نوع المستند : المقالة الأصلية
المؤلف
مدرس الاقتصاد – معهد العباسية للحاسبات الآلية والعلوم التجارية
المستخلص
نقاط رئيسية
مقدمـــة:
يتجدد الحديث عن العلاقة بين النمو الاقتصادي والتشغيل في ظل النقاش الدائر حول كيفية التغلب على الأزمة الاقتصادية الناجمة عن ”جائحة “COVID-19. وفي ظل الهدف الثامن من أهداف التنمية المستدامة الذي أقرته الدول الأعضاء في الأمم المتحدة عام 2015، وهو ”العمل اللائق ونمو الاقتصاد“(1)، والذي يتبين من المذكرة التفسيرية بشأنه أن النمو الاقتصادي المستدام يتطلب من الدول تهيئة الظروف التي تسمح للناس بالحصول على وظائف جيدة تحفز الاقتصاد ولا تضر بالبيئة(2). وعلى ضوء تجدد فكرة ”النمو بدون وظائف“ Jobless-Growth في ظل الثورة الصناعية الرابعة.
ولا تأخذ هذه العلاقة اتجاهًا محددًا متفقًا عليه. فعلى الرغم من أن ارتفاع النمو الاقتصادي يعد شرطًا ضروريًا لرفع قدرة الاقتصاد القومي على استيعاب أعداد أكبر من العمالة، ولزيادة الأجور الحقيقية للعاملين، ومن ثم تحسين أوضاعهم المعيشية، وكذلك زيادة سعة السوق الرسمي، إلا أنه لا يعد شرطًا كافيًا. فقد تحقق بعض الدول معدلات عالية من الناتج المحلي الإجمالي دون تحقيق معدلات مرتفعة لنمو التشغيل؛ نظرًا لارتفاع المساهمة النسبية لرأس المال في النمو الاقتصادي، أو للإنتاجية الكلية لعناصر الإنتاج التي تعكس أثر الابتكار والمعرفة والتقدم الفني(3).
الكلمات الرئيسية
مقدمـــة:
يتجدد الحديث عن العلاقة بين النمو الاقتصادي والتشغيل في ظل النقاش الدائر حول كيفية التغلب على الأزمة الاقتصادية الناجمة عن ”جائحة “COVID-19. وفي ظل الهدف الثامن من أهداف التنمية المستدامة الذي أقرته الدول الأعضاء في الأمم المتحدة عام 2015، وهو ”العمل اللائق ونمو الاقتصاد“(1)، والذي يتبين من المذكرة التفسيرية بشأنه أن النمو الاقتصادي المستدام يتطلب من الدول تهيئة الظروف التي تسمح للناس بالحصول على وظائف جيدة تحفز الاقتصاد ولا تضر بالبيئة(2). وعلى ضوء تجدد فكرة ”النمو بدون وظائف“ Jobless-Growth في ظل الثورة الصناعية الرابعة.
ولا تأخذ هذه العلاقة اتجاهًا محددًا متفقًا عليه. فعلى الرغم من أن ارتفاع النمو الاقتصادي يعد شرطًا ضروريًا لرفع قدرة الاقتصاد القومي على استيعاب أعداد أكبر من العمالة، ولزيادة الأجور الحقيقية للعاملين، ومن ثم تحسين أوضاعهم المعيشية، وكذلك زيادة سعة السوق الرسمي، إلا أنه لا يعد شرطًا كافيًا. فقد تحقق بعض الدول معدلات عالية من الناتج المحلي الإجمالي دون تحقيق معدلات مرتفعة لنمو التشغيل؛ نظرًا لارتفاع المساهمة النسبية لرأس المال في النمو الاقتصادي، أو للإنتاجية الكلية لعناصر الإنتاج التي تعكس أثر الابتكار والمعرفة والتقدم الفني(3).
بناءً على ذلك، ينبغي دراسة حالة كل دولة على حدة، حيث إن التجارب الدولية في هذا الشأن تفيد باحتمال تدني مستويات التشغيل في ظل ارتفاع معدل النمو الاقتصادي إن لم يكن هدف التشغيل واقعًا في دائرة اهتمام متخذي القرار الاقتصادي(4).
عليه تبحث الدراسة الحالية حالة مصر في هذا الشأن، ومن ثم يمكن صياغة مشكلة الدراسة في السؤال التالي:
هل هناك علاقة توازنية طويلة الأجل بين النمو الاقتصادي والتشغيل في مصر؟
يمكن الجواب عن هذا السؤال من خلال تحقيق الأهداف التالية:
- تقديم استعراض تحليلي لبعض الأدبيات الاقتصادية المتعلقة بموضوع الدراسة.
- إبراز أهم ملامح النمو الاقتصادي والتشغيل في مصر خلال الفترة (1990-2019).
- قياس العلاقة بين النمو الاقتصادي والتشغيل في مصر خلال فترة الدرسة باستخدام ”نموذج الانحدار الذاتي مع توزيع فترات الإبطاء“
Autoregressive Distributed Lag (ARDL) Model.
بناءً على ما سبق، يمكن صياغة فرضية الدراسة كما يلي:
”توجد علاقة توازنية طويلة الأجل بين النمو الاقتصادي والتشغيل في مصر“
ولتحقيق أهداف الدراسة واختبار فرضيتها يُستخدم المنهج الاستقرائي لجمع وتحليل البيانات المتعلقة بمتغيرات الدراسة، كما يُستخدم المنهج الاستقرائي – الاستنباطي (منهج الاقتصاد القياسي) لقياس العلاقة بين النمو الاقتصادي والتشغيل في مصر خلال الفترة محل البحث باستخدام نموذج ARDL.
على ضوء ما سبق، تنقسم الدراسة الحالية – بعد المقدمة – إلى أربعة أقسام رئيسية هى: العلاقة بين النمو الاقتصادي والتشغيل في الأدبيات الاقتصادية، وملامح النمو الاقتصادي والتشغيل في مصر، ونموذج الدراسة ومنهجية تقديره، ونتائج تقدير النموذج. وتختتم بالنتائج والتوصيات.
أولًا/ العلاقة بين النمو الاقتصادي والتشغيل في الأدبيات الاقتصادية
حظى تحديد العلاقة بين النمو الاقتصادي والتشغيل باهتمام الكثير من الاقتصاديين، سواء كان ذلك من الناحية النظرية أو من الناحية التطبيقية. وفيما يلي نبذة مختصرة عن هذه الأدبيات.
1- العلاقة بين النمو الاقتصادي والتشغيل في الفكر الاقتصادي
لعل أبرز النظريات التي تناولت العلاقة بين النمو الاقتصادي والتشغيل هى ”النظرية الكينزية“. فقد أشار ”كينز“ إلى أن التغيرات في الناتج المحلي الإجمالي تؤدي إلى التغيرات في التشغيل من خلال ”الطلب الكلي الفعال“؛ حيث إنه يحدد حجم العرض الكلي، ومن ثم حجم الناتج والدخل والتشغيل. ويحدث نقص في استخدام قوة العمل (التشغيل) في حالة عدم كفاية الطلب الفعال الاستهلاكي والاستثماري، ومن ثم تتطلب زيادة تشغيل العمالة العمل على زيادة حجم هذا الطلب(5).
كما أشار ”كينز“ – أيضًا - إلى تأثير العلاقة بين الاستثمار والادخار على الطلب الكلي والعمالة، إذ قال: إنه على الرغم من أن كل من الادخار والاستثمار مدفوعان بسعر الفائدة، إلا أنهما ليسا متساويين بالضرورة، فزيادة الادخار يمكن أن تؤدي إلى زيادة الاستثمار، ولكن إذا كان معدل العائد المتوقع على الاستثمار منخفضًا، فإن مستوى الاستثمار سينخفض، ويترتب على ذلك انخفاض الطلب الكلي، ومن ثم سيحدث التوازن عند مستوى أقل من التوظف الكامل. وعلى هذا فإن النظرية الكينزية تؤيد مقولة: أن الزيادة في الناتج المحلي الإجمالي يجب أن تترجم إلى زيادة في التشغيل حتى يتحقق التوازن(6). وهكذا يحدد الناتج المحلي الإجمالي مستوى التوظف من خلال التغير في ”الطلب الكلي الفعال“.
ومن ثم يمكن القول، أن ”النظرية الكينزية“ تقر بأن هناك علاقة مباشرة بين النمو الاقتصادي والتشغيل، وأن اتجاه العلاقة السببية يبدأ من النمو إلى التشغيل.
ويندرج ”قانون أوكن“ Okun’s Law تحت الفكر الكينزي؛ حيث يتم من خلاله الربط بين سوق السلع (العرض الكلي) وسوق العمل، إذ ينص على أن هناك علاقة عكسية مستقرة بين التغيرات في الناتج المحلي الإجمالي والبطالة(7). ويستنتج من هذا القانون أن هناك علاقة طردية بين النمو الاقتصادي بوصفه متغير تابع والتشغيل بوصفه متغير مستقل، وتقيس هذه العلاقة ”الكثافة التشغيلية للنمو الاقتصادي“(8).
2- العلاقة بين النمو الاقتصادي والتشغيل في الدراسات التطبيقية
أجريت دراسات تطبيقية عديدة حول النمو الاقتصادي وعلاقته بالتشغيل يمكن تصنيفها إلى ثلاثة أنواع من الدراسات كما يلي:
أ/ دراسات تتعلق بمحددات الطلب على العمل
أجريت دراسات عديدة في رحاب هذا النوع. فقد هدف Aljebrin, 2012(9) إلى التعرف على محددات الطلب على العمالة في المملكة العربية السعودية خلال الفترة 1990-2008. ولتحقيق هذا الهدف؛ استخدم طريقة المربعات الصغرى العادية الكاملة المعدلة. وتوصل إلى أن هناك علاقة إيجابية ومعنوية بين الطلب على العمل والدخل الحقيقي، والاستثمار الحقيقي، والإنفاق الحكومي الحقيقي، والقيمة الحقيقية للصادرات، وأن هناك علاقة سلبية ومعنوية بين الطلب على العمل والورادات الحقيقية.
وسعى كل من عماد المصبح ومحمد المرعي، 2014(10) إلى تحديد العوامل المؤثرة في الطلب على العمل في ست دول عربية هى: مصر وسوريا والأردن وتونس والجزائر والمغرب خلال الفترة 1990-2011. ولتحقيق هذا الغرض؛ اعتمدا على أسلوب تقدير البيانات الزمنية المجمعة في تقدير نموذج الدراسة. وانتهيا إلى أن التضخم كان من أكثر العوامل المحددة للطلب على العمل استقرارًا، الأمر الذي يدل على انطباق ”منحنى فيليبس“(11) على السوق العربية، كما انتهيا إلى أن المعدل الأمثل للنمو الاقتصادي الذي يعظم الطلب على العمل في الدول المختارة هو 5.93%.
واستهدفت منال عفان، 2018(12) تحديد أهم محددات الطلب على العمل في مصر في الأجلين الطويل والقصير خلال الفترة 1975-2016. ولتحقيق ذلك اعتمدت على طريقة المربعات الصغرى العادية الكاملة المعدلة، وعلى نموذج تصحيح الخطأ. وخلصت إلى أن الطلب على العمل غير مرن لمحدداته (الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي، والتراكم الرأسمالي الحقيقي، والأجور الحقيقية، والإنفاق الحكومي الحقيقي، والائتمان الحقيقي المقدم للقطاع الخاص، والاستثمار الأجنبي المباشر الحقيقي، والصادرات الحقيقية، والورادات الحقيقية، وسعر الصرف الحقيقي، والتعليم، وثورة 25 يناير) في الأجلين الطويل والقصير، وأن مرونات الطلب على العمل بالنسبة للواردات والأجور وسعر الصرف الحقيقي قد فاقت مرونات المتغيرات الأخرى في الأجل الطويل، وأن مرونات الطلب على العمل بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي والتراكم الرأسمالي والتعليم قد تجاوزت مرونات المتغيرات الأخرى في الأجل القصير، وأن الاختلال في الطلب على العمل يتطلب خمس سنوات ونصف لعلاجه.
وحاول محمد عباس، 2019(13) التعرف على محددات طلب القطاع الخاص على العمل في مصر خلال الفترة 1990-2012. ولتحقيق ذلك استخدم نموذج الانحدار غير المرتبط ظاهريًا بطريقة الآثار الثابتة. وتوصل إلى أنه توجد علاقة إيجابية ومعنوية بين طلب القطاع الخاص على العمل وبين كل من: الناتج المحلي الإجمالي، ونسبة الاستثمار الخاص إلى الناتج المحلي الإجمالي، وذلك في قطاعات الاقتصاد المصري الثمانية، وأن هناك علاقة عكسية بين مستوى الطلب على العمل في تلك القطاعات ومعدل الأجور الحقيقية.
ب/ دراسات تقيس الكثافة التشغيلية للنمو الاقتصادي
تعددت الدراسات التي أجريت في ظل هذا النوع. فقد حاولت كل من El-Ehwany & El-Megharbel, 2009(14) تحديد القطاعات الكلية والفرعية التي يولد نمو الناتج فيها فرص عمل أكثر من غيرها، مع التركيز على تحديد أي الفروع التي تولد فرص عمل دائمة ولائقة في قطاعي الصناعة التحويلية والخدمات؛ لأنهما قادرين على توليد فرص عمل كثيرة، وذلك خلال الفترة 80/1981-04/2005. ولتحقيق هذا الغرض حللتا العلاقة بين نمو التشغيل مع الناتج ونمو الإنتاجية، وقاستا ”مرونة التشغيل بالنسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي“(15) على المستوى الكلي، وعلى مستوى ستة قطاعات رئيسية، وعلى مستوى تسعة قطاعات فرعية من الصناعة التحويلية. وأظهرتا أن الكثافة التشغيلية للنمو الاقتصادي في مصر خلال الفترة محل البحث كانت مرتفعة، وذلك بسبب تزايد التشغيل في القطاع غير الرسمي، كما استنتجتا أن التحول الهيكلي في أسلوب توليد القيم المضافة والتشغيل خلال تلك الفترة - والذي كان لصالح القطاعات الخدمية - لم يكن إيجابيًا؛ ذلك لأنه نتج عن بطالة متخفية في أنشطة غير منتظمة ومتدنية الإنتاجية.
وسعى Ajakalye, et al., 2015(16) إلى دراسة العلاقة بين النمو الاقتصادي والتشغيل في نيجيريا خلال الفترة 2005-2014، وذلك من خلال قياس الكثافة التشغيلية للنمو الاقتصادي. وخلصوا إلى أن مرونة التشغيل بالنسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي خلال تلك الفترة كانت منخفضة، الأمر الذي يدل على ضعف قدرة الاقتصاد النيجيري على خلق فرص العمل مع النمو الاقتصادي.
وحاولت Eman, 2018(17) قياس قدرة الاقتصاد المصري على خلق فرص العمل على المستويين الكلي والقطاعي خلال الفترة 2000-2016، وذلك من خلال قياس مرونة التشغيل بالنسبة للنمو الاقتصادي. وانتهت إلى أن النمو الاقتصادي في مصر خلال الفترة محل الاهتمام قد كان بلا قدرة على توليد الوظائف، حيث إن السياسات الاقتصادية قد أخفقت في الحد من مشكلة البطالة.
كما حاول كل من Ghazali & Mouelhi 2018(18) تقدير الكثافة التشغيلية للنمو الاقتصادي في تونس خلال الفترة 1980-2012. وتوصلا إلى أن مرونة التشغيل بالنسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي كانت منخفضة بدرجة كبيرة خلال الفترة موضع التحليل.
ج/ دراسات تحلل وتقيس العلاقة بين النمو الاقتصادي والتشغيل
أنجزت بعض الدراسات في إطار هذا النوع. فقد حاول مجدي الشوربجي، 2009(19) قياس أثر النمو الاقتصادي على العمالة في مصر خلال الفترة 1982-2005، وذلك باستخدام نموذج ARDL. وتبين له أن النمو الاقتصادي كان له تأثير إيجابي ضعيف على التشغيل في المديين القصير والطويل، وأن فرص العمل تزداد في ظل سياسات تشجيع الصادرات، والإحلال محل الواردات، وجذب الاستثمار الأجنبي المباشر.
كما حاول Temitope, 2013(20) تحديد العلاقة السببية بين النمو الاقتصادي والتشغيل في جنوب إفريقية خلال الفترة 2000-2012، وذلك بالاعتماد على منهجية ”تودا - ياماموتو“ Toda-Yamamoto للتكامل المشترك. وكشف عن أن ارتفاع معدل النمو الاقتصادي يؤدي إلى زيادة معدل التشغيل، وأن السببية لا تمتد من التشغل إلى النمو الاقتصادي.
وكذلك حاول Siddique, et al., 2016(21) قياس العلاقة بين النمو الاقتصادي والتشغيل في باكستان خلال الفترة 1981-2015، وذلك باستخدام منهجية جوهانسن للتكامل المشترك، وانتهوا إلى أن هناك ارتباط إيجابي وطويل الأمد بين النمو الاقتصادي والتشغيل، وأن العلاقة السببية تمتد من النمو الاقتصادي إلى التشغيل.
أما Assasd, et al., 2019(22)، فقد حاولوا الجواب عن سؤال أساسي وهو: هل الاقتصاد المصري قادر على خلق فرص عمل دائمة ولائقة مع زيادة النمو الاقتصادي، وذلك من خلال تحليل المسح التتبعي لسوق العمل المصري في الفترة 1998-2018. وخلصوا إلى أن نسب العمالة إلى السكان قد استجابت بشكل إيجابي للنمو الاقتصادي في تلك الفترة، غير أن الوظائف التي تولدت كانت – في الغالب – في القطاع غير الرسمي مما يدل على أنها وظائف هشة وغير جيدة.
واختبر Turyareeba, et al., 2020(23) العلاقة بين معدل النمو الاقتصادي ومعدل نمو التشغيل في أوغندا خلال الفترة 2001-2018، وذلك باستخدام منهجية إنجل – جرانجر. وتوصلوا إلى أنه على الرغم من أن هناك علاقة سببية إيجابية وذات دلالة إحصائية بين النمو الاقتصادي والتشغيل على المدى الطويل في الاقتصاد الأوغندي، إلا أنه لم يكن كثيف العمالة على المدى الطويل كذلك؛ وذلك لانخفاض الكثافة التشغيلية للنمو الاقتصادي عن الواحد الصحيح.
كما اختبر Ainomugisha et al., 2020(24) العلاقة بين النمو الاقتصادي ونمو التشغيل في بلدان شرق إفريقية التقليدية الثلاثة: أنجولا وتنزانيا وكينيا، خلال الفترة 2001-2018، وذلك باستخدام نموذج ARDL. وانتهوا إلى أنه لاتوجد علاقة سببية طويلة أو قصيرة الأجل بين النمو الاقتصادي والتشغيل خلال تلك الفترة في كل من أنجولا وتنزانيا، ولكن توجد علاقة إيجابية بينهما في كينيا، كما أنهم أشاروا إلى أن معاملات مرونة العمل بالنسبة للنمو الاقتصادي كانت أقل من الواحد الصحيح للبلدان الثلاثة، وهذا يدل على ضعف قدرة اقتصاديات هذه البلدان على خلق فرص العمل مع النمو الاقتصادي.
يتضح مما سبق، أن الدراسات التي تتعلق بالعلاقة بين النمو الاقتصادي والتشغيل قليلية – خاصة عن مصر – لذا تأتي الدراسة الحالية لتسد جزء من هذه الفجوة، خاصة في ظل تطورات الثورة الصناعية الرابعة، وتجدد فكرة النمو بدون وظائف Jobless-Growth في ظلها.
ثانيًا/ ملامح النمو الاقتصادي والتشغيل في مصر
مر النمو الاقتصادي والتشغيل في مصر خلال الفترة (1990-2019) بتطورات عديدة، وذلك نتيجة للسياسات الاقتصادية التي اتبعت في تلك الفترة، ونتيجة لبعض العوامل الداخلية والخارجية التي كان لها دورها في إحداث هذه التطورات. ويمكن إبراز أهم ملامح النمو الاقتصادي والتشغيل في مصر في تلك الفترة من خلال إلقاء نظرة تحليلية على تلك التطورات، وبالاعتماد على بيانات جدول رقم (1) وشكل رقم (1).
أما شكل رقم (1)، فيعطي صورة كلية عن التغيرات الهيكلية التي طرأت على كل من معدل النمو الاقتصادي ومعدل التشغيل خلال الفترة محل الدراسة.
وأما جدول رقم (1)، فيلخص أهم التطورات التي طرأت على النمو والتشغيل في الفترة محل البحث – بشكل أكثر تحديدًا - فضلًا عن تطور مرونة التشغيل خلال تلك الفترة.
شكل رقم (1): معدل النمو الاقتصادي ومعدل نمو التشغيل في مصر
في الفترة (1990-2019)
المصدر: من إعداد الباحث بالاعتماد على بيانات جدول رقم (1 - م) بالملحلق الإحصائي.
جدول رقم (1): تطور معدلات النمو الاقتصادي ونمو التشغيل ومرونة التشغيل في مصر
في الفترة (1990-2019)
الفترة |
معدل النمو الاقتصادي (%) |
معدل نمو التشغيل (%) |
مرونة التشغيل |
||||
متوسط |
حد أدنى |
حد أعلى |
متوسط |
حد أدنى |
حد أعلى |
||
1990-1999 |
4.49% |
1.13% (1991) |
6.05% (1999) |
1.20% |
-3.78% (1990) |
4.14% (1992) |
0.27 |
2000-2009 |
1.98% |
2.39% (2002) |
7.16% (2008) |
3.22% |
1.47% (2003) |
6.26% (2007) |
0.65 |
2010-2019 |
3.80% |
1.76% (2011) |
5.56% (2019) |
1.31% |
-2.03% (2011) |
3.72% (2010) |
0.34 |
1990-2019 |
4.42% |
1.13% (1991) |
7.16% (2008) |
1.91% |
-3.78% (1990) |
6.26% (2007) |
0.42 |
المصدر: من إعداد الباحث بالاعتماد على بيانات جدول رقم (1 - م) بالملحق الإحصائي.
- تعبر الأرقام التي بين القوسين عن السنوات التي تحققت فيها المعدلات.
- مرونة التشغيل = معدل نمو التشغيل ÷ معدل النمو الاقتصادي.
لعل أهم ما يلاحظ من جدول رقم (1) وشكل رقم (1) ما يلي:
1 - ضعف معدل النمو الاقتصادي
يتسم معدل النمو الاقتصادي في مصر بالضعف خلال الفترة 1990-2019؛ فقد كان يدور حول متوسط عام 4.4%، هذا المعدل يقل عن المعدل الحرج الذي اقترحة إبراهيم العيسوي، 2007(25) وهو 6% سنويًا، ولمدة تتراوح ما بين 25 إلى 30 سنة، ذلك إذا أرادت الدولة الانتقال من حالة التخلف إلى حالة التقدم بمعيار النمو الاقتصادي، وقد جاء هذا الاقتراح بعد تتبع متوسط معدلات النمو في دول جنوب شرق آسيا. كما أن هذا المعدل ينخفض عن المعدل الأمثل للنمو الاقتصادي في بعض الدول العربية – منها مصر - الذي اقترحة كل من عماد الدين المصبح ومحمد المرعي، 2014(26) وهو 5.93%.
ولعل السبب في هذا الضعف يرجع إلى عدة عوامل هيكلية أو منظومية لعل أبرزها: ضعف الادخار المحلي، وتواضع التراكم الرأسمالي، وانخفاض نوعية رأس المال البشري، وسوء توزيع الدخول والثروات، وتدني نصيب القطاعات الرئيسية المنوطة بتحقيق التنمية من جملة الاستثمارات، وتراجع مؤشر التنافسية العالمية لمصر، والعجز في ميزان السلع والخدمات(27).
2 - تقلب معدل النمو الاقتصادي
لعل من أهم سمات معدل النمو الاقتصادي في مصر أنه متقلب خلال الفترة محل الدراسة؛ حيث إنه كان يدور حول متوسط 4.5% خلال تسعينيات القرن العشرين، وبحد أدني 1.1% عام 1991، وحد أقصى 6.1% عام 1999. ثم ارتفع إلى 5% في المتوسط في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، بحد أدنى 2.4% عام 2002، وحد أقصى 7.2% عام 2008. غير أنه عاد للانخفاض مرة أخرى خلال العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين؛ فقد كان يدور حول 3.8% في المتوسط، وبحد أدنى 1.8% عام 2011، وحد أقصى 5.6% عام 2019.
ويمكن القول أن هذا التقلب يعود إلى بعض العوامل الداخلية والخارجية التي واجهت مصر خلال فترة الدراسة، مثل: احتلال العراق للكويت 1990، وحادث الأقصر 1997، والأزمة المالية الآسيوية 1997، وهبوط أسعار البترول 1998، وأحداث 11 سبتمبر 2001، والاحتلال الأمريكي-البريطاني للعراق 2003(28)، يضاف إلى ذلك الأزمة المالية العالمية 2008، وثورة 25 يناير 2011.
3 - عدم استقرار معدل نمو التشغيل
يتصف معدل نمو التشغيل في مصر بعدم الاستقرار؛ ذلك لأنه كان يدور حول متوسط 1.2% في الفترة 1990-1999، بحد أدنى -3.8% عام 1990، وحد أقصى 4.1 عام 1992، ثم قفز إلى 3.2% في الفترة 2000-2009، بحد أدنى 1.5% عام 2003، وحد أقصى 6.3% عام 2007، إلى أنه انخفض إلى 1.3% في المتوسط خلال الفترة 2010-2019، بحد أنى -2% عام 2011، وحد أقصى 3.7% عام 2010.
ولعل هذا التقلب يرجع إلى تلك العوامل الداخلية والخارجية والهيكلية التي ساهمت في تقلب النمو الاقتصادي كما سبق القول.
4 - انخفاض مرونة التشغيل بالنسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي
يلاحظ أن مرونة التشغيل بالنسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي تقل عن الواحد الصحيح خلال فترة الدراسة، الأمر الذي يدل على ضعف قدرة الاقتصاد المصري على توليد الوظائف مع النمو الاقتصادي. وفيما يتعلق بتفسير هذا الضعف أشارت كل من El-Ehwany & El-Megharbel, 2009(29) إلى أن السبب في ارتفاعها خلال الفترة 2000-2009 يرجع – في الغالب – إلى توسع القطاع غير الرسمي، وذلك بعدما تقلصت فرص العمل في القطاع الرسمي، وأيدهن في ذلك Assasd et al., 2019(30) كما سبقت الإشارة.
خلاصة ما سبق، أن قدرة الاقتصاد المصري على خلق الوظائف مع التشغيل ضعيفة، وذلك لضعف وتقلب كل من معدل النمو الاقتصادي ومعدل التشغيل، وضعف مرونة التشغيل بالنسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي.
ثالثًا/ نموذج الدراسة ومنهجية تقديره
تهدف الدراسة الحالية – بشكل أساسي - إلى قياس العلاقة بين النمو الاقتصادي والتشغيل في مصر خلال الفترة 1990-2019. وفيما يلي نبذة مختصرة عن النموذج المستخدم في قياس هذه العلاقة ومنهجية تقديرة.
1- نموذج الدراسة
يأخذ نموذج الدراسة صيغة دالة الطلب على العمل التالية:
(1)
حيث إن:
- : عدد المشتغلين 15 سنة فأكثر.
- : الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة للدولار الأمريكي (2010 = 100). الذي استخدم ليعبر عن النمو الاقتصادي.
- : نسبة إجمالي تكوين رأس المال الثابت بالأسعار الثابتة للدولار الأمريكي (2010 = 100) من الناتج المحلي الإجمالي. التي استخدمت لتعبر عن الاستثمار المحلي.
- : نسبة الإنفاق الاستهلاكي الحكومي بالأسعار الثابتة للدولار الأمريكي (2010 = 100) إلى الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي. التي استخدمت للتعبير عن دور الحكومة في خلق الوظائف.
وقد اختيرت هذه المتغيرات في ضوء الدراسات السابقة – خاصة التي تناولت محددات الطلب على العمل – وفي ضوء البيانات المتاحة، وبعد إجراء عدة محاولات مبدئية للتقدير.
وقد تم الحصول على عدد المشتغلين من إحصاءات منظمة العمل الدولية 2021، كما تم الحصول على البيانات المتعلقة ببقية المتغيرات الأخرى من البنك الدولي، مؤشرات التنمية في العالم 2021، كما هو موضح بجدول رقم (1 - م) بالملحق الإحصائي.
2- منهجية تقدير النموذج
تستخدم الدراسة الحالية نموذج الانحدار الذاتي مع توزيع فترات الإبطاء Autoregressive Distributed Lag (ARDL) Model لتقدير نموذج الدراسة. وهى المنهجية التي طورها Pesaran, et al., 2001(31)، للكشف عما إذا كان هناك علاقة توازنية طويلة الأجل (تكامل مشترك) بين متغيرات الدراسة أم لا. وتتميز هذه المنهجية على منهجية إنجل-جرانجر Engle & Granger ومنهجية جوهانسن Johansen في أنها تعطي نتائج أفضل عند استخدام سلاسل زمنية قصيرة، كما أنها لا تشترط تكامل السلاسل الزمنية عند الدرجة نفسها، وإنما تشترط تكاملها عند الدرجة صفر أو عند الدرجة واحد أو مزيج بينهما، هذا فضلا عن أنها تحدد العلاقة بين المتغير التابع والمتغير المستقل في الأجلين الطويل والقصير.
ويمكن تلخيص خطوات هذه المنهجية كما يلي(32):
أ/ دراسة استقرارية السلاسل الزمنية المستخدمة
اقترحت مجموعة من الاختبارات لقبول أو رفض الفرض العدمي القائل: أن السلسلة الزمنية غير مستقرة Nonstationary Time Series(33)، منها اختبار فيليبس - بيرون Phillips-Perron (PP)، واختبار ديكي - فولار الموسع Augmented Dickey-Fuller (ADF). ويشترط نموذج ARDL أن تكون السلاسل الزمنية المستخدمة مستقرة إما عند المستوى، أو عند الفرق الأول، أو مزيج بينهما كما سبقت الإشارة(34).
ب/ تحديد النموذج الأفضل والتأكد من سلامته من المشاكل القياسية
تبدأ هذه المرحلة باختيار العدد المناسب من الإبطاءات من خلال معيار Akaike Information Criteria (AIC)، ثم تحديد مكونات النموذج، أي تحديد ما إذا كان النموذج بدون ثابت واتجاه، أو بثابت مقيد وبدون اتجاه، أو بثابت فقط، أو باتجاه مقيد وبدون ثابت، أو بثابت واتجاه. ثم بعد ذلك يتم تقدير النموذج، وأخيرًا يتم التأكد من سلامته من المشاكل القياسية، وذلك من خلال بعض الاختبارات التشخيصية التي من أهمها ما يلي(35):
- اختبار Breusch-Godfrey Serial Correlation LM Test الذي يختبر الفرض العدمي القائل: لا يوجد ارتباط ذاتي بين البواقي Serial Correlation.
- اختبار Heteroskedasticity Test: Breusch-Pagan-Godfrey الذي يتعلق باختبار تجانس حد الخطأ بالنموذج.
- اختبار Jarque-Bera الذي يتم من خلاله اختبار الفرض العدمي القائل: أن الأخطاء العشوائية بالنموذج موزعة توزيعًا طبيعيًا.
- اختبار Ramsey RESET Test الذي يمكن من خلاله تحديد ما إذا كان الشكل الدالي المستخدم في النموذج مناسب للبيانات أم لا.
ج/ اختبار التكامل المشترك (اختبار الحدود Bounds Test)
يسهم هذا الاختبار في التعرف على ما إذا كان هناك علاقة طويلة الأجل (تكامل مشترك) بين متغيرات الدراسة أم لا(36). ويجرى على خطوتين كما يلي:
الخطوة الأولى - تقدير معادلة التكامل المشترك التي يمكن صياغتها كما يلي:
(2)
حيث إن p, q, m, n: العدد الأمثل لفترات التباطؤ الزمني، Δ: الفروق الأولى للمتغيرات، : معلمة الحد الثابت، : معلومات (وليست معالم) الأجل الطويل، : معالم الأجل القصير، :حد الخطأ العشوائي، t: الفترة الزمنية.
وتستنتج معالم الأجل الطويل من معلومات الأجل الطويل من خلال المعادلة التالية:
، حيث تعبر عن معلمة الأجل الطويل للمتغير المستقل.
الخطوة الثانية - إجراء اختبار الحدود Bounds Test: وذلك من خلال اختبار الفرضين التاليين:
الفرض العدمي: ، أي لا توجد علاقة تكامل مشترك في الأجل الطويل بين متغيرات الدراسة.
الفرض البديل: ، أي توجد علاقة تكامل مشترك في الأجل الطويل بين متغيرات الدراسة.
ويتخذ القرار كما يلي:
- إذا كانت قيمة إحصائية F المحسوبة أكبر من قيمة الحد الأقصي للقيم الحرجة التي وضعها Pesaran et al., 2001(37) ، يرفض الفرض العدمي ويقبل الفرض البديل الذي يقضي بوجود علاقة تكامل بين متغيرات الدراسة ضمن مستوى المعنوية المختار.
- إذا كانت قيمة إحصائية F المحسوبة أقل من قيمة الحد الأدنى للقيم الحرجة، فلا يمكن رفض الفرض العدمي، ويستنتج من ذلك أنه لا توجد علاقة تكامل مشترك بين متغيرات الدراسة عند مستوى المعنوية المختار.
- إذا كانت قيمة إحصائية F المحسوبة تقع بين قيم الحدين الأقصى والأدنى للقيم الحرجة، فإن النتيجة تكون غير محسومة، ولا يمكن الجزم بأن المتغيرات متكاملة معًا أم لا.
د/ تقدير نموذج تصحيح الخطأ في إطار نموذج (ARDL)
يساعد هذا النموذج في تقدير معلمة تصحيح الخطأ قصيرة الأجل، وكذلك التعرف على الآثار قصيرة الأجل للمتغيرات المستقلة على المتغير التابع(38). ويمكن تقدير هذا النموذج في إطار نموذج ARDL من خلال المعادلة رقم (3) التالية:
(3)
حيث إن Δ: الفرق الأول للمتغيرات، : معالم الأجل القصير، φ: معلمة تصحيح الخطأ قصيرة الأجل للوصول إلى حالة التوازن المستقر، t: الفترة الزمنية.
رابعًا: نتائج تقدير النموذج
يمكن عرض نتائج قياس العلاقة بين النمو الاقتصادي والتشغيل في مصر خلال الفترة (1990-2019) باستخدام نموذج ARDL وتحليلها إحصائيًا واقتصاديًا كما يلي:
1- نتائج دراسة استقرارية السلاسل الزمنية المستخدمة
يتطلب إجراء اختبارات التكامل المشترك باستخدام منهجية (ARDL) – كما سبق القول - أن تكون السلاسل الزمنية المستخدمة مستقرة عند المستوى، أو مستقرة عند الفرق الأول، أو بعضها مستقر عند المستوى والبعض الآخر مستقر عند الفرق الأول. للتأكد من ذلك تم إجراء اختبارات جذور الوحدة باستخدام اختبار فيليبس - بيرون Phillips-Perron (PP)، واختبار ديكي - فولار الموسع Augmented Dickey-Fuller (ADF). واتضح من نتائجهما – كما هو واضح من جدول رقم 2 – أن متغيرات الدراسة جميعها مستقرة عند الفرق الأول، أي متكاملة من الدرجة I(1)؛ ولذلك يمكن تقدير النموذج باستخدام منهجية ARDL.
جدول رقم (2): نتائج اختبارات جذور الوحدة
باستخدام اختباري فيليبس - بيرون (PP) وديكي - فولار الموسع (ADF)
المتغير |
اختبار فيليبس – بيرون (PP) |
اختبار ديكي - فولار الموسع (ADF) |
درجة التكامل |
||||
ثابت |
ثابت واتجاه |
بدون ثابت أو اتجاه |
ثابت |
ثابت واتجاه |
بدون ثابت أو اتجاه |
||
Ln(E) |
-5.3979 *** |
-5.4199 *** |
-2.7649 *** |
-5.5053 *** |
-5.5495 *** |
-2.6283 ** |
I(1) |
Ln(Y) |
-3.0954 ** |
-3.0512 no |
-0.3460 no |
-3.5542 ** |
-3.5264 * |
-0.3460 no |
I(1) |
Ln(I) |
-4.9715 *** |
-4.9511 *** |
-4.9783 *** |
-4.9805 *** |
-4.9621 *** |
-4.9861 *** |
I(1) |
Ln(G) |
-2.9469 * |
-2.8595 no |
-2.9014 *** |
-2.9469 * |
-2.8595 no |
-2.8487 *** |
I(1) |
المصدر: مخرجات برنامج EViews.
* معنوي عند 10%، ** معنوي عند 5%، *** معنوي عند 1%، no: غير معنوي.
2- نتائج تحديد النموذج الأفضل والتأكد من سلامته من المشاكل القياسية
يتطلب إجراء اختبار التكامل المشترك وفق هذه المنهجية – كما سبق القول - تحديد طول فترات الإبطاء الموزعة للنموذج. ولتحديد هذه الفترات تم الاعتماد على معيار Akaike Information Criteria (AIC)، وأظهرت نتائجه أن النموذج الأفضل هو ARDL(2,3,4,3)، أي النموذج الذي يحتوي على إبطائين لنسبة التشغيل، وثلاثة إبطاءات للناتج المحلي الإجمالي، وأربعة إبطاءات للاستثمار المحلي، وثلاثة إبطاءات للإنفاق الاستهلاكي الحكومي النهائي.
بعد تحديد فترات الإبطاء المثلى تم تقدير النموذج، وبعد ذلك تم إجراء بعض الاختبارات التشخيصية للتأكد من سلامته من المشاكل القياسية، واتضح من نتائجها ما يلي:
-لا يوجد ارتباط سلسلي بين البواقي، وذلك وفق اختبار Breusch-Godfrey LM. حيث كانت قيمة F المحسوبة 2.32 باحتمال 0.1605.
-غياب مشكلة عدم ثبات تباين البواقي بالنموذج، وذلك حسب اختبار Breusch-Pagan-Godfrey. فقد كانت قيمة F المحسوبة 0.929 باحتمال 0.5651.
-أخطاء النموذج موزعة توزيعًا طبيعيًا، وذلك بناءً على اختبار Jarque-Bera. حيث إن قيمة F المحسوبة = 0.1655 باحتمال 0.9205.
-الشكل الدالي للنموذج سليم، إذ أظهرت نتائج اختبار Ramsey RESET أن قيمة F المحسوبة = 2.592 باحتمال 0.1419.
بناءً على ذلك، يمكن القول أن النموذج المستخدم خالي من المشاكل القياسية، ومن ثم يمكن إجراء الخطوة التالية من خطوات نموذج ARDL.
3- نتائج اختبار التكامل المشترك : اختبار الحدود Bounds Test
بتقدير معادلة التكامل المشترك في إطار نموذج ARDL(2,3,4,3)، وفي حالة وجود قاطع وبدون اتجاه زمني، أمكن الحصول على النتائج التالية:
(4)
t-test: 37.874 -4.6264 -12.4127
Prob.: (0.0005) (0.0001) (0.0000)
وللتعرف على ما إذا كانت المعادلة رقم (4) تعبر عن علاقة تكامل مشترك بين متغيرات الدراسة أم لا، تم إجراء اختبار الحدود Bounds Test، وتبين من نتائجه – كما هو واضح من بيانات جدول رقم 3 - أن هناك علاقة تكامل مشترك بين متغيرات الدراسة؛ حيث إن قيمة إحصائية F المحسوبة أكبر من قيم الحدود العليا للقيم الحرجة بالنموذج عند مستويات معنوية 1% و 5% و 10%، وعلى ذلك يرفض الفرض العدمي القائل بعدم وجود علاقة تكامل مشترك بين تلك متغيراتـ، ويقبل الفرض البديل الذي يقضي بوجود علاقة تكامل مشترك بينها.
جدول رقم (3): نتائج اختبار الحدود (F)
إحصائية- F |
عدد المتغيرات المستقلة k |
مستوى المعنوية |
الحدود الدنيا I(0) |
الحدود العليا I(1) |
6.648 |
3 |
10% |
2.37 |
3.2 |
5% |
2.79 |
3.67 |
||
1% |
3.65 |
4.66 |
المصدر: مخرجات برنامج EViews.
ويمكن تحديد الآثار طويلة الأجل لمحددات الطلب على العمل في مصر خلال الفترة محل البحث – حسب النتائج المرصودة بمعادلة رقم 4 - كما يلي:
- يترتب على ارتفاع معدل النمو الاقتصادي ارتفاع الطلب على العمل في مصر؛ حيث إنه كلما ارتفع معدل النمو الاقتصادي بنسبة 1%، ارتفع معدل التشغيل بنسبة 0.52%، وعند مستوى معنوية 1%. غير أن هذه النسبة منخفضة عن الواحد الصحيح، مما يدل على ضعف مرونة التشغيل بالنسبة للنمو الاقتصادي في مصر. تتفق هذه النتيجة مع ما توصل إلية كل من مجدي الشوربجي، 2009(39) ومنال عفان، 2018(40) من أن العلاقة بين النمو والتشغيل في مصر إيجابية وضعيفة في الأجل الطويل. كما تتفق مع ما أشارت إليه Eman, 2018(41) من أن مرونة التشغيل خلال الفترة 2000-2016 كانت ضعيفة. في حين أن تلك العلاقة لم تكن معنوية عند عماد الدين المصبح ومحمد المرعي، 2014(42).
- يسهم ارتفاع معدل الاستثمار في خفض الطلب على العمل في مصر بنسبة ضعيفة؛ فعندما يزيد معدل الاستثمار بنسبة 1%، ينخفض معدل التشغيل بنسبة 0.36% وبمستوى معنوية 1%. وتدل هذه النتيجة على أن بعض الاستثمارات في مصر توجه إلى أنشطة اقتصادية كثيفة رأس المال وليست كثيفة العمل. وتتفق هذه النتيجة مع ما انتهى إليه مجدي الشوربجي، 2009(43) من أن هناك علاقة عكسية ومعنوية بين النمو الاقتصادي والاستثمار، ولا تتفق مع ما انتهت إليه منال عفان، 2018(44) من أنها علاقة إيجابية ولكنها ضعيفة، غير أن عماد الدين المصبح ومحمد المرعي، 2014(45) انتهى إلى أنها علاقة غير معنوية.
- يؤدي ارتفاع معدل الإنفاق الاستهلاكي الحكومي إلى خفض الطلب على العمل في مصر بدرجة متوسطة؛ فعندما يرتفع هذا الإنفاق بنسبة 1% ينخفض معدل التشغيل بنسبة 0.65% وعند مستوى معنوية 1%. الأمر الذي يدل على أن جزء كبير من الإنفاق الاستهلاكي الحكومي يوجه إلى أنشطة اقتصادية قدرتها على خلق الوظائف ضعيفة. وتختلف هذه النتيجة مع ما أشارت إليه منال عفان، 2018(46) من أن هناك علاقة إيجابية ضعيفة بين هذين المتغيرين، كما بين عماد الدين المصبح ومحمد المرعي، 2014(47) أن تلك العلاقة غير معنوية.
4- نتائج تقدير نموذج تصحيح الخطأ في إطار نموذج ARDL
بتقدير هذا النموذج أمكن الحصول على النتائج المعروضة بجدول رقم (4) التالي:
جدول رقم (4): نتائج تقدير نموذج تصحيح الخطأ في إطار نموذج ARDL
المتغير |
المعاملات |
الأخطاء المعيارية |
إحصائية– t |
الاحتمال |
D(LnE(-1)) |
0.1912 |
0.1091 |
1.7529 |
0.1102 |
D(LnY) |
0.8602 |
0.1128 |
7.6231 |
0.0000 |
D(LnY(-1)) |
0.1965 |
0.1808 |
1.0865 |
0.3028 |
D(LnY(-2)) |
0.5771 |
0.1505 |
3.8340 |
0.0033 |
D(LNI) |
-0.0878 |
0.0137 |
-6.4287 |
0.0001 |
D(LnI(-1)) |
0.1771 |
0.0380 |
4.6593 |
0.0009 |
D(LnI(-2)) |
0.1490 |
0.0222 |
6.7248 |
0.0001 |
D(LNI(-3)) |
0.0599 |
0.0215 |
2.7899 |
0.0191 |
D(LnG) |
-0.3712 |
0.0690 |
-5.3794 |
0.0003 |
D(LnG(-1)) |
0.3345 |
0.0828 |
4.0410 |
0.0024 |
D(LnG(-2)) |
0.2061 |
0.0844 |
2.4431 |
0.0347 |
CointEq(-1) |
-0.9836 |
0.1442 |
-6.8219 |
0.0000 |
المصدر: مخرجات برنامج EViews.
لعل أهم ما يظهر من بيانات الجدول السابق أن قيمة معامل تصحيح الخطأ سالبة ومعنوية عند 1%، مما يدل على أن هناك علاقة تكامل مشترك بين متغيرات الدراسة، وأنه من الممكن تصحيح أخطاء هذه العلاقة في الأجل القصير، وأن الانحرافات عن التوازن في عامٍ ما يتم تعديلها في العام التالي له بنسبة 98.36%، ومن ثم يمكن القول أنها تتلاشي في العالم التالي للعام الذي تمت فيه.
كما يتضح من بيانات جدول رقم (4) أن الآثار قصيرة الأجل لمحددات الطلب على العمل في مصر خلال فترة الدراسة تتلخص فيما يلي:
- يستجيب سوق العمل المصري استجابة إيجابية ومعنوية في عامٍ ما للزيادة التي تحدث في النمو الاقتصادي في العام نفسة وفي العامين التاليين وبنسب مختلفة، ومن ثم يستمر هذا التأثير الإيجابي والمعنوي في الأجل الطويل كما سبق القول. يتفق هذا مع ما أشار إليه كل من المركز المصري للدراسات الاقتصادية، 2020(48) و Assaad et al., 2019(49) من أن استجابة سوق العمل المصرية للتغيرات في النمو الاقتصادي تأتي متأخرة بعام أو عامين.
- تنعكس الزيادة في معدل الاستثمار بشكل سلبي ومعنوي في عامٍ ما على معدل التشغل في العام نفسه، غير أنها تنعكس إيجابيًا ومعنويًا بعد حدوثها بعام ويمتد التأثير إلى العام الثالث ولكنه باتجاه متناقص. غير أن المحصلة النهائية هى أن التأثير سلبي ومعنوي في الأجل الطويل كما سبقت الإشارة إلى ذلك.
- تؤدي الزيادة في الإنفاق الاستهلاكي الحكومي في عامٍ ما إلى انخفاض التشغيل في العام نفسه، ولكنها تؤدي إلى ارتفاعه بعد حدوثها بعام ويستمر التأثير لعام آخر وباتجاه متناقص. ولكن التأثير النهائي سلبي ومعنوي في الأجل الطويل كما سبق القول.
يستنتج مما سبق، توجد علاقة توزانية طويلة الأجل بين كل من النمو الاقتصادي والاستثمار والإنفاق الاستهلاكي الحكومي بوصفها متغيرات مستقلة ومعدل التشغيل بوصفه متغير تابع، ولكنها علاقة ضعيفة نظرًا لانخفاض مرونات التشغيل بالنسبة للنمو الاقتصادي، كما توجه بعض الاستثمارات وجزء من الإنفاق الاستهلاكي الحكومي إلى أنشطة اقتصادية ليست كثيفة العمالة.
خاتمة
تناولت الدراسة الحالية موضوع العلاقة بين النمو الاقتصادي والتشغيل في مصر: في إطار نموذج ARDL، وذلك خلال الفترة (1990-2019)، وتوصلت إلى بعض النتائج، ومن ثم قدمت بعض التوصيات، وذلك كما يلي:
1- نتائج الدراسة
تتمثل أهم النتائج التي توصلت إليها الدراسة فيما يلي:
- يتسم معدل النمو الاقتصادي في مصر بالضعف والتقلب، الأمر الذي ينعكس على معدل نمو التشغيل بالضعف والتقلب أيضًا.
- توجد علاقة توازنية طويلة الأجل بين النمو الاقتصادي والتشغيل في مصر، ولكنها ليست قوية؛ نظرًا لانخفاض مرونة التشغيل بالنسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي عن الواحد الصحيح.
- توجه بعض الاستثمارات وجزء من الإنفاق الاستهلاكي الحكومي في مصر إلى أنشطة اقتصادية ليست كثيفة العمالة.
2- توصيات الدراسة
على ضوء النتائج السابقة، توصي هذه الدراسة بما يلي:
- استهداف التشغيل أو النمو مع التشغيل بوصفه آلية للحد من البطالة. وذلك من خلال تحسين أداء سوق العمل، وتهيئة الظروف الملائمة لزيادة الطلب على العمل، وتحسين نوعية العمالة لزيادة قابليتها للتشغيل، وخلق فرص العمل.
- توجية الاستثمارات إلى أنشطة اقتصادية كثيفة العمالة. مثل: الزارعة، والتشييد والبناء، والمنسوجات. مع إعطاء أولوية لمحافظات الصعيد التي تعاني من ارتفاع نسبي في معدلات البطالة.
- توجيه الإنفاق الاستهلاكي الحكومي إلى أنشطة اقتصادية كثيفة العمالة. وذلك من خلال توجيه جزء من المشتريات الحكومية إلى منتجات المشروعات الصغيرة، ومشروعات الشباب.
هوامش الدراسة
https://www.arabstates.undp.org/content/rbas/ar/home/sustainable-development-goals.html
- إبراهيم العيسوي، الاقتصاد المصري في ثلاثين عامًا، مرجع سبق ذكره، ص ص 186-188.
- إيناس محمد الجعفراوي، ”المحددات المحفزة للنمو الاقتصادي المصري خلال الفترة (1990-2018): دراسة تحليلية قياسية“، مجلة بحوث اقتصادية عربية، مجلد (27)، عدد (81)، 2020، ص ص 157-158.
http://blog.eviews.com/2017/05/autoregressive-distributed-lag-ardl.html