الحوکمة المحلية کمدخل لإدارة العمل التنموي المحلي: دراسة نظرية بالإشارة للحالة المصرية

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

مدرس بقسم الإدارة العامة کلية الاقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة/ * مدرس بقسم الإدارة العامة کلية الاقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة

المستخلص

مستخلص
تدور الدراسة حول الحوکمة المحلية کمدخل لإدارة العمل التنموي المحلي، وذلک بالترکيز على أبعاد العلاقة النظرية بين المفهومين، مع إشارة للحالة المصرية، ولقد انقسمت الدراسة إلى أربع نقاط أساسية: تدور النقطة الأولى حول مفهوم الحوکمة المحلية وتطوره والأسباب الدافعة إليه، أما النقطة الثانية، فتدور حول تطور مفاهيم إدارة العمل التنموي المحلي، أما النقطة الثالثة، فتتعلق بتحليل أبعاد العلاقة النظرية بين مفهومي الحوکمة المحلية والتنمية المحلية، وذلک بالترکيز على الأبعاد السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والإدارية لتلک العلاقة، وأخيراً تقوم النقطة الرابعة والأخيرة بتحليل ودراسة الحوکمة المحلية کمدخل لإدارة العمل التنموي المحلي في مصر.
ولقد توصلت الدراسة باستخدام المنهج التحليلي، ومنهج دراسة الحالة لعدة استنتاجات هامة، يمکن توضيح أهمها فيما يلي: يعد مفهوم الحوکمة المحلية من أکثر مفاهيم إدارة العمل المحلي ارتباطاً بمفهوم التنمية؛ استطاع مفهوم الحوکمة المحلية فک الصراعات والمواجهات الفکرية التي سيطرت على أدبيات التنمية عبر الفترات التاريخية المختلفة، وذلک من خلال تأکيده على دعائم ثلاثة لعمليات التنمية المحلية، والتي تجسدت في: اللامرکزية، والديمقراطية، وفکر السوق؛ تقترب الحالة المصرية تشريعياً من فکر الحوکمة المحلية، وتبتعد ممارسةً عن ذلک الفکر،  ولقد ترتب على الوضع السابق: سيطرة الشق الرسمي المرکزي على الشق غير الرسمي لعمليات التنمية المحلية، في ظل غياب کفاءة وفعالية مؤسسات التنمية المحلية في مصر، وضحالة آليات المساءلة والمشارکة التي يتضمنها التطبيق السليم لفکر الحوکمة المحلية.
وتوصي الدراسة بالعمل على سد الفجوة بين التشريع والممارسة في الحالة المصرية کضمانة لتطبيق عناصر الحوکمة المحلية في إدارة العمل التنموي المحلي.
کلمات مفتاحية: الحوکمة المحلية- التنمية المحلية - العمل التنموي المحلي- الحالة المصرية.

الكلمات الرئيسية


مقدمـــة:

مرت عمليات التنمية المحلية بسلسلة من التطورات على مستويين، المستوى الأول يعبر عن تطورات على مستوى مفاهيم إدارة العمل المحلي، من مفهوم الإدارة المحلية Local Administration، لمفهوم الحکم المحلي Local Government، لمفهوم اللامرکزية Decentralization، وأخيراً إلى مفهوم الحوکمة المحلية local Governance، ولقد عکست المفاهيمالأربعة السابقة مجموعة من التأثيرات الکبرى على عملية التنمية، ولم تقتصر على مجرد تطورات مفاهيمية فحسب(رشيد، 1984: 39-45; عبدالوهاب، 2009)

أما المستوى الثاني؛ فقد ارتبط بتطورات على صعيد مفاهيم التنمية المحلية Local Development، والتي تدرجت في بداية الأمر من مفاهيم للتنمية الريفيةRural Development ، إلى مفاهيم للتنمية الريفية المتکاملة Integrated Rural Development، ثم مفاهيم للتنمية المحلية، والتنمية المحلية المستدامةLocal Sustainable Development، إلى مفاهيم للتنمية الاقتصادية المحليةlocal Economic Development، وأخيراً مفهوم النمو الاحتوائي المحليLocal Inclusive Growth(خطاب، 2011; عبدالوهاب، 2003: 183).

وبالربط بين التطورات على صعيد مفاهيم إدارة العمل المحلي من جانب، ومفاهيم التنمية المحلية من جانب آخر، يتضح أن أکثر المفاهيم ارتباطاً بأحدث مفاهيم التنمية المحلية، هو مفهوم الحوکمة المحلية، والذي يتمتع بأبعاد ومساحة لدمج التفاعلات المحلية الرسمية وغير الرسمية في سياق متسع، بما يساعد على احداث نقلة تنموية على المستوى المحلي(Shah, 2006:2-6).

فالتنمية المحلية المرتبطة بمصطلح الإدارة المحلية، تقصر دور عمليات التنمية المحلية على أدواتها المرکزية، والتنمية المرتبطة بمفاهيم الحکم المحلي، واللامرکزية ترتبط بعمليات إعادة توزيع الثروات بين الحکومة المرکزية والحکومات المحلية، مع دعم مشارکة المواطن في إطار عمليات التنمية، أما التنمية المحلية المرتبطة بمفهوم الحوکمة المحلية، هي تلک العملية التشارکية التي تتسع فيها عمليات التفاعل والتکامل بين أدوار الوحدات المحلية الممکنة والمدارة لامرکزياً وبين الأدوار التفاعلية للمجتمع المدني، والقطاع الخاص، والمواطن المحلي، بما يساهم في ارساء کفاءة وفعالية عمليات التنمية، وزيادة طاقات الاستجابة لاحتياجات المواطن المحلي، مما يولد مزيداً من قبول المواطن المحلي لسلطة من يمارسون القوة على المستوى المحلي وفقاً لقواعد، وعمليات، واجراءات مقبولة، ومستندة على أسس من العدالة وحکم القانون. (Shetawy, 2004: 85-106)

ولقد استطاع مفهوم الحوکمة المحلية فک الصراعات والمواجهات الفکرية التي سيطرت على أدبيات التنمية عبر الفترات التاريخية المختلفة، وذلک من خلال تأکيده على دعائم ثلاثة لعمليات التنمية المحلية، والتي تجسدت في اللامرکزية، والديمقراطية، وفکر السوق، وذلک بعد احتدام الصراع بين ثلاثة نماذج ومواجهات تنموية، تجسدت المواجهة الأولى بين النموذجين المرکزي واللامرکزي للتنمية المحلية، والمواجهة الثانية بين النموذجين الديمقراطي والفردي للتنمية المحلية، والمواجهة الثلاثة بين نموذج القطاع العام ونموذج السوق. والواقع أن النماذج الثلاثة السابقة لا تعبر عن نماذج منفصلة، وإنما هي نماذج متداخلة(Shetawy,2004: 85-106).

ومما سبق؛ أصبح فکر الحوکمة يتکون من ثلاث دعامات أساسية، تجسدت الداعمة الأولى في الشق السياسي، بسيطرة الأفکار الديمقراطية سواء على المستويات القومية أو المحلية، وتجسدت الدعامة الثانية في الدعامة الاقتصادية، والتي ترتبط بعملية التحول من تنمية معتمدة على القطاع العام إلى سيطرة آليات السوق، وتجسدت الدعامة الثالثة، في الدعامة الإدارية، المتمثلة في التحول من الفکر المرکزي للفکر اللامرکزي. ومن هنا ظهر مفهوم الحوکمة المحلية برکائزه الثلاثة کتعبير عن مفهوم بديل لإدارة عمليات التنمية المحلية يختلف عن مفاهيم الإدارة المحلية والحکم المحلي(جمعة، 2001: 3-17).

المشکلة البحثية:

ومن هنا تتجسد المشکلة البحثية للدراسة في: إلى أي مدي يرتبط مفهوم الحوکمة المحلية بالأبعاد المختلفة لعملية التنمية المحلية؟ وإلى أي مدى ارتبط التحول في إطار مفاهيم إدارة العمل المحلي نحو الحوکمة المحلية بتطورات موازية على صعيد مفاهيم التنمية المحلية؟ وإلى أي مدى تقترب أو تبتعد الحالة المصرية من الناحيتين التشريعية والواقعية من مفهوم الحوکمة المحلية کمدخل لإدارة عمليات التنمية المحلية في مصر؟

مراجعة الأدبيات:

تتعدد الدراسات التي تناولت بالتحليل لمفهوم الحوکمة المحلية، وتطبيقاته المختلفة، والقضايا المرتبطة به، ومدى ارتباطه بالتنمية على المستوى المحلي، والتي يمکن تصنيفها إلى أربعة محاور أساسية، يتعلق المحور الأول بمجموعة الدراسات التي تتناول مفاهيم الحوکمة والتنمية المحلية، بينما يدور المحور الثاني حول الدراسات التي تربط بين الحوکمة المحلية والجوانب الاقتصادية للتنمية المحلية، ومکافحة الفقر على المستوى المحلي، أما المحور الثالث فيتناول الجوانب الاجتماعية والإدارية للحوکمة المحلية، وأخيراً يتعلق المحور الرابع بالدراسات التي تناولت العلاقة بين المفهومين في إطار بعض الخبرات الدولية. وفيما يلي يمکن تناول تلک المحاور بشئ من التفصيل:

المحور الأول: الدراسات التي تناولت الأطر المفاهيمية المستخدمة في الدراسة، ولقد رکزت تلک المجموعة على مفاهيم الحوکمة المحلية، وبعض المفاهيم التنموية على المستوى المحلي، ومن أهم تلک الدراسات:

-         دراسة أعدها البرنامج الانمائى للامم المتحدة  (UNDP,2004)، وکذا دراسة  (Boex , Devanne, 2016)،  ودراسة (Kharel, 2019 )، ولقد قامت الدراسات السابقة  بالربط بين اللامرکزية والحوکمة المحلية والتنمية الريفية والحضرية، والتأکيد على الحدود والخصائص المشترکة فيما بينهما.

-         وکذا أشارت مجموعة أخرى من الدراسات لأهمية التحول إلى مفهوم الحوکمة المحلية التنموية مثل دراسة Schonberg, Martin, 2016)) ، ولقد اشارت تلک الدراسة على أن جوهر النهج البديل للتنمية هو أن العبء لا يقع على عاتق الحکومات فقط على أي مستوى، حيث يجب على کل مشارک في العملية التنموية تحمل المسؤولية عن النتائج، إذن الحوکمة المحلية التنموية هى في الواقع حکم متعدد المستويات يصف الإطار الجديد الذي ستعمل فيه الحکومة المحلية، مع القدرة على خلق سياق تنسيقي وتفاعلي بين الأطراف المشترکة في عملية التنمية المحلية.

المحور الثاني: الدراسات التي قامت بالربط بين الحوکمة المحلية والأبعاد الاقتصادية لعملية التنمية المحلية، ومن أهم تلک الدراسات:

-         دراسة (Nasser, Donsimoni, 2012)، والتي أکدت على صعوبة دراسة التنمية الاقتصادية المحلية دون التحول لفکر اللامرکزية والحوکمة المحلية؛ فتمنح اللامرکزية المحليات المزيد من المسؤوليات وحرية العمل دون الحاجة للرجوع إلى المؤسسات المرکزية. کما الحوکمة المحلية بوضع استراتيجيات تتماشى بشکل أفضل مع الاحتياجات المحلية، وذلک إذ تحد من المعارضة والفساد، وتزيد من التعاون بين الفاعلين المحليين. کما أکدت أن أفضل نموذج للحوکمة المحلية هو النموذج الذي ينطوي على تعاون وتنسيق قويين بين جميع أطراف المجتمع المحلي.

-         بينما اهتمت دراسات أخرى ببعض القضايا الهامة المتعلقة بالبعد الاقتصادى للتنمية، کمکافحة الفقر مثل دراسة (Bonfiglioli, 2003)، والتي أشارت إلى الدور الذى تقوم به الحوکمة المحلية فيما يتعلق بمکافحة وتقليل الفقر من خلال إدارة برامج التنمية المحلية بکفاءة عالية اعتماداً على مبادئ الحوکمة مع التأکيد على دور المجتمع المدنى والمواطن وأهمية التنسيق والشراکة على المستوى المحلى. وکذا الشراکة والاهتمام بادارة المشاريع الانتاجية مع التأکيد على تمکين الفقراء وإبراز الترتيبات المؤسسية والقانونية على المستوى المحلي، إلى جانب زيادة الفرص لتحسين الأداء الاقتصادي، مما يؤدي لتحفيز سبل العيش الريفية المستدامة وتعزيز مشارکة الفقراء في الحياة السياسية المحلية وصنع القرار. کما أکدت الدراسة على أهمية المزايا النسبية للسلطات المحلية المنتخبة في تصميم برامج التنمية وإدارتها والإشراف عليها ومراقبتها واتخاذ تدابير ومبادرات تهدف إلى التخفيف من حدة الفقر.

-         زادت عليها فى السياق نفسه دراسة (Earle, Scott, 2010) حول أهمية المؤسسات والحوکمة القوية على عملية التنمية الاقتصادية المحلية، بما تسهم به من تأثيرات على الدخل على المدى الطويل، وأن الحوکمة السيئة تؤثر سلباً على الفقراء، فتظهر الآثار الضارة لفشل الحوکمة على أکثر قطاعات المجتمع ضعفاً.

المحور الثالث: الدراسات التي تناولت العلاقة بين الحوکمة المحلية والأبعاد الاجتماعية والإدارية للتنمية المحلية، ومن أهم تلک الدراسات:

-         دراسة (Tschudin, Trithart, 2018 والتي أکدت أن تطبيق مفهوم الحوکمة المحلية يمکن أن يسهم في الحفاظ على السلام الإجتماعي المحلي، من خلال تقديم الخدمات وتعزيز التنمية المستدامة بشکل أکثر فعالية وکفاءة؛ وذلک من خلال إعطاء المواطنين صوتًا بطريقة تمثيلية وشاملة؛ ومن خلال رعاية الإرادة السياسية لحل الصراع والحفاظ على السلام الاجتماعي المحلي. وأکدت أيضا أن دعم الحوکمة المحلية لا ينفصل عن دعم التنمية الاجتماعية المحلية، وذلک من خلال تحسين تقديم الخدمات على المستوى المحلي والتوازن التنموي المحلي، وأن السلام لن يکون مستدامًا إذا لم ينتفع المواطن المحلي في حياته اليومية من تطبيق مبادئ الحوکمة المحلية، بما يدعم جذور انتمائه المحلي.

-         واهتمت دراسةBello, Dola, 2014))، بدراسة الأبعاد الإدارية للتنمية المحلية، وأوضحت القيود الإدارية التي قد تعترض تطبيق الحوکمة المحلية، وأکدت من خلال دراسة بعض التجارب أنه على الرغم من القيود الإدارية المرتبطة بالحوکمة المحلية، إلا أنه يمکن لمؤسسات الحوکمة المحلية أن تحقق الکثير فيما يتعلق بتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وأشارت لضرورة تحسين القدرات الإدارية المحلية، إذا ما رغبت الدولة للتحول نحو الحوکمة المحلية رشيدة .

المحور الرابع: الدراسات التي تناولت العلاقة بين الحوکمة والتنمية المحلية في إطار بعض الخبرات الدولية، ومن أهم تلک الدراسات:

-           دراسة (Swianiewicz, 2020)، والتي رکزت حول الحوکمة المحلية في الخبرة الأوروبية، ولقد أوضحت تلک الدراسة الاتجاهات العالمية المعاصرة المتعلقة بالحوکمة المحلية بالاستفادة من الخبرة الأوروبية، وذلک بالاجابة عن سؤالين هامين: الأول يتعلق بماهية العوامل المؤثرة على الحوکمة المحلية؟ والثاني يتعلق بـ: کيف تساهم  اللامرکزية والحوکمة المحلية في تحقيق التنمية المحلية؟ ولقد توصلت الدراسة إلى أن درجة اللامرکزية ومستوى الحوکمة المحلية يرتبطان إيجابياً بمستوى التنمية، فکلما تم "إضفاء الطابع المحلي على أهداف وغايات التنمية المستدامة، کلما زاد احتمال تحقيقها، کما توصلت الدراسة أيضاً أنه مع ارتفاع معدلات النمو السکاني والتحضر في البلدان النامية، ومع ميلها نحو تکون أکثر مرکزية من نظيراتها المتقدمة، کلما قلت فرصة الدول النامية في تحقيق التنمية المحلية، وأن إصلاح أنظمة الحکم المحلي في البلدان النامية، يعد شرطاً أساسياً لتحقيق أهداف التنمية المحلية المستدامة.

-           وتناولت دراسة أخرى حالة أمريکا اللاتينية مثل دراسة Lindert, Verkoren, 2010)) ، والتي ناقشت برامج التنمية المحلية کمبادرات "عرضية" للحکومات ذات المستوى الأدنى، والتي بالکاد کانت مدمجة في أطر السياسة الوطنية والتأکيد على أن عمليات التنمية المحلية قد أبرزت الانقسامات القائمة، الإقليمية والاجتماعية والاقتصادية. في جميع أنحاء أمريکا اللاتينية، إذ يتزايد التشرذم المکاني والاجتماعي، وتظهر الدراسات التجريبية بوضوح التنوع في عمليات التنمية اللامرکزية  المستمرة في أمريکا اللاتينية. والتحول من الانتقال من التنمية التي تقودها الدولة إلى التنمية التي يقودها السوق؛ والتحول النموذجي في التخطيط الإنمائي الإقليمي والمحلي.

-           وهناک دراسات أخرى رکزت على حالات قطرية مثل دراسة (جاسم،2019) تناولت ممارسة آليات الحوکمة المؤسسية لتحقيق التنمية المحلية فى المجتمع الکويتى، وأکدت على أهمية تطبيق الحوکمة المحلية في تحقيق التنمية المحلية بأبعادها المختلفة، وذلک بالترکيز على دور المنظمات غير الحکومية المحلية في المجتمع الکويتي.

ويتضح من المراجعة السابقة للأدبيات ما يلي:

-           التأکيد على أن الحوکمة المحلية الفعالة هي مفتاح التنمية الشاملة والمستدامة، وأنها ضرورية لتحسين نوعية حياة الناس في کل من المناطق الحضرية والريفية، والحد من عدم المساواة في جميع أشکاله عبر المجتمع، وتعزيز العلاقات بين المواطن والمؤسسات العامة.

-           التأکيد على مناسبة مدخل الحوکمة المحلية لتحقيق التنمية المحلية بأبعادها الشاملة السياسية، والاقتصادية، والإدارية، والاجتماعية.

-           التأکيد على تشابه مفهومي الحوکمة والتنمية المحلية في الأبعاد، والأساليب، وفى هذا الإطار يعزز برنامج الأمم المتحدة الإنمائي البلدان على وضع أجندة لبرنامج للحوکمة المحلي والتنمية المحلية Local Governance Local Development   (UNDP, LGLD)ويدعم مجموعة من الجهود في مجموعة متنوعة من السياقات (البيئات الريفية والحضرية والمستقرة والمتأثرة بالأزمات).

 

أهداف الدراسة: تهدف هذه  الدراسة إلى:

-           تحليل مفهوم الحوکمة المحلية بين المفاهيم المختلفة لإدارة العمل المحلي، وتوضيح المنطلقات الفکرية للمفهوم، والأسباب الدافعة لتطبيقه على المستوى المحلي.

-           تشخيص وتحليل البعد التنموي المحلي، من خلال دراسة تطور مفاهيم التنمية المحلية عبر الفترات التاريخية المختلفة.

-           الوقوف على جوانب العلاقة النظرية بين تبني مفهوم الحوکمة المحلية، والأبعاد المختلفة لعملية التنمية المحلية.

-           تحليل مدى اقتراب أو ابتعاد الحالة المصرية من تطبيق مفهوم الحوکمة المحلية في إدارة العمل التنموي المحلي.

المنهاجية: اعتمدت الدراسة على:

–           المنهج التحليلي: ولقد تم استخدام هذا المنهج في تحليل مفهومي الحوکمة المحلية، والتنمية المحلية، وکذلک الأبعاد المختلفة لکل مفهوم، وکيفية تطوره، وتشخيص العلاقات بين المفهومين، وتوضيح مدى صلاحية مدخل الحوکمة المحلية في إدارة العمل التنموي المحلي، ومدى اختلافه عن المفاهيم الأخرى المستخدمة في إدارة عمليات التنمية المحلية.

–           منهج دراسة الحالة: ولقد تم الترکز على هذا المنهج في دراسة وتشخيص مدى اقتراب أو ابتعاد الحالة المصرية من مفهوم الحوکمة المحلية في إدارة العمل التنموي المحلي، وذلک بالمقارنة بين التشريع والممارسة.

تقسيم الدراسة: تنقسم الدراسة إلى أربع نقاط أساسية: الأولى: تتعلق بمفهوم الحوکمة المحلية ، والثانية: تتعلق بتطور مفاهيم العمل التنموي المحلي، والثالثة: تتناول العلاقة بين الحوکمة المحلية والأبعاد المختلفة لعملية التنمية المحلية، وأخيراً تدور الرابعة: حول الحوکمة المحلية کمدخل لإدارة العمل التنموي المحلي في مصر، وفيما يلي يمکن تناول النقاط السابقة:

أولاً: مفهوم الحوکمة المحلية:

يمکن توضيح أبعاد مفهوم الحکومة المحلية بتشخيص أربعة أبعاد، الأول يوضح تطور المفهوم بين مفاهيم إدارة العمل المحلي المختلفة، والثانية توضح التعريفات المختلفة للمفهوم، والصعوبات التي مر بها، والثالثة تدور حول المنطلقات الفکرية للمفهوم، والروافد الأساسية له، والرابعة، ترتبط بالأسباب الدافعة للتحول نحو فکر الحوکمة المحلية. وفيما يلي يمکن عرض تلک النقاط بشئ من التفصيل:

 

 

1-      مفهوم الحوکمة المحلية بين مفاهيم إدارة العملالمحلي:

لقد تطورت مفاهيم إدارة العمل المحلي من مرحلة التشابک بين مفهومي الإدارة المحلية والحکم المحلي إلى مرحلة جديدة من التشابک بين مفهومي اللامرکزية والحوکمة المحلية، ولقد شهدت الأدبيات خاصة العربية منها صراعاً حاداً في التمييز بين الإدارة المحلية والحکم المحلي، لم نجده في إطار الأدبيات الأجنبية، ولقد تجسد الصراع بين المفهومين في مدى التقاسم والتشارک بين الحکومتين المرکزية والمحلية، فإذا اقتصر التقاسم حول الوظيفة التنفيذية کنا بصدد إدارة محلية ولسنا بصدد حکم محلي، أما إذا امتد التقاسم إلى الوظيفتين التنفيذية والتشريعية کنا بصدد نظاماً للحکم المحلي، وأخيراً إذا امتد التقاسم ليصبح على مستوى الوظائف الثلاثة التنفيذية، والتشريعية، والقضائية نکون بصدد نظاماً للحکم المحلي الکامل. ومن ثم فإن الصورتين الأولى والثانية للتقاسم المرکزي المحلي تعد أکثر صلاحية للدول البسيطة، أما الصور الثالثة للتقاسم لا تتواجد إلا في إطار الدول الفيدرالية(رشيد، 1984: 39-45).

واللامرکزية بصفة عامة هي عملية اعادة توزيع للسلطات والمسئوليات السياسية والمالية والإدارية بين الحکومتين المرکزية والمحلية، ومن ثم فإن عملية اعادة توزيع السلطات والمسئوليات السياسية، ترتبط بعملية التحول للامرکزية السياسية، والأخيرة قد تکون کاملة، وهي ما تجسد الصورة الثالثة من صور الحکم المحلي الکامل، المتواجدة في الدول الفيدرالية فقط، أما إذا ما ارتبطت عملية اعادة التوزيع بالجوانب المالية والإدارية فقط إلى جانب وجود مجالس محلية مستقلة ومنتخبة وتمارس وظائف حقيقية کنا بصدد لامرکزية مالية وإدارية، إلى جانب لامرکزية سياسية جزئية مرتبطة بوجود مجالس محلية مستقلة.

ولقد ظهر مفهوم الحوکمة في بداية الأمر بنهاية الثمانينيات من القرن العشرين في إطار کتابات البنک الدولي عن کيفية تحقيق التنمية ومکافحة الفساد في الدول الأفريقية جنوب الصحراء، ولقد تم الربط مع بداية ظهور المفهوم بين الحوکمة والکفاءة الإدارية الحکومية والنمو الاقتصادي، ثم أخذ المفهوم أبعاداً سياسية في بداية التسعينيات من القرن العشرين، من حيث تدعيم المشارکة وتنمية المجتمع المدني، ودعم وتفعيل کل ما يجعل من الدولة ووحداتها المختلفة ممثلاً شرعياً لمواطنيها، وأخيراً تطور المفهوم بعد ذلک ليعکس جانبين هامين: يتعلق الجانب الأول بفعالية المؤسسات المتعلقة بإدارة شئون الدولة والمجتمع، ويدور الجانب الثاني حول مجموعة المفاهيم الضابطة والحاکمة لعمل تلک المؤسسات کالمساءلة، والشفافية، وغيرها(جمعة، 2001: 1-3).

ويختلف مفهوم الحوکمة المحلية عن مفهوم اللامرکزية، وإن کانت اللامرکزية تعد مرحلة من مراحل التحول نحوه، ففي حين يعد مفهوم اللامرکزية عملية اعادة رسم العلاقات الإدارية والمالية والسياسية بين الحکومة المرکزية والحکومات المحلية، نجد الحوکمة المحلية اعادة رسم للعلاقة بين الفاعلين الرسميين وغير الرسميين في عمليات التنمية المحلية، ويعد مفهوم اللامرکزية الاقتصاديةEconomic & Market Decentralization أکثر أبعاد اللامرکزية قرباً من مفهوم الحوکمة المحلية، وذلک لکونه يتضمن اعطاء هامش أو مساحة أکبر للقطاع الخاص في مجال تقديم الخدمات وتنفيذ المشروعات، وذلک من خلال التخفيف من القيود والعراقيل الواقعة على عمل القطاع الخاص المحلي، ومن هنا نلاحظ أن اللامرکزية الاقتصادية تعمل على اعادة رسم العلاقة بين الدولة والقطاع الخاص في مجال تقديم الخدمات للمواطنين، والحوکمة المحلية أيضاً تتضمن اعادة رسم للعلاقة بين الفاعليين الرسميين، وغير الرسميين على المستوى المحلي، ومن هنا يتضح أن الحوکمة المحلية أکثر اتساعاً من مفهوم اللامرکزية الاقتصادية. ومن هذا التقارب ظهر مفهوم جديد يجمع بين اللامرکزية والحوکمة، يطلق عليه لامرکزية الحوکمة Decentralized Governance، کمفهوم يشير لعمليات التشارک اللامرکزي بين الفاعلين الرسميين وغير الرسميين(Cheema, Rondinelli,2007;Shah, Thompson, 2004 ).

2-         مفهوم الحوکمة المحلية وصعوباته:

أ‌)      صعوبات المفهوم:

لقد أثار مفهوم الـحوکمة المحلية local Governance  عدة اشکاليات منذ بداية ظهوره تعلقت أولى تلک الاشکاليات بتعدد ترجمات المفهوم ، ما بين الحوکمة (مجمع البحوث العربية)، وإدارة شئون الدولة والمجتمع(مرکز دراسات واستشارات الإدارة العامة بجامعة القاهرة)، والحاکمية (الأمم المتحدة)، والحکم الموسع (بعض الکتاب والباحثين)(أفندي، 2001: 19-98)، وغير ذلک من الترجمات، إلى أن استقرت الترجمة في الکتابات العربية تحت مصطلح الحوکمة کما جاء في ترجمة مجمع البحوث العربيةللمفهوم(جمعة،2001:3-6).

ثم انتقل الغموض من مرحلة الغموض في الترجمة إلى مرحلة الغموض حول استخدامات المفهوم ومضمونه، ومن هنا ظهرت الاشکالية الثانية للمفهوم مرتبطة بمجالات انطباقه، حيث نجد أن المفهوم يستخدم في مجالات متعددة؛ حيث يستخدم في إطار دراسات الإدارة العامة والمحلية، تحت مصطلح الحوکمة الإدارية، والحوکمة المحلية؛ کما يستخدم في إطار دراسات العلوم السياسية تحت مصطلح الحکم الصالح أو الجيد؛ ويستخدم في إطار الدراسات الاقتصادية ودراسات الأعمال تحت مسمى حوکمة الاقتصاد وحوکمة الشرکات(Claessens,2006: 91–122))؛ کما يمتد إلى العديد من المجالات والتخصصات الأخرى کالنوع والبيئة والتنمية وغيرها من التخصصات. والدراسة هنا تتبني استخدامات المفهوم على مستوى المحليات تحت مسمي الحوکمة المحلية. وعلى الرغم من تعدد استخدامات المفهوم، إلا أن الدراسات اتفقت حول توسعة جوانب الحکم والإدارة من الاقتصار على الجانب الرسمي، إلى اضافة العديد من الأبعاد والجوانب الأخرى المجتمعية وغير الرسمية سواء على المستوى القومي أو المحلي.

ومع التوصل إلى شبه اتفاق مفاهيمي حول جوهر الحوکمة، انتقل الخلاف حول اشکاليات تطبيق المفهوم، وإزدات صعوبة تطبيقه على المستوى المحلي منها على المستوى القومي، حيث تتضمن الحوکمة المحلية المحددات والجوانب الرسمية المحلية إلى جانب المحددات والجوانب غير الرسمية على مستوى المحليات، إلى جانب ما يتضمنه المفهوم أبعاد مؤسسية وأبعاد أخرى بالمفاهيم التي يتضمنها مفهوم الحوکمة؛ کالمساءلة، والمشارکة، والشفافية، والاستجابة، والکفاءة والفعالية، وغيرها.

ب‌)           تعدد تعريفات الحوکمة المحلية وإتساعها:

بالنظر في الصعوبات السابقة حول مفهوم الحوکمة المحلية، نجد أن مفهوم الحوکمة بصفة عامة، والحوکمة المحلية بصفة خاصة، من المفاهيم شديدة الاتساع، والتعدد، حيث نجد البعض يعرف المفهوم بأنه ممارسة السلطة السياسية وإدارتها لشئون المجتمع وموارده، وتحقيق التطور الاقتصادي والاجتماعي ويشمل ذلک مؤسسات الدولة الدستورية من سلطات تشريعية وتنفيذية بالإضافة إلى مؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص. ويتضح من التعريف السابق أنه شديد الاتساع، ويفتقر لعناصر محددة المفهوم.

ولذلک ظهرت تعريفات أخرى توضح عناصر المفهوم کتعريف البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة، الذي يعتبر الحوکمة  ممارسة السلطة السياسية لأعمالها ضمن معايير محددة لتحقيق التنمية المستدامة، وتنمية وتطوير موارد الدولة القصيرة والطويلة الأمد بما يوفر النزاهة والمساءلة، ويحترم المصلحة العامة ويخدمها، وتتضح أهم عناصرها وفق ذلک التعريف في: المشارکة، والمساءلة، والشفافية، والاستجابة، والکفاءة، والفعالية، والعدالة، والشمول، وحکم القانون. وترتبط هذه العناصر ببعضها البعض وجوداً وعدماً، فالکفاءة والفعالية لن تتحقق بدون الاستجابية العالية والمساءلة والشفافية، والأمر نفسه فيما يخص المشارکة الفعالة وسيادة حکم القانون، وبما يحقق العدالة والشمول (Cawley, 2016: 33-47; Vymětal, Petr, 2008: 4).

کما يعرف البنک الدولي الحوکمة بصفة عامة بأنها: الطريقة التي تمارس بها السلطة في إدارة الموارد الاقتصادية والاجتماعية للبلاد من أجل التنمية. ويضيف البنک الدولى البعد المحلي للحوکمة منذ عام 1992، ويعرف الحوکمة المحلية بأنها: استخدام السلطة السياسية، وممارسة الرقابة على المجتمع المحلي من أجل تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، أو الإدارة الفعالة للشئون العامة المحلية من خلال مجموعة القواعد المقبولة کقواعد مشروعة من أجل دفع وتحسين القيم التي ينشدها الأفراد والمجموعات في المجتمع المحلي(UNDP, 2016: 3).

ويتضح من التعريفات السابقة أنها تعريفات شديد الإتساع، وتفتقر للتحديد الدقيق، کما تفتقر لآليات محددة للتطبيق، وإن کان يتميز التعريف الثاني بوضعه محددات وعناصر لقياس المفهوم، بينما لا يضع التعريف الأول تلک المحددات أو العناصر في الحسبان، ويتميز التعريف الثالث (تعريف البنک الدولى)، بأنه أضاف أول التعريفات التي تناولت البعد المحلي للحوکمة، وتناولته بالتحليل والتحديد، وإن غلب عليه أيضاً سمة الاتساع والعمومية.

ومن هنا جاء البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة(UNDP)، ليقوم بالاقتراب بصورة أکثر دقة من مفهوم الحوکمة المحليةLocal Governance))، حيث ينظر للحوکمة المحلية على اعتبارها المؤسسات والنظم والعمليات المحلية التي تقوم بتقديم الخدمات للمواطنين، والتي من خلالها يعبر المواطنون عن اهتماماتهم واحتياجاتهم ويتوسطوا في خلافاتهم ويمارسوا حقوقهم والتزاماتهم(Shah, 2006: 2). ويتضح من التعريف السابق أنه يرى أن الحوکمة المحلية تعد بديلاً عن مجمل المفاهيم السابقة لإدارة العمل المحلي، وأنها هي الإطار الأوسع لعمليات التنمية المحلية وتلبية مصالح المواطنين المحليين.

ولقد خلطت بعض التعريفات بين مفهوم الحوکمة المحلية واللامرکزية، مثل تعريف المؤتمر الدولي لإدارة المدن للحوکمة المحلية(ديسمبر 1996)، والذي تضمن مجموعة من العناصر، التي يمکن اجمالها فيما يلي: نقل مسئولية الأنشطة العامة إلى المستويات المحلية بموجب القانون، لامرکزية مالية وموارد کافية للقيام بتلک الأنشطة على المستوى المحلي، ومشارکة حقيقية للمواطن في صنع القرار المحلي، وتهيئة الظروف التي من شأنها خصخصة الاقتصاد المحلي.

کما يتضح من تعريفات أخرى قيامها بتوسعة مفهوم الحوکمة المحلية ليشمل صياغة وتنفيذ العمل الجماعي على المستوى المحلي(Bello, Dola, 2014: 268-280ومن ثم تتعلق الحوکمة بالعمليات التي يتم من خلالها اتخاذ قرارات السياسة العامة وتنفيذها.

وفي هذا الإطار نجد بعض التعريفات تربط بين الحوکمة المحلية وجودة تقديم الخدمات المحلية، ومن ثم تتجه لتعريف مفهوم "الحوکمة الرشيدة" على المستويات المحلية بجودة وفعالية وکفاءة الإدارة المحلية في تقديم الخدمات العامة، وجودة السياسة العامة المحلية وإجراءات اتخاذ القرار من حيث شموليتها وشفافيتها ومساءلتها، والطريقة التي تمارس بها السلطة على المستوى المحلي(Wilde, A. et al, 2009: 5-12).

وأخيراً نجد البعض الأخر يربط بين مفهوم الحوکمة المحلية وتحقيق التنمية، في إطار التأکيد على أن مفهوم الحوکمة المحلية يتضمن التفاعل المستمر بين السلطات والمؤسسات والمواطنين بالصورة التي تعزز من عمليات التنمية المحلية، وتعمل على تشکيل المجتمعات المحلية الحديثة (Banks, Hulme, 2014:185Nguyen, 2016: 221-227;).

3-         المنطلقات الفکرية لفکر الحوکمة المحلية ومدى ارتباطها بمفهوم التنمية:

تدور المنطلقات الفکرية لمفهوم الحوکمة المحلية حول أربعة منطلقات فکرية أساسية، يتجسد المنطلق الفکري الأول في نظرية اللامرکزية، ويتعلق المنطلق الفکري الثاني في مبدأ استقلالية الشأن المحلي، ويدور المنطلق الفکري الثالث حول مبدأ التکافؤ المالي، وأخيراً يتعلق المنطلق الفکري الرابع بدعم التنافسية بين الوحدات المحلية، وفيما يلي يمکن تناول تلک المنطلقات الفکرية:

–                    نظرية اللامرکزية: أن لکل وحدة حکومية الصلاحية في تقديم خدماتها للمواطنين بما تمتلکه من سيطرة على تلک المنطقة جغرافياً وبما يمکنها من تحقيق الإستفادة القصوى لمواطنيها في إطار تلک المنطقة، حيث أن الحکومة المحلية هي الأقرب من فهم مشکلات وتطلعات السکان المحليين وبالتالي فهى الأجدر على تلبية مصالحهم الشخصية.وتقوم اللامرکزية على أربعة أبعاد أساسية: السياسي، المالي، الإداري، الاقتصادي(Shah, 2006).

–                    مبدأ استقلالية الشأن المحلي: ووفقاً لهذا المبدأ فإن وظائف الضرائب والإنفاق والتشريع يجب أن يتم ممارستها من خلال المستويات المحلية الأدنى ما لم يتم الإتفاق على تولي الحکومة المرکزية لهذه المهام (العلوانى، 2008: 75-80).

–                       مبدأ التکافؤ المالى: ويعکس فکرة التطابق بين الأفعال الحکومية من جانب ومصادر التمويل الخاصة بها على نفس المستوي الجغرافي. بمعني أخر ضرورة تمويل کل وظيفية حکومية من موارد نفس المستوى الذي تستهلک فيه" pay your own bills from your own income".(Shah, 2006)

–                       مبدأ التنافسية بين الوحدات المحلية والوحدات الأخرى غير الحکومية في ضوء نموذج الـ " "FOCJ: حيث يعکس النموذج السابق في تبني فکر الحوکمة المحلية العناصر والمقومات التي تساعد على تحقيق التنمية على المستوى المحلي، حيث يشير حرف الـ F إلى(Functional): أي أن الوحدات المحلية تؤدى وظائف معينة في نطاق منطقة جغرافية معينة، ويتم تمويل تلک الوحدات من خلال سکان تلک المنطقة. أما حرف الـO، فيشير إلى(Overlapping): أي أن تطبيق فکر الحوکمة المحلية يعمل على تداخل وتعدد في إطار الوحدات التي تتولى القيام بتقديم الخدمات على المستوى المحلي، ما بين وحدات حکومية ووحدات أخري غير حکومية. أما حرف الـ C، فيشير إلى (Competing): أي أن تطبيق فکر الحوکمة المحلية يوجد نوعاً من أنواع التنافسية بين الوحدات التي تعمل على المستوى المحلي، وعلى المواطن المحلي أن يختار من بين هذه الوحدات وفقاً لمستوى الجودة المقدمة. وأخيراً يشير حرف الـ J إلى (Jurisdictions): أى قدرة الوحدات المحلية في ظل نظام الحوکمة المحلية على فرض الضرائب على مواطنيها، ولهذه الوحدات العديد من الصلاحيات والاختصاصات التي تقوم في إطارها بمباشرة مهامها. (Shah, 2006)

4-      الأسباب الدافعة لتبني فکر الحوکمة المحلية:

تتعدد الأسباب الدافعة لتبني الحوکمة المحلية کمدخل لتطوير الأنظمة المحلية، ودعم عمليات التنمية المحلية بها، ومن أهم تلک الأسباب: تغير دور الدولة، والتوجه نحو اللامرکزية، والتحولات الديمقراطية، وتحسين جودة تقديم الخدمات المحلية، وأخيراً ضغوط المنظمات الدولية، وفيما يلي يمکن الإشارة لتلک الأسباب:

–          تغير دور الدولة: ظهر مفهوم الحوکمة کنتيجة لتغير دور الدولة من فاعل رئيس في التنمية وصنع السياسات العامة لتصبح مجرد الشريک الأول بين شرکاء متعددين في إدارة عمليات التنمية على المستويين المرکزي والمحلي، ولقد جاء هذا التغير کنتيجة منطقية لــفشل الاعتماد على القطاع العام في تحقيق التنمية، والصعوبات التي واجهها التخطط المرکزي کأداة للتنمية في الدول النامية، بالإضافة لزيادة نطاق وتأثير القطاع الخاص والمجتمع المدني على السياسات والإدارة العامة، ولقد أدى ما سبق لحلول مصطلح الحوکمة محل الإدارة العامة التقليدية کأداة لتحقيق التنمية المستدامة مرکزياً ومحلياً(جمعة، 2001: 3-17).

–          التوجه نحو اللامرکزية: يعد التحول للامرکزية أحد أسباب الداعمة لفکر الحوکمة المحلية ، حيث لا يتصور وجود حوکمة محلية في أى نظام في العالم بدون تحول نحو اللامرکزية، کما تعد اللامرکزية أحد المنطلقات الفکرية لمفهوم الحوکمة المحلية(Andrew, Goldsmith, 1998: 101-117; Wilson, 2000: 52-64 ).

–          التحولات الديمقراطية: اعطت عمليات التحول الديمقراطي وتوسيع نطاق صنع السياسات على المستوى المحلي دفعة قوية في اتجاه تطبيق مفهوم الحوکمة المحلية في الکثير من البلدان، حيث أن تطبيق نظام للحوکمة المحلية يعمل على التوفيق بين المصالح المشروعة وبأساليب ديمقراطية وتشارکية، مما يساعد على انخفاض معدلات الصراع بين الأطراف المحلية المشارکة في عمليات التنمية المحلية(Schoburgh, Martin, 2016: 9-10).

–          تحسين تقديم السلع والخدمات من خلال التشارک: تعمل الحوکمة المحلية على تحسين تقديم الخدمات العامة المحلية، بما تتضمنه من مبادئ المشارکة، والمساءلة والشفافية، والاستجابية، والکفاءة والفعالية، والعدالة والشمول، وحکم القانون (Shah, 2006: 2; Gisselquist, 2012: 2-6).

–          تزايد اهتمام المنظمات الدولية: دور المؤسسات الدولية والاقليمية فى دعم الاهتمام بقضايا الحوکمة والتنمية على المستوى المحلى، ومن أهم تلک المنظمات: اللجنة رفيعة المستوى التابعة للأمين العام للأمم المتحدة، والتي أکدت على أهمية الحوکمة المحلية کمحدد للتنمية المستدامة المحلية، وکذلک تأکيد الاتحاد الأوروبي، والاتحاد الأفريقي، ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، ومنظمة المدن المتحدة والحکومات المحلية على أن التنمية المحلية لا يمکن أن تتم بجهود حکومية فحسب، بل يجب أن تمتد لتشمل الجهود الرسمية وغير الرسمية على المستوى المحلي، وتمکين الوحدات المحلية في رسم سياساتها التنموية من خلال تبني مفهوم الحوکمة المحلية(Richey, Ponte, 2014; Lindert, Verkoren, 2010: 4-8).

ثانياً: تطور مفاهيم العمل التنموي المحلي:

لقد برز مفهوم التنمية  Development  کمفهوم منذ الحرب العالمية الثانية إذ استخدمت بعض المصطلحات الاخرى للاشارة للتقدم المادى فى المجتمع  مثل Modernization, Industrialization  وغيرهم . ولقد استخدم للدلالة على إحداث تغييرات فى المجتمع من شأنها إکسابه القدرة على التطور المستمر وتحسين نوعية الحياة. ولقد عرفت هيئة الأمم المتحدة عام 1955 التنمية باعتبارها " العملية المرسومة لتقدم المجتمع اقتصادياً واجتماعياً اعتماداً على إشراک المجتمع المحلى ومبادأته " وکذا أنها " العمليات التى يمکن أن توحد جهود المواطنين والحکومة لتحسين الأحوال الاقتصادية والاجتماعية والثقافية فى المجتمعات المحلية والمساهمة فى تقدمها بأقصى قدر ممکن". أما مارکس فيرى أنها "عملية ثورية " ترتبط بالتحولات المختلفة فى المجتمع . فالتنمية ترتبط بالتغيرات الهيکلية وهى عملية حضارية شاملة الأبعاد (الاقتصادية – السياسية – الاجتماعية – الثقافية ) تسعى لخلق أوضاع جديدة. ولقد أضافت الحقول العلمية المختلفة سواء کان علم الاقتصاد أو السياسة أو الاجتماع أبعاداً جديدة للمفهوم واستخدامه . ومن ثم تطور المفهوم من المعنى الضيق المقتصر على التنمية الاقتصادية والنمو الاقتصادى إلى معنى شامل وأوسع ليشمل الانسان نفسه وقدراته باعتباره غاية التنمية (عارف، 2008: 2-3). ولقد مر مفهوم التنمية المحلية بمجموعة من التطورات يمکن توضيحها فيما يلي:

1- مفهوم التنمية الريفية Rural Development:

سيطر مفهوم التنمية الريفيةRural Development  على أدبيات التنمية على المستوى المحلي في خمسينيات وستينيات القرن العشرين، ولقد  ساعد هذا المفهوم على الاهتمام بالانتاج الزراعي، دون الاهتمام بالجوانب الأخري، کالاسکان، والصحة، والتعليم، والمياه النقية، وغيرها من الخدمات على المستوى المحلي، وتتضح مشکلة المناطق الريفية في أن ما يقرب من 75% من الفقراء في العالم من الريفيين، في حين تتجاهل الحکومات المرکزية تنمية تلک المناطق، بالصورة التي تتناسب مع ارتفاع معدلات الفقر بتلک المناطق(عبدالوهاب، سمير، 2003: 185).

ولقد ترتب على ما سبق أن ظهر مفهوم التنمية الريفية المتکاملة Integrated Rural Development، في تقارير البنک الدولي منذ عام 1975، ليتضمن المفهوم إلى جانب الأبعاد الزراعية، الجوانب الأخري المرتبطة بقضايا التعليم، والصحة، والصناعات الريفية، ومع ترکيز مفهوم التنمية الريفية المتکاملة على المناطق الريفية دون المناطق الحضرية على المستوى المحلي، مما دفع إلى ظهور مفهوم جديد للتنمية على المستوى المحلي، يطلق عليه التنمية المحلية Local Development، ليتضمن تحقيق تنمية حقيقية للمناطق الريفية والحضرية على المستوى المحلي(عبدالوهاب، سمير، 2003: 186).

شکل (1): تطور مفاهيم التنمية المحلية

 

المصدر: الباحثان

2- مفهوم التنمية المحلية Local Development:

يمکن في هذا الإطار توضيح تعريفات التنمية المحلية من وجهة نظر بعض المنظمات الدولية، کالبنک الدولي، ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، ومنظمة العمل الدولية، وفيما يلي يمکن توضيح تلک التعريفات:

  • §     تعريف البنک الدولي(WB): التنمية المحلية تشکل نوعاً من أنواع المشارکة بين السلطات المحلية ومنظمات المجتمع المدني، والقطاع الخاص، والمجتمعات المحلية، بهدف بناء القدرة الاقتصادية لمنطقة محلية معينة، بهدف رفع مستواها الاقتصادي في المستقبل، وتحسين نوعية الحياه للمواطنين المحليين.
  • §     تعريف منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية(OECD): لا يقتصر مفهوم التنمية المحلية على مجرد تقديم الخدمات المحلية التقليدية للمواطنين المحليين بمنطقة جغرافية محددة، ووفقاً لإطار زمني محدد، حيث يمتد المفهوم لحفز المشارکة بين القطاعين العام والخاص من جانب وبين الأجهزة الحکومية من ناحية أخرى.
  • §     تعريف منظمة العمل الدولية (ILO): هى عملية المشارکة التي تتم بين القطاعين العام والخاص العاملين في منطقة معينة بهدف تصميم وتنفيذ استراتيجية تنموية موحدة، وذلک لتعظيم الاستفادة من الموارد المحلية والميزة التنافسية لهذه المنطقة، هدف توفير فرص العمل اللائق وتنشيط الاقتصاد المحلي(Coffey, Polèse,  1984: 1-12.)

3- مفهوم التنمية المحلية المستدامة Local Sustainable Development:

هي التزام بالتعاون بين الحکومة المحلية والمواطنين وأصحاب المصالح على المستوى المحلي، لايجاد حلول مستدامة لتلبية احتياجات المواطنين الاقتصادية والاجتماعية ولرفع مستويات معيشتهم. وتستهدف عملية التنمية المحلية اقامة نوع من الشراکة المحلية بين مختلف الفاعلين المحلين بما يساعد على حسن استغلال الموارد المتاحة، واستغلال الميزة التنافسية للإقليم، بما ينعکس على جودة الخدمات المحلية ومعدلات النشاط الاقتصادى على المستوى المحلي(المغربل، 2011: 451).ويعتمد هذا المفهوم على استدامة مشارکة الفئات المجتمعية المختلفة في عمليات التنمية على المستوى المحلي، ويقصد بمفهوم التنمية المحلية المستدامة: "مدى قدرة الوحدات المحلية على تلبية احتياجات الحاضر دونما أن يهدد أو يؤثر ذلک على قدرتها على تلبية احتياجات الأجيال القادمة"Sobol, 2008: 194-196)).

 

4- التنمية الاقتصادية المحلية Local Economic Development:

يقصد بالتنمية في بعدها الاقتصادي عملية احداث تغيير هيکلي للاقتصاد القومي على نحو يؤدى إلى حفز النمو الاقتصادي وزيادة مستويات التشغيل. ويقصد بالتنمية الاقتصادية المحلية عملية تغيير هيکلية للاقتصاد المحلي على نحو يحفز النمو ويزيد مستوى التشغيل على مستوى المحليات في ظل مشارکة فعالة من الأطراف المحلية المختلفة کالحکومة المحلية والمنظمات الأهلية والأفراد والقطاع الخاص المحلي. وتترکز محاور مفهوم التنمية الاقتصادية المحلية(خطاب، 2011: 154) في المحاور التالية: حفز النمو واستدامته محلياً، ارتفاع مستويات الدخول للمواطنين المحليين، ارتفاع مستويات التشغيل المحلين تحسين مستوى الخدمات العامة محلياً، المشارکة الفعالة في توجيه المسار التنموي، تحسين هيکل توزيع الدخل بين المستوى المرکزي والمحلي.

متطلبات التنمية الاقتصادية المحلية (خطاب، 2011: 155): ضرورة ايمان الحکومة المرکزية بأن تنمية الاقتصاد المحلي هى وسيلة للتنمية الاقتصادية الکلية، ضرورة ملائمة بيئة الاستثمار لمجالات الاستثمار المحلي، ضرورة دعم الصناعات الصغيرة والمتوسطة على المستوى المحلي، ضرورة جذب الاستثمار القومي والأجنبي للبيئة المحلية، دعم الاستثمار في البنية التحتية المحلية، الاستثمار في رأس المال البشري، الاستهداف التنموي للفئات الأکثر فقراً ولصناعات معينة تميز المجتمع المحلي. (Rogerson, Rogerson, 2010: 467-469)

5-       النمو الإحتوائي المحلي/ الشمول التنموي المحليlocal Inclusive Growth:

ويعتبر مفهوم الشمول التنموي المحلي من أحدث المفاهيم في مجال التنمية المحلية، والذي يقوم على شمول جميع أفراد المجتمع المحلي في العملية الانتاجية وضمان مشارکتهم الفعالة، بما يضمن رفع قدراتهم الإنتاجية بالتعليم والتدريب، مع ضمان مشارکة الفئات المهمشة والقطاع غير الرسمي على المستوى المحلي. ويتطلب هذا المفهوم توافر ثلاثة أبعاد هامة: البعد الأول: المشارکة ، بمعنى أن يعمل هذا النمو على تشغيل الجزء الأکبر من القوى العاملة المحلية في أعمال منتجة، وخاصة الفئات المهمشة والمستبعدة، سواء أکانت قطاعات أم مناطق أم أفراد. أما البعد الثاني، فيترکز على العدالة التوزيعية لنتائج النمو المحلي لجميع الفئات. وأخيراً يدور البعد الثالث حول رفع انتاجية العناصر المشارکة في عملية التنمية، خاصة الفئات المهمشة من خلال تحسين حجم الاستثمارات الموجهة للتعليم والصحة والبنية الأساسيةGupta, Ros-Tonen, 2015: 35-41; Anand, Rahul et al,  2013: 3-16)).

 يتضح من العرض السابق للإطار المفاهيمي تداخل أبعاد التنمية المحلية، وترابطها، مع صعوبة ايجاد تعريف جامع مانع لمفهوم التنمية المحلية، إلا أن هناک شبه اتفاق حول کون التنمية المحلية عملية مجتمعية شاملة، ومتکاملة، وهادفة لتقدم المجتمع المحلي، تتفاعل في إطارها الأبعاد الاقتصادية، والسياسية، والاجتماعية، والإدارية، مما يستلزم تضافر الجهود والطاقات البشرية والمادية المتاحة على المستوى المحلي، في ظل توافر الأطر المؤسسية المحلية القادرة على استغلال تلک الطاقات، مع تکاملها مع الأطر المؤسسية القومية.

ثالثاً: العلاقة بين الحوکمة المحلية والأبعاد المختلفة للتنمية:

من خلال التناول السابق للمفاهيم المرتبطة بالحوکمة المحلية من جانب والتنمية المحلية من جانب آخر، يتضح أن هناک مجموعة من الأبعاد التي تربط بين المفهومين، والتي تتجسد في الأبعاد التالية: البعد السياسي، البعد الاقتصادي، البعد الإجتماعي، والبعد الإداري. وفيما يلي يمکن تناول أبعاد العلاقة بين تطبيق الحوکمة المحلية والأبعاد المختلفة للتنمية المحلية:

1-       مدى مساهمة الحوکمة المحلية في البعد السياسي للتنمية:

تحتل الأهداف السياسية المرتبة الأولى التي يرمي إلى تحقيقها نظام الحوکمة المحلية، ويتحقق دور الحوکمة المحلية في تحقيق التنمية السياسية فيما يلي: کون الإدارة المحلية هي المدرسة النموذجية للديمقراطية، حيث أن الحوکمة المحلية تعمل على اشراک المواطنين في إدارة شئون أنفسهم بأنفسهم. کما أن الديمقراطية المحلية تبني وتدعم نسج الديمقراطية القومية. وفيما يلي يمکن إبراز دور الحوکمة المحلية في تحقيق التنمية السياسية، عن طريق ابراز موقع تطبيق الحوکمة المحلية في المساهمة في الصور المختلفة للديمقراطية، وفيما يلي يمکن توضيح ذلک:

أ‌.            الحوکمة المحلية والديمقراطية المباشرة: هل للديمقراطية المباشرة وجود على المستوى المحلي؟

في هذه الصورة يناقش الشعب أموره ويشرع مباشرة ويقرر دون وساطة الحکومة، حيث يصبح الشعب هو الهيئة الحاکمة والمحکومة في نفس الوقت (الصاوي، سالمان،2007). والديمقراطية المباشرة هى أقدم صور الديمقراطية ظهوراً، ولقد عرفت في بعض دول المدينة في اليونان القديمة. ولقد اختفت الديمقراطية المباشرة تقريباً في وقتنا الحاضر، ولا وجود لها إلا في بعض المقاطعات السويسرية (المقاطعات الجبلية النائية- الصغيرة المساحة -القليلة السکان)، وحتى في المقاطعات السويسرية لا تمت بصلة إلى الديمقراطية اليونانية القديمة، وإنما إلى التقاليد الجرمانية، وهذه المجالس تمارس طقوساً دينية واجتماعات شعبية وتعين مجلساً يقوم بوضع القوانين العادية والدستورية، والتصديق على المعاهدات، ويقرر وسائل الانفاق العام وجمع الضرائب، ويتولى أعمال الإدارة العليا في المقاطعة (الشرقاوي، 2013: 151). والديمقراطية المباشرة لا يمکن تطبيقها في الوقت الحاضر، إلا في إطار الجماعات الصغيرة العدد، ولقد کان المفکر والفيلسوف السويسري الأصل جان جاک روسو من أشد المدافعين عن الديمقراطية المباشرة. وعلى الرغم من عدم صلاحية الديمقراطية المباشرة للمجتمعات الکبيرة الحجم والعدد سواء على المستوى القومي أو المحلي، إلا أنه بفضل التقدم التکنولوجي يمکن التغلب على کثير من المعوقات والعقبات التي تعترض تطبيق الديمقراطية المباشرة في المجتمعات المعاصرة، وذلک ما دفع الکتاب المعاصرين إلى احياء آراء روسو ومناقشتها في ضوء الظروف الجديدة، وذلک عن طريق الاستفتاء واستطلاع الرأي بالأساليب التکنولوجية الحديثة (الشرقاوي، 2013: 152)، ولذلک ظهرت صور جديدة للديمقراطية يطلق عليها الديمقراطية شبه المباشرة، التي تجمع بين بعض خصائص الديمقراطية المباشرة، وبعض سمات الديمقراطية غير المباشرة (النيابية).

ب‌.     الديمقراطية النيابية (غير المباشرة): في إطار هذا النظام لا يقوم الشعب بممارسة السلطة بنفسه، وإنما يقتصر دوره على اختيار نواب يمارسون الحکم باسمه، وتعتبر من أکثر صور الديمقراطية شيوعاً في العالم المعاصر (الصاوي، سالمان، 2007:61). ويقتصر دور الشعب في هذا النوع من الديمقراطية على أساس انتخاب عدد من الممثلين تتکون منهم الهيئات التي تتولى بمقتضى الدستور زمام الحکم في الدولة. ففي حين تستغني الديمقراطية المباشرة عن المجالس النيابية، تقتصر الديمقراطية النيابية على مجرد اختيار نواب، وعلى ذلک فأن الشعب لا يعيش إلا فترة عابرة وهى لحظة اجراء الانتخابات(الشرقاوي، 2013: 152). وعلى المستوى المحلي، نجد قيام الهيئات المحلية المنتخبة(فکرة تشکيل المجالس المحلية المنتخبة کنيابة عن المواطنين المحليين) بممارسة شئون الحکم المحلي تطبيقاً وامتداد للديمقراطية النيابية على المستوى المحلي، مع اختلاف في طبيعة سلطات واختصاصات المجالس النيابية على المستوى القومي، عن الهيئات المنتخبة على المستوى المحلي( بطيخ، 2007: 237)، وتعد بريطانيا مهد النظام النيابي، ففيها نشأ وتطور واکتمل عبر تاريخ طويل، ومنها انتقل إلى غيرها من الدول.

شکل (2): العلاقة بين الحوکمة المحلية والديمقراطية المحلية

 

                                   المصدر: الباحثان

 

جـ-  الحوکمة المحلية والديمقراطية المحلية: ويتضح من خلال هذا الجزء مدى مساهمة الحوکمة المحلية في ارساء مبادئ الديمقراطية المحلية، وذلک من خلال إتاحة قدرة أکبر للسلطات المحلية للمشارکة في تشکيل وإدارة مصالحها على المستوى المحلي، وتنمية الوعي السياسي لدى المواطنين، وذلک من خلال اشراک المواطنين في إدارة المصالح المحلية التي تهمهم، أو في الاشراف والرقابة على هذه المصالح، وتدريب المواطن المحلي على کيفية اختيار ممثليهم في المجالس المحلية، وبالتالي ممارسة لحرية الديمقراطية، اللامرکزية تعمل على اعداد وتأهيل المحکومين للقيام بدورهم کحاکمين (Saito, 2008: 5-10).  فإذا کانت الديمقراطية تعبر عن حق المواطنين في الاشتراک في إدارة شئون الدولة والمجتمع، فإن الحوکمة المحلية هي النظام الذي يستطيع أن يقوم بذلک، کما أن اللامرکزية تعتبر آلية وأداة هذا الاشتراک (عبدالعال، 2011: 147- 164).

د-مشارکة المواطنين المحليين: يعمل تطبيق الحوکمة المحلية على المساهمة في ازالة التعارض بين السلطة والحرية، وذلک بما يتيحه ذلک النظام من فرصة أکبر للمشارکة في إدارة الشئون العامة على المستوى المحلي، حيث يتيح نظام الحکم المحلي القائم على مبادئ الحوکمة للمواطنين فرصة المناقشة والتداول بحرية مع القيادات أو الأشخاص المسئولين عن اتخاذ القرارات، الأمر الذي يفسح المجال لحوار دائم ومستمر بين المحکومين والحکام، کما يعمل على إزالة الرهبة أو الخوف في التعبير عن الرأي، کما تعد الحوکمة المحلية وسيلة هامة لضمان مشارکة الفئات المهمشة، وتضمن تواجد نوعاً من التجانس والتفاعل بين مختلف طوائف المجتمع وأجناسه، مما يحقق الأمن والإستقرار السياسي داخل المجتمع( بطيخ، 2007: 236-237).

ه- المساءلة کأحد محاور الرابطة بين الحوکمة المحلية والديمقراطية، وتعتبر المساءلة احدى ضمانات التطبيق الفعال للحوکمة المحلية، فالتحول نحو الحوکمة المحلية دون مساءلة يؤدى لمزيد من الفساد على المستوى المحلي، والمساءلة الداعمة للديمقراطية المحلية لها شقين أساسيين، وهما: مساءلة المجالس المحلية المنتخبة للقيادات التنفيذية، بما لها من أدوات استجواب تلک القيادات وسحب الثقة منها. والشق الثاني يتجسد في مساءلة المواطن لأعضاء المجالس المحلية المنتخبة، کضمان لعدم تصديق أعضاء تلک المجالس على مشروعات لا تعبر عن مصالحهم. والمساءلة قد تکون رأسية کما قد تکون أفقية، والمساءلة الرأسية على المستوى المحلي تعبر عن علاقة بين مستويات، مستوى أدنى ومستوى أعلى، أما المساءلة الأفقية فهي تعبر عن مساءلة المواطن ومؤسسات المجتمع المدني للموظفين المحليين، أو أعضاء المجالس المحلية المنتخبة على حد سواء(Engstrom , 2006).

2-مدى مساهمة الحوکمة في البعد الإداري للتنمية المحلية:

تقوم الحوکمة المحلية على دعامة إدارية إلى جانب الدعامتين السياسية والاقتصادية، وتتجسد الدعامة الإدارية في الأداة الإجرائية والتنظيمية المسئولة عن تنفيذ خطط التنمية وتحقيق أهدافها الاجتماعية، والاقتصادية، والسياسية، والثقافية على المستوى المحلي(Sebudubudu, 2010: 249-262).

ويسهم النظام المحلي القائم على فکر الحوکمة في تحقيق فاعلية الوظيفية الإدارية، وذلک أن النظام المحلي يقوم على تقديم الخدمات ذات الطابع المحلي عبر هيئات محلية مستقلة، وتتفرغ الحکومة المرکزية بجهازها الإداري المرکزي عن مباشرة تقديم الخدمات بنفسها، وأن تتولى المهمة الرقابية على الأداء المحلي. کما يعمل اسناد إدارة المصالح المحلية لأجهزة محلية متعددة على تنوع الأساليب الإدارية المتبعة في إدارة تلک المصالح، بما يتلاءم وحاجات کل إقليم، والاهتمام بالنتائج أکثر من الإهتمام بالشکل الإداري المتبع في إدارة تلک المصالح، وذلک بترک سلطة اتخاذ القرار لمواطني الوحدات المحلية( بطيخ، 2007: 240-241).

کما يعمل النظام المحلي القائم على فکر الحوکمة المحلية على سهولة القيام بالاصلاح الإداري، وذلک بما يتيحه النظام المحلي من تجربة نظم إدارية وتجارب تنموية حديثة على مستوى ضيق کالقرية أو المدينة مثلاً، فإذا ثبت نجاح هذه النظم أمکن تعميمها على مستوى الدولة ککل، وإن ثبت العکس، فإن العدول عنها يعد أمراً ميسوراً، إلى جانب محدودية الأضرار الناجمة عن الفشل( بطيخ، 2007: 240-241).

وتتجسد أهم الاشکاليات التي تواجه تطبيق الحوکمة المحلية من الناحية الإدارية، في کيفية احداث التنسيق والتکامل بين الأطراف والفاعلين المتعددين المشترکين في عمليات التنمية المحليةBello, Dola, 2014) ). مما يستلزم الأمر خلق کيانات إدارية قوية وقادرة على تحقيق الانسجام والتنسيق بين الکيانات والوحدات التي تعمل على المستوى المحلي.

3-مدى مساهمة الحوکمة في البعد الاقتصادي للتنمية المحلية:

تناولت العديد من الأدبيات موضوع العلاقة بين الحوکمة المحلية والتنمية الاقتصادية ومعالجة الفقر، ومن أهم تلک الدراسات (Bonfiglioli, 2003)، ودراسة (Nasser, Donsimoni, 2012)، ودراسة (Earle, Scott, 2010)، ولقد اتفقت تلک الدراسات على وجود علاقة بين ارتفاع معدلات التنمية وتطبيق مبادئ الحوکمة المحلية الرشيدة، کما ربطت بعض تلک الدراسات بين الحوکمة المحلية واللامرکزية وأوضحت مدى ارتباطها بزيادة معدلات التنمية المحلية، وذلک من خلال ما تسهم به الحوکمة المحلية من تلافي ما قد تؤدى إليه المرکزية من ظلم وجور حينما تعطي الأولوية لمرافق العاصمة أو لمرافق المدن الکبري على حساب المرافق المحلية، مع أن المستفيدين من هذه الأخيرة ممولين للضرائب شأنهم شأن سکان العاصمة والمدن الکبرى، کما تعمل الحوکمة المحلية بمنطلقاتها الفکرية السابق توضيحها على تحسين عمليات الانفاق على الخدمات الأکثر ارتباطاً بالفقراء، بالإضافة لما تحققه من کفاءة تخصيص الموارد، بما تحققه من ربط السلع والخدمات بتفضيلات المواطنين وباحتياجاتهم(Mira, Hammadache, 2017:107-120; Jun, 1999: 461-467 ).

وبشکل عام تشير الأدبيات إلى أن البلدان التى تطبق مبادئ الحوکمة بشکل جيد، فإنها تتمتع فى الأغلب بمعدلات نمو اقتصادي أعلى مقارنة بتلک التي تطبق مبادىء الحوکمة بشکل ضعيف أو غير جاد(Poor Governance)، وذلک لأن تطبيق الحوکمة المحلية الرشيدة يعتمد بالأساس على حسن سير القواعد التنظيمية التي تحکم أنشطة الأعمال والثقة فيها وفى عدالة حکومتها، بالإضافة لما تعتمد عليه أنظمة الحوکمة المحلية من وجود إرشادات وسياسات اقتصادية محلية تتسم بالوضوح، بالإضافة إلى وجود إجراءت واضحة، وشفافة، وفعالة تعمل بموجبها الشرکات، وکذا بيروقراطية حکومية کفئة تنظم العمل، فى ظل وجود سلطة قضائية مستقلة ومؤسسات حکومية فاعلة. وفي المقابل، فإن سوء حالة الإدارة (Poor Governance) يمثل حالة من عدم اليقين، فالحکم الرشيد يلعب دوراً فى تحفيز أى مبادرة إنمائية. أى الحوکمة دالة فى التنمية وأن المؤسسات الجيدة محفز لتحقيق التنمية. بل بالقول أن "الحکم الجيد هو التنمية نفسها". وأنه لا يمکن تحقيق التنمية بدون مؤسسات فعالة Chukwudi, Jarbandhan, 2016: 23-28)).

4- مدى مساهمة الحوکمة في البعد الإجتماعي للتنمية المحلية:

 تلعب الحوکمة المحلية دوراً هاماً في تحقيق التنمية الاجتماعية عبر الوسائل والأساليب التالية منها : تذکية الشعور بالإنتماء إلى مجتمع محلي متميز، حيث أن نظام الحوکمة المحلية، الذي يتشکل من مجالس محلية تعمل على اشباع حاجات المواطنين المحليين، يعد بمثابة تدريبات سلوکية لهم تدفعهم لزيادة ارتباطهم بواقعهم الإقليمي، وتزيد من اقتناعهم بمردود مجهوداتهم التطوعية، ويعمل على تلافى العزلة التي تتسم بها الوحدات الکبيرة والتي تضم مجتمعات غير متجانسة، والتي يضيع فيها الأحساس بالإنتماء إليه (Al Bassam, 2013: 1-18). کما تعمل الحوکمة المحلية على تسهيل تطبيق مبدأ المشارکة الشعبية في الشئون المحلية، حيث أن المشارکة الشعبية بالأساس هي عملية احساس بضرورة المساهمة في تنمية المجتمع وتطويره، والاقتناع بضرورة البذل والعطاء، وتعميق الثقة بالإنسان وبالقيم الإنسانية، من خلال الترکيز على قيم المواطنين الذين يشکلون الأجهزة المحلية ويمنحونها أفراده التي تعبر بها عن مشاعرهم وعن رغبتهم في اشباع حاجاتهم المادية والروحية. وکذا تعميق صلات الجوار والحوار(الإسهام)، حيث تقوم الحوکمة المحلية من الناحية الاجتماعية على رکنين أساسيين، الأول، وهو الجوار، بمعني الصلة بين أعضاء المجتمع المحلي کجيران، والثاني، بمعنى الإسهام أي المشارکة في اشباع الحاجات المجتمعي،و تحقيق العدالة الاجتماعية، وذلک ليس عن طريق عدالة توزيع الأعباء المالية فحسب، وإنما أيضا عدالة بين مختلف المواطنين في الريف والحضر

( ;Adetoye , Omilusi, 2016:110-121بطيخ، 2007: 248-249).

رابعاً: الحوکمة المحلية کمدخل لإدارة العمل التنموي المحلي في مصر:

يمکن هنا الإشارة للحوکمة المحلية کمدخل لإدارة العمل التنموي المحلي في مصر من خلال تتبع ثلاث نقاط مختصرة، الأولى توضح کيفية إدارة العمل التنموي المحلي من منظور الحوکمة المحلية، والثانية تشخيص واقع الحوکمة المحلية في مصر بين التشريع والممارسة، والأخيرة، اختبار عناصر الحوکمة المحلية في إدارة العمل التنموي المحلي، وفيما يلي يمکن توضيح تلک النقاط:

1)         إدارة العمل التنموي المحلي من منظور الحوکمة المحلية: تستلزم عمليات إدارة العمل التنموي المحلي من منظور الحوکمة المحلية التفاعل بين الشقين الرسمي، وغير الرسمي. ويمکن توضيح ذلک فيما يلي:

أ‌)     الشق الرسمي للحوکمة المحلية: يتضمن هذا الشق جمله التفاعلات بين مؤسسات الإدارة المحلية، والتي تتجسد في المکون المنتخب، الذي يعکس المجالس المحلية المنتخبة على المستوى المحلي، والتي تلعب دوراً هاماً في إطار عمليات ترتيب الأولويات وصياغة السياسات على المستوى المحلي، ومساءلة القيادات التنفيذية المحلية. والمکون التنفيذي، الذي يعکس المجالس التنفيذية المحلية. وأفرع البيروقراطية المرکزية على المستوى المحلي، والتي تتضمن وحدات الحکومة المرکزية على المستوى المحلي، والتي تتبع الحکومة المرکزية، وجملة التفاعلات الرسمية التي تحدث بين الشقين المحلي والمرکزي. وجملة التفاعلات التي تحدث بين العناصر الثلاثة السابقة هي تفاعلات رسمية(العلواني، 2008).

ب‌)          الشق غير الرسمي للحوکمة المحلية: يتضمن هذا الشق التفاعلات التي تتم بينمؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص والمواطن المحلي من جانب والحکومة المحلية من جانب آخر. وبالتالي لا يمکن تصور وجود حوکمة محلية بدون وجود شق غير رسمي يلعب دوراً مشارکاً وهاماً في ترتيب وصناعة القرارات المحلية.کما لا يمکن وجود حوکمة محلية حقيقية بدون التفاعلات التي تتم بين الشقين الرسمي وغير الرسمي على المستوى المحلي.

 وتتضمن الحوکمة المحلية الرشيدة جملة المخرجات الصادرة عن الشق الرسمي للحوکمة المحلية، والتي تتسم بـ: الکفاءة والفعالية، والإستجابة، والشفافية، وجملة المخرجات الصادرة عن الشق غير الرسمي للحوکمة المحلية، والتي تدعم: الشرعية، والمساءلة، والمشارکة(العلواني، 2008; عبد الوهاب، 2009: 70-78(.

شکل (3): إدارة العمل التنموي المحلي في ضوء مفهوم الحوکمة المحلية

 

المصدر: د. حسن العلوانى، اللامرکزية فى الدول النامية من منظور أسلوب الحکم المحلى الرشيد، فى د. مصطفى کامل السيد (محرر)، الحکم الرشيد والتنمية فى مصر، (القاهرة: کلية الإقتصاد والعلوم السياسية، مرکز دراسات وبحوث الدول النامية، 2008م)، ص 83.

 

2)         الحوکمة المحلية بين التشريع والممارسة في مصر:

تعاني الحالة المصرية في تطبيقها لفکر الحوکمة المحلية من فجوة ثنائية بين التشريع والممارسة(الفرق بين القوانين المصاغة والکيفية التي تنفذ بها)، تتجسد الفجوة الأولى، في الفجوة بين النصوص الدستورية الحاکمة للإدارة المحلية في دستور 2014، والقانون رقم 43 لسنة 1979، والمعمول به حالياً. أما الفجوة الثانية فتتجسد في الفجوة بين نصوص القانون الأخير، والممارسة الفعلية لتلک النصوص. حيث أکدت المواد الدستورية من (175- 183) على أهمية أن تکفل الدولة دعم التحول نحو اللامرکزية الإدارية والمالية والاقتصادية، وکذلک توفير ما تحتاجه الوحدات المحلية من معاونة علمية، وفنية، وإدارية، ومالية. أما القانون المعمول به حاليا لا يوجد به أى مواد تخص الآليات التي يمکن من خلالها للدولة أن تکفل دعم اللامرکزية. وبالاضافة إلى ما سبق نجد أن الدستور قد ترک للقانون -الذى لم يصدر بعد-  تنظيم الأمر برمته فيما يخص الآليات والضمانات من (تنظيم لآليات التنفيذ لتمکين الوحدات الادارية وتحديد الجدول الزمنى لنقل السلطات والموازنات بحيث يکون لها موازنات مالية مستقلة، ضمان التوزيع العادل للمرافق والخدمات، وتحقيق العدالة الاجتماعية بين الوحدات وتحديد آلية اختيار المحافظين (انتخاب- تعيين)، واختصاصات المجالس المحلية وموازنتها وحساباتها الختامية). وفيما يلي يمکن توضيح مجموعة من الأمثلة التي تدلل على الفجوة بين التشريع والممارسة، والتي يمکن الاستناد عليها لتوضيح مدى اقتراب الحالة المصرية أو ابتعادها عن فکر الحوکمة المحلية:

المثال الأول: يتعلق باختصاصات المجالس الشعبية المحلية:

التشريع: يعطى للمجالس المحلية اختصاصات واسعة في مجالات عدة تتعلق بإقرار خطط ومشروعات وقواعد عامة والموافقة على المشروعات والاقتراض بنسب محددة وتقديم الاقتراحات بالاضافة للاشراف والرقابة على أعمال التنفيذيين(المادة 12 من قانون43 لعام 79). أما الممارسة: تفيد بأن المجالس الشعبية المحلية منزوعة الصلاحيات في الواقع فهى لا تملک سلطة إصدار قرارات ملزمة للأجهزة التنفيذية، وما تملکه في هذا الشأن هو إصدار توصيات أو تقديم اقتراحات للأجهزة التنفيذية التي تتحکم في هذه المجالس المحلية وفي قراراتها، إذ يعد المحافظ حلقة الصلة بين جميع المجالس الشعبية المحلية في کل المستويات في نطاق المحافظة وبين الأجهزة التنفيذية، ومن ثم يتحکم عمليًا في مدى تنفيذ قرارات المجالس الشعبية المحلية من عدمه(العجاتي، وآخرون،  يناير 2011: 18).

المثال الثانى: بتعلق بآليات الرقابة الخاصة بالمجالس الشعبية المحلية:

التشريع: يقر القانون بآليات للاشراف والرقابة من قبل المجالس الشعبية على التنفيذيين وذلک حيث من حق کل أعضاء المجلس الشعبي المحلي أن يوجه للتنفيذيين على مستوى الوحدة المحلية أسئلة أو طلب إحاطة في الشئون التي تدخل في اختصاصاتهم ويجب أن يکون السؤال أو طلب الإحاطة في أمر من الأمور المحلية. أما الممارسة : لم تکن لتلک الأدوات أى فعالية تُذکر فى مواجهة التنفيذيين، إذ لا يوجد آليات للعقاب، لذا نادراً ما کانت تستخدم في بعض المحافظات، وفي البعض الأخر لم تستخدم على الإطلاق، بل والأکثر من هذا التدخل المستمر من قبل السلطة التنفيذية في حل المجالس الشعبية المنتخبة، وهذا ما يجعل المجالس المنتخبة تحت وصاية السلطة التنفيذية(أديب، مارس 2012).

المثال الثالث: يتعلق بفعالية تقسيم الأقاليم الاقتصادية وهيئاتها:

التشريع: تنص المادة 7 من القانون على تقسيم الجمهورية إلى أقاليم اقتصادية ولکل إقليم لجنة للتخطيط الإقليمى تختص بالتنسيق بين خطط المحافظات والنظر في التقارير الدورية لمتابعة تنفيذ الخطة، وهيئة للتخطيط الإقليمى تختصبالقيام بالبحوث والدراسات اللازمة لتحديد إمکانيات وموارد الإقليم الطبيعية والقيام بإعداد الأجهزة الفنية اللازمة للقيام بالدراسات والبحوث وأعمال التخطيط على مستوى الإقليم وترفع کل منهما تقاريرها للمجلس الأعلى للإدارة المحلية(مجلس المحافظين). أما الممارسة : تفيد بعدم فعالية فکرة الأقاليم الاقتصادية أو تلک اللجان أو الهيئات الخاصة بالتخطيط الاقليمى، إذ نادراً ما تقوم بعقد اجتماعات بسبب انشغال أعضائه بحکم مناصبهم وکذا عدم قدرتها حتى حال اجتماعها على التنسيق بين خطط المحافظات لذا تقوم الوزارات عادة بالاهتمام بالمشروعات العابرة للمحافظة کذلک فإن هيئات التخطيط الاقليمى لم تقدم دراسات تذکر حول تحديد امکانيات وموارد الأقاليم الاقتصادية المختلفة والحال نفسه بالنسبة للمجلس الأعلى للإدارة المحلية الذى نادرا ما يعقد اجتماعات تهدف للتخطيط أو المشارکة فى صنع السياسات(أديب، مارس 2012).

المثال الرابع: يتعلق بعمل المحافظ واختصاصاته:

التشريع: أسهب في توضيح وضعية المحافظ واختصاصاته وعلاقته بالمجلس المحلي وبأفرع الوزارات المرکزية، باعتباره ممثلاً للسلطة التنفيذية بالمحافظة ويشرف على تنفيذ السياسة العامة للدولة وعلى مرافق الخدمات والإنتاج في نطاق المحافظة. الممارسة: أثبتت أن سلطات المحافظ محدودة للغاية في مواجهة السلطة المرکزية، إذ أن الإدارة  المحلية فى مصر أقرب "لإدارة فروع"، فالمحافظ على سبيل المثال لا يمکنه إعادة توزيع بنود الموازنة بشکل مختلف عما تمت الموافقة عليه من قبل وزارة المالية حتى لو کان هناک فائض فى إحدى المشروعات وعجز فى آخر، فإعادة التخصيص تتطلب موافقة وزارة المالية بل ومجلس النواب(Mahmoud, 2012: 65-68). کما أن هناک ازدواجية في المسئوليات بين المحافظ والوزارة، فبعض القرارات التي يأخدها الأول قد يلغيها الوزير. وکذلک أکد بعض المحافظين في أکثر من سياق أنه لا يبدو واضحاً لهم کيف يقوموا بدورهم واختصاصاتهم في نطاق المحافظة کما جاءت في القانون، وأن هناک معظم المشکلات التي تواجههم لا يستطيعون معها إلا الانتظار لتتدخل الوزارة المسئولة بما يؤدى إلى بطء الاستجابة فينتج عن ذلک عدم رضاء المواطنين وشعور القيادات المحلية بعجزها عن حل المشکلات بما يؤثر سلباً على أدائها العام(الصاوي، 1999).

المثال الخامس: يتعلق بالانتخابات المحلية:

التشريع: يقضى بأن يکون انتخاب أعضاء المجالس الشعبية المحلية على اختلاف مستوياتها عن طريق الاقتراع العام السري المباشر. ويحق لجميع من تطبق عليهم الشروط الترشح . أما الممارسة : تفيد حسم ما يزيد عن 50% من المقاعد قبل الاستحقاق الانتخابى أصلا ، فعلى سبيل فى انتخابات 2002 فاز ما يزيد عن 52% من الاعضاء بالتزکية حيث حصد حزب الأغلبية في ذلک (الحزب الوطنى) على ما يزيد عن 95% من المقاعد وتکرر السيناريو نفسه عام 2008، إذ حصد الحزب على 97% من المقاعد معظمها بالتزکية في ظل غياب الاشراف القضائى وبدون الاعلان عن نسب المشارکة التي لم تتجاوز في أکثر السيناريوهات تفاؤلاً 3%(العجاتي، وآخرون،2011: 19-20).

3)          اختبار عناصر الحوکمة المحلية في إدارة العمل التنموي المحلي في مصر:

يتضح من الإطار المفاهيمي للدراسة أن الحوکمة المحلية تتضمن جملة عناصر أو خصائص محددة، والتي تتمثل في: المشارکة، والمساءلة والشفافية، والاستجابية، والکفاءة والفعالية، والعدالة والشمول، وحکم القانون. وترتبط الخصائص السابقة ببعضها البعض وجوداً وعدماً، فالکفاءة والفعالية لن تتحقق بدون الاستجابة العالية والمساءلة والشفافية، والأمر نفسه فيما يخص المشارکة الفعالة وسيادة حکم القانون، بما يحقق في النهاية العدالة والشمول(UNESCAP,2009). وفيما يلي يمکن اختبار تلک العناصر في الحالة المصرية:

-     (مبدأ العدالة والشمول): تؤثر عدم فعالية فکرة الأقاليم الاقتصادية ولجانها وهيئاتها على المساواة فى توزيع الموارد بينها بما يؤثر على مبادئ العدالة والشمولية بين المرکز والأقاليم وکذا توزيع الموارد المالية والخدمات الحکومية.  وينعکس ذلک على المواطنين فى تلک الوحدات المحلية وشعورهم بدورهم وکونهم مستثنون من الفرص المتاحة لتحسين وتطوير أوضاعهم، وذلک فى ظل عدم استغلال الموارد بفعل ضعف خطط التنسيق بين تلک الاقاليم. وفى الوقت نفسه تؤثر الممارسة فيما يخص عمل المحافظين ودراياتهم باختصاصاتهم وسيطرة الحکومة التنفيذية. وفى هذا السياق فبعض المحافظين قد يمتلکون من الخبرة والنفوذ ما يجعلهم يتعاملون أکثر من غيرهم مع تلک الفجوة ومن ثم يکونون أکثر قدرة على الوفاء باحتياجات المحافظة واتخاذ القرارات فيما يخص المشاکل اليومية التى تواجه المواطنين داخل المحافظة بما يعمق الفجوة بين المحافظات ويؤثر على مبادئ العدالة والشمولية(محمود، 2016).

-     فوفقاً لتقرير التنمية البشرية لعام 2015، والصادر عن وزارة التنمية المحلية ومعهد التخطيط القومي التابع لوزارة التخطيط أن معظم الخدمات المقدمة على المستوى المحلى من وجهة نظر معظم المواطنين ليست بالمستوى المطلوب لتحسين حياتهم، ويؤکدون أن هناک حرمان لعدد من القرى من خدمات النظافة والصرف الصحي والغاز الطبيعي والتعليم وانقطاع الکهرباء ووسائل المواصلات فى ظل ارتفاع الأسعار. وکذا أکد 80% من رؤساء الوحدات المحلية أنهم غير راضين عن نصيب محافظاتهم من الاستثمارات، ويرون أنه غير عادل مقارنة بالمحافظات الأخرى، و64% من المسئولين يرون أن نصيب مراکزهم غير عادل بالنسبة للمراکز الأخرى في المحافظة، و88% يرون أنه توجد فجوة في الموارد بين الخطة وبين المخصصات للمراکز.ومن ثم يؤدى ذلک إلى غياب العدالة فى توزيع الاعتمادات المالية بين المحافظات إلى تأثير سلباً على مبدأى العدالة والشمولية باعتبارهم من أهم خصائص الحکم الرشيد(محمود، 2016).

-     (حکم القانون): بشکل عام، تکشف الأمثلة الخمسة السابقة عن الفجوة بين التشريع والممارسة، تضعف من تواجد أحد عناصر الحوکمة المحلية الرشيدة، والمتجسد في حکم القانون، وذلک لتواجد نصوص تقترب من فکر الحوکمة، ولا نجد تطبيق حقيقي لتلک النصوص.

-     (المشارکة): تعد المشارکة أحد المبادئ الرئيسة للحوکمة المحلية، وهذه المشارکة لا تنطوى فحسب على المشارکة المباشرة فى الانتخابات من جانب الرجال والنساء سواء بالترشح أو التصويت فى الانتخابات، ولکن أيضا فيما يخص المشارکة غير المباشرة (المواطن- القطاع الخاص– منظمات المجتمع المدنى) فى عملية صنع السياسات.  وفيما يخص الانتخابات المحلية فى مصر فإن نسبة المشارکة ضعيفة جداً على المستوى المحلى تکاد تقترب من اللامشارکة کما سبق الإشارة فيما يخص المثال الخامس المتعلق بالانتخابات المحلية . وذلک إذ تحسم ما يزيد عن 50% من مقاعد المجالس المحلية بالتزکية کما هو الحال فى انتخابات 2002 و2008 وکذا نسبة المشارکة من قبل المواطنين لم تتعد 5% والحال نفسه بالنسبة للأحزاب فلم تقدم مرشحين لهذه الانتخابات ظناً منها أن النتائج محسومة سلفاً ولا توجد جدوى من مشارکتها. وبشکل عام فإن مشارکتهم مطلوبة فى عملية صنع السياسات على المستوى المحلى ، خاصة وأن الديمقراطية التمثيلية لا تعنى بالضرورة ان اهتمامات المجتمع ستؤخذ فى الاعتبار عند صنع القرار(العجاتي، يناير 2011: 19-20).

-     (الاستجابية): أساس تطبيق الحوکمة المحلية هو رضاء المواطنين وذلک لن يتحقق إلا بسرعة الاستجابة لمطالبهم للوصول إلى إجماع واسع فى المجتمع لتحقيق الافضل ومع الأمثلة السابق الإشارة إليها . وخاصة فيما يتعلق بالمثال الرابع حول اختصاصات المحافظ وعدم قدرته فى بعض الاحيان على الوفاء باحتياجات المواطنين أو مطالبهم وانتظار الاستجابة لتأتى من الحکومة المرکزية بما يؤثر على على مشارکتهم فى الشئون المحلية . ويرجع البطء فى الاستجابة فى الحالة المصرية إلى المرکزية الشديدة ولقد أوضح تقرير التنمية البشرية لعام 2015 الصادر عن وزارة التنمية المحلية أن عدم تطبيق اللامرکزية يفقد المحليات 88% من ميزانيتها کما أشار أن موازنة الإدارة المحلية الجارية والاستثمارية لا تمثل في المتوسط سوي 12% من إجمالي الموازنة العامة للدولة أي أن نحو 88% من الإنفاق العام يتم توجيهه مرکزيا من خلال دواوين الوزارات وهيئاتها الخدمية بعيداً عن المستوي المحلي إذ تسيطر حکومة العاصمة علي شئون وموازنات الوحدات المحلية (محمود، 2016).

-     (المساءلة) :عدم وضوح الاختصاصات والصلاحيات فيما يخص عمل المجالس الشعبية المحلية والمحافظين وعدم فعالية آليات الرقابة الخاصة بالمجالس يؤدى إلى ارتفاع معدلات الفساد فى ظل ضعف نظم المساءلة والعقاب والتى تتطلب لتفعيلهاالقدرةعلىالمحاسبةوالتنفيذعلىحدٍسواء. فلکييخضعالسياسيونوالموظفونالحکوميونومقدمو الخدماتللمساءلة،فلابد منمحاسبتهمعلىأفعالهم؛وينبغيأيضاًأنيکونمنالممکنمعاقبةواضعيالقراراتأومکافآتهمعلىآدائهم. فلا توجد مساءلة بدون شفافية. وأنتکونلديهمالرغبةفيتغييرأفعالهموالقدرةعلىذلکوفقاًلها.فالمساءلة لا تکون من قبل المؤسسات الحکومية أو غير الحکومية فقط ولکنها تکون کذلک اجتماعية من جانب منظمات المجتمع المدني (محمود، 2016) .

-     (الکفاءة والفعالية): بينما يعنى الحکم الرشيد تلک العمليات والمؤسسات التى تقدم نتائج تقابل احتياجات المجتمع في ظل الاستغلال الامثل للموارد ومفهوم الکفاءة فى سياق الحکم الرشيد ترتبط بحماية البيئة والتأکيد على الاستخدام المستدام للموارد الطبيعية. وتبرز المثال الثالث الخاصة بالاقاليم الاقتصادية عدم استغلال موارد المحافظات بالشکل الأمثل وعدم الوفاء من ثم بمطالب المواطنين بسبب ضعف القدرات المالية لهذه الوحدات المحلية (الصاوي، 1999) (UNESCAP,2009:2).

خاتمة وتوصيات:

توصلت الدراسة لمجموعة من النتائج على المستويين النظري والعملي، يمکن توضيح أهمها فيما يلي:

–   مر العمل التنموي المحلي بسلسلة من التطورات بدأت بمفهوم التنمية الريفية، وانتهت بمفهوم الشمول التنموي المحلي، ولقد ارتبطت التطورات المفاهيمية السابقة بالتطورات التي أدت لمفهوم الحوکمة المحلية.

–   ارتبط التحول لفکر الحوکمة المحلية بمجموعة من الأسباب الدافعة لهذا الفکر، والتي تجسدت أهمها فيما يلي: تغير في دور الدولة، والتحول نحو اللامرکزية والديمقراطية، وتحسين تقديم الخدمات للمواطنين، وتزايد ضغوط المنظمات الدولية.

–   استطاع مفهوم الحوکمة المحلية فک الصراعات والمواجهات الفکرية التي سيطرت على أدبيات التنمية عبر الفترات التاريخية المختلفة، وذلک من خلال تأکيده على دعائم ثلاثة لعمليات التنمية المحلية، والتي تجسدت في: اللامرکزية، والديمقراطية، وفکر السوق.

–   يعد مفهوم الحوکمة المحلية أکثر المفاهيم ارتباطاً بمفهوم الشمول التنموي المحلي، وذلک بما يتمتع به المفهوم من انعکاسات ايجابية على الأبعاد السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والإدارية للعمل التنموي المحلي.

–   لم ينص الدستور المصري لعام 2014 حرفياً على تطبيق الحوکمة المحلية، وإن کان قد تضمن مبادئ تقترب من فکر الحوکمة المحلية، خاصة ما يتعلق بدعمه اللامرکزية الإدارية والمالية والاقتصادية، وقد سبق أن أوضحنا في الإطار المفاهيمي أن اللامرکزية الاقتصادية أقرب أبعاد اللامرکزية قرباً من الحوکمة المحلية، إلى جانب دعمه لآليات المساءلة من قبل المجالس المنتخبة للمجالس التنفيذية.

–   يعد التشريع عنصراً هاماً، إلا أنه ليس کافياً لتطبيق الحوکمة المحلية في مصر، حيث يستلزم الأمر مزيداً من الضمانات الأخرى المرتبطة ببناء القدرات المحلية الداعمة لفکر الحوکمة المحلية، والاصلاحات التنظيمية والهيکلية.

–   أوضحت الممارسة الفعلية عن ضعف عناصر الحوکمة المحلية في الحالة المصرية، سواء على مستوى الشق الرسمي، أو الشق غير الرسمي للحوکمة، أو على مستوى جملة التفاعلات التي تحدث بين الشقين، وذلک للسيطرة الرسمية المرکزية على قرارات التنمية المحلية في مصر، وضعف القطاع الخاص المحلي، ومؤسسات المجتمع المدني.

–   کشفت الممارسة الفعلية عن انخفاض کفاءة وفعالية مؤسسات الإدارة المحلية، وسوء آليات الاستجابة المحلية لمطالب المواطنين المحليين، في ظل ضحالة آليات المساءلة والمشارکة المحلية، ومن ثم نلحظ ابتعاد الحالة المصرية على مستوى الممارسة الفعلية عن فکر الحوکمة المحلية، وان اقتربت تشريعياً فقط من ذلک الفکر.

التوصيات: توصي الدراسة بما يلي:

–   توصي الدراسة بضرورة سد الفجوة بين التشريع والممارسة کضمانة أساسية لتطبيق عناصر الحوکمة المحلية في إدارة العمل التنموي المحلي في مصر.

–   ادخال فقرات تتعلق بالحوکمة المحلية في الأطر الدستورية والقانونية في مصر کضمانة لإدارة فعالة للعمل التنموي المحلي، مع رفع قدرات القيادات المحلية لتطبيق ذلک الفکر بعناصره المختلفة.

–   تشجيع الوحدات المحلية الناجحة في تطبيق فکر الحوکمة، من أجل مزيد من انتشار التطبيق لباقي الوحدات، وخلق مرصد سنوي لتقييم تلک الوحدات في ضوء مراعاه معايير وعناصر الحوکمة المحلية الرشيدة.

 

مراجع الدراسة
أولاً: المراجع باللغة العربية:
-   أديب، ناهد، (مارس 2012). النظام المحلي في مصر الواقع الحالي، الإشکاليات ومبررات التغيير، ورقة مقدمة لورشة عمل " نحو إطار دستوري وقانوني داعم لتطبيق اللامرکزية في مصر،مرکز ماعت للسلام والتنمية وحقوق الانسان، " 28-30 مارس 2012.
-   أفندي، عطين حسين(2001). دور المنظمات غير الحکومية في إدارة شئون الدولة والمجتمع، في د. سلوى شعراوي جمعة (تحرير)، إدارة شئون الدولة والمجتمع، جامعة القاهرة، مرکز دراسات واستشارات الإدارة العامة، 2001.
-      أمين، خالد زکريا (2006). اللامرکزية المالية کمدخل للتنمية في مصر: المتطلبات واشکاليات التطبيق، مجلة النهضة، المجلد السابع، العدد، ص ص 31- 70.
-   بطيخ ، رمضان(2007). مفهوم الإدارة المحلية ودورها في التنمية الشاملة، ورقة عمل مقدمة في ندوة دور الحکومات المرکزية في التنمية المجتمعية، والمنعقدة في القاهرة- جمهورية مصر العربية.
-   جاسم، وضحة أحمد(2019). ممارسة آليات الحوکمة في المنظمات غير الحکومية لتحقيق التنمية المحلية في المجتمع الکويتي ، حوليات آداب عين شمس ، جامعة عين شمس: مجلد47، ص ص، 223-269.
-   جمعة، سلوى شعراوي(2001). مفهوم إدارة شئون الدولة والمجتمع: إشکالية نظرية، في د. سلوى شعراوي جمعة (تحرير)، إدارة شئون الدولة والمجتمع، جامعة القاهرة، مرکز دراسات واستشارات الإدارة العامة، 2001.
-   خطاب، عبدالله شحاته(2011). اشکالية التمويل الحکومي للتنمية الاقتصادية المحلية في مصر: الواقع والمستقبل، في د. في د. لبني عبداللطيف (محرر)، تفعيل البعد المحلي في التنمية الاقتصادية، جامعة القاهرة، کلية الاقتصاد والعلوم السياسية، قسم الاقتصاد.
-      رشيد، أحمد (1984). الإدارة المحلية: المفاهيم العملية ونماذج تطبيقية، القاهرة: دار المعارف.
-      الشرقاوي، سعاد(2013). القانون الدستوري وتطور النظام السياسي المصري، القاهرة: دار النهضة العربية.
-      الصاوي، علي (1999). مشکلات التنظيم المحلي في مصر، سلسلة قضايا المحليات، جامعة القاهرة، کلية الاقتصاد والعلوم السياسية، مرکز دراسات واستشارات الإدارة العامة.
-      الصاوي، علي ، محمد سالمان (2007). مبادئ العلوم السياسية، جامعة القاهرة: کلية الاقتصاد والعلوم السياسية.
-      عارف، نصر(يونيو 2008). في مفاھیم التنمیة ومصطلحاتھا، مجلة دیوان العرب، القاھرة.
-   عبدالعال، محمد شوقي(2011). اللامرکزية والديمقراطية وحقوق الإنسان، في د. على الدين هلال، د. سمير عبدالوهاب (محرران)، اللامرکزية وتمکين المجتمعات المحلية: خبرات دولية ومصرية، جامعة القاهرة: کلية الاقتصاد والعلوم السياسية، وحدة دعم اللامرکزية.
-      عبدالوهاب، سمير(2003). الحکم المحلي في ضوء التطبيقات المعاصرة، القاهرة: المؤلف نفسه.
-      عبدالوهاب، سمير(2009). اللامرکزية والحکم المحلي بين النظرية والتطبيق، جامعة القاهرة، کلية الاقتصاد ، مرکز دراسات واستشارات الإدارة العامة.
-      العجاتى، محمد، وآخرون(يناير2011). المشارکة المجتمعية عبر المجالس المحلية في مصر، منتدى البدائل العربي.
-   العلوانى، حسن (2008). اللامرکزية فى الدول النامية من منظور أسلوب الحکم المحلى الرشد، فى مصطفى کامل السيد (محرر)، الحکم الرشيد والتنمية فى مصر، (القاهرة: کلية الإقتصاد والعلوم السياسية، مرکز دراسات وبحوث الدول النامية.
-   محمود، نهلة(2016). الإدارة المحلية فى مصر أثر الفجوة بين التشريع والممارسة على مبادئ الحکم الرشيد، فى أيمن عبدالمعطى ( مراجعاً)، المجالس المحلية وتمکين المشارکة المجتمعية نماذج عربية، الجيزة، منتدى البدائل العربى للدراسات والمعهد السويدى بالإسکندرية.
-   المغربل، نهال(2011). دور القطاع الخاص في دعم التنمية الاقتصادية المحلية، في في د. لبني عبداللطيف (محرر)، تفعيل البعد المحلي في التنمية الاقتصادية، جامعة القاهرة، کلية الاقتصاد والعلوم السياسية، قسم الاقتصاد.
ثانياً: المراجع باللغة الإنجليزية:
- Adetoye, Dele & Omilusi, Mike (2016). The Symmetrical Relationship between Good Governance and Development, International Journal of Economics, Commerce and Management, Vol. IV, Issue 3, pp 572-581.
- Al Bassam, Bassam A. (2013). The Relationship Between Governance and Economic Growth During Times of Crisis, European Journal of Sustainable Development, Vol. 2, N,4, pp1-18.
- Anand, Rahul et. al . (2013) Inclusive Growth: Measurement and Determinants, IMF Working Paper No. 13/135, pp3-16.
- Andrew, C., & Goldsmith, M. (1998). From Local Government to Local Governance: And beyond?, International Political Science Review , Vol. 19, N. 2, pp 101-117.
- Banks, Nicola & Hulme, David (2014). New development alternatives or business as usual with a new face? The transformative potential of new actors and alliances in development, Third World Quarterly, 35:1, pp181-195.
- Bello, Ashiru & Dola, Kamariah (2014 ). Sustainable Development and the Role of Local Governance: Experience from Malaysian Model Region, International Journal of Humanities and Social Science, Vol. 4 No. 1, pp 268-280.
- Boex .J, Devanne. M (2016).Dynamic Cities? The Role of Urban Local Governments in Improving Urban Service Delivery Performance in Africa and Asia , Brookings Ben Edwards, Duke Center For International  Development Urban Institute  Massachusetts Institute of Technology Urban.
- Bonfiglioli, Angelo (2003).Empowering the Poor: Local Governance for Poverty Reduction, United Nations Capital Development Fund (UNCDEF) New York.
- Cawley, Mary (2016). Relationships between local governance and local government and the role of the State: evidence from the LEADER Program in Ireland, NOROIS, Vol. 241, pp 33-47.
- Cheema, G. Shabbir & Rondinelli, Dennis A., (2007)From Government Decentralization to Decentralized Governance, in G. Shabbir Cheema and Dennis A. Rondinelli (eds.), Decentralizing Governance: Emerging Concepts and Practices,Washington, D.C., Brookings Institution Press.
- Chukwudi, Ukwandu &  Jarbandhan, Vain D. B (2016 ). “Exploring the relationship between good  governance and development in Sub-Saharan Africa: lessons from South America.” African Journal of public affairs, Vol 9.n 4, pp 20-37.
- Claessens, Stijn (2006). Corporate Governance and Development, The World Bank Research Observer, Vol. 21,N. 1, pp91–122.
- Coffey, W.J.& Polèse, M. (1984). The concept of local development: A stages model of endogenous regional growth, Papers of the Regional Science Association, Vol. 55, pp 1–12 .
- Earle, Lucy & Scott, Zoë (2010). Assessing the Evidence of the Impact of Governance on Development Outcomes and Poverty Reduction Issues Paper, GSDRC Emerging Issues Research Service.
-  Engstrom, Richard N. (2006(. Decentralized Government and Accountability, USAID, Egyptian Decentralization Initiative.
- Gisselquist, Rachel M. (2012). Good Governance as a Concept, and Why This Matters for Development Policy, Working Paper No. 2012/30,UNU-WIDER.
- Gupta, Joyeeta & Ros-Tonen, Mirjam A.F. 2015)) . Inclusive Development, In Pattberg P.H., Zelli F.(Eds), Encyclopedia of Global Environmental Governance and Politics, USA: Edward Elgar Publishing Limited.
- Jun, Jong S. (1999). Enhancing Local Governance and Civil Society in the New Millennium,  Administrative Theory & Praxis, Vol. 21, N. 4, pp461-467.
- Kharel, Suman (2019) .Local Governance and Rural Development Practices in Nepal, Nuta Journal, 6 (1&2), 2075, PP.84-94.
- Lindert P.& Verkoren O. (2010). Local Governance and Local Development in Latin America: Views from Above and Below. In: Lindert P., Verkoren O. (eds) Decentralized Development in Latin America, GeoJournal Library, Vol 97. Springer, Dordrecht.
- Mahmoud, Nahla (2012). The Local Chief Executives: A Comparative Study Of International Experiences Focusing On The Role Of Governors In Egypt, MA, American University in Cairo.
- Mira, Rachid & Hammadache, Ahmed (2017).Good Governance and Economic Growth: A Contribution to the Institutional Debate about State Failure in Middle East and North Africa, Asian Journal of Middle Eastern and Islamic Studies, Vol. 11, N. 3, pp 107-120.
- Nasser, Wafaa & Donsimoni , Myriam (2012). Local governance, decentralization and local economic development. Middle Eastern Finance and Economics, pp.125-135.
- Nguye,  Huu Q. (2016). Relationship Between Governance and Development: Lessons of the Southeast Asian Nations, Journal of US-China Public Administration, Vol. 13, No. 4, pp 221-227.
- Richey, Lisa A. & Ponte, Stefano (2014). New actors and alliances in development, Third World Quarterly, Vol. 35, N. 1, pp1-21.
- Rogerson , Christian M. & Rogerson, Jayne M. (2010). Local economic development in Africa: Global context and research directions, Development Southern Africa, Vol. 27, N. 4, pp 465-480.
- Saito, Fumihiko, (2008). Decentralization and Local Governance: Introduction and Overview. In: Saito F. (eds) Foundations for Local Governance, Physica-Verlag HD.
- Schoburgh E.D., Martin J. (2016). From Developmental Local Government to Developmental Local Governance. In: Schoburgh E.D., Martin J., Gatchair S. (eds) Developmental Local Governance. International Political Economy Series. Palgrave Macmillan, London.
- Sebudubudu, David (2010). The impact of good governance on development and poverty in Africa: Botswana - A relatively successful African initiative, African Journal of Political Science and International Relations, Vol. 4(7), pp. 249-262.
- Shah, Anwar & Thompson, Theresa (June 2004). Implementing Decentralized Local Governance: A Treacherous Road with Potholes, Detours and Road Closures, World Bank Policy Research Working Paper 3353.
- Shah, Anwar (2006 ).The New Vision of Local Governance and the Evolving Roles of Local Governments in Shah, Anwar (ed.),Local Governance In Developing Countries, (The World Bank : Washington, D.C).
- Shetawy, Ahmed A., (2004).The Politics Of Physical Planning Practice: The Case Of The Industrial Areas In Tenth Of Ramadan City, Egypt, Ph.D Thesis, The Bartlett School Of Architecture And Planning, University Of London.
- Silva, Nunes C. (2020). Global Trends in Local Governance, In: Silva, Nunes C. (eds), Contemporary Trends in Local Governance. Local and Urban Governance. Springer, Cham.
- Sobol, Agnieszka (2008)."Governance barriers to local sustainable development in Poland", Management of Environmental Quality: An International Journal, Vol. 19 Issue: 2, pp.194-203.
- Swianiewicz, Paweł  (2020). Recent and Contemporary Trends in European Studies of Local Government and Local Politics In: Silva, Nunes C. (eds) Contemporary Trends in Local Governance: Local and Urban Governance, Springer, Cham.
- Tschudin, Alain & Trithart, Albert )2018). The Role of Local Governance In Sustaining Peace, ,Issue Brief, International Peace Institute, United Nations, New York,  www.ipinst.org.
- UNDP (2004). Decentralized Governance for Development: A Combined Practice Note Decentralization. Local Governance and Urban/Rural Development, UNDP.
- UNDP (2016).Local Governance in Fragile and Conflict-Affected Settings: Building a Resilient Foundation for Peace and Development, UNDP.
- UNESCAP(2009) .What is Good Governance?, United Nations Economic and Social Commission for Asia and the Pacific http://www.unescap.org/sites/default/files/good-governance.pdf
- Vymětal, Petr (2008). What is Good Governance about?: The roots and the key elements of the concept, Working Papers, Prague, University of Economics, Faculty of International Relations Working Papers, Volume II.
- Wilde, A. et.al (2009). A Users' Guide To Measuring Local Governance, UNDP, Oslo Governance Centre, ⟨http://www.undp.org/content/dam/aplaws/ publication/en/publications/democratic-governance/dg-publications-for-website/a-users-guide-to-measuring-local-governance-/LG⟩ Guide.pdf.
- Wilson, Robert H. (2000). Understanding Local Governance: An International Perspective, Revista de Administração de Empresas , Vol.40, N.2,pp 51-63.