تقييم اقتصادي أولي لمخاطر البيتکوين

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

کلية الدراسات الاقتصادية والعلوم السياسية، جامعة الإسکندرية.

المستخلص

مستخلص:
على الرغم من المزايا التي تقدمها البيتکوين للمستخدمين، کونها عملة رقمية مشفرة، تتميز بسرعة إنجاز المعاملات، وانخفاض تکلفتها، فضلًا عن التمتع بالخصوصية وغيرها من الخصائص التي تميزها عن وسائل الدفع الأخرى، سواء النقود الورقية أو حتى النقود الإلکترونية في أشکالها التقليدية، إلا أن لها عديدًا من المشکلات المترتبة على التعامل بها. مما يستدعي ضرورة عمل تقييم اقتصادي لتلک المخاطر، باستخدام المنهج التحليلي التطبيقي. وقد توصلت الدراسة إلى أن المخاطر المترتبة على البيتکوين متنوعة ومتعددة الأوجه، تطال کلًا من الأفراد والدول وقد يمتد أثرها على النظام العالمي بأکمله. الأمر الذي جعل منها عملة محفوفة بالمخاطر مقارنة بالعملات التقليدية. يأتي أول تلک المخاطر في التعرض للاحتيال الافتراضي، وثانيهما هو أن معاملاتها غير رجعية، بينما ثالثهما ورابعهما هما مخاطر الاستخدام في الأنشطة غير القانونية، ومخاطر تنظيمية مترتبة على التعامل بها، ويأتي التحدي الخامس لتلک العملة في التقلب الکبير في سعرها. وعلى الرغم من التهديدات التي تُشکلها تلک التقنية الرقمية، إلا أنها أحدثت طفرة کبيرة في مجال تقنيات الدفع الرقمي، بما يدعم الاتجاه نحو التحول الرقمي، ويُعزز من التجارة الالکترونية، فضلًا عن خلق مزيد من التنافس بين وسائل الدفع المختلفة.
کلمات مفتاحية:
العملات الرقمية، مخاطر البيتکوين، الاحتيال الافتراضي، الجرائم السيبرانية، تقلب سعر العملة.
 
Abstract:
Despite the advantages that bitcoin provides to users, being a cryptocurrency, which is characterized by the speed of transactions, its low cost, privacy, and other characteristics that distinguish it from other means of payment, paper whether money or even e-payments in its traditional forms, but it has many problems involved in handling it. This calls for the necessity of making an economic evaluation of these risks, using the applied analytical approach. The study found that the risks associated with bitcoin are varied and multifaceted, affecting both individuals and countries, and their impact may extend to the entire global system. This made it a risky currency compared to traditional currencies. These risks are virtual pickpocketing, irreversible transactions, illegal activities, regulatory risks, and finally currency fluctuation. Despite the threats posed by this digital technology, it has revolutionized the field of digital payment technologies, supporting the trend towards digital transformation, enhancing electronic commerce, as well as creating more competition between different payment methods.

نقاط رئيسية

مقدمة:

أدت المناقشات حول أوجه القصور في أدوات وآليات النظام المالي بشکله التقليدي من ناحية، ومجموعة من العوامل الأخرى کالنمو الهائل في حجم التجارة الإلکترونية والتوسع التقني، فضلًا عن التحول التدريجي من النظام الاقتصادي في شکله التقليدي الي الاقتصاد الرقمي من ناحية أخرى، إلى ظهور أدوات جديدة تتناسب مع تلک التطورات، وبروز عديد من الممارسات البديلة للنقود بأشکالها التقليدية، کان أبرزها ظهور العملات الرقمية، التي حظيت بتأييد کبير من قبل عديد من المستخدمين، ولاقت اهتمامًا وحفاوةً من قبل الأکاديميين بشکل عام والاقتصاديين بشکل خاص (شاهين، 2020)[1].

ويمکن تعريف البيتکوين على أنها عملة رقمية، تعتمد على شبکة لا مرکزية، ونظام دفع إلکتروني مشفر Cryptographic Electronic Payment، يستخدمبرهان التشفير Cryptographic Proof، للتحقق من المعاملات ومعالجتها، بدلًا من الاعتماد على طرف ثالث موثوقTrusted Third Party – أي أنه لا يوجد وسيط بين المتعاملين، حيث تعتمد على نظام الند للند Peer to Peer(Nakamoto, 2008). وقد بدأت ارهاصات ظهور البيتکوين بعد الأزمة العالمية عام 2008، وبحلول عام 2013 بدأت البيتکوين في الانتشار بشکل سريع، مما لفت الانتباه إليها وجعلها تتصدر عناوين الصحف والمجلات المختصة وغير المختصة، الأمر الذي جعل تجربة تلک التقنية مثيرة للاهتمام.

إن المتفحص لخصائص تلک العملة يجد أنها تتمتع بعديد من الخصائص الاقتصادية التي تميزها عن غيرها من وسائل الدفع الأخرى - کالورقية والمصرفية وغيرها - ولا يقف الأمر عند ذلک، حيث هناک أيضًا بعض المزايا التي تجعل تلک النقود في شکلها الرقمي مختلفة عن المعادن النفيسة کالذهب والفضة. تتمثل أهم تلک المميزات لتلک العملة الرقمية في انخفاض تکلفة وسرعة معاملاتها، والند للند، والشفافية، والتحکم اللامرکزي، والخصوصية، وحل مشکلة الإنفاق المزدوج، بالإضافة إلى الأمان والتشفير، وأخيرًا التعدين(شاهين، 2020). إن کل تلک الخصائص الفريدة، جعلت البعض يُطلق عليها عملة "ثورية" Revolutionary، وذهب البعض الآخر إلى أنها أصبحت من ضمن الابتکارات التقنية التي تضاهى ثورة الانترنت في قوتها وسرعة انتشارها (Mayer, 2019).

على الرغم من المزايا المتعددة لتلک العملة التي يکون الانترنت عمودًا أساسيًا في تشغيلها، تلک التيتجعل منها أداة دفع رقمية جاذبة، تعود على الأفراد والمجتمع بعديد من الفوائد، إلا أن تلک التقنية حديثة الظهور لها وجه أخر، تجلي في مجموعة من المخاطر الاقتصادية، طالت کلًا من الافراد والمؤسسات وأيضًا الدول.



[1](شاهين، 2020): ورقة بحثية قدمت في مؤتمر "The First International Conference on Modern Management in the Light of the Era of Digital Technologies" بعنوان "الخصائص الاقتصادية للبيتکوين" Academic Conferences and Publishing Center (ACPC-M)، ماليزيا، يومي 15-16 ابريل 2020. ونُشرت في مجلة التنمية والسياسات الاقتصادية، المجلد الثاني والعشرون – العدد الثاني – المعهد العربي للتخطيط، الصفحات 49-72، يوليو، 2020.

الكلمات الرئيسية


1. مقدمة:

أدت المناقشات حول أوجه القصور في أدوات وآليات النظام المالي بشکله التقليدي من ناحية، ومجموعة من العوامل الأخرى کالنمو الهائل في حجم التجارة الإلکترونية والتوسع التقني، فضلًا عن التحول التدريجي من النظام الاقتصادي في شکله التقليدي الي الاقتصاد الرقمي من ناحية أخرى، إلى ظهور أدوات جديدة تتناسب مع تلک التطورات، وبروز عديد من الممارسات البديلة للنقود بأشکالها التقليدية، کان أبرزها ظهور العملات الرقمية، التي حظيت بتأييد کبير من قبل عديد من المستخدمين، ولاقت اهتمامًا وحفاوةً من قبل الأکاديميين بشکل عام والاقتصاديين بشکل خاص (شاهين، 2020)[1].

ويمکن تعريف البيتکوين على أنها عملة رقمية، تعتمد على شبکة لا مرکزية، ونظام دفع إلکتروني مشفر Cryptographic Electronic Payment، يستخدمبرهان التشفير Cryptographic Proof، للتحقق من المعاملات ومعالجتها، بدلًا من الاعتماد على طرف ثالث موثوقTrusted Third Party – أي أنه لا يوجد وسيط بين المتعاملين، حيث تعتمد على نظام الند للند Peer to Peer(Nakamoto, 2008). وقد بدأت ارهاصات ظهور البيتکوين بعد الأزمة العالمية عام 2008، وبحلول عام 2013 بدأت البيتکوين في الانتشار بشکل سريع، مما لفت الانتباه إليها وجعلها تتصدر عناوين الصحف والمجلات المختصة وغير المختصة، الأمر الذي جعل تجربة تلک التقنية مثيرة للاهتمام.

إن المتفحص لخصائص تلک العملة يجد أنها تتمتع بعديد من الخصائص الاقتصادية التي تميزها عن غيرها من وسائل الدفع الأخرى - کالورقية والمصرفية وغيرها - ولا يقف الأمر عند ذلک، حيث هناک أيضًا بعض المزايا التي تجعل تلک النقود في شکلها الرقمي مختلفة عن المعادن النفيسة کالذهب والفضة. تتمثل أهم تلک المميزات لتلک العملة الرقمية في انخفاض تکلفة وسرعة معاملاتها، والند للند، والشفافية، والتحکم اللامرکزي، والخصوصية، وحل مشکلة الإنفاق المزدوج، بالإضافة إلى الأمان والتشفير، وأخيرًا التعدين(شاهين، 2020). إن کل تلک الخصائص الفريدة، جعلت البعض يُطلق عليها عملة "ثورية" Revolutionary، وذهب البعض الآخر إلى أنها أصبحت من ضمن الابتکارات التقنية التي تضاهى ثورة الانترنت في قوتها وسرعة انتشارها (Mayer, 2019).

على الرغم من المزايا المتعددة لتلک العملة التي يکون الانترنت عمودًا أساسيًا في تشغيلها، تلک التيتجعل منها أداة دفع رقمية جاذبة، تعود على الأفراد والمجتمع بعديد من الفوائد، إلا أن تلک التقنية حديثة الظهور لها وجه أخر، تجلي في مجموعة من المخاطر الاقتصادية، طالت کلًا من الافراد والمؤسسات وأيضًا الدول.

1-1. مشکلة الدراسة:

تُعد العملات المشفرة بشکل عام والبيتکوين بشکل خاص من الظواهر حديثة الظهور نسبيًا، ولا شک أن البيتکوين له عديد من الخصائص التي لها أثر ومردود إيجابي کبير على تحسين الرفاهية للمستخدمين وعلى الاقتصاد بشکل عام. بيد أن هناک عديد من الشکوک حول تلک المزايا المتعلقة باستخدام تلک التقنية، وأن هناک بعض المخاطر التي قد تؤثر سلبًا على المتعاملين بها کأفراد أو جهات. ولا يتوقف الأمر عند ذلک، بل يمتد الأثر أيضًا للدول والحکومات نفسها، فهناک قلق متنامي من جانب الحکومات من استخدام تلک التکنولوجيا الرقمية في الأنشطة الاقتصادية.

على جانب آخر، لا شک أن اتساع دائرة المتعاملين بالبيتکوين، قد يحد من ذيوع العملات التقليدية ذات الطبيعة الإلزامية، مما يترتب عليه تقليص دور السلطة في التحکم في السياسة النقدية. وقد ذهب البعض إلى وصف تلک العملة بأنها سلاح موجه ضدّ الحکومات، يهدف إلى تقويض قدرة الدول على تحصيل الضرائب ومراقبة المعاملات المالية لمواطنيهم (Krugman, 2013)[2]، ما يؤثر بالطبع على سياستها التخطيطية والتنموية.

وقد حذرت الهيئة المصرفية الأوروبية(EBA)[3]، ولجنة الأوراق المالية والبورصات الأمريکية (SEC)[4]، وإدارة شبکة مکافحة الجرائم المالية (FinCEN)[5]، ومکتب حماية مالية المستهلکالمالي (CFPB)[6]،المستهلکين والمستثمرين على السواء، بشأن مخاطر التعامل بالعملات المشفرة بشکل عام (HSE, 2014). ومن هنا تأتي مشکلة تلک الدراسة، والتي تتمثل في مجموعة من التساؤلات المهمة، تجلى أبرزها في: ما هي المخاطر والتحديات التي تواجه تلک العملة، وما هي تبعات استخدام تلک التقنية الرقمية، وهل بالفعل تثير تلک العملة مجموعة من المخاوف القانونية والجنائية والاقتصادية؟

1-2. أهمية الدراسة وأهدافها:

تعد الموضوعات المتعلقة بالبيتکوين، من الموضوعات الحديثة، التي نما الاهتمام بها في الفترة الأخيرة، مما دعا عديدًا من الباحثين إلى محاولة دراسة وفهم خصائص تلک العملة الرقمية حديثة النشأة، التي جعلتها في بؤرة الاهتمام، فضلًا عن دراسة الآثار المترتبة على استخدام تلک التقنية. فعلى الرغم من المنافع المتعددة التي تقدمها، إلا أن لها بعض الجوانب السلبية والخطيرة. ومن ثم تبرز أهمية تلک الدراسة، في تصديها لواحدة من أهم القضايا المتعلقة بالعملات الرقمية، خاصة بعد ذيوعها بشکلٍ کبير في الفترة الأخيرة. کما تتمثل أهمية الدراسة في ضرورة الإحاطة بمعلومات کاملة وشافية عن المخاطر المترتبة على استخدام تلک العملة، سواء على المستوى الجزئي – أفراد أو شرکات – بحيث يکونون على دراية بها جيدًا قبل اتخاذ قرار التعامل بها، أو حتى على المستوى الکلي، فقد تؤثر على دور الحکومات في فرض نفوذها على السياسة النقدية، ما يعرقل تحقيق الأهداف المنشودة منها. ومن منطلق ذلک، تحاول تلک الدراسة إلى الوقوف على جميع المخاطر الاقتصادية المترتبة على تلک العملة، من خلال عمل تقييم اقتصادي أولي لتلک التحديات التي تواجهها.

1-3. الدراسات السابقة:

وفقًا للمعلومات والدراسات المُطلع عليها، يمکن القول إن الأبحاث العلمية التي تدور حول العملات المشفرة بشکل عام والبيتکوين بشکل خاص، تتصف بالندرة نسبيًا، خاصة تلک المتوفرة باللغة العربية. رغم ذلک توافرت بعض الدراسات باللغة الانجليزية التي سلطت الضوء بشکل مباشر أو غير مباشر على أخطار البيتکوين، في الاتي:

  • ·         دراسة (Brito, et al., 2013)، بعنوان "Bitcoin: A Primer for Policymakers"، والتي توصلت إلى أن هناک مجموعة من التحديات المترتبة على استخدام البيتکوين، کتقلب سعر العملة، ومشکلات تتعلق بالأمان، فضلًا عن إمکانية استخدامها في العمليات الاجرامية مثل غسيل الأموال وتمويل العمليات الإرهابية والاتجار في البضائع غير القانونية، وأخيرًا مخاطر تتعلق بعملية التنظيم.
  • ·         دراسة (HSE, 2014)، بعنوان "Risks and Threats of Virtual Currencies" التي ناقشت المخاطر التي قد تترتب على العملات المشفرة بشکلٍ عام والبيتکوين بشکلٍ خاص، وإلقاء نظرة عامة على مدي إمکانية استخدام تلک العملات في ممارسة الأنشطة الإجرامية المختلفة، ذلک بهدف مساعدة الجهات الأمنية والقضائية في معرفة المزيد عن تلک التقنية، لتنفيذ القانون في الولايات المتحدة الامريکية.
  • ·         دراسة (Aljohani, 2017)،بعنوان "Bitcoin: Technology, Economics and Business Ethics"، التي توصلت إلى أن استخدام العملات المشفرة يُشکل مخاطر کبيرة تطال کلاً من المستخدمين والمنظمين، خاصة وأنها تکنولوجيا جديدة لا تتوافق مع الإطار القانوني القديم، کما حاولت الدراسة، عمل تحليل قياسي لتقلب سعر عملة البيتکوين، وأخيرًا إلقاء نظرة على ما قد يحمله المستقبل لهذه العملات اللامرکزية.
  • ·         دراسة(Nian, et al., 2015)، بعنوان "Introduction to Bitcoin"، بعض المخاطر المترتبة على البيتکوين، کالتقلب الشديد في سعرها، تسهيل الأنشطة الاجرامية، فضلًا عن المشکلات القانونية والتنظيمية، وأخيرًا بعض المخاطر الاقتصادية کزعزعة الاستقرار في الأسواق المالية، والتأثير على استقرار الأسعار في السوق.
  • ·         دراسة (Kaushal, et al., 2017)، بعنوان "Evolution of Bitcoin and Security Risk in Bitcoin Wallets" تحديد المخاطر الأمنية والهجمات الممکنة على محافظ البيتکوين، وقد توصلت الدراسة إلى أنه على الرغم من المزايا التي تتمتع بها البيتکوين من ناحية الأمان والتشفير، إلا انه ليست کل محافظ البيتکوين آمنة ضدّ جميع أنواع الهجمات المحتملة.
  • ·         دراسة (Moore, et al., 2018)، بعنوان " Revisiting the Risks of Bitcoin Currency Exchange Closure" التي رأت أن هناک بعض الخصائص في البيتکوين جعلت منها أداة جذب للمحتالين، وقد رکزت الدراسة على بورصات البيتکوين التي تعرضت للإغلاق، واستنتجت أن هناک ما يقرب من نصف عدد تلک البورصات التي أُغلقت في الفترة ما بين (2010-2015)، کان السبب الرئيس في إغلاقها هو الهجمات المتتالية عليها من قبل المتسللين، والتي کبدتها خسائر جسيمة.
  • ·         دراسة (Bringas, et al., 2012)، بعنوان "Issues and Risks Associated with Cryptocurrencies such as Bitcoin" التي تطرقت إلى المخاطر المترتبة على استخدام العملات الرقمية المشفرة، وأبرزها البيتکوين، تأتى في مقدمتها الاستخدامات غير المشروعة، کغسيل الأموال، والاحتيال الافتراضي، وغيرها. وقد رأت الدراسة أن السبب الجوهري في تلک الإشکاليات هو غياب التنظيم المرکزي من قبل الدولة، وعدم القدرة على السيطرة على تلک العملة.

بعد استعراض الدراسات السابقة، يمکن القول إن أغلبها تناول المخاطر من منظور التقنية، بيد أن هذه الدراسة تحاول النظر إلى تلک المخاطر من الناحية الاقتصادية، ذلک من خلال عمل تقييم اقتصادي لتلک المخاطر. الأمر الثاني، أن تلک الدراسات رکزت على بعض وليس کل عناصر المخاطر التي تواجه البيتکوين، لکن هذه الدراسة تحاول حصر جميع المخاطر المترتبة على استخدام تلک العملة.

1-4. منهج الدراسة:

تعتمد هذه الدراسة على المنهج التحليلي التطبيقي، حيث سيتم تحليل آلية عمل البيتکوين، بهدف التوصل إلى المساوئ المحتملة لها، وتبيان المخاطر الرئيسة المترتبة على استخدامها، واستخلاص أسباب تلک المخاطر، فضلًا عن استعراض وجهات النظر المتباينة، بين مؤيد ومعارض لتلک التقنية. کما سيتم استخدام البيانات لبيان مدي تطابق التطبيق العملي مع التحليل النظري. ومن ثم فإن هذه الدراسة تجمع بين النظرية والتطبيق، ذلک من أجل تحقيق الهدف النهائي، وهو عمل تقييم وتحليل اقتصادي لانعکاسات تلک التقنية، على أمل أن تتراکم المعرفة في ذلک الموضوع الحديث نسبيًا.

1-5. خطة الدراسة:

تنقسم الدراسة إلى خمسة أقسام بخلاف المقدمة والخاتمة، سيتناول کل قسم منها بالتحليل الاقتصادي المخاطر التي تواجه عملة البيتکوين، وهي على النحو التالي:

(1) التعرض للاحتيال الافتراضي، (2) معاملات غير رجعية، (3) الاستخدام في الأنشطة غير القانونية، (4) المخاطر التنظيمية، (5) تقلب سعر العملة.

2. مخاطر البيتکوين

قُبيل الحديث عن مخاطر البيتکوين، يجب التعرض بشکل موجز للمراحل التي مرت بها النقود. فقد مرت النقود بمراحل عديدة، بدءًا من المعادن النفيسة کالذهب والفضة، ثم النقود الورقية. ومع انتشار الوسائل التقنية وظهور التجارة الالکترونية، برزت أنظمة الدفع الإلکترونية، مثل الدفع بواسطة بطاقات الائتمان، والشيکات الالکترونية وغيرها من النقود المصرفية. ثم ظهرت العملات المشفرة، التي کان أبرزها البيتکوين، والتي افرزت عديدًا من الخصائص الجديدة التي لم تکن موجودة من قبل في النقود الورقية، والمصرفية، يوجزها الجدول التالي:

جدول رقم (1)

مقارنة بين النقود التقليدية والنقود المصرفية والبيتکوين

وجه المقارنة

النقود الرسمية (الدولار)

النقود المصرفية

البيتکوين

مادية العملة

لها کيان مادي ملموس

ليس لها کيان مادي ملموس

ليس لها کيان مادي ملموس

الوسيط بين طرفي المعاملة

لا تحتاج وسيط

تحتاج وسيط (البنک)

لا يوجد وسيط

(الند للند)

أطراف المعاملات

لا يجب تحديد هويتهم

يجب تحديد هويتهم

لا يجب تحديد هويتهم

وقت إنجاز المعاملات

بطيء

سريع نسبيًا

سريع بدرجة کبيرة

تکلفة التحويل للمعاملات

کبيرة نسبيًا

منخفضة نسبيًا

منخفضة بدرجة کبيرة

التحکم في العملة

عبر سلطة مرکزية

(البنک المرکزي)

عبر سلطة مرکزية

(البنک المرکزي)

غير مرکزي

(مجتمع البيتکوين)

سک (خلق) العملة

بواسطة السلطة النقدية

بواسطة السياسة النقدية وقرارات الجمهور غير المصرفي

بواسطة المُعدنين

المصدر: أعده الباحث، ولمزيد من التفصيل يمکن الرجوع إلى (شاهين، 2020)[7].

بيد أن بعض الصفات التي تتسم بها العملات الرقمية قد لعبت دورًا محوريًا في توليد مجموعة من المخاطر الاقتصادية. الأمر الذي جعل البعض ينظر إلى العملات المشفرة على أنها تقنية تخريبية Disruptive Technology، تلحق الضرر بالمستهلکين، والحکومات والنظم المالية، وحتى بالأمن القومي(D'Alfonso, et al., 2016). بالتالي يجب بحث تلک المخاطر بشکل مستفيض، وهو ما سيتم استعراضه تفصيلًا، في البنود التالية.

2-1. التعرض للاحتيال الافتراضي Virtual Pickpocketing

حيث إن تقنية البيتکوين لا توجد بها طرف ثالث – وسيط کالبنوک – حال الأنظمة التقليدية، وإنما يتم تأکيد المعاملات من خلال المُعدنين(Nakamoto, 2008)، فکون سلسلة الکتل Blockchain دفتر حسابات عام، يُسمح فيه لأي شخص بالاطلاع على جميع المعاملات التي تمت معالجتها، فإن أي شروع في الغش أو التلاعب في بيانات المعاملات يتم عن عمد، أو حتى عن غير عمد کخطأ، سيتم اکتشافه، وتصحيحه فورًا (Mayer, 2019). فضلًا عن أن تلک العملة هي عملة مشفرة Cryptocurrency، أي أنها تعتمد بشکل أساسي على مبادئ التشفير[8]، حيث يتم التحکم في محفظة البيتکوين من خلال مفتاح التشفير الخاص، هذا يجعل من الصعوبة بشکل عام اختراق تلک العملة أو التلاعب بأنظمتها.

بيد أن تلک العملة هي عملة رقمية، يتم الاحتفاظ بها في محفظة افتراضية Virtual Wallet. تلک المحافظ، مثل أي ملف على الحاسوب أو الهاتف، يتم تخزينها کملفات ".dat الأمر الذي يجعلها عرضة للقرصنة من قِبل البرامج الضارة Software Malware، فإذا تم اختراق المفتاح الخاص لمستخدم ما، يمکن نقل عملات البيتکوين إلى محفظة أخري. وقد أطلق البعض على تلک العملية "السرقة الافتراضية Virtual Pickpocketing " (Bringas, et al., 2012)[9].

يحصل المتداولون للبيتکوين على تلک العملات من خلال تبادل النقود الإلزامية Fiat Money بالبيتکوين – خاصة في بداية التعامل – ويکون ذلک من خلال بورصات البيتکوين، تلک التي تقوم بوظيفة البورصات التقليدية – بيع وشراء البيتکوين – حيث يحتفظ العملاء برصيدهم من تلک العملة في البورصة، ويتم السحب والايداع منها حسب الطلب. وقد وجدت بعض الدراسات مثل (Hileman, et al., 2017) أن 73% من المفاتيح الخاصة تسيطر عليها بورصات البيتکوين، مما جعل من هذه البورصات هدفًا ثمينًا للمتسللين Hackers.

وبالفعل وقعت عديد من حوادث السرقة لمحافظ البيتکوين، حيث ترتب على مهاجمة منصات تداول البيتکوين خسائر وصلت إلى مئات الآلاف من الدولارات. بدأت أولها في أغسطس من عام 2010، حيث استغل القراصنة بعض عيوب النظام وتم إنشاء أکثر من 184 مليون وحدة بيتکوين مزيفة Fake(Forrester, et al., 2013)[10]. وفى مارس من عام 2012، تمت سرقة ما يقرب من 50 ألف وحدة بيتکوين من منصة تداول Bitcoinica(Dodge, et al., 2016). وبعد ستة أشهر، سُرق ما يقرب من 24 ألف وحدة بيتکوين منصة تداول BitFloor، مما ترتب عليه إغلاقها في عام 2013 (HSE, 2014). وفي فبراير من عام 2014، تعرضت بورصة "Mt. Gox's"[11] لهجوم قرصنة، مما أفقدها قرابة 750 ألف وحدة بيتکوين من ودائع عملائها، بقيمة سوقية قدرت حينها بحوالي 450 مليون دولار، ما دفع تلک البورصة إلى طلب الإفلاس، بسبب عدم مقدرتها على رد أموال المودعين (Coindesk, 2020). وفي أغسطس من عام 2016، تم اختراق بورصة Bitfinex، الأمر الذي کبدها خسائر وصلت إلى 68 مليون دولار. ومع تلک الهجمات وتواليها وتزايد حدتها، أغلقت 38 بورصة من بين 80 بورصة للبيتکوين، ما يعني فقدان نصف السوق تقريبا فقط خلال 5 سنوات في الفترة (2010-2015)(Moore, et al., 2018).

وعلي صعيد آخر، فإن النقود في أشکالها التقليدية يمکن حفظها بشکل آمن في الخزائن والبنوک، على خلاف البيتکوين، کعملة رقمية، يتم تخزينها عبر سحابة الانترنت، ومن ثم فإن تلک الأخيرة لا تودع في البنوک التقليدية، کما أنها غير خاضعة للتنظيم من جانب أي سلطة مرکزية، ومن ثم فهي لا تخضع لمتطلبات التخفيف من المخاطر أو أي شکل من أشکال التأمين لأصحابها، وربما أيضًا لا تخضع لحماية قانونية لمستخدمين قد تعرضوا لهجمات احتيالية أو حتى مشکلات تقنية (Glaser, et al., 2014).        

إن مستخدمي البيتکوين هم الأکثر عرضة لما يُعرف بالتصيد الاحتيالي Phishing، وهي محاولة الحصول على معلومات شخصية من المستخدم، تتعلق بالاسم أو البطاقة الائتمانية أو کلمة المرور، ويصل الأمر في بعض الأحيان إلى المفتاح الخاص بالبيتکوين، وغيرها من المعلومات الحساسة. ويکون ذلک من خلال أساليب کثيرة ومتنوعة، مثل إرسال بريد الکتروني أو رسائل نصية أو حتى مکالمات هاتفية للمستخدمين، وفى بعض الأحيان باستخدام مواقع أو تطبيقات وهمية، أو محافظ مزيفة. وبعد الحصول على تلک المعلومات فإن المستخدمين يکونوا عرضة للاحتيال بشکل کبير (Shubber, 2014).

ومع ذلک، يجادل أنصار البيتکوين بأن تلک العملة لها من الخصائص التي تمکنها من علاج العيوب السابقة، کخاصية خوارزميات التشفير Cryptographic Algorithms مثلًا، التي يتم تطويرها بالشکل الذي يوفر حماية للمتعاملين بها، کما أنه مع مرور الوقت يزداد المتعاملون على الشبکة، وکذلک المُعدنون اللذين يتحققون من صحة المعاملات، الأمر الذي انعکس فعليًا في انخفاض عدد الهجمات على الشبکة (Kaushal, et al., 2017). کما يرى البعض، أنه إذا بات الإنترنت وسيلة ضرورية لإجراء معاملات البيتکوين، لکنه ليس أساسيًا لتخزين البيتکوين، بمعنى أنه يمکن استخدام خاصية التخزين في وضع عدم الاتصال Offline Storage، من خلال محفظة تسمي "Armory"، فهي عبارة عن محفظة باردة Cold Wallet، صُممت للتعامل مع أجهزة لا تحتاج إلى الارتباط بالإنترنت، هذا بالطبع يقلل بشکل کبير من محاولات سرقة البيتکوين (Bitcoinarmory, 2020).

خلاصة القول، أن عملة البيتکوين تواجه عديدًا من الخروقات الأمنية Security Breaches، تتعلق بالمخاطر التشغيلية Operational Risk المترتبة على استخدام تلک العملة، وهي أي إجراء من شأنه تقويض البنية الأساسية التقنية والأمنية للبيتکوين، بما يبعث القلق من جانب المتعاملين، نتيجة بعض نقاط الضعف المحتملة والثغرات الأمنية التي قد تواجههم (Böhme, et al., 2015)، فمجرد فقدّ المفتاح الخاص الموجود في ملف على المحفظة الافتراضية، بسبب عدم دراية المتعامل بالبيتکوين بشکل جيد بآلية التعامل – يمکن مثلًا حذف أو إيقاف عملاتهم بدون قصد – (Brito, et al., 2013)، أو حتى إصابة الحاسوب أو الجهاز المُحمل عليه المحفظة الإلکترونية بالفيروس، مما سيحرم صاحبه من الوصول إلى عملات البيتکوين الخاصة به، الأمر الذي قد يوقعه في مشکلات عديدة، أهمها أن يکون صيدًا سهلًا للسرقة، لذلک يجب على مستخدمي البيتکوين التعامل بحذر شديد مع المفاتيح الخاصة (Mayer, 2019). کما أن تعرض المتعاملين بالبيتکوين للقرصنة، لا يضمن لهم استرجاع حقوقهم، خاصة أنه لا يوجد جهة مرکزية لها سلطة على معاملات البيتکوين، وما يزيد من تفاقم المشکلة هو أن معاملات البيتکوين غير رجعية، وهو ما سيتم تناوله في النقطة التالية.

2-2. معاملات غير رجعية Irreversible Transactions

تتميز البيانات المسجلة على سلسلة الکتل Blockchain بالثبات أو عدم القابلية للتغيير Immutability، وهي السمة التي بموجبها لا يمکن تعديل أو حذف أي بيانات مُسجلة عليها، ومن ثم عدم إمکانية العبث بمحتوياتها. وتمثل تلک الخاصية حجر الزاوية لأمن سلسلة الکتل، وما يميزها عن قواعد البيانات التقليدية (Politou, et al., 2019). بيد أن تلک السمة يترتب عليها عدم قابلية التراجع عن المعاملات The Irreversibility of the Transactions – ومن ثم عدم رجعية مدفوعات البيتکوين، بمعنى أنه في حال إتمام معاملة ما، فلا يمکن الرجوع فيها أو ردها إلا من قبل الشخص الذي يتلقى الأموال – من خلال قيام ذلک الشخص بإرادته برد القيمة في معاملة أخرى، مختلفة عن سابقتها(Guegan, 2018). حيث لا يوجد أي جهة أو حتى أي سلطة مرکزية – مثل السلطة النقدية في الدولة – أو مُحکم Adjudicator، أو أي وسيط أو ضامن، يمکنه إجبار الطرف المتلقي للعملة على ردها للطرف الأخر، خاصة في حال إثبات المعاملة والتحقق منها من قبل المُعدنين(Coindesk, 2018).

ما يتبادر إلى الذهن الآن السؤال التالي، ما مدي الخطورة في معاملات لا رجعة فيها؟ بالطبع إن تلک الخاصية يترتب عليها زيادة مخاطر المعاملات، ففي حال أرسل المستخدم عملات بيتکوين بسبب خطأ، فإن نظام البيتکوين لا يوفر آلية مدمجة للتراجع عن الخطأ. فمثلًا إذا کانت هناک معاملة بين تاجر وعميل من خلال البيتکوين، وحدث مشکلة ما، تستوجب تصحيح خطأ المعاملة والرجوع فيها، فإن بروتوکول البيتکوين ليس لديه آلية لاستعادة الأموال بالقوة، أي أنه لا يضمن للمشتري – العميل – استرجاع ما دفعه، إلا في حال موافقة البائع – التاجر – طواعية (Böhme, et al., 2015).

هذا في حال حدوث خطأError ، فما بالنا في حال حدوث احتيال Fraud. إن خاصية المدفوعات غير القابلة للإلغاء، تجعل من المتعاملين بتلک العملة فريسة وصيدًا سهلًا للمحتالين. خاصة وأن الضحايا عادة لا يکتشفون الاحتيال إلا بعد إتمام المعاملة، وبذلک يضمن المحتالين عدم الرجوع في المعاملة بعد اکتشاف الخداع (Moore, et al., 2018). إن ما تعرضت له بورصة"Mt. Gox's"من افلاس، خير دليل على ذلک، حيث خسرت حوالي 750 عملة بيتکوين، ولم تستطع ردها حتى الآن. وفى حال التعامل بين التاجر والعميل، يمکن أن يحتال التاجر ببيع منتج مثلًا ثم لا يقوم بتوصيله أو يصل بشکل غير مطابق لما تم الاتفاق عليه، أو أي طريقة أخري يحتال بها التاجر، هنا أيضًا لا توجد طريقة تضمن حق العميل.

وعلى صعيد آخر، توفر طرق الدفع التقليدية – حتى الإلکترونية منها مثل بطاقات الائتمان – معاملات يمکن التراجع عنها، حال تقدم المستهلک بشکوى، أو ثبت حدوث خطأ أو احتيال من التاجر، ذلک بعد الرجوع إلى القوانين التي تحکم ذلک النوع من النزاعات بين التاجر والعميل. کما أنه يوجد طرف وسيط بين المتعاملين، يمکن الرجوع إليه، الأمر الذي لا توفره تقنية البيتکوين، ما يخلق مخاوف لدي المتعاملين بها، بسبب عدم توفر حماية لهم (Yermack, 2015).

ثمة أمر أخر يجب الإشارة إليه، فقد يکون الخطأ ناتجًا عن فقدّ المفتاح الخاص للمستخدم – حال فقدان ملف المحفظة – هنا يتم فقدّ عملات البيتکوين إلى الأبد، ولا يمکن استرجاعها. فقد وجدت بعض الدراسات أن هناک عددًا کبيرًا من عملات البيتکوين المفقودة، ذلک من خلال فحص وتحليل العملات الخاملة Dormant، أو الساکنة على سلسلة الکتل، وافترضوا أن هذه العملات ربما تکون فُقدت عندما کان المستخدمين يختبرون التقنية وحذفوا محافظهم بالخطأ (Ron, et al., 2012). وقد أُطلق على تلک العملات الخاملة مصطلح "عملات الزومبي" Zombie Coins، والتي قُدرت في دراسات أخري، مثل (Manuel, et al., 2014) بحوالي 30 ٪ من جميع عملات البيتکوين التي تم تعدينها.

ومع ذلک، لا يزال أولئک المدافعون عن البيتکوين يجادلون بأن هناک طرقًا کثيرة لتجنب فقدان حسابات المستخدمين البيتکوين، مثل إجراء نسخ احتياطي للمفاتيح Back up the Keys، کالاحتفاظ بنسخ فعلية دون اتصال بالإنترنت، على سبيل المثال. کما أن خاصية المعاملات غير الرجعية، هي رکيزة أساسية لأمن ومصداقية معاملات البيتکوين، کما أنها أداة جيدة لحل مشکلة الإنفاق المزدوج Double-spending[12].

2-3. الاستخدام في الأنشطة غير القانونية   Illegal Activities

تقتضي خاصية الاسم المستعارPseudonymous[13]، أن يکون اسم المستخدم للبيتکوين – عنوان البيتکوين –هو مجرد أرقام وحروف فقط، ومن ثم لا توجد أي معلومات يمکن أن تحدد الهوية الشخصية للمرسل والمستلم للبيتکوين – کالاسم والعنوان – فالهوية هنا مخفية Hidden Identity (شاهين، 2020). تعد تلک السمة ميزة وعيب في نفس الوقت، فکما أنها ميزة – حيث يتمتع المتعامل بالبيتکوين بالخصوصية، فضلًا عن مميزات أخري تجعلها أداة مميزة للدفع الالکتروني، إلا أن لها بعض السلبيات، حيث يصعب على الجهات الرسمية والأمنية تتبع المتعاملين بتلک العملة.

فهناک بعض السلع غير القانونية، التي لا يمکن بيعها على مواقع التسويق الإلکترونية مثل eBay وAmazon، لأن ذلک يعرضها للمساءلة القانونية. بيد أن هناک ما يُعرف بالويب العميق Deep Web، وهي مواقع غير مرئية – مخفية – لا يمکن الوصول إليها من خلال محرکات البحث التقليدية مثل Google، Bing[14]، لأنها غير متاحة على شبکة الإنترنت العادية، وإنما هي موجودة على ما يعرف بالشبکة المظلمة Dark Net. وقد تم إنشاؤها خصيصًا لإخفاء هوية المستخدمين وعناوين IP للجهاز الخاص بالمستخدم، الأمر الذي يجعل من تعقب مستخدمي تلک المواقع من قبل السلطات أمرًا في غاية الصعوبة (HSE, 2014)[15]. 

لکن هنا يوجد ثغرة، تُمکن السلطات الأمنية من تتبع تلک المعاملات غير القانونية، فطالما تم بيع المخدرات لسنوات عديدة عبر الإنترنت، قبل ظهور البيتکوين، کان ذلک على مواقع ويب غير قانونية مثل "The Farmer’s Market"، لکن في النهاية فإن معظم تلک المعاملات تتم باستخدام PayPal مثلًا کوسيلة للدفع، الأمر الذي يُمکن السلطات الأمنية من تتبع تلک الحسابات(Böhme, et al., 2015).

مما يجعل تعقب السلطات للمتعاملين بتلک المواقع حاليًا يکاد يکون مستحيلًا، هو أن معظم تلک المواقع تتعامل بالبيتکوين، الأمر الذي يزيد من تعقد إمکانية الکشف عن هوية المستخدم، ويتيح للمتعاملين البقاء مجهولين، فضلًا عن أن تلک التعاملات لا يمکن أن تتعرض للتجميد من قبل السلطات إذا ثبت أن أطراف الصفقة يعملون في أنشطة غير قانونية، الأمر الذي يشجع على إجراء المعاملات دون خوف من الملاحقة القانونية والأمنية. أکثر الأسواق شيوعًا لشراء المنتجات غير القانونية باستخدام عملة البيتکوين کانت على موقع Silk Road على الإنترنت[16]، وهي سوق سوداء، معظم أنشطتها تکون غير مشروعة، وتأتي المخدرات بمختلف أشکالها على قمة مبيعاتها. وقد تم القبض على مؤسس Silk Roadفي أکتوبر من عام 2013[17]، ووجهت له مئات التهم تنوعت ما بين الاتجار بالمخدرات وغسيل الأموال والاتجار في وثائق مزورة والشروع في القتل، وغيرها (Minnaar, 2017).

ما يزيد الطين بلة، هو أن تقنية البيتکوين تُمکن مستخدميها من تفعيل خاصية "الخلاطات" Mixers. فإذا کان المستخدمون لتلک العملة يتعاملون بأسماء مستعارة، فإن جميع تلک المعاملات تکون مسجلة على سلسلة الکتل، الأمر الذي يضفي مزيد من الشفافية، ومن ثم يتيح للسلطات الأمنية تتبع تلک الأسماء المستعارة، وربما أيضًا أن يعرف هوية المستخدم – من البريد الالکتروني المستخدم لتسليم البضائع المشتراة، أو حتى من الحساب المصرفي المستخدم في شراء عملات البيتکوين – ثم يتتبع المعاملات الأخرى لذلک المستخدم التي تتم بنفس الاسم المستعار. بيد أن استخدام تقنية "الخلاطات" يجعل من الصعوبة على أي شخص أو جهة بتتبع المستخدمين أثناء التعاملات (شاهين، 2020). کما أن هناک ارتباطًا شديدًا بين مستخدمي البيتکوين وبرنامج OnionRouter (Tor)، وهي حزمة برامج حاجبة للهوية، غالبًا ما تستخدم للبحث في Deep Web(HSE, 2014).

على صعيد أخر، تتمثل الخطورة الأکبر لاستخدامات البيتکوين غير القانونية، في العمليات الإرهابية، حيث تُمهد خواص البيتکوين – کخاصية اللامرکزية، والاسم المستعار – الطريق أمام التنظيمات والجماعات الإرهابية. وبما أن التمويل يُعد أحد الأرکان الأساسية لضمان استمرار الأنشطة الاجرامية لتلک التنظيمات، وبما أن تلک الانشطة تکون مخالفة للقانون، فإنه يتعذر التعامل مع البنوک مثلًا، ومن ثم سعت تلک التنظيمات إلى توظيف البيتکوين في أنشطة التمويل. بالطبع لا توجد أدلة قاطعة على استخدام البيتکوين في تمويل عمليات إرهابية، نظرًا لسرية المعاملات، لکن هناک کثير من الدلائل على استخدام عملة البيتکوين من قبل تلک الجماعات، فتشير بعض التقارير إلى احتمالية کبيرة لاستخدام البيتکوين في تمويل عمليات إرهابية في دول عديدة مثل فرنسا وبلجيکا وسوريا والعراق، وغيرها (مصطفي، 2017). کما أنه في يوليو من عام 2014، نشرت الدولة الإسلامية بالعراق والشام "داعش" (ISIS)، والمعروفة باسم تنظيم الدولة الإسلامية (IS)، مدونة على شبکة الانترنت، بعنوان “Bitcoin and the Charity of Violent Physical Struggle” أوجزت فيها استخدام عملة البيتکوين کآلية لتمويل أنشطتها، کما دعت إلى استخدام DarkWallet کمنصة للتمويل (Higgins, 2014)[18].

کما يمکن استخدمها أيضًا في عمليات الاختطاف والحصول على فدية، من خلال إرسال الأموال إلى حساب المختطف مقابل الافراج عن الضحية، فضلًا عن الاستخدام في عمليات الابتزاز المشفر Crypto Extortion، التي تعني قيام مجرمو الإنترنت بسرقة المعلومات الشخصية من أجهزة الحاسوب الخاصة بالضحية، باستخدام برامج "فدية" تستعمل تقنيات متقدمة للتسلل عبر جهاز الضحية. ذلک يتم من خلال وسائل عديدة، مثل الإعلانات الضارة أو عبر رسائل البريد الإلکتروني العشوائية أو المواقع المخترقة أو البرامج الخبيثة الأخرى، ثم تشفيرها، ثم تهديد المستخدم بدفع فدية لفک تشفير الملفات وإعادة بيعها إما في السوق السوداء أو لمالکها الأصلي مرة أخرى (Petters, 2020).

هنا يتبادر إلى الذهن سؤال، إذا کان الأمر کذلک، فما الجديد في ذلک؟، فتشفير بيانات الضحية واحتجازها بهدف الابتزاز موجود قبل البيتکوين على الانترنت، فذلک الأمر ليس بجديد في عالم الجريمة السيبرانية Cyber-criminals. الجديد هنا هو أن دفع الفدية يکون من خلال البيتکوين، فعلى سبيل المثال، في عام 2014 وقعت عديد من هجمات الابتزاز Extortion Attacks باستخدام البيتکوين(Krebs, 2014)، وفي تقرير آخر، أشار إلى أن هناک أدلة على أن ما يصل إلى 325 مليون دولار من مدفوعات ضحايا برامج الفدية وأکثر من 400 ألف محاولة لإصابة أجهزة الحاسوب بالنسخة الثالثة من CryptoWall(CW3)[19]،التي يبدو أن الکثير منها رکز على أهداف في أمريکا الشمالية (Higgins, 2015).

خلاصة القول، تعمل البيتکوين على تسهيل النشاط الإجرامي، خاصة الجرائم السيبرانية، حيث تضفي عديد من صفاتها مزيدًا من الخصوصية وعدم الکشف عن هوية المتعاملين، الأمر الذي جعل منها أداة جذابة للمعاملات في الأنشطة غير القانونية والاجرامية،  تأتى في مقدمتها المخدرات، وغيرها مثل تجارة الأسلحة والقمار غير القانوني، وتجارة البضائع المسروقة، وعمليات غسيل الأموال، والاستغلال الجنسي للأطفال والنساء وتجارة الأعضاء البشرية، وبيع الأسلحة ودفع الفدية، والابتزاز، وحتى القتل، فضلًا عن تمويل العمليات والمنظمات الإرهابية، بالإضافة إلى أعمال التزوير – کتزوير جوازات السفر وبطاقات الائتمان –وغيرها من الأنشطة التي تتم من خلال الانترنت، الأمر الذي أکسب تلک العملة الرقمية شهرة غير عادية في تجارة السوق المظلمة، والأسواق الخارجة عن القانون.

بيد أن عديدًا من المدافعين عن البيتکوين يرون أن أسباب استخدام البيتکوين کوسيلة فعالة في الأنشطة غير القانونية کالمخدرات وغسيل الأموال تقترب کثيرًا من الدولار أيضًا، فذلک الأخير يستخدم أيضًا في تلک الأنشطة. کما اعتبر آخرون أن المشکلة الأساسية ليست هي تلک العملة، وإنما هو ذيوع الأنشطة غير القانونية، وأن الحل الجذري يکمن في حظر القنوات التي تروج علنًا للأنشطة غير القانونية، وعلى الحکومات استخدام سلطاتها لوقف تلک الأنشطة بالقانون (Jankov, 2017).

وقد ذهب بعض المدافعين، لأبعد من ذلک، فقد رأوا أن هناک عديدًا من الأسباب التي تجعل من البيتکوين أداة طاردة للتعامل في الأنشطة غير القانونية، أولها هو أن کل المعاملات يتم تسجيلها على سلسلة الکتل، وهي متاحة للجميع بشفافية، ومن ثم فهي تُسهل من عملية تتبع حرکات انتقال العملات بين المتعاملين، کما أن تعاون البورصات في تبادل المعلومات حول عملائها، والابلاغ عن العمليات المشتبه في عدم امتثالها للقانون، مما يُحد بشکل کبير من استخدام تلک العملة في الأنشطة غير القانونية (Brito, et al., 2013). وعلي صعيد آخر، ففي محاولة للتعرف على المتعاملين، توصل بعض الباحثينأن ما يقرب من نصف المستخدمين يمکن التعرف عليهم بواسطة أنماط معاملاتهم على سلسلة الکتل (Androulaki, et al., 2012). وأخيرًا، فإن التقلب الشديد والسريع في قيمة تلک العملة – سيتم توضيحه لاحقًا – مقابل العملات الرسمية، يجعل منها أداة غير فعالة في الاستخدام في الأنشطة غير القانونية، حيث يمکن أن تفقد العملة جزءًا کبيرًا من قوتها الشرائية، ما يُکبد المتعاملين بها خسائر فادحة.

2-4. المخاطر التنظيمية Regulatory Risks

إن الأمر لا يقتصر على الاستخدام الواسع في الأنشطة غير القانونية – في السوق السوداء Black Market – بل يمتد أيضًا ليشمل أنشطة لا يتم تسجيلها بشکل قانوني – السوق الرمادية Gray Market – وبالطبع ذلک نتيجة منطقية لسرية المعاملات وعدم وجود رقابة من سلطة مختصة ورسمية على حجم تبادل السلع والخدمات، الأمر الذي يفضي إلى توسع ما يعرف بـ "اقتصاد الظل" Shadow Economy، وتضخم حجم الاقتصاد غير الرسمي (Matonis, 2012)، ومن ثم عدم قدرة السلطات على ربط الضريبة على تلک الصفقات، مما يزيد من مخاطر التهرب الضريبي، وبالتالي يؤثر سلبًا على فعالية السياسة المالية للدولة(Kaushal, et al., 2017)[20].

في ضوء ما تقدم من خواص البيتکوين[21]، من عدم امکانية الکشف عن هوية مستخدميها – الخصوصية والسرية – وعدم وجود سلطة أو جهة مرکزية تتحکم فيها، فضلًا عن أنه لا يوجد أي کيان قانوني مسؤول عن البيتکوين کعملة، کونها غير مدعومة من أي جهة رسمية أو مؤسسة أو حتى منظمة دولية، ما يجعلها عملة "غير نظامية". وبالتالي لا توجد أي سلطة تستطيع أن تحظرها، لأنها ببساطة لا تخضع لسيطرتها أساسًا، الأمر الذي جعل البعض يُطلق عليها تقنية مقاومة للرقابة Censorship-resistant Technology(Mayer, 2019)،(الباحوث، 2017)[22].

فاقتصاديات البيتکوين تعمل خارج نطاق المؤسسات المالية التقليدية، ودون النظر إلى الحدود الوطنية والجغرافية، ومن ثم توجد صعوبات جمة في تحديد الاختصاص القضائي، وهنا لا توجد إفصاحات Disclosures، ولا تقارير، ولا استفسارات حول المعاملات الکبيرة، وبالتالي يتمکن المتعاملون بالبيتکوين من التحايل على الإطار التنظيمي (Hendrickson, et al., 2015)، خاصة وأن أي هيئة تنظيمية رسمية لن تستطيع أن تشرف على تلک المعاملات[23].

وهنا تجسد البيتکوين حالة الاستقلال عن النظام المالي المرکزي، ولا شک أن توسع التعامل بتلک العملة وزيادة حجمها في الاقتصاد، من شأنه أن يُقلص من قدرة السلطة النقدية على التحکم في السياسات النقدية، حيث تُضعف من فاعلية أدواتها التي تستخدمها للتحکم في الائتمان[24]، فضلًا عن التأثير على سرعة دوران وحجم النقد الرسمي في الدولة (البنک المرکزي الأردني، 2020). ويرى آخرون، أن ذلک سينعکس سلبًا على حجم الطلب على النقود الإلزامية ذات العرض المرتبط بقرار السلطات النقدية، فضلًا عن التأثير على أسعار الصرف (Nian, et al., 2015).

وعلى صعيد آخر، هناک تخوف من أن تصبح البيتکوين الآلية الرئيسة لتسوية المدفوعات، وخاصة التبادلات الدولية، الأمر الذي بلا شک سيؤثر على اقتصاديات الدول الکبيرة التي تکون لعملتها الرسمية دور کبير في المعاملات الدولية – کالدولار – وعلى الرغم من أن حجم التبادلات بعملة البيتکوين تُشکل جزءًا ضئيلًا جدًا مقارنة بالدولار مثلًا، مما يجعل ذلک النوع من العملات الرقمية غير مؤثر في عرض النقود، ومن ثم السياسة النقدية بشکل عام، إلا أن هناک تقارير عديدة تشير إلى تنامي قلق المسئولين الحکوميين في حالة استمرار زيادة الطلب على البيتکوين (Hendrickson, et al., 2015)، لما تمثله تلک العملات من تهديد مباشر للأنظمة المالية التقليدية، والخوف من أن تتقمص تلک العملة وغيرها من العملات الافتراضية دور البديل للعملات التقليدية الرسمية (نور الدين، 2018).

ثمة أمر أخر وجب التنويه له، فهناک عديد من الأسباب التي تدفع الافراد أو الجهات أو حتى الدول إلى قبول تلک العملة رغم مثالبها، فقد يکون استخدام البيتکوين مغريًا لجهات متمردة سياسيًا أو غير حکومية في دولها، في محاولة منها لتطبيق نظام مالي بديل عن الأنظمة التقليدية الرسمية. وقد يکون أيضًا أثناء الحروب أو الأزمات الاقتصادية، کتفاقم مشکلة المديونية للدولة، سواء المحلية منها أو الأجنبية، أو حتى وقت انتشار وباء عالمي – کجائحة کورونا Covid-19 – ما يُسبب ارتباکًا في الأنظمة الاقتصادية للدول المتضررة، ومن ثم يمکن لمواطني الدولة أن يفقدوا ثقتهم بعملتهم المحلية، ما يدفعهم للجوء إلى العملات الافتراضية، وأبرزها البيتکوين[25]. هذا على جانب الأفراد، لکن ذلک الشأن قد يکون أيضًا من جانب دول تُقبل على استخدام تلک العملة، في محاولة منها لتخفيف العقوبات الاقتصادية والقيود الدولية المفروضة عليها، وغيرها من الأسباب التي قد تدفع افرادًا وجهاتً ودولًا للتعامل بتلک التقنية.

إن سمة اللامرکزية هي الصفة الجوهرية للبيتکوين، تلک التي يترتب عليها عدم وجود سلطة مرکزية تتحکم في تعدين کمية البيتکوين. بيد أن تکلفة التعدين الباهظة، تدفع المُعدنينإلى التکتل في مجموعات تسمي مُجَمَّعات التعدين Mining Pools[26]. وتشير بعض الدراسات إلى أنه تقع غالبية قوة التعدين في أيدي عدد قليل من مُجَمَّعات التعدين الکبيرة (Moore, et al., 2018)، کما أشارت دراسة أخري إلى احتمالية سيطرة إحدى تلک المُجَمَّعات على 40% من إجمالي طاقة التعدين للبيتکوين (Barber, et al., 2012).

ولعل سيطرة أي فرد أو جهة ما على 51% من إجمالي طاقة التعديين للبيتکوين، له توابع خطيرة، فمن الممکن حينها أن يُظهر هؤلاء المُعدنين المعاملات غير الصالحة على أنها معاملات صالحة، حتى بعد تأکيد المعاملات، هذا ما يسمى إطلاق "هجوم 51٪" (Merwe, 2019). ومن ثم فإن القلق من سيطرة شرکات التعدين لا يتوقف على کون تلک الهيمنة تأتى من جانب أفراد أو جهات، فقد تکون محاولة فرض النفوذ من دول أيضًا. ما يدعم تلک الفرضية هو ما أشارت إليه دراسة (Jankov, 2017)من احتمالية أن الحکومة الصينية تلعب دورًا کبيرًا في تعدين البيتکوين، ويکفي القول إن بعض الدراسات أشارت إلى أن نصف المُعدنين للبيتکوين هم صينيون. وبصرف النظر عن حقيقة ذلک الأمر من عدمه، وبصرف النظر أيضًا عن افتراض سوء النية وأن هدف السيطرة ليس هو تأکيد معاملات فاسدة، وحتى لو افترضنا حسن النية، فلا شک أن تجمعات التعدين الضخمة تهدد اللامرکزية التي تدعم مصداقية بيتکوين.

على صعيد آخر، فإن سمة انخفاض تکاليف المعاملات، هي من المزايا التي يروج لها مناصرو البيتکوين، بيد أن التعدين – خلق وحدات البيتکوين – يزداد صعوبة مع الوقت، ومع نمو عدد البيتکوين المتداول، أصبحت الخوارزميات Algorithms التي يجب على أجهزة الحاسوب حلها لتأکيد الکتل أکثر تعقيدًا، مما يزيد من الوقت والطاقة اللازمة للتعدين – تکلفة التعدين – خاصة في ظل العرض المحدود والمحدد سلفًا، والمُقدر بـ 21 مليون وحدة بيتکوين کحد أقصى، الأمر الذي سيدفع بالضرورة إلى مطالبة المُعدنين بمکافأة أکبر، ومن ثم ارتفاع  تکاليف المعاملات، مع مرور الوقت (HSE, 2014).

في مسألة تنظيم سوق البيتکوين، تباينت ردود الحکومة على عملة البيتکوين من القبول الصريح Outright Acceptance إلى الحظر الصريح Outright Banning لها. بيد أن عديدًا منهم قد ترکوا عملة البيتکوين في منطقة رمادية قانونية Legal Grey Area، بمعنى عدم القبول أو الحظر الصريح. وهناک أيضًا تقسيمات للدول على أساس البيئة القانونية للتعامل مع البيتکوين، وهنا يتم تقسيم تصرفات الدول مع البيتکوين إلى ثلاث أنواع مختلفة، النوع الأول "متساهلة" Permissive، النوع الثاني "مثيرة للجدل" Contentious، أما النوع الثالث فيکون "عدائية" Hostile(Hendrickson, et al., 2015).

من الناحية القانونية، فهناک من يحظر ويجرم استخدام البيتکوين کروسيا والصين وأيسلندا وتايلاند وفيتنام وإيران وبنجلادش والامارات العربية المتحدة، وهناک البعض الذي يعترف بها جزئيًا کألمانيا، واليابان وبلجيکا (Guegan, 2018). وفي مصر تحديدًا، أعلن المفتي العام، في يناير من عام 2018، إن تداول العملات المشفرة محظور بموجب الشريعة الإسلامية بسبب المخاطر المرتبطة بها، کالتقلبات التجارية وتقويض النظام القانوني للدولة، وتسهيل الأنشطة الاجرامية. وقد صرح محافظ البنک المرکزي المصري في ذات العام أن البنوک تتعامل مع العملات الرسمية فقط، ولا تتعامل مع أي عملات افتراضية، ذلک من أجل استقرار النظام المصرفي المصري(Coindesk, 2018)، (Zhao, 2018).

بشکل عام، وجب التنويه لنقطتين، الأولى أن قرارات الدول المختلفة ما بين حظر أو قبول التعامل بالبيتکوين، أي الوضع القانوني لتعامل أي دولة مع البيتکوين من الناحية التنظيمية، قد يتغير من فترة لأخرى، فيمکن لدولة ما أن تقبل التعامل بها، ثم بعد ذلک تحظرها، والعکس. والثانية: أن رفض الحکومة لقبول البيتکوين لا يکفي لمنع تداولها، فرغم أن الصين على سبيل المثال تحظر التعامل بالبيتکوين، فإن عدد المتعاملين بالبيتکوين لا يزال کبيرًا، لأن الحکومة لن تتمکن من منعهم بشکل کلي.

خلاصة القول، يمکن للبيتکوين أن يُنشئ قوة اقتصادية جديدة، خارجة عن سيطرة الدولة، ما يُمثل تهديدًا للاستقرار النقدي للدول التي يشيع استخدام البيتکوين بها، فضلًا عن عدم وجود إطار قانوني يحکم التعاملات بالبيتکوين، بسبب حداثة تلک العملة من ناحية، وعدم القدرة على بسط سيطرة الدولة عليها من ناحية أخري، ومن ثم يفتقر المتعاملون بها إلى الحماية القانونية، الأمر الذي لا يمکنهم من الحصول على حقوقهم حال تعرضهم لمشکلات ناتجة عن التعامل بتلک العملة.

2-5. تقلب سعر العملة Currency Fluctuation

مرت عملة البيتکوين بمراحل مختلفة من الصعود والهبوط في قيمتها، والانتشار والانحسار في قبول التعامل بها، منذ تاريخ ظهورها وحتى تلک اللحظة. فقد استمر سعر البيتکوين في التقلب بشکل کبير على مدار الأعوام الماضية، ما يشير إلى عدم الاستقرار Instability، ويمکن استعراض التطور التاريخي لعملة البيتکوين من خلال الجدول رقم (2)، وشکل رقم (1)، واللذان يعتمدان على بيانات يومية لسعر صرف البيتکوين مقابل الدولار (Coindesk, 2020).

جدول رقم (2)

 أقصى وأدني قيمة للبيتکوين مقابل الدولار في کل سنة في الفترة ما بين (2010-2020)

أقصى قيمة

في السنة الواحدة

أدنى قيمة

في السنة الواحدة

السنة

أقصى قيمة

في السنة الواحدة

أدنى قيمة

في السنة الواحدة

السنة

971.65

12/29/2016

369.13

1/29/2016

2016

0.39

11/6/2010

0.05

----[27]

2010

19166.98

12/17/2017

772.66

1/12/2017

2017

29.60

6/8/2011

0.29

1/3/2011

2011

16735.11

1/7/2018

3194.96

12/16/2018

2018

13.70

12/12/2012

4.22

2/18/2012

2012

12575.90

7/10/2019

3360.53

2/8/2019

2019

1147.25

12/4/2013

13.28

1/2/2013

2013

10367.53

2/15/2020

4944.70

3/17/2020

2020

970.65

1/6/2014

306.46

12/19/2014

2014

 

467.83

12/12/2015

193.35

1/15/2015

2015

المصدر: أعده الباحث من واقع بيانات يومية عن سعر الإغلاق Closing Price للبيتکوين مقابل الدولار (USD) (Coindesk, 2020)[28]، بدءًا من يوم 18/7/2010، وحتي يوم 1/7/2020.

يوضح الجدول السابق، أقصى وأدنى قيمة للبيتکوين في کل سنة، منذ شهر يوليو عام 2010، وحتى يوليو من عام 2020، أي خلال أحد عشر عامًا. ويمکن القول إن هناک تقلبات کبيرة High Volatility، في سعر صرف البيتکوين مقابل الدولار. إن ذلک التقلبيمکن أن يزيد أو يقل من سعر البيتکوين بشکل غير متوقع – لا يمکن التنبؤ به بدقة – خاصة خلال الفترة القصيرة.

ويمکن القول، أن القيمة التبادلية للبيتکوين کانت متدنية للغاية منذ إصدارها في عام 2009. وکانت أول عملية شراء باستخدام البيتکوين، في ذلک العام، هي شراء بيتزا بتکلفة 10000 وحدة بيتکوين. وفي عام 2010، بدأ تداول البيتکوين على بورصة "Mt. Gox's" حيث تم تداول 20 وحدة بيتکوين بسعر 4.951 سنتًا (Yermack, 2015). بعدها ارتفعت قيمة البيتکوين مقابل الدولار، لتتراوح ما بين 5 إلى 9 سنت، حتى شهر سبتمبر من نفس العام. ولم يتخط سعر صرف البيتکوين حاجز الدولار إلا في فبراير من عام 2011، ليبلغ 1.09 دولار، ثم تضاعف سعره أکثر من 27 مرة ليصل إلى أقصى قيمة له في أغسطس من ذلک العام وهو 29.6 دولارًا من نفس العام، بحسب بيانات جدول رقم (2).

وفي الأول من أبريل من عام 2013، قفز سعر البيتکوين بشکل کبير، ليتخطى حاجز 100 دولار، ثم حدث طفرة غير عادية في سعره في الشهر الأخير – ديسمبر – من نفس العام، ليتخطى 1000 دولار، ثم يصل إلى أقصي قيمة في ديسمبر من ذلک العام وهي 1147.25 دولار، بحسب بيانات جدول رقم (2). ربما يکون ذلک بسبب قيام شرکةBaidu ، وهي شرکة خدمات ويب تدير أکبر محرک بحث في الصين، بقبول عملة البيتکوين في أکتوبر من عام 2013، مما أدي إلى فتح سوق جديد للمتعاملين بالبيتکوين وهم الصينيون. لکن في نفس الشهر، أصدر بنک الشعب الصيني People's Bank of China بيانًا يحظر فيه على المؤسسات المالية وشرکات الدفع شراء أو بيع أو عرض أسعار لمنتجات مرتبطة بعملة البيتکوين، فتتوقف Baidu عن قبول البيتکوين في اليوم التالي (Hendrickson, et al., 2015). وقد شکل ذلک القرار ضربة کبيرة للبيتکوين، کما تسبب حادث قرصنة بورصة "Mt. Gox's، وما ترتب عليها من تعرضها للإفلاس في فبراير من عام 2014، في انخفاض سعر البيتکوين انخفاضًا حادًا (Yermack, 2015)، فوصل في ديسمبر من ذات العام إلى 306.46 دولار، أي أنها انخفضت بنسبة 73% مقارنة بقيمتها في ديسمبر من عام 2013.

يتضح أيضًا من الجدول السابق أن قيمة البيتکوين في عام 2015، تراوحت ما بين (193.35- 467.83) دولار، لکن بحلول نوفمبر من عام 2016، عادت أسعار البيتکوين للارتفاع مرة أخرى، واقتربت من حاجز 1000 دولار، ويرجع ذلک ربما إلى فوز ترامب بالانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة الأمريکية، على نحو غير متوقع، مما خلق الاضطرابات في الأسواق المالية (Aljohani, 2017). وقد شهد ديسمبر من عام 2017، ارتفاعًا حادًا في سعر البيتکوين، لتبلغ بذلک أقصي قيمة لها منذ صدورها وحتى الآن، وهي 19166.98$، وهو ما يتضح من الشکل رقم (1) أيضًا، في حين أن أدنى قيمة للبيتکوين في ذات العام کانت في نفس الشهر أيضًا، وهي 772.66$، بحسب بيانات جدول رقم (2). أي أنها تضاعفت حوالي 25 مرة في شهر واحد فقط.

شهد عام 2018 تذبذبات کبيرة، لکن بشکل عام کان الاتجاه هبوطًا، حيث انخفض سعر البيتکوين مرة أخرى بشکل کبير متراجعًا إلى ادني قيمة له في ذلک العام وهي 3194.96$، أي أنها فقدت أکثر من 83% من قيمتها. ولا يختلف الحال کثيرًا في عام 2019 من ناحية التقلبات الشديدة، لکن الاتجاه کان تصاعديًا إلى حد ما، فقد ارتفع من أدنى قيمة له في ذلک العام وهو 3360.53$ في شهر فبراير، ليصل إلى أقصى قيمة له في شهر أکتوبر من ذات العام وهي 12575.90$. وأخيرًا وليس أخرًا، فإن سنة 2020 – حتى الأول من شهر يوليو – أدلت بمتغيرات جديدة وهي جائحة کورونا، والتي أثرت بشکل کبير على اقتصاديات الدول، وأدت إلى رکود کبير في سوق الأوراق المالية التقليدية، وامتد أثرها إلى سوق العملات المشفرة، والتي يقع على قمتها البيتکوين. لتصل البيتکوين إلى أدنى مستوياتها في مارس من عام 2020 وهي 4944.70$، بعد أن کان أقصى قيمة لها هو 10367.53$ في فبراير من ذات العام، بالتالي خسرت أکثر من 53% من قيمتها.

وقد بلغت کمية وحدات البيتکوين المصدرة 18.42 مليون وحدة، في 3 يوليو 2020، بسعر صرف بلغ 9,109.28 دولارًا، وبذلک تکون القيمة السوقية للبيتکوين 167.81 مليار دولار (Coindesk, 2020).

شکل رقم (1)

تطور سعر وحدة البيتکوين مقابل الدولار خلال الفترة (2014- 2020)

 

 

 

 

 

 

 

 

المصدر: أعده الباحث من واقع بيانات يومية عن سعر الإغلاق للبيتکوين مقابل الدولار (USD) (Coindesk, 2020)، بدءًا من يوم 1/7/2014، وحتي يوم 1/7/2020، ومن ثم بناءًا على 2181 مشاهدة. تم اخذ البيانات على أساس يومي، لأن سعر البيتکوين متقلب للغاية، وتتغير قيمته احيانًا کل يوم.

يوضح الشکل السابق، تطور سعر البيتکوين مقابل الدولار خلال الفترة (2014- 2020)، وهناک عدة ملاحظات على التطور التاريخي لعملة البيتکوين في تلک الفترة، أولها هو أن الاتجاه العام لسعر صرف البيتکوين هو الصعود المستمر، وهو ما يوضحه معادلة خط الاتجاه العام[29]، حيث ارتفع سعره من دولارات قليلة منذ عام 2014، إلى آلاف الدولارات حاليًا، وعلى عکس العملات التقليدية، تقل قوتها الشرائية عبر الزمن، فإن البيتکوين تزداد قيمتها عبر الزمن. الملاحظة الثانية، هي عدم استقرار سعر البيتکوين منذ عام 2017 تحديدًا، فحتى لو کانت قيمتها تزداد بشکل عام عبر الزمن، فإنها متقلبة بشکل کبير، الأمر الذي يسبب قلق کبير للمتعاملين بالبيتکوين، إذ يؤدي انخفاض سعر البيتکوين إلى فقد المتعامل جزء کبير من القوة الشرائية للعملة.

إن تلک المخاطر لا تطال المستهلکين المتعاملين في السوق فقط، بل أيضًا المستثمرين بتلک العملة – إذا تم التعامل معها على أنها أداة للمضاربة – الأمر الذي دفع هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريکية (SEC)، إلى تحذير المستثمرين الأفراد من مخططات الاستثمار الاحتيالية التي قد تنطوي على عملات بيتکوين، والتي وصفتها "Ponzi Scheme"[30]. فالخصوصية والسرية وعدم القدرة على الاشراف التنظيمي من قبل هيئات رسمية على معاملات البيتکوين، تُغري المحتالين لجذب مزيد من المستثمرين إلى فخ المعاملات الاحتيالية (SEC, 2020). خلاصة القول، فإن البيتکوين به مخاطر مالية عالية، قد يترتب على استخدامها خسائر فادحة للمتعاملين، بسبب التقلبات الحادة في سعره.

لا شک أن هناک عديد من العوامل التي تفسر التقلب الشديد في البيتکوين، فالسبب الرئيس في ذلک هو أن قيمة أو سعر البيتکوين لا ترتبط بقرارات مرکزية تُصدر من الدولة، ومن ثم لا يوجد لأي سلطة نقدية رسمية نفوذ عليها. کما أنها لا ترتبط بعملة رسمية کالدولار أو حتى معدن نفيس کالذهب، ولکن تعتمد قيمتها على الطلب والعرض، فکلما ارتفع عدد الأشخاص الراغبون في شراء البيتکوين – ارتفع الطلب عليها – مع العلم أن جانب العرض ينقسم إلى قسمين: هما الکمية التي يمتلکها فعليًا الأفراد من وحدات البيتکوين، بالإضافة إلى الکمية المُعدنة حديثًا، تلک الأخير محددة ومعلومة حيث تنمو وفقًا لآلية رياضية ثابتة ومحددة سلفًا – ولکن بشکل عام فإن العرض يتسم بالندرة، ما يؤدي إلى ارتفاع قيمة تداول البيتکوين، نتيجة النمو الکبير في الطلب بشکل عام (Glaser, et al., 2014).

ويأتي السبب الثاني في افلاس بورصة "Mt. Gox's، نتيجة أحداث القرصنة التي تمت عليها، إلى جانب التغطية الإعلامية السلبية Negative Media Coverage، فلا شک أن الاخبار المبالغ في تفاؤلها عن البيتکوين تدفع المتعاملين إلى شراء المزيد من تلک العملة، والعکس حال الاخبار المتشائمة. وحتى الأحداث السياسية Political Events تمارس تأثيرًا بشکل مباشر أو حتى غير مباشر على أسعار البيتکوين، بسبب عدم اليقين نتيجة للشکوک حول اتجاه قرارات السياسة المستقبلية. هناک سبب أخر، ربما يکون سببًا في التقلبات الحادة والسريعة في البيتکوين، وهو عدم وجود إطار قانوني تنظيمي، يحکم معاملات البيتکوين، کما أن حظر عديد من الدول لتلک العملة، له بالغ الأثر على تلک التقلبات.

يري أنصار البيتکوين، أن هناک عديد من الطرق لتهدئة تلک التقلبات السريعة والحادة في سعر البيتکوين، فهناک بورصات ومنصات لتداول البيتکوين، تعمل على تحويل تلک العملات الرقمية لعملات إلزامية کالدولار بشکل فوري، ومن ثم لا يضطر المتعامل إلى تکديس تلک العملات، بالتالي التحوط إلى حد ما من مخاطر الصرف (Jankov, 2017).

3. نتائج وتوصيات:

من خلال تتبع وتفحص البيتکوين، نجد أن تصميم تلک العملة – الذي يتعارض مع التصميم التقليدي للنظام المالي – تمخض عنه بروز مجموعة من الخصائص حديثة الظهور، مثل اللامرکزية، والاسم المستعار ومعاملات غير رجعية وغيرها، مما أفضى إلى ظهور عديد من المخاطر، تمثلت في تقلب سعر البيتکوين، والتعرض للسرقة والتهرب الضريبي، والاستخدام في المعاملات غير المشروعة کالتجارة في المخدرات والسلع المهربة وغسيل الأموال، فضلًا عن استخدامها في تمويل العمليات الإرهابية وتهريب الأموال للخارج من خلال التحويلات عبر الإنترنت، وغيرها من الأخطار التي تطال الأفراد والمؤسسات وحتى الدول.

فرغم خاصية خوارزميات التشفير وتأکيد المعاملات من قبل المعدنين، إلا أن عملة البيتکوين قد أثبتت أنها عرضة للاحتيال والسرقة، ما يشکل بعض التحديات الأمنية ويثير عديدًا من المخاوف الجنائية. ومن المحتمل مع زيادة التعامل بالبيتکوين، أن تصبح أکثر جذبًا للقراصنة المحترفين، خاصة وأن تلک المعاملات لا يتم التراجع فيها إطلاقًا بعد تأکيدها. کما أن سمة اللامرکزية والاسم المستعار – الخصوصية والسرية – وعدم القدرة على تعقب الأنشطة الجنائية، جعل من تلک العملة أداه مناسبة للمجرمين، والمنحرفين عن القانون، کما صيرها العملة الأساسية المُستخدمة في أنشطة السوق السوداء خاصة عبر الإنترنت، ما أکسبها شهرة واسعة في ما يُعرف بالتجارة الالکترونية السوداء Black E-commerce، وفتح الباب على مصراعيه أمام الفعاليات غير القانونية، کتجارة المخدرات وتمويل عمليات القتل، وغسيل الأموال، وغيرها، کما شکلت عاملًا أساسيًا لاستقطاب المنظمات الإرهابية، خاصة في الجزء المتعلق بتمويل أنشطتها.

ومن منظور أخر، فإن الفکرة الأساسية وراء تلک التقنية الرقمية هو تمکين نظام دفع مقاوم للرقابة ولا رجعة فيه، وخارج عن سيطرة أي سلطة مرکزية، هذا بلا شک يشکل مآزق وتحدي هائل للحکومات، فهو يقوض من قدرة الدول على فرض سيطرتها على السياسات الاقتصادية، الأمر الذي تجلي في صعوبة فرض ضرائب على معاملات البيتکوين، وإضعاف هيمنة السلطة النقدية تجاه إدارة السياسة النقدية، بما قد ينعکس سلبًا على الاستقرار الاقتصادي للدول، ومن ثم يُشکل تنامى الطلب على البيتکوين مصدر تهديد للأنظمة النقدية في الدول، ويمتد إلى النظام النقدي العالمي. إن فکرة عدم السيطرة على البيتکوين، هي فکرة مخيفة للحکومات، الأمر الذي دفع عديد من الدول لحظر تلک العملة. بيد أن حظر أو فرض قيود عليها للحد من استخدامه في الأنشطة غير القانونية بشکل عام ولأي غرض أخر، ربما لن يحد من انتشار البيتکوين، خاصة أن حکومات تلک الدول لن تستطيع بشکل کامل تفعيل ذلک المنع. لکنه بلا شک يزعج المتعاملين بها، خصوصًا إذا ما أرادوا تحويلها لعملة رسمية – کالدولار.

لا شک ان التقلبات العالية والسريعة في عملة البيتکوين، تُشکل خطورة على المتعاملين بها، ولا توفر حماية لهم، خاصة وأن تلک المعاملات غير رجعية، فالنقود الورقية تحافظ على استقرارها النسبي من خلال السياسات والقرارات المرکزية من قبل السلطة النقدية والحکومة، وعلى خلاف ذلک فإن السبب الجوهري للتقلبات في أسعار البيتکوين يکمن في أن تصميمها يستند إلى آليات تحکم غير مرکزية، الأمر الذي يحد من أي تدخل لوقف أي تقلبات حادة في أسعارها.

رغم أن مجتمع البيتکوين يقبلها کوسيط للتبادل، إلا أن تلک التذبذبات الکبيرة في سعر صرف البيتکوين وغيرها، تُشکل عناصر أساسية مؤثرة في وظائفها الأخرى، کمخزن للقيمة ومقياس للقيم، ربما ذلک يجعلها أداة غير مناسبة لهاتين الوظيفتين، ويضعف من موقفها إذا ما أرادات أن تکون بديلًا عن النقود التقليدية، الأمر الذي جعل البعض ينصح بقصر استخدامها على أنشطة المضاربة فقط، مثل الأوراق المالية؛ في هذه الحالة لن يکون تعريفها کعملة ضروريًا. لکن حتى کونها أداة للمضاربة، فإن الدخول بها في تلک المنطقة، هو عمل محفوف بالمخاطر، وفي کل الأحوال فإن هذا الموضوع يحتاج إلى بحث متعمق ومنفصل، في تلک النقطة.

خلاصة القول، إن المخاطر المترتبة على البيتکوين متنوعة ومتعددة الأوجه، تتمثل في مخاطر تقنية واقتصادية للمستخدمين سواء کانوا أفرادً أو جهات، فضلًا عن مخاطر مجتمعية ونظامية، لا تؤثر على الأنظمة الرسمية للدولة فقط، بل والنظام العالمي بأکمله، الأمر الذي جعل منها عملة محفوفة بالمخاطر مقارنة بالعملات التقليدية. ربما هذا يفسر مجهولية من أطلق البيتکوين کعملة رقمية – "ساتوشي ناکاموتو""Satoshi Nakamoto"  – خوفًا من الملاحقة الأمنية[31]. لکن مهما يکن من أمر، فإن الحقيقة المؤکدة في هذا الصدد تتمثل في أن البيتکوين بما لديها من تهديدات، فهي لا تزال تقنية أحدثت طفرة کبيرة في مجال تقنية الدفع الرقمي، ولا شک أن تلک التقنية تدعم الاتجاه نحو التحول الرقمي، وتعزز من التجارة الالکترونية، فضلًا عن خلق مزيد من التنافس بين وسائل الدفع سواء التقليدية منها أو الرقمية، بما ينعکس إيجابًا على النظام النقدي.

إن تلک الورقة ليست في معرض الهجوم على البيتکوين، فدراسة مخاطر البيتکوين من قبل الباحثين، مليئة بالکثير من الدروس المهمة، فهي تعزز من فهم کل جوانب تلک التقنية، وتوفر الأرضية المناسبة لظهور عملات رقمية جديدة، أو تطوير عملات رقمية قائمة، من قبل أفراد أو جهات أو حتى دول لتفادي بعض أو کل تلک التهديدات التي تجلبها تلک التقنية، کلٍ على حسب أهدافه. فتلک الخصائص ليست جامدة ويمکن تطويعها لتحقيق أقصى استفادة للأطراف المختلفة.

هناک عديد من الجوانب السلبية المشترکة بين البيتکوين والنقود التقليدية، کالتزوير والاحتيال والأنشطة غير القانونية، فلماذا يتم الهجوم على تلک العملة بمفردها. هناک عديد من الإجراءات التي توصي بها الدراسة، للتخفيف من حدة تلک المخاطر، يتمثل أولها في ضرورة التفحص والتعمق في معرفية تلک التقنية وتداعياتها بدقة من جانب المشرعين، ومنفذي القانون، من خلال عقد عديد من الدورات وورش العمل، فضلًا عن الاستفادة من البحوث المنشورة من قبل المتخصصين في تلک النقطة، وذلک لسد تلک الفجوة المعرفية، وتطوير اللوائح والتنظيمات القانونية بما يتوافق مع طبيعة تلک التقنية. کما توصى الدراسة الجهات الأمنية بضرورة تتبع أسواق تبادل العملات الرقمية، خاصة تلک التي تبادل العملات الرقمية بعملات تقليدية، حيث يسهل حينئذ تتبع المتعاملين بالأنشطة غير المشروعة. وأخيرًا يحتاج المستخدمون إلى الإلمام الجيد بتلک التقنية قبل التعامل بها، ذلک حتى لا يکونوا فريسة للقراصنة والمحتالين.



[1](شاهين، 2020): ورقة بحثية قدمت في مؤتمر "The First International Conference on Modern Management in the Light of the Era of Digital Technologies" بعنوان "الخصائص الاقتصادية للبيتکوين" Academic Conferences and Publishing Center (ACPC-M)، ماليزيا، يومي 15-16 ابريل 2020. ونُشرت في مجلة التنمية والسياسات الاقتصادية، المجلد الثاني والعشرون – العدد الثاني – المعهد العربي للتخطيط، الصفحات 49-72، يوليو، 2020.

[2] مقالة نشرت في صحيفة نيويورک تايمز بعنوان "البيتکوين هي الشر" Bitcoin is Evil.

[3]European Banking Authority.

[4]The U.S. Securities and Exchange Commission.

[5]The Department of the Treasury’s Financial Crimes Enforcement Network.

[6] The Consumer Financial Protection Bureau.

[7] ورقة بحثية قدمت في مؤتمر " The First International Conference on Modern Management in the Light of the Era of Digital Technologies" بعنوان "الخصائص الاقتصادية للبيتکوين – دراسة تحليلية" Academic Conferences and Publishing Center (ACPC-M)، ماليزيا، يومي 15-16 ابريل 2020.

[8]التشفير Cryptography، في اللغة، هو فن حل الرموز Codes. وهو أحد فروع الرياضيات، الذي يتيح إنشاء براهين رياضية ذات مستوى عال من الأمان (يحيى، 2019).

[9]Pickpocketing: في اللغة، بمعنى السرقة من جيوب – محافظ – الآخرين (Cambridge Dictionary, 2020).

[10] لکن سرعان ما تم اکتشاف ذلک الاحتيال، وتم تصحيح الخلل (Forrester, et al., 2013).

[11]MT GOX: هي بورصة لتداول البيتکوين، تم انشائها عام 2010، ويقع مقرها طوکيو – اليابان، وبحلول عام 2014، أصبحت تلک الشرکة واحدة من أکبر البورصات لتداول عملات البيتکوين في العالم، حيث استحوذت على 70% من جميع معاملات البيتکوين.

[12] الإنفاق المزدوج، هي إمکانية استخدام نفس العملة الرقمية أکثر من مرة في المعاملات (شاهين، 2020).

[13]“Pseudonymous” بمعنى حامل الاسم المستعار، أو أسم مزيف False Name  (Cambridge Dictionary, 2020).

[14]مخفية لعدة أسباب، فقد تکون هذه المواقع محمية بتسجيل الدخول وکلمة مرور، أو لا يمکن الوصول إليها إلا من خلال برامج معينة أو نوع معين من البحث، أو قد تکون مصممة لمنع محرکات البحث التقليدية من فهرستها – فهي غير مرئية بالنسبة لها (Thankachen, 2014). فلا شک أن مُستخدم محرکات البحث التقليدية، سيتعرض للملاحقة القانونية، لأن وقتها يمکن تعقبه بسهولة من قبل السلطات.

[15] لا يشترط ان تستخدم تلک المواقع في أنشطة غير أخلاقية فقط، فقد استخدمها الصحفيون للإبلاغ عن قصص في مناطق خطرة، واستخدمها المنشقون السياسيون في بلدانهم ذات الأنظمة القمعية والتي تعاقب کل من يعارضهم وهکذا (HSE, 2014).

[16]تم إنشاء سوق على الإنترنت يسمى طريق الحرير Silk Road في يناير 2011، وهي بوابة انترنت تستخدم عملات البيتکوين للدفع، کما تستخدم برنامج Tor، بما يوفر ضمانات أقوى بعدم الکشف عن هوية المشتريين والبائعين. بحيث تمکن المستخدمون عبر الإنترنت من تصفحها بشکل مجهول وآمن دون مراقبة محتملة من أي شخص أو حتى جهة. لذلک کانت معظم المتداول عليها هي سلع وخدمات غير قانونية(Bringas, et al., 2012)، (Minnaar, 2017).

[17] علي الرغم من القبض علىروس أولبريتش Ross Ulbricht، الذي کان يستخدم Dread Pirate Roberts (DPR) کاسم مستعار، إلا أن هذا لم يوقف المواقع المنبثقة منها والمقلدة، التي تعمل في الأنشطة غير القانونية (Minnaar, 2017).

[18] تقول المدونة: "هذا النظام لديه القدرة على إحياء السنة الضائعة للتبرع للمجاهدين، إنه أمر بسيط وسهل، ونطلب من الله أن يسرع في استخدامه لنا". نقلًا عن مقالة نُشرت على موقع Coindesk، بعنوان "ISIS-Linked Blog: Bitcoin Can Fund Terrorist Movements Worldwide"(Higgins, 2014).

[19]CryptoWall: هو أشهر البرامج المستخدمة في جرائم الابتزاز المشفر.

[20]لذلک أطلق البعض على تلک العملة مصطلح "Currency of System D"للعملات العالمية واللامرکزية، وهو يشير الى توسع الأنشطة غير المسجلة (Matonis, 2012).

[21]يمکن الرجوع إلى بحث بعنوان "الخصائص الاقتصادية للبيتکوين "دراسة تحليلية" (شاهين، 2020).

[22]ما يزيد من انفلات سيطرة الحکومات على البيتکوين هو "إعلان استقلال الفضاء السيبراني" "Declaration of the Independence of Cyberspace" الصادر عن جون بيري بارلو عام 1996، والذي ينکر دور الحکومات في الإشراف على الاتصالات عبر الإنترنت (Böhme, et al., 2015).

[23]للرجوع إلى تفصيل أکثر (Brezo, et al., 2012)، (مرکز هردو لدعم التعبير الرقمي، 2018).

[24]من الصعوبة بمکان استخدام البيتکوين في أسواق الائتمان، ففي حال تخلف المتعامل عن السداد، لا يمکن للطرف الأخر – مثل البنک – من ايجاد طريقة لضمان حقوقه (Yermack, 2015)، ما يعرف بمخاطر الائتمان.

[25] فمثلا أوضحت بعض التقارير أن أحداث الاضطرابات الاقتصادية مثل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي – Brexit – أدت إلى تحول کثير من الافراد نحو بيتکوين (Jankov, 2017).

[26] لتفصيل أکثر، يمکن الرجوع إلى (شاهين، 2020).

[27] تکررت تلک القيمة (0.05) کثيرًا في تلک السنة.

[28] هو أشهر موقع لحساب سعر البيتکوين اليومي.

[29] تم الاعتماد على الصيغة الخطية لخط الاتجاه العام، کما يظهر من شکل انتشار البيانات، ذلک للتبسيط. ويتطلب الأمر تطوير صيغة غير خطية تتفق مع الشروط المعتبرة لتوفيق خط الاتجاه العام، ربما يحتاج هذا الأمر إلى بحث منفرد مستقبلًا، إن شاء الله.

[30]Ponzi Scheme: هي عملية استثمار احتيالية، تنطوي على دفع عوائد مزعومة من قبل المشغل – المُحتال – للمستثمرين الحاليين من أموال ساهم بها مستثمرون جدد، بدلاً من إجراء نشاط استثماري حقيقي (SEC, 2020).

[31] حال Bernard Von NotHaus، من أطلق عملة الدولار الليبرتي Liberty Dollar، الأمر الذي أدى إلى إدانته بتزوير العملة الرسمية، ربما لم يرغب ساتوشي في الوقوع في نفس المشکلة.

  1. مراجع الدراسة:

    1. Aljohani, A. (2017). Bitcoin: Technology, Economics and Business Ethics. Ottawa, Ontario, Canada: Master thesis, University of Ottawa.
    2. Androulaki, E., O. Karame, G., Roeschlin, M., Scherer, T., & Capkun, S. (2012). Evaluating User Privacy in Bitcoin. 596. Retrieved from http://fc13.ifca.ai/proc/1-3.pdf
    3. Barber, S., Boyen, X., Shi, E., & Uzun, E. (2012). Bitter to Better— How to Make Bitcoin a Better Currency. In A. Keromytis (Ed.), Financial Cryptography and Data Security - 16th International Conference.
    4. Bitcoinarmory. (2020, Mar). Bitcoinarmory. (Armory) Retrieved from https://www.bitcoinarmory.com/
    5. Böhme, R., Christin, N., Edelman, B., & Moore, T. (2015, May). Bitcoin Economics, Technology, and Governance. Journal of Economic Perspectives, 29(2), 213-38. doi:10.1257/jep.29.2.213
    6. Brezo, F., & Bringas, P. (2012). Issues and Risks Associated with Cryptocurrencies such as Bitcoin. The Second International Conference on Social Eco-Informatics (pp. 20-26). SOTICS.
    7. Bringas, P., & Brezo, F. (2012). Issues and risks associated with cryptocurrencies such as Bitcoin. The Second International Conference on Social Eco-Informatics (pp. 20-26). IARIA.
    8. Brito, J., & Castillo, A. (2013). Bitcoin: A Primer for Policymakers. Mercatus Center: George Mason University, 1-42. Retrieved from mercatus.org
    9. Cambridge Dictionary. (2020). Dictionary. Retrieved from Cambridge: https://dictionary.cambridge.org/
    10. CoinDesk. (2018, Jan). (CoinDesk) Retrieved Mar 2020, from Bitcoin 101: https://www.coindesk.com/learn/bitcoin-101/what-is-bitcoin
    11. Coindesk. (2018, Jan 2). Coindesk. Retrieved May 1, 2020, from Egypt’s Religious Leader: Crypto Trading Forbidden Under Islamic Law: https://www.coindesk.com/egypts-religion-leader-crypto-trading-forbidden-by-islamic-law
    12. Coindesk. (2020, Jul 1). (Coindesk) Retrieved Jul 1, 2020, from Price of Bitcoin: https://www.coindesk.com/price/bitcoin
    13. Coindesk. (2020, Jan 19). With 18 Million Bitcoins Mined, How Hard Is That 21 Million Limit? Retrieved from https://www.coindesk.com/with-18-million-bitcoins-mined-how-hard-is-that-21-million-limit
    14. D'Alfonso, A., Langer, P., & Vandelis, Z. (2016). The Future of Crypto currency - An Investor’s Comparison of Bitcoin and Ethereum. Ryerson University, 1-24.
    15. Dodge, D., & Dixon, B. (2016). https://www.coursehero.com/. Retrieved from Bitcoin Basics:

    https://www.coursehero.com/file/35902748/Bitcoin-Basics-101-eBookpdf/

    1. Forrester, D., & Solomon, M. (2013). Bitcoin Exposed: Today's Complete Guide to Tomorrow's Currency. Seattle,: CreateSpace Independent Publishing Platform.
    2. Glaser, F., Zimmermann, K., Haferkorn, M., Weber, M. C., & Siering, M. (2014, Apr 15). Bitcoin - Asset or Currency? Revealing Users' Hidden Intentions. ECIS, 1-14. Retrieved from https://papers.ssrn.com/sol3/papers.cfm?abstract_id=2425247
    3. Guegan, D. (2018, Mar). The Digital World: I - Bitcoin: from history to real live. Humanities and Social Sciences/Economics and Finance, 1-12. Retrieved from https://halshs.archives-ouvertes.fr/halshs-01822962
    4. Hendrickson, J. R., Hogan, T. L., & Luther, W. J. (2015, Apr). The Political economy of the Bitcoin. Economic Inquiry, 54(2), 925-939. doi: https://doi.org/10.1111/ecin.12291
    5. Higgins, S. (2014, Jun 16). ISIS-Linked Blog: Bitcoin Can Fund Terrorist Movements Worldwide. Retrieved May 23, 2020, from Coindesk:https://www.coindesk.com/isis-bitcoin-donations-fund-jihadist-movements
    6. Higgins, S. (2015, Oct 30). Report: CryptoWall Creators Earned $325 Million in Bitcoin Ransoms. Retrieved May 23, 2020, from Coindesk: coindesk.com/cryptowall-325-million-bitcoin-ransom
    7. Hileman, G., & Rauchs, M. (2017, May). Global Cryptocurrency Benchmarking Study. Retrieved from https://ssrn.com/abstract=2965436
    8. HSE. (2014). Risks and Threats of Virtual Currencies. Leesburg Pike: Homeland Security Enterprise. Retrieved from:

    https://www.anser.org/docs/reports/RP14-01.03.03-02_Cryptocurrencies%20508_31Dec2014.pdf

    1. Jankov, A. (2017). The prospects of Bitcoin as a driver of economic changes. Erasmus Mundus for community. University of Warsaw, Poland. Retrieved from https://www.researchgate.net/publication/311923200_The_prospects_of_Bitcoin_as_a_driver_of_economic_changes
    2. Kaushal, P. K., Bagga, A., & Sobti, R. (2017). Evolution of bitcoin and security risk in bitcoin wallets. International Conference on Computer, Communications and Electronics, (pp. 173-178). Retrieved from mercatus.org
    3. Krebs, B. (2014, June 26). The Year Extortion Went Mainstream. Retrieved May 12, 2020, from Krebsonsecurity: https://krebsonsecurity.com/2014/06/2014-the-year-extortion-went-mainstream/
    4. Krugman, P. (2013, Dec 28). The New York Times. Retrieved Jun 29, 2020, from Bitcoin Is Evil: https://krugman.blogs.nytimes.com/2013/12/28/bitcoin-is-evil/
    5. Manuel, F., & W. Ratcliff, J. (2014, Jun). Lets talk bitcoin. Retrieved Apr 2020, from Rise of the Zombie Bitcoins: https://letstalkbitcoin.com/blog/post/rise-of-the-zombie-bitcoins
    6. Matonis, J. (2012, Mar 19). Could Bitcoin Become the Currency of System D? Retrieved May 15, 2020, from Forbes: https://www.forbes.com/sites/jonmatonis/2012/03/19/could-bitcoin-become-the-currency-of-system-d/#b5161431b4c1
    7. Mayer, T. (2019, Jul 30). Bitcoin Beginner Guide. 1-35. Retrieved from:
    8. https://books.google.com.eg/books/about/Bitcoin_Beginner_Guide.html?id=ePqlDwAAQBAJ&redir_esc=y
    9. Merwe, A. v. (2019, Sep). An economic assessment of risks in Bitcoin as an alternative asset class. Studies in Applied Finance, 27.
    10. Minnaar, A. (2017, July). Online 'underground' marketplaces for illicit drugs: the prototype case of the dark web website 'silk road'. 30(1), 23-47. Retrieved from:

     https://www.researchgate.net/publication/333646270

    1. Moore, T., Christin, N., & Szurdi, J. (2018, Sep). Revisiting the Risks of Bitcoin Currency Exchange Closure. ACM Transactions on Internet Technology, 18(4).
    2. Nakamoto, S. (2008). A Peer-to-Peer Electronic Cash System. 1-9. Retrieved from https://bitcoin.org/en/
    3. Nian, L. P., & Chuen, D. L. (2015). Chapter1: Introduction to Bitcoin. In D. L. Chuen (Ed.), Handbook of Digital Currency: Bitcoin, Innovation, Financial Instruments, and Big Data (pp. 5-30). London: Elsevier.
    4. Petters, J. (2020, 17 Jun). The State of CryptoWall in 2018. Retrieved July 9, 2020, from Varonis: https://www.varonis.com/blog/cryptowall/
    5. Politou, E., Alepis, E., Casino, F., & Patsakis, C. (2019). Blockchain Mutability: Challenges and Proposed Solutions. Retrieved from https://www.researchgate.net/publication/334507225_Blockchain_Mutability_Challenges_and_Proposed_Solutions
    6. Ron, D., & Shamir, A. (2012). Quantitative Analysis of the Full Bitcoin Transaction Graph. Retrieved from https://eprint.iacr.org/2012/584
    7. SEC. (2020). Ponzi schemes Using virtual Currencies. Washington, D.C: The U.S. Securities and Exchange Commission. Retrieved from https://www.sec.gov/: https://www.sec.gov/files/ia_virtualcurrencies.pdf
    8. Shubber, K. (2014, June 14). Hook, line, and sinker: how to avoid bitcoin phishing scams. Retrieved May 23, 2020, from Coindesk: https://www.coindesk.com/hook-line-sinker-avoid-bitcoin-phishing-scams
    9. Thankachen, J. (2014, Aug 22). Deep Web: The Proverbial Safe House for Cybercriminals. Retrieved Mar 11, 2020, from Wired: https://www.wired.com/insights/2013/08/deep-web-the-proverbial-safe-house-for-cybercriminals/
    10. Yermack, D. (2015). Chapter2: Is Bitcoin a Real Currency? An Economic Appraisal. In D. L. Chuen (Ed.), Handbook of Digital Currency: Bitcoin, Innovation, Financial Instruments, and Big Data (pp. 31-45). London: Elsevier.
    11. Zhao, W. (2018, Jan 2). Egypt’s Religious Leader: Crypto Trading Forbidden Under Islamic Law. Retrieved Feb 19, 2020, from CoinDesk: https://www.coindesk.com/egypts-religion-leader-crypto-trading-forbidden-by-islamic-law
    12. إبراهيم بن أحمد بن محمد يحيى. (2019). النقد الافتراضي - بتکوين أنموذجًا. ورقة مقدمة لمرکز التميز البحثي في فقه القضايا المعاصرة - جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، 1-22. تم الاسترداد من https://www.imamu.edu.sa
    13. البنک المرکزي الأردني. (2020). العملات المشفرة - Cryptocurrencies.
    14. حسن محمد مصطفي. (2017). البيتکوين ودورها في تمويل الحرکات الإرهابية. مرکز الملک فيصل للبحوث والدراسات الاسلامية، 1-15.
    15. صویلحي نور الدين. (2018). أثر تعدين البيتکوين والعملات الافتراضية على استقرار النظام النقدي العالمي. مجلة آفاق علمية، 10(2)، 219-238.
    16. عبد الحليم محمود شاهين. (2020). الخصائص الاقتصادية للبيتکوين. 22(2)، 49-72.
    17.  عبد الله بن سليمان بن عبد العزيز الباحوث. (يناير, 2017). النقود الافتراضية-مفهومها-وأنواعها وآثارها الاقتصادي. المجلة العلمية الاقتصاد والتجارة جامعة عين شمس، 1، 1-61.

    مرکز هردو لدعم التعبير الرقمي. (2018). منصات المعاملات البديلة والعملات الرقمية بين حريه التداول وإشکاليات الرقابة. 1-21. تم الاسترداد من http://hrdoegypt.org/