تقييم سياسات مکافحة الفساد في مصر منذ 2014م

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

مدرس العلوم السياسية – جامعة أسيوط

المستخلص

 
     تهتم هذه الدراسة بتقييم السياسات التي تم اتخاذها منذ عام 2014م من أجل منع ومکافحة الفساد في مصر، وذلک قياسا على النظريات السائدة لتفسير ظاهرة الفساد (الموکل/الوکيل، النظرية التصاعدية، الحوکمة) واعتمادا على مداخل التدخل المختلفة (القانوني، والتنظيمي، والاقتصادي، والسياسي، والقيمي) التي تم وضعها من أجل التعامل مع تلک الظاهرة. وتقوم هذه الدراسة على تساؤل رئيس يهدف إلى التعرف على مدى التحسن الحاصل في سياسات مکافحة الفساد في مصر منذ عام 2014م، ومدى قدرة السياسات العامة الجديدة التي تم تبنيها على مواجهة ظاهرة الفساد في مصر، وذلک من خلال قياس مدى کفاءة وفعالية تلک السياسات العامة الجديدة.
    ومن أبرز السياسات الجديدة التي تم التعرض لها، الاستراتيجية الوطنية لمکافحة الفساد التي تم إطلاقها عام 2014م، والتعديلات التي تم وضعها على القانون الخاص بهيئة الرقابة الإدارية عام 2017م لمنحها المزيد من الصلاحيات في جهود مکافحة الفساد، هذا بجانب ما نص عليه دستور عام 2014م في هذا الشأن. کما تم الاعتماد على ثلاثة مؤشرات مختلفة من أجل التعرف على الأثر الذي ترکته تلک السياسات على حالة الفساد في مصر، وهي مؤشر مدرکات الفساد الصادر عن منظمة الشفافية الدولية، ومؤشر السيطرة على الفساد، وهو أحد المؤشرات الفرعية الخاصة بمؤشرات الحوکمة العالمية الصادرة عن البنک الدولي، وأخيراً مؤشر إدراک ومکافحة الفساد الإداري، الذي يقوم بإصداره مرکز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء.
 
کلمات مفتاحية:
مصر – مکافحة الفساد – الرقابة الإدارية – الاستراتيجية الوطنية لمکافحة الفساد
 

نقاط رئيسية

مقدمـــة:

تربط الکثير من الدراسات والتقارير الدولية بين انتشار الفساد وبين العديد من مظاهر الضعف الأخرى داخل المجتمعات مثل ضعف التنمية وتفاقم عدم المساواة في الداخل، وتقويض حکم القانون، وانتهاک حقوق الإنسان، وزعزعة ثقة الشعب في الحکومة، وغير ذلک من مظاهر الضعف الأخرى التي يلعب الفساد دورا في تفاقمها.

ومن المعروف أن تفشي الفساد داخل المجتمع المصري خلال عهد الرئيس مبارک کان من الأسباب الرئيسة لخروج المصريين ضد حکمه في الخامس والعشرين من يناير 2011م، وبالتالي کانت مکافحة الفساد على رأس الأولويات الشعبية خلال الفترة التالية على سقوط نظام مبارک، وذلک باعتبار مکافحة الفساد أحد المداخل الرئيسة لتحسين الوضع الاقتصادي ولتحقيق العدالة الاجتماعية، کأهداف للثورة.

وفي حين کانت تهم الفساد هي السبب الرئيس في غالبية المحاکمات التي خضع لها عدد کبير من رموز نظام الرئيس مبارک، بما فيهم الرئيس مبارک نفسه الذي جرى اتهامه ونجليه في قضية "القصور الرئاسية"، إلا أن السنوات الأولى التالية على ثورة 25 يناير لم يظهر خلالها تحسن ملحوظ في السياسات المصرية الخاصة بمکافحة الفساد، وذلک راجع بشکل کبير إلى حالة عدم الاستقرار السياسي التي سادت خلال تلک الفترة.

الكلمات الرئيسية


مقدمـــة:

تربط الکثير من الدراسات والتقارير الدولية بين انتشار الفساد وبين العديد من مظاهر الضعف الأخرى داخل المجتمعات مثل ضعف التنمية وتفاقم عدم المساواة في الداخل، وتقويض حکم القانون، وانتهاک حقوق الإنسان، وزعزعة ثقة الشعب في الحکومة، وغير ذلک من مظاهر الضعف الأخرى التي يلعب الفساد دورا في تفاقمها.

ومن المعروف أن تفشي الفساد داخل المجتمع المصري خلال عهد الرئيس مبارک کان من الأسباب الرئيسة لخروج المصريين ضد حکمه في الخامس والعشرين من يناير 2011م، وبالتالي کانت مکافحة الفساد على رأس الأولويات الشعبية خلال الفترة التالية على سقوط نظام مبارک، وذلک باعتبار مکافحة الفساد أحد المداخل الرئيسة لتحسين الوضع الاقتصادي ولتحقيق العدالة الاجتماعية، کأهداف للثورة.

وفي حين کانت تهم الفساد هي السبب الرئيس في غالبية المحاکمات التي خضع لها عدد کبير من رموز نظام الرئيس مبارک، بما فيهم الرئيس مبارک نفسه الذي جرى اتهامه ونجليه في قضية "القصور الرئاسية"، إلا أن السنوات الأولى التالية على ثورة 25 يناير لم يظهر خلالها تحسن ملحوظ في السياسات المصرية الخاصة بمکافحة الفساد، وذلک راجع بشکل کبير إلى حالة عدم الاستقرار السياسي التي سادت خلال تلک الفترة.

ومنذ عام 2014م، استعادت الدولة المصرية تدريجيا حالة الاستقرار السياسي، ومع وصول الرئيس السيسي إلى الحکم، ظهرت فلسفة عامة مختلفة في إدارة الدولة، وفي التعامل مع المشکلات المجتمعية المتراکمة، وتجسد الملمح الأبرز لتلک الفلسفة في الاعتماد على الحلول الجذرية لتلک المشکلات، وهو ما أنتج لنا مجموعة من السياسات العامة الجديدة، والتي مثلت تمايزا ملحوظاً عن السياسات التي کانت متبعة طوال عقود، ومن أبرز الأمثلة على تلک السياسات العامة الجديدة، سياسات الدعم وتحولها من الدعم غير النقدي إلى الدعم النقدي المشروط، وتبني سياسة جديدة للتعليم، وسياسات وقوانين البناء الجديدة، کل ذلک بالتوازي مع خطط الإصلاح الاقتصادي التي تبنتها الدولة منذ عام 2014م.

وفي الوقت نفسه، شرعت الدولة في تدعيم سياساتها العامة الخاصة بمکافحة الفساد، حيث أعلنت في عام 2014م الاستراتيجية الوطنية لمکافحة الفساد، وعقب ذلک، وفي عام 2017م تم إصدار القانون رقم (207) لتعديل القانون رقم (54) لسنة 1964م الخاص بهيئة الرقابة الإدارية، التي أصبحت وفقاً للقانون الجهاز الأهم في مجال مکافحة الفساد في مصر، وفي عام 2019م تم إطلاق المرحلة الثانية من الاستراتيجية الوطنية لمکافحة الفساد، ولقد مثلت تلک الخطوات إضافة ملحوظة لجهود مکافحة الفساد، تم التعويل عليها من أجل کسر حالة الجمود المستمرة لظاهرة الفساد في مصر.

مشکلة الدراسة

    على الرغم من الجهود الحثيثة التي تبذلها الدولة المصرية في جهود مکافحة الفساد، إلا أنه لا يزال الفساد بکل أشکاله وأنواعه أحد أهم المشکلات التي تؤثر بشکل کبير على کافة جهود التنمية التي تبذلها الدولة، الأمر الذي يتطلب إعادة النظر في تلک السياسات المتبعة لمکافحة الفساد، والوقوف على مدى کفاءتها وفعاليتها في منع ومکافحة الفساد داخل مختلف قطاعات الدولة.

أسئلة الدراسة

   تقودنا الإشکالية السابقة إلى طرح مجموعة من التساؤلات الفرعية، التي تحاول التطرق إلى مختلف الجوانب ذات الصلة بموضوع الدراسة، ومن بين ذلک التساؤل عن النظريات والمداخل التي يمکن الاعتماد عليها في بناء سياسة عامة جيدة لمکافحة الفساد؟ وعن أبرز التطورات التي لحقت بالسياسات المصرية في مکافحة الفساد منذ عام 2014م؟ ومحاولة معرفة الإضافة التي مثلتها الاستراتيجية الوطنية لمکافحة الفساد إلى الجهود الرسمية لمکافحة الفساد في مصر؟ والتوصل إلى المدى الذي استطاعت السياسات المصرية في مکافحة الفساد منذ عام 2014م تقليص حجم الفساد الذي يتم ممارسته داخل مصر؟

فرضية الدراسة

    تشير المستويات العالية التي بلغها حجم الفساد في مصر طوال العقود الماضية، وتغلغله في مختلف قطاعات الدولة، إلى أن عملية مکافحة الفساد في مصر عملية صعبة ومعقدة، وبالتالي تحتاج إلى ما هو أشمل مما تم اتخاذه من إجراءات، وبالتالي تفترض الدراسة أن: "التطوير الذي تم في سياسات مکافحة الفساد في مصر غير کافٍ للتصدي للظاهرة أو التقليل من حجمها".

منهجية الدراسة

    تعتمد هذه الدراسة على المنهج البنائي – الوظيفي، وهو منهج فکري يقوم على أساس تحليل ودراسة بنى المجتمع من ناحية، والوظائف التي تقوم بها هذه البنى من ناحية أخرى، وينطلق المنهج البنيوي الوظيفي من أن هناک تکاملًا بين الجانب البنيوي للمجتمع والجانب الوظيفي، وسوف يتم توظيف هذا المنهج من خلال التعامل مع سياسات مکافحة الفساد، على اعتبار أنها أحد البُنى المجتمعية التي تم وضعها من أجل القيام "بوظيفة" مکافحة الفساد.

 

 

 

المحور الأول: مکافحة الفساد (النظريات والمداخل)

في هذا المحور، سوف نحاول في البداية تقديم تعريف لمفهومي (الکفاءة والفعالية) فيما يتعلق بسياسات مکافحة الفساد، ومن ثم استکشاف النظريات والمداخل المختلفة التي يتم الاعتماد عليها في وضع السياسات العامة لمکافحة الفساد في مختلف البلدان، وذلک من أجل تکوين رؤية واضحة يمکن بناء عليها تقييم سياسات مکافحة الفساد في مصر.

أولاً: کفاءة وفعالية السياسات

في البداية من المهم أن يکون هناک تعريف لمفهومي (الکفاءة والفعالية) ومن ثم توضيح الفارق بينهما، وذلک لبيان الدور المختلف لکل منهما في تقييم سياسات مکافحة الفساد في مصر، وذلک على النحو التالي:

  1. مفهوم الکفاءة

تکشف الأدبيات النظرية عن تصورات مختلفة لمفهوم الکفاءة، وفقاً للحقل العلمي الذي تُدرس فيه، فنجد هناک الکفاءة الاقتصادية والکفاءة الإدارية والکفاءة المهنية، وغير ذلک من المجالات المختلفة التي تسبغ على مفهوم الکفاءة دلالات ومؤشرات مختلفة[i]. وفي حقل الإدارة، ومن خلال عرض قدمته إحدى الدراسات لتعريفات علماء الإدارة لمفهوم الکفاءة، جاء من بينها "فعل الأشياء بطريقة صحيحة" و"قدرة المنظمة على الاستخدام الأمثل للموارد المادية والبشرية بما يسهم في تحسين أداء المنظمة" وغير ذلک من التعريفات الأخرى التي اشترکت في الترکيز على جانب "المدخلات" على اعتبار أنه جانب الاهتمام الرئيس لمفهوم الکفاءة[ii].

وفقا لهذا المنطق، فإن الدراسة سوف تتعامل مع مفهوم "الکفاءة" على أنه "القدرة على الاستعانة بمختلف المعارف والخبرات والنظريات العلمية من أجل التعامل مع المشکلات والمطالب والاحتياجات المختلفة "المدخلات"، ووضع أفضل الحلول والأهداف بما يساهم في حل تلک المشکلات وتلبية المطالب والاحتياجات".

  1. مفهوم الفعالية

في حين رکزت تعريفات "الکفاءة" على جانب "المدخلات"، فإن التعريفات التي تعاملت مع مفهوم "الفعالية" في غالبيتها اهتمت بجانب "المخرجات"، وذلک من خلال النظر إلى الفعالية على أنها "المدى الذي نصل إليه في تحقيق الأهداف" و"تحقيق النتيجة المقصودة تحقيقاً کاملا بأقل جهد ووقت وتکلفة"، وغير ذلک من التعريفات التي تطبق المعنى اللغوي للفعالية باعتبارها "القدرة على التأثير"[iii]. وبناء عليه، فإن هذه الدراسة سوف تتعامل مع فعالية السياسات، على أنه "القدرة على تنفيذ الأهداف والخطط التي تم وضعها، بما يسهم في تحقيق النتائج المرغوبة".

وعلى الرغم من وجود بعض الآراء التي تحاول الفصل بين مفهومي الکفاءة والفعالية، والنظر إلى کل منهما على نحو مستقل، إلا أن التصور الغالب هو وجود علاقة "اعتماد متبادل" بين مفهومي الکفاءة والفعالية، بحيث يسهم کل منهما في تحقيق الآخر. فبينما الفعالية ترتبط بالأساس بالأهداف والاستراتيجيات طويلة الأمد، فإن عملية قياسها تتم بالمقارنة بالأهداف الموضوعة سلفاً. وفي حين تعبر الکفاءة عن عملية وضع الأهداف من خلال التنسيق بين الموارد والاحتياجات، فإنها تعد مدخلا لتحقيق الفعالية[iv].

ثانياً: نظريات مکافحة الفساد:

من خلال مراجعة أدبيات مکافحة الفساد، يمکن التوصل إلى ثلاث مدارس فکرية عکست طرق التفکير المختلفة في ظاهرة الفساد، وفي کيفية التعامل معها ومحاربتها، وسوف نقوم بتسليط الضوء على تلک المدارس الفکرية في العناصر التالية:

  1. النظرية التقليدية (الموّکِل والوکيل)

في غالبية الدراسات التي تناولت ظاهرة الفساد، وحاولت تقديم حلول للتعامل معها، ظهر بوضوح نهج التعامل مع مشکلة الفساد على أنها مشکلة في العلاقة بين (الموّکِل والوکيل Principle-agent)، من خلال افتراض أن الوکيل قد يکون له تفضيلات وميول تجاه الفساد في ظل توافر بيانات ومعلومات لديه لا تتوافر للموّکِل الذي يمثل المصلحة العامة، ونتيجة لذلک، فإن تصميم سياسات مکافحة الفساد کانت مدعومة بهذا الفهم حول کيفية حل مشکلة فساد الوکيل، ولقد شملت تلک الحلول آليات رقابية لإبلاغ "الموّکِلين" وعقوبات لتحفيز "الوکلاء"، ووفقاً لتلک الآليات، فإن سياسات مکافحة الفساد التي ارتبطت بالمدرسة التقليدية اعتمدت على الرقابة "من أعلى إلى أسفل" في مکافحة ممارسات الفساد، إلا أن هذا الفهم لطبيعة المشکلة قد تعرض لکثير من أوجه النقد، منها أن من يطلق عليهم "الموّکِلين" قد لا يکونون موجودين في الواقع، أو أنهم قد يشارکون "الوکلاء" في السلوک الفاسد[v].

  1. النظرية القائمة على إشراک المواطنين في مکافحة الفساد:

خرج هذا التصور من رحم حقل الإدارة العامة الجديدة، التي سعت إلى خلق أطر مؤسسية جديدة للمساعدة في تمکين الناس من حل مشاکلهم المجتمعية، وبخلاف النهج القائم على الرقابة من أعلى، فإن تلک المدرسة الفکرية حاولت تقديم إطار نظري مختلف لمکافحة الفساد قائم على "النهج التصاعدي"، أي اتباع إجراءات "من أسفل إلى أعلى" لمکافحة الفساد، وتقدم إحدى الدراسات ثلاث فرضيات لتعزيز النهج التصاعدي في مکافحة الفساد، أولاً، المواطنون دائمًا في وضع أفضل للحکم على جودة الخدمة العامة المقدمة لهم؛ لذلک يمکن للمجتمع المحلي تقييم الوضع، واتخاذ الخطوات اللازمة لمنع المخالفات، ثانيًا، المواطنون هم المستفيدون من الخدمة، لذلک عادة ما يکون لديهم حوافز أقوى لمراقبة العملية، ثالثاً، تعرض الموظفين العموميين للنبذ المجتمعي في حال ارتکابهم للمخالفات يجعل المسئولين الرسميين أکثر يقظة وحرصاً أثناء أداء واجباتهم[vi].

 

 

  1. النظرية الشاملة لمکافحة الفساد (الحوکمة)

الفکرة الرئيسة لهذه النظرية قائمة على أن مکافحة الفساد لا يمکن أن تتم إلا في ضوء مواجهة شاملة لکل مسببات الفساد، وإصلاح وتحسين لکل قطاعات الدولة الرسمية وغير الرسمية؛ سعيا نحو الوصول إلى "الحکم الجيد" کأساس لإدارة الدولة يحصنها ضد مظاهر الفساد وممارساته، ومن أبرز المؤيدين للنهج متعدد الطبقات والشامل لمکافحة الفساد منظمةُ الشفافية الدولية التي تقترح نظامًا وطنيًا للشفافية، يتألف من مجموعة من الأهداف، مدعومة باستراتيجيات أو عناصر، يتم تقديمها من خلال المؤسسات أو القطاعات أو الأنشطة المحددة (الرکائز).

جدول رقم 1: أدوار الجهات والأطراف المختلفة في النهج الشامل لمکافحة الفساد

الجهة

الدور

الحکومة

إدارة التضارب في المصالح

البرلمان

ضمان وجود انتخابات نزيهة

لجنة الموازنة بالبرلمان

القيام بوظيفة استجواب المسئولين

موظفين العموم

الالتزام بأخلاقيات الخدمة العامة

القضاء

الحفاظ على الاستقلالية

وسائل الإعلام

الوصول إلى المعلومات

المجتمع المدني

حرية التعبير

هيئات مکافحة الفساد

تطبيق القوانين

القطاع الخاص

الالتزام بسياسات المنافسة

* McCusker, Rob. Review of anti-corruption strategies. Canberra: Australian Institute of Criminology, 2006, p. 12.

وفي حين اقترب الأساس الذي اعتمدته اتفاقية الأمم المتحدة لمکافحة الفساد من النهج الشامل لمکافحة الفساد، حين تم النص في المادة (13) من الاتفاقية على أن "تتخذ کل دولة طرف تدابير مناسبة، ضمن حدود إمکاناتها ووفقا للمبادئ الأساسية لقانونها الداخلي، لتشجيع أفراد وجماعات لا ينتمون إلى القطاع العام، مثل المجتمع الأهلي والمنظمات غير الحکومية، ومنظمات المجتمع المحلي، على المشارکة النشطة في منع الفساد ومحاربته، ولإذکاء وعي الناس فيما يتعلق بوجود الفساد وأسبابه وجسامته وما يمثله من خطر[vii]"، إلا أنها أيضاً قد اقتربت من التصور الخاص بإشراک المواطنين في جهود مکافحة الفساد، حين أوصت بأن يتم "تعزيز الشفافية في عمليات اتخاذ القرار وتشجيع إسهام الناس فيها"، ذلک بجانب "ضمان تيسّر حصول الناس على المعلومات"[viii].

ومع ذلک، فإن نص المادة (5) من الاتفاقية نفسها، والتي ترکت لکل دولة الحرية في وضع السياسات العامة المناسبة لها[ix]، وبالتالي فإنها قد سمحت بأن يکون النموذج التقليدي القائم على فکرة (الموّکِل والوکيل) هو الأکثر ظهورا في السياسات العامة لمکافحة الفساد في عدد کبير من البلدان النامية؛ نظراً لضعف الإرادة السياسية، وضعف الإمکانات الإدارية والاقتصادية لتلک الدول.

ثالثاً: مداخل مکافحة الفساد:

بالإضافة لهذا التنوع في النظريات المفسرة لظاهرة الفساد، فإن الممارسة العملية کشفت عن وجود مجموعة من المداخل التي تم الاعتماد عليها في تبني سياسات عامة موجهة نحو مکافحة الفساد، ومن أبرز تلک المداخل:

  1. المدخل القانوني:

يقوم المدخل القانوني بشکل رئيس على اعتماد تدابير قضائية أو عقابية، تدعو إلى فرض عقوبات أشد على الممارسات الفاسدة، ولقد أظهرت الدراسات تبني عدد کبير من البلدان لهذا المدخل من خلال مراجعة الإطار القانوني القائم لديها، والقيام بتعديل بعض تلک القوانين، أو صنع قوانين جديدة، وفي بعض الحالات قد تکون تلک الإصلاحات القانونية نتيجة لاشتراطات المؤسسات الدولية سواء للحصول على عضوية في تلک المؤسسات (کتلک التي يفرضها الاتحاد الأوربي على الدول التي تنضم إلى عضويته)[x]، أو للحصول على قروض ومساعدات مالية (وهو ما يتبعه البنک الدولي تجاه الدول المستفيدة).

  1. المدخل التنظيمي:

يرکز المدخل التنظيمي بشکل أساسي على "القطاع العام"، وذلک عبر وضع خطط لإصلاح نظم إدارة المالية العامة، وإصلاح نظام الخدمة المدنية القائم، وتعزيز القواعد التنظيمية للامرکزية، بجانب تحسين أنظمة المراجعة الداخلية والخارجية، بما يشمل التدقيق للکشف عن الفساد، وتناوب الموظفين فيما بينهم، وغير ذلک من الإجراءات التنظيمية والإدارية الأخرى[xi]، وفي حين لا تتمثل الأهداف الرئيسة لهذه الإصلاحات في الحد من الفساد في حد ذاته، بل زيادة الفعالية والکفاءة والشفافية والمساءلة في الأنظمة الإدارية والمالية وأنظمة الرقابة، إلا أن السيطرة على الفساد تظهر کمنتج ثانوي قيم لهذا المدخل[xii].

  1. المدخل الاقتصادي:

جادل عدد من الباحثين بأن الفساد عادة ما يقترن بالتدخل الحکومي في الاقتصاد وبالجمود البيروقراطي، وهو ما يؤدي إلى عدم التوازن بين العرض والطلب على السلع والخدمات، حيث توفر الظروف التي يتفوق فيها الطلب على العرض البيئة المناسبة لظهور الفساد[xiii]، وتتمثل الإستراتيجية المقررة للقضاء على الفساد في السماح لقوى السوق بالعمل دون تدخل حکومي، هذا مع إجراءات أخرى مثل ضمان مستوى معيشي معقول ورواتب أعلى للسياسيين ولکبار الموظفين العموميين، والحد من المحفزات الاقتصادية للفساد.

  1. المدخل السياسي:

في حين ربطت بعض الدراسات بين ظاهرة الفساد وبين بعض الممارسات السياسية غير الديمقراطية، حيث رأت أن الفساد السياسي يحدث عندما يستخدم صناع القرار السلطة السياسية التي يتسلحون بها للحفاظ على مناصبهم ومکانتهم وثرواتهم، وهو ما يقود إلى سوء تخصيص الموارد، ويمتد تأثيره إلى مؤسسات الحکومة والنظام السياسي، ويؤدي في کثير من الأحيان إلى الانحلال المؤسسي، ومن خلال تلک الدراسات اتضح أن المشکلة الأساسية في التعامل مع ظاهرة الفساد السياسي هي ضعف المساءلة بين الحاکمين والمحکومين، وخاصة في البلدان السلطوية[xiv]، ولقد أدى هذا التصور إلى افتراض أن ترسيخ مبادئ وقيم الديمقراطية ستجعل السياسيين وکبار الموظفين أکثر حذرا تجاه احتمالية تعرضهم للمساءلة، وبالتالي أقل ميلا نحو التورط في ممارسات فاسدة.

بينما تفند دراسات أخرى هذا التوجه، وترى أن العلاقة ما بين الديمقراطية والفساد هي علاقة معقدة، فقد تؤدي الانتخابات التنافسية إلى الحد من الفساد، حيث يتم التصويت ضد أصحاب المناصب الفاسدين وإخراجهم من مناصبهم، إلا أنه من ناحية أخرى، قد تدفع الحاجة إلى تمويل الحملات الانتخابية إلى قيام السياسيين بمقايضة القرارات السياسية بالتمويل، ويدلل أصحاب هذا التوجه بالکثير من الحالات التي تثبت صعوبة الربط ما بين زيادة الديمقراطية والحد من الفساد، من ذلک الإشارة إلى حالة سنغافورة کمثال على بلد غير ديمقراطي نسبيًا، في حين يحقق مستويات منخفضة من الفساد، على العکس من ذلک، فإن بعض البلدان الديمقراطية مثل منغوليا وباراغواي ونيکاراغوا لديها مستويات عالية من الفساد[xv].

  1. المدخل القيمي:

يهدف هذا المدخل إلى تغيير مواقف وقيم السکان وموظفي الخدمة المدنية على حد سواء، وتعزيز الشعور بالمسئولية العامة والمساءلة، وعلى خلق ثقافة عامة من القيم المشترکة والمعايير الأخلاقية[xvi]، ويهتم هذا المدخل بعمليات نشر الوعي بين المواطنين حول قضايا الفساد، وهو ما يجعله يعطي أهمية لدور الإعلام في تسليط الضوء على مخاطر الفساد وأساليب مکافحته، بجانب دعم الإعلام لجهود الأجهزة الرقابية من خلال نشر المعلومات حول قضايا الفساد، وأيضاً إعطاء أهمية للدور التوعوي للمنظمات الأهلية داخل المجتمعات المحلية، أما فيما يخص موظفي الجهاز الإداري، فإن هناک اهتمامًا بعمليات تدريبهم وتأهيلهم ليکونوا أکثر تحصينا ضد فرص الفساد، ومحاولة خلق کود أخلاقي داخل الجهاز الإداري يعزز من قيم الشفافية والنزاهة.

ما يمکن أن ننتهي إليه بخصوص مداخل مکافحة الفساد، أنه لا يمکن لسياسة ناجحة في مکافحة الفساد أن تعتمد على أحد تلک المداخل دون الاستفادة من باقي المداخل الأخرى، فکما أن الفساد ظاهرة متعددة الأسباب والمظاهر، فإن مواجهتها لابد وأن تکون معتمدة على أساليب ومداخل متنوعة تستطيع أن تحاصر المظاهر المختلفة للفساد، وأن تتعقب کل سبب من أسبابه، وبالتالي، فإن العلاقة بين تلک المداخل هي علاقة تکاملية، ويعتمد نجاح أية سياسة عامة لمکافحة الفساد في قدرتها على الاستفادة من مختلف الأساليب التي تقدمها تلک المداخل بما يناسب ظروفها وأوضاعها السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

المحور الثاني: تقييم کفاءة السياسة المصرية لمکافحة الفساد

على الرغم من امتلاک الدولة المصرية لترسانة قانونية کبيرة تضمنت العديد من النصوص القانونية التي حاولت التصدي للصور الأکثر انتشاراً للفساد، مثل الرشوة واختلاس المال العام، بجانب امتلاکها للعديد من الهيئات والأجهزة التي تم إنشاؤها من أجل التصدي لمظاهر الفساد، أبرزها، الجهاز المرکزي للمحاسبات، والنيابة الإدارية، وجهاز الکسب غير المشروع بوزارة العدل، وهيئة الرقابة الإدارية، وغيرها من الهيئات والأجهزة. إلا أن ذلک وطوال الفترة السابقة على ثورة يناير، لم يؤد إلى محاصرة مظاهر الفساد المنتشر والمتفشي بشکل کبير، وهو ما تطلب استحداث وتطوير المنظومة الخاصة بمکافحة الفساد، وفي هذا المحور سوف نحاول التعرف على قيمة ما تم استحداثه من سياسات على جهود مکافحة الفساد في مصر، وما إذا کانت تلک السياسات الجديدة قد اعتمدت على النظريات الحديثة في مکافحة الفساد، وهو ما سنحاول التوصل إليه في النقاط التالية، عقب التعرف على أبرز تلک السياسات الجديدة، وعلى أهمية السياق الخاص بتلک السياسات.

 

أولاً- سياسات مکافحة الفساد عقب عام 2014م: 

مع بدء الدولة في العودة التدريجية لحالة الاستقرار السياسي عقب عام 2014م، شرعت الدولة في تطوير سياساتها المتعلقة بمکافحة الفساد، بداية من الدستور الصادر عام 2014م، والذي تضمن مجموعة من المواد الخاصة بالأجهزة الرقابية، وتلا ذلک وفي العام نفسه وضع الاستراتيجية الوطنية لمکافحة الفساد، وصولاً إلى صدور القانون رقم (207) لعام 2017م، الذي عزز مکانة هيئة الرقابة الإدارية في جهود مکافحة الفساد.

  1. مکافحة الفساد في الدستور المصري:

تضمن الدستور المصري الصادر عام 2014م مجموعة من المواد التي اهتمت بتحديد الأطر العامة لسياسة مکافحة الفساد، حيث تضمنت المادة (218) النص على أن "تلتزم الدولة بمکافحة الفساد، ... وتلتزم الهيئات والأجهزة الرقابية المختصة بالتنسيق فيما بينها في مکافحة الفساد، وتعزيز قيم النزاهة والشفافية؛ ضماناً لحسن أداء الوظيفة العامة، والحفاظ على المال العام، ووضع ومتابعة تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لمکافحة الفساد بالمشارکة مع غيرها من الهيئات والأجهزة المعنية، وذلک على النحو الذي ينظمه القانون"، وبجانب ذلک اختصت مواد أخرى بالدستور بتنظيم أوضاع "الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية" التي تقوم بمهام منع ومکافحة الفساد، ومن أبرز ما تضمنته تلک المواد؛ النص على تمتع الهيئات الرقابية بالشخصية الاعتبارية، وبالاستقلال الفني، والمالي، والإداري[xvii]. واشتراط موافقة مجلس النواب على تعيين رئيس الجمهورية لرؤساء تلک الهيئات الرقابية[xviii]. وإلزام الأجهزة الرقابية بتقديم تقارير سنوية إلى کل من رئيس الجمهورية، ومجلس النواب، ورئيس مجلس الوزراء[xix]. بالإضافة إلى النص على نشر تقارير الأجهزة الرقابية على الرأي العام[xx].

وتعد المواد السابقة تطورًا ملحوظًا في جهود مکافحة الفساد، سواء فيما يتعلق بتعزيز صلاحيات الهيئات الرقابية، أو في إشراک مجلس النواب في تعيين رؤساء الهيئات الرقابية، أو في إشراک المواطنين في الاطلاع على جهود مکافحة الفساد، من خلال نشر تقارير الأجهزة الرقابية.

  1. تعزيز مکانة هيئة الرقابة الإدارية:

بدأت هيئة الرقابة الإدارية کقسم للرقابة يتبع النيابة الإدارية عام 1958م، وأصبحت هيئة مستقلة طبقا للقانون رقم (54) لسنة 1964م، وصدر قرار بتجميدها نشاطها عام 1980م، ثم أعيد تشکيلها عام 1982م؛ لممارسة اختصاصاتها، وعدلت بعض اختصاصاتها، وذلک في إطار تعديل قوانين الأجهزة الرقابية بما يتوافق مع الحالة الدستورية الجديدة خاصة المواد التي تنظم الاستقلال والتبعية، والسلطات والصلاحيات المخولة لهذه الأجهزة، وآليات التنسيق فيما بينها، وفي عام 2017م، صدر القانون رقم (207) الذي منح هيئة الرقابة الإدارية اختصاصات إضافية عززت من مکانتها في طليعة الأجهزة المختصة بمکافحة الفساد في مصر، حيث نص القانون على أن تتضمن هيئة الرقابة الإدارية جهازين، أحدهما لمنع الفساد، والآخر لمکافحته، هذا بخلاف قانون (54) لسنة 1964م الذي لم يتضمن أية إشارة مباشرة لمسميات مکافحة الفساد.

ومن أبرز الاختصاصات التي تم استحداثها في القانون، کشف وضبط الجرائم التي تستهدف الحصول أو محاولة الحصول على أي ربح أو منفعة باستغلال صفة أحد الموظفين العمومين المدنيين، أو أحد شاغلي المناصب العامة بالجهات المدنية، أو اسم إحدى الجهات المدنية خاصة رئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء والوزارات ودواوين عموم المحافظات. وکشف وضبط الجرائم المتعلقة بتنظيم عمليات النقد الأجنبي، والجرائم المتعلقة بالتجارة في الأعضاء البشرية، وجرائم الاتجار في البشر. هذا بجانب وضع ومتابعة تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لمکافحة الفساد بالمشارکة مع الهيئات والأجهزة المعنية في الدولة، والعمل على نشر قيم النزاهة والشفافية والتوعية المجتمعية بمخاطر الفساد. وأخيراً، عمل وتنفيذ التدريبات اللازمة للقيادات والمناصب الإدارية العليا والمتوسطة من خلال الأکاديمية الوطنية لمکافحة الفساد کشرط للترقي الإداري[xxi].

بجانب تلک الاختصاصات المستحدثة، فإن القانون الجديد ألغى شرط موافقة رئيس الوزراء من أجل التحقيق مع کبار موظفي الدولة، کما ألغى صلاحية الهيئة للقيام بـــ"المراقبة السرية" أثناء التحريات التي تقوم بها[xxii]، وهو ما يکسب القانون مميزات إضافية أخرى، في حين أن أبرز النقاط السلبية التي تم رصدها في القانون الجديد عدم الإشارة إلى ما نص عليه الدستور بخصوص نشر التقارير السنوية أمام الرأي العام، حيث اقتصرت المادة (5) من القانون الجديد على النص بتقديم تلک التقارير إلى رئيس الجمهورية ومجلس النواب ورئيس مجلس الوزراء فقط.

  1. الاستراتيجية الوطنية لمکافحة الفساد:

على الرغم من انضمام مصر لاتفاقية الأمم المتحدة لمکافحة الفساد منذ عام 2004م، إلا أن اتخاذ خطوات تنفيذية من أجل تطبيق أحکام تلک الاتفاقية قد تأخر إلى نهاية عام 2010م، حين صدر قرار رئيس مجلس الوزراء بإنشاء اللجنة الوطنية التنسيقية لمکافحة الفساد برئاسة وزير العدل، بحيث تکون مسئولة عن تفعيل الإنفاذ الفعلي لأحکام اتفاقية الأمم المتحدة والاتفاقيات الأخرى ذات الصلة، والتنسيق بين الجهات الوطنية المعنية بهذا الشأن[xxiii]. وفي 2014م، انتهت کانت اللجنة الفرعية التنسيقية لمکافحة الفساد من إعداد الإستراتيجية الوطنية لمکافحة الفساد، والتي أصبحت هي الإطار المرجعي لجهود الدولة في مکافحة الفساد، وفي عام 2019م صدرت النسخة الثانية من الاستراتيجية التي قدمت في الجزء الأول منها تقريرًا عن متابعة تنفيذ الاستراتيجية خلال الفترة السابقة، وفي الجزء الثاني قدمت الخطة التنفيذية الجديدة للفترة من عام 2019م حتى عام 2022م[xxiv]، وسوف نقوم في الأجزاء التالية من الدراسة بتحليل وتقييم استراتيجية مکافحة الفساد بشکل أکثر تفصيلاً.

 

ثانياً- کفاءة سياسات مکافحة الفساد:

فيما يلي سوف نحاول تقييم کفاءة سياسات مکافحة الفساد، من خلال الاعتماد على مجموعة من المعايير التالية:

  1. من حيث القدرة على توصيف المشکلة:

استطاعت الاستراتيجية الوطنية لمکافحة الفساد أن توصّف الأسباب التي تقف وراء ظاهرة الفساد في مصر على نحو جيد، حيث تتنوع الأسباب التي تم إدراجها ما بين أسباب إدارية واقتصادية وقانونية ومؤسسية واجتماعية وثقافية، وهي بذلک قد شملت الغالبية العظمى من مسببات الفساد، کما تميزت الاستراتيجية بالاعتراف بالکثير من الحقائق التي لم يکن يتم الإشارة إليها من قبل في الوثائق الرسمية على هذا النحو، ومن بين ما تضمنته الاستراتيجية من أسباب لظاهرة الفساد في مصر:

-         غياب العدالة الاجتماعية وعدالة التوزيع: وضعت الاستراتيجية الأسباب الاقتصادية على رأس أسباب الفساد في مصر، حيث أفادت الاستراتيجية بأن النموذج الاقتصادي المصري خلال العقود الثلاثة الماضية قد أدى إلى ازدياد الثروات، وعدم عدالة توزيعها، وعدم وصول ثمار التنمية إلى الطبقات محدودة الدخل، الأمر الذي ولد لديهم الشعور بالظلم واللامبالاة، مما ساعد في انتشار الفساد.[xxv]

-         قصور الجهاز الإداري للدولة: ذکرت الاستراتيجية الوطنية لمکافحة الفساد أن هناک الکثير  من نقاط الضعف في نظم الإدارة العامة في مصر، وهو ما کان سببا مباشرا في انتشار الفساد وتوغله، حيث أوردت الاستراتيجية معاناة الهياکل التنظيمية للجهاز الحکومي للدولة من غياب المراجعة والتحديث الدوري، ومن تداخل الاختصاصات بين الجهات المختلفة وعدم تحديدها بشکل دقيق، بما يؤدي إلى شيوع المسئولية، وضعف القدرة على الرقابة والمحاسبة، والاعتماد على الوساطة والمحسوبية؛ هذا بجانب الإقرار بجميع مشاکل الجهاز البيروقراطي من طول فترة الإجراءات الإدارية، وسوء تعامل الموظفين مع الجمهور، وصورية منظومة الشکاوى، بالإضافة إلى الإقرار بضعف منظومة الرقابة الداخلية على الأجهزة الحکومية.

-         ضعف المنظومة القانونية والمؤسسية: من أهم ما ذکرته الاستراتيجية بخصوص الأسباب القانونية لانتشار الفساد في مصر، هو عدم وجود تشريع يوفر الحماية للشهود والخبراء والمجني عليهم والمُبلغين في جرائم الفساد، ولأن الخسائر من وراء الفساد في الغالب تکون من حساب المصلحة العامة والمال العام، فإن عدم وجود مصلحة مباشرة للشهود أو المبلغين يجعلهم متخوفين من الدخول في ملابسات قضائية وقانونية قد تعرضهم لمضايقات أو للانتقام من المدعى عليهم، وهو ما يجعلهم يحجمون عن القيام بهذا الأمر، وبالتالي يمنح عدم توافر قانون لحماية الشهود ظاهرة الفساد غطاء حماية مجاني، والمساهمة في استمرار الفاسدين بعيداً عن القانون والمحاسبة.

-         انتشار سلوکيات سلبية: بينما کان من المهم وضع الأسباب الاقتصادية على رأس أسباب الفساد في مصر، فإن وضع الأسباب الاجتماعية في نهاية تلک الأسباب هو أيضاً شيء إيجابي، إذ يعني ذلک الابتعاد عن المسار التقليدي في تحميل المواطنين المسئولية الکاملة عن الأوضاع التي يعاني منها المجتمع، وإرجاع کل مشکلة إلى ثقافاتهم وسلوکياتهم، وحينما أوردت الاستراتيجية انتشار سمات سلوکية سلبية داخل المجتمع، عللت ذلک بکونه نتاجًا للظروف الاقتصادية والسياسية المتعاقبة، کما حملت الاستراتيجية الممارسات السلبية للأنظمة الحاکمة، مثل ضعف الشفافية، وغياب المسائلة والمحاسبة، وعدم احترام القانون، وانتشار الفساد داخل الهيئات الحکومية المسئولية عن ضعف ثقة المواطنين في الحکومات المتعاقبة، وبالتالي لجوئهم للوساطة والمحسوبية من أجل قضاء مصالحهم الخاصة.

 

 

 

  1. من حيث إيجاد الأساليب المناسبة للتعامل مع المشکلة:

اعتمدت الاستراتيجية في سعيها لمحاصرة ظاهرة الفساد في مصر على وضع مخطط تنفيذي تفصيلي مکون من ستة محاور؛ شملت الأهداف الرئيسة التي تسعى الاستراتيجية لتحقيقها، وسياسات التنفيذ المطلوبة من أجل تحقيق الهدف، بجانب تحديد المسؤول عن تنفيذ کل سياسة من سياسات التنفيذ السابقة، وتحديد المدى الزمني المطلوب لتحقيق کل هدف، هذا بجانب المؤشرات التي يتم من خلالها قياس معدل الإنجاز في الأهداف والسياسات المطلوبة تحقيقها.

من خلال هذا المخطط التنفيذي الذي تضمنته استراتيجية مکافحة الفساد، تنوعت المداخل الخاصة بمکافحة الفساد، ما بين مداخل قانونية، ومداخل إدارية، ومداخل مجتمعية، ومداخل اقتصادية، وهي بذلک قد اقتربت إلى حد معقول من تطبيق المنهج الشامل في مکافحة الفساد، لکنها في الوقت نفسه لم تعط کل من تلک المداخل القدر نفسه من الأهمية، حيث کانت المداخل القانونية والإدارية هي الأکثر بروزاً داخل الخطة التنفيذية للاستراتيجية، بينما لم يحظ المدخل السياسي بأي اهتمام داخل تلک الاستراتيجية.

وفي حين کان من الجيد وجود مؤشرات لقياس الأداء الخاص بالخطة، إلا أن تلک المؤشرات اتسمت بشکل عام بأنها فضفاضة وغير محددة بدقة، فعلى سبيل المثال، تم اعتبار "وجود برامج تعليمية وتوعية بمخاطر الفساد" مؤشر على رفع مستوى الوعي الجماهيري بخطورة الفساد، بينما مجرد وجود مثل تلک البرامج هو مؤشر غير کافٍ ما لم تکن حققت تلک البرامج درجة کافية من الانتشار لتشمل عددًا کبيرًا من المواطنين، وهو الأمر الذي تم تطويره في الإصدار الثاني من الاستراتيجية (2019-2022)، حيث تحول من مجرد الحديث عن "وجود" الإجراء المطلوب، إلى الحديث عن "نسبة" ما تم تنفيذه في هذا الإجراء أو "عدد" ما تم تنفيذه أو عمله من خدمات أو تشريعات.

أما فيما يتعلق بهيئة الرقابة الإدارية، فإن القانون (207) لسنة 2017م قد رفع من مکانتها من خلال نقل تبعيتها من رئاسة الوزراء إلى رئاسة الجمهورية، هذا بجانب منحها درجة أعلى من الاستقلالية الإدارية والمالية والفنية، وهو ما يعني زيادة "تمکين" هيئة الرقابة الإدارية فيما يتعلق بمجال مکافحة الفساد، بحيث تصير أکثر قدرة على الحرکة وعلى الفعل، ويظهر ذلک بوضوح من خلال قدرة الهيئة على إلقاء القبض على عدد کبير من کبار موظفي الدولة، من بينهم وزراء ومحافظين، وهو تطور نوعي ناتج عن الوضع الجديد التي أصبحت تتمتع به الهيئة، وبجانب أسلوب التمکين، فلقد استحدث القانون (207) لسنة 2017م إنشاء "الأکاديمية الوطنية لمکافحة الفساد" التي تعد أداة جديدة تقوم بتأهيل العاملين في هيئة الرقابة الإدارية وغيرها من الهيئات الرقابية الأخرى، بجانب موظفي الجهاز الإداري للدولة، على النظم الحديثة الخاصة بالکشف عن ممارسات الفساد وجرائمه.

  1. من حيث إيجاد الشراکات المطلوبة لإنجاح تلک السياسات:

بما أن الفساد ظاهرة متعددة المظاهر، کما أنه في حالات کثيرة يکون فعلًا مشترکًا ما بين أطراف أو جهات متعددة، وبالتالي فإن عملية مکافحة الفساد لا بد وأن تکون عملية جماعية، أي أن يشارک في القيام بها جميع الأطراف والجهات ذات الصلة داخل الدولة والمجتمع، وسوف نقوم هنا بالکشف عن مدى وجود تلک الشراکات في السياسات العامة الخاصة بمکافحة الفساد.

جدول رقم 2: الجهات المشارکة في تنفيذ ومتابعة الخطة التنفيذية لمکافحة الفساد

الأطراف المشارکة

جهات تشريعية وتنفيذية

هيئات وأجهزة رسمية

جهات غير رسمية

في التنفيذ

- رئاسة مجلس الوزراء

- مجلس النواب

- وزارة التخطيط

- وزارة المالية

- وزارة العدل

- وزارة الاستثمار

- وزارة التضامن الاجتماعي

- وزارة الداخلية

- وزارة الخارجية

- وزارة الاتصالات

- وزارة التربية والتعليم

- وزارة التعليم العالي

-     الجهاز المرکزي للمحاسبات

-     الجهاز المرکزي للتنظيم والإدارة

-     أجهزة الرقابة الداخلية بالوزارات المختلفة.

-     اللجنة الوطنية التنسيقية الرئيسية والفرعية لمکافحة الفساد.

-     الأجهزة المعنية بمکافحة الفساد.

-     هيئات قضائية (النيابة العامة-النيابة الإدارية-مجلس الدولة-هيئة قضايا الدولة)

-     جهاز المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر.

-     مرکز معلومات مجلس الوزراء

-     المؤسسات الدينية

الصحف ووسائل الإعلام

منظمات المجتمع المدني

القطاع الخاص

 

في المتابعة

- مجلس النواب

-     اللجنة الوطنية التنسيقية الرئيسية والفرعية لمکافحة الفساد

منظمات المجتمع المدني

الصحف ووسائل الإعلام

* الجدول من إعداد الباحث بالاعتماد على الاستراتيجية الوطنية لمکافحة الفساد 2014.

ويظهر من الجدول السابق، تحميل الاستراتيجية الوطنية لمکافحة الفساد لعدد کبير من الجهات الرسمية بمسئوليات وأدوار في عملية مکافحة الفساد، في حين توجّب على مجلس النواب القيام بالمسئولية الأهم في متابعة تنفيذ الأهداف والسياسات المرجوة، هذا بجانب وضع مسئولية ضمنية لمنظمات المجتمع المدني ولوسائل الإعلام في عملية المتابعة، وبشکل عام، فإن هناک إشادة إيجابية من قبل مکتب الأمم المتحدة لمکافحة المخدرات والجريمة، الذي يشير إلى أن هناک أکثر من ثمانين جهة حکومية ما بين وزارات ومحافظات وغيرها تشارک في تنفيذ هذه الاستراتيجية[xxvi]، وهو ما يرى فيه مکتب الأمم المتحدة أنه يعزز من شمولية جهود مکافحة الفساد.

أما هيئة الرقابة الإدارية، فإن من ضمن مهامها المستحدثة "التعاون والتنسيق وتبادل الخبرات والوثائق والمعلومات مع الهيئات والأجهزة الرقابية في الدولة، وغيرها من الجهات المختصة بمکافحة الفساد في الخارج"، وکون هيئة الرقابة الإدارية هي المسئولة عن تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لمکافحة الفساد، فإنها بالضرورة هي المسئولة عن التواصل مع الجهات المختلفة التي وردت في الجدول السابق، من أجل ضمان قيام کل منها بالدور المطلوب منه.

  1. من حيث الاستمرارية:

من بين التجارب الدولية المهمة في مکافحة الفساد، تجربة کوريا الجنوبية، التي تتولى فيها "هيئة مکافحة الفساد والحقوق المدنية" مهام تقييم الجهود الوطنية لمکافحة الفساد، وبينما لا تملک الهيئة أية صلاحية قانونية بفرض عقوبات على الجهات العامة ذات الأداء دون المستوى في مکافحة الفساد، إلا أن استمرار الهيئة في دورها طوال ثلاث عشرة عاماً في تقييم جهود مکافحة الفساد أسهم في دفع وتحفير رؤساء الهيئات الحکومية إلى إيلاء المزيد من الاهتمام للسياسات والمبادئ التوجيهية الخاصة بمکافحة الفساد[xxvii].

وقيمة هذه التجربة تتعلق باستمرارية متابعة جهود مکافحة الفساد، وهذا ما يمکن ملاحظته في إصدار النسخة الثانية من الاستراتيجية الوطنية لمکافحة الفساد، والتي حاولت تقييم التجربة السابقة، وتسليط الضوء على الإنجازات التي تحققت، وکذا على الصعوبات التي منعت تحقيق باقي الأهداف، ومن ثم، تم وضع خطة مکملة للخطة الأولى، استمدت عدد کبير من أهدافها من أهداف الاستراتيجية الأولى، التي لم يتم تنفيذها، واستحدثت مجموعة أخرى من الأهداف، فبغض النظر عن النتيجة المتحققة في جهود مکافحة الفساد، فإن استمرارية الاهتمام ومتابعة وتقييم تلک الجهود يُعد عنصرًا جوهريًا في ضمان تحقق الأهداف الموضوعة، حتى وإن جاوزت الإطار الزمني المخطط لها.

وخلاصة ما يمکن أن نخرج به من خلال تقييم کفاءة سياسات مکافحة الفساد، أن تلک السياسات على مستوى جيد من الکفاءة، حيث إنها قامت بتوصيف المشکلة ومسبباتها على نحو متميز، کما استطاعت أن تقدم أدوات متنوعة تساعد في التعامل مع مشکلة الفساد سواء بالمنع أو المکافحة، وصولاً إلى خلق شراکات واسعة، سواء مع المؤسسات الرسمية أو غير الرسمية، وإن کانت بدرجة أقل، وانتهاء بالقدرة على الحفاظ على استمرارية تلک الجهود، وتحديثها على نحو يعزز من فرص استدامتها.

المحور الثالث: تقييم فعالية سياسات مکافحة الفساد

تظهر أهمية السياسة العامة من خلال قدرتها على التعامل مع المشکلة الموضوعة من أجلها، وذلک عبر إحداث تحول إيجابي في تلک المشکلة، ويعد مدى التحول الإيجابي الحاصل هو مقياس نجاح تلک السياسة، وبالتالي فإنه بعد أن حاولنا تقييم مدى کفاءة سياسات منع ومکافحة الفساد التي اعتمدتها الدولة منذ عام 2014م، يأتي الدور على تقييم تلک السياسات من حيث مدى فعاليتها، وذلک من أجل معرفة الأثر الذي ترکته تلک السياسات على واقع ظاهرة الفساد في مصر.

أولاً- دور هيئة الرقابة الإدارية في مکافحة الفساد:

في حين تشير التجارب الدولية إلى أنه على الرغم من وجود حوالي 150 هيئة رقابية لمکافحة الفساد حول العالم، فإن وجود مثل تلک الهيئات في حد ذاتها ليس هو الضمان للتخلص من الفساد، حيث استطاعت تلک الهيئات دعم جهود مکافحة الفساد في بعض الدول، بينما لم يکن وجودها في دول أخرى ذا فائدة تذکر، في حين ظهر دور تلک الهيئة في بلدان أخرى على نحو سلبي[xxviii].

وعلى مدار السنوات الثلاثة التالية على صدور القانون (207) لعام 2017م، الذي عزز من مکانة هيئة الرقابة الإدارية بين الأجهزة الرقابية الأخرى في مجال مکافحة الفساد، أصبح ظاهرا للعيان اتساع حجم النشاط الخاص بالهيئة في مختلف الهيئات والمؤسسات الحکومية، کما تصاعدت على نحو واسع أخبار عمليات التحقيق، وإلقاء القبض على المتورطين في تهم فساد من قبل الهيئة، وذلک داخل مختلف وحدات الجهاز الحکومي وقطاعاته، بالإضافة للقطاع الخاص، وبعد إلغاء شرط موافقة رئيس الوزراء للتحقيق مع کبار موظفي الدولة، تکررت أخبار إلقاء القبض على مسئولين کبار بتهم فساد، الأمر الذي وصل لدرجة إلقاء القبض على أحد المحافظين وأحد الوزراء، وذلک في سابقة لم تحدث في مصر طوال عقود.

وتشير إحدى البيانات إلى قيام هيئة الرقابة الإدارية خلال سبعة شهور من عام 2019م بالتحقيق في (412) قضية فساد موزعة ما بين الرشوة، والاختلاس، وتسهيل الاستيلاء على المال العام، والتزوير والکسب غير مشروع، بالإضافة إلى اتخاذ إجراءات قانونية تجاه (1433) موظفًا عامًا، نتيجة ممارساتهم غير المنضبطة، ولقد بلغ حجم العائد المادي لخزينة الدولة (2.4 مليار جنية) تقريبًا؛ نتيجة الکشف عن المخالفات في المجالات المختلفة، کما استطاعت الهيئة توفير نحو (3.3 مليار جنيه) نتيجة اتخاذ بعض الإجراءات، ومنها السيطرة على منظومة الدعم التمويني للسلع، وتحديد الأسر المستحقة للدعم والفئات الأولى بالرعاية[xxix].

وإن کانت الملاحظة العامة يمکن أن تعطينا نتيجة مفادها حدوث تطور کمي وکيفي في طبيعة وحجم الدور الذي تقوم به هيئة الرقابة الإدارية في مکافحة الفساد، إلا أنه وفي ظل غياب التقارير الدورية التي يفترض أن تصدر عن الهيئة وفقا لما نص عليه الدستور، والتي کان من المفترض أن تکشف عن طبيعة التطور في عدد قضايا الفساد التي تم الکشف عنها، والتحقيق فيها، وعن توزيعها على القطاعات والمؤسسات المختلفة، وکذلک عن التکلفة المادية الخاصة بها، وغير ذلک من البيانات الأخرى. فإنه سيکون من الصعب على الباحثين إجراء تقييم موضوعي لجهود مکافحة الفساد التي تقوم بها الهيئة، ومعرفة القيمة الحقيقية لدور الهيئة في الحد من مظاهر وممارسات الفساد في مصر.

ثانياً- فعالية الاستراتيجية الوطنية لمکافحة الفساد

يمکن الکشف عن فعالية الإستراتيجية الوطنية لمکافحة الفساد من خلال معرفة الکم الذي تم تنفيذه من الأهداف التي تضمنتها الاستراتيجية، وهو ما يمکن معرفته من خلال عمل مقارنة بين ما تم التخطيط لتنفيذه منذ عام 2014م، وما تم تحقيقه حتى نهاية عام 2020م، وذلک اعتمادا على الإصدارين الأول والثاني من الإستراتيجية الوطنية لمکافحة الفساد، وسوف نقوم بذلک عبر خمسة مستويات يعبر کل مستوى عن إحدى المداخل السابق ذکرها والخاصة بمکافحة الفساد.

  1. على المستوى القانوني:

حددت الإستراتيجية الوطنية لمکافحة الفساد أربعة أسباب قانونية لاستمرار الفساد في مصر، أولها ضعف الحماية للشهود والخبراء والمجني عليهم والمبلغين، وثانيها طول الإجراءات القانونية والقضائية، وثالثها التراخي في تنفيذ العقوبات الصادرة في جرائم الفساد، وآخرها تعدد القوانين واللوائح المنظمة لعمل الجهات الحکومية وتداخلها، ومن أجل التغلب على تلک المعوقات القانونية، تضمنت الاستراتيجية مجموعة من الإصلاحات القانونية التي کان يجب تنفيذها قبل عام 2017م، ويبين الجدول التالي تلک الإصلاحات المطلوبة، وما تم تنفيذه، وما لم يتم تنفيذه منها.

جدول رقم 3: بيان بما تم تنفيذه من الإصلاحات القانونية المطلوبة لمکافحة الفساد

الإصلاحات القانونية المطلوبة

تم تنفيذها

لم تنفذ

سن قانون جديد للعاملين المدنيين بالدولة

ü       

 

سن قانون لحماية الشهود والمبلغين والضحايا والخبراء

 

ü       

سن قانون إتاحة وحرية تداول المعلومات

 

ü       

سن قانون جديد للجمعيات الأهلية

ü       

 

تحديث التشريعات المنظمة لعمل واستقلالية أجهزة مکافحة الفساد

ü       

 

تعديل قانون المناقصات والمزايدات

ü       

 

تحديث التشريعات المنظمة للصناديق الخاصة

 

ü       

إنشاء المحاکم المتخصصة في جرائم الفساد

 

ü       

* الجدول من إعداد الباحث بالاعتماد على الاستراتيجية الوطنية لمکافحة الفساد.

يتضح من الجدول السابق، أنه تم تحقيق نصف الأهداف ذات الطابع القانوني التي تضمنتها الاستراتيجية، في حين أن قوانين مثل قانون حماية الشهود، أو قانون حرية تداول المعلومات، على أهميتها الحيوية لم تصدر إلى الآن، والأمر نفسه بالنسبة لإنشاء محاکم متخصصة في جرائم الفساد، وتحديث التشريعات المنظمة للصناديق الخاصة، کما أن بعض الأهداف تم تحقيقها بشکل جزئي، مثل الهدف الخاص يتحدث التشريعات المنظمة لعمل أجهزة مکافحة الفساد، فإن ما تم تنفيذه من هذا الهدف هو إصدار القانون الخاص بهيئة الرقابة الإدارية فقط، کما أن الإصدار الثاني من الاستراتيجية قد أضاف هدفاً جديداً يتناول قانون حظر تعارض مصالح المسئولين في الدولة، الصادر عام 2013م، والذي يسعى لمنع التعارض بين المصلحة العامة والمصلحة الخاصة بالمسئول الحکومي[xxx]، حيث إنه حتى الآن لم تصدر اللائحة التنفيذية للقانون، الأمر الذي يجعله غير مفعلٍ.

  1. على المستوى التنظيمي/الإداري:

شکل المستوى التنظيمي أو الإداري الجزء الأکبر من مشاکل الفساد التي سردتها الإستراتيجية الوطنية لمکافحة الفساد، فوفقاً للاستراتيجية فإن الجهاز الإداري للدولة يعاني من الکثير من أوجه القصور، والتي سبق توضيحها في جزء سابق، ولأهمية المستوى التنظيمي في مکافحة الفساد، فلقد کان الهدف الأول من الخطة التنفيذية للاستراتيجية الوطنية لمکافحة الفساد هو "الارتقاء بمستوى أداء الجهاز الحکومي والإداري للدولة وتحسين الخدمات الجماهيرية"، ولقد شمل هذا الهدف مجموعة من السياسات الفرعية، منها تعديل وتحديث الهياکل التنظيمية، وإصلاح نظام التعيين والتقييم والترقية، وإصلاح هياکل المرتبات والأجور، وتبسيط الإجراءات الإدارية وميکنتها.

ولقد مثل إصدار قانون الخدمة المدنية رقم (81) لسنة 2016م ولائحته التنفيذية[xxxi] نقلة إيجابية في تطوير الجهاز الإداري، حيث احتوى القانون على مواد تؤصل للنزاهة والعدالة والجدارة والشفافية ومکافحة الفساد، وهو ما تم وصفه خطوة مهمة في مکافحة الفساد الإداري داخل الجهاز الحکومي المصري[xxxii]، کما قامت الحکومة بجهد ملحوظ من أجل تحقيق الشمول المالي، وهو ما أسفر عن إصدار قانون الدفع غير النقدي[xxxiii]، والذي يسعى إلى تحويل المدفوعات الحکومية من الدفع النقدي إلى المدفوعات الإلکترونية، وذلک بجانب ميکنة بعض الخدمات الحکومية، أبرزها نيابات المرور وخدمات تراخيص المرور والسجل المدني، ومشروعات التحول الرقمي الأخرى، وهو الأمر الذي أسهم في تحسين مرکز مصر وفقاً لتقرير مسح الحکومة الإلکترونية لعام [xxxiv]2020م، حيث انتقل تصنيف مصر في المسح من دولة ذات أداء متوسط إلى دولة ذات أداء مرتفع، وقد احتلت مصر المرتبة رقم 111 من 193 دولة، والذي يعد ارتفاعًا بثلاثة مراکز مقارنة بالمرتبة رقم 114 في عام 2018م[xxxv].

وفي حين مثلت الإجراءات السابقة خطوات جيدة في مسيرة الارتقاء بمستوى أداء الجهاز الحکومي وتحسين الخدمات الجماهيرية، إلا أنه وبسبب عدم وجود تقارير رسمية تحدد حجم الإنجاز الذي تم تحقيقه کنسبة من إجمالي الوظائف والخدمات التي يتم تقديمها، فإن حجم الإنجاز الفعلي يبقى غير معروف.

  1. على المستوى الاقتصادي:

کما سبق وأن تناولنا، فإن العلاقة بين الفساد والاقتصاد متشابکة، وأن البلدان ذات مستوى الدخل الاقتصادي المنخفض تعاني أکثر من غيرها من حدة ظاهرة الفساد، وتحتاج لجهد أکبر لمواجهته، يعتمد على خطة متوازنة لتحقيق الإصلاح الاقتصادي وضمان توزيع الدخل على نحو عادل بين المواطنين.

وفي يوليو 2016م بدأت مصر مفاوضات جديدة مع صندوق النقد الدولي، وذلک بشأن دعم الصندوق لبرنامج الإصلاح الاقتصادي الذي تبنته الحکومة، وشرعت في تنفيذه بهدف تحقيق الاستقرار الاقتصادي الکلي، وخفض مستويات عجز الحساب الجاري، وبنهاية عام 2019م کانت مصر قد انتهت من تحقيق المرحلة الأولى من خطة الإصلاح الاقتصادي، وحسب تقارير البنک الدولي فإن مصر قد اجتازت تلک المرحلة بنجاح، حيث استطاعت تخفيض حدّة الاختلالات والتشوهات على صعيد الاقتصاد الکلي وتحقيق استقرار الأوضاع المالية[xxxvi].

وعلى الرغم مما حققته مصر في خطتها للإصلاح الاقتصادي، إلا أن تصنيف مصر في المؤشرات الدولية الخاصة بالتحول الاقتصادي، وفي مدى اتباع نظام اقتصاد السوق والحرية الاقتصادية، لم يکن على النحو المطلوب، حيث لم تحقق مصر تقدمًا ملحوظًا في مؤشر "التحول الاقتصادي" الذي تصدره مؤسسة برتلزمان، إذ حافظت على معدلها البالغ (4,9) درجة على مقياس من عشر درجات منذ عام 2016م، وهو ما يجعلها ضمن فئة الدول التي تحقق تحول اقتصادي "محدود جدا"[xxxvii]، وفي حين حققت مصر تحسناً بمقدار (1,5) نقطة في مؤشر "الحرية الاقتصادية" الصدار عن "مؤسسة هريتيدج" ليرتفع تقييمها إلى (54) درجة من (100) کدرجة إجمالية للمؤشر في تقرير عام 2020م، إلا أن تقييم مصر يظل أقل من المتوسط الإقليمي والعالمي، وهي بذلک تحتل المرتبة (142) من بين (186) دولة شملها التقرير[xxxviii].

ومع ما حققته المرحلة الأولى من خطة الإصلاح الاقتصادي من نتائج إيجابية فيما يتعلق بمعالجة الاختلالات الکبرى التي يعاني منها الاقتصاد المصري، ورفع معدلات النمو، فإن المؤشر الخاص بتحسين المستوى المعيشي للمواطنين يبقى هو الأهم في معادلة العلاقة ما بين الفساد والاقتصاد، وتُظهر المؤشرات الخاصة بنسب الفقراء في مصر ارتفاعًا مستمرًا[xxxix]، حيث بلغت عام (2017/2018) أعلى معدلاتها التي وصلت إلى (32,5 %)[xl]، بينما تم الإعلان مؤخرا عن تراجع نسبة الفقراء في مصر لتصل إلى (29,7 %)، وعلى الرغم من أهمية هذا الانخفاض في نسبة الفقراء، إلا أن معدلات الفقر في مصر لا تزال في مستويات مرتفعة بشکل کبير.

نتيجة لتلک العوامل، أوصى الإصدار الثاني من الاستراتيجية الوطنية لمکافحة الفساد بحذف الهدف الخاص بــالارتقاء بالمستوى المعيشي للمواطنين وتحقيق العدالة الاجتماعية، کأحد أهداف الخطة التنفيذية لمکافحة الفساد التي تضمنها الإصدار الأول من الاستراتيجية عام 2014م، وتعليل ذلک بصعوبة إدراج هذا الهدف ضمن خطة استراتيجية معنية بمکافحة الفساد[xli]، وهو الأمر الذي يحد من وظيفة الاستراتيجية کإطار شامل لسياسات مکافحة الفساد.

  1. على المستوى السياسي:

وبينما تخففت استراتيجية مکافحة الفساد من الهدف الخاص بالارتقاء بالمستوى المعيشي للمواطنين في إصدارها الثاني، فإنها لم تُوجِد من الأصل مکان لأي هدف ذي علاقة بالإصلاح السياسي، وبالنظر إلى عدم وجود اتفاق بين الباحثين على الربط ما بين زيادة مستوى الديمقراطية وانخفاض مستوى الفساد، فإنه من الممکن -خلال هذه المرحلة- تفهم إسقاط هذا الهدف من استراتيجية مکافحة الفساد، وذلک حتى لا يتم تحميل الاستراتيجية والجهات المسئولة عن تنفيذها عبئًا إضافيًا، مع إمکانية أن يتم استحداث هذا الهدف في إصدارات متقدمة من هذه الاستراتيجية خلال السنوات القادمة.

  1. على المستوى المجتمعي:

لأنه من المهم أن تکون البيئة المجتمعية داعمة للسياسات الحکومية في منع الفساد ومکافحته، من أجل ضمان استدامة الإجراءات الحکومية، وفعالية تطبيقها، لذا، فلقد ظهر اهتمام ملحوظ داخل سياسات مکافحة الفساد عبر العالم بإشراک المواطنين في جهود منع الفساد ومکافحته، وذلک بالتوازي مع الاهتمام بالدور الذي تقوم به کل من مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الإعلامية في دعم تلک السياسات. وبالنظر إلى ما تم تنفيذه على هذا المستوى، فلقد قامت هيئة الرقابة الإدارية بعمل حملتين إعلاميتين، الأولى عام 2016م تحت شعار "مصر أقوى من الفساد"، والثانية بدأت عام 2017م، وحملت شعار "أنت مراية نفسک"، واستمرت حتى عام 2018م[xlii]، ولقد دعم مکتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة تلک الحملة التي رأى فيها أنها تلهم المصريين لاتخاذ خطوات فعلية من خلال الترويج لفکرة أن التغيير لا بدّ أن يبدأ على صعيد الفرد، وأنها تشجَّع المواطنون على الإبلاغ عن أعمال الفساد إلى السلطات المعنية، وقد کانت تلک الحملة تُبثّ يومياً أکثر من 650 مرة من خلال مختلف القنوات التلفزيونية المحلية والخاصة[xliii].

وفي حين کانت هناک جهود مقبولة في الجانب الدعائي، إلا أنها کانت بحاجة لمزيد من الدعم المالي لضمان استمرارها وفعاليتها، حيث توقفت تلک الحملة عقب عام 2019م، أما فيما يخص دور المجتمع المدني في مکافحة الفساد، فإن تأخر صدور اللائحة التنفيذية لقانون العمل الأهلي رقم (149) لسنة 2019م حتى نهاية عام 2020م، جعل هذا الدور غير مفعل تقريباً، خاصة وأن منظمات المجتمع المدني التي يفترض أن تقوم بدور في هذا الأمر، هي المنظمات ذات الطابع الحقوقي، والتي قد دخلت في خلاف الدولة منذ عام 2011م على خلفية قضية التمويل الأجنبي، ولا تزال حتى الآن علاقتها بالدولة متوترة.

ثالثاً- مستويات الفساد في مصر منذ عام 2014م:

بعد الانتهاء من تقييم معدلات الإنجاز في السياسات الموضوعة من أجل مکافحة الفساد، فإنه من المهم معرفة أثر تنفيذ تلک السياسات على مستويات الفساد في مصر، وسنقوم بذلک من خلال تتبع ثلاثة مؤشرات مختلفة خاصة بأوضاع الفساد في مصر، المؤشر الأول، وهو مؤشر إدراک ومکافحة الفساد الإداري، ويقوم بإصداره مرکز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء منذ عام [xliv]2016م، أما المؤشر الثاني وهو الأکثر شهرة، فهو مؤشر مدرکات الفساد الذي تقوم بإصدارة منظمة الشفافية الدولية[xlv]، والمؤشر الأخير هو مؤشر السيطرة على الفساد، وهو أحد المؤشرات الفرعية الخاصة بمؤشرات الحوکمة العالمية الصادرة عن البنک الدولي[xlvi]، وتعتمد المؤشرات الثلاثة مقياس من (100) نقطة، وکلما اقترب الرقم من (100) يعني ذلک تراجعا في إدراک الفساد، وعلى العکس، کما اقترب الرقم من (صفر) يعني ذلک إدراک لمستويات فساد أعلى.

جدول رقم 4: مستويات الفساد في مصر وفق المؤشرات المختلفة

العام

مؤشر إدراک ومکافحة الفساد الإداري

مؤشر مدرکات الفساد (CPI)

السيطرة على الفساد (WGI)

2020

لا توجد بيانات

32

لا يوجد بيانات

2019

49.0

35

27.88

2018

43.5

35

31.73

2017

37.3

32

35.58

2016

31.2

34

31.25

2015

لا يوجد بيانات

36

30.76

2014

لا يوجد بيانات

37

30.76

* الجدول من إعداد الباحث بالاعتماد على المؤشرات المختلفة الخاصة بالفساد.

     يُظهر الجدول السابق وجود اختلافات ملحوظة في مستويات إدراک الفساد بين المؤشرات الثلاثة، فبينما غلب على المؤشرات الدولية (CPI & WGI) التأرجح صعوداً وهبوطاً خلال السنوات السبعة الأخيرة، وإن المؤشر المصري قد اتخذ منحى تصاعديًا خلال السنوات التي شملها، وهو ما يکشف عن تباين واضح ما بين نتائج المؤشرات الدولية والمؤشرات المحلية فيما يتعلق بإدراک الفساد في مصر، وفي الوقت نفسه، وعلى الرغم من توافق المؤشرات الدولية على تأرجح مستويات إدراک الفساد في مصر، إلا أن هناک تعارضًا واضحًا فيما بينها في اتجاهات الصهود والهبوط، فبينما يُظهر مؤشر مدرکات الفساد الخاص بمنظمة الشفافية الدولية تراجعاً لمکانة مصر في حالة الفساد منذ عام 2014م، التي حصلت مصر فيها على أعلى تقييماتها (37 درجة)، حيث بدأ المنحنى في الهبوط وصولاً على عام 2017م الذي سجلت مصر فيه مستوى متدنيًا (32 نقطة)، ثم عاد المنحنى بعدها لارتفاع خلال العامين التاليين قبل أن ينخفض مرة أخرى في عام 2020م، بينما على العکس أظهر تقرير السيطرة على الفساد الصادر عن البنک الدولي اتجاها متصاعداً للسيطرة على الفساد منذ عام 2014م، وبينما کان عام 2017م هو عام التراجع الأکبر في تقرير منظمة الشفافية الدولية، فإنه کان عام التحسن الأفضل في تقرير البنک الدولي، الذي أعطى مصر (35.58) درجة، في أفضل تقييم لها خلال السنوات الأخيرة.

ومما سبق، وبينما يغلب على مؤشرات قياس مستويات إدراک الفساد والسيطرة عليه التباين في قراءة الواقع المصري، فإن الأمر الأکثر أهمية، والذي توافقت عليه جميع المؤشرات، بما فيها المؤشر المصري، أن کل التقييمات تضع مصر ضمن مستويات عالية من إدراک الفساد ومستويات منخفضة من السيطرة عليه، حيث إن المؤشر المصري وحتى العام الماضي يُظهر أن هناک مستويات إدراک عالية للفساد في مصر تصل إلى (51 %). وهو ما يعني، بشکل أو بآخر، أن هناک تفشيًا للکثير من ممارسات الفساد في مصر، وأن التکلفة الناتجة عن ممارسة الفساد لا تزال مرتفعة على نحو کبير.

نتائج الدراسة

     سعت الدراسة خلال المحاور الثلاثة السابقة إلى استکشاف أبرز النظريات والمداخل التي يتم الاعتماد عليها في وضع سياسات مکافحة الفساد، ومن ثم محاولة التعرف على طبيعة السياسات العامة الخاصة بمکافحة الفساد، والتي تبنتها الدولة المصرية من خلال تلک المداخل، وتبع ذلک عملية تقييم کفاءة وفعالية تلک السياسات، ولقد توصلت الدراسة عبر تلک المحاور إلى مجموعة من النتائج:

  • ·         شهدت السياسة العامة لمکافحة الفساد في مصر نقلة نوعية ملحوظة منذ عام 2014م، تجسدت في إصدار الاستراتيجية الوطنية لمکافحة الفساد، وفي تعديل القانون المنظم لهيئة الرقابة الإدارية عام 2017م بما يزيد من صلاحياتها في جهود منع ومکافحة الفساد.
  • ·         استطاعت سياسات مکافحة الفساد أن توصّف الأسباب التي تقف وراء ظاهرة الفساد في مصر على نحو جيد، لکنها في المقابل لم تستطيع أن تضع الأدوات المناسبة للتعامل مع جميع تلک الأسباب بالقدر نفسه من الکفاءة، حيث جرى الترکيز على الأدوات الإدارية والقانونية والمجتمعية، والتي تتماشى بدرجة أکبر مع النهج التقليدي لمکافحة الفساد، بينما لم يظهر بوضوح الاعتماد على أدوات لمکافحة الفساد من أسفل لأعلى وفقا للنهج التصاعدي، وإيجاد دور أکبر للمواطنين في جهود مکافحة الفساد.
  • ·         أشرکت الاستراتيجية الوطنية لمکافحة الفساد عدد کبير من الأطراف الرسمية وغير الرسمية في خطتها التنفيذية لمکافحة الفساد، من بين ذلک تکليف اثنتي عشرة وزارة وعشرات الهيئات الرسمية والأجهزة الفرعية الأخرى، بجانب مجلس النواب، بمهام مختلفة ضمن خطة مکافحة الفساد، بالإضافة لإشراک کل من منظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام ومؤسسات القطاع الخاص في عمليات المتابعة لتلک الخطة، إلا أن التطبيق الفعلي لتلک الشراکات لم يکن على المستوى المطلوب، فبينما جاء مجلس النواب في قلب الجهات المسئولة عن تنفيذ ومتابعة أهداف الخطة التنفيذية لمکافحة الفساد، إلا أنه لم يقم بالدور المطلوب منه في إصدار القوانين التي تضمنتها الخطة، وعلى رأسها قانون حماية الشهود وقانون حرية تداول المعلومات، کما أن مؤسسات المجتمع المدني، والتي کان يفترض أن تؤدي دورا محوريا في الرصد والمتابعة لجهود منع ومکافحة الفساد، فإنها ظلت رهينة للائحة التنفيذية الخاصة بقانون تنظيم العمل الأهلي، والتي لم تصدر سوى نهاية عام 2020م. 
  • ·         حدوث تطور کمي وکيفي في طبيعة وحجم الدور الذي تقوم به هيئة الرقابة الإدارية في مکافحة الفساد، ويظهر ذلک من خلال الزيادة الکبيرة في عمليات التحقيق، وإلقاء القبض على المتورطين في تهم فساد من قبل الهيئة، وذلک داخل مختلف وحدات الجهاز الحکومي وقطاعاته، إلا أنه وفي ظل غياب التقارير الدورية التي يفترض أن تصدر عن الهيئة وفقا لما نص عليه الدستور، والتي کان من المفترض أن تکشف عن طبيعة التطور في عدد قضايا الفساد التي تم الکشف عنها والتحقيق فيها، وعن توزيعها على القطاعات والمؤسسات المختلفة، وکذلک عن التکلفة المادية الخاصة بها، وغير ذلک من البيانات الأخرى، فإن هناک صعوبة في تقدير معدل التطور في وظيفة ودور الهيئة في الحد من مظاهر وممارسات الفساد في مصر.
  • ·         على عکس الخطة الطموحة التي تضمنتها الاستراتيجية الوطنية لمکافحة الفساد، إلا أن حجم الإنجاز الخاص بأهداف تلک الخطة جاء متواضعاً، سواء فعلى المستوى القانوني، تم تحقيق حوالي نصف الأهداف الموضوعة فقط، هذا بالإضافة إلى التخلي عن الأهداف الاقتصادية في الخطة التنفيذية الخاصة بمکافحة الفساد، والتعلل بصعوبة التمسک بها ضمن جهود مکافحة الفساد، وتجنب إدراج أهداف ذات طابع سياسي.
  • ·         بينما استمر موقع مصر ضمن الدول ذات مستويات الفساد المرتفع، وذلک وفقاً لمختلف المؤشرات الخاصة بإدراک الفساد، بما فيها المؤشر الصادر عن مرکز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، فإن هناک تباينًا في تحديد الأثر الخاص بما تم تنفيذه من سياسات على واقع الفساد في مصر، ويغلب على التقييم الخاص بمصر وفقاً للمؤشرات الدولية التأرجح ما بين التحسن والتراجع طوال السنوات السبعة الماضية، على عکس التقرير الصادر عن مرکز المعلومات ودعم اتخاذ القرار الذي يتخذ في التقييم منحى إيجابيًا متصاعدًا.

 خاتمة

     إن الخطوات التي تبنتها الدولة منذ عام 2014م، من أجل تطوير سياساتها المتعلقة بمکافحة الفساد، توحي بوجود رغبة حقيقية في التصدي لتلک الظاهرة التي تنخر في عصب الدولة المصرية، وتلتهم جزءًا کبيرًا من عوائدها الاقتصادية، وتسهم في معاناة أکبر للطبقات الفقيرة والمتوسطة داخل المجتمع المصري، إلا أن الإنجازات المتواضعة في تنفيذ السياسات الموضوعة، يکشف عن عدم قيام بعض الأطراف بالدور المطلوب منها في التنفيذ والمتابعة، وعلى رأس تلک الأطراف مجلس النواب، الذي يقع عليه عبء إصدار القوانين والتشريعات الضرورية للمساهمة في مکافحة الفساد، حيث نأمل أن يُظهِر مجلس النواب الجديد إرادة أکبر في إصدار تلک القوانين المطلوبة لدعم جهود مکافحة الفساد، وتولي مسئوليته في الرقابة على الأطراف الأخرى المتقاعسة عن تنفيذ الأهداف الملقاة على عاتقها، وضمان وجود تمويل کاف لتلک الجهات من أجل تنفيذ التزاماتها.

    وعلى الرغم مما تکشف عنه الأرقام الخاصة بمؤشرات إدراک الفساد والسيطرة عليه في مصر، والتي تتأرجح ما بين التحسن والتراجع، إلا أن هذا لا يعني حکما بالفشل على ما قامت الدولة بتبنيه من سياسات عامة جديدة في مکافحة الفساد، وإنما يعني أن تلک السياسات، والتي هناک تأخير في تفعيل الکثير من أهدافها وخططها، بحاجة إلى التفعيل على النحو المطلوب وبجدية أکثر، وأن الخطوات التي تم البدء فيها غير کافية للتعامل مع تلک المشکلة الضخمة التي تضرب بجذورها في الکثير من قطاعات الدولة ومؤسساتها، وذلک حتى لا تفقد تلک الخطوات والمکتسبات قيمتها، وتسقط هي الأخرى في غياهب الفساد.

   وبناء على ما سبق، فإننا نوصي بأن يحتل تنفيذ أهداف الاستراتيجية الوطنية لمکافحة الفساد أولوية لدى مجلس النواب، وذلک من خلال الإسراع في إصدار القوانين المشار إليها، والقيام بتنظيم جلسات متابعة مستمرة مع کل الأطراف ذات الصلة للوقوف على ما تم تحقيقه وما لم يتم تحقيقه من أهداف، ومحاولة بذل کل الجهد لتذليل العقبات التي تواجهه جهود التنفيذ، سواء کانت مادية أو بشرية أو فنية، کما نوصي بأن يتم تفعيل الشراکات مع منظمات المجتمع المدني والمؤسسات الإعلامية من أجل الشروع في القيام بالدور الواقع عليها في الرصد والمتابعة لجهود مکافحة الفساد، وبذل جهد أکبر في إشراک المواطنين في جهود مکافحة الفساد من خلال تشجيع القيام بالتبليغ عن ممارسات الفساد، وتعزيز السلوکيات والممارسات الإيجابية للمواطنين. 

    



[i]. محمد علي نسيم، التوأمان: الکفاءة والفعالية (القاهرة، دار جوانا للنشر والتوزيع، 2016) ص 13-36.

[ii]. دعاء رضا رياض، التأصيل النظري لمفهومي الکفاءة والفعالية وتحليل طبيعة العالقة بينهما: بحث في تطور الفکر الإداري، مجلة العلوم الإدارية، 2014، ص 6-7.

[iii]. محمد علي نسيم، مرجع سابق، ص 66.

[iv]. دعاء رضا رياض، مرجع سابق، 18-19.

[v].Schwertheim, Helena. "Innovations in anti-corruption approaches: A resource guide." International Institute for Democracy and Electoral Assistance. Retrieved from https://www. idea. int/gsod/files/IDEA-GSOD-2017-RESOURCE-GUIDE-ANTI-CORRUPTION. pdf (2017). p. 2.

[vi]. Sakib, Nurul Huda, Bottom-Up Anti-Corruption Approach, A. Farazmand (ed.), Global Encyclopedia of Public Administration, Public Policy, and Governance, © Springer Nature Switzerland AG 2020

[vii]. مادة رقم (13)، اتفاقية الأمم المتحدة لمکافحة الفساد.

[viii]. المرجع السابق.

[ix]. مادة رقم (5)، اتفاقية الأمم المتحدة لمکافحة الفساد.

[x] . Hussmann, Karen. "Anti-corruption policy making in practice: What can be learned for implementing Article 5 of UNCAC? Synthesis report of six country case studies: Georgia, Indonesia, Nicaragua, Pakistan, Tanzania, aدnd Zambia." U4 Report (2007). p. 18

[xi] . Disch, Arne, et al. "Anti-corruption approaches: A literature review." Oslo: Norwegian Agency for Development Cooperation. Retrieved August 12 (2009): 2018. pp. 25-27.

[xii] . Hussmann, Karen, op. cit, p. 20.

[xiii] Aron, Octavian. "Corruption and anti-corruption strategies: an assessment framework." Revista Românească pentru Educaţie Multidimensională 1.1 (2009): pp. 16-17.

[xiv] . Amundsen, Inge. Political corruption: An introduction to the issues. Chr. Michelsen Institute, 1999. p 4.

[xv]. Kolstad, I., & Wiig, A. Does democracy reduce corruption?  Democratization,  23(7),(2016). 1198-1215.Rock, M. T. (2009). Corruption and democracy. The Journal of Development Studies, 45(1), 55-75.

[xvi] . Huberts, Leo WJC. "What can be done against public corruption and fraud: Expert views on strategies to protect public integrity." Crime, Law and Social Change 29.2 (1998): 209-224. pp. 217-218.

[xvii]. مادة (215) الدستور المصري 2014.

[xviii] . مادة (216) الدستور المصري 2014.

[xix] . مادة (217) الدستور المصري 2014.

[xx] . المرجع السابق.

[xxi] . قانون رقم (207) لسنة 2017 في شأن تعديل بعض أحکام القانون رقم (54) لسنة 1964، بإعادة تنظيم هيئة الرقابة الإدارية، الجريدة الرسمية، العدد 41 مکرر (ب)، 18/ 10/ 2017.

[xxii] . مادة (8) قانون إعادة تنظيم الرقابة الإدارية رقم 54 لسنة 1964.

[xxiii] . قرار رئيس مجلس الوزراء رقم (2890) لسنة 2010.

[xxiv] .الإستراتيجية الوطنية لمکافحة الفساد 2019-2022، اللجنة الفرعية التنسيقية لمکافحة الفساد، مصر.

[xxv] . الإستراتيجية الوطنية لمکافحة الفساد 2014-2018، مرجع سابق، ص 6.

[xxvi] . UNODC and Egypt sign Memorandum of Understanding to combat corruption, UNODC (7 November 2017):

https://www.unodc.org/unodc/en/frontpage/2017/November/unodc-and-egypt-sign-memorandum-of-understanding-to-combat-corruption.html?ref=fs4

[xxvii] . جون-من لي، وآجونغ لي، مقدمة حول تقييم جهود مکافحة الفساد في جمهورية کوريا: أداة لتقييم جهود مکافحة الفساد في القطاع العام في جمهورية کوريا، مرکز سياسات سول التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، د.ت.

[xxviii] . De Jaegere, S. Principles for Anti-Corruption Agencies: A Game Changer.  Jindal Journal of Public Policy, 1(1), 2012.‏ p. 80.

[xxix] . حقائق وأرقام: جهود الرقابة الإدارية في مکافحة الفساد خلال 2019، صحيفة أخبار اليوم          (6 أغسطس 2019).

[xxx] . القانون رقم 106 لسنة 2013.

[xxxi] . قانون الخدمة المدنية رقم (81) لسنة 2016.

[xxxii] . مدحت أبو طالب، الخدمة المدنية اللبنة الأولى للقضاء على الفساد، الجهاز المرکزي للتنظيم والإدارة، مجلة التنمية الإدارية، العدد 156، 2017.

[xxxiii] . قانون 18 لسنة 2019 الخاص بتنظيم استخدام وسائل الدفع غير النقدي.

[xxxiv] . يصدر مسح الحکومة الإلکترونية کل عامين عن إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية التابعة للأمم المتحدة ويرکز هذا المسح على تقييم الخدمات العامة التي يمکن الحصول عليها من خلال الحکومة الإلکترونية، فضلا عن تقييم مدى نمو الحکومة الإلکترونية، والمجالات التي شهدت تحسناً ملموساً، وذلک في جميع الدول الأعضاء للأمم المتحد..

[xxxv] . تصنيف مصر في مؤشرات الحوکمة، المعهد القومي للحوکمة والتنمية المستدامة، يناير 2021.

[xxxvi] . مصر: نحو تحقيق الرخاء الاقتصادي، صندوق النقد الدولي (24 يوليو 2019):

https://www.imf.org/ar/News/Articles/2019/07/24/na072419-egypt-a-path-forward-for-economic-prosperity

[xxxvii] . BTI Transformation Index 2020:

https://atlas.bti-project.org/1*2020*CV:CTC:SELEGY*CAT*EGY*REG:TAB

[xxxviii].  تصنيف مصر في مؤشرات الحوکمة، مرجع سابق، ص 17.

[xxxix] . تتخذ معدلات الفقر في مصر منحنى تصاعدياً، حيث زادت نسبة الفقراء من (16,7 %) عـام  1999/2000 إلى (21,6 %) في 2008/2009، وإلى (25,2 %) عام 2010/2011، ثم (26,3%) عام 2012/2013، ثم (27,8 %) عام 2015، ثم ارتفع إلى (32,5 %) عام 2017/2017.

[xl] . أهم مؤشرات بحث الدخل والإنفاق والاستهلاک 2017/2017، الجهاز المرکزي للتعبئة العامة والإحصاء، يونيو 2019، ص 77.

[xli] . الإستراتيجية الوطنية لمکافحة الفساد 2019-2022، مرجع سابق، ص 19.

[xlii] . الإستراتيجية الوطنية لمکافحة الفساد 2019-2022، مرجع سابق، ص 13.

[xliii] . في حملته الجديدة ضد الفساد المکتب يدعو إلى: تغيير ينبع من الداخل، مکتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا:

https://www.unodc.org/middleeastandnorthafrica/ar/web-stories/change-begins-from-within_-new-anti-corruption-campaign.html

[xliv]. مؤشر إدراک ومکافحة الفساد الإداري "نسخة إعلامية"، مرکز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، مجلس الوزراء، ديسمبر 2020.

[xlv]. تقوم منظمة الشفافية الدولية بإصدار تقريرها السنوي من خلال موقعها على الرابط التالي:

Transparency.org - مؤشر مدرکات الفساد 2020: أبرز الملامح العالمية -…

[xlvi]. يمکن الاضطلاع على البيانات الخاصة بمؤشر السيطرة على الفساد التابع للبنک الدولي على موقع البنک الدولي على الرابط التالي:

WGI 2020 Interactive > Interactive Data Access (worldbank.org)

[1]. محمد علي نسيم، التوأمان: الکفاءة والفعالية (القاهرة، دار جوانا للنشر والتوزيع، 2016) ص 13-36.
[1]. دعاء رضا رياض، التأصيل النظري لمفهومي الکفاءة والفعالية وتحليل طبيعة العالقة بينهما: بحث في تطور الفکر الإداري، مجلة العلوم الإدارية، 2014، ص 6-7.
[1]. محمد علي نسيم، مرجع سابق، ص 66.
[1]. دعاء رضا رياض، مرجع سابق، 18-19.
[1].Schwertheim, Helena. "Innovations in anti-corruption approaches: A resource guide." International Institute for Democracy and Electoral Assistance. Retrieved from https://www. idea. int/gsod/files/IDEA-GSOD-2017-RESOURCE-GUIDE-ANTI-CORRUPTION. pdf (2017). p. 2.
[1]. Sakib, Nurul Huda, Bottom-Up Anti-Corruption Approach, A. Farazmand (ed.), Global Encyclopedia of Public Administration, Public Policy, and Governance, © Springer Nature Switzerland AG 2020
[1] . مادة رقم (13)، اتفاقية الأمم المتحدة لمکافحة الفساد.
[1] . المرجع السابق.
[1] . مادة رقم (5)، اتفاقية الأمم المتحدة لمکافحة الفساد.
[1] . Hussmann, Karen. "Anti-corruption policy making in practice: What can be learned for implementing Article 5 of UNCAC? Synthesis report of six country case studies: Georgia, Indonesia, Nicaragua, Pakistan, Tanzania, aدnd Zambia." U4 Report (2007). p. 18
[1] . Disch, Arne, et al. "Anti-corruption approaches: A literature review." Oslo: Norwegian Agency for Development Cooperation. Retrieved August 12 (2009): 2018. pp. 25-27.
[1] . Hussmann, Karen, op. cit, p. 20.
[1] Aron, Octavian. "Corruption and anti-corruption strategies: an assessment framework." Revista Românească pentru Educaţie Multidimensională 1.1 (2009): pp. 16-17.
[1] . Amundsen, Inge. Political corruption: An introduction to the issues. Chr. Michelsen Institute, 1999. p 4.
[1]. Kolstad, I., & Wiig, A. Does democracy reduce corruption?  Democratization,  23(7),(2016). 1198-1215.Rock, M. T. (2009). Corruption and democracy. The Journal of Development Studies, 45(1), 55-75.
[1] . Huberts, Leo WJC. "What can be done against public corruption and fraud: Expert views on strategies to protect public integrity." Crime, Law and Social Change 29.2 (1998): 209-224. pp. 217-218.
[1]. مادة (215) الدستور المصري 2014.
[1] . مادة (216) الدستور المصري 2014.
[1] . مادة (217) الدستور المصري 2014.
[1] . المرجع السابق.
[1] . قانون رقم (207) لسنة 2017 في شأن تعديل بعض أحکام القانون رقم (54) لسنة 1964، بإعادة تنظيم هيئة الرقابة الإدارية، الجريدة الرسمية، العدد 41 مکرر (ب)، 18/ 10/ 2017.
[1] . مادة (8) قانون إعادة تنظيم الرقابة الإدارية رقم 54 لسنة 1964.
[1] . قرار رئيس مجلس الوزراء رقم (2890) لسنة 2010.
[1] .الإستراتيجية الوطنية لمکافحة الفساد 2019-2022، اللجنة الفرعية التنسيقية لمکافحة الفساد، مصر.
[1] . الإستراتيجية الوطنية لمکافحة الفساد 2014-2018، مرجع سابق، ص 6.
[1] . UNODC and Egypt sign Memorandum of Understanding to combat corruption, UNODC (7 November 2017):
https://www.unodc.org/unodc/en/frontpage/2017/November/unodc-and-egypt-sign-memorandum-of-understanding-to-combat-corruption.html?ref=fs4
[1] . جون-من لي، وآجونغ لي، مقدمة حول تقييم جهود مکافحة الفساد في جمهورية کوريا: أداة لتقييم جهود مکافحة الفساد في القطاع العام في جمهورية کوريا، مرکز سياسات سول التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، د.ت.
[1] . De Jaegere, S. Principles for Anti-Corruption Agencies: A Game Changer.  Jindal Journal of Public Policy, 1(1), 2012.‏ p. 80.
[1] . حقائق وأرقام: جهود الرقابة الإدارية في مکافحة الفساد خلال 2019، صحيفة أخبار اليوم          (6 أغسطس 2019).
[1] . القانون رقم 106 لسنة 2013.
[1] . قانون الخدمة المدنية رقم (81) لسنة 2016.
[1] . مدحت أبو طالب، الخدمة المدنية اللبنة الأولى للقضاء على الفساد، الجهاز المرکزي للتنظيم والإدارة، مجلة التنمية الإدارية، العدد 156، 2017.
[1] . قانون 18 لسنة 2019 الخاص بتنظيم استخدام وسائل الدفع غير النقدي.
[1] . يصدر مسح الحکومة الإلکترونية کل عامين عن إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية التابعة للأمم المتحدة ويرکز هذا المسح على تقييم الخدمات العامة التي يمکن الحصول عليها من خلال الحکومة الإلکترونية، فضلا عن تقييم مدى نمو الحکومة الإلکترونية، والمجالات التي شهدت تحسناً ملموساً، وذلک في جميع الدول الأعضاء للأمم المتحد..
[1] . تصنيف مصر في مؤشرات الحوکمة، المعهد القومي للحوکمة والتنمية المستدامة، يناير 2021.
[1] . مصر: نحو تحقيق الرخاء الاقتصادي، صندوق النقد الدولي (24 يوليو 2019):
https://www.imf.org/ar/News/Articles/2019/07/24/na072419-egypt-a-path-forward-for-economic-prosperity
[1] . BTI Transformation Index 2020:
https://atlas.bti-project.org/1*2020*CV:CTC:SELEGY*CAT*EGY*REG:TAB
[1].  تصنيف مصر في مؤشرات الحوکمة، مرجع سابق، ص 17.
[1] . تتخذ معدلات الفقر في مصر منحنى تصاعدياً، حيث زادت نسبة الفقراء من (16,7 %) عـام  1999/2000 إلى (21,6 %) في 2008/2009، وإلى (25,2 %) عام 2010/2011، ثم (26,3%) عام 2012/2013، ثم (27,8 %) عام 2015، ثم ارتفع إلى (32,5 %) عام 2017/2017.
[1] . أهم مؤشرات بحث الدخل والإنفاق والاستهلاک 2017/2017، الجهاز المرکزي للتعبئة العامة والإحصاء، يونيو 2019، ص 77.
[1] . الإستراتيجية الوطنية لمکافحة الفساد 2019-2022، مرجع سابق، ص 19.
[1] . الإستراتيجية الوطنية لمکافحة الفساد 2019-2022، مرجع سابق، ص 13.
[1] . في حملته الجديدة ضد الفساد المکتب يدعو إلى: تغيير ينبع من الداخل، مکتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا:
https://www.unodc.org/middleeastandnorthafrica/ar/web-stories/change-begins-from-within_-new-anti-corruption-campaign.html
[1] . مؤشر إدراک ومکافحة الفساد الإداري "نسخة إعلامية"، مرکز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، مجلس الوزراء، ديسمبر 2020.
[1] . تقوم منظمة الشفافية الدولية بإصدار تقريرها السنوي من خلال موقعها على الرابط التالي:
[1] . يمکن الاضطلاع على البيانات الخاصة بمؤشر السيطرة على الفساد التابع للبنک الدولي على موقع البنک الدولي على الرابط التالي: