" أثر تطبيق البراعة التنظيمية في استدامة الميزة التنافسية للمنظمات العامة " دراسة ميدانية على البنوک التجارية الحکومية في مصر

المقدمـــة:

تواجه المنظمات العامة المعاصرة باختلاف أنواعها وأنشطتها العديد من التحديات والمتغيرات السريعة والمتلاحقة وفي مقدمتها ثورة المعلومات والتکنولوجيا،      وعولمة الأسواق،  وزيادة حدة المنافسة بين تلک المنظمات  (Liang,2004,p204)           (Fiest,2009,p12)، وبالتالي أصبح التحدي أمام إدارات المنظمات هو کيفية التعامل مع هذه المتغيرات في ظل بيئة يسودها عدم التأکد(کشکوشة،2018، ص 429)، وهوما يتطلب إحداث نقلة نوعية داخل هذه المؤسسات بحيث ترتکز على معايير تقوم على المعرفة والقدرة على التنبؤ باستخدام قواعد بيانات ذکية مدعمة ببرمجيات وتطبيقات تکنولوجية تساهم في فهم جيد لبيئة الأعمال والاستجابة والتکيف مع متغيراتها (Foray,2014,p493) (Costa , 2012 , p 7256).

ولقد اکتسب مدخل البراعة التنظيمية أهمية کبيرة في الأدبيات المعاصرة (Kortmann,et.al., 2012, p2)، إذ يتطلب الأمر أن تکون المنظمات العامة منظمات بارعة تنظيميا ً لتحقيق التوزان بين أنشطة الاستغلال وأنشطة الاستکشاف بطريقة متوازنة، فالمنظمات تسعى لاستغلال إمکاناتها و مواردها بما يضمن لها کفاءة الاستخدام على المدى القصير، وفي الوقت ذاته تتطلع هذه المنظمات لموارد وفرص جديدة بما يمکنها من التکيف مع التغيرات البيئية وبما يضمن لها البقاء والاستمرار في المدى الطويل (Popadic, et.al.2015,p113)، بالتالي فالوصول للبراعة التنظيمية أمر ليس باليسير لأنه يتطلب أبعاد مختلفة أهمها براعة الاستغلال وبراعة الاستکشاف (Nemanich & Vera, 2009,p20)، وهو ما يفرض على المنظمات تحسين قدراتها وإمکاناتها  بما يضمن تجدد أصولها المعرفية بشکل مستمر و بما يساعدها على تحقيق الميزة التنافسية المستدامة (Swart & Kinnie,2010,p65).

أولاً : الإطار العام للبحث :

تقسيم البحث :

تبدأ الدراسة باستعراض المشکلة البحثية، أهمية الدراسة وأهدافها، نبذة عن الدراسات السابقة والتعقيب عليها، الفروض البحثية، منهجية البحث، حدود البحث، ومن ثم تقدم الدراسة إطار مفاهيمي عن متغيرات الدراسة الرئيسية البراعة التنظيمية والميزة التنافسية المستدامة ومتغيراتهما الفرعية، دراسة ميدانية تتناول أثر تطبيق البراعة التنظيمية على استدامة الميزة التنافسية في البنوک التجارية الحکومية في مصر، ومن ثم النتائج والتوصيات الملاحق.

1- المشکلة البحثية

يعد قطاع البنوک التجارية أحد أهم القطاعات الأساسية للاقتصاد المصري، ليس فقط لدوره الهام في حشد وتعبئة المدخرات ولکن لکونه أحد المعايير للحکم على سلامة الاقتصاد.

بالتالي لم تعد الأساليب التقليدية في أداء أعمال هذه البنوک ملائمة في ظل ديناميکية بيئة الأعمال، والتي أثارت العديد من التهديدات والضغوط على البنوک التجارية الحکومية، وأصبحت قدرة هذه البنوک مرهونة بامتلاکها ميزة تنافسية تضمن لها استدامة موقفها التنافسي من خلال زيادة حصتها السوقية ومتحصلاتها (غانم، 2013، ص 30).

وفي سبيل التعرف على أبعاد المشکلة البحثية وزيادة القدرة المعرفية بموضوع البحث من الناحيتين النظرية والعملية، وکذلک صياغة المشکلة بشکل علمي سليم، ووضع الفروض التي سيتم إثبات قبولها أو رفضها، قام الباحث بإجراء دراسة استطلاعية والتي ينظر إليها عادة على أنها الخطوة الأولى في سبيل زيادة المعرفة بمشکلة الدراسة وأبعادها (Hair,et.al., 2015, p133)، ومن خلال هذه الدراسة الاستطلاعية قام الباحث بعقد مجموعة من المقابلات الشخصية مع عدد 40 مفردة من العاملين في البنوک التجارية الحکومية المصرية للوقوف على المشکلات الواقعية للبنوک محل الدراسة، وکان محور هذه المقابلات يدور حول مدى الإدراک بمفهوم البراعة التنظيمية والميزة التنافسية المستدامة، ومدى أهمية وانعکاس مدخل البراعة التنظيمية في استدامة الميزة التنافسية، وقد کانت العبارات و نتيجة الإجابة عليها على النحو الوارد في الجدول رقم (1) کالتالي:

الجدول رقم (1) : إجابات عينة الدراسة الاستطلاعية

* المصدر : من إعداد الباحث

وقد أوضحت نتائج الدراسة الاستطلاعية عدم توافر الإدراک الکافي للعاملين بالبنوک التجارية الحکومية المصرية محل الدراسة بمفهوم وأبعاد البراعة التنظيمية (وفقا ً لاستجابة 38 موظف من العينة، وبنسبة 95 %)، وکذلک مفهوم وأبعاد الميزة التنافسية المستدامة (وفقا ً لاستجابة 29 موظف، وبنسبة 73 %)، کما بينت نتائج الدراسة الاستطلاعية على عدم وعي ووضوح العلاقة بين البراعة التنظيمية واستدامة الميزة التنافسية لدى العاملين بالبنوک التجارية الحکومية محل الدراسة الاستطلاعية (وفقا ً لاستجابة 35 موظف من العينة، وبنسبة 88 %)، وکذلک عدم وضوح الدور الذي يمکن أن يؤديه مدخل البراعة التنظيمية بأبعاده براعة الاستغلال والاستکشاف في استدامة الميزة التنافسية (وفقا ً لإجابات 32 موظف من العينة، وبنسبة 80 %).

کما أوضحت نتائج الدراسة الاستطلاعية عدم الکفاءة في استغلال الموارد المتاحة بالبنوک التجارية الحکومية في مصر بالشکل الأمثل وخاصة الموارد البشرية ويتضح ذلک من عدم تشجيع العاملين على المشارکة في اتخاذ القرارات وتمکينهم وتشجيع الأفکار الإبداعية (وفقا ًلإجابات 31 موظف، وبنسبة 78 %)، کما بينت نتائج الدراسة أن هناک حالة من البطء في التعامل مع متغيرات بيئة الأعمال وهو ما يؤثر على الاستجابة لرغبات العملاء والتميز بجودة الخدمة المقدمة (وفقا ً لإجابة 29 موظف، وبنسبة 73%)، بالإضافة إلى أن نتائج الدراسة الاستطلاعية بينت عدم اعتماد البنوک محل الدراسة على البعد البيئي في ممارستها أو إنشاء قيمتها السوقية (وفقا ً لإجابات 34 موظف، وبنسبة 85 %).

وقد تبين للباحث من خلال نتائج الدراسات السابقة، والدراسة الاستطلاعية لعدد من العاملين في البنوک التجارية الحکومية المصرية محل الدراسة أن المشکلة البحثية تتلخص في " قصور قدرة البنوک التجارية الحکومية محل الدراسة على استدامة ميزتها أو مزاياها التنافسية نتيجة عدم فهم وتطبيق مفهوم البراعة التنظيمية وأبعادها ".

2- أهمية البحث

2/1 - الأهمية العلمية 

تتمثل الأهمية العلمية لهذه الدراسة في الحداثة والندرة النسبية لموضوع البحث ومتغيراته على کل من المکتبة العربية عامة والمکتبة المصرية خاصة، ومن هنا يمکن القول أن البحث يتماشى مع التطور الإداري المنشود على مستوى المنظمات العامة، مما يجعل بحث هذا الموضوع ذو قيمة کبيرة تمثل إضافة دراسة جديدة في موضوع کما سبق ذکره لم يحظ بالکثير من البحث والدراسة من وجهة - نظر الباحث - ويفتح المجال أمام باحثين أخرين لتناول الموضوع من جوانب أخرى يمکن أن تسهم في تأسيس هذا الفکر.

2/2 - الأهمية العملية

يستمد البحث أهميته العملية مما يلى :

• §         مجال التطبيق وهي البنوک التجارية الحکومية بالقطاع المصرفي وهو أحد أهم القطاعات الأساسية للاقتصاد المصري لکونه أحد المعايير للحکم على سلامة الاقتصاد، کما يعتبر تطور وقوة أوضاع هذا القطاع معيار لإرساء أسس نمو اقتصادي قابل للتطور والاستمرار. 
• §         مساهمة البحث في تقديم بعض الجوانب التطبيقية للبنوک التجارية الحکومية لتصبح منظمات بارعة تنظيميا ً بما يساهم في استدامة مزاياها التنافسية.
• §         إلقاء الدراسة الضوء على مدى مواکبة المنظمات العامة وبالتحديد البنوک التجارية الحکومية  للأنظمة الإدارية الحديثة، وعلى وجه خاص تبني مفهوم البراعة التنظيمية.
• §         تقديم فهم وإدراک أوسع للميزة التنافسية المستدامة بالبنوک التجارية الحکومية وکيفية الحصول عليها والحفاظ على نموها واستمراريتها.
• §         تقديم توصيات للبنوک التجارية الحکومية تساهم توضيح في کيفية تطبيق أبعاد البراعة التنظيمية بما يعزز من تطبيق الميزة التنافسية المستدامة والمساهمة في زيادة فاعليتها .

3- أهداف البحث

يسعى البحث لتحقيق الأهداف التالية:

1. التعرف على أبعاد البراعة التنظيمية ومدى تطبيقها بالبنوک التجارية الحکومية محل الدراسة.

2. تحديد معايير تحقيق الميزة التنافسية المستدامة ومدى توفرها بالبنوک التجارية الحکومية محل الدراسة.

3. تحليل تأثير ممارسات أبعاد البراعة التنظيمية على استدامة الميزة التنافسية بالبنوک التجارية الحکومية محل الدراسة.

4. التوصل إلى مجموعة من النتائج والتوصيات التي تعظم الاستفادة من ممارسات البراعة التنظيمية في سبيل استدامة الميزة التنافسية بالبنوک التجارية الحکومية محل الدراسة.

4- الدراسات السابقة

يتناول الباحث في هذا الجزء ملخصاً لأهم الدراسات وسيتم عرضها وفقاً لما يلي :

4/1 - الدراسات المتعلقة بالبراعة التنظيمية :

تناولت دراسة (Bui, et.al, 2021) موضوع إدارة سلسلة التوريد المستدامة وعلاقته بالبراعة التنظيمية : توجه بتحليل البيانات،  وقد هدفت الدراسة لمراجعة الأدبيات القائمة على البيانات لاتجاهات إدارة سلسة التوريد المستدامة نحو البراعة والإضطراب التنظيمي، وقد توصلت الدراسة لوجود علاقة ارتباط قوي بين إدارة سلسلة التوريد المستدامة والبراعة التنظيمية، کما تناولت دراسة (Katou, et.al, 2021) تأثير الذکاء الاجتماعي للقائد ومشارکة العاملين والبيئة المتغيرة على البراعة التنظيمية وطبقت الدراسة على 657 موظف في مؤسسات خاصة يونانية، وقد توصلت الدراسة إلى أن الذکاء الاجتماعي للقائد له تأثير إيجابي أعلى على الإبداع من خلال أنشطة الاستکشاف، بالإضافة إلى ذلک فإن البيئة المتغيرة ديناميکيًا لها تأثير إيجابي أقل على الإبداع مقارنة بالتأثير الإيجابي على الإنتاجية. کما تناولت دراسة (أبو النجا، 2020) تحديد أثر تطبيق أبعاد القيادة الملهمة على البراعة التنظيمية لدى العاملين في شرکة سياک للبناء والتشييد، وتوصلت الدراسة لوجود أثر معنوي للقيادة الملهمة على البراعة التنظيمية ولکن بشکل جزئي. وقد سعت دراسة (العبيدي، 2020) لتناول دور القدرات التکنولوجية في تعزيز أبعاد البراعة التنظيمية بالتطبيق على عينة من العاملين في المديرية العامة للتربية في محافظة نينوى، وقد توصلت الدراسة إلى أن القدرات التکنولوجية واحدة من الوسائل المهمة التي يعتمد عليها في تحقيق البراعة التنظيمية من خلال منح العاملين الخبرات والمهارات اللازمة والتي تساعد متخذي القرار على اتخاذ القرارات السليمة في الوقت المناسب. هذا وقد تناولت دراسة (Garcia, et.al, 2020) موضوع نحو بناء ديناميکي للبراعة التنظيمية من خلال استکشاف أوجه التآزر بين التمايز الهيکلي والسياق التنظيمي والعلاقة بين المنظمات، وهدفت الدراسة إلى محاولة تقديم رؤية متکاملة للبراعة التنظيمية من خلال دور الوساطة الذي يمارسه السياق التنظيمي بين التمايز الهيکلي و العلاقة بين المنظمات، وقد أظهرت النتائج أنه يمکن الوصول إلى البراعة التنظيمية لحل توترات الاستکشاف والاستغلال عبر الوحدات التنظيمية المختلفة (التمايز الهيکلي) واختيار حل تلک التوترات خارج حدود الشرکة (العلاقات بين المنظمات) بالإضافة إلى أن البراعة المحددة على هذا النحو أظهرت نتيجة إيجابية على الأداء التنظيمي. کما أشارت دراسة  (Posch & Garaus, 2020) لتوضيح العلاقة بين التخطيط الاستراتيجي والبراعة التنظيمية، وتوصلت الدراسة إلى أن التخطيط الاستراتيجي يرتبط بشکل إيجابي فقط بالبراعة التنظيمية عندما يکون توجه القادة نحو الابتکار مرتفعًا. کما هدفت دراسة (نور، 2019) لاختبار أثر نظم المکافآت وإتخاذ القرارات على البراعة التنظیمیة في مستشفیات التأمین الصحي بوسط الدلتا، وأظھرت نتائج الدراسة وجود تأثیر إیجابي ومعنوي لنظم المکافآت وإتخاذ القرارات على الاستکشاف، کما أظھرت نتائج الدراسة وجود تأثیر إیجابي ومعنوي لنظم المکافآت وإتخاذ القرارات علي الاستغلال.

4/2 - الدراسات المتعلقة بالميزة التنافسية المستدامة

تناولت دراسة (علي، 2020) موضوع الريادة الاستراتيجية کمدخل لتحقيق الميزة التنافسية الاستراتيجية في المؤسسات التعليمية، وقد هدفت الدراسة لبيان متطلبات تبني مدخل الريادة الاستراتيجية في المؤسسات التعليمية لتحقيق الميزة التنافسية المستدامة، وقد توصلت الدراسة لوضع تصور مقترح لتفعيل دور الريادة الاستراتيجية في تحقيق الميزة التنافسية المستدامة في المؤسسات التعليمية. کما هدفت دراسة (الغامدي والسمحان، 2020) للتعرف على أثر علاقة الذکاء الاستراتيجي على الميزة التنافسية المستدامة في شرکة الاتصالات السعودية، وتوصلت الدراسة لعدة نتائج منها أن هناک درجة مرتفعة من الانطباع لدى عينة الدراسة نحو الذکاء الاستراتيجي والميزة التنافسية المستدامة، کما توصلت الدراسة إلى وجود علاقة ارتباط وتأثير ذات دلالة معنوية بين أبعاد الذکاء الاستراتيجي وتحقيق الميزة التنافسية المستدامة. وقد تناولت دراسة  (Mahdi,et.al., 2019) علاقة إدارة المعرفة بالميزة التنافسية المستدامة، وقد توصلت الدراسة إلى وجود علاقة إيجابية بين إدارة المعرفة بأبعادها (توليد و تخزين وتقاسم وتطبيق المعرفة) والميزة التنافسية المستدامة. بالنسبة لدراسة (عبدالعزيز، 2019) فقد هدفت لدراسة دور التماثل التنظيمي في دعم الميزة التنافسية المستدامة في الشرکة المصرية للاتصالات بمحافظة المنوفية، وقد توصلت الدراسة لعدم وجود اختلاف بين العاملين بالشرکة المصرية للاتصالات بمحافظة المنوفية فيما يخص أبعاد التماثل التنظيمي (الولاء التنظيمي، التشابه، العضوية) من ناحية وبين أبعاد الميزة التنافسية المستدامة (السمعة الاستراتيجية، المرونة الاستراتيجية، التميز بالجودة)،  کما توصلت الدراسة الدراسة إلى أن هناک علاقة ذات دلالة إحصائية بين أبعاد الدراسة.  کما تناولت دراستي (عثمان، 2019) و (Hakkak & Ghodsi, 2015) معرفة أثر بطاقة الأداء المتوازن على الميزة التنافسية المستدامة، وقد توصلت الدراستان إلى مجموعة من النتائج أهمها التأثير الکبير والإيجابي لتنفيذ بطاقة الأداء المتوازن بأبعادها على تعزيز الميزة التنافسية المستدامة. بينما دراسة (Guimaraes,2018) فقد هدفت لبحث تأثير الدوافع الاستراتيجية والمتمثلة أبعادها في (التوجه الريادي، توجه إدارة المعرفة، التوجه التسويقي) على الإنتاج النظيف والميزة التنافسية المستدامة، وقد خلصت الدراسة إلى وجود تأثير إيجابي کبير للدوافع الاستراتيجية على الميزة التنافسية المستدامة.هذا وقد تمحورت دراسة (Boussalem,2014) حول أهم المسائل المتعلقة بالصورة الذهنية للعلامة التجارية والميزة التنافسية المستدامة، وقد أظهرت نتائج الدراسة أن أبعاد العلامة التجارية المتکونة من (الوعي بالعلامة التجارية والجودة المدرکة والانشطة الترويجية والولاء للمارکة والارتباط بالعلامة التجارية) لها أثر إيجابي على تحقيق الميزة التنافسية المستدامة.

4/3 – الدراسات التي تناولت الربط بين البراعة التنظيمية والميزة التنافسية

استهدفت دراسة (صبح وآخرون، 2021) دراسة أثر البراعة التنظيمية بأبعادها (الاستغلال والاستکشاف) في تحقيق الميزة التنافسية بأبعادها (الکفاءة – الجودة – التجديد – الاستجابة لحاجات العميل) وذلک بالتطبيق على العاملين بالبنوک التجارية العامة والخاصة في محافظة المنوفية، وقد توصلت الدراسة لوجود تأثير معنوي للبراعة التنظيمية في تحقيق الميزة التنافسية، کما أن البعد الأول من أبعاد البراعة التنظيمية (الاستغلال) يؤثر بشکل کبير على أبعاد المتغير التابع بالترتيب التالي الکفاءة ثم التجديد ثم الجودة ثم الاستجابة لحاجة العميل، أما بالنسبة للبعد الثاني من أبعاد البراعة (الاستکشاف) يؤثر بشکل أکبر على بعد الکفاءة ثم التجديد فالجودة ومن ثم الاستجابة لحاجة العميل. کما هدفت دراسة (Clauss,et.al,2021) لإبراز العلاقة بين البراعة التنظيمية والميزة التنافسية من خلال دور الرشاقة الاستراتيجية في تعزيز الاستغلال والاستکشاف لموارد الشرکات الهندسية محل الدراسة، وقد توصلت الدراسة لمجموعة من النتائج أهمها أن البراعة التنظيمية والمرونة الاستراتيجية لها تأثير على تحقيق الميزة التنافسية. هذا وقد تناولت دراسة (Preda,2014) إلقاء الضوء على العلاقة بين البراعة التنظيمية والميزة التنافسية، وقد توصلت الدراسة إلى أن المنظمات البارعة لديها القدرة على المنافسة وتطوير منتجات وخدمات جديدة بما يحقق ميزة تنافسية للشرکات.

4/4 - التعليق على الدراسات السابقة

بعد استعراض الدراسات السابقة والاطلاع على نتائجها، ظهر بشکل واضح أهمية التعرف على دور البراعة التنظيمية في استدامة الميزة التنافسية، کما أن هذه الدراسات تبين حداثة الإهتمام بمتغيرات البحث الحالي (البراعة التنظيمية، الميزة التنافسية المستدامة)، في ضوء ما يلي :

- ساعدت الدراسات السابقة الباحث على الإدراک الجيد لمتغيرات الدراسة الرئيسية البراعة التنظيمية و الميزة التنافسية المستدامة.

- من خلال الرجوع للدراسات السابقة تعرف الباحث على الجوانب البحثية التي تم تناولها لمتغيرات الدراسة، بجانب الوقوف على الجوانب التي تحتاج لجهد بحثي أکثر لتغطيتها في الدراسة الحالية.

- ظهور مدخل جديد يضمن للمنظمة حسن استغلال مواردها من جهة، ومن جهة أخرى اکتشاف فرص جديدة وهو مدخل البراعة التنظيمية.

- اتفقت الدراسات السابقة ومنها دراسات (أبو النجا، 2020) (العبيدي، 2020)   (Posch & Garaus, 2020) (نور، 2019) على أهمية البراعة التنظيمية واتفقت على أن أبعاد البراعة التنظيمية تتمثل في الاستغلال والاستکشاف.

- وبالنسبة للدراسات السابقة المرتبطة بمتغير الميزة التنافسية المستدامة فقد اتفقت دراسات (Mahdi,et.al., 2019) دراسة (Guimaraes,2018) على أهمية إدارة المعرفة في تحقيق الميزة التنافسية، کما اتفقت دراستي (عثمان، 2019) و (Hakkak & Ghodsi, 2015) على أهمية دور أبعاد بطاقة الأداء المتوازن في تحقيق الميزة التنافسية المستدامة.

- وقد اتفقت دراسات کل من (علي، 2020) (الغامدي والسمحان، 2020) (عبدالعزيز، 2019) (Boussalem,2014) على أهمية الميزة التنافسية لضمان بقاء واستمرارية وتطور المنظمات.

4/5 - الفجوة البحثية والإضافة العلمية للباحث

هناک عدة أوجه تبرز الإختلاف بين الدراسة الحالية والدراسات السابقة:

-           فى ضوء ندرة الدراسات السابقة سعت الدراسة الحالية للربط بين البراعة التنظيمية (کمتغير مستقل) لاستدامة الميزة التنافسية (کمتغير تابع)، والتعرف على أهم الأبعاد التى لها أثر معنوي وأيضاً علاقة إرتباط لکل من متغيرات الدراسة .

-           لم يلاحظ الباحث من خلال الرجوع للدراسات السابقة أي من الدراسات قامت بربط المتغيرات الرئيسية محل الدراسة بشکل عام وفي البنوک التجارية الحکومية في مصر مجال التطبيق بشکل خاص، وهو ما يمثل أحد الدوافع التي استند عليها الباحث في سبيل إعداد هذه الدراسة، وفي ضوء ما سبق يتم تحديد الفجوة البحثية کما في الجدول رقم (2) :

الجدول رقم (2):الفجوة البحثية

* المصدر : من إعداد الباحث

5- الفروض البحثية

في ضوء مراجعة الدراسات السابقة، واعتمادا ً على المرجعيات ذات العلاقة، تم بناء نموذج البحث الذي يوضح العلاقة بين متغيرات البحث، کما هو موضح في الشکل رقم(1)

* المصدر : من إعداد الباحث

الشکل رقم (1): نموذج متغيرات الدراسة

    في ضوء نموذج متغيرات البحث يمکن صياغة الفروض البحثية على النحو التالي :

1. الفرض الرئيسي الأول : لا توجد فروق معنوية ذات دلالة إحصائية حول توفر أبعاد البراعة التنظيمية بالبنوک التجارية الحکومية المصرية محل الدراسة.

2. الفرض الرئيسي الثاني : لا توجد فروق معنوية ذات دلالة إحصائية حول توفر أبعاد الميزة التنافسية المستدامة بالبنوک التجارية الحکومية المصرية محل الدراسة.

3. الفرض الرئيسي الثالث : لا توجد علاقة ذات دلالة إحصائية بين البراعة التنظيمية و الميزة التنافسية المستدامة بالبنوک التجارية الحکومية المصرية محل الدراسة، ويتفرع من هذا الفرض الرئيسي مجموعة من الفروض الفرعية التالية :

     أ. الفرض الفرعي الأول : لا توجد علاقة ذات دلالة إحصائية بين براعة الاستغلال وتحقيق الميزة التنافسية المستدامة بالبنوک التجارية الحکومية المصرية محل الدراسة.

    ب. الفرض الفرعي الثاني: لا توجد علاقة ذات دلالة إحصائية بين براعة الاستکشاف وتحقيق الميزة التنافسية المستدامة بالبنوک التجارية الحکومية المصرية محل الدراسة.

6 - منهجية البحث

قام الباحث باستقراء مجموعة من المراجع العربية والأجنبية المرتبطة بمتغيرات الدراسة،  بالإضافة لذلک فقد قام البحث بدراسة مسحية  وذلک في محاولة لتفسير الظاهرة محل الدراسة ووصفها وصفاً دقيقاً والتعبير عنها کيفياً أو کمياً  بأبعادها  (البراعة التنظيمية، الميزة التنافسية المستدامة)، هذا بجانب تحليل وتفسير العلاقات بين المتغيرات محل الدراسة، کما يمکن للباحث استعراض منهجية البحث من خلال توضيح نوع ومصادر البيانات، مجتمع وعينة الدراسة، قياس متغيرات الدراسة، طرق وأساليب جمع البيانات وذلک على النحو التالي :

6/1 - تحديد نوع ومصادر البيانات

  6/1/1 - البيانات الثانوية :

تم تجميع البيانات الثانوية ذات الصلة بأبعاد البراعة التنظيمية و الميزة التنافسية المستدامة من خلال المراجع العلمية والدراسات السابقة المنشورة بالمؤتمرات والدوريات والمواقع الإلکترونية ورسائل الماجستير والدکتوراه المنشورة وغير المنشورة بالجامعات المختلفة والتي لها علاقة بموضوع ومتغيرات الدراسة، بالإضافة إلى البيانات والمعلومات ذات الصلة بموضوع الدراسة من خلال النشرات والإحصائيات والتقارير الصادرة عن الجهات المختصة.

 6/1/2 - البيانات الأولية :

تم الاعتماد عند جمع البيانات الأولية اللازمة على تصميم استمارة استقصاء وزعت على عينة عشوائية من العاملين بالبنوک التجارية الحکومية المصرية، تحوي الاستمارة  العناصر الأساسية والفرعية المطلوب تغطيتها لاختبار فروض الدراسة وتحقيق أهدافها، وقد روعي فيها عدم ذکر اسم المستقصى منه بهدف توفير الاطمئنان للإجابة على الأسئلة بمصداقية، کما روعي ترتيب الأسئلة ترتيباً منطقياً مترابطـاً، في محاولة لمعرفة آراء عينة الدراسة حول دور البراعة التنظيمية في استدامة الميزة التنافسية.

6/2 - مجتمع وعينة البحث

يتمثل مجتمع البحث في العاملين بالبنوک التجارية الحکومية في مصر، وقد اعتمد الباحث على ثلاثة بنوک تجارية حکومية وهي بنک مصر و البنک الأهلي المصري وبنک القاهرة، واعتمد الباحث على أسلوب العينة في دراسة مفردات مجتمع الدراسة نظراً لکبرعدد العاملين في البنوک التجارية الحکومية محل الدراسة، وتتمثل وحدة المعاينة في العاملين بالبنوک محل الدراسة من کافة المستويات (مدير عام – وکيل مدير عام، مدير الفرع، نائب مدير فرع، مصرفي ممتاز أ، مصرفي ممتاز ب، إداري ممتازأ، إداري ممتاز ب)، ويقدر عدد العاملين بالبنوک التجارية الحکومية محل الدراسة بحوالي 46000 موظف تقريباً،  کما هو مبين في الجدول رقم (3) على النحو الآتي :

 الجدول رقم (3) :أعداد العاملين بالبنوک التجارية الحکومية محل الدراسة

المصدر : إعداد الباحث، في ضوء بيان أعداد العاملين بالبنوک محل الدراسة، 2020.[1]

أما عينة الدراسة فقد اعتمد الدارس في تحديد حجم العينة  بدون أخذ مجتمع الدراسة في الاعتبار على القانون التالي (أبوالقاسم، 2005،ص95):

حيث أن :

n: تمثل حجم العينة

: القيمة الجدولية المقابلة لمعامل الثقة 95 % وهي 1.96

p: نسبة عدد المفردات التي يتوافر فيها الخصائص موضوع الدراسة وهي 50 %

e: حدود الخطأ وهي 5 % لمستوى ثقة 95 %

وبالتعويض في المعادلة يکون حجم العينة n = (1.96)²  x  0.5  x  0.5 / (0.05)² = 384 مفردة

ولتحديد حجم العينة بأخذ مجتمع الدراسة في الاعتبار، يمکن استخدام المعادلة التالية :

nﹶ = n / (1+n/N)

nﹶ: حجم العينة بأخذ حجم مجتمع الدراسة في الاعتبار

n: حجم العينة بدون أخذ حجم مجتمع الدراسة في الاعتبار

N: حجم مجتمع الدراسة

بالتالي يکون حجم العينة المطلوب للدراسة کالتالي nﹶ = 384 / (1+384/46000) = 381 مفردة.

6/3 – قياس متغيرات البحث

لغرض قياس متغيرات البحث، قام الباحث باستخدام قائمة استقصاء، ويوضح الجدول رقم (4) مقاييس متغيرات البحث وعدد فقراتها على النحو التالي : 

الجدول رقم (4)  : مقاييس متغيرات البحث وعدد فقراتها باالاستقصاء

* المصدر : من إعداد الباحث.

6/4 - طرق وأساليب جمع البيانات

قام الباحث بإعداد قائمة استقصاء تم توجيهها من خلال طرح مجموعة من أسئلة الاختيار من متعدد، کما استخدم الباحث في تصميمه لاستمارة الاستقصاء " مقياس ليکرت الخماسي " باعتباره أکثر مقاييس الاتجاهات شيوعا ً حيث أنه يعطي نتائج أکثر دقة، وشملت الاستمارة ما يلي :

• §         الجزء الأول : المتغير المستقل (البراعة التنظيمية) ويشتمل على بعدين متضمنان العبارات من (1 إلى 15)، البعد الأول : براعة الاستغلال الذي يشتمل العبارات من (1 إلى 7)، البعد الثاني : براعة الاستکشاف الذي يشتمل العبارات من (8 إلى 15).
• §         الجزء الثاني : المتغير التابع (الميزة التنافسية المستدامة) ويشتمل على خمسة أبعاد متضمنة العبارات من (16 إلى 41)، البعد الأول : المرونة الاستراتيجية الذي يشتمل العبارات من (16 إلى 20)، البعد الثاني : التميز بالجودة التي تشتمل العبارات من (21 إلى 25)، البعد الثالث : الکفاءة الذي يشتمل العبارات من (26 إلى 30)، البعد الرابع : الاستجابة للعميل والذي يشتمل العبارات من   (31 إلى 35)، البعد الخامس : التميز البيئي والذي يشتمل العبارات من (36 إلى 41).

7- حدود البحث

تتمثل حدود البحث فيما يلى:

7/1 - حدود موضوعية : يقتصر موضوع البحث على اختبار دور البراعة التنظيمية بأبعادها المختلفة (براعة الاستغلال، براعة الاستکشاف)، بمعايير الميزة التنافسية المستدامة وأبعاده (المرونة الاسترتيجية، التميز بالجودة، الکفاءة، الاستجابة للعميل، التميز البيئي).

7/2 - حدود مکانية : تم تطبيق الدراسة على البنوک التجارية الحکومية في مصر، والمتمثلة في بنک مصر والبنک الأهلي المصري وبنک القاهرة.

3. حدود زمنية : تم تطبيق الدراسة في الفترة الزمنية من عام 2020/2021 .

ثانيا:البراعة التنظيمية والميزة التنافسية المستدامة: إطار مفاهيمي

1. البراعة التنظيمية  Organizational Ambidexterity

          تعتبر البراعة التنظيمية أحد أهم المداخل الإدارية التي برزت مؤخرا ً کضرورة ملحة للمنظمات المعاصرة في ظل حدة المنافسة التي تشهدها بيئة الأعمال (أبورحمة، 2021،  ص463) (محمد، 2020، ص 65)، حيث أشارت العديد من الدراسات أن المنظمات الناجحة هي المنظمات البارعة لما لها من قدرة على خلق العديد من المزايا التنافسية من خلال التطوير والتغيير الجذري (Zhang & Duan, 2010,p4)، وبالتالي الحفاظ على استمراريتها وديمومتها ((Mardi,et.al.,2018, p1049، هذا ولقد قدم مصطلح البراعة التنظيمية لأول مرة في أدبيات الإدارة على يد العالم دونکان Duncan والذي أکد في دراسته على ضرورة اعتماد المؤسسات على هياکل تنظيمية تضمن حسن استغلال الإبداعات الحالية مع اکتشاف إبداعات جديدة (Raisch, et.al, 2009, p685).

في ضوء ذلک حاولت الدراسات والبحوث العلمية وضع تعريفات للبراعة التنظيمية، فقد عرفت البراعة التنظيمية بأنها قدرة المنظمات على الاستغلال والاستکشاف للمهارات والقدرات والمعارف والمواهب الفريدة لمواردها بما يعزز قدرة المنظمة التنافسية (العبيدي، 2020، ص 149)، کما عرفت البراعة التنظيمية بأنها قدرة المنظمة على السعي نحو الاستغلال والاستکشاف المتزامن لمواردها سواء الداخلية أو الخارجية لتحقيق النجاح في إدارة أعمال المؤسسة الحالية مع تحسين قدرة المؤسسة على التکيف مع متغيرات بيئة الأعمال المحيطة (Fu,et.al., 2016, p94)، بناء على ذلک يمکن للباحث استنتاج أن البراعة التنظيمية تشير إلى قدرة المنظمة على التوازن ما بين أنشطة الاستغلال الأمثل لقدرات وإمکانيات المنظمة الحالية والاستکشاف لفرص وعملاء وأسواق جديدة بما يحقق لها قدرة على التکيف مع متغيرات البيئة المحيطة وتحقيق ميزة تنافسية.

وبالرجوع لما تضمنته الدراسات السابقة وأبرزها (العبيدي، 2020) (المنسي، 2018) (Lee & Joshi, 2017) (Venugopal,et.al., 2017) (Fu, et.al., 2016) لوحظ أن الأبعاد الأکثر شمولية والتي تشارکت فيها هذه الدراسات کأبعاد للبراعة التنظيمية هما بعدي براعة الاستغلال وبراعة الاستکشاف، وهي الأبعاد التي ستعتمد عليها الدراسة و ستخدم أهداف البحث، وذلک على النحو التالي:

أ- براعة الاستغلال : يشير بعد براعة الاستغلال إلى قدرة المنظمة على الاستغلال الأمثل والاستفادة القصوى من موارادها وإمکاناتها المتاحة في الوقت الحالي (رضوان، 2020، ص 78)، کما يشير إلى تطبيق المنظمة للمعرفة الحالية دون أي تعلم إضافي ومحاولة الترکيز الاستراتيجي على رغبات العملاء الحاليين من خلال الکفاءة في استغلال موارد المنظمة الحالية (Turner,et.al,2013,p318) (Bodwell,2011,p47) (Andriopoulos & Lewis,2009,p697).

ب- براعة الاستکشاف : يشير هذا البعد إلى الإبداع الجذري في سبيل استکشاف وتلبية احتياجات الأسواق الجديدة (علي و شرفاني، 2017، ص 17)، کما تشير براعة الاستکشاف إلى البحث عن إمکانيات وموارد وفرص جديدة تمکن من الدخول لأسواق جديدة واستقطاب عملاء جدد من خلال تغيير جذري يعتمد على تقديم منتجات جديدة      (نور، 2019، ص 742).

من العرض السابق لأبعاد البراعة التنظيمية يمکن تلخيص أوجه الاختلاف بين براعة الاستغلال والاستکشاف من خلال الجدول رقم (5) على النحو التالي :

الجدول رقم (5): الاختلافات بين براعة الاستغلال وبراعة الاستکشاف

المصدر : إعداد الباحث نقلا عن (المنسي، 2018، ص 168)

مماسبق يمکن استخلاص مدى أهمية البراعة التنظيمية في خلق التوازن بين أنشطة الاستغلال والاستکشاف لموارد وإمکانيات المؤسسات بما يحقق المواءمة بين الفرص الحالية والرؤية المستقبلية (أبوالنجا، 2020، ص 204).

2. الميزة التنافسية المستدامة Sustainable Competitive Advantage   

تواجه المنظمات العامة المعاصرة العديد من التحديات الاستراتيجية والضغوطات التي تفرضها المنافسة الشديدة والمخاطر التي أفرزتها التطورات السريعة في بيئة الأعمال، وهو الأمر الذي فرض على هذه المنظمات ضرورة إعادة النظر في خياراتها واستراتيجياتها لمحاولة اکتساب ميزة تنافسية تمکنها من تحسين موقعها في السوق والقدرة على مواجهة المنافسين الحاليين والمحتملين، من خلال توفير مايلزم من أدوات تساهم في استدامة ميزتها التنافسية (الغامدي والسمحان، 2020، ص 280) (أبو ردن و العنزي، 2017، ص 246).

هذا ولقد أصبحت المنافسة أحد أهم التحديات التي تواجه المنظمات المعاصرة سواء محليا ً أو عالميا ً، وهو الأمر الذي فرض على هذه المنظمات عدم الاکتفاء بتحقيق الميزة التنافسية بل حتمية العمل على استدامة هذه الميزة التنافسية، حيث تعتير الميزة التنافسة المستدامة هي ضمانة البقاء والاستمرارية والنمو في الصناعة في ظل احتياجات ورغبات العملاء المتغيرة وديناميکية بيئة الأعمال (موسى، 2020، ص 2).

لقد حاول العديد من الباحثين توضيح مفهوم الميزة التنافسية، فتم تعريفها على أنها وسيلة تتمکن من خلالها المنظمة من الفوز على منافسيها) ثابت وآخرون، 2014، ص 9)، کما تم تعريف الميزة التنافسية على أنها خاصية أو مجموعة من الخصائص التي تميز المنظمة عن غيرها من المنظمات المنافسة نتيجة تملک موارد وعوامل تمنحها موقف قوي في مواجهة المنافسين مما ينعکس في شکل منتجات ذات قيمة منفردة للعملاء (العنزي، 2005، ص 63).

أما مفهوم الاستدامة فقد عرف بأنه إمکانية الاحتفاظ بالشيء لأطول مدة زمنية ممکنة    (Hoffman , 2000, p7)، کما تشير الاستدامة لکل الممارسات التي تقوم بها المنظمة والتي تسعى من خلالها لسد الطريق أمام المنافسين من القيام بتقليد مصادر القوة المتفردة لديها (صالح و الداؤودي،2020، ص 49).

في إطار ما سبق يمکن للباحث استخلاص وجود علاقة تکاملية بين مفهومي الميزة التنافسية والاستدامة نستنتج على أثرها مفهوم الميزة التنافسية التي عرفت بأنها التطوير المستمر لموارد المنظمة الفريدة والمميزة استجابة لمتغيرات السوق المتسارعة والتي تحقق للمنظمة موقف تنافسي مميز تجاه المنافسين الحاليين والمحتملين مع خلق قيمة للعملاء وهي مفتاح الأداء طويل الأجل (موسى، 2020، ص 35)، کما تشير الميزة التنافسية المستدامة إلى کونها ميزة فريدة ومتطورة بما يجعل منها ليس فقط ميزة يصعب تقليدها وإنما ميزة متجددة ومحسنة وطويلة الأجل للمنظمة في ظل المنافسة الشديدة (بوسالم،2013، ص 69).

وبالرجوع لما تضمنته الدراسات السابقة لاحظ الباحث أنه يوجد تعدد واختلاف حول أبعاد الميزة التنافسية المستدامة، ولکن الأبعاد الأکثر شمولية کانت المرونة الاستراتيجية و التميز بالجودة و الکفاءة و الاستجابة للعميل والتميز البيئي، وهي الأبعاد التي ستعتمد عليها الدراسة وستخدم أهداف البحث، وذلک على النحو التالي :

أ- المرونة الاستراتيجية : وتشير إلى قدرة المنظمة على التکيف مع حالات عدم التأکد نتيجة التغيرات المستمرة في بيئة الأعمال، وهو ما يحتم على المنظمة إستيعاب احتياجات ورغبات العملاء والاستجابة السريعة لها، من خلال تقديم تشکيلة متنوعة من المنتجات والقدرة على تعديلها وتجديدها بسرعة والتکيف مع المتطلبات الجديدة، مع إشراک العملاء في القرارات بما يصنع القيمة لهم بشکل دائم ومستمر (بوسالم، 2013، ص 72).

ب- التميز بالجودة : وهو أحد الأبعاد التي تعتبر عامل نجاح حاسم في الکثير من المنظمات ومرتکز رئيسي لتحقيق ميوة تنافسية مستدامة، فعندما تحقق المنظمة مستويات عالية من الجودة سيؤدي لتحقيق زيادة في قيمة المنتجات بالنسبة لعملائها، بالتالي يشير بعد التميز بالجودة إلى تميز المؤسسة بخصائص معينة عند مقارنتها بمعيار موضوع، بحيث تقدم الأعمال بصورة صحيحة لتقديم منتجات تتلاءم مع حاجات ورغبات العملاء (شعبان، 2011، ص 72).

ج- الکفاءة : وتشير الکفاءة لحسن استخدام والاستغلال الأمثل لموارد المنظمة، حيث تعبر الکفاءة عن علاقة المخرجات بالمدخلات، وبالتالي يرتفع معدل کفاءة العمليات عندما يمکن إنتاج أکبر قدر من مخرجات المنظمة مع ترشيد المدخلات بما يحقق کفاءة أکبر من المنافسين(Peter,2014,p150).

د- الاستجابة للعميل : ويشير هذا البعد إلى قناعة المنظمة بأن احتياجات العملاء ورضاهم هي أولوية عملهم، وفي سبيل تحقيق هذه القناعة تحرص المنظمة على تجميع المعلومات عن احتياجات ورغبات عملائها واستخدام هذه المعلومات لتطوير استراتيجية تلبي هذه الاحتياجات والرغبات الحالية والمستقبلية، مع تطوير قدرتها على التنبؤ بهذه الطلبات وبما يساهم بشکل إيجابي في أداء المنظمة (Ziggers & Henseler, 2016, p22)

هـ - التميز البيئي : تعتبر البيئة والمحافظة عليها البعد الجديد للميزة التنافسية المستدامة، ويشير التميز البيئي إلى الميزة التي تعتمد في مصدر قوتها أو في إنشاء قيمتها السوقية على البعد البيئي و معالجة المشکلات البيئية وفق رؤية إستراتيجية واضحة، ويتلخص هذا البعد في الالتزام باللوائح البيئية ووضع استراتيجية للتميز البيئي والتشجيع على الابتکار البيئي ونشر الثقاقة البيئية(بوسالم،2013،ص ص 70-71).

مما سبق يستنتج الباحث أن تحقيق ميزة تنافسية في الوقت الراهن في حد ذاته لا يعتبر فرصة، لأن هذه الميزة ستکون محور اهتمام المنافسين للوصول إليها، مما يستلزم على المنظمات أن تعمل على تطويرها وتحسينها بما يضمن استدامة هذه الميزة التنافسية.

ثالثا ً : الدراسة الميدانية

     تناول الباحث إجراءات التحليل الإحصائي مستخدما ً في ذلک البرنامج الإحصائي SPSS VR(20)، والأساليب التي تم استخدامها في تحقيق أهداف الدراسة وهي اختبار ألفا- کرونباخ Alpha Cronbach لقياس ثبات وصدق محتوى الاستبيان، والاتساق الداخلي Internal consistency لدراسة العلاقة بين إجمالي البعد بأبعاده الفرعية، ثم الإحصاء التحليلي متمثل فى اختبار "ف F " تحليل التباين أحادي الاتجاه One Way ANOVA لقياس مدى الفروق بين أکثر من فئتين مستقلتين متمثلة في الشرکات محل الدراسة عند مستوى 0.05، واختبار T-Test لتوضيح الفروق المعنوية بين متوسطي فئتين، واستخدام معامل ارتباط بيرسونPearson Correlation   لقياس اتجاه العلاقة وقوتها، وتحليل الانحدار الخطى البسيط Simple Regression، وأسلوب المقارنات المتعدد (Post Hoc)، اختبارشيفيه (Scheffe) للمقارناتالبعدية، وقد تمثلت البيانات الأولية التى تم جمعها عن متغيرات الدراسة من الواقع الميداني، واعتمد الباحث على جمع البيانات الأولية للدراسة من خلال قائمة الاستقصاء وذلک لقياس المتغيرات المختلفة للدراسة وقد احتوت القائمة على بنود عينة الدراسة وصممت القائمة بحيث تحتوى على الأدوات التى يمکن استخدامها لقياس المتغيرات المختلفة للدراسة.

1. توصيف عينة الدراسة

بلغت عينة الدراسة (381) مفردة من العاملين في البنوک التجارية الحکومية في مصر، وبلغت عدد استمارات الاستقصاء السليمة المرتدة بعد استيفائها (381)، وقد کان توزيع الاستمارات على البنوک محل الدراسة کما هو موضح في الجدول رقم (6) على النحو التالي :

الجدول رقم (6) : توزيع حجم عينة العاملين بالبنوک التجارية محل الدراسة

المصدر : إعداد الباحث

    يتضح من الجدول رقم (6) أن النسبة الأکبر من استمارات الاستبيان کانت مستوفاه من العاملين في بنک مصر بعدد (171 استمارة وبنسبة 44.9 %) من عينة الدراسة، يليه البنک الأهلي المصري بعدد (106 استمارة وبنسبة 27.8) من عينة الدراسة، يليه بنک القاهرة بعدد (104 استمارة وبنسبة 27.3 %) من عينة الدراسة.

1. معاملات الصدق والثبات لمتغيرات الدراسة

الجدول رقم (7)

معامل الثبات والصدق الذاتي لمتغيرات البحث باستخدام معامل ألفا- کرومباخ Alpha Cronbach

 * المصدر : إعداد الباحث من خلال مخرجات برنامج التحليل الاحصائي.

   قام الباحث باستخدام معامل الثبات الفاکرونباخ، لقياس ثبات المحتوى لمتغيرات الدراسة، ويعرف الثبات على مقياس الدقة بأنها قدرة الأداة على إعطاء نفس النتائج إذا تم تکرار القياس على نفس الشخص عدة مرات في نفس الظروف، وقد تبين أن معامل الفاکرونباخ لإجمالي متغيرات الدراسة (المستقلة والتابعة) قد بلغ (0.705) مما يدل على الثبات المرتفع لعينة الدراسة، وکذلک الاستمارة ککل تتمتع بدرجة عالية جدا من الثبات، حيث أنه کلما کانت قيم ألفا أکبر من (0,6) کلما کانت المقاييس المستخدمة تتمتع بالثبات الداخلي وتقيس الظاهرة البحثية  قياسا سليماً، وهو الأمر الذى انعکس أثره على الصدق الذاتي (الذي يمثل الجذر التربيعي للثبات) حيث بلغ (0,839)،  هذا وقد أشارت قيم معاملات الثبات لأبعاد البراعة التنظيمية (کمتغير مستقل) إلى الارتفاع حيث ترواحت بين (0,675 إلى 0,680)، کما أشارت قيم معاملات أبعاد الميزة التنافسية (کمتغير تابع) إلى الارتفاع حيث تراوحت بين (0,705 إلى 0,768)  مما يعني القدرة علي الاعتماد علي تلک المقاييس ومن ثم يمکن القول بأن أداة البحث تتمتع بالثبات، ويمکن الاعتماد عليها فى تعميم المخرجات على المجتمع ککل.

 2. اختبار فروض الدراسة.

 أولا : الفرض الأول لا توجد فروق معنوية ذات دلالة إحصائية حول توفر أبعاد البراعة التنظيمية بالبنوک التجارية الحکومية المصرية محل الدراسة.

 لتحديد مدى وجود فروق حول (توفر أبعاد البراعة التنظيمية)  بين الشرکات محل الدراسة، فقد تم الاعتماد على اختبار تحليل التباين الأحادي في اتجاه واحد ANOVA في هذا التحليل، وذلک على النحو الموضح في الجدول رقم(8) :       

الجدول رقم (8):نتائج اختبار تحليل التباين الأحادي في اتجاه واحد ANOVA

*   دالة عند مستوى معنوية 0.00

   * * المصدر : إعداد الباحث من خلال مخرجات برنامج التحليل الاحصائي SPSS

يلاحظ الباحث من الجدول رقم (8)  تحليل التباين السابق أن قيمة P.value (0,000) وهي اقل من مستوى المعنوية (1%)، وبالتالي نرفض الفرض العدمي ونقبل الفرض البديل القائل بأنه توجد فروق معنوية ذات دلالة إحصائية حول توفر أبعاد البراعة التنظيمية بالبنوک التجارية الحکومية المصرية محل الدراسة، ولتحديد مصدر الاختلاف بين البنوک تم استخدام أسلوب المقارنات المتعدد (Post Hoc) ببرنامج SPSS لتحديد مصدر الاختلاف، وبناءعلىنتائجاختبارشيفيه (Scheffe) للمقارناتالبعدية کانت النتائج کما في الجدول رقم (9) : 

       الجدول رقم (9):جدول المقارنات المتعدد حول أبعاد البراعة التنظيمية

* المصدر : إعداد الباحث من خلال مخرجات برنامج التحليل الاحصائي SPSS

 يتضح من الجدول رقم (9)  أن هناک اختلاف معنوي بين البنک الأهلي وبنک القاهرةحيث أن قيمة P.value تساوي (0,002)، في حين أنه لا يوجد اختلاف معنوي بين بنک مصر والبنک الأهلي، وأيضاً لا يوجد اختلاف معنوي بين بنک مصر وبنک القاهرة.

     ثانيا : الفرض الثاني: لا توجد فروق معنوية ذات دلالة إحصائية حول توفر أبعاد الميزة التنافسية المستدامة بالبنوک التجارية الحکومية المصرية محل الدراسة.

لتحديد مدى وجود فروق حول (توفر أبعاد الميزة التنافسية المستدامة)  بين الشرکات محل الدراسة، فقد تم الاعتماد على اختبار تحليل التباين الأحادي في اتجاه واحد ANOVA في هذا التحليل، وذلک على النحو الموضح في الجدول رقم (10) : 

الجدول رقم (10):نتائج اختبار تحليل التباين الأحادي في اتجاه واحد ANOVA

* دالة عند مستوى معنوية 0.01

 * * المصدر : إعداد الباحث من خلال مخرجات برنامج التحليل الاحصائي SPSS

 يلاحظ الباحث من الجدول رقم (10)  تحليل التباين السابق أن قيمة P.value (0,001) وهي أقل من مستوى المعنوية (1%)، وبالتالي نرفض الفرض العدمي ونقبل الفرض البديل القائل بأن هناک فروق معنوية ذات دلالة إحصائية حول توفر أبعاد الميزة التنافسية المستدامة بالبنوک التجارية الحکومية المصرية محل الدراسة، ولتحديد مصدر الاختلاف بين البنوک تم استخدام أسلوب المقارنات المتعدد (Post Hoc) ببرنامج SPSS لتحديد مصدر الاختلاف، وبناءعلىنتائجاختبارشيفيه (Scheffe) للمقارناتالبعدية کانت النتائج کما في الجدول رقم (11) :

الجدول رقم (11): جدول المقارنات المتعدد حول أبعاد الميزة التنافسية المستدامة

* المصدر : إعداد الباحث من خلال مخرجات برنامج التحليل الاحصائي SPSS

يتضح من الجدول رقم (11)  أن هناک اختلاف معنوي بين بنک مصر والبنک الأهلي حيث أن قيمة P.value تساوى (0,000)، وکذلک بين البنک الأهلي وبنک القاهرة حيث ان قيمة P.value تساوى (0,001) فى حين انه لا يوجد اختلاف معنوي بين بنک مصر وبنک القاهرة.

ثالثا: الفرض الرئيسي الثالث : لا توجد علاقة ذات دلالة إحصائية بين البراعة التنظيمية و الميزة التنافسية المستدامة بالبنوک التجارية الحکومية المصرية محل الدراسة، ويتفرع من هذا الفرض الرئيسي مجموعة من الفروض الفرعية التالية :

أ‌.  الفرض الفرعي الأول : لا توجد علاقة ذات دلالة إحصائية بين براعة الاستغلال وتحقيق الميزة التنافسية المستدامة بالبنوک التجارية الحکومية محل الدراسة.

   لتحديد نوع ودرجة العلاقة بين براعة الاستغلال وتحقيق الميزة التنافسية المستدامة، فقد تم الاعتماد على أسلوب تحليل الانحدار الخطى البسيط  Simple Linear Regression Analysis في هذا التحليل، وقام الباحث بتطبيق أسلوب تحليل الانحدار الخطي البسيط على العلاقة بين براعة الاستغلال کمتغير مستقل، وتحقيق الميزة التنافسية المستدامة کمتغير تابع، ويمکن توضيح نـوع وقـوة هذه العلاقـة، من خلال الجدول رقم (12) وذلک على النحو الموضح أدناه:

     ■ نـوع وقـوة العلاقـة:

 (أ) هناک علاقة موجبة وذات دلالة إحصائية بين براعة الاستغلال وتحقيق الميزة التنافسية المستدامة، عند مستوى (0,000) وفقا لاختبار (T) وهذه العلاقة ذات قوة تصل إلى حوالي (76%) وفقاً لمعامل الارتباط R في نموذج تحليل الانحدار.

(ب) إضافة إلى ذلک فإن هذه الأبعاد تتمتع بقدرة في تفسير التباين تصل إلى حوالي (57%) وفقاً لمعامل التحديد R² في نموذج تحليل الانحدار، وهذا معناه ان المتغير المستقل (براعة الاستغلال) يفسر (57%) من التغيرات التى تحدث فى المتغيرالتابع (تحقيق الميزة التنافسية المستدامة)، أي أن (57%) من التغير في تحقيق الميزة التنافسية يرجع إلى براعة الاستغلال.

الجدول رقم (12): مخرجات أسلوب تحليل الانحدار الخطى البسيط

    * المصدر : إعداد الباحث من خلال مخرجات برنامج التحليل الاحصائي SPSS

 وفي ضوء ما تقدم وفيما يتعلق باختبار الفرض والذي ينص على " لا توجد علاقة ذات دلالة إحصائية بين براعة الاستغلال وتحقيق الميزة التنافسية المستدامة بالبنوک التجارية الحکومية المصرية محل الدراسة " فإن نتائج الاختبار المستخدم بالجدول رقم (11) أظهرت أنه يوجد اختلاف حقيقي ذو دلالة إحصائية عند مستوى معنوية (0,000) وفقاً لاختبار ت T-test، وبالتالي نرفض فرض العدم،  ونقبل الفرض البديل القائل بأنه " توجد علاقة ذات دلالة إحصائية بين براعة الاستغلال وتحقيق الميزة التنافسية المستدامة بالبنوک التجارية الحکومية المصرية محل الدراسة ".

    ب. الفرض الفرعي الثاني : لا توجد علاقة ذات دلالة إحصائية بين براعة الاستکشاف وتحقيق الميزة التنافسية المستدامة بالبنوک التجارية الحکومية المصرية محل الدراسة.

   لتحديد نوع ودرجة العلاقة بين براعة الاستکشاف  وتحقيق الميزة التنافسية المستدامة بالبنوک التجارية الحکومية محل الدراسة، فقد تم الاعتماد على أسلوب تحليل الانحدار الخطى البسيط  Simple Linear Regression Analysis في هذا التحليل، وقام الباحث بتطبيق أسلوب تحليل الانحدار الخطي البسيط على العلاقة بين براعة الاستکشاف کمتغير مستقل، وتحقيق الميزة التنافسية المستدامة کمتغير تابع، ويمکن توضيح نـوع وقـوة هذه العلاقـة، من خلال الجدول رقم (13) وذلک على النحو الموضح أدناه:

■ نـوع وقـوة العلاقـة:

 (أ) هناک علاقة موجبة وذات دلالة إحصائية بين براعة الاستکشاف  وتحقيق الميزة التنافسية المستدامة، عند مستوى (0,000) وفقاً لاختبار (T) وهذه العلاقة ذات قوة تصل إلى حوالي (80%) وفقاً لمعامل الارتباط R في نموذج تحليل الانحدار.

(ب) إضافة إلى ذلک فإن هذه الأبعاد تتمتع بقدرة في تفسير التباين تصل إلى حوالي (64%) وفقاً لمعامل التحديد R² في نموذج تحليل الانحدار. وهذا معناه ان المتغير المستقل (براعة الإستکشاف) يفسر (64 %) من التغيرات التى تحدث في المتغير التابع (تحقيق الميزة التنافسية المستدامة). أي أن (64 %) من التغير في تحقيق الميزة التنافسية المستدامة  يرجع الى براعة الإستکشاف.                    

الجدول رقم (13) : مخرجات أسلوب تحليل الانحدار الخطى البسيط

    * المصدر : إعداد الباحث من خلال مخرجات برنامج التحليل الاحصائي SPSS

وفي ضوء ما تقدم وفيما يتعلق باختبار الفرض والذي ينص على " لا توجد علاقة ذات دلالة إحصائية بين براعة الاستکشاف وتحقيق الميزة التنافسية المستدامة بالبنوک التجارية الحکومية المصرية محل الدراسة " فإن نتائج الاختبار المستخدم بجدول رقم (12) أظهرت أنه يوجد اختلاف حقيقي ذو دلالة إحصائية عند مستوى معنوية (0,000) وفقاً لاختبار ت T-test، وبالتالي نرفض الفرض العدم و نقبل الفرض البديل القائل بأنه " توجد علاقة ذات دلالة إحصائية بين براعة الاستکشاف وتحقيق الميزة التنافسية المستدامة بالبنوک التجارية الحکومية المصرية محل الدراسة ".

رابعا ً : نتائج الدراسة

مناقشة نتائج الدراسة

أشارت نتائج التحليل الإحصائي لفرضيات الدراسة إلى ما يلي :

- بالنسبة للفرض الأول والذي ينص على أنه  لا توجد فروق معنوية ذات دلالة إحصائية حول توفر أبعاد البراعة التنظيمية بالبنوک التجارية الحکومية المصرية محل الدراسة ، فقد أثبتت نتائج التحليل الإحصائي رفض الفرض العدمي وقبول الفرض البديل.

- وبالنسبة للفرض الثاني والذي ينص على أنه لا توجد فروق معنوية ذات دلالة إحصائية حول توفر أبعاد الميزة التنافسية المستدامة بالبنوک التجارية الحکومية المصرية محل الدراسة، فقد أشارت نتائج التحليل الإحصائي رفض الفرض العدمي وقبول الفرض البديل، وهو ما يتوافق جزئياً مع دراسة (بوسالم،2013) و (الوليد،2009 ).

- کذلک بالنسبة للفرض الثالث والذي ينص على أنه لا توجد علاقة ذات دلالة إحصائية بين البراعة التنظيمية و الميزة التنافسية المستدامة بالبنوک التجارية الحکومية المصرية محل الدراسة، فقد أشارت نتائج التحليل الإحصائي رفض الفرض العدمي وقبول الفرض البديل، حيث تفرع عن هذا الفرض الرئيسي فرض فرعي أول ينص على أنه لا توجد علاقة ذات دلالة إحصائية بين براعة الاستغلال وتحقيق الميزة التنافسية المستدامة بالبنوک التجارية الحکومية المصرية محل الدراسة، ومن خلال التحليل الإحصائي تم رفض الفرض العدمي وقبول الفرض البديل، وبالنسبة للفرض الفرعي الثاني والذي ينص على أنه لا توجد علاقة ذات دلالة إحصائية بين براعة الاستکشاف وتحقيق الميزة التنافسية المستدامة بالبنوک التجارية الحکومية المصرية محل الدراسة، فقد توصلت نتائج التحليل الإحصائي إلى رفض الفرض العدمي وقبول الفرض البديل.

- وأظهرت النتائج الخاصة بتحليل الانحدار البسيط أن المتغير المستقل (براعة الاستغلال) يفسر (57%) من التغيرات التي تحدث في المتغيرالتابع (تحقيق الميزة التنافسية المستدامة)، أي أن (57%) من التغير فى تحقيق الميزة التنافسية يرجع إلى براعة الاستغلال، کما أظهرت نتائج تحليل الانحدار البسيط أن المتغير المستقل (براعة الإستکشاف) يفسر (64 %) من التغيرات التى تحدث في المتغير التابع (تحقيق الميزة التنافسية المستدامة)، أي أن (64 %) من التغير فى تحقيق الميزة التنافسية المستدامة  يرجع إلى براعة الاستکشاف.

وقد خلصت الدراسة إلى مجموعة من النتائج العامة، ويمکن تلخيص أهم هذه النتائج فيما يلي :

- لأبعاد البراعة التنظيمية تأثير إيجابي في استدامة الميزة التنافسية  في البنوک التجارية الحکومية في مصر.

- البراعة التنظيمية مدخل إداري حديث يشير لحسن استغلال واستکشاف موارد المنظمة بما يحقق لها الريادة التنافسية.

- أن البيئات التنافسية أصبحت أحد سمات بيئة الأعمال المعاصرة  خاصة في القطاع المصرفي، مما يفرض على المنظمات العامة بشکل عام والبنوک الحکومية بشکل خاص ضرورة التعامل بمنظور يعمل على استدامة ميزتها التنافسية

- الميزة التنافسية المستدامة من الأولويات في استراتيجية المنظمات الرائدة وأصبحت بذلک أحد غاياتها

 خامسا ً : توصيات الدراسة

في ضوء النتائج السابقة أمکن للباحث تقديم مجموعة من التوصيات، والتي قدمها الباحث في شکل خطة تنفيذية لهذه التوصيات کما في الجدول رقم (14) :

جدول (14): توصيات الدراسة

المصدر : إعداد الباحث

الخاتمة

          تسعى البنوک التجارية الحکومية في مصر لتحقيق مرکز تنافسي مستدام، تستهدف من خلاله جذب عملاء جدد و أسواق جديدة في ظل بيئة تتسم بالديناميکية والتغير السريع، وبدون قدرة هذه البنوک على استغلال مواردها واستکشاف الفرص البيئية سوف تفقد ميزتها التنافسية، هذه الميزة أو المزايا التي تحولت نظرة المؤسسات الکبرى إليها من مجرد السعي إلى تحقيق ميزة تنافسية مؤقتة إلى ميزة تنافسية مستدامة تضمن لها البقاء والاستمرار والنمو مع الأخذ في الاعتبار البعد البيئي، وبالتالي لجأت المنظمات المعاصرة إلى تعزيز البراعة التنظيمية نظرا ً للتنافسية العالية .