"العجز التوأم" دراسة تحليلية للحالة المصرية للفترة (1975 – 2020)

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

 أستاذ الاقتصاد المساعد بالمعهد العالى للحاسبات وتکنولوجيا المعلومات- مدينة الشروق

المستخلص

مستخلص
    قامت هذه الدراسة على تحليل العلاقة بين العجز في الموازنة العامة للدولة وعجز الميزان التجاري في مصر لمعرفة ماهية هذه العلاقة وتأثير کلا منهما على الآخر، للوقوف على مدى تحقق ظاهرة العجز التوأم في مصر باستخدام العديد من متغيرات الاقتصاد الکلي من أهمها (الناتج المحلي الحقيقي – عجز الموازنة العامة وعجز الميزان التجاري کنسبة من الناتج المحلي الاجمالي – سعر الصرف الحقيقي – سعر الفائدة الحقيقي – الانفتاح التجاري) خلال الفترة (1975 – 2020) وذلک باستخدامطرقتحليلالتکاملالمشترک، وفق منهجية ARDL، إضافةإلىمنهجيةالسببيةلـ جرانجر Granger، وتوصلت الدراسة إلى وجود علاقة سببية أحادية الاتجاه من العجز في الميزان التجاري إلى عجز الموازنة العامة للدولة مما يعني عدم تحقق ظاهرة العجز التوأم في مصر، وأوصت الدراسة بضرورة قيام الدولة باتباع سياسات اقتصادية تقوم على الاستثمار في القطاعات الانتاجية ودعم الصادرات ذات القيمة المضافة العالية والحد من الواردات،وتقليل الاعتماد على القروض المحلية والخارجية لتمويل عجز الموازنة والبحث عن مصادر أخرى لتمويل المشروعات العامة.

نقاط رئيسية

ظهر مصطلح " العجز التوأم " ((Twin deficits في وقت مبکر من ثمانينيات القرن الماضي في الولايات المتحدة الأمريکية ليصف ازدواج العجز في کل من الحساب الجاريوالموازنة العامة فيها لتلک الفترة کما واجهت بعض الدول الأوروبية مثل ألمانيا والسويد حالات مماثلة، ولم تکن الدول النامية بمنأىعن وقوع تلک الظاهرة فيها، الأمر الذي أدى إلى اهتمام العديد من الباحثين بهذه الظاهرة ودراسة مدى وجود علاقة بين کلا العجزين وتحديد اتجاه العلاقة السببية بينهما.

إن دراسة هذه الظاهرة له أهمية کبرى من حيث التخطيط الاقتصادي حيث يساعد تحديد طبيعة العلاقة بين عجز الموازنة العامة وعجز الحساب الجاري في وضع السياسات الاقتصادية الفاعلة لمعالجة المشاکل الاقتصادية والعمل على تحقيق الاستقرار والنمو الاقتصادي، وکما اهتم الاقتصاديون بدراسة وتحليل التوازن الاقتصادي وکيفية الوصول إليه، اهتموا أيضا بدراسة الاختلالات الاقتصادية وتحليل آثارها على مختلف المتغيرات الاقتصادية، وقد احتل عجز الموازنة العامة للدولة باعتباره يمثل الاختلال في التوازن الداخلي، وعجز الميزان الجاري کجزء من حالة الاختلال في التوازن الخارجي حيزاً کبيراً من تحليلات ودراسات الاقتصاديين وخاصة التزامن بين العجزين.

الكلمات الرئيسية


ظهر مصطلح " العجز التوأم " ((Twin deficits في وقت مبکر من ثمانينيات القرن الماضي في الولايات المتحدة الأمريکية ليصف ازدواج العجز في کل من الحساب الجاريوالموازنة العامة فيها لتلک الفترة کما واجهت بعض الدول الأوروبية مثل ألمانيا والسويد حالات مماثلة، ولم تکن الدول النامية بمنأىعن وقوع تلک الظاهرة فيها، الأمر الذي أدى إلى اهتمام العديد من الباحثين بهذه الظاهرة ودراسة مدى وجود علاقة بين کلا العجزين وتحديد اتجاه العلاقة السببية بينهما.

إن دراسة هذه الظاهرة له أهمية کبرى من حيث التخطيط الاقتصادي حيث يساعد تحديد طبيعة العلاقة بين عجز الموازنة العامة وعجز الحساب الجاري في وضع السياسات الاقتصادية الفاعلة لمعالجة المشاکل الاقتصادية والعمل على تحقيق الاستقرار والنمو الاقتصادي، وکما اهتم الاقتصاديون بدراسة وتحليل التوازن الاقتصادي وکيفية الوصول إليه، اهتموا أيضا بدراسة الاختلالات الاقتصادية وتحليل آثارها على مختلف المتغيرات الاقتصادية، وقد احتل عجز الموازنة العامة للدولة باعتباره يمثل الاختلال في التوازن الداخلي، وعجز الميزان الجاري کجزء من حالة الاختلال في التوازن الخارجي حيزاً کبيراً من تحليلات ودراسات الاقتصاديين وخاصة التزامن بين العجزين.

وقد لوحظ أن العديد من الدراسات تناولت العلاقة بين عجزي الموازنة العامة والحساب الجاري، والقليل منها تناول العلاقة بين عجزي الموازنة العامة والميزان التجاري، الأمر الذي أدى إلى اختلاف النتائج التي أسفرت عنها الدراسات نظراً لأن الميزان التجاري جزء من مکونات الحساب الجاري.

 ومن هنا اهتمت هذه الدراسة بالعلاقة بين العجز في الموازنة العامة وعجز الميزان التجاري باعتباره هو المحدد الرئيس في تغيرات رصيد الحساب الجاري. حيثيتضمن الميزان التجاري الصادرات والواردات السلعية ويتأثر بالعديد من المتغيرات الداخلية والاختلالات الهيکلية والسياسات الاقتصادية المتبعة في الدولة وغالباً مايعاني من عجز مزمن. وتُعد هذه المقاربة مناسبة لفهم العلاقة بين العجزين بشکل خاص في مصر. والسبب في ذلک هو أن المتغيرات الرئيسة في مصر التي تفسر الاختلافات بين الحساب الجاري والرصيد التجاري للسلع هي ميزان الخدمات (والذي يتضمن إيرادات السياحة وقناة السويس)، والتحويلات المالية أو التحويلات من المصريين العاملين في الخارج ومدفوعات خدمة الدين. وإذا فحصنا القنوات الرئيسية التي يؤثر بها عجز الموازنة على عجز الحساب الجاري، أو العکس، أو تغيرات في قيمة التحويلات المالية للمصريين العاملين في الدول العربية المنتجة للنفط استجابة للتغيرات في أسعار النفط، کلها تثبت أن هذه "المتغيرات لا تتأثر بشکل کبير ومباشر بالسياسات الاقتصادية الحکومية. وکذلک فإن تفکيک هذه المتغيرات مفيد في صنع السياسات، حيث يکون للحکومات تأثير ضعيف على هذه المتغيرات الخارجية، وتأثير أقوى نسبياً على المتغيرات الداخلية المتعلقة بالصادرات والواردات السلعية والعومل المؤثرة عليها من خلال السياسات المالية أو النقدية. وبناءً على ذلک، يتم تقديم توصيات ذات الصلة للمساعدة في تصحيح السياسات والاجراءات الحکومية.

مشکلة البحث:

تعاني مصر في معظم سنوات الدراسة من عجز مزمن في کل من الموازنة العامة للدولة والميزان التجاري حيث بلغ متوسط العجز في الموازنة العامة خلال فترة الدراسة (1975 -2020) نحو 9.88 % من الناتج المحلي الإجمالي،وذلک بسبب زيادة النفقات بمعدلات أعلى من الإيرادات، وقد تباينت الأسباب وراء ذلک، من أهمها استحواذ بند الدعم والمنح والمزايا وبند الفوائد على النصيب الأکبر من النفقات العامة والذي يتزايد يوما بعد يوم جراء التوسع في الاقتراض الداخلي والخارجي؛ حيث بلغ اجمالي الدين العام المحلي نحو 4742.1 مليار جنيه في نهاية يونيو 2021، وبلغ الدين الخارجي نحو 134.8 مليار دولار في نهاية مارس 2021، مما يعني ضعف قدرة الجهاز الحکومي على طرح المشروعات العامة وتنشيط الاستثمار لدفع عجلة الإنتاج والتشغيل،ويشوب الإنفاق قدر کبير من عدم الکفاءة والترشيد سواء في الدعم أوالتعليم أو الصحة، کما بلغ متوسط العجز في الميزان التجاري خلال نفس الفترة نحو 15.46 % من الناتج المحلي الاجمالي والذي کان من أهم أسبابه ضعف الجهاز الإنتاجي، کما أن نحو75 % من مکونات الواردات السلعية تتمثل في عدد وآلات ومستلزمات إنتاج، ومنتجات بترولية وهو ما يعني أنها سلع حتمية، کما أن السلع الاستهلاکية التي تمثل قرابة 25% من حجم الواردات، يأتي على رأسها السلع الأساسية الاستراتيجية مثل القمح والسکر وزيوت الطعام، هي کذلک لا يمکن الاستغناء عنها نظرًا لطبيعة هيکل الإنتاج الزراعي في مصر، والذي لم يولِ هذه السلع أولوية في خريطة الإنتاج، واعتمد استراتيجيًا على استيرادها من الخارج.کما أن هناک ارتفاع في تکلفة الاستيراد والمدخلات المستوردة والتي تُشکل نحو 70.3 % من مُدخلات الإنتاج ومن ثم زيادة تکلفة الإنتاج وتقليص المزايا السعرية للصادرات (ناصر حسنين، محمود البتانوني 2017).

أهمية البحث:    

لدراسة هذه الظاهرة أهميتها في التخطيط الاقتصادي، لإنها تساعد في استکشاف وتحديد طبيعة العلاقة واتجاهها بين العجزين، ومن ثم الوقوف على الأسباب وتأثير کلا من العجزين على الآخر، مما يجعل المخطط أکثر قدرة على وضع السياسات الاقتصادية الفاعلة والمناسبة لمعالجة المشکلة.

کما تکمن أهمیة المیزان التجاري باعتباره أحد أهم مؤشرات التوازن الخارجي من جهة وأهمیة الموازنة العامة التي تعبر عن التوازن الداخلي والذي يساهم في تحقيق النمو والاستقرار الاقتصادي من جهة أخرى.

أهداف البحث :

يستهدف البحث التعرف على طبيعة العلاقة بين عجز الموازنة العامة للدولة المصرية وعجز الميزان التجاري خلال فترة الدراسة (1975 – 2020)، وتحديد اتجاه السببية بين العجزين، ومدى تحقق ظاهرة " العجز التوأم "، وبناءً على طبيعة هذه العلاقة واتجاهها يتم التعرف على الأساليب و الوسائل التي تساهم في تفادي وعلاج المشکلة وتداعياتها على الاقتصاد المصري.

فرضية البحث :

تقوم فرضية البحث على وجود علاقة سببية موجبة تتجه من عجز الموازنة إلى الميزان التجاري وهو ما يطلق عليه " العجز التوأم"

منهج البحث 

بالنظر إلى طبیعة الموضوع ومن أجل تحقیق أهداف هذا البحث والإحاطة بمختلف جوانبه سنعتمد على المنهج الوصفي لدراسة الموضوع في الجانب النظري و الدراسات السابقة کما سنستعین بالمنهج القیاسي من خلال إتباع الطرق القیاسیة والإحصائیة الحدیثة لدراسة العلاقة بین عجز الموازنة والمیزان التجاري من حيث طبيعتها واتجاهها.

مصادر البحث :

اعتمد الباحث على قاعدة البيانات الدولية للبنک الدولي من الموقع (قاعدة بيانات البنک الدولي http://data.worldbank.org/indicators)، وبيانات وزارة المالية على الموقع الرسمي(http://www.mof.gov.eg)، تقارير البنک المرکزي المصري.

هيکل البحث: 

 لمعالجة هذه الاشکالیة تم تقسيم هذه الورقة البحثیة إلى خمس محاور. في المحور الأول نتطرق فيه إلى الإطار النظری للدراسة والمحور الثاني الدراسات التطبيقية السابقة، والمحور الثالث نستعرض فيه واقع عجز الموازنة العامة وعجز المیزان التجاري في مصر، ثم المحور الرابع فسنقوم باختبار العلاقة بین متغیرا ت الدراسة، أما المحور الخامس فسنعرض فيه لأهم نتائج وتوصيات الدراسة.

أولاً _الإطار النظري للبحث

تنطلق الأسسالنظريةللعلاقة بين عجزي الميزان التجاري والموازنة العامة للدولة من فرضيتين أساسيتين هما الفرضية الکينزية(Keynesian Hypothesis) وفرضية التکافؤ الريکاردي (The Ricardian Equivalence) :

1– الفرضية الکينزية " العجز التوأم": Keynesian Hypothesis))

تقوم الفرضية الکينزية على أساس وجود علاقةمباشرةبينعجزالموازنة وعجز الميزانالتجاري،ويُحدداتجاههذهالعلاقةمن عجزالموازنةباتجاهعجزالميزان التجاري، ومن ثم فإن عجز الميزان التجاري متغير تابع أما عجز الموازنة فهو متغير مستقل،وهذامايُسمى ب “ العجز التوأم “ ((Twin deficits،وتفسيرذلک يقوم على وجهتي نظر هما :

وجهة النظر الأولى :

وفقا لنموذج Mundell- Fleming 1962)(فإناتساععجزالموازنةيأتي نتيجةلزيادةالإنفاقالحکومي،وبارتفاعمستوىالإنفاق الحکوميينخفضمستوىالادخارالحکومي،فينخفضالادخار المحليوترتفعمعدلات الفائدة،(وفي ظلنظاممعدلاتصرف مرنة)  يزدادطلبالأجانبعلىالعملةالمحليةممايؤدي إلىارتفاعسعرصرفالعملةالمحلية مقابلالعملات الأجنبية،وبارتفاعسعرصرفالعملةالمحليةتصبح الوارداتأکثر إغراءًللمواطنينوأقلتکلفةممايزيدمن الواردات،وتصبحالصادراتأقلجذبًاللأجانبوأعلى تکلفةممايخفضمنالصادرات،ونتيجةلذلک يتشکل عجز الميزان التجاري وبالتالي (الحساب الجاري)،وبذلک يؤديعجزالموازنةإلىعجزالميزانالتجاري ويتزامنمعه، ويعانيالاقتصاد  " العجز التوأم "(Twin deficits).

 

أما وجهة النظر الثانية :

حيث يرى بعض الاقتصاديين أن عجز الموازنة العامة للدولة ينجم عن زيادة الإنفاق الحکومي، وبماأن الإنفاق الحکومي من عناصرالطلب الکلي، فإن زيادته ستؤدي إلى زيادة الدخل عبر آلية مضاعفة الإنفاق الحکومي، وبارتفاع مستوى الدخل، يزداد الطلب على الواردات فيتسع حجم العجز في الميزان التجاري(Darrat, A.F. 1988.(.  

ويستندالإطارالتحليليعلىنموذج کينز کأساس ومنطلق نظري لهذه العلاقة،حيث يتکونالناتجالمحليالإجمالي(Y)فياقتصادمفتوحمن مجموعالاستهلاکالخاص C، والاستثمارالخاصI ،والإنفاق الحکومي G، وصافي الصادرات (X-M)کمافيالمعادلة:(1)

Y =C +I +G + (X - M)            (1)

أويمکناستخداممعادلةالطلبالکلي:

AD=C+I+G+X-M                      (2)

ويمکنإعادةصياغةالمعادلةأعلاهبصورةأخرىوعلى النحوالآتي:

Y=C+S+T                               (3)

حيث (S) الادخار الخاص، (T ) الضرائب.

وبمساواة المعادلتين وإعادة الترتيب يمکن الوصول إلى النتيجة التالية :

(X-M) = (S-I) + (T-G)              (4)

TD = SD + BD                        (5)

    حيث أن (SD) تمثل فجوة الادخار،(Saving Deficit) (S-I)، وتمثل (BD) عجز الموازنة العامة    (T-G) (deficit(Budget، وتمثل (TD) عجز الميزان التجاري (X-M) ( DeficitTrade).

    ويُستدلمنالعلاقة (4) أعلاهأنزيادةعجزالموازنة(T-G)  سيؤديإلىزيادةعجزالميزانالتجاري، إذ أن زيادةعجزالموازنةعنطريقزيادةالإنفاقأوانخفاض الضرائب سيؤديإلىزيادةالدخل،وبالتاليزيادة الواردات،ومنناحيةأخرىقدينتج عنزيادةعجزالموازنة العامةزيادةسعرالفائدةوسعرصرفالعملةالمحلية؛مما ينتجعنهزيادةالوارداتوانخفاضالصادرات.ونتيجة لانخفاضالادخارالقومي(بسببتخفيضالضرائبأوزيادة الإنفاق الحکومي) عن احتياجات الاستثمار، يختل شرط التوازن)(S=I، الأمرالذيسيؤديإلىنشوءعجزالموازنة، و ينشأ نتيجة لذلک عجز الميزان التجاري (Sobrino, 2013).

2 - فرضية التکافؤ لريکاردو (Ricardian Equivalence Hypothesis) :

تظهر"فرضية التکافؤ لريکاردو"عدموجودعلاقةبينعجز الموازنةوعجزالميزان التجاري ويعلل ذلک بأن اتساع عجز الموازنة نتيجة لتقليص حجم الضرائب في الوقت الحالي، ذو أثر مؤقت لابد أن تتلاشى آثاره بعودة الضرائب مستقبلاً إلى مستوياتها الأصلية، وبالتالي فالعملية تُعد تأجيلاً لدفع الضرائب وعجزاً مؤقتاً في موازنة الدولة، أما الانخفاض في الادخار الحکومي فسيعوضه الادخار الخاص حيث يزيد الأفراد من الادخار في فترة العجز لمواجهة الزيادة الحکومية في مستويات الضرائب  وبالتالي فلن يکون هناک تأثير على الادخار المحلي ولا على الميزان التجاري (Vamvoukas1999) .

ثانياً:  الدراسات التطبيقية السابقة:

   أثارت العلاقة بين عجزي الميزان التجاري والموازنة العامة قدراً کبيراً من النقاشات الأکاديمية والدراسات التطبيقية في السنوات الأخيرة، والتي أسفرت عن نتائج متباينة، منها المؤيد لظاهرة " العجز التوأم " ومنها المُعارض لها، ومنها من أثبت عکسها، ومنها من أيد فرضية التکافؤ لريکاردو، ومنها من رفض الفرضيتين، وذلک بالتطبيق على الدولة الواحدة أو على مجموعة من الدول أو التجمعات الإقليمية في فترات زمنية مختلفة واستخدام أساليب قياسية وإحصائية متعددة. وفيما يلي استعراضاً لبعض تلک الدراسات باختلاف أساليبها ونتائجها والتي خلصت إلى عدة اتجاهات رئيسة بشأن العلاقة بين العجزين تمثلت فيما يلي :

1 الدراسات المؤيدة لفرضية " العجز التوأم ")((Twin deficits: أي أنه يوجد علاقة سببية إيجابية في اتجاه واحد من عجز الموازنة إلى عجز الميزان التجاري أو (الحساب الجاري)، وقد استخدمت تلک الدراسات العديد من الأساليب الإحصائية والنماذج القياسية والاختبارات کاختبار التکامل المشترک ((Co Integration Test، منهجية عتبة التکامل المشترک "Threshold co integration" لـ Hansen and Seo (2002).وهذه المنهجية تسمح بالتحقق من العلاقة طويلة الأجل بين العجز المالي والحساب الجاري مع استکشاف وجود عتبة لتحدد نظامين مختلفين. وهذا يعني أنه يمکن الحصول على التکامل داخل واحدة من الأنظمة فقط، حيث اقترح المؤلفان هذا النموذج لتصحيح خطأ ناقل عتبة ثنائي النظام مع متجه واحد للتکامل (VECM) المشترک وتأثير عتبة يعتمد على مصطلح تصحيح الخطأ، واختبار السببية لـGranger، اختبارات جذر الوحدة (Unit Root). ومن هذه الدراسات مايلي :

دراسة (2019 عبد ربه، نشوى محمد) حيث قامت الدراسة باختبار فرضية العجز التوأم في توضيح العلاقة بين عجز الموازنة العامة وعجز رصيد الحساب الجاري خلال الفترة (1975 – 2018) باستخدام نموذج (ARDL)، واختبار السببية، وقد توصلت الدراسة إلى وجود علاقة طردية بين عجز الموازنة العامة وعجز الحساب الجاري في الأجل القصير، کما توصلت إلى وجود علاقة سببية أحادية الاتجاه من العجز في ميزان الحساب الجاري إلى عجز الموازنة العامة للدولة وهذا يدعم صحة فرضية استهداف الحساب الجاري في مصر، وقد اقترحت الدراسة بأن يتم دراسة العلاقة بين عجز الحساب التجاري وعجز الموازنة العامة لمصر نظراً لقلة الدراسة بينهما وخاصة في الفترة من (1975 – 2019).

دراسة (2018 أمين، تمار)،حيث کانت تهدف الدراسة الى معرفة اتجاه العلاقة بین عجز الموازنة والمیزان التجاري في الجزائر خلال الفترة (1990-2016) بالاستعانة بسببیة الطویلة المدى المطورة حسب دراسة toda- yamamotoوتوصل البحث إلى وجود علاقة سببیة في اتجاه واحد من عجز الموازنة الى المیزان التجاري مما یتوافق مع وجهة النظر الکینزیة،ولقد استخدمت دراسة (toda- yamamoto)   طریقة مطورة(MWALD)اختبار test Waldعلى قیود نموذج VAR(K)حیث تمثل (K) طول المتباطئات، لهذا الغرض یستخدم معیار (Wald) أساس (F) و(X2) من أجل الحکم على فرضیة العدم کما توصل البحث الى نتیجة مفادها غیاب علاقة سببیة من المیزان التجاري الى عجز الموازنة.

دراسة ((Ahmad, Aworinde, Martin 2015  وباستخدام البيانات الربع سنوية لتسع دول إفريقية للفترة ما بين (1980-2009)، تم التأکد من وجودعلاقة تکامل إيجابية طويلة الأجل لستة بلدان من أصل تسعة بلدان تم فحصهم وهي (بوتسوانا،الکاميرون، مصر، المغرب، نيجيريا وتنزانيا.)، حيث کانت النتائج متسقة مع فرضية “ العجز التوأم “، في حين أن العلاقة کانت سلبية بالنسبة للدول الثلاث الأخرى وهي (إثيوبيا وکينيا وأوغندا)، وهذا ما يتماشى مع فرضية "التباعد التوأم" (Twin Divergence)، وهناک دراسات أثبتت فرضية العجز التوأم “ في الأجلين الطويل والقصير کدراسة (جديتاوي – طراونة 2015)، (آلاء البشايرة 2014)،(السواعي، العزام 2015) وباستخدامنموذجالانحدارالذاتيللفجواتالزمنيةالموزعة(ARDL) خلالالفترة(2010- 1975)، في الأردن وأن ذلک قد يعود وبشکل رئيس إلى الخصائص الهيکلية للاقتصاد الأردني والمتمثلة في صغر حجمه من ناحية وشُح الموارد المالية والمادية بالإضافة إلى محدودية القاعدة الإنتاجية وقلة إمکانية التصدير والاعتماد على الاستيراد بشکل کبير، وما تلعبه السياسة النقدية في هذا الصدد، وکذلک فاعلية سعر الصرف في تخفيض العجز التجاري.

 

 2 – الدراسات غير المؤيدة ل (فرضية " العجز التوأم ")وذلک من عدة اتجاهات :

أ- اتجاه السببية العکسية : أي أن عجز الميزان التجاري هو الذي يؤدي إلى عجز الموازنة العامة للدولة، وقد تمت الإشارة إلى هذه السببية العکسية من قِبل(2018 Heba E.Helmy) وباستخدام نفس الأساليب الإحصائية والقياسية السالف ذکرها، حيث تم إجراء الاختبار باستخدام متجه الارتباط الذاتي(VAR)  ونموذج متجه تصحيح الخطأ (VECM) بالإضافة إلى الأساليب المذکورة سابقاً، و تم التوصل إلى رفض فرضية “ العجز التوأم “ في مصر مع إثبات العکس، ووجود سببية عکسية في الأجلين القصير والطويل، وأن العجز التجاري جنباً إلى جنب مع المتغيرات الأخرى (سعر الصرف، سعر الفائدة) يؤدي إلى تفاقم عجز الميزانية في المدى الطويل، وخلصت الدراسة إلى نتيجة مؤداها أن التحسن في الميزان التجاري يؤدي إلى التحسن في الموازنة العامة للدولة، مع اعتبار أن هذه النتيجة تُعد من الجديد في دراسة “ العجز التوأم “، ودراسة (عبد الکريم کامل أبوهات، نور حسين علي 2018) في العراق، دراسة (Helmy and Zaki, 2015) في مصر، دراسة (2013 César R. Sobrino) في بيرو، ودراسة (إيمان حسن علي 2010) على مصر، ودراسة (2008 Carlos Fonseca Marinheiro)، حيث خلصت الدراسة إلى رفض فرضية “ العجز التوأم “، کما أشارت السببية العکسية إلى أن العجز في الحساب الجاري هو الذي يؤدي إلى العجز في الموازنة العامة، وکذلک دراسة (2006 (Salhe A. في لبنان، وتُعد هذه النتائج متماشية مع الاقتصادات الصغيرة التي تعتمد على السلع الأساسية.في إشارة إلى أن هذه العلاقة قد تنشأ عندما تتخذ السلطة المالية إجراءات مالية تستهدف الحساب الجاري من خلال تعديل ميزانيتها لمراعاة الفرق بين المدخرات الخاصة والاستثمار.

ب- سببية ثنائية الاتجاه: وهذا يعني أيضا رفض فرضية " العجز التوأم " وإثبات أن العلاقة بين العجزين متبادلة، وهذا ما أسفرت عنه النتائج لبعض الدراسات الحديثة في العديد من البلدان المتقدمة والنامية کدراسة (2014 Zixiong Xie Shyh-Wei Chen) حيث تناولت الدراسة العلاقة السببية بين عجز الحساب الجاري وعجز الموازنة العامة لإحدى عشرة دولة في منظمة التعاون والتنمية في المجال الاقتصادي(OECD) وأسفرت النتائج عن إثبات العلاقة المتبادلة (ثنائية الاتجاه) بين عجز الحساب الجاري وعجز الموازنة الحکومية لکل من بلجيکا وفنلندا واليونان وأيسلندا، وأثبتت فرضية التکافؤ لريکاردو لکل من فرنسا والمملکة المتحدة.

ج – ظاهرة " التباعد التوأم " (Twin Divergence): وهي تعني أن العجز في الموازنة العامة يؤدي إلى التحسن في الميزان التجاري ومن ثم في الحساب الجاري، حيثيتسبب زيادة عجز الموازنة أو سعر الفائدة على الإقراض أو تدهور قيمة العملة المحلية في خفض عجز الحساب الجاري في الأجل الطويل. کما يمکن تفسير ذلک عندما تتجه الحکومات خاصة في الدول النامية مثل مصر إلى تمويل عجز الموازنة من خلال الاقتراض من مصادر محلية أو خارجية فإنه يترتب على الاقتراض من جهات محلية مزاحمة الحکومة للقطاع الخاص للحصول على مصادر التمويل، مما يتبعه ارتفاع في سعر الفائدة على الإقراض. ومن ثم يتجه القطاع الخاص إلى الادخار أکثر من الاستثمار للاستفادة من ارتفاع سعر الفائدة. هذا بدوره يؤدي إلى انخفاض الطلب الکلي، بما فيه الطلب على الواردات. مع ثبات باقي العوامل؛ ينخفض عجز الحساب الجاري، ومن تلک الدراسات التي أثبتت هذه الفرضية دراسة (دينا عبد العظيم 2018)،وقداعتمدتالورقةعلىبياناتربعسنويةخلالالفترةمن (2005 -2015 ) في مصر وباستخدام الأساليب الإحصائية المذکورة سابقاً وبعدإجراءنموذجمتجهتصحيحالخطأ VECM أثبتتالنتائج أن الزيادة فيعجزالموازنةيؤديإلىتحسن فيالحسابالجاريوذلکفيالأجلينالقصير والطويل، وکذلک دراسة (Daniel Sakyi2016) في غانا، حيث قدمت هذهالورقة دليلاً على فرضية " التباعد التوأم "(Twin Divergence)، وأوصى بأن يُرکز صانعو السياسات على أثر عجز الحساب الجاري على صافي العمالة، واعتبر أن زيادة الإنفاق الحکومي وتخفيض الضرائب ظاهرة قصيرة الأجل بشرط أن تطبق من خلال سياسات تستهدف الإنفاق على القطاعاتالإنتاجية لخلق الوظائف وزيادة الإنتاج، واعتبر أن التخفيضات الضريبية سوف تؤدي إلى عجز موازنة محتمل لکنها سوف تحفز القطاع الخاص وتعزز القدرة التنافسية الخارجية للبلد من خلال تخفيض أسعار منتجاتها، مما يؤدي إلى زيادة الطلب المحلي والأجنبي على السلع والخدمات المنتجة محلياً، ويُحسن من وضع التجارة الخارجية للدولة مع مرورالوقت.

وفي دراسة (أحمد وآخرون2015) والتي شملت تسع دول أفريقية بما في ذلک مصر في الفترة من (1980: 2009) تم دراسة العلاقة بين نسبة عجز الموازنة إلى الناتج المحلي الإجمالي، ونسبة عجز الحساب الجاري إلى الناتج المحلي الإجمالي وباستخدام منهج تکامل العتبة لـ ـ(Hansen and Seo Long)، وأسفرت النتائج عن تأکيد “ العجز التوأم “  لستة من الدول الأفريقية التسعة والتکامل السلبي لفرضية (التباعد التوأم) للثلاثة الآخرين، دراسة (Nazier and Essam  2012 ) والتياعتمدافيهاعلىبياناتسنوية للفترة (1992 – 2010 بتطبيقنموذجSVAR  لدراسةأثرصدماتالسياسةالماليةعلىالحسابالجاري في مصر، وتمالتوصلإلىوجودظاهرة “ Twin Divergence”،ورفضظاهرة“العجز التوأم “. وهومايتماشىمعنتائجالدراساتالتيرکزتعلىتحليل أثرالصدماتالماليةفيالأجلالقصير.

2 فرضية التکافؤ  لريکاردو : وهذا يعني أنه ليس هناک علاقة بين العجزين وقد أثبتته بعض الدراسات کدراسة (2014 Zixiong Xie Shyh-Wei Chen) وقد أثبتت الدراسة فرضية التکافؤ Barro–Ricardo على کلٍ من فرنسا والمملکة المتحدة، ولم تثبتها لدول أخرى ممن شملتهم الدراسة المکونة من إحدى عشرة دولة.  

ثالثاً: واقع عجز الموازنة العامة وعجز المیزان التجاري في مصر خلال فترة الدراسة:

يشهد الواقع عجزاً مزمناً في کل من الموازنة العامة والميزان التجاري في مصر خلال العقود الماضية وهذا مايتضح من الشکل التالي :

شکل رقم (1) عجز الموازنة العامة وعجز الميزان التجاري في مصر خلال الفترة (1975 -2019)

المصدر: قاعدة بيانات البنک الدولي، وزارة المالية : الموازنة العامة للدولة سنوات مختلفة

يتضح من الشکل (1) أنمتوسط نسبة العجز المالي قد بلغ نحو 17.2% من GDP خلال الفترة (1975- 1980) إلا إنها اخذت بالتناقص خلال عقد الثمانينات، بعد ان شکلت نسبة هذا العجز 24.8 %عام 1976 من خلال اتباع سياسة التقشف، وتقليص حجم القطاع العام بعد الالتزام بتطبيق برنامج التکيف الهيکلي. فتناقص متوسط نسبة العجز المالي من GDP إلى 10.1 % في النصف الاول من عقد الثمانينات، واستمر هذا المتوسط بالتحرک بنفس الاتجاه خلال السنوات اللاحقة اذ انخفض الى 6.9 %حتى حققت السلطات المالية في مصر فائضا في الميزانية الحکومية خلال الفترة (1993-1995)، وأن متوسط نسبة العجز المالي خلال الفترة (1991-1995) لا يتجاوز0.3  %ويمکن أن يعزى ذلک الى المنح الخارجية التي حصلت عليها مصـر خــلال وبعد حرب الخليج الثانية. ثم أخذ العجز المالي المصري خلال الفترة (1996 – 2000) اتجاها مغايرا لما هو متحقق خلال الثمانينات والنصف الاول من عقد التسعينات، اذ تزايد العجز بشکل متسارع حتى بلغ  12.708مليار جنيه مصري عام 1999 إلا إن نسبته من GDP لم تتجاوز 4.2 % وبمتوسط 2.6 %خلال تلک الفترة.

وقد تزايد عجز الموازنة إلى أن بلغ نحو 7.5 % عام  2006 من الناتج المحلي الاجمالي، وقد بدأ في الانخفاض مرة أخرى في عامي 2007، 2008 على التوالي بسبب تأثير الأزمة المالية العالمية على النشاط الاقتصادي عام 2009 نتيجة انخفاض الايرادات العامة حيث بلغ العجز الکلي لقطاع الموازنة العامة نحو 98 مليار جنيه بما يعادل 8.1 % من الناتج المحلي الاجمالي، ثم تزايد العجز في الموازنة إلى 13.7 % عام 2012 حيث يُعد هذا العجز الأکبر في تلک الفترة حيث بلغت المصروفات نسبة 33.5 من الناتج المحلي الاجمالي بينما بلغت الايرادات نحو 20 % من الناتج المحلي الاجمالي(عبدربه، نشوى محمد 2019)[i]، ولکن مع الإجراءات التي قامت بها الحکومة المصرية في إطار برنامج الاصلاح المالي فقد انخفض العجز المالي بدءاً من عامي 2016، 2017 حتى عام 2019 حيث بلغ على الترتيب نحو 10.75 %، 9.53 %، 8.04 %،7.58 %.

أما العجز في الميزان التجاري فقد بلغ نحو 14.7 % من الناتج المحلي الاجمالي في متوسط الفترة (1975 – 1980)، أما متوسط الفترة (1981 – 1990) فقد ارتفع العجز إلى نحو 25.6 % من الناتج المحلي الاجمالي، ثم انخفض إلى نحو 12.6 % خلال متوسط الفترة (1991 – 2000)، ثم عاود الانخفاض مرة أخرى حيث بلغ نحو 10.3 % في متوسط الفترة (2001 – 2010)، إلا أن العجز قد عاود الارتفاع في متوسط الفترة(2011 – 2019) حيث بلغ نحو 13.4 %،  ويعزى استمرار عجز الميزان التجاري المصري وتزايده واستمراره إلى انخفاض الصادرات الناجم عن أسباب هيکلية في الاقتصاد المصري منها ضعف الإنتاج المحلي حيث تترکز الاستثمارات في أنشطة غير انتاجية. حيث بلغت الصادرات على سبيل المثال في عام 2017 / 2018 نحو 25.8 مليار دولار، بينما بلغت الواردات نحو 63.1 مليار دولار،واتسم هيکل الواردات بزيادة استيرادالسلع البترولية والاستهلاکية وخاصة السلع الغذائية الاستراتيجية منها والتي تعاني مصر من فجوة غذائية کبيرة فيها نتيجة لانخفاض الإنتاج المحلي منها. حيث بلغت الواردات من السلع الاستهلاکية والبترولية نحو 34.407 مليار دولار بنسبة 54.6 % من إجمالي الواردات لعام 2017 / 2018، بينما بلغت الواردات من السلع الرأسمالية والوسيطة نحو 28.693 مليار دولار بنسبة 45.4 % من إجمالي الواردات لنفس العام، مما يعني أن الواردات من السلع الاستهلاکية والبترولية لها النصيب الأکبر من إجمالي الواردات وبنسبة أکبر من السلع الاستثمارية والوسيطة(البنک المرکزي المصري، النشرية الاحصائية 2 /2019).

 

رابعا: نموذج قياسي لاختبار العلاقة بين العجزين والتحقق من وجود ظاهرة العجز التوأم في مصر

يهدف هذا المبحث إلى صياغة وتقدير نموذج قياسي للاقتصاد المصري، يمکن من خلاله دراسة وتحليل العلاقة بين عجز الموازنة العامة وعجز الميزان التجاري خلال الفترة (1975 – 2020)، ويستند في هذا إلى الإطار النظري ونتائج الدراسات التطبيقية، (السابق التعرض لها في المحاور السابقة من البحث). ولهذاالغرضسنقومبتجزئةهذاالمحور إلى ثلاثة أقسامرئيسية، نتناولفيالأولالطريقةالمستخدمةفيالتحليل؛وفيالثانيالنتائجالمتوصلإليهامنجراء تطبيق اختباراتالاستقراريةواختباراتالتکاملالمشترکواختباراتالسببيةلجرانجر،وفيالأخيرسنحاول تلخيص وتفسيرومناقشة النتائجالمتوصلإليها.

أولا: صياغة وتوصيف النموذج القياسي:

1-     توصيف المتغيرات:

أ - المتغيرات المستقلة:

BD = العجز الاجمالي في الموازنة العامة کنسبة من الناتج المحلي الإجمالي.

GDP= الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي.

REXR= سعر الصرف الحقيقي.

RIR  = سعر الفائدة الحقيقي.

TRADE= الانفتاح التجاري.

(وهو عبارة عن التجارة الخارجية (الصادرات + الواردات) کنسبة من الناتج المحلي الإجمالي).

ب - المتغير التابع:

TD = رصيد حساب الميزان التجاري کنسبة من الناتج المحلي الاجمالي.

2-     صياغة النموذج:

 

وسيتم استخدام هذا النموذج لاختبار فرضية العجز التوأم في مصر.

 

منهجيةالبحث(الأساليب القياسية المستخدمة):

لغرضدراسةالعلاقةبينعجز الموازنة العامة وعجز الميزان التجاري،استخدمنابياناتسنوية،وذلکعنالفترة (1975-2020م). وتماشيامعالتوجهاتالحديثةفيتحليلالسلاسلالزمنية،والتيکانلهاالدورالبارزفي جعلالعلاقاتالاقتصادية قابلةللقياسوالتحليلالکمي،قمناباستخدامطرقتحليلالتکاملالمشترک، وفق منهجية ARDL، إضافةإلىمنهجيةالسببيةلـ جرانجر Granger، لاختبار فرضية العجز التوأم ضمن إطارالاقتصادالمصري.وتحديداتجاهالعلاقةبينالمتغيراتمحل الدراسة.

المرحلةالأولى:اختبارسکونالسلاسلالزمنيةعنطريق استخدام اختباراتجذرالوحدة.

    المرحلةالثانية: تحديدالفجواتالزمنيةبمعياري أکايک(Akaike)، وشوارتز (Schwarz)

المرحلةالثالثة: اختبارالتکاملالمشترک وفق الانحدار الذاتي ذو الفجوات المبطأة ARDL.

المرحلةالرابعة: تحديدالعلاقةالسببيةفيالمدىالطويلباستخداماختبارجرانجرللسببية.

أ - اختباراتالاستقرار (السکون) (stationarity):

وهيلفحصدرجةتکاملالسلاسلالزمنيةللمتغيراتمحلالدراسة. للتعرفعلى ماإذاکانتهذه المتغيراتمستقرةأملا،ذلکأنطبيعةهذهالسلاسلتکونغير ساکنة، مما قديؤديإلىمايعرفبظاهرة الانحدارالزائف (Spurious Regression) فيالسلاسلالزمنيةللمتغيرات،والذييعنيأنوجوداتجاه عام  (Trend) قد يؤديإلىوجودعلاقةمعنويةبينهذهالمتغيرات،حتىلوکانالاتجاهالعامهو الشيء الوحيدالمشترکبينها.

وبماأنمعظمالسلاسلالزمنيةللمتغيراتالاقتصاديةتتصفبخاصيةعدم الاستقرار، لذلکنقومأولاباختباراستقرارهذهالسلاسلوتحديددرجةتکاملها، حيثيتمذلکباستخدام اختبارجذرالوحدة(The Unit Root Test)، والذييرجعالفضلفيتطويرهإلى کلمنديفيدديکي ووليامفوللر، وذلکباستخداممايسمىاختبار (Dickey- Fuller)، وسنطبق هنااختبارديکيفوللر الموسع (Augmented Dickey – Fuller Test)، حيثيعتبرمنأکفأالاختباراتلجذرالوحدة.  

وهناک عدد من الطرق المستخدمة في اختبار صفة السکون (الاستقرارية) في السلاسل الزمنية، منها:

1-     دالة الارتباط الذاتي Autocorrelation.

2-     اختبار جذر الوحدة لديکي – فوللرDickey – Fuller Test.

3-     اختبار جذر الوحدة (المعدل) Augmented Dickey – Fuller Test.

4-     اختبار فيلبس – بيرون Phillips – Perron Test (pp).

5-     اختبار Kwiatkowski–Phillips–Schmidt–Shinn  (KPSS).

وسيتم الاعتماد على کلا من الاختبار الثالث والرابع في هذه الدراسة.

ب- اختبار عدد فترات التباطؤ (Lag-Length Selection):

تقاس فترة التباطؤ الزمني بالفترة التي يظهر فيها أثر متغير ما على متغير آخر، وتتحدد هذه الفترة بالإجابة على السؤال التالي: کم يتأخر ظهور أثر متغير ما على متغير آخر؟.ولإيجاد العدد الأمثل لفترات التباطؤ الزمني في نموذج الدراسة، يتم الاعتماد على معياري أکايک (Akaike Information Criterion)  وشوارز(Schwarz Information Criterion).  ولتحديد العدد الأمثل لفترات التباطؤ الزمني، يتم اختيار أقل قيمة من قيم معياري أکايک وشوارز (AIC) (SIC)، والتي يقابلها التباطؤ الزمني الأمثل.

ج -اختبار التکامل المشترک (Co-Integration Test):

ومنأهمالمناهجالقياسيةالمستخدمةلاختبارالتکاملالمشترکللسلاسلالزمنيةهي:

  • ·          منهجيةانجل- جرانجر Engel and Granger  ·
  • ·          منهجيةجوهانسنجسليوس Johansen and Juselius  ·
  • ·          منهجية الانحدار الذاتي ذو الفجوات المبطأة ARDL.

تعدمنهجية"انجل - جرانجر"منأهمالطرقالمستخدمةفياختبارالتکاملالمشترک،حيث اعتمداعلىاختبارالفرضالصفريالقائل بعدموجودتکاملمشترکبينالمتغيرات“. وذلکبتقدير الانحدارلمتغيرعلىالآخرباستخدامطريقةالمربعاتالصغرىالعادية،ثماختباروجودجذرالوحدة فيسلسلةالبواقي. فإذاکانتسلسلةالبواقيبهاجذروحدة(أيغيرمستقرة)فيمکنقبولالفرض الصفري،عدموجودتکاملمشترکفيالمعادلة. أماإذاکانتسلسلةالبواقيمستقرةولاتشملعلى جذرالوحدة،فيتمرفضالفرضالصفريوقبولالفرضالبديلبوجودعلاقةتکاملمشترکبين المتغيرين(علاوي، کامل- راهي، محمد2010).

 

د‌-      اختبار العلاقة السببية (Causality Test):

تُستخدمالعديدمنالاختباراتالسببيةفيتحديدطبيعةالعلاقةبينالمتغيراتالاقتصادية، کونهذهالمتغيراتقدلا تتحرکبالاتجاهنفسهلتحقيقحالةالتوازن،وذلکلتأثرهابعواملمختلفة،مما يُشيرإلىوجودمدىللارتدادالزمني،يُعبرعنالفارقالزمنيفياستجابةالمتغيرالتابعلأثرالتغير فيالمتغيراتالمستقلة.وتُعداختبارات العلاقة السببية منأهمالمحاورفيتحديدصيغالنماذجالاقتصادية، إذتهدفإلىالبحثعنأسبابالظواهر العلمية،للتمييزبينالظاهرةالتابعةمنالظواهرالمستقلةالمفسرةلها(السيفو، وليد اسماعيل 1988).

بناءعلىماسبق،يتطلب اختبارالسببيةلجرانجرتقديرنموذجمتجهانحدارذاتيVAR  ثنائيالاتجاهالذييصفسلوکالمتغيرين،کمايتطلبکذلکاستخدامالمتغيراتبصيغتهاالمستقرة،لأنغيابصفةالاستقرارقديجعلالانحدارالمقدر زائفا(عريش،شفيق، وآخرون2011).

ولکنقبلتحديدالعلاقةالسببيةبينالمتغيرين،يجبتحديدعددالفجوات الزمنية المناسبلنموذج VAR(P)، وذلکلأنهبعددأقلمن   pيؤديإلىخطأفيالتوصيف،وبعددأکبرمن p يؤديإلىعدم استغلالکاملمعلوماتالسلسلةالزمنية،کماينقصمندرجاتالحرية(رشاد، ندوى 2011).

ويتمعادةتحديدعددالفجوات الزمنية بالاعتمادعلىمعياريSC  و AIC.  فعندالقيامباختبارالعلاقةالسببيةبين متغيرينمحلالدراسة، نقومأولا بفحصدرجةتکاملالسلاسلالزمنيةللمتغيرين، ثماختبارفرضيةالتکاملالمشترکوتصميم نموذجتصحيحالخطأ،وأخيرا اختبار العلاقةالسببية.

2 - تقدير النموذج وعرض النتائج:

أظهرتالدراسةالإحصائيةللمعطياتنتائجعديدة،يمکنتقسيمهاإلىعدةعناصر،نوردهابالترتيبالتالي:

  • ·          رسمالمتغيرات:

الخطوةالأولىفيعمليةتحليلالسلاسلالزمنية،هورسمالمشاهداتلمعرفةالاتجاهالعاملها،حيث يُمثلالشکل التالي رسم السلاسلالزمنيةلکلمن المؤشرات المستقلة والتابعة المدرجة في النموذج القياسي.

شکل رقم (2)

  • ·  نتائجالتحليلالإحصائيللسلاسل الزمنية:

1-                    نتائجاختباراتالاستقرارية (السکون):

يهدفاختبارالاستقراريةإلىفحصخواصالسلاسلالزمنية للمتغيرات المدرجة في النموذج،خلالالفترة (1975 – 2020)،والتأکدمنمدىسکونها،وتحديدرتبةتکاملکلمتغيرعلىحدة. ومنخلالشکل (2)، يتراءىلناأنکلامنالسلاسلالزمنية للمتغيرات الستة غيرمستقرة،ولتأکيدذلکأونفيه،تطلب الأمراستخداماختباراتجذرالوحدة.(Unit Root Test)

ورغمتعددهذهالاختبارات،إلاأننااعتمدنافيهذهالدراسة علىاختباريناثنين،وهما: اختبارديکي -فوللرالموسع (Augmented Dickey-Fuller)، واختبارفيليب - بيرون (Phillips-Perron)،وهذالاختبارفرضيةالعدمالقائلةبوجودجذرالوحدة(أيعدماستقرارالسلسلةالزمنية).

يوضحالجدول (2) بالملحق الاحصائيالنتائجالإحصائيةالتيتمالحصولعليهامنجراءتطبيقالاختبارينالسابقينعند المستوى،کمايتضمنالقيمالحرجةلکلاختبارعندمستوىمعنوية5%. ومنخلالنتائجالاختبارات،يتضحأنالسلاسل الزمنيةغيرمستقرة،وتحتويعلىجذروحدوي،(باعتبارأنالقيمالمحسوبةأقلتمامامنالقيمالحرجةلـ Mackinnon) ومايعززهذهالنتيجةهوقيمالاحتمالالحرجالأکبرمن  5%. والخطوةالتاليةهيتطبيقالاختبارينالسابقينعندالفروقمنالدرجةالأولىللسلاسل الزمنيةالمعنية.

     يوضحالجدول (3) بالملحق الاحصائي النتائجالإحصائيةالتيتمالحصول عليهامنجراءتطبيقالاختبارينالسابقين عند الفروق الأولى،کمايتضمنالقيمالحرجةلکلاختبارعندمستوىمعنوية  5%.تُشيرالنتائجإلىأنالسلاسل الزمنيةالمحولةعنطريقالفروقمنالدرجةالأولىمستقرة،(وذلکباعتبارأن القيمالمحسوبةأکبرتمامامنالقيمالحرجةلـMackinnon)، ومايعززهذهالنتيجةهوقيمالاحتمالالحرجالأصغر من  5%.  أيأن السلاسل الزمنية للمتغيرات "متکاملةمنالدرجةالأولى". ما عدا متغير سعر الفائدة الحقيقي والذي کان مستقرا في المستوى. وهذهالنتائجتنسجممعالنظريةالاقتصادية القياسية،التي تفترضأنأغلبالمتغيراتالاقتصاديةالکليةتکونغيرساکنةفيالمستوى،ولکنهاتصبحساکنةفيالفرقالأول

    تحديد مدد التباطؤ الزمني :هناک أربعةمعايير, SC, AIC HQFPE, يمکن الاستعانة بها من أجل تجنب الحکم الشخصي في تحديد مدة التباطؤ.وعليه وفقا  للتقديرلاختبارالتکاملالمشترکوفق نموذج  ARDLفي إطار5 فترات إبطاء کحد أقصى وهو الرقم الذي تم الحصول عليه في العدد الأکبر من المعايير.

    قبلتطبيقطريقةالتکاملالمشترکيجبتحديدعددفتراتالإبطاءP لنموذج الانحدار الذاتيVARولتحديد  P يُستخدممعياري Schwarz  و Akaike. إن طريقةاختيار  P تتضمنتقديرکلنماذج VAR لفتراتإبطاءمن0إلى  [1]h(وهوالإبطاءالأکبرالمقبولبالنسبةللنظريةالاقتصادية). 

ويتضحمنالجدول رقم (4) بالملحق الاحصائي أنأربعةمعايير, SC, AIC HQFPE, اختارت5 فترات ابطاء للنموذج.وعليه يتم التقديرلاختبارالتکاملالمشترکوفق نموذج  ARDLفي إطار5 فترات إبطاء کحد أقصى.

2-      نتائجاختباراتالتکاملالمشترک:

علىضوءاختبارجذرالوحدةالسابق،اتضحأنکلمتغيرعلىحدةمتکاملمنالدرجةالأولى،أيأنهاغيرساکنةفيالمستوى،ولکنهاساکنةفيالفرقالأول، ما عدا متغير سعر الفائدة الذي کان مستقرا في المستوى. وترکزنظريةالتکاملالمشترکعلىتحليلالسلاسلالزمنيةغيرالساکنة،والمتکاملة من الدرجة نفسها. حيثيشيرکلمن "أنجل - جرانجر"إلىإمکانيةتوليدمزيجخطييتصفبالسکونمنالسلاسلالزمنيةغيرالساکنة. وإذاأمکنتوليدهذاالمزيجالخطيالساکن،فإنهذهالسلاسلالزمنيةغيرالساکنةفيهذهالحالةتعتبرمتکاملةمننفسالرتبة. وبالتاليفإنهيُمکناستخداممستوىالمتغيراتفيالانحدار،ولايکونالانحدارفيهذهالحالةزائفا،وتوصفبالعلاقةالتوازنيةفيالمدىالبعيد.

وهذايعنيأنهلا يمکننا تطبيق اختبارالتکاملالمشترکبين المتغيرات. سواءوفق طريقة"انجلجرانجر"أو طريقة"جوهانسن – جسليوس"للتکاملالمشترک، حيث تشترط الطريقتين أن تکون جميع المتغيرات متکاملة من نفس الدرجة. وعليه، سوف نلجأ لاستخدام نموذج التکامل المشترک وفق منهجية ARDL والذي يستطيع التعامل مع السلاسل الزمنية المتکاملة من درجات مختلفة، بشرط أن تکون متکاملة من الدرجة 0 أو 1، حيث أن متغير سعر الفائدة الحقيقي مستقرا عند المستوى، أما بقية المتغيرات فتصبح مستقرة عند الفرق الأول، ويمکننا عندها تطبيق نموذج التکامل المشترک وفق منهجية ARDL.. والذي يمکن استخدامه بصرف النظر عن درجة تکامل المتغيرات، سواء کانت متکاملة عند المستوى أو عند الفرق الأول، أي بصرف النظر عن درجة التکامل أو مستوى الاستقرارية.

3-      نتائجاختباراتالتکاملالمشترکباستخدام نموذج ARDL

للتأکد من وجود علاقة توازنية طويلة الأجل بين المتغيرات من عدمه، نلجأ لاختبار Bounds Test، ويوضح الجدول (6) بالملحق الاحصائي نتائج الاختبار:

يتضح من نتائج الاختبار أنه: "توجد علاقة توازنية طويلة الأجل بين المتغيرات المستقلة والمتغير التابع" – بدءا من مستوى معنوية 5% - حيث کانت قيمة F تقع خارج حدود I0 و I1 بدءا من مستوى المعنوية 5%.

وعليه يصبح النموذج المقدر:

TD = – 0.231 BD + 0.011 GDP + 4.127 EXR

+ 0.841 RIR – 0.080 TRADE – 51.672.

4-      نتائج اختبارالعلاقةالسببية:-

يأتياختبارالعلاقةالسببيةواتجاههابينالمتغيراتمحلالدراسة کخطوةأخيرةبعدالقيامباختبارالتکاملالمشترک. وباختبارالفجوةالملائمةللمتغيرات، ويتطلباختبارالسببيةلجرانجرتقديرنموذجمتجهانحدارذاتيVARثنائيالاتجاهالذييصفسلوکالمتغيرين،کمايتطلبکذلکاستخدامالمتغيراتبصيغتهاالمستقرة،لأنغيابصفةالاستقرارقديجعلالانحدارالمقدرزائفا،وبالتاليسنأخذبعينالاعتبارالفروق الأولى للمتغيرات.  بناء على ما سبق، ولتحديداتجاهالعلاقةبينالمتغيرات،أجرينااختبارجرانجرللعلاقةالسببية بين عجز الموازنة العامة وعجز الميزان التجاري في مصر،وذلکباستخدامبرنامج E-Views معأخذعددالفجواتالزمنيةتساوي (9)(Lags:9).

وقد تحصلنا علىالنتائجالمعروضةفيالجدولالتالي:

حيث تشيرنتائجالتقديرللعلاقةالسببيةفيالجدول(7)إلىأن قيم الاحتمال الحرج أقل من 5%، ممايعنيمعنوية معلمة (F)إحصائيا، في حالة تأثير عجز الميزان التجاري على عجز الموازنة العامة. نستنتج من ذلک: "أن التغيراتفي عجز الميزان التجاري تسببحسبمفهومجرانجرالتغيراتالحاصلةفي عجز الموازنة العامة. بينما التغيرات في عجز الموازنة العامة لا تسبب التغيرات الحاصلة في عجز الميزان التجاري في نطاق الاقتصاد المصري"مما يؤکد عدم قبول تحقق فرضية ظاهرة العجز التوأم في مصر، وقبول فرضية "السببية العکسية" أي أن العجز في الميزان التجاري يؤدي إلى عجز الموازنة.

الاختبارات التشخيصية للنموذج المقدر:

1-      اختبار وجود تکامل مشترک بين متغيرات النموذج  مبينة بالجدول(5) بالملحق: تبين نتائج اختبار ARDL Bounds Test أن قيمة احصائية F تساوي 7 وهي أکبر من القيمة الجدولية الأعلى عند مختلف مستويات الدلالة الأربعة، وتؤکد هذه النتيجة أنه توجد علاقة تکامل مشترک بين متغيرات النموذج وفق هذا المعيار.

2-      اختبار مدى ملاءمة تحديد أو تصميم النموذج المقدر : يبين الجدول(8) أن النموذج لا يعاني من مشکلة عدم ملاءمة الشکل الدالي، وبذلک فإن النموذج المقدر صحيح وفق اختبار Ramsey RESET Test، حيث تم قبول فرض العدم حسب معنوية اختبار F.

3-      اختبار فرضية اختلاف التباين:

باستخدام اختبار ثبات التباين المشروط بالانحدار الذاتي ARCH، توضح النتائج إمکانية قبول فرضية العدم القائلة بثبات تباين حد الخطأ العشوائي في النموذج المقدر.

4-      اختبار التحقق من التوزيع الطبيعي لبواقي معادلة الانحدار:

 

توضح النتائج أنه لا يمکن رفض فرضية العدم القائلة بأن بواقي الانحدار موزعة توزيعا طبيعيا، وهکذا نجد أن النموذج المقدر لا يعاني من مشکلة التوزيع غير الطبيعي للبواقي.

رابعاً :النتائجومناقشتها:

قامت الدراسة باختبار فرضية "العجز التوأم" في مصر لتوضيح العلاقة بين عجز الموازنة العامة وعجز الميزان التجاري، باستخدام عدد من متغيرات الاقتصاد الکلي وهي: (سعر الصرف الحقيقي، سعر الفائدة الحقيقي، الناتج المحلي الاجمالي، بالإضافة إلى الانفتاح التجاري) خلال الفترة (1975 - 2020)، وذلک باستخدام نموذج ARDL، بالإضافة لاختبارات السببية.

وقد توصلت الدراسة إلى وجود علاقة سببية أحادية الاتجاه من العجز في الميزان التجاري إلى عجز الموازنة العامة للدولة، کما توصلت إلى وجود علاقة عکسية بين عجز الموازنة العامة وعجز الميزان التجاري في الأجل الطويل"مما يؤکد عدم قبول تحقق فرضية العجز التوأم في مصر، وقبول فرضية "السببية العکسية.

وتلک النتائج تتماشى مع بعض الدراسات الأخرى والتي رفضت فرضية "العجز التوأم" في مصر وأثبتت الفرضية العکسية کدراسة  (Helmy and Zaki, 2015)، (2008 Carlos Fonseca Marinheiroويتضح من تلک الدراسات أن الفرضية المناسبة لمصر هو الانطلاق من عجز الميزان التجاري والذي يزداد سوءاً مع مرور الوقت نتيجة زيادة الواردات من السلع الاستراتيجية والواردات البترولية ومستلزمات الإنتاج والتي تتزايد بسبب تزايد الاحتياجات وانخفاض الإنتاج المحلي وزيادة أعداد السکان وضعف قطاع التصدير، مما يضغط على سعر صرف الجنيه المصري، و يجبر الحکومة على رفع سعر الفائدة لمنع مزيد من التدهور والتحول إلى ظاهرة (الدولرة)، ومع الاعتماد على القروض المحلية والخارجية تتزايد أعباء الديون مما يؤدي إلى تفاقم عجز الموازنة العامة للدولة.وقد ارتفع حجم الديون الخارجية في مصر بشکل کبيرمن نحو 35.07 مليار دولار عام 2008 إلى نحو 92.6 مليار دولار في نهاية يونية عام 2018، وإلى نحو 123.5 مليار دولار في نهاية يونيو2020، کما استحوذ بند الفوائد على النصيب الأکبر من النفقات العامة حيث التهم نحو 36 % من إجمالي النفقات العامة للعام المالي 2019 / 2020، وارتفعت أسعار الفائدة من نحو 11 % عام 2008 إلى نحو 19 % في الربع الأول من عام 2018 (البنک المرکزي المصري، تقرير السياسة النقدية 2019).

ومن الدلائل على تأثير عجز الميزان التجاري على عجز الموازنة العامة للدولة في مصر قد اتضح فيما يلي :

1 - في زيادة فاتورة الوارداتالبتروليةنتيجةلارتفاعأسعارالبترولالعالمية.حيثازدادتالوارداتالبتروليةمن 9.3ملياردولارفيعام 2015 / 2016 إلى 11.2 ملياردولارعام 2016 / 2017،وقدارتفعبدورهدعم المنتجاتالبتروليةمن 51 مليارجنيهعام 2015 / 2016 إلى 115 مليارجنيهعام2016 / 2017، مما تسبب فيعحز الميزان التجاريوبدورهأديإلى زيادةقيمةالدعمفيالموازنة، وبالتالي زاد الإنفاق الحکومي مما انعکس سلباً على عجزالموازنةولکن هذاالتأثيرلايُعددائماًحيثأنهيعتمدعلىعواملخارجية (دينا عبد العظيم 2018).

2 – يُلاحظ أن خفض قيمة العملة المحلية قد أثر سلباً على الميزان التجاري المصري (وذلک عکس ماتفترضه النظرية الاقتصادية من أن تخفيض العملة الوطنية يؤدي إلى زيادة الصادرات وتخفيض الواردات)حيث أشارت الاحصاءات إلى زيادة العجز في الميزان التجاري من نحو 9 % من الناتج المحلي الإجمالي لعام 2016 إلى نحو 15 % من الناتج المحلي الإجمالي لعام 2017 وقد يُعزىذلک لأسباب من أهمها، حاجة هذا الإجراء(تخفيض قيمة العملة المحلية) إلى وقت حتى يؤتي ثماره. فضلاً عن الأمر مرتهن بمدى مواءمة الهيکل الإنتاجي والاقتصاد الحقيقي لهذا الإجراء. فضلاً عن إنه في حالة انخفاض مرونتي الصادرات والواردات فإن الزيادة في الطلب الخارجي أو التراجع في الطلب المحلي على السلع المستوردة تکون أقل من مقدار التخفيض في قيمة العملة (خالد تعيلب 2017)، وهذا ماأکدته الاحصاءات أيضاً حيث تبين أن نسبة تخفيض الجنيه المصري بلغت نحو 103 % في يونيو 2017 عن يونيو 2016  وذلک عقب قرار التعويم الصادر في 3 نوفمبر 2016، أما الصادرات المصرية فقد ارتفعت بنسبة 19 % في عام 2017 عن العام  2016، وانخفضت قيمة الواردات بنحو12.5 % في نفس الفترة(قاعدة بيانات البنک الدولي).

3 - لا يجب إغفالأثر ارتفاع معدلات التضخم في مصر وتقلبها بشکل مستمر وخاصة في السنوات الأخيرة والتي أعقبت قرارات البنک المرکزي بالتعويم في 3 نوفمبر 2016 حيث بلغت معدلات التضخم نحو نحو31.9 %، 34.9 % في مارس وسبتمبر2017، کما بلغ نحو 29.5 % عام 2018 مما يخلق حالة من عدم اليقين ويحد من قدرة الأفراد على الدخول في التزامات ادخارية طويلة الأجل وهو مايؤثر على معدلات الادخار الکلية ومن ثم الاستثمار، وکذلک فإن معدلات التضخم المرتفعة تؤدي إلى ترکز الاستثمارات في أنشطة غير إنتاجية بسبب ارتفاع التکاليف، کما أنه يؤثر سلباً على تنافسية الصادرات المصرية،وبالتالي يزيد من عجز الميزان التجاري. 

4 – من أهم أسباب عدم ارتفاع الصادرات المصرية بالشکل المتوقع أيضا هو ارتفاع تکلفة الاستيراد والمدخلات المستوردة والتي تُشکل نحو 70.3 % من مُدخلات الإنتاج ومن ثم زيادة تکلفة الإنتاج وتقليص المزايا السعرية للصادرات (ناصر حسنين، محمود البتانوني 2017).

5-      الخلط وعدم التفرقة بين الحساب الجاري والميزان التجاري قد يسفرعن نتائج متباينة وقد تکون عکس الأخرى وخاصة في الحالة المصرية، حيث أن الميزان التجاري يُعد جزءاً  من الحساب الجاري بالإضافة إلى ميزان الخدمات والتحويلات، أما بالنسبة للميزان التجاريهو المحدد الرئيس في تغيرات رصيد الحساب الجاري حيثيتضمن الصادرات والواردات السلعية ويتأثر بالعديد من المتغيرات الداخلية والاختلالات الهيکلية والسياسات الاقتصادية المتبعة في الدولة وغالباً مايعاني من عجز مزمن، أما الميزان الخدمي والذي يتضمن (الإيرادات السياحية ورسوم قناة السويس)، بالإضافةلبند التحويلات(کتحويلات المصريين العاملين في الخارج)فغالباً ما يحقق فائضا، وفي الوقت نفسه فإنه يتأثر بالعديد من العوامل الخارجية مثل تأثر إيرادات قناة السويس بأعداد السفن المارة بها والتي تتأثر فعلياً بحرکة التجارة العالمية، وکذلک تحويلات المصريين بالخارج والتي تتأثر بالأحوال الاقتصادية التي تمر بها البلدان التي يعملون فيها، أما الإيرادات السياحية فإن الحالة الأمنية لها دور کبير في الحفاظ على تدفق السياح لمصر و بالتالي استقرار إيرادات هذا البند، وعند ضم الميزان الخدمي وبند التحويلات قد يحدث توازن أو فائض في الحساب الجاري وهذا ما يعطي مؤشراً غير دقيق وغير متسق مع الفرضيات المذکورة، وبالتالي قد يعطي إشارات غير دقيقة  لصانعي السياسات مما يبنى عليه سياسات وإجراءات غير مواتية. 

 

وبناءً على ماتقدم يتضح لنا مايلي  :

  • ·           وجود علاقة سببية أحادية الاتجاه من العجز في الميزان التجاري إلى عجز الموازنة العامة للدولة، کما توصلت إلى وجود علاقة عکسية بين عجز الموازنة العامة وعجز الميزان التجاري في الأجل الطويل"مما يؤکد عدم قبول تحقق فرضية العجز التوأم في مصر، وقبول فرضية "السببية العکسية.
  • ·           أن معظم الدراسات التي تناولت فرضية " العجز التوأم " في مصر قد رفضتها وأيدت فرضية السببية العکسية والتي تعني "أن عجز الميزان التجاري هو الذي يؤدي إلى عجز الموازنة العامة.
  • ·            ترکز الاستثمارات في أنشطة غير إنتاجية بسبب ارتفاع التکاليف، کما أنه يؤثر سلباً على تنافسية الصادرات المصرية،وبالتالي يزيد من عجز الميزان التجاري وبالتالي إلى عجز في الموازنة العامة للدولة.

التوصيات:

 توصي الورقة بضرورة الاهتمام بالقطاعات الانتاجية وتوجيه الاستثمارت وتشجيعها لتلبية الاحتياجات المحلية وتحقيق فائض للتصدير مما يقلل من الاعتماد على الاسواق الخارجية، وضرورة الاهتمام بالصادرات المصرية والقضاء على العقبات التى تقابلها داخلياً وخارجيا، واتباع أفضل الاستراتيجيات التجارية التى تساعد على تحقيق ذلک مثل استراتيجية التوجه الخارجى أو استراتيجية الاحلال محل الواردات، واتباع سياسة الترشيد والحد من الواردات، ودعم الصادرات ذات القيمة المضافة العالية وربطها بجودة المنتجات لرفع القدرة التنافسية للصادرات المصرية، والتنسيق بين السياسات الاقتصادية (المالية النقدية التجارية)لتحسين کلاً من عجز الموازنة العامة للدولة وعجز الميزان التجاري، کما توصي بالحد من الاعتماد على القروض المحلية والخارجية لتمويل عجز الموازنة والبحث عن مصادر أخرى لتمويل المشروعات العامة کالصکوک والمشارکة بين القطاعين العام والخاص لتخفيف العبء على الموازنة العامة للدولة، مع ضرورة استهداف تقليل الفارق بين المستوى الحالي للدين العام والمستوى المسموح به دولياً والذي يقُدر بنحو 60 % من الناتج المحلي الاجمالي، کما توصي أيضاً بأهمية التوجه نحو توسيع الوعاء الضريبي المحلي ودمج الاقتصاد غير الرسمي وتحسين کفاءة أجهزة التحصيل أکثر من الترکيز على رفع معدلات الضرائب وذلک لتأثيرها السلبي على تنافسية الاقتصاد القومي.

 

 

 



[1]وهو الأعلى قيمة لفترات التباطؤ.



 

قائمة المراجع:
أولاً : المراجع العربية:
1)   وزارة التخطيط والإصلاح الإداري، تقرير متابعة الأداء الاقتصادي والاجتماعي خلال العام المالي 2019 / 2020 ص 4
2)    إيمان حسن علي، “ العجز التوأم “، حالة الاقتصاد المصري ، المجلة العلمية للبحوث والدراسات التجارية، جامعة حلوان، کلية التجارة وإدارة الأعمال، العدد الأول،2010، ص 483.
3)    البنک المرکزي المصري، تقرير السياسة النقدية، والنشرات الاحصائية، سنوات مختلفة.
4)    خالد محمد السواعي، أنور أحمد العزام، "  العجز التوأم “ في ظل المتغيرات النقدية والمالية والنمو الاقتصادي والانفتاح التجاري : حالة الأردن، المجلة الأردنية للعلوم الاقتصادية المجلد 2، العدد 2، 2015.
5)    خالدعبد المجيد تعيلب، فاعلية التعويم المُدار للصرف الأجنبي في تخفيض عجز الميزان التجاري، مجلة کلية التجارة، جامعة بورسعيد 2017، ص 12.
6)     شفيقعريشوآخرون،اختباراتالسببيةوالتکاملالمشترکفيتحليلالسلاسلالزمنية،مجلةجامعةتشرينللبحوثوالدراساتالعلمية، سلسلةالعلوم الاقتصاديةوالقانونية،المجلد33،العددسوريا،2011م،ص 82.
7)     عبدربه، نشوى محمد، العجز التوأم: دراسة حالة مصر للفترة 1975- 2018، مجلة التجارة والتمويل، کلية التجارة، جامعة طنطا 2019.
8)    قاسم محمد جديتاوي، محمد سليمان طراونة، " العجز التوأم " دراسة حالة الأردن للفترة (1980 – 2010)، المجلة الأردنية للعلوم الاقتصادية، المجلد 2، العدد 1، 2015.
9)     کامل علاوي، محمد راهي، "تحليل وقياس العلاقة بين التوسع المالي والمتغيرات الاقتصادية في العراق للمدة (1974-2010)"، مجلة الغري للعلوم الاقتصادية والإدارية، السنة التاسعة، العدد التاسع والعشرون،2010، ص: 224.
10)  ندوىرشاد،استخداماختبارجرانجرفيتحليلالسلاسلالزمنية،المجلةالعراقيةللعلومالإحصائية، عدد19، 2011م، ص 276.
11)  وزارة المالية، الحساب الختامي للميزانية العامة للعام المالي 2017 /2018.
12)  وليدإسماعيلالسيفو،مدخلإلىالاقتصادالقياسي،دارالکتبللطباعةوالنشر،جامعةالموصل،١٩٨٨م،ص 47-48.
13) أمين، تمار، اختبار سببیة yamamoto- toda بین عجز الموازنة و المیزان التجاري في الجزائر (2016 -1990)،مجلة الدراسات المالیة والمحاسبیة والإداریة،جوان- التاسع العدد،2018.
14)   السواعي، العزام " العجز، التوأم في ظل المتغي : ّرات النقدية والمالية والنمو الاقتصادي والانفتاح التجاري حالة الأردن 2،المجلة الأردنية للعلوم الاقتصادية، المجلد 2،2015.
 
ثانياً المراجع الأجنبية
15)          Ahmad Hassan Ahmad,Olalekan Bashir Aworinde,Christopher Martin, Threshold cointegration and the short-run dynamics of twin deficit hypothesis in African countries, The Journal of Economic Asymmetries 12 (2015) 80–91.
16)          Ahmad, A. H., Aworinde, O., & Martin, C. (2015). Threshold cointegration and the short-run dynamics of twin deficithypothesis in African countries. The Journal of Economic Asymmetries, 12, 80–91
17)          Carlos Fonseca Marinheiro, Ricardian equivalence, twin deficits, and the Feldstein–Horioka puzzle in Egypt, Journal of Policy Modeling 30 (2008) 1041–1056.
18)          César R. Sobrino, The twin deficits hypothesis and reverse causality: A short-run analysis of Peru, J. econ. finance adm. sci, 18(34), 2013, 9-15.
19)          Darrat, A.F. (1988). “Have Large Budget Deficits CausedRising Trade Deficits?” Southern Economic Journal,54: 879-87.
20)          Dickey, D.A, and Fuller W.A, (1989) "Distribution of the estimators for Autoregressive series time series with a unit Root" , journal of the American statistical Association , Vol. 74, 427 – 428.
21)          Fleming , J.M. , Domestic Financail Policies under Fixed and under Floating Exchange Rates, International Monetary Fund : Staff papers 10 (1962), pp. 369-380.
22)          Helmy, Omneia, and Chahir Zaki. 2015. “The Nexus between Internal and External Macroeconomic Imbalances: Evidence from Egypt.” The Egyptian Center for Economic Studies, Working Paper No. 181.
23)          Nazier, Hanan, and Mona Essam. 2012. “Empirical Investigation of Twin Deficits Hypothesis in Egypt (1992-2010).” Middle Eastern Finance and Economics - Issue 17.
24)          Saleh, A. S.(2006), Long-run Linkage Between Budget Deficit and Trade Deficit in Lebanon: Results from The UECM and Bounds Tests, IIUM Journal of Economics and Management , 14,no.1, pp. 29-48.
25)          Sobrino, César R. 2013. “The Twin Deficits Hypothesis and Reverse Causality: A Short-Run Analysis of Peru.” Journal of Economics, Finance and Administrative Science, vol. 18.
26)          Vamvoukas, G. (1999). The Twin Deficits Phenomenon:Evidence from Greece, Applied Economics, 31: 1093- 1100.
27)           Zixiong Xie, Shyh-Wei Chen, Untangling the causal relationship between government budget and current account deficits in OECD countries:Evidence from bootstrap panel Granger causality, International Review of Economics and Finance 31 (2014) 95–104.