الفرضيات الجدلية لکوفيد-19 ما بين نظرية المؤآمرة والمقاربة الإيکولوجية

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

أستاذ مساعد العلوم السياسية- جامعة 6 أکتوبر.

المستخلص

تشکل لحظة انتشار الأوبئة، مثل فيروس کورونا المستجد بيئة خصبة لتصاعد التفکير التآمري، ربما أکثر حدة مقارنة بأوقات الأزمات والتغيرات التاريخية الکبرى وذلک لأن خطر البقاء يصبح أکثر ضغطا على ذهنيات الأفراد والجماعات وحتى الحکومات بما قد يدفعهم للميل إلى تبني أفکار وتصورات وربط الأحداث والقفز إلى النتائج دون فحص کاف للمقدمات.
وتزداد فرص ذلک الانتشار في وجود حواضن للمؤامرة ، کالتضليل المعلوماتي، والاتهامات المتبادلة بين الدول حول المسؤولية عن نشر الفيروس، بخلاف الصراع العالمي الذي يؤسس له مناصرو العالمية حول المؤامرة الکبرى لکيانات لها مصالح حول العالم قد تکون متورطة في المؤامرة، وفي مقابل تلک التفسيرات تظهر العقلية العلمية التي ترتکن على الدراسات والدلائل العلمية، بل وتتنبأ بالأحداث المستقبلية في ظل معطيات محددة والتي أشارتإلى أن تدمير النظم الأيکولوجية يعزز فرص انتشار الفيروسات من الحيوانات إلى البشر، خاصة أنها قد لا تجد عوائل في البيئة التي تظهر فيها، کما أن استمرار ذلک التدمير البيئي قد يدفع إلى ظهور جوائح أشد شراسة بسبب فيض عدوى الجراثيم وانبثاقاتها، وبالتالي فهذه المقالة هي استجابة لخطر وباء COVID-19 الأخير حيث تؤکد علىالدور الذي يمکن أن تلعبه مناهج العلوم الاجتماعية في تقييم أسباب المخاطر والاتجاهات المختلفة في تفسيرها من خلال المقاربات العقلانية rational approaches في فهم الظاهرة، وتجنب المقاربات التآمرية.
 
کلمات مفتاحية: کوفيد-19، النظرية التآمرية، الحرب البيولوجية، الجغرافيا الاقتصادية، النظرية الإيکولوجية، نظرية المختبر.
 
Abstract:
The moment of pandemics outbreak like new corona virus represents a rich environment for the escalation of the conspiratorial thinking. It may be more intensive compared with the times of crises and great historical changes, because the danger of existence has become more stressing on the mentality of individuals, groups, and even governments. This may urge them to be inclined to adopt ideas and perceptions, link incidents, and decide upon results without fully investigating the introductions.
The opportunities for that spread increase in the presence of conspiracy incubators, such as information misinformation, and mutual accusations between countries about responsibility for spreading the virus, unlike the global conflict that global advocates are establishing about the major conspiracy of entities with interests around the world that may be involved in the conspiracy, and in contrast to these explanations the mentality appears Scientific studies that rely on scientific studies and evidence, and even predict future events in light of specific data, which indicated that the destruction of ecosystems enhances the chances of viruses spreading from animals to humans, especially since they may not find hosts in the environment in which they appear, and the continuation of that environmental destruction may It pushes to the emergence of more fierce pandemics due to the abundance of germs infection and their emergence, and therefore this article is a response to the threat of the recent COVID-19 epidemic, where it emphasizes the role that social science approaches can play in assessing the causes of risks and different trends in their interpretation through rational approaches in understanding the phenomenon Avoid conspiratorial approaches.
 

نقاط رئيسية

مقدمـــة:

يُعد "فيروس" التاجي "الجديد" لعام 2019 (اختصارًا "COVID-19") ثالث تفشي لفيروس التاجي في العشرين سنة الماضية، بعد متلازمة الجهاز التنفسي الحادة (SARS) ومتلازمة الشرق الأوسط التنفسية (MERS). يحدث هذا المرض من قبل أحد أفراد عائلة Coronaviridae، والتي تم تعريفها على أنها متلازمة الجهاز التنفسي الحادة Coronavirus 2 (SARSCoV-2) من قبل اللجنة الدولية لتصنيف الفيروسات[i]، ونظرًا للأدلة التي لا تقبل الجدل والتي تثبت الانتشار العالمي لـ SARS-CoV-2 ، فقد تم الإعلان عن COVID-19 مؤخرًا على أنه جائحة عالمية من قبل منظمة الصحة العالمية، عندما حذر المدير العام للوکالة، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، عن مستويات الانتشار والخطر المقلقة للمرض على مستوى العالم. وقد أثار هذا الوباء العديد من الأطروحات والفرضيات المفسرة لنشأته ما بين السرديات التآمرية المبنية علىتفسيرات الصراع والتنافس السياسي والاقتصادي للقوى الکبرى من خلال استخدام الأوبئة کسلاح بيولوجي، والأخرى التي اعتمدت على السردية الإيکولوجيةالمرتبطة بتفسير نشأة المرض وتطوره وطريقة انتقاله والمبنية على فرضية العبث بالنظام الإيکولوجي.

وفي الواقع قد حذر العديد من المفکرين بعد نهاية الحرب الباردة من تصاعد التهديدات الأمنية بأشکالها المختلفة التي أصبح للأوبئة فيها مکانة هامة نظرا لتهديدها للحياة البشرية، فتناول Ken Booth رائد مدرسة ويلز في مقالته التي تم نشرها عام 1991 التهديدات الأمنية التي أصبحت أکثر إلحاحا وهي تلک المرتبطة بالإنهيار الاقتصادي والزيادة السکانية والإرهاب وتدمير البيئة والأوبئة لما يمثلونه من معوقات أساسية لأمن الأفراد والجماعات حول العالم[ii]، في حين أن بوزانBarry Buzanرکز في مفهومه للأمن على الهدف الأساسي من الأمن وهو البقاء على قيد الحياة، وأن هناک قطاعات خمسة لتحقيق الأمن هي قطاعات متکاملة غير منفصلة تتبلور في الأمن العسکري، والسياسي، والاقتصادي والمجتمعي، والأمن البيئي الذي يقوم على وحدتين هما: التهديدات الطبيعية والتهديدات الإجتماعية، بحيث تجعل الحضارة الإنسانية في خطر، فالتهديدات الطبيعية تتمثل أساسا في الهزات الأرضية ونشاط البراکين، ذوبان الجليد، الفياضات، الجفاف، التصحر، والأوبئة وغيرها، وتتمثل التهديدات الإجتماعية في کل ما يضر البيئة وسلامتها، وينتج أساسا عن مختلف أنشطة الإنسان کالتلوث، المواد الکيميائية، استنزافالثروات الطبيعية مما يحدث إضطرابا وخللا في النظام الطبيعي الإيکولوجي وفي بنية الکوکب([iii].

وترتيبا على ما سبق، أصبحت الأوبئة مرتبطة ارتباطا وثيقا بأمن الإنسان سواء کانت تلک الأوبئة -في تفسيراتها المتعددة -نتاج التطور الطبيعي للفيروسات وفقا لأصحاب "النظرية العلمية" أو مصنعة في المختبرات کسلاح بيولوجي وفقا لأصحاب نظرية المختبرlaboratory theorists.



[i]Lippi, G., Sanchis-Gomar, F. and Henry, B.M., "Coronavirus disease 2019 (COVID-19): the portrait of a perfect storm". Annals of Translational Medicine, vol. 8, no. 7, 2020.

[ii]Booth, K., “Security and emancipation”. Review of International studies, vol.17, no. 4, 1991, pp.313-326.

[iii]Buzan, B., “New patterns of global security in the twenty-first century”, International affairs, vol.67, no. 3, 1991. pp.431-451.

الكلمات الرئيسية


مقدمـــة:

يُعد "فيروس" التاجي "الجديد" لعام 2019 (اختصارًا "COVID-19") ثالث تفشي لفيروس التاجي في العشرين سنة الماضية، بعد متلازمة الجهاز التنفسي الحادة (SARS) ومتلازمة الشرق الأوسط التنفسية (MERS). يحدث هذا المرض من قبل أحد أفراد عائلة Coronaviridae، والتي تم تعريفها على أنها متلازمة الجهاز التنفسي الحادة Coronavirus 2 (SARSCoV-2) من قبل اللجنة الدولية لتصنيف الفيروسات[i]، ونظرًا للأدلة التي لا تقبل الجدل والتي تثبت الانتشار العالمي لـ SARS-CoV-2 ، فقد تم الإعلان عن COVID-19 مؤخرًا على أنه جائحة عالمية من قبل منظمة الصحة العالمية، عندما حذر المدير العام للوکالة، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، عن مستويات الانتشار والخطر المقلقة للمرض على مستوى العالم. وقد أثار هذا الوباء العديد من الأطروحات والفرضيات المفسرة لنشأته ما بين السرديات التآمرية المبنية علىتفسيرات الصراع والتنافس السياسي والاقتصادي للقوى الکبرى من خلال استخدام الأوبئة کسلاح بيولوجي، والأخرى التي اعتمدت على السردية الإيکولوجيةالمرتبطة بتفسير نشأة المرض وتطوره وطريقة انتقاله والمبنية على فرضية العبث بالنظام الإيکولوجي.

وفي الواقع قد حذر العديد من المفکرين بعد نهاية الحرب الباردة من تصاعد التهديدات الأمنية بأشکالها المختلفة التي أصبح للأوبئة فيها مکانة هامة نظرا لتهديدها للحياة البشرية، فتناول Ken Booth رائد مدرسة ويلز في مقالته التي تم نشرها عام 1991 التهديدات الأمنية التي أصبحت أکثر إلحاحا وهي تلک المرتبطة بالإنهيار الاقتصادي والزيادة السکانية والإرهاب وتدمير البيئة والأوبئة لما يمثلونه من معوقات أساسية لأمن الأفراد والجماعات حول العالم[ii]، في حين أن بوزانBarry Buzanرکز في مفهومه للأمن على الهدف الأساسي من الأمن وهو البقاء على قيد الحياة، وأن هناک قطاعات خمسة لتحقيق الأمن هي قطاعات متکاملة غير منفصلة تتبلور في الأمن العسکري، والسياسي، والاقتصادي والمجتمعي، والأمن البيئي الذي يقوم على وحدتين هما: التهديدات الطبيعية والتهديدات الإجتماعية، بحيث تجعل الحضارة الإنسانية في خطر، فالتهديدات الطبيعية تتمثل أساسا في الهزات الأرضية ونشاط البراکين، ذوبان الجليد، الفياضات، الجفاف، التصحر، والأوبئة وغيرها، وتتمثل التهديدات الإجتماعية في کل ما يضر البيئة وسلامتها، وينتج أساسا عن مختلف أنشطة الإنسان کالتلوث، المواد الکيميائية، استنزافالثروات الطبيعية مما يحدث إضطرابا وخللا في النظام الطبيعي الإيکولوجي وفي بنية الکوکب([iii].

وترتيبا على ما سبق، أصبحت الأوبئة مرتبطة ارتباطا وثيقا بأمن الإنسان سواء کانت تلک الأوبئة -في تفسيراتها المتعددة -نتاج التطور الطبيعي للفيروسات وفقا لأصحاب "النظرية العلمية" أو مصنعة في المختبرات کسلاح بيولوجي وفقا لأصحاب نظرية المختبرlaboratory theorists.

 وفي الواقع، وبالرغم من تعرض البشر للعديد من الأوبئة، إلا أن الجدل الدائم في تفسير تلک الأوبئة هو الجدل بين العقلية التآمرية، والأخرى العلمية وقد انطبق هذا أيضا على الجائحة الجديدة -کوفيد 19 -التي تهدد الحياة البشرية وتظهر بتداعياتها الصحية والسياسية والاقتصادية على مختلف دول العالم، ومن هنا تحاول الدراسة مناقشة کلا من الفرضيات التآمرية والعلمية للوقوف على مدى قرب أيا من تلک الفرضيات لتفسير الواقع، وتتبلور تلک الفرضيات في:

  1. أن کوفيد-19 وما سببه من ذعر هما من صنع الإنسان ونتاج مشروع عالمي يتم توجيهه بواسطة الذکاء الاصطناعي (AI).
  2. أن سلسلة من الأزمات الواقعية المهندسة التي يقوم بها ممثلو الأزمات لإحداث ما يسمى "بالهجوم البيولوجي" Biological Attack ضد الصين من قبل الولايات المتحدة الأمريکية، بدأت من مختبر أمريکي متخصص في علم الأسلحة البيولوجية.
  3. أن الفيروس التاجي تم توليفه من قبل معهد ووهان لعلم الفيروسات WIV ومقره مدينة ووهان.
  4. أن المنافسة الاقتصادية هي الحافز لاستخدام کوفيد- 19 کسلاح بيولوجي لإحداثأضرار اقتصادية من قبل الولايات المتحدة للصين.
  5. أن الفيروس هو نتاج العبث في النظام الإيکولوجيوعدم الاهتمام بدراسة المسارات المختلفة للأمراض حيوانية المنشأ والتي تصيب الإنسان.

ومن خلال مناقشة تلک الفرضيات يتم الاجابة على سؤال بحثي أساسي يتبلور فيما هي التفسيرات المختلفة لظهور الأوبئة؟ ومن هذا السؤال البحثي تنبع الأسئلة الفرعية التالية:

  1. کيف تنشأ السرديات التآمرية (ذهنية المؤامرة) ومن يروج لها ولمصلحة من؟
  2. هل يعتبر کوفيد- 19 أداة بيولوجية تم تصنيعها لأغراض معينة تخدم قوى دولية مختلفة في أهدافها، أم هو نتاج العبث الانساني بالبيئة والنظام الإيکولوجي وعدم الاهتمام بدراسة المسارات المختلفة لانتقال الأمراض حيوانية المنشأ من الحيوان إلى الإنسان (الذهنية الإيکولوجية)؟

هدف الدراسة:

   تهدف الدراسة إلى البحث في مدى صحة کلا من الفرضيات التآمرية والسردية الإيکولوجية المفسرةلظهور وانتشار وباء کورونا المستجد.

أهمية الدراسة:

   تکمن أهمية الدراسة في بيان ثلاث نقاط أساسية؛ الأولى:أن التفسير التآمري لأحداث معينة يعتمد على الربط السببي بين أحداث متزامنة أو متعاقبة، دون إثبات دليل مشترک بينها، أو تتجه لاستنتاجات مبسطة تربط الأوبئة بالسياقات الصراعية التي تنشأ فيها، دون إيلاء أهمية للتطور الطبيعي لأي حدث، الثانية:أن تدمير النظم الإيکولوجية يُعزز فرص انتشار الفيروسات من الحيوانات إلى البشر، خاصة أنها قد لا تجد عوائل حاضنة في البيئة التي تظهر فيها. والثالثة: أن استمرار ذلک التدمير البيئي قد يدفع إلى ظهور جوائح أشد شراسة بسبب فيض عدوى الجراثيم وانبثاقاتها

منهج الدراسة:

  اعتمدت الدراسة علىمجموعة مقاربات مختلفة تفسر ظهور الأوبئ ةتضمنت المقاربة السوسيولوجية sociological التي تلقي الضوء على دراسة أنماط استجابات وسلوکيات المجتمعات خلال أوقات انتشار الأوبئة، کما توضح التفسيرات المتناقضة للظاهرة وإعمال ذهنيات المؤامرة وأثر ذلک على طريقة اتخاذ القرارات الخاصة بالتعامل مع تلک الظاهرة، والمقاربة السياسية التي رکزت على الدلالات السياسية في تفسير انتشار الأوبئة واستخدامها کأسلحة بيولوجية لها نتائج ملموسة تستطيع من خلالها القوى الکبرى تحقيق تفوقها على القوى المضادة، کما اعتمدت الدراسة على المقاربة الاقتصادية التي تعتقد-وفقا لمنظور الجغرافيا الاقتصادية- أن الصراع بين الدول مدفوع بالمخاوف الاقتصادية ومعتمد على الأدوات الاقتصادية لإدارة الصراع، هذا بالإضافة إلى المقاربة الإيکولوجية في تفسير ظهور الأوبئة التي تعتمد على فکرة أن العبث بالنظام الإيکولوجي هو السبب الرئيسي لظهور تلک الأوبئة.

الدراسات السابقة:

   تناولت العديد من الدراسات موضوع الأوبئة بصفة عامة من خلال منظورين؛ الأول المنظور التآمري الذي يرکز على الوباء کسلاح بيولوجي له أهدافه العسکرية أو السياسية، أو الاقتصادية، وفي المقابل رکزت دراسات أخرى على التفسير العلمي لظهور تلک الأوبئة الذي ينفي في المقابل نظرية المؤامرة ويدرس العامل الإيکولوجيفي تحديد مسارات انتقال الأمراض حيوانية المنشأ من الحيوان إلى الإنسان کمحاولة علمية للتنبؤ بالأوبئة الجديدة وتوفير الخسارة في الأرواح والاقتصاد في المستقبل.

أولا: دراسة بعنوان "المؤامرة في زمن کورونا:الکشف التلقائي عن نظريات مؤامرة COVID-19 في وسائل التواصل الاجتماعي والأخبار" لکلمن ,Shadi ShahsavariPavan Holur[iv]، تناولت الدراسة السرديات التآمرية لظهور فيروس کورونا المستجد والخزانات الرئيسية لتلک السرديات عن طريق معادلات متشابکة تعتمد على سياق السردية والمجتمعات التي تتناول تلک السرديات وأبرز خمس مجتمعات تتداول فيها نظريات المؤامرة والتي تمثل المرکز الرئيسي لتلک التفسيرات التآمرية، وتوصلت الدراسة إلى أنه مع استمرار وباء Covid-19 العالمي في تحدي المجتمعات في جميع أنحاء العالم بشدة، ومع استمرار محدودية الوصول إلى معلومات دقيقة حول الفيروس نفسه، فإن توليد الشائعات ونظريات المؤامرة مع بعض التفسيرات ستستمر. على الرغم من أن وسائل الإعلام الإخبارية قد أولت اهتمامًا کبيرًا لنظرية مؤامرة Q-Anon المعروفة (هيالأکثرانتشارا لرئاسة ترامب)، فقد رکزت محادثات وسائل الإعلام الاجتماعية على أربع نظريات مؤامرة رئيسية: (1) الفيروس المرتبط بشبکة 5G، موضحا المصدر الصيني للفيروس من خلال الاتصال بشرکة Huawei العملاقة للاتصالات؛ (2) إطلاق الفيروس، سواء کان عرضيًا أو متعمدًا، من مختبر صيني أو مختبر عسکري غير محدد، أو دوره کسلاح حيوي؛ (3) ارتکاب خدعة من قبل عصابة عالمية ليکون فيها الفيروس أکثر خطورة من الأنفلونزا الخفيفة أو نزلات البرد؛ (4) استخدام الوباء کعملية سرية يدعمها بيل جيتس لتطوير نظام ترصد عالمي يسهله التطعيم على نطاق واسع. وأوصت الدراسة على أهمية إدراک هيکل هذه السرديات الذي يمکن من التوصل إلى الأطر التوليدية لتلک القصص مما يساعد على التحقق من مدى صحتها وعلى تجنب حدوث رد فعل عکسي مبني على تلک الروايات.

ثانيا: دراسة بعنوان "التعامل مع الإرهاب البيولوجيأمر صعب، ولکن قد يساعدنا في الاستجابة للأوبئة الجديدة"[v]حاول الکاتبPeter Rosen تناول سمات السلاح البيولوجي وما يسببه من مشکلات في استجابة النظام الصحي للدولة خاصة مع صعوبة توقع حدوثه نظرا للفترة الفارقة بين نشر المرض وظهور أعراضه والتعرف عليه، خاصة إذا کان مرض جديد غير معروف، مع عرض المشکلات التي تحدث نتيجة ذلک خاصة في للنظام الصحي وظهور نقط ضعف منها صعوبة توفير کميات الأدوية المطلوبة، واستجابة المستشفيات لعدد حالات المرضى، وضعف الحماية الفعالة للفرق الطبية. وتعرض عدد کبير منهم للإصابةوالموت، وطول الوقت المطلوب لإيجاد لقاح فعال للمرض، هذا بالاضافة إلى الآثار النفسية التي يتعرض لها باقي المجتمع نتيجة الضغط على النظام الصحي وما ينتج عنه من حالة أسماها الکاتب "إرادة القلق"  “worried well,” والتي تشمل شعور الحزن لدى الناجينوالغضب من عدم الحماية، بالإضافة إلى أن وفاة العديد من البالغين قد يؤدي إلى وجود عدد کبير من الأطفال دون رعاية  الأمر الذي سيضغطعلى الوکالات الاجتماعية في المجتمع. وقد أکد الکاتب أنه بالرغم من النظرة التشاؤمية بشأن الهجمات البيولوجية، إلا أن التخطيط السليم، ووجود فرق لإدارة الکوارث، وتوافر الموارد الماديةسوف تفيد المجتمع في محاولة حل مشاکل الهجوم البيولوجي سواء المخطط له من جهة ما أو الناتج من الطبيعة، حيث ستکون تلک الجهود مفيدة في إدارة الأوبئة الجديدة أو العدوى الجديدة في المستقبل.

ثالثا: دراسة بعنوان "استعداد الصحة العامة للإرهاب البيولوجي في الولايات المتحدة الأمريکية" لکلمن Ali S Khan, Stephen Morse, Scott Lillibridge[vi]تناولت استعداد الولايات المتحدة للحروب البيولوجية ابتداءمن عام 1999، حيث خصص الکونغرس 121 مليون دولار لتمويل الطوارئ لمراکز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDCthe Centers for Disease Control and Preventionللبدء في تعزيز أنظمة الأوبئة والمختبرات في البلاد، وإنشاء مخزون دوائي وطني لتکملة النظام الطبي الوطني للکوارث لإدارة الإصابات الجماعية، وتطوير أدوية جديدة مضادة للفيروسات واختبارات تشخيصية، وإنشاء قائمة بالعوامل الحرجة للتأهب من قبل الصحة العامة للمواقف المختلفة مثل حدوثإصابات جماعية، ومدى انتشارها على نطاق واسع، وقدرتها على الانتقال من شخص إلى آخر وذلک بالتعاون بين وکالات الطب والصحة العامة والاستخبارات، وتقييم استعداد الصحة العامة، ونظم المراقبة المختبرية، وتصنيع الکواشف التشخيصية لتکون متاحة في المختبرات، وتدريب العاملين في المختبرات على استخدام الطرق السريعة لتحديد العوامل الحرجة، والحفاظ على مخزون دوائي وطني، وللأبحاث، والتخطيط للإصابات الجماعية، وتدريب الأطباء، وحدد الکاتب قائمة بمعايير مختلفة للمخاطر التي يجب الاستعداد لها وتجدد سنويا للحفاظ على استعداد الصحة العامة لمواجهتها، وأکد على أن الاستجابة في الوقت المناسب تعتمد على أنظمة المراقبة الفعالة في المجتمع، والتقييم السريع لمجموعات غير عادية من الأمراض.

رابعا: دراسة بعنوان "استهداف مسارات الانتقال لرصد الأمراض حيوانية المنشأ الناشئة ومکافحتها"للکاتبLoh, E.H., Zambrana-Torrelio وآخرون[vii]توضح أن معظم الأمراض المعدية في البشر هي أمراض حيوانية المنشأ تنتقل من الحيوان إلى الإنسان عبر مسارات عديدة مختلفة تعتمد على عوامل إيکولوجية لتفاعل الإنسان بالبيئة ومنها تغير استخدام الأراضي، وطبيعة استهلاک اللحوم، وتغير المناخ ودرجات الحرارة، وبالتالي فإن اکتشاف مسارات الأمراض يستهدف زيادة القدرة على تحديد مسببات الأمراض الهامة سواء المعروفة أو غير المعروفة، کما أن تحديد المناطق التي تسود فيها تلک الدوافع المختلفة للعدوى لا يقل أهمية عن تحديد المسارات حيث يسمح بالمزيد من تدابير الوقاية المستهدفة، وقد أورد الباحث العديد من الأمراض الحديثة کدليل على أهمية اکتشافمسارات الانتقال ومنهاإنفلونزا الخنازير، والمتلازمة التنفسية الحادة، والايبولا وغيرها من الأمراض الخطيرة على صحة الانسان، وتنبأ أن عدم اکتشاف مسارات تلک الأمراض قد يعرض البشر إلى خطر في المستقبل وذلک نتيجة تفاعل البشر مع الحيوان بصورة متزايدة ومستمرة.

وتحاول الورقة البحثية هنا تفنيد کل من الفرضيات التآمرية لتفسير الوباء من خلال عرض مفاهيم، وأسباب اعتناق نظرية المؤامرة، وکذلک الاستدلالات العلمية الإيکولوجية وذلک لکشف "ذهنيات الوباء" المختلفة في أوقات الخطر والأزمات ومدى انعکاسها على طريقة الفهم والتحليل.

أولا: النظريات التآمرية Conspiracy theories:تظهر نظريات المؤامرة عادة في الخطاب الاجتماعي والسياسي، ومع ذلک، فلم تتطور أجندة بحثية منسقة للتعامل مع أسبابها وعواقبها إلا في العقد الماضي. ومن الضروري أن يفهم العلماء نظريات المؤامرة بشکل أفضل حيث ارتبطت تلک النظريات ارتباطًا وثيقًا بالتحيز والثورات والإبادة الجماعية،وعُرف عن العديد من منفذي الهجمات الإرهابية أنهم من أشد المؤيدين لنظريات المؤامرة، کما دفعت نظريات المؤامرة الناس إلى رفض الطب السائد إلى الحد الذي أصبحت فيه الأمراض التي تم شفاؤها سابقا تعود إلى الظهور الآن في بعض أنحاء العالم. کما تدفع نظريات المؤامرة الناس إلى رفض الإجماع العلمي، وعلى الأخص الإجماع حول مؤثرات تغير المناخ الذي تسبب فيه الانسان[viii].

إن العديد من الحجج حول نظريات المؤامرة تنشأ من الخلافات حول ما يعتبر نظرية مؤامرة وما لا يعتبر؛ويعتبر الحدث "مؤامرة" “conspiracy” عندما يکون (أ) سري من قبل اثنين أو أکثر من الفاعلين الأقوياء، (ب) وعندمايحاول اغتصاب السلطة السياسية أو الاقتصادية، وبينما تشير "المؤامرة" إلى سلسلة سببية حقيقية للأحداث، تشير "نظرية المؤامرة"conspiracy theoryإلى ادعاء مؤامرة کنتيجة نهائية قد تکون أو لا تکون صحيحة[ix]، وبالتالي ف"نظريات المؤامرة" هي محاولات لشرح الأسباب النهائية للأحداث والظروف الاجتماعية والسياسية الهامة الحقيقية مع ادعاءات مؤامرات سرية من قبل اثنين أو أکثر من الفاعلين الأقوياء،وتتهم المؤامرة غالبًا الحکومات، إلا أنها يمکن أن تتهم أي مجموعة يُنظر إليها على أنها قوية وحاقدة. فعلى سبيل المثال تتهم نظريات المؤامرة حول هجمات 11 سبتمبر الإرهابية إدارة بوش والحکومة السعودية والشرکات والصناعة المالية واليهود، کما تتهم نظريات المؤامرة حول تغير المناخ العلماء والشيوعيين والأمم المتحدة والديمقراطيين والحکومات وصناعة النفط وغيرهم[x].

وتظهر العديد من المصطلحات المتعلقة بنظرية المؤامرة ومنها، مفهوم "الاعتقاد التآمري" conspiracy belief والذي يشير إلى الإيمان بنظرية مؤامرة معينة مثل الاعتقاد باغتيال الأميرة دايانا، ومفاهيم "عقلية المؤامرة"conspiracy mindset أو"التفکير التآمري" conspiracy thinking، أو"الميول التآمرية" conspiracy predispositions، والتي تشير جميعها إلى ميل أساسي لدى بعض الأشخاص لتفضيل تفسيرات المؤامرة بسبب التحيز ضد المجموعات القوية غير المرغوبة والحسابات الرسمية، کما يشير مصطلح "مُنظِّر المؤامرة"conspiracy theorist إلى الشخص الذي ينشر نظريات المؤامرة بشکل احترافي أو للأشخاص الذين يدافعون بقوة عن نظرية المؤامرة، وقد أکد Lantianأن منظري المؤامرة ومن يؤمنون بها عادة ما يجمعهم اعتقادان هما؛ أن هناک جماعات حاقدة تتآمر،وأن الروايات الرسمية دائما خاطئة[xi].

أما عن العوامل المؤدية لتبني البعض إلى نظرية المؤامرة فتتبلور في[xii]:

أ‌.        العوامل النفسية: النابعة من الرغبة في اظهار الفهم ومعرفة بواطن الأمور علاوة على الرغبة في الشعور بالأمن النفسي الذي ينشأ من خلال المعرفة وامکانية تفسير الأحداث لتوقع النهايات.

ب‌.     الدوافع الوجودية: حيث أشارت الدراسات أن نظريات المؤامرة مرتبطة بمشاعر العجز والقلق الوجودي والشعور بعدم فهم النظام الاجتماعي.

ت‌.     الدوافع الاجتماعية: وذلک لوجود روابط بين معتقدات المؤامرة والحاجة النفسية الاجتماعية للشعور بالتميز عن الآخرين وأن لديهم معلومات نادرة لا يمتلکها الآخرون، بالاضافة إلى الحاجة القوية لدى الأفراد للشعور بالايجابية تجاه الجماعات التي ينتمون اليها مثل أحزابهم السياسية وجماعاتهم الدينية وجنسياتهم والقناعة بأن الآخرين يتآمرون ضدها.

ث‌.     الدوافع المعرفية: وذلک لتقديم تبرير لواقع ينتشر فيه عدم اليقين وافتقار التبرير الرسمي للأحداث، ويؤکدPeter Knight على أن نظريات المؤامرة تنتشر(جنبًا إلى جنب مع الشائعات وغيرها من القصص التي يتم سردها على أنها صحيحة) بسرعة عندما يکون الوصول إلى معلومات موثقة منخفضًا ومصادرها غير معلومة، وهذا ما يسود عادة وقت الأوبئة،وعلى الرغم من أن انتقال الشائعات المفرط النشاط غالبًا ما ينحسر بمجرد تقديم معلومات موثوقة وذات مصداقية إلى الواجهة، إلا أن الأطر السردية الأساسية the underlying narrative frameworks التي تعمل کمستودع توليدي لهذه القصص لا تختفي، حيث تعمل هذه المستودعات کمخازن جاهزةللمعرفة المجتمعية التفسيرية حول التهديدات والاضطرابات المحتملة - أصولها وأهدافها الخاصة - بالإضافة إلى مجموعة من الاستراتيجيات الناجحة المحتملة للتعامل مع تلک التهديدات، کما يدعيKnightPeter  أن خزانات تلک المصادر ثابته لا تتغير، لها قوة تفسيرية تعمل على ربط القصص في دورات لتشکيل نظريات المؤامرة، وغالبا ما تجمع بين مجالات متباينة للتفاعل البشري للوصول إلى سرديات يتم تداولها بين أعضاء المجتمع الواحد. وبالتالي مع حدوث حدث يحتاج إلى تفسير ولا تتوافر معلومات موثقة حوله، فإن نظريات المؤامرة تنشط في تلک الفترة،وهذا ما حدث عام 2002 مع الارتباک الأولي حول هوية العامل المسبب لتفشي مرضالالتهاب الرئوي الحاد (سارس) في 2002-2003، وکان ذلک بسبب عدم اليقين بشأن کيفية الانتقال والانتشار للمرض،وصعوبات تدفق المعلومات الصحيحة بسبب الخصومات السياسية، وفي البحث عن الدوافع وراء رواج سرديات المؤامرة حول الفيروس المستجد وجد أنها تتبلور في عدة نقاط [xiii]:

‌أ.                   الدفاع النفسي:إذ تصبح سرديات المؤامرة في سياقات الأوبئة نوعًا من "الدفاع النفسي"، وذلک لمواجهة الضغوطات الهجومية التي يسببها الوباء الغامض المنشأ والذي لا يستطيع العالم تفسيره في لحظتها أو السيطرة عليه، وهذا الدفاع سواء الفردي أو الجمعي يکون مؤقتًا بانتظار ظهور الدواء أو اللقاح.

‌ب.                إلقاء المسؤولية على الآـخرين: حيث تمثل فکرة المؤامرة نوعًا من تبرئة الذات عبر إلقاء المسؤولية على الآخرين، سواء أکانوا قوى غيبية أو حتى معلنة. وتلعب تلک التبرئة أو الإعفاء من المسؤولية دورًا نفسيًّا في تهيئة أنصار التفکير التآمري للعب دور الضحية في الأزمة، وتقبل کافة احتمالاتها بما فيها سيناريو الموت.

‌ج.                تسييس الأوبئة: فخلط مسببات الوباء بصراعات المصالح بين الدول يحفز على تبني سرديات التآمر، کما جرى في الاتهامات المتبادلة بين الولايات المتحدة والصين، فکل دولة منهما ترغب في إلقاء المسؤولية على الأخرى، سعيًا لنزع الشرعية الأخلاقية عنها. لکن في المقابل، أدى ذلک التسييس إلى إضعاف التعاون الدولي لمکافحة الفيروس، وبروز بعض السلوکيات الأنانية بين الدول، بخلاف تعزيز خطابات الکراهية.

وتتناول الدراسة وفقا للنظريات التآمرية هنا کلا من مقاربة الإرهاب البيولوجي بفرضياته المتعددة التي ترکز على أن الفيروس الجديد هو سلاح بيولوجي يستخدم من أجل تحقيق أهداف مختلفة تتنوع حسب مصدر ذلک الهجوم البيولوجي، والمقاربة الاقتصادية التي تتناول دور الفيروس المستجد کأداة للتنافس الاقتصادي بين کلا من الولايات المتحدة الأمريکية والصين.

1-              مقاربة الإرهاب البيولوجيbio terrorism”":تعتبر الأسلحة البيولوجية من الأسلحة غير التقليدية التي تهدد أمن الدول ولها عدة خصائص تتبلور في:

‌أ.                   صعوبة تحديد المسئول عن استخدام تلک الأسلحة طالما لم تعلن جهة محددة مسئوليتها.

‌ب.                هناک فاصل زمني بين التعرض للمرض-کسلاح بيولوجي- وظهور الأعراض الأولى وتطور المرض الکامل وصعوبة تتبع الأفراد المعرضين له.

‌ج.                صعوبة التحکم ومواجهة تداعيات استخدام السلاح البيولوجي وبالتالي يتسبب في زيادة أعداد الوفيات والاصابات.

أما إدارة الهجوم البيولوجي الجيد فيجب أن تعتمد على أنظمة موجودة بالفعل لإدارة الأوبئة الناتجة عن أمراض تم اکتشافها من قبل ولها قابلية للتطور، کما يجب أن تفعل قنوات الاتصال بين الأجهزة المخابراتية والوکالات الصحية المتخصصة بشأن تطورات الأوبئة والأسلحة البيولوجية المختلفة.

ويعتمد مؤيدون فکرة استخدام الوباء کسلاح بيولوجي على مقوله أساسية هي أن الأوبئة فرصة للإرهابيين لاستخدامها کأسلحة بيولوجية مؤثرة ذات نتائج ملموسة مع صعوبة تحديد المسئول عنها متخطية حدود الدول، ففي دراسة لاستيفين ويبر عام (2004 (عن الفرصة المتاحة لاستخدام السارس کسلاح بيولوجي[xiv]، توصلت الدراسة إلى أن الفيروس التاجي المرتبط بالسارس يحتوي على العديد من الميزات التي يمکن أن تکون جذابة بشکل فريد لأولئک الذين يبحثون عن سلاح بيولوجي؛ حيث أن مسببات مرض السارس معدية للغاية،فمن بين العاملين في مجال الرعاية الصحية الذين تعرضوا دون وقاية لحالات السارس الأولية في آسيا، أصيب أکثر من 50٪ بالمرض، وبالتالي إذا تم إطلاق السارس ضمن مجموعة سکانية حساسة، فقد ينتشر على نطاق واسع قبل تنفيذ تدابير الاحتواء. کما أن صفة الفتک تجعل فيروس السارس التاجي عامل إرهاب حيوي قابل للتطبيق خاصة على العسکريين، حيث يمکن أن يستخدم فيروس السارس التاجي کسلاح يستهدف الوحدات العسکرية.علاوة على ذلک، فإن النقاهة لفترات طويلة لأولئک الذين نجوا من الإصابة بالسارس سيزيد من ضغط موارد الأمة أو الوحدات العسکرية التي تعرضت للهجوم، خاصة أنه يمکن للعديد من الدول الوصول إلى عينات يمکن من خلالها زراعة کميات کبيرة من فيروس السارس التاجي. علاوة على ذلک، يمکن الحصول على الفيروس من الأنواع الحيوانية التي يبدو أنها خزاناتها الطبيعية، ومع الانتشار الواسع للفيروس يکون هناک صعوبة في تحديد المسئولين عن انتشاره وصعوبة في احتوائه، هذا بالاضافة إلى صعوبة الکشف عن الانتشار المتعمد للفيروس. وبناءعلى السردية السابقة، ظهرت ثلاثة فرضيات تآمرية خاصة باستخدام کوفيد 19 کسلاح بيولوجي؛ الفرضية الأولى:أن کوفيد-19 وما سببه من ذعر هما من صنع الإنسان ونتاج مشروع عالمي يتم توجيهه بواسطة الذکاء الاصطناعي (AI)، يعزز من آلية الارهاب البيولوجي،ومخطط الاستحواذ العالمي العسکري من قبل النظام العالمي الجديد(NWO)New World Order الذي عمل على التخطيط المسبق لذلک الوباء، کما يعمل على التحکم والإدارة اليومية لإتجاه هذا الوباء کاستجابةلردود فعل السکان المستهدفين على مستوى العالم[xv].

ويرى متبنون المنظور العالمي في العلاقات الدولية (منظري العالمية The Globalists) أن النظام العالمي الحالي بما فيه من عدد متزايد من الحکومات القومية والحرکات الوطنية والاحتجاجات الشعبية کلها لا تعمل لصالح النظام العالمي الجديد وبالتالي کان لابد من إحداث حدث کبير يعمل على کبح خطوات إعاقة قيام النظام العالمي الجديد، وذلک بخلق نوع من الفوضى التي تعمل على إعادة ترتيب النظام العالمي الجديد وفقا لاتجاهاتهالحديثة التي ينادي بها أصحاب الاتجاه العالمي، وتبلورت تلک الفوضى العالمية في نشر کوفيد-19.

ويساوي هذا الاتجاه بين العديد من الأزمات العالمية السابقة مثل الأنفلوانزا الأسبانية، والحرب العالمية الأولى والثانية، وهجمات الحادي عشر من سبتمبر، والحرب على الإرهاب، بأزمة کوفيد-19، بأنها جميعا أزمات مفتعلة يستخدم فيها المال کوسيلة لتحقيق الهدف الحقيقي وهو السيطرة  الکاملة على العالم[xvi]. والمال سهل الوصول له من خلال إجبار سکان العالمللامتثال لأنظمة التطعيم الصارمة بعد تخويفهم باحتمال تفشي جائحة قاتلة، ضمن ما يسمى بأجندة أعمال التطعيم الفائقSuper-Vaccination Agenda، وضمن استراتيجية معدة مسبقا هي استراتيجية المشکلة، رد الفعل، الحل، ففي البداية يتم تصميم هندسة للأمراض المعدية (المشکلة)، وبعد ذلک يتم نشر الوباء والترکيز على مدى خطورته من أجل صنع الموافقة على الحل المخطط له مسبقا (رد الفعل)، ثم يتم طرح اللقاح الجديد بوصفه منقذ للبشرية (الحل).

ووفقا لهذا الاتجاه فإن اختلاق الأزمات العالمية هو في صميم هذه البرامج الفرعية المختلفة لمنظمات الشمال الغربي. فاثنتان من أکثر الکوارث التي صنعت "رعباً" هي تلک التي تؤثر بشدة على المحيط الحيوي (مثل الاحترار العالمي) وتقوض صحة الإنسان (مثل الأوبئة القاتلة). وبهذه الطريقة، يتم بناء ذرائع زائفة ببراعة لتبرير إنشاء حکومة عالمية واحدة قوية. تحقيقا لهذه الغاية، حيث يعرف أصحاب الاتجاه العالمي المنادون بنظام عالمي جديدNWO أنه يجب عليهم أولا أن يصنعوا التوافق بين البشر على المطالبة بحکومة عالمية شاملة لإدارة هذه الکوارث الصحية العامة والکوارث البيئية.

الفرضية الثانية؛ أن سلسلة من الأزمات الواقعية المهندسة التي يقوم بها ممثلوالأزمات لإحداث ما يسمى "بالهجوم البيولوجي" Biological Attack ضد الصين من قبل الولايات المتحدة الأمريکية، بدأت من مختبر أمريکي متخصص في علم الأسلحة البيولوجية "”Zio-Anglo-American Intelligence Community، قام بتصميم فيروس کورونا ونفذ هجوما إرهابيا حيويا في ووهان بهذا السلاح الحيوي الهجين من فيروس کورونا، وقد تم اختيار هذا الموقع الاستراتيجي للهجوم البيولوجي بسبب النواقل التي يسهل هندستها لنشر المرض[xvii]،کما تبع ذلک الحدث افتعال جميع مراحل الأزمات في مقاطعة هوبي، وتم تصويرها بشکل واقعي من أجل المبالغة في تصوير تفشي المرض في ووهان بشکل کبير، إلا أن التوابع غير المقصودة untended consequences”"أصبحت تلاحق الشعب الأمريکي وهو ما اضطر CIA الى اطلاق مصطلح جديد هو BLOWBACKالذي يشير إلى العواقب غير المقصودة، والآثار الجانبية غير المرغوب فيها التي تحدث نتيجة القيام بعملية سرية، وتعتمد هذه الفرضية على عدة دلائل وهي أن الولايات المتحدة لديها بنية تحتية واسعة النطاق في الداخل وکذلک في أوراسيا وأفريقيا مخصصة للبحوث البيولوجية العسکرية، وينتج الجيش الأمريکي بانتظام الفيروسات القاتلة والبکتيريا والسموم، مما يعرض مئات الآلاف من الناس لمسببات الأمراض الخطيرة والأمراض التي لا يمکن علاجها في کثير من الأحيان،وکان مشروعMKNAOMIالخاص بمشاريع الحرب البيولوجية القادمة، هو الاسم الکودي لبرنامج أبحاث مشترک بين وزارة الدفاع ووکالة المخابرات المرکزية[xviii]CIA ، کما يدير البنتاغون مختبرات الحرب الحيوية في 25 دولة حول العالم، يتم تمويل هذه المختبرات من قبل وکالة الحد من التهديدات الدفاعية Defense Threat Reduction Agency (DTRA) عبر برنامج التعاون البيولوجي التعاوني (CBEP) بتکلفة 2.1 مليار دولار أمريکي وتقع في دول الاتحاد السوفياتي السابق مثل جورجيا وأوکرانيا والشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا وأفريقيا، أيضا يبرز موقع مختبرات الحرب البيولوجية على حدود روسيا والصين، وعلى المحيط الشمالي لأفريقيا.

ويعتبر مرکز لوغارLugar Centre في جورجيا –التي تعتبر ساحة اختبار للأسلحة البيولوجية- من المراکز الهامة في دراسة العوامل الحيوية وعلم الفيروسات والحشرات، کما يعمل علماء الحرب الحيوية أيضًا في معهد باتيل التذکاريBattelle Memorial Institute، الذي يمتلک مختبرات حيوية تعمل لدى البنتاغون ووکالات حکومية أمريکية أخرى في عدد من البلدان، وتحتل المرتبة 23 في قائمة أفضل 100 مختبر حکومي أمريکي. ويعمل المعهد مع وکالة المخابرات المرکزية، في مشروع لإعادة بناء واختبار قنابل الجمرة الخبيثة في الحقبة السوفيتية. کما أبرمت شرکة Metabiota Inc عقودًا بموجب برنامج البنتاغون DTRA في جورجيا وأوکرانيا للاستشارات العلمية والفنية، ترکز عملها في مجال البحوث البيولوجية العالمية المتعلقة بالتهديدات البيولوجية واکتشاف مسببات الأمراض والاستجابة لتفشي المرض والتجارب السريرية. وخلال أزمة فيروس إيبولا في غرب أفريقيا، مُنحت عقدًا کبيرًا للعمل في سيراليون، وهي إحدى البلدان التي کانت في مرکز الوباء في عام 2012 -15.

إلى جانب جورجيا، تستضيف أوکرانياتجارب الحرب البيولوجية الأمريکية،حيث قامت DTRA بتمويل أحد عشر مختبرًا حيويًا في البلاد لا تسيطر عليها کييف. وفي عام 2005، تم إبرام اتفاق بين البنتاغون ووزارة الصحة في أوکرانيا يحظر على الحکومة في کييف الکشف العلني عن أي معلومات حساسة حول برنامج الولايات المتحدة وأوکرانيا، وتم منح البنتاغون الوصول إلى بعض أسرار أوکرانيا فيما يتعلق بالمشاريع البيولوجية بموجب اتفاقهم[xix]، وقد لوحظ في يناير 2016 في ظل وجود هذه المختبرات إصابةعلى الأقل 20 جنديًا أوکرانيًا بفيروس يشبه الإنفلونزا خلال يومين فقط، کما تم إدخال 200 آخرين إلى المستشفى، لکن کييف لم تبلغ عن هذا الحادث،وفي مارس 2016 تم الإبلاغ عن 364 حالة وفاة في جميع أوکرانيا، معظمها ناتج عن أنفلونزا الخنازير (H1N1)، والتي وفقًا لمعلومات استخبارية من سلطات دونيتسک التي تقود التمرد الانفصالي هناک، کانت بسبب تسرب من المختبر الحيوي الأمريکي في خارکيفKharkiv. بالاضافة أنهتم الإبلاغ عن انتشار مريب لعدوى التهاب الکبد A في جنوب شرق أوکرانيا، حيث توجد معظم المختبرات الأمريکية، وکذلک حالات الکوليرا، بسبب مياه الشرب الملوثة.

وفي الواقع عام 2018، بعد أن تولى ترامب المسؤولية، بدأت وکالة مشروع البحث المتقدم للدفاع التابعة للبنتاجون (DARPA) Defense Advanced Research Project Agency ، في إنفاق الملايين على البحث في الفيروسات التاجية الجديدة مرة أخرى، وتحديدًا تلک التي تنتقل من الخفافيش إلى البشر. وفي الوقت نفسه، "تقوم هذه الشرکات المدعومة من DARPA بتطوير لقاحات لسلالة الفيروس التاجي هذه، وهي فئة لقاح لم تتم الموافقة عليها سابقًا للاستخدام البشري في الولايات المتحدة وذلک کله بالتعاون مع البنتاغون والجيش الأمريکي حيث تم الإعلان في نفس العامعن برنامج تعاوني خاص بدراسة الخفافيش وفيروسات MERS و SARSوقد ربط البعض بين تلک الأبحاث وبين انتشار الفيروس التاجي الجديد کوفيد- 19 خاصة عندما تم غلق المختبر الرئيسي للجيش الذي تضمن دراسة مسببات الأمراض الفتاکةبما في ذلک الفيروسات التاجية والإيبولا وغيرهافي يوليو2019 بسبب ما سمي ب "ثغرات السلامة البيولوجية"biosafety lapses– إلا أنه تم استئناف الأبحاث جزئيا في نوفمبر- ولم تکن هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها إغلاق المختبرات الخاصة بالأسلحة البيولوجية، حيث تم تعليق أبحاث Fort Detrick للحرب الجرثومية في عام 2009، وهو نفس العام الذي کان فيه آخر جائحة لانتشار أنفلونزا الخنازير H1N1[xx]،ومع انتشار کوفيد- 19 بدأ الربط بين ظهوره وبين اغلاق المختبر وأصبحت المناقشات تدور حول المکان الذي صنع فيه الفيروس وربطه بعدة أحداث بدأت في أغسطس 2019 حيث  تم تسجيل أول حالة وفاة بأعراض مميزة لـ Covid-19 في الولايات المتحدة، ولکن تم نسبها إلى "vaping" (تدخين السجائر الإلکترونية)،کما کان موسم إنفلونزا 2019-2020 في الولايات المتحدة شديدًا بشکل غير معتاد حيث أصيب أکثر من 26 مليون أمريکي بالمرض، وتم نقل 250.000 شخص إلى المستشفى، وتوفي 14000 شخص على الأقل وفقًا لتقديرات مرکز السيطرة على الأمراض[xxi].

وقد قدمت عريضة إلى موقع البيت الأبيض في 10 مارس طالبت بتوضيح من حکومة الولايات المتحدة ما إذا کان إغلاق منشأة فورت ديتريک له علاقة بتفشي الفيروس، کما أشارت العريضة أيضًا إلى أن العديد من التقارير الإخبارية باللغة الإنجليزية حول إغلاق حصن ديتريک قد تم حذفها وسط تفاقم جائحة Covid-19مما أثار الشکوک حول علاقة المختبر بالفيروس التاجي الجديد،وطالبت العريضة حکومة الولايات المتحدة بنشر السبب الحقيقي لإغلاق المختبر وتوضيح ما إذا کان المختبر مرتبطًا بالفيروس التاجي الجديد وما إذا کان هناک تسرب للفيروس .

الفرضية الثالثة؛ ويتبنى هذه النظرية من يطلق عليهم منظري المختبر“”laboratory theoristsومؤداها أن الفيروس التاجي تم توليفه من قبل معهد ووهان لعلم الفيروسات WIV ومقره مدينة ووهان حيث تم تحديد المرض لأول مرة، وتم تعزيز وجهة النظر هذه من خلال ورقة علمية تمت قراءتها على نطاق واسع من المعهد الهندي للتکنولوجيا مدعية أن البروتينات في الفيروس التاجي تشترک في "تشابه غريب" مع تلک الخاصة بفيروس نقص المناعة البشرية(HIV)کما اعتمد مؤيدي نظرية المختبر على دراسات تم نشرها في الصين فبراير2020 تقيم صلة وثيقة بينSARS-CoV-2 وفيروس يسمىRaTG13 تم اکتشافه في کهف في اليونان والصين عام 2013 يشارک هذا الفيروس 96 في المائة من الجينوم الخاص به مع الفيروس التاجي الجديد[xxii]، وبالتالي تکهن البعض أن يکون الفيروس التاجي مشتق منه وأنه قد حدث خطأ ما في اجراءات السلامة المعملية أدت إلى تسرب الفيروس التاجي من المختبر وأن الصين حاولت تغطيت مدى تفشي الفيروس التاجي - ومدى عدوى المرض - لتخزين الإمدادات الطبية اللازمة للاستجابة له، حسبما تظهر وثائق المخابرات، حيث فاد تقرير استخباراتي صادر عن وزارة الأمن الداخلي من أربع صفحات بتاريخ 1 مايو2020 وحصلت عليه وکالة أسوشيتد برس أن القادة الصينيين "أخفوا عمدا شدة الوباء عن العالم في أوائل يناير، ويستند هذا الاستنتاج إلى أن 95٪ من التغيرات التي طرأت على الصين في الاستيراد وسلوک التصدير لم تکن ضمن المعدل الطبيعي[xxiii]، حيث زادت الصين وارداتها من أقنعة الوجه الجراحية بنسبة 278%، وبالنسبة للملابس الطبية بنسبة 72%، أما القفازات فقد کانت بنسبة 32% وعلى الجانب الآخر وبينما قامت بزيادة وارداتها الإجمالية بنسبة  382% للمنتجات الطبية قامت بخفض صادراتها لنفس المنتجات بنسبة 379%.

وتم ترجيح تلک الفرضية من جانب الولايات المتحدة والغرب معتمدين في ذلک على سجل الحکومة الصينية الضعيف للشفافية،وحقيقة أن معهد ووهان للفيروسات، وهو مرکز أبحاث به مرافق في نفس المدينة التي ظهر فيها الفيروس لأول مرة، کان يدرس مسببات الأمراض الخطيرة بما في ذلک فيروسات الخفافيش التاجية؛ ومخاوف المسؤولين الأمريکيين الذين عبروا عنها عام 2018 بشأن معايير سلامة المختبر، وبالتالي ظهرت العديد من الرويات حول اخفاء الصين ظهور المرض لعدة أشهر وعقابها للأطباء الذين حذروا منه، کما تجاهلت المساعدة من مرکز السيطرة على الأمراضCDCDisease Control and Prevention وغيرت في الاحصائيات مرات عديدة وکل ذلک حتى تظهر الصين کنموذج ناجح في مکافحة الأوبئة لها معايرها الخاصة في حين تعم الفوضى الدول الأخرى ومنها الولايات المتحدة الأمريکية في مواجهة انتشار الفيروس، هذا بالاضافة إلى تقديم نفسها کقيادة عالمية متضامنة مع الدول التي تعاني من تفشي الجائحة، فعندما لم تستجب أي دولة أوروبية لنداء إيطاليا العاجل بخصوص المعدات الطبية ومعدات الحماية، التزمت الصين علنًا بإرسال 1000 ventilators، ومليوني قناع، و 100.000 respirators، و 20.000 بدلة واقية، و 50.000 مجموعة اختبار. کما أرسلت الصين فرقًا طبية و 250 ألف قناع إلى إيران وأرسلت إمدادات إلى صربيا، التي وصف رئيسها التضامن الأوروبي بأنه "حکاية خرافية"“a fairy tale” وأعلن أن "الدولة الوحيدة التي يمکنها مساعدتنا هي الصين"[xxiv].

2-   المقاربة الاقتصادية:يميل منظرو الجغرافيا الاقتصادية (Geo-economics) إلى الاعتقاد بأن الصراع بين الدولسيکون مدفوعًا بشکل أساسي بمخاوف اقتصادية ومحکوم بالأدوات الاقتصادية، فوفقا لإدوارد لوتواکEdward Luttwak، "أنه بالرغم من الأهمية المتزايدة للقوة العسکرية في التفاعلات بين الدول الأساسية للنظام الدولي، أي تلک الموجودة في أمريکا الشمالية وأوروبا الغربية وشرق آسيا، إلا أن الدول ظلت في شکلها التنظيمي هي الوحدات الرئيسية المکونة للنظام الدولي التي تسعى کلا منها إلى تحقيق نصيب کبير من المکاسب قدر الإمکان"، ومع افتراض لوتواک أن منطق الصراع الصفري سيستمر فيدفع العلاقات بين الدول، وبالنظر إلى الأسلحة النووية التي جعلت الحرب الشاملة مستحيلة، فإن الصراع بين الدول سيکون مدفوعًا بشکل أساسي بمخاوف اقتصادية ومحکوم بالأدوات الاقتصادية، وبالتالي فإن منطق الصراع بين الدول يعبرعن نفسه في قواعد التجارة[xxv]. وقد استخدم إدوارد لوتوا کفي مقالة له عام1990 مصطلح الاقتصاد الجغرافي Geo-economics)) لوصف الساحة الرئيسية للتنافس بين الدول والتي ستکون اقتصادية وليست عسکرية في نظام ما بعد الحرب الباردة[xxvi]، وفي کتاب له بعد ثلاث سنوات عام 1993، توقع عدم استخدام الأداة العسکرية في أي مواجهات خاصة بعد انهيار التهديد السوفيتي لأوروبا والولايات المتحدة، وفي کتابات عديدة حذر الباحثون الولايات المتحدة من القوة الجيواقتصادية للصين وأن الولايات المتحدة يجب أن تحذر من التمدد الصيني الاقتصادي، وبناء على ذلک کانت فرضية أن فيروس کوفيد-19 هو أداة إقتصادية جديدةتم إطلاقهاکسلاح بيولوجي لأن القوى الغربية عازمة على تدمير الاقتصاد الصيني من أجل الحفاظ على الدولار البترولي کعملة احتياطية للعالم. ويعزز هذا الرأي ما قامت به الولايات المتحدة من تنظيم احتجاجات هونغ کونغ، وتفعيل نظام التعريفات الجمرکية ضد الصين، والتهديد بفرض عقوبات اقتصادية ضد الدول التي تعمل مع هواوي، ونزاع شينجيانغ الملتهب من قبل وکالة المخابرات المرکزية الذي يضم الأويغور المسلمين، والإبحار الاستفزازي للسفن الحربية الأمريکية عبر مضيق تايوان، والملاحقة السياسية للمدير المالي لشرکة Huawei، وتدمير مزارع الخنازير في الصين بواسطة فيروس آخر من الهندسة الحيوية DARPA، وإحباط فيديکس لعمليات تسليم حساسة متعددة إلى الصين في عام 2019، وما إلى ذلک. وبعد کل هذه الاستفزازات، تم في النهاية تنفيذ هجوم بيولوجي ضد ووهان من أجل إرغام الصين على الاستسلام للعديد من المطالب التي فرضها فريق ترامب، وتتجاوز هذه المطالب العناصر الرئيسية للصفقة التجارية بشکل ملحوظ، حيث شملت  الوصول غير المحدود من قبل الولايات المتحدة إلى العديد من المعادن الأرضية والخامات النادرة الأخرى الموجودة فقط في الصين (وروسيا) والمطلوبة في عملية تصنيع عدد لا يحصى من الأسلحة وأجهزة تکنولوجيا المعلومات التي ينتجها المجمع الصناعي العسکري ويحتاجها مهندسينالأمن القومي للدولة، ويرد مؤيدوهذا الاتجاه على سؤال ولماذا إيطاليا؟ بأن ايطاليا واجهت مشاکل مع "الدولة العميقة" عندما قررت أن تدخل إلى طريق الحرير الجديد مع الصين"، وهي خطوة بلورت تحول التوازنات الجيوسياسية واستعداد الحکومة الإيطالية الشعبوية القطع مع شرکائها التقليديين، وأصبحت إيطاليا أول دولة من بين مجموعة الدول السبع التي کانت تهيمن في السابق على الاقتصاد العالمي للمشارکة في مشروع الصين "One Belt One Road"، الذي يقوم باستثمارات ضخمة في البنية التحتية لنقل البضائع والموارد الصينية في جميع أنحاء آسيا وأفريقيا وأوروبا[xxvii].

لقد أدت جائحة فيروس کورونا المستجد إلى زيادة حدة المنافسة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة والصين بشکل کبير، وأدت الاتهامات المتبادلة حول معالجة أرقام ضحايا فيروس کورونا والاتهام بالتضليل حول الأصل الحقيقي للوباء إلى "حرب کلامية" بين واشنطن وبکين، ومع تفاقم الوضع في الولايات المتحدة، کانت مسألة إعادة انتخاب ترامب تواجه خطراً،فحاول تحسين معدلات الموافقة الداخلية والتأييد له من خلال إظهار قوته الحازمة تجاه الصين،وإعلانهأن الصين انتهکت صفقة المرحلة الأولى ولم تفيبوعودها بشراء المزيد من السلع الأمريکية ونتيجة لذلک، کثفت الإدارة الأمريکية العقوبات على البنوک الصينية التي تلعب دوراً رئيسياً في مبادرة الحزام والطريق Belt and Road Initiative.[xxviii].

کما اعتُبرت مشاکل تسليم المعدات الطبية من الصين اعتداءً على الأمن القومي للولايات المتحدة. ولذلک، أصبحت الشرکات الصينية الکبرى للمعدات الطبية وشرکات الخدمات اللوجستية موضوعاً للعقوبات الأولية والثانوية من قبل الولايات المتحدة، مما منعها فعلياً من القدرة على خدمة العملاء الأجانب، على الجانب الآخر ومع تحول بعض دول الاتحاد الأوروبي إلى الصين للمساعدة، تدخلت صناديق الاستثمار الصينية الرائدة لصد وإبعاد المستثمرين الأمريکيين في أوروبا، مما أدى إلى اتخاذ إجراءات انتقامية بواسطة الإدارة الأمريکية.

ثانيا:المقاربة الإيکولوجية:وهي المقاربة التي اعتمدت على التحليل العلمي المرتبط بطبيعة الفيروس التاجي الجديد والتي ترجح أن الفيروس هو نتاج العبث في النظام الإيکولوجي وما حدث من تغير المناخ واستنفاذ الموارد، وهذا ما أشار اليه Skolbekken ( 1995 ) بمصطلح "”risk epidemic الذي يشير إلى أن الأمراض أصبحت أکثر خطورة نتيجة العديد من العوامل، کما حذرت العديد من التقارير من العبث بالنظام الايکولوجي وکان من أهمهم عام 2016، حيث حدد برنامج الأمم المتحدة للبيئة قضية الأمراض حيوانيةالمنشأ باعتبارها قضية ناشئة رئيسية ذات أهمية عالمية في سلسلة منشورات فرونتيرز. يوضح الفصل المتعلق بالأمراض الحيوانية - الأمراض التي يمکن أن تنتقل من الحيوانات إلى البشر - کيف يرتبط ظهور الأمراض حيوانيةالمنشأ وعودة ظهورها ارتباطًا وثيقًا بصحة النظم البيئية، فيزداد خطر ظهور المرض وتضخيمه مع تکثيف الأنشطة البشرية المحيطة بالموائل الطبيعية والانتشار فيها، مما يمکّن مسببات الأمراض في مستودعات الحياة البرية من الانتشار إلى الماشية والبشر،ويؤکد التقرير على العلاقة الحاسمة بين البيئة الصحية والأشخاص الأصحاء، وکيف تقوض الأنشطة البشرية في کثير من الأحيان صحة وقدرة النظم البيئية على المدى الطويل لدعم رفاهية الإنسان[xxix].

أن حوالي 65 في المائة من جميع الأمراض المعدية في البشر هي أمراض حيوانية المنشأzoonotic disease ، ينشأ75 في المائة منها في الحياة البرية، إلا أن الماشية غالبًا ما تکون بمثابة جسر وبائي بين الحياة البرية والعدوى البشرية، هذا هو الحال بشکل خاص بالنسبة للماشية التي يتم تربيتها بشکل مکثف والتي غالبًا ما تکون متشابهة وراثيًا داخل القطيع،وبناءعليه تفتقر إلى التنوع الجيني الذي يوفر المرونة في مقاومة المرض وبالتالي تعمل "کجسر للأمراض" کحالة أنفلونزا الطيور أو مسببات الأمراض المسببة لإنفلونزا الطيور، والتي تم تداولها لأول مرة في الطيور البرية، ثم أصابت الدواجن المنزلية وانتقلت منها إلى البشر[xxx].

وهذه الأمراض التي ظهرت أو عادت للظهور مؤخرًا مثل الإيبولا وأنفلونزا الطيور ومتلازمة الجهاز التنفسي في الشرق الأوسط (ميرس) وفيروس نيباه وحمى الوادي المتصدع والمتلازمة التنفسية الحادة المفاجئة (سارز) وفيروس غرب النيل فيروس زيکا والآن فيروس الکورونا کلها مرتبطة بالنشاط البشري، فکان تفشي فيروس إيبولا في غرب أفريقيا نتيجة لخسائر في الغابات أدت إلى اتصالات أوثق بين الحياة البرية والمستوطنات البشرية؛ وارتبط ظهور أنفلونزا الطيور بالتربية المکثفة للدواجن؛ کما ارتبط فيروس نيباه بالتربية المکثفة للخنازير.

    وقد أشار تقرير فرونتيرز الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي عام )2016) إلى خطورة تحول تلک الأمراض المستوطنة إلى أوبئة Epidemic zoonoses حيث أقر أن غالبًا ما يرتبط ظهور الأمراض الحيوانية المنشأ بالتغيرات البيئية أو الاضطرابات البيئية، مثل التکثيف الزراعي والاستيطان البشري، أو التعدي على الغابات والموائل الأخرى، وإن الأمراض حيوانية المنشأ هي أيضًا انتهازية وتميل إلى التأثير على المضيفين الذين يعانون بالفعل من ضغوط بيئية أو اجتماعية أو اقتصادية،کما تهدد الأمراض حيوانية المنشأ التنمية الاقتصادية ورفاهية الحيوان والإنسان وسلامة النظام الإيکولوجي، هذا بالاضافة إلى أن هناک مجموعة أخرى مهمة من الأمراض حيوانية المنشأ تسببها مسببات الأمراض المنقولة بالغذاء مثل بکتيريا السالمونيلا والليستيريا التي تنتقل من الحيوان إلى الإنسان ولا تقل أهمية عن الأمراض السابقة،ففي عام 2015، وجد التقييم العالمي الأول للأمراض المنقولة بالغذاء أن العبء العام للأمراض المنقولة بالغذاء يمکن مقارنته بالملاريا والسل[xxxi].

    وقد حذر نفس التقرير العالم من زيادة تلک الأمراض، حيث أشار أنه على مدى السنوات القليلة الماضية تصدرت العديد من الأمراض حيوانية المنشأ عناوين الصحف العالمية حيث تسببت في الأوبئة الرئيسية أو هددت بإحداثها. وتشمل قائمة الأمراض التي تم الاشارة إليها سابقا، وتحتوي مسببات الأمراض التي تسبب هذه الأمراض على مستودعات للحياة البرية تعمل کمضيفين على المدى الطويل،ففي العقدين الماضيينکان للأمراض الناشئة تکاليف مباشرة تزيد عن 100 مليار دولار أمريکي؛ وحذر التقرير أنها لو تحولت هذه الفاشيات إلى أوبئة بشرية، لکانت الخسائر ستبلغ عدة تريليونات دولار وهذا ما يحدث بالفعل الآن مع الفيروس التاجي الجديد.

   ويوضح الشکل التالي کيفية تدفق الأمراض من الحياة البرية Wildlifeعبر الحيوانات البرية المستأنسة التي يتعامل معها البشرPeri-domestic Wildlife والمختلطة بالحيوانات الوسيطة مثل الماشية Livestock التي تتفاعل مع الانسانHumans.

UNEP FRONTIERS 2016 REPORT

 

تدفق مسببات الأمراض في الحياة البرية - المواشي - التفاعل البشري

1-     مجموعة التغيرات المختلفة المؤدية لحرکة تلک الأمراض من مضيفات الحيوانات إلى المضيفات البشرية:

يبلور العلماء ثلاثة أنواع مختلفة من التغييرات التي تسمح لمسببات الأمراض ببدء انتقال جديد من مضيف الحيوان إلى المضيف البشري وتتمثل في:

‌أ.        التغييرات في البيئة:عادة ما تکون التغيرات في البيئة نتيجة للأنشطة البشرية، بدءًا من تغير استخدام الأراضي إلى تغير المناخ. إن التعدي على النظم البيئية الطبيعية من خلال استغلال الموارد والنشاط الزراعي والمستوطنات البشرية يوفر فرصًا لمسببات الأمراض التي تنتشر من الحيوانات البرية إلى البشر، خاصة عندما تفقد مقاومة الأمراض الطبيعية التي قد تنتج عن التنوع البيولوجي الغني. کما أن تغير المناخ هو عامل رئيسي لظهور المرض، وهو يؤثر على الظروف البيئية التي يمکن أن تمکّن أو تعطل البقاء والتکاثر والوفرة وتوزيع مسببات الأمراض والنواقل والمضيفات، وکذلک وسائل انتقال المرض وتواتر تفشي المرض،حيث تشير الدلائل المتزايدة إلى أن الفاشيات أو الأمراض الوبائية قد تصبح أکثر تواترا مع استمرار تغير المناخ[xxxii].

‌ب.     سلوکيات البشر التي تعمل على زيادة الانتاج الحيواني من الماشية وزيادة أعدادها التي تؤدي إلى الافتقار للتنوع البيولوجي الذي يعمل على مقاومة الأمراض وهو ضعف يسمى monocultureeffect، کما يؤدي زيادة الانتاج الحيواني إلى زيادة استخدام الأسمدة وزيادة النفايات والتي يمکن أن تخلق بيئات للمغذيات التي تعزز مسببات الأمراض[xxxiii].

‌ج.     التغييرات في مسببات الأمراض نفسها أثناء تطورها لاستغلال مضيفين جدد أو التکيف مع الضغوط التطورية المتغيرة نتيجة الاستخدام السيئللأدوية المضادة للميکروبات التي تکون مقاومة لتلک المضادات، وتتزايد مقاومتها في الحيوانات المستأنسة خاصة في أنظمة إنتاج النمط الصناعي. يمکن أن تؤثر مقاومة مضادات الميکروبات في الماشية على البشر، لذلک عندما يصاب البشر ويتم استخدام بعض المضادات الحيوية لا تجدث النتيجة المطلوبة وتکون غير مؤثرة.

بناءعلى ما سبق عزز العديد من العلماء الفرضية العلمية للفيروس التاجي الجديد مقابل النظرية التآمرية وکان من ضمن هؤلاء العلماء Peter Daszak وهو عالم قضى السنوات الخمس عشرة الماضية في التعاون مع العلماء في الصين وغيرها من النقاط الساخنة للأمراض الناشئة حول العالم لمعرفة أين توجد الفيروسات الخطيرة الکامنة في الحياة البرية، ويؤکد أن الفيروس التاجي الجديد SARS-CoV-2 ، الذي نشأ في الخفافيش وانتقلإلى الناس في مکان ما، على الأرجح في الصين، هو نتيجة العبث بالنظام الإيکولوجي، فمن خلال معادلة رياضية بسيطة هناک ملايين الخفافيش في جنوب شرق آسيا، ونحو 10 بالمائة من تلک الخفافيش لديها فيروسات في نفس الوقت، مما يعني أن مئات الآلاف من الخفافيش کل ليلة مصابة بالفيروسات، في حين أن هناک ألاف الأشخاص الذين يعملون في تجارة الحياة البرية في الصين وشرق آسيا وملايين الأشخاص الذين يعيشون في المناطق الريفية في جنوب شرق آسيا بالقرب من کهوف الخفافيش، ونتيجة ذلک القرب يتعرض العديد من الأشخاص لتلک الفيروسات. وقد تم دراسة ذلک من خلال القيام بعمليات مسح سکاني في اليونان والصين ممن يعيشون بالقرب من کهوف الخفافيش ووجدوا نسبة 3 بالمئة منهم لديهم أجسام مضادة لتلک الفيروسات، وبالتالي بين السنتين الأخيرتين تعرض هؤلاء الناس إلى فيروسات تاجية من الخفافيش، وبالتنقلات البشرية في جميع أنحاء جنوب شرق آسيا، فسيکون من المتوقع أن يصاب سنويا ما بين 1-7 مليون شخص بفيروسات الخفافيش.وفي بحث لمجموعة من العلماء في الصين A team of EcoHealth Alliance researchers in China’s خاص بالفيروسات التاجية نشر على bioRxiv يعمل على تحليل تسلسلات جينية جزئية ل 781 فيروسا تاجيا موجود في الخفافيش في الصين، يؤکد Peter Daszak وهو باحث مشارک في الدراسة بأن هناک نوع معين من الخفافيش الذي يمثل المستودع الرئيسي للفيروسات التاجية معروف بإسم  Rhinolophus ومعروف أيضا بإسم Chinese horseshoe bats[xxxiv].

وأما بالنسبة للادعاء الخاص بأن الفيروس التاجي الجديد متشابه لفيروس RaTG13 ، قد أکد Edward Holmesعلى إن مستوى اختلاف تسلسل الجينوم بين SARS-CoV-2 و RaTG13 يعادل متوسط ​​50 عامًا (و 20 عامًا على الأقل) من التغيير التطوري"evolutionary change، وبالتالي فيستبعد أن يکون خطأ ما حدث في المختبر أدى لخروج الفيروس التاجي الجديد .

2-   العلاقة العلمية بين کوفيد 19 والنظام الإيکولوجي.

 حاول المتخصصون والعاملون في برنامج الأمم المتحدة للبيئة تجميع أحدث الحقائق العلمية حول الفيروس التاجي کوفيد-19 وعرضها في عدة نقاط شملت ما يلي[xxxv]:

‌أ.        إن تفاعل البشر أو الماشية مع الحياة البرية يعرضهم لخطر انتشار مسببات الأمراض المحتملة. بالنسبة للعديد من الأمراض حيوانية المنشأ، تعمل الماشية کجسر وبائي بين الحياة البرية والعدوى البشرية.

‌ب.     محرکات ظهور الأمراض حيوانية المنشأ هي تغيرات في البيئة - عادة ما تکون نتيجة للأنشطة البشرية- تتراوح ما بين تغير استخدام الأراضي وصولا إلى تغير المناخ؛ التغييرات في الحيوانات أو المضيفات البشرية؛ والتغيرات في مسببات الأمراض، والتي تتطور دائماً لاستغلال مضيفين جدد.

‌ج.     على سبيل المثال، ظهرت الفيروسات المرتبطة بالخفافيش بسبب فقدان موطن الخفافيش بسبب إزالة الغابات والتوسع الزراعي،حيث تلعب الخفافيش أدوارًا مهمة في النظم البيئية من خلال کونها ملقحات ليلية کما أنها تقوم بتناول الحشرات.

‌د.       تعتمد صحة الإنسان والتنمية على سلامة النظام الإيکولوجي. وتعدل التغيرات البيئية التي يتسبب فيها الإنسان هيکل أعداد الأحياء البرية وتقلل من التنوع البيولوجي، مما يؤدي إلى ظروف بيئية جديدة تفضل مضيفات و/ أو ناقلات و/ أو مسببات الأمراض.

‌ه.       يمکن أن تساعد سلامة النظام البيئي في وضع قواعد للأمراض من خلال دعم مجموعة متنوعة من الأنواع بحيث يکون من الصعب على أحد الأمراض أن ينتشر أو يتضاعف أو يهيمن.

‌و.      من المستحيل التنبؤ من أين سيأتي التفشي القادم أو متى سيحدث؛حيث تشير الدلائل المتزايدة إلى أن الفاشيات أو الأمراض الوبائية قد تصبح أکثر تواترا مع استمرار تغير المناخ.

3-    حدود إدارة الأمراض حيوانية المنشأ وامکانية توقعات الجائحة: کاستجابةللأمراض حيوانية المنشأ من أجل السيطرة التدريجية عليها، تم إنفاق حوالي 20 مليار دولار أمريکي بشکل مباشر في العقد الماضي کمحاولة لتجنب تداعيات اقتصادية وبشرية على المستوى العالمي، وذلک من خلال ثلاث منظمات لديها تفويضات تغطي الأمراض حيوانية المنشأ وهي منظمة الصحة العالمية، ومنظمة الصحة الحيوانية العالمية، ومنظمة الأمم المتحدة للأعذية الزراعية.

    کما تعتبر مبادرات الصحة البيئية في برامج مکافحة الأمراض الحيوانية المنشأ من العوامل الرئيسية لتکامل النظام الإيکولوجي وعاملا رئيسيا في النهج المبتکرة التي تتخذها بعض تلک المبادرات ومنها مبادرة One Health and EcoHealth والتي تعمل على السيطرة على الأمراض الحيوانية على المستويين الإقليمي والوطني، وبالرغم من بعض النجاحات التي تحققت من مثل تلک المبادرات، والزيادة الکبيرة في المراقبة الجديدة للحياة البرية وصحة الماشية في الفترة السابقة إلا أن تقرير فرونتيرز حذر من أنه إذا لم يتم الحفاظ على تدابير التحکم سوف تتکرر الأمراض وتنتشر عالميا[xxxvi]، کما أن سجل مسار ادارة ظهور تلک الأمراض وضبطها وإمکانية التحکم بها لا يمکن الجزم بنجاحه من فشله حيث حقق في بعض الحالات نجاح وتحکم وفي البعض الآخر فشل وتأخر؛ فيعتبر الاحتواء السريع للسارس أحد أکبر قصص النجاح في الصحة العامة في السنوات السابقة عام 2003 حيث نبهت منظمة الصحة العالمية العالم إلى أن متلازمة تنفسية حادة شديدة غير معروفة السبب تنتشر بسرعة من جنوب شرق آسيا،وفي غضون ستة أشهر، تم تحديد هذا المرض الجديد تمامًا على أنه فيروس تاجي، وتم توضيح انتقاله وعوامل الخطر، وتم تطوير العلاجات وتوقف انتشار المرض[xxxvii]، لکن حالة الفشل في التحکم للإيبولا تظهر أن السيطرة ليست مباشرة دائمًا،حيث أثر تفشي فيروس إيبولا عند تقاطع ليبيريا وسيراليون وغينيا على بعض أفقر بلدان العالم وأقلها نمواً، استغرق الأمر أکثر من ثلاثة أشهر لإثبات أن فيروس إيبولا هو سبب العديد من الأمراض الشديدة والوفيات المفاجئة، وبحلول ذلک الوقت کانت أعداد کبيرة من الناس قد أصيبوا بالفعل، هذا بالإضافة إلى الفيروس التاجي الجديد کوفيد-19 الذي لم تتمکن إدارة ظهور الفيروسات من التحکم والضبط لمسار الفيروس واحتوائه إلى الآن استدعىبرنامج الأمم المتحدة للبيئة بالإقرارباستحالة التنبؤ بمثل تلک الأوبئة.

الخاتمة:

    يمکن القول أن انتشار سرديات المؤامرة حول وباء (کورونا المستجد) هو جزء لا يتجزأ من حالة التفاعل الإنساني للمجتمعات مع خطر الوباء. ومع أنها حالة قد تظهر بقوة في بداية الأزمة، وتخبو نسبيًّا بعد فترة؛ لکنها تظل فرصة لفهم طريقة تفکير شرائح مجتمعية في أوقات الخوف من الأوبئة، ومدى انعکاس ذلک على سلوکياتها واتخاذ قراراتها بخصوص الحدث، والتي قد تکون قرارات ذات نتائج مؤثرة على احتواء الأزمة،وهذا ما أشارت لهمنظمة الصحة العالمية عام 2019 عندما حددت مجموعة الأخطار التي تواجه البشرية، ومنها خطرالتردد في تلقي اللقاح Vaccine hesitancy”" الذي يمثل انعکاس لعدم الثقة والإيمان بنظرية المؤامرة وما له من عواقب على احتواء الوباء[xxxviii].

   ومن هنا تناولت الدراسة کل من النظريات التآمرية التي رکزت على الحرب البيولوجية، والأخرى العلمية الإيکولوجية، ويمکن الادعاءهنا أن سرديات الحرب البيولوجية تعرضت لتحديات تتعارض مع منطقها؛ فمن جهة تغيرت جغرافيا الاصابات والوفيات في العالم، حيث باتت الولايات المتحدة من الدول الأعلى في الاصابات لتفوق دولا أوروبية کإيطاليا وأسبانيا، وهو ما يستبعد احتمالات أن تکون الولايات المتحدة هي مصدر الفيروس الذي يؤذي شعبها، و يهدد قوتها العالمية، کما أن الرکود الاقتصادي الناتج عن الغلق لمواجهة الفيروس لا يصب في المصلحة الاقتصادية سواء للولايات المتحدة أو الصين بالرغم من حدة التنافس بينهما، خاصة أن النمو الصيني نفسه يعتمد على الطلب من أسواق الدول الغربية والنامية التي أصيبت بالصدمة، کما أن فرضية خروج الفيروس من المختبر جاءت الفرضية العلمية لضحدها بالأدلة والبراهين، والتي کانت أکثر منطقية في تفسير وجود الفيروس وانتشاره.

وبالتالي يمکن الترکيز على عدة نقاط مختلفة في نهاية البحث تتبلور في:

‌أ.    أن ذهنيات المؤامرة تحضر بقوة خاصة وقت الأوبئة بتفسيراتها المتعددة والمختلفة التي ترکز في النهاية على إلقاء المسؤولية على الآخرين والتنصل من التأخر في مواجهة الوباء بالطريقة المطلوبة وتحمل الخسائر المادية والبشرية أمام الشعوب.

‌ب. تعتبر الأوبئة فرصة سياسية واقتصادية تستخدمها الکيانات الکبرى کأسلحة لتحقيق بعض المآرب والأغراض التي کان من الصعب الوصول لها من قبل.

‌ج.  قد تنتهي التوقعات التآمرية المختلفة لکيفية ظهور المرض بمجرد اکتشاف المصل والدواء ويتراجع الاهتمام بکيفية نشأته مقابل الحصول على اللقاح والتحکم في انتشاره، إلا أن تأثير تلک التوقعات التآمرية قد يستمر ويؤثر على قرار الأفراد بشأن تناول اللقاح.

‌د.   تعتمد المقاربة الإيکولوجية على الأبحاث العلمية التي تدرس تطور الفيروس وانتمائه لعائلة فيروسات سبقت وأحدثت خسائر مادية وبشرية من قبل، وقد حذرت منظمة الصحة العالمية في سنوات سابقة من أن الخطر الأول الذي يقابل البشرية هو ظهور الجوائح التي تظهر بسبب ضعف نظم الطب البيطري وعجزها عن ايقاف الفاشيات.

‌ه.   ما حدث اشارة قوية على أهمية تطوير آليات لتوقع الأوبئة المحتملة تحت إشراف جهات دولية علمية لتفادي العديد من الخسائر المستقبلية، کما تتطلب السيطرة الناجحة على الأمراض حيوانية المنشأ إلى وضع إطار قانوني وسياسي حکيم، ومؤسسات تعمل بشکل جيد، وتمويل مناسب، واکتشاف سريع، وخطة تنفيذ للتدخل السريع. أيضا هناک حاجة إلى البحوث التعاونية متعددة التخصصات والمتعددة الجنسيات لاستکشاف الروابط بين الديناميات البيئية وناقلات الأمراض ومسببات الأمراض وحساسية الإنسان.

‌و.   هناک حاجة إلى الاستثمار في الترصد وفي خدمات صحة الإنسان والحيوان لضمان ألا تؤدي "الأحداث الناشئة" emergence events’إلى انتشار الأوبئة الحيوانية على نطاق واسع، حيث قدر البنک الدولي أن استثمار 3.4 مليار دولار أمريکي في أنظمة صحة الحيوان سنويًا من شأنه أن يجنب الخسائر المتکبدة من خلال الاستجابة المتأخرة أو غير الکافية للأمراض حيوانية المنشأ – في حين أن الخسائر المقدرة لتلک الأمراض حوالي 6.7 مليار دولار أمريکي سنويً[xxxix]، کما حذرت منظمة الصحة العالمية من ارتفاع تکاليف تفشي الأوبئة مقابل تکاليف احتوائها.

‌ز.   إن جهود المراقبة وتدابير التحکم في مسارات انتقال المرض من الحيوان إلى الانسان وتحديد المناطق الأکثر عرضة لتلک الأمراض قد تقلل بشکل أفضل من خطر ظهور الأمراض حيوانية المنشأ في المستقبل.



[i]Lippi, G., Sanchis-Gomar, F. and Henry, B.M., "Coronavirus disease 2019 (COVID-19): the portrait of a perfect storm". Annals of Translational Medicine, vol. 8, no. 7, 2020.

[ii]Booth, K., “Security and emancipation”. Review of International studies, vol.17, no. 4, 1991, pp.313-326.

[iii]Buzan, B., “New patterns of global security in the twenty-first century”, International affairs, vol.67, no. 3, 1991. pp.431-451.

[iv]Shahsavari, Shadi, et al. "Conspiracy in the time of corona: automatic detection of emerging COVID-19 conspiracy theories in social media and the news." Journal of Computational Social Science, 2020, pp. 1-39.

[v]Rosen, P., "Coping with bioterrorism: Is difficult, but may help us respond to new epidemics". TheBMJ, Vol.320, no. 722, 2000, pp.71-72.

[vi]Khan, A.S., Morse, S. and Lillibridge, S., “Public-health preparedness for biological terrorism in the USA”, The Lancet, vol.356, no.9236, 2000, pp.1179-1182.

[vii]Loh, E.H., Zambrana-Torrelio, C., Olival, K.J., Bogich, T.L., Johnson, C.K., Mazet, J.A., Karesh, W. and Daszak, P., “Targeting Transmission Pathways for Emerging Zoonotic Disease Surveillance and Control”, Vector-Borne and Zoonotic Diseases, vol.15, no. 7, 2000, pp.432-437.

[viii] Karen M. Douglas & others,” Understanding Conspiracy Theories”, Advances in Political Psychology, Vol. 40, Suppl. 1, 2019, p.4.

[ix]David Robert Grimes, "Correction: On the viability of conspiratorial beliefs." PLoS one, vol.11, no.3 2016,

[x] Walker, J, “What we mean when we say “conspiracy theory.” In J. E. Uscinski (Ed.), Conspiracy theories and the people who believe them, (New York, NY: Oxford University Press.2018), pp. 53–61.

[xi] Lantian, A., Muller, D., Nurra, C., & Douglas, K. M., “Measuring belief in conspiracy theories: Validation of a French and English single-item scale”, International Review of Social Psychology, vol.29, no.1,2016, pp.1–14

[xii] Karen M, op. cit, pp, 7-8.

[xiii]Knight, P. ed., “Outrageous Conspiracy Theories: Popular and Official Responses to 9/11 in Germany and the United States”,New German Critique, Vol. 35, no. 103, 2008, pp. 165-193.

[xiv]Weber, S.G., Bottei, E., Cook, R. and O'Connor, M., “SARS, emerging infections, and bioterrorism preparedness”, The Lancet Infectious Diseases, vol.4,no.8, 2004,pp.483-484.

[xv]Chronicle, C., OPERATION COVID-19 stands for a Militarized World Takeover Scheme.at: https://cosmoschronicle.com/operation-covid-19-stands-for-a-militarized-world-takeover-scheme/

[xvi]Kees van der Pijl, “Health Emergency or Seizure of Power? The Political Economy of Covid-19”,New Cold War, 20 April,2020, at: https://newcoldwar.org/health-emergency-or-seizure-of-power-the-political-economy-of-covid-19/.

[xvii] The Millennium Report, Wuhan Coronavirus Pandemic Bioengineered: Who’s behind it, why now and why china?, January 24, 2020.at: http://themillenniumreport.com/2020/01/wuhan-coronavirus-pandemic-bioengineered-whos-behind-it-why-now-and-why-china/

[xviii]Riedel, S., “Biological warfare and bioterrorism: a historical review” Baylor University Medical Center Proceedings, vol. 17, no. 4, pp. 400-406.

[xix]Gaytandzhieva, Dilyana. ‘The Pentagon Bio-weapons’. Dilyana.Bg, 29 April 2018..at: http://dilyana.bg/the-pentagon-bio-weapons/ (last accessed 22 May 2020)

[xx]Webb, Whitney. ‘Bats, Gene Editing and Bioweapons: Recent Darpa Experiments Raise Concerns Amid Coronavirus Outbreak’. Unz Review, 30January 2020. at: https://www.unz.com/wwebb/bats-gene-editing-and-bioweapons-recent-darpa-experiments-raise-concerns-amid-coronavirus-outbreak/ (last accessed 22 March 2020)

[xxi]Thompson, Dennis. ‘Flu Season That’s Sickened 26 Million May Be at Its Peak’. US News, 21 February 2020.. https://www.usnews.com/news/health-news/articles/2020-02-21/flu-season-thats-sickened-26-million-may-be-at-its-peak (last accessed 29 March 2020)

[xxii]Bengston, D., All journal articles evaluating the origin or epidemiology of SARS-CoV-2 that utilize the RaTG13 bat strain genomics are potentially flawed and should be retracted, 2020.at: file:///C:/Users/Mr%20Emad/Downloads/RaTG13%20is%20BtCoV4991%202.1.pdf (accessed 23 Jun 2020)

[xxiii]Will Weissert, Associated Press, May 4, DHS report: China hid virus’ severity to hoard supplies, 2020.at: https://apnews.com/bf685dcf52125be54e030834ab7062a8

[xxiv]Campbell, K.M. and Doshi, R., “The coronavirus could reshape global order”, Foreign Affairsvol.18. 2020,pp.1-7.

[xxv]Kalyanaraman, S., “War by Other Means: Geoeconomics and Statecraft by Robert D”, Blackwill and Jennifer M. Harris, vol.41, no. 6, 2017, pp.591-594.

[xxvi]Luttwak, E.N., “From geopolitics to geo-economics: Logic of conflict, grammar of commerce”, The national interest, vol.20, 1990, pp.17-23.

[xxvii]Casarini, N., Rome-Beijing: Changing the Game. Italy's Embrace of China's Connectivity Project, Implications for the EU and the US.2019.

 at: https://www.iai.it/sites/default/files/iaip1905.pdf.

[xxviii]Borchert, H., Looking Beyond the Abyss:  eight scenarios on the post COVID-19 Business landscaps,2020.https://www.borchert.ch/content/en/cmsfiles/files/2004_Borchert_Covid-19_Scenarios_2.pdf

[xxix]UN Environment Programme, Emerging Zoonotic diseases and links to ecosystem health-UNEP Frontiers 2016 chapter, https://www.unenvironment.org/resources/emerging-zoonotic-diseases-and-links-ecosystem-health-unep-frontiers-2016-chapter

[xxx]Jones, K.E., Patel, N.G., Levy, M.A., Storeygard, A., Balk, D., Gittleman, J.L. and Daszak, P., “ Global trends in emerging infectious diseases” Nature, vol.451, no. 7181, 2008, pp.990-993.

[xxxi]Havelaar, A.H., Kirk, M.D., Torgerson, P.R., Gibb, H.J., Hald, T., Lake, R.J., Praet, N., Bellinger, D.C., De Silva, N.R., Gargouri, N. and Speybroeck, N., “World Health Organization global estimates and regional comparisons of the burden of foodborne disease in 2010”. PLoS medicine, vol. 12, no. 12, 2015.

[xxxii]Wu, X., Lu, Y., Zhou, S., Chen, L. and Xu, B., “Impact of climate change on human infectious diseases: Empirical evidence and human adaptation”, Environment international, vol.86, 2016, pp.14-23.

[xxxiii]Institute of Medicine and National Research Council, Sustaining Global Surveillance and Response to Emerging Zoonotic Diseases, (Washington, DC: National Academies Press,2010)

[xxxiv]Jon CohenKai Kupferschmidt, Jun, NIH-halted study unveils its massive analysis of bat coronaviruses, 2020. at:https://www.sciencemag.org/news/2020/06/nih-halted-study-unveils-its-massive-analysis-bat-coronaviruses (accessed 22 Jun.2020)

[xxxv]UNEP, Six Nature Facts related to coronaviruses, 2020. at:https://www.unenvironment.org/news-and-stories/story/six-nature-facts-related-coronaviruses(accessed 26 Jun.2020)

[xxxvi]Fooks, A.R., Banyard, A.C., Horton, D.L., Johnson, N., McElhinney, L.M. and Jackson, A.C., “Current status of rabies and prospects for elimination”, The Lancetvol.384, no.9951, 2014, pp.1389-1399.

[xxxvii]Cheng, V.C., Chan, J.F., To, K.K. and Yuen, K.Y., “Clinical management and infection control of SARS: lessons learned”, Antiviral research, vol.100, no. 2, 2013, pp.407-419.

[xxxviii] WHO, “Ten threats to global health in 2019”, at:https://www.who.int/news-room/spotlight/ten-threats-to-global-health-in-2019(accessed 1 January 2021) .

[xxxix]World Bank. People, “pathogens and our planet: the economics of one health”. Washington, DC. World Bank. 2012. at:

  http://hdl.handle.net/10986/11892.

 

[1]Lippi, G., Sanchis-Gomar, F. and Henry, B.M., "Coronavirus disease 2019 (COVID-19): the portrait of a perfect storm". Annals of Translational Medicine, vol. 8, no. 7, 2020.
[1]Booth, K., “Security and emancipation”. Review of International studies, vol.17, no. 4, 1991, pp.313-326.
[1]Buzan, B., “New patterns of global security in the twenty-first century”, International affairs, vol.67, no. 3, 1991. pp.431-451.
[1]Shahsavari, Shadi, et al. "Conspiracy in the time of corona: automatic detection of emerging COVID-19 conspiracy theories in social media and the news." Journal of Computational Social Science, 2020, pp. 1-39.
[1]Rosen, P., "Coping with bioterrorism: Is difficult, but may help us respond to new epidemics". TheBMJ, Vol.320, no. 722, 2000, pp.71-72.
[1]Khan, A.S., Morse, S. and Lillibridge, S., “Public-health preparedness for biological terrorism in the USA”, The Lancet, vol.356, no.9236, 2000, pp.1179-1182.
[1]Loh, E.H., Zambrana-Torrelio, C., Olival, K.J., Bogich, T.L., Johnson, C.K., Mazet, J.A., Karesh, W. and Daszak, P., “Targeting Transmission Pathways for Emerging Zoonotic Disease Surveillance and Control”, Vector-Borne and Zoonotic Diseases, vol.15, no. 7, 2000, pp.432-437.
[1] Karen M. Douglas & others,” Understanding Conspiracy Theories”, Advances in Political Psychology, Vol. 40, Suppl. 1, 2019, p.4.
[1]David Robert Grimes, "Correction: On the viability of conspiratorial beliefs." PLoS one, vol.11, no.3 2016,
[1] Walker, J, “What we mean when we say “conspiracy theory.” In J. E. Uscinski (Ed.), Conspiracy theories and the people who believe them, (New York, NY: Oxford University Press.2018), pp. 53–61.
[1] Lantian, A., Muller, D., Nurra, C., & Douglas, K. M., “Measuring belief in conspiracy theories: Validation of a French and English single-item scale”, International Review of Social Psychology, vol.29, no.1,2016, pp.1–14
[1] Karen M, op. cit, pp, 7-8.
[1]Knight, P. ed., “Outrageous Conspiracy Theories: Popular and Official Responses to 9/11 in Germany and the United States”,New German Critique, Vol. 35, no. 103, 2008, pp. 165-193.
[1]Weber, S.G., Bottei, E., Cook, R. and O'Connor, M., “SARS, emerging infections, and bioterrorism preparedness”, The Lancet Infectious Diseases, vol.4,no.8, 2004,pp.483-484.
[1]Chronicle, C., OPERATION COVID-19 stands for a Militarized World Takeover Scheme.at: https://cosmoschronicle.com/operation-covid-19-stands-for-a-militarized-world-takeover-scheme/

[1]Kees van der Pijl, “Health Emergency or Seizure of Power? The Political Economy of Covid-19”,New Cold War, 20 April,2020, at: https://newcoldwar.org/health-emergency-or-seizure-of-power-the-political-economy-of-covid-19/.

[1] The Millennium Report, Wuhan Coronavirus Pandemic Bioengineered: Who’s behind it, why now and why china?, January 24, 2020.at: http://themillenniumreport.com/2020/01/wuhan-coronavirus-pandemic-bioengineered-whos-behind-it-why-now-and-why-china/
[1]Riedel, S., “Biological warfare and bioterrorism: a historical review” Baylor University Medical Center Proceedings, vol. 17, no. 4, pp. 400-406.
[1]Gaytandzhieva, Dilyana. ‘The Pentagon Bio-weapons’. Dilyana.Bg, 29 April 2018..at: http://dilyana.bg/the-pentagon-bio-weapons/ (last accessed 22 May 2020)
[1]Webb, Whitney. ‘Bats, Gene Editing and Bioweapons: Recent Darpa Experiments Raise Concerns Amid Coronavirus Outbreak’. Unz Review, 30January 2020. at: https://www.unz.com/wwebb/bats-gene-editing-and-bioweapons-recent-darpa-experiments-raise-concerns-amid-coronavirus-outbreak/ (last accessed 22 March 2020)
[1]Thompson, Dennis. ‘Flu Season That’s Sickened 26 Million May Be at Its Peak’. US News, 21 February 2020.. https://www.usnews.com/news/health-news/articles/2020-02-21/flu-season-thats-sickened-26-million-may-be-at-its-peak (last accessed 29 March 2020)
[1]Bengston, D., All journal articles evaluating the origin or epidemiology of SARS-CoV-2 that utilize the RaTG13 bat strain genomics are potentially flawed and should be retracted, 2020.at: file:///C:/Users/Mr%20Emad/Downloads/RaTG13%20is%20BtCoV4991%202.1.pdf (accessed 23 Jun 2020)
[1]Will Weissert, Associated Press, May 4, DHS report: China hid virus’ severity to hoard supplies, 2020.at: https://apnews.com/bf685dcf52125be54e030834ab7062a8
[1]Campbell, K.M. and Doshi, R., “The coronavirus could reshape global order”, Foreign Affairsvol.18. 2020,pp.1-7.
[1]Kalyanaraman, S., “War by Other Means: Geoeconomics and Statecraft by Robert D”, Blackwill and Jennifer M. Harris, vol.41, no. 6, 2017, pp.591-594.
[1]Luttwak, E.N., “From geopolitics to geo-economics: Logic of conflict, grammar of commerce”, The national interest, vol.20, 1990, pp.17-23.
[1]Casarini, N., Rome-Beijing: Changing the Game. Italy's Embrace of China's Connectivity Project, Implications for the EU and the US.2019.
[1]Borchert, H., Looking Beyond the Abyss:  eight scenarios on the post COVID-19 Business landscaps,2020.https://www.borchert.ch/content/en/cmsfiles/files/2004_Borchert_Covid-19_Scenarios_2.pdf
[1]UN Environment Programme, Emerging Zoonotic diseases and links to ecosystem health-UNEP Frontiers 2016 chapter, https://www.unenvironment.org/resources/emerging-zoonotic-diseases-and-links-ecosystem-health-unep-frontiers-2016-chapter
[1]Jones, K.E., Patel, N.G., Levy, M.A., Storeygard, A., Balk, D., Gittleman, J.L. and Daszak, P., “ Global trends in emerging infectious diseases” Nature, vol.451, no. 7181, 2008, pp.990-993.
[1]Havelaar, A.H., Kirk, M.D., Torgerson, P.R., Gibb, H.J., Hald, T., Lake, R.J., Praet, N., Bellinger, D.C., De Silva, N.R., Gargouri, N. and Speybroeck, N., “World Health Organization global estimates and regional comparisons of the burden of foodborne disease in 2010”. PLoS medicine, vol. 12, no. 12, 2015.
[1]Wu, X., Lu, Y., Zhou, S., Chen, L. and Xu, B., “Impact of climate change on human infectious diseases: Empirical evidence and human adaptation”, Environment international, vol.86, 2016, pp.14-23.
[1]Institute of Medicine and National Research Council, Sustaining Global Surveillance and Response to Emerging Zoonotic Diseases, (Washington, DC: National Academies Press,2010)

[1]Jon CohenKai Kupferschmidt, Jun, NIH-halted study unveils its massive analysis of bat coronaviruses, 2020. at:https://www.sciencemag.org/news/2020/06/nih-halted-study-unveils-its-massive-analysis-bat-coronaviruses (accessed 22 Jun.2020)

[1]UNEP, Six Nature Facts related to coronaviruses, 2020. at:https://www.unenvironment.org/news-and-stories/story/six-nature-facts-related-coronaviruses(accessed 26 Jun.2020)
[1]Fooks, A.R., Banyard, A.C., Horton, D.L., Johnson, N., McElhinney, L.M. and Jackson, A.C., “Current status of rabies and prospects for elimination”, The Lancetvol.384, no.9951, 2014, pp.1389-1399.
[1]Cheng, V.C., Chan, J.F., To, K.K. and Yuen, K.Y., “Clinical management and infection control of SARS: lessons learned”, Antiviral research, vol.100, no. 2, 2013, pp.407-419.
[1] WHO, “Ten threats to global health in 2019”, at:https://www.who.int/news-room/spotlight/ten-threats-to-global-health-in-2019(accessed 1 January 2021) .
[1]World Bank. People, “pathogens and our planet: the economics of one health”. Washington, DC. World Bank. 2012. at: