أثر نظم الانتخاب التفضيلية على تحقيق الاعتدال

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

مدرس العلوم السياسية، كلية الدراسات الاقتصادية والعلوم السياسية- جامعة الإسكندرية.

المستخلص

استهدفت هذه الدراسة تحليل أثر نظم الانتخاب التفضيلية على تحقيق الاعتدال، وتم تطبيق ذلك في عدد من الحالات وقد تم اختيار هذه الحالات لأنها شهدت تطبيقًا لأحد نظم الانتخاب التفضيلية لأكثر من مرة، كما أُجريت فيها الانتخابات البرلمانية على المستوى الوطني. وخلصت الدراسة إلى نجاح النظم الانتخابية التفضيلية في تحقيق الاعتدال في كل من أستراليا وأيرلندا الشمالية وبابوا غينيا الجديدة، وفشلها في تحقيق ذلك الاعتدال في فيجي. حيث أدى تطبيق نظام الصوت البديل في بابوا غينيا الجديدة ونظام الصوت الواحد المتحول في أيرلندا الشمالية وتطبيق كلا النظامين في أستراليا إلى فوز الأحزاب والمرشحين المعتدلين، بينما ترتب على تطبيق نظام الصوت البديل في فيجي فوز الأحزاب المتطرفة. كما توصلت الدراسة إلى وجود محددين رئيسيين لفعالية نظم الانتخاب التفضيلية في تحقيق الاعتدالالأول هو ألا تمثل إحدى الجماعات الموجودة في المجتمع أغلبية في الدوائر الانتخابية فضلاً عن عدم تركزها الجغرافي، أما الآخر فيتمثل في سلمية السياق السياسي المحيط بالعملية الانتخابية.

نقاط رئيسية

تلعب النظم الانتخابية دورًا مهمًا في الواقع السياسي للمجتمعات، إذ تؤثر على العديد من المتغيرات السياسية، وتشير الدراسات المعنية إلى تأثير النظم الانتخابية على معدلات التصويت، إذ يرى الكثير من الباحثين أن نظم التمثيل النسبي تتسم بقدرتها على زيادة مشاركة المواطنين في الانتخابات وذلك بالمقارنة بغيرها من النظم الانتخابية، كما تتباين آثار النظم الانتخابية على التمثيل السياسي للفئات المجتمعية المختلفة. إلى جانب ذلك تؤثر النظم الانتخابية على النظم الحزبية، ويعكس ذلك كله الأهمية الكبيرة للنظم الانتخابية وتأثيراتها على مختلف أبعاد الواقع السياسي[i].



[i]أنظر:

مازن حسن، " الآثار السياسية للنظام الانتخابي المصري بالتطبيق على انتخابات مجلس الشعب2011  2012 / "، مجلة النهضة، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية- جامعة القاهرة، عدد 3، (يوليو 2013)، 1-32.

يوسف سلامة حمودة المسيعدين، "الآثار السياسية للنظام الانتخابي في الأردن"،  المستقبل العربي، عدد 433، (2015)، 80-96.

الكلمات الرئيسية


مقدمة:

تلعب النظم الانتخابية دورًا مهمًا في الواقع السياسي للمجتمعات، إذ تؤثر على العديد من المتغيرات السياسية، وتشير الدراسات المعنية إلى تأثير النظم الانتخابية على معدلات التصويت، إذ يرى الكثير من الباحثين أن نظم التمثيل النسبي تتسم بقدرتها على زيادة مشاركة المواطنين في الانتخابات وذلك بالمقارنة بغيرها من النظم الانتخابية، كما تتباين آثار النظم الانتخابية على التمثيل السياسي للفئات المجتمعية المختلفة. إلى جانب ذلك تؤثر النظم الانتخابية على النظم الحزبية، ويعكس ذلك كله الأهمية الكبيرة للنظم الانتخابية وتأثيراتها على مختلف أبعاد الواقع السياسي[i].

ويمكن التمييز بين نمطين أساسيين من أنماط النظم الانتخابية الأول هو نظم الأغلبية أو الأكثرية plurality/majority systemsوالآخر هو نظم التمثيل النسبي، فيما يتعلق بالنمط الأول يمكن التفرقة بين نظم الأكثرية التي يفوز فيها المرشح الحاصل على أكبر عدد من الأصوات وذلك مثل نظام الفائز الأول FPTP ونظم الأغلبية التي يُعلن فيها فوز المرشح الذي ينجح في الحصول على أغلبية الأصوات (أكبر من 50% من الأصوات)[ii] مثل نظام الجولتين ونظام الصوت البديل. أما بالنسبة لنظم التمثيل النسبي فتقوم على تحقيق التناسب بين عدد المقاعد التي يفوز بها الحزب أو القائمة الحزبية وبين عدد الأصوات التي يحصل عليها[iii] ومن أهم هذه النظم نظام القائمة النسبية ونظام الصوت الواحد المتحول.

وبجانب التمييز السابق، يمكن تصنيف النظم الانتخابية استنادًا لمعايير أخرى مثل معيار مدى تبنيها لمبدأ التفضيل أو ترتيب الناخب للمرشحين المتنافسين في العملية الانتخابية، ووفقًا لهذا المعيار يفرق الباحثون المعنيون بالدراسات الانتخابية بين النظم التفضيلية والنظم غير التفضيلية. ويمكن القول أن هناك ثلاثة أشكال رئيسية من نظم الانتخاب التفضيلية هي الصوت البديل والصوت التكميلي والصوت الواحد المتحول.

وقد جادل العديد من الباحثين بقدرة النظم التفضيلية على تحقيق اعتدال المرشحين والأحزاب السياسية في المجتمعات التي يتم تطبيقها فيها، ويقصد بالاعتدال الانتقال إلى المركز أو الوسط center فيما يتعلق بالسياسات المختلفة، ويمكن القول بتحقق الاعتدال مثلاً إذا تغيرت توجهات ومواقف حزب يميني لتتجه لليسار، أو تبدلت مواقف وسياسات حزب يساري لتتجه لليمين، وبحيث يترتب على ذلك أن المسافة بين هذه الأحزاب والأحزاب الوسطية تكون أصغر[iv].

ويمكن وضع عدد من المؤشرات للقول بوجود بالاعتدال سواء بالنسبة للأحزاب أو المرشحين وهي استعداد الأحزاب والمرشحين للانخراط في تعاون عابر للجماعات cross-community cooperation، وأيضًا للتعاون مع أحزاب أو مرشحين يمثلون جماعات أو أفكار مختلفة عما يمثله هؤلاء المرشحون وهذه الأحزاب من أفكار ومبادئ، بالإضافة إلى ميل الأحزاب والمرشحين لتجنب استخدام العنف كوسيلة لتحقيق الأهداف السياسية، كما تتسم الأحزاب المعتدلة والمرشحون المعتدلون بقدرتهم على تطوير شراكات مع أحزاب أخرى أو مرشحين آخرين قبل الانتخابات[v]، بالإضافة إلى تبني الأحزاب المعتدلة والمرشحين المعتدلين لمواقف أكثر شمولاً inclusive للقوى الاجتماعية المختلفة الموجودة في المجتمع، وعدم تبنيهم للمواقف الإقصائية exclusionary positions[vi].

ومن وجهة نظر العديد من الباحثين يؤدي تطبيق النظم التفضيلية إلى جعل المرشحين المتنافسين يأخذون في اعتبارهم أصوات الناخبين المختلفين معهم سواء في الأصل العرقي أو الجانب الأيديولوجي والفكري، وهو ما يؤدي بدوره لتحقيق الاعتدال. وفي ضوء ذلك، اتجه عدد من دول العالم إلى تبني هذا النمط من النظم الانتخابية، سعيًا منها إلى تحقيق الاعتدال في مواقف المرشحين المتنافسين والأحزاب السياسية. وتشير ملاحظة واقع الحالات التي تم فيها تطبيق مثل هذه النظم الانتخابية إلى تفاوت هذه الحالات في النجاح في تحقيق الاعتدال، وهو ما ينبه إلى أن نجاحها مرتبط بوجود محددات أو عوامل تساعد على نجاحها.

هدف الدراسة:

تسعى الدراسة للإجابة على تساؤلين رئيسيين هما: إلى أي مدى تنجح النظم الانتخابية التفضيلية في تحقيق الاعتدال؟ وما محددات هذا النجاح؟ أي ما العوامل التي تؤدي إلى تحقيقه؟ وبناء على ما سبق يتمثل هدف الدراسة في تحليل أثر نظم الانتخاب التفضيلية على تحقيق الاعتدال، وذلك من خلال تقويم مدى فعالية هذه النظم في الوصول لمواقف معتدلة بين المرشحين والقوى السياسية، ومحددات فعاليتها في تحقيق الاعتدال.

منهج الدراسة:

يعتمد الباحث في الإطار النظري من الدراسة على أداة المقارنة وذلك للمقارنة بين الأنماط المختلفة من النظم الانتخابية التفضيلية، أما في الإطار التطبيقي فيعتمد الباحث على منهج دراسة الحالة من خلال دراسة عدد من الحالات شهدت تطبيقًا لنظم الانتخاب التفضيلية وذلك لتقويم مدى فعاليتها في تحقيق الاعتدال فيها.

وتنبع الأهمية الأكاديمية لهذه الدراسة من تناولها لموضوع تندر فيه الكتابات العربية، كذلك فإن كثير من الدراسات الأجنبية يقتصر تحليله على تناول مدى فعالية نظم الانتخاب التفضيلية في تحقيق الاعتدال دون تجاوز ذلك لتحليل محددات هذه الفعالية. أما الأهمية العملية لهذه الدراسة فتتمثل في محاولتها تقديم توصيات لصانع القرار في المجتمعات العربية فيما يتعلق بتصميم النظام الانتخابي من خلال تقويم مدى فعالية النظم الانتخابية التفضيلية في تحقيق الاعتدال. وتنقسم الدراسة إلى أربعة أقسام رئيسية يتناول أولها التعريف بنظم الانتخاب التفضيلية، بينما يتناول الثاني أثر نظم الانتخاب التفضيلية على تحقيق الاعتدال من الناحية النظرية، ويحلل القسم الثالث هذا الأثر بالتطبيق على حالات الدراسة، في حين يتناول القسم الرابع محددات فعالية نظم الانتخاب التفضيلية في تحقيق الاعتدال.

أولاً: التعريف بنظم الانتخاب التفضيلية:

تتعدد نظم الانتخاب التفضيلية ويمكن القول أن هناك ثلاثة أنماط رئيسية من هذه النظم الأول هو نظام الصوت البديل، والثاني هو نظام الصوت التكميلي والأخير هو نظام الصوت الواحد المتحول ويعرض الباحث هنا لهذه النظم.

1- نظام الصوت البديل: 

يعد نظام الصوت البديل من ضمن نظم الأغلبية، ويُستخدم في دوائر انتخابية أحادية التمثيل أي التي يتم فيها انتخاب مرشح واحد عن كل دائرة، ويقوم هذا النظام على ترتيب الناخب للمرشحين، وذلك من خلال قيام الناخب بترتيب المرشحين بإعطاء المرشح المفضل لديه الرقم "1" ثم المرشح الذي يليه الرقم "2" والذي يليه الرقم "3" وهكذا، ومن الملاحظ هنا أن الناخب يختار أكثر من مرشح بدلاً من اختيار مرشح وحيد. ويتم إعلان فوز أحد المرشحين إذا نجح في الحصول على الأغلبية المطلقة للأصوات (50%+1 من الأصوات). وإن لم ينجح أي من المرشحين في الوصول لهذه الأغلبية يتم استبعاد المرشح الحاصل على أقل عدد من الأفضليات الأولى ويتم احتساب تلك الأصوات وفقًا للأفضلية رقم 2 في كل منها، وتوزيعها لكل مرشح ويتم تكرار ذلك حتى حصول أحد المرشحين على الأغلبية المطلقة للأصوات وبالتالي يفوز بالمقعد[vii].

2- نظام الصوت التكميلي:

يُستخدم هذا النظام أيضًا في دوائر انتخابية أحادية التمثيل وفي إطاره يتم ترتيب المرشحين في ورقة الاقتراع كما هي الحال في نظام الصوت البديل. ويُعلن فوز المرشح الذي ينجح في الحصول على الأغلبية المطلقة من الأصوات. ولكن تختلف عملية عد الأصوات في ظل هذا النظام عنها في ظل نظام الصوت البديل. ففي حالة عدم حصول أي من المرشحين على الأغلبية المطلقة يتم استبعاد جميع المرشحين باستثناء المرشحين الحاصلين على أكثر عدد من الأصوات، ويتم توزيع أصوات المرشحين المستبعدين وفقًا للأفضلية الثانية في كل منها على المرشحين الأكثر حصولاً على الأصوات وفقًا لتفضيلات الناخبين[viii].

3- نظام الصوت الواحد المتحول:

يتسم هذا النظام بتطبيقه في دوائر انتخابية متعددة التمثيل "أي التي تنتخب عدد من المرشحين وليس مرشح وحيد فقط كما هي الحال بالنسبة للنظامين السابقين" ويعد هذا النظام من ضمن نظم التمثيل النسبي، وكما هي الحال بالنسبة للنظامين السابقين فإنه يقوم على ترتيب المرشحين. ويتم تحديد نتائج الانتخابات من خلال عمليات عد للأصوات على مراحل مختلفة.

ففي المرحلة الأولى يتم إعلان فوز المرشحين الذين ينجحون في الحصول على عدد من الأفضليات الأولى يساوي أو يزيد عن عدد يتم تحديده من خلال حصة تعرف بحصة دروب وتساوي عدد الأصوات مقسومًا على "عدد المقاعد+1"مع إضافة واحد صحيح لناتج هذه القسمة. أما المرحلة الثانية فيتم فيها توزيع الفائض المتبقي من أصوات المرشحين الفائزين "والذي يزيد عن الحصة المطلوبة" وذلك بالاعتماد على عد الأفضليات رقم "2" في أوراق الاقتراع، فإذا لم يستطع أي مرشح الوصول للحصة المطلوبة يتم استبعاد المرشح الحاصل على أقل عدد من الأفضليات الأولى مع توزيع أصواته على باقي المرشحين وفقًا للأفضلية رقم 2 في كل منها، وتستمر هذه العملية إلى أن يتم انتخاب العدد المطلوب في الدائرة[ix].

ومن الملاحظ هنا أنه يمكن التمييز بين هذه النظم التفضيلية وذلك استنادًا إلى معايير مختلفة الأول هو مدى إلزامية ترتيب المرشحين ففي بعض الحالات يكون هذا الترتيب إلزاميًا وفي حالات أخرى يكون اختياريًا[x]، كذلك يمكن التمييز بينها بالاعتماد على عدد المرشحين الذين يتم انتخابهم في الدائرة ففي بعض الحالات تكون الدائرة أحادية التمثيل أي يختار الناخب مرشحًا واحدًا فقط، وفي حالات أخرى تكون الدائرة متعددة التمثيل أي يقوم الناخب باختيار عدد من المرشحين[xi]. ويوضح الجدول التالي مقارنة بين نظم الانتخاب التفضيلية.

جدول رقم 1: مقارنة بين نظم الانتخاب التفضيلية

 

 

نمط النظم الانتخابية التي ينتمي لها هذا النظام

 

نوع الدوائر الانتخابية المستخدم فيها

 

نظام الصوت البديل

 

نظم الأغلبية

 

دوائر انتخابية أحادية التمثيل

 

نظام الصوت التكميلي

 

نظم الأغلبية

 

دوائر انتخابية أحادية التمثيل

 

نظام الصوت الواحد المتحول

 

نظم التمثيل النسبي

 

دوائر انتخابية متعددة التمثيل

المصدر: من إعداد الباحث.

ثانيًا: أثر نظم الانتخاب التفضيلية على تحقيق الاعتدال: "تحليل نظري":

    يجادل الكثير من الباحثين بالمزايا الإيجابية التي تحققها نظم الانتخاب التفضيلية فهي تعمل على تحقيق فوز الأغلبية، وتجميع المصالح المشتركة، والقضاء على تفتيت الأصوات، بالإضافة إلى المعلومات التي توفرها عن اختيارات الناخبين، فضلاً عن دعم السياسات الوسطية[xii]. وينعكس كل ذلك بالإيجاب على إمكانية تحقيق الاعتدال.

بالنسبة للآلية الأولى تتطلب النظم الانتخابية التفضيلية حصول المرشح الفائز على أغلبية مطلقة من الأصوات وذلك للحصول على المقعد سواء أكان ذلك من خلال حصوله على أغلبية التفضيلات الأولى أو من خلال عملية نقل التفضيلات الثانية والثالثة الخاصة بالمرشحين الخاسرين، ويجعل ذلك المرشح الفائز بالمقعد ممثلاً لأغلبية الناخبين على عكس الحال بالنسبة لنظم الأكثرية التي من الممكن أن يكون الفائز بالمقعد فيها معبرًا عن أقلية مثل نظام الفائز الأول، وهو ما يوفر ميزة مهمة لتلك النوعية من النظم الانتخابية على نظم الأكثرية[xiii]. وطالما كان فوز المرشح يتطلب تمثيله لأغلبية الناخبين فإن ذلك يعني ضرورة تبنيه لخطاب معتدل يعبر عن أغلبية الناخبين لا عن أقلية معينة.

تعمل نظم الانتخاب التفضيلية كذلك على تجميع المصالح الانتخابية المتمايزة من خلال جمع أصوات المرشحين المختلفين، إذ أن قيام الناخب بترتيب المرشحين يجعلهم يأخذون في اعتبارهم مصالح الناخبين المختلفين وهو ما يعني تجميع مصالح انتخابية متباينة، ويؤدي ذلك إلى تسهيل تكوين التحالفات[xiv]. وهو ما يساهم بدوره في تحقيق الاعتدال في مواقف المرشحين والأحزاب السياسية.

كما تؤدي النظم الانتخابية التفضيلية إلى القضاء على أو تقليل تفتيت الأصوات، ففي ظل نظم الأغلبية التقليدية من الممكن أن تتفتت الأصوات بوجود مرشح يتبنى مواقف أو توجهات متشابهة مع مرشح آخر فيؤدي ذلك إلى تفتيت الأصوات بالنسبة لاتجاه سياسي معين، ويضرب بنجامين ريللي مثلاً بانتخابات الرئاسة الأمريكية في عام 2000 لتوضيح تلك الفكرة إذ أدى وجود المرشح رالف نادر إلى انقسام أصوات مؤيدي الحزب الديمقراطي بينه وبين المرشح الديمقراطي ال جور وفوز المرشح الجمهوري جورج بوش "حصل رالف نادر على حوالي 2% من الأصوات". وغني عن البيان أن هذه المسألة لا تعاني منها نظم الانتخاب التفضيلية حيث يمكن للناخب أن يعطي التفضيل الأول للمرشح الذي يؤيده ثم التفضيل الثاني للمرشح الأكثر قربًا له وهكذا وهو ما لا يؤدي إلى تفتيت الأصوات[xv].

وتعمل نظم الانتخاب التفضيلية على توفير معلومات عن آراء الناخبين، فالناخب في ظل هذه النظم مطالب ليس فقط باختيار مرشح وحيد وإنما كذلك بترتيب المرشحين الآخرين وهو ما يتطلب من المرشحين والأحزاب الكبيرة الراغبة في الفوز أن تأخذ في اعتبارها المرشحين والأحزاب ذات الشعبية الأقل[xvi]، ويعمل ذلك في النهاية على توفير حوافز للمساومات والتنازلات المتبادلة، الأمر الذي يؤدي إلى تحقيق اعتدال المرشحين والأحزاب السياسية.

ونتيجة للعوامل السابق ذكرها، تشجع نظم الانتخاب التفضيلية المرشحين على محاولة اجتذاب أصوات بعض الناخبين كاختيار ثاني بالنسبة لهم، كما توفر حوافز للأحزاب والمرشحين لتجميع الأصوات، ولكي يجتذبوا تأييد الناخبين كاختيار ثاني بالنسبة لهم يحتاج المرشحون لإظهار قدرتهم على تمثيل جماعات وأفكار مختلفة غير التي ينتمون لها، الأمر الذي يدفعهم لتبني السياسات الوسطية والمواقف المعتدلة[xvii].

ثالثًا: أثر نظم الانتخاب التفضيلية على تحقيق الاعتدال: "دراسة تطبيقية":

لا تتمتع نظم الانتخاب التفضيلية بانتشار واسع في دول العالم، ورغم ذلك فقد اتجه بعض الدول للأخذ بها مثل أستراليا وأيرلندا وأستونيا وفيجي وبابوا غينيا الجديدة وسريلانكا، ومالطا وأيرلندا الشمالية[xviii]، وتتناول الدراسة عدد من الحالات لتحليل أثر نظم الانتخاب التفضيلية على تحقيق الاعتدال وهي أستراليا وأيرلندا الشمالية وبابوا غينيا الجديدة وفيجي، وقد تم اختيار هذه الحالات لأنها شهدت تطبيقًا لنظم الانتخاب التفضيلية لأكثر من مرة، كذلك فقد تم فيها إجراء الانتخابات البرلمانية على المستوى القومي وليس المحلي، وأُجريت فيها الانتخابات البرلمانية وليس انتخابات الرئاسة وفق نظم الانتخاب التفضيلية. وتعد أستراليا من أقدم تجارب تطبيق نظم الانتخاب التفضيلية وأكثرها استمرارية، كذلك فإن بابوا غينيا الجديدة وفيجي وأيرلندا الشمالية اتسمت بوجود صراع استدعى تطبيق أحد نظم الانتخاب التفضيلية. ولقد تباينت هذه الحالات في النظام الانتخابي التفضيلي الذي تبنته، فقد اتجهت أيرلندا الشمالية للأخذ بنظام الصوت الواحد المتحول، وتبنت كل من بابوا غينيا الجديدة وفيجي نظام الصوت البديل، أما في أستراليا فتتم فيها انتخابات مجلس النواب وفق نظام الصوت البديل، بينما تُجرى انتخابات مجلس الشيوخ وفق نظام الصوت الواحد المتحول. وتتناول الدراسة في السطور القادمة تقويمًا لمدى فعالية نظم الانتخاب التفضيلية في تحقيق الاعتدال وذلك في كل من أستراليا وأيرلندا الشمالية وبابوا غينيا الجديدة وفيجي وذلك على أساس أن هذه الحالات شهدت تطبيقًا لأحد النظم الانتخابية التفضيلية لفترة زمنية ممتدة (على الأقل لأكثر من انتخابات واحدة). ولتحليل أثر نظم الانتخابات التفضيلية على تحقيق الاعتدال في هذه الحالات، يتم تناول هل أدى تطبيق هذه النظم إلى فوز الأحزاب والمرشحين المعتدلين أم لا.

1- حالة أستراليا:

    تمثل أستراليا واحدة من أكثر دول العالم تعدديةً، إذ يمثل ما يقرب من 40% من عدد السكان هناك إما أشخاص ولدوا خارج الأراضي الاسترالية، أو أفراد منحدرين سلاليًا من مهاجرين، وقد جاء معظم هؤلاء المهاجرين من مجتمعات غير ناطقة بالإنجليزية إذ تضم مهاجرين من آسيا وشرق أوروبا والشرق الأوسط[xix].

وتعد أستراليا أول دولة في العالم تتبنى نظم الانتخاب التفضيلية، حيث طبقت ولاية كوينزلاند نظام الصوت البديل في عام 1892، بينما تبنت ولاية تاسمانيا نظام الصوت الواحد المتحول في عام 1896، واُستخدم نظام الصوت البديل على المستوى القومي لأول مرة في انتخابات مجلس النواب في عام 1919، بينما اُستخدم نظام الصوت الواحد المتحول لانتخابات مجلس الشيوخ لأول مرة في عام 1949 [xx]. وقد استمرت أستراليا في تطبيق نظم الانتخاب التفضيلية حتى اليوم لتصبح التجربة الأكثر استمرارية في مجال تبني هذا النمط من النظم الانتخابية. وقد كان من ضمن أهم آثار تطبيق تلك النظم في أستراليا وجود الاعتدال، حيث يتطلب نجاح المرشحين في ظل هذه النظم تبنيهم لخطاب معتدل وقد انعكس ذلك في سيطرة حزبين رئيسيين على الحياة السياسية في أستراليا، وعدم وجود فرصة لظهور أحزاب متطرفة إذ يمنع صعودها تلك النظم القائمة على معاقبة التوجهات المتطرفة[xxi].

وقد ساعد هذا النظام الانتخابي في توفير حوافز لمكافأة الأحزاب التي تتبنى مواقف وسياسات تتقارب مع مواقف الناخب المعتدل median voterإذ تستفيد هذه الأحزاب من تدفق تفضيلات الناخبين من الأحزاب الصغيرة سواء انتمت لليمين أو اليسار، ولتحقيق ذلك تسعى الأحزاب الرئيسية لتكون شاملة encompassing في مواقفها وسياساتها سعيًا منها للاستفادة من تدفق تفضيلات الناخبين والتي توفرها نظم الانتخاب التفضيلية.ورغم أن ناخبي الأحزاب الصغيرة سيقومون بالتصويت لصالحها، إلا أن النظام الانتخابي سيوفر لهم الفرصة في التأثير على تحديد أي من الأحزاب الكبيرة سيتم انتخابها، وقد حدث ذلك بالنسبة لحزب العمل الديمقراطي في الستينيات، وحزب الديمقراطيين في الثمانينيات والتسعينيات، وحزب الخضر في السنوات الأخيرة، ومن الملاحظ أن هذه الأحزاب لم تؤثر فقط على نتائج الانتخابات، وإنما على سياسات الحكومة، إذ أن الأحزاب الكبيرة تقوم بتحويل مواقفها وذلك لتكون وسطية[xxii] وبحيث يمكنها اجتذاب التفضيلات الثانية لناخبي الأحزاب الصغيرة. ويدفع ذلك في اتجاه تحقيق الاعتدال.

وقد لعب النظام الانتخابي دورًا مهمًا عندما بدأت تزداد التوترات بين بعض العناصر في المجتمع وبعض الأقليات خاصةً السكان الأصليين والأفراد من أصل آسيوي وذلك في منتصف تسعينيات القرن الماضي وهو ما مثل تهديدًا للديمقراطية في أستراليا، وقد كان السبب الرئيسي لظهور تلك التوترات هو صعود الحزب اليميني المتطرف "أمة واحدة"  One Nation القائم على أسس تمييزية ضد بعض الأقليات[xxiii].

ففي حملتها الانتخابية تبنت رئيسة الحزب خطابًا يمينيًا متطرفًا دعا إلى وقف الهجرة إلى أستراليا ووقف المساعدات الخارجية وإنهاء عضوية بلادها في الأمم المتحدة، إلى جانب وقف الدعم المقدم للسكان الأصليين وغيرهم من الفئات المهمشة[xxiv]. ولا شك أن مثل هذا الخطاب كان مثيرًا للتوترات داخل المجتمع الأسترالي. ولمواجهة هذا الحزب تبنت الأحزاب الأسترالية الرئيسية استراتيجيات انتخابية استفادت في الأساس من خصائص نظم الانتخاب التفضيلية.

إذ تشير ملاحظة عمليات التصويت في الانتخابات البرلمانية في أستراليا إلى حصول هذا الحزب على تأييد من 10إلى 15% من أصوات الناخبين، إلا أنه لم ينجح في الحصول على عدد من المقاعد يتناسب مع تلك النسبة وذلك نتيجة عدم قدرته على اجتذاب تأييد الناخبين من الفئات الاجتماعية الأخرى غير المؤيدة له وبالتالي عدم نجاحه في أن يحقق نسبة معتبرة من التفضيلات غير التفضيل الأول بسبب مواقفه المتطرفة، ويظهر ذلك جليًا في نتائج انتخابات عام 2017 البرلمانية إذ نجح هذا الحزب في الوصول لعدد معتبر من التفضيلات الأولى دون أن ينجح في أن يجتذب أصوات كثيرة من الأحزاب الأخرى[xxv].

وقد انعكس ذلك على عدد المقاعد التي حصل عليها الحزب في مجلسي البرلمان، فمنذ نشأة هذا الحزب في عام 1998 لم ينجح إلا في الحصول على مقعد واحد في انتخابات عام 1998 و2019 و4 مقاعد في انتخابات عام 2016، ولم يحصل على أية مقاعد في انتخابات أعوام 2001، و2004، و2007، و2010، و2013 وذلك بالنسبة لمجلس الشيوخ. أما بالنسبة لمجلس النواب فلم يحصل على أية مقاعد منذ تأسيسه.

ولتوضيح الدور الذي لعبته نظم الانتخاب التفضيلية في التأثير على هذا الحزب نشير إلى نتائج الدائرة الانتخابية المتعلقة بزعيمة حزب "أمة واحدة" الأسترالي باولين هانسون، ففي انتخابات عام 1998 دعا الحزبان الرئيسيان أعضاءهما لوضع هانسون في المرتبة الأخيرة من اختياراتهم وذلك على عكس ما كان معمولاً به في السابق، إذ كان كل ناخب مؤيد لأحد الحزبين الرئيسيين يختار الحزب الآخر كاختيار أخير. وعلى الرغم من حصول هانسون على أكبر عدد من التفضيلات الأولى إلا أنها لم تفوز بالمقعد المخصص للدائرة ونجح مرشح الحزب الليبرالي في الفوز بالمقعد إذ حصل على 53.4% من الأصوات بعد حساب جميع التفضيلات، وقد تكررت تلك الظاهرة في عدد من الدوائر الأخرى[xxvi]. وأثر ذلك بالإيجاب على مناخ الاعتدال إذ تم انتخاب أحد الحزبين الكبيرين اللذين تتسم مواقفهما بالاعتدال والوسطية، وهو ما لم يكن ليحدث لولا وجود نظم الانتخاب التفضيلية.

ومجمل القول هنا أن نظم الانتخاب التفضيلية أثرت إيجابيًا على تحقيق الاعتدال في أستراليا من خلال استفادة الناخبين من هذه النظم وما توفره من القدرة على ترتيب المرشحين الأمر الذي أدى إلى وضع هؤلاء الناخبين للمرشحين والأحزاب ذات الخطاب المتطرف في المرتبة الأخيرة من تفضيلاتهم وهو ما أدى إلى تراجع قدرتهم على الفوز بمقاعد البرلمان، أي أن تطبيق نظم الانتخاب التفضيلية ساهم في فوز الأحزاب والمرشحين ذوي المواقف المعتدلة، وهزيمة الأحزاب المتطرفة، وهو ما انعكس إيجابيًا على مناخ الاعتدال.

2- حالة أيرلندا الشمالية:

تعد أيرلندا الشمالية جزءًا من المملكة المتحدة، وتنقسم أيرلندا الشمالية بين الكاثوليك والبروتستانت وتشير الإحصاءات السكانية الخاصة بعام 1991 إلى أن نسبة الكاثوليك هناك بلغت ما يقرب من 42% من عدد السكان، في حين وصلت نسبة البروتستانت إلى نحو 58%[xxvii].

ويتقاطع الانقسام الديني في أيرلندا الشمالية بين الأغلبية البروتستانتية والأقلية الكاثوليكية مع انقسام سلالي يتعلق بالهوية الوطنية حيث تعتبر الأقلية الكاثوليكية نفسها جزءًا من الأمة الأيرلندية، في حين ترتبط الأغلبية البروتستانتية بأيرلندا الشمالية كجزء من بريطانيا العظمى [xxviii]،  ويُطلق عليهم الاتحاديون لرغبتهم في الاتحاد مع بريطانيا، في حين يُطلق على الكاثوليك القوميين لرغبتهم في إنشاء دولتهم المستقلة المعبرة عن هويتهم المتمايزة عن الهوية البريطانية[xxix]. وقد شهدت أيرلندا الشمالية جولات مختلفة من الصراع ترتب عليها مئات القتلى من مختلف الأطراف، كما قُدمت العديد من المبادرات لإنهاء الصراع على امتداد تاريخه[xxx] وقد كان آخر هذه المبادرات اتفاقية الجمعة العظيمة الموقعة في عام 1998، ومن بين بنود هذه الاتفاقية إجراء الانتخابات البرلمانية وفق نظام الصوت الواحد المتحول. وفي السطور القادمة يعرض الباحث لتأثير نظام الصوت الواحد المتحول على تحقيق الاعتدال.

تجدر الإشارة بدايةً إلى أن أيرلندا الشمالية شهدت ثلاث مراحل أساسية لتطبيق نظام الصوت الواحد المتحول كانت أولى هذه المراحل في عام 1921 ولكن تم إلغاؤه في عام 1929، وتمت العودة لهذا النظام في عام 1973 لتجرى الانتخابات البرلمانية وفقًا له في عام 1973 وعام 1975 وعام 1982، ولكن هذا النظام لم يحقق النتائج المرجوة منه، وفي أعقاب توقيع اتفاقية الجمعة العظيمة عاد هذا النظام لتُجرى الانتخابات البرلمانية وفقًا له[xxxi].

لقد أدى تطبيق نظام الصوت الواحد المتحول إلى التأثير الإيجابي على عملية السلام وعلى تحقيق الاعتدال وذلك من خلال عدة آليات، أولها أنه وفر حوافز للأحزاب الرئيسية لمحاولة جذب أصوات الناخبين المعتدلين وقد تجلى ذلك بشكل واضح بالنسبة لحزب الشين فين القومي الذي تخلى عن العنف وتبنى مواقف أقل تطرفًا أملاً في الوصول إلى تفضيل ثاني بالنسبة للناخبين. وحدث هذا بالفعل حيث زاد تدفق التفضيلات الدنيا لحزب الشين فين من الأحزاب الوسطية القومية مثل الحزب الاشتراكي العمالي. وينطبق ذلك أيضًا على الجانب الوحدوي حيث شجع الصوت الواحد المتحول الناخبين المصوتين للأحزاب الوحدوية المناهضة لاتفاقية الجمعة العظيمة على إعطاء أصواتهم الدنيا للأحزاب الوحدوية الأخرى والتي كان الكثير منها مؤيد للاتفاقية[xxxii].

وينطبق ذلك التحول في المواقف على الحزب الديمقراطي الوحدوي حيث كان معروفًا عنه مواقفه المتطرفة الداعية للوحدة مع بريطانيا كما عُرف قائد الحزب بمواقفه الرافضة للسلام وكان يطلق عليه Dr. No كما عبر عن رفضه لتشارك السلطة مع حزب الشين فين موضحًا أن ذلك سيحدث فقط على جثته، ولكن في النهاية دخل في حكومة ائتلاف مع حزب الشين فين في عام 2007، وقد أدت هذه المواقف إلى حصوله على عدد كبير من أصوات الناخبين[xxxiii].

كما عمل نظام الصوت الواحد المتحول على توفير مقاعد إضافية للأحزاب الوسطية الرئيسية التي حققت تمثيلاً نسبيًا لها في البرلمان، وساعد تحول أصوات الأحزاب المؤيدة لاتفاقية السلام مثل حزب أولستر الوحدوي والحزب الاشتراكي العمالي على اكتساب مقاعد إضافية خاصةً بالنسبة لحزب أولستر الوحدوي الذي حصل على 26% من مقاعد البرلمان، و21% من التفضيلات الأولى، أي أن التفضيلات الثانية والثالثة أفادت هذه الأحزاب في الحصول على مقاعد إضافية[xxxiv].

ويوضح الجدول التالي عدد المقاعد التي حصلت عليها الأحزاب السياسية في أيرلندا الشمالية في أعوام 1998 و2003 و2007، ومن الملاحظ بصدد هذه المقاعد أن عددها قد زاد بالنسبة لحزبي الشين فين والحزب الديمقراطي الوحدوي(رغم أنهما كانا يعدان من الأحزاب المتطرفة) في انتخابات عامي 2003 و 2007 بالمقارنة بعدد المقاعد التي حصل عليها هذان الحزبان في انتخابات عام 1998، في حين انخفض هذا العدد بالنسبة لحزب أولستر الوحدوي والحزب الاشتراكي العمالي (رغم أنهما كانا يعدان من الأحزاب المعتدلة) ولا يعكس ذلك تطرفًا في مواقف الناخبين وتوجهاتهم بقدر ما يعكس تحولاً في مواقف الأحزاب التي كانت تعد من المتطرفة نحو سياسات الوسط والاعتدال والتخلي عن الخطاب المتطرف.

جدول رقم 2: عدد المقاعد التي حصلت عليها الأحزاب السياسية في أيرلندا الشمالية في انتخابات أعوام 1998، 2003، 2007

الحزب

1998

2003

2007

حزب أولستر الوحدوي

28

27

18

الحزب الاشتراكي العمالي

24

18

16

الحزب الديمقراطي الوحدوي

20

30

36

حزب الشين فين

18

24

28

حزب التحالف

6

6

7

الحزب الوحدوي التقدمي

2

1

1

تحالف المرأة

2

0

0

الحزب الوحدوي للملكة المتحدة

5

1

0

المصدر:Allison McCulloch, Seeking Stability Amid Deep Division: Consociationalism And Centripetalism In Comparative Perspective (Ph.D, Dissertation: Queen’s University, 2009), p. 179.

 

    ويمكن القول إجمالاً أن نظام الصوت الواحد المتحول ساهم في فوز الأحزاب والمرشحين المعتدلين، كما دفع الأحزاب والمرشحين ذوي المواقف المتشددة إلى تعديل خطابهم السياسي ليكون أكثر اعتدالاً وذلك سعيًا منهم للحصول على تفضيلات الناخبين، وقد أدى ذلك إلى تحقيق الاعتدال في مواقف الأحزاب السياسية والمرشحين.

3- حالة بابوا غينيا الجديدة:

تتسم بابوا غينيا الجديدة بانقسامها العرقي الشديد على أساس قبلي، حيث يتحدث سكانها أكثر من800 لغة، ويسكنها 2000 جماعة متمايزة ويبلغ عدد أعضاء أكبر هذه الجماعات 150000 من تعداد المجتمع البالغ 4 مليون نسمة وهو ما منع أي جماعة وحدها من السيطرة على الحكومة، ويتسم النظام الحزبي فيها بالسيولة حيث عشية كل انتخابات تظهر أحزاب جديدة وتختفي أحزاب أخرى[xxxv].

وفيما يتعلق بالصراع العرقي شهدت بابوا غينيا الجديدة أشكال مختلفة من الصراع العرقي أبرزها الموجود في منطقة بوغانفيل إذ حاولت فيها قوى متمردة الانفصال بهذا الإقليم وتكوين دولة مستقلة، كما شهدت صراعًا إقليميًا في الجزر الجنوبية ترتب عليها تعطيل الانتخابات وعدم إجرائها في هذه الجزر في عام 2002، أما الشكل الأخير من الصراع الذي شهدته بابوا غينيا الجديدة فيتسم بطابعه القبلي والذي يترتب عليه مئات القتلى كل عام[xxxvi].

وقد تبنت بابوا غينيا الجديدة نظام الصوت البديل وذلك أثناء وقوعها تحت الاحتلال الأسترالي وذلك في انتخابات أعوام 1964 و1969 و1972 وتجدر الإشارة هنا إلى أن نتائج الانتخابات التي شهدتها بابوا غينيا الجديدة أكدت على انخفاض معدلات العنف العرقي نتيجة تبني نظام الصوت البديل حيث أدى تبني هذا النظام إلى أخذ المرشحين المتنافسين لأصوات الناخبين من الجماعات العرقية المختلفة عن تلك التي ينتمون لها في الاعتبار[xxxvii].

وتوضح نتائج انتخابات عام 1964 أن المرشح بيل بلومفيلد نجح في الفوز بمقعد في الانتخابات بعد توزيع تفضيلات الناخبين لسبعة مرشحين، إذ اتسم هذا المرشح بخطابه غير المركز على قبيلة أو المقاطعة التي ينتمي إليها كما أنه افتقد لتأييد محلي معين، وقد ساعده ذلك على الفوز بالمقعد، ومن الملاحظ هنا أن فوز هذا المرشح من خلال التفضيلات الأولى لم يكن ممكنًا، وبالتالي كانت هنا أهمية الطابع التفضيلي لنظام الصوت البديل[xxxviii]. كذلك ففي مقاطعة هينجانوفي، تنافس عدة مرشحين وعلى الرغم من أن المرشح بونو نجح في حشد تأييد كبير من جانب ناخبي منطقته المحلية دون أن يحشد تأييدًا من المناطق الأخرى، فقد خسر المقعد في هذه الدائرة الانتخابية لصالح المرشح أوجي الذي اتسم بخطابه الوسطي المعتدل، وعلى الرغم من حصول أوجي على كتلة تصويتية ضعيفة من قبيلته إلا أنه نجح في الحصول على تأييد واسع من مختلف الناخبين وهو ما ساهم في فوزه بالمقعد[xxxix].

وقد لعبت التفضيلات الثانية والثالثة دورًا في حسم نتائج الانتخابات في بعض الدوائر الانتخابية، وهو ما أدى لاختلاف نتائج الانتخابات في ظل تطبيق نظام الصوت البديل وذلك بالمقارنة لو تم تطبيق نظام الفائز الأول وقد حدث ذلك في خمس دوائر انتخابية من أصل أربع وأربعين دائرة في عام 1964، بينما تم ذلك في إحدى عشر دائرة انتخابية من أصل ثمانية وأربعين دائرة في عام 1968،  وبلغ عدد الدوائر الانتخابية التي تغيرت نتائجها بسبب تطبيق نظام الصوت البديل في عام 1972 ستة عشر من أصل مائة دائرة انتخابية، ويعكس دور التفضيلات الثانية والثالثة في حسم نتائج الانتخابات أخذ المرشحين في اعتبارهم أصوات الناخبين المختلفين معهم في الأصل العرقي وهو ما ساهم في تحقيق الاعتدال[xl]. وبعد الاستقلال في عام 1975 قامت بابوا غينيا الجديدة بتبني نظام الفائز الاول إذ رأت اللجنة الدستورية هناك أنه أسهل وأيسر فهمًا فضلاً عن أنه يؤدي لنفس النتائج التي ينتجها نظام الصوت البديل[xli].

وتنبه نتائج الانتخابات البرلمانية الأولى التي أُجريت وفق نظام الفائز الأول والتي تمت في عام 1977 إلى أن أكثر من نصف عدد مقاعد البرلمان فاز فيها مرشحون رغم حصولهم على أقل من 30 % من الأصوات[xlii]، وفي نفس الانتخابات وصل عدد المرشحين الذين نجحوا في تحقيق أغلبية مطلقة من الأصوات إلى 19 مرشح، وقد ظل هذا الرقم في التناقص إلى أن وصل إلى أربعة مرشحين فقط في انتخابات عام 1997[xliii].

وبناءً على ماسبق يتضح أن الاستراتيجيات التي يقوم عليها نظام الصوت البديل قد عمقت من التعاون بين المرشحين المتنافسين في الانتخابات كما ساهمت في ظهور سلوك توافقي فيما بينهم، وعلى العكس من ذلك فقد أدى تبني نظام الفائز الأول إلى ترسيخ الصراع بين الجماعات العرقية والمرشحين المنتمين لها، حيث تقوم الحملات الانتخابية في ظل هذا النظام على وجود مباراة صفرية، وذلك بسبب افتقاد هذا النظام لوجود الاستراتيجيات التعاونية الموجودة في نظام الصوت البديل ونظم الانتخاب التفضيلية عمومًا[xliv].

كما أدى تبني نظام الفائز الأول إلى اعتماد المرشحين على قبائلهم المحلية فقط، وبالتالي كان خطاب المرشحين مركزًا على جذب الناخبين المنتمين لنفس القبيلة التي ينتمون إليها، كذلك في بعض الأحيان عمد بعض المرشحين إلى تقييد أنشطة الحملات الانتخابية للمرشحين المنافسين لهم من خلال التهديد بالعنف وذلك في مناطقهم المحلية[xlv]. وقد أدى ذلك إلى تصاعد العنف خلال فترات الانتخابات فضلاً عن تراجع الاستقرار السياسي هناك[xlvi].

 وفي عام 2002 عادت بابوا غينيا الجديدة لتتبنى نظام الصوت البديل، ومع العودة لنظام الصوت البديل، جاءت انتخابات عام 2007 البرلمانية وفق هذا النظام لتكون بذلك الانتخابات البرلمانية الأولى في بابوا غينيا الجديدة التي تُعقد وفق نظام الصوت البديل في مرحلة ما بعد الاستقلال،  ومن الملاحظ بصدد انتخابات عام 2007 زيادة عدد المرشحين الذين نجحوا في الوصول لأغلبية مطلقة من الأصوات حيث وصل عددهم إلى اثني عشر مرشحًا، ووصل عدد المرشحين الذين نجحوا في الحصول على 40% من الأصوات إلى 11% رغم أن هذه النسبة كانت 4% فقط في انتخابات عام2002 [xlvii]. وينبه ذلك إلى زيادة عدد الناخبين الذين يساهمون في فوز المرشحين وهو ما يتطلب من هؤلاء المرشحين أن يأخذوا في اعتبارهم مختلف قطاعات الناخبين وهو ما يؤدي في النهاية إلى اعتدال مواقف المرشحين.

ويتضح مما سبق أن نظام الصوت البديل ساعد على تقوية موقف الأحزاب المعتدلة التي تؤكد على القيم الوطنية مثل حزب التحالف الوطني وليس تلك التي تركز على مصالح جماعات عرقية بعينها[xlviii]، حيث حصل هذا الحزب على سبعة وعشرين مقعدًا ليكون ذلك الحزب الحاصل على أكبر عدد من المقاعد في انتخابات عام 2007.

4- حالة فيجي:

    تنقسم فيجي عرقيًا بين جماعتين أساسيتين الأولى هي الفيجيون الأصليون الذين يمثلون نحو 52% من السكان، والأخرى هي الفيجيون من أصل هندي الذين تبلغ نسبتهم 44%، بينما تمثل نسبة 4% الباقية أقليات من الأوروبيين والصينيين وغيرهم[xlix]. وقد تركت الانقسامات العرقية أثرًا في النظام الحزبي فظهرت العديد من الأحزاب على أساس عرقي، ويوضح الجدول التالي الانتماء العرقي للأحزاب السياسية في فيجي ومدى اعتدالها.

 

جدول رقم 3: الانتماء العرقي للأحزاب السياسية في فيجي ومدى اعتدالها.

الحزب

متشدد أم معتدل

الانتماء العرقي

الحزب السياسي الفيجي SVT))

معتدل

فيجيون أصليون

جزب فيجي  المتحدة SDL))

متشدد

فيجيون أصليون

حزب التحالف الديمقراطي المسيحي VLV)

متشدد

فيجيون أصليون

حزب العمل الفيجي     FLP))     

متشدد

فيجي من أصل هندي

حزب الاتحاد الوطني NFP))      

معتدل

فيجي من أصل هندي

حزب الرابطة الوطنية (FAP)

معتدل

فيجيون أصليون

حزب فانوا تاكولافو الوطنيين NVTLP))  

متشدد

فيجيون أصليون

حزب الوحدة الوطنية PANU)) 

معتدل

فيجيون أصليون

حزب التحالف المحافظ  (CAMV)

متشدد

فيجيون أصليون

حزب الوحدة العمالية الجديد NLUP))

معتدل

فيجيون أصليون

المصدر: Jon Fraenkel, "Does the Alternative Vote Foster Moderation in Ethnically Divided Societies? The Case of Fiji", Comparative Political Studies, Vol. 39, No.  5, (June 2006), p. 637.

 

وقد تم تطبيق نظام الصوت البديل في انتخابات عام 1999، وأُجريت هذه الانتخابات في ظل وجود ائتلافين رئيسيين متعددي العرقيات أحدهما قائم على الالتزام coalition of commitment حيث تم التوافق بين الأحزاب المكونة له على عدة قضايا عرقية ويتكون هذا الائتلاف من الحزب السياسي الفيجي SVT)) وحزب الاتحاد الوطني NFP)) وحزب الجنرالات المتحدين (UGP)، أما الائتلاف الآخر فيعد ائتلافًا قائمًا على أساس مصلحي ووقتي coalition of convenience إذ لم يتم التوافق حول القضايا العرقية ويضم هذا الائتلاف كلاً من حزب العمل الفيجي FLP)) وحزب الرابطة الوطنية (FAP) وحزب الوحدة الوطنية PANU))[l]. لقد كان هذا الائتلاف بعيدًا عن منطق التوافق والالتزام الذي يقوم عليه نظام الصوت البديل إذ كان هدفه الرئيسي هزيمة الحزب السياسي الفيجي وليس التوافق على مبادئ مشتركة عابرة للأعراق[li].

وفي هذه الانتخابات فاز الائتلاف الثاني ب 58 مقعد من مقاعد البرلمان البالغ عددها 71 وفاز منها حزب العمل الفيجي FLP)) ب 37 مقعد وقد دفع ذلك بقائده لتولي رئاسة الوزراء ليكون أول فيجي من أصل هندي يشغل هذا المنصب، على الجانب الآخر فاز الائتلاف الأول بعدد أقل من المقاعد[lii]. لقد كان أداء الائتلاف الأول هزيلاً في هذه الانتخابات إذ فقد الحزب السياسي الفيجي أصوات الناخبين الفيجيين الأصليين، كما أنه لم ينجح في الحصول على تأييد من الفيجيين الهنود، ولم يدم استمرار الحكومة الجديدة التي قادها لأول مرة شخص من أصل هندي في السلطة لفترة طويلة إذ بعد عام من الانتخابات شهدت فيجي انقلابًا عسكريًا أطاح بالحكومة[liii]. ومجمل القول هنا أن تطبيق نظام الصوت البديل لم يترتب عليه تحقيق الاعتدال، إذ فاز الائتلاف القائم على أساس مصلحي وليس الائتلاف القائم على أساس الالتزام.

وقد شهدت فيجي تطبيق هذا النظام في عام 2001 أيضًا حيث ظهر حزب جديد هو حزب فيجي المتحدة وحصل على أكثرية المقاعد في الانتخابات إذ حصل على 32 مقعد من عدد مقاعد البرلمان البالغة 71 مقعدًا كما دخل الحزب في تحالف مع حزب التحالف المحافظ المتشدد، لقد أدى تطبيق نظام الصوت البديل في انتخابات 2001 إلى القضاء على الأحزاب والتحالفات المعتدلة وأدى إلى تعزيز سيطرة التحالف الإثني الفيجي المتشدد[liv].

وإجمالاً يمكن القول أن تطبيق نظام الصوت البديل لم ينتج عنه تحقيق الاعتدال، ففي المرة الأولى رغم فوز ائتلاف يبدو في ظاهره أنه قائم على الاعتدال، إلا أن هذا الائتلاف كان قائمًا في الأساس على المصالح ويستهدف هزيمة التحالف المنافس دون أن يتم الاتفاق على قضايا وبرامج عابرة للأعراق، أما في المرة الثانية ورغم تطبيق هذا النظام إلا أن التحالف الفائز كان تحالفًا متشددًا مركزًا على الهوية العرقية. وفي نهاية الأمر اتجهت فيجي لتغيير هذا النظام مع استبداله بنظام القائمة النسبية.

رابعًا: محددات فعالية نظم الانتخاب التفضيلية في تحقيق الاعتدال:

    يمكن القول بناء على التحليل السابق في الحالات التطبيقية أن نجاح نظم الانتخاب التفضيلية في تحقيق الاعتدال مرهون بتوافر محددين رئيسيين يتمثل أول هذه المحددات في السياق الديموغرافي، أما الآخر فيرتبط بالسياق السياسي الذي يتم فيه تبني هذه النظم.

    بالنسبة للسياق الديموغرافي يرتبط نجاح نظم الانتخابات التفضيلية بتعدد القوى والجماعات الموجودة في المجتمع وتشتتها، ففي المجتمعات المنقسمة على أساس عرقي يستلزم نجاح نظم الانتخاب التفضيلية تعدد الجماعات العرقية، ويعني ذلك عدم وجود جماعات عرقية مهيمنة في الدوائر الانتخابية وذلك من ناحية العدد أي عدم وجود جماعات عرقية تشكل الأغلبية في كل دائرة انتخابية، وبالتالي فإن نظم الانتخاب التفضيلية من المتوقع عدم نجاحها في تحقيق الاعتدال في المجتمعات التي تتكون من جماعة عرقية واحدة مهيمنة أو جماعتين عرقيتين مهيمنتين، ففي هاتين الحالتين يمكن للجماعات العرقية أن تشكل أغلبية انتخابية[lv]، كذلك فإن وجود مثل هذه الجماعات المهيمنة قد يعني أنه لا فائدة من تطبيق نظم الانتخاب التفضيلية إذ سيتجه الناخبون لانتخاب المرشح الذي ينتمي لنفس جماعتهم العرقية الأمر الذي يعني حصوله على الأغلبية المطلقة للأصوات دونما الحاجة لعد التفضيلات الثانية والثالثة وغيرهما، كما يرتبط بعدم تركز الجماعات العرقية في مناطق أو أقاليم جغرافية معينة، إذ أن تركز هذه الجماعات سيجعلها تمثل أغلبية في الدوائر الانتخابية الأمر الذي يعني عدم جدوى تطبيق نظم الانتخاب التفضيلية بسبب قدرة المرشحين على الفوز بالانتخابات دونما الحاجة لعد التفضيلات الثانية والثالثة[lvi]. وفي المجتمعات التي يكون فيها الانقسام على أساس فكري أو أيديولوجي فإن الأمر يتطلب ألا تكون هناك قوى متطرفة كبيرة سواء من الناحية الفكرية أو الأيديولوجية بحيث يكون من الممكن أن تنجح في الحصول على أكثر من نصف عدد الأصوات في الدوائر الانتخابية.

    أما فيما يتعلق بالسياق السياسي المحيط بتطبيق نظم الانتخاب التفضيلية، فإن نجاح هذه النظم يتطلب أن يكون هذا السياق محفزًا على وجود الاعتدال، ففي بعض الأحيان يتم تبني هذه النظم وإجراء الانتخابات في ظل وجود صراع عرقي أو أعمال عنف عرقي أو توترات أيديولوجية وفي ظل سياق كهذا يكون من الصعب أن تنجح نظم الانتخاب التفضيلية في تحقيق الهدف المرجو منها، إذ تكون الغلبة للأصوات المتطرفة. وعلى العكس من ذلك ففي ظل سياق سياسي أكثر استقرارًا وأقل عنفًا يكون من الممكن تطبيق هذه النظم ونجاحها في تحقيق الاعتدال.

ويرتبط بطبيعة السياق السياسي تقاليد الاعتدال الموجودة قبل تطبيق هذه النظم، إذ يعزز وجود مثل هذه التقاليد من فرص نجاح نظم الانتخاب التفضيلية في تحقيق الهدف المرجو منها، أما عدم وجودها فيصعب من إمكانية تحقيق الاعتدال[lvii].

وارتباطًا بما سبق يمكن تفسير نجاح نظام الصوت البديل في أستراليا بعدم وجود قوى متطرفة كبيرة في منطقة جغرافية معينة بحيث يمكنها تشكيل أغلبية محلية في الدوائر الانتخابية، كذلك فإن السياق السياسي الذي تُجرى فيه الانتخابات الأسترالية يعد سلميًا غير صراعي. كما يمكن تفسير نجاح نظام الصوت الواحد المتحول في أيرلندا الشمالية بعاملين رئيسين، الأول يتصل بعدم وجود هيمنة سواء للاتحاديين أو القوميين بما يمكنهم من تشكيل أغلبية محلية في الدوائر الانتخابية ويرجع ذلك في الأساس بسبب وجود قوة أخرى تتمثل في الأحزاب الوسطية المعتدلة بجانب الأحزاب الممثلة للجماعتين العرقيتين الرئيسيتين، أما العامل الآخر فيرتبط بالسياق السياسي الذي تُجرى فيه الانتخابات، إذ أُجريت الانتخابات بعد توقيع اتفاقية الجمعة العظيمة بين الأطراف المتصارعة الأمر الذي جعل الانتخابات تتم في أجواء من الاستقرار النسبي وغياب العنف العرقي، ويمكن القول أن هذا العامل هو المفسر لنجاح الصوت الواحد المتحول في تحقيق الاعتدال في انتخابات عام 1998 وفشله في تحقيق ذلك في انتخابات أعوام 1975 و1982.

أما في بابوا غينيا الجديدة فقد نجح نظام الصوت البديل في تحقيق الاعتدال بسبب التنوع العرقي الكبير الذي تتسم به حيث لا يمكن لجماعة عرقية واحدة أن تمثل الأغلبية، فضلاً عن توزع هذه الجماعات جغرافيًا وعلى ذلك فإن أيًا من الجماعات العرقية لم يمكن من أن يمثل أغلبيات محلية في الدوائر الانتخابية، إلى جانب السياق السياسي غير المنطوي على العنف والذي تتسم به العملية الانتخابية هناك.

ويمكن القول كذلك إلى أن هناك عاملين رئيسيين وراء عدم نجاح نظام الصوت البديل في تحقيق الاعتدال في فيجي الأول هو قيام المجتمع في فيجي على جماعتين عرقيتين رئيسيتين فضلا عن تركزهما الجغرافي، وهو ما يعني أن هاتين الجماعتين من الممكن أن تشكل أغلبية في الدوائر الانتخابية، أما العامل الآخر فيتصل بالسياق السياسي الذي أُجريت فيه الانتخابات والذي لم يكن محفزًا على تحقيق الاعتدال إلى جانب افتقاد العملية السياسية هناك للتقاليد السياسية القائمة على الاعتدال.

 

 

خاتمة:

استهدفت هذه الدراسة تحليل أثر نظم الانتخاب التفضيلية على تحقيق الاعتدال، وذلك على مستويين الأول نظري والآخر تطبيقي. وقد تم تطبيق ذلك في عدد من الحالات هي أستراليا وأيرلندا الشمالية وبابوا غينيا الجديدة وفيجي وقد تم اختيار هذه الحالات لأنها شهدت تطبيقًا لأحد نظم الانتخاب التفضيلية في الانتخابات البرلمانية لأكثر من مرة.

وقد بدأت الدراسة بالتعريف بنظم الانتخاب التفضيلية وعرضت لأنواع هذه النظم وهي نظام الصوت البديل ونظام الصوت الواحد المتحول ونظام الصوت التكميلي، وميزت الدراسة بين هذه النظم استنادًا إلى نوع الدائرة الانتخابية التي يتم فيها تطبيق هذه النظم من حيث كونها أحادية التمثيل أو متعددة التمثيل، والعائلة الانتخابية التي تنتمي إليها فضلاً عن كيفية حساب الأصوات. وفي ضوء ذلك ميزت الدراسة بين نظام الصوت البديل ونظام الصوت التكميلي حيث يتم استخدامهم في دوائر انتخابية أحادية التمثيل فضلاً عن كونهما يعدان من ضمن نظم الأغلبية، ونظام الصوت الواحد المتحول الذي يستخدم في دوائر انتخابية متعددة التمثيل فضلاً عن كونه يعد أحد نظم التمثيل النسبي.

وقد خلصت الدراسة إلى أن نظم الانتخاب التفضيلية من الممكن أن تؤثر إيجابيًا على تحقيق الاعتدال وذلك من خلال عدة آليات فهي تعمل على تحقيق فوز الأغلبية، وتجميع المصالح المشتركة، والقضاء على تفتيت الأصوات بالإضافة إلى المعلومات التي توفرها عن اختيارات الناخبين فضلاً عن دعم السياسات الوسطية أو المركزية.

واتجهت الدراسة لاختبار تأثير نظم الانتخاب التفضيلية على تحقيق الاعتدال في كل من أستراليا وأيرلندا الشمالية وبابوا غينيا الجديدة وفيجي، وخلصت الدراسة إلى نجاح النظم الانتخابية التفضيلية في تحقيق الاعتدال في كل من أستراليا وأيرلندا الشمالية وبابوا غينيا الجديدة، وفشلها في تحقيق ذلك الاعتدال في فيجي. وانتهت الدراسة إلى عاملين رئيسيين محددين لنجاح نظم الانتخاب التفضيلية في تحقيق الاعتدال الأول هو ألا تمثل إحدى الجماعات العرقية جماعة أغلبية في الدوائر الانتخابية فضلاً عن عدم تركزها الجغرافي، وذلك في المجتمعات المنقسمة على أساس عرقي، أما في المجتمعات التي تكون فيها الانقسامات على أساس أيديولوجي فيتطلب الأمر ألا تكون هناك قوى متطرفة من الناحية الأيديولوجية ولها وزن كبير في المجتمع، أما العامل الآخر الرئيسي فيتمثل في السياق السياسي المحيط بالعملية الانتخابية.

وبناءً على ما سبق، يمكن القول أن نجاح تطبيق نظم الانتخاب التفضيلية في المجتمعات المنقسمة ومن بينها كثير من المجتمعات العربية التي شهدت العديد من الصراعات العرقية يتطلب عدم هيمنة إحدى الجماعات العرقية على الدوائر الانتخابية بالإضافة إلى عدم تركزها الجغرافي فضلاً عن ضرورة أن يكون السياق السياسي الذي تُجرى فيه الانتخابات سياقًا محفزًا على تحقيق الاعتدال، أما إذا تم تطبيق هذه النظم الانتخابية في ظل هيمنة إحدى الجماعات العرقية على الدوائر الانتخابية وتركزها جغرافيًا فإن ذلك لن يؤدي إلى تحقيق الاعتدال.



[i]أنظر:

مازن حسن، " الآثار السياسية للنظام الانتخابي المصري بالتطبيق على انتخابات مجلس الشعب2011  2012 / "، مجلة النهضة، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية- جامعة القاهرة، عدد 3، (يوليو 2013)، 1-32.

يوسف سلامة حمودة المسيعدين، "الآثار السياسية للنظام الانتخابي في الأردن"،  المستقبل العربي، عدد 433، (2015)، 80-96.

[ii]أندرو رينولدز، بن ريلي، أندرو إيليس،  أشكال النظم الانتخابية: دليل المؤسسة الدولية للديمقراطية والانتخابات (استوكهولوم: المؤسسة الدولية للديمقراطية والانتخابات، 2010)، ص 45.

[iii]  المرجع السابق، ص 45.

[iv]Benjamin Reilly, "Centripetalism and Electoral Moderation in Established Democracies", Nationalism and Ethnic Politics, Vol. 24, (2018), p. 206.

[v]Allison McCulloch, "Does Moderation Pay? Centripetalism in Deeply Divided Societies", Ethnopolitics, Vol. 12, No. 2, (2013), p. 120.

[vi]Gyda M. Sindre, " From secessionism to regionalism: Intra-organizational change and ideological moderation within armed secessionist movements", Political Geography, Vol. 64, (2018), p. 24.

[vii]Donald  Horowitz, "The alternative vote and interethnic moderation: A reply to Fraenkel and Grofman", Public Choice, Vol. 121, (2004), p. 508.

 

[viii]Benjamin Reilly, Democracy in Divided Societies: Electoral Engineering for Conflict Management, (Cambridge: Cambridge University Press, 2003), PP. 36, 37.

[ix]أندرو رينولدز، بن ريلي، أندرو إيليس،  أشكال النظم الانتخابية: دليل المؤسسة الدولية للديمقراطية والانتخابات، مرجع سابق، ص ص 99-103.

[x]John Coakley and Jon Fraenkel, "The Ethnic Implications of Preferential Voting", Government and Opposition, Vol. 52, No. 4, (October 2017), p. 6.

[xi]Benjamin Reilly, Democracy in Divided Societies: Electoral Engineering for Conflict Management, op. cit, P. 151.

[xii]Benjamin Reilly, "The Global Spread of Preferential Voting: Australian Institutional Imperialism?", Australian Journal of Political Science, Vol. 39, No. 2, (July 2004), p. 260.

[xiii]Ibid, p. 260.

[xiv]Benjamin Reilly, Democracy in Divided Societies: Electoral Engineering for Conflict Management, op. cit, P. 168.

[xv]Benjamin Reilly, "The Global Spread of Preferential Voting: Australian Institutional Imperialism?", op. cit, pp. 261, 262.

[xvi]Ibid, p. 262.

[xvii] Benjamin Reilly, Electoral System and Conflict Management: Comparing STV and AV System (Swindon: Economic and Social Research Council, 2004), pp. 4, 5.

[xviii] يركز الباحث في تحليله للحالات التطبيقية على الحالات التي تبنت النظم الانتخابية التفضيلية على المستوى القومي، وتجدر الإشارة هنا إلى أن بعض الدول تبنت أحد هذه النظم وذلك للانتخابات على المستوى المحلي مثل الولايات المتحدة الأمريكية وكندا والمملكة المتحدة، أنظر:

Harold Jansen, "The Political Consequences of the Alternative Vote: Lessons from Western Canada", Canadian Journal of Political Science, Vol. 37, No. 3, (September 2004), pp. 647–669.

Campbell  Sharman, Anthony Sayers, Narelle Miragliotta, "Trading party preferences: the Australian experience of preferential voting", Electoral Studies, Vol. 21, (2002), 543–560.

Benjamin Reilly, "Centripetalism and Electoral Moderation in Established Democracies, op. cit, pp. 201–221.

[xix]Benjamin Reilly, Democracy in Divided Societies: Electoral Engineering for Conflict Management, op. cit, P. 42.

[xx]David M. Farrell and Ian McAllister, "Australia: The Alternative Vote in a Compliant Political Culture", in: Michael Gallagher (eds), The Politics of Electoral Systems (Oxford: Oxford University Press, 2005), p. 79.

[xxi]Benjamin Reilly, "Centripetalism and Electoral Moderation in Established Democracies", Nationalism and Ethnic Politics, Vol. 24, No. 2, (2018), p. 209.

[xxii]Ibid, p. 209.

[xxiii]Benjamin Reilly, Democracy in Divided Societies: Electoral Engineering for Conflict Management, op. cit, P. 43.

[xxiv]Benjamin Reilly, "Electoral Systems for Divided Societies", Journal of Democracy, Vol. 13, No. 2, (April 2002), p. 162.

[xxv]Benjamin Reilly, "Centripetalism and Electoral Moderation in Established Democracies", op. cit, p. 209.

[xxvi]Benjamin Reilly, "Electoral Systems for Divided Societies", op.cit, p. 162.

[xxvii]Colin Knox, Padraic Quirk, Peace Building in Northern Ireland, Israel and South Africa: Transition, Transformation and Reconciliation (Hampshire: Macmillan Press Ltd, 2000), p. 29.

[xxviii]John Coakley, Jon Fraenkel, Do Preference Transfers Assist Moderates in Deeply Divided Societies? Evidence from Northern Ireland and Fiji, Prepared for presentation at the annual meeting of the American Political Science Association, Toronto, Canada, 3-6 August, 2009.

[xxix]Brendan O'Duffy, "Violence in Northern Ireland 1969–1994: Sectarian or ethnonational?", Ethnic and Racial Studies, Vol. 18,  No. 4 (October 1995), p. 742.

[xxx]لمزيد من التفاصيل بخصوص هذه المبادرات:

Stefan Wolff, "Conflict Management in Northern Ireland", International Journal on Multicultural Societies, Vol. 4, No. 1, (2002), 1564-4901.

[xxxi]John Coakley and Jon Fraenkel, "The Ethnic Implications of Preferential Voting", Government and Opposition, Vol. 52, No. 4, (October 2017), p. 11.

[xxxii] Benjamin Reilly, Electoral System and Conflict Management: Comparing STV and AV System, op. cit, p.7.

 

[xxxiii]Allison McCulloch, Seeking Stability Amid Deep Division: Consociationalism And Centripetalism In Comparative Perspective (Ph.D, Dissertation: Queen’s University, 2009), p. 181.

[xxxiv]Benjamin Reilly, Democracy in Divided Societies: Electoral Engineering for Conflict Management, op. cit, p. 138.

[xxxv]Allison McCulloch, "Does Moderation Pay? Centripetalism in Deeply Divided Societies", Ethnopolitics, Vol. 12, No. 2, (2013), p. 120.

[xxxvi]Benjamin Reilly, "Ethnic conflict in Papua New Guinea", Asia Pacific Viewpoint, Vol. 49, No. 1,(April 2008), p. 15.

[xxxvii]Donald L. Horowitz, " Where have all the parties gone? Fraenkel and Grofman on the alternative vote – yet again", Public Choice, Vol. 133, (2007), p. 21.

[xxxviii]Ben Reilly, "The Alternative Vote and Ethnic Accommodation: New Evidence from Papua New Guinea", Electoral Studies, Vol. 16, No. 1, (1997), p. 4.

[xxxix]Ibid, p. 4.

[xl]Ibid, p. 4.

[xli]Benjamin Reilly, "Political Engineering and Party Politics in Papua New Guinea", Party Politics, Vol.  8. No.6, (2002), pp. 711, 712.

[xlii]Benjamin Reilly, "Back to the Future? The Political Consequences of Electoral Reform in Papua New Guinea", The Journal of Pacific History, Vol. 37, No. 2, (2002), p. 247.

[xliii]Ibid, p. 249.

[xliv]Ben Reilly, "Constitutional engineering and the alternative vote in Fiji: an assessment", in: Brij V Lal and Peter Larmour (eds),  Electoral Systems in Divided Societies: the Fiji Constitution Review (Canberra: The Australian National University, 1997), p. 82.

[xlv]Ibid.

[xlvi]Donald L. Horowitz, "Strategy Takes a Holiday Fraenkel and Grofman on the Alternative Vote", Comparative Political Studies, Vol. 39, No. 5, (2006), p. 635.

[xlvii]Nicole Haley, Assessing the Shift to Limited Preferential Voting in Papua New Guinea: Electoral Outcomes, State, Society & Governance in Melanesia,(Canberra: Australian National University, 2015).

[xlviii]Allison McCulloch, "Does Moderation Pay? Centripetalism in Deeply Divided Societies", Ethnopolitics, Vol. 12, No. 2, (2013), p. 120.

[xlix]Jon Fraenkel, "Does the Alternative Vote Foster Moderation in Ethnically Divided Societies? The Case of Fiji", Comparative Political Studies, Vol. 39, No.  5, (June 2006), p. 632.

[l]Robert F. Stockwell, "An assessment of the alternative vote system in Fiji", Commonwealth & Comparative Politics, 43:3, (2005), p. 387.

[li]Allison McCulloch, "Does Moderation Pay? Centripetalism in Deeply Divided Societies", op. cit, p. 121.

[lii]Robert F. Stockwell, "An assessment of the alternative vote system in Fiji, op. cit, p. 387.

[liii]Allison McCulloch, "Does Moderation Pay? Centripetalism in Deeply Divided Societies", op. cit, p. 121.

[liv]John Coakley and Jon Fraenkel, "The Ethnic Implications of Preferential Voting", op. cit, p. 15.

 

[lv] Ibid, pp. 125, 126.

[lvi]انظر:

Allison McCulloch, "Does Moderation Pay? Centripetalism in Deeply Divided Societies", op. cit, p. 126.

Benjamin Reilly, Democracy in Divided Societies: Electoral Engineering for Conflict Management, op. cit, p. 185-189.

[lvii]لمزيد من التفاصيل، انظر:

Allison McCulloch, "Does Moderation Pay? Centripetalism in Deeply Divided Societies", op, cit,  pp. 124, 125.

 

[1]أنظر:
مازن حسن، " الآثار السياسية للنظام الانتخابي المصري بالتطبيق على انتخابات مجلس الشعب2011  2012 / "، مجلة النهضة، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية- جامعة القاهرة، عدد 3، (يوليو 2013)، 1-32.
يوسف سلامة حمودة المسيعدين، "الآثار السياسية للنظام الانتخابي في الأردن"،  المستقبل العربي، عدد 433، (2015)، 80-96.
[1]أندرو رينولدز، بن ريلي، أندرو إيليس،  أشكال النظم الانتخابية: دليل المؤسسة الدولية للديمقراطية والانتخابات (استوكهولوم: المؤسسة الدولية للديمقراطية والانتخابات، 2010)، ص 45.
[1]  المرجع السابق، ص 45.
[1]Benjamin Reilly, "Centripetalism and Electoral Moderation in Established Democracies", Nationalism and Ethnic Politics, Vol. 24, (2018), p. 206.
[1]Allison McCulloch, "Does Moderation Pay? Centripetalism in Deeply Divided Societies", Ethnopolitics, Vol. 12, No. 2, (2013), p. 120.
[1]Gyda M. Sindre, " From secessionism to regionalism: Intra-organizational change and ideological moderation within armed secessionist movements", Political Geography, Vol. 64, (2018), p. 24.
[1]Donald  Horowitz, "The alternative vote and interethnic moderation: A reply to Fraenkel and Grofman", Public Choice, Vol. 121, (2004), p. 508.
 
[1]Benjamin Reilly, Democracy in Divided Societies: Electoral Engineering for Conflict Management, (Cambridge: Cambridge University Press, 2003), PP. 36, 37.
[1]أندرو رينولدز، بن ريلي، أندرو إيليس،  أشكال النظم الانتخابية: دليل المؤسسة الدولية للديمقراطية والانتخابات، مرجع سابق، ص ص 99-103.
[1]John Coakley and Jon Fraenkel, "The Ethnic Implications of Preferential Voting", Government and Opposition, Vol. 52, No. 4, (October 2017), p. 6.
[1]Benjamin Reilly, Democracy in Divided Societies: Electoral Engineering for Conflict Management, op. cit, P. 151.
[1]Benjamin Reilly, "The Global Spread of Preferential Voting: Australian Institutional Imperialism?", Australian Journal of Political Science, Vol. 39, No. 2, (July 2004), p. 260.
[1]Ibid, p. 260.
[1]Benjamin Reilly, Democracy in Divided Societies: Electoral Engineering for Conflict Management, op. cit, P. 168.
[1]Benjamin Reilly, "The Global Spread of Preferential Voting: Australian Institutional Imperialism?", op. cit, pp. 261, 262.
[1]Ibid, p. 262.
[1] Benjamin Reilly, Electoral System and Conflict Management: Comparing STV and AV System (Swindon: Economic and Social Research Council, 2004), pp. 4, 5.
[1] يركز الباحث في تحليله للحالات التطبيقية على الحالات التي تبنت النظم الانتخابية التفضيلية على المستوى القومي، وتجدر الإشارة هنا إلى أن بعض الدول تبنت أحد هذه النظم وذلك للانتخابات على المستوى المحلي مثل الولايات المتحدة الأمريكية وكندا والمملكة المتحدة، أنظر:
Harold Jansen, "The Political Consequences of the Alternative Vote: Lessons from Western Canada", Canadian Journal of Political Science, Vol. 37, No. 3, (September 2004), pp. 647–669.
Campbell  Sharman, Anthony Sayers, Narelle Miragliotta, "Trading party preferences: the Australian experience of preferential voting", Electoral Studies, Vol. 21, (2002), 543–560.
Benjamin Reilly, "Centripetalism and Electoral Moderation in Established Democracies, op. cit, pp. 201–221.
[1]Benjamin Reilly, Democracy in Divided Societies: Electoral Engineering for Conflict Management, op. cit, P. 42.
[1]David M. Farrell and Ian McAllister, "Australia: The Alternative Vote in a Compliant Political Culture", in: Michael Gallagher (eds), The Politics of Electoral Systems (Oxford: Oxford University Press, 2005), p. 79.
[1]Benjamin Reilly, "Centripetalism and Electoral Moderation in Established Democracies", Nationalism and Ethnic Politics, Vol. 24, No. 2, (2018), p. 209.
[1]Ibid, p. 209.
[1]Benjamin Reilly, Democracy in Divided Societies: Electoral Engineering for Conflict Management, op. cit, P. 43.
[1]Benjamin Reilly, "Electoral Systems for Divided Societies", Journal of Democracy, Vol. 13, No. 2, (April 2002), p. 162.
[1]Benjamin Reilly, "Centripetalism and Electoral Moderation in Established Democracies", op. cit, p. 209.
[1]Benjamin Reilly, "Electoral Systems for Divided Societies", op.cit, p. 162.
[1]Colin Knox, Padraic Quirk, Peace Building in Northern Ireland, Israel and South Africa: Transition, Transformation and Reconciliation (Hampshire: Macmillan Press Ltd, 2000), p. 29.
[1]John Coakley, Jon Fraenkel, Do Preference Transfers Assist Moderates in Deeply Divided Societies? Evidence from Northern Ireland and Fiji, Prepared for presentation at the annual meeting of the American Political Science Association, Toronto, Canada, 3-6 August, 2009.
[1]Brendan O'Duffy, "Violence in Northern Ireland 1969–1994: Sectarian or ethnonational?", Ethnic and Racial Studies, Vol. 18,  No. 4 (October 1995), p. 742.
[1]لمزيد من التفاصيل بخصوص هذه المبادرات:
Stefan Wolff, "Conflict Management in Northern Ireland", International Journal on Multicultural Societies, Vol. 4, No. 1, (2002), 1564-4901.
[1]John Coakley and Jon Fraenkel, "The Ethnic Implications of Preferential Voting", Government and Opposition, Vol. 52, No. 4, (October 2017), p. 11.
[1] Benjamin Reilly, Electoral System and Conflict Management: Comparing STV and AV System, op. cit, p.7.
 
[1]Allison McCulloch, Seeking Stability Amid Deep Division: Consociationalism And Centripetalism In Comparative Perspective (Ph.D, Dissertation: Queen’s University, 2009), p. 181.
[1]Benjamin Reilly, Democracy in Divided Societies: Electoral Engineering for Conflict Management, op. cit, p. 138.
[1]Allison McCulloch, "Does Moderation Pay? Centripetalism in Deeply Divided Societies", Ethnopolitics, Vol. 12, No. 2, (2013), p. 120.
[1]Benjamin Reilly, "Ethnic conflict in Papua New Guinea", Asia Pacific Viewpoint, Vol. 49, No. 1,(April 2008), p. 15.
[1]Donald L. Horowitz, " Where have all the parties gone? Fraenkel and Grofman on the alternative vote – yet again", Public Choice, Vol. 133, (2007), p. 21.
[1]Ben Reilly, "The Alternative Vote and Ethnic Accommodation: New Evidence from Papua New Guinea", Electoral Studies, Vol. 16, No. 1, (1997), p. 4.
[1]Ibid, p. 4.
[1]Ibid, p. 4.
[1]Benjamin Reilly, "Political Engineering and Party Politics in Papua New Guinea", Party Politics, Vol.  8. No.6, (2002), pp. 711, 712.
[1]Benjamin Reilly, "Back to the Future? The Political Consequences of Electoral Reform in Papua New Guinea", The Journal of Pacific History, Vol. 37, No. 2, (2002), p. 247.
[1]Ibid, p. 249.
[1]Ben Reilly, "Constitutional engineering and the alternative vote in Fiji: an assessment", in: Brij V Lal and Peter Larmour (eds),  Electoral Systems in Divided Societies: the Fiji Constitution Review (Canberra: The Australian National University, 1997), p. 82.
[1]Ibid.
[1]Donald L. Horowitz, "Strategy Takes a Holiday Fraenkel and Grofman on the Alternative Vote", Comparative Political Studies, Vol. 39, No. 5, (2006), p. 635.

[1]Nicole Haley, Assessing the Shift to Limited Preferential Voting in Papua New Guinea: Electoral Outcomes, State, Society & Governance in Melanesia,(Canberra: Australian National University, 2015).

[1]Allison McCulloch, "Does Moderation Pay? Centripetalism in Deeply Divided Societies", Ethnopolitics, Vol. 12, No. 2, (2013), p. 120.
[1]Jon Fraenkel, "Does the Alternative Vote Foster Moderation in Ethnically Divided Societies? The Case of Fiji", Comparative Political Studies, Vol. 39, No.  5, (June 2006), p. 632.
[1]Robert F. Stockwell, "An assessment of the alternative vote system in Fiji", Commonwealth & Comparative Politics, 43:3, (2005), p. 387.
[1]Allison McCulloch, "Does Moderation Pay? Centripetalism in Deeply Divided Societies", op. cit, p. 121.
[1]Robert F. Stockwell, "An assessment of the alternative vote system in Fiji, op. cit, p. 387.
[1]Allison McCulloch, "Does Moderation Pay? Centripetalism in Deeply Divided Societies", op. cit, p. 121.
[1]John Coakley and Jon Fraenkel, "The Ethnic Implications of Preferential Voting", op. cit, p. 15.
 
[1] Ibid, pp. 125, 126.
[1]انظر:
Allison McCulloch, "Does Moderation Pay? Centripetalism in Deeply Divided Societies", op. cit, p. 126.
Benjamin Reilly, Democracy in Divided Societies: Electoral Engineering for Conflict Management, op. cit, p. 185-189.
[1]لمزيد من التفاصيل، انظر:
Allison McCulloch, "Does Moderation Pay? Centripetalism in Deeply Divided Societies", op, cit,  pp. 124, 125.