نوع المستند : المقالة الأصلية
المؤلف
مدرس الاقتصاد – كلية الدراسات الافريقية العليا- جامعة القاهرة
المستخلص
نقاط رئيسية
مقدمـــة:
يعد موضوع الاقتصاد الأخضر من الموضوعات الحديثة والمهمة التي يجب التركيز عليها، إذ يحظى باهتمام المجتمع الدولي ومنظمات حماية البيئة، فهو نموذج جديد من نماذج التنمية الاقتصادية سريعة النمو التي تعتمد بشكل مباشر على الاستثمارات الخضراء الهادفة إلى معالجة العلاقة المتبادلة بين الموارد الطبيعية للبيئة، وبين استغلال هذه الموارد بما يخدم المجتمع ويحقق الرفاه الاقتصادي، والحد من الاثار العكسية للنشاطات الانسانية على التغير المناخي، والاحتباس الحرارى واستنزاف الموارد. وفي الوقت الراهن، لا يزال الاستثمار في الممارسات المستدامة يتضاءل أمام تدفق رأس المال إلى الوقود الأحفوري وغيره من القطاعات والممارسات غير المستدامة، حيث تقدر المؤسسات العالمية المعنية بتغير المناخ أن حوالي 2.4 تريليون دولار أو ما يقرب من 2.5 %من الناتج المحلي الإجمالي العالمي يجب استثمارها سنويًا في مجال الطاقة النظيفة بين عامي 2016 و 2035، للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري، وهو أمر من غير المرجح أن يتم الوفاء به عند مستويات الاستثمار الحالية، وهو ما يفتح المجال أمام التمويل الأخضر كأحد أهم سبل التمويل المستدام [i].
وعلى خلفية تحقيق أهداف التنمية المستدامة العالمية، يطالب الاستثمار العالمي باستخدام عائدات التمويل في المشروعات المستدامة بيئيًا والمستجيبة اجتماعياً. وهذا يفسر أيضًا الاهتمام العالمي بمراقبة أداء الشركات من حيث المسؤولية الاجتماعية والبيئية. وقد أدت الحاجة العالمية للتمويل من أجل حلول مستدامة ( التمويل الأخضر ) إلى تطوير أدوات تمويل مبتكرة مثل القروض والسندات الخضراء. وتعد الأخيرة هى الأكثر انتشارا واستخداما على المستوى العالمى، حيث يتم إصدار معظم تلك السندات لتمويل مشروعات بيئية مثل توليد الطاقة المتجددة، والحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري من خلال أنظمة النقل، ومعالجة مياه الصرف الصحي، والوسائل الفعالة لإدارة النفايات الصلبة. كما تُمكِّن وتشجع القطاع الخاص من المساهمة بشكل كبير ومباشر في الحفاظ على البيئة على المدى الطويل وتحقيق أهداف النمو الاقتصادي المستدام.
[i]) WHY WE WORK ON SUSTAINABLE FINANCE, 2019 , Available at :-
https://www.wwf.org.uk/what-we-do/projects/why-sustainable-finance-important
الكلمات الرئيسية
مقدمـــة:
يعد موضوع الاقتصاد الأخضر من الموضوعات الحديثة والمهمة التي يجب التركيز عليها، إذ يحظى باهتمام المجتمع الدولي ومنظمات حماية البيئة، فهو نموذج جديد من نماذج التنمية الاقتصادية سريعة النمو التي تعتمد بشكل مباشر على الاستثمارات الخضراء الهادفة إلى معالجة العلاقة المتبادلة بين الموارد الطبيعية للبيئة، وبين استغلال هذه الموارد بما يخدم المجتمع ويحقق الرفاه الاقتصادي، والحد من الاثار العكسية للنشاطات الانسانية على التغير المناخي، والاحتباس الحرارى واستنزاف الموارد. وفي الوقت الراهن، لا يزال الاستثمار في الممارسات المستدامة يتضاءل أمام تدفق رأس المال إلى الوقود الأحفوري وغيره من القطاعات والممارسات غير المستدامة، حيث تقدر المؤسسات العالمية المعنية بتغير المناخ أن حوالي 2.4 تريليون دولار أو ما يقرب من 2.5 %من الناتج المحلي الإجمالي العالمي يجب استثمارها سنويًا في مجال الطاقة النظيفة بين عامي 2016 و 2035، للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري، وهو أمر من غير المرجح أن يتم الوفاء به عند مستويات الاستثمار الحالية، وهو ما يفتح المجال أمام التمويل الأخضر كأحد أهم سبل التمويل المستدام [i].
وعلى خلفية تحقيق أهداف التنمية المستدامة العالمية، يطالب الاستثمار العالمي باستخدام عائدات التمويل في المشروعات المستدامة بيئيًا والمستجيبة اجتماعياً. وهذا يفسر أيضًا الاهتمام العالمي بمراقبة أداء الشركات من حيث المسؤولية الاجتماعية والبيئية. وقد أدت الحاجة العالمية للتمويل من أجل حلول مستدامة ( التمويل الأخضر ) إلى تطوير أدوات تمويل مبتكرة مثل القروض والسندات الخضراء. وتعد الأخيرة هى الأكثر انتشارا واستخداما على المستوى العالمى، حيث يتم إصدار معظم تلك السندات لتمويل مشروعات بيئية مثل توليد الطاقة المتجددة، والحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري من خلال أنظمة النقل، ومعالجة مياه الصرف الصحي، والوسائل الفعالة لإدارة النفايات الصلبة. كما تُمكِّن وتشجع القطاع الخاص من المساهمة بشكل كبير ومباشر في الحفاظ على البيئة على المدى الطويل وتحقيق أهداف النمو الاقتصادي المستدام.
- أهداف البحث : يعتبر الهدف الرئيسى من هذه الدراسة هو معرفة أدالتمويل الأخضر والأدوات التى تتعلق به وعلى رأسها السندات الخضراء، كذلك مفهوم التنمية المستدامة وفقاً للأهداف التنموية العالمية لعام 2030، كذلك أجندة التنمية المستدامة لأفريقيا 2063. وتسليط الضوء على المزايا الاقتصادية المتوقعة من التحول الأخضر بالقارة بما يخدم أهداف، مع التركيز على أهم التجارب الأفريقية فى مجال الاقتصاد والتمويل الأخضر. كذلك التعرض الى أهم التحديات التى قد تحول دون تعزيز دور التمويل الأخضر فى دعم اقتصادات أفريقيا. وذلك من خلال عرض وتحليل النقاط التالية: - مفهوم وأبعاد التنمية المستدامة.
- مفهوم التمويل الأخضر وأدواته وتطوره عالمياً.
- أهمية التمويل الأخضر فى تحقيق أهداف التنمية المستدامة لأفريقيا.
- واقع التمويل الأخضر فى افريقيا
- استخدامات التمويل الأخضر فى افريقيا ( حالات تطبيقية ).
- تحديات التمويل الأخضر فى أفريقيا.
- خاتمة وتوصيات الدراسة.
- اشكالية البحث : تشهد السنوات الأخيرة جهداً ملحوظاً من الجهات المعنية في أفريقيا وعلى رأسها الاتحاد الأفريقى، فى السعى نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة العالمية وتلك الخاصة بأجندة أفريقيا 2063، وعلى رأس أولوياتها التحول نحو الاقتصاد الأخضر الذى يحافظ على البيئة والمناخ ويحفز الاقتصادات نحو النمو المستدام. ولكن تبقى قضية توفير التمويل اللازم لهذا التحول هى الأكثر أهمية والمعضلة الرئيسية التى تواجه القارة. وعلى الرغم من الخطط العديدة التى اتبعتها القارة فى هذا الشأن، الا أن التحديات التى تواجه أفريقيا تقف عقبة فى طريق تطور مجال التمويل الأخضر وعلى رأسه السندات الخضراء باعتباره أحد أهم مصادر تمويل المشروعات التى تراعى الاعتبارات البيئية ؛ وبالتالى أصبح على الحكومات الأفريقية مهمة كبيرة وهى حل تلك التحديات ووضع منظومة اجراءات وخطط تساند أهداف التحول الاقتصادى الأخضر بالقارة، واتاحة التمويل اللازم له بأشكال ومصادر مختلفة، حتى تستطيع أن تنعم بالفوائد الاقتصادية العديدة لهذا التحول.
- منهجية البحث : تعتمد منهجية الدراسة على الوصفى الاستقرائى والتحليلى فى تناول موضوع التمويل الأخضر بشكل عام، وتطبيقاته فى أفريقيا بشكل خاص، من حيث قيمة هذا التمويل، وأهم القطاعات الاستثمارية التى يمولها، والدول الأفريقية البارزة فى مجال التمويل الأخضر. فضلاً عن تحليل العقبات المختلفة التى تواجه التمويل الأخضر فى أفريقيا والتى تحد من المزايا المتوقعة له.
أولاً- مفهوم وأبعاد التنمية المستدامة :
- مفهوم التنمية المستدامة :
يعتبر مصطلح التنمية المستدامة من المصطلحات الحديثة نسبيا، حيث ظهرت فى عام 1974 في أعقاب مؤتمر ستوكهولم، واتخذ المفهوم اطار أكثر وضوحا فى قمة ( ريو دى جانيرو) للمرة الأولى حول البيئة والتنمية المستدامة فى عام 1992، حيث ركزت القمة على صياغة استراتيدجيات التنمية المتعلقة بتحقيق العدالة الاجتماعية والحد من الفقر، وضمان حماية البيئة فى المستقبل. والتى عرفت فيها التنمية المستدامة على أنها " عملية طويلة الأجل يتم من خلالها التنبؤ بالمتغيرات الاقتصادية المستقبلية، وتعتمد فى أهدافها على الامكانات الموجودة فى الوقت الحاضر، لذلك فهي تنمية تشترط عدم استنزاف الموارد الطبيعية حتى يمكن استفادة الأجيال القادمة منها ". وتشمل ثلاثة أبعاد رئيسية كالتالى[ii] :-.
- البعد الاقتصادى :
ويعنى مفهوم التنمية المستدامة بضرورة تحقيق الاستمرارية فى العملية الانتاجية، وبالطريقة التى تضمن التوازن بين استغلال الموارد المتاحة، ورأس المال المتاح، كذلك خلق موارد جديدة متنوعة تسهم فى تحقيق أكبر قدر ممكن من النمو الاقتصادى، والعدالة فى توزيع ثمار التنمية الاقتصادية.
-البعد الاجتماعى :
ويركز هذا البعد على أن الانسان هو الأكثر استفادة من عملية التنمية، حيث تسهم فى رفع مستوى رفاهيته، وينعم من خالها بحياة كريمة مناسبة، يتوافر فيها مقومات العدالة الاجتماعية.
- البعد البيئي:
من خلال مراعاة عدم استنزاف واستهلاك الثروات البيئية منعا للوصول الى مرحلة تدهور النظام البيئي، والمحافظة علي التنوع والتوازن البيولوجي بما يضمن حماية الطبيعة، وضمان انتاج الموارد المتجددة مع عدم استنزاف الموارد غير المتجددة.
وقد تبنت الأمم المتحدة خطة التنمية المستدامة لعام 2030، ووضعت أهداف التنمية المستدامة التى تضم 17 هدفا و169 غاية بعيدة المدى، والتي تتضمن ( إنهاء الفقر، القضاء على الجوع، الصحة الجيدة والرفاهية، التعليم الجيد، المساواة بين الجنسين، المياه النظيفة والصرف الصحي، طاقة نظيفة بأسعار معقولة، والعمل اللائق والنمو الاقتصادي، الصناعة والابتكار والهياكل الأساسية، الحد من أوجه عدم المساواة، مدن ومجتمعات مستدامة، الاستهلاك والإنتاج المسؤولان، العمل المناخي، الحياة تحت الماء، الحياة على البر، السلام والعدل والمؤسسات القوية، وعقد الشراكات لتحقيق الأهداف)[iii].
وفى قمة الأرض التى عقدت فى عام 2012 بالبرازيل، اعتبر التحول نحو الاقتصاد الأخضر لأول مرة الوسيلة الرئيسية لتحقيق التنمية المستدامة. حيث اتفقت الحكومات على تأطير الاقتصاد الأخضر كأداة مهمة لمتطلبات التنمية طويلة المدى ؛ ووسيلة لدفع النمو الاقتصادي والعمالة والقضاء على الفقر، مع الحفاظ على الأداء الصحي للنظم البيئية للأرض[iv].
ثانياً - مفهوم التمويل الأخضر وأدواته وتطوره عالمياً :
- تعريف الاقتصاد والتمويل الأخضر :
يعرف برنامج الأمم المتحدة للبيئة الاقتصاد الأخضر بأنه : الاقتصاد الذى يحسن حياة البشر ويضمن لهم تحقيق الرفاهية والعدالة الاجتماعية، كما أنه يهتم فى الوفت ذاته بالحفاظ على البيئة والنظام الايكولوجى من أى مخاطر تؤثر عليه فى الحاضر أو المستقبل " , ومن هذا المنطلق فهو اقتصاد يهتم بالأبعاد البيئية، ويسهم فى الأهداف الأممية للتنمية المستدامة وأهمها : القضاء على الفقر، والصحة الجيدة والرفاه الاجتماعى، والمياه والطاقة النظيفة، واستحداث فرص العمل، والعمل المناخى [v].
وفى نطاق مفاهيم الاقتصاد الأخضر، ظهر اتساقا معه مفهوم التمويل الأخضر الذى تعددت تعريفاته، منها على سبيل المثال تعريف منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية The Organisation for Economic Co-operation and Development (OCED) بأنه : ذلك التمويل الذى يستهدف المشروعات الاقتصادية التى تحافظ على البيئة ومقدراتها، وتقلل النفايات المعرضة لها الى الحد الأدنى، كما تحسن من كفاءة استخدام الموارد الطبيعية المتاحة وتسعى الى تعظيمها فى المستقبل[vi]. كما يقصد بالتمويل الأخضر " أدوات ومنتجات مالية جديدة تستخدم من أجل تمويل المشروعات التى تسعى للحفاظ على مقومات البيئة الطبيعية ولا تتسبب فى أضرار بالغة لها، وتشمل تلك الاستثمارات كل من : مشروعات حماية البيئة من التلوث والانبعاثات الكربونية، مشروعات اعادة تدوير ومعالجة النفايات، توليد الطاقة المتجددة مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية،...الخ[vii] ". وهناك تعريفات أخرى للتمويل الأخضر تتمثل فى كونه " الأموال التي تستخدم للخفاظ على التوازن ما بين مكتسبات البيئة ومقوماتها فى الوقت الحاضر، وبين ما يمكن أن تصل اليه فى المستقبل فى الأجل المتوسط أو الطويل، بحيث يتم توظف التمويل فى المشروعات التى تستهدف تلبيه حاجات الأفراد من السلع والخدمات وفى نفس الوقت تحافظ على البيئة ودوام مواردها ".
وقد شهد السوق العالمي للتمويل الأخضر نموًا سريعًا، في ظل تطوير أدوات مالية مختلفة تصنف على أنها خضراء، لتشمل ما يلى [viii]:-
- القروض الخضراء: وهى القروض التى توجه لتمويل المشروعات البيئية، أو تلك المشروعات التى تحافظ على المعايير المستدامة وفقاً لخطط الدول نحو التحول الأخضر، وعادة ما تكون ذات أسعار فائدة أقل نسبياً من القروض الأخرى لتشجيع المقترض على اقامة المشروعات التى تخدم أهداف التنمية المستدامة المواتية للبيئة .
- القروض المستدامة : وتقدم القروض المرتبطة بالاستدامة شكلاً بديلاً للقرض الأخضر مع فارق وحيد وهو امكانية زيادة سعر الفائدة على القرض أو خفضه وفقًا لتغير المقترض في تصنيف الاستدامة خلال الفترة الزمنية للقرض، فعند انحرافه عن مبادئ التمويل المستدام عادة ما ترتفع سعر الفائدة.
- السندات الخضراء : يُعرف البنك الدولي السندات الخضراء على أنها صكوك استدانة تصدر للحصول على تمويل يختص بالمشروعات المستدامة المتعلقة بالبيئة والمناخ، وذلك لتشجيع الحفاظ على البيئة، مثل مشروعات الطاقة النظيفة، والحفاظ على المناخ، والإدارة المستدامة للنفايات، وغيرها، كما تختلف السندات الخضراء عن غيرها في أنها تخلق التزاما بإنفاق التمويل الناتج عنها في مشروعات خضراء.[ix] ويعرفه المعهد الألماني للتنمية على أنه : تمويل الاستثمارات الخضراء سواء كانت في القطاع العام أو الخاص والتي تشمل عدة مجالات مثل: تمويل انتاج السلع والخدمات البيئية، وتقديم التعويضات جراء الخسائر التي لحقت بالبيئة، والوقاية منها كصيانة السدود توليد الطاقة المتجددة، وتمويل السياسات العامة التي تشجع الزراعة البيئية والمشاريع الايكولوجية[x].
وتعتبر السندات الخضراء أكثر أدوات التمويل الأخضر انتشاراً واستخداماً على مستوى الدول العالم. وعلى الرغم من أنها تتميز بنفس سمات السندات التقليدية من حيث الهيكل والمخاطر والعوائد المتوقعة، إلا أن السندات الخضراء يمكن تمييزها من خلال غرضها البيئي المخصص للمشروعات ذات النتائج الإيجابية للمناخ والاستدامة البيئية وعلى الرغم من إصدار أول سندات خضراء في عام 2008، فقد تطور السوق بشكل كبير بعد عام 2015، حيث زاد الاهتمام العالمى بتمويل مشروعات الطاقة الخضراء تنفيذا للأهداف التنموية للأمم المتحدة [xi].
ويوضح الشكل رقم (1) تطور قيمة الاصدارات العالمية للسندات الخضراء، حيث شهدت تزايداً ملحوظاً بعد عام 2013، مع زيادة في الإصدارات بأكثر من 300 مرة ضعف ما كانت عليه فى الفترة ما بين ( 2007-2019 ) ومتوسط معدل نمو سنوي قدره 104 % خلال نفس الفترة. واكتسب الطلب على السندات الخضراء زخمًا كبيرًا بعد صياغة وتوقيع اتفاقية باريس للمناخ في عام 2015 ليصل الى نحو 134 مليار دولارفى عام 2017[xii]. واستمر التمويل الأخضر فى الزيادة ليصل فى عام 2019 الى 5.266 مليار دولار أمريكى مقارنة ب 171.4 مليار دولار أمريكي فى عام 2018[xiii]. ووفقًا لشركة "تومسون رويترز"، فقد تم إصدار ما مجموعه 185.4 مليار دولار من السندات الخضراء في عام 2019 فقط.[xiv] وقد انتعش إصدار السندات الخضراء في النصف الثاني من عام 2020 ليصل إلى 269.5 مليار دولار أمريكي بحلول نهاية ديسمبر من العام ذاته [xv]، واستمر فى الارتفاع ليبلغ 279 مليار دولار أمريكى حتى سبتمبر [xvi]2021. وذلك على الرغم من انتشار جائحة كورونا ؛ ويرجع ذلك الى ظهور السندات والصكوك الخضراء فى 53 دولة اضافية في عام 2020، وكانت تلك الزيادة مدفوعة بمحاولات بالهيئات السيادية والشركات متعددة الأطراف والبنوك لتمويل خططهم للحد من التأثير الاقتصادي لوباء كورونا[xvii].
شكل رقم (1) قيمة الاصدارات العالمية للسندات الخضراء خلال الفترة ( 2007-2019)مليار دولار أمريكى
- Source: George Marbuah , Scoping the Sustainable Finance Landscape in Africa: The Case of Green Bonds , ( Stockholm : Stockholm Sustainable Finance Centre , July 2020) , P.7.
هذا فى الوقت الذى تواصل فيه أوروبا هيمنتها على سوق التمويل المستدام، بحصة سوقية تبلغ 48 %، يليها الأمريكتان بنسبة 28%، وآسيا والمحيط الهادئ 18%. حيث قادت الولايات المتحدة سوق التمويل الأخضر - عن طريق اصدر السندات الخضراء - بحجم يصل الى (51.1 مليار دولار أمريكي) فى عام 2020، وألمانيا في المرتبة الثانية (40.2 مليار دولار أمريكي)، وفرنسا ثالثًا (32.1 مليار دولار أمريكي)، وجاءت الصين في المرتبة الرابعة (17.2 مليار دولار أمريكي)، وهولندا (17.0 مليار دولار أمريكي)، ثم تأتى فى المراتب الأخرى كل من : السويد واليابان وكندا وبعض الدول الاوروبية والاسيوية، وذلك كماهو موضح فى الشكل رقم (2).
شكل رقم (2) أفضل 20 دولة من حيث قيمة اصدار السندات الخضراء لعام 2020
Source:Liam Jones, " Record $269.5bn green issuance for 2020: Late surge sees pandemic year pip 2019 total by $3bn ", Climate Bonds Initiative Jan 24, 202, Available at:
ثالثاً- أهمية التمويل الأخضر فى تحقيق أهداف التنمية المستدامة لأفريقيا[xviii] :-
فى مايو عام 2013، احتفل الاتحاد الأفريقي بمرور50 عاماً على إنشاء منظمة الوحدة الأفريقية، أعلن الاتحاد حينذاك خطته نحو تحقيق التنمية الاقتصادية والاجاماعية المنشودة فيما يسمى ب (أجندة التنمية المستدامة لأفريقيا 2063)، وجاءت تلك الخطة لتمثل ركيزة رئيسية للتحول التنموى فى القارة فى الأجل الطويل، ليشمل هذا التغيير كافة الجوانب الاقتصادية والاجتماعية كذلك البيئية. ولسهولة متابعة تنفيذ الأجندة، وامكانية تقييمها، تم تقسيم تلك الخطة طويلة المدى الى خطط عشرية متوسطة الأجل، حيث تنفذ دول القارة الأفريقية فى الوقت الراهن الخطة العشرية الأولى التى تمتد منذ عام 2013 وتنتهى بحلول عام 2013. وتقوم الأجندة التنموية على عدة طموحات رئيسية أطلق عليها الطموحات السبعة، وهم كالتالى [xix]:-
- أفريقيا قوية مزدهرة ترتكز على النمو الشامل المستدام والتنمية الاقتصادية والاجتماعية.
- قارة متكاملة ومتحدة سياسياً.
- أفريقيا يسودها الحكم الرشيد والديمقراطية.
- أفريقيا يسودها السلام والأمن.
- الحفاظ على الهوية الثقافية والتراث المشترك.
- تنمية أفريقيا بالاعتماد على سواعد وطاقات الشعوب الأفريقية.
- أفريقيا قوية ومتحدة ولاعباً وشريكاً عالمياً مؤثراً.
وتتقاطع أجندة 2063 مع الأهداف الانمائية للأمم المتحدة 2030، فى عدة نقاط منها : القضاء على الفقر والجوع وتحقيق الأمن الغذائى، وتعزيز النمو الشامل والمستدام وتوفير العمل اللائق للجميع، وجعل المدن والمجتمعات السكنية شاملة وامنة. هذا بالاضافة الى ضمان تعليم جيد وشامل، وتعزيز الحياة الصحية، والبنية التحتية الكفء. كذلك الاهتمام بالنظم البيئية والادارة المستدامة للغابات ومكافحة التصحر، والحد من فقدان التنوع الأحيائى.
ولا تلخص أجندة 2063 تطلعات إفريقيا للمستقبل فحسب، بل تحدد أيضًا البرامج الرئيسية التي يمكن أن تعزز النمو الاقتصادي والتنمية في إفريقيا وتؤدي إلى التحول السريع للقارة، ومن هذا المنطلق تم التركيز على فكرة التحول الاقتصادى الأخضر بما يساعد على تحقيق تلك الطموحات التنموية المستدامة لأفريقيا [xx]. حيث يؤدي التحول الأخضر إلى استغلال مستدام وشامل للموارد الطبيعية خاصة قطاعى الزراعة والطاقة، اللاتى يمثلان جزءًا حيويًا من غالبية اقتصادات الدول الأفريقية، كذلك من خلال الاستثمار بشكل مكثف في إنتاج الطاقة المتجددة النظيفة، لبناء نمو اقتصادى منخفض الكربون ومقاوم للتغيرات السلبية للمناخ[xxi]. كما يسهم التحول الأخضر لاقتصادات القارة الأفريقية فى المساهمة فى تحقيق الأهداف التنموية العالمية، خاصة تلك الأهداف التى تتعلق بالطاقة النظيفة أو المتجددة، كذلك نمو الاقتصاد وامكانية خلق فرص عمل جديدة، وهو ما يعزز بشكل كبير تحقيق النمو الاقتصادى المستدام، الذى يشمل معظم جوانب الاقتصاد، ويساعد على التشغيل ( العمل اللائق ) والحد من البطالة[xxii].
ومن هذا المنطلق، يعتبر التمويل الأخضر نوع مهم من التمويل المستدام طويل الأجل الذى دمج المعايير البيئية والاجتماعية في قرارات الأعمال والاستثمار لتمويل المشروعات الخضراء المواتية لخطط الاقتصاد الأخضر، والتى تهدف طموحات أجندة أفريقيا 2063، كذلك الأهداف الانمائية العالمية 2030. وتظهر تلك الأهمية من خلال الاتى :-
1) نمو الاقتصاد وتوفير العمل اللائق : أكدت معظم الدراسات الدولية فى مجال التغيرات المناخية وعلاقتها بالتنمية الاقتصادية فى أفريقيا، أن كل زيادة فى درجات الحرارة بواقع واحد درجة مئوية يؤدى الى تراجع معدلات نمو الناتج المحلى الاجمالى بنحو 2%، واذا استمر الارتفاع فى درجات الحرارة الى 4% سينخفض الناتج بنحو 12%[xxiii]. كما تنبأت دراسات أخرى بأنه يمكن أن يؤدي تغير المناخ إلى خفض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة قد تصل إلى 30٪ بحلول عام 2050 على الأكثر[xxiv]. هذا فى الوقت الذى تحتاج فيه دول القارة الى استثمارات عديدة للتكيف مع تغيرات المناخ، ووفقا لتقديرات صندوق النقد الدولى ان نحو 30 الى 50 مليار دولار سنويا تحتاجهم دول افريقيا جنوب الصحراء للتكيف مع تغيرات المناخ. كما اكدت اللجنة الاقتصادية لافريقيا التابعة للأمم المتحدة ان فى عامى 2017 و2018 تدفق نحو 30 مليار دولار للدول النامية للتكيف مع المناخ، لم يذهب لافريقيا سوى 23% منهم فقط.
ومن هنا يعتبر التحول نحو الاقتصاد الأخضر وتوفير التمويل المناسب له، هو الضمان للحفاظ على معدلات نمو اقتصادى مقبولة، وتحسين كفاءة القطاعات الاقتصادية المختلفة بما يصب فى النهاية لصالح الاقتصادات الأفريقية.
2) المساهمة فى الحد من مشكلة انعدام الأمن الغذائى فى أفريقيا ( الهدف الثانى من أهداف التنمية المستدامة وهو " القضاء على الجوع" )، حيث يعد الأمن الغذائي أحد أكثر الاحتياجات إلحاحًا لسكان إفريقيا وخاصة جنوب الصحراء الكبرى، فيعاني من 33 إلى 35 % من السكان من سوء التغذية لا سيما في المناطق الريفية ؛ وعادة ما يرجع ذلك الى تناقص إنتاجية التربة بسبب التدهور البيئي الناجم عن سوء إدارة واستخدام الأراضى الزراعية والمياه، والرعي الجائر. بالإضافة إلى ذلك تضيع حصة كبيرة من المحصول بسبب الآفات والأمراض وسوء المناولة والتخزين. ويعتبر الاقتصاد الأخضر من أهم اليات رفع كفاءة القطاع الزراعى، وتحسين مستوى انتاجيته ؛ وبالتالي تحقيق الأمن الغذائي على المدى الطويل [xxv].
3) يوفر التمويل الأخضر الأموال اللازمة للاستثمار في مجال الزراعــة. وهو القطاع الحيوى فى الاقتصاد الأفريقى، والذى يعمل به الغالبية العظمى من العمالة الأفريقية، تصل الى 70% من القوى العاملة فى نيجيريا والكاميرون، و7.72% فى اثيوبيا، و 76% فى مالاوى، ورغم ذلك فان مساهمته فى الناتج المحلى الاجمالى منخفضة. وهى تلك الاستثمارات التـي ينـتج عنهـا تحسـين نوعيـة وجـودة التربـة وزيـادة العائـدات مـن المحاصـيل الرئيسية،وتجنب العديد من المشكلات المتعلقة بنقص انتاجية المحاصيل وارتفاع أسعارها، حيث تسبب تغير المناخ فى تراجع انتاجية أهم المحاصيل فى أفريقيا مثل ( القمح والأرز والذرة )، وترتب على هذا التراجع فى العرض الى ارتفاع أسعارهم بشكل ملحوظ كما هو موضح فى الجدول رقم (1)، فقد تراجع انتاج الأرز بنسبة تصل الى 23% مع ارتفاع سعره الى 89 %. كذلك تراجعت انتاجية القمح والذرة بنسب تصل الى 13%، و12%، مع ارتفاع أسعارهما بنسب بلغت نحو 75%، و90% على التوالى، وذلك وفقاً لاخر بيانات متاحة لعام 2018.
المحصول \ نسب التغير |
نسبة الانخفاض فى حجم الانتاج |
نسبة التغير فى السعر بالارتفاع |
الذرة |
12% |
90% |
الأرز |
23% |
89% |
القمح |
13% |
75% |
محاصيل أخرى |
8% |
83% |
جدول رقم (1) تأثيرات تغير المناخ على حجم انتاج وأسعار أهم المحاصيل فى أفريقيا
لعام 2018
-Source : Mindy Hauman ,& Tallat Hussain , " Africa Focus: Spring 2018 , Green finance in Africa" , 7 FEB 2018 , Available at :-
https://www.whitecase.com/publications/insight/green-finance-africa
كما أشارت العديد من الدراسات المتعلقة بالاثار المتوقعة لتغير المناخ على القطاع الزراعى على وجه التحديد لثلاث شرائح زمنية وهى ( 2020 و 2050 و 2080)، لتأخذ في الاعتبار السيناريوهات المختلفة لأوجه عدم اليقين الرئيسية في المناخ المستقبلى، ولاحظت الدراسة [xxvi]أن التأثير الأكبر لتغيرات المناخ سيكون أسوأ بحلول عام 2080، حيث ستكون انتاجية العديد من المحاصيل الزراعية مهددة بشكل كبير فى أفريقيا من جراء تغير المناخ بشكل يفوق أى منطقة أخرى فى العالم على وجه الخصوص، يليها دول الشرق الأوسط، بينما الدول الأقل تأثراً هى : دول الاتحاد الأوروبى، والولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول مرتفعة الدخل. وذلك كما هو موضح فى الشكل رقم (3)، وستكون أكثر المناطق المتأثرة بشدة فى أفريقيا كل من : الجابون ونيجيريا ومصر والصومال، فى حين أن جنوب ووسط إفريقيا قد تتعرض لتأثير أقل ضرراً [xxvii].
شكل رقم (3) نسبة الانخفاض المتوقعة فى انتاجية المحاصيل الزراعية فى افريقيا ودول العالم بحلول عام 2080.
- Source : African Development Bank (AFB) , The Cost of Adaptation to Climate Change in Africa ,( Abidjan : AFB , October, 2011) , P.14.
4) الحفاظ على الصحة العامة فى أفريقيا ( الهدف الثالث من أهداف التنمية المستدامة وهو " الصحة الجيدة والرفاه ")، حيث أن تخفيض كميــات الطاقــة المستخدمة فــي عمليــات الانتاج الملوث للبيئة، يؤدي الى تقليل النفايــات وانبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري ؛ وبالتالى الحفاظ على الصحة العامة فى أفريقيا التى تعانى بالفعل من العديد من المشكلات. حيث تظهر النتائج لدراسات منظمة الصحة العالمية أنه من المرجح أن يكون لتغير المناخ آثار الضارة على الوضع الصحى فى أفريقيا أكثر بكثير من أي منطقة أخرى في العالم. حيث أن معدل الوفيات الناجمة عن تغير المناخ أعلى بنسبة تتراوح بين 60٪ و 80٪ في أفريقيا مما هو عليه في جنوب وشرق اسيا أحد أكثر المناطق تعرضاً لتلوث المناخ. والنتيجة هى التعرض الى العديد من الأمراض مثل الملاريا والأمراض التنفسية التى سوف تتسبب فيما يتراوح ما 40.000 و 70.000 حالة وفاة إضافية في إفريقيا بحلول عام 2030.
5) الحد من فجوة العرض والطلب على المياه وهو ما يتفق مع الهدف السادس من أهداف التنمية المستدامة العالمية ( المياه النظيفة )، حيث تتوقع العديد من الدراسات لأبحاث المياه زيادة بنسبة 200٪ في الطلب على المياه بحلول عام 2030 (مدفوعًا بالنمو السكاني والتنمية فى أفريقيا ) وقد يؤدي ذلك إلى مواجهة المنطقة مشكلة نقص حاد فى المياه، فمن الممكن أن يتأثر نحو 75 الى 250 مليون شخص بزيادة نقص المياه، مما يعرض شعوب تلك الدول لمخاطر الجفاف. وتسهم المشروعات ذات العوائد البيئية الايجابية فى خلق مصادر للمياه وترشيد استخداماتها بما يحافظ على استمراريتها ومواجهتها للطلب للمتزايد[xxviii].
6) تعزيز استخدامات الطاقة النظيفة والمتجددة ( الهدف السابع من أهداف التنمية المستدامة " طاقة نظيفة وبأسعار معقولة" )، حيث يعد الوصول إلى مصادر الطاقة المستدامة أحد التحديات التى تواجه دول أفريقيا، على الرغم من امتلاك القارة الأفريقية لمصادر الطاقة المتجددة الهائلة مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية والكهرومائية، ولكنها غير مستغلة فى معظم دول القارة، فالاعتماد الأكبر مازال على الوقود الأحفوري المتسبب فى الاحتباس الحراري وتلوث المناخ. ومع تبنى الدول الأفريقية لخطط التنمية المستدامة والاقتصاد الأخضر، ظهرت محاولات عديدة لاستغلال مصادر الطاقة المتجددة التى تساعد على حماية البيئة وتقليل من ظاهرة الاحتباس الحراري وما يتبعها من فترات جفاف وفيضانات، فضلاً عن سد فجوة الطاقة التى تعانى منها القارة، حيث مازال نحو 600 مليون مواطن أفريقى لا تصل اليهم خدمات الكهرباء. ومن هذا المنطلق، ظهرت استثمارات عديدة فى قطاع الطاقة المتجددة فى دول مثل : مصر، وتونس، والمغرب، وجنوب أفريقيا، وكينيا [xxix].
7) يساعد التحول الاقتصادى الأخضر فى أفريقيا على خلق فرص العمل ( الهدف الثامن من أهداف التنمية المستدامة " العمل اللائق ونمو الاقتصاد " )، حيث أن مشكلة البطالة تمثل تحدياً رئيسياً للتنمية المستدامة في القارة حتى مع ارتفاع معدلات النمو الاقتصادي، كان خلق فرص العمل محدودًا، لا سيما بين الشباب والنساء. وقد أشارت بعض الدراسات الاقتصادية إلى حقيقة أن النمو الاقتصادي في العقود الماضية كان يقوده قطاعات كثيفة رأس المال، مع مرونة توظيف منخفضة. وتسهم القطاعات القائمة على تعظيم الاستفادة من الموارد الطبيعية مثل : الزراعة وقطاع المعادن والغابات ومصايد الأسماك بأكبر قدر من الوظائف، وتشكل هذه القطاعات مجتمعة 80 % من العمالة، ومن هنا تظهر قدرة الاقتصاد الأخضر فى الحفاظ على رأس المال الطبيعي التي ستشكل مصدرًا مهماً للوظائف والدخل وسبل العيش للغالبية العظمى من الشعوب الأفريقية، بما يسهم أيضاً فى تخفيض معدلات الفقر[xxx].
8) الحفاظ على الغابات كأحد مصادر الثروة الطبيعية للقارة ( الهدف العاشر من أهداف التنمية المستدامة " الحفاظ على الحياة فى البر " )، حيث تعانى أفريقيا من مشكلة إزالة الغابات والإدارة غير المستدامة لها، مما يؤثر سلباً على إنتاج الغابات من النباتات والأخشاب.. الخ. كما أن هناك بعض الدول الأفريقية لا تستخدم سوى جزء ضئيل من غاباتها، ففي نيجيريا على سبيل المثال، من أصل 99.3 مليون هكتار من مساحة الأرض، فقط 10٪ من مساحة الغابات يتم استخدامها، وهناك دول أخرى أضرت بشكل كبير بثروتها من الغابات مثل دولة بنين، حيث بلغت نسبة إزالة الغابات بها نحو 80٪ من اجمالى الغابات في العشرين سنة الماضية. ومن هنا يعتبر الانتقال إلى الاقتصاد الأخضر الوسيلة الفعالة للحفاظ على التنمية المستدامة للغابات بما يضمن الحفاظ على انتاج الغذاء، والأمن البيئي والتنوع البيولوجي، مع إمكانات كبيرة لخلق فرص العمل والنمو، ومكافحة التعرية، وحماية مستجمعات المياه، وتنقية الهواء من خلال امتصاص ثاني أكسيد الكربون. ومن هذ المنطلق قامت بعض الدول الأفريقية مثل دولة بنين فى وضع خطة استراتيجية للحفاظ على الغابات تمتد الى عام 2025، كذلك قامت دولة الجابون فى سن قانون لحماية الغابات والحد من السلوكيات التى تؤثر سلباً عليها، فأصدرت تعديل للقانون رقم ( 6/01 لعام 2001)، والذى يهدف الى زيادة مساهمة قطاع الغابات في التحول الاقتصادي والاجتماعي[xxxi].
9) التنمية الحضرية وجذب الاستثمار (الهدف الحادى عشر من أهداف التنمية المستدامة " مدن ومجتمعات مستدامة "، فمن المتوقع أن تشهد إفريقيا نموًا كبيرًا في حجم سكان المدن في العقود القادمة خاصة فى نحو 50 مدينة من عواصم الدول مثل (لاغوس، كيب تاون، نيروبي، ديربان، دار السلام، أكرا، وأديس أبابا). وذلك يقدم العديد من الفرص للمستثمرين للعمل على تشجيع هذه المدن على طريق التحول الأخضر. مما يفتح الباب لفرص لا حصر لها لإصدار السندات الخضراء لتمويل تلك المشروعات الخضراء. ففى دراسة حديثة لمؤسسة التمويل الدولية وجدت أن 1.5 تريليون دولار أمريكي من فرص الاستثمار المحتملة متوافرة عبر أفريقيا جنوب الصحراء وحدها ومن المتوقع أن تتضاعف هذه القيمة بحلول عام 2035، مما يؤدي إلى خلق فرصة استثمارية بقيمة 360 مليون دولار أمريكي في قطاعات مثل المياه والصرف الصحي. كذلك يُقدَّر أن إمكانات الاستثمار عبر أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى حوالي 783 مليار دولار أمريكي في الفترة 2016-2030، بمعنى أنه قد يساعدهم على توجيه تدفقات رأس المال أكثر نحو القطاعات والمشروعات التي لها اثار بيئية مباشرة وغير مباشرة.
10) حماية أفريقيا من عقبات مشكلة التغير المناخى التى تتعدد خسائرها الاقتصادية وهو ما يتفق مع الهدف رقم الثالث عشر من أهداف التنمية المستدامة ( العمل المناخى )، اذ تبلغ تكلفة التكيف مع تغير المناخ وحدها في أفريقيا نحو 20-30 مليار دولار سنوياً على مدى 10 إلى 20 سنة[xxxii]. وقد تكون الخسائر الاقتصادية الناجمة عن تغير المناخ فى أفريقيا أعلى بنسبة 10٪ عن غيرها من دول العالم الأكثر تعرضاً لمشكلات التلوث المناخى مثل الصين والهند، وأكثر من ضعف تلك المشكلة في الولايات المتحدة وروسيا وأمريكا اللاتينية. فعلى الرغم من كون القارة الافريقية تسهم بأقل قدر في التلوث العالمي، حيث تشير التقديرات إلى أن أفريقيا مسؤولة عن 4 % فقط من اجمالى الانبعاثات الاجمالية لغازات الاحتباس الحراري مثل ثانى اكسيد الكربون [xxxiii]، ومع ذلك فإن 65 % من سكان القارة يتأثرون بشكل مباشر بتغير المناخ[xxxiv].
رابعاً – واقع التمويل الأخضر فى افريقيا :
وفقًا للجنة الاقتصادية لأفريقيا وصندوق النقد الدولي، هناك حاجة إلى ما يصل إلى 50 مليار دولار سنويًا لتلبية الاحتياجات التنموية الملائمة للمناخ والبيئة فى أفريقيا، ومن غير المحتمل أن يتمكن المانحون الدوليون من تلبية هذه الاحتياجات ؛ وبالتالى تعتبر أحد المصادر المحتملة لهذا التمويل هو اصدار السندات الخضراء على وجه الخصوص، حيث تعد إفريقيا أرضًا خصبة لسوق السندات الخضراء نظرًا لاحتياجاتها الهائلة لمصادر التمويل اللازمة لمشروعات البنية التحتية والطاقة النظيفة، وعلى الرغم من الافتقار إلى أسواق رأس المال المتطورة اللازمة لاصدار السندات الخضراء، إلا أن بداية نمو تلك السندات ظهر في بعض الدول الأفريقية، حيث اصدر Nedbank بجنوب افريقيا اول سندات خضراء فى عام 2012 بقيمة 577 مليون دولار، ثم توالى اصدر السندات من الحكومات والمؤسسات المالية فى افريقيا، ففى عام 2020 أصدرت أكبر السندات الأفريقية من حيث االقيمة، منهم السندات الخضراء المصرية بقيمة 750 مليون دولار، كما أصدر بنكstandard بجنوب افريقيا ما يعادل نحو 53% من اجمالى السندات الخضراء المصدرة فى افريقيا لهذا العام[xxxv].
كما تشكل إفريقيا نسبة ضئيلة تصل الى 0.4 % من حصة السوق من حيث القيمة الاجمالية لتلك السندات في الفترة من ( 2007 إلى 2019 ) كما هو موضح بالشكل رقم (4)، حيث لم يكن حينذاك سوى 16 سند أخضر مصدر وهو ما يمثل فقط 1.3 ٪ من إجمالي السندات العالمية من حيث العدد. فى الوقت الذى تستحوذ فيه الدول الأوروبية على نحو 4.36% من اجمالى اصدار السندات الخضراء، يليها دول أمريكا الشمالية، واسيا والباسيفيك بنسبة تصل الى 2.26%، و23% على التوالى[xxxvi].
شكل رقم (4) نسبة اجمالى إصدارات السندات الخضراء موزعاً حسب المنطقة خلال الفترة (2007-2019)
- Source : George Marbuah , Scoping the Sustainable Finance Landscape in Africa: The Case of Green Bonds , ( Stockholm : Stockholm Sustainable Finance Centre , July 2020) , P.8.
ووفقًا لبيانات ( ستاندرد اند بورز ) Standard & Poors Global Market Intelligence، بلغ إجمالي سوق السندات الخضراء الأفريقية 135.9 مليون دولار لأمريكى فقط في عام 2018، مقارنة بسوق السندات الخضراء العالمية البالغ 168.5 مليار دولار أمريكى[xxxvii]. وقد بلغ حجم التمويل الأخضر بأفريقيا من خلال السندات فى نهاية عام 2019 نحو 2 مليار دولار، وهو ليس سوى جزء ضئيل مما جمعته الأسواق الناشئة الأخرى ؛ حيث أصدرت دول آسيا والمحيط الهادئ وأمريكا اللاتينية سندات خضراء بقيمة تصل الى 120 مليار دولار و 7 مليارات دولار خلال نفس العام.
ويوضح الشكل رقم (5) حجم السندات المصدرة فى أفريقيا وفقا لنوع الجهة المصدرة، حيث كانت فى بداية ظهورها فى عام 2016 تتركز بشكل كبير فى الكيانات التابعة للحكومة والبلديات كذلك الشركات المالية، ثم تركزت بشكل ملحوظ فى السندات التى تصدرها شركات القطاع الخاص المالية وغير المالية.
شكل رقم (5) حجم السندات الخضراء المصدرة فى افريقيا وفقا لنوع السند والجهة المصدرة له خلال الفترة (2016-2019)
مليون دولار أمريكى
- Source : Francis Garrido , & Jennifer Laidlaw , " Africa shows potential for green bond growth despite lack of structured markets" , S & P Global Market Intelligence , 14 May, 2019 , Available at :-
https://www.spglobal.com/marketintelligence/en/news-insights/latest-news-headlines/africa-shows-potential-for-green-bond-growth-despite-lack-of-structured-markets-51165468
ويتركز إصدار السندات الخضراء بشكل كبير فى أفريقيا فى قلة من الدول الأفريقية كما هو موضح بالشكل رقم (6)، حيث احتلت جنوب إفريقيا المرتبة الأولى، فما يقرب من ثلاثة أرباع إجمالي حصة السوق تتصدرها جنوب إفريقيا بنسبة تصل الى 8.73% من اجمالى اصدار السندات الخضراء بأفريقيا، وذلك عندما بدأت بورصة جوهانسبرج تخصيص قطاع السندات الخضراء بها منذ عام 2017، ثم يأتى بعدها كل من المغرب ونيجيريا بنسبة تصل الى 9.16% و7 % على التوالى ، حيث قامت الأولى بإصدار Casablanca Finance City المدعوم من الحكومة في سبتمبر 2018. في حين أن نيجيريا قامت بهذا الاصدار من قبل Access Bank، وتشكل هذه الدول الثلاث أكثر من 97 % من إجمالي إصدار السندات الخضراء في إفريقيا. يضاف الى ذلك كينيا، فقد أصدرت بورصة نيروبي للأوراق المالية قواعد جديدة لتطوير سوق السندات الخضراء في فبراير 2019[xxxviii].
شكل رقم (6) تركز وتوزيع إصدار السندات الخضراء حسب الدولة فى أفريقيا لعام 2019
- Source : Leo Holtz , & Chris Heitzig , " Africa’s green bond market trails behind other regions" Brookings , March 26, 2021, Available at :-
https://www.brookings.edu/blog/africa-in-focus/2021/03/26/africas-green-bond-market-trails-behind-other-regions
ومن خلال الشكل رقم (7)، تستحوذ مشروعات الطاقة والبناء لصالح البيئة على الجزء الأكبر من التمويل الأخضر من خلال السندات الخضراء بنسبة تصل الى 47 % و 39 % على التوالي من حصة السوق. بينما يتم توجيه ما يقرب من عُشر التمويل لصالح مشروعات النقل منخفض الكربون، والحفاظ على الموارد، وإدارة النفايات[xxxix].
شكل رقم (7) المشروعات التى يتركز فيها اصدار السندات الخضراء فى أفريقيا لعام 2019.- Source : Leo Holtz , & Chris Heitzig , " Africa’s green bond market trails behind other regions" Brookings , March 26, 2021, Available at :-
https://www.brookings.edu/blog/africa-in-focus/2021/03/26/africas-green-bond-market-trails-behind-other-regions
خامساً- استخدامات التمويل الأخضر فى افريقيا ( حالات تطبيقية ) :-
تعد كل دولة أفريقية طرف في اتفاقية باريس بشأن تغير المناخ كأول اتفاق عالمى يتعلق بالمناخ فى عام 2015[xl]، وقد صدقت معظم الدول الأفريقية عليها، والتزمت بالحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من خلال البرامج الوطنية، والتمويل المحلي، وتخصيص جزء من الميزانيات الوطنية للمشروعات الخضراء، وإنشاء صناديق وطنية للمناخ، وإقامة شراكات مع القطاع الخاص المحلي والمجتمع المدني والسلطات المحلية. كما تتطلع العديد من الدول الأفريقية أيضًا إلى تحسين الوصول إلى مصادر تمويل المناخ الدولية مثل صندوق المناخ الأخضر[xli] الذي خصص نصف محفظته العالمية البالغة 4.6 مليار دولار أمريكي لمشروعات المناخ الأفريقية. وقد استطاعت العديد من الدول الأفريقية اتخاذ خطوات مهمة فى مجال التحول الأخضر وسبل التمويل له، أهمها تجارب الدول التالية:-
- دول شرق أفريقيا : تمكنت بعض دول شرق أفريقيا مثل (كينيا وأوغندا وتنزانيا وأثيوبيا ) من توفير الطاقة الشمسية النظيفة لبعض الأسر فى الريف، وخصصت الحكومة مبالغ وان كانت ضئيلة نسبياً لتمويل عمليات التحول الى بيئة نظيفة، كما التزمت البنوك الأفريقية أيضًا بمبادرات التمويل المستدام العالمية. وتعتبر كينيا الدولة الأبرز فى شرق أفريقيا فى مجال التمويل المستدام، فى ظل رؤيتها لعام 2030 التى تهدف من خلالها الى التحول الأخضر وتقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنسبة 30 %. وركزت الحكومة الكينية على تطوير إطار للسندات الخضراء لتستحوذ على نحو 95.1% من اجمالى السندات الخضراء المصدرة بأفريقيا، وتحفيز تطوير الطاقة المتجددة، مع إعطاء الأولوية لمشروعات الطاقة الحرارية الأرضية والرياح والكتلة الحيوية. وفى 2017، أطلقت كينيا برنامج السندات الخضراء بالشراكة بين القطاعين العام والخاص لتمويل المشروعات الاستثمارية التى تهدف الى حماية البيئة والمناخ. كما أصدرت كينيا أول سندات خضراء بقيمة 45 مليون دولار فى عام 2019[xlii].
كما التزمت إثيوبيا ببناء اقتصاد مقاوم لتغيرات المناخ بحلول عام 2025، وقد نشرت الحكومة الإثيوبية خطة استراتيجية شاملة حول كيفية تحقيق ذلك. حيث تعد إثيوبيا ضمن أكبر منتجى الطاقة الكهرومائية في إفريقيا، وتهدف إلى زيادة إنتاجها الحالي بمقدار خمسة أضعاف بحلول عام 2030. وقد أعلنت الدولة عن طموحها لتصبح مركزًا للطاقة في شرق إفريقيا. كما تقوم أيضًا بتطوير محطات وشبكات طاقة تعتمد على الطاقات المتجددة الأخرى لتقليل الاعتماد على الطاقة الكهرومائية، وتمولها من خلال السندات الخضراء السيادية.
- دول غرب ووسط أفريقيا : على الرغم من اعتماد اقتصاد نيجيريا بشكل كبير على الوقود الأحفوري، فإنها في طليعة الدول التى لديها الاستعداد للانتقال إلى استخدام مصادر الطاقة النظيفة. وتمول تلك المشروعات عن طريق السندات الخضراء التى يتم اصدارها بسوق الأوراق المالية النيجيرى بشكل مقنن، والتى ظهرت لأول مرة فى البورصة النيجيرية في ديسمبر 2017، حيث تعتبر نيجيريا الدولة الأولى في إفريقيا (والرابعة عالميًا) التي تصدر سندات خضراء سيادية. وكان هذا أول سند أخضر سيادي لتمويل المشروعات المفيدة للبيئة، ويشكل سابقة قوية تتبعها الحكومات الأفريقية الأخرى. وتعطى نيجيريا الأولوية لمشروعات الحد من غازات الاحتباس الحراري التي ستساعد على تنويع الاقتصاد وتعزيز استدامة النمو وتحقيق التنمية لصالح الفقراء. خاصة أنه من المتوقع أن يصل حجم انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في نيجيريا إلى مستويات مرتفعة قد تصل الى حوالي 900 مليون طن سنويًا بحلول عام 2030. هذا فى ضوء التزام نيجيريا بتخفيض تلك الانبعاثات بنسبة تصل الى 20% فى خطتها التنموية التى تنتهى بحلول عام 2030. كما تسعى نيجيريا لتطوير العهديد من مشروعات الطاقة الشمسية، كذلك مشروعات التشجير فى أنحاء متفرقة من البلاد[xliii].
وفى غانا، شجعت الحكومة القطاع الخاص لاشراكه فى عملية التنمية المستدامة والتحول الأخضر، كذلك فى عمليات تخطيط وتنفيذ الإجراءات الواقية من تغيرات المناخ، فى ظل اطار خطة تنموية تسعى نحو خفض الانبعاثات الكربونية عن طريق استخدام الطاقة النظيفة فى العديد من المجالات مثل الطهى والاضاءه وخلافه. كما أطلقت غانا ما يسمى ب (دليل المستثمر ) لجذب التمويل من القطاع الخاص للتنمية الخضراء منخفضة الكربون. فضلاً عن شمول الجهود المبذولة لجعل مناخ الأعمال في غانا كلاً من إصلاحات السياسة والأدوات المالية التي تديرها الحكومة مثل الضمانات الحكومية الكاملة أو الجزئية، وخيارات الديون وحقوق الملكية، وخطط الضرائب والتأمين المفيدة، وتمويل المعدات والامتيازات. ولم تتخلى غانا أيضًا عن البحث عن أساليب تمويل مبتكرة مثل تطوير "منتجات جاهزة للسوق الخضراء"، وصندوق للنمو الأخضر سيتم تجديده من خلال عائدات القروض التجارية الموجهة للمشروعات المساندة لحماية البيئة[xliv].
وفى دولة كوت ديفوار، انطلقت مشروعات الطاقة الشمسية لتزويد الكهرباء للأسر في المناطق النائية التى لا تخدمها شبكات الكهرباء الوطنية، وذلك بمشاركة البنوك لتمويل تلك المشروعات التى تحتاج تكاليف مرتفعة. فعلى سبيل المثال تعهد بنك ( سوستيه جنرال Societe Generale) بدعم مبادرة لتمويل مشروعات التنمية المستدامة لدول أفريقيا جنوب الصحراء ومنها كوت ديفوار، هذا بالاضافة الى دعم البنك منصة التمويل المقنن لأفريقيا جنوب الصحراء the Structured Financing platform for Sub-Saharan Africa ، والتى قدمت تمويل لمشروعات الطاقة الشمسية بلغت قيمته نحو 18 مليون فرنك فى شكل توريق لإعادة شراء المستحقات الناشئة عن تسويق مجموعات الطاقة الشمسية. وهو بذلك أول هيكل تمويل واسع النطاق بالعملة المحلية باستخدام تقنية من نوع التوريق لقطاع الطاقة المتجددة[xlv].
- دول الجنوب الأفريقى : تمتلك جنوب إفريقيا سوق السندات الأكثر تطورًا في إفريقيا فهى تستحوذ على 8.73% من اجمالى السندات الخضراء المصدرة بالقارة، وقامت باصدارها على مستوى البلديات أولاً، فقامت البنوك فى كل من مدينة كيب تاون ومدينة جوهانسبرج باصدار سندات خضراء، تم استخدام عائداتها في مشروعات التخفيف من تغير المناخ المحلي والتكيف معه، كما قامت بورصة جوهانسبرج فى أكتوبر 2017، باطلاق قطاع السندات الخضراء وحددت قواعد الإدراج الخضراء، للترويج لمزيد من إصدار السندات الخضراء. ومن خلال هذه الخطوة الرائدة، يُنظر إلى جنوب إفريقيا على أنها تضع نفسها كبوابة للاستثمار الأخضر في إفريقيا جنوب الصحراء.
يضاف الى ذلك تجربة دولة أنجولا التى تعتمد بشكل كبير على النفط، والتى حاولت الاستفادة من وفرة الأنهار بها لخلق فرص استثمارية فى مشروعات الطاقة الكهرومائية. وبالفعل تم الانتهاء من العديد من المشروعات ومازال البعض فى مرحلة الانشاء، وذلك لتحقيق الهدف الطموح لتوليد الطاقة الكهرومائية للبلاد لتبلغ نحو 9000 ميجاوات بحلول عام 2025.
كما شهدت موزمبيق العديد من الأحداث الأخيرة الناتجة عن تغير المناخ مثل الجفاف والفيضانات، والتي أدت مرارًا وتكرارًا إلى انتكاسة الاقتصاد الذى يعانى بالفعل. وفي ضوء هذه الخلفية، أنتجت حكومة موزمبيق خارطة طريق طموحة للتحول نحو التمويل الأخضر، لتصبح بلدًا متوسط الدخل قائمًا على تنمية شاملة وفعالة ومستدامة بحلول عام 2030. وقد تضمن الالتزام بهذا الهدف، خطة عمل الحكومة للاقتصاد الأخضر، والتي تحدد استراتيجية لتنمية اقتصاد أخضر مستدام. تم من خلال دعم الحكومة للمشروعات البيئية واصدار السندات الخضراء ، والتنسيق مع رأس المال الخاص، وجذب رأس المال الأجنبى.
- دول الشمال الأفريقى : تتسم مصر بأنها أحد أوائل الدول الأفريقية التى تبنت خطة واضحة نحو التحول الاأخضر ضمن خطتها للتنمية المستدامة 2030، وكانت الأولى فى اصدار السندات الخضراء بقيمة 750 مليون دولار فى سبتمبر 2020، وتعتبر موزانة العام المالى 2020\2021 أول موزانة خضراء مصرية تسعى للانتقال إلى الاقتصاد الأخضر، حيث مثلت مشروعات الاقتصاد الأخضر ما نسبته نحو 15% من الخطة الاستثمارية للدولة في هذا العام المالى. وهذا يعتبر خطوة كبيرة نحو تحول مصر إلى الاقتصاد الأخضر، حيث شملت الموازنة نحو 691 مشروع بتكلفة كلية حوالى 447.3 مليار جنيه. كما أن الحكومة استهدفت الوصول إلى نسبة 30% من مشروعات الاقتصاد الأخضر خلال العام 2021-2022، على أن تصل إلى نسبة تلك المشروعات الى 50% بحلول عام 2024-2025.
وتعتبر مشروعات قطاع الطاقة المتجددة أحد أهم محاور استراتيجية الحكومة المصرية لتطبيق التحول الأخضر، ومكافحة الآثار السلبية للتغيرات المناخية، لذا وضعت الدولة استراتيجية متكاملة للتوسع في مشروعات الطاقة المتجددة بحلول عام 2035، تستهدف تنويع مزيج الطاقة من المصادر المتجددة لتصل إلى 20% بحلول عام 2022 و42% بحلول عام 2035. ومن أهم تلك المشروعات :
- تعد مشروع محطة بنبان للطاقة الشمسية أحد أهم مشروعات الطاقة النظيفة فى مصر، حيث نفذه أكثر من 40 شركة من 12 دولة مختلفة، لتوليد 1500 ميجاوات من الطاقة، بما يعزز استراتيجية الطاقة المستدامة. كذلك محطة الكريمات الشمسية التى تعتبر المحطة الثالثة على مستوى الشرق الأوسط التى تستخدم تكنولوجيا التسخين الشمسي بعد المغرب وتونس.
- مشروعات توليد طاقة الرياح بالزعفرانة، ومحطة رياح جبل الزيت.
يضاف الى ذلك مشروعات المدن المستدامة، حيث تقوم تلك المدن على استخدام الطاقة البديلة مثل الطاقة الشمسية و طاقة الرياح، و اعادة تدوير المخلفات بدلا من استخدام الكهرباء ؛ وبالتالى ستخلو من التلوث البيئى والمخلفات الصلبة التى تسعى نحو الحفاظ على البيئة، وأهمها مدينة العاصمة الادارية الجد\يدة، ومدينة العلمين الجديدة.
كما تبنى الدولة المصرية رؤية استراتيجية طموحة في مشروعات النقل المستدام باعتباره ركيزة أساسية من ركائز التنمية الاقتصادية والاجتماعية الضرورية لتحقيق أهداف التنمية الشاملة، حيث عملت على تطوير وسائل النقل المختلفة، إلى جانب الاتجاه نحو استخدام الغاز الطبيعي كوقود بديل للمركبات،، والتي تم إطلاقها في يناير 2021، كما تسعى مصر نحو التحول إلى مركز إقليمى لصناعة " السيارات الكهربائية " على مستوى منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، كذلك مشروع مونوريل العاصمة الإدارية الجديدة، والقطار الكهربائى السريع[xlvi].
كما تعد المغرب من بين أهم دول الشمال الأفريقى من حيث تطوير سوق السندات الخضراء، كجزء من التزامه باقتصاد منخفض الكربون. ففي أعقاب استضافة المغرب للمؤتمر الثاني والعشرين للدول الأعضاء في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ فى عام 2016، نشرت الجمعية المغربية لسوق المال The Moroccan Capital Market Association إطار عمل السندات الخضراء والمبادئ التوجيهية العملية لإصدارها. ومن بين أوائل المستفيدين من هذا التمويل، كانت الوكالة المغربية للطاقة الشمسية، التي أصدرت أول سندات مغربية خضراء لتمويل تطوير البلاد لمشروعات الطاقة الشمسية. ويهدف المغرب إلى الحصول على 52 % من احتياجاته من الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة بحلول عام 2030، ويسعى إلى تصدير طاقته الشمسية إلى أوروبا[xlvii]. كما قامت المغرب بتنفيذ مشروعًا بقيمة 40 مليون دولار أمريكي لمنع التدهور البيئي الناتج عن إنتاج زيت الأرغان[xlviii].
سادساً- تحديات التمويل الاخضر فى أفريقيا :
بينما تعمل معظم الدول في جميع أنحاء القارة الأفريقية بضراوة لمعالجة تغير المناخ وانعكاساته السلبية على عملية التنمية، لا يزال الوصول إلى تمويل المشروعات البيئية أحد أكبر التحديات التى تواجه القارة. حيث كشفت دراسة استقصائية حديثة لأسبوع المناخ العالمى الذى عقد فى سبتمبر 2020، الى أن أكثر من نصف الدول الأفريقية واجهت مشكلات في تعبئة التمويل الدولي والوطني لتمويل المشروعات المناخية، وأقل من ربع الدول فقط لديها استراتيجيات للتمويل الأخضر، وثلثها فقط وضع أدوات مالية فى اطار تلك الخطط. ومع ذلك، بدأ ثلث الدول فقط في تنفيذ تللك الخطط المحددة وطنيًا، ويرجع ذلك الى العديد من التحديات التى تواجه عملية اتساع القاعدة الخاصة بالتمويل الأخضر كأحد أهم سبل تمويل المشروعات البيئية، وتتمثل أهم تلك التحديات فيما يلى[xlix] :-
- عدم وجود سياسات وأطر تنظيمية وتوجيهية واضحة بشأن ماهية السندات الخضراء فى معظم دول أفريقيا، حتى في حالة وجود مثل تلك المبادىء، لا يوجد الكثير منها تتماشى مع المعايير الدولية، كما أن عمليات ومعايير إصدار السندات الخضراء ليست موحدة في جميع أنحاء أفريقيا، وما يمكن اعتباره تمويل أخضر فى سوق أفريقى، قد لا يجتاز أحد الأسواق الأفريقية القائمة في سوق آخر،نظرا لأنها فى مراحل مختلفة من تطوير أسواق السندات الخضراء. وتجدر الاشارة الى أن عدم وجود تلك الأسس التنظيمية في سوق السندات الخضراء الأفريقية النامية من المرجح أن يبعد الكثيرين من المستثمرين المحتملين من دخول السوق.
- ديناميات تطوير سوق السندات الخضراء معقدة وتتطلب خبرة فنية جيدة. وهناك نقص عام في القدرات فيأفريقيا، ولا سيما داخل الهيئات التنظيمية وبورصات الأوراق المالية،للتعامل بفعالية مع جميع التعقيدات التقنية الدقيقة التي ينطوي عليها الأمر. فعلى سبيل المثال، لا يوجد معايير متعلقة بتحديد عائدات السندات الخضراء، كذلك غياب الدعم الفني للعديد من متطلبات الإصدار.
- ضعف أداء الجهات الفاعلة فى مجال التمويل الأخضر بأفريقيا، وأهمها الوسطاء الماليين من القطاع المالى المصرفى وغير المصرفى بما في ذلك البنوك والمؤسسات الاستثمارية والأسواق المالية. حيث تتسم أسواق رأس المال في أفريقيا بالضعف وقلة السيولة، حيث يوجد فى افريقيا 29 بورصة للأوراق المالية من بينها بورصتان إقليميتان تخدمان 13 دولة في غرب ووسط أفريقيا الناطقة بالفرنسية. ويعتبر أكبر اللاعبين الأفارقة في أسواق رأس المال من حيث القيمة السوقية والأسهم المدرجة هما بورصتى الدار البيضاء وجوهانسبرج، والأسواق المالية لكل من مصر ونيجيريا وناميبيا وزيمبابوي. وتتعامل معظم البورصات عادة مع الأوراق المالية أو السندات قصيرة الأجل بالعملة المحلية، ولكنها لا تزال في مرحلة مبكرة من التقدم وتعانى من العديد من نقاط الضعف المؤسسية (مثل القوانين غير الفعالة للأطر التنظيمية)، وانخفاض معدل رأس المال الاستثماري، وانخفاض مستوى التكامل المالي )[l]. وان كانت هناك بعض البورصات الافريقية مثل بورصة جوهانسبرج بجنوب افريقيا تعتبر الأكثر قدرة على التعاملمعظم المتطلبات الفنية لتطوير السندات الخضراء والإصدار في سوق رأس المال. كما تتميز ببنوك على درجة من الكفاءة مثل بنك Nedbank، الذى أظهر قدرة على تطوير وإصدار السندات الخضراء فيجنوب أفريقيا. وكان أول مؤسسة مالية من القطاع الخاصيعمل على تطوير وإدراج سندات الطاقة المتجددة في بورصة جوهانسبرج في أبريل 2019.
- تزايد المخاطر المالية فى أفريقيا، فلا زالت تمثل حواجز كبيرة أمام الاستثمارات عموماً وفى مجال المشروعات البيئية خصوصاً، والتى يعود معظمها الى تقلبات أسعار العملة، وتذبذب أداء الأسواق المالية، وعدم الاستقرار السياسى والأمنى. ومن هنا تتركز توجهات المستثمرين عادة نحو الاستثمارات المضمونة من قبل الحكومات الأفريقية، أو القطاع الخاص فى مجالات بعينها مثل الاتصالات والخدمات المالية. فى الوقت الذى تتراجع فيه توجهات الاستثمار نحو مشروعات بيئية هامة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وغيرها. كذلك مشروعات البنية التحتية المواتية لتغيرات المناخ والبيئة مثل المياه المحسنة، ومدخلات الري الصديقة للمناخ (مثل المحاصيل المقاومة للجفاف )[li].
- نقص الوعي بمختلف مصادر التمويل المناخي، ومشاركة محدودة لأصحاب المصلحة من المستثمرين، بما في ذلك من القطاع الخاص. يضاف الى ذلك استخدام التمويل الأخضر بشكل مغاير للحقيقة فى أفريقيا، حيث يدعى بعض المستثمرين بأن مشروعاتهم صديقة للبيئة للحصول على التمويل، وهى ادعاءات مضللة ولا شأن لمشروعاتهم بالحفاظ على البيئة على الاطلاق.
- ضعف قدرة الحكومات الأفريقية على الامتثال للمتطلبات والمعايير والإجراءات الخاصة بمصادر التمويل الأخضر، وتطوير المشروعات المؤهلة لهذا التمويل، وكثرة الاجراءات البيروقراطية للحصول عليه. فضلاً عن قلة توفير التمويل المناخي في بنود الميزانيات الوطنية للدول الأفريقية المحملة بالفعل بالعديد من الأعباء. كذلك تصور مشكلة تغير المناخ لدى بعض الدول الأفريقية باعتبارها مشكلة بيئية وليست تنموية، مما يعوق الحلول المختلفة لتلك المشكلة وأبعادها، وخلق مصادر التمويل التى تحصل عليها المشروعات المفيدة للبيئة.
- المدى الزمنى قصير الأجل للادخار فى أفريقيا، بما لا يسمح بوجود ودائع صالحة للتمويل الاستثمارى للمشروعات المفيدة البيئة، والتى تحتاج بطبيعتها الى فترة زمنية طويلة الأجل ولا تقل عن عقد من الزمن (10 سنوات ).
سابعاً- خاتمة وتوصيات الدراسة :
يمكن القول بـأن مشكلة التغير المناخى أحد أهم وأخطر المشكلات التى تتعرض لها القارة الأفريقية رغم أنها الأقل تسبباً فيها، وأن التوجه نحو الاقتصاد الأخضر وتوفير سبل التمويل اللازمة له سيكون المخرج الوحيد من تلك الأزمة. ولا ينكر جهود بعض الدول الأفريقية فى هذا المجال، كذلك بعض المؤسسات الأفريقية، حيث أصبحت المؤسسات المالية في إفريقيا أكثر نشاطًا في تسهيل التمويل الأخضر، ولعب البنك الإفريقي للتنمية دورًا رئيسيًا في الاستثمار المستدام والمشروعات الخضراء بالقارة. فبين عامي 2011 و 2015، حصل بنك التنمية الأفريقي على ما يقرب من 12 مليار دولار أمريكي لدعم المشروعات المقاومة لتغير المناخ كجزء من خطة العمل الخاصة بتغير المناخ Climate Change Action Plan (CCAP). ويهدف الصندوق الأفريقي لتغير المناخ The bank's African Climate Change Fund (ACCF) التابع للبنك إلى توفير الوصول إلى مبالغ كبيرة من التمويل للدول الأفريقية لتوسيع نطاق التمويل الأخضر[lii]. ولكن ما زالت القارة تتعرض للعديد من التحديات التى تحول دون انتشار هذا النمط التمويلى الهام، ومن هنا توصى الدراسة بالاتى :-
- يجب التعامل مع قضية تغير المناخ من قبل الدول الأفريقية على أنها قضية حياة أو موت تهدد الأمن الانسانى على وجه الأرض، ولابد من معالجتها بشكل ممنهج ومنظم من خلال وضع خطط محلية للتنمية الخضراء، كذلك تركيز الاستثمارات الأجنبية فى مجالات صديقة للبيئة لضمان كفاءة استخدام الموارد واستمراريتها.
هناك مسؤلية رئيسية على اقتصادات الدول الكبرى المتسببة بشكل أساسى فى تلوث البيئة والمناخ فى أفريقيا ؛ وبالتالى يصبح لزاماً عليهم دعم القدرات الأفريقية فى مجال التحول الأخضر، وتوفير سبل التمويل المناسبة لهذا المجال، وتعدد الأطراف المساهمة فى تمويل المشروعات الصديقة للبيئة، فلا تستطيع القارة بمفردها مواجهة أثار التغيرات المناخية الضخمة، والأمر يحتاج بالضرورة الى تكاتف دولى خاصة فى مجالى توفير التمويل اللازم، وتوطين ونقل التكنولوجيا المتعلقة بالمشروعات البيئية. كما يمكن تفعيل المنصة الدولية للتمويل المستدام التي أطلقها الاتحاد الأوروبي في أكتوبر 2019. وتهدف إلى تعزيز الاستثمارات الخضراء الخاصة من خلال جعل أنظمة التمويل الأخضر الدولية أكثر اتاحة، وقد انضمت كينيا والمغرب والسنغال إلى المنصة. وسوف تمكّن مثل هذه المبادرات من تطوير حوار أكثر شمولاً نحو معايير مشتركة بشأن السندات الخضراء وأنظمة التصنيف للمشروعات الصديقة للمناخ.[liii]
- زيادة التمويل العام الموجه للاستثمارات العامة الصديقة للبيئة، واجتذاب استثمارات القطاع الخاص من خلال سياسة ميسرة وبيئة تنظيمية كفء، وإنشاء آليات قائمة على السوق لتحفيز استثمارات القطاع الخاص في إجراءات التخفيف.
- ان الاهتمام بقضايا تغير المناخ وانعكاساتها على القارة الأفريقية، تحتاج بالتأكيد الى التعاون الاقليمى والقارى، حتى يمكن وضع نهج أكثر تناسقًا وتكاملاً يخدم أهداف القارة، ويحميها من التداعيات السلبية لتغيرات المناخ، فضلاً عن الحاجة الى تفعيل كل ما يتعلق بالجانب البيئى فى أجندة أفريقيا للتنمية المستدامة 2063.
- ضرورة وضع استراتيجية كاملة للتحفيز نحو المشروعات الخضراء، من خلال تبنى منظومة ضريبية للتعاملات مع المشروعات الصناعية الخضراء منخفضة الكربون، ووضع تلك المشروعات فى قائمة الأولوية للحصول على التمويل الأخضر[liv]. وهو ما تفعله العديد من الدول الكبرى، فعلى سبيل المثال، تتبنى حكومة الصين مجموعة من الحوافز الضريبية والسياسات الداعمة لاصدار السندات الخضراء يمكن للدول الأفريقية الاستفادة منها والاستناد الى تلك التجربة.
- الاطار القانونى والتشريعى مطلوب بشكل كبير، فلابد وأن يكون هناك جوانب تنظيمية تعلق بسبل التمويل الأخضر، وما يخضع له من سبل المساءلة والشفافية، لضمان ناهة الحصول على هذا التمويل، ومنع أى ممارسات غير قانونية مثل مشروعات غسيل الأموال وخلافه والتى تنتشر فى أفريقيا بشكل كبير. فضل عن الحاجة الى نظم التقييم والمراقبة الدائمة لسوق اصدار السندات الخضراء بالأسواق المالية الأفريقية، لتحديد سلوك المستثمرين وتقييم الأثر من هذا الاصدار[lv].
[i]) WHY WE WORK ON SUSTAINABLE FINANCE, 2019 , Available at :-
https://www.wwf.org.uk/what-we-do/projects/why-sustainable-finance-important
[ii] ) أ.د مدحت ابو النصر، و ياسمين مدحت محمد، التنمية المستدامة، مفهومها – أبعادها – مؤشراتها، (القاهرة : المجموعة العربية للتدريب والنشر، 2017)، ص ص.79-85.
[iii] ( برنامج الأمم المتحدة الانمائى، أهداف التنمية المستدامة، متاح على الرابط التالى :-
https://www.arabstates.undp.org/content/rbas/ar/home/sustainable-development-goals.html
[iv] ) الأمم المتحدة، دعم التنمية المستدامة والعمل المناخى، متاح على الرابط التالى :-
un.org/ar/our-work/support-sustainable-development-and-climate-action
[v] ) مكتب العمل الدولى، التنمية المستدامة والعمل اللائق والوظائف الخضراء ، مؤتمر العملى الدولى، التقرير الخامس ، ( جنيف : مكتب العمل الدولى، 2013)، ص.16.
[vi] ) د. دلال عسولى، التمويل الأخضر من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة : امكانات التمويل الاسلامى، كلية الدراسات الاسلامية، جامعة حمد بن خليفة، متاح على الرابط التالى :-
[vii]) EUROPEAN COMMISSION , Defining "green" in the context of green finance, Final Report , 2017 , PP.3 -4 , Available at :-
https://ec.europa.eu/environment/enveco/sustainable_finance/pdf/studies/Defining%20Green%20in%20green%20finance%20-%20final%20report%20published%20on%20eu%20website.pdf
And :-
- The Organisation for Economic Cooperation and Development (OECD) , Green Finance and Investment , Available at :-
https://www.oecd-ilibrary.org/environment/green-finance-and-investment_24090344
https://www.lexisnexis.com/uk/lexispsl/bankingandfinance/document/391289/5T5W-N3H1-F185-X1BP-00000-00/Types_of_green_financing_overview
[ix]) THE WORLD BANK, What Are Agreen Bonds ? , ( Washington , D.C: The World Bank , 2015) , PP.7-9.
[x]) Nannette Lindenberg , Definition of Green Finance , ( Berlin : German Development Institute , April 2014,) , p2.
[xi] ) دوجلاس موسشيت، ترجمة بهاء شاهين، مبادىء التنمية المستدامة، ( القاهرة : الدار الدولية لللاستثمارات الثقافية، 2000)، ص. 17.
[xiii]) Hu Yongqi , " Green finance to help reduce pollution, boost industrial upgrading " , China Daily Journal ,20 June. 2017, Available at :-
https://www.chinadaily.com.cn/business/2017-06/20/content_29817119.htm
[xiv]) Clmate Bond Initiative , FSD Africa & U.K aid , Africa Green Bond Toolkit , A practical guide to issuing green bonds for Africa ,2019 , P.5 , Available at :-
https://www.fsdafrica.org/wp-content/uploads/2020/08/Africa_GBToolKit_Eng_FINAL.pdf
https://www.climatebonds.net/2021/01/record-2695bn-green-issuance-2020-late-surge-sees-pandemic-year-pip-2019-total-3bn
https://www.climatebonds.net/
[xvii]) Matthew Toole , " Sustainable finance market continues 2020 growth" , Nov 11, 2020, Available a
https://www.refinitiv.com/perspectives/market-insights/sustainable-finance-market-continues-2020-growth/t
[xviii] ) عايد راضى خنفر، الاقتصاد البيئي " الاقتصاد الأخضر "، مجلة أسيوط للدراسات البيئية، العدد 39،( أسيوط : جامعة أسيوط، مركز البحوث والدراسات البيئية، يناير ( 2014.، ص.57.
[xix] ) الاتحاد الأفريقى، تقرير مفوضية الاتحاد الافريقى عن الأجندة الأفريقية 2063، ( أديس بابا : الاتحاد الافريقى، 2015)، ص ص.4-12.
[xx]) African Union Commission : Agenda 2063 , The Africa We Want , ( Addis ababa : African Union Commission, 2015) , PP.1-9.
https://www.nepad.org/news/africa-has-potential-make-renewable-energy-engine-of-its-growth
https://www.the-star.co.ke/opinion/columnists/2020-01-15-african-vision-for-sustainable-finance/
[xxiii]) European Investment Bank , Finance in Africa , for Green , Smart , And Inclusive Private Sector Development (Luxembourg : European Investment Bank ,2021) ,P.106.
[xxv]) UNITED NATION ECONOMIC COMMISSION FOR AFRICA , A Green Economy in the Context of Sustainable Development and Poverty Eradication: What are the Implications for Africa? , Background report Africa Regional Preparatory Conference for the United Nations Conference on Sustainable Development “Rio+20” (Addis Ababa, Ethiopia, 20-25 October 2011), P.4
[xxvi] ) لمزيد من التفاصيل عن هذه الدراسة، يمكن الرجوع الى :-
- M.L. Parry , et.al , Effects of climate change on global food production under SRES emissions and socio-economic scenarios , Global Environmental Change 14 (2004), at:-
https://www.preventionweb.net/files/1090_foodproduction.pdf
[xxvii]) African Development Bank (AFB) , The Cost of Adaptation to Climate Change in Africa ,( Abidjan : AFB , October, 2011) PP. 14-15.
[xxviii] ) Ibid , PP.16-17.
[xxx]) Francis Garrido , & Jennifer Laidlaw , " Africa shows potential for green bond growth despite lack of structured markets" , S & P Global Market Intelligence , 14 May, 2019 , Available at :-
[xxxi])Valentine E. Chukwu , Op.cit , PP.9-10.
[xxxii]). George Marbuah , Scoping the Sustainable Finance Landscape in Africa: The Case of Green Bonds , ( Stockholm : Stockholm Sustainable Finance Centre , July 2020) , PP.24-25
[xxxiii]) Smita Nakhooda, & Alice Caravani and Neil Bird, Climate Finance in Sub-Saharan Africa, ( London : Overseas Development Institute , November 2011) , P.1.
[xxxiv])African Development Bank (AFB) ,Op.cit , PP.8-9.
https://www.whitecase.com/publications/insight/green-finance-africa
[xxxv]) European Investment Bank , Finance in Africa……… , Op.cit, P.108.
https://cdn.odi.org/media/documents/Policy_Brief_3_FINAL_.pdf
[xxxvii] ) Francis Garrido , & Jennifer Laidlaw , Op.cit.
[xxxviii]) Francis Garrido , & Jennifer Laidlaw , Op.cit.
[xxxix]) Leo Holtz , & Chris Heitzig , Op.cit.
[xl] ) وهو أول اتفاق عالمي بشأن المناخ، والهدف الرئيسي لاتفاقية باريس هو تعزيز الاستجابة العالمية لتهديد تغير المناخ، بالإضافة إلى تعزيز قدرة الدول على التعامل مع آثار تغير المناخ، والحد بشكلٍ كبير من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية. وقد تبنت 197 دولة لهذا لاتفاق، وقد دخل حيز التنفيذ بعد أقل من عام.
[xli]) وهو الصندوق الذى أنشئ في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن التغير المناخي ككيان تشغيل للآلية المالية لمساعدة الدول النامية في مواجهة تغير المناخ وتبنى الممارسات اللازمة للحد منه.
https://www.the-star.co.ke/opinion/columnists/2020-01-15-african-vision-for-sustainable-finance
https://www.pdfnigeria.org/rc/wp-content/uploads/2020/01/P3387_PDFII_stories_of_change_GREEN_BONDS_PRINT_WEB.pdf
https://www.africa.undp.org/content/rba/en/home/blog/2019/how-africa-can-improve-mobilization-of-climate-finance-for-susta.htm
https://www.whitecase.com/publications/insight/green-finance-afric
[xlvi] ) سالى عاشور، الاقتصاد الأخضر، مصر وطريق التنمية المستدامة، ( القاهرة : المركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية، 13 مارس 2021).
https://www.whitecase.com/publications/insight/green-finance-afri
https://www.africa.undp.org/content/rba/en/home/blog/2019/how-africa-can-improve-mobilization-of-climate-finance-for-susta.html
And :-
- Kathrin Berensmann and Dr Nannette Lindenberg, Green Finance: Actors, Challenges and Policy Recommendations , Briefing Paper ( German Development Institute 23/2016 ),Available at :
- AFRICAN DEVELOPMENT BANK , FACILITATING GREEN GROWTH IN AFRICA PERSPECTIVES FROM THE AFRICAN DEVELOPMENT BANK, Discussion Paper , (Tunisia : African Development Bank , June 2012 ) , PP.7-9.
[l]) George Marbuah , Op.cit , PP.26-28.
[li]) Judith E. Tyson ,Op.cit , PP.7-8.
https://www.atlanticcouncil.org/blogs/africasource/europes-green-deal-plan-is-africas-green-finance-opportunity/
[liv]) George Marbuah ,Op.cit , PP.29-30.
[lv]) Nomhle Ngwenya , & Mulala Danny Simatele , Unbundling of the green bond market in the economic hubs of Africa: Case study of Kenya, Nigeria and South Africa , February 2020, PP.11-12 , Available at :