الإستمرار والتغير في السياسة الخارجية السعودية أثناء فترة حکم الملک عبد الله بن عبد العزيز (2005-2015)

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

دکتوراه علوم سياسية .

المستخلص

مستخلص
     تهدف هذه الدراسة إلي توضيح السياسة الخارجية السعودية أثناء فترة حکم الملک عبد الله بن عبد العزيز الممتدة من 2005 إلي 2015, وأيضاً فحص مدي التغير والاستمرار في تلک السياسة نتيجة للمستجدات الإقليمية والعربية و الدولية التي حدثت في أعقاب ثورات الربيع العربي التي فرضت تحديات وتهديدات ضخمة علي أمن المملکة العربية السعودية. لذا, سعت المملکة إلي مواجهة هذه التحديات, وإيجاد إقترابات في سياستها الخارجية لکي تواجه هذه التحديات. فعلي مدار العقود الماضية, تميزت السياسة السعودية بأنها سياسة محافظة, تسعي إلي الحفاظ علي الحالة الراهنة في الشرق الأوسط، بيد أن الفترة التي أعقبت تولي الملک عبد الله شهدت اتجاه نحو إعادة صياغة سياستها الخارجية في محاولة لإيجاد حلول لأزمات المنطقة أو البحث عن موقع جديد لها في منطقة تعج بالتحولات الجيو سياسية, التى لم تتضح معالمها بعد. لذا, تترکز أهمية هذه الدراسة في رصد السياسة الخارجية السعودية قبل ثورات الربيع العربى وما بعدها لتحديد مدى التغير والاستمرار فى سياستها الخارجية، ومراقبة تحول تلک السياسة  لمواجهة الأزمات الإقليمية والدولية.  توصلت الدراسة إلي نتائج عديدة التي کان أبرزها أن الاستمرار کان السمة المميزة للسياسة الخارجية السعودية في فترة ما قبل ثورات الربيع العربي, لکن الإستمرارالذى ميز تلک السياسة لعقود تلاشت بعد ثورات الربيع العربى.   
کلمات مفتاحية:السياسة الخارجية السعودية - المصلحة الوطنية - النفوذ الإقليمي- تغير السياسة الخارجية - استمرار السياسة الخارجية - ثورات الربيع العربي.

الكلمات الرئيسية


مقدمـــة:

   اتسمت السياسة الخارجية السعودية علي مدار عقود عديدة بثوابت ومبادئ تحکم توجهات سياستها الخارجية, التي تمثلت في: عدم التدخل في الشئون الداخلية للدول, ورفض أي تدخل خارجي في شئونها الداخلية, و حسن الجوار, وتعزيز العلاقات مع دول الخليج العربي, ودعم العلاقات مع الدول العربية والاسلامية, وعمل تحالفات مع الدول العظمي, والحفاظ علي الحالة الراهنة في الشرق الأوسط.

   بيد أن هذه السياسة تغيرت بالتدريج, إذ أن التحديات و المخاطر ازدادت نتيجة للتغيرات الدراماتيکية في ملفات وقضايا إقليمية عديدة في أعقاب ثورات الربيع العربي, مما زاد من تعقيد المشهد السياسي الإقليمي, و إرباک حسابات الدول الإقليمية. و ثمة إتجاه يشير إلي أن السياسة الخارجية السعودية تغيرت من سياسة رد الفعل إلي سياسة وقائية بغية مواجهة التحديات والتهديدات التي فرضتها ثورات الربيع العربي. وثمة إتجاه آخر يشير إلي أن السياسة الخارجية السعودية شهدت فحسب تغيرات في أدوات سياستها الخارجية لمواجهة التهديدات الخارجية دون حدوث تغيرات جذرية في المبادئ و التوجهات. لذا, تتناول هذه الدراسة السياسة الخارجية السعودية في الفترة التي سبقت ثورات الربيع العربي (2005-2010), والفترة التي اعقبت تلک الثورات (2011- 2015), للوقوف علي مدي التغير والاستمرار في هذه السياسة أثناء تلک الفترة.

أولا: المشکلة البحثية:

      تکمن المشکلة البحثية في هذه الدراسة في محاولة معرفة المستجدات التي شهدتها المملکة العربية السعودية أثناء فترة حکم الملک عبد الله, في ظل وجود تيارات و أيديولوجيات و تغيرات سياسية علي الساحة العربية و الإقليمية و الدولية أثناء فترة حکمه. فالسياسة الخارجية للدول تتغير عادة وفقاً للمستجدات و المتغيرات التى تحيط بها. لذا, تسعي الدراسة إلي الإجابة علي التساؤل الرئيس التالي: إلي أي مدي حدث تغير في السياسة الخارجية السعودية أثناء فترة حکم الملک عبد الله بن عبد العزيز؟ و يتفرع من السؤال الرئيسي الأسئلة الفرعية الأتية: 1) کيف واجهت المملکة العربية السعودية تحديات الربيع العربي؟ ما هي القضايا الجدلية بين المملکة العربية السعودية والولايات المتحدة الامريکية في الفترة التي أعقبت ثورات الربيع العربي؟

ثانياً: منهاجية الدراسة:

      استخدمت الدراسة اقتراب المصلحة الوطنية. يرتکز هذا المنهج على حقيقة أن المصلحة الوطنية هى الهدف النهائى والأسمى للسياسة الخارجية لأى دولة. يتميز هذا الإقتراب بتوضيح جانب الإستمرار فى السياسة الخارجية للدول داخل إطار عامل المصلحة الوطنية. فالسياسة الخارجية لأى دولة تعکس مصلحتها الوطنية، حيث أن هذه السياسة تُصاغ وفقا لمصلحتها الوطنية. ظهر مفهوم المصلحة الوطنية في بداية الأمر في القرنين السادس عشر و السابع عشر في إيطاليا ثم إنجلترا. ووفقاً لميکيافيلي في کتابه الشهير " الأمير", فإن قانون المصلحة سوف يضعف سلطة القانون الطبيعي الذي يحکم سلطات الدولة. کان يتمثل الإتجاه في ذلک الوقت في التخلي عن الاعتماد علي الأخلاق فحسب في السياسة بحيث تستطيع الدولة الحفاظ علي مصلحتها. تطور هذا المفهوم في القرن الثامن عشر, حيث أن تعريف مصالح الدولة في ذلک الوقت کان ملخص للنقاش العقلاني, الذي من خلاله قد نقنع الآخرين بشرعية متطلبات الدولة. يوجد جوانب متعددة للمصلحة الوطنية, لکن الأساس هو بقاء الدولة والحفاظ علي أمنها ونموها الإقتصادي وسلطتها1.

     الدولة بصفة عامة تحدد استراتيجيتها وسياستها حول القضايا الدولية وفقاً لأولوياتها. هذه الأولويات تعکس أهداف السياسة الخارجية الحيوية للدولة المتمثلة في الأمن, والإکتفاء الاقتصادي, والسيادة. ويعد الأمن الحاجة الأکثر أهمية للدولة، ويأتي علي رأس قمة مصالحها الوطنية. تسعي أدوات السياسة الخارجية إلي تحقيق المصلحة الوطنية بجميع عناصرها, حيث أن السياسة الخارجية تأتي کترجمة للمصلحة الوطنية2.

     و يميز مورجانثو بين نوعين من المصلحة الوطنية: الأول هو المصلحة الوطنية الحيوية الأساسية, الذي يهدف إلي بقاء الدولة و الحفاظ عليها. هذا النوع يقر بأن أي دولة علي استعداد للدخول في غمار الحرب لتحقيق مصلحتها الوطنية والحفاظ عليها لضمان استقلال و حرية الدولة, وحماية مؤسساتها وشعبها وقيمها الإجتماعية الأساسية. الثاني هو المصلحة الوطنية الثانوية التي لا تؤثر علي بقاء الدولة ولا تهدد سيادتها وبقائها. لذا, من الممکن أن تتفاوض على تلک المصلحة الثانوية، وتصل إلي حلول وسطية ترضي کلا الطرفين المتنازعين. تختلف المصلحة الثانوية من بلد إلي آخر وفقاً لأولوياتها. وصنف الواقعيون أيضاً المصلحة الوطنية في فئتين: الأولي, من حيث استمرار المصلحة الوطنية, صنفت إلي مصلحة وطنية دائمة  ومؤقتة. ثانياً, من حيث درجة عمومية المصلحة, صنفت إلي مصلحة وطنية تکاملية وصراعية3.

     وتتبع الدول آليات عديدة للحفاظ علي مصالحهم القومية: أولاً, قد تلجأ الدولة إلي استخدام القوة وخوض غمار حرب لکي تحمي مصالحها القومية, و لا سيما المصالح الحيوية التي تؤثر علي سيادتها و أمنها. ثانياً, قد تلجأ الدولة إلي عمل تحالفات مع دولة أخري, الأمر الذي يکون ملزماً لکل الطرفين, وذلک لتحقيق مصالحها بشکل قانوني, ومن الممکن أن تتشکل التحالفات في حالة المصالح الوطنية المتشابهة والتکميلية. ثالثا, قد تتحقق المصالح الوطنية من خلال المفاوضات الدبلوماسية والتسوية السليمة التي تهدف إلي توفيق المصالح الوطنية بين الدول عن طريق التخلي عن جزء من طلباتهم في مقابل الوصول إلي تسوية ترضي جميع الأطراف. تستخدم هذه  الألية في حالة المصالح الوطنية الثانوية بشرط وجود درجة من التوافق بين مصالح الدول4.

     وبناء عليه, يعد إقتراب المصلحة الوطنية إحدي الإقترابات البحثية الرئيسية في حقل العلاقات الخارجية و السياسة الخارجية. ويعد هذا الإقتراب تفسير واضح للمدرسة الواقعية التي سيطرت علي تحليل ودراسة العلاقات الدولية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية, تلک المدرسة التي استندت إلي ثلاثة مفاهيم أساسية: القوة, وتوازن القوة, و المصلحة الوطنية, الأمر الذي يدحض الإتجاه المثالي في دراسة العلاقات الدولية الذي کان مسيطراً في أعقاب الحرب العالمية الأولي وتأسيس عصبة الأمم. فالمصلحة الوطنية هي الهدف المستمر و النهائي للسياسة الخارجية لأي دولة, و القوة المحرکة  للسياسة الخارجية لأي دولة5. لذا, فإن السياسة الخارجية هي الإستخدام العقلاني للموارد للوصول إلي تحقيق المصالح الوطنية, مما يعني دراسة البدائل المتاحة عقلانياً و براجماتياً, و اتخاذ القرارات التي تخدم المصالح الاسمي دون مراعاة أي اعتبارات أخري.

ثالثاً: الإطار النظري

    3-1تغير السياسة الخارجية

     لا يوجد إتفاق علي مفهوم التغير. فالتغير يعني التغيرات الرئيسية في السياسة الخارجية لأي وحدة دولية من حيث أهدافها و آليات تنفيذ سياستها الخارجية لکي تتوافق مع الضغط الذى يأتى إما من البيئة الداخلية أو البيئات الإقليمية والدولية. يوجد إتجاهان رئيسيان لدراسة التغير في السياسة الخارجية وهما: التغير التدريجي و التغير الجذري6.

      تتغير السياسة الخارجية للدولة نتيجة لعدد من المتغيرات المحلية والدولية السائدة, حيث أنها قد تتغير نتيجة للتغير في طبيعة النظام الحاکم في البلد, و تحوله من سياسة خارجية معينة إلي سياسة أخري مغايرة, و أيضاً التغيرات التي من الممکن أن تحدث علي المستويين الإقليمي و الدولي7. لذا, فإن تغير السياسة الخارجية يشير إلي أي تحولات أو تغيرات تحدث في السياسة الخارجية بصفة عامة من حيث التوجهات والأهداف والأدوار, أو التغير في القرارات أو السلوکيات, أو أولوية إستخدام أدواتها, أو درجة المصلحة في قضاياها8.

      تضمن مفهوم التغير في أدبيات السياسة الخارجية أسماء عديدة مثل التکيف السياسي, و إعادة هيکلة السياسة الخارجية, وإعادة توجيه السياسة الخارجية. ويشير هيرمان إلي أربعة إقترابات للتغير و هي: أولاً, التغير التکيفي الذي يمثل تغيير في مصالح الوحدة الدولية فيما يتعلق بقضية معينة دون المساس بأهداف وآليات التنفيذ, ثانيًا, التغير في البرنامج الذي يعني تغير في أليات تنفيذ السياسة الخارجية, حيث يتم وضع أدوات جديدة دون المساس بالأهداف والإتجاهات. علي سبيل المثال, تستطيع الدولة أن تتبني سياسة التفاوض وليس القوة العسکرية لکي تحقق هدفها, ثالثًا،  التغيير في الأهداف الذي يعني تغيير في السياسة الخارجية للوحدة الدولية, و ليس تغير في الأدوات فحسب, رابعًا، التغير في التوجهات الذي يعني استبدال الإقتراب القديم بإقتراب آخر جديد. علي سبيل المثال, تستطيع أي دولة أن تتحول من سياسة العزلة إلي سياسة الإنفتاح. و يزعم هيرمان أن الإقتراب الأول لا يعتبر تغير في السياسة الخارجية, بيد أن الإقترابات الثلاثة الأخري من الممکن تصنيفها کجزء من التغير في السياسة الخارجية, فضلاً عن أن الإقتراب الرابع يعتبر نادراً. لذا, يرکز هيرمان علي الإقتراب الثاني والثالث9.

     و يزعم "هولستي" أن أنواع التغير الرئيسي في السياسة الخارجية ترتکز علي إعادة توجيه وإعادة هيکلة السياسة الخارجية, التي من الممکن تصنيفها وفقاً لما يلي: التحولات المهمة في مستويات الإنخراط الخارجي, السياسات المتعلقة بأنواع ومصادرة الإنخراط الخارجي, إعادة توجيه نمط الإنخراط الخارجي, والإلتزامات الدبلوماسية والعسکرية10.

     ويرى جولدمان أن النظام السياسي الداخلي يستطيع أن يساهم بالفعل في تغير السياسة الخارجية. کما يزعم جولدمان بوجود ثلاثة أبعاد تؤثر علي المدي الذي تتغير فيه السياسة الخارجية: الأول هو درجة المؤسسية, الذي يعني إلي أي مدي تصبح فيه الحکومة ملتزمة بالسياسة الخارجية. الثاني هو درجة الدعم الذي يشير إلي أي مدي يدعم أو يعارض الفاعلين في السياسة الداخلية سياسة الحکومات. الثالث هو درجة النقاط البارزة قياساً بأهمية القضايا في الصراع الداخلي على السلطة11.

3-2استمرار السياسة الخارجية

     استمرار السياسة الخارجية يعني استمرار النخبة الحاکمة في الحفاظ علي نمط السياسة الخارجية تجاه البيئة الدولية بغض النظر عن کون النظام ديمقراطي أو غير ديمقراطي12. ويزعم "توماس نيکولسون" أن مفهومي إستمرار السياسة الخارجية و الإستقرار السياسي مترابطين مع بعضهما البعض, الأمر الذي يفسر أسباب إستمرار النظام في السلطة لفترة طويلة, ويحلل الأسباب التي قد تؤدي في النهاية إلي سقوط هذا النظام.  يعتقد "نيکولسون" أن أنصار تغير السياسة الخارجية لا يغيرون السياسة الخارجية, و لکن بالأحري يساهمون في إستقرار النظام. قد يفحص النظام البدائل المتاحة, و في النهاية يکون الاستقرار هو الخيار الأمثل للنظام13. جولدمان, و ولجر, و شوارزر وضعوا إقتراب نظري حول إستمرار  وإستقرار السياسة الخارجية, حيث قاموا باستعراض العوامل التي تؤثر في إستقرار السياسة الخارجية, وهي: البيروقراطية, الموارد الإقليمية والعالمية, وسمات متخذوا القرار. هذه السمات تمکنهم من أن يغيروا صناعة السياسة الخارجية بشکل جوهري14.

     سوف تستعرض الدراسة فيما يلي السياسة الخارجية السعودية في فترة حکم الملک عبد الله الممتدة من 2005- 2015. ولکن نرصد مدي التغيير والاستمرار في السياسة الخارجية السعودية في فترة حکمه, تم تقسيم الدراسة إلي محورين: الأول, السياسة الخارجية السعودية قبل اندلاع ثورات الربيع العربي في الفترة من 2005 إلي 2010. الثاني, السياسة الخارجية السعودية بعد إندلاع ثورات الربيع العربي في الفترة من 2011 إلي 2015.

رابعاً: السياسة الخارجية السعودية قبل اندلاع ثورات الربيع العربي في الفترة من 2005 إلي 2010.

     سعي الملک عبد الله بن عبد العزيز, منذ فترة تولية الحکم في عام 2005, إلي الإندماج في المجتمع الدولي, و ان يجعل سياسة واقتصاد و مجتمع المملکة منفتح علي العالم الخارجي، حيث انضمت المملکة إلى منظمة التجارة العالمية فى ديسمير 2005, وقامت بتوقيع اتفاقية الأمم المتحدة ضد الجريمة المنظمة العابرة للحدود فى يناير 2005. کما أن زيارات المسؤولين السعوديين للدول الأخري منذ 2005 أشارت إلي الإندماج السعودي فى المجتمع الدولى. وفي عامي 2006 و2007, زار الملک عبد الله الصين وروسيا والهند وباکستان کتعبير عن معارضة المملکة للغزو الأمريکي للعراق والإطاحة بنظام صدام حسين15. کانت الرياض تري أن العراق تحت حکم صدام کان بمثابة حائط صد ضد إيران, التي تعتبرها الرياض منافسها الإقليمي الأول. تري الرياض أن إيران تفرض تهديداً داخلياً عليها  من خلال إثارة مشاعر الأقلية الشيعية في المنطقة الشرقية. تخشي الرياض أيضاً من تطوير إيران لبرنامجها النووي, مما يؤدي إلي زعزعة النفوذ الإقليمي السعودي16.

     لعبت المملکة أيضاً دوراً نشطاً في العالم العربي. فقد أکدت علي استقلال واستقرار العراق و تکاملها الإقليمى. و دعت إلي خلق إدارة مشترکة في العراق تضم جميع الطوائف السنية و الشيعية و الکردية, بدلاً من الحکومة التي تهيمن عليها الطائفة الشيعية17 . وفيما يخص القضية الفلسطينية, فقد أمدت المملکة الفلسطينيين بالدعم المالي و السياسي, وقدمت المقترح السياسي الأکثر تماسکاً لحل النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني، والمتمثل فى المبادرة التى أطلقها الملک عبد الله بن عبد العزيز، ولى العهد آنذاک،  للسلام في الشرق الأوسط بين إسرائيل والفلسطينيينفى القمة العربية فى بيروت فى عام 2002، والتى تنص على إنشاء دولة فلسطينية معترف بها دولياً على حدود 1967 وعودة اللاجئين والإنسحاب من هضبة الجولان المحتلة، مقابل الإعتراف بإسرائيل وتطبيع العلاقات بينها وبين الدول العربية.وبرغم المعارضة الإسرائيلية و الأمريکية علي تشکيل حکومة موحدة, توسطت المملکة بين الأطراف الفلسطينية المتصارعة. فقد توسط الملک عبد الله بين حرکتي فتح و حماس أثناء الحرب الأهلية الفلسطينية في عام 2006. تمخض عن هذه الوساطة التوصيل إلي اتفاق بين قائد فتح, محمود عباس, و قائد حماس في المنفي, خالد مشعل في فبراير 2007. و بالتالي صدر إعلان مکة لوضع المبادئ الأساسية لإنشاء حکومة موحدة. 18.

    و فيما يخص الصراع الداخلي اللبناني, فقد انتهجت المملکة سياسة فعالة في هذا الصدد. فقد کانت المملکة ترغب في إقامة دولة مستقلة ذات حکم مرکزي قوي و مستقر. و في محاولة للحفاظ علي الاستقرار, أصرت الرياض علي إقامة حوار بين الأطراف المتصارعة. کما سعي الملک عبد الله لإنهاء النزاعات ليس فحسب بين الحکومة الموالية للغرب و حزب الله المناهض للغرب, لکن أيضاً بين الجماعات السنية و الشيعية19. وعندما حدث الاعتداء الإسرائيلي على بيروت وعلى الجنوب اللبناني في شهر يوليو 2006، أدانت المملکة بشدة تلک العمليات العسکرية وحذرت المجتمع الدولي من خطورة الوضع في المنطقة ، ودعت المجتمع الدولي إلى الاضطلاع بمسؤولياته لإيقاف العدوان الإسرائيلي وحماية الشعب اللبناني .وبادرت المملکة وبتوجيهات من الملک عبدالله إلى الاتصال بالمجتمع الدولي، وسعت من خلال علاقاتها مع الولايات المتحدة ودول العالم الأخرى ومن خلال الأمم المتحدة إلى التوصل إلى وقف الغارات الإسرائيلية على العاصمة اللبنانية والهجوم البرى على الجنوب اللبناني20 .

     و فيما يتعلق بدول الخليج, فقد أولت المملکة إهتماماً خاصاً بمنطقة الخليج العربي لإعتبارات دينية و تاريخية و اجتماعية و ثقافية. أنشئت المملکة منذ تأسيسها علاقات قوية مع دول الخليج استناداً إلي المصالح المشترکة و تحقيق الإستقرار في منطقة الخليج. لذا, قامت المملکة بتوقيع کثير من الإتفاقيات الثنائية المختلفة لدعم التعاون مع دول الخليج العربي. و قد استندت السياسة الخارجية السعودية علي المستوي الخليجي علي المحاور الأتية: الأول, التنسيق و التعاون الاقتصادي مع دول الخليج. الثاني, تنسيق السياسات الخارجية في مجال النفط. الثالث, ايجاد صيغ مقبولة للإتفاقيات الأمنية الي تؤدي إلي الحفاظ علي إستقرار الأنظمة السياسية لدول الخليج و استقرار شعوبها21.

      لکن, رغم التقارب السعودي - الخليجي, کان يوجد نزاع حدودي بين المملکة و الإمارات علي منطقة "خور العديد" الساحلي, التي تفصل بين الإمارات و قطر. و قد ظلت الأمور بين البلدين طبيعية حتي وفاة الشيخ زايد. فقد اندلع النزاع مرة أخري مع أول زيارة للشيخ خليفة إلي الرياض في ديسمبر 2004, حيث شدد الشيخ خليفة علي أن إتفاق جدة کان غير منصف, و قد وقعته الإمارات في ظروف استثنائية, بينما المملکة تعتبر أن الإتفاق ما زال قائماً, وإن منطقة العديد هي منطقة تابعة للمملکة. و في عام 2006, أصدرت الإمارات في کتابها السنوي خرائط جديدة تظهر أن "خور العديد" جزء من المياه الإقليمية الإماراتية. في عام 2009, تصاعدت حدة الصراع بين الطرفين, حيث قامت المملکة بمنع دخول المواطنين الإماراتيين إلي الآراضي السعودية بإستخدام بطاقات الهوية مثلما کان يحدث من قبل, و ذلک احتجاجاً علي تغيير الإمارات لخريطتها الجغرافية علي بطاقات هوية مواطنيها. لذا, أصدر الشخ خليفة بن زايد أل نهيان مرسوماً بتأسيس مجلس شئون الحدود, الذي ترأسه الشيخ محمد بن زايد أل نهيان, ولي عهد أبو ظبي و نائب القائد الأعلي للقوات المسلحة آنذاک. و قد حدثت شبه قطيعة في العلاقات بين البلدين في عام 2010 عندما أطلق زورقان تابعان للإمارات النار علي زوق سعودي في خور العديد, و تم إعتقال أثنان من الحرس السعودي22. و لا يزال يوجد هذا الخلاف الحدودي حتي الآن.

خامساً: السياسة الخارجية السعودية بعد اندلاع ثورات الربيع العربي (2011-2015)

     واجهت المملکة في أعقاب ثورات الربيع العربي قضايا شائکة عديدة, مما  تطلب مواجهتها لحماية مصالحها و أمنها القومي. و سوف تستعرض الدراسة في القسم التالي أهم القضايا التي واجهت المملکة في الفترة من 2011 إلي 2015, و کيف تعاملت مع هذه القضايا.

5-1 القضايا الجدلية بين المملکة العربية السعودية و بعض دول الخليج العربي (قطر, عمان, الإمارات)

5-1-1 قطر

      توترت العلاقات بين المملکة العربية السعودية و قطر في أعقاب ثورات الربيع العربي نتيجة للسياسة التي تنتهجها قطر التي لا تتوافق مع سياسة المملکة في المنطقة العربية. فقد دعمت قطر الثورات العربية من خلال قناة الجزيرة, وساندت أيضاً التشکيلات الإسلامية, و ذلک للإستفادة من تلک الثورات, وفرض سلطتها في دول الربيع العربي, و بالتالي تستطيع أن تشکل حلفاء مستقبليين يدعمون النظام القطري في التوازن الإقليمي و الدولي للقوي علي حساب المملکة العربية السعودية. وبناءً عليه, تبنت المملکة سياسات صارمة تجاه قطر للحد من نفوذها, و مواجهة علاقتها الأيديولوجية مع الأخوان المسلمين. تصاعد الضغط السعودي علي قطر في مارس 2014, حيث سحبت السعودية و البحرين و الإمارات سفرائهم من الدوحة. و قد جاء في البيان المشترک الصادر عن الدول الثلاثة ما يلي:" جاء قرار سحب سفرائنا من الدوحة بعد فشل جميع المحاولات لإقناع قطر بعدم التدخل, سواء بشکل مباش أو غير مباشر، فى الشئون الداخلية لأى دولة من دول الخليج, و عدم دعم الفاعلين من غير الدول الذين يفرضون تهديداً علي أمن و إستقرار دول الخليج, و کذلک عدم دعم الإعلام المعادي23.

     لذا, وجدت قطر نفسها معزولة عن دول مجلس التعاون الخليجي, و فرضت الدول الأعضاء عقوبات ضدها بسبب دعمها للإخوان المسلمين. وأشارت المملکة باحتمال غلق حدودها و مجالها الجوي, و من ثم إضعاف الإقتصاد القطري. أدت هذه الضغوط المفروضة علي قطر إلي أنها طلبت من الإخوان المسلمين مغادرة قطر في آواخر عام 2014, و بالتالي قررت الدول الثلاث عودة سفرائها إلي الدوحة24.

5-1-2سلطنة عمان

     تميزت السياسة الخارجية السعودية باتباع نهج تعاوني و تشاوري مع دول مجلس التعاون الخليجي بصفة عامة, و لا سيما في ضوء تشابه سياستهم الخارجية. لکن, اختلفت هذه السياسة تجاه سلطنة عمان, التي تتبني سياسة مختلفة عن سياسات دول مجلس التعاون الخليجي بصفة عامة, و المملکة بصفة خاصة, مما أدي إلي توتر العلاقات بينهما.  وقد تمثلت اهم القضايا الجدلية بين البلدين في عهد الملک عبد الله في نقطتين: الأولي, عدم الإتفاق داخل مجلس التعاون بين عمان و باقي دول المجلس. الثانية, التقارب الإيراني – العماني25. فقد رفضت عمان في عام 2012 مبادرة الإتحاد الخليجي التي اقترحها الملک عبد الله في قمة الخليج 32 بالرياض. هذه المبادرة تدعو إلي تحويل مجلس التعاون الخليجي من الصيغة الحالية إلي إتحاد خليجي لمواجهة التحديات و التهديدات التي تواجه أمن الخليج و مصيره المشترک, و کذلک مواجهة التهديد الإقليمى لإيران التى تسعى إلى زعزعة  إستقرار دول الخليج عن طريق إثارة مشاعر الشيعة في البحرين, والکويت والسعودية26. أدي هذا إلي توتر العلاقات بين الدولتين, مما انعکس علي مقالات الصحف السعودية التي تعکس وجهة النظر الرسمية للدولة. فقد أشار رئيس تحرير جريدة الإقتصادية عن احتمالية قطع الدعم الخليجي لعمان في حالة خروجها من مجلس التعاون الخليجي. وصرح قائلاً:" بما أن السلطنة تهدد بمغادرة مجلس التعاون الخليجي, فمن الطبيعي أن يتوقف الدعم الخليجي لها". وقد قدر الخسائر التي ستلحق بسلطنة عمان في حالة خروجها من المجلس بحوالي 7 مليار دولار في السبع سنوات القادمة. کما قللت صحيفة الرياض من أهمية الإنسحاب العماني من المجلس, حيث صرح أحد کتابها بأن" القرار العماني بالإنسحاب من مجلس التعاون الخليجي لن يکون کارثة"27.

    تناقض الموقف العماني أيضاً مع السياسة الخارجية للمملکة تجاه القضية السورية. فقد دعمت المملکة النظام السوري في بداية الثورة, و اعتبرت أن انتصار الثورة سوف يؤدي إلي إنتقالها إلي المملکة. بيد أنها بدأت في تغيير موقفها في عام 2013 عندما بدأ التدخل الإيراني في سوريا, و تمکن إيران من فرض هيمنتها علي صناعة القرار في سوريا. فطالبت السعودية برحيل الأسد کبداية لحل الأزمة, وسعت مع عدد من الدول العربية إلي تعليق عضوية سوريا في الجامعة العربية28.

      فضلاً عن أن رؤي البلدين کانت مختلفة بشأن الملف النووي الإيراني. فقد رفضت المملکة البرنامج النووي الإيراني واعتبرت ان هذا البرنامج يفرض تهديداً علي أمنها القومي, علي الجانب الآخر حين فرض الغرب الحصار الاقتصادي على طهران بسبب برنامجها النووي، کانت مسقط تقوم بدور الوسيط بين إيران والغرب، واستضافت مسقط اجتماعات سرية بين دبلوماسيين وقادة أمنيين من کلا الطرفين منذ عام ٢٠١١ في محاولة للوصول إلى أرضية مشترکة، إلى أن تکللت جهودها بالنجاح في نوفمبر ٢٠١٣ من خلال توصل إيران إلى اتفاق جنيف مع مجموعة الدول ٥+1(هي مجموعة الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس أمن الأمم المتحدة، وهي الولايات المتحدة، فرنسا، بريطانيا، روسيا، الصين بالإضافة إلى ألمانيا)، حيث استضافت عمان جولات المفاوضات حول البرنامج النووي الإيراني بين إيران ومجموعة ٥+١، التي انعقدت في مسقط في نوفمبر 2014، وکان أبرز أقطابها وزيرا خارجية إيران والولايات المتحدة، محمد جواد ظريف وجون کيري. وقد أفضت جولة المفاوضات تلک إلى اتفاق الإطار الذي وقعه الطرفان في لوزان السويسرية في أبريل 2015، تمهيداً للاتفاق النهائي الذي أبرم في ١٤ يوليو 29٢٠١٥.  ينبع موقف عمان تجاه إيران من اعتبارات المصلحة الوطنية. فبالرغم من أن عمان جزء من مجلس التعاون الخليجي, إلا أنها تشارک إيران ملکية الأراضي التي يقع فيها مضيق هرمز الاستراتيجي. علاوة علي أن نسبة عمان من عائدات النفط أقل من الدول الخليجية الأخري. لذا، فإن الحفاظ علي العلاقات مع إيران باعتبارها مصدر ضخم للغاز الطبيعي للعمانيين يعد خياراً إستراتيجياً، ومن ثم ازداد مستوي العلاقات الإستراتيجية بين عمان وإيران بشکل کبير30.

      کانت هذه القضايا مثار خلاف بين المملکة وعمان أثناء فترة حکم الملک عبد الله, الذي لم يتمکن من تغيير الموقف العماني لصالح المملکة, سواء من خلال الضغط, أو حتي من خلال إستخدام الأدوات الدبلوماسية والإقتصادية, حيث اتفق الملک عبد الله مع  قادة دول مجلس التعان الخليجي علي أن يمنحوا عمان 10 مليار دولار علي مدار عشرة أعوام لتحسين أوضاعها بعد المظاهرات التي اندلعت في شوارع السلطنة في عام  2011, لکن الموقف العماني الداعم لإيران لم يتغير31.

  5-1-3 الإمارات العربية االمتحدة

    يربط السعودية و الإمارات علاقات تاريخية, و سعت المملکة إلي تقوية علاقاتها مع الإمارات, وإتباع نهج التنسيق و التعاون و التشاور المستمر مع الإمارات فيما يتعلق بالقضايا الإقليمية و العالمية. و في هذا السياق, اتفق الملک عبد الله مع الشيخ محمد بن زايد أل نهيان علي تشکيل لجنة عليا مشترکة بين البلدين في مايو 2014, علي أن يترأس هذه اللجنة وزراء خارجية البلدين. تمثل هذه اللجنة تحول نوعي في العلاقات بين البلدين, إذ أنها تعمل علي تنفيذ الرؤية الإستراتيجية لقيادات البلدين للوصول إلي آفاق أرحب و أکثر أمناً و استقراراً, مما يمکنهم من مواجهة تحديات المنطقة. اتفقت سياسة کلا الدولتين في عهد الملک عبد الله علي قضايا عديدة, و لاسيما القضايا التي ارتبطت بدول الربيع العربي. علي سبيل المثال, رفض البلدين المصادمات التي حدثت في البحرين, و تعاوناً معاً لمساعدة البحرين في تحقيق الأمن و الإستقرار. کلا الدولتين أيضاً دعمتا الإطاحة بالرئيس المصري السابق محمد مرسي، حيث رفضتا حکم الإخوان المسلمين في مصر، و شکلتا ثقل موازن للقوي الدولية، التي فرضت عقوبات ضد مصر. فقد دعمتا مصر علي المستوي الإقتصادي، ووضعت الإخوان المسلمين علي قوائم الجماعات الإرهابية، و سحبت سفرائها من قطر التي تدعم الإخوان المسلمين32.

     لکن، الأزمة اليمنية کانت إحدي الملفات التي أظهرت عدم الأنفاق السعودي - الإماراتي، حيث دعمت الإمارات عودة الرئيس اليمني المخلوع، علي عبد الله صالح، إلي منصبه بسبب العلاقات الوثيقة بين العائلة الحاکمة في الإمارات و الرئيس صالح و عائلته. وقد ألمح الرئيس اليمنى عبد ربه منصور هادى إلى أن أبو ظبى تدعم جماعة أنصار الله الحوثية للتخلص من الأخوان (حزب الإصلاح)، کما أشار إلى أن الإمارات تستضيف 80 شخصا من عائلة الرئيس المخلوع صالح، وأشار أيضا إلى مغادرة أعداد أخرى من أقرباء وعائلة الرئيس السابق صالح، وفى مقدمتهم العميد أحمد على عبدالله صالح وأخيه المقدم خالد على عبدالله صالح، متوجهين إلى الإمارات فى 24 مارس 2015، أى قبل بدء عاصفة الحزم بيوم واحد.  وقد طرح أفراد عائلة صالح مبادرات عديدة لإيجاد حل سياسى فى اليمن، بما فى ذلک إستعادة السلطة للرئيس المخلوع صالح، ، الأمر الذي رفضته السعودية بشدة، و اتهمت الإمارات بدعمها لجماعة أنصار الله الحوثية33.

5-2 الأزمة البحرينية

     يتألف المجتمع البحرينى من أقلية سنية, وأغلبية شيعية, مما أسفر عن إحتقان طائفي بين قطاعات عريضة من السکان و الحکومة. إندلعت الإحتجاجات البحرينية في عام 2011, و کان رد الحکومة البحرينية عنيفاً, وأصرت علي أن إيران هي التي خططت هذه الإحتجاجات لزعزعة إستقرار النظام, و فرض تهديد علي سيادة حکم آل خليفة34. لذا, دعت البحرين دول مجلس التعاون الخليجي بموجب اتفاقية الدفاع المشترک أن تتدخل لقمع هذه الإحتجاجات. و في 15 مارس 2011, تدخلت قوة درع الجزيرة بقيادة السعودية في البحرين من أجل إخماد المظاهرات التى کانت قد إندلعت فى العديد من المدن البحرينية وعلى رأسها العاصمة المنامة.. أدانت إيران هذا التدخل, و صرحت بأن هذا العمل مشابه لاحتلال صدام للکويت, لکن مع اختلاف أن إحتلال البحرين تم بموافقة الولايات المتحدة35. الرياض, من جانبها, وصفت الإحتجاجات في البحرين بأنها تشکل تهديداً مباشراً لمنطقة الخليج. في الحقيقة أن التقارب الجغرافي بين السعودية و البحرين, و تماثل أعداد کبيرة من الشيعة المقيمين في المنطقة الشرقية بالسعودية مع الشيعة في البحرين أدي إلي إنزعاج المملکة من أن تمتد هذه الإحتجاجات إليها، فضلاً عن زعزعة استقرار النظام الملکي السعودي نفسه في حالة الإطاحة بأي نظام ملکي عربي. کانت الرياض  تخشي من أن تفرض إيران هيمنتها علي البحرين في حالة تمکين الشيعة هناک36.

    فضلت الولايات المتحدة المصالحة بين السنة و الشيعة وعمل إصلاحات سياسية في البحرين. لکن الرياض عارضت بقوة إجراء أي إصلاحات سياسية في البحرين لأن هذه الإصلاحات من الممکن أن تُمکن الشيعة من حکم البحرين. رأت السعودية أن العملية العسکرية کانت إلزامية لکي تحفظ البحرين من النفوذ الإيراني. و بالتالي أخبرت الرياض واشنطن عن العملية العسکرية بعد بدايتها, مما يشير إلي أن الرياض لم تطلب موافقة الولايات المتحدة للقيام بهذه العملية37.

5-3 الأزمة الليبية

    کانت الاستجابة السعودية للإضطرابات في ليبيا مختلفة تماماً عن استجابتها للإحتجاجات الشعبية في مصر والبحرين. لم تدعم الحکومة السعودية النظام الليبي. بل دعمت الثورة ضد القذافي. في 12 مارس 2011, طلبت الجامعة العربية من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أن يصدر قرار بأن تکون ليبيا منطقة منزوعة الطيران. ولعبت السعودية دوراً مهماً في صدور هذا القرار38. القلاقل التي حدثت في ليبيا کانت بمثابة فرصة للمملکة للتخلص من القذافي بدلاً من أن تکون تحدي لمصالحها. ففي حقيقة الأمر أن القذافي کان ينتهز أي فرصة لإحراج النظام السعودي والتشکيک في شرعيته. ففي عام 2006, صرح القذافي موجها حديثه للسعوديين:" أنتم صناعة بريطانية وحماية أمريکية". وقد کان القذافي يصف باستمرار الملک عبدالله بأنه "مُنتج بريطاني وحليف أمريکي", واتهم الملک عبدالله بأنه الذي ساعد الأمريکان في احتلال العراق39. فضلاً عن أن النظام الليبي کان متورطاً في محاولة إغتيال ولي العهد السعودي آنذاک, الملک عبد الله, في عام 2003, الأمر الذي أدي إلي تسمم العلاقات بين البلدين. وبالتالي, الأزمة الليبية خلقت الفرصة للنظام السعودي للمساهمة في الإطاحة بمعمر القذافي40.

5-4 الأزمة السورية

     توترت العلاقات السعودية - السورية منذ تولي الأسد الحکم في عام 2000. فقد أضرت العلاقات القوية بين سوريا و إيران وحزب الله بالمصالح السعودية. تورطت سوريا أيضاً في إغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري, الذي کان حليفاً قوياً للمملکة41. لکن لا يوجد ما يدعم هذا الکلام من الناحية الرسمية برغم تکراره فى الصحافة المعادية لسوريا. أدى هذا إلى إستياء سعودى من نظام الأسد.

    و بالرغم من ذلک, سعت المملکة إلي استقرار نظام الأسد. ففى مطلع 2011، ومع إزدياد رقعة الإحتجاجات، حاولت الرياض دفع الأسد إلى إتخاذ إجراءات سياسية عاجلة، وأرسلت مندوبين إثنين إلى سوريا، بحسب ما أکده رئيس الإستخبارات السعودية وأمين عام مجلس أمنها الوطنى وسفيرها لدى واشنطن الأمير بندر بن سلطان فى لقاء مع صحيفة إندبندنت العربية فى فبراير 2019، حيث صرح بن سلطان إن " الملک عبدالله أرسل إلى بشار مندوبًا برسالة مفادها أن عليه إتخاذ إجراءات سياسية عاجلة لتهدئة الأمور قبل أن تفرط، فوعده بشار بذلک، لکن للأسف استمر بشارفى سياسته القمعية". وأضاف أن " الملک عبدالله أرسل مندوبًا للمرة الثانية، وحذر بشارمن استمرار تدهور الوضع، فکان رده أنه يعى ما يحصل، وسيقوم بإتخاذ إجراءات سياسية إصلاحية عاجلة، ولکن هذا يتطلب إصلاحات إقتصادية ورفع مرتبات الجيش". وعقب ذلک، أرسلت السعودية مبلغ 200 مليون دولار کمساعدة عاجلة لتهدئة الوضع والتعامل مع الأمور سياسيًا واقتصاديًا، لکن الأسد أخذ الأموال دون فعل شئ، بحسب بن سلطان42.  کانت المملکة تتوجس من حدوث حرب أهلية طائفية عابرة للحدود بين الطائفة السنية و الطائفة العلوية إذا ما تمت الإطاحة بنظام الأسد, مما يؤثر سلبياً علي باقي دول الجوار. وکانت تخشي أيضاً من أن الحرب الأهلية السورية سوف تؤجج الموقف الداخلي غير المستقر في لبنان. فضلاً عن أنها کانت تخشي من تصاعد الصراع العربي- الإسرائيلي في أعقاب الإطاحة بنظام الأسد. و بالتالي, اعتبرت المملکة أن بقاء نظام الأسد هو أقل الضررين. لکن مع تعنت الأسد، إنقلبت السعودية ضده عبر قطع علاقتها السياسية وسحب سفيرها فى اغسطس 2011, و نقل عن الملک عبد الله قوله:" سقطت أعداد کبيرة من الشهداء, وأريقت دماؤهم, و أصيبت أعداد أخري کثيرة. وهذا لايتوافق مع تعاليم الدين الإسلامي والقيم والأخلاق. وإني أدعو نظام الأسد بأن يوقف ألة القتل و إراقة الدماء قبل فوات الآوان"43.

     تصاعدت حدة العنف ضد المتظاهرين المدنيين. لذا, اعتقدت الحکومة السعودية أن دعم نظام الأسد ينبغي أن يتوقف, و ينقل هذا الدعم إلي معارضى الأسد. دعمت المملکة قرار الجامعة العربية بتعليق عضوية سوريا في نوفمبر2011. و في عام 2012, بدأت المملکة فى دعم فصائل المعارضة المسلحة44.

     تطورت الحرب الأهلية في سوريا إلي حرب بالوکالة بين السعودية و إيران. ففي الوقت الذي زودت فيه إيران القيادة السورية بالأسلحة, نجد أن السعودية قامت بزيادة دعمها للثوار. کانت السعودية تري أن الإطاحة بنظام الأسد واستبداله بنظام موالي للسعودية سوف يقلل بشکل کبير من النفوذ الإقليمي لإيران, و بالتالي النفوذ الإقليمي للسعودية سوف يزداد بشکل کبير. لذا, فإن الإطاحة بنظام الأسد و من ثم الإطاحة بالمحور السوري - الإيراني سوف يصب في مصلحة المملکة45.

 5-5 الأزمة اليمنية

     تمثل اليمن العمق الإستراتيجي للمملکة بسبب الجوار الجغرافي, فضلاً عن أن اليمن تمثل البوابة الجنوبية للمملکة. لذا, تعتقد السعودية أن أي تطور في الأحداث علي الساحة اليمنية سوف ينعکس بشکل مباشر علي المملکة46. لذا, سارعت السعودية بعد إندلاع الثورة اليمنية إلي إحتواء الموقف من خلال المبادرة الخليجية. وقد وقع علي هذه المبادرة جميع الأطياف السياسية اليمنية, فيما عدا جماعة أنصار الله الحوثية, حيث أن هذه المبادرة منحت حصانة لنظام صالح, وهو الأمر الذي رفضته جماعة أنصار الله الحوثية. دعت هذه المبادرة الرئيس صالح إلي نقل سلطاته إلي نائبه, عبد ربه منصور هادي, و تنفيذ سلسلة من الإجراءات بهدف تهدئة المتظاهرين عن طريق الدعوة إلي الإنتخابات, و تشکيل دستور جديد47.

     إزدادت الأزمة اليمنية سوءاً ، واکتسبت المواجهات بُعد إقليمي نتيجة للإتهامات المتبادلة والمتصاعدة بين السعودية وإيران بشأن الموقف في اليمن. تتهم السعودية إيران بدعم جماعة أنصار الله الحوثية بالأموال والأسلحة, إذ أن المملکة تدرک أن إيران تسعي إلي إحکام سيطرتها علي باب المندب و خليج عدن, و من ثم التأثير علي أمن البحر الأحمر, فضلاً عن تهديد أمن المملکة وحلفائها الخليجيين عن طريق توسيع نفوذها في المنطقة48. ومن الجدير بالذکر أن الصراع السعودي - الإيراني في اليمن هو مصدر قلق کبير للمملکة, إذ أن نجاح إيران في التوسع في العراق و سوريا, فضلاً عن تأجج الموقف في البحرين أدي إلي زيادة القلق السعودي من تطور الأوضاع علي الساحة اليمنية.

5-6 النفوذ الإيراني

     تميزت العلاقات السعودية - الإيرانية تحت حکم الملک عبدالله بالعداء الديني,  و التنافس علي المصالح الجيوستراتيجية والسياسية, وأيضاً التنافس علي الهيمنة الإقليمية. قبل إندلاع ثورات الربيع العربي, إمتد نفوذ إيران في الدول التي تهمين عليها السنة مثل العراق، ولاسيما بعد سقوط حکومة البعث بقيادة صدام في عام 2003, کما إمتد نفوذها في لبنان وفلسطين. فضلاً عن أن الهجوم السعودي علي المتمردين الشيعة في اليمن في عام 2009 أدي إلي تصاعد التوترات بين الرياض و طهران, مما أسفر عن صراع شيعي- سني49.

      تواجه السعودية أيضاً عقبة تطوير إيران لبرنامجها النووي. وقد أعرب وزير الخارجية السعودى الأمير سعود الفيصل عن شکه بجدوى فرض أى عقوبات جديدة مقترحة على إيران بسبب برنامجها النووى، وشدد علي أن المجتمع الدولي لا ينبغي أن يسمح لإيران بإمتلاک أسلحة نووية. وقد صرح الفيصل فى مؤتمر صحفى مشترک مع وزيرة الخارجية الأمريکية هيلارى کليبنتون عُقد فى الرياض فى 15 فبراير 2010 :"  أن العقوبات حل طويل الأمد. قد تنجح العقوبات، ولکننا لا نستطيع أن نحکم بذلک. الآن نحن ننظر إلى الموضوع على المدى القصير لأننا أقرب إلى مصدر الخطر، ولذا فإننا بحاجة إلى حل فورى وليس حلا متدرجًا" 50

5-7 الموقف السعودي من الأحداث في مصر

     دعمت الرياض نظام مبارک, وسعت إلي إقناع إدارة أوباما في الإستمرار في دعمها لمبارک. لکن, تخلت إدارة أوباما عن مبارک. کانت الرياض تخشي من أن الإطاحة بنظام مبارک سوف يثير شعوب الدول العربية ضد أنظمتهم أيضاً. بالإضافة إلي أن النظامين المصري والسعودي شکلاً تحالفاً مع الولايات المتحدة لإحتواء نفوذ إيران في الشرق الأوسط. وبالتالي فإن الإطاحة بنظام مبارک قد يغير السياسة المصرية تجاه إيران، وبالتالى يغير  توازن القوي الإقليمي, و يخدم الأطماع الإقليمية الراديکالية لطهران. وفي أعقاب الإطاحة بنظام مبارک, وتولي الإخوان المسلمين حکم مصر, کان النظام السعودي متوجساً من أن يقيم الإخوان المسلمين علاقات قوية مع إيران وحلفائها (سوريا وحزب الله), و أن يبدءوا حرب دعائية ضد إسرائيل و الولايات المتحدة, و أن يبطلوا معاهدة السلام المصرية– الإسرائيلية (1979)51. و تتناقض السيناريوهات الثلاثة السابقة مع المصالح الإستراتيجية السعودية. فالتقارب المصري الإيراني سوف يدعم قوة إيران في الشرق الأوسط علي حساب السعودية. و الدعاية المصرية ضد إسرائيل و الولايات المتحدة قد  يروق لقطاعات عريضة من الشعب السعودي, الذي قد يمارس الضغط علي النظام السعودي و يطالبه بإلغاء تحالفه الإستراتيجي مع الولايات المتحدة. کما أن إلغاء معاهدة السلام المصرية - الإسرائيلية سوف تزيد من إحتمالية إندلاع حرب عربية - إسرائيلية جديدة،  الأمر الذى  سعت المملکة إلي منعه منذ نهاية حرب اکتوبر 521973.

     کانت السعودية تنظر إلي القيادة السياسية للإخوان المسلمين في مصر علي أنها تمثل خطر و تهديد لمصالحها. لذا، عندما أطاح الجيش المصري بالرئيس مرسي في يونية 2013, دعم النظام السعودي بقوة الجيش المصري. وکان الموقف السعودي متناقضًا مع الدول الأوروبية و قطر و الولايات المتحدة. وقد صرح الملک عبد الله بعد الإطاحة بمرسي فى 16 أغسطس 2013 قائلاً:" شعب و حکومة المملکة العربية السعودية وقف و لا يزال يقف اليوم مع أشقائنا في مصر ضد الإرهاب والتطرف والفتنة, وضد أي فرد يسعي إلي التدخل في الشئون الداخلية لمصر". لم يقتصر دعم النظام السعودي للقوات المسلحة المصرية علي الدعم السياسي, حيث أنه منح مصر 5 مليار دولار. وقد علقت الولايات المتحدة و الإتحاد الأوروبي مساعدتهم الإقتصادية لمصر, لکن الحکومة السعودية تعهدت بأن تعوض مصر عن تلک المساعدات الأجنبية53.

5-8 القضايا الجدلية بين المملکة العربية السعودية و الولايات المتحدة

     تقوم العلاقات السعودية - الأمريکية علي مبدأ "النفط مقابل الأمن". و قد تميزت هذه  العلاقات بالمصالح الأمنية و الإقتصادية و العسکرية بين الطرفين54. لم يزعزع هذه العلاقات الصراع العربي - الإسرائيلي في أعوام 1948, 1967, ،1973 ولم يزعزعها أيضاً حظر النفط الذي فرضته السعودية في عام  551973. و بالرغم من أن العلاقات بين الطرفين توترت بعد أحداث 11سبتمبر, 2001, التي قام بتنفيذها 19 إرهابي, من بينهم 15 سعودي, إلا أن الطرفين کانوا قادرين علي تجاوز هذه الأزمة و تطوير علاقاتهم الأمنية من خلال جهود المملکة في محاربة الإرهاب, و من خلال تعاونهم الأمني56. لکن, العلاقات السعودية - الأمريکية شهدت تحديات عديدة. سوف تفحص الدراسة هذه التحديات في القسم القادم:

5-8-1 التقارب الأمريکي - الإيراني

     المفاوضات الامريکية - الإيرانية التي بدأت منذ تولي باراک أوباما الحکم في آوائل 2009, و تکثفت منذ آواخر 2001 کانت بمثابة صدمة للسعودية. فالمملکة تخشي من التدخل الإيراني في کثير من الملفات العربية في العراق, وفلسطين, ولبنان, وسوريا, وکانت تخشي أيضاً من الإحتقان الطائفي المتزايد في المنطقة, الأمر الذي يؤدي إلي زيادة العبء علي المملکة نفسها فيما يتعلق بکيفية التعامل مع الأقلية الشيعية في منطقتها الشرقية57.

5-8-2 سياسة أوباما تجاه مصر بعد ثورتي 25 يناير و30 يونيه

      لم يدعم أوباما مبارک ضد الاحتجاجات التي حدثت في يناير 2011. أغضب هذا الأمر المسئولين السعوديين لأنهم اعتقدا أن أوباما تخلي عن صديق مشترک, وفشل في دعم حليف قديم. اعتقدت الحکومة السعودية أن الإخوان المسلمين يفرضون تهديداً علي مصالح المملکة. وعلي النقيض من ذلک, وصفت إدارة أوباما الإخوان المسلمين بالجماعة المعتدلة التي من الممکن أن تشارک في العملية السياسية. وقد رفعت إدارة أوباما الحظر الذي کان مفروضاً علي الإتصال بجماعة الإخوان المسلمين. ورحبت إدارة أوباما أيضاً بإجراء انتخابات في مصر, التي أسفرت عن فوز کاسح للإخوان المسلمين في الإنتخابات البرلمانية. بالإضافة إلي أنها انتقدت قرار الجيش المصري بالإطاحة بالرئيس محمد مرسي في عام 2013. و علي خلاف أوباما, دعم الملک عبد الله القيادة الجديدة, وقدم لمصر منحة غير مشروطة تقدر بحوالي 5 مليار دولار58.

5-8-3 الثورة السورية

     اتفقت السعودية وإدارة أوباما في بداية الأمر علي الإطاحة بنظام الأسد. لکن, السعودية رأت أن اوباما لم يبذل جهوداً کبيرةً لتحقيق هذا الغرض, حيث أنه رفض أن يرسل أسلحة وأموال إلي معارضى النظام السوري. وفي عام 2012, أعلن أوباما أن استخدام الأسلحة الکيميائية يعتبر خط أحمر. لکن, عندما أستخدم الأسد غاز السرين علي المدنيين في غوطتي دمشق الشرقية في 2013, تراجع أوباما عن الخيار العسکري, وأتفق مع روسيا علي نزع الأسلحة الکيميائية لسوريا. لذا, کان سلوک أوباما مصدراً للتوتر بين البلدين. في الواقع أن المسئولين السعوديين کانوا يتحدثون عن عدم مصداقية أوباما, حيث کان ما يقوله خلاف ما يفعله, وتساءلوا ما إذا کان أوباما لديه الرغبة في الإطاحة بنظام الأسد59.

       وعلاوة على ما سبق من حدوث خلافات فى وجهات النظر بين القيادتين الأمريکية والسعودية، فقد حدث بعض التغيرات في مبدأ النفط مقابل الأمن، تلک المبدأ الذي صاغ العلاقات السعودية - الأمريکية لعقود. و فيما يخص النفط, قللت الولايات المتحدة من اعتمادها علي النفط السعودي نتيجة لإکتشاف وإنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة. لکن, لا تزال الولايات المتحدة تعتمد علي الدور المهم الذي تلعبه السعودية في السيطرة علي أسعار النفط في سوق النفط العالمي نظراً لاحتياطاتها الضخمة من النفط. و فيما يتعلق بالأمن, فإن الولايات المتحدة حولت إهتمامها الاستراتيجي صوب أسيا "Pivot to Asia" تحت إدارة أوباما. فقد نقلت بعض القوات الأمريکية من منطقة الخليج إلى منطقة أسيا والباسيفيک. السعودية, من جانبها, لم تعد تعتمد علي مظلة الأمن الأمريکي وحدها لحماية أمنها. والأسباب التي تکمن وراء ذلک هي: أولاً, تسعي السياسة الأمريکية إلي تقوية الدول الحليفة عسکرياً لتقليل اعتمادها بشکل مباشر علي الدعم الأمريکى العسکري المباشر. هذا يتوافق مع الإستراتيجية الأمريکية الجديدة التي تسمي إستراتيجية توازن التعهيد الخارجي "offshore balancing strategy", التي تمنع الإنخراط العسکري المباشر في القضايا التي لاتؤثر علي مصالحها الحيوية. ثانياً, تراجع الدور الأمريکي في الشرق الأوسط بعد ثورات الربيع العربي60. لذا, حافظت المملکة علي خياراتها المفتوحة بدون التخلي عن علاقتها الإستراتيجية الطويلة مع الولايات المتحدة. علي سبيل المثال, قامت المملکة بتشکيل تحالفات مع قوي إقليمية ودولية مثل التحالف الخليجي في الأزمة البحرينية, و التحالف الدولي ضد الإرهاب في 2015. فضلاً عن أن السعودية سعت إلي تقوية علاقاتها مع الصين, وروسيا, وبعض الدول الأوروبية. لکن, المملکة أيضا کانت حريصة علي إستدامة تحالفها الاستراتيجي مع الولايات المتحدة فى نفس الوقت لتحقيق التوازن الإقليمي ضد إيران. الولايات المتحدة, من جانبها, تري أن السعودية حليف يعتمد عليه في سوق الطاقة العالمي61.

سادساً: الخاتمة والنتائج:

     تناولت الدراسة السياسة الخارجية أثناء حقبة الملک عبدالله بن عبد العزيز في الفترة من 2005 إلي 2015, حيث تم تقسيم الدراسة إلي محورين: الأول يتناول السياسة الخارجية السعودية في فترة ما قبل الربيع العربي (2005-2010), واثانى يتناول تلک السياسة فى فترة ما بعد الربيع العربى (2011 – 2015)، وذلک للوقوف علي مدي التغير والاستمرار في السياسة الخارجية للمملکة في الفترتين.

      استخدمت الدراسة منهج المصلحة الوطنية, الذي يرتکز علي حقيقة أن تحقيق المصلحة الوطنية هو الهدف الأسمي للسياسة الخارجية لأي بلد. وقد ظهرت أهمية هذا المنهج في تلک الدراسة, حيث أن المصلحة الوطنية هي القوي المحرکة للسياسة الخارجية السعودية في فترتي ما قبل الربيع العربي وبعده. وقد اتضح هذا في تناول المملکة لقضايا السياسة الخارجية في الفترتين.

       السياسة الخارجية السعودية في فترة ما قبل الربيع العربي کانت قائمة علي سياسة رد الفعل ""reactive. علي سبيل المثال, أقامت السعودية علاقات قوية مع الصين و روسيا و الهند و باکستان کرد فعل علي اعتراضها علي الغزو الأمريکي للعراق, و الإطاحة بنظام صدام, حيث أن المملکة کانت تنظر إلي العراق تحت حکم صدام بأنها حائط صد ضد إيران, الخصم الإقليمي للمملکة. لذا, سعت المملکة إلي ضمان تحقيق مصالحها الوطنية مع الدول الأخري, و تقليل وإنهاء الصراعات مثلما حدث في فلسطين ولبنان والعراق, وذلک نظراً لأن عدم استقرار المنظمة العربية سوف يؤثر سلباً علي أمن السعودية ومصالحها الوطنية. فقد نجحت المملکة فى عمل مصالحة بين الأطراف الفلسطينية المتصارعة (حرکتى فتح وحماس) أثناء الحرب الأهلية الفلسطينية فى عام 2006، ووضع المبادئ الأساسية لإنشاء حکومة موحدة. کما سعت المملکة أيضاً إلي استقرار دول الخليج لأنها تعتبر أن أمن دول الخليج جزء لا يتجزأ من أمن السعودية، وذلک من خلال التنسيق والتعاون الاقتصادى الأمنى مع دول الخليج. کما نجحت المملکة، من خلال التواصل مع المجتمع الدولى، فى وقف الغارات الإسرائيلية على بيروت، والهجوم البرى على الجنوب اللبنانى.

     وفي أعقاب إندلاع ثورات الربيع العربي, تغيرت السياسية الخارجية السعودية لتصبح سياسة إستباقية proactive"". فقد تعاملت مع دول ثورات الربيع العربي من خلال انتهاج سياستين مختلفين, فنجد أنها تعاملت مع بعض الدول علي اعتبار أنها مؤيدة للثورة, ومع دول أخري کانت مناهضة للثورة, وذلک وفقاً لمصلحتها الوطنية. علي سبيل, کانت السعودية تخشي من التدخل الإيراني في اليمن ودعمها لجماعة أنصار الله الحوثية, إذ أن السعودية کانت تدرک أنه في حالة سيطرة إيران علي اليمن, فسوف تسيطر بالتالي علي ممرات المياه, وتهدد الحدود الخلفية للمملکة, الأمر الذي سوف يفرض تهديداً مباشراً علي أمنها القومي. لذا سعت إلي أن يتولي حکم اليمن حکومة موالية لها. وسعت السعودية أيضاً إلي تقليل النفوذ الإيراني في البحرين. کما أن السعودية دعمت التدخل الخارجي في ليبيا والإطاحة بنظام القذافى. کما دعم النظام السعودي المعارضة السياسية و العسکرية لنظام الأسد.

      وعلي الجانب الأخر, کانت الحکومة السعودية قوة مناهضة للثورة في التعامل مع الربيع العربي في البحرين, وذلک للحفاظ علي حکم آل خليفة، حيث أنها کانت تخشي من إزدياد النفوذ الإيراني في البحرين, وإستبدال النظام السني بنظام آخر شيعي, مما يزيد من النفوذ الإيراني في منطقة الخليج, ومن ثم يهدد الأمن القومي للسعودية ودول الخليج. لذا, تدخلت السعودية عسکرياً في البحرين لدحض المحاولات الإيرانية التي تهدف إلي زيارة النفوذ الإيراني في دول الخليج.

       أيدت السعودية أيضاً الإطاحة بالإخوان المسلمين في مصر, حيث أن الثوابت السعودية فيما يتعلق بأنظمة الحکم في الدول العربية المحيطة بها تتمثل في منع أي مشروع إسلام سياسي من الوصول إلي السلطة في أي بلد عربي عن طريق صناديق الإقتراع, ولا سيما الإخوان المسلمين. الرياض تعتقد أن حدوث مثل هذا الأمر سوف يشکل تهديد وجودي للمملکة من جانبين: الأول, هذا الأمر سوف يکون مدخلاً للإسلام السياسي لکسب السلطة عن طريق شرعية شعبية, الأمر الذي قد يمنح الشعوب نموذجاً منافساً للنظام السعودي. الثاني, کانت المملکة تخشي من أن الشعب السعودي يؤمن بالنماذج المحيطة في الدول العربية, و يقارنها بالنظام الحالي في المملکة. وفى واقع الأمر أن الإخوان المسلمين فرضوا تهديداً علي النظام الحاکم في السعودية, وبالتالي, دعمت السعودية الإطاحة بالإخوان المسلمين في مصر, وأدرجتهم علي قوائم الجماعات الإرهابية.

     وقد توصلت الدراسة إلي النتائج التالية: أولاً, الإستمرار کان السمة المميزة للسياسة الخارجية السعودية في فترة ما قبل الربيع العربي. لکن, في أعقاب الربيع العربي تغيرت السياسة الخارجية السعودية من سياسة رد الفعل إلي سياسة استباقية. ثانياُ, المصلحة الوطنية هي الهدف الأسمي الذي تسعي السعودية إلي تحقيقه, إذ أن الاستمرار أو التغير في السياسة الخارجية السعودية محکوماً بتحقيق المصلحة الوطنية. ثالثاُ, برغم عدم الإتفاق بين الولايات المتحدة والسعودية حيال دول الربيع العربى، وتوجه الولايات المتحدة صوب آسيا, والتقارب الأمريکي- الإيراني, إلا أن التحالف بينهما ظل ثابتاً بسبب اساس هذا التحالف القوي القائم علي المصالح المتبادلة. وبناءً عليه, تميزت السياسة الخارجية بالاستمرار في مرحلة ما قبل الربيع العربي, وتميزت بالتغير في مرحلة ما بعد الربيع العربي, والمصلحة الوطنية کانت المحرک للسياسة الخارجية السعودية الذى يدفعها نحو الاستمرار أو التغير.

 

(1)               إبراهيم إبراش, علم الإجتماع السياسي: مقاربة ابستمولوجية ودراسة تطبيقية علي العالم العربي, بيروت: منشورت أي, 2011, ص13.
(2)               خالد حامد صالح شنيکات, "سياسة الولايات المتحدة الأمريکية تجاه هيئة الأمم المتحدة (1990- 2004)", رسالة دکتوراه غير منشورة, القاهرة: کلية الاقتصاد والعلوم السياسية, جامعة القاهرة, 2005، ص ص 114-115.
(3)               Roskin, M. G. (1994), "Political Science: An Introduction, New Jersey: Prentice – Hall International, INC, 1994, pp.3-4.
(4)               نجلاء محمد مرعي, "تأثير البترول في توجهات السياسة الخارجيةالأمريکية تجاه افريقيا بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 ", رسالة دکتوراه غير منشورة, القاهرة: کلية الاقتصاد والعلوم السياسية, جامعة القاهرة, 2011، ص. 223
(5)               محمد طه بدوي وآخرون, "مدخل إلي علم العلاقات الدولية", الإسکندرية: دار فاروس العلمية, 2015, ص. 42
(6)               محمد السيد سليم، تحليل السياسة الخارجية، القاهرة: مکتبة النهضة المصرية، 1998.
(7)               صبري إسماعيل مقلد, "السياسة الخارجية: الأسس النظرية و التطبيقات العملية", القاهرة: المکتبة الأکاديمية, 2013, ص. 127.
(8)               أيمن إبراهيم دسوقي, "السلوک الترکي تجاه القضايا العربية (1990-1997)", رسالة ماجستير غير منشورة, کلية الاقتصاد والعلوم السياسية, جامعة القاهرة, ص ص 10-11.
  (9) Hermann, C. F. (1990),  Changing course: when government choose to redirect, International Studies Quarterly, Vol. 34, No.1, PP. 3-21, available at:  https://doi.org/10.2307/2600403
 (10) Holsti, K. J. (1983), "International Politics: A framework for Analysis", Prentice Hall, London, P. 4.
(11) Goldmann, K. (1988), "Change and stability in Foreign Policy",Princeton University Press, Princeton.
(12) Younis, M. et al. (2008), Political stability and economic growth in Asia", American Journal of Applied Science, Vol.5, No. 3, PP. 203-208.
(13) Niklasson, T. (2006), "Regime Stability and Foreign Policy Change: Interaction between Domestic and foreign policy in Hungary 1956-1994", Lund University, Lund, Sweden.
(14) Bronson, R. (2015), A New King for Saudi Arabia, Foreign policy Research institute, available at: https://www.fpri.org/article/2015/01/a-new-king-for-saudi-arabia
(15) Afro Middle East (2016), Evolving Saudi foreign policy: same goals, different threat perception,  available at:
file:///D:/Evolving%20Saudi%20foreign%20policy_%20Same%20goal,%20different%20threat%20perceptions%20-%20Afro- Middle%20East%20Centre.html  
(16) Shoaib, M. (2016), Evolving Saudi foreign policy post Arab Spring, available at: https://ssii.com.pk/wp-content/uploads/2018/06/Evolving-Saudi-Foreign-Policy-Post-Arab-Spring-Muhammad-Shoaib.pdf
(17) Ibid
 (18) مساعد بن سالم الرشيدي," موقف المملکة العربية السعودية من القضية الفلسطينية (1982-2014)", رسالة دکتوراة منشورة, الاردن: جامعة مؤتة, 2015, متاح على الرابط التالى:
19) Shoaib, M. (2016), Op.icit.
 (20) أمجد أحمد, السياسة السعودية تجاه الأزمة السياسية في لبنان: مظاهر الإهتمام وحدود الفاعلية, مجلة القدس, 2008، ع 112, ص ص 41-46.
(21) وزارة الخارجية السعودية, السياسة الخارجية السعودية في مائة عام, مؤسسة الدراسات الدبلوماسية, متاح علي الرابط التالى:
(22) عبد الرحمن ناصر, العلاقات السعودية الإماراتية: المشکلات العالقة, ساسة بوست, 14 مارس 2014, متاح علي الرابط التالي: http://www.sasapost.com/saudi-arabia-and-emirates/
(23) لاي کلاي اوربون, "علاقات المملکة العربية السعوجية بالدول الأخري الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي", صحيفة التقرير, 2 أغسطس 2015, متاح علي الرابط التالي: http://altagreer.com
(24) عبد العزيز مربيد عوض العنزي, "التغير في السياسة الخارجية السعودية: دراسة مقارنة لفترة حکم الملک فهد والملک عبدالله (1982-2015)", الأردن: جامعة مؤتة, 2017, ص ص 136-137.
(25) لاى کلاى أوريون، مرجع سبق ذکره.
(26) صلاح عبد اللطيف, "السياسة الخارجية العمانية: عمان بين الخليجيين وإيران, 15/9/2015, متاح علي الرابط التالي: http://www.masralarabia.com.
(27) عبد المالک سالمان, الإتحاد الخليجي: الخيار المصيري في مواجهة التحدي الإيراني, أخبار الخليج, ديسمبر 2012, متوفر علي الرابط التالي:
(28) علي محمد فخرو, "تحويل مجلس التعاون الخليجي إلي إتحاد خليجي", مجلة المستقبل العربي, مجلد 35, عدد 402, 2012, ص ص 7-12.
 (29) مريم يوسف البلوشى، أثر العلاقات العمانية الإيرانية فى أمن دول مجلس التعاون بعد الربيع العربى، مجلة المستقبل العربى، مجلد 38، عدد 445، 2016، ص ص 50 – 67.
(30) صلاح عبد اللطيف، مرجع سبق ذکره.
(31) ياسمين السليمان, بموقفها من إيران.. عمان ملتزمة خليجياً رغم حيادها التاريخي, الخليج أونلاين 7/1/2016, متاح علي الرابط التالي:
(32) عبد الرحمن بن صالح المطيرى، العلاقات السعودية الاماراتية السياسية خلال الفترة (1972 – 2014): دراسة فى العلاقات السياسية، رسالة ماجستير، الاردن: جامعة مؤتة، 2014، ص ص 133 – 136.
(33) مرکز الإمارات للدراسات والإعلام (ايماسک)، دعم الإمارات للمخلوع اليمنى وعائلته يهدد أمن الخليج، 12 أغسطس 2015، متاح على الرابط التالى: file:///C:/Users/compu/Downloads/
(34) Al-Serhan, S. F. et al (2017), Challenges facing national security in the Arab Gulf states: A case study of Bahrain, International Journal of Humanities and Social Science, Vol.7, No. 12, December, available at:  file:///C:/Users/compu/Downloads/Challenges_Facing_National_Security_in_t.pdf 
(35) Terrill, A. (2011), The Saudi-Iranian rivalry and the future of Middle East security, Strategic Studies Institute, U.S Army War College, USA, PP. 12-20, available at: file:///C:/ Users/compu/Downloads/Document/2167.pdf.
(36) Cerioli, L. G. (2018), Roles and international behavior: Saudi- Iranian rivalry in Bahrain's and Yemen's Arab Spring,  available at:
(37) Rieger, R. (2014) "In search of Stability: Saudi Arabia and the Arab Spring". In: Saudi Arabia and the Arab Uprising: National, Regional and Global Responses, Gulf Research Meeting, GRM, Cambridge, available at: https://www.files.ethz.ch/isn/182104/GRM_Rieger_final__09-07-14_3405.pdf
(38) Gause, G. (2014), Beyond sectarianism: the new Middle East Cold War", Brookings Doha Center Analysis, Paper 11, available at: https://www.brookings.edu/wp-content/uploads/2016/06/English-PDF-1.pdf
(39) Pepe Escobar, P. (2011), "Exposed: The US- Saudi Libya deal, Asia Times online, April 2, available at:
(40) Mezrand, K. and Varvelli, A. (2017), "Foreign Actors in Libya's Crisis, Atlantic Council,  Ledizioni Ledi publishing, Milano, Italy, available at: file:///C:/Users/compu/Downloads/Documents/Libia_web.pdf
(41) Rieger, R., Op. cit, p.12.
(42) صحيفة إندبندنت العربية (2019)، بندر بن سلطان: السعودية حذرت الأسد من إنقلاب الوضع فى سوريا 3 مرات وارسلت له سرًا 200 مليون دولار دعمًا للإصلاحات، متاح على الرابط التالى: https://www.independentarabia.com/node/7521/
 (43) علاء عبد الرزاق, "العلاقات السرية- السعودية: الماضي والحاضر والمستقبل", مجلة آراء حول الخليج, العدد 91, 2012, ص ص 38-39.                    
(44) MacFarquhar, N. (2011), Saudi Arabia scrambles to limit region's upheaval, The New York Times, May 27, available at:
(45) محمد سليمان الزواوى، إيران والثورة السورية: تحول الخريطة الإقليمية، التقرير الإستراتيجى الصادر عن مجلة البيان، العدد 10، المرکز العربى للدراسات الإنسانية، 2013، ص ص 287 – 310، متاح على الرابط التالى:    http://search.mandumah.com/Record/454063    
(46) فرانسوا برجا  وآخرون, "اليمن و العالم: تفاعل اليمن والعالم في العقد الأخير من القرن العشرين", ندوة نظمها مرکز الدراسات المستقبلية, المرکز الفرنسي للدراسات اليمنية, القاهرة: مکتبة مدبولي, 2002.
(47) أمنة إبراهيم القرم, "السياسة الخارجية الأمريکية تجاه القوي الإقليمية في الشرق الأوسط وأثرها علي النظام الإقليمي في عهد الرئيس باراک أوباما", رسالة دکتوراه غير منشورة, کلية الاقتصاد و العلوم السياسية, جامعة القاهرة, 2017, ص 115.
(48) أحمد عردوم, الصراع السعودي - الإيراني وتأثيره علي اليمن, مجلة العلوم الإجتماعية والقانون, العدد 2, مارس 2017, متاح علي الرابط التالي:https://democraticac.de/?p=45025
(49) Amiri, R. E. et al. (2011), The Hajj and Iran's foreign policy towards Saudi Arabia, Journal of Asian and African Studies, Vol. 46, No. 6, PP. 678- 690, available at: https://journals.sagepub.com/doi/pdf/10.1177/0021909611417546
 (50) BBC News (2010), Saudi FM Al-Faisal Doubts Iran Sanctions Plans, 16 February, available at: http://news.bbc.co.uk/2/hi/8517308.stm
(51) Al-Tamamy, S. M. (2012), Saudi Arabia and the Arab Spring: opportunities and challenges of security, Journal of Arabian Studies, No. 2, available at:
(52) Rieger, R., Op cit, p. 10
(53) Hearst, D. (2013), Why Saudi Arabia is taking a risk by backing the Egyptian coup, the Guardian, August 20, available at: http://www.theguardian.com/commentisfree/2013/aug/20/ saudi-arabia-coup-egypt.
(54) Bronson, R. (2010)  Rethinking religion: the legacy of US – Saudi relations, The Washington Quarterly, Vol.28, No. 4, pp. 119 – 137, available at: www.mafhoum.com/press8/249p5.pdf.
(55) Blanchard, C. M. (2017), "Saudi Arabia: background and US relations", Congressional Research Service, 22 November, available at:  https://digital.library.unt.edu/ark:/67531/metadc1043189/m2/1/ high_res_d/RL33533_2017Nov22.pdf
(56) Merritt, Z. D. (2009), Combating terrorism: US agencies report progress countering terrorism, September 2009, available at: www.gao.gov/assets/ 300/295873.pdf
(57) McDowall, A. (2013), Insight: Saudis brace for nightmare of US-Iran rapprochement, Reuters, 9 October, available at: www.reuters.com/article/us-saudi-usa-iran-insight/insight-saudis-bracefor-nightmare-of-u-s-iran-rapprochement-idUSBRE9980IT20131009.  
(58) Blanchard, C. M., Op. cit.
(59) Global Security (2017), US -Saudi Arabian Relations, available   at: www.globalsecurity.org/ military/world/gulf/sa-forrel- obama.htm
(60) Blanchard, C. M., Op cit.
(61) Miller, R. (2017), Saudi Arabia's security alliances: can Riyadh dominate the Middle East?, Foreign Affairs Journal, 13 October, available at: www.foreignaffairs.com/articles/saudi-arabia/2017-10-23/saudiarabias-security-alliances