رؤية مستقبلية لتحديث نظرية التنمية السياسية 2050 دراسة تطبيقية لدور استراتيجية الأمن التنموى فى استمرارية التنمية المستدامة

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

رئيس قسم العلوم السياسية والإدارة العامة- جامعة بورسعيد

المستخلص

مستخلص
      ان التغيرات الکبرى التي شهدها النظام الدولي في العقد الأخير من القرن العشرين، اکدت أن هناک تراجع في تطبيق التنمية السياسية، الأمر الذي کان له  تداعيات علي منظومة عمل التنمية المستدامة، مما يتطلب التصدي من أجل استمرارية المنظومة. ومن ثم تسعى هذه الورقة لإيجاد سياسات بديلة تتسم بالمرونة لتحديث دور نظرية التنمية السياسية فى إطار تفعيل استراتيجية الامن التنموي لتلبية متطلبات رؤية 2050". الامر الذي کان خطوة نحو تأسيس نظرية جديدة للتنمية السياسية 2050، تحت مسمي"نظرية الأمن التنموي"؛ فلقد جاءت عملية التحديث بمثابة تغيير وظيفي لدور نظرية التنمية السياسية من المنهجية الغربية القائمة علي تحقيق الحکم الرشيد المدعم بالديمقراطية الغربية، والتي تعتبر امتداد لنظريتي التبعية والتحديث إلي منظور تنموي وظيفي قائم علي ان التنمية السياسية هي الأداة الرئيسية للأمن التنموي لإستکمال منظومة التنمية المستدامة و اعلاء الإيکولوجية السياسية الخاصة بالدول عند صياغة المخططات التنموية العالمية.
کلمات مفتاحية:
نظرية التنمية السياسية- استراتيجية الأمن التنموى- التنمية المستدامة – نظرية التحديث- نظرية التبعية – الابتکار السياسي- الدولة الابتکارية. 
Abstract:
The major changes that the international system witnessed in the last decade of the twentieth century confirmed that there is a decline in the application of political development, as the importance of comprehensive development has escalated with a focus on the economic field through which political development has been used as a mechanism to achieve the requirements of Globalization from economies of market, interdependence and policies of Privatization and multinational companies, and the independence of international organizations and conglomerates in the face of limiting the role of the state, so building and modernizing the political system was not a target. which its repercussions was reflected during the implementation of the United Nations 2030 sustainable development plans, which were a major reference for most countries; Political development was not mentioned as one of the targets, as the United Nations considered that achieving sustainable development and promoting human development is linked only to good governance. This led to the exacerbation of a number of political development crises during the stages of prosperity that had a clear impact on the development security of the 2030 plan. Therefore, it was important to update the theory of political development in order to achieve adaptation to the changes of the international system in the wake of the repercussions of the Corona pandemic, in line with the requirements of the 2050 vision of sustainable development.

نقاط رئيسية

مقدمـــة:

      تشير العديد من الشواهد إلى تصاعد أهمية التنمية الشاملة فى العقد الأخير من القرن العشرين؛ حيث الترکيز على المجال الاقتصادي الذي تم من خلاله استخدام التنمية السياسية کآلية لتحقيق متطلبات العولمة من اقتصاديات السوق والاعتماد المتبادل وسياسات الخصخصة والشرکات متعددة الجنسيات، واستقلالية المنظمات والتکتلات الدولية امام تحجيم دور الدولة، فلم يکن بناء النظام السياسي وتحديثه هدفاً. الامر الذي انعکست تداعياته اثناء تنفيذ خطط التنمية المستدامة 2030 للامم المتحدة، والتي کانت مرجعاً رئيسياً لأغلب الدول؛ فلم تذکر التنمية السياسية کهدف من الأهداف، حيث اعتبرت الامم المتحدة ان تحقيق التنمية المستدامة، وتعزيز تنمية البشر ترتبط فقط بالحکم الرشيد. الأمر الذي ادي إلي تفاقم عدد من أزمات التنمية السياسية أثناء مراحل الازدهار التي کان لها التأثير الواضح علي الأمن التنموي لخطة 2030 . لذا کان من الأهمية تحديث نظرية التنمية السياسية بما يحقق التکيف مع متغيرات النظام الدولي في اعقاب تداعيات جائحة کورونا بما يتلاءم مع متطلبات رؤية 2050 للتنمية المستدامة.

      ومن هذا المنطلق تتمثل إشکالية الدراسة في التساؤل التالي: إلى أى مدي  يمکن تفعيل إستراتيجية للأمن التنموي من خلال إيجاد سياسات بديلة لتحديث دور التنمية السياسية في خطة 2030 للتنمية المستدامة، واستشراف رؤية 2050؟، ضمن هذه الإشکالية تندرج التساؤلات التالية: ماهو التطور التاريخي لتحديث دور نظرية التنمية السياسية؟، هل هناک علاقة فيما بين التنمية السياسية والتنمية المستدامة؟، ماهو الأمن التنموي؟، هل يمکن وضع مقاربة أمنية لتحديث دور التنمية السياسية في دعم التنمية المستدامة 2050؟، ويتم الاجابة من خلال فروض الدراسة والتي تحددت في الفرض الاول: ان التحديات التي تحول دون استمراية مخطط 2030 للتنمية المستدامة جاءت نتيجة مجموعة من الازمات الناتجة عن عدم إضافة التنمية السياسية کهدف مباشر، والاکتفاء فقط بالاشارة إلي الحکم الرشيد"، والفرض الثاني"أن الأزمات الناتجة من العمليات التنموية تمثل أزمات التنمية السياسية". وللتحقق من صحة الفروض يتم استخدام الترابط المنهجي بين کلاً من: نظرية الدور، والاقتراب الوظيفي  إلي جانب الأخذ بالمنهج التاريخي ومنهج تحليل النظم لکونها المناهج الأنسب للدراسة.ويتم ماسبق من خلال عدة محاور يتناول المحور الاول التطور التاريخي لتحديث دور نظرية التنمية السياسية، والمحور الثاني يقدم دراسة تأصيلية لدور إستراتيجية الأمن التنموى في إستمرارية التنمية المستدامة، أما المحور الثالث يرکز على المقاربة الأمنية لتحديث دور التنمية السياسية في دعم التنمية المستدامة 2050.

الكلمات الرئيسية


المحور الأول: رؤية تحليلية لتحديث نظريات التنمية السياسية

       يتطلب تحقيق التنمية الانسانية الشاملة في أي مجتمع توافر جملة من الشروط والعناصر، أهمها "التنمية السياسية"؛ وهىأحدالمفاهيمالحديث، بدأ استخدامها فى أعقابالحربالعالميةالثانية، بالتزامن مع استقلال الکثير من الدول، وما طرحه الاستقلال من تحديات بناء الدولة، والتنمية والتغيير، للتغلب على حالة الضعف  في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية[i]. حيث ظهرت التنمية السياسية کفرع حديث من علم السياسة، يرکز على إحداث التغيرات فى البنية الاجتماعية من خلال التحول فى البنية الاقتصادية والثقافية کمدخل للتحول الحضارى[ii].

أولاً مفهوم التنمية السياسية:-

     يمکن النظر للتنمية السياسية باعتبارها "الحقل المعرفي الذى يسعي إلى إرساء نظريات وقوانين – قابلة للتطبيق – لتطوير المؤسسات السياسية نحو التقدم؛ لإحداث عملية تغير مجتمعي شامل، وذلک من خلال عدد من الآليات : کالتنشئة ، والتثقيف – والمشارکة والتمکين السياسي"[iii] ، فيتم انتقال المجتمعات من وضع التخلف إلي التقدم السياسي، وذلک لتحقيق أهداف متطلبات المواطنين بما يتناسب مع مقدرات الدولة.

ثانياً: خصائص التنمية السياسية

  1. أنها عملية process وليست مرحلة؛ فالتغيير يشير إلى مجموعة من التغيرات التي تحدث في وظائف الأبنية السياسية المختلفة والتفاعلات السياسية المرتبطة بها، بينما لا ينفى ذلک فکرة وجود عدة مراحل في إطار هذه العملية.
  2. أنها ديناميکية Dynamism أو حرکية؛ تفترض حرکة مستمرة في الإطار السياسي ککل للحفاظ على ملائمة النظام السياسي  للتغيرات الجديدة.[iv]
  3. مفهوم نسبي يکتسب مضامين متباينة بتباين الثقافات والبيئات الحضارية والإطار المجتمعي.
  4. مفهوم محايد من حيث دلالاته الأخلاقية أو الشکل السياسي الذي يتخذه المجتمع، وبالتالى لا يمکن أن تکون عملية التنمية حتمية الحدوث، فذلک يتحدد بالإطار التاريخي والمجتمعي للعملية داخلياً وخارجياً.[v]
  5. مفهوم کلى شامل، تتکامل فيه جميع الجوانب الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية فى علاقات تفاعلية.
  6. مفهوم عالمى؛ يحدث في کل المجتمعات والنظم السياسية تقريباً، لکن بدرجات مختلفة.
  7. التنمية السياسية ليست أحادية بل متعددة الاتجاهات، حيث ترکز على معالجة کافة المشکلات السياسية والاجتماعية وغيرها، وتسعى لتقديم مجموعة من الحلول للتنمية لتحافظ على کيان الدول من الانقسام .
  8. تتعدد نماذج وخبرات التنمية السياسية، وفي کل منها تختلف أهداف النظام السياسي، وتعتبر أحد النماذج التى تسعى الدول لاضافتها لتاريخها السياسي فى مجالات التنمية.[vi]

ثالثاً: مجالات التنمية السياسية[vii]

  1. سياسياً: تعنى بناء السلطة عن طريق مؤسساتها، وتحقيق الشرعية السياسية للسلطة مما يؤدى لنمو المجتمع وتحقيق أهدافه، کما تعنى التنمية بناء الديمقراطية فى المجتمع کمدخل حديث للتفکير.
  2. اجتماعياً: تهدف إلى تغيير الأساليب العشوائية لرفع مستوى الحياة الاجتماعية مادياً وفکرياً وروحياً.
  3. ثقافياً: تهدف لتحقيق النمو الثقافيللمجتمعوالذى يتضمن الأخلاق لتکوينالعلاقاتالإجتماعية.
  4. قانونياً وإدارياً: تهدف لتطوير الأنظمةوالقوانين بصورةمستمرةلتتلائممع الإحتياجاتالمجتمعيةالتييقتضيهاالتغير.

رابعاً: الاتجاهات النظرية لدراسة التنمية السياسية[viii]

     يرتبط مفهوم التنمية السياسية بانتقال النظم السياسية من نظم توصف بالتقليدية إلى نظم سياسية حديثة وهنا يبرز اتجاهين نظريين لدراسة التنمية السياسية:الاتجاه الکميّ..ويمثل الدراسات التي تأثرت بالموجة السلوکية في اعتمادها على الطرق الکمية، ويحاول ربط التغير السياسي والرغبة في تحقيق الاستقرار والتطور في الأداء السياسي بالنمو الاقتصادي وما ينتج عنه من تغيرات اجتماعية وسياسية، الاتجاه الکيفي..وتدرس الأنظمة السياسية من منطلق التحولات النوعية التي تحدث فيها، حيث العلاقة بين مصدر المعرفة أو الايکولوجية السياسية ونظام الحکم.

خامساً: نظريات التنمية السياسية بين الاستمرارية والتغيير

ا- نظرية التحديث: تتميز بالعمومية، وترکز على العوامل الخارجية التى لها الأثر الأکبر فى نقل المجتمعات من التقليد إلى الحداثة، ومن ثم تتحقق التنمية السياسية، وقد ساهم في تطور هذه النظرية تيارين فکريين کبيرين:[ix]الأول.. دراسة ماکس فيبر حول العلاقة بين البروتستانتية وتطور الرأسمالية، وقد رکز هذا التيار على المتطلبات الثقافية والسيکولوجية للتحديث، الثاني..کتابات هربرت سبنسر، وإميل دورکايم وتالکوت بارسونز، ورکز هذا التيار على الاختلافات الاجتماعية باعتبارها بؤرة مرکزية في التغير الاجتماعي.

وقد شهدت نظرية التحديث والجانب المتعلق بقضايا التنمية السياسية، تغيرات في مناهج ومداخل التحليل في الدراسات التنموية والعلوم السياسية،فقد صنف ريتشارد هيجوت التراث السياسي المهتم بالتنمية السياسية، إلى ثلاث مراحل

المرحلة الأولى(1954-1964)..ورکزت دراسات التنمية السياسية في تلک المرحلة على المتغيرات القانونية والمؤسسية، فتطور النظرية اعتبر وسيلة لتسهيل إرساء الديمقراطية الليبرالية داخل الدول الجديدة، المرحلة الثانية (1965-1971)..حيث سادت المدرسة السلوکية، والتي رکزت على النظام ومدخلاته والبيئة المحيطة والعوامل المؤثره على نشاط وقدرات النظام. حيث ثبت عدم صحة الطرح القائل بأن الانتقال من التقليدية إلى الحداثة هي مسألة تقنية، حيث يرادف هنتنجتون بين التنمية السياسية والتحديث، ويربط بين التنمية السياسية وقدرات النظام المؤسسية لتتماشى مع عملية التنمية والتحديث،  ويرى هيجوت، أن ذلک بداية التحول من الترکيز على الديمقراطية إلى الترکيز على النظام السياسي في دراسات التنمية السياسية. وانعکاسا لازمة التنمية في الدول حديثة الاستقلال وعدم قدرتها على تحقيق التنمية المتوقعة مما يؤدى إلى العديد من الأزمات التنموية، مثل مشکلة الشرعية، ومشکلة الهوية، ومشکلة المشارکة، ومشکلة التغلغل، ومشکلة التوزيع [x]، المرحلة الثالثة.. بدأت بعد عام 1971 ويطلق عليها مرحلة "ما بعد السلوکية" والتي جاءت کنوع من الاستجابة للنقد الموجه إلى نظرية التحديث بشکل عام، ونظرية التنمية السياسية بشکل خاص، بسبب الطابع الإيديولوجي المنطلق من الرؤية الغربية الرأسمالية وعدم قدرتها على معالجة مشکلات التنمية في دول العالم الثالث، وبالتالى أدرکوا الحاجة إلى الترکيز على الجوانب الاجتماعية والاقتصادية.[xi]

التنمية السياسية في نظرية التحديث:

     يتضح مما تقدم أن دراسات التنمية السياسية قد اعتمدت فى البداية على التعرف على الخصائص التي تميز المجتمعات المتقدمة ومراحل تطورها باعتبارها مراحل تمر باتجاه واحد صاعد، وأن کل المجتمعات البشرية يجب أن تسير في هذا الاتجاه الغربي، ولم تستطع هذه النظريات أن تحقق ما دعت له من التحديث، وتعثرت التنمية وانتقالت الدول حديثة الاستقلال من النمط التقليدي إلى الحديث، وقد اتجه علماء السياسة على ضوء ذلک إلى دراسة أزمات التنمية والتحديث.[xii]

2- نظرية التبعية: اعتمدت هذه النظرية على أطروحات (بول باران) عن الثنائية الاقتصادية والرأسمالية الاحتکارية[xiii]، ومن أبرز روادها سمير أمين، اندريه فرانک، بول سوبزي، وبول باران[xiv]. وتقوم على فکرة أن التخلف فى الدول النامية ودول العالم الثالث، ليس الحالة الطبيعية لتلک المجتمعات، بل هو نتيجة للسيطرة الإستعمارية عليها. فالتخلف والتنمية هو نتاج تطور الدول المتقدمة، والذى ينتج عنه تبعية وتخلف دول أخرى.

3- نظرية التنمية في مرحلة ما بعد الحداثة: مع بداية عصر العولمة کظاهرة جديدة تشکل نمط سياسيى واقتصادى وثقافى للنموذج الغربى، وتأثيرات ذلک على سيادة الدول، تأثرت نظرية التنمية بتلک التغيرات وموضوعاتها وقضاياها، فظهرت مفاهيم جديدة فى الخطاب التنموى،  "کالتنمية المستدامة". وظهر دور مؤسسات المجتمع المدنى فى التنمية ودعم الديمقراطية، وتزايدت تأثيرت المؤسسات الدولية[xv]، وتبنى البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة مفهوما جديدا للتنمية يعرف بـ"التنمية البشرية"، والذى يعتبر النمو الاقتصادي  وسيلة لتحقيق الجوانب المختلفة للتنمية البشرية، والتي تحقق التنمية المستدامة، بتعزيز الحکم الرشيد [xvi]، وتراجع الاهتمام بالتنمية السياسية کمجال مستقل ومتخصص، فى سبيل الترکيز على التنمية بمفهومها الشامل، مع الترکيز على الجانب الاقتصادي، وشارکت کلاً من المؤسسات "الدولية والمجتمع المدنى" الدولة في توفير الخدمات، فحجم دور الدولة في التنظيم والحماية  فقط. الأمر الذي کان له  تداعيات علي منظومة عمل التنمية المستدامة، مما تطلب التصدي من أجل استمرارية المنظومة. وهذا ما سوف يتم تناوله في المحور التالى.

المحور الثاني: دراسة تأصيلية لدور إستراتيجية الأمن التنموى في إستمرارية التنمية المستدامة

        انحرفت الجهود العالمية التي استمرت خمسة اعوام علي تحقيق الرخاء المشترک في عالم مستدام من خلال تحقيق الأهداف "السبعة عشر" للتنمية المستدامة 2030 عن مسارها الصحيح بحلول نهاية عام [xvii]2019، وذلک بسبب مجموعة من التحديات المترابطة، والتي تتطلب الأخذ بحلول متکاملة. وهنا تحاول الدراسة اختبار صحة فرضياتها التي تقوم علي "ان التحديات التي تحول دون استمراية مخطط 2030 للتنمية المستدامة جاءت نتيجة مجموعة من الازمات الناتجة عن عدم إضافة التنمية السياسية کهدف مباشر، والاکتفاء فقط بالاشارة إلي الحکم الرشيد". الأمر الذي يظهر معه أهمية دور إستراتيجية الأمن التنموي، وذلک کما يلي:

اولاً- استراتيجية الأمن التنموى

     ان تصاعد الموجات الإرهابية سواء على الصعيد الإقليمى أو الدولى، وانتشار ظاهرة الدولة الفاشلة التى تعرضت إلى نزاعات مسلحة،  وما نتج عنها من أزمات کبرى، کان له أکبر الأثر على الانهيار الداخلى لمؤسسات الدول بما يستوجب إعادة الإعمار باستعادة قوة وظائف الدولة، وهذا لا يتحقق إلا من خلال بناء تنموى شامل يتحقق به بناء الدول، وتتصاعد معه ضرورة تحقيق الأمن لهذه المنظومة التنموية لضمان عدم عودة العنف داخلياً والتصدى للاختراقات الخارجية؛ لذا أهتمت الدراسة فى هذا المحور بالإجابة على تساؤل هام وهو: إلي أى مدى يمکن إدارة أزمات التنمية السياسية للدولة من خلال منظور أمنى يحافظ على استمرارية عمليات التنمية دون تهديدات؟، وهو مايطلق علية اصطلاحياً (بالأمن التنموى)[xviii]:

1-    تأصيل مفهوم الأمن تاريخياً: يشير تعريف مفهوم الأمن إلى تحقيق حالة من انعدام الشعور بالخوف، وإحلال شعور الأمان ببعديه النفسى والجسدى محل الشعور بالخوف[xix]، وفى عام 1948 استخدم"الأمن القومى" منذ إنشاء مجلس الأمن القومى الأمريکى[xx]. وتصاعد استخدام "استراتيجية الأمن القومى" خلال فترة الحرب الباردة؛  فسادت مصطلحات "الإحتواء – الردع – التوازن – التعايش السلمى" لتحقيق الأمن والسلم وتجنب الحروب التى طبعت النصف الأول من القرن العشرين[xxi]. واستمر الطابع العسکرى للمفهوم حتي إنتهاء صراع القطبية الثنائية، والطفرة فى طبيعة التهديدات على مستوى الدولة، وعلى الصعيد الدولى الأمر الذى أسقط النموذج القديم للأمن القومى، ليتغير من الاقتصار على أمن الدولة إلى "أمن الإنسان" وما يتعلق به من أمن المجتمع؛  وإستحداث مصطلح "الأمن الإنسانى" فى التقرير السنوى لبرنامج الأمم المتحدة للتنمية الإنسانية عام 1994، وتم تصنيف مجالات الأمن الإنسانى إلى "الأمن: الاقتصادى–  الغذائى– الصحى – البيئى– السياسى"[xxii]. وهنا تتأکد مدى أهمية ترابط مفهوم الأمن بشقيه التقليدى والإنسانى فکليهما سبباً فى للاستقرار وحاکمية العلاقة فيما بين الدولة والمواطن.

2-     المفهوم المعاصر للتنمية: يعد مفهوم التنمية من أهم مفاهيم القرن العشرين؛  بدأ في علم الاقتصاد؛  ومع تزايد سيطرة المؤسسات الاقتصادية والمالية فى النظام الدولى مثل (البنک الدولى– صندوق النقد الدولى IMF- منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية OCED – والاتفاقية العامة للتعريفة والتجارة GATT– ومنظمة التجارة العالمية WTO) منحت الأولوية للنمو الاقتصادى[xxiii]. الأمر الذى أدى إلى خلل فى توزيع الموارد بين الدول؛  فزادت الفجوة  بين الدول الغنية والفقيرة،  وتنبه العالم إلى أن للتنمية أبعاد مختلفة تتساوى فى الأهمية؛ فهناک أبعاد إجتماعية وثقافية وسياسية، ويقاس نجاح التنمية بمدى تطور هذه الأبعاد مجتمعه.

 3-   العلاقة التفاعلية بين مفهومي الأمن والتنمية:- يعتبر"روبرت ما کنمارا" من اشهر من اسس لمفهوم الأمن التنموي، وهو رجل اقتصادي وسياسي ووزير الدفاع الأمريکي الأسبق، وقد ربط بين التنمية والقدرة على النمو والأمان في کتابه "جوهر الأمن" (أن الأمن القومي هو التنمية وبدون تنمية لا يمکن أن يوجد أمن، وأن الدول التي لا تنمو بالفعل لا يمکن أن تظل آمنة)[xxiv]. فامتلاک الأسلحة لم يمنع الثورات والعنف، ولا مثيري الاضطرابات من الفقراء. حيث ربط ماکنمارا بين الأمن والتنمية،فالأخيرة تتعدى البعد الاقتصادي لتشمل کافة الأبعاد. الامر الذي  جعل تطبيق الأمن التنموي ينتقل بمفهوم (الأمن) من مجرد أمن الوسائل الي أمن الاهداف. (فلا تنمية بدون أمن، ولا أمن بدون تنمية). فالأمن "هو مجموعة المرتکزات التي تحفظ للدولة استقراراها  وتحقيق قدر من الثبات لمواجهة المشکلات، في مجال الأمن والسلامة، ومختلف مناحي الحياة"، وإذا کانت التنمية تعني "المنهجية العلمية باستخدام تقنية المعلومات لتلبية احتياجات وأهداف محددة"، فإن کلً من الاستراتيجية الأمنية واستراتيجية التنمية تخطط لتحقيق أهداف الإستراتيجيات "الأمنوتنموية" متوسطة وبعيدة المدى، للوصول إلى أمن مستدام وتنمية مستدامة، فالتنمية شمولية في مساراتها سواء علمية أو سياسية أو اقتصادية إلخ.... ، ولن تتحقق هذه الأمنية التنموية إلا في ظل إطار أمني شامل، يحقق لها الاستقرار، ويحيطها بسياج أمني يميزه الإبداع والابتکار والأصالة والمهنية،  ويساعد على توظيف الوسائل والسياسات المتبناة لتحقيق الأهداف المرجوة.[xxv]

مما سبق يتضح ان العلاقة بين الأمن والتنمية تبادلية التأثير، بينما أشارت بعض الدراسات الاکاديمية الي أن التنمية أکثر تأثراً بالأمن في الدولة، وأهمها دراسة Frances Steward التى أکدت على العلاقة بين انتشار العنف في المجتمع وتأخر التنمية.هذا بالاضافة الي تأکيد هذا التأثر بأن الفشل في الحکم، والاستبداد السياسي، والتطرف الديني والفکري قد يؤدي إلي العنف، وبالتالى تقليص جهود التنمية.[xxvi]

ثانياً-العلاقة الترابطية فيما بين تحديات التنمية المستدامة 2030 وازمات التنمية السياسية: تصاعدت أهمية تحقيق الاستقرار السياسي داخل الأنظمة الحاکمة من أجل ضمان التنمية الشاملة فمع إنتقال مفهوم التنمية إلى حقل السياسة منذ ستينات القرن العشرين،  وعلي الرغم مما سبق ان الثابت بغياب التنمية تتأثر المنظومة الأمنية.الا ان العمليات التنموية يمکن ان تکون مصدر لأزمات عديدة تؤثر علي الاستقرار الأمني داخل الدولة، وتري الدراسة من خلال فرضياتها الثانية "أن الأزمات الناتجة من العمليات التنموية تمثل أزمات التنمية السياسية". وتسعي الدراسة للتحقق من تلک الفرضية وذلک برؤية تحليلية لتقرير أهداف التنمية المستدامة 2030 لعام 2019،  وما نتج عنه من تحديات کانت تعبيراً لأزمات التنمية السياسية،  وذلک کما يلي:[xxvii]

التحدي الاول ..لهدف القضاء علي الفقر

ان تباطؤ تناقص معدلات الفقر يعرض تحقيق هذا الهدف للخطر. فقد انخفضت نسبة سکان العالم الذين يعيشون في فقر مدقع من16% عام 2010 إلى 10% عام 2015، وشهدت منطقة شرق آسيا الجانب الأعظم من هذا التقدم. أيضاً حققت منطقة جنوب آسيا نجاحات مدهشة في هذا الصدد، مما ساعد على استمرار انخفاض المعدل العالمي. ومع ذلک فإن وتيرة التغيير آخذة في التواطؤ. وتظهر التوقعات الراهنة أن معدل الفقر المدقع لعام 2018 يبلغ 8.6%، وتشير التوقعات المستندة إلى خط الأساس إلى أن 6% من سکان العالم سيظلون يعيشون في فقر مدقع عام 2030 إذا استمرت الاتجاهات الحالية، ولا يزال الفقر المدقع مرتفعاً بعناد في البلدان المنخفضة الدخل والمتضررة من النزاع والاضطرابات السياسية، لا سيما في أفريقيا جنوب الصحراء الکبرى. ويعيش حوالي 79%من فقراء العالم في المناطق الريفية، حيث يبلغ معدل الفقر 17.2مقارنة بالمناطق الحضرية (5.3%)، وما يقرب من نصف الفقراء (46%) الذين يعانون من الفقر المدقع هم أطفال أقل من 14 سنة. وهذا ما يوضحه الشکل رقم (1):

 

شکل رقم(1)

وفي ذلک تعبيراً واضحاً عن أزمة التوزيع کأحد أزمات التنمية السياسية؛  فالنظام السياسي يقوم بدور الموزع فى المجتمع عن طريق السياسات العامة، وذلک بتحديد فئات المستفيدين من التوزيع ومقدار القيم والمنافع. وهو ما ذکره "هارولد لازويل" أن السياسة هى من يحصل؟ على ماذا؟ ومتى؟ وکيف؟. وبالتالى تضع قضية التنمية الاقتصادية مهمة صعبة على عاتق النظم السياسية، فيما يتعلق بالتوزيع العادل کضرورة لإشباع الحاجات الأساسية وتحقيق توازن  بين ثورة التطلعات، ودرجة الرضا الفعلي لهذه التطلعات .[xxviii]

التحدي الثاني.....لهدف القضاء التام علي الجوع

     على الرغم من تحقق تقدم واسع النطاق خلال الفترات السابقة في القضاء على الجوع وتوفير الأمن الغذائي والتغذية المحسنة وتعزيز الزراعة المستدامة، الا ان عدد الأشخاص الذين يعانون من الجوع عاد إلى الارتفاع منذ عام 2014، ومن ثم هناک حاجة لبذل جهود مکثفة لتحسين حصول الجميع على الغذاء الکافي، والاهتمام بزيادة الانتاجية الزراعية ودخل صغار منتجي الأغذية، ولتنفيذ ممارسات زراعية قادرة على الصمود، وضمان عمل الأسواق بصورة سليمة. وأخيراً، يتعين کسر حلقة سوء التغذية المتوارثة عبر الأجيال. وتري الدراسة ان کلاً من تحديات الفقر والجوع في علاقة ترتبية يجمعهما سوء إدارة الدول لمقدراتها، وفي ذلک تعبيراً واضحاً عن أزمتي التنمية السياسية المتعلقة بأزمة التوزيع السابق شرحها، وأزمة التغلغل[xxix] أو الإدارة التى تدور حول مدى کفاءة الجهاز الإدارى للدولة للتغلغل فى أجزاء المجتمع وبناه المختلفة، بقصد تحريکه وتنفيذ سياسات الدولة فيه، مما يؤکد سطوة الدولة وسلطتها ويرتبط ذلک بقدرة النظام السياسي ذاته على النجاح فى أداء وظائفه، ويمثل إخفاق الدولة فى أداء هذا الدور فى تعطيل مسيرة التنمية.

التحدي الثالث...لهدف الصحة الجيدة والرفاه

     ان انخفاض معدلات وفيات الأطفال، واستمرار الارتفاع في متوسط العمر المتوقع على الصعيد العالمي، وتحقق تقدم مطرد في مکافحة بعض الأمراض المعدية، يمثل تقدماً کبيراً في تحسين الصحة. إلا أن التقدم تباطأ أو توقف في حالة أمراض أخرى، مثل الجهود العالمية للقضاء على الملاريا والسل، فنصف سکان العالم على الأقل لايزالون يفتقرون إلى الخدمات الصحية الأساسية. مما يعنى ضرورة تحقيق التغطية الصحية الشاملة للجميع والتمويل المستدام للصحة؛ ومعالجة تزايد عبء الأمراض غير المعدية، والتصدى لمشکلة تلوث الهواء والافتقار إلى مرافق المياه والصرف الصحي المدارة بأمان. ويعبر هذا التحدي عن أزمتى التغلغل، والتوزيع -السابق شرحهما- بالاضافة إلي أزمة الاندماج[xxx]، وتعنى "صنع  نوع من التوافق بين مختلف القطاعات التى تضغط على الحکومة فى صورة مطالب معينة وقدرة الجهاز الحکومي على تنفيذ المطالب "، ويمکن النظر إليها على مستويات ثلاثة (العلاقة بين مختلف أجهزة الحکم ومؤسساته، والعلاقة التفاعلية بين مختلف الجماعات والتنظيمات التى تشکل مطالب أو ضغوطا على الحکومة، والأخير العلاقة بين الجماعات التى تطالب وبين الأجهزة الحکومية التى ستستجيب للمطالب). وفي ذلک توصيف منضبط إلي اهم تحدي للصحة وهو تحمل العاملون الصحيون أکثر من طاقتهم في البلدان التي تشتد فيها الحاجة إليهم. وتشير البيانات المتاحة- في الرسم البياني رقم(2) – عن الفترة بين عامي 2013 و 2018 بأن عدد الأطباء فيما يقرب من 40% من جميع البلدان يقل عن 10 أطباء لکل 10000 شخص، وأن عدد العاملين في التمريض والقبالة حوالي 58% من البلدان يقل عن 40 لکل 10000 شخص، بجانب سوء توزيع العاملين الصحيين في جميع أنحاء العالم وحتى داخل البلدان، فالمناطق التي تواجه العبء الأکبر من الأمراض لديها النسبة الأقل. ويقدر أن يکون هناک حاجة إلى حوالي 18 مليون عامل صحي إضافي على مستوى العالم بحلول عام 2030 لضمان حياة صحية للجميع.

 

شکل رقم(2)

التحدي الرابع .....لهدف التعليم الجيد:مازال ملايين الأطفال غير ملتحقين بالمدارس، فضلاً عن انخفاض عملية التحصيل، وتباين الفرص، وينبغي أن توفر هذه الثغرة حافزاً لصناع السياسات لإعادة ترکيز جهودهم لضمان تحسين نوعية التعليم، وتمکين الجميع من الحصول عليه. وتتخطى أزمة التعلم تهديد قدرة الفرد على الخروج من الفقر، لخطر تهديد المستقبل الاقتصادي لبلدان بأکملها في سياق کفاحها من أجل التنافس في الأسواق العالمية بموارد بشرية أقل فى المهارات. ويأتي هذا التحدي لتعبر عنه أزمة الهوية[xxxi] والتي تري الدراسة انها سبب رئيسياً؛ فالهوية العالمية التي اتخذت منهجية وهدفاً مباشر للعمليات التعليمية والثقافية أدت بالدول النامية إلي التخبط عند اختيار النموذج الحضاري الذى تنشده الدولة فى التحديث الثقافي والتنمية الشاملة. ويرجع ظهور مشکلة الهوية  إلى عوامل  عديدة مثل سرعة التغير فى المجتمع، والتحديث، والتشتت النفسي وتمزق الدول النامية بين القيم الموروثة والمحببة، وبين مقتضيات ومتطلبات الحضارة العالمية الصناعية، الأمر الذى يعلي من شأن المؤثرات الخارجية على القيم السياسية لکافة المواطنين وفى مقدمتهم الاجيال الجديدة.     

التحدي الخامس...لهدف المساواة بين الجنسين[xxxii]: لايزال هناک اخفاق في تحقيق هذا الهدف بسبب الفشل في القضاء علي العنف ضد المرأة وحماية حقوقها. حيث تفتقر نسبة کبيرة من الدول إلي قوانين "تجريم الاغتصاب- مجالات العمالة والمزايا الاقتصادية- المساواة في الأجر عن العمل – وتحديد السن الادني للزواج"، بجانب انها ممثلة تمثيلاً ناقصاً علي مستوي القيادة السياسية. ويشير ذلک بوضوح إلى أزمة المشارکة [xxxiii]. وتعنى "المشاکل المترتبة على ازدياد حجم المشارکين فى المشارکة السياسية دون أن تتوفر الأدوات والآليات التى تدعم تلک المشارکة". بالاضافة إلي أزمة الاندماج وقدرة الدول علي دمج المرأة من خلال تجنب أزمة الهوية العالمية التي تفرض ثقافات مغايرة للإيکولوجية السياسية للدول.

التحدي السادس...لهدف المياه النظيفة والنظافة الصحية: رغم إدراک معظم بلدان العالم أهمية تحسين تنسيق استخدام موارد المياه ووضع خطط متکاملة لإدارتها، لاتزال هناک حاجة لمزيد من الجهد لتحسين وصول خدمات المياه والصرف الصحي، وزيادة معالجة مياه الصرف، وحماية النظم الإيکولوجية للمياه العذبة واستعادتها..إلخ. وفي ذلک تعبيراً عن أزمة التغلغل أو الإدارة.

التحدي السابع...لهدف طاقة نظيفة: هناک حاجة لمزيد من الاهتمام للتمکن من تحسين الوصول إلى أنواع وقود وتکنولوجيا الطهي النظيفة والآمنة لثلاثة بلايين من الناس، والتوسع في نطاق استخدام الطاقة المتجددة خارج قطاع الکهرباء، ولزيادة کهربة أفريقيا جنوب الصحراء الکبرى.وفي ذلک تفعيل لأزمتى التوزيع والتغلغل.

التحدي الثامن....لهدف العمل اللائق ونمو الاقتصاد: ارتفع نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي على مستوى العالم بنسبة 1.9% عام 2017، مقارنة بنسبة 1.3% عام 2016. ويرمى هذا الهدف للتنمية المستدامة إلى تحقيق نمو حقيقي في الناتج المحلي الإجمالي على الأقل بنسبة 7% فى أقل البلدان نمواً، ومن ثم الحاجة إلى سياسات تشجيع التنويع الاقتصادي في هذه البلدان لضمان استدامة طويل الأجل ولتحقيق نمو أکثر شمولاً. وفي ذلک تعبيراً صريحاً لأزمة التوزيع.

التحدي التاسع... الصناعة والابتکار: يمکن للتصنيع المستدام والشامل للجميع، إلى جانب الابتکار والبنية التحتية، أن يطلق العنان لقوى اقتصادية ديناميکية وتنافسية تولد فرص العمل والدخل. وتلعب هذه العناصر دوراً رئيسياً في الأخذ بالتکنولوجيات الجديدة وتعزيزيها، وتسهيل التجارة الدولية وتمکين استخدام الموارد بکفاءة. وتحتاج أقل البلدان نمواً إلى تسريع تطوير قطاع الصناعات التحويلية لديها إذا أرادت تحقيق غاية عام 2030، وعليها أيضاً أن تضاعف الاستثمار في البحث العلمي والابتکار.فرغم ان الانفاق العالمي علي البحث والتطوير2تريليون دولار سنوياً،الا ان هناک تباينات واسعة بين البلدان تشير إلي استمرار الحاجة لدعم قوي علي مستوي السياسات لزيادة تمويل البحث والتطوير في المناطق النامية.وفي ذلک تعبيراً عن أزمات "التغلغل- التوزيع- الاندماج".

التحدي العاشر....الحد من أوجه عدم المساوة: يستمر ارتفاع معدلات انعدام المساواة في الدخل على مستوى العالم، رغم أن شريحة ال40 % الدنيا من السکان في معظم البلدان تشهد زيادة في الدخل، ولذلک لابد من ترکيز الأهتمام للحد من انعدام المساواة في الدخل وغيره من أوجه عدم المساواة، مما يشير لأزمة التوزيع.

التحدي الحادي عشر...لهدف مدن ومجتمات محلية مستدامة: ينتشر التوسع الحضاري في العالم بشکل متزايد. وتعد المدن والمناطق الحضرية مراکز قوة للنمو الاقتصادي، إلا أن التوسع السريع يؤدى لتزايد عدد سکان الأحياء الفقيرة، وعدم کفاية الهياکل الأساسية والخدمات، وإثقالها بالأعباء، وتفاقم تلوث الهواء، والزحف الحضري العشوائي دون أي تخطيط. ويجتمع کلاً من ازمة التوزيع والتغلغل والاندماج لتعبر عن هذا التحدي. ولمواجهه هذه الازمات، وضع 150 بلداً خططاً حضرية وطنية، نصفها تقريباً في مرحلة التنفيذ. وسيساعد ضمان تنفيذ هذه الخطط بشکل جيد على نمو المدن بصورة أکثر استدامة وشمولاً للجميع.

التحدي الثاني عشر....لهدف الاستهلاک والانتاج: ترافق التقدم الاقتصادي والاجتماعي على مدار القرن الماضي لضمان وجود أنماط استهلاک وإنتاج مستدامة، تدهور بيئي يعرّض الأنظمة ذاتها التي تعتمد عليها التنمية في المستقبل للخطر. وعلى الصعيد العالمي، فإنه يواصل استخدام کميات متزايدة من الموارد الطبيعية لدعم الأنشطة الاقتصادية، وتزايد توليد النفايات عالمياً. لذلک هناک حاجة ماسة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لضمان الأخذ بسياسات تحسن کفاءة استخدام الموارد وتقلل من النفايات وتعمم ممارسات الاستدامة في جميع قطاعات الاقتصاد. وفي ذلک تعبيراً عن أزمة التوزيع.

التحدي الثالث عشر...لهدف العمل المناخي: يمثل المناخ أکبر تحد أمام التنمية المستدامة، فتغير المناخ يؤدي بالفعل إلي تفاقم مخاطر الکوارث. ويمثل إطار سينداي(2015-2030) إطاراً للحد من مخاطر الکوارث، ومنذ اعتماده تبذل البلدان جهوداً للقيام بوضع وتنفيذ استراتيجيات وطنية ومحلية. وتتمثل أکبر التحديات في الاستثمار في الحد من مخاطر الکوارث من أجل الصمود وتعزيز تماسک السياستين أهداف التنمية المستدامة وتغير المناخ. ويعبر هذا التحدي عن أزمة التغلغل ومدي إدارة الدولة للنظام السياسي الذي يرتبط اخفاقة بعدم قدرته علي اداء وظيفته مما يؤثر فى تعطيل مسيرة التنمية المستدامة.

التحدي الرابع عشر... لهدف الحياة تحت المياه: تؤدي الآثار الضارة الناتجة عن تحمض المحيطات وتغير المناخ (بما في ذلک ارتفاع مستوى سطح البحر) والظواهر المناخية المتطرفة وتآکل السواحل إلى تفاقم التهديدات المستمرة التي تتعرض لها الموارد البحرية والساحلية من الصيد الجائح والتلوث. وتعتبر المناطق المحمية والسياسات والمعاهدات التي تشجع استثمار المحيطات بصورة مسئولة ضرورية لمواجهة هذه التهديدات. لذا کان هذا التحدي خاص بأزمة التغلغل وادارة الدولة.

التحدي الخامس عشر...لهدف الحياه في البر: يستمر النشاط البشري في إضعاف صحة النظم الإيکولوجية التي تعتمد عليها جميع الأنواع. وقد أخذ فقدان الغابات في التباطؤ لکنه مستمر بمعدل ينذر بالخطر؛ ووفقاً لتقرير صدر مؤخراً عن الأمم المتحدة، هناک مليون نوع من النباتات والحيوانات معرضة لخطر الانقراض؛ ويقدر أن 20% من مساحة اليابسة تدهورت بين عامي 2000 و 2015. ويتخذ کثير من البلدان تدابير للحفاظ على تلک الموارد الطبيعية الثمينة وترميمها والاستفادة منها على نحو مستدام. وذلک يشير لأزمة إدارة الدولة او التغلغل.

التحدي السادس عشر...لهدف السلام والعدل والمؤسسات القوية: لا يزال تحقيق إقامة مجتمعات مسالمة وعادلة وشاملة للجميع هدفاً بعيد المنال. وفي السنوات الأخيرة، لم يُحرز أي تقدم کبير نحو إنهاء العنف، أو تعزيز سيادة القانون، أو تقوية المؤسسات على جميع المستويات. وتعمل المزيد من البلدان على تکثيف الجهود للکشف عن هذه الانتهاکات لحقوق الإنسان، وعلى وضع قوانين وأنظمة تعزز مجتمعات أکثر انفتاحاً وعدلاً. ولکن هناک حاجة إلى مزيد من العمل لضمان تنفيذ هذه الآليات بشکل صحيح. وتمثل النزاعات وغيرها من أشکال العنف تحدياً مهيناً للتنمية المستدامة، وتعبر أزمة الشرعية [xxxiv]عن هذا التحدي؛ حيث يعجز النظام السياسي عن تحقيق التکامل السياسي بين الحکام والمحکومين وتبدأ بالتساؤلات حول شرعية الأساس الذى تستند عليه السلطة، والدور الصحيح للحکومة المرکزية وأهدافها وطبيعة العلاقة بينها وبين السلطات..إلخ، مما يعني أن الأزمة فى جوهرها مشکلة دستورية، وتصل إلى ذروتها عندما يحدث إنهيار فى المؤسسات الحکومية ويرجع ذلک إلى أحد الأسباب الآتية أو جميعها :- الأسس المتضاربة وغير الکافية لإعادة السلطة فى المجتمع - نشوء تنافس مکثف وغير مؤسس على السلطة - عدم قبول تبريرات النخبة الحاکمة لاستحواذهم على السلطة.[xxxv]

التحدي السابع عشر...عقد الشراکات لتحقيق الأهداف: تظهر الحاجة الماسة للتعاون الدولي القوي وتنشيط الشراکة العالمية لحصول الدول على الوسائل اللازمة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، خاصة فى ظل تراجع المساعدة الإنمائية الرسمية، وعدم توافق تدفقات الاستثمار الخاص إلى حد کبير مع التنمية المستدامة، بجانب تباطؤ النمو العالمي بسبب التوترات التجارية المستمرة. ويعتبر هذا التحدي تجسيداً لأزمة التغلغل وأزمة التوزيع، الا انه سبب رئيسي في أزمة الهوية، فالبلدان المانحة لا تفي بتعهداتها بزيادة التمويل الإنمائي الا بمشروطية تنفيذ الهوية العالمية من قبل البلدان الاقل نمواً فتتصاعد أزمة الهوية، وتحد الجهود الموجهة نحو تحقيق الأهداف العالمية.

وتري الدراسة ان السبعة عشر تحدي السابقة ـ وما يعبر عنها من أزمات التنمية السياسيةـ النابعة من التغذية الاسترجاعية لعملية تنفيذ أهداف التنمية المستدامة 2030، جميعها تعبر بل انها تخضع إلي أزمة هامة من ازمات التنمية السياسية وهي أزمة بناء الدولة.

      ترتبط إشکالية بناء الدولة وإعادة بنائها بعد النزاعات ارتباطاً وثيقاً بالبعد السياسي، وتتداخل فيها العديد من العوامل والفواعل مما يشکل منظومة قيمية راسخة بين الحاکم والمحکوم. وهذه العلاقة الداخلية تنعکس بدورها خارجياً فى المجتمع الدولى، حيث تساق الدول وفق ما لديها من قوى وطاقات، من أجل تحقيق غايات وأهداف أکبر. ولکن بالنظر إلى أن الدولة لم يعد في مقدورها الجمع بين فکرة العمل وتوفير فرص العمل، وبين الاستثمار والادخار، وبين توزيع الفوائد والقروض من دون أن تحترم القوانين التي تشرعها من هذا المنظور، يتبين أن بناء الدولة لم يکتمل قيامه بعد، وإن اکتملت شروطه.

    وتتداخل العلاقات الدولية في عملية تطور الدول وتتأرجح بين سياسة البناء وسياسة التفکيک، سواء تعلق الأمر بالداخل وعدم تنظيمه أو بالخارج واکتساحه ما هو أضعف منه، ومن هنا يسيطر مبدأ العنف على أنظمة العالم النامي في غياب وسائل الحوار والاتصال الممکنة. وهذا ما قامت فکرة بناء الدولة−الأمة عليه، بهدف ضبط تطورات الأمة من جهة، والتشديد على إدارة العنف، عبر تدخل القانون. وعليه، ترکِّز الدولة من منظور التنمية السياسية على القواعد والأطر التي تحکم صيغة الحکم ذاته، وما تضفيه الأمة على نفسها من قوة وشرعية وسيادة وتنظيم ومشارکة وغير ذلک في إطار البناء، مما يضمن بقاء الدولة.

وتکمن الرؤية في أن التنمية السياسية تکون بحل تلک الأزمات والتغلب عليها حيث أن الأزمة هى نتاج تغييرات وأحداث على صعيد النظام السياسي نفسه أو فى تفاعله مع النظم الفرعية الأخري فى المجتمع والتي تشکل بيئته الداخلية، أو من بيئته الخارجية، وهذا يتوقف على طبيعة المطالب وتوفر الموارد فإذا زاد ضغط المطالب وکان هناک عجز فى الموارد، تنشأ الأزمة، وحدة الأزمة واتساعها يتوقف بصورة کبيرة على أداء النظام وقدرته على الموازنة بين المطالب والمواد، وقدرته على إنتاج مخرجات قادرة على الاستجابة والتوزيع [xxxvi].

مماسبق استطاعت الدراسة شرح وتحليل فرضيتها بصورة واقعية مؤيدة بإثبات نابع من تقرير أهداف التنمية المستدامة2030 لعام 2019 ، وما نتج عنه من تحديات، وأيضاً مايقابل تلک التحديات من أزمات للتنمية السياسية. ويتم التحقق من فروض الدراسة وتأکيدها من خلال:

  1. تقرير التنمية البشرية لعام 2019
  2. تقارير برنامج الامم المتحدة الأنمائي في اعقاب انتشار فيروس کوفيد-19

حيث رصد تقرير التنمية البشرية لعام 2019،  ان اوجه عدم مساواة في التنمية البشرية يشکل حواجز لاتمام خطة 2030 للتنمية المستدامة، ولقد جاءت معالجة اوجه عدم المساواة بأبعاد اکدت علي ان تهميش اهتمامات التنمية السياسية يؤدي الي تولد أزماتها، والتي ماهي الا تحديات استمرارية التنمية المستدامة،  فيري التقرير مايلي:[xxxvii]

 اوجه عدم مساواة في التنمية البشرية تتسبب في ضرر المجتمعات، فهي" تزعزع ثقة الافراد بالحکومات وبالمؤسسات وببعضهم البعض، وتقوض التماسک الاجتماعي، ويضر بالاقتصاد، إذ يبدد ما کان قد يُنجز. وکثيراً ما تجعل أوجه عدم المساواة من الأصعب علي القرارات السياسية التعبير عن تطلعات المجتمع بأسره، إذ تستخدم القلة التي في المقدمة نفوذها لتوجه هذه القرارات إلي خدمة مصالحها الآنية. وعندما يضيق بالافراد زرعاً ينزلون إلي الشارع".

 وبرغم من تحقق هذا الامر في الدول النامية من قبل کثورات الربيع العربي.الا انه تصاعد في تلک الفترة في الدول المتقدمة "کاحتجاجات فرنسا وحرکة السترات الصفراء والتي اندلعت لتخفيض الضرائب علي الوقود، ورفع الحد الأدني للأجور في مايو 2018، ووصلت الاحتجاجات إلي الدولة العظمي الولايات المتحدة ضدد التميز العنصري وقتل الشرطة لأحد افراد الشعب ذي الأصول الإفريقية واندلاع المظاهرات في معظم دول العالم للتنديد بالامر وذلک في 2020، الأمر الذى يدل علي تأکيد أهمية ادراک أزمات التنمية السياسية للحفاظ علي انجازات المنظومة التنموية من خلال إعادة الثقة في العلاقة بين الحاکم والمحکومين تجنباً لتدعيات أزمة الشرعية ومخاطر تداعيات انعدام المساواة علي المستوي العالمي .

اهتم التقرير بأوجه عدم المساواة في القرن الواحد والعشرين "فيما وراء الدخل والمتوسط والحاضر"، ويقصد بالدخل "ان التقييم الشامل لعدم المساواة يجب أن يتجاوز تحليل الدخل والثروة" وهي تمثل أوجه عدم مساواه اقتصادية إلي أوجه عدم مساواة أخري، مثل"التعليم والصحة واحترام حقوق الانسان"، ويقصد بماوراء المتوسط "ان التحليل يجب الا يختزل في بيانات تعتمد إلي رقم واحد، فيجب تدرج عدم المساواة بأکمله "الفوارق في الإنجازات عبر السکان حسب خصائص اجتماعية- اقتصادية مختلفة". ويقصد بما وراء الحاضر "عدم الاقتصار علي التحليل للماضي والحاضر". حيث يجب رصد المتغيرات الدولية للتنبوء بشکل عدم المساواة في المستقبل، وذلک لإدارة المخاطر والتکيف علي جميع المستويات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية. ولقد قدم أوجه عدم المساواة فى تحقيق التنمية البشرية 2030 کأحد معوقات تحقيق التنمية المستدامة، والتى تتخطى فوارق الدخل والثروة لتؤثر على مستقبل الأجيال القادمة، وتتمثل فى خمس رسائل رئيسية:- لتقرير خمسة رسائل  و الشکل رقم (3) يوضح خمس رسائل محددة ناتجه:

 

 

 

 

 

الشکل رقم(3)

الرسالة الأولي لاتزال التفاوتات فى التنمية البشرية واسعة الانتشار، خاصة فيما يتعلق بحرية الأفراد فى تحقيق ذواتهم، رغم الانجازات فى خفض الحرمان المدقع، إلى الحد الذى يصعب معه القضاء على تلک التفاوتات بحلول 2030 کما تنشد أهداف التنمية المستدامة.

الرسالة الثانية ينشأ جيل جديد من عدم المساواة، مع التباين فى الإمکانات المعززة، رغم التقارب فى الإمکانات الأساسية المرتبط بأشکال الحرمان الأشد، وذلک المرتبط بمتوسط العمر، فکلاهما آخذاً فى التقلص فى مقابل أوجه جديدة من عدم المساواة تعکس جوانب أکثر أهمية فى المستقبل، مثل أزمة المناخ وموجة التغير التکنولوجى الکاسحة.

الرسالة الثالثة قد تتراکم أوجه عدم المساواة مدى الحياة، وکثيراً ما تعکس اختلالات عميقة فى موازين القوى، نتيجة عوامل متجذرة فى المجتمعات والاقتصادات والبنى السياسية.

الرسالة الرابعة يتطلب تقييم عدم المساواة فى التنمية البشرية والتصدى له ثورة فى المقاييس، والحاجة إلى مفاهيم أوضح مرتبطة بتحديات العصر، والجمع بين مصادر شتى للبيانات، واستخدام أدوات تحليل أدق.

الرسالة الخامسة يمکن تصحيح عدم المساواة فى التنمية البشرية فى القرن الحادى والعشرين، إذا بدأنا العمل فى الحال، قبل أن تتحول الاختلالات فى النفوذ الاقتصادى إلى هيمنة سياسية راسخة. فعدم التنبّه إلى الجيل الجديد من أوجه عدم المساواة في الإمکانات المعززة، والکثير منها آخذ في النشوء، لا يمکننا من اجتناب المزيد من تجذر عدم المساواة في التنمية البشرية في القرن الحادي والعشرين.

    إن التغيير في عدم المساواة في الدخل على المدى الطويل، کما في غيره من أوجه عدم المساواة في التنمية البشرية، يستلزم نهجاً في السياسات أوسع وأشمل، ضمن إطار يربط ما بين توسّع الإمکانات والمداخيل وبين توزيعها، وهذه بدورها تصوغها الأنظمة والمؤسسات والسياسات السائدة في السوق.

وجاءت تقارير برنامج الامم المتحدة الأنمائي في اعقاب انتشار فيروس کوفيد-19 [xxxviii]لتأکد علي ماسبق،وتثبت صحة فرضيات الدراسة، فلقد اظهرت الجائحة عمق التحديات التي تواجه التنمية المستدامة، حيث واجهت الاهداف مزيد من التعطل، ويقول الأمين العام الأمم المتحدة "إن الجهود العالمية لم تکن کافية لإحداث التغيير الذي نحتاجه، مما يعرض للخطر وعود جدول الأعمال للأجيال الحالية والمقبلة، ويجعل الأهداف أکثر صعوبة"، ويشير وکيل أمين الامم المتحدة، ليون تشن مين"إن السعي المستمر لتحقيق هذه الأهداف سيبقي الحکومات في ترکيز علي النمو، وفي الوقت ذاته علي الإدماج والإنصاف والاستدامة". وهذا ماأشارت إلية الدراسات من مؤشرات التغيير في اعقاب انتشار الفيروس، حيث تم رصد تداعيات اقتصاد السوق، وفشل نظام الاعتماد المتبادل، وبداية انهيار منظومة العولمة، وفي ذلک ما يؤکد علي مؤشر تقرير التنمية البشرية السابق الذي أکد علي أهمية تحقيق المساواة فيما وراء الدخل، واثبتت التداعيات العودة إلي دور الدولة وأهميته في مواجهة کارثة الجائحة.[xxxix]

المحور الثالث: المقاربة الأمنية لتحديث دور التنمية السياسية في دعم التنمية المستدامة 2050

  بناءً علي ما تم اثباته سابقاً تري الدراسة أن هناک حتمية لإضافة هدف رئيسي يعبر عن التنمية السياسية داخل خطة التنمية المستدامة 2030، وهذا بمثابة نتيجة عملية التغذية الاسترجاعية لنسق المنظومة التنموية، علي ان تکون آليات هذا الهدف هي: إعادة بناء الدولة وانظمتها السياسية وفقاً للإيکولوجيا السياسية الخاصة بکل دولة، وإيجاد سياسات بديلة لمواجهة التحديات التي ظهرت في الربع الأول من خطة 2030. علي ان تتمتع الأنظمة السياسية بالمرونة للتکيف مع تغييرات العملية التنموية؛ لإستيعاب الحفاظ علي الاستمرارية المستقبلية وفقاً للمستجدات التنموية في جميع المجالات. وهذا مايهدف إليه  المحور الثالث من الدراسة، ويتم ذلک من خلال استعراض مايلي:

اولاً- الاستراتيجية الأمنية لإدارة أزمات التنمية السياسية المعاصرة

ان تصاعد أولوية تحقيق التنمية السياسية فى منظومة التنمية الشاملة . ارتبط بضرورة تحديث إدارة أزمات التنمية السياسية من خلال استراتيجية أمنية تهدف إلى التخطيط القائم علي: إدارة مخاطر التحديات والمعوقات"الداخلية-الخارجية "التي تواجه النظام السياسي قبل التحول الي أزمات للتنمية السياسية، واستحداث آليات وسياسات بديلة مبتکرة التي تتجاوز الأشکال التنظيمية المألوفة وأساليب الإدارة الروتينية المتعارف عليها عند مواجهة أزمات التنمية السياسية.

1-  إدارة مخاطر تحديات النظام السياسي[xl]

أ‌-      مؤشرات المخاطر السياسية: يتوقف رصد المخاطر التي يتعرض لها النظام السياسي علي ثلاثة مؤشرات جوهرية:- مستوي الاستقرار الذي تتمتع به السلطات الحاکمة، وماهية الصراعات الداخلية والخارجية، والانقسامات المجتمعية"الاثنية- الطائفية –الدينية-القبلية".

ب‌-   المواجهة  العامة للمخاطر السياسية:

  • ·   صياغة خطة عامة للدولة لجميع انواع المخاطر تقوم علي تصنيف انواع المخاطر في کل مجال (تحديد درجة احتمالية حدوث المخاطر، درجة تأثير المخاطر علي البيئة المحيطة، القدرة علي الاستجابة لأنواع المخاطر المختلفة، تحديد مجموعة من بدائل الحلول للتعامل مع المخاطر).
  • ·           تحديد مجموعة من الاجراءات الدورية لضمان فاعلية السياسة العامة للمخاطر:

التأکد من السيطرة علي تعبئة موارد الدولة لمواجهة المخاطر ومدي الحاجة لموارد خارجية،إنشاء هيکل تنظيمي للادراة قائم علي التحديث والتطوير المستمر، وعمل نظام متکامل للاتصالات لسرعة تداول المعلومات وإصدار القرارات، والتنسيق بين الاجهزة المعنية بادارة الازمات السياسية للدولة، واخيراً رصد وتحليل تغييرات تأثير الاحداث المحلية والدولية علي تطور المخاطر.

  • ·         تنفيذ الخطة باختيار مجموعة الطرق التي ستتبع للتعامل مع المخاطر من خلال:

تحليل الموقف الاستراتيجي للمخاطر من خلال نموذج التحليل "swot analysis"[xli] – هو اختصار لأربع کلمات أساسية نقاط القوة strengths، ونقاط الضعف weaknesses ، والفرص opportunities والتهديدات threats وذلک لکلاً من التأثيرات الداخلية والخارجية للمخاطر، ترتيب أولويات البدائل للتعامل مع المخاطر، حشد وتعبئة جهود الهيکل التنظيمي من خلال (تحديد المهام الرئيسية لتنفيذ الخطة - إعطاء الوحدات التنظيمية السلطة والأولوية اللازمة للتنفيذ "تفويض السلطة") مراجعة وتقييم الخطة وذلک لتحليل ومعالجة أخطاء التنفيذ، وللتقييم المستمر لوسائل التحکم الأمني المستخدمة.

2- منهج السياسات البديلة في إدارة أزمات التنمية السياسية

أ‌-      المحدد الداخلي- الخارجي لإدارة أزمات التنمية السياسية[xlii]: من واقع استقراء مفهوم الأزمة، والبحث في القواعد المتعددة التي من خلالها يتم وضع استراتيجية لإدارة الازمات بوجه عام والتنمية السياسية بشکلاً خاص، يمکن نخلص مما کتب من الادبيات المتخصصة إلي: [xliii]

ان إدارة الازمات علي المستوي الداخلي هي مسئولية جماعية تنتمي الي العمل الجماعي الذي تتداخل فيه أدوار أجهزة وکيانات متعددة ذات خبرات متخصصة، وتحتاج الي تنسيق تنظيمي يتسم بدرجة من المرونة للتکيف مع التغيرات دون تباطوء، ارتباط إدارة الدولة للتنمية السياسية بمدي تحقيق الاستقرار علي المستوي الخارجي في العلاقات الدولية، لذا اعتبرت استراتيجية إدارة الأزمة الدولية رکن رئيسي من متطلبات التنمية السياسية.

ب‌-   إدارة أزمات التنمية السياسية في ضوء "منهج السياسات البديلة"[xliv]: تأسيس منهج السياسات البديلة في إدارة أزمات التنمية السياسية علي:تطبيق سياسات متوسطة أو طويلة الاجل تمنع بموجبها نشوء الازمات، او امتدادها،او تلافي ظهورها قبل تفاقمها من خلال تفعيل ادارة للمخاطر السياسية وضع تخطيط إجرائي لمواجهة الازمات الطارئة قائم علي إجراء رد فعل منظم وفعال لمواجهتها وإداراتها بکفاءة، تحديد سياسات دورية تتميز بالمرونة والاستمرارية لتصحيح سلبيات الرؤية الاستراتيجية لعملية التنمية وتعظيم الايجابيات لمواجهة متغيرات قطاعات التنمية الشاملة وتأثيراتها علي التنمية السياسية.

3-نحو مقاربة أمنية لسياسات بديلة في ادارة أزمات التنمية السياسية المعاصرة:

     إذا کانت أزمات التنمية السياسية المعاصرة تتطلب نشاطاً أمنياً لازماً لإداراتها والتصدي لمعوقات استمرار العملية التنموية واستدامتها، فإنه علي الجانب الآخر يمکن للأمن أن يسهم بشکل مباشر في عملية التنمية بأبعادها ومستوياتها المختلفة من خلال تفعيل مفهوم الأمن التنموي. وفي هذا الاطار کان من الأهمية طرح مجموعة من السياسات البديلة تتلاءم مع إدارة أمنية أزمات التنمية السياسية المعاصرة وما يمکن ان يطرأ عليها من تطورات، وذلک کما يلي:

اولاً- سياسة النمو الأحتوائي

1-   المفهوم: ظهر مفهوم النمو الاحتوائي[xlv] أو النمو الشامل علي الساحة الاقتصادية في اواخر التسعينات، ويشير إلي تحقيق النمو القائم علي مشارکة الجميع في جهود التنمية، وتحقيق عدالة التوزيع في الفرص بين فئات المجتمع؛ تحقيقاً للعدالة الاجتماعية. وهذا يتفق مع الأهدف الثامن والأول والخامس للتنمية المستدامة (SDGs). ويتبني کلاً من صندوق النقد الدولي والبنک الدولي هذا المفهوم کمدخل لإضفاء البعد الاجتماعي علي خطط إصلاح وتعافي الاقتصاد الکلي [xlvi].

2-   الشروط: وبالاستعانة برؤية وشروط تلک السياسة الاقتصادية کسياسة بديلة؛ نجد أنها تقدم آليات تفعيلية لمواجهة  أزمات التنمية السياسية تحقيقاً للأمن التنموي، وذلک کما يلي :

الشرط الأول المشارکة:ويتحقق سياسياً بإدماج جميع افراد المجتمع في عملية التنمية وضمان مشارکتهم الفعالة، ولاتقتصر المشارکة  علي العمليات الانتخابية فقط، فهناک آليات ضرورية  يجب ان تخضع الي التحديث الدوري؛ لرفع درجات الوعي السياسي وتتمثل في کلاً من التنشئة السياسية والتثقيف السياسي، وذلک للتکيف مع التغيرات التي تطرأ أثناء عملية التنمية مما يؤدي الي التمکين السياسي للکفاءات؛ لمشارکة صناع القرار في صياغة وتنفيذ السياسة العامة للدولة دون المساس بأمن البلاد، وهنا يمثل الأمن التنموي ضماناً لاستمرارية منظومة التنمية السياسية وذلک من خلال:

أ‌-      حوکمة الدور السياسي للمجتمع المدني للتصدي لاختراقات المنظمات الخارجية

    تعتبر المعايير القيمية التي يستند إليها المجتمع المدني أساس عملية التنشئة السياسية التى تساعد الفرد على اکتساب معلومات وحقائق وقيم سياسية تمکنه من تکوين اتجاهات فکرية تؤثر في سلوکه وتحدد درجة فاعليته السياسية في المجتمع وتساعد على بقاء واستقرار النظام السياسي.[xlvii] فالاتجاه للعمل التطوعي في المؤسسات المدنية يمثل الجانب التطبيقي لمفهوم "المواطنة"، حيث يسعى لمزج وتذويب الفروق الاجتماعية بين الشرائح المختلفة بما يمکن المواطن أن ينتقل إلى العملية السياسية کفاعل رئيسي يمارس السلطة للصالح العام من خلال التمثيل النيابي أو الإنخراط في المؤسسات الرسمية للدولة الأمر الذي يتيح للدولة قدراً من الکفاءات المؤهلة لإدارة مقدراتها، وأيضاً يتاح للمواطنين الراغبين في الإنخراط في العمل السياسي "تعريف" أشخاصهم إلى المجتمع عن طريق مشاريع وأعمال مجتمعية تعبر عن قدراتهم وأدوارهم في إدارة الشأن العام، دون الحاجة إلي مساعدات خارجية.

ب‌-   البعد عن الاستبعاد الاجتماعي لفئات أو طوائف أو قبائل أو عائلات، وذلک من خلال تفعيل شبکة الرعاية الاجتماعية بصورة رسمية قائمة على نماذج السيطرة الاجتماعية بتعظيم قيمة الاندماج لکافة طوائف المجتمع في العمل الاجتماعي تحقيقاً لمبدأ المواطنة الکاملة من خلال الاستيعاب الکامل لجميع أفراد المجتمع. فالتهميش والاستبعاد يؤدي إلي الاغتراب وسيادة الشعور باللامبالاة بمصالح الدولة واندماج بعض عناصر الجماعات المهمشة في التنظيمات والانشطة الإرهابية.[xlviii]

الشرط الثاني العدالة التوزيعية: فالنمو الاحتوائي لا يقتصر سياسياً علي توزيع الموارد الاقتصادية، وانما تزداد الأهمية في إضافة العدالة التوزيعية للموارد البشرية في الدولة من خلال عدة آليات:

1-   الاستثمار السياسي في الرأس المال البشري کمعيار قياسي لتحقيق العدالة التوزيعية للقيادة المؤسسية (تداول السلطة) داخل النظام السياسي. ويتم ذلک بإعادة تفعيل التمکين السياسي وفقاً للکفاءات الناتجة عن "البرامج  العلمية التأهيلية المتخصصة والخبرات المتراکمة"؛ بما يحقق التداول السلمي للسلطة، والاستقرار السياسي للدولة، والأمن التنموي. بالإضافة إلي ان استمرارية المحافظة علي الاستثمار السياسي في الرأس المال البشري تعمل علي القضاء علي أزمة عدم وجود الصف الثاني من القيادات السياسية المؤهلة، وهذا ما تدارکته الدولة المصرية في اعقاب ثورتي 25يناير، و30يونيو من خلال برنامج لتأهيل الشباب المصري للقيادة.[xlix]

2-   التکامل السياسي فيما بين السياسات التنموية والعدالة الاجتماعية،هي أسس الحکم الرشيد للعدالة التوزيعية للموارد البشرية؛ فغياب العدالة الاجتماعية يعتبر نهاية لعملية التنمية[l]، لذا کان من الأهمية تحقيق الهدف العاشر للتنمية المستدامةالمتمثل فى "ضرورة الحد من انعدام المساواة داخل البلدان".

الشرط الثالث التوازن بين المرکزية السياسية واللامرکزية الإدارية [li]

يعتبر ذلک بمثابة آداه رئيسية لتحقيق النمو الاحتوائي داخل النظام السياسي؛ فالمرکزية السياسية في عملية اتخاذ القرار تمنح النظام السياسى قوة التماسک ووحدة الهدف القائم على تحقيق المصلحة العليا واللامرکزية الإدارية في کيفية تنفيذ السيطرة على المصالح المتنوعة فى أقاليم الدولة, من خلال إدارة تنظيمية محلية تعمل على تلبية تلک المصالح بما لا يتعارض مع أهداف المصالح العليا؛ لذا کانت الرقابة من قبل الحکومة المرکزية. ويتحقيق التوازن من خلال آليات تمثل ضوابط للدمج:

أ ــ اتباع سياسة موحده للتعبير عن جميع مصالح القوى فى المجتمع؛ فوجود قوى متعددة يشکل تحدي لقدرة النظام السياسى الإحتوائية, مما يهدد استقراره وشرعيته القائمة على تمثيله جموع الأفراد.

ب ــ تحسين مشارکة المواطنين في عملية صنع القرار بتعميق علاقة الحکومة بمواطنيها أثناء تنفيذ اللامرکزية الادارية من خلال تفعيل المشارکة القائمة علي الشفافية والمحاسبة وفصل السلطات،بل وتحسين مشارکة الفئات المهمشة والاقليات ؛لتقليص النزاعات الانفصالية وتحسين الاستقرار وبناء السلام.

ج ــ تجنب التسلط البيروقراطى عند تنفيذ اللامرکزية الادارية؛ لعدم جمود النظام السياسى, وانعدام قدراته التفاعلية لأهداف المجتمع، بجانب التصدي إلي تعددية قيادة النظام السياسي أثناء تطبيق المرکزية السياسية لمنع الصراعات والانقلابات التي تهدد تماسک الکيان الوطني والاجتماعي، وإتاحة الدولة للأطماع الخارجية.

 

 

ثانياً- سياسة الابتکار السياسيpolitical Innovation

1-   المفهوم: يشير إلى "الأشياء التي تغير الطريقة التي يمکننا بها القيام بما نريد أن نفعلة[lii]. وبرغم من ازدهار المفهوم في المجال الاقتصادي والتکنولوجي في التسيعينيات، الا انه في مرحلة النمو في المجال السياسي؛ لتمکين الدول من مواجهة الازمات والتحديات المتغيرة المعاصرة. ويعرف الابتکار السياسي "السياسات،الآليات،الأفکار، الممارسات الجديدة التي يطلقها، وينفذها الفاعلون السياسيون لإحداث أثار سياسية واجتماعية".[liii]

2-   الاشکال:

الابتکار في مؤسسية النظام السياسي،بما ينظم المجتمع السياسي"مؤسسات- فاعلين".

الابتکار في تشغيل عملية صنع السياسات العامة بصورة تفعيلية.

الابتکار في تطوير الاستراتيجيات السياسية، لتحديث الرؤي والبرامج والاهداف السياسية.

3- آليات الابتکار السياسي في تفعيل الأمن التنموي لمواجهة ازمات التنمية السياسية المعاصرة:

 "الدبلوماسية الابتکارية"..انطلاقاً من المحدد الخارجي لإدارة أزمات التنمية السياسية – والتي ذکرته الدراسة من قبل- يتم استخدام الدبلوماسية الابتکارية کقوة ناعمة للدول وتهيئة مختلف قواعد الملکية الفکرية وتمکين التعاون بين مختلف الفاعلين وتحفيز الفرص لتحقيق العدالة الابتکارية بمواجهة أزمة التوزيع في العلاقات الدولية. فالابتکار لا يتاح للجميع علي قدم المساواة بل تفتقر بلدان العالم النامي للحد الادني من الابتکارات الاساسية، مقابل احتکار الدول الکبري. الا ان تحقيق الدبلوماسية الابتکارية تمنح الدول قدرة تنافسية من خلال استغلال الموارد والتعاون لتطوير مجال البحث ومشارکة المؤسسات المعنية، باستخدام ادوات داخل نطاق الشئون الخارجية، وخارجها بإشراک عدد من الوزارات والتأثير في السياسات وشروط الاتفاقيات الدولية من أجل تعزيز المصالح الوطنية.[liv]

 "الابتکار التنموي"..هو آلية تساعد في الوصول إلي مرحلة المرونة التي تمکن النظام السياسي من التکيف السريع مع التغيرات التي تؤدي إلي أزمات التنمية السياسية؛ حيث يستهدف الابتکار تلبية متطلبات التنمية من اجل حل مشکلات النظام السياسي  وفقاً لتطور حاجات  المجتمع الحالية والمستقبلية ولتحقيق الابتکار الداعم للتنمية، وذلک من خلال نوعين من انواع الابتکار التنموي :

النوع الأول: الأبتکار محدد المهام: ويهتم بحل مشکلات محددة، وينفذ من خلال المؤسسة الحکومية[lv] النوع الثاني: الابتکار المؤسسي: من اهم اهداف التنمية المستدامة، ويقدم الحلول المبتکرة من خلال متطلبات المؤسسة من حوکمة وشفافية، والاستخدام الأمثل للموارد بما يحقق أهداف النظام بأقل إفراط للموارد[lvi]. وتمثله تجربة الإصلاح والعصرنة في الصين الحديثة؛ حيث استطاعت ان تصنع تنمية اقتصادية تقوم على أسس اقتصاد السوق الليبرالية (الرأسمالية) دونما مساومة على هيمنة الحزب الشيوعي السياسية على الدولة والحکومة في الصين. ولم تقد تجربة الصين للابتکار التنموي إلى نجاة الحزب الشيوعي من المصير الذي واجه الأنظمة الشيوعية الأخرى وفي مقدمتها الاتحاد السوفييتي، فحسب بل، أيضا دفعت بالصين بقوة على مسار المنافسة الکونية، في مواجهة تسيد الولايات المتحدة للنظام الدولي، بعد انهيار نظام الحرب الباردة.[lvii]

"الابتکار الاحتوائي"[lviii]: امتداد للنمو الاحتوائي؛ فالهدف مشترک وهو مواجهة أزمة المشارکة من خلال إدماج الفقراء والمهمشين في عملتي النمو والابتکار، ليس فقط بالاستفادة بالنواتج، وإنما أيضاً کعضو رئيسي في عملية الانتاج تحقيقاً لمبدأ "التنمية بالمشارکة". وفي معالجة جديدة لدور آلية الابتکار الأحتوائي في مواجهة أزمات التنمية السياسية، توصلت الدراسة إلي  مواجهة أزمة الهوية المعاصرة من خلال تلک الآلية:

الدولة الابتکارية

    بناء على الطرح السابق، وفى ضوء تشابک التحديات التى تواجهها الدول، وفى ظل الحاجة لوجود سياسات بديلة لتحقيق التنمية المستدامة، برزت الحاجة لتفعيل ما يعرف بـ "الدولة الابتکارية" کآلية لتفعيل الأمن التنموى لمواجهة أزمات التنمية السياسية المعاصرة. فالابتکار أضحى محدداً أساسياً للعلاقة بين المجتمع والدولة، ويقصد بالدولة الابتکارية "الدولة التى تطرح الأفکار الجديدة القابلة للتنفيذ، على أن تشمل تلک الأفکار المبتکرة أساليب جديدة لتنظيم عمل المؤسسات المختلفة، وتنظيم العلاقة بين الدولة والمجتمع، وانتاج طرق جديدة لتمويل الحکومة، وتقديم الخدمات العامة، والتوسع فى استخدام التکنولوجيا داخل الدولة".

أولاً: محددات الابتکار التنموى:

1ـــ عوامل مؤسسية: للقطاع المؤسسى وقدرته على جذب الأعمال والحفاظ على مستوى النمو، و کفاءة الحکومات ومرونتها فى توفير الخدمات،2ــ بيئة البحث العلمى:  لدعم عملية الابتکار وفقاً لمؤشرالابتکار العالمى،3ـــ جاهزية البنية التحتية: لتوفير بيئة مواتية للابتکار،5ــ تطور حرکة الأسواق،6ـــ وضع التجارة البينية وحجم السوق،7ـــ بيئة الأعمال: ومدى قدرة العنصر البشرى على تحقيق الابتکار.

ثانياً: مقومات الدولة الابتکارية:

1ــ شراکة القطاع الخاص: فالنمو الابتکارى يستلزم الشراکة بين الدولة والقطاع الخاص، وتکون الدولة على استعداد لتَحَمُّل المخاطر التي لا تستطيع الشرکات الخاصة تحملها؛ والتوسع في الاستثمارات، والعمل على إقامة أسواق، وقطاعات جديدة کالإنترنت، والنانو تکنولوجي، والطاقة النظيفة،2ــ القاعدة المعلوماتية: يجب أن تکون الدولةُ مسلحةً بالذکاء والمعلومات الاستخباراتية الضرورية من أجل صنع تکنولوجيا وأسواق جديدة، والتعاون مع خبراء متخصصين لتحليل هذه الخبرات،3ــ مواجهة التحديات المجتمعية: الدولة المبتکرة يجب أن تقوم بدور فعال في مواجهة التحديات الاجتماعية مثل تغير المناخ، والبطالة، والسمنة، والشيخوخة، وعدم المساواة،4ــ احتمالية الربح والخسارة:على الدول أن تدرک احتمالية التعرض للخسارة.

ثالثاً: آليات التنفيذ

   من أجل تحقيق الرؤية الابتکارية، لابد للحکومات والبيئات الريادية والهيئات التربوية من توحيد جهودها وإرساء خطط التعاون فيما بينها، وذلک من خلال رؤية صلبة، وإطار عمل مشترک، ومسار يحدد تطور المؤشرات الفردية من أجل إنجاز الأهداف المشترکة. ويتطلب ذلک الحصول على بيانات عن البيئات الريادية، والتى تتمحور فى (التمويل – توافر المهارات- البنية التحتية – التکاليف متمثلة فى رأس المال البشري- إنشاء الشرکات وإدارتها – الترابط والتفاعل داخل البيئات الحاضنة وفيما بينها- ثقافة التعاون، وتقديم الدعم والمساعدة، وتکافؤ الفرص، وتقبّل الفشل).

      بناء على الطرح السابق، يتضح أهمية إعادة هيکلة المؤسسات العامة لتتحول إلى بؤر ومناطق للابتکار، مع إلغاء فکرة الحد من تدخل الدولة، والتخلص من ذلک الادعاء القائل بأن الدولة لا يمکن أن تبتکر، خاصة فى ظل تسارع الأزمات التى تواجه النظام الدولى، وأهمها جائحة کورونا التى عصفت بالعديد من دول العالم، وما يصاحبها من الحديث عن إنتهاء عصر العولمة، والثورة التکنولوجية. ويضحى فى ظل هذه الظروف أن الملجأ الآمن هو تحرير الدولة من قبضة التبعية، واستعادة دورها وجاهزيتها حتى تتمکن من التکيف مع متغيرات النظام الدولي .

خاتمة الدراسة:

    استطاعت الدراسة ان تتحقق من فروضها والاجابة علي تساؤلاتها  للوصول إلي الهدف الرئيسي وهو "إيجاد سياسات بديلة تتسم بالمرونة؛ لتحديث دور نظرية التنمية السياسية، لإستمرارية خطط التنمية المستدامة بتفعيل استراتيجية الامن التنموي، وذلک للتکيف أيضاً مع متغيرات النظام الدولي لتلبية متطلبات رؤية 2050"، مما يؤسس لنظرية جديدة للتنمية السياسية 2050، وهى"نظرية الأمن التنموي"؛ فلقد جاءت عملية التحديث بمثابة تغيير وظيفي لدور نظرية التنمية السياسية من مجرد"التنشئة-المشارکة-التثقيف والتمکين"السياسي بالمنهجية الغربية القائمة علي تحقيق الحکم الرشيد المدعم بالديمقراطية الغربية، والتي تعتبر امتداد لنظريتي التبعية والتحديث إلي منظور تنموي وظيفي قائم علي: ان التنمية السياسية هي الأداة الرئيسية للأمن التنموي لإستکمال منظومة التنمية المستدامة.  فالدراسة استطاعت ان تحقق التغذية الاسترجاعية لنسق خطة 2030، والتي اظهرت مدي أهميتها في عميلة إصلاح الأمم المتحدة  نحو اعلاء الإيکولوجية السياسية الخاصة بالدول عند صياغة المخططات التنموية العالمية.

      مما سبق توصي الدراسة بالعمل على اعتماد استراتيجيات وطنية لتمويل جهود التنمية المستدامة  وتفعيل دور الأمم المتحدة  فى دعم جهود کافة الدول لتنفيذ أهداف التنمية المستدامة، مع زيادة فاعلية التعاون الإنمائى. إعتماد إستراتيجيات لمواکبة التطور العلمى والتکنولوجى وملاحقة سياسات الابتکار کجزء لا يتجزأ من الاستراتيجيات الوطنية للتنمية المستدامة،  وإطلاق حملات توعية لدعم الجهود الوطنية لتحقيق التنمية المستدامة تستهدف کل شرائح المجتمع بما في ذلک المرأة والشباب والأطفال وذوي الإعاقة والفئات الأکثر ضعفًا، مع التأکيد على دعم الجهود لمواجهة الکوارث ومنع وتسوية النزاعات والحد من الآثار السلبية لتزايد أعداد اللاجئين، الترکيز على استراتيجيات تضمن التوزيع العادل کضرورة لتحقيق التوازن المقبول بين ثورة التطلعات من ناحية، ودرجة الرضا الفعلى لتلک التطلعات.

   أن تتمتع الأنظمة السياسية بالمرونة للتکيف مع تغييرات العملية التنموية، لاستيعاب الحفاظ على الاستمرارية المستقبلية فى جميع المجالات، العمل من أجل تحرير الدول، واستعادة دورها ؛ لتتمکن من التکيف مع متغيرات النظام الدولى، وتحقيق التنمية المستدامة 2050. حتمية إضافة هدف رئيسى يعبر عن التنمية السياسية داخل خطة التنمية المستدامة 2030، وتتمثل آليات هذا الهدف فى إعادة بناء الدولة وانظمتها السياسية وفقاً للأيکولوجيا السياسية الخاصة بکل دولة ومنهجية السياسات البديلة القائمة علي الابتکار السياسي لإدارة مخاطر العملية التنموية.



[i]ريتشارد هيجوت، نظرية التنمية السياسية، ترجمة حمدي عبد الرحمن، محمد عبد الحميد، الطبعة الأولى، عمان، المرکز العلمي للدراسات السياسية، 2001، ص 21.

[ii] لمزيد من التفاصيل :

غازى محمود زيب الزغبي،البعدالإقتصاديللتنميةالسياسيةفيالأردن  1989-2003، عمان، سلسلة اصدارات منتدى الشمال للفکر والثقافة ومرکز القرار المسئول للتنمية، الطبعة الأولى، عالم الکتاب الحديث للنشر والتوزيع، 2009، ص ص 52-57.

[iii] د.وئام السيد عثمان، مبادئ التنمية السياسية، مکتبة الجلاء، 2018،ص25.

[iv] هانى رمضان طالب، التنمية السياسية مقاربة نظرية، المرکز العربى للبحوث والدراسات، 12 يوليو 2020، زمن الاطلاع 4/9/2020 متاح على الرابط التالى:                                                                                                       http://www.acrseg.org/41673.

[v] لمزيد من التفاصيل :

 أبو مدين طاشمة، استراتيجية التنمية السياسية: دراسة تحليلية لمتغير البيروقراطية في الجزائر، رسالة مقدمة للحصول على درجة الدکتوراه فى العلوم السياسية، (الجزائر: جامعة بن يوسف بن خدة، 2007م)، ص ص 16-17.

[vi] عطية خليل عطية ، التربية والتنمية في الوطن العربي، عمان، دار غيداء للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، 2012، ص 156.

[vii] إبراهيم عبد السلام أحمد عبد المطلب، مرجع سابق، ص 33.

[viii] هانى رمضان طالب، مرجع سابق.

[ix] أمين دبور، مرجع سابق، ص 36.

[x] ناجى صادق شراب، التنمية السياسية: دراسة فى النظريات والقضايا، الطبعة الثانية، غزة، مکتبة دار المنارة، 2001، ص ص: 64-90.

[xi] هيجوت، ريتشارد، نظرية التنمية السياسية، ترجمة حمدي عبد الرحمن، محمد عبدالحميد، الطبعة الأولى، عمان، المرکز العلمي للدراسات السياسية، 2001، ص ص: 51-52.

[xii] ـــــــــ، التنمية السياسية: النظريات والمفهوم، الموسوعة الجزائرية للدراسات السياسية والاستراتيجية، 16/6/2019، زمن الاطلاع 4/9/2020 متاح على الرابط التالى:

                                                                                   https://www.politics-dz.com 

[xiii] رائف عمر، نظريات التنمية السياسية ودورها فى تفسير التنمية، مرکز نماء للبحوث والدراسات، زمن الاطلاع4/9/2020 متاح على الرابط التالى:                                                                                         

 http://nama-center.com/Articles/Details/41136

[xiv] أمين دبور، مرجع سابق، ص 58.

[xv] لمزيد من التفاصيل أنظر: صموئيل هنتنجتون، النظام السياسي لمجتمعات متغيرة، ترجمة سمية عبده، لندن، دار السامى للنشر والتوزيع، 1993ص ، ص ص: 47-50.

[xvi]  United Nations Development Program, Human Development Report 1990, New Yourk , Oxford University Press, 1990, page 10-12.

22 Sustainable Development Goals Report2020 ,  United National, accessed on 5/9/2020,Available at:  

 https://unstats.un.org/sdgs/report/2020

[xviii] لمزيد من التفاصيل:

                Mark Duffield, Human Security: Linking Development and Security in an Age of Terror, Lancaster University: Department of Politics and International Relations, accessed on 5/9/2020, Available at:

  https://gsdrc.org/document-library/human-security-linking-development-and-security-in-an-age-of-terror

[xix] للمزيد من التعريفات حول " الأمن بمستوياته " أنظر: د. عبد المنعم المشاط ( وآخرون ) – الأمن القومى العربى: أبعاده ومتطلباته – القاهرة - معهد البحوث والدراسات العربية –1993– ص16-19

[xx] د. عبد المنعم المشاط – سياقات مغايرة : تعريف الأمن القومى فى ظل " الدولة العربية الجديدة " – القاهرة – مرکز الأهرام للدراسات الاستراتيجية -  السياسة الدولية – العدد 190 - أکتوبر 2012 – ص 34.

[xxi] لمزيد من التفاصيل:

27 Human Development Report , UNDP , Oxford University press , New York , 1994 , P.29

[xxiii] د.فرخندة حسن، دليل المشارکة السياسية وإدارة الحملة الانتخابية للمرأة المصرية، الجزء الأول:التنمية بالمشارکة نظرة عامة، المجلس القومي للمرأة، برنامج الأمم المتحدة الإنمائيUNDP، القاهرة،2004، ص3

[xxiv] روبرت مکنمار – جوهر الأمن – ترجمة : يونس شاهين – الهيئة المصرية العامة للکتاب والنشر – القاهرة – 1970 صـ 125.

[xxv] لمزيد من التفاصيل:

Mark Duffield," Human Security: Linking Development and Security…" ,op, cit .

[xxvi]د.سامح فوزي، التنمية والآمن تطلع المواطن واختلاف السياسات، أحوال المصرية، مؤسسة الأهرام، العدد56، ربيع2015، ص48

[xxvii] تقرير أهداف التنمية المستدامة 2019، الأمم المتحدة، نيويورک، 2019

[xxviii] لمزيد من التفاصيل:

-    عبد الرحمن ابن خلدون، مقدمة ابن خلدون، دار الفکر، بيروت، 2004.

-    د.السيد عليوة، إدارة الأزمات والکوارث"حلول عملية أساليب وقائية"، سلسلة دليل صنع القرار، مرکزالقرارات للاستشارات، القاهرة 1997.

-    د.احمد وهبان،التخلف السياسي وغايات التنمية السياسية،رؤية جديدة للواقع السياسي  في العالم الثالث،دارالجامعة الجديدة، الاسکندرية

-    حميد حمد السعدون، التنمية السياسية والتحديث، الذاکرة للنشر والتوزيع، الاسکندرية، 2011.

[xxix] لمزيد من التفاصيل:

-    د.أحمد وهبان، التخلف السياسي وغايات التنمية السياسية، مرجع سابق،ص141

[xxx] د. قدري محمود إسماعيل، التنمية السياسية، أليکس لتکنولوجيا المعلومات، الإسکندرية، 2008، ص60.

[xxxi] لمزيد من التفاصيل:

-    د.سيد عبد المطلب غانم، دراسة في التنمية السياسية، مکتبة نهضة الشرق، القاهرة1981، ص 57-58.

-    د.ناجي صادق شراب، التنمية السياسية، دراسة في النظريات والقضايا، الطبعة الثانية، غزة، مکتبة دار المنارة، 2001، ص 64، 85

[xxxii] لمزيد من التفاصيل:

إنهاء العنف ضد النساء والفتيات: التقدم المحرز والتحديات المتبقية، وقائع الامم المتحدة، زمن الاطلاع12/9/2020- متاح علي الرابط: https://www.un.org/pt/node/46326

[xxxiii] لمزيد من التفاصيل:

 Raymond Grew &"others", Crises of  political deton  ,Unevelopment in Europe and the United states ,Princeton, New Jersey, Princeton, University Press,2015,pp.3:41-151.

[xxxiv] د. سيد عبد المطلب غانم، دراسة في التنمية السياسية، مرجع سبق ذکره، 1981، ص 57-58

[xxxv] د.السيد عليوة، إدارة الأزمات والکوارث"حلول عملية أساليب وقائية"،مرجع سبق ذکره،ص77

[xxxvi] ميلودعامر حاج، بناء الدولة وانعکاساتها على بناء الدولة القطرية العربية، مرکز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، العدد 195، 2014، ص ص 28-33.

[xxxvii] تقرير التنمية البشرية اعام 2019، "ماوراء الدخل والمتوسط والحاضر-أوجه عدم المساواة في القرن الحادي والعشرين"، برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، الأمم المتحدة، 2019،ص 6:1.

43 Sustainable Development Goals Report2020,op.,cit

[xxxix] لمزيد من التفاصيل:

-          ريهام باهي- أزمة کورونا وتعميق التحولات الدولية الجارية – الملف المصري – مرکز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية- العدد69- مايو 2020.

-- Joseph S. Nye,"Covid-19's painful Lessons about strategy and power", Belfer Center for Science and International Affairs  ,Harvard Kennedy School,26March2020

- سامح راشد "تحرير"- الأوبئة ونظريات العلاقات الدولية- اتجاهات نظرية في تحليل السياسة الدولية- ملحق لمجلة السياسة الدولية-العدد 221-يوليو2020.

- سامح راشد، تراجع اتجاهات العولمة بتصاعد السياسات التي يفرضها إنتشار الوباء، مجلة شؤون عربية، عدد182، صيف2020

- غازيدحمان،النظام الدولي مابعد کورونا هل تعاد هندسته، مجلة شؤون عربية،عدد182، المرجع السابق.

[xl] لمزيد من التفاصيل:

-          د.أحمد الزايد، التخطيط لآليات إدارة المخاطر والأزمات في السياسات الاجتماعية سلسلة الدراسات الاجتماعية، العدد80،مايو2013،ص77:8

http://gcclsa.org/uploaded/files/80-2013.pdf

-          د. علي ليلة،مؤشرات قياس فاعليةالسياسات الاجتاعية في مواجهة المخاطر، سلسلة الدراسات الاجتماعية، المرجع السابق،ص113.

-          د.کمال المنوفي،أصول النظم السياسية المقارنة، شرکة الربيعان للنشر،الکويت،1987، ص294:293.

46 Torben Juul Andersen, Maxine Garvey, Oliviero Roggi , Managing Risk and Opportunity: The Governance of Strategic Risk-Taking, Published by:  Oxford University Press,pp.112-113.           .  

[xlii] لمزيد من التفاصيل:

- Holisti., International politics : Framework for Analysis ( New Jersey, six Edition , prentice Hall international 1992 ) pp 348 -372

- أحمد أمين عامر، دبلوماسية الأزمات، مطابع الطوبجي – 1999 – صـ 32

[xliii] د.السيد عليوه، ، إدارة الأزمات والکوارث"، مرجع سابق، ص 5

[xliv] لمزيد من التفاصيل:

-          السيد يسين،الدولة التنموية:رؤي نقدية للمشکلات وسياسات بديلة، المرکز العربي للبحوث والدراسات،2016

-          مجموعة من المؤلفين،السياسات التنموية وتحديات الثورة في الاقطار العربية،المرکز العربي للأبحاث والدراسات السياسية،2014

[xlv] لمزيد من التفاصيل:

Ifzal Ali and Hyun Hwa Son, "Measuring  Inclusive Growth" ,Asian Development Reveiew,Vol.24,no.1(2007).

[xlvi] التقرير السنوي لصندوق النقد الدولي2017، تشجيع النمو الاحتوائي، .زمن الاطلاع 12/9/2020، متاح علي الرابط :

, International ...www.imf.org › pubs › eng › pdf

[xlvii]   مولود زايد الطيب، التنشئة السياسية : دورها في تنمية المجتمع ،المؤسسة العربية الدولية للنشر ،عمان-2001 - ص 11

53 Hilary Silver , " Social Exclusion and Social Solidarity " , ( International Labor Review : Vol . 133, No. 5, 1994) , pp . 531 – 535 .

[xlix] الموقع  الرسمي للبرنامج الرئاسي لتأهيل الشباب للقيادة، زمن الاطلاع 12/9/2020، متاح علي الرابط التالي:    https://plp.eg/ar

 

[l] إنجي محمد عبد الحميد،تطور مفهوم العدالة الاجتماعية في أدبيات التنمية الدولية،الديمقراطية، مؤسسة الاهرام،العدد68،القاهرة، اکتوبر2017

[li] لمزيد من التفاصيل: مسعود  أحمد مصطفي، اقاليم الدولة الاسلامية بين  مرکزية السياسة  واللامرکزية الادارية، الهيئة المصرية العامة ، للکتاب ، القاهرة ، 1990

57Jason Vaughan, Technological Innovation: Perceptions and Definitions (United States: American Library Association,2013),p.11  

[liii] الابتکار السياسي ص28 ملحق الابتکار

59 Kristen Bound, Innovating Together? The Age of Innovation Diplomacy   Innovating Together? In: S.Dutta, B. Lanvin, S.Wunsch- Vincent (eds.), The Age of Innovation Diplomacy, (Ithaca, Fontainebleau ,and Geneva: Cornell University, INSEAD, and WIPO, 2016),pp.91-92.

60R.Sandra Schillo and Ryan M. Robinson, Inclusive Innovation in Developed Countries :The Who,What,Why, and How, Technology Innovation Management Review, Vol7.,Issue,7 July, 2017,pp.4-5.

61 Ibid,p.20.

[lvii] صلاح صالح إبراهيم بنان-تجربة الصين في الإصلاح والعصرنة:معضلة التوفيق بين النظرية الشيوعية والممارسة الرأسمالية – مجلة جامعة الملک عبد العزيز :للاقتصاد والادارة- جدة2011م-1432ه-  ص2،زمن الاطلاع 15/9/2020،متاح علي الرابط :

https://platform.almanhal.com/Reader/Article/8322

63R.Sandra Schillo and Ryan M. Robinson, Inclusive Innovation, op.,cit.,pp4-5.  

 

 

[1]ريتشارد هيجوت، نظرية التنمية السياسية، ترجمة حمدي عبد الرحمن، محمد عبد الحميد، الطبعة الأولى، عمان، المرکز العلمي للدراسات السياسية، 2001، ص 21.
[1] لمزيد من التفاصيل :
غازى محمود زيب الزغبي،البعدالإقتصاديللتنميةالسياسيةفيالأردن  1989-2003، عمان، سلسلة اصدارات منتدى الشمال للفکر والثقافة ومرکز القرار المسئول للتنمية، الطبعة الأولى، عالم الکتاب الحديث للنشر والتوزيع، 2009، ص ص 52-57.
[1] د.وئام السيد عثمان، مبادئ التنمية السياسية، مکتبة الجلاء، 2018،ص25.
[1] هانى رمضان طالب، التنمية السياسية مقاربة نظرية، المرکز العربى للبحوث والدراسات، 12 يوليو 2020، زمن الاطلاع 4/9/2020 متاح على الرابط التالى:                                                                                                       http://www.acrseg.org/41673.
[1] لمزيد من التفاصيل :
 أبو مدين طاشمة، استراتيجية التنمية السياسية: دراسة تحليلية لمتغير البيروقراطية في الجزائر، رسالة مقدمة للحصول على درجة الدکتوراه فى العلوم السياسية، (الجزائر: جامعة بن يوسف بن خدة، 2007م)، ص ص 16-17.
[1] عطية خليل عطية ، التربية والتنمية في الوطن العربي، عمان، دار غيداء للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، 2012، ص 156.
[1] إبراهيم عبد السلام أحمد عبد المطلب، مرجع سابق، ص 33.
[1] هانى رمضان طالب، مرجع سابق.
[1] أمين دبور، مرجع سابق، ص 36.
[1] ناجى صادق شراب، التنمية السياسية: دراسة فى النظريات والقضايا، الطبعة الثانية، غزة، مکتبة دار المنارة، 2001، ص ص: 64-90.
[1] هيجوت، ريتشارد، نظرية التنمية السياسية، ترجمة حمدي عبد الرحمن، محمد عبدالحميد، الطبعة الأولى، عمان، المرکز العلمي للدراسات السياسية، 2001، ص ص: 51-52.
[1] ـــــــــ، التنمية السياسية: النظريات والمفهوم، الموسوعة الجزائرية للدراسات السياسية والاستراتيجية، 16/6/2019، زمن الاطلاع 4/9/2020 متاح على الرابط التالى:
                                                                                   https://www.politics-dz.com 
[1] رائف عمر، نظريات التنمية السياسية ودورها فى تفسير التنمية، مرکز نماء للبحوث والدراسات، زمن الاطلاع4/9/2020 متاح على الرابط التالى:                                                                                         
[1] أمين دبور، مرجع سابق، ص 58.
[1] لمزيد من التفاصيل أنظر: صموئيل هنتنجتون، النظام السياسي لمجتمعات متغيرة، ترجمة سمية عبده، لندن، دار السامى للنشر والتوزيع، 1993ص ، ص ص: 47-50.
[1]  United Nations Development Program, Human Development Report 1990, New Yourk , Oxford University Press, 1990, page 10-12.
22 Sustainable Development Goals Report2020 ,  United National, accessed on 5/9/2020,Available at:  
[1] لمزيد من التفاصيل:
                Mark Duffield, Human Security: Linking Development and Security in an Age of Terror, Lancaster University: Department of Politics and International Relations, accessed on 5/9/2020, Available at:
[1] للمزيد من التعريفات حول " الأمن بمستوياته " أنظر: د. عبد المنعم المشاط ( وآخرون ) – الأمن القومى العربى: أبعاده ومتطلباته – القاهرة - معهد البحوث والدراسات العربية –1993– ص16-19
[1] د. عبد المنعم المشاط – سياقات مغايرة : تعريف الأمن القومى فى ظل " الدولة العربية الجديدة " – القاهرة – مرکز الأهرام للدراسات الاستراتيجية -  السياسة الدولية – العدد 190 - أکتوبر 2012 – ص 34.
[1] لمزيد من التفاصيل:
27 Human Development Report , UNDP , Oxford University press , New York , 1994 , P.29
[1] د.فرخندة حسن، دليل المشارکة السياسية وإدارة الحملة الانتخابية للمرأة المصرية، الجزء الأول:التنمية بالمشارکة نظرة عامة، المجلس القومي للمرأة، برنامج الأمم المتحدة الإنمائيUNDP، القاهرة،2004، ص3
[1] روبرت مکنمار – جوهر الأمن – ترجمة : يونس شاهين – الهيئة المصرية العامة للکتاب والنشر – القاهرة – 1970 صـ 125.
[1] لمزيد من التفاصيل:
Mark Duffield," Human Security: Linking Development and Security…" ,op, cit .
[1]د.سامح فوزي، التنمية والآمن تطلع المواطن واختلاف السياسات، أحوال المصرية، مؤسسة الأهرام، العدد56، ربيع2015، ص48
[1] تقرير أهداف التنمية المستدامة 2019، الأمم المتحدة، نيويورک، 2019
[1] لمزيد من التفاصيل:
-    عبد الرحمن ابن خلدون، مقدمة ابن خلدون، دار الفکر، بيروت، 2004.
-    د.السيد عليوة، إدارة الأزمات والکوارث"حلول عملية أساليب وقائية"، سلسلة دليل صنع القرار، مرکزالقرارات للاستشارات، القاهرة 1997.
-    د.احمد وهبان،التخلف السياسي وغايات التنمية السياسية،رؤية جديدة للواقع السياسي  في العالم الثالث،دارالجامعة الجديدة، الاسکندرية
-    حميد حمد السعدون، التنمية السياسية والتحديث، الذاکرة للنشر والتوزيع، الاسکندرية، 2011.
[1] لمزيد من التفاصيل:
-    د.أحمد وهبان، التخلف السياسي وغايات التنمية السياسية، مرجع سابق،ص141
[1] د. قدري محمود إسماعيل، التنمية السياسية، أليکس لتکنولوجيا المعلومات، الإسکندرية، 2008، ص60.
[1] لمزيد من التفاصيل:
-    د.سيد عبد المطلب غانم، دراسة في التنمية السياسية، مکتبة نهضة الشرق، القاهرة1981، ص 57-58.
-    د.ناجي صادق شراب، التنمية السياسية، دراسة في النظريات والقضايا، الطبعة الثانية، غزة، مکتبة دار المنارة، 2001، ص 64، 85
[1] لمزيد من التفاصيل:
إنهاء العنف ضد النساء والفتيات: التقدم المحرز والتحديات المتبقية، وقائع الامم المتحدة، زمن الاطلاع12/9/2020- متاح علي الرابط: https://www.un.org/pt/node/46326
[1] لمزيد من التفاصيل:
 Raymond Grew &"others", Crises of  political deton  ,Unevelopment in Europe and the United states ,Princeton, New Jersey, Princeton, University Press,2015,pp.3:41-151.
[1] د. سيد عبد المطلب غانم، دراسة في التنمية السياسية، مرجع سبق ذکره، 1981، ص 57-58
[1] د.السيد عليوة، إدارة الأزمات والکوارث"حلول عملية أساليب وقائية"،مرجع سبق ذکره،ص77
[1] ميلودعامر حاج، بناء الدولة وانعکاساتها على بناء الدولة القطرية العربية، مرکز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، العدد 195، 2014، ص ص 28-33.
[1] تقرير التنمية البشرية اعام 2019، "ماوراء الدخل والمتوسط والحاضر-أوجه عدم المساواة في القرن الحادي والعشرين"، برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، الأمم المتحدة، 2019،ص 6:1.
43 Sustainable Development Goals Report2020,op.,cit
[1] لمزيد من التفاصيل:
-          ريهام باهي- أزمة کورونا وتعميق التحولات الدولية الجارية – الملف المصري – مرکز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية- العدد69- مايو 2020.
-- Joseph S. Nye,"Covid-19's painful Lessons about strategy and power", Belfer Center for Science and International Affairs  ,Harvard Kennedy School,26March2020
- سامح راشد "تحرير"- الأوبئة ونظريات العلاقات الدولية- اتجاهات نظرية في تحليل السياسة الدولية- ملحق لمجلة السياسة الدولية-العدد 221-يوليو2020.
- سامح راشد، تراجع اتجاهات العولمة بتصاعد السياسات التي يفرضها إنتشار الوباء، مجلة شؤون عربية، عدد182، صيف2020
- غازيدحمان،النظام الدولي مابعد کورونا هل تعاد هندسته، مجلة شؤون عربية،عدد182، المرجع السابق.
[1] لمزيد من التفاصيل:
-          د.أحمد الزايد، التخطيط لآليات إدارة المخاطر والأزمات في السياسات الاجتماعية سلسلة الدراسات الاجتماعية، العدد80،مايو2013،ص77:8
-          د. علي ليلة،مؤشرات قياس فاعليةالسياسات الاجتاعية في مواجهة المخاطر، سلسلة الدراسات الاجتماعية، المرجع السابق،ص113.
-          د.کمال المنوفي،أصول النظم السياسية المقارنة، شرکة الربيعان للنشر،الکويت،1987، ص294:293.
46 Torben Juul Andersen, Maxine Garvey, Oliviero Roggi , Managing Risk and Opportunity: The Governance of Strategic Risk-Taking, Published by:  Oxford University Press,pp.112-113.           .  
[1] لمزيد من التفاصيل:
- Holisti., International politics : Framework for Analysis ( New Jersey, six Edition , prentice Hall international 1992 ) pp 348 -372
- أحمد أمين عامر، دبلوماسية الأزمات، مطابع الطوبجي – 1999 – صـ 32
[1] د.السيد عليوه، ، إدارة الأزمات والکوارث"، مرجع سابق، ص 5
[1] لمزيد من التفاصيل:
-          السيد يسين،الدولة التنموية:رؤي نقدية للمشکلات وسياسات بديلة، المرکز العربي للبحوث والدراسات،2016
-          مجموعة من المؤلفين،السياسات التنموية وتحديات الثورة في الاقطار العربية،المرکز العربي للأبحاث والدراسات السياسية،2014
[1] لمزيد من التفاصيل:
Ifzal Ali and Hyun Hwa Son, "Measuring  Inclusive Growth" ,Asian Development Reveiew,Vol.24,no.1(2007).
[1] التقرير السنوي لصندوق النقد الدولي2017، تشجيع النمو الاحتوائي، .زمن الاطلاع 12/9/2020، متاح علي الرابط :
, International ...www.imf.org › pubs › eng › pdf
[1]   مولود زايد الطيب، التنشئة السياسية : دورها في تنمية المجتمع ،المؤسسة العربية الدولية للنشر ،عمان-2001 - ص 11
53 Hilary Silver , " Social Exclusion and Social Solidarity " , ( International Labor Review : Vol . 133, No. 5, 1994) , pp . 531 – 535 .
[1] الموقع  الرسمي للبرنامج الرئاسي لتأهيل الشباب للقيادة، زمن الاطلاع 12/9/2020، متاح علي الرابط التالي:    https://plp.eg/ar
 
[1] إنجي محمد عبد الحميد،تطور مفهوم العدالة الاجتماعية في أدبيات التنمية الدولية،الديمقراطية، مؤسسة الاهرام،العدد68،القاهرة، اکتوبر2017
[1] لمزيد من التفاصيل: مسعود  أحمد مصطفي، اقاليم الدولة الاسلامية بين  مرکزية السياسة  واللامرکزية الادارية، الهيئة المصرية العامة ، للکتاب ، القاهرة ، 1990
57Jason Vaughan, Technological Innovation: Perceptions and Definitions (United States: American Library Association,2013),p.11  
[1] الابتکار السياسي ص28 ملحق الابتکار
59 Kristen Bound, Innovating Together? The Age of Innovation Diplomacy   Innovating Together? In: S.Dutta, B. Lanvin, S.Wunsch- Vincent (eds.), The Age of Innovation Diplomacy, (Ithaca, Fontainebleau ,and Geneva: Cornell University, INSEAD, and WIPO, 2016),pp.91-92.
60R.Sandra Schillo and Ryan M. Robinson, Inclusive Innovation in Developed Countries :The Who,What,Why, and How, Technology Innovation Management Review, Vol7.,Issue,7 July, 2017,pp.4-5.
61 Ibid,p.20.
[1] صلاح صالح إبراهيم بنان-تجربة الصين في الإصلاح والعصرنة:معضلة التوفيق بين النظرية الشيوعية والممارسة الرأسمالية – مجلة جامعة الملک عبد العزيز :للاقتصاد والادارة- جدة2011م-1432ه-  ص2،زمن الاطلاع 15/9/2020،متاح علي الرابط :
63R.Sandra Schillo and Ryan M. Robinson, Inclusive Innovation, op.,cit.,pp4-5.