلامة طريق بحر الشمال وساحل القطب الشمالى فى منطقة مسئولية أسطولى الشمال والمحيط الهادئ، و مع إمكانية تزويد التشكيل لاحقا بسفن وتقنيات معدة خاصة لظروف القطب الشمالى (31).

2-   على المستوى الاقتصادى: تمتلك روسيا منطقة اقتصادية تمتد 200 ميلا بحرياً، وقد نجحت عام 2004 فى ضم منطقة بيوت هول Peaut Hole الواقعة خارج المنطقة الاقتصادية الروسية بعد موافقة لجنة الأمم المتحدة الخاصة بقاع البحار، فضلاً عن امتلاكها للتقنيات التكنولوجية الحديثة، وتعتزم روسيا توسيع أسطولها من كاسحات الثلوج لضمان إمكانية الإبحار وعبور سفنها التجارية فى المنطقة طوال العام.. وهذا وفقاً لما صرح به ديمترى روجوزين نائب رئيس الوزراء الروسى بأن روسيا تجهز 3 كاسحات جليد نووية للعمل بداية منذ عام 2020 (32) .

 

ثالثا: تفاعلات القوى الكبرى فى القطب الشمالى:

تعتبر الصين لاعباً أقل وضوحاً فى القطب الشمالى، حيث تبعد أقرب أراضيها 8 آلاف كيلو مترا بحراً عن مضيق بيرينج، والذى يمثل نقطة وصل بين كل من بحر بيرينج مع المحيط المتجمد الشمالى. ولقد سعت الصين إلى أداء دور أكبر فى شئون القطب الشمالى، وباتت واحدة من 13 دولة مراقبة فى مجلس القطب الشمالى منذ عام 2013، وهى هيئة تم تشكيلها لإدارة التعاون الإقليمي، وتمتلك محطة خاصة بالبحوث في الأرخبيل النرويجي سفالبارد، وهي أكبر مساهم أجنبي في مشاريع روسيا للغاز الطبيعي المسال في القطب الشمالي، وسوف تعتمد على الشحنات المارة عبر مسار البحر الشمالي للتصدير(33).

وفى عام 2018، أصدرت الصين كتاباً أبيض بعنوان: " سياسة القطب الشمالى الصينية"  لتحدد أولوياتها فى المنطقة، واعتبرت نفسها دولة "شبه قطبية"، وتسعى لجعل القطب الشمالى واحداً من المناطق التى تحاول من خلاله بناء نفوذها وتحسين صورتها، بوصفها قوة عالمية. وهو ما يؤكد على تموضع القطب الشمالى فى بؤرة استراتيجية حتمية للتنافس العالمى فى المرحلة القادمة(34).

ومنذ عام 2018، أدخلت الصين "طريق الحرير القطبى"، كأحد مكونات مبادرة الحزام والطريق، بوصفه إطاراً للتعاون مع أطراف أخرى فى سبيل تطوير مشترك لطرق الشحن فى القطب الشمالى (35) .

وعلى صعيد الولايات المتحدة الأمريكية، فوفقا لوثيقة "استراتيجية القطب الشمالى" الصادرة عن البنتاجون فى عام 2019، فإن هناك 3 أهداف للولايات المتحدة فى القطب الشمالى: تشمل الدفاع عن الولايات المتحدة، وضمان بقاء المناطق المشتركة حرة ومفتوحة، والتنافس، عند الحاجة، للحفاظ على توازن قوى إقليمية ملائم. وحسب الوثيقة: " ... قد يجرى منافسون استراتيجيون نشاطات خبيثة أو قسرية فى القطب الشمالى من اجل تحقيق أهدافهم لهذه المنطقة...". وارتباطاً بذلك، فقد حذرت الوثيقة من تآكل للميزة التنافسية للقوة المشتركة ضد روسيا والصين، وهى مشكلة مركزية يجب على الإدارة إعطاء أولوية لها، للحفاظ على توازن قوى ملائم بين المسرحين المشار إليهما سابقاً.. وانطلاقاً من هذه الملاحظات، دعت الوثيقة إلى بناء الجيش الأمريكي لقوى قادرة على التنافس بفاعلية سواء من خلال الحلفاء أو الشركاء لوضع معوقات أمام الخصوم وهم يسعون للمنافسة فى المنطقة(36).

لقد كان هناك تغيراً ملحوظاً فى السياسة الأمريكية تجاه التطورات الروسية فى منطقة القطب الشمالى خلال الادارة الجمهورية السابقة، وهو ما كشف عنه تصريح لوزير الخارجية مايك بومبيو فى فنلندا مايو 2019 خلال اجتماع وزارى رقم 10 لمجلس القطب الشمالى، حين قال: "إن الوقت يمثل لحظة مهمة للولايات المتحدة للوقوف كأمة فى القطب الشمالى، وهى منطقة تمثل ساحة للقوة والتنافس فى العالم"(37).

وقد تلا الخطاب الحماسي تدخل الحكومتين الأمريكية والدنماركية لمنع تجديد العديد من المطارات فى جرينلاند من قبل شركة صينية، بالإضافة إلى إعلان الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بضرورة شراء الولايات المتحدة لهذه المنطقة، أى جرينلاند (38) . أعقب تلك التحركات والتصريحات قيام روسيا بإجراء أكبر مناوراتها النووية الاستراتيجية فى المنطقة فى أكتوبر من العام نفسه 2019، والتى سبق الإشارة إليها.

ولأول مرة منذ نهاية الحرب الباردة، تنفذ البحرية الأمريكية رحلات منتظمة إلى القطب الشمالى: المنطقة الخلفية لروسيا فى بحر بارنتس، مع سفن حربية بريطانية(39).

وقد أعلنت الولايات المتحدة نيتها لبناء كاسحة الجليد الأولى لديها منذ أكثر من عقدين من الزمن، حيث ستنفق مبلغ 746 مليون دولار على سفينة جاهزة عام 2024، مع التأكيد على أنها الوسيلة الأساسية لوجود أمريكى فى المناطق القطبية، وأكد قائد خفر السواحل الأمريكى الأدميرال كارل شولتز:".. أن تزايد التجارة والسياحة والبحوث والأنشطة الدولية فى المنطقة القطبية الشمالية استدعى مثل هذه التحركات الأمريكية.."(40)

وحسب وثيقة استراتيجية الجيش الأمريكى الصادرة فى يناير 2021، تحت عنوان: استعادة الهيمنة فى القطب الشمالى"، فإن هناك أهداف وخطط أمريكية عديدة فى هذه المنطقة، بما فى ذلك إنشاء مقر تشغيلى متعدد المجالات، مع ألوية قتالية مدربة ومجهزة، وتحسين التدريب الفردى والجماعى؛ فضلاً عن تحسين نوعية الحياة للجنود والمدنيين والعائلات المقيمين فى المنطقة(41).

وحسب تصريح للناطق بإسم وزارة الدفاع الأمريكية:" أن الولايات المتحدة تراقب عن كثب النشاطات العسكرية الروسية، وعمليات تشييد البنى التحتية هناك، والتأكيد على أن المنطقة تمثل أرضاً أساسية وحيوية للدفاع عن الولايات المتحدة، وممر استراتيجى محتمل بين المحيطين الهادئ والهندى.. مما يجعلها عرضة للتنافس الموسع .. وستعمل الولايات المتحدة من خلال شبكة الحلفاء والشركاء للحفاظ على نظام قائم على القواعد هناك"(42).

وهو ما يسعى لتحقيقه الرئيس الأمريكى جو بايدن، ودفع حلف شمال الأطلنطى إلى ذلك أيضاً.

وهناك تحرك عسكرى أمريكى مهم، يتمثل في قاذفات استراتيجية تابعة للقوات الجوية الأمريكية فى النرويج بهدف إجراء تدريبات عسكرية، وهى 4 قاذفات من طراز (بى1)، وهو ما يعكس تأكيداً على عزم الولايات المتحدة الدفاع عن حلفائها فى المنطقة القطبية ضد روسيا. هذا بالإضافة إلى 200 من عناصر سلاح الجو الأمريكى، من قاعدة دايس فى ولاية تكساس إلى قاعدة أورلاند الجوية النرويجية، فى فبراير 2021(43).

وينبغى الإشارة إلى تصريح وزير الدفاع الأمريكى "لويد أوستن"، فى جلسة مجلس الشيوخ للمصادقة على تعيينه عن قلقه من تعزيز الجيش الروسي فى منطقة القطب الشمالى، وما وصفه " بالسلوك العدوانى" لروسيا هناك وفى مناطق أخرى من العالم(44).

ونشير إلى تحركات عسكرية أمريكية ضمن حلف الأطلنطى فى المنطقة لمواكبة الحشود الروسية. ففي أبريل 2021، حلقت قاذفات قنابل أمريكية متمركزة فى النرويج، فوق بحر بارنتس. كما عبرت غواصة أمريكية فى المنطقة، وهو يمثل موقفاً صريحاً للادارة الجديدة تجاه التحركات الروسية السالف ذكرها(45).

وبناء علي ما سبق، هناك تحذير من وزارة الخارجية الروسية من مخاطر حدوث " صدام غير مقصود" بينها وحلف الأطلنطى فى المنطقة، بسبب إشراك الحلف أعضائه من خارج منطقة القطب الشمالى فى أنشطته العسكرية هناك. هذا فى الوقت الذى قرر فيه شركاء روسيا في مجلس القطب الشمالى_الولايات المتحدة، والسويد، والنرويج، وأيسلندا، وفنلندا، والدنمارك_ تعليق عمل روسيا علي خلفية العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا (46)، وهو ما يزيد من التحديات والتهديدات في المجالات المتعددة، وبخاصة الأمن الناعم.

يمكن القول ختاماً بأن الولايات المتحدة قد فاتها الكثير لتلحق به، وتعوضه فى هذه المنطقة الهامة.. وتسعى حالياً الولايات المتحدة إلى إضعاف الوجود الروسي، تحديداً جعل طريق بحر الشمال شريانا للنقل متاحاً للمجتمع الدولى بأسره ليس طريقاً روسياً للنقل. ولذلك تتبع استراتيجية لزيادة خفر السواحل الأمريكى هناك، فى ظل توتر متصاعد فى العلاقات الأمريكية الروسية مع وصول الإدارة الديمقراطية إلى البيت الأبيض منذ يناير 2021.

وهذا يتفق مع البيان الختامى لقمة حلف شمال الأطلنطى السابقة، والذى اتخذ موقفاً حازماً تجاه روسيا، مع إمكانية الحوار، والتأكيد على مراقبة التحديات التى تفرضها قوة الصين المتصاعدة.ووفقاً للأمين العام للناتو، فإن تعاون الصين وروسيا بشكل متزايد على الصعيدين السياسي والعسكرى يشكل بعداً جديداً وتحد خطير للحلف(47). هذا بالتأكيد قبل التداعيات الخطيرة للعملية العسكرية الروسية فى أوكرانيا، والتى زادت من تعقيد المشهد الأمنى، وتأزم العلاقات بين حلف شمال الأطلنطى وروسيا.

وعلى صعيد العمل الدولى، أعلنت الولايات المتحدة أن حلف الناتو يعتزم إجراء مناورات غير مسبوقة بمشاركة آلاف العسكريين فى منطقة القطب الشمالى، ووفقاً للبعثة الأمريكية لدى الناتو، تم التأكيد على حساب تويتر للبعثة، فى 19 يناير 2022 أن أكبر مناورات للحلف فى المنطقة ستحمل اسم الرد البارد Cold Response  (48)،، وقد وقعت بالفعل في النرويج فى الفترة من 14 مارس حتى أول أبريل من العام 2022، وشارك فيها 30 ألف جندياً من 27 دولة، بالإضافة إلى 200 طائرة و 50 سفينة (49).

 

 

رابعا: خاتمة الدراسة:

لقد غادرت روسيا عملياً منطقة القطب الشمالى خلال التسعينيات من القرن العشرين فى أعقاب انهيار الاتحاد السوفييتى، حيث لم تعد هناك وحدة قتالية روسية واحدة من مورمانسك إلى تشوكوتكا. لكنها عادت إلى المنطقة فى ظروف منافسة دولية متزايدة على الموارد وآفاق النقل عبر المنطقة القطبية..وحسب عدد كبير من المحلليين السياسيين أن البراجماتية تحكم الاستراتيجية الروسية فى منطقة القطب الشمالى على حساب البعد الايديولوجى، حيث تسعى روسيا إلى استرداد وضعها كقوة عظمى من خلال تأكيد مصالحها فى مجالها الحيوى (50) .

وتعد روسيا سباقة إلى إحياء اهتمامها بالمنطقة فور تسلم الرئيس فلاديمير بوتين الحكم عام 2000، ووفقاً لمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية بواشنطن، فقد قام الزعيم السوفييتى الراحل جوزيف ستالين بالترويج ل "القطب الشمالى الأحمر"، معتبراً أن بوتين يسعى إلى استغلال سردية القطب الشمالى عند غزو الإنسان للطبيعة، بوصفها ميزة للقومية الروسية الحديثة (51).   

وتمثل منطقة القطب الشمالى" أحد أعمدة استعادة روسيا مكانة القوى العظمى"، ولهذا فإن وجودها العسكرى فى المنطقة يسعى إلى تحقيق 3 أهداف : تعزيز الدفاع عن الوطن، وتأمين المستقبل الاقتصادى لروسيا، وإنشاء نقطه انطلاق لإبراز السلطة، لاسيما فى شمال المحيط الأطلنطى(52) .

وباستعراض استراتيجياتالقوى الكبرى فى القطب الشمالى، يمكن تأكيد أن روسيا تعزز من وجودها العسكرى والتجارى فى القطب الشمالى من خلال تطوير قواعد عسكرية وبحرية جديدة، فضلاً عن تجديد قواعدها القديمة، وتوسيع أسطولها، الذى يضم كاسحات جليد وغواصات تعمل بالطاقة النووية فيما يعد بداية لسباق للاستيلاء على الموارد فى الحدود النهائية للعالم (53).

وتقوم السياسات الروسية الحالية فى منطقة القطب الشمالى على تحسين نظام القيادة والتحكم العسكرية لحماية حدود القطب الشمالى الروسي والبنية التحتية، ويتم ذلك من خلال تنسيق نظام القيادة العسكرية فى المنطقة مع الإدارة المدنية..

وهو ما يتوافق مع استراتيجات الأمن القومى الروسية الصادرة خلال الفترة السابقة عامى 2015 و2019، وهى وثائق تؤكد على تحقيق الأهداف القومية المطروحة فى مجال التنمية وزيادة القدرة التنافسية للبلاد، وتعزيز سمعتها الداخلية (54) .

تمثل منطقة القطب الشمالي رهاناً جيوسياسياً جديداً فى العلاقات الأمريكية الروسية، لما للمنطقة من أهمية استراتيجية بسبب موقعها الجغرافى من ناحية واحتوائها ثروات هائلة تقدر بتريليونات الدولارات تستخدم فور ذوبان متسارع للثلج من ناحية أخرى.

ووفقاً لمعظم دراسات للسيناريوهات العسكرية باستخدام مستويات متفاوتة من الشدة ونمذجة تأثيراتها على الأمن القومى للولايات المتحدة، لم توصل إلا إلى نتيجة واحدة مفادها: لن تفقد الولايات المتحدة فقط قدرتها على الوصول إلى أجزاء من القطب الشمالى بحلول عام 2050، لكن تقدم روسيا فى قدراتها لمنع الولوج والمنطقة المحرمة A2/AD   _قدرات المضادة للدخول/ الإنكار الجوى_، فى القطب الشمالى، وهو ما سيجعل تكاليف دخول الولايات المتحدة أعلى بكثير. ويظل الأمر الأكثر إثارة للقلق أن الولايات المتحدة لا تزال على نحو متزايد عرضة لقدرات الصواريخ الروسية المتزايدة فى منطقة القطب الشمالى سواء التقليدية أو النووية. ويزداد هذا الاتجاه فى عصر تواجه فيه الأنظمة الدولية للحد من التسلح ضغوطا وتدهورا مستمرا (55) .

وهكذا، عادت منطقة القطب الشمالى لتمثل مسرحا هاما للمنافسة العالمية على حركة المرور والموارد الطبيعية فى ظل ضعف التشريعات الدولية المتعلقة بهذه المنطقة بسبب ما تعانيه من فجوات كبيرة، مما يدفع بالدول إلى زيادة تواجدها العسكرى للردع على حساب القانون الدولى.

 

خامسا: نتائج الدراسة:

  1. تتمتع روسيا بمزايا هائلة فى منطقة القطب الشمالى، تستند جميعها إلى إنجازات تكنولوجية فريدة، منها: محطة طاقة نووية عائمة، وأسطول كبير لكسر الجليد. ونشير هنا إلى أن كاسحات الجليد هى أهم رهان روسي فى المنطقة خاصة بعد إضافة الكاسحة أركاتيكا _الأقوى فى العالم_ منذ عام 2020، وهى تعمل بالطاقة النووية. كما أطلقت روسيا قمرها الفضائى "أركاتيكا- إم" لرصد المناخ والبيئة فى القطب الشمالى منذ أكتوبر 2020.
  2. لا تزال هناك فرص متصاعدة للقوى الأخرى، تحديداً الصين، وللولايات المتحدة أيضاً، لكنها تظل أدنى من روسيا.
  3. تسيطر روسيا على كامل المجال الجوى والبحرى للقطب الشمالى على بعد 500 كم على الأقل من ساحلها.
  4. وبشأن تطور الدور الروسي فى القطب الشمالى، فدائما ما يؤكد العسكريون الروس على التقدم بحذر لتجبنب تدهور الوضع فى القطب الشمالى إلى مواجهة مع القوى الغربية.
  5. تركز الكتابة العسكرية الروسية على تطوير القطب الشمالى مع احتمالات واسعة للتعاون فى المجالات العسكرية والمدنية بالمنطقة(56).

وفى إطار تأكيد روسيا على التعاون فى كافة المجالات الأمنية التقليدية وغير التقليدية، بادرت روسيا إلى طرح مبادرة "الأمن الحيوى" كمشروع للحماية من الفيروسات الناشئة جراء ذوبان الجليد فى إطار منظمة مجلس منطقة القطب الشمالى الذى تتولى روسيا رئاسة خلال عام 2021، وهو ما يقدم دوراً روسياً تعاونياً إلى جانب ملفات البيئة والمناخ والاقتصاد والبنية التحتية (57) .

ويعد تصريح الرئيس الروسي خلال منتدى يوم القطب الشمالى 23/7/2021 فى سان بطرسبرج، والذى أعلن خلاله عن مبادرة من شركة روساتوم النووية الحكومية الروسية مؤشرا  لاهتمام خاص لتنمية المنطقة القطبية فى إطار تعاونى دولى فى أجواء من السلام والثقة المتبادلة(58) .

  1. تزيد احتمالات الصراع من أجل السيطرة على منطقة القطب الشمالى، والتى تطل بقوة على مسرح عمليات التنافس الدولى فى المرحلة القادمة فى ظل فجوات كبيرة تعانى منها التشريعات الدولية المتعلقة بالمنطقة.
  2. أدت الزيادة الكبيرة في القدرات والعمليات العسكرية الروسية في القطب الشمالي في السنوات الأخيرة إلى تزايد مخاوف بين المراقبين الأمريكيين والكنديين والدول الاسكندنافية من أن القطب الشمالي قد يصبح مرة أخرى منطقة توتر عسكري ومنافسة، بالإضافة إلى مخاوف بشأن ما إذا كانت الولايات المتحدة وكندا ودول الشمال الأوروبي مستعدة بشكل كافٍ عسكريًا للدفاع عن مصالحها في منطقة.
  3. تعد الأداة العسكرية حاضرة بقوة لتحقيق الردع وتوازن القوى فى المنطقة على حساب أدوات أخرى اقتصادية وبيئية وبيولوجية.
  4. إن العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الولايات المتحدة بشأن روسيا ردًا على الإجراءات الروسية في أوكرانيا قد تؤثر على التنقيب عن النفط في القطب الشمالي الروسي، وعلى التطورات الروسية الجارية فى المنطقة بشكل عام.

 

 



(1(Changes in the Arctic: Background and Issues for Congress,Congressional Research Service, August, 4, 2021,  R41153, pp. 12-14, at:

https://fas.org/sgp/crs/misc/R41153.pdf

(2)The Arctic and Antarctic as Political arenas, World Ocean Review, 2019, https://worldoceanreview.com/en/wor-6/polar-politics-and-commerce/the-arctic-and-antarctic-as-political-arenas/

(3) Changes in the Arctic: Background and Issues for Congress,op.cit., p. 15.

(4) United States Army, Regaining Arctic Dominance, Department of the Army Strategy, 19 January 2021, pp.18-19,

https://www.army.mil/e2/downloads/rv7/about/2021_army_arctic_strategy.pdf.

(5) "Engineering and Economics of the USGS Circum-Arctic Oil and Gas Resource Appraisal (CARA) Project", U.S. Geological Survey (USGS), June 14, 2008, https://www.usgs.gov/node/99595

(6) Holly Ellyatt, Russia is dominating The Arctic, but it's not Looking to Fight Over it, World Politics, CNBC, Dec. 2019, https://www.cnbc.com/2019/12/27/russias-dominance-in-the-arctic.html.

(7) Scott Borgerson and others, "The Emerging Arctic", Council on Foreign Relations,  2021, https://www.cfr.org/emerging-arctic/

(8) United States Army, Regaining Arctic Dominance, op.cit., pp. 15- 16.

(9)Ibid.

(11) Mia M. Benett, Bert De Joughe, "The Opening of The Transpolar Sea Route : Logistical, geopolitical, environmental, and Socioeconomic impacts", Science Direct, Marine Policy, Vol. 121, Nov. 2020, 104178,

https://www.sciencedirect.com/science/article/abs/pii/S0308597X2030453X

(12) Ibid.

(13) U.S. Army: Regaining Arctic Dominance, op. cit. p. 17.

(14) Ibid.

(15) إيرينا ألشاينا؛ "دفاعاً عن طريق الشمال: روسيا تستعد لإنشاء أسطول قطبى"، صحيفة غازيتارو، استضافة د. ألكسندر بريندجيف، أستاذ بقسم علم السياسة والاجتماع، جامعة الاقتصاد الروسية، نقلا من موقع روسيا اليوم،9 أكتوبر 2012، انظر: https://arabic.rt.com/press/1281159-

 (16)Jorgen Staun, Russia's Strategy in the Arctic, Royal Danish Defense College, RDDC Publishing House, Copenhagen, 2015, at:

https://www.academia.edu/14642309/Russias_strategy_in_the_Arctic, p.12.

(17) أليكسى كلينيكوف، توسع جيوبوليتيكى، أسس العقيدة العسكرية لسلاح البحرية الروسي، مجلة اتجاهات الأحداث، مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، 1 سبتمبر2015، ص ص 72-73

 https://futureuae.com/ar-AE/Mainpage/Item/5351/

(18) المرجع السابق.

(19)Changes in the Arctic, op.cit., pp.15-18.

(20) Russia's Arctic Obsession, Financial Times, Oct.21, 2016, at: https://ig.ft.com/russian-arctic.

(22)  ميخائيل خوداربونوك، تقسيم المنطقة القطبية: عن ماذا تبحث روسيا فى الجليد، مقال فى مجلة غازيتا رو بتاريخ 8/4/2019، موقع روسيا اليوم، انظر:  https://arabic.rt.com/press/1012133-

(23) Changes in the Arctic: Background and Issues for Congress, op.cit, pp. 15-18.

(24) Ibid.

)25) Russia in Review, May 21-28, 2021, Russia Matters

https://www.russiamatters.org/news/russia-review/russia-review-may-21-28-2021

(26) Nick Paton Walsh, Satellite Images Show huge Russian Military buildup in the Arctic, CNN, April 5, 2021, at: www.edition.cnn.com/2021/04/05.

(27) Heather A. Conley, and Matthew Melino, America's Arctic Moment: Great Power Competition in the Arctic to 2050, CSIS, March 30, 2020, pp.1-4, at:

https://www.csis.org/analysis/americas-arctic-moment-great-power-competition-arctic-2050

(28) Ibid, pp.2-3.

(29) كانت أول تجربة لهذه المعدات عندما انطلقت القوات الروسية عبر القطب الشمالى عام 2017، من مدينة نيكس الروسية عبر جليد مضيقي لابتيف وسانيكوف نحو جزيرة كوتيلبنى، التى تعتبر منطقة دفاع هامة بالنسبة لروسيا لاحتوائها على منظومة صواريخ أونيكس الأسرع من الصوت ضمن نظام دفاع رويش. لمزيد من المعلومات، انظر المرجع: "الجيش فى القطب الشمالى، قاهرات التضاريس عبر المحيط"، قناة روسيا اليوم ، RT:

http//www.youtube.com/watch?v= 3C3QCMVYCPS

(30) Heather A. Conley, op.cit., p. 4.  

 (31) تسمح إمكانيات الرادار بالكشف عن الأهداف الحيوية علي مسافة تصل من 600 إلى 1200 كم، وفى الوقت نفسه يكتشف أهداف على ارتفاعات تصل إلى 1000 كم، وتسمى محطة رادارات ما فوق الأفق. المصدر تاس : https://arabic.rt.com/russia/1027549

)33) Ling Guo and Steven Lloyd Wilson, China Russia and Arctic geopolitics, The Diplomat, March 29, 2019, https://thediplomat.com/2020/03/china-russia-and-arctic-geopolitics/

(34) Full text: China's Arctic Policy, 2018-01-26, The State Council Information Office, of the People's Republic of China, at:

http://www.scio.gov.cn/m/32618/Document/1618217/1618217.htmL

(36)Office of the Under Secretary of Defense for Policy, June 2019, Report to Congress, Department of Defense Arctic Strategy, Washington D.C., at: https://media.defense.gov/2019/Jun/06/2002141657/-1/-1/1/2019-DOD-ARCTIC-STRATEGY.PDF

(37)  America's Arctic Moment, CSIS, op.cit., pp.1-2.

(38) Ibid.

(39) David B. Larter, The US Navy returns to an increasingly militarized Arctic, Defense news, May 12, 2020. www.defensenews.com/naval/2020/05/11

)40) Changes in the Arctic: Background and Issues for Congress, op.cit., pp.48-50.

(41)  Regaining Arctic Dominance, United States Army, op.cit., pp.20-22.

(42) C. Todd Lopez, DOD news, DOD closely monitoring Russia's Activities in Arctic, April 5, 2021, defense.gov/news/news-stories/Arctic/U.S. Department of Defense.

(43) Barbara Starr, US deploying B-1 bombers to Norway to send a message to Russia, CNN, Feb., 9 2021, at:

https://edition.cnn.com/2021/02/08/politics/us-b-1-bombers-norway/index.html

(44) Advance Policy Questions for Liyod J. Austin, Nominee for Appointment to be Secretary of State, Nomination- Austn lll- Hearings, United States- Senate Armed Services Committee. January 19, 2021, pp. 3-4, at:

http://www.armed-services.senate.gov

(45) Nick Paten Walsh, Satellite Images Show huge Russian Military buildup in the Arctic, CNN, April 5, 2021, at: www.edition.cnn.com/2021/04/03.

(47) NATO Summit, Brussels– 14 June 2021 - 2nd MEDIA ADVISORY – 9 June 2021, at: https://www.nato.int/cps/en/natohq/news_184834.htm

(48) U.S. Mission to NATO USNATO, Twitter, January 19, 2022, at: https://twitter.com/USNATO/status/1483832252161306625

(1(Changes in the Arctic: Background and Issues for Congress,Congressional Research Service, August, 4, 2021,  R41153, pp. 12-14, at:
https://fas.org/sgp/crs/misc/R41153.pdf
(2)The Arctic and Antarctic as Political arenas, World Ocean Review, 2019, https://worldoceanreview.com/en/wor-6/polar-politics-and-commerce/the-arctic-and-antarctic-as-political-arenas/
(3) Changes in the Arctic: Background and Issues for Congress,op.cit., p. 15.
(4) United States Army, Regaining Arctic Dominance, Department of the Army Strategy, 19 January 2021, pp.18-19,
https://www.army.mil/e2/downloads/rv7/about/2021_army_arctic_strategy.pdf.
(5) "Engineering and Economics of the USGS Circum-Arctic Oil and Gas Resource Appraisal (CARA) Project", U.S. Geological Survey (USGS), June 14, 2008, https://www.usgs.gov/node/99595
(6) Holly Ellyatt, Russia is dominating The Arctic, but it's not Looking to Fight Over it, World Politics, CNBC, Dec. 2019, https://www.cnbc.com/2019/12/27/russias-dominance-in-the-arctic.html.
(7) Scott Borgerson and others, "The Emerging Arctic", Council on Foreign Relations,  2021, https://www.cfr.org/emerging-arctic/
(8) United States Army, Regaining Arctic Dominance, op.cit., pp. 15- 16.
(9)Ibid.
(11) Mia M. Benett, Bert De Joughe, "The Opening of The Transpolar Sea Route : Logistical, geopolitical, environmental, and Socioeconomic impacts", Science Direct, Marine Policy, Vol. 121, Nov. 2020, 104178,
(12) Ibid.
(13) U.S. Army: Regaining Arctic Dominance, op. cit. p. 17.
(14) Ibid.
(15) إيرينا ألشاينا؛ "دفاعاً عن طريق الشمال: روسيا تستعد لإنشاء أسطول قطبى"، صحيفة غازيتارو، استضافة د. ألكسندر بريندجيف، أستاذ بقسم علم السياسة والاجتماع، جامعة الاقتصاد الروسية، نقلا من موقع روسيا اليوم،9 أكتوبر 2012، انظر: https://arabic.rt.com/press/1281159-
 (16)Jorgen Staun, Russia's Strategy in the Arctic, Royal Danish Defense College, RDDC Publishing House, Copenhagen, 2015, at:
(17) أليكسى كلينيكوف، توسع جيوبوليتيكى، أسس العقيدة العسكرية لسلاح البحرية الروسي، مجلة اتجاهات الأحداث، مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، 1 سبتمبر2015، ص ص 72-73
(18) المرجع السابق.
(19)Changes in the Arctic, op.cit., pp.15-18.
(20) Russia's Arctic Obsession, Financial Times, Oct.21, 2016, at: https://ig.ft.com/russian-arctic.
(22)  ميخائيل خوداربونوك، تقسيم المنطقة القطبية: عن ماذا تبحث روسيا فى الجليد، مقال فى مجلة غازيتا رو بتاريخ 8/4/2019، موقع روسيا اليوم، انظر:  https://arabic.rt.com/press/1012133-
(23) Changes in the Arctic: Background and Issues for Congress, op.cit, pp. 15-18.
(24) Ibid.
)25) Russia in Review, May 21-28, 2021, Russia Matters
https://www.russiamatters.org/news/russia-review/russia-review-may-21-28-2021
(26) Nick Paton Walsh, Satellite Images Show huge Russian Military buildup in the Arctic, CNN, April 5, 2021, at: www.edition.cnn.com/2021/04/05.
(27) Heather A. Conley, and Matthew Melino, America's Arctic Moment: Great Power Competition in the Arctic to 2050, CSIS, March 30, 2020, pp.1-4, at:
https://www.csis.org/analysis/americas-arctic-moment-great-power-competition-arctic-2050
(28) Ibid, pp.2-3.
(29) كانت أول تجربة لهذه المعدات عندما انطلقت القوات الروسية عبر القطب الشمالى عام 2017، من مدينة نيكس الروسية عبر جليد مضيقي لابتيف وسانيكوف نحو جزيرة كوتيلبنى، التى تعتبر منطقة دفاع هامة بالنسبة لروسيا لاحتوائها على منظومة صواريخ أونيكس الأسرع من الصوت ضمن نظام دفاع رويش. لمزيد من المعلومات، انظر المرجع: "الجيش فى القطب الشمالى، قاهرات التضاريس عبر المحيط"، قناة روسيا اليوم ، RT:
http//www.youtube.com/watch?v= 3C3QCMVYCPS
(30) Heather A. Conley, op.cit., p. 4.  
 (31) تسمح إمكانيات الرادار بالكشف عن الأهداف الحيوية علي مسافة تصل من 600 إلى 1200 كم، وفى الوقت نفسه يكتشف أهداف على ارتفاعات تصل إلى 1000 كم، وتسمى محطة رادارات ما فوق الأفق. المصدر تاس : https://arabic.rt.com/russia/1027549
)33) Ling Guo and Steven Lloyd Wilson, China Russia and Arctic geopolitics, The Diplomat, March 29, 2019, https://thediplomat.com/2020/03/china-russia-and-arctic-geopolitics/
(34) Full text: China's Arctic Policy, 2018-01-26, The State Council Information Office, of the People's Republic of China, at:
http://www.scio.gov.cn/m/32618/Document/1618217/1618217.htmL
(36)Office of the Under Secretary of Defense for Policy, June 2019, Report to Congress, Department of Defense Arctic Strategy, Washington D.C., at: https://media.defense.gov/2019/Jun/06/2002141657/-1/-1/1/2019-DOD-ARCTIC-STRATEGY.PDF
(37)  America's Arctic Moment, CSIS, op.cit., pp.1-2.
(38) Ibid.
(39) David B. Larter, The US Navy returns to an increasingly militarized Arctic, Defense news, May 12, 2020. www.defensenews.com/naval/2020/05/11
)40) Changes in the Arctic: Background and Issues for Congress, op.cit., pp.48-50.
(41)  Regaining Arctic Dominance, United States Army, op.cit., pp.20-22.
(42) C. Todd Lopez, DOD news, DOD closely monitoring Russia's Activities in Arctic, April 5, 2021, defense.gov/news/news-stories/Arctic/U.S. Department of Defense.
(43) Barbara Starr, US deploying B-1 bombers to Norway to send a message to Russia, CNN, Feb., 9 2021, at:
https://edition.cnn.com/2021/02/08/politics/us-b-1-bombers-norway/index.html
(44) Advance Policy Questions for Liyod J. Austin, Nominee for Appointment to be Secretary of State, Nomination- Austn lll- Hearings, United States- Senate Armed Services Committee. January 19, 2021, pp. 3-4, at:
(45) Nick Paten Walsh, Satellite Images Show huge Russian Military buildup in the Arctic, CNN, April 5, 2021, at: www.edition.cnn.com/2021/04/03.

(47) NATO Summit, Brussels– 14 June 2021 - 2nd MEDIA ADVISORY – 9 June 2021, at: https://www.nato.int/cps/en/natohq/news_184834.htm

(48) U.S. Mission to NATO USNATO, Twitter, January 19, 2022, at: https://twitter.com/USNATO/status/1483832252161306625