الذكاء الاصطناعي وجودة الحكم

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

مدرس بقسم العلوم السياسية والإدارة العامة –كلية التجارة-جامعة أسيوط

المستخلص

   تهدف الدراسة إلى التعرف على دور تقنيات الذكاء الاصطناعي في تحسين جودة الحكم، وتسعى إلى البحث في إمكانية الربط بين تقنيات الذكاء الاصطناعي القائمة على تكنولوجياالمعلومات والاتصالات، والعلوم السياسية، والسياسات العامة. وفي هذا السياق، يظهر السؤال البحثي الرئيس: كيف تؤثر تقنيات الذكاء الاصطناعي على جودة الحكم؟ وللإجابة عن هذا التساؤل، تشير الدراسة إلى أن تقنيات الذكاء الاصطناعي تؤثر على جودة الحكم من خلال بعدين: البعد الأول هو التأثير في المراحل المختلفة لدورة صنع السياسات العامة، بينما يركز البعد الثاني على تحسين جودة الخدمات الحكومية، وكفاءة الجهاز الإداري. علاوة على ذلك، تتطرق الدراسة للتحديات التي تفرضها تقنيات الذكاء الاصطناعي على صانع القرار الحكومي. ومن ثم تنقسم الدراسة إلى ثلاثة محاور: الأول يتناول الإطار المفاهيمي (ماهية الذكاء الاصطناعي من حيث النشأة، والمفهوم، والوقوف على تعريف جودة الحكم). بينما يركز المحور الثاني على كيفية استخدام، وتوظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي في دورة صنع السياسات العامة، ومدى انعكاسها على جودة الخدمات الحكومية، وتختتم الدراسة بالتحديات التي يفرضها الذكاء الاصطناعي على صانعي القرار الحكومي.

نقاط رئيسية

مقدمـــة:

     بدأت الدراسة العلمية للذكاء الاصطناعي منذ منتصف الأربعينيات حول ما إذا كان بإمكان الآلات اتخاذ القرارات.[i] وفي الآونة الأخيرة، اهتمت عدة دراسات بتوظيف تطبيقات الذكاء الاصطناعي في مختلف القطاعات الحكومية في الصحة، والتعليم، والأمن، والنقل، والاتصالات.* وفي الوقت نفسه، باتت هناك ضغوط على الحكومات؛ لتلبية احتياجات المواطنين، وتقديم الخدمات بصورة أكثر كفاءة “Efficiencyوفعالية “Effectiveness“، وتحسين عملية صنع السياسات مما يحسن من شرعية الحكم.[ii]ومن ثم بات التحدي الذي يواجه الحكومات في كيفية جعل دورة صنع السياسات العامة أسرع، وأكثر كفاءة، ودقة، وشفافية، واستجابة لاحتياجات وتفضيلات المواطنين.[iii] وبذلك تظهر الحاجة إلى ضرورة التعرف على دور تقنيات الذكاء الاصطناعي في تعزيز جودة الحكم بصفة عامة، وفي القلب منها تحسين عملية صنع السياسات العامة، والخدمات الحكومية.[iv] ومن ثم يتمثل السؤال البحثي الرئيسي: كيف يمكن أن تؤثر تقنيات الذكاء الاصطناعي على جودة الحكم؟ للإجابة عن هذا التساؤل تشير الدراسة إلى أن تقنيات الذكاء الاصطناعي تؤثر على جودة الحكم من خلال بعدين: البعد الأول هو التأثير على دورة صنع السياسات العامة، بينما البعد الثاني وهو مرتبط بتحسين جودة الخدمات الحكومية، وكفاءة الجهاز الإداري. وتشير الدراسة إلى أن تقنيات الذكاء الاصطناعي قد تفرض تحديات على الحكومات التي من الممكن أن تؤثر سلبًا على جودة الحكم. وتنقسم الدراسة إلى ثلاثة محاور: الأول يتناول الإطار المفاهيمي فيما يتعلق بماهية الذكاء الاصطناعي من حيث النشأة والمفهوم، والوقوف على تعريف جودة الحكم. بينما يركز المحور الثاني على كيفية استخدام، وتوظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي في مراحل صنع السياسات العامة، ومدى انعكاسها على جودة الخدمات الحكومية. وتختتم الدراسة بالتطرق إلى التحديات التي يفرضها الذكاء الاصطناعي على صانعي القرار الحكومي.



*لمزيد من الاطلاع انظر:

Yunhe Pan, “Heading toward Artificial Intelligence 2.0,”Engineering , vol.2,no,4, 2016, pp.409-413; Tara Qian Sun and Rony Medaglia,” Mapping the challenges of Artificial Intelligence in the public sector: Evidence from public healthcare.” Government Information Quarterly, vol. 36, no. 2,2019, pp:368–383; Patrick Mikalef,Siw Olsen Fjørtoft and Hans Yngvar Torvatn, “Artificial Intelligence in the public sector: A study of challenges and opportunities for Norwegian municipalities,” Lecture Notes in Computer Science. 2019, pp. 267-277.   10.1007/978-3-030-29374-1_22; Slava Jankin Mikhaylov , Marc Esteve,and Averill Campion, “Artificial intelligence for the public sector: opportunities and challenges of cross-sector collaboration,” Philosophical Transactions of the Royal Society, vol 376, no.2128,pp.1-21,,2018., Kevin Desouza ,” Delivering artificial intelligence in government: challenges and opportunities”, IBM Center for The Business of Government, Feb 2019,available at: shorturl.at/cruMW accessed on November 1,2020.

 

 

 

 



[i] Bruce G. Buchanan, A (Very) Brief History of Artificial Intelligence, AI Magazine, Vol. 26 No. 4: Winter 2005,pp.53-60,

https://doi.org/10.1609/aimag.v26i4.1848

[ii] John Carlo Bertot, Elsa Estevez and Tomasz Janowski, Universal and contextualized public services: Digital public service innovation framework, Government Information Quarterly vol.33,no.2, pp.211-222,April 2016, http://dx.doi.org/10.1016/j.giq.2016.

[iii] Yogesh K. Dwivedi  et .al, “Artificial Intelligence (AI): Multidisciplinary perspectives on emerging challenges, opportunities, and agenda for research, practice and policy”, International Journal of Information Management,p1-2, https://doi.org/10.1016/j.ijinfomgt.2019.08.002

[iv] Ibid.

الكلمات الرئيسية


مقدمـــة:

     بدأت الدراسة العلمية للذكاء الاصطناعي منذ منتصف الأربعينيات حول ما إذا كان بإمكان الآلات اتخاذ القرارات.[i] وفي الآونة الأخيرة، اهتمت عدة دراسات بتوظيف تطبيقات الذكاء الاصطناعي في مختلف القطاعات الحكومية في الصحة، والتعليم، والأمن، والنقل، والاتصالات.* وفي الوقت نفسه، باتت هناك ضغوط على الحكومات؛ لتلبية احتياجات المواطنين، وتقديم الخدمات بصورة أكثر كفاءة “Efficiencyوفعالية “Effectiveness“، وتحسين عملية صنع السياسات مما يحسن من شرعية الحكم.[ii]ومن ثم بات التحدي الذي يواجه الحكومات في كيفية جعل دورة صنع السياسات العامة أسرع، وأكثر كفاءة، ودقة، وشفافية، واستجابة لاحتياجات وتفضيلات المواطنين.[iii] وبذلك تظهر الحاجة إلى ضرورة التعرف على دور تقنيات الذكاء الاصطناعي في تعزيز جودة الحكم بصفة عامة، وفي القلب منها تحسين عملية صنع السياسات العامة، والخدمات الحكومية.[iv] ومن ثم يتمثل السؤال البحثي الرئيسي: كيف يمكن أن تؤثر تقنيات الذكاء الاصطناعي على جودة الحكم؟ للإجابة عن هذا التساؤل تشير الدراسة إلى أن تقنيات الذكاء الاصطناعي تؤثر على جودة الحكم من خلال بعدين: البعد الأول هو التأثير على دورة صنع السياسات العامة، بينما البعد الثاني وهو مرتبط بتحسين جودة الخدمات الحكومية، وكفاءة الجهاز الإداري. وتشير الدراسة إلى أن تقنيات الذكاء الاصطناعي قد تفرض تحديات على الحكومات التي من الممكن أن تؤثر سلبًا على جودة الحكم. وتنقسم الدراسة إلى ثلاثة محاور: الأول يتناول الإطار المفاهيمي فيما يتعلق بماهية الذكاء الاصطناعي من حيث النشأة والمفهوم، والوقوف على تعريف جودة الحكم. بينما يركز المحور الثاني على كيفية استخدام، وتوظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي في مراحل صنع السياسات العامة، ومدى انعكاسها على جودة الخدمات الحكومية. وتختتم الدراسة بالتطرق إلى التحديات التي يفرضها الذكاء الاصطناعي على صانعي القرار الحكومي.

 

المحور الأول: (الإطار المفاهيمي) ماهية الذكاء الاصطناعي وجودة الحكم

 1-الذكاء الاصطناعي

      لا يتجاوز عمر تقنية الذكاء الاصطناعي 60 عامًا، وعلى الرغم من ذلك فإن له جذور راسخة في مجالات متعددة مثل: الرياضيات، والعلوم، علوم الحاسوب، والفلسفة، وعلم النفس، واللغويات.[v] يرى بعض العلماء أن بدايات ظهور الذكاء الاصطناعي كانت أثناء الحرب العالمية الثانية عندما قام رائد علم الحاسوب آلان تورينج بفك شفرة آلة إنجما Enygma؛ لاعتراض الاتصالات النازية، وهي نموذج حاسوب ذكي مثالي يطور نظرية الأوتوماتا AutomataTheory (نظرية التشغيل الذاتي).[vi] ونتيجة لذلك، اهتم باحثون آخرون بإنشاء "آلة تفكير" لديها القدرة على التفكير مثل البشر.[vii] تمت صياغة مصطلح الذكاء الاصطناعي لأول مرة في مؤتمر دارتموث في عام 1956، في الوقت نفسه بدأفي الظهور الجيل الأول من أجهزة الحاسوب الرقمية في مختبرات الجامعة. كان المشاركون في هذا المؤتمر في الغالب من علماء الرياضيات، والإحصاء، والحاسوب. ونظرًا لتداخله مع التحليل الإحصائي المتقدم، وحداثة عهد هذا المفهوم، واختلاف الاتجاهات الفكرية لتناوله، فإننا نفتقر إلى تحديد مفهوم واضح، ومحدد للذكاء الاصطناعي؛ لأنه في تطور مستمر جنبًا إلى جنب مع التقدم التكنولوجي.

    وفي هذا السياق تعددت التعريفات، حيث يري بعض العلماء أن الذكاء الاصطناعي قائم على ذكاء حوسبي*Computational Intelligence.[viii]حيث تتمتع الآلات الذكية بالقدرة على الفهم، والتعلم، ومعالجة تعليمات معينة يجب اتباعها، أو القيام بعمل ما.[ix]وهناك اتجاهات تركز على مدى قدرة الآلات الذكية على محاكاة السلوك الإنساني أو العقل البشري[x]، أو بمعنى أدق قدرة الآلات على أداء المهام التي يقوم بها البشر.[xi]وهناك اتجاه يشير إلى الذكاء الاصطناعي على أنه مجموعة من التقنيات التي تجمع بين البيانات، والخوارزميات*، وقوة الحوسبة. وفي هذا الإطار تبنت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD تعريف الذكاء الاصطناعي باعتباره "نظام قائم على الآلة يمكنه - وفق مجموعة معينة من الأهداف المحددة من قبل الإنسان- وضع تنبؤات، أو توصيات، أو قرارات تؤثر على البيئات الحقيقية، أو الافتراضية"[xii]، وهناك اتجاهات أخرى ترى أن تقنيات الذكاء الاصطناعي لا تقتصر على محاكاة  البشر بل تشمل أنظمة مستوحاة من الكائنات الحية الأخرى من خلال بناء نماذج افتراضية تحاكي سلوك أنواع مختلفة من الحيوانات الأليفة أو الفيروسات.[xiii] ومن ثم يمكن تعريف الذكاء الاصطناعي بأنه محاكاة لسلوك الكائنات الحية عن طريق البرامج، والآلات الذكية.فالذكاء الاصطناعي الأكثر تقدمًا هو آلة لحل المشكلات يمكنها حتى اكتساب بعض التعلم. ومن المهم الإشارة إلى أن الذكاء الاصطناعي لا يطبق فقط على الأجهزة، والآلات (الروبوتات)، ولكن يتم إنشاء الذكاء الاصطناعي داخل أنظمة الحاسوب (البرامج الذكية، أو الخوارزميات)، كما تعتمد تقنيات الذكاء الاصطناعي على تحليل البيانات، وفي القلب منها البيانات المتاحة على منصات التواصل الاجتماعي.[xiv]

     وبناء على ما سبق، فإن تطبيقات الذكاء الاصطناعي هي مزيج من التقنيات المختلفة سواء كانت برامج، أو أجهزة، أو مزيجًا بين الاثنين. فبعض هذه التقنيات قائمة على البرمجيات، والشبكات العصبية الاصطناعية*Artificial Neural Network ، والحوسبة التطورية*Evolutionary Computation  ( الذي يتكون من الخوارزميات الجينية*Genetic Algorithms ، والاستراتيجية التطورية *Evolution Strategy ، والبرمجة الجينية*Genetic Programming) ، والنظم الخبيرة*Expert Systems، والتعلم الآلي*Machine Learning. وهناك تقنيات تستند إلى البرامج الذكية، والبرمجيات التي تعمل على استخراج البيانات، والنصوص، وتحليل المشاعر. بالإضافة إلى تقنيات تعتمد على الأجهزة وبالأخص الروبوتات، والمركبات المستقلة، والرؤية الاصطناعية.[xv]

    ومن ناحية أخرى، باتت البيانات الضخمة Big Data تلعب دورًا حيويًا في إطار تقنيات الذكاء الاصطناعي. يتم تعريف البيانات الضخمة على أنها "البيانات ذات الحجم الكبير يتم إنتاجها من خلال الأنشطة الحكومة، أو التجارية، أو الخاصة. وتتسم بكونها شديدة التعقيد؛ حيث يتم معالجتها من خلال نظم قواعد البيانات، أو البرمجيات، أو والخوارزميات الذكية، والتطبيقات الإحصائية. بالإضافة إلى ضخامة حجمها فإنها تتسم بالسرعة غير المسبوقة في الحصول عليها، وتشغليها، علاوة على تعدد، وتنوع مصادرها، وعدم تجانسها. "[xvi] أسهمت تلك البيانات الضخمة في دفع صانعي السياسات، والقرار في العديد من حكومات الدول إلى النظر إليها على أنها مورد مهم من موارد الدولة إذا أحسن تحليلها بشكل صحيح؛ لتوظيفها في عمليات صنع القرار، والسياسات العامة. وفي الوقت نفسه أدرك المتخصصون في علوم البيانات أن مهمة تصنيف هذا الكم الهائل من البيانات لن يتم إلا من خلال تبنى خوارزميات الذكاء الاصطناعي. وبذلك فإن قدرة الذكاء الاصطناعي على العمل بشكل يواكب متطلبات تحليل البيانات الضخمة هي السبب الرئيس الذي يجعل الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة لا ينفصلان في كثير من التطبيقات؛ فالبيانات الضخمة مرتبطة ارتباطاً أصيلاً بالذكاء الاصطناعي فهو في حاجة إلى التعلم منها؛ ليتمكن من أداء المهام الموكَلة إليه. ومن ناحية أخرى، تزداد أهمية، وقيمة البيانات الضخمة إذا وظّفت في  إطار خوارزميات الذكاء الاصطناعي.[xvii]

      وبناء على ما سبق، اتفق العلماء على تحديد ثلاثة أنماط، وأشكال للذكاء الاصطناعي: الذكاء الاصطناعي الخارق، والذكاء الاصطناعي العام، والذكاء الاصطناعي الضيق.[xviii]فالذكاء الاصطناعي الخارق حالة افتراضية في المستقبل حيث تتفوق التكنولوجيا على الذكاء البشري. هذا موجود بشكل أكبر في عالم الخيال العلمي، لكن يناقش العلماء الخطوات التي يمكن اتخاذها لتجنب سيناريو تجاوز الذكاء الاصطناعي عتبة "التفرد التكنولوجي"، وينقلب ضد مصالح البشرية. بينما يشير الذكاء الاصطناعي العام بشكل أكبر إلى أنظمة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات التي لها أشكال ذكاء مماثلة للبشر، كإنشاء آلة قادرة على أداء جميع المهام الفكرية التي يستطيع العقل البشري القيام بها. حيث يتمكن هذا النمط من التفكير، والتعلم، وحل المشكلات في بيئات معقدة، ومتغيرة مثل البشر. أما الذكاء الاصطناعي على مستوى الضيق فإنه يرتبط بتطبيقات، وأنظمة ذكية للقيام ومعالجة المهام النمطية اليومية و المتكررة. [xix]

   ينصب تركيز هذا البحث على توظيف التطبيقات في دورة صنع السياسات العامة، وتحسين الخدمة الحكومية، والعامة التي تعتبر جزءًا منالذكاء الاصطناعي الضيق، بينما لا يتم أخذ الأشكال الأخرى في الاعتبار نظرًا لطبيعتها المستقبلية، ومن المستحيل دراستها في سياق عملي أو تجريبي.[xx]

2- جودة الحكم

   لم يتفق علماء السياسة على وضع تعريف محدد لجودة الحكم، ويُعزىذلك إلى تعدد وجهات النظر التى تفسر أساس شرعية نظام الحكم. فلا غرو في أهمية الشرعية؛ لأنها تؤثر على جودة الحكم.[xxi] وفي هذا السياق، يميز عالم السياسة فريتز شاربف Fritz Scharpf بين شرعية "المدخلات"، و"المخرجات"، فالأولى تُكتسب من خلال عمليات صنع القرار عالية الجودة، والأخيرة من خلال الأداء العالي في تحقيق النتائج المرغوبة.[xxii]

  ومن ناحية أخرى، يري البعض بأن "الشرعية تُنتج أولاً وقبل كل شيء من خلال العملية الديمقراطية".[xxiii] وقد قُدّم العديد من الأسباب؛لتفسير سبب تمتع البلدان الديمقراطية بمستويات عالية من جودة الحكم عن نظيرتها غير الديمقراطية. فغالبًا ما دُوفِعَ عن إرساء الديمقراطية كحل فعال لزيادة كفاءة وجودة الحكم عبر التخلص من المعدلات المرتفعة من الفساد وتحقيق أعلى معدلات التنمية الاقتصادية. حيث يؤكد منظّرو هذا الاتجاه على فكرة: أن النظم الديمقراطية تقيد من تصرفات، وسلوكيات المسؤولين الفاسدين. حيث تضع صناديق الانتخابات قيودًا على السياسيين أثناء تواجدهم في السلطة، بحيث إذا شهدت فترة حكمهم تجاوزات وانتهاكات سواء أكانت سياسية، أو اقتصادية يترتب عليها فقدان مناصبهم في الانتخابات القادمة، وتعرضهم للمساءلة القانونية. وهذا يفرض على المسؤولين والسياسيين حوافز أقل لمشاركتهم في أنشطة فاسدة؛ لتجنب خطر الإطاحة بالحكم. [xxiv] بالإضافة إلى ذلك، فإن المزيد من المؤسسات الديمقراطية تضمن المساءلة من خلال إتاحة المجال لوسائل الإعلام التي تكشف الفساد، وتنشر المعلومات، واتاحتها للمواطنين يساعد على تقليل السلطات التقديرية لموظفي الخدمة العامة.[xxv]وتوصلت بعض الدراسات لنتيجة مفادها: أن قمع الحريات المدنية يرجح إمكانية الإضرار بجودة الحكم.[xxvi]كما يؤكد أنصار هذا الاتجاه على أن الأنظمة غير الديمقراطية تمثل تهديدًا لجودة الحكم؛ بسبب احتكار السلطة من نخبة صغيرة العدد دون وجود قيود فعالة تحجم إساءة وانحراف استعمال السلطة؛ حيث توظف تلك السلطة في تحقيق مصالحهم الضيقة، مما يسهم في احتمالية ارتفاع معدلات الفساد. وبالتالي تصبح تلك الأنظمة غير مؤهلة على تلبية متطلبات جودة الحكم؛ لأنها قد تفتقر إلى الآليات والضوابط المناسبة لحماية الحقوق السياسية والمدنية.[xxvii]

    وتختلف الدراسة مع هذا الطرح، فالربط بين الديمقراطية، وجودة الحكم غير حتمي، فمن الممكن أن تلتزم بعض الأنظمة بتطبيق إجراءات الديمقراطية الغربية، ولديها القدرة على تنظيم الانتخابات، وفي الوقت نفسه يتسم أداء مؤسساتها بالفساد، وعدم الكفاءة عند ممارسة السلطة.[xxviii] في المقابل، يمكن أن تتمتع النظم غير الديمقراطية بجودة حكم مرتفعة،بينما قد تفشل بعض الأنظمة الديمقراطية فى الأمر ذاته.[xxix] بمعنى أدق: أن الشرعية "يتم إنشاؤها والحفاظ عليها وتدميرها ليس من خلال المدخلات، ولكن من خلال مخرجات النظام السياسي".[xxx]كما أكدت عدة دراسات تجريبية (إمبريقية) إلي عدم وجود علاقة خطية مباشرة بين الديمقراطية، وجودة الحكم*، حيث اتفق عدد من العلماء- وفقًا لتلك الدراسات التجريبية - على أن الديمقراطية لا تؤدى تلقائيًا إلي جودة الحكم، فقد شهد عدد من البلدان في آسيا، وأوروبا الشرقية، وأمريكا الجنوبية - التي شرعت في تبنى عدة خطوات نحو التحول الديمقراطي – مستويات مرتفعة من الفساد، وتدهور في جودة الحكم.[xxxi] وقد سُلّط الضوء على قضية:  أن الديمقراطية الانتخابية (الإجرائية) لا تؤدي بالضرورة إلى تحسين جودة الحكم في مؤتمر عُقد في عام 2007 للاحتفال بتأسيس الصندوق الوطني للديمقراطيةNational Endowment for Democracy (NED) الذي يتخذ من الولايات المتحدة مقراً له. في هذا المؤتمر، عبر لاري دايموند  Larry Diamondمدير مركز التنمية والديموقراطية وحـكم القانون في جامعة ستانفورد، والمتخصص في قضايا التحول الديمقراطي، عن هواجسه بشأن عدم قدرة عدد من النظم الديمقراطية على تعزيز جودة الحكم قائلا: "هناك شبح يطارد الديمقراطية في العالم اليوم. هو الحكم السيئ، حكم لا يخدم إلا مصالح النخبة الحاكمة الضيقة، حكم غارق في الفساد والمحسوبية والزبونية، وإساءة استخدام السلطة، ولا يسهم في تحسين جودة حياة الناس."[xxxii] وفي الوقت نفسه، تمكن عدد من النظم السياسية التي لم تكن ديمقراطية بمعايير ومؤشرات الديمقراطية الغربية الليبرالية من الارتقاء بمستويات جودة الحكم؛ لتتمكن من تحدى واحدة من أهم ركائز نظرية الحداثة التي تروج لوجود علاقة خطية بين النظم الديموقراطية، والتنمية الاقتصادية، وكفاءة الحكم، ومن أبرز تلك البلدان الصين، سنغافورة، كوريا الجنوبية، وأندونيسيا، وماليزيا، وروسيا الاتحادية؛ حيث تمكنت تلك النظم من تحقيق إنجازات اقتصادية متسارعة مكنتها من الوفاء بتعهداتها أمام مواطنيها كما كان الأمر في الديموقراطيات الغربية.[xxxiii]

    ومن ناحية أخرى، يعزو بعض الباحثين صعود الحركات والأحزاب الشعوبية ووصول عدد من قادتها إلي سدة الحكم في عدد من الدول ذات الديمقراطيات الراسخة في أوروبا والولايات المتحدة كرد فعل شعبي ساخط بسبب تراجع جودة الحكم، ومعاناة المجتمعات الغربية من عدد من الأزمات الاقتصادية، وعجز النخب الحاكمة عن حل مشكلة البطالة، علاوة على تراجع دخول الطبقة المتوسطة[xxxiv]، مما أدى لحالة من عدم الثقة في الأحزاب التقليدية والمؤسسات الديمقراطية القائمة.[xxxv] كما أسهمت جائحة كورونا في طرح إشكالية العلاقة بين طبيعة النظام السياسية وجودة الحكم،[xxxvi] خاصة مع الأداء الصيني المتميز في السيطرة على الوباء بفضل التدابير القسرية الصارمة وانخفاض أعداد الإصابات والوفيات.[xxxvii] على النقيض من ذلك شهدت عدد البلدان الديمقراطية: كالولايات المتحدة وإسبانيا وإيطاليا والمملكة المتحدة، وبلجيكا، والهند، أعلى معدلات للوفيات على مستوى العالم، وفقا لإحصاء جامعة جونز هوبكنز خلال العام الاول من اندلاع الجائحة.[xxxviii]

    ومن ثم يؤطر دى جراف، وباناكير de Graaf and Paanakker هذا الخلاف على أنه صدام بين قيم وشرعية "الإجراءات" و"الأداء".[xxxix] وفي هذا الإطار تتبنى الدراسة منظور "جودة مخرجات الحكم "و "عمليات صنع، وتنفيذ القرارات" عند تعريف جودة الحكم. فالشرعية السياسية تستند على جودة الحكم. وبالتالي يمكن تعريف جودة الحكم على أنه "سعى الحكومة جاهدة؛ لإنتاج مخرجات عامة عالية الجودة ، بما في ذلك توفير السلع والخدمات للمواطنين بأفضل تكلفة علاوة على القدرة على صنع، وفرض القوانين، وصياغة، وتنفيذ السياسات العامة بشكل فعال، بغض النظر عن طبيعة نظام الحكم."[xl]

من خلال مراجعة الأدبيات السابقة التي تناولت توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي القائمة بشكل أساسي على تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات في الخدمات العامة* ، توصلت الدراسة إلى استنباط إطار تحليلي أولي قد يساعد في تفسير دور الذكاء الاصطناعي في جودة الحكم. فغالبية تلك الدراسات لا تزال تنظر إلى توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي في المقام الأول على أنها تغييرات، وتحسينات في تقديم الخدمات العامة فحسب، وليس في المراحل المختلفة لعمليات صنع السياسات العامة.[xli]كما يشير أورليكووسكي، وإياكونو Orlikowski and Iacono إلى أنه على الرغم من أهمية تكنولوجيا المعلومات في الممارسات الاجتماعية، والاقتصادية اليومية، إلا أنه لا يوجد منهج بحثي متطور يسمح للباحثين بالنظر في الجوانب المختلفة التي تؤثر فيها تقنيات الذكاء الاصطناعي القائمة على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات على مجالات، وعمليات صنع السياسات العامة.[xlii] حيث تنظر معظم الدراسات إلى التكنولوجيا على أنها مكملةللممارسات التنظيمية، والإدارية القائمة، وقد يُنظر إليها على أنها قادرة على إحداث تغييرات في الهيكل الفعلي لعمليات صنع القرار.[xliii] ومن ثم فلابد من أن يتم تجاوز توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي من مجرد تحسين الخدمات، والإجراءات إلي  التأثير على دورة صنع السياسات العامة.[xliv] بمعنى أدق: السعي إلي رقمنة دورة صنع السياسات العامة مما يجعلها أكثر كفاءة، وسرعة، ومرونة، وديناميكية، واستجابة لرغبات، واحتياجات المواطنين، وتحسين الخدمات العامة مما ينعكس ايجاباً على جودة الحكم.[xlv]

     ومن ثم تفترض الدراسة أن تقنيات الذكاء الاصطناعي يمكن أن تعزز فعالية وجودة الحكم من خلال بعدين: الأول هو التأثير على المراحل المختلفة لدورة صنع السياسات العامة، والبعد الثاني، يتعلق بكفاءة وجودة الخدمات العامة، وكفاءة جهاز الخدمة المدنية. كما توظف الدراسة منهج دراسة الحالة من خلال الاستعانة بحالات دراسية طبقت تقنيات الذكاء الاصطناعي في عمليات صنع السياسات، وتقديم الخدمات العامة استنادًا إلي مؤشر "جاهزية الحكومة للذكاء الاصطناعي لعام 2020" Government Al Readiness Indexالصادر عن مؤسسة "أكسفورد إنسايت " Oxford Insights ومركز أبحاث التنمية الدولية. ووفقا للتقرير المذكور فقد طُبقت منهجية قياس مدى استعداد الحكومات لاستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي ارتكازًا على ثلاثة محاور رئيسية، و33 مؤشرًا من أبرزهم وجود استراتيجية وطنية للذكاء الاصطناعي، وقوانين حماية البيانات والخصوصية، واستخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والخدمات الرقمية، والبنية التحتية للاتصالات، وتوافر المهارات الرقمية، وثقافة ريادة الأعمال. وسوف تركز الدراسة بشكل أساسي على عدد من تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة بشكل خاص. خاصة إنها وفقًا للمؤشر السابق ذكره تحتل المرتبة الأولى، بالإضافة إلي الاستعانة بعدد من حالات تطبيقية لتقنيات الذكاء الاصطناعي في عدد البلدان الأوروبية (المملكة المتحدة، والسويد، وهولندا، وروسيا الاتحادية) التي تحتل مراكز متقدمة وفقا للمؤشر، بالإضافة إلي دولة الإمارات العربية المتحدةالتي تمثل نموذجًا صاعدًا، وناجحاً في توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي في القطاع الحكومي حيث تحتل المرتبة السادسة عشر وفقا للمؤشر السابق ذكره.[xlvi]

 

 

 

المحور الثاني الذكاء الاصطناعي، ودورة صنع السياسات العامة، وجودة الخدمات الحكومية

    يركز هذا المحور حول كيفيةمساعدة تقنيات الذكاء الاصطناعي صانعي السياسات العامة من خلال جعل عمليات ومراحل صنع السياسات العامة أكثر ديناميكية، وفعالية؛ للاستجابة لاحتياجات المواطنين، ومواجهة المشكلات اليومية.

يمكن تقسيم مراحل وعمليات صنع السياسات العامة/ دورة السياسة العامة The Public Policy Cycle))  كما يلي: تحديد المشكلات، والقضايا (إعداد جدول الأعمال) (Agenda Setting)، صياغة السياساتPolicy Formulation) )، تنفيذ السياسة (Policy Implementation) ، وأخيرًا تقييم السياسة (Policy Evaluation) [xlvii]. لأغراض التحليل، من المفيد تسليط الضوء على كل خطوة بشكل منفصل، حيث توظف تلك الدراسة إطار دورة السياسات العامة لدراسة دور تقنيات الذكاء الاصطناعي في تحسين جودة الحكم. حيث تعد مراحل عمليات صنع السياسات العامة هي الإطار المناسب؛ لفهم مدى تعقيد عمليات صنع القرار العام. وقد تؤثر قدرات الذكاء الاصطناعي على كل مرحلة من مراحل دورة صنع السياسة العامة كما يلي:

أ- الذكاء الاصطناعي وتحديد جدول الأعمال

  يمكن تعريف تلك المرحلة بأنها العملية التي يتم من خلالها تحديد المشكلات، ولفت انتباه صانعي السياسات لتلك المشكلات.[xlviii]بمعنى أدق تتسم تلك المرحلة بوضع جدول الأعمال، وتحديد المشكلات، وطرحها على الشأن العامة بشكل يدفع المسؤولين الحكوميين إلي التفكير، والتدخل؛ لاتخاذ إجراء، وطرح سياسات جديدة. ويمكن تقسيم جدول أعمال السياسات العامة إلى جدول أعمال حكومي (مؤسسي)، يحتوي على القضايا التي أثارتها الأجهزة والمؤسسات الرسمية الحكومية، والأجندة (العامة)، والتي تتألف من القضايا التي أثارها الجمهور؛ لاتخاذ إجراء.[xlix] ومن ثم فإن أحد الجوانب الرئيسة لإعداد جدول الأعمال هو كيفية جعل بعض القضايا، والمشكلات، دون غيرها، تستحوذ على اهتمام الجمهور وصانعي السياسات.

      في تلك المرحلة تسهم تقنيات الذكاء الاصطناعي في تأطير، ووضع جدول الأعمال من خلال مساعدة الحكومات على تجميع، وتحليل اهتمامات، ورغبات، ومصالح المواطنين من خلال أجهزة استشعار مختلفة، وتقنيات متطورة. على سبيل المثال، تُمكن تقنيات الذكاء الاصطناعي صانعي السياسات من الحصول على المعلومات المتداولة عبر منصات وسائل التواصل الاجتماعي، وتحليل محتواها؛ لتحديد المشكلات، وقياس اتجاهات الرأي العام لعدد من القضايا، والأزمات التي يتداولها رواد مواقع التواصل الاجتماعي.فمن خلال توظيف خوارزميات الذكاء الاصطناعي يمكن للحكومات أن تتعقب -بشكل شبه فوري- الموضوعات الناشئة، وتقوم بتحليل تفضيلات، واحتياجات المواطنين، مما يعزز محتوي جدول أعمال السياسات العامة.[l]كما يزيد الذكاء الاصطناعي من شرعية وضع جدول الأعمال من خلال تمكين المواطنين، والحكومات من الانخراط في حوار أكثر جدوى، وتعاون في تصميم السياسات.[li]

      في هذا الإطار يؤكد عدد من العلماء أن البيانات الضخمة التي تلتقطها عدد من البرامج الذكية عبر شبكة الانترنت، وشبكات التواصل الاجتماعي تمكن المواطنين من توصيل آرائهم بشكل غير مباشر للمسؤولين الحكوميين مما يجعلهم شريكًا مؤثرًا في عملية صنع السياسات العامة، بل وتقديم ملاحظات حول عملية صنع القرار الحكومي. وفي نفس الوقت من خلال تحليل لتلك البيانات الضخمة يمكن للحكومات إجراء تقييمات أفضل لتفضيلات المواطنين، وهذا يقلل من الاعتماد على الخبراء التكنوقراطيين، ويعدد مصادر المعلومات، ويضفي الشرعية على العملية السياسية منذ البداية. مما يمكن صانعي السياسات من تحسين محتوي جدول الأعمال من حيث الدقة، والكفاءة، والسرعة، والشمول.[lii]

     على مستوى الممارسة، كثفت الحكومات مؤخرًا جهودها؛ للحصول على تلك المعلومات. ففي عام 2015، أعلنت الحكومة البريطانية أنها أبرمت عقودًا مع سبع شركات؛ لرصد المعلومات، والآراء، واتجاهات المواطنين على منصات التواصل الاجتماعي.[liii] مما يتيح للمسؤولين الحكوميين وضع تصور متكامل للرأي العام أثناء مشاركتهم في وضع جدول الأعمال.[liv] كما يمكن توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي في مجال تقديم توصيات؛ لتحسين جدول الأعمال؛ حيث تسمح تحليل البيانات، والمحاكاة بإعطاء حلول أفضل، أو استبعاد سياسات معينة من جدول الأعمال؛ لأنها لا تحصل على النتائج المتوقعة.[lv]علاوة على ذلك، يمكن للذكاء الاصطناعي عبر الشبكات العصبية الاصطناعية Artificial Neural Networks التنبؤ بعدد من المشكلات، والقضايا المليئة بالتعقيد، وعدم اليقين. على سبيل المثال: تُستخدم الشبكات العصبية؛ لفحص النفقات العامة، وعلاقتها بنمو الناتج المحلي الإجمالي؛ للتنبؤ بالنفقات العامة المستقبلية حسب نوعها، وبذلك تساعد هذه المعلومات الحكومات في التعامل مع النفقات المحتملة والاستعداد لها. [lvi] كما تعتبر انذارًا مبكرًا للحكومات؛ للتعرف على الأزمات قبل انفجارها، أو تبنى عدد من القضايا متماشيًا مع التوجه، والمزاج الشعبي بما لا يضر بالمصلحة العامة.

ب - الذكاء الاصطناعي وصياغة السياسات

   تشير هذه المرحلة إلي خيارات، وبدائل السياسات المتاحة، وصياغة الحلول للمشكلات المحددة، وتقييم مزاياها، وعيوبها.[lvii] في تلك المرحلة، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يكون لديه تأثير ملحوظ حول خيارات، وبدائل السياسات العامة. حيث تساعد تقنيات الذكاء الاصطناعي -بما تمتلكه من قدرة -على تجميع، وتحليل البيانات الضخمة في تحديد، واكتشاف البدائل، وتوليدها بشكل أسرع، وأكثر دقة. فعادة قد تستغرق هذه المرحلة من دورة السياسة العامة عدة أسابيع، أو أشهر؛ وفقا لمستوى الحكومة، أو مدى تعقيد المشكلة. فمن خلال توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي، يمكن تقليل تلك العملية من أيام إلى ساعات.[lviii] كما تمكن بعض تقنيات الذكاء الاصطناعي المتطورة مثل الشبكات العصبية الاصطناعية، والحساب التطوري (الخوارزميات الجينية، والاستراتيجيات التطورية، والبرمجة الجينية) في صياغة السياسات، واتخاذ القرارات، فهي تعتبر مستشارًا حكوميًّا - مستشارًا آليًّا - يطرح العديد من خيارات، وبدائل السياسات، وتؤخذ في الاعتبار التكلفة المحتملة لكل قرار مما يسمح باختيار أفضل البدائل بأقل تكلفة.[lix] على سبيل المثال وُظّفت تقنية تُعرف ب "المساعد؛ لفهم البيانات بالاستدلال، والاستخراج، والتوليف" Assistant for Understanding Data through Reasoning, Extraction, and Synthesis (AUDREY)- وهي تعد جزءًا من مبادرة؛ لابتكار طرق جديدة؛ للحفاظ على سلامة رجال الإطفاء، والشرطة، والمسعفين، والحماية المدنية من قبل وزارة الأمن الداخلي الأمريكيةDepartment of Homeland Security  بالتعاون مع مختبر الدفع النفاث التابع لوكالة ناسا Jet Propulsion Laboratory. تمكن تلك التقنية من تتبع فريق إطفاء كامل، والمساعدة في جمع البيانات عن درجات الحرارة، والغازات، وإرسال إشارات تحذيرية، وتوجيه فريق الإطفاء للأماكن الآمنة البعيدة عن خطر النيران، بالإضافة إلى تقديم توصيات، واقتراح خيارات متعددة حول طريقة عملهم.[lx] كما قد تساعد تقنيات الذكاء الاصطناعي في صياغة سياسات الصحة، وتحديد كيفية الاستثمار في القرارات المستقبلية التي يجب اتخاذها بشأن المستشفيات، أو حتى إذا كانت هناك حاجة إلى أطباء متخصصين جدد في مجال معين من الرعاية الصحية.[lxi]

     وتتيح تقنيات الذكاء الاصطناعي للحكومات القدرة على فحص السياسات السابقة؛ للتأكد من مدى فعاليتها، والمساعدة في تحديد الأفراد، أو الكيانات، أو المناطق الأكثر عرضة لخطر مشكلة، أو أزمة معينة، وتقديم المساعدات الممكنة. على سبيل المثال: تدخل الذكاء الاصطناعي في سياسات الصحة في الولايات المتحدة من خلال صياغة السياسات القائمة على تحليل البيانات في الجهود المبذولة؛ لمكافحة التسمم بالرصاص في ولاية شيكاغو الأمريكية. فمن خلال توظيف البيانات الضخمة Big Data تمكنت هيئة الصحة العامة في ولاية شيكاغو من تحديد المنازل التي يُحتمل أن تحتوي على مستويات غير آمنة من الرصاص قبل تعرض قاطنيها للتسمم، بل وتحذير مشتري المنازل المحتملين بشأن المناطق التي تحتوى على كميات كبيرة من الرصاص[lxii].

    كما تمكن تقنيات الذكاء الاصطناعي صانعي السياسات، وموظفي الخدمة المدنية في الخطوط الأمامية على إجراء تنبؤات بطريقة أكثر شمولاً، وأقل عرضة للتحيز البشري، فمن خلال الخوارزميات الذكية يمكن تحديد عدد الطلاب المعرضين لخطر التسرب من التعليم، أو المناطق الساخنة التي قد تشهد أعمال إجرامية، أو احتمالات عودة المفرج عنهم من المسجونين للإجرام مرة أخرى كما هو مطبق في مكافحة الجريمة في لندن.[lxiii]تُفسح هذه المعلومات المجال لصياغة السياسة المستهدفة مما يساعد على تجنب هدر الموارد .

  يمكن القول: خلال صياغة السياسات العامة قد تتجاوز تأثير تقنيات الذكاء الاصطناعي من مجرد تحليل البيانات؛ لإيجاد خيارات، أو حلول جديدة؛ لأنها تعمل كأداة تكنولوجية ذكية تساعد في عملية صنع القرار، وفي صياغة السياسات العامة، بل قد تمكن صانع القرار من اتخاذ خطوات تنبؤيه، واستباقية.

ج - الذكاء الاصطناعي وتنفيذ السياسة

    بعد صياغة بدائل، وخيارات السياسات العامة لم يبقَ سوى إصدارها في صورة قرارات، أو تعليمات، أو تشريعات، ووضع سياسة معتمدة موضع التنفيذ. إلى جانب ذلك ينطوي تنفيذ السياسة العامة على تطوير العمليات، والإجراءات؛ لترجمة الخطط المصاغة إلى فعل، واجراء. بمعنى أخر: تُحوَّل  السياسات من خطط مكتوبة على الورق إلى ممارسة، واجراء، تصميم جميع خطوات بآليات تنفيذها.[lxiv]

    في تلك المرحلة، يمكن توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي في تحسين تنفيذ السياسة العامة بعدة طرق، بما في ذلك سرعة الاستجابة للقضايا الملحة، وإدارة الاعمال الروتينية اليومية، بل والتعامل مع الكوارث على سبيل المثال: شهدت مقاطعة سان ماتيو-بولاية  كاليفورنيا  توظيف الخوارزميات الذكية التي  تحتوي على بيانات عامة، وضخمة في تفعيل سياسات الدفاع المدني، وخاصة عند التعامل عند حدوث الزلزال مع إمكانية تحديد المناطق في المدينة الأكثر عرضة لخطر، وتحمل الزلزال وإعطاء الأولوية لجهود الإنقاذ مما يعنى انقاذ عدد كبير من الأرواح ، وكذلك ترشيد النفقات.[lxv]

   وفيما يتعلق بالسياسات الأمنية، شرعت دولة الإمارات العربية المتحدة في تدشين عدد من مراكز الشرطة الذكية في دبي Dubai Smart Police Station (SPS) منذ عام 2017. أسهمت تلك المراكز في تقديم أكثر من سبع وعشرين خدمة رئيسية في مجالات الخدمات الجنائية، والمرورية، وطلبات شهادات الحالة الجنائية، والتصاريح. كما يوفر خدمة الإبلاغ عن الجرائم، والحوادث المجهولة، وكذلك الحوادث المرورية. [lxvi]كما تستخدم أقسام الشرطة الذكاء الاصطناعي؛ لرصد الجريمة، وتحديد أنماط حوادثها، والتدخل بشكل استباقي؛ لمنع حدوثها. على مدى العقد الماضي، طُوِّر عدد من أقسام الشرطة المحلية الكبرى في الولايات المتحدة ، بما في ذلك أقسام الشرطة في لوس أنجلوس،وشيكاغو،ونيويورك، فاتخذت نهجًا وقائيًّا بتوظيف الخوارزميات الذكية التي تستند إلى تحليل البيانات الضخمة المتوفرة بمواقع التواصل الاجتماعي، وأجهــزة نظـام تحديـد المواقع العالمية GPS)ومقاطـع الفيديـو من كامــيرات الشــوارع، وقارئــات لوحــات الســيارات، وسـجلات السـفر، وبطاقـات الائتمان بالإضافة إلي قواعد البيانات الحكومية؛ لاتخاذ تدابير اسـتباقية تهدف إلى تحديد بؤر العنف الساخنة، والأماكن التي من المحتمل أن يقع بها جرائم، والتدخل قبل حدوثها[lxvii]، ونتيجة اعتماد شرطة لوس أنجلوس على تقنيات الذكاء الاصطناعي تراجعت عمليات السطو بنسبة 27 % في عام 2012 ، وانخفضت سرقة الممتلكات بنسبة 19%، وانخفضت معدلات الجريمة الإجمالي بنسبة 13%. توفر هذه الاتجاهات، والمؤشرات أدلة أولية على أن الشرطة التنبؤيه Predictive Policing  قد أسهمت في خفض معدلات الجريمة.[lxviii] وبالتالي مكنت تطبيقات الخوارزميات الذكية أقسام الشرطة من اعتماد نهج وقائي بدلاً من نهج رد الفعل عند التعامل مع الجريمة.[lxix]

  ومن ناحية أخرى توظف مؤسسة السكك الحديدية الروسية تقنيات الذكاء الاصطناعي في إدارة سير القطارات؛ حيث تقوم تلك التقنيات بإرسال إشارات تحذيرية لسائق القطارات لتحذيره من الوقوع في حادث تصادم. وفي حال عدم استجابة سائق القطار للإنذار فإن جهاز الحاسوب يتخذ قرارا مستقلاً وتلقائيًا لتجنب هذا الحادث.[lxx]

  ومن ناحية أخري تسهمالخوارزميات الذكية في الكشف عن المخالفات، والتقليل من الاحتيال، والأخطاء بشكل كبير، وتحسين تنفيذ السياسة المالية، والضريبية في المملكة المتحدة.[lxxi]فمن خلال تحليلات البيانات الضخمة، قامت بعض المصالح الضريبية بتصنيف دافعي الضرائب من الأفراد، والشركات؛ لتقديم عرض مفصل لكل عميل لتعزيز مكافحة الاحتيال من خلال تصميم حوافز موجهة؛ لتعزيز زيادة التزام دافعي الضرائب. ومن خلال توظيف البيانات الضخمة، تمكنت هيئة الضرائب، والجمارك الأيرلندية من تطوير نماذج تنبؤيه؛ للمساعدة في استهداف دافعي الضرائب بشكل أفضل ومكافحة التهرب الضريبي.[lxxii]

     وتُوظّف تقنيات الذكاء الاصطناعي في تنفيذ السياسة الصحية بكفاءة بالاستعانة بالبيانات الضخمة في تصميم خدمات جديدة؛ لتلبية احتياجات الفئات التي لم يتم تغطيتهم في إطار برامج الرعاية الصحية ، على سبيل المثال: بعد أن دخل قانون الرعاية الصحية الأمريكي حيز التنفيذ في عام 2010، أنشأت الإدارة الأمريكية برنامجًا يسمىEnroll America ؛ لتحديد الفئات الذين ليس لديهم تأمين صحي، وتسجيلها في نظام الرعاية الصحية الجديدعن طريق استخدام النمذجة الإحصائية؛ لتحديد المواطنين غير المُؤَمَّن عليهم، ومساعدتهم في تسجيل في البرنامج.[lxxiii] وفي سياق متصل تمكنت تقنيات الذكاء الاصطناعي عبر توظيف شبكات التواصل الاجتماعي من تحسين السياسات الصحية الوقائية. حيث تعاني الولايات المتحدة الأمريكية من ازدياد الأمراض المنقولة بالغذاء عبر المطاعم؛ إذ يبلغ عدد الأفراد الذين يصابون بهذه الامراض سنويًا حوالي 48 مليون فرد يحتاج 120000 منهم الدخول إلى المستشفى، بينما يفقد 3000 منهم حياته وفي الوقت نفسه، يُصاب واحد من كل ستة من المواطنين الأمريكيين بالتسمم الغذائي سنويًا وفقًا لبيانات أصدرها مركز مكافحة الأمراض الأمريكي والوقاية منها CDC خلال أعوام 2014، 2015.[lxxiv] ولقد أولت إدارة الصحة في مدينة لاس فيجاس اهتماماً كبيراً لمواجهة هذه المشكلة الصحية؛ حيث تعاونت مع جامعة روتشستر والهيئة الوطنية للعلوم؛ لتطوير تطبيق nEmesis الصادر عام 2016 ، والذي يسهم في تمكين إدارات الصحة في رصد وتحديد منشورات التى تبث عبرمنصات التواصل الاجتماعي التي تتناول حالات التسمم الغذائي. يقوم هذا التطبيق على الربط بين التغريدات الواردة على موقع تويتر، وصفحات المطاعم بحيث تتم الاستعانة بتقنية تحديد الموقع الجغرافي Geotagging؛ لتحديد وحصر المناطق، أو المطاعم التي يحتمل أن تشهد حالات تسمم غذائي فيها.

    ومن جانب آخر، يتيح التطبيق إمكانية تعديل وظائفه لرصد حالات صحية أخرى في أماكن مختلفة كمكافحة البعوض، أو تقييم زيارات الأطباء. وقد أسهمت تلك التقنية في تحسن إجراءات التفتيش على المطاعم في لاس فيجاس، خاصة وأنّ الممارسات التقليدية التي تطبقها إدارات الصحة في المدينة وغيرها من المدن لا زالت تتبع نظام الاختيار العشوائي للمطاعم بهدف إجراء الزيارات التفتيشية. كما أدى توظيف الخوارزميات الذكية الذي يرتكز عليها تطبيق “nEmesisفي حصر المواقع المحتملة للإصابات خلال المرحلة التجريبية التي استمرت ثلاثة أشهر خلال عام 2016. وقد نجح التطبيق في رصد وتحليل أربعة ملايين تغريدة عبر توظيف الخوارزميات التى ترصد وتتعرف على جمل مفتاحية ترتبط بأعراض الأمراض المنقولة بالغذاء مثل جملة " أشعر بالغثيان".[lxxv]  أسهم هذا التطبيق في المساعدة على تصنيف المطاعم وفقا لعدد المترددين عليها، والذين سجلوا إصابتهم بأعراض مرتبطة بالتسمم الغذائي. وقد ترتب على حملات التفتيش المنضبطة لتلك المطاعم إما حصولها على إنذارات أو صدور قرارات بإغلاقها. وخلال فترة تجربة تطبيق“nEmesis” لمدة ثلاثة أشهر خلال عام 2016، أسهم هذا التطبيق في تحسين فعالية الحملات التفتيشية على المطاعم، حيث تم رصد تراجع حالات التسمم الغذائي بمقدار 9000 حالة، بينما قلت حالات الإدخال إلى المستشفى بمقدار 557 حالة في مدينة لاس فيجاس. وكمؤشر على نجاح هذا التطبيق، فقد نال جائزة التطبيقات المبتكرة في مجال الذكاء الاصطناعي خلال المؤتمر الثلاثين لجمعية النهوض بالذكاء الاصطناعي عام 2016.[lxxvi]

د - الذكاء الاصطناعي، وتقييم السياسات

     في هذه المرحلة يتم تحليل السياسات المنفذة؛ لتحديد مدى توافقها مع الأهداف المحددة سلفًا، ومن أجل التعرف عن مدى كفاءة البرنامج،أو الأدوات التي تم اختيارها؛ لتطبيق هذه السياسة. تتمثل المعايير التي يُعتمد عليها في تقييم أحد السياساتالعامة في: الفعالية، والكفاءة، والجودة، والإتاحة، والعدالة. تهدف مرحلة تقييم السياسة العامة إلى تقييم النتائج المقصودة، وغير المقصودة وقياسها مقابل الغرض الأصلي، والنتائج المتوقعة. ومن ثم يستلزم تقييم السياسة تقييم ما إذا كانت الأهداف المحددة لسياسة ما قد تحققت، والنظر فيما إذا كان ينبغي تغيير السياسة، أو إلغاؤها.[lxxvii]

   يرى بعض الباحثين بأن فوائد وإمكانات تقنيات الذكاء الاصطناعي عبر توظيف البيانات الضخمة ستحدث تغييرًا أكثر دراماتيكية في مرحلة التقييم.[lxxviii] عادة ما يتم تصوير أن مرحلة التقييم تمثل نهاية لدورة صنع السياسات العامة، إلا أنه مكنت تقنيات الذكاء الاصطناعي، وتحليل البيانات الضخمة من تضمين تلك العملية في كل مرحلة من مراحل دورة السياسة العامة، مما يزيد من احتمالية تغير مفهوم التقييم نفسه، ويزيد من إمكانية التصحيح الذاتي مما يوفر الوقت، والموارد، ويزيد من سرعة، ومرونة الاستجابة.[lxxix] بعبارة أخرى، تقوم تقنيات الذكاء الاصطناعي بإجراء تقييمات مستمرة منذ بداية التنفيذ، مما يولد فكرة التقييم المستمر في الحكومات، والإدارات العامة. يتم تعزيز هذا بشكل أكبر من خلال البيانات الضخمة التي تفتح إمكانيات دائمة للتكرار، وإعادة التقييم، ومراجعة السياسة.[lxxx]كما توفر التحليلات المتقدمة مستوى أعلى من التفاصيل، ومعالجة بيانات السلاسل الزمنية من مصادر متعددة، ومتنوعة تدعم القياس الشامل لنتائج السياسة.[lxxxi]حيث تمكن صانع القرار من فهم الآثار طويلة المدى؛ لتنفيذ السياسات على المواطنين في مجالات مختلفة. بالإضافة إلى ذلك، تمكن تقنيات الذكاء الاصطناعي من معالجة المزيد من المعلومات الدقيقة لكل من العوامل القابلة للقياس الكمي (مثل: التكلفة الاقتصادية) وغير القابلة للقياس الكمي (مثل الاعتبارات القيمية، والمخاوف الأخلاقية)، يتم تطبيق ذلك من خلال تحليلات المنفعة، والتكلفة بشكل أكثر تعقيدًا، وشمولًا.[lxxxii]

   ونتيجة ما أحدثته تقنيات الذكاء الاصطناعي من زيادة ديناميكية دورة صنع السياسات العامة، فإن ذلك قد ينعكس بصورة إيجابية على تلبية الخدمات العامة للمواطنين، وتحسين كفاءة الجهاز الإداري.[lxxxiii] حيث يتمتع الذكاء الاصطناعي بإمكانات هائلة تُطَبَّق في مختلف القطاعات الحكومية مثل: التعليم، والبنية التحتية، والنقل، والاتصالات، وأمن المعلومات، والمالية، والرعاية الصحية، والعدالة الجنائية.[lxxxiv] كما سعى عدد من الحكومات لتوظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي لترشيد استخدام الطاقة والكهرباء؛ حيث تتحكم تقنيات الذكاء الاصطناعي في استخدام واستهلاك الطاقة في المنشأت سواء كانت عامة أو خاصة؛ لتوفير الطاقة خاصة خلال ساعات الذروة، وتحدد المشكلات، وتكشف عن أعطال المعدات، وتتنبأ قبل حدوثها. كما تقوم الخوارزميات الذكية بتحليل التنبؤات الجوية ورصد تغيراتها؛ للتحكم في أجهزة مبردات الهواء، علاوة على توفير الطاقة من خلال الاعتماد على التهوية الطبيعية، والطاقة الشمسية.[lxxxv]

   وفي قطاع الرعاية الصحية تم استخدامتقنيات الذكاء الاصطناعي؛ لمساعدة، وتحسين قرارات الأطباء في تشخيص المرضي، وعلاجهم، ومراقبة تطور حالتهم الصحية. ومن أبرز الأمثلة على ذلك، وظفت هيئة خدمات الصحة الوطنية البريطانية The National Health Service (NHS) تقنيات الذكاء الاصطناعي عن طريق الخوارزميات الذكية؛ لتحسين تقديم خدمات الرعاية الصحية، خاصة فيما يتعلق باستراتيجيات علاج المرضي. حيث تختلف فعالية العلاج باختلاف حالة المريض بناء على متغيرات متعددة. تقليديا، يقوم الأطباء بإجراء تقييمات ذاتية لأفضل نظام علاج معين يوجه للمريض، وعبر تقنيات الذكاء الاصطناعي، يستطيع الأطباء تقسيم المرضى إلى مجموعات فرعية وفقًا لتاريخهم المرضي، وأعمارهم، واختيار العلاج المناسب، وتحديد النوع، والجرعة؛ لتحقيق أقصى قدر من الفعالية، وتقليل الآثار الجانبية. يتيح هذا النهج للأطباء إجراء مقارنات بين خيارات العلاج التي كانت معقدة للغاية، وتستغرق وقتًا طويلاً.[lxxxvi]

   ومؤخرًا لجأت العديد من الحكومات إلى استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي سواء أكان بالاعتماد على الخوارزميات الذكية، وتحليل البيانات الضخمة، واستخدام الروبوتات: لمواجهة جائحة كورونا على عدة مستويات: أولها تتبع مسار الفيروس، والتنبؤ بانتشاره (الإنذار المبكر)، وتشخيص الإصابة بالفيروس، وتميزه عن أعرض أخرى (الالتهاب الرئوي)، وتحديد العلاج الدوائي المحتمل، والمساعدة في التوصل إلي مصل، كما وُظّفت الروبوتات في عمليات التطهير، والتعقيم وعلاج المرضي.[lxxxvii]

   وعلى مستوى مكافحة الجريمة، قامت الشرطة الوطنية الهولندية بتدشين شبكة من المجسات الذكية متواجدة في أعمدة الإنارة الذكية في الشوارع حيث تمتلك كاميرات، ومجسات صوتية تقوم بجمع، وتحليل المعلومات، والتي تمكنها من التعرف على المجرمين و التنبؤ بحالات السرقة قبل وقوعها، وكذلك التعامل معها بسرعة، وحسم وقت حدوثها.[lxxxviii]

   وفي قطاع النقل، استعانت الولايات المتحدة، وعدد من البلدان الأوروبية بتقنيات الذكاء الاصطناعي؛ للمساعدة فى توفير حلول مبتكرة لعدد من المشكلات المتعلقة بقطاع النقل مثل: اكتظاظ حركة مرور السيارات، وزبادة معدلات التلوث. في هذا السياق، استعانت دولة الإمارات العربية المتحدة بالمركبات ذاتية القيادة Automated Vehicles من أجل العمل على تقليل حوادث المرور.[lxxxix] كما وظفت مدينة بيتسبرج الأمريكية تقنية الذكاء الاصطناعي؛ لانسياب السيولة المرورية فى الطرق الرئيسة بالاستعانة بنظام يسمى Rapid Flow من خلال مسح أنماط الحركة المرورية، وتحديد أماكن التكدس، والكثافات المرورية. وقد أسهمت هذه التقنية فى تقليص زمن الرحلة بنسبة تزيد على 25 % فى المتوسط ​​، علاوة على انخفاض أوقات الانتظار بمعدل 40 %، كما انخفضت نسبة الانبعاثات لتصل إلي 20 %.[xc] كما وظفت روسيا الاتحادية أيضًا تقنيات الذكاء الاصطناعي؛ للحد من حوادث المرور.[xci]

    وقد وُظّفت تقنيات الذكاء الاصطناعي في المجالات الحكومية الأخرى مثل: قطاع التجارة والقطاع المصرفي وقطاع الاتصالات والرعاية الاجتماعية.[xcii] ابتكرت وزارة الشؤون الاجتماعية الهولندية أحد تقنيات الذكاء الاصطناعي المُسمى بـ" مؤشر مخاطر النظام (SyRi)System Risk Indicator؛ لكشف مدى نزاهة  الأفراد الذين يتلقون الإعانات الاجتماعية من الحكومة الهولندية. وللكشف عن حالات الاحتيال الخاصة بتقديم الخدمات، وإعانات الرعايا الاجتماعية. حيث تُوظف تلك التقنية البيانات الحكومية بالاعتماد على عدة مؤشرات مثل: الضرائب، والتأمين الصحي، وسجلات الأراضي، والتوظيف، وامتلاك المركبات، من أجل الكشف عن عناوين الأشخاص التي تنطوي على مخاطر عالية للاحتيال، أو إساءة استخدام مزايا الرعاية الاجتماعية.[xciii]عارضت عدة منظمات مجتمع مدني هولندية استخدام هذا النظام، مبررين معارضتهم على أن تلك التقنية تتسبب في التعدي على الخصوصية، ويمثل تمييزًا تجاه المواطنين الفقراء، والضعفاء. كما تم انتقاد الافتقار إلى الشفافية بشأن العمل الداخلي للنظام، وعدم قدرة الأشخاص المتضررين على التعرف على بياناتهم. كما أعرب مقرر الأمم المتحدة لحقوق الإنسان عن مخاوفه بشأن استخدام نظام SyRi؛  لأنه قد يمثل تهديدًا كبيرًا لحقوق الإنسان، مما دفع القضاء الهولندي مؤخرًا لمنع توظيف الحكومة لهذا التطبيق؛ لأنه ينتهك المادة 8 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان (ECHR) (الحق في احترام الحياة الخاصة، والعائلية). كما أشارت حيثيات الحكم إلى أن الأشخاص الذين يتم جمع بياناتهم، وإدراجها في تقرير المخاطر لا يتم إبلاغهم تلقائيًا.[xciv]

   ومن ناحية أخري، كانت هناك محاولات؛ لتوظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي من أجل العمل على ضمان حيادية، ونزاهة تعيين الأفراد داخل الجهاز الإداري الحكومي وفقا للجدارة، وليس المحاباة، والمحسوبية. وتعتبر السويد من أوائل الدول على مستوى العالم في السعي؛ لتوظيف تلك التقنيات في عملية التوظيف. حيث بدأت بلدية Upplands-Bro السويدية في تجربة الروبوت Tengai في عمليات التوظيف الخاصة بها منذ يونيو 2019. وهو يعد أول الروبوتات التي تم تطويرها بهدف جعل عملية التوظيف أقل تحيزًا أثناء ممارسات المقابلات التقليدية. وبالتالي كانت الفكرة وراء استخدام الروبوت هي تجنب وجود عنصر بشري في بداية عملية التوظيف من أجل تحييد أي تحيزات نفسية، واجتماعية. وتستخدم تلك البلدية هذا الروبوت؛ لتحديد المرشحين الحاصلين على أعلى درجات الأداء العام، من أجل عمل قائمة مختصرة للاختيارات المستقبلية. يقوم الروبوت بعد ذلك بإجراء المقابلات؛ لتقييم المرشحين من خلال تحليل سلوكياتهم، وقدراتهم على حل المشكلات ومهارات أخرى إذا لزم الأمر. كما يمكن للروبوت طرح أسئلة متتابعة، ثم يتم تحليل المقابلات، ثم يقوم Tengai بالاختيار الأول من المرشحين الواعدين. وفي النهاية يجري القائمون على التوظيف في البلدية المقابلة النهائية مع المرشحين؛ لتقييم دوافعهم. تم اعتبار النتائج الأولى التي أعقبت اعتماد روبوت Tengai على أنها ناجحة، وجلبت اهتمامًا إعلاميًا كبيرًا إلى البلدية بسبب النهج المبتكر في التوظيف. وفقًا لأحد مديري البلدية ، فإن روبوت Tengai قد جعل عمليات الاختيار، والتوظيف أسرع وأرخص وأكثر حيادية، مما أدى إلى توفير موارد مهمة؛ لإنفاقها على مهام أخرى.[xcv]

المحور الثالث تحديات الذكاء الاصطناعي :

هناك عدد من التحديات يفرضها الذكاء الاصطناعي على الحكومات  كما يلي:

1-   ضرورة توافر بنية تحتية إلكترونية متماسكة، بينما أقرت العديد من الحكومات  بأهمية الدخول في العصر الرقمي؛ لتوليد حلول جديدة، ومبتكرة؛ لحل المشكلات، إلا أن هذا يمثل تحديا كبيرا تواجهه حكومات دول العالم النامي، خاصة وأنه يحتاج إلى ميزانية ضخمة وتوافر قدرات بشرية، وإرادةسياسية؛ لتحقيق ذلك.

2-   نقص الخبرة الفنية، حيث تعد الموارد البشرية عاملاً هامًا عند التفكير في كيفية إنشاء بنية تحتية إلكترونية متكاملة. في حين يحاول القطاع العام بناء القدرات في هذا المجال، إلا أنه يواجه تأخرًا فيما يتعلق بمحدودية المتخصصين في مجال تحليل البيانات، وتقنيات الذكاء الاصطناعي داخل المنظومة الحكومية. خاصة وأن الحكومات تتمكن من تجميع كميات هائلة من البيانات عن مواطنيها، لكن لا تستفيد فعليًا من هذه الكم الهائل من البيانات. قد يعزو ذلك إلى افتقار  تلك الحكومات إلى المواهب، والخبرات اللازمة للمحافظة عليها، وتحليل كل المعلومات التي يمتلكونها. وينعكس نقص الخبرات الفنية في تصنيف، وتحليل البيانات إلي اجبار الحكومات للاستعانة بفنيين، ومتخصصين من القطاع الخاص، مما يشكل ضغوطاً ضخمة على الموازنة الحكومية، وبالتالي سيجد عدد كبير من الحكومات صعوبة في توظيف تلك المواهب المطلوبة، والاحتفاظ بها؛ للاستفادة الكاملة من قدرات الذكاء الاصطناعي. فبدون وجود موظفين، وفنيين داخل الجهاز الإداري يمتلكون المواهب، والقدرات، والمعارف، ويتحلون بالثقافة المطلوبة؛ لاحتضان التكنولوجيا الجديدة، ستظل التنمية بطيئة؛ وتزداد التكلفة مما يعرقل جهود صانعي القرار الحكومي في مواكبة التطورات التكنولوجية، وادماج تقنيات الذكاء الاصطناعي في تقديم الخدمات الحكومية.[xcvi]

3-   كما لابد من توافر بنية تشريعية واضحة، ومتماسكة تحفز، وتنظم استخدام البيانات الضخمة التي تجمعها، وتحللها تقنيات الذكاء الاصطناعي. علاوة على أن اعتماد الحكومات على تلك التقنيات يدفعها إلى تبنى، ووضع تشريعات قد تتعارض مع قضايا الخصوصية، وسرية المعلومات. حيث تعتبر ملكية البيانات مجالًا معقدًا، ومشحونًا سياسياً، فمن الضروري معالجة المخاوف العامة بشأن استخدام البيانات، وتوفير إطار عمل واضح، ووضع إطار قانونى؛ لحماية خصوصية البيانات تفيد كلا من الفرد، والمجتمع على نطاق أوسع. بيد أنه توجد صعوبة في إدارة التفاوض بشأن قوانين الخصوصية، حيث يتم إنتاج البيانات من مصادر متنوعة: بعضها خاضع لسيطرة الدولة، والبعض الآخر ليس كذلك. فقد ترغب الحكومات -على سبيل المثال- في دمج قواعد البيانات من الشركات الخاصة من أجل الوصول إلى المعلومات غير المتاحة. مثال على ذلك: هو خطابات الأمن القومي الأمريكي  National Security Letters NSLs)) هو أمر استدعاء إداري صادر عن حكومة الولايات المتحدة؛ لجمع المعلومات لأغراض الأمن القومي، ولا يتطلب هذا الخطاب موافقة مسبقة من القاضي. بموجب هذا الخطاب يتم منح مكتب التحقيقات الفيدرالي FBI الصلاحية الكاملة في طلب سجلات، وبيانات الأفراد التي تحتفظ بها البنوك، وشركات الهواتف، ومقدمو خدمات الإنترنت؛ للحصول على بيانات البريد الإلكتروني، وأرقام الهواتف، وتفاصيل عن الحسابات البنكية، وتاريخ التصفح عبر شبكة المعلومات الدولية، وحسابات الدردشة أو المراسلة، ومعلومات عن مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي دون أمر قضائي، وبسرية تامة. جدير بالذكر أن سلطة مكتب التحقيقات الفيدرالي لإصدار خطابات الأمن القومي مستمدة في الواقع من قانون خصوصية الاتصالات الإلكترونية - الصادر عام 1986. [xcvii]     

4-   إشكالية عدم احتكار المعلومات، على عكس ما تتميز به الدولة من الاحتكار الشرعي لامتلاك، واستخدام أدوات العنف، فإن هذا لا ينطبق على السيطرة على تقنيات، ومعلومات الذكاء الاصطناعي. حيث تحتاج الحكومات إلى تجميع كميات هائلة من البيانات عن مواطنيها من أجل تحسين جودة الخدمات الحكومية، وتحسين عملية صنع السياسات، إلا أن تلك المعلومات ليست حكرًا على الحكومات. فغالبية التطبيقات، ومنصات التواصل الاجتماعي تخضع تحت سيطرة القطاع الخاص، حيث تقوم شركات مثل جوجل، وفيسبوك بتجميع كميات هائلة من بيانات المستخدمين التي توظفها؛ لتحسين تقديم الخدمات، والمنتجات، وزيادة فعالية استراتيجيات التسويق، إلا أن الحكومات لا تزال تتخلف في هذا الشأن. وبذلك، تحتاج  تلك الحكومات خاصة في البلدان النامية إلى فتح مجالات التعاون مع كبرى المؤسسات التعليمية، والجامعات من أجل اعداد كوادر رقمية متخصصة في تكنولوجيات الذكاء الاصطناعي، علاوة على ضرورة تبنى برامج بناء القدرات؛ لتدريب موظفي القطاع العام على تقنيات الذكاء الاصطناعي وكذلك الاهتمام ببرامج توعية المجتمع ككل بأهمية الذكاء الاصطناعي.

5-   هناك إشكاليات تدور حول آليات تنفيذ تقنيات الذكاء الاصطناعي عند اتخاذ القرارات، وطرح التوصيات والذي يمكن وصفه بـ "أبوية الذكاء الاصطناعي Artificial Intelligence Paternalism، فقد صممت تقنيات الذكاء الاصطناعي؛ لمساعدة صانعي القرارات على اتخاذ القرار، وطرح البدائل، لكن قد يتعدى هذا الأمر، وتقوم تلك التقنيات بممارسة هيمنة تؤثر على إرادة وسلوك صانع القرار من خلال تحكمها في طرح المعلومات، وفلترة بعض منها بشكل يؤثر على طرح الخيارات، والبدائل، فكأنها تقوم بتوجيه صانع القرار؛ لاتخاذ قرارات معينة. وقد يتعدى ذلك إلى أن تقوم تلك التقنيات باتخاذ القرارات، وتنفذ الإجراءات نيابة عن العنصر البشري، وبالتالي يصبح صانع القرار تابعًا لتلك التقنيات، مما يشكل تهديدًا كبيرًا على منظومة صنع، وصياغة السياسات العامة. ومن ثم قد تتمكن تقنيات الذكاء الاصطناعي بالقيام بدور صانع القرارات الرئيسية في السياسات العامة بدلاً من أن تكون أحد الأدوات الهامة للمساعدة في اتخاذ القرار. هنا يطرح عدة تساؤلات حول تحديد مسؤولية اتخاذ القرار، و المحاسبة ، ومن الممكن أن يشكل تهديدًا لمدى تحكم صانع القرار البشري في عمليات صنع السياسات العامة، ويصبح أسيرًا لسطوة تقنيات الذكاء الاصطناعي.[xcviii] علاوة على التهديدات والمشكلات المتعلقة بالأمن السيبراني ، وانتهاك الخصوصية.  كما أن تلك التقنيات التي تعتمد على تجميع عدد ضخم من البيانات، وتحليلها للوصول إلى اختيار بدائل سياسات مناسبة قد تغفل الأسباب الكامنة وراء المشكلات، في ضوء عدم توافر الضمانات؛ لتوفير بيانات دقيقة، ومتجانسة. حيث أنها قد تتسم بنزع الصفة الإنسانية، فمن المفترض أن يأخذ صانع القرار القيم، والاعتبارات الإنسانية في الاعتبار في عمليات صنع السياسات العامة، لكن تلك الاعتبارات يتم اغفالها من قبل تقنيات الذكاء الاصطناعي لاسيما وأنها تعتمد على وجود التحيزات الخوارزمية. ومن أبرز الأمثلة على ذلك: ما ذكره تقرير مؤسسة راند المعنون "ذكاء اصطناعي بملامح بشرية مخاطر التحيز، والأخطاء في الذكاء الاصطناعي"  من وجود تحيزات خوارزمية ممنهجة في نظام العدالة الجنائية الخاص بإصدار الأحكام، واطلاق سراح المتهمين، تقييم المخاطر الجنائية التنبؤية. فقد أشار التقرير إلى وجود تحيزات خوارزمية عنصرية تصنف بشكل أساسي المدانين من المواطنين الأمريكيين من ذوي الجذور الأفريقية تصنيفًا أعلى من المدانين من غير السود، حتى لو ارتكب الأخير جرائم أشد خطورة من السود.[xcix]

6-    تهديد الشرعية، إذا لم تواكب الحكومات تكنولوجيا المعلومات وتبدأ في توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي، فإنها ستجبر على ذلك، خاصة وأن هناك خدمات تم تقديمها بصورة أكثر كفاءة من قبل القطاع الخاص، وهذا من شأنه أن يقوض شرعية الحكومة كمزود مركزي لخدمات العامة، وتقديم حلول للمشاكل المجتمعية.[c] فالشرعية تمثل جوهر العلاقة بين المواطن، والدولة.[ci] وفي ضوء تغيير مفاهيم المساءلة النابعة من أطروحات مدرسة الإدارة العامة الجديدة التي ترى أن المواطنين يؤدون دورًا كبيرًا في ضمان المساءلة، وفي مراقبة نتائج السياسات. ومن ثم يزداد اعتماد الشرعية السياسية على جودة مخرجات الحكم من سلع، وخدمات بشكل أكثر من قدرة الأنظمة الانتخابية على إنشاء تمثيل فعال. في هذا الإطار توصلت عدد من الدراسات إلى أن معدلات الامتثال قد تنخفض إذا كان يُنظر إلى الحكومة على أنها غير مؤهلة بما يكفي للوفاء بوعودها، وحل المشكلات.[cii] وبالتالي يمكن أن تفقد الحكومة شرعيتها إذا كان يُنظر إليها على أنها تقدم نتائج أدنى من كيان آخر منافس (القطاع الخاص). ومن ناحية أخري، فإن تقنيات الذكاء الاصطناعي، ومنصات التواصل الاجتماعي أسهمت في دمقرطة المعرفة بشكل يمثل تهديدًا غير مباشر لشرعية الحكم. بمعنى أدق، إذا كانت الحكومات قادرة بالفعل على الاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي، ومنصات التواصل الاجتماعى؛ لحل المشكلات المجتمعية، والاستفادة منها في تحديد الأجندة، والتعرف على تفضيلات المواطنين خلال دورة صنع السياسات العامة بشكل أكثر كفاءة وفعالية، إلا أن تلك الميزة تمثل تهديدًا غير مباشر بسبب دمقرطة وإتاحة المعرفة للجمهور، مما يؤدي إلى زيادة الشفافية والكشف عن آلية عمل المهنيين والمتخصصين في الحكومة، ويكشف الغطاء عمَّا يعرف بالتفوق المهني النخبوي للمتخصصين، والمسؤولين، مما قد يؤدي إلى خيبة أمل الجمهور من عدم كفاءة الأداء الحكومي جراء تراجع كفاءة الخدمات العامة. ويمكن الاستناد إلى السوابق التاريخية والتي شهدت ظهور التكنولوجيا بدءًا من المطبعة، والتي أدت إلى تراجع شرعية الكنيسة الكاثوليكية ونفوذها السياسي في أوروبا ومهدت الطريق لظهور الدولة المدنية الحديثة. ومن ثم ليس من المستبعد أن يكون لانتشار الذكاء الاصطناعي عواقب مماثلة على الحكومات في ذلك الوقت، خاصة إذا فشلت في الاستفادة من فرصها، وحماية أنفسها من مخاطرها. وبالتالي ستحتاج الحكومات إلى أن تكون تفاعلية، واستباقية في آفاقها، إذا كانت تهدف للحفاظ على شرعيتها في المستقبل.

الخاتمة

  سعت تلك الدراسة إلي الإجابة عن سؤال بحثي رئيس: كيف تؤثر تقنيات الذكاء الاصطناعي على جودة الحكم؟ حيث سعت الدراسة إلى استنباط إطار تحليلي أولي قد يساعد في تفسير دور تقنيات الذكاء الاصطناعي في تحسين جودة الحكم. كما وظفت الدراسة منهج دراسة الحالة من خلال الاستعانة بحالات دراسية طبقت تقنيات الذكاء الاصطناعي في عمليات صنع السياسات، وتقديم الخدمات العامة استنادًا إلى مؤشر "جاهزية الحكومة للذكاء الاصطناعي لعام 2020" Government Al Readiness  Index الصادر عن مؤسسة "أكسفورد إنسايت " Oxford Insights ومركز أبحاث التنمية الدولية. حيث ركزت الدراسة بشكل أساسي على عدد من تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة بشكل خاص، خاصة وأنها وفقا للمؤشر السابق ذكره تحتل المركز الأول بالإضافة إلي الاستعانة بحالات من عدد من البلدان الأوروبية (المملكة المتحدة، والسويد، وهولندا، وروسيا الاتحادية)  التي تحتل مراتب متقدمة وفقا للمؤشر ذاته، و التفتت الدراسة أيضًا إلى دولة الإمارات العربية المتحدة على اعتبار أنها تمثل نموذجًا صاعدًا وناجحًا؛ لتوظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي في القطاع الحكومي وفقا لمؤشر السابق ذكره حيث تحتل المرتبة السادسة عشرة على المستوى العالم.

    وتوصلت الدراسة إلى أن تقنيات الذكاء الاصطناعي تسهم بدرجة كبيرة  في جودة الحكم من خلال بعدين: البعد الأول يسهم في زيادة ديناميكية وتفاعلية دورة صنع السياسات العامة من خلال تحليل البيانات عبر المراحل المختلفة لعملية صنع السياسات، والبعد الثاني، تحسين جودة الخدمات العامة. فمن خلال توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي المختلفة (البيانات الضخمة، والروبوتات، والخوارزميات الذكية) يمكن لصانعي السياسات اتخاذ قرارات أكثر استنارة ، مما يجعل الحكومات أكثر مرونة واستجابة لتفضيلات، واحتياجات المواطنين، وتحسن محتوى جدول أعمال السياسة العامة. فمن خلال توظيف خوارزميات الذكاء الاصطناعي، تستطيع الحكومات أن تتعقب، بشكل شبه فوري، الموضوعات الناشئة، وتقوم بتحليل تفضيلات، واحتياجات المواطنين. كما يزيد الذكاء الاصطناعي من شرعية وضع جدول الأعمال، وهذا يقلل من الاعتماد على الخبراء التكنوقراطيين، ويعدد مصادر المعلومات ويضفي الشرعية على عملية صنع السياسات منذ البداية.

   علاوة على ذلك، يمكن للذكاء الاصطناعي عبر الشبكات العصبية الاصطناعية التنبؤ بعدد من المشكلات والقضايا المليئة بالتعقيد. كما تعد بمثابة انذارًا مبكرًا للحكومات؛ للتعرف على الأزمات قبل انفجارها، أو تبنى عدد من القضايا متماشيًا مع التوجه، والمزاج الشعبي بما لا يضر المصلحة العامة. كما تساعد تقنيات الذكاء الاصطناعي في صياغة السياسات، واتخاذ القرارات، فهي تعتبر مستشارًا حكوميًّا - مستشارًا آليًّا – يطرح العديد من خيارات السياسات في مختلف المشكلات الاجتماعية مع تحديد التكلفة المحتملة لكل قرار. وبالتالي أثناء صياغة السياسة العامة قد تتجاوز تقنيات الذكاء الاصطناعي مجرد تحليل البيانات إلى طرح خيارات، أو حلول جديدة ومن ثم قد تساعد في اتخاذ خطوات تنبؤية. ومن ناحية سيحسن الذكاء الاصطناعي تنفيذ السياسة بعدة طرق، بما في ذلك سرعة الاستجابة للقضايا الملحة، وإدارة الأعمال الروتينية اليومية. كما تمكن تطبيقات الذكاء الاصطناعي صانع القرار من تحديد استراتيجيات كيفية التنفيذ السياسات بكفاءة، وفعالية مما يسهم في تقليل الأخطاء الإدارية البشرية، وكذلك قد تساعد في ضبط مستويات الإنفاق الحكومي، ومكافحة الاحتيال المالي، والتهرب الضريبي مما ينعكس إيجابيًّا على الأداء المالي للحكومة. كما تمكن تقنيات الذكاء الاصطناعي، وتحليل البيانات الضخمة من تضمين عملية التقييم في كل مرحلة من مراحل دورة السياسة العامة، مما يزيد من احتمالية تغير مفهوم التقييم نفسه، ويزيد من إمكانية التصحيح الذاتي مما يوفر الوقت، والموارد، ويزيد من سرعة، ومرونة الاستجابة. كما ساهمت تقنيات الذكاء الاصطناعي في زيادة جودة وكفاءة الخدمات العامة في مختلف القطاعات الحكومية مثل: التعليم، وإدارة المرافق العامة، والنقل، والاتصالات، وأمن المعلومات وإدارتها، والمالية، والرعاية الصحية، والنظام القانوني والعدالة مما يساهم في تحسين كفاءة الحكم وينعكس إيجابيًّا على جودة حياة المواطنين.

   وعلى الرغم من تلك الفرص التي توفرها تقنيات الذكاء الاصطناعي إلا أنها أيضًا تفرض عدة تحديات على الحكومات سواء فيما يتعلق بضرورة تدشين بنية تحتية إلكترونية متماسكة، وتوفير خبراء وفنين متخصصين في تقنيات الذكاء الاصطناعي داخل مؤسسات الحكومية، كما على الحكومات أن تضع في اعتبارها تغير مفهوم الشرعية، وتغير نمط المساءلة في عصر رقمنه الخدمات، ودمقرطة المعرفة. وضرورة توفير إطار تشريعي يساير هذا التحدي، ومحاولة كسر احتكار القطاع الخاص لتلك التقنيات. وبالتالي يمكن القول: إن لجوء الحكومات لتوظيف الذكاء الاصطناعي بتقنياته المختلفة في عملية صنع السياسات العامة وتقديم الخدمات لم يعد اختياريًّا، خاصة في ضوء منافسة القطاع الخاص للمؤسسات الحكومية في تقديم مثل هذه الخدمات، علاوة على مواجهة التحديات غير تقليدية والتي قد تمثل تهديدًا لوجود الدول، وفي القلب منها جائحة كورونا.



*لمزيد من الاطلاع انظر:

Yunhe Pan, “Heading toward Artificial Intelligence 2.0,”Engineering , vol.2,no,4, 2016, pp.409-413; Tara Qian Sun and Rony Medaglia,” Mapping the challenges of Artificial Intelligence in the public sector: Evidence from public healthcare.” Government Information Quarterly, vol. 36, no. 2,2019, pp:368–383; Patrick Mikalef,Siw Olsen Fjørtoft and Hans Yngvar Torvatn, “Artificial Intelligence in the public sector: A study of challenges and opportunities for Norwegian municipalities,” Lecture Notes in Computer Science. 2019, pp. 267-277.   10.1007/978-3-030-29374-1_22; Slava Jankin Mikhaylov , Marc Esteve,and Averill Campion, “Artificial intelligence for the public sector: opportunities and challenges of cross-sector collaboration,” Philosophical Transactions of the Royal Society, vol 376, no.2128,pp.1-21,,2018., Kevin Desouza ,” Delivering artificial intelligence in government: challenges and opportunities”, IBM Center for The Business of Government, Feb 2019,available at: shorturl.at/cruMW accessed on November 1,2020.

 

 

 

 

*الذكاء الحوسبي: يشير عادة إلى قدرة الحاسوب على تعلم مهمة محددة من البيانات أو الملاحظة التجريبية.

* الخوارزميات: بشكل عام هى مجموعة محددة من العمليات الحسابية والمنطقية التى تمكن الحاسوب من أداء مهمة معينة أو  حل مشكلة ما.

* الشبكات العصبية الاصطناعية : هي محاولة تصنيع أدمغة إلكترونية قادرة على التعلم ، والتطور كالدماغ البشري.

* الحوسبة التطورية : هي إحدى فروع الذكاء الاصطناعي، أو (الذكاء الحوسبي) الذي يرتبط بنوع من الخوارزميات المسماة خوارزميات التطور التي تستند إلي التطور البيولوجي ، وتستخدم هذه الطرق كتقنيات حل للمشكلات بصورة ذكية عن طريق مبدأ التجربة والخطأ ، كما تستخدم مجموعة من الخطوات ؛ للوصول إلي مقترحات ، وبدائل أخرى يتم من خلالها الوصول للحل النهائي.

* الخوارزميات الجينية: هي جزء من الخوارزميات تُسمى الخوارزميات التطورية .استعان علماء الحاسوب بنظرية التطور لداروين من أجل تدشين أنظمة برمجية لديها القدرة على التوصل إلي الحل الأمثل  لمشكلة ما ، وذلك عن طريق تطور هذه الحلول من جيل إلى جيل، وكل جيل يتطور ؛ ليصبح أفضل من الجيل السابق له، تُسمَّى تلك العملية  بالبرمجة الجينية.

* الاستراتيجية التطورية: هي تقنية  تقوم على مفاهيم التكيف، و التطور.

* البرمجة الجينية: هي إحدى فروع الخوارزميات التطورية، توظف آليات مستوحاة من التطور البيولوجي مثل الاستنساخ ، والتزاوج ، وغيرها ، مع الاختلاف في استبدال  الأفراد بالبرامج في البرمجة الجينية.

* النظم الخبيرة: هي برامج تحاول أن تُحاكي آداء متخصص أو خبير في أحد مجالات الخبرة .

* التعلم الآلي: هو أحد صور الذكاء الاصطناعي الذي يمكن الآلة من اكتساب مهارات التعلم عبر البيانات، بدون الاستناد إلي القيام ببرمجة واضحة.

 

* لمزيد من الاطلاع عن تلك الدراسات انظر:

Hung-En Sun, "Democracy and Political Corruption: A Cross-national Comparison." Crime, Law & Social Change vol.41,no., 2004, pp.179-194; Gabriella Montinola, et.al . "Sources of Corruption: A Cross-Country Study." British Journal of Political Science,vol. 32, 2002,pp.147-170;Charron, Nicholas and Victor Lapuente , “Does Democracy Produce Quality of Government?”, European Journal of Political Research, vol. 49,no 4, 2010,pp. 443–470; McMillan, John, and Pablo Zoido.  "How to subvert democracy: Montesinos in Peru." Journal of Economic Perspectives vol.18,2004,pp.69-92.

 

* لمزيد من الاطلاع على أبرز الدراسات والادبيات التي تناولت توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي في القطاع الحكومى كما يلي:

Susan G. Hadden, “The future of expert systems in government”. Journal of Policy Analysis and Management, vol.8, no.2, 1989,pp.203-208; Thomas J. Barth and Eddy Arnold,” Artificial Intelligence and Administrative Discretion” ,Implications for Public Administration, vol.29,no.(4),1999,pp. 332–351;Yogesh K. Dwivedi  et .al, “Artificial Intelligence (AI): Multidisciplinary perspectives on emerging challenges, opportunities, and agenda for research, practice and policy”, International Journal of Information Management,vol.57,April 2021, p1-2., Tara Qian Sun and Rony Medaglia, “Mapping the challenges of Artificial Intelligence in the public sector: Evidence from public healthcare.” Government Information Quarterly, vol. 36, no. 2,2019, pp:368–383., Wilhelm M. Müller and Bernd W. Wirtz, “An integrated artificial intelligence framework for public management”. Public Management Review, vol.21,no.(7), 2019,pp.1076–1100., Marijn Janssen and Natalie Helbig ,”Innovating and changing the policy-cycle: Policy-makers be prepared,. Government Information Quarterly, vol.35,no.(4), 2018,pp. S99–S105., George Kuk and Marijn Janssen, “The challenges and limits of big data algorithms in technocratic governance”, Government Information Quarterly,vol. 33,no.(3),2016, pp.371–377., David Valle-Cruza  et.al, “Assessing the public policy-cycle framework in the age of artificial intelligence: From agenda-setting to policy evaluation”, Government Information Quarterly,vol.37,no.4,2020,pp 1-12.

 



[i] Bruce G. Buchanan, A (Very) Brief History of Artificial Intelligence, AI Magazine, Vol. 26 No. 4: Winter 2005,pp.53-60,

https://doi.org/10.1609/aimag.v26i4.1848

[ii] John Carlo Bertot, Elsa Estevez and Tomasz Janowski, Universal and contextualized public services: Digital public service innovation framework, Government Information Quarterly vol.33,no.2, pp.211-222,April 2016, http://dx.doi.org/10.1016/j.giq.2016.

[iii] Yogesh K. Dwivedi  et .al, “Artificial Intelligence (AI): Multidisciplinary perspectives on emerging challenges, opportunities, and agenda for research, practice and policy”, International Journal of Information Management,p1-2, https://doi.org/10.1016/j.ijinfomgt.2019.08.002

[iv] Ibid.

[v] Ibid., Keith Darlington,” The Emergence of the Age of AI”, January 4,2017,available at: shorturl.at/hqMSV accessed on November 4,2020.

[vi] Thomas J Barth and Eddy Arnold, “Artificial intelligence and administrative discretion: implications for public administration”, The American Review of Public Administration, vol. 29, no.4,1999, pp:332–333.

[vii] Stuart J. Russell and Peter Norvig, “Artificial Intelligence: A Modern Approach” ( New Jersey: Alan Apt, 1995),pp:1-3.

[viii] David L. Poole., Alan Keith & Randy Goebel, “Computational intelligence: a logical Approach” (Oxford &New York: Oxford University Press ,1998), pp:1-7.

[ix]Ibid., p333.

[x] Elaine Rich and Kevin Knight, “Artificial Intelligence,” (New York:McGraw-Hill, 1991).

[xi] David L. Poole. and Alan K. Mackworth,” Artificial Intelligence: Foundations of Computational Agents” (New York :Cambridge University Press,2010),pp:3-6.

[xii] OECD, “Recommendation of the Council on Artificial Intelligence” ,2019, Available at:  shorturl.at/kwHU9, accessed onon November 15,2020.

[xiii]  Dario Floreano and Claudio Mattiussi,”Bio-inspired artificial intelligence: Theories, methods, and technologies.” (Massachusetts: MIT Press, 2008).

[xiv] Philip C. Jackson Jackson, “Introduction to artificial intelligence.” (New York: Courier Dover,2019),pp:16-8.; John P. Holdren Megan Smith ,Preparing for the Future of Artificial Intelligence, White House, October 2016,available at: shorturl.at/nBILO , accessed on November 20,2020.

[xv] David Valle-Cruz, “Public value of e-government services through emerging technologies,” International Journal of Public Sector Management, vol.32,no.2,2019,p.533.

[xvi] Youssra Riahi, and Sara Riah, “Big Data and Big Data Analytics: Concepts, Types and Technologies,” International Journal of Research and Engineering, vol. 5 , no. 9 ,September-October 2018 ,p.524.

[xvii] جبريل بن حسن العريشي وفوزية بنت صالح الغامدي، "استخدام البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي في مواجهة جائحة فيروس كورونا المستجد، " المجلة العربية للدراسات الأمنية، مجلد 36، عدد 2، يوليو 2020، ص ص 250-251.

[xviii] Pei Wang, On Defining Artificial Intelligence, Journal of Artificial General Intelligence, vol. 10,no.2 ,2019,pp.1-37.

[xix] Ibid., p.6.

[xx]Joint Research Centre (European Commission), AI Watch 2019 Activity Report, July 2020,p.15,available at: shorturl.at/lPX09,accessed on November 25,2020.

[xxi] أحمد الشورى أبوزيد، جودة الحكم في النظم غير الديمقراطية: النظام الصيني نموذجًا، المجلة العلمية لكلية الدراسات الإقتصادية والعلوم السياسية، مجلد 7، عدد 13، يناير 2022، ص 209.

[xxii] Fritz Scharpf," Governing in Europe: Effective and Democratic?” )New York, NY: Oxford University Press,1999(.

[xxiii] Victor Bekkers and Arthur Edwards, “Legitimacy and Democracy: A Conceptual Framework for Assessing Governance Practices, ”, In: Geske Dijkstra, Menno Fenger, and Victor Bekkers (Eds.), Governance and the Democratic Deficit: Assessing the Democratic Legitimacy of Governance Practices,(London: Routledge,2007),pp 44-70.

[xxiv] المرجع السابق، ص 202.

[xxv] Francisco L. Rivera-Batiz, Democracy, “Governance, and Economic Growth: Theory and Evidence”, Review of Development Economics, vol.6,no.2,pp. 244,2002.

[xxvi]Jonathan T. Ishamet.al, Civil Liberties, Democracy, and the Performance of Government Projects ,The World Bank Economic Review, vol. 11,no.2:,May 1997,pp.219-42, DOI: 10.1093/wber/11.2.219

[xxvii] Shrabani Saha, Democracy and Corruption: An Empirical Analysis in a Cross-Country Framework, Paper prepared for presentation at the New Zealand Association of Economists Annual Conference, Wellington, 9-11 July 2008. shorturl.at/gsKUY

[xxviii] المرجع السابق، ص 203.

[xxix]Bo Rothstein, and Jan Teorell,“What Is Quality of Government? A Theory of Impartial Government Institutions.” Governance, vol.21, no.2, 2008, pp:165–90.

[xxx] Fukuyama, Francis.  “What Is Governance?” Governance,

vol.26,no.3,2013,pp:347–350.

[xxxi] Charron, Nicholas and Victor Lapuente , “Does Democracy Produce Quality of Government?”, European Journal of Political Research, vol. 49, no. 4, 2010,pp. 443–470.

[xxxii] Larry Diamond, 2007 "A Quarter-Century of Promoting Democracy." Journal of Democracy 18,2007 ,pp:118-120.

[xxxiii] أحمد عبد ربه، شرعية النظم السلطوية، الشروق، 7 ابريل 2018، متاح على الرابط shorturl.at/fuK36، تاريخ الاطلاع 15 ابريل 2021..، نبيل فهمي، الحوكمة الديمقراطية أم المركزية السلطوية؟، اندبندنت، 10 فبراير 2020، متاح على الرابط shorturl.at/npvDO، تاريخ الاطلاع 15 ابريل 2021.

 [xxxiv]اعتدال سلامة،  تراجع الطبقة المتوسطة في أوروبا، الشرق الأوسط، 24 أبريل 2019، متاح عبر الرابط،،http://bitly.ws/sYQt تاريخ الاطلاع 23 يوليو 2022.

[xxxv] Pippa Norris and Ronald Inglehart, “Cultural Backlash and the Rise of Populism: Trump, Brexit, and Authoritarian Populism” , )Cambridge:Cambridge University Press 2019(., Cas Mudde and Cristobal Rovira Kaltwasser “Populism: A Very Short Introduction”, )Oxford: Oxford University Press,2017)., Benjamin Moffitt," The global rise of populism : performance, political style, and representation", (California:Stanford University Press, 2017)., Gerry Stoker ,When Governance Meets Populism : An Emerging Crisis ? , shorturl.at/pIT04 accessed on April 18,2021

[xxxvi] Larry Diamond, Regime Type and Effective Government: Is There (Still) a 'Democracy Advantage'?, Feb 2021,shorturl.at/qzV36 accessed on April 18,2021.

[xxxvii] يبابلو أوشوا، كيف تكافح الدول الديمقراطية فيروس كورونا مستفيدة من الصين السلطوية؟، بي بي سي، 13 مارس 2020، shorturl.at/qJPZ0، تاريخ الاطلاع 18 ابريل 2021

[xxxviii] Johns Hopkins Coronavirus Resource Center, shorturl.at/fAVY4

[xxxix]Gjalt de Graaf and Hester Paanakker, “Good Governance:Performance Values and Procedural Values in Conflict”, American Review of Public Administration, vol. 45, no.6,2015, p.647.

[xl] OECD, Directorate for Public Governance and Territorial Development, ‘Principal Elements of Good Governance’, http://www.oecd.org/gov/., Daniel Kaufmann et.al, The Worldwide Governance Indicators: Methodology and Analytical Issues, Brookings, available shorturl.at/htzQ7.,Ibid.,p.350.

[xli]Patrick Dunleavy, Helen Margetts, Simon Bastow, and Jane Tinkler.. “New Public Management Is Dead—Long Live Digital-Era Governance.” Journal of Public Administration Research and Theory,vol. 16 ,no.3, 2006, pp.467–94., Patrick Dunleavy, Helen Margetts, Simon Bastow, and Jane Tinkler ,"Digital Era Governance: IT Corporations, the State, and E-Government." (Oxford:Oxford University Press,2006)., Patrick Dunleavy and Helen Margetts. “The Second Wave of Digital Era Governance:a Quasi-paradigm for Government on the Web", Royal Society,vol.371,no.1987,march 2013, https://doi.org/10.1098/rsta.2012.0382

[xlii] Wanda J. Orlikowski and C. Suzanne Iacono," Research Commentary: Desperately Seeking the ``IT'' in IT Research—A Call to Theorizing the IT Artifact", Information Systems Research, vol. 12, no. 2 June 2001, p 133.

[xliii] Frank Bannister and Regina Connolly. “ICT, Public Values and Transformative Government: A Framework and Programme for Research.” Government Information Quarterly,vol.31 ,no.1,2014,pp. 119–28.

[xliv]Antonio Cordella and Niccolò Tempini.  “E-Government and Organizational Change:Reappraising the Role of ICT and Bureaucracy in Public Service Delivery.” Government Information Quarterly,2015, p.2.

[xlv] Johann Höchtl et.al., “Big data in the policy cycle: Policy decision making in the digital era”, Journal of Organizational Computing and Electronic Commerce, vol. 26,2016,p141.

[xlvi] Government AI Readiness  Index 2020, https://rb.gy/zacll3

[xlvii] Werner Jann and Kai Wegrich, “Theories of the Policy Cycle”, In: Frank Fischer et al (Eds.), Handbook of Public Policy Analysis Theory, Politics, and Methods,( London New York :Taylor and Francis Group, CRC Press,2007),pp:45-55.

[xlviii] Thomas. A Birckland, “An introduction to the policy process: Theories, concepts, and models of public policy making.” ( New York, NY: Routledge,2016),p.199.

[xlix] Ibid., p.63.

[l] David Lazer, “The rise of the social algorithm. Does content curation by Facebook introduce ideological bias?” Science, vol.348, no. 6239, 2015, pp:1090–1091.

[li] Irina Pencheva.et.al,” Big data and AI—A transformational shift for government: So, what next for research?”, Public Policy and Administration, vol. 35,no.1,2018,pp:30-31, https://doi.org/10.1177/0952076718780537.

[lii]Laurie A. Schintler and Rajendra Kulkarni, “Big data for policy analysis: The good, the bad, and the ugly”,Review of Policy Research, vol.31, no.4,2014,p. 345.

[liii] New Media Monitoring and Evaluation agreement” Gov.UK, June 3, 2015, available: shorturl.at/aBTV6 accessed on November 26,2020.

[liv] Joel Tito, “Destination unknown: Exploring the impact of Artificial Intelligence on Government Working Paper”, 2017, available at:shorturl.at/jlPV0

[lv] Ibid., p.33.

[lvi]Radulescu Magdalena et.al. ,”Forecasting public expenditure by using feedforward neural networks”, Economic Research, vol. 28, no. 1, 2015,p 668.

[lvii]Mara S. Sidney, Policy Formulation: Design and Tools, op.cit, pp 69-89.

[lviii] Johann Höchtl et.al., “Big data in the policy cycle: Policy decision making in the digital era”,Journal of Organizational Computing and Electronic Commerce, vol. 26,2016,p151.

[lix] David Valle-Cruza  et.al, “Assessing the public policy-cycle framework in the age of artificial intelligence: From agenda-setting to policy evaluation”, Government Information Quarterly,vol.37,no.4,2020,p.7.

[lx]Andrew Good, A.I. Could Be a Firefighter's 'Guardian Angel', August 11,2016,available at : shorturl.at/lqBMU accessed on December 2,2020.

[lxi] Tara Qian Sun and Rony Medaglia," Mapping the challenges of Artificial Intelligence in the public sector: Evidence from public healthcare". Government Information Quarterly, vol. 36, no. 2,2019, pp:368–383.

[lxii]  Ibid.,p.28.

[lxiii]Matthew Beckwith, Predicting Crime Rates in London , March 15, 2017,

shorturl.at/uxzCV accessed on December 2,2020., Jibran R. Khan et.al.,” PREDICTIVE POLICING: A Machine Learning Approach to Predict and Control Crimes in Metropolitan Cities”, Journal of Information and Communication Technology, vol.3, no. 1, January 2019, p.2521.

[lxiv] Helga Pülzl and Oliver Treib, Implementing Public Policy,Op.cit.,89-109.

[lxv] Chris Baraniuk, Earthquake artificial intelligence knows where damage is worst, September 30,2015, shorturl.at/djuNZ, accessed on December 3,2020.

[lxvi] نبذة عن مشروع مركز الشرطة الذكي، 15/11/2018، متاح على الرابط shorturl.at/fjqMY تاريخ الدخول على الرابط 2 يناير 2021.

[lxvii] شرطة لوس أنجلوس حوَّلت فيلم «مَيْنوريتي ريبورت» إلى حقيقة، مرصد المستقبل، مايو 12, 2018، متاح عبر الرابط : shorturl.at/gAEJO، تاريخ الدخول على الرابط 2 يناير 2021.

[lxviii] Joel Tito and Sofiane Croisier, Analyzing AI: The impact of artificial intelligence on policy, shorturl.at/tCMX8 accessed on January 12,2021.,Tzu‑Wei Hung  and Chun‑Ping Yen, On the person‑based predictive policing of AI, Ethics and Information Technology, June 2020, https://doi.org/10.1007/s10676-020-09539-x

[lxix]Eva Ruth Moravec,"Do Algorithms Have a Place in Policing?" The Atlantic, September 5,2019 available at: shorturl.at/bhMRZ accessed on January 4,2021

[lxx] الذكاء الاصطناعي يقود قطارات روسية ،روسيا اليوم، 2 سبتمبر 2020،shorturl.at/oORX3 تاريخ الدخول 2 يناير 2021.

[lxxi] Irina Pencheva.et.al,op.cit.,p.32.

[lxxii] Duncan Cleary, "Predictive analytics in the public sector: Using data mining to assist better target selection for audit "Electronic Journal of e-Government, vol. 9, no.2,2011,pp 132–140.

[lxxiii]Sophie Stern, “Connecting Millions of Americans with Health Coverage: The 2013-2014 Opportunity Enroll America”, 2013, available at: shorturl.at/dpqCP accessed January 17,2021.

[lxxiv] Estimates of Foodborne Illness in the United States, https://www.cdc.gov/foodborneburden/index.html ., Rebecca Harrington ,”This seemingly harmless illness kills almost half a million people per year”, Insider, December 6,2015, shorturl.at/hwJK0 accessed on April 22 ,2021

[lxxv] تطبيق “nEmesis، مركز محمد بن راشد للابتكار الحكومي (ابتكر)، 29 يوليو 2020، متاح عبر الرابط،http://bitly.ws/sY5z، تاريخ الاطلاع 1 مارس 2021.

[lxxvi] Fighting food poisoning in Las Vegas with machine learning, March 7,2016,

shorturl.at/divT6 , accessed on December 15,2020.

[lxxvii] Werner Jann and Kai Wegrich, op.cit.,pp: 53-54.

[lxxviii] Johann Höchtl et.al., “op.cit, ,p151.

[lxxix] David Valle-Cruza,op.cit.,p.7.

[lxxx] Pencheva et al.,op.cit, p.31.

[lxxxi] Ron S. Jarmin  Amy B. O'Hara ,”Big data and the transformation of public policy analysis”. Journal of Political Analysis and Management, vol. 35,no.3,2016,pp:715–721.

[lxxxii] Thomas D. Cook , “Big data’’ in research on social policy. Journal of Policy Analysis and Management, vol. 33,no. 2,2014,pp: 544–547.

[lxxxiii]Urs Gasser and Virgilio A.F. Almeida. “A Layered Model for AI Governance.” IEEE Internet Computing ,vol.21,no. 6 ,November 2018,pp: 58–60. doi:10.1109/mic.2017.4180835.

[lxxxiv] Vidushi Marda, Artificial intelligence policy in India: a framework for engaging the limits of data-driven decision-making, phil. Trans. R. Soc, the Royal Society,Vol. 376,no.2133,2018,pp:7-16 https://doi.org/10.1098/rsta.2018.0087

[lxxxv] الذكاء الإصطناعي لتوفير الطاقة، يورونيوز، 5 سبتمبر 2012،shorturl.at/hnozK تاريخ الاطلاع 22 ابريل 2021.

[lxxxvi] Kate Laycock, Thinking on its own: AI in the NHS Eleonora Harwich, January 2018, shorturl.at/abLP1 accessed on January 19,2021.

[lxxxvii] لماذا يعتبر الذكاء الاصطناعي الأكثر فاعلية ضد كورونا؟، العربية، 24مارس 2020، shorturl.at/nvI121تاريخ الدخول على الرابط 6 يناير 2021

[lxxxviii]شادي عبدالوهاب منصور، "الشرطة التنبؤية :اعتماد متزايد لأجهزة الأمن الغربية على أساليب الاستخبارات"، أوراق أكاديمية، عدد 4، 1 أكتوبر 2018، ص 7.

 Ibid.,p60. 

[lxxxix] السيارات ذاتية القيادة تعزز حضورها في دبي، العين الإخبارية، 26 نوفمبر 2019، متاح على الرابط shorturl.at/vLN15، تاريخ الاطلاع 24 يناير 2021.

[xc] الاتصالات المحمولة والذكاء الاصطناعي.. ثورة غير مسبوقة فى منظومة النقل، الاهرام، 27 ديسمبر 2020، متاح على الرابط  shorturl.at/nvEW8 تاريخ الاطلاع 23 يناير 2021.

[xci] روسيا تستعين بالذكاء الاصطناعي لتنظيم المرور والتقليل من الحوادث، اليوم السابع، 6 فبراير 2020، متاح على الرابط  shorturl.at/oxR89    تاريخ الاطلاع 23 يناير 2021.

[xcii] Alexander Boer and Tom Van Engers. "An agent-based legal knowledge acquisition methodology for agile public administration." In Proceedings of the 13th International Conference on Artificial Intelligence and Law. ACM,2011, 171–180. 10.1145/2018358.2018383

[xciii] SyRI- an identification mechanism, shorturl.at/dnE36

[xciv] Netherlands: Court Prohibits Government’s Use of AI Software to Detect Welfare Fraud, shorturl.at/kJQ03 March 13,2020 accessed on December 31,2020.

[xcv]Maddy Savage, Meet Tengai, the job interview robot who won't judge you, BBC,

12 March 2019, shorturl.at/opLS8 accessed on December 31,2020.

[xcvi] Joel Tito,op.cit, p.37.

[xcvii] Spencer Ackerman  ,Bill would expand FBI's warrantless access to online records, senators warn, The Guardian, May 27,2016, shorturl.at/mtAJ2, accessed January 1,2021

[xcviii] Archie Drak & Perry Keller, Paternalism in the governance of artificial intelligence and automated decision-making in the United Kingdom,http://doi.org/10.5281/zenodo.4026603., Bernd W. Wirtz & Wilhelm M. Müller, “An integrated artificial intelligence framework for public management”, Public Management Review, 21:7, 2019, p.1087, https://doi.org/10.1080/14719037.2018.1549268.,

Claudia Gaspar  Anja Dieckmann  Andreas Neus ,Artificial Intelligence and Algorithmic Paternalism – The End of Human Choice?, shorturl.at/DLV02 accessed on April 21,2021.

[xcix] أوشونديه أوشوبا  وووليام ويلسر، "ذكاء اصطناعي بملامح بشرية مخاطر التحيز والأخطاء في الذكاء الاصطناعي" ، مؤسسة راند، 2017، ص 13، shorturl.at/qKS05

[c] Tod Newcombe, Is Government Ready for AI? ,August 2018, shorturl.at/wxEFT ,accessed on January 4,2021.

[ci]Aoife McCullough, The legitimacy of states and armed non-state actors: Topic guide. )Birmingham, UK: GSDRC, University of Birmingham,2015( available at : shorturl.at/grAY0

[cii] Margaret Levi et.al, “Conceptualizing Legitimacy, Measuring Legitimating Beliefs”, American Behavioral Scientist, vol. 53.no.3,2009, pp:357-358.

[1] Bruce G. Buchanan, A (Very) Brief History of Artificial Intelligence, AI Magazine, Vol. 26 No. 4: Winter 2005,pp.53-60,
[1] John Carlo Bertot, Elsa Estevez and Tomasz Janowski, Universal and contextualized public services: Digital public service innovation framework, Government Information Quarterly vol.33,no.2, pp.211-222,April 2016, http://dx.doi.org/10.1016/j.giq.2016.
[1] Yogesh K. Dwivedi  et .al, “Artificial Intelligence (AI): Multidisciplinary perspectives on emerging challenges, opportunities, and agenda for research, practice and policy”, International Journal of Information Management,p1-2, https://doi.org/10.1016/j.ijinfomgt.2019.08.002
[1] Ibid.
[1] Ibid., Keith Darlington,” The Emergence of the Age of AI”, January 4,2017,available at: shorturl.at/hqMSV accessed on November 4,2020.
[1] Thomas J Barth and Eddy Arnold, “Artificial intelligence and administrative discretion: implications for public administration”, The American Review of Public Administration, vol. 29, no.4,1999, pp:332–333.
[1] Stuart J. Russell and Peter Norvig, “Artificial Intelligence: A Modern Approach” ( New Jersey: Alan Apt, 1995),pp:1-3.
[1] David L. Poole., Alan Keith & Randy Goebel, “Computational intelligence: a logical Approach” (Oxford &New York: Oxford University Press ,1998), pp:1-7.
[1]Ibid., p333.
[1] Elaine Rich and Kevin Knight, “Artificial Intelligence,” (New York:McGraw-Hill, 1991).
[1] David L. Poole. and Alan K. Mackworth,” Artificial Intelligence: Foundations of Computational Agents” (New York :Cambridge University Press,2010),pp:3-6.
[1] OECD, “Recommendation of the Council on Artificial Intelligence” ,2019, Available at:  shorturl.at/kwHU9, accessed onon November 15,2020.
[1]  Dario Floreano and Claudio Mattiussi,”Bio-inspired artificial intelligence: Theories, methods, and technologies.” (Massachusetts: MIT Press, 2008).
[1] Philip C. Jackson Jackson, “Introduction to artificial intelligence.” (New York: Courier Dover,2019),pp:16-8.; John P. Holdren Megan Smith ,Preparing for the Future of Artificial Intelligence, White House, October 2016,available at: shorturl.at/nBILO , accessed on November 20,2020.
[1] David Valle-Cruz, “Public value of e-government services through emerging technologies,” International Journal of Public Sector Management, vol.32,no.2,2019,p.533.
[1] Youssra Riahi, and Sara Riah, “Big Data and Big Data Analytics: Concepts, Types and Technologies,” International Journal of Research and Engineering, vol. 5 , no. 9 ,September-October 2018 ,p.524.
[1] جبريل بن حسن العريشي وفوزية بنت صالح الغامدي، "استخدام البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي في مواجهة جائحة فيروس كورونا المستجد، " المجلة العربية للدراسات الأمنية، مجلد 36، عدد 2، يوليو 2020، ص ص 250-251.
[1] Pei Wang, On Defining Artificial Intelligence, Journal of Artificial General Intelligence, vol. 10,no.2 ,2019,pp.1-37.
[1] Ibid., p.6.
[1]Joint Research Centre (European Commission), AI Watch 2019 Activity Report, July 2020,p.15,available at: shorturl.at/lPX09,accessed on November 25,2020.
[1] أحمد الشورى أبوزيد، جودة الحكم في النظم غير الديمقراطية: النظام الصيني نموذجًا، المجلة العلمية لكلية الدراسات الإقتصادية والعلوم السياسية، مجلد 7، عدد 13، يناير 2022، ص 209.
[1] Fritz Scharpf," Governing in Europe: Effective and Democratic?” )New York, NY: Oxford University Press,1999(.
[1] Victor Bekkers and Arthur Edwards, “Legitimacy and Democracy: A Conceptual Framework for Assessing Governance Practices, ”, In: Geske Dijkstra, Menno Fenger, and Victor Bekkers (Eds.), Governance and the Democratic Deficit: Assessing the Democratic Legitimacy of Governance Practices,(London: Routledge,2007),pp 44-70.
[1] المرجع السابق، ص 202.
[1] Francisco L. Rivera-Batiz, Democracy, “Governance, and Economic Growth: Theory and Evidence”, Review of Development Economics, vol.6,no.2,pp. 244,2002.
[1]Jonathan T. Ishamet.al, Civil Liberties, Democracy, and the Performance of Government Projects ,The World Bank Economic Review, vol. 11,no.2:,May 1997,pp.219-42, DOI: 10.1093/wber/11.2.219
[1] Shrabani Saha, Democracy and Corruption: An Empirical Analysis in a Cross-Country Framework, Paper prepared for presentation at the New Zealand Association of Economists Annual Conference, Wellington, 9-11 July 2008. shorturl.at/gsKUY
[1] المرجع السابق، ص 203.
[1]Bo Rothstein, and Jan Teorell,“What Is Quality of Government? A Theory of Impartial Government Institutions.” Governance, vol.21, no.2, 2008, pp:165–90.
[1] Fukuyama, Francis.  “What Is Governance?” Governance,
vol.26,no.3,2013,pp:347–350.
[1] Charron, Nicholas and Victor Lapuente , “Does Democracy Produce Quality of Government?”, European Journal of Political Research, vol. 49, no. 4, 2010,pp. 443–470.
[1] Larry Diamond, 2007 "A Quarter-Century of Promoting Democracy." Journal of Democracy 18,2007 ,pp:118-120.
[1] أحمد عبد ربه، شرعية النظم السلطوية، الشروق، 7 ابريل 2018، متاح على الرابط shorturl.at/fuK36، تاريخ الاطلاع 15 ابريل 2021..، نبيل فهمي، الحوكمة الديمقراطية أم المركزية السلطوية؟، اندبندنت، 10 فبراير 2020، متاح على الرابط shorturl.at/npvDO، تاريخ الاطلاع 15 ابريل 2021.
 [1]اعتدال سلامة،  تراجع الطبقة المتوسطة في أوروبا، الشرق الأوسط، 24 أبريل 2019، متاح عبر الرابط،،http://bitly.ws/sYQt تاريخ الاطلاع 23 يوليو 2022.
[1] Pippa Norris and Ronald Inglehart, “Cultural Backlash and the Rise of Populism: Trump, Brexit, and Authoritarian Populism” , )Cambridge:Cambridge University Press 2019(., Cas Mudde and Cristobal Rovira Kaltwasser “Populism: A Very Short Introduction”, )Oxford: Oxford University Press,2017)., Benjamin Moffitt," The global rise of populism : performance, political style, and representation", (California:Stanford University Press, 2017)., Gerry Stoker ,When Governance Meets Populism : An Emerging Crisis ? , shorturl.at/pIT04 accessed on April 18,2021
[1] Larry Diamond, Regime Type and Effective Government: Is There (Still) a 'Democracy Advantage'?, Feb 2021,shorturl.at/qzV36 accessed on April 18,2021.
[1] يبابلو أوشوا، كيف تكافح الدول الديمقراطية فيروس كورونا مستفيدة من الصين السلطوية؟، بي بي سي، 13 مارس 2020، shorturl.at/qJPZ0، تاريخ الاطلاع 18 ابريل 2021
[1] Johns Hopkins Coronavirus Resource Center, shorturl.at/fAVY4
[1]Gjalt de Graaf and Hester Paanakker, “Good Governance:Performance Values and Procedural Values in Conflict”, American Review of Public Administration, vol. 45, no.6,2015, p.647.
[1] OECD, Directorate for Public Governance and Territorial Development, ‘Principal Elements of Good Governance’, http://www.oecd.org/gov/., Daniel Kaufmann et.al, The Worldwide Governance Indicators: Methodology and Analytical Issues, Brookings, available shorturl.at/htzQ7.,Ibid.,p.350.
[1]Patrick Dunleavy, Helen Margetts, Simon Bastow, and Jane Tinkler.. “New Public Management Is Dead—Long Live Digital-Era Governance.” Journal of Public Administration Research and Theory,vol. 16 ,no.3, 2006, pp.467–94., Patrick Dunleavy, Helen Margetts, Simon Bastow, and Jane Tinkler ,"Digital Era Governance: IT Corporations, the State, and E-Government." (Oxford:Oxford University Press,2006)., Patrick Dunleavy and Helen Margetts. “The Second Wave of Digital Era Governance:a Quasi-paradigm for Government on the Web", Royal Society,vol.371,no.1987,march 2013, https://doi.org/10.1098/rsta.2012.0382
[1] Wanda J. Orlikowski and C. Suzanne Iacono," Research Commentary: Desperately Seeking the ``IT'' in IT Research—A Call to Theorizing the IT Artifact", Information Systems Research, vol. 12, no. 2 June 2001, p 133.
[1] Frank Bannister and Regina Connolly. “ICT, Public Values and Transformative Government: A Framework and Programme for Research.” Government Information Quarterly,vol.31 ,no.1,2014,pp. 119–28.
[1]Antonio Cordella and Niccolò Tempini.  “E-Government and Organizational Change:Reappraising the Role of ICT and Bureaucracy in Public Service Delivery.” Government Information Quarterly,2015, p.2.
[1] Johann Höchtl et.al., “Big data in the policy cycle: Policy decision making in the digital era”, Journal of Organizational Computing and Electronic Commerce, vol. 26,2016,p141.
[1] Government AI Readiness  Index 2020, https://rb.gy/zacll3
[1] Werner Jann and Kai Wegrich, “Theories of the Policy Cycle”, In: Frank Fischer et al (Eds.), Handbook of Public Policy Analysis Theory, Politics, and Methods,( London New York :Taylor and Francis Group, CRC Press,2007),pp:45-55.
[1] Thomas. A Birckland, “An introduction to the policy process: Theories, concepts, and models of public policy making.” ( New York, NY: Routledge,2016),p.199.
[1] Ibid., p.63.
[1] David Lazer, “The rise of the social algorithm. Does content curation by Facebook introduce ideological bias?” Science, vol.348, no. 6239, 2015, pp:1090–1091.
[1] Irina Pencheva.et.al,” Big data and AI—A transformational shift for government: So, what next for research?”, Public Policy and Administration, vol. 35,no.1,2018,pp:30-31, https://doi.org/10.1177/0952076718780537.
[1]Laurie A. Schintler and Rajendra Kulkarni, “Big data for policy analysis: The good, the bad, and the ugly”,Review of Policy Research, vol.31, no.4,2014,p. 345.
[1] New Media Monitoring and Evaluation agreement” Gov.UK, June 3, 2015, available: shorturl.at/aBTV6 accessed on November 26,2020.
[1] Joel Tito, “Destination unknown: Exploring the impact of Artificial Intelligence on Government Working Paper”, 2017, available at:shorturl.at/jlPV0
[1] Ibid., p.33.
[1]Radulescu Magdalena et.al. ,”Forecasting public expenditure by using feedforward neural networks”, Economic Research, vol. 28, no. 1, 2015,p 668.
[1]Mara S. Sidney, Policy Formulation: Design and Tools, op.cit, pp 69-89.
[1] Johann Höchtl et.al., “Big data in the policy cycle: Policy decision making in the digital era”,Journal of Organizational Computing and Electronic Commerce, vol. 26,2016,p151.
[1] David Valle-Cruza  et.al, “Assessing the public policy-cycle framework in the age of artificial intelligence: From agenda-setting to policy evaluation”, Government Information Quarterly,vol.37,no.4,2020,p.7.
[1]Andrew Good, A.I. Could Be a Firefighter's 'Guardian Angel', August 11,2016,available at : shorturl.at/lqBMU accessed on December 2,2020.
[1] Tara Qian Sun and Rony Medaglia," Mapping the challenges of Artificial Intelligence in the public sector: Evidence from public healthcare". Government Information Quarterly, vol. 36, no. 2,2019, pp:368–383.
[1]  Ibid.,p.28.
[1]Matthew Beckwith, Predicting Crime Rates in London , March 15, 2017,
shorturl.at/uxzCV accessed on December 2,2020., Jibran R. Khan et.al.,” PREDICTIVE POLICING: A Machine Learning Approach to Predict and Control Crimes in Metropolitan Cities”, Journal of Information and Communication Technology, vol.3, no. 1, January 2019, p.2521.
[1] Helga Pülzl and Oliver Treib, Implementing Public Policy,Op.cit.,89-109.
[1] Chris Baraniuk, Earthquake artificial intelligence knows where damage is worst, September 30,2015, shorturl.at/djuNZ, accessed on December 3,2020.
[1] نبذة عن مشروع مركز الشرطة الذكي، 15/11/2018، متاح على الرابط shorturl.at/fjqMY تاريخ الدخول على الرابط 2 يناير 2021.
[1] شرطة لوس أنجلوس حوَّلت فيلم «مَيْنوريتي ريبورت» إلى حقيقة، مرصد المستقبل، مايو 12, 2018، متاح عبر الرابط : shorturl.at/gAEJO، تاريخ الدخول على الرابط 2 يناير 2021.
[1] Joel Tito and Sofiane Croisier, Analyzing AI: The impact of artificial intelligence on policy, shorturl.at/tCMX8 accessed on January 12,2021.,Tzu‑Wei Hung  and Chun‑Ping Yen, On the person‑based predictive policing of AI, Ethics and Information Technology, June 2020, https://doi.org/10.1007/s10676-020-09539-x
[1]Eva Ruth Moravec,"Do Algorithms Have a Place in Policing?" The Atlantic, September 5,2019 available at: shorturl.at/bhMRZ accessed on January 4,2021
[1] الذكاء الاصطناعي يقود قطارات روسية ،روسيا اليوم، 2 سبتمبر 2020،shorturl.at/oORX3 تاريخ الدخول 2 يناير 2021.
[1] Irina Pencheva.et.al,op.cit.,p.32.
[1] Duncan Cleary, "Predictive analytics in the public sector: Using data mining to assist better target selection for audit "Electronic Journal of e-Government, vol. 9, no.2,2011,pp 132–140.
[1]Sophie Stern, “Connecting Millions of Americans with Health Coverage: The 2013-2014 Opportunity Enroll America”, 2013, available at: shorturl.at/dpqCP accessed January 17,2021.
[1] Estimates of Foodborne Illness in the United States, https://www.cdc.gov/foodborneburden/index.html ., Rebecca Harrington ,”This seemingly harmless illness kills almost half a million people per year”, Insider, December 6,2015, shorturl.at/hwJK0 accessed on April 22 ,2021
[1] تطبيق “nEmesis، مركز محمد بن راشد للابتكار الحكومي (ابتكر)، 29 يوليو 2020، متاح عبر الرابط،http://bitly.ws/sY5z، تاريخ الاطلاع 1 مارس 2021.
[1] Fighting food poisoning in Las Vegas with machine learning, March 7,2016,
shorturl.at/divT6 , accessed on December 15,2020.
[1] Werner Jann and Kai Wegrich, op.cit.,pp: 53-54.
[1] Johann Höchtl et.al., “op.cit, ,p151.
[1] David Valle-Cruza,op.cit.,p.7.
[1] Pencheva et al.,op.cit, p.31.
[1] Ron S. Jarmin  Amy B. O'Hara ,”Big data and the transformation of public policy analysis”. Journal of Political Analysis and Management, vol. 35,no.3,2016,pp:715–721.
[1] Thomas D. Cook , “Big data’’ in research on social policy. Journal of Policy Analysis and Management, vol. 33,no. 2,2014,pp: 544–547.
[1]Urs Gasser and Virgilio A.F. Almeida. “A Layered Model for AI Governance.” IEEE Internet Computing ,vol.21,no. 6 ,November 2018,pp: 58–60. doi:10.1109/mic.2017.4180835.
[1] Vidushi Marda, Artificial intelligence policy in India: a framework for engaging the limits of data-driven decision-making, phil. Trans. R. Soc, the Royal Society,Vol. 376,no.2133,2018,pp:7-16 https://doi.org/10.1098/rsta.2018.0087
[1] الذكاء الإصطناعي لتوفير الطاقة، يورونيوز، 5 سبتمبر 2012،shorturl.at/hnozK تاريخ الاطلاع 22 ابريل 2021.
[1] Kate Laycock, Thinking on its own: AI in the NHS Eleonora Harwich, January 2018, shorturl.at/abLP1 accessed on January 19,2021.
[1] لماذا يعتبر الذكاء الاصطناعي الأكثر فاعلية ضد كورونا؟، العربية، 24مارس 2020، shorturl.at/nvI121تاريخ الدخول على الرابط 6 يناير 2021
[1]شادي عبدالوهاب منصور، "الشرطة التنبؤية :اعتماد متزايد لأجهزة الأمن الغربية على أساليب الاستخبارات"، أوراق أكاديمية، عدد 4، 1 أكتوبر 2018، ص 7.
 Ibid.,p60. 
[1] السيارات ذاتية القيادة تعزز حضورها في دبي، العين الإخبارية، 26 نوفمبر 2019، متاح على الرابط shorturl.at/vLN15، تاريخ الاطلاع 24 يناير 2021.
[1] الاتصالات المحمولة والذكاء الاصطناعي.. ثورة غير مسبوقة فى منظومة النقل، الاهرام، 27 ديسمبر 2020، متاح على الرابط  shorturl.at/nvEW8 تاريخ الاطلاع 23 يناير 2021.
[1] روسيا تستعين بالذكاء الاصطناعي لتنظيم المرور والتقليل من الحوادث، اليوم السابع، 6 فبراير 2020، متاح على الرابط  shorturl.at/oxR89    تاريخ الاطلاع 23 يناير 2021.
[1] Alexander Boer and Tom Van Engers. "An agent-based legal knowledge acquisition methodology for agile public administration." In Proceedings of the 13th International Conference on Artificial Intelligence and Law. ACM,2011, 171–180. 10.1145/2018358.2018383
[1] SyRI- an identification mechanism, shorturl.at/dnE36
[1] Netherlands: Court Prohibits Government’s Use of AI Software to Detect Welfare Fraud, shorturl.at/kJQ03 March 13,2020 accessed on December 31,2020.
[1]Maddy Savage, Meet Tengai, the job interview robot who won't judge you, BBC,
12 March 2019, shorturl.at/opLS8 accessed on December 31,2020.
[1] Joel Tito,op.cit, p.37.
[1] Spencer Ackerman  ,Bill would expand FBI's warrantless access to online records, senators warn, The Guardian, May 27,2016, shorturl.at/mtAJ2, accessed January 1,2021
[1] Archie Drak & Perry Keller, Paternalism in the governance of artificial intelligence and automated decision-making in the United Kingdom,http://doi.org/10.5281/zenodo.4026603., Bernd W. Wirtz & Wilhelm M. Müller, “An integrated artificial intelligence framework for public management”, Public Management Review, 21:7, 2019, p.1087, https://doi.org/10.1080/14719037.2018.1549268.,
Claudia Gaspar  Anja Dieckmann  Andreas Neus ,Artificial Intelligence and Algorithmic Paternalism – The End of Human Choice?, shorturl.at/DLV02 accessed on April 21,2021.
[1] أوشونديه أوشوبا  وووليام ويلسر، "ذكاء اصطناعي بملامح بشرية مخاطر التحيز والأخطاء في الذكاء الاصطناعي" ، مؤسسة راند، 2017، ص 13، shorturl.at/qKS05
[1] Tod Newcombe, Is Government Ready for AI? ,August 2018, shorturl.at/wxEFT ,accessed on January 4,2021.
[1]Aoife McCullough, The legitimacy of states and armed non-state actors: Topic guide. )Birmingham, UK: GSDRC, University of Birmingham,2015( available at : shorturl.at/grAY0
[1] Margaret Levi et.al, “Conceptualizing Legitimacy, Measuring Legitimating Beliefs”, American Behavioral Scientist, vol. 53.no.3,2009, pp:357-358.