أثر الصدمات غير المتماثلة لسعر الصرف على معدل التضخم باستخدام نموذج NARDL "دراسة تطبيقية على الاقتصاد المصري"

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

 أستاذ مساعد بقسم الاقتصاد والمالية العامة کلية التجارة - جامعة طنطا / مدرس الاقتصاد والمالية العامة بالمعهد العالي للإدارة وتکنولوجيا المعلومات بکفر الشيخ

المستخلص

مستخلص
 تقدم هذه الورقة أدلة تطبيقية بأن صدمات سعر الصرف على معدل التضخم غير متماثلة، فباستخدام نموذج الانحدار الذاتي ذو الفجوات الموزعة غير الخطي (NARDL) ومن خلال سلاسل زمنية شهرية من شهر يناير 2016 إلى ديسمبر 2020، توصلت الدراسة إلى النتائج الآتية أولاً: أن العلاقة بين سعر الصرف ومعدل التضخم غير خطية، مما يعني أن تأثير صدمات سعر الصرف على معدل التضخم غير متماثلة. ثانياً: أثبتت الدراسة قياسياً بأن معدل التضخم في الأجل القصير يتأثر فقط بالصدمات الإيجابية لسعر الصرف، في حين أنه لا يتأثر بالصدمات السالبة لسعر الصرف، مما يعني أن معدل التضخم يرتفع مع ارتفاعات سعر الصرف، في حين أن انخفاضات سعر الصرف لا تخفض معدل التضخم. ثالثاً: أن تأثير کل من الصدمات الإيجابية والسالبة لسعر الصرف على معدل التضخم في الأجل الطويل غير معنوية. رابعاً: أثبتت الدراسة قياسياً أيضاً ومن خلال المضاعفات الديناميکية بأن التأثير لتغير الصدمات الإيجابية بـ 1% على معدل التضخم أکبر من تأثير تغير الصدمات السالبة بــ1% على معدل التضخم وذلک عند کل مفردة من مفردات عينة الدراسة.

نقاط رئيسية

مقدمـــة:

غالباً ما ينظر إلى الحفاظ على استقرار الأسعار من خلال احتواء التضخم عند معدل معتدل على أنه من أهم مسؤوليات البنوک المرکزية والسلطات النقدية، ولکن هناک أدوار أخرى تلعبها السلطات النقدية، تتمثل في الحفاظ على الاستقرار المالي ومراقبة تدفقات رأس المال وتحفيز النمو الاقتصادي، ولکن هذه الأدوار أصبحت أکثر صعوبة خاصة بعد فترة التضخم الهائلة في سبعينات وثمانينيات القرن الماضي وأيضاً إبان الأزمة المالية العالمية. ولکن ظلت المحافظة على استقرار الأسعار من أهم مسؤوليتها. وسعياً لتحقيق استقرار الأسعار تبنت العديد من البلدان استهداف التضخم الصريح. إلا أن ديناميکيات التضخم في الاقتصاديات المفتوحة لا تتوقف فقط على التوازنات الداخلية بل أيضاً على التوازنات الخارجية. وتعتبر الاقتصاديات الناشئة الأکثر تأثراً بتلک التوازنات الخارجية، فبالرغم من المنافع التي أتاحتها العولمة الاقتصادية وتحرير الاقتصاد العالمي من زيادة حجم الاستثمارات والتجارة عبر الحدود، بالإضافة إلى التدفقات السلسة والسريعة لرؤوس الأموال الدولية، إلا أن هناک دائماً مخاوف من هروب تلک رؤوس الأموال، وهذا ما حدث بالفعل للاقتصادات الأسيوية الناشئة إبان الأزمة المالية عام 1997. بالإضافة إلى ذلک فإن هناک تأثيرات حاسمة ومعنوية لأسعار الصرف على جهود صانعي السياسات النقدية لتحقيق استقرار الأسعار.

وهنا تجدر الإشارة إلى أن العديد من الدول التي تأثرت بالأزمة المالية لعام 1997 تحولت إلى أنظمة أسعار صرف أخرى بعد الأزمة، وذلک للسماح لها بمزيد من المرونة والتعامل مع بيئات تدفقات رأس المال الأکثر تقلباً. هذا في حين تم اعتماد نظام سعر الصرف المعوم على نطاق واسع، وأصبح استهداف التضخم (IT) أيضاً موضوع عام بين صانعي السياسة النقدية، حيث أن تقلبات أسعار الصرف تؤثر على القدرة التنافسية للاقتصاد وقدرته على سداد تکلفة الديون وخدمتها المقومة بالعملات الأجنبية، مما ينعکس على معدل التضخم وبالتالي على السياسة النقدية.

الكلمات الرئيسية


مقدمـــة:

غالباً ما ينظر إلى الحفاظ على استقرار الأسعار من خلال احتواء التضخم عند معدل معتدل على أنه من أهم مسؤوليات البنوک المرکزية والسلطات النقدية، ولکن هناک أدوار أخرى تلعبها السلطات النقدية، تتمثل في الحفاظ على الاستقرار المالي ومراقبة تدفقات رأس المال وتحفيز النمو الاقتصادي، ولکن هذه الأدوار أصبحت أکثر صعوبة خاصة بعد فترة التضخم الهائلة في سبعينات وثمانينيات القرن الماضي وأيضاً إبان الأزمة المالية العالمية. ولکن ظلت المحافظة على استقرار الأسعار من أهم مسؤوليتها. وسعياً لتحقيق استقرار الأسعار تبنت العديد من البلدان استهداف التضخم الصريح. إلا أن ديناميکيات التضخم في الاقتصاديات المفتوحة لا تتوقف فقط على التوازنات الداخلية بل أيضاً على التوازنات الخارجية. وتعتبر الاقتصاديات الناشئة الأکثر تأثراً بتلک التوازنات الخارجية، فبالرغم من المنافع التي أتاحتها العولمة الاقتصادية وتحرير الاقتصاد العالمي من زيادة حجم الاستثمارات والتجارة عبر الحدود، بالإضافة إلى التدفقات السلسة والسريعة لرؤوس الأموال الدولية، إلا أن هناک دائماً مخاوف من هروب تلک رؤوس الأموال، وهذا ما حدث بالفعل للاقتصادات الأسيوية الناشئة إبان الأزمة المالية عام 1997. بالإضافة إلى ذلک فإن هناک تأثيرات حاسمة ومعنوية لأسعار الصرف على جهود صانعي السياسات النقدية لتحقيق استقرار الأسعار.

وهنا تجدر الإشارة إلى أن العديد من الدول التي تأثرت بالأزمة المالية لعام 1997 تحولت إلى أنظمة أسعار صرف أخرى بعد الأزمة، وذلک للسماح لها بمزيد من المرونة والتعامل مع بيئات تدفقات رأس المال الأکثر تقلباً. هذا في حين تم اعتماد نظام سعر الصرف المعوم على نطاق واسع، وأصبح استهداف التضخم (IT) أيضاً موضوع عام بين صانعي السياسة النقدية، حيث أن تقلبات أسعار الصرف تؤثر على القدرة التنافسية للاقتصاد وقدرته على سداد تکلفة الديون وخدمتها المقومة بالعملات الأجنبية، مما ينعکس على معدل التضخم وبالتالي على السياسة النقدية.

وفي هذا الصدد فقد جذب مسار سعر الصرف (Exchange Rate Pass Through)  (ERPT) أو انعکاسات سعر الصرف التي تنتقل إلى الأسعار المحلية اهتمام الکثير من الأکاديميين والممارسين وصانعي السياسات، حيث کان هناک جدال مفاده أن (ERPT) قد تضاءل بسبب اعتماد استهداف التضخم، ومع ذلک فقد أقرت الدراسات الحديثة بوجود (ERPT) وتأثيره على مستويات الأسعار، حتى في حالة استهداف التضخم. وإذا کان انتقال صدمات الصرف الأجنبي إلى الأسعار المحلية أو مستويات التضخم مرتفعاً، فقد يؤثر أيضاً على اعتماد نظام سعر الصرف في بلد ما. في المقابل فإن تأثير تمرير سعر الصرف المنخفض سيسمح لتلک الدولة بإتباع سياسة نقدية أکثر استقلالية ومرونة، يمکن من خلالها تنفيذ استهداف التضخم بسهولة أکبر. علاوة على ذلک يشير انخفاض (ERPT) إلى تعرض أقل للصدمات الخارجية. على الرغم من أنه في مثل هذه الحالة قد لا يکون خفض قيمة العملة مفيداً في تحسين العجز التجاري أو زيادة الصادرات أثناء الانکماش الاقتصادي. بالتزامن مع ذلک يعد (ERPT) مهماً بنفس القدر بالنسبة للتوازنات الخارجية والداخلية. وبالتالي بالنسبة لوضع سياسات الاقتصاد الکلي. وعلى الرغم من أن عدداً من البلدان المتقدمة قد تبنت إستراتيجية استهداف التضخم (IT) التي کانت رائدة في نيوزيلندا في أوائل التسعينات فقد استغرق الأمر بعض الوقت قبل أن تتبع الاقتصاديات الناشئة بما في ذلک الاقتصاديات في جنوب شرق آسيا نفس المسار بهدف تحسين أداء سياستها. (Pham et al., 2020)

ويجب الإشارة هنا إلى أن السلطات النقدية تستجيب لتحرکات قيمة عملتها المحلية في حدود عدم تأثيرها في أسعار المستهلکين وبالتالي التضخم، ويتطلب هذا أن تکون السلطات النقدية على دراية کافية ليس فقط بمصدر تحرکات العملة ولکن أيضاً بالخصائص الاقتصادية لتلک الدولة. وهذا يسلط الضوء على أهمية التقييم الصحيح لمسار سعر الصرف (ERPT)، والذي يعرف بأنه النسبة المئوية للزيادة في أسعار المستهلک المرتبطة بانخفاض بنسبة 1% في سعر الصرف الفعلي بعد عام واحد بعد صدمة معينة. وتلعب طبيعة الصدمة الاقتصادية الکلية التي تؤدى إلى حرکة سعر الصرف دوراً رئيسياً في تحديد حجم المسار المرتبط. وهذا يعکس حقيقة أن الصدمات تؤثر على سعر الصرف وبشکل متزامن على النشاط والإنتاجية وهوامش الربح والعديد من العوامل الأخرى التي تؤثر على تکوين الأسعار وتوقعات التضخم. ومن ثم فمن المرجح أن مدى تقديرات (ERPT) سوف تختلف على نطاق واسع، وذلک اعتماداً على الصدمة التي تسببها وهو احتمال لم تضعه معظم الدراسات التجريبية في الاعتبار، على سبيل المثال إذا کان (ERPT) المرتبط بتغييرات السياسة النقدية أعلى من المرتبط بأنواع الصدمات الأخرى، فهناک خطر أن البنک المرکزي قد يقلل من أهمية قناة سعر الصرف ويحافظ على موقف السياسة النقدية بالنسبة لما هو مطلوب لتحقيق الاستقرار في التضخم والإنتاج. (Ha et al., 2020)

وقد يؤدى ذلک إلى تقلبات غير ضرورية في النشاط وجعل تثبيت توقعات التضخم أکثر صعوبة مع مرور الوقت، علاوة على ذلک فإن هذه الصدمات بسببها يمکن أن تتفاعل تحرکات العملة مع خصائص الدولة (على سبيل المثال مصداقية البنک المرکزي والانفتاح التجاري وما إلى ذلک) مما يؤدى إلى تضخيم تأثيرها على أسعار المستهلک، مما يشير إلى أن استجابات السياسة النقدية البديلة تعتمد على معلومات الصدمات وخصائص الدولة. (Ha et al., 2020)

    1-مشکلة الدراسة:

إن تأثر معدل التضخم بصدمات سعر الصرف أصبحت ظاهرة للعيان سواء کان متخصص أم لا - وبالأخص منذ تعويم قيمة الجنية المصري مقابل الدولار الأمريکي وذلک في أواخر عام 2016 -، مما جعل من الضروري تقديم ادله تجريبية وتطبيقية توضح هل يختلف تأثير الصدمات الإيجابية والصدمات السالبة لسعر الصرف على التضخم؟ وهو ما تحاول هذه الورقة الإجابة عليه.

2-فروض الدراسة:

أ‌- أن العلاقة بين سعر الصرف ومعدل التضخم علاقة غير خطية.

ب‌- الصدمات الإيجابية لسعر الصرف أکثر أثراً عن الصدمات السالبة لسعر الصرف على معدل التضخم.

3-أهداف الدراسة:

أ‌- تحديد طبيعة ونوع العلاقة بين سعر الصرف ومعدل التضخم.

ب‌- تحديد إيهما أکثر أثراً على معدل التضخم الصدمات الإيجابية لسعر الصرف أم الصدمات السالبة لسعر الصرف.

4-حدود الدراسة:

تطبق الدراسة على الاقتصاد المصري وذلک خلال الفترة الزمنية من شهر يناير 2016 إلى ديسمبر 2020.

5- منهج الدراسة:

الدراسة تعتمد على المنهج القياسي وذلک من خلال اتباع الخطوات التالية:

أ‌- مراجعة الأدب النظري الاقتصادي.

ب‌-استنباط فروض الدراسة.

ج - اختبار فروض الدراسة قياسياً

ثانياً: الإطار النظري للعلاقة بين سعر الصرف ومعدل التضخم:

إن ديناميکيات سعر الصرف لها آثار حاسمة على التوازن الداخلي وکذلک الخارجي لأي اقتصاد، وأهمية ديناميکيات سعر الصرف معروفة على الأقل منذ عهد هيوم (1742) ومفهومه لآلية تدفق السعر المحدد. فالتخفيض (Depreciation) يشير ضمنياً إلى انخفاض القدرة على شراء ما تم شراؤه مسبقاً لکل وحدة عملة، وبالتالي من الناحية النسبية سيحدث مسار سعر الصرف موجه تضخمية، مما يؤدى إلى زيادة أسعار السلع والخدمات، ومع ذلک کان هناک جدل کبير بشأن آلية النقل وقنوات هذا التمرير المفترض لسعر الصرف (ERPT) للاقتصاد وخاصة التضخم (Nasir et al., 2020). وفى فکر فريدمان والمدرسة النقدية ظهرت العلاقة بين سعر الصرف والتضخم، حيث عرف التضخم بأنه انخفاض في القوة الشرائية للعملة، وارتبط هذا التعريف بنظرية نمو النقود، فمن الثابت اقتصادياً أن العلاقة بين التضخم وانخفاض القوة الشرائية للعملة هي علاقة تبادلية، حيث أن هناک نماذج تعزز هذه الرؤية مثل نموذج توزيع السلسلة (Distribution Chain) للاقتصادي الأمريکيMcCarthy (سلامى، 2015).

ومن تتبع علاقة التغيرات في أسعار الصرف ومعدلات التضخم منذ العقد السادس إلى العقد الثامن من القرن العشرين، نجد أن التغيرات في أسعار الصرف کانت اقل من معدل التضخم في معظم الدول النامية، ويرجع ذلک إلى اتباع نظام سعر الصرف الثابت في تلک الدول، ولکن بعد الثمانينات واتباع انظمة أسعار الصرف المرنة في کثير من الدول، أثر ذلک بحدوث تغيرات في أسعار الصرف إلى اعلى، وبعد عام 1982 تذبذبت معدلات التضخم بين ارتفاع وانخفاض ثم ارتفاع. والعديد من الدراسات تؤکد أن فرضية وجود معدلات تضخم منخفضة في ظل نظام سعر الصرف الثابت صحيحة في المدى القصير والمتوسط، إلا أن هذه الميزة تنتهي في الأجل الطويل بفعل اتباع نظام سعر الصرف المرن (الهيتى، المشهدانى،2010).

ويؤثر سعر الصرف تأثيراً مباشراً في التضخم، کونه الأداة التي تربط الاقتصاد المحلى بالدولي من خلال سوق السلع وسوق الأصول وسوق عوامل الإنتاج (بن على، لبزة،2019). حيث تنص نظرية قوى السوق لـ(Cournot,1987)على أن انتقال تغيرات سعر الصرف إلى الأسعار المحلية يکون جزئيا إذا کان الطلب المحلى مرن جداً، ويؤکد(Taylor,2000)  أن درجة انعکاس أسعار الصرف على الأسعار المحلية ترتفع مع ارتفاع مستوى التضخم، وأيضاً يقرر (McKinnon,1963) وحسب نظرية المصداقية، أنه إذا کان الاقتصاد منفتحاً يؤدى ذلک إلى ارتفاع معدل انعکاس سعر الصرف على الأسعار المحلية، کما أکد  (Karoro,2008)على أن التقلبات في أسعار صرف الدول يمکن أن تحدث تأثيراً کبيراً على معدل التضخم في ظل نظام التعويم والانفتاح التجاري (زناقى ،حسناوى، 2018).

ثالثاً: تطور الأدبيات الاقتصادية لعلاقة سعر الصرف بمعدل التضخم:

تباينت الأدبيات الاقتصادية في نتائجها وفي طريقة تناولها لعلاقة سعر الصرف بمعدل التضخم. فتناولت دراسة (Miguel A. Kiguel, 1994) نظرياً العلاقة بين سعر الصرف وسعر الصرف الحقيقي ومعدل التضخم، وذلک بالتطبيق على دول أمريکا اللاتينية، وتوصلت الدراسة إلى أن سياسات أسعار الصرف لها تأثير محدود على أسعار الصرف الحقيقية، وذلک عندما يکون تعديل الأسعار والأجور محليا بطيئاً، وتوصلت أيضاً الدراسة إلى أن هناک عادة مفاضلة بين السياسات التي تهدف إلى الحفاظ على أسعار الصرف بأقل من قيمتها -تحفيزاً للصادرات- وبين السياسات التي تهدف إلى الحفاظ على معدلات تضخم منخفضة، وانتهت الدراسة إلى أن سعر الصرف يمکن أن يکون أداة فعالة في السيطرة على التضخم، ولکن يتوقف ذلک على سياسات الاقتصاد الکلي المصاحبة له. وتوافقت مع هذا الرأي دراسة (Ahmed and Ali, 1999) حيث تناولت نظرياً العلاقة بين سعر الصرف ومعدل التضخم بالتطبيق على الاقتصاد الباکستاني، وتوصلت الدراسة إلى أن خفض قيمة العملة المحلية سيؤدي بالتبعية إلى رفع معدل التضخم، هذا بالإضافة إلى أن استجابة معدل التضخم وأسعار الصرف للتقلبات المحلية أو الخارجية بطيئة، مما يعني أن السياسات المضادة للتضخم مثل الانکماش النقدي تظهر تأثيرها تدريجياً. لذلک أوصت الدراسة بأنه يجب عند وضع سياسات لمکافحة التضخم والسيطرة على سعر الصرف لا تتم بشکل مستقل.

وعلى جانب أخر تناولت دراسة (Kara and Ogunc, 2008) العلاقة بين استهداف التضخم و سعر الصرف قياسياً، وذلک بالتطبيق علي الاقتصاد الترکي، ومن خلال نموذج متجه الانحدار الذاتي (VAR)، وتوصلت إلى أن انتقال التضخم المستورد إلى التضخم المحلي قد ضعف بشکل کبير وتبطأ بعد اعتماد الاقتصاد الترکي على استهداف التضخم، وأرجعت الدراسة ذلک إلى تعزيز الثقة في البنک المرکزي، تغيير بعض سياسات سعر الصرف، زيادة الثقة في التوقعات والتي اکتسبت عند تطبيق استهداف التضخم، وانتهت الدراسة إلى أن الاعتماد علي نظام استهداف التضخم قد ساعد في تقليل تمرير أثر سعر الصرف الي معدل التضخم. واختلفت مع هذا الرأي دراسة (الهيتى وآخرون، 2010) والتي تناولت قياسياً أثر تقلبات أسعار الصرف على معدلات التضخم، وذلک بالتطبيق على الاقتصاد الأردني والترکي، خلال الفترة من 1980 إلى 2002، باستخدام طريقة المربعات الصغرى العادية(OLS) ، حيث انتهت نتائج الدراسة إلى وجود علاقة إيجابية معنوية بين سعر الصرف ومعدل التضخم.

على صعيد أخر تناولت دراسة (Josifidis, et al., 2011) العلاقة بين استهداف التضخم وأنظمة سعر الصرف، وذلک بالتطبيق على مجموعة من دول أوروبا الشرقية (صربيا، بولندا، التشيک، سلوفاکيا، المجر)، وذلک خلال فترة تحولهم إلى الاقتصادات الحرة، وبتطبيق نموذج تصحيح الخطأ(VECM)  ونموذج متجه الانحدار الذاتي (VAR)، حيث أوضحت الدراسة مدي تأثير الاختلافات في إدارة تقلبات أسعار الصرف في عملية استهداف التضخم، ويتم تحديد الاختلافات في إدارة تقلبات أسعار الصرف وفقا لمدى الصعوبة التي تواجهها السلطات النقدية في تعويمها لأسعار الصرف، هذا بالإضافة إلى طريقة تدخل السلطات النقدية للتأثير في أسعار الصرف، هل هو تدخل مباشر من خلال التدخل في الصرف الأجنبي، أم تدخل غير مباشر عبر سياسة أسعار الصرف. وتوصلت الدراسة إلى أن التعويم المدار بصورة صارمة من السلطات النقدية يمکنه أن يتماشى معه نظام ضعيف نسبياً لاستهداف التضخم، في حين أنه عند استخدام نظام تعويم مدار بصورة ضعيفة يجب أن يقترن به نظام صارم وکامل لاستهداف التضخم.     

هذا في حين تساءلت دراسة (Pourroy, 2012) هل تعمل مراقبة سعر الصرف على تحسين استهداف التضخم في الاقتصاديات الناشئة؟ وتوصلت الدراسة إلى أن مراقبة أسعار الصرف تحسن من نظام استهداف التضخم بالفعل، وذلک بالتطبيق على مجموعة من الاقتصادات الناشئة التي اعتمدت على أنظمة استهداف التضخم، مع اختلاف نظم أسعار الصرف سواء معوم أو مدار أو مخطط، خلال عامي 2007-2008. في حين اختلفت مع هذه النتائج دراسة (Yamada, 2013). التي تساءلت هي الأخرى هل نظام سعر الصرف يحدث فرقاً في أداء معدل التضخم في الدول المتقدمة أو الدول النامية؟، فبالتطبيق على مجموعة من الدول المتقدمة والناشئة والتي تستخدم أنظمة مختلفة لأسعار الصرف سواء مرنة أو مدارة أو ثابتة، وذلک خلال الفترة من (2000: 2007)، توصلت الدراسة إلى عدم وجود تأثير ملحوظ لأسعار الصرف على معدل التضخم، باستثناء فقط أن نظم أسعار الصرف المرنة تعطي معدلات تضخم أعلى نسبياً. 

بينما أضافت دراسة (Ghosh, 2014) تساؤل أخر، کيف يؤثر الانفتاح الاقتصادي وأنظمة أسعار الصرف على معدل التضخم؟، فمن خلال نموذج Panel Data وبالتطبيق على 137 دولة خلال الفترة من 1999 إلى 2012، ومع قياس الانفتاح الاقتصادي من خلال القياس الإجرائي والقياس الفعلي De Jure And De Facto، توصلت الدراسة إلى أنه في حالة وجود انفتاح في الحساب الرأسمالي واستخدام نظام سعر الصرف الثابت، فإن معدل التضخم سينخفض. بالإضافة إلى أنها توصلت إلى عدم وجود دليل واضح على وجود تأثير سلبي للانفتاح التجاري على التضخم باستثناء الدول ذات الانفتاح التجاري المنخفض ومعدلات التضخم المرتفعة. وفي نفس الإطار تناولت دراسة (Phue, et al., 2014) العلاقة بين التحولات في أنظمة أسعار الصرف واستمرار التضخم، وذلک بالتطبيق على الاقتصاد الفيتنامي خلال الفترة من 1992 إلى 2010، وتوصلت الدراسة إلى أنه لا يوجد أي دليل يشير إلى أن استمرار التضخم في فيتنام کان مرتبطاً بالتحول إلى نظام سعر الصرف المرن، حيث أن التضخم بلغ ذروته خلال الفترة من 2004 إلى 2007، عندما کانت الحکومة الفيتنامية تطبق سعر الصرف الثابت. وعلي النقيض من ذلک أثبتت دارسة (جبورى وبرکة، 2014) أن أنظمة أسعار الصرف الثابتة لها تأثير سلبي ومعنوي على معدل التضخم، بينما کان تأثير أنظمة أسعار الصرف المعومة على معدل التضخم إيجابي ومعنوي، وذلک وفقاً لنتائج نموذج (GMM) الذي طُبق على 50 دولة خلال الفترة من 1980 إلى 2008.  

وعلى صعيد أخر تناولت دراسة (الشمرى وآخرون، 2014) عوامل انتقال أثر سعر الصرف إلى المستوى العام للأسعار، وذلک باستخدام نموذج قياسي خلال الفترة من 1990 إلى 2011 بالتطبيق على الاقتصاد العراقي، وتوصلت الدراسة إلى عدم وجود علاقة سببية بين معدل التضخم وسعر الصرف. واتفقت مع هذه النتائج دراسة (سلامى، 2015) التي تناولت العلاقة بين سعر الصرف ومعدلات التضخم في الجزائر خلال الفترة من 1970 إلى 2014، وذلک باستخدام اختبارات جذر الوحدة والتکامل المشترک وسببية جرانجر، وخُلصت نتائج الدراسة إلى عدم وجود علاقة توازنيه في الأجل الطويل بين سعر صرف الدينار الجزائري ومعدل التضخم، وأثبتت أيضاً إلى عدم وجود علاقة سببيه في کلا الاتجاهين بين سعر الصرف ومعدلات التضخم.

في حين اختلفت مع ذلک نتائج دراسة (بن ناصر وآخرون، 2016) وهي عن أثر انعکاس تقلبات سعر الصرف على معدل التضخم، بالتطبيق على الاقتصاد الجزائري، خلال الفترة من 2000 إلى 2014، حيث أثبتت أن ارتفاع معدلات التضخم ناتج من تدهور قيمة العملة المحلية في معظم فترات الدراسة، ذلک باستثناء الفترات من 2003 إلى 2008 وفي عام 2011، حيث کان الأثر سالباً، وهذا معناه أن ارتفاع المستوي العام للأسعار ليس ناتجاً عن التغير في سعر الصرف الاسمي، إنما يرجع إلى عوامل أخرى منها التضخم المستورد. وتوافقت مع هذا الرأي نتائج دراسة (عبد الله، 2016) التي تناولت أثر تقلبات أسعار الصرف على معدل التضخم في السودان، باستخدام نموذجي ARCH and GARCH Models، وذلک من خلال استخدام بيانات يومية من أول يناير 2014 إلى نهاية يونيو 2016 لکل من أسعار الصرف و أسعار الذهب، وتوصلت الدراسة إلى وجود علاقة إيجابية معنويه بين تقلبات أسعار الذهب وتقلبات أسعار الصرف، وبالتطبيق علي العلاقة بين أسعار الصرف ومعدل التضخم من خلال بيانات شهرية من يناير 1998 إلى يونيو 2016، أثبتت الدراسة وجود علاقة إيجابية معنوية بين تقلبات أسعار الصرف ومعدل التضخم.

وعلى صعيد العلاقة السببية بين معدل التضخم وأسعار الصرف، أوضحت دراسة (حمريط، 2016) وهي عن العلاقة السببية قصيرة الأجل بين معدل التضخم وسعر الصرف الاسمي الفعال في الجزائر، وذلک من خلال تطبيق نموذج (VAR) وسببية جرانجر، خلال الفترة الزمنية من 1984 إلى 2014. وانتهت نتائج الدراسة إلى أن التضخم يتأثر بمجموعة کبيرة ومتداخلة من المتغيرات مثل الکتلة النقدية وسعر الصرف الاسمي الفعال وأسعار النفط، وتوصلت أيضاً إلى وجود علاقة سببية قصيرة الأجل في الاتجاهين بين سعر الصرف الاسمي ومستوي التضخم.

وعلى جانب أخر تناولت دراسة (Buffie, et al., 2018) العلاقة بين استهداف التضخم وإدارة سعر الصرف في الدول الأقل نمواً، حيث قامت الدراسة بتحليل کيفية التنسيق بين السياسة النقدية وسعر الصرف في نموذج اقتصاد صغير مفتوح من قطاعين يتميز بإحلال متناقص بين التمويل المحلي والأجنبي، وخُلصت نتائج الدراسة إلى أن الإدارة الرشيدة لسعر الصرف تعزز من فعالية استهداف التضخم، وأنه في نظام سعر الصرف المرن ينطوي على استهداف التضخم مخاطر عالية من عدم التأکد. تبع ذلک دراسة (بن على، لبزة، 2019) وهي عن الأثر المتبادل بين سعر الصرف ومعدلات التضخم في الاقتصاد الجزائري خلال الفترة من 1990 إلى 2016، باستخدام طريقة التکامل المشترک واختبار سببية جرانجر، وتوصلت الدراسة إلى عدم وجود علاقة توازنيه في الأجل الطويل بين سعر الصرف ومعدل التضخم، في حين أثبتت وجود علاقة سببية في الأجل القصير بين المتغيرين. وتأکيداً على ذلک أثبتت دراسة (الخربوطلى، 2019) وهي عن ممرات السياسة النقدية واستهداف التضخم، وذلک باستخدام نموذج الانحدار الذاتي متعدد المتغيرات، وبالاعتماد على بيانات ربع سنوية تغطى الفترة بين (1997 – 2017)، وجود علاقة إيجابية معنوية بين سعر الصرف ومعدل التضخم، وتوصلت کذلک إلى ارتفاع الأهمية النسبية لممر سعر الصرف کأحد ممرات انتقال أثر السياسة النقدية.

وعن علاقة التضخم بمسار سعر الصرف، تناولت دراسة (Ha, et al., 2020) کيفية تمرير سعر الصرف إلى أسعار المستهلک، من خلال متابعة طبيعة الصدمة التي أدت إلى تحرکات العملة، وذلک باستخدام نماذج الانحدار الذاتي المعزز بعامل السياسة النقدية لـ55 دولة، وانتهت نتائج الدراسة إلى أن أکبر الصدمات انتقالاً إلى أسعار المستهلک هي الصدمات المرتبطة بمقاييس تمرير سعر الصرف، وتوصلت أيضاً إلى أن تدابير التمرير تميل إلى أن تکون أقل في البلدان التي تجمع بين مرونة أنظمة سعر الصرف واستهداف التضخم، وأضافه الدراسة أن استقلالية البنک المرکزي يمکن أن تُسهل إلى حد کبير مهمة تثبيت التضخم عن طريق استخدام سعر الصرف کحائط صد ضد الصدمات الخارجية. وفي نفس الإطار تناولت دراسة (Nasir, et al., 2020) العلاقة بين سعر الصرف وإدارة معدل التضخم في التشيک خلال الفترة من مايو 1999 إلى ديسمبر 2018، والتي کانت أول الدول النامية تتبني نظام استهداف التضخم، وقد انتهت إلى أن مسار سعر الصرف (ERPT) له تأثير وأهمية کبيرة على توقعات التضخم.

وبشکل متقدم على المستوي القياسي، تناولت دراسة (Pham, et al., 2020) العلاقة بين تمرير سعر الصرف إلى معدل التضخم واستهداف وعدم استهداف التضخم، وذلک لــ5 دول أسيوية باستخدام تحليل (N - ARDL) خلال الفترة الزمنية من الربع الأول لعام 2000 إلى الربع الرابع عام 2019، وأثبتت الدراسة أن صدمات أسعار الصرف تؤدى بالفعل إلى تغييرات کبيرة في التضخم، وقدمت أيضاً أدلة على وجود تأثير غير متماثل لصدمات أسعار الصرف على معدل التضخم في سنغافورة والفلبين وأندونيسيا، وتفاوتت النتائج بين البلدان المستهدفة للتضخم والبلدان غير المستهدفة، کما اختلفت النتائج أيضاً في الأجل القصير والطويل حيث في المدى الطويل تستمر التأثيرات غير المتماثلة لمعدل سعر الصرف الحقيقي في أندونيسيا وسنغافورة فقط.

رابعاً: الفجوة البحثية:

من الاستعراض السابق للدراسات نلاحظ تباين کبير في نتائج الدراسات، وذلک في معظم النقاط البحثية الخاصة بعلاقة سعر الصرف بمعدل التضخم. ففي حين اتفقت کل الدراسات تقريباً على وجود علاقة إيجابية معنوية بين سعر الصرف ومعدل التضخم، إلا أنه ظهر تباين کبير في نتائج الدراسات التي تناولت علاقة أنظمة إدارة أسعار الصرف بمعدل التضخم، حيث اتفقت دراسات (Josifidis, et al., 2011)، (Pourroy, 2012)، (جبورى وبرکة، 2014)، (Ghosh, 2014)، (Buffie, et al., 2018)، على أن نظم أسعار الصرف المرنة تزيد من قدرة تأثير سعر الصرف على معدلات التضخم، في حين أن نظم أسعار الصرف الثابتة والمدارة تقلل بشکل ملحوظ هذا التأثير. إلا أن دراستي (Yamada, 2013)، (Phue, et al., 2014) اختلفتا مع هذا الرأي وأوضحا أنه لا يوجد تأثير لنظم أسعار الصرف على معدل التضخم.

     وعلى مستوي العلاقة السببية بين أسعار الصرف ومعدل التضخم تباينت أيضاً نتائج تلک الدراسات، حيث توافقت نتائج دراستي (بن ناصر وآخرون، 2016)، (حمريط، 2016) على وجود علاقة سببية بين سعر الصرف ومعدل التضخم، ولکن اختلفت مع هذه النتائج دراستي (الشمرى وآخرون، 2014)، (سلامى، 2015) حيث أوضحا عدم وجود علاقة سببية بين سعر الصرف ومعدل التضخم، في حين أوضحت دراسة (بن على، لبزة، 2019) وجود علاقة سببية بين سعر الصرف والتضخم في الأجل القصير فقط، وتختفي هذه العلاقة في الأجل الطويل. وعلى مستوي قياسي متقدم، أثبتت دراسة (Pham, et al., 2020) العلاقة غير الخطية بين سعر الصرف ومعدل التضخم.

   واعتماداً على تلک التباينات في نتائج الدراسات السابقة، يتسنى لهذه الدراسة المحاولة في تقديم أدلة قياسية على أن تأثيرات صدمات سعر الصرف على معدل التضخم غير متماثلة. ولکن قبل ذلک سنستعرض تطور العلاقة بين سعر الصرف ومعدل التضخم في الاقتصاد المصري. 

 

 

 

خامساً: تطور التضخم وسعر الصرف في مصر منذ بدايات الألفية الجديدة:

1- تطور معدل التضخم منذ عام (2000: 2020):

الجدول التالي يوضح التطور في معدلات التضخم في مصر خلال الفترة من 2000 إلى 2020 في مصر.

جدول (1): معدلات التضخم في مصر منذ 2000-2020

السنة

2000

2001

2002

2003

2004

2005

2006

معدل التضخم%

2.68

2.3

2.73

4.5

11.27

4.9

7.64

السنة

2007

2008

2009

2010

2011

2012

2013

معدل التضخم%

9.3

18.31

11.8

11.26

10.05

7.11

9.46

السنة

2014

2015

2016

2017

2018

2019

2020

معدل التضخم%

10.07

10.37

13.81

29.50

14.40

13.87

5.1

Source ˸World development indicators(wdi), global development finance, world bank (different issues).

نلاحظ من الجدول السابق تذبذب معدل التضخم في مصر بين انخفاض وارتفاع خلال فترة الدراسة، حيث سجل معدل التضخم 2.68% عام 2000، وارتفع إلى أن وصل إلى 11.27% عام 2004. ويمکن إرجاع أسباب ذلک إلى التراجع عن السياسة الانکماشية والسماح لنسبة العجز في الموازنة إلى الناتج المحلى الإجمالي بالتزايد حتى بلغت 9.2% عام 2005(المصرى،2007). ثم ارتفعت معدلات التضخم حتى وصلت إلى 18.31% عام 2008 ثم انخفض معدل التضخم إلى 11.26% عام 2010. وعموما يمکن إرجاع أسباب ارتفاع التضخم إلى عامل أو أکثر من العوامل التالية وهي عجز الموازنة وتمويله تضخمياً وتزايد التعرض للصدمات الخارجية وتزايد انکماش الاقتصاد المصري على الخارج والتخفيضات المتکررة في القيمة للعملة المحلية وإعادة هيکلة الدور الاقتصادي والاجتماعي للحکومة(المصرى،2007).

وعموماً خلال العقد الأول من الألفية الجديدة فإن أسباب التضخم يمکن إرجاعها إلى توقعات التضخم والتضخم بسبب الطلب وصدمات جانب العرض التي تفسر حوالي 80% من التغيرات في التضخم في هذه الفترة، وظهرت صدمات جانب العرض في زيادات أسعار الغذاء واللحوم وأسعار النفط المحلية بسبب أزمة الغذاء العالمية وانتشار إنفلوانزا الطيور وتعديلات أسعار النفط في تلک الفترة وتوقعات التضخم (Monem,2011). وبعد ذلک تراجع معدل التضخم بفعل الأحداث السياسية التي تعرضت لها مصر وثورتي 25 يناير 2011 و30 يونيو 2013 وما تبعها من رکود وانکماش، ثم واصلت بعد ذلک معدلات التضخم ارتفاعها إلى أن وصلت إلى 31.7% عام 2017 بسبب تحرير أسعار الصرف في نوفمبر 2016 ثم انخفضت إلى 13.87% عام 2019، 5.1% عام 2020. ومن أسباب تحسن معدل التضخم وانخفاضه في مصر في الشهور الأخيرة منذ فبراير2020، انخفاض أسعار السلع الغذائية لمدة 5 أشهر متتالية من مايو إلى سبتمبر 2020، وقرارات السياسة النقدية للبنک المرکزي واحتواء الضغوط التضخمية (البنک المرکزي المصري، تقرير السياسة النقدية، مارس2020).

2-تطور سعر الصرف في مصر

الجدول التالي يوضح تطور سعر الصرف في مصر خلال الفترة من 2000 إلى 2020

جدول (2) أسعار الصرف في مصر منذ 2000-2020

السنة

2000

2001

2002

2003

2004

2005

2006

سعر الصرف

3.47

3.97

4.49

5.85

6.19

5.77

5.73

السنة

2007

2008

2009

2010

2011

2012

2013

سعر الصرف

5.63

5.43

5.54

5.62

5.93

6.05

6.87

السنة

2014

2015

2016

2017

2018

2019

2020

سعر الصرف

7.07

7.69

10.02

17.78

17.76

16.77

16.7

 المصدر˸ التقارير السنوية، البنک المرکزي المصري، سنوات مختلفة.

نلاحظ من الجدول السابق انخفاض سعر صرف الجنيه أمام الدولار الأمريکي في کل السنوات في الجدول السابق واتجاهه إلى التحسن فقط في أعوام 2006-2007 و2019-2020، ويمکن إرجاع أسباب انخفاض سعر صرف الجنيه المصري أمام الدولار الأمريکي خلال هذه الفترة إلى أسباب عديدة، منها أحداث سبتمبر 2001 في الولايات المتحدة وتأثيرها على الاقتصاد المصري وخاصة السياحة، وأما سبب  تحسن سعر الصرف في 2006-2007 فيمکن إرجاعه إلى زيادة أسعار الفائدة لمعالجة التضخم في تلک الفترة، ثم اتجه سعر الصرف بعد ذلک إلى الانخفاض بفعل حالة عدم الاستقرار السياسي التي تحققت منذ ثورة يناير 2011 حتى ثورة 30 يونيو 2013، مع ثبات طفيف في سعر الصرف نتيجة الدعم الکبير من دول الخليج في نهاية 2013 و2014، وبسبب تعويم سعر الصرف في 2016 حدثت انخفاضات کبيرة في سعر صرف العملة المحلية مقابل الدولار الأمريکي، إلى أن تجاوز قيمة الدولار الأمريکي 17.78جنية في العام المالي 2017/ 2018، ليحقق بعد ذلک 17.8 في العام المالي2018 / 2019 (عبد ربه،الجزار،2019). وفى العام 2019/2020 حدث تحسن في سعر صرف الجنيه أمام الدولار حيث وصل إلى 16.7عام 2019/2020. ويمکن إرجاع أسباب ذلک إلى أسباب خارجية وأسباب داخلية، مثل إشادة جميع المؤسسات الدولية بتحسن المؤشرات الاقتصادية لمصر مثل صندوق النقد الدولي والبنک الدولي، وأيضاً إلى زيادة تحويلات العاملين في الخارج وزيادة إيرادات قناة السويس وزيادة حجم الصادرات وثبات السياسة النقدية وزيادة الاستثمار الأجنبي في أدوات الدين الحکومي وزيادة إيرادات السياحة في مصر واستقرار احتياطي النقد الأجنبي. (البنک المرکزي، 2018/2019)

من الاستعراض السابق لتطور کل من سعر الصرف ومعدل التضخم في الاقتصاد المصري، نلاحظ وبالأخص منذ تحرير قيمة الجنية المصري مقابل الدولار أن زيادة معدل التضخم مرتبط ارتباط وثيق بالزيادة في أسعار الصرف، وهو ما نلاحظه في أواخر أعوام 2016 و2017 حيث قارب معدل التضخم 30% في عام واحد، وذلک ارتباطاً بسعر صرف الدولار الذي قارب 18جنية، لذلک تحاول هذه الورقة تقديم أدلة على مدي تأثير الصدمات غير المتماثلة لسعر الصرف على معدل التضخم، وأن النموذج المناسب لتلک الاختبارات سيکون نموذج NARDL.

سادساً: النموذج القياسي:

1-الإطار النظري لمنهجية NARDL

قام (Shin, et al., 2014)  بتطوير نموذج ARDL الذي کان يفترض أن العلاقة بين المتغيرات هي علاقة خطية، هذا الافتراض هو افتراض عشوائي ليس مبنياً على حقائق أو أدلة تجريبية مقدماً نموذج NARDL أو أسلوب الانحدار الذاتي ذو الفجوات الموزعة غير الخطي، وذلک من خلال تطبيقه على العلاقة بين البطالة والناتج المحلي الإجمالي في کل من کندا والولايات المتحدة الأمريکية واليابان وذلک في الفترة بين عامي 1982 إلى 2003، وقد توصلت نتيجة الدراسة إلى أن هناک أدلة قوية على عدم التماثل في الأجل الطويل بين البطالة والناتج ، وهو ما يوفر دليلاً علمياً وعملياً على أن البطالة أکثر استجابة للناتج في حالة الکساد عنها في حالة الرواج.

ومن هنا انطلقت الأدبيات الاقتصادية في إعادة تحليل العلاقات الاقتصادية وفقا لمبدأ عدم التماثل، ولتفسير هذا المبدأ سوف نفترض أن هناک سلسلتين متکاملتين من نفس الرتبة ولو يکن من الرتبة الأولى وهما   ،  ويمکن تفکيک عناصرها کما يلي:(السيد، 2020)

 

قائمة المراجع:
 أولا: المراجع العربية:
-     الهيتى، أحمد حسين على، المشهدانى، خالد حماد، (2010)، "أثر تقلبات أسعار الصرف في معدلات التضخم في الاقتصاد الأردني والترکي"، مجلة جامعة الأنبار للعلوم الاقتصادية والإدارية، جامعة الأنبار – کلية الإدارة والاقتصاد، ص1-29.
-         المصري، إبراهيم، (2007)، الاقتصاد المصري في ثلاثين عام، المکتبة الأکاديمية، القاهرة.
-     عبد ربه، نشوى محمد، الجزار، فاروق فتحي، (2019)، "العلاقة بين التنمية السياحية وسعر الصرف والنمو الاقتصادي دراسة تطبيقية على الاقتصاد المصري باستخدام نموذج الانحدار الذاتي ((VAR، المجلة العلمية للبحوث التجارية، کلية التجارة، جامعة المنوفية، العدد الأول يناير، ص ص115-143.
-         عبد الله، مصطفى محمد، (2016)، "أثر تقلبات سعر الصرف على التضخم: دراسة تجريبية لحالة السودان، مجلة المصرفي، بنک السودان المرکزي.
-     الشمرى، مايح شبيب؛ الطائى، على عمران حسين، (2014)، "تحليل عوامل انتقال أثر سعر الصرف على المستوى العام للأسعار باستخدام نموذج السببية في العراق للمدة 1990-2011"، مجلة الغري للعلوم الاقتصادية والإدارية، جامعة الکوفة – کلية الإدارة والاقتصاد، المجلد (31)، ص40 – 55.
-     السيد، مصطفى حسني. (2020). أثر الصدمات النقدية غير المتماثلة على معدل التضخم في مصر باستخدام منهجية NARDL خلال الفترة 1961 - 2018. مجلة جامعة الإسکندرية للعلوم الإدارية, 57(2), 92-124. doi: 10.21608/acj.2020.93534
-     سلامى، أحمد، (2015)، "اختبار علاقة التکامل المشترک بين سعر الصرف ومعدلات التضخم فى الجزائر: دراسة تطبيقية للفترة (1970 – 2014)"، مجلة أداؤ المؤسسات الجزائرية، جامعة قاصدي مرباح، العدد (7)، ص27-42.
-     زناقى، سيد أحمد؛ حسناوى، مريم، (2018)، "انعکاس سعر الصرف على التضخم في الاقتصاديات الناشئة"، مجلة اقتصاديات المال والأعمال، المرکز الجامعي عبد الحفيظ بوالصوف ميلة – معهد العلوم الاقتصادية والتجارية وعلوم التسيير، العدد (7)، ص217-239.
-         الخربوطلى، ماجد محمد يسرى، (2019)، "ممرات السياسة النقدية واستهداف التضخم"، المجلة العلمية للاقتصاد والتجارة، کلية التجارة – جامعة عين شمس، ص628-579.
-     حمريط، محسن، (2016)، "دراسة العلاقة السببية قصيرة الأجل بين التضخم ومستويات سعر الصرف الأسمى الفعال في الجزائر من خلال نموذج أشعة الانحدار الذاتي"، مجلة الحقوق والعلوم الإنسانية، جامعة زيان والعلوم الإنسانية، ص104-118.
-     جبورى، محمد؛ برکة، محمد، (2014)، "تأثير طبيعة نظام سعر الصرف على التضخم: تحليل العلاقة باستخدام بيانات بانل (Panel Data)"، مجلة أداء المؤسسات الجزائرية، جامعة قاصدى مرباح، العدد (6)، ص25-37.
-         البنک المرکزي المصري، تقرير السياسة النقدية، مارس2020.
-         البنک المرکزي المصري، التقرير السنوي، أعداد مختلفة.
-         بن ناصر، آمال؛ المنصوري، عبد الله، (2016)، "أثر انعکاس تقلبات سعر الصرف على معدلات التضخم: دراسة حالة"، جامعة عمار تليجى بالأغواط، الجزائر.
-     بن على، عبد المؤمن؛ لبزة، هشام، (2019)، "الأثر المتبادل بين سعر الصرف ومعدلات التضخم في الاقتصاد الجزائري: دراسة قياسية للفترة 1990 – 2016، مجلة التنمية الاقتصادية، جامعة الشهيد حمه لخضر الوادي، المجلد (4)، العدد (7)، ص1-16.
ثانيا: المراجع الأجنبية:
-      Ahmed, E and S. A. ALI (1999), “Relationship Between Exchange Rate and Inflation”, Pakistan Economic and Social Review, Department of Economics, University of the Punjab, Vol.39, No.2, pp. 139-154.
-      Edward. F. B, M. Airaudo, F. Zanna, (2018), “Inflation targeting and exchange rate management in less developed countries”, Journal of International Money and Finance.
-      Ghosh,A. (2014), “How do openness and exchange-rate regimes affect inflation?”, International Review of Economics and Finance, 34, pp. 190-202.
-      Ha,J. , M. M. Stocker, H. Yilmazkuday, (2020), “Inflation and Exchange rate pass-through”, Journal of International Money and Finance, Department of Economics, Florida International University, Miami, FL33199, USA.
-      Monem,H.A(2011) , “inflation dynamics the caseof egypt” ,Arab Monetary Fund.
-      Josifidis,K. , J-P. Allegret and E. B. Pucar (2011), “Inflation Targeting and Exchange Rate Regimes in Serbia and Selected Transition Economies”, Eastern European Economics, Taylor & Francis, Ltd. Vol.49, No.4, pp. 88-105.
-      Kara,H. and F. Ogunc (2008), “Inflation Targeting and Exchange Rate Pass-Through: The Turkish Experience”, Emerging Markets Finance & Trade, Vol.44, No.6, Special Issue on Inflation Targeting Around the Globe: The Experience of Advanced and Emerging Market Economics, pp. 52-66.
-      Lee,S. , Y. M. Kim (2019), “Inflation expectation, monetary Policy credibility, and exchange rates”, Finance Research Letters, School of Statistics, University of International Business and Economics, Beijing, China.
-      Michael. G. A, P. Pourpourides, (2016), “Inflation announcements and asymmetric exchange rate responses”, Journal of International Financial Markets, Institutions & Money, Cardiff Business School, Cardiff University, Cardiff, F10 3EU, UK.
-      Miguel. A. K, (1994), “Exchange Rate Policy, The Real Exchange Rate, and Inflation: Lessons from Latin America”, Cuadernos de Economia, Instituto de Economia, Pontificia Universidad Catolica de Chile, Ano 31, No.93, pp. 229-249.
-      Nasir,M.A. , T. L. Huynh, X. Vinh, (2020), “Exchange rate pass-through & Management of Inflation expectations in a small open inflation targeting economy”, International Review of Economics and Finance, Leed Beckett University, UK.
-      Pesaran, M. H., Shin, Y. and Smith, R. (2001). ‘Bounds Testing Approaches to the Analysis of Level Relationships.” Journal of Applied Econometrics, Vol. 16, pp. 289–326.
-      Pham,T.A.T., T. T. Nguyen, M. A. Nasir, T. L. D. Huynh, (2020), “Exchange rate pass-through: A comparative analysis of inflation targeting & non-targeting ASEAN-5 countries”, The Quarterly Review of Economics and Finance.
-      Phuc,N.T., N. D. Tho., J. T. Su and T. Singh (2014), “Shifts in Exchange Rate Regimes and Inflation Prsistence in Vietnam, 1992-2010, Journal of Southeast Asian Economies, ISEAS – Yusof Ishak Institute, Vol.31, No.2, Country Focus on “Integrating Mayanmar into the Global Economy”, pp. 256-275.
-      Pourroy,M (2012), “Does exchange rate control improve inflation targeting in emerging economies?, Economics Letters.
-      Shin, Y., Yu, B. and Greenwood-Nimmo, M. (2014). ‘Modelling Asymmetric Cointegration and Dynamic Multipliers in an ARDL Framework’, in W. C. Horrace and R. C. Sickles (eds), Festschrift in Honor of Peter Schmidt, New York, Springer Science & Business Media, pp 281–314.
-      World development indicators (wdi), global development finance, world bank,2020.
-      Wu,J-W. J-L. Wu (2018), “Does a flexible exchange rate regime increase inflation persistence?”, Journal of International Money and Finance”, Department of Economics, National Chung Cheng University, Taiwan.
-      Yamada,H (2013), “Does the exchange rate regime make a difference in inflation performance in developing and emerging countries?: The role of inflation targeting”, Journal of International Money and Finance, pp. 968-989.