أثر التفاوت في الدخل على النمو الاقتصادي في مصر: دراسة تحليلية لأهم القنوات التي يؤثر من خلالها التفاوت على النمو

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

أستاذ الاقتصاد ورئيس قسم الاقتصاد والمالية العامة بکلية التجارة جامعة طنطا

المستخلص

   يعد النمو الاقتصادي وتخفيض التفاوت في توزيع الدخل من أهم الأهداف الاقتصادية الکلية لدول العالم، خاصة الدول النامية. وتتباين رؤى الاقتصاديين بشأن أثر التفاوت في توزيع الدخل على النمو الاقتصادي، وهل يعد هذا التفاوت أحد محددات النمو الاقتصادي-خاصة مع وجود محددات هامة وعديدة للنمو الاقتصادي في النظرية الاقتصادية-حيث يرى البعض أن أثر التفاوت في الدخل على النمو الاقتصادي معنوي طردي، بينما يرى آخرون أن هذا الأثر معنوي عکسي، ويرى آخرون عدم معنوية تلک العلاقة. ويؤکد الاقتصاديون على أن تعدد القنوات التي تنقل أثر التفاوت في الدخل الى النمو الاقتصادي يسهم في غموض تلک العلاقة واختلافها في دول العالم. وهکذا يرکز البحث الحالي على دراسة أثر التفاوت في الدخل على النمو الاقتصادي وهل يعد أحد محددات هذا النمو في مصر للفترة 1991-2018؟ باستخدام نموذج ديناميکي-يتضمن القنوات المختلفة لنقل أثر التفاوت في الدخل الى النمو الاقتصادي-يتم تقديره بالانحدار الذاتي، وتحديد السببية من التفاوت الى النمو ومن التفاوت للقنوات المختلفة لنقل أثر التفاوت للنمو. وتشير نتائج البحث الى أن التفاوت يعد محدداً للنمو،الا أن أثره ضئيل مقارنة بالمحددات الأخرى للنمو، وأن قناة التراکم الرأسمالي والائتمان المحلي من أهم القنوات التي تنقل أثر التفاوت للنمو الاقتصادي في مصر، وقد أکدت اختبارات السببية في الأجل الطويل تلک النتائج. ويوصي الباحث بضرورة مراعاة أثر التفاوت على التراکم الرأسمالي والائتمان المحلي في وضع استراتيجية طويلة الأجل لدعم النمو الاقتصادي.  
 
Abstract:                                                                                            The economic growth and Income Inequality are the most important macro economic goals for all countries ,especially developing countries .EconomistsViews vary in relation to effect of income inequality on economic growth, is this inequality a determinant for economic growth? ,especially  because the economic theory implies important and several  determinants for growth –some economists see that the effect of income inequality on growth is a appositive significant ,at others it is  a negative significant ,others verify this relation is non significant. Economists explain multi channels for transferring effect of income inequality to economic growth , this lead to ambiguity and divergence for this relation in all countries. The current research focus on studying the effect of income inequality on economic growth and is it a determinant for growth in Egypt for period 1991-2018 ? by using dynamic model –implies different channels for transferring effect of income inequality to economic growth and estimate it by autoregressive, determine causality from inequality to growth and from inequity to different channels for transferring effect of inequality to growth ,results of research refer that inequality is a determinant for growth  ,its effect is minuscule compared with other determinants for growth ,capital formation and domestic channels are the most important for transferring effect of inequality to economic growth in Egypt ,tests of causality in the long run are harmonic with these results .The researcher recommends that government considerate effect inequality on capital formation and domestic credit in putting long run strategy to support economic growth.

نقاط رئيسية

1.  تمهيد ومشکلة للبحث:

يعد النمو الاقتصادي من أهم الأهداف الاقتصادية الکلية التي تسعى لها دول العالم -خاصة النامية – والمنظمات الدولية. وتتعدد محددات النمو الاقتصادي في الأدبيات الاقتصادية النظرية والتطبيقية، الا أن تراکم رأس المال المادي والبشري يعد من أهم محددات النمو الاقتصادي في إطار النظريات الاقتصادية. وتعاني العديد من الدول النامية – منها مصر- من تفاوت واضح في توزيع الدخل ،الذي يعد أحد المعوقات الأساسية للتنمية المستدامة لأنه يسهم في عدم الاستقرار الاجتماعي والسياسي، کما يقترن بتخفيض الرفاهية الاقتصادية لأفراد المجتمع(1). وقد تضمنت استراتيجية مصر للتنمية المستدامة 2030-مثل العديد من دول العالم- أهداف هامة هي رفع معدل النمو الاقتصادي وخفض التفاوت في الدخل لتحقيق العدالة الاجتماعية (2).

وتعد العلاقة بين النمو الاقتصادي والتفاوت في الدخل من أهم العلاقات التي جذبت انتباه العديد من الاقتصاديين في الأدبيات النظرية والتطبيقية، وذلک لأهمية النمو الاقتصادي والحد من التفاوت في الدخول کأهداف اقتصادية کلية هامة، وتباين الرؤى بين الاقتصاديين بشأن أيهما يؤثر في الآخر، وما هي طبيعة ونوعية هذا التأثير. فلقد رکز الاقتصاديون لفترة طويلة على أهمية النمو الاقتصادي کأحد محددات التفاوت في الدخل -منذ أفکار مالتس في 1798 ومارکس في 1867 واسهامات کوزنتس في عام 1955 وتفسيرات العديد من الاقتصاديين لمنحنى کوزنتس (3) .

ومع بداية عقد الثمانينات اتجهت الأدبيات الاقتصادية، خاصة مع التطور الحادث في الدول حديثة التصنيع الى دراسة الاتجاه العکسي للعلاقة بين النمو الاقتصادي والتفاوت في الدخل، ومعرفة هل يعد التفاوت في الدخل أحد محددات النمو الاقتصادي أم لا. وقد تباينت نتائج الأدبيات الاقتصادية النظرية والتطبيقية بشأن تلک العلاقة ،حيث أوضح البعض وجود أثر معنوي طردي للتفاوت على النمو، بينما أوضح آخرون أن هذا الأثر معنوي عکسي، بينما رأي فريق ثالث انعدام معنوية تلک العلاقة استناداً الى ما تقره النظرية الاقتصادية وما أثبتته بعض الدراسات التطبيقية ، وعلى الرغم من ذلک لم تهتم الدراسات السابقة بدراسة أثر التفاوت على النمو من خلال القنوات المختلفة الناقلة لأثر التفاوت للنمو الاقتصادي.

ويوضح Persson &Tabellini(1991) أن تحديد أثر التفاوت في الدخل على النمو الاقتصادي ذو أهمية خاصة لمعرفة هل ارتبط معدل النمو الاقتصادي في دول العالم بتوزيع الدخل، أم أنه لا يعد محدداً رئيسياً للنمو الاقتصادي، خاصة مع تباين الأدبيات الاقتصادية بشأن ذلک وترکيز الأدبيات لفترة طويلة على أثر النمو الاقتصادي على تفاوت الدخل. کما تؤکد تلک الدراسة أن أثر التفاوت على النمو يکون من الرتبة الثانية مقارنة بمحددات النمو الرئيسية کالتراکم الرأسمالي ورأس المال البشري ،ويتفق Alesina &Perotti(1994) مع هذا الرأي حيث يوضح أن أثر التفاوت على النمو يکون ضئيل مقارنة بالمحددات الرئيسية للنمو کالتراکم الرأسمالي ورأس المال البشري(4).ويؤکد Galor & Zeira (1993) أن تحديد أثر التفاوت في الدخل على النمو الاقتصادي يتطلب ليس فقط تحديد أثر التفاوت على النمو ولکن أيضاً تحديد القنوات التي ينتقل من خلالها أثر التفاوت الى النمو الاقتصادي(5). ويشير Kelly(2000) الى أن القنوات التي توضح أثر التفاوت على النمو الاقتصادي تعکس التکاليف التي يتحملها الاقتصاد بشأن زيادة التفاوت في الدخل، وأن هذه التکاليف تزداد خاصة مع عدم وجود سياسات فعالة لإعادة توزيع الدخل من خلال الحکومة (6).

ويعد هدف النمو الاقتصادي والحد من التفاوت في الدخل من الأهداف الاقتصادية الکلية الهامة التي رکزت عليها مصر في رؤية 2030، فلقد تقلبت معدلات النمو الاقتصادي في مصر خلال العقود السابقة والتالية لبرنامج التثبيت والتکيف الهيکلي، کما عانى الاقتصاد المصري من تفاوت في الدخل سواء بمقياس معامل جيني(حيث استقر قيمته بين0.31-0.32خلال الفترة 1991-2018)أو فجوة الدخل.ويوضح شکل(1) في ملاحق البحث أن العلاقة بين معدل النمو الاقتصادي وفجوة الدخل (المقاسة بالفرق بين نصيب الفئة العشرينية الخامسة والأولى) ليست محددة مما يتطلب تحليلات قياسية أدق للوصول لنتائج مفيدة .

وهکذا تتمثل مشکلة البحث في تحديد أثر التفاوت في الدخل على النمو الاقتصادي في مصر من خلال تحليل أهم القنوات التي يؤثر من خلالها التفاوت على النمو. ويمکن صياغة تلک المشکلة في التساؤلات الآتية:1) ما هو مفهوم ومحددات النمو الاقتصادي في النظريات الاقتصادية المختلفة؟. 2) ما هو مفهوم التفاوت في الدخل وأهميته؟ . 3) ما هي طبيعة العلاقة بين النمو الاقتصادي والتفاوت في الدخل في الأدبيات الاقتصادية؟. 4)  ما هو أثر التفاوت في الدخل على النمو الاقتصادي ، وما هو اتجاه السببية بين التفاوت في الدخل والنمو الاقتصادي في مصر ؟. 5) ما هي التوصيات التي يمکن تقديمها بشأن العلاقة بين التفاوت في الدخل والنمو الاقتصادي في مصر .

الكلمات الرئيسية


مقدمـــة:

1.  تمهيد ومشکلة للبحث:

يعد النمو الاقتصادي من أهم الأهداف الاقتصادية الکلية التي تسعى لها دول العالم -خاصة النامية – والمنظمات الدولية. وتتعدد محددات النمو الاقتصادي في الأدبيات الاقتصادية النظرية والتطبيقية، الا أن تراکم رأس المال المادي والبشري يعد من أهم محددات النمو الاقتصادي في إطار النظريات الاقتصادية. وتعاني العديد من الدول النامية – منها مصر- من تفاوت واضح في توزيع الدخل ،الذي يعد أحد المعوقات الأساسية للتنمية المستدامة لأنه يسهم في عدم الاستقرار الاجتماعي والسياسي، کما يقترن بتخفيض الرفاهية الاقتصادية لأفراد المجتمع(1). وقد تضمنت استراتيجية مصر للتنمية المستدامة 2030-مثل العديد من دول العالم- أهداف هامة هي رفع معدل النمو الاقتصادي وخفض التفاوت في الدخل لتحقيق العدالة الاجتماعية (2).

وتعد العلاقة بين النمو الاقتصادي والتفاوت في الدخل من أهم العلاقات التي جذبت انتباه العديد من الاقتصاديين في الأدبيات النظرية والتطبيقية، وذلک لأهمية النمو الاقتصادي والحد من التفاوت في الدخول کأهداف اقتصادية کلية هامة، وتباين الرؤى بين الاقتصاديين بشأن أيهما يؤثر في الآخر، وما هي طبيعة ونوعية هذا التأثير. فلقد رکز الاقتصاديون لفترة طويلة على أهمية النمو الاقتصادي کأحد محددات التفاوت في الدخل -منذ أفکار مالتس في 1798 ومارکس في 1867 واسهامات کوزنتس في عام 1955 وتفسيرات العديد من الاقتصاديين لمنحنى کوزنتس (3) .

ومع بداية عقد الثمانينات اتجهت الأدبيات الاقتصادية، خاصة مع التطور الحادث في الدول حديثة التصنيع الى دراسة الاتجاه العکسي للعلاقة بين النمو الاقتصادي والتفاوت في الدخل، ومعرفة هل يعد التفاوت في الدخل أحد محددات النمو الاقتصادي أم لا. وقد تباينت نتائج الأدبيات الاقتصادية النظرية والتطبيقية بشأن تلک العلاقة ،حيث أوضح البعض وجود أثر معنوي طردي للتفاوت على النمو، بينما أوضح آخرون أن هذا الأثر معنوي عکسي، بينما رأي فريق ثالث انعدام معنوية تلک العلاقة استناداً الى ما تقره النظرية الاقتصادية وما أثبتته بعض الدراسات التطبيقية ، وعلى الرغم من ذلک لم تهتم الدراسات السابقة بدراسة أثر التفاوت على النمو من خلال القنوات المختلفة الناقلة لأثر التفاوت للنمو الاقتصادي.

ويوضح Persson &Tabellini(1991) أن تحديد أثر التفاوت في الدخل على النمو الاقتصادي ذو أهمية خاصة لمعرفة هل ارتبط معدل النمو الاقتصادي في دول العالم بتوزيع الدخل، أم أنه لا يعد محدداً رئيسياً للنمو الاقتصادي، خاصة مع تباين الأدبيات الاقتصادية بشأن ذلک وترکيز الأدبيات لفترة طويلة على أثر النمو الاقتصادي على تفاوت الدخل. کما تؤکد تلک الدراسة أن أثر التفاوت على النمو يکون من الرتبة الثانية مقارنة بمحددات النمو الرئيسية کالتراکم الرأسمالي ورأس المال البشري ،ويتفق Alesina &Perotti(1994) مع هذا الرأي حيث يوضح أن أثر التفاوت على النمو يکون ضئيل مقارنة بالمحددات الرئيسية للنمو کالتراکم الرأسمالي ورأس المال البشري(4).ويؤکد Galor & Zeira (1993) أن تحديد أثر التفاوت في الدخل على النمو الاقتصادي يتطلب ليس فقط تحديد أثر التفاوت على النمو ولکن أيضاً تحديد القنوات التي ينتقل من خلالها أثر التفاوت الى النمو الاقتصادي(5). ويشير Kelly(2000) الى أن القنوات التي توضح أثر التفاوت على النمو الاقتصادي تعکس التکاليف التي يتحملها الاقتصاد بشأن زيادة التفاوت في الدخل، وأن هذه التکاليف تزداد خاصة مع عدم وجود سياسات فعالة لإعادة توزيع الدخل من خلال الحکومة (6).

ويعد هدف النمو الاقتصادي والحد من التفاوت في الدخل من الأهداف الاقتصادية الکلية الهامة التي رکزت عليها مصر في رؤية 2030، فلقد تقلبت معدلات النمو الاقتصادي في مصر خلال العقود السابقة والتالية لبرنامج التثبيت والتکيف الهيکلي، کما عانى الاقتصاد المصري من تفاوت في الدخل سواء بمقياس معامل جيني(حيث استقر قيمته بين0.31-0.32خلال الفترة 1991-2018)أو فجوة الدخل.ويوضح شکل(1) في ملاحق البحث أن العلاقة بين معدل النمو الاقتصادي وفجوة الدخل (المقاسة بالفرق بين نصيب الفئة العشرينية الخامسة والأولى) ليست محددة مما يتطلب تحليلات قياسية أدق للوصول لنتائج مفيدة .

وهکذا تتمثل مشکلة البحث في تحديد أثر التفاوت في الدخل على النمو الاقتصادي في مصر من خلال تحليل أهم القنوات التي يؤثر من خلالها التفاوت على النمو. ويمکن صياغة تلک المشکلة في التساؤلات الآتية:1) ما هو مفهوم ومحددات النمو الاقتصادي في النظريات الاقتصادية المختلفة؟. 2) ما هو مفهوم التفاوت في الدخل وأهميته؟ . 3) ما هي طبيعة العلاقة بين النمو الاقتصادي والتفاوت في الدخل في الأدبيات الاقتصادية؟. 4)  ما هو أثر التفاوت في الدخل على النمو الاقتصادي ، وما هو اتجاه السببية بين التفاوت في الدخل والنمو الاقتصادي في مصر ؟. 5) ما هي التوصيات التي يمکن تقديمها بشأن العلاقة بين التفاوت في الدخل والنمو الاقتصادي في مصر .

2. أهداف البحث: يرکز البحث الحالي على تحديد أثر التفاوت في الدخل على النمو الاقتصادي، ويسعى الباحث الى تحقيق هذا الهدف من خلال: أ) ايضاح مفهوم النمو الاقتصادي ومحدداته في النظرية الاقتصادية. ب) ايضاح مفهوم التفاوت في الدخل ومؤشراته. ج) بيان العلاقة بين النمو الاقتصادي والتفاوت في الدخل في إطار الأدبيات الاقتصادية النظرية والتطبيقية . د) تقديم نموذج ديناميکي مقترح لتحديد أثر التفاوت في الدخل على النمو الاقتصادي، والقنوات المختلفة لنقل أثر التفاوت للنمو في مصر.

 ه) تحديد اتجاه السببية بين التفاوت في الدخل والنمو الاقتصادي والقنوات المختلفة في مصر. 

3. أهمية البحث: تتمثل أهمية هذا البحث فيما يلي: أ) أنه يمثل محاولة متواضعة لسد ثغرة في الأدبيات الاقتصادية، التي توضح أثر التفاوت في الدخل على النمو الاقتصادي-وهل يعد التفاوت أحد محددات النمو أم لا- والذي تعد الدراسات العربية محدودة في اطاره. ب) ان مناقشة أثر التفاوت في الدخل على النمو الاقتصادي لها أهمية خاصة في تحقيق التنمية الاقتصادية في الأجل الطويل في الدول النامية. ج) أن البحث الحالي يوضح القنوات المختلفة التي يمکن أن يؤثر من خلالها التفاوت في الدخل على النمو الاقتصادي ، ويقيس أثر کل قناة على حدة .د) هناک أهمية خاصة لدراسة أثر التفاوت في الدخل على النمو الاقتصادي في مصر ، خاصة بعد حدوث ثورة 25 يناير، والتي أرجع البعض حدوثها للتفاوت في الدخول والثروات، کما أن دراسة تلک العلاقة تعد هامة لصانعي السياسة الاقتصادية، لاتخاذ ما يلزم من توصيات في هذا الاطار .

4. منهجية البحث : يعتمد البحث الحالي على المنهج الفرضي أو المعاصر الذي يتضمن المنهج الاستنباطي والاستقرائي ،حيث يرکز على دراسة مشکلة  البحث في اطار الأدبيات الاقتصادية النظرية والتطبيقية، وتقديم نموذج مقترح يتم تطبيقه على الاقتصاد المصري للفترة 1991-2018 لاختبار فروض البحث لتقديم واستخلاص أهم النتائج وتقديم التوصيات اللازمة في اطار موضوع البحث.    

5. مصادر البيانات : يعتمد الباحث على قاعدة البيانات الدولية للبنک الدولي الآتية:

(http://data.worldbank.org/indicators)  لجميع المتغيرات باستثناء بيانات رأس المال البشري من UNESCO Institute for Statistics (http:// uis .unesco.  org/)وکذلک World Bank,World Governance Indicators (WGI) ,Different Issuesوقد تم استخدام جميع بيانات المتغيرات المستخدمة بالدولار الأمريکي.

6. حدود البحث:  يتضمن البحث عدة حدود زمنية ومکانية ومفاهيمية هي :

*حدود زمنية ومکانية : يتضمن البحث نموذج ديناميکي يتم تطبيقه على الاقتصاد المصري للفترة من 1991-2018، وقد تم الاعتماد على عام 2005 کسنة أساس، والتي تمتع فيها الاقتصاد المصري بالاستقرار الاقتصادي والسياسي، وبأفضل مؤشرات للأداء الاقتصادي .

*حدود مفاهيمية: يرکز البحث على أثر التفاوت في الدخل على النمو الاقتصادي في إطار کلي وليس جزئي، بتحليل أثر التفاوت على النمو والقنوات المؤثرة على النمو معاً. 

7. خطة البحث: يتضمن البحث مقدمة (شملت مشکلة البحث وأهدافه وأهميته ومنهجية البحث ومصادر البيانات وحدود البحث وخطته) وثلاثة أقسام أخرى تضمنت أولاً مفهوم ومحددات النمو الاقتصادي والتفاوت في الدخل، ثانياً أثر التفاوت في الدخل على النمو الاقتصادي في الأدبيات الاقتصادية النظرية، ثالثاً الدراسات السابقة والفجوة البحثية، رابعاً الأساليب القياسية المستخدمة والنموذج المقترح ونتائجه العملية، وفي النهاية النتائج والتوصيات ومقترحات لبحوث مستقبلية.

(1) مفهوم ومحددات النمو الاقتصادي والتفاوت في الدخل:

(1-1) مفهوم ومحددات النمو الاقتصادي في النظريات الاقتصادية:

يعد النمو الاقتصادي من أهم الأهداف الاقتصادية الکلية، التي يسعى اليها صانعي السياسة الاقتصادية في دول العالم وفي المنظمات الدولية، لما له من آثار واضحة عديدة على الأداء الاقتصادي لدول العالم والمتغيرات الاقتصادية الکلية. وتشير کلمة النمو الى زيادة الشيء أو تغيره الى الوضع الأفضل. ولقد تعددت تعريفات ومضامين النمو الاقتصادي، فيشيرLipsey(1986) أن النمو الاقتصادي ليس مجرد زيادة ظاهرية في الناتج، لکنه زيادة حقيقية مستبعداً منها أية آثار تضخمية(7). ويعرف البعض النمو الاقتصادي بأنه النمو العام في الاقتصاد والذي يمکن التعبير عنه بمعدل نمو الناتج المحلي الاجمالي الحقيقي بتکلفة عوامل الانتاج. بينما يرى آخرون أن النمو الاقتصادي هو النمو المتحقق في نصيب الفرد من الناتج المحلي الاجمالي الحقيقي ، خاصة اذا کان الحديث عن الرفاهية الاقتصادية لأفراد المجتمع (8).

وفي رؤية أخرى يرى البعض أن النمو الاقتصادي هو النمو المستقر فقط ،الذي يتحقق على مدى فترة طويلة من الزمن ، وبحيث يستطيع الاقتصاد التصدي للصدمات الخارجية ويحقق الاستقرار المالي على المستوى المحلى والدولي(9). ويرى آخرون في رؤية أخرى أوسع أن النمو الاقتصادي لابد أن يکون نمواً أمثل بحيث يحقق الاقتصاد معدل نمو حقيقي في الناتج المحلي مصحوباً باستقرار الأسعار والتوازن الخارجي ومعدل بطالة لا يتعدى المعدل الطبيعي(10).وتؤکد الأدبيات النظرية والتطبيقية أن دول العالم النامي تسعى جميعاً الى تحقيق النمو الاقتصادي المستقر والأمثل لأسباب عديدة أهمها(11) :1) تقليل الفجوة المتراکمة بينها وبين الدول المتقدمة . 2) أنه مؤشر للأداء الاقتصادي الجيد ودليل على نجاح السياسات الاقتصادية المستخدمة .3) زيادة الجدارة الائتمانية للدولة عند اللجوء للاقتراض الخارجي. 4) رفع مستوى الرفاهية للمواطنين وخفض معدل البطالة.5) الحد من الاضطرابات الاجتماعية والسياسية.6) بدون النمو الاقتصادي المرتفع والمستقر يصعب تحقيق التنمية الاقتصادية والتنمية المستدامة .

ولقد استحوذ موضوع النمو الاقتصادي اهتمام العديد من الاقتصاديين في إطار النظريات الاقتصادية المختلفة-نظراً لأهميته لدول العالم- خاصة فيما يتعلق بمصادر ومحددات النمو الاقتصادي. ويؤکد Krugman &Obstfeld(2003) أن تحديد أثر أي متغير اقتصادي على النمو الاقتصادي يتطلب ضرورة استعراض محددات النمو الاقتصادي في النظرية الاقتصادية، وأنه لا جدال على أهمية التراکم الرأسمالي في تحقيق النمو الاقتصادي في دول العالم ثم يليه رأس المال البشري(12)، وفيما يلي عرضاً ملخصاً لمحددات النمو الاقتصادي في النظريات والنماذج المفسرة للنمو (13):

1-النظرية الکلاسيکية : يعد رأس المال والعمل الأساس في تحقيق النمو عند الکلاسيک، فالتراکم الرأسمالي هو الشرط الضروري لتحقيق النمو الاقتصادي، ثم يليه تقسيم العمل، الا أنه مع زيادة حدة المنافسة وزيادة السکان قد يتعرض الاقتصاد للرکود. وقد أکد Smith(1789) على تلک الرؤية ، وقد أيد Ricardo(1819) هذا الرأي الا أنه أضاف لذلک أهمية التقدم التقني. وقد قدم Schumpeter(1934) اضافة جديدة رکزت على النمو غير المستقر والدورات الاقتصادية، حيث أوضح أن الابتکارات هي المصدر الأول للنمو بجانب التراکم الرأسمالي-مع الترکيز على دور المنظم والائتمان المصرفي-وأن استمرار النمو متوقف على بقائها.

وقد أيد مارکس أهمية التراکم الرأسمالي، الا أنه أوضح أن القوى الاحتکارية تزداد مع زيادة هذا التراکم الرأسمالي کما يزداد الصراع بين طبقة الرأسمالين والعمال مما يتسبب في انهيار النظام الرأسمالي.

2-النظرية الکينزية: رکزت على الأجل القصير واستندت على آراء شومبيتر مع اضافة أهمية للتراکم الرأسمالي والعائد عليه والطلب الفعال والتدخل الحکومي لتحقيق النمو الاقتصادي. ويعد نموذج Harrod(1939)-Domar(1946)  من أهم نماذج النمو الاقتصادي المستقر التي ارتکزت على الفکر الکينزي وأهمية الطلب الفعال والتراکم الرأسمالي-حيث يربط النموذج الحجم الکلي لرصيد رأس المال بالناتج من خلال معامل رأس المال- والتدخل الحکومي لضمان تحقيق نمو اقتصادي مستقر. فالنمو الاقتصادي يعتمد على التراکم الرأسمالي المرتبط بزيادة الادخار. الا أن هذا النموذج لا يتناسب مع الدول النامية التي تعاني غالباً من نقص الميل الحدي للادخار بسبب انخفاض نصيب الفرد من الدخل.

3-النظرية النيوکلاسيکية ونماذج النمو الخارجي Exogenous Growth: يتحدد هنا النمو الاقتصادي وفقاً لعوامل خارجية مثل معدل نمو السکان ،معدل التقدم التقني وحجم الطلب الکلي . ان النمو في تلک النظرية متبادل، فنمو قطاع يمکن أن يسبب نمو للقطاعات الأخرى. ويعد نموذج Solow(1956) من أهم نماذج النمو الخارجي التي اعتمدت على تحليل هارود ودومار، حيث رکز على کمية العمل ونوعيته ورأس المال المادي والتقدم التکنولوجي– الذي يتحدد خارج النموذج وفي غيابه قد يصل النمو للصفر، کما يعتبر دالة في الزمن ويسهم في تحسين انتاجية عوامل الانتاج الأخرى وزيادة النمو الاقتصادي في الأجل الطويل، وأن الدول التي لديها رصيد أکبر من رأس المال تستطيع تحقيق النمو والتنمية.

4-نماذج النمو الداخلي Endogenous Growth: لقد برزت على يد Romer (1986,1990) ; Lucas (1988) بسبب عدم قدرة نظرية النمو الخارجي على تفسير ارتفاع معدلات النمو الاقتصادي في الدول المتقدمة عن النامية . ووفقاً لتلک النظريات النمو يکون مستمر ويحدث داخل عملية الانتاج وليس خارجها. ويعد التقدم التکنولوجي ورأس المال البشري والتمويل – له دور بارز في التراکم الرأسمالي والابتکارات- محددات رئيسية للنمو في تلک النظريات، حيث تسهم في زيادة النمو الاقتصادي. ويعد نموذجRomer(1986)  لتراکم المعرفة وکذلک نموذج Romer(1990) لتراکم رأس المال البشري والبحث والتطوير من النماذج التي رکزت على النمو الاقتصادي في الأجل الطويل . ووفقاً للنموذج الأول يرتبط النمو الاقتصادي في الأجل الطويل باکتساب المعرفة وتراکمها، بينما يرکز النموذج الثاني على رأس المال البشري الموجه لأنشطة البحث والتطوير کأساس لتحقيق النمو الاقتصادي في الأجل الطويل. أما نموذج Lucas (1988) فيرکز على رأس المال البشري من خلال الاستثمار في التعليم والتدريب،والذي يسهم في زيادة الانتاجية ومن ثم تحقيق النمو الاقتصادي في الأجل الطويل. 

وهکذا يتضح لنا أهمية التراکم الرأسمالي المادي والبشري والتقدم التکنولوجي کمحددات أساسية لتحقيق النمو الاقتصادي في إطار النظريات الاقتصادية.  

(1-2)مفهوم التفاوت في الدخل ومؤشراته:

يعد التفاوت في الدخل احدى الظواهر والمشکلات الهامة التي تعاني منها دول العالم وبصفة خاصة الدول النامية منها. وقد أکد مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية لعام 2014 على ضرورة الحد من التفاوت في توزيع الدخل في الدول النامية لإمکانية تحقيق التنمية المستدامة(14). ويعد عام 1980 البداية الحقيقية لظهور مشکلة التفاوت في توزيع الدخل على المستوى العالمي ، حيث ازداد التفاوت ليس فقط بين الدول المتقدمة والنامية بل ازداد داخل الدول المتقدمة والنامية ذاتها . وتؤکد الأدبيات الاقتصادية أن هناک أسباب عديدة أسهمت في تلک الظاهرة الدولية والمحلية أهمها تراجع نصيب الأجور من الناتج العالمي، الترکيز على الاقتصاد المالي بدرجة أکبر من الاقتصاد الحقيقي، زيادة حجم المشروع والتوسع في الملکية الخاصة وسيطرة شرکات متعددة الجنسيات على قطاعات اقتصادية ودول العالم، تحول العديد من الدول الى نظم اقتصاديات السوق(15).

ويعد مفهوم التفاوت في الدخل Disparity or Inequality Income مرادف لترکز الدخل Income Concentration ويشير التفاوت الى عدم التساوي ويتسع هذا المفهوم ليشمل ليس فقط الدخل ولکن الثروة والاستهلاک والرفاهية والمنفعة،الا أن التفاوت في الدخل أکثر أشکال التفاوت شيوعاً، حيث يرتبط بالبعد عن العدالة في التوزيع (16(. ويشيرVerme et al(2014)  أن التفاوت في الدخل يتضمن تفاوت جزئي – يتعلق بالمهارة والتعليم والجنس وغيرها من محددات – والآخر کلي والذي لا يستند على مبررات له،وهو من أهم معوقات التنمية المستدامة(17). کما يقسم Bagchi&Svejnar(2013) التفاوت في الدخل والثروة الى تفاوت هيکلي(بسبب الغزو، الاستعمار، العبودية ،وتوزيع الأرض من خلال الدولة أو القوة الاستعمارية) وتفاوت بسبب قوى السوق والذي حدث مع تحول العديد من دول العالم الى اقتصاديات السوق مما أسهم في التفاوت على مستوى الأفراد والمشروعات والمناطق والدول المختلفة (18).

وتتعدد تعريفات التفاوت في الدخل ، حيث يعرفه Ghecham (2017) بأنه التوزيع غير المتساوي لأنصبة الأفراد داخل الدولة والذي لا يعود الى اختلاف المهارات والکفاءات(19). کما يعرفهFerrer(2017) بأنه استحواذ عدد قليل من السکان على النسبة الأکبر من الدخل وبحيث يقل نصيب الفقراء منهم (20). ويشير Todaro&Smith أن هناک نوعان من توزيع الدخل الأول وظيفي يرتبط بتحديد نصيب کل عنصر من عناصر الانتاج والثاني شخصي يرکز على توزيع الدخل بين أفراد المجتمع ويتواجد التفاوت عندما يکون نصيب الفئة العشرية أو العشرينية الأخيرة ضعف أو أکثر من الأولى )21).

وتؤکد الأدبيات الاقتصادية أن أهمية دراسة التفاوت تعود الى عوامل عديدة من أهمها:

1-أن التفاوت في الدخل يتعارض في جوهره مع فکرة العدالة، ويعد القناة الأساسية لعدم الاستقرار الاجتماعي والاضطرابات السياسية، کما أنه السبب الرئيسي وراء الثورات العربية (22).

2-التفاوت في الدخل يقترن بزيادة معدل الفقر، وتخفيض الرفاهية الاقتصادية لأفراد المجتمع وعدم القدرة على تحقيق التنمية المستدامة في الأجل الطويل من خلال تخفيض الحافز على العمل والانتاجية لدى الفقراء (23) .

3- للتفاوت في الدخل آثار واضحة على خفض النمو الاقتصادي المستقر في العديد من الدول خاصة النامية (24) .

4-التفاوت في الدخل أسهم في دول عديدة في العديد من الأزمات الاقتصادية، بسبب انخفاض الاستهلاک الکلي والطلب المحلي، بسبب انخفاض متوسط نصيب أغلبية السکان من الدخل (25).

5- للتفاوت في الدخل آثار سلبية واضحة على الادخار والاستثمار والائتمان ورأس المال البشري(26) .

وتتواجد مؤشرات عديدة لقياس التفاوت في الدخل من أهمها:

1- معامل جيني Gini Coefficient  : يتحدد بضعف المساحة بين منحنى لورنز –بوضع النسبة التراکمية للسکان على المحور الأفقي والنسبة التراکمية للدخل على المحور الرأسي- وخط المساواة أو العدالة الاجتماعية . وتتراوح قيمة هذا المعامل بين الصفر(مساواة تامة) والواحد الصحيح (مساواة غير تامة ) وکلما ازدادت قيمة هذا المعامل عن الصفر واقتربت من الواحد الصحيح کان مؤشراً للتفاوت الواضح في الدخل. ويضع البعض قيم مثلى لمعامل جيني بحيث يمثل المستوى الأمثل 0.27 بينما تمثل القيمة من 0.28- 0.34 مستوى متوسط الخطورة، أما 0.35 فأکثر فتمثل مستوى مرتفع الخطورة. ويعد معامل جيني من أشهر مقاييس التفاوت العام في الدخل لإتاحة بياناته وتجاهله لطبيعة الدولة وحجم الاقتصاد وعدد السکان، ويمکن استخدامه في تحديد مدى کفاءة السياسات المستخدمة لإعادة توزيع الدخل. الا أنه لا يوضح التفاوت في الدخل بين المستويات الأعلى أو الأدنى أو الاثنين معاً(27).

2- نسبة کوزنتس Kuzents Ratio : تعتمد على مقارنة النصيب النسبي للفئات الأعلى من الدخل الى الفئات الأدنى من الدخل، اما بمقارنة أعلى 20% أو 10% من السکان في الدخل بأقل 20% أو 20% من السکان في الدخل، وتعد تلک النسبة هامة جداً لأنها تعطى مؤشراً جيداً للتفاوت في الدخل بين الأغنياء والفقراء (28) .

3- الفجوة Gap في الدخل : تعد تلک الفجوة مؤشراً واضحاً للتفاوت في الدخل، ويمکن الاعتماد عليها لقياس التفاوت  بين الطبقة الأکثر دخلاً والأقل دخلاً ، کما يمکن الاعتماد عليها  لقياس التفاوت في الدخل لطبقة الفقراء وأيضاً الأغنياء، کما يمکن أيضاً  استخدامها في قياس التفاوت في الدخل بين الريف والمدن (29) کالآتي:

أ) أولاً الفجوة في الدخل بين الأغنياء والفقراء: وتتحدد بطرح نصيب الفئة العشرية الأخيرة (10) Inh من الفئة العشرية الأولى (1)Inl من الدخل أو بطرح  نصيب الفئة العشرينية الأخيرة (5) Inhمن الفئة العشرينية الأولى (1) Inl من الدخل کالآتي

                                  

ب) ثانياً الفجوة في الدخل بين الطبقات الغنية أو الفقيرة: يوضح Ghecham(2017) أنه يمکن استخدام تلک الفجوة في قياس التفاوت في الدخل بين الطبقات الغنية أو الطبقات الفقيرة کل على حدة کالآتي:

 

 

حيث D تمثل نصيب الفئة العشرية أو العشرينية من الدخل، Low للطبقة الفقيرة، High للطبقة الغنية

4- مؤشر ثيل Theil Index: نسبة الى Theil(1967) : ويعد من المقاييس الهامة للتفاوت في الدخل بين المناطق داخل الدولة، أو بين فئات السکان لنفس المنطقة داخل الدولة، کما يستخدم  لتحديد التباين في الأجر بين العمالة الماهرة وغير الماهرة، أو التباين في الأجر بين العمالة في القطاع الزراعي والصناعي ، الا أنه يرکز على  التباين في الدخول الأجرية فقط،ومن أهم عيوبه أن بياناته متاحة دولياً فقط لقطاع الصناعة(30).

5-معامل الاختلاف : ويتحدد بقسمة الانحراف المعياري على الوسط الحسابي للدخل ، الا أن هذا المؤشر يعطى نسبة تقريبية للتفاوت في الدخل لکن من الممکن حسابة لمناطق مختلفة وقطاعات مختلفة داخل الدولة (31).

وهکذا يتضح تعدد المؤشرات التي يمکن الاعتماد عليها في قياس التفاوت في الدخل، الا أن من أهمها معامل جيني وفجوة الدخل وهي المتاحة على نطاق زمني کبير لکل دول العالم.

(2)أثرالتفاوت في الدخل على النمو الاقتصادي في الأدبيات الاقتصادية النظرية:

(2-1) أهمية العلاقة بين النمو الاقتصادي والتفاوت في الدخل:

تعد العلاقة بين النمو الاقتصادي والتفاوت في الدخل من أهم العلاقات التي جذبت انتباه العديد من الاقتصاديين في الأدبيات النظرية والتطبيقية، وذلک لأهمية النمو الاقتصادي والحد من التفاوت في الدخول کأهداف اقتصادية کلية هامة تسعى لها دول العالم والمنظمات الدولية من جانب، ومن جانب آخر بسبب تباين الرؤى بين الاقتصاديين في الأدبيات الاقتصادية النظرية والتطبيقية بشأن أيهما يؤثر في الآخر، وما هي طبيعة ونوعية هذا التأثير.

فلقد رکز الاقتصاديون لفترة طويلة على أهمية النمو الاقتصادي کأحد محددات التفاوت في الدخل (32). وتعود تلک العلاقة الى أفکار مالتس في 1798،والتي أوضحت أن زيادة النمو الاقتصادي تسهم في زيادة الأجور والسکان، فيزداد الطلب على السلع الزراعية ، ومع زيادة السکان يزداد عرض العمالة الزراعية عن المطلوب منها فتقل الأجور المعروضة، بينما يزداد دخل أصحاب الأراضي الزراعية فيزداد التفاوت في الدخل. ولقد أيد ريکاردو تلک الرؤية مستنداً على مبدأ الندرة النسبية کسبب في التفاوت في الدخل بالترکيز على قطاع الزراعة، الا أن الواقع أثبت أن التقدم التکنولوجي والترکيز على قطاع الصناعة کان السبب الرئيسي في تلک العلاقة. ثم جاء مارکس في 1867 وأوضح أن زيادة النمو الاقتصادي تسهم في زيادة التراکم الرأسمالي، وزيادة نصيب الطبقة الرأسمالية من الدخل على حساب العمال مما يسهم في زيادة التفاوت في الدخل.

وفي عام 1955 قدم کوزنتس نظريته في العلاقة بين النمو الاقتصادي والتفاوت في الدخل معتمداً على بيانات شملت الولايات المتحدة الأمريکية وانجلترا وألمانيا، وتقسيم الاقتصاد لقطاعين الزراعة والصناعة، حيث أوضح أنه مع بداية النمو الاقتصادي يزداد التفاوت في الدخل- بسبب هجرة العمالة من الريف للمدن وارتفاع الأجور في المدن في قطاع الصناعة، مما يخلق تفاوت واضح في الدخل- ثم يقل فيما بعد بسبب زيادة عرض العمالة في قطاع الصناعة واستيعاب القطاع للمطلوب من العمالة، وهکذا تتواجد علاقة غير خطية تتخذ شکل حرف  Uبين النمو والتفاوت في الدخل، وتظهر في الدول التي يتواجد بها قطاع حديث وقطاع تقليدي(33).

وقد قدم العديد من الاقتصاديين تفسيرات لمنحنى کوزنتس الذي يوضح أن النمو الاقتصادي محدد هام للتفاوت في الدخل استندت على أبعاد عديدة کالتقدم التکنولوجي والائتمان والبعد السياسي، الا أن الدراسات التطبيقية في هذا الإطار اختلفت نتائجها، فعلى الرغم من اثبات البعض وجود علاقة طردية أوضحت أخرى علاقة عکسية، کما أوضحت ثالثة الاتجاهين للعلاقة وأوضحت رابعة عدم معنوية تلک العلاقة ومن أشهر الدراسات الأخيرة Randolf &Lott(1993);Mbaku(1997);Barro(1999) ،التي أشارت أن النمو ليس محدد أساسي للتفاوت بل هناک عوامل أکثر أهمية منه(34) .

ومع بداية عقد الثمانينات اتجهت الأدبيات الاقتصادية، خاصة مع التطور الحادث في الدول حديثة التصنيع الى دراسة الاتجاه العکسي للعلاقة بين النمو الاقتصادي والتفاوت في الدخل، ومعرفة هل يعد التفاوت في الدخل أحد محددات النمو الاقتصادي أم لا. وتعد دراسة تلک العلاقة من هذا الاتجاه ذات أهمية خاصة في الدول النامية لأسباب عديدة أهمها:                                             :                                                                                         1- تعاني العديد من الدول النامية من تفاوت في توزيع الدخل قد يصل الى حد الخطورة في بعض الدول ، واثبات أن هذا التفاوت محدداً للنمو الاقتصادي في الأجل الطويل يمکن أن يعيد توجيه أنظار صانعي السياسة الاقتصادية ويؤثر بشکل واضح على السياسات الاقتصادية المستخدمة                .                                                               2- أن تحديد أثر التفاوت في توزيع الدخل على النمو الاقتصادي، يتطلب معرفة هل يعد التفاوت محدداً هاماً للنمو الاقتصادي مقارنة بالمحددات الهامة الأخرى، التي تقرها النظرية الاقتصادية أم لا .

3- العلاقة بين التفاوت في الدخل والنمو الاقتصادي علاقة غير محددة، ففي بعض الدول ازداد معدل النمو الاقتصادي رغم ارتفاع معامل جيني ، وفي دول أخرى ازداد معدل النمو الاقتصادي وکان مصحوباً بانخفاض معامل جيني.

4-لقد کان للتفاوت في توزيع الدخل أثراً واضحاً في قيام الثورات العربية في العديد من الدول ، وعلى جانب آخر يعد النمو الاقتصادي من أهم الأهداف الاقتصادية الکلية لکل دول العالم، مما يزيد من أهمية دراسة تلک العلاقة في الدول النامية ومنها مصر، حيث أن علاقة النمو بالتفاوت تؤثر على التوظف والهجرة الدولية والتحويلات الشخصية.                            5 -ان تحديد أثر التفاوت على النمو الاقتصادي يتطلب تحديد أهم القنوات التي يمکن أن يؤثر من خلالها التفاوت على النمو، مع التمييز بين تلک العلاقة في الأجل القصير والأجل الطويل .

(2-2) القنوات التي تنقل أثر التفاوت في الدخل للنمو الاقتصادي: يعد أثر التفاوت في الدخل على النمو الاقتصادي من الموضوعات المثيرة للجدل، والتي تباينت آراء الاقتصاديين بشأنها. ففي إطار النظرية الاقتصادية الکلاسيکية نجد أن التفاوت يکون نافع للنمو الاقتصادي، بينما لا يحفز النمو في النظريات الأخرى. وفي إطار الأدبيات الاقتصادية تعددت الرؤى بشأن أثر التفاوت في الدخل على النمو الاقتصادي. فيرى البعض أن هذا الأثر طردي، وأن زيادة التفاوت يصاحبها زيادة النمو. بينما يرى فريق آخر أن هذا الأثر عکسي وأن زيادة التفاوت يصاحبها انخفاض النمو. وفي اتجاه ثالث يرى آخرون أن التفاوت في الدخل لا يعد محدد للنمو الاقتصادي استناداً الى ما أوضحته النظرية الاقتصادية، وأن الدراسات التطبيقية التي تناولت هذا الاتجاه العکسي للعلاقة اعتمدت أغلبها على نماذج متحيزة تناولت عدداً قليلاً من المتغيرات، أو اعتمدت على حزمة بيانات، أو أوضحت أثر معنوي للتفاوت في الدخل لکنه ضئيل جداً مقارنة بأثر المحددات الأساسية للنمو الاقتصادي.      

وتؤکد معظم الأدبيات الاقتصادية أن التحليل السليم لتلک العلاقة يتطلب ليس فقط ايضاح أثر التفاوت على النمو الاقتصادي، ولکن کذلک استعراض القنوات المختلفة التي يؤثر من خلالها التفاوت على النمو الاقتصادي وأن بعض تلک القنوات قد تکون نشطة في تفاوت الدخل عند القمة، بينما قد تنشط قنوات أخرى في تفاوت الدخل عند القاع وهذا ما أکده Voitchovsky(2005);Andersen(2015); Bagchi & Svejnar (2013) في احدى الدراسات الهامة. کما يرى البعض ضرورة ادخال تلک القنوات في نماذج قياسية تعکس وتوضح أثر التفاوت على النمو وعلى القنوات المختلفة التي تنقل هذا الأثر للوصول الى نتائج دقيقة، وتعد تلک القنوات محددات أساسية للنمو الاقتصادي ذاته مما يعنى ضرورة عدم اغفالها. ان استعراض الأدبيات الاقتصادية النظرية يتضمن العديد من القنوات، التي ينتقل من خلالها أثر التفاوت الى النمو الاقتصادي، سواء بأثر ايجابي أو سلبي، وفيما يلي استعراضاً لأهم تلک القنوات(35) :

1-قناة التراکم الرأسمالي Capital Formation: توضح أن التفاوت في الدخل يؤثر على النمو الاقتصادي من خلال تأثيره على الادخار وبالتالي على التراکم الرأسمالي، وقد أوضح نموذج هارود ودومار هذه الفکرة بأن التفاوت في الدخل يخفض التراکم الرأسمالي. ويوضح البعض أن أثر التفاوت على النمو اما أن يکون ايجابي، حيث يزداد النمو في الدول التي لديها تفاوت في الدخل، أو سلبي إذا حدث العکس وقد قدم Lahouij(2017) تحليلاً لتلک القناة. ويتحقق الأثر الايجابي لأن التفاوت في الدخل يسهم في ادخار أعلى للأغنياء، وفي المستوى الأعلى من الدخل يمتلک الأفراد ثروات کافية لتنفيذ خططهم الاستثمارية لأن الميل الحدي للادخار للطبقات الغنية يکون أکثر من الفقيرة، کما أنلديهم القدرة على المخاطرة، ومع زيادة الادخار يزداد التراکم الرأسمالي للأغنياء ويزداد العائد على رأس المال مقارنة بالعمل، مما يحفز الأغنياء أکثر على الاستثمار فيزداد النمو الاقتصادي. الا أن هذا الأثر غير مؤکد لأنه ليس کل ادخار يوجه للاستثمار. أما الأثر السلبي فيتحقق من خلال أن زيادة التفاوت في الدخل تسهم في مزيد من الاستهلاک للسلع الترفية وتحويل أموال أکثر للخارج، وتزداد الفجوة بين الادخار والاستثمار بسبب انخفاض الادخار المحلي نتيجة انخفاض متوسط الدخل لأغلبية السکان، فيقل التراکم الرأسمالي والنمو الاقتصادي.

وهکذا يتضح احتمالية الأثر الايجابي بدرجة أکبر للتفاوت في الدخل على التراکم الرأسمالي.

2-قناة الائتمان Credit Channel: توضح أن التفاوت في الدخل يؤثر على النمو الاقتصادي من خلال تأثيره على الائتمان الممنوح للقطاع الخاص، وقد يکون الأثر ايجابي أو سلبي، وقد قدمGalor and Zeira(1993) تحليلاً لتلک القناة، حيث يتحقق الأثر الايجابي لأن التفاوت في الدخل يجعل الائتمان المتاح فقط للأغنياء، الذين يتوافر لديهم الضمانات الکافية للحصول على هذا الائتمان، بينما لا يتوافر الائتمان للفقراء، ومعظم الائتمان للأغنياء سيکون موجه للتراکم الرأسمالي فيزداد النمو، الا أن هذا غير مؤکد، فقد ينخفض النمو بسبب ترکز الائتمان. أما الأثر السلبي فيتحقق من خلال سعى الحکومة لتمييز الطبقات الفقيرة في الائتمان الممنوح لخفض التفاوت في الدخل للقيام بالمشروعات الصغيرة، وبحيث يکون هناک امکانية لتجزئة الاستثمار وأن هذا يخلق أثراً سلبياً على الاستثمارات الجديدة للأغنياء مما يقلل من النمو، کما أن عدم کمال سوق رأس المال يخفض من فرص الاستثمار والنمو. ويؤکد Aghion &Bolton(1997) أن التفاوت في الدخل يسهم في خلق أسواق رأس مال غير تامة. وهکذا يتضح احتمالية أکبر للأثر الايجابي للتفاوت في الدخل على الائتمان للقطاع الخاص.

 3-قناة رأس المال البشريHuman Capital Channel: استخدم جاکوب منسر هذا المصطلح لأول مرة في عام 1958، ثم استخدمه العديد من الاقتصاديين فيما بعد، ويشير الى مجموعة المهارات والقدرات التي يمتلکها أفراد المجتمع، والتي يمکن أن تسهم في زيادة انتاجيتهم وتحقيق النمو الاقتصادي والتنمية عن طريق التعليم والتدريب والرعاية الصحية. ويؤکد Andersen(2015) أن الدول التي ازداد بها النمو الاقتصادي کانت تتسم بتفاوت أقل في الدخل وزيادة رأس المال البشري، کما أن نسبة الطلاب الملتحقين بالتعليم الجامعي الى عدد السکان أو عدد سنوات التعليم تعد من أهم مقاييس رأس المال البشري. وتوضح قناة رأس المال البشري أن التفاوت في الدخل يؤثر على النمو الاقتصادي من خلال تأثيره على رأس المال البشري، وقد يکون هذا الأثر ايجابي أو سلبي. ويتحقق الأثر الايجابي لأن التفاوت في الدخل يجعل الطبقات الفقيرة أکثر حرصاً على الاستثمار في التعليم لتحسين مستوى دخلهم في المستقبل، مما يزيد من رأس المال البشري داخل الدولة فيزداد النمو الاقتصادي. أما الأثر السلبي فيتحقق لأن زيادة التفاوت في الدخل تجعل الاستثمار في رأس المال البشري مقتصر على الأغنياء فقط دون الفقراء فيقل رأس المال البشري في الدولة ويقل النمو الاقتصادي، الا أن الأثر السلبي للتفاوت على رأس المال البشري قد يفوق الأثر الايجابي، لأن زيادة معدل الفقر سيصاحبها نقص رأس المال البشري ، الا أن رأس المال البشري يتأثر بعوامل أهمها اهتمام الدولة بالتعليم المجاني واصلاحه بما يجعل النتائج ايجابية، الحراک الاقتصادي والذي قد يؤثر على انتقال بعض الأفراد من طبقة الى أخرى ويسهم في زيادة رأس المال البشري على الرغم من وجود تفاوت في الدخل .

وهکذا يتضح احتمالية أکبر للأثر السلبي للتفاوت في الدخل على رأس المال البشري، باستثناء الدول التي يکون تؤدي فيها الحکومة دوراً هاماً في التعليم.

4- قناة سياسة اعادة توزيع الدخل Redistributive income Policy Channel  : توضح أن التفاوت في الدخل يؤثر على النمو الاقتصادي من خلال تأثيره على سياسة اعادة توزيع الدخل والتي تترکز في الضرائب والانفاق الحکومي(سياسة اعادة توزيع الدخل التقليدية)، وقد يکون الأثر ايجابي أو سلبي، وقد قدم Alesina & Rodrik(1994)تحليلاً لتلک القناة . ويتحقق الأثر الايجابي لأن التفاوت في الدخل يؤدي الى المزيد من الدعم، الذي تقدمه الحکومة للفقراء من خلال زيادة الانفاق الحکومي، مما يسهم في زيادة النمو الاقتصادي لأن مضاعف الانفاق الحکومي يکون موجب وکبير. وقد يتحقق الأثر السلبي لأن سياسة اعادة توزيع الدخل غالباً يصاحبها زيادة الضرائب على الاستثمارات مما يقلل من الحافز على الاستثمار، کما يحدث مزاحمة للاستثمار العام للاستثمار الخاص، فيقل النمو الاقتصادي. ويشير Andersen(2015) أن دول العالم يجب أن لا ترکز فقط على الوسائل التقليدية في اعادة توزيع الدخل، بل يجب البحث عن وسائل حديثة.

وهکذا يتضح احتمالية الأثر الايجابي والسلبي للتفاوت في الدخل على سياسة اعادة توزيع الدخل.

5-قناة الفساد Corruption Channel: تعد من القنوات الهامة التي ينتقل من خلالها أثر التفاوت الى النمو الاقتصادي، وتؤکد الأدبيات الاقتصادية المتاحة أن أغلب الأثر للتفاوت على الفساد يکون طردي. فزيادة التفاوت خاصة بين المستوى الأعلى والأدنى تسهم في مزيد من الفساد، وحدوث الجرائم وعدم الاستقرار السياسي والاجتماعي، وعدم الثقة في السياسات الحکومية، مما يؤثر سلباً على الاستثمارات الجديدة والنمو الاقتصادي. ويؤکد Kelly(2000) أن التفاوت في الدخل ليس محدداً للفساد ولا يؤثر على جرائم المال ولکن يؤثر فقط على جرائم العنف. کما يشيرRodrik(1997) أنه في حالة عدم وجود دور فعال للحکومة وسياسات لإعادة توزيع الدخل يسهم التفاوت في الدخل في توليد صراع اجتماعي يسهم في انخفاض النمو بشکل حاد. وتتواجد آراء معارضة أن زيادة التفاوت في الدخل ستسهم في انتخاب حکومة مکافحة للفساد، مما يدعم النمو في المستقبل، الا أن الدليل ضعيف بشأن الأثر العکسي للتفاوت على الفساد. وهکذا يتضح عدم وضوح العلاقة بين التفاوت في الدخل والفساد.                                                    

6-قناة الاستثمار الأجنبي المباشر Foreign Direct Investment Channel: توضح أن التفاوت في الدخل يؤثر على النمو الاقتصادي من خلال التأثير الايجابي أو السلبي للاستثمار الأجنبي المباشر، وقد أوضح Moustafa أهمية هذه القناة في نقل أثر التفاوت للنمو لأن المساهمين في المشروعات الأجنبية يقتصرون على الطبقات الغنية. ويتحقق الأثر الايجابي من أن زيادة التفاوت في الدخل تسهم في تزايد الدخول والثروات لبعض الفئات التي يمکن أن تجذب مستثمرين أجانب في مشروعات استثمار أجنبي مباشر داخل الدولة المضيفة فيزداد النمو .أما الأثر السلبي فيحدث بسبب أن زيادة التفاوت تؤدي الى زيادة الاستثمار الأجنبي المباشر والذي يعد عائق لاستثمارات المشروعات الصغيرة للفقراء فيتخفض النمو الاقتصادي.وعلى الرغم من تلک التحليلات، الا أن البعض يؤکد على عدم معنوية تأثير التفاوت في الدخل على الاستثمار الأجنبي المباشر.

وهکذا يتضح عدم وجود اتجاه محدد للتفاوت في الدخل على الاستثمار الأجنبي المباشر.

(3) الدراسات السابقة والفجوة البحثية:تعددت الدراسات التي تناولت أثر التفاوت في الدخل على النمو الاقتصادي، وفيما يلي عرضاً لأهم تلک الدراسات وفقاً للترتيب الزمني لها:

1-دراسة (36)Persson and Tabellini(1991) للنمو الاقتصادي کدالة في التفاوت في الدخل(تم قياسه  بنصيب أعلى فئة عشرينية من الدخل) والمشارکة السياسية وعدد الملتحقين بالتعليم الأساسي في 65 دولة متقدمة ونامية للفترة 1960-1985 وباستخدام طريقة OLS. وقد أوضحت الدراسة وجود أثر معنوي موجب للمشارکة السياسية والتعليم الأساسي، ووجود أثر معنوي سالب للتفاوت في الدخل على النمو الاقتصادي يکون کبير في الدول المتقدمة عن الدول النامية بسبب انخفاض الاستثمار الخاص. وعلى الرغم من أهمية تلک الدراسة الا أنها تجاهلت محددات أساسية للنمو الاقتصادي کالتراکم الرأسمالي، واعتمدت على الملتحقين بالتعليم الأساسي کمؤشر لرأس المال البشري وهذا غير دقيق، کما لم تجري اختبارات الاستقرار للبيانات المستخدمة واختبارات السببية، کما أن معامل تأثير التفاوت على النمو في الدول النامية کان منخفض جداً مقارنة بالمحددات الأخرى.

2-دراسة(37) Glaeser et al (2004) لمقارنة أثر التفاوت في توزيع الدخل ومتغيرات أخرى (رأس المال البشري وطبيعة المؤسسات السياسية) على النمو الاقتصادي في 25 دولة نامية ومتقدمة للفترة 1960-2000 باستخدام طريقة OLS ونموذج شبه لوغاريتمي وتحديد النمو الاقتصادي کدالة في التفاوت في الدخل، رأس المال البشري(تم قياسه بالملتحقين بالتعليم الجامعي) وطبيعة المؤسسات السياسية (مخاطر نزع الملکية، مستوى الديمقراطية، الاستقلال القضائي ، التأثير الحکومي). وقد أوضحت الدراسة وجود أثر معنوي طردي لرأس المال البشري على النمو الاقتصادي، وکذلک أثر معنوي طردي للتفاوت في الدخل والديمقراطية على النمو الاقتصادي، الا أن أثر التفاوت في الدخل ضئيل مقارنة بالمتغيرات الأخرى،کما تواجدت سببية من رأس المال البشري والتفاوت والديمقراطية للنمو الاقتصادي. وقد أکدت الدراسة أن أثر التفاوت وطبيعة المؤسسات السياسية (باستثناء الديموقراطية) يأتي في المرتبة الثانية بعد رأس المال البشري. وعلى الرغم من أهمية تلک الدراسة، الا أنها لم تتناول التراکم الرأسمالي کمحدد هام للنمو، ولم تناقش القنوات التي يؤثر من خلالها التفاوت على النمو الاقتصادي.   

3- دراسة (38)Voitchovsky(2005)  لأثر شکل توزيع الدخل على النمو الاقتصادي في 25 دولة نامية ومتقدمة للفترة 1970-1995 باستخدام طريقتي OLS&GMM بتحديد النمو الاقتصادي کدالة في التفاوت في توزيع الدخل ومتغيرات رقابية أخرى (المعدل المتوسط للاستثمار خلال خمس سنوات، السنوات المتوسطة للتعليم کمقياس لرأس المال البشري) وقد تم استخدام ثلاثة مؤشرات للتفاوت بمعامل جيني والتفاوت في الفئات الأعلى دخلاً والتفاوت في الفئات الأقل دخلاً . وقد أوضحت الدراسة أن معامل جيني ليس له أثر معنوي على النمو الاقتصادي، بينما تواجد أثر معنوي موجب لتفاوت الدخل في الفئات الأعلى دخلاً، وأثر معنوي سالب لتفاوت الدخل في الفئات الأقل دخلاً، وهکذا فالتفاوت في الدخل في نهاية القمة والقاع للتوزيع له آثار مختلفة على النمو الاقتصادي . وعلى الرغم من أهمية تلک الدراسة، الا أنها أغفلت متغيرات هامة مؤثرة على النمو ولم تجري اختبارات الاستقرار والسببية .

4-دراسة(39) Degutis(2012) لتحديد أثر التفاوت في الدخل على النمو الاقتصادي في 114 دولة نامية ومتقدمة(منها مصر) باستخدام بيانات مقطعية (کمتوسط للفترة 2000-2005) وطريقة OLS وقد تم تحديد النمو کدالة في عوامل جوهرية(التراکم الرأسمالي، رأس المال البشري، التقدم التکنولوجي بعدد الاختراعات السنوية) وعوامل مؤسسية (الاستقرار السياسي، الفساد، حقوق الملکية) وعوامل ديمغرافية(المساواة العنصرية، المساواة بين الجنسين) والتفاوت في الدخل ومتغير مبطأ للنمو.وقد توصلت الدراسة الى أن التفاوت له أثر معنوي عکسي في الدول النامية لکنه ضئيل، بينما کان له أثر معنوي طردي في الدول المتقدمة، وأن أثر رأس المال البشري والتقدم التکنولوجي والاستثمار والمساواة بين الجنسين کان معنوي طردي. کما أوضحت أن أغلب دول العالم سعت الى خفض التفاوت من خلال الضرائب والانفاق الحکومي وتحسين نتائج التعليم الجامعي. ورغم أهمية تلک الدراسة الا أنها اعتمدت على بيانات مقطعية وکمتوسط خلال فترة زمنية ، کما لم تتضمن اختبارات الاستقرار.    

5-دراسة (40)Bagchi&Svejnar(2013) لتحديد أثر التفاوت في الدخل والثروة ومتغيرات رقابية أخرى (معدل الفقر، نصيب الفرد من الدخل ، عدد سنوات التعليم ، معدل التضخم ، نوع الدولة )على النمو الاقتصادي في 41 دولة متقدمة ونامية في الفترة 1984-2009 باستخدام طريقة OLS. وقد توصلت الدراسة لنتائج أهمها أن أثر التفاوت في الدخل والثروة (المرتبط بالسياسة) على النمو معنوي عکسي وضئيل في الدول النامية بينما کان معنوي طردي وکبير في الدول المتقدمة، کما تواجد أثر معنوي عکسي لمتوسط نصيب الفرد من الدخل ومعدل التضخم وأثر معنوي طردي لرأس المال البشري. وعلى الرغم من أهمية الدراسة، الا أنها لم تجري اختبارات الاستقرار ولا السببية، کما أنها أهملت متغيرات هامة کالتراکم الرأسمالي.

6-دراسة (41)Sbaouelgi (2014) لتحديد أثر التفاوت في الدخل على النمو الاقتصادي بالتطبيق على دول OECD للفترة 1980-2010 وباستخدام طريقتين هما OLS & 2SLS واختبارات الاستقرار للسلاسل الزمنية المستخدمة،وقد تم تحديد النمو الاقتصادي کدالة في الاستثمار، الفساد، الانفاق الحکومي ،التعليم ، الانفتاح المالي ، الانفتاح التجاري ، التضخم ، السکان ، الحرية السياسية ، التفاوت في الدخل (مقاساً بمعامل جيني). وقد توصلت الدراسة الى وجود علاقة عکسية غير مباشرة بين النمو والتفاوت من خلال قنوات رأس المال البشري، الاستقرار السياسي، الانفتاح المالي والتجاري والفساد. کما أوضحت ضآلة معامل تأثير التفاوت في الدخل مقارنة بأثر المتغيرات المستقلة الأخرى، وعلى الرغم من أهمية تلک الدراسة الا أنها لم تتضمن تحليل لأثر التفاوت على النمو من خلال القنوات الهامة لنقل هذا الأثر، واتجاه السببية.

7-دراسة (42)Petersen &Schoof(2015) لتحديد أثر التفاوت في الدخل على النمو الاقتصادي في ألمانيا للفترة 1970-2014 وقد اعتمدت الدراسة على المنهج التحليلي مع تحديد مؤشرات تعکس النمو والتفاوت ودراسة القنوات المختلفة لربط النتائج للقنوات بنتائج المؤشرات التي تم قياسها. وقد توصلت الدراسة الى وجود قنوات عديدة لنقل أثر التفاوت الى النمو تشمل التراکم الرأسمالي ورأس المال البشري والائتمان الممنوح للقطاع الخاص والفساد وسياسات اعادة توزيع الدخل والاستثمار الأجنبي المباشر، الا أن فعالية تلک القنوات تختلف من الدول المتقدمة للنامية. کما أن أثر التفاوت على النمو يتوقف على مدى التفاوت، فاذا تجاوز حد معين يکون أثره سالب على النمو في الأجل الطويل، وأن أثر التفاوت على النمو في ألمانيا طردي. وتعد تلک الدراسة مفيدة في شرح القنوات التي ينتقل من خلالها أثر التفاوت للنمو الا أنها مطبقة على دولة متقدمة ولم تتناول تحليل قياسي للمشکلة .

8-دراسة(43)Kolev&Niehues(2016) لتحديد أثر التفاوت في الدخل على النمو الاقتصادي في 113 دولة نامية ومتقدمة(منها مصر) للفترة 1960-2010 بالاعتماد على نموذج شبه لوغاريتمي وطريقة GMM وبحيث يکون النمو الاقتصادي کدالة في قيم عدة متغيرات في العام السابق شملت معدل النمو الاقتصادي، التفاوت في الدخل ، التکوين الرأسمالي ، رأس المال البشري. وقد توصلت تلک الدراسة الى وجود أثر معنوي طردي لکل المتغيرات في الدول المتقدمة بما فيها التفاوت في الدخل ، بينما کان الأثر معنوي عکسي للتفاوت في الدخل ورأس المال البشري في الدول المتقدمة . وقد أوضحت الدراسة أن اجراء دراسات على مستوى کل دولة يعد مفيد للوصول الى نتائج دقيقة .

9-دراسة (44) Michael &Nikolas(2016) لتحديد أثر التفاوت في الدخل على النمو الاقتصادي في 126 دولة متقدمة ونامية(منها مصر) للفترة 1968-2007 باستخدام طرق TSLS&GMM وقد تم تحديد معدل النمو الاقتصادي کدالة في معدل النمو الاقتصادي السابق، والقيم في العام السابق للتفاوت في الدخل(بمؤشر (Theil ، رأس المال البشري ، الاستثمار الکلي ، الانفاق الاستهلاکي الحکومي ، شروط التجارة ، الديمقراطية، نمو السکان ، التضخم . وقد توصلت الدراسة الى وجود أثر معنوي طردي للتفاوت في الدخل(في الدول المتقدمة والنامية) ورأس المال البشري والاستثمار الکلي، والانفاق الاستهلاکي الحکومي، وأثر معنوي عکسي للتضخم ، وأثر غير معنوي لشروط التجارة والديمقراطية. کما أکدت الدراسة فعالية قناة رأس المال البشري وسياسة اعادة توزيع الدخل من خلال الانفاق الحکومي. وعلى الرغم من اهمية تلک الدراسة الا أنها تضمنت حزمة بيانات غير متجانسة ولم تجري اختبارات الاستقرار والسببية .  

10-دراسة (45) Lahouij 2017 للنمو الاقتصادي (بمعدل نمو نصيب الفرد من الناتج المحلي الحقيقي) کدالة في التفاوت في الدخل (بمعامل جيني)،التکوين الرأسمالي ،رأس المال البشري، الانفاق الحکومي، الاستثمار الأجنبي المباشر، الانفتاح التجاري، معدل التضخم ، معدل الخصوبة ، نسبة الالتحاق بالتعليم الأساسي، تشوهات السوق. وقد اعتمدت الدراسة على نموذج شبه لوغاريتمي وطرق GMM ,Fixed Effects بالتطبيق على حزمة بيانات ضمت 12 دول عربية منها مصر للفترة 1980-2007، وقد أوضحت وجود أثر معنوي عکسي لمعامل جيني والانفاق الحکومي والانفتاح التجاري، وأثر معنوي طردي للتراکم الرأسمالي ورأس المال البشري وتشوهات السوق ، وأثر غير معنوي لباقي المتغيرات. الا أن تلک الدراسة اعتمدت على حزمة بيانات مما يجعل نتائجها غير مؤکدة لمصر، لم تدخل متغيرات هامة کالفساد، ولم توضح اتجاه السببية من التفاوت للنمو ، ولم توضح أي القنوات کان لها أثر واضح في تلک العلاقة العکسية من التفاوت للنمو.

11-دراسة (46) Andide(2017) لتحديد طبيعة العلاقة من الاتجاهين بين النمو الاقتصادي والتفاوت في توزيع الدخل في نيجيريا للفترة 1984-2005 باستخدام طريقة OLS .وفي اطار دراسة أثر التفاوت في الدخل على النمو الاقتصادي تم تحديد النمو الاقتصادي کدالة في التفاوت في الدخل ، ومربع التفاوت في الدخل ، وقد طبقت الدراسة اختبارات الاستقرار والسببية وقد توصلت الى أن التفاوت في الدخل لا يعد محدد للنمو الاقتصادي بينما يعد النمو الاقتصادي محدد للتفاوت في الدخل في الدول النامية أي أن الأثر للتفاوت على النمو غير معنوي. ورغم ما تضمنته تلک الدراسة من اختبارات الاستقرار والسببية الا أن النموذج المستخدم اعتمد فقط على التفاوت في الدخل کمتغير وحيد يؤثر على النمو الاقتصادي مما يجعل النموذج المستخدم غير دقيق ومتحيز وبما لا يضمن دقة نتائجه.

الفجوة البحثية: على الرغم من تعدد الدراسات السابقة التي رکزت على أثر التفاوت في الدخل على النمو الاقتصادي )من الملاحظ أن عدد کبير منها اعتمد على بيانات مقطعية، کما اعتمدت بعضها على حزمة بيانات شملت دول غير متجانسة في ظروفها الاقتصادية، وقد استخدمت العديد من الدراسات نماذج قياسية متحيزة أهملت بعضها محددات هامة للنمو الاقتصادي أو اختبارات الاستقرار للبيانات المستخدمة)، الا أن تلک الدراسات لم ترکز على استخدام نموذج ديناميکي في تحديد أثر التفاوت في الدخل على النمو الاقتصادي والقنوات المختلفة لنقل أثر التفاوت في الدخل للنمو الاقتصادي ، ويعد ذلک محدوداً بل نادراً في إطار الاقتصاد المصري ، وسوف يرکز البحث الحالي على دراسة أثر التفاوت في الدخل على النمو الاقتصادي وعلى القنوات التي تنقل أثر التفاوت للنمو من خلال نموذج ديناميکي يطبق على الاقتصاد المصري .

(4) الأساليب القياسية المستخدمة والنموذج المقترح ونتائجه العملية:

(4-1) الأساليب القياسية المستخدمة في البحث والنموذج المقترح: يستند البحث على الفروض الآتية التي سوف يسعى الباحث لاختبارها على مستوى الاقتصاد المصري

1- يوجد أثر معنوي للتفاوت في الدخل على النمو الاقتصادي.

2-توجد قنوات عديدة ذات آثار مختلفة لنقل أثر التفاوت في الدخل للنمو الاقتصادي تشمل التراکم الرأسمالي، رأس المال البشري،الائتمان،الفساد، الاستثمار الأجنبي المباشر،وسياسة اعادة توزيع الدخل.

وللتحقق من صحة  هذه الفروض على مستوى الاقتصاد المصري، اعتمد الباحث على نموذج کلي ديناميکي يتضمن مجموعة من المتغيرات الداخلية أو التابعة( تشمل النمو الاقتصادي وجميع القنوات التي تنقل أثر التفاوت للنمو وهي التراکم الرأسمالي ، رأس المال البشري، الائتمان للقطاع الخاص، الفساد ، الاستثمار الأجنبي المباشر) ومتغيرات خارجية أو مستقلة تشمل الانفاق الحکومي(الذي يعد متغير خارجي وفقاً للعديد من النماذج في النظرية الاقتصادية)  والتفاوت في الدخل (الذي يقاس بالفجوة بين الفئة العشرينية الأخيرة(5) والأولى(1) من الدخل) ويوضح جدول (1) في ملاحق البحث رموز وقياس تلک المتغيرات. وسوف يستعين الباحث بقيم اللوغاريتم الطبيعي لکل متغيرات النموذج، وفي حالة عدم استقرار قيم المتغيرات في المستوى الأصلي يتم الاستعانة بالفروق الأولى وهنا تعکس قيم معلمات النموذج المقدرة المرونات بشکل مباشر (فالشائع في النماذج الکلية أن تکون المتغيرات مستقرة في الفروق الأولى ). وسوف يتم تقدير معلمات هذا النموذج من خلال الانحدار الذاتي Autoregression  وهو ما يعد شائعاً في تقدير النماذج الکلية الديناميکية التي تتضمن عدة متغيرات داخلية وخارجية (47)  ويتحدد النموذج کالآتي:

 

حيث تمثل  مصفوفة تعکس المتغيرات الداخلية التي تشمل النمو الاقتصادي وجميع القنوات التي يؤثر من خلالها التفاوت على النمو،   مصفوفة تعکس القيم المبطأة للمتغيرات الداخلية،  مصفوفة تعکس المتغيرات الخارجية ،   مصفوفة تعکس القيم المبطأة للمتغيرات الخارجية   فترات الابطاء، ، مصفوفة المعلمات المقدرة لأثر المتغيرات الخارجية على المتغيرات الداخلية، C مصفوفة المعلمات المقدرة لأثر المتغيرات الخارجية  المبطأة على المتغيرات الداخلية،D مصفوفة المعلمات المقدرة لأثر المتغيرات الداخلية المبطئة على المتغيرات الداخلية ،   متجه يعکس أثر العوامل الأخرى على المتغيرات الداخلية،  الخطأ العشوائي،  الفترة الزمنية .

ويتميز النموذج اللوغاريتمي المزدوج بخصائص أهمها أنه مناسب للمتغيرات الکلية التي لا تکون مستقرة في مستواها الأصلي ولکن تکون مستقرة في الفروق الأولى ،أن معلماته المقدرة تمثل مرونات بشکل مباشر، يعطي نتائج ذات جودة أعلى وأقل قيم للخطأ العشوائي، يقلل من احتمال ظهور مشکلة عدم ثبات التباين. 

ويعتمد الباحث على عدة أساليب قياسية(48) سيتم تنفيذها من خلال البرنامج الإحصائي Eviews هي : أولاً: اختبارات الاستقرار أو جذر الوحدة للسلاسل الزمنية المستخدمة لتجنب أي تقديرات زائفة باستخدام اختبار ديکي فولار الموسع. ثانياً: تحديد فترات الابطاء المثلى Optimal Lag Length: يؤکدShrestha (2016) أن بناء النماذج الکلية الديناميکية يتطلب استخدام فترات ابطاء، لأن الاقتصاد الکلي يتضمن فترات ابطاء عديدة لتحديد المشکلة واتخاذ القرار والتنفيذ، کما أنه على جانب آخر يجعلنا نتجنب الحکم الشخصي بشأن فترة التباطؤ المثلي. ويتفق العديد من الباحثين على أن معيار شوارتز SC يعد من أهم المعايير التي يمکن الاعتماد عليها في العينات صغيرة الحجم . ثالثاً: الانحدار الذاتي Autoregression: وذلک لإمکانية تقدير معلمات النموذج الکلي الديناميکي المستخدم. رابعاً: اختبار السببية بين المتغيرات : سوف يتم الاعتماد على اختبار Toda &Yamamoto(1995) ، حيث يتسم  باعتماده على نموذج VAR ، ويأخذ في الحسبان رٌتب استقرار السلاسل الزمنية وفترات الإبطاء المثلى ويٌعد اختبار مٌطور لسببية جرانجر(Augmented Granger Causality Test) ويقوم هذا الاختبار على فرض عدمي مؤداه أن المتغير الأول لا يٌسبب المتغير الثاني في الأجل الطويل(49): وسوف يتم تطبيق هذا الاختبار على جميع المتغيرات المستخدمة في النموذج، لمعرفة العلاقة السببية في الأجل الطويل بين التفاوت في توزيع الدخل والنمو الاقتصادي وجميع القنوات الناقلة لأثر التفاوت للنمو للتأکد من امکانية أن التفاوت يسبب النمو أم لا ومعرفة السبب في تلک العلاقة السببية .

(4-2) النتائج العملية للبحث: تتضمن ما يلى :                                                                          

(4-2-1) نتائج اختبارات الاستقرار للبيانات المستخدمة: يوضح جدول (2) بملاحق البحث أن جميع المتغيرات المستخدمة في النموذج کانت غير مستقرة في مستوياتها الأصلية، ولکن أصبحت مستقرة في الفروق الأولى وهو ما يبرر استخدام النموذج اللوغاريتمي المزدوج .

(4-2-2) نتائج فترة التباطؤ الأمثل: يوضح جدول (3) بملاحق البحث أن فترة التباطؤ الأمثل باستخدام معيار SC للمتغيرات المستخدمة المقدرة في نموذج VAR کانت عام واحد فقط، ويعد هذا المعيار مفيد في حالة انخفاض حجم العينة المستخدمة في البيانات. 

(4-2-3) نتائج نموذج الانحدار الذاتي: يوضح جدول (4) نتائج أهمها:

-وجود أثر معنوي طردي للتفاوت في الدخل على النمو الاقتصادي في نفس العام، الا أن هذا الأثر کان ضئيل مقارنة بباقي القنوات المؤثرة على النمو الاقتصادي، فمن الملاحظ أن ترتيب تأثير المتغيرات على النمو الاقتصادي کانت النمو السابق، الانفاق الحکومي السابق ،الانفاق الحکومي لنفس العام، راس المال البشري، الفساد، التراکم الرأسمالي .  

-وجود أثر معنوي واضح لجميع القيم المبطئة للمتغيرات الداخلية في النموذج، وهو ما يؤکد على تأثر قيم المتغيرات الاقتصادية الکلية في الاقتصاد المصري بالقيم السابقة لها.

-وجود أثر معنوي للتفاوت في الدخل والائتمان المحلي، بينما لم يتواجد أثر معنوي للتفاوت في الدخل على رأس المال البشري والفساد والاستثمار الأجنبي المباشر، مما يؤکد أهمية قناة التراکم الرأسمالي والائتمان في نقل أثر التفاوت في الدخل للنمو الاقتصادي. وتؤکد النتائج السابقة صحة فروض البحث.

(4-2-4) نتائج اختبارات السببية: اعتمد الباحث على اختبار Toda&Yamamoto للأجل الطويل:

     اتضح من تحليل النتائج العملية السابقة أن فترة الإبطاء المثلي بمعيار ((SC  بلغت سنة واحدة، کما أن أعلى رتبة استقرار للسلاسل الزمنية بلغت سنة واحدة ، وسوف يتم إعداد هذا الاختبار بفترة إبطاء سنتين (أعلى رتبة استقرارdmax + فترة الإبطاء الأمثلK). وقد تم تطبيق البيانات الخاصة بالنموذج للحصول على نتائج هذا الاختبار للتأکد من العلاقة السببية بين النمو الاقتصادي والتفاوت في الدخل، والقنوات التي تنقل أثر التفاوت في الدخل للنمو الاقتصادي واتجاه علاقة السببية في الأجل الطويل. ويوضح جدول رقم (5) تلک النتائج والتي تشير الى أن التفاوت في الدخل کان سبباً للنمو الاقتصادي والتراکم الرأسمالي والائتمان المحلي.وتؤکد النتائج السابقة صحة فروض البحث. 

النتائجوالتوصياتومقترحاتبحثيةمستقبلية:

1. النتائج : يعد النمو الاقتصادي وتخفيض التفاوت في توزيع الدخل من أهم الأهداف الاقتصادية الکلية لدول العالم، خاصة النامية، وقد سعت دول العالم ومنها مصر لوضع تلک الأهداف کأهداف محورية في رؤيتها للتنمية المستدامة . وتتباين رؤى الاقتصاديين بشأن العلاقة بين التفاوت في توزيع الدخل والنمو الاقتصادي وأيهما يؤثر في الآخر. وتتفق أغلب الأدبيات الاقتصادية بشأن أثر النمو الاقتصادي على التفاوت في الدخل في معظم دول العالم ، الا أن أثر التفاوت في توزيع الدخل على النمو الاقتصادي، يعد من الموضوعات الجدلية ،خاصة مع تعدد محددات النمو الاقتصادي في النظرية الاقتصادية والأدبيات الاقتصادية النظرية والتطبيقية ، حيث يعد التراکم الرأسمالي ورأس المال البشري والتقدم التکنولوجي من أهم تلک المحددات في النظرية الاقتصادية. ويمکن ارجاع تباين الآراء بشأن أثر التفاوت على النمو الاقتصادي الى وجود قنوات عديدة يمکن أن يؤثر من خلالها التفاوت على النمو، وتباين الآراء بشأن أثر التفاوت على کل قناة ما اذا کان طردياً أو عکسياً أو غير معنوياً، وهو ما يبرر دراسة أثر التفاوت في الدخل على النمو الاقتصادي وعلى القنوات الناقلة لهذا الأثر للنمو وهو محور هذا البحث. وقد اعتمد الباحث على نموذج ديناميکي يتضمن متغيرات داخلية هي التفاوت في الدخل والقنوات الناقلة لأثر التفاوت في الدخل للنمو الاقتصادي – تشمل التراکم الرأسمالي ورأس المال البشري والفساد والاستثمار الأجنبي المباشر والائتمان المحلي الممنوح للقطاع الخاص- ومتغيرات خارجية شملت الانفاق الحکومي والتفاوت في توزيع الدخل(مقاساً بالفرق بين نصيب الفئة العشرينية الخامسة والأولى)، وقد اعتمد الباحث على نموذج لوغاريتمي مزدوج لکي تعکس المعاملات المقدرة المرونات بشکل مباشر، وبالاعتماد على بيانات الاقتصاد المصري للفترة 1991-2018 وببيانات تم قياسها بالدولار الأمريکي وسنة أساس 2005 . وقد أوضحت النتائج أن هناک أثر واضح للتفاوت في الدخل على النمو الاقتصادي – الا أنه ضئيل – ويتحقق هذا الأثر من خلال قناة التراکم الرأسمالي والائتمان المحلي للقطاع الخاص، وقد أيدت اختبارات السببية في الأجل الطويل تلک النتائج، وهو ما يؤکد صحة فروض البحث. 

2.التوصيات: ان وضع أي استراتيجية للحد من الأثر السلبي للتفاوت في الدخل على النمو الاقتصادي تتطلب الترکيز على القنوات الأکثر فعالية في نقل أثر التفاوت في الدخل للنمو الاقتصادي، والسعي لتفعيل أثر بعض القنوات غير الفعالة التي تنقل أثر التفاوت للنمو وذلک من خلال: 

-اتباع سياسات مالية لإعادة توزيع الدخل للحد من التفاوت في الدخل بين الطبقات الغنية والفقيرة، لخفض الأثر المحتمل لهذا المتغير على النمو الاقتصادي، مع الالتزام بالمعدلات المثلى للضرائب بما لا يخل بهدف النمو الاقتصادي.

-الترکيز على توجيه إنفاق عام أعلى لقطاع التعليم الجامعي، والعمل على تحقيق التوازن بين الطلب على العمل وعرض العمل لزيادة کفاءة قناة رأس المال البشري.

-اتباع سياسات ائتمانية تسهم في توزيع الائتمان المحلي للقطاع الخاص على عدد کبير من المشروعات مع الترکيز على المشروعات الصغيرة بتقديم القروض اللازمة بمعدل فائدة متميز، وفترات أطول لسداد القروض.

- تقديم حوافز وامتيازات للمشروعات التي يسهم فيها صغار المستثمرين، للحد من أثر التفاوت في الدخل على دعم قناة التراکم الرأسمالي.

- اتباع استراتيجية طويلة الأجل تسهم في زيادة الشمول المالي لزيادة معدل الادخار المحلي للطبقات الصغيرة والمتوسطة في مستوى الدخل.   

3.مقترحات بحثية مستقبلية : يمکن البحث في الموضوعات الآتية:1-أثر التفاوت في الدخل في الفئات الأعلى والأدني على النمو الاقتصادي في الدول المتقدمة والنامية(دراسة مقارنة).2- أثر الصدمات الخارجية على العلاقة بين التفاوت في الدخل والنمو الاقتصادي في الدول النامية والمتقدمة(دراسة مقارنة). 3- أثر التفاوت في الدخل على النمو الاحتوائي في مصر.4-أثر سياسات اعادة توزيع الدخل على العلاقة بين التفاوت في الدخل والنمو الاقتصادي.5- أثر التفاوت في الدخل على الطلب الکلي وهيکل النمو الاقتصادي في مصر. 

 

ملاحق البحث

أولاً أشکال بيانية

 

ثانياً جداول:

جدول(1) متغيرات النموذج المستخدم (رموزها وقياسها)

الرمز

اسم المتغير

قياس المتغير

GAP

التفاوت في الدخل

بالفرق بين النصيب النسبي لأعلى فئة عشرينية(5) وأقل فئة عشرينية من الدخل(1)

GDP

الناتج المحلي الاجمالي

الناتج المحلي الاجمالي الحقيقي بتکلفة عوامل الانتاج، ويتم استخدام مکمش الناتج المحلي لحساب الناتج الحقيقي

 

معدل النمو الاقتصادي

معدل نمو الناتج المحلي الحقيقي بتکلفة عوامل الانتاج

 

التراکم الرأسمالي

اجمالي رأس المال الثابت والتغير في المخزون کقيمة حقيقية

 

الاستثمار الأجنبي المباشر

صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر (التدفقات الداخلة مطروحاً منها التدفقات الخارجة) کقيمة حقيقية

 

الائتمان

الائتمان المحلي الحقيقي الممنوح للقطاع الخاص

 

رأس المال البشري

نسبة المقيدين بالتعليم الثانوي 

CO

الفساد

تم قياس الفساد بمؤشر Corruption Perception Index ومصدره مؤسسة الشفافية

 العالمية وقيمته تتراوح بين 1 (سيئ جداً ) الى 100 (دولة شفافيتها عالية) وزيادة قيمة

 المؤشر تعني شفافية أعلى. 

 

 

GE

اعادة توزيع الدخل

الانفاق الاستهلاکي الحکومي الجاري الحقيقي

L

اللوغاريتم الطبيعي

يتم استخدامه في کل متغيرات النموذج

R

معدل النمو

يتم استخدامه في کل متغيرات النموذج

 

 

 

 

 

 

Table (2) Results of Unit Root Tests for used Model by using Augmented Dickey Fuller(ADF)

Order  of Integration

Variable in First Difference(ADF test)

Variable in Level (ADF test)

Variable

 

Constant 

None

Constant& Trend

Constant

1

-4.859

(.0006)

-4.946

(0)

-1.756

(.6974)

-1.839

(.3547)

LGAP

1

-3.623

(.0001)

-3.695

(.0007)

-2.086

(.539)

-2.583

(.109)

LGDP

1

10.173-

(0)

-10.435

(0)

-5.386

(.0009)

-1.523

(.506)

LCF

1

-9.657

(0)

-9.098

(0)

-5.883

(.0003)

-1.460

(.538)

LHC

1

-2.962

(.051)

-2.736

(.008)

-1.515

(.799)

-3.382

(.021)

LPC

1

-5.778

(.0001)

-5.835

(.0001)

-2.691

(.248)

-2.234

(.199)

LFDI

1

-4.262

(.0027)

-4.197

(.0002)

-1.807

(.673)

-1.293

(.618)

LGE

1

-3.169

(.0337)

-3.024

(.0045)

-4.052

(.022)

-2.190

(.214)

LCO

المصدر: إعداد الباحث باستخدام البرنامج الإحصائي Eviews . وتمثل القيم بين الأقواس probabilities احتمالات قيم ت المحسوبة

 

         Table(3)Optimal Lag According to VAR Analysis for used Model (GAPR)                                              

Lag

LogL

LR

FPE

AIC

SC

HQ

0

0

50.32425

NA

3.37e-09

-2.486481

-1.615491

1

1

111.6871

80.24373*

2.81e-10*

-5.936248*

-1.824500*

2

2

167.1712

46.94809

5.70e-10

-4.437470

-1.581298

المصدر: الباحث باستخدام بيانات النموذج المستخدم والبرنامج الإحصائي Eviews. تم تحديد حد أقصي 2 لفترة الابطاء لانخفاض حجم العينة        *Indicates lag order selected by the criterion

 

 

 

Table (4) Vector Autoregression Estimates for Used Model by GAPR 

COR

FDIR

PCR

HCR

CFR

EGR

Dependent

 

Regressor          

-0423  *

(-2.337)

-7.016**

(-2.873)

.052

(.151)

.038

(.206)

1.498*

    (2.389

.642 *

(2.559)

EGR(-1)

-.059

(-.382)

-.352 *

(-2.196)

-.134*

(-1.815)

-.003

(-.351)

-.691*

(-2.298)

.036

**(2.996)

CFR(-1)

.113

(.275)

2.765

(.582)

.253

(.581)

.246*

(2.054)

.905 *

(2.139)

.182***

(5.741)

HCR(-1)

.163 *

(2.877)

1.319**

(2.614)

.775**

(3.925)

-.025

(-.234)

.047

(.132)

-.086*

(2.601)

PCR(-1)

-.023

(-1.064)

-.365*

(-2.448)

.035**

(2.519)

-.005

(-.365)

.051 *

(2.203)

.015

(.920)

FDIR(-1)

-.511 *

(-2.359)

-.223

(-.089)

    .030

(.131)

.185-*

(-2.298)

.031

(.075)

-.126***

(-7.485)

COR(-1)

-.014

(-.671)

-.037

(-.148)

.022

(1.007)

.004

(.640)

.093

(.042)

.0007

(.491)

C

.284 *

(1.883)

2.957 *

(1.965)

-.111 **

(-2.690)

.017**

(3.195)

-.358 *

   (-2.266)

.219-*

    (2.022)

GER

.301 *

(1.946)

.367*

(2.209)

-.094 *

(-2.571)

.002*

(2.022)

.372 *

(2.114)

-.370**

(-2.945)

GER (-1)

-.041

(-.264)

-.924

(-.513)

.648**

(3.916)

-.0164

(-.185)

3.308    ***

(10.977)

.0194 ***

(4.097)

GAPR

-.270

 (-.582)

-5.312

(.987)

.330*

(2.668)

-.086

(-1.256)

2.019 *

(2.244)

.328

(.911)

GAPR(-1)

.537

.512

3.220

.658

.612

3.998

.656

.541

3.998

.846

.788

7.822

.967

.947

47.833

.826

.718

7.642

R-squared

Adj. R-squared

F-statistic

       LR: sequential modified LR test statistic (each test at 5% level). FPE: Final prediction error

       AIC: Akaike information criterion. SC: Schwarz information Criterion

       HQ: Hannan-Quinn information criterion

المصدر: الباحث باستخدام بيانات البحث وبالتطبيق على البرنامج الاحصائي Eviews، القيم الظاهرة تمثل معامل التأثير الذي يعکس المرونة، أما القيم بين الأقواس فتعکس قيمة t المحسوبة .

Causality

Prb.

Chi-Sq

Variables and trend of Causality

CAUSE

.0054

 INIR        EGR             

CAUSE

.0512

INIR          CFR

No CAUSE

.9320

INIR           HCR

CAUSE

.0003

INIR            PCR

No CAUSE

.889

INIR           FDIR

No CAUSE

.331

INIR           COR

No CAUSE

.853

INIR           GER

 Table(5)Results of Toda&Yamamoto test for all Variables

                      المصدر: الباحث باستخدام البرنامج الإحصائي Eviews

 

 
(1) Andersen ,T.(Sep.2015),"Human Capital ,Inequality and Growth", European Commission ISSN,2443-8022,P1         
)2) وزارة التخطيط (2015)، استراتيجية التنمية المستدامة(رؤية مصر2030، الأهداف ومؤشرات الأداء) .
(3) Kuzents,S. (Mar. 1955),"Economic Growth and Income Inequality ", The American Economic Review ,Vol.45,No.1, ,PP1-28.
(4)Look in: Persson,T. and Tabellini ,G. (Jan. 1991),"Is Inequality Harmful for Growth ? Theory and Evidence ", American Economic Review, and In University of California at Berkeley,Working Paper , No.91-155,P3; Alesina and Perotti,(Sep.1994),"The Political Economy of Growth : Acritical Survey of the Recent Literature ", the World Bank Economic Review ,Vol.8, No.3, P 345.
(5)Galor ,O.and Zeira,J.(1993)," Income Distribution and Macroeconomics ", Review of Economic Studies , Vol.60, P 39.
(6) Kelly,M.,"Inequality and Crime (Feb.2000)",Review of Economics and Statistics " ,P15.
(7) Lipsey, R.G. (1986). Economics .Harper and Row, New York.
(8)Look in : Iscan ,T.B.(2010) ," Productivity growth and the U.S. saving rate ", Economic Modeling, online ,P8 ;رضا العدل  محمد(مارس1978 ) ،" مؤشرات النمو والتنمية – دراسة تنموية لهيکل الاقتصاد المصري 1952 – 1975 " ، المؤتمر العلمي السنوي الثالث للاقتصاديين المصريين، الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي والإحصاء والتشريع  ،  ص ص 15-34.                  (9) محمد صبحي ، هدي(سبتمبر 1994)، " أثر السياسات الاقتصادية الجديدة علي توزيع الدخل في مصر " ، قضايا التخطيط والتنمية في مصر،رقم 89 ، استشراف بعض الآثار المتوقعة لسياسات الإصلاح الاقتصادي بمصر ، الجزء الثاني،429.              
(10) -عفان، منال (2009)، "تقييم استخدام أدوات السياسة الاقتصادية في تحقيق التوازن الاقتصادي –دراسة تطبيقية على الاقتصاد المصري مع اشارة الى تجارب الدول حديثة التصنيع" ، رسالة دکتورا غير منشورة ، کلية التجارة ، جامعة طنطا، ص 25.
(11)عفان ، منال(2009) ، مرجع سبق ذکره ، ص ص 20-23.
(12) -Krugman ,P. R. ,Obstfeld ,M . (2003) . International economics – Theory and Policy . New York ,Pearson Education International ,sixth edition ,P8.
(13)Look in: -Heijdra , B.J., and Ploeg F.V.,(2000) The Foundations of Modern Macroeconomics  (Oxford: University press),PP80-100; Sharipov,I. (2016),"Contemporary Economic Growth Models and Theories : A Literature Review ,CES,Working Papers –Vol. VII, Issue 3 ,PP1-15; Lukasz,P.(2014),"Review of theories and Models of Economic Growth", TODZKI,Vol.17,No.1,PP1-17;Romer ,P.M.(1990)," Endogenous Technological Change ", Journal of Political Economy ,Vol.98, ,PP71-102;السيد محمد سيد أحمد، هبة(2017)، " تحليل علاقة سعر الفائدة بالنمو الاقتصادي دراسة دولية مقارنة بالترکيز على الاقتصاد المصري " ، رسالة دکتوراه ، منشورة ، کلية التجارة ، جامعة الزقازيق،ص ص 56-98؛ الفضيل ، عبد الحميد على وأبوفناس ، أحمد سعد(2017) ، " قياس أثر الاستثمار البشري على النمو الاقتصادي في ليبيا خلال الفترة 1980-2010، مجلة دراسات الاقتصاد والأعمال ، مجلد 5 ، ص ص 1-25؛-سعيد ، لبنى بابا(2014/ 2015)، " دور الاستثمار في الرأسمال البشري في النمو الاقتصادي بالجزائر خلال الفترة 2005-2013"، رسالة ماجستير،منشورة، کلية العلوم الاقتصادية والتجارية وعلوم التيسير ، جامعة الشهيد حمه لخضير بالوادي؛ عفان ، منال(2009) ، مرجع سبق ذکره ، ص ص30-60؛ زکى ، رمزي(أکتوبر 1997) ،" الاقتصاد السياسي للبطالة – تحليل لأخطر مشکلات الرأسمالية المعاصرة "، سلسلة عالم المعرفة، الکويت، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب .
(14) مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية(سبتمبر 2014)، " معالجة التفاوت عن طريق التجارة والتنمية في خطة التنمية لما بعد عام 015 " ،الأمم المتحدة، الدورة الحادية والستون ،البند الثالث،15-26 ، ص 3 .
(15)Look in: -Coll, J.A. (2011)," Understanding Income Inequality: Concept, Causes and Measurement ", Management Journals, Vol. 1, No. 3, PP 17-28; Verme, P. et al (2014),"Inside Inequality in the Arab Republic of Egypt ", the Facts and Perception across People, Time and Space, A World Bank Study,
P13; مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية(سبتمبر 2014)، مرجع سبق ذکره، ص 7.
(16) Elveren, A. Y. and Ozgur, G., (2016),"The Effect of Informal Economy on Income Inequality: Evidence from Turkey ", PanoEconomicus , ,Vol. No .3, P 296.
(17) Verme, P. et al (2014),op.cit.P14.
(18) Bagchi,S. and Svejnar,J.(Nov.2013)," Does Wealth Inequality Matter for Growth ? the Effects of Billionaire Wealth ,Income Distribution and Poverty" , IZA,Dp No.7733,P5.
(19) Ghecham, M. A.,(2017), "The Impact of Informal Sector on Income Distribution : Could Concentration of Income be Explained by the Size of Informal Sector ?",International  Journal of Economics and Financial Issues ,Vol. 7,No. 1,P 596.
(20) Ferrer,C.,E.(2017),"Income Concentration and its Impact on Economy and Society :The Case of Mexico ",Modern Economy ,No.8, PP214.
(21) Todaro and Smith ,"Economic Development –Policy Options on Income Inequality and Poverty", Without Date, P1 in
(22) مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية(سبتمبر 2014)، مرجع سبق ذکره، ص12. (23) يغولي ، غر وفرانسيسکو(15 مايو 2017) ،" رؤية جديدة للرابطة بين عدم المساواة والتنمية الاقتصادية " ، النافذة الاقتصادية ، منتدى صندوق النقد الدولي؛ Ferrer,2017,op.cit.P216.
(24) براکاش، لونغاني وجوناتان، أوستري( 18 فبراير 2017) ،" جهود الصندوق بشأن عدم المساواة: عبور الجسر بين البحث والواقع"، النافذة الاقتصادية ، منتدى صندوق النقد الدولي                                                                        
(25) Coll, 2011,Op.cit.,P19.
(26) Verme et all, 2014,P15.
(27) يغولي، غر وفرانسيسکو(15 مايو 2017)، مرجع سبق ذکره؛                               Coll, 2011,PP19-20; Voitchovsky , S. (2005), "Does the Profile of Income Inequality Matter for Economic Growth?: Distinguishing Between the Effects of Inequality in Different Parts of the Income Distribution ",Journal Of Economic Growth ,Vol.10 , P 274.
(28)Verme,2014,op.cit.,P17.
(29) Ghecham, M. A.,(2017), "The Impact of Informal Sector on Income Distribution : Could Concentration of Income be Explained by the Size of Informal Sector ?", International  Journal of Economics and Financial Issues ,Vol. 7 ,No. 1 , P 598;Elveren and Ozgur,2016 ,op.cit.,P296.
(30) Look in : Ghecham, M. A.,(2017), op.cit.,P599; سکيک، أشرف خليل(2015)،" محددات تفاوت توزيع الدخل في الاقتصاد الفلسطيني للفترة 1995-2013 "، رسالة ماجستير منشورة، الجامعة الاسلامية بغزة، کلية التجارة.               
(31) Look in:Elveren and Ozgu,2016 ,P297; سکيک، أشرف خليل(2015)،" محددات تفاوت توزيع الدخل في الاقتصاد الفلسطيني للفترة 1995-2013 "، رسالة ماجستير منشورة، الجامعة الاسلامية بغزة، کلية التجارة، ص 30.     
(32) Look in :Andide ,S.(June 2017),"the Impact of Income Inequality on Economic Growth :ACase Study on Nigeria ,Research gate ,Thesis PHD,June 2017,PP1-61;زکي، 1997، مرجع سبق ذکره ، ص ص 50-80
(33)Kuzents,1955,op.cit.PP1-28.
(34) Wahiba,N.F., and Weriemmi,M.E. (2014),"The Relationship Between Economic Growth and Income Inequality ", International Journal of Economics and Financial Issues , Vol.4 , No.1 , P137.
(35)Look in: Lahouij,H.(Spring 2017),"The Effects of Income Inequality on Economic Growth Evidence from MENA Countries ", Eastern Illinois University,ECN,No.5433,PP1-26;Bianlin,T. (Drc. 1985) ," Growth equity and income distribution policies in Hong Kong ", The Developing Economics ,XXlll,N.4,PP128-133.;Ferrer ,2017,PP211-231;Persson and Tabellini ,1991, op.cit. ,PP1-47;Alesinaand Perotti,1994,op.cit.,PP 351-371; Rodrik, D. (1997)"Globalization , Social Conflict  and Economic Growth ", United Nation Conference  on Trade  and Development ,UNCTAD 24 Oct. 1997,PP1-21;Voitchovsky ,2005, op.cit. ,PP273-296;Galor and Zeira, 1993,op.cit., PP 35-52; Kelly,2000,op.cit.,PP1-23; Hassier,J.(Sep.2000),"Intelligence ,Social Mobility and Growth",American Economic Review , Vol.90,No.4 ,PP888-908;Wahiba and Weriemmi ,2014 ,op.cit.,PP135-138; Glaeser,et al, (2004),"Do Institutions Cause Growth ?",Journal of Economic Growth ,Vol.9, PP271-303; Aghion,P. and Bolton,P.(1997)"a Theory of Trickle – Down Growth and Development ",Review of Economic Studies , ,Vol.64,No.2,PP151-172.;Rodrik,1997,PP1-21,op.cit.Andersen, 2015,op.cit.,PP1-35;Moustafa,A.,(without Date),"Does Income Inequality Effect the Composition of Growth? The Case of Egypt" ,PP1-5,with Link(https://www.peri.umass.edu/fileadmin/pdf/UM-NS_Workshop/Moustafa_Egypt.pdf); International Transparency Institution, Corruption Perception Index,Different Reports
:WWW.Transparency.Org/CPI;الفضيل وأبوUNESCO Institute for Statistics (http://uis.unesco.org/فناس،2017، مرجع سبق ذکره ص ص 1-25؛ سعيد،2014/2015، مرجع سبق ذکره ؛ يغولي وفرانسيسکو، 2017، مرجع سبق ذکره.
(36)Persson and Tabellini (1991) ,op.cit.
(37)Glaeser et al(2004),op.cit.
(38)Voitchovsky(2005),op.cit.
(39) Degutis,M.(2012),"Effects of Income Inequality on Economic Growth", Union College ,PHD Publishing  Vol.6, PP1-107.
(40) Bagchi and Svejnar(2013),op.cit.
(41) Sbaouelgi , J . (2014)," The Impact of Income Inequality on Economic Growth Through Different Transmission Channels: Empirical Evidence From The Organization for Economic Co-Operation and Development Member Countries", International Conference on Social Sciences and Humanities 8,10 September 2014, Istanbul, Turkey,PP1-34.
(42) Petersen,T. and Schoof ,U.(2015)," the Impact of Income Inequality on Economic Growth ", Future Social Market Economy ,PP1-15.
(43) Kolev,G.and Niehues,J.(2016),"the Inequality Growth Relationship –an Empirical Reassessment ", IW-Report, Vol.7 ,2016,PP1-26.  
(44)Michael,Ch. and Nikolas,F.(Dec.2016),"Does Income Inequality Matter for Economic Growth ?: an Empirical Investigation ", MPRA, University of Ioannina ,PP 1-35
(45)Lahouij,2017,op.cit.
(46)Andide,2017,op.cit.
(47) Shrestha , P.K. (March 2016),"Macroeconomic Impact of International Reserves : Empirical Evidence from South Asia", NEPAL Rostra Bank, Working Paper , No. 32, , PP1-29
(48) Look in: Asteriou, D. and Hall, S .(2007) Applied Econometrics : A Modern Approach Using Eviews and Microfit . New York, Palgrave Macmillan,PP323-332; Fuller  , W.A.,(July 1981)," Likelihood  Ratio Statistics for Autoregressive  Time Series with a Unit Root " ,Econometrica ,Vol. 49 ,No. 4, PP1-20; ;Shrestha, 2016,op.cit.,P1; Hamilton, J.(1994) ,"Time Series Analysis", Princeton University, USA.
(49) Asteriou and Hall ,2007,op.cit.,PP416-422.