نوع المستند : المقالة الأصلية
المؤلف
مدرس- کلية الدراسات العليا للبحوث الإحصائية – جامعة القاهرة
المستخلص
نقاط رئيسية
تمثل الهجرة الدولية جانبًا حيويًّا من أسواق العمل في الشرق الأوسط ومنطقة شمال أفريقيا (Roushdy et al., 2009)، وقد ارتفعت أعداد المهاجرين الدوليين من الدول النامية بشکل واضح خلال العقد الماضي. ومنذ أوائل سبعينيات القرن العشرين، استخدمت الهجرة کأداة لمعالجة بعض العقبات الاقتصادية في مصر، وتحديدًاتلک التي تتعلق بقضايا العمالة، حيث کانت ومازالتدوافع هجرة المصريين هي دوافع اقتصادية (Hafez and Ghaly, 2012).
وتعد مصر أکبر دولة عربية من حيث عدد السکان –حيث بلغ عدد سکانها 100مليون نسمة في فبراير 2020- وهي أيضًا أکبر دولة مرسلة للمهاجرين في المنطقة العربية.وتؤدي هجرة العمالة دورًا مهمًّا في الاقتصاد المصري، حيث تخفف العبء على سوق العمل المحلي، کما أنها تعد مصدرًارئيسيًّا للعملات الأجنبية للاقتصاد القومي، وقد قدرت نسبة تحويلات المصريين بالخارج إلى الناتج المحلي الإجمالي بنحو 10.2% سنة 2018، مسجلة أعلى مستوًى في تاريخها (البنک الدولى، 2018). هذا بالإضافة إلى تأثيراتها على التنمية المستدامة من خلال إسهاماتهم في تنمية دولة الأصل ودولة الاستقبال (المنظمة الدولية للهجرة والإسکوا، 2018). وقد مرت الهجرةالدولية منمصر بعدة مراحل، فقد بدأت تيارات الهجرة من مصر فيمنتصف الخمسينيات (الفترة اللاحقة لثورة 1952) متأثرةبشکل کبير بمستويات الفقر والصعوبات الاقتصادية والسياسات الاجتماعية والاقتصادية، ثم فُرضتقيود قانونية عليها في الستينيات (Zohry,2003)، ثم ما لبثت أن شهدت انطلاقًا منذ عام 1971 حينما أصبح الحق في الهجرة وحقوق المهاجرين منصوص عليه بالدستور، کما أدى ارتفاع أسعار النفطبعد حرب 1973 في البلدان المنتجة له إلى تزايد الطلب على القوى العاملة، ومن ثم ارتفعت أعداد المهاجرين من مصر إلى هذه الدول بشکل واضح ( De Bel-Air, 2016).
الكلمات الرئيسية
تمثل الهجرة الدولية جانبًا حيويًّا من أسواق العمل في الشرق الأوسط ومنطقة شمال أفريقيا (Roushdy et al., 2009)، وقد ارتفعت أعداد المهاجرين الدوليين من الدول النامية بشکل واضح خلال العقد الماضي. ومنذ أوائل سبعينيات القرن العشرين، استخدمت الهجرة کأداة لمعالجة بعض العقبات الاقتصادية في مصر، وتحديدًاتلک التي تتعلق بقضايا العمالة، حيث کانت ومازالتدوافع هجرة المصريين هي دوافع اقتصادية (Hafez and Ghaly, 2012).
وتعد مصر أکبر دولة عربية من حيث عدد السکان –حيث بلغ عدد سکانها 100مليون نسمة في فبراير 2020- وهي أيضًا أکبر دولة مرسلة للمهاجرين في المنطقة العربية.وتؤدي هجرة العمالة دورًا مهمًّا في الاقتصاد المصري، حيث تخفف العبء على سوق العمل المحلي، کما أنها تعد مصدرًارئيسيًّا للعملات الأجنبية للاقتصاد القومي، وقد قدرت نسبة تحويلات المصريين بالخارج إلى الناتج المحلي الإجمالي بنحو 10.2% سنة 2018، مسجلة أعلى مستوًى في تاريخها (البنک الدولى، 2018). هذا بالإضافة إلى تأثيراتها على التنمية المستدامة من خلال إسهاماتهم في تنمية دولة الأصل ودولة الاستقبال (المنظمة الدولية للهجرة والإسکوا، 2018). وقد مرت الهجرةالدولية منمصر بعدة مراحل، فقد بدأت تيارات الهجرة من مصر فيمنتصف الخمسينيات (الفترة اللاحقة لثورة 1952) متأثرةبشکل کبير بمستويات الفقر والصعوبات الاقتصادية والسياسات الاجتماعية والاقتصادية، ثم فُرضتقيود قانونية عليها في الستينيات (Zohry,2003)، ثم ما لبثت أن شهدت انطلاقًا منذ عام 1971 حينما أصبح الحق في الهجرة وحقوق المهاجرين منصوص عليه بالدستور، کما أدى ارتفاع أسعار النفطبعد حرب 1973 في البلدان المنتجة له إلى تزايد الطلب على القوى العاملة، ومن ثم ارتفعت أعداد المهاجرين من مصر إلى هذه الدول بشکل واضح ( De Bel-Air, 2016).
ولم تکن الهجرة المصرية مجرد انعکاس لطفرة النفط في دول الخليج العربي في منتصف السبعينيات والحاجة إلى القوى العاملة في الدول المجاورة فقط (جامعة الدول العربية، 2014)، ولکن أيضًا للصعوبات الاقتصادية وارتفاع معدلات النمو السکاني في مصر والتيصاحبها ارتفاع معدلات البطالة في النصف الثاني من القرن العشرين، کما تزامن معها النموالسريع للمشاکل الاقتصاديةالتي أعاقت جهود التنمية في مصر، ثم انخفضت تدفقات هجرة المصريين خلال الثمانينيات والتسعينيات إلى دول الخليج العربي بشکل خاص،والذيکان يعد المنفذ الرئيسي للمهاجرين المصريين، حيث سنَّت دول الخليج العربي سياسة استبدال القوى العاملة العربية بـالعماله الآسيوية، واتجهت إلى إحلال العمالة الوطنية محل العمالة الأجنبية،کما أجبرت حرب الخليج الأولى (العراق-إيران) وکذلک حرب الخليج الثانية (العراق –الکويت) المصريينالعاملين بالعراق والکويت على العودة، الأمر الذي نتج عنه توجه الکثير من المهاجرين إلىکلٍّ من ليبياوالسعودية بدلًا من العراق خلال الفترة 2003-2008، کما أثرت الأزمة الاقتصادية العالمية عام 2008 على انخفاض فرص العمل (وخاصة في دول أوربا)،ثم کانت الأحداث السياسية وحالة عدم الاستقرار الاقتصادي التيمرت بها مصر عقب ثورة 2011 والتيکان لها تأثير على أنماط الهجرة المصرية، کما شجعت ثورات الربيع العربيسياسات جديدة لتوطين القوى العاملة في دول الخليج (السعودة، الکويتة...إلخ) خوفًا من النشاط السياسي لمواطني دول ثورات الربيع العربي، وتم تبنيعدة حملات ضد المهاجرين غير الشرعيين الذين من بينهم مصريون(De Bel-Air ,2016)، وفي الوقتنفسه، تصاعدت الحرب الأهلية في ليبيا الأمر الذي نتج عنه وضعقيود على السفر إلى ليبيا منذ عام2014.
وتعانيتقديرات المهاجرين– دائمًا-من التضارب، وتختلفبحسب المصدر، والتقديرات بمصر (دولة المنشأ) أعلى دائمًا من تقديرات الدول المستقبلة (Zohry, 2009)، وقد قدر إجمالي عدد المصريين بالخارج طبقًا لتعداد 1976 بنحو 1.4 مليون مهاجر، ارتفع إلى 2.25 مليون و2.8 مليون مهاجر من واقع تعداديْ 1986 و1996 على التوالي، ثم ارتفع إلى 3.9 مليون عام 2006 (کان نصيب الدول العربية منهم 51% تقريبًا)، وارتفع هذا التقدير بشکل مبالغ فيه ليصل إلى 9.5 مليون مهاجر بنهاية عام 2017 وفقًا لنتائج التعداد العام للسنة نفسها (ارتفع نصيب الدول العربية من المهاجرين ليصل إلى 74% ) (الجهاز المرکزيللتعبئة العامة والإحصاء، 2019).
أما عن تقديرات المهاجرين للعمل فقط من مصر، فطبقًا لنتائج المسوح التياهتمت برصد ظاهرة الهجرة الدولية من مصر، فقد قدر عدد المهاجرين للعمل من "المسح القوميللهجرة الدولية 1985" بنحو 2.8 مليون (1.6 مليون نسمة بالدول العربية) (فرجاني، 1988)، بينما قدرت وزارة القوى العاملة والهجرة هذا الرقم بنحو 4.7 مليون مهاجر للعمل في عام 2006 (Amer and Fargues, 2014)،ووفقًا لأحدث التقديرات للمسح التتبعيلسوق العمل المصري؛فإن نسبة المهاجرين للعمل في الفئة العمرية 15-59 انخفضت من 2.7% عام 2012 إلى 2% عام 2018 (David et al., 2019)، بينما قدرت هذه النسبة من "مسح الهجرة الدولية من مصر لعام 2013" بنحو 3.8% للفئة العمرية نفسها (متوليومحمد، 2016).وتؤکد أحدث التقديرات لوزارة الخارجية المصرية على استمرار استحواذ الدول العربية على الغالبية الساحقة من المهاجرين المصريين، حيث بلغت نسبتهم بتلک الدول أکثر من ثلثيالمهاجرين المصريين (68.4%) عام 2017، تليها دول الأمريکتين والدول الأوربية بنسبة 18% و10.2% من إجماليالمهاجرينعلى التوالي (الجهاز المرکزيللتعبئة العامة والإحصاء، 2019).
وقد تبدلت المراکز النسبية لدول المقصد بالنسبة لتيارات الهجرة من مصر خلال الفترات الزمنية المختلفة، لأسباب تتعلق بطبيعة التطورات الاقتصادية وملامح سوق العمل بهذه الدول، مثل حالة الأردن حيث کان ضيق سوق العمل بها سببًا في انخفاض حجم المهاجرين المصريين إليها، کما کان لتدهور العلاقات السياسية بين مصر وليبيا عام 1985 دور في تقليص حجم المهاجرين المصريين إليها، وقد أدت ظروف الحرب في حالة العراق في بداية التسعينيات إلى تقليل حجم المصريين الوافدين إليها، وهو ما تظهره التقديرات الواردة بالجدول رقم (1)، حيث تشير إلى أن هناک خمس دول استحوذت على الغالبية العظمى من المهاجرين للعمل من مصر خلال الفترة 1974-1985، کانوا على الترتيب: العراق- السعودية- الکويت- الأردن – ليبيا، حيث استقبلوا 85% من المهاجرين للعمل، وکان نصيب العراق والسعودية فقط 65% تقريبًا من المهاجرين للعمل، الأمر الذي يشير إلى تباين بين دول المقصد الرئيسية في عدد المهاجرين.
دولة المهجر |
جدول رقم (1)* نسب المهاجرين من مصر حسب أکثر الدول استقبالاً: مسوح مختلفة |
||||
أمسح الهجرة من مصر 1985 |
بمسح سوق العمل المصري2006 |
جمسح سوق العمل المصري2012 |
دمسح الهجرة الدولية من مصر 2013 |
ه_مسح سوق العمل المصري2018 |
|
العراق |
35.0 |
- |
- |
- |
- |
السعودية |
29.8 |
37.43 |
43.3 |
37.5 |
41.3 |
الکويت |
12.0 |
12.27 |
12.8 |
12.1 |
28.7 |
ليبيا |
2.7 |
13.6 |
6.4 |
24.8 |
2.9 |
الأردن |
7.4 |
16.11 |
13.1 |
11.3 |
10.5 |
دول أخرى |
13.0 |
20.6 |
24.4 |
14.2 |
16.6 |
%المهاجرين للدول العربية من إجمالي المهاجرين |
85 |
79.4 |
غ.م |
95.4 |
غ.م |
أ إجمالي المهاجرين في الفئة العمرية 10 – 60 فأکثر، المصدر: فرجاني، 1988
بالمصدر: Wahba, 2009.
جالمهاجرون في الفئة العمرية 15-59،تعريف المهاجر هو کل شخص أقام 6 أشهر على الأقل بالخارج، المصدر: David et al., (2019).
د المهاجرون في الفئة العمرية 15-59، تعريف المهاجر في المسح هو کل شخص مصري انتقل من مصر إلى دولة أخرى وأقام فيها لمدة تزيد على ثلاثة أشهر متواصلة، المصدر: متولي ومحمد، 2016.
ه_المهاجرون في الفئة العمرية 15-59، تعريف المهاجر هو کل شخص أقام 6 أشهر على الأقل بالخارج. المصدر: David and Jarreau,2016
* يجب توخي الحذر عند عقد المقارنات بين حجم الهجرة الدولية من مصر خلال السنوات المختلفة نتيجة لاختلاف الفترة المرجعية للهجرات بين المسوح المختلفة، وکذلک الفئة العمرية محل الدراسة. غ.م: غير متاح
ثم ما لبثت أن خرجت العراق من ضمن الدول الأکثر استقبالًا للمصريين المهاجرين وتحول قبلة المهاجرين المصريين إلى کلٍّ من السعودية والکويت، لتحتل السعودية المرکز الأول بوصفها المقصد الأول للمهاجرين المصريينمنذ بداية التسعينيات وحتى الآن. کما تشير التقديرات إلى تذبذبات واضحة لنسبة المهاجرين بدولة ليبيا، لترتفع بنحو 4 أضعاف خلال الفترة من 1985 إلى 2006، ثم تنخفض إلى النصف تقريبًا سنة 2012 لتصل إلى أقصى قيمة لها عام 2013 (25%)، الأمر الذي يثير الکثير من التساؤلات حول سبب هذه الطفرة، بينما تحتفظ الکويت بثبات نسبي منذ عام 1985 وحتى 2013، ثم ارتفع نصيبها إلى 29% تقريبًا عام 2018 طبقًا لتقديرات مسح سوق العمل المصري (David et al., 2019)، بينما ارتفع نصيب الأردن بأکثر من الضعف قليلًا من 1985- 2006، ثم أخذ في الانخفاض التدريجي منذ عام 2012 وحتى 2018 ليصل إلى 10.5%.
ويعد اختيار دولة المقصد مسألة مهمة في حد ذاتها، حيث تختلف خصائص الطلب على الهجرة من بلد مقصد لآخر، ويترتب على ذلک أن يتباين المهاجرون للعمل من حيث خصائصهم الاجتماعية والاقتصادية حسب بلد المقصد. والدراسات التي اهتمت بکيف يختار المهاجرون وجهتهم؟، أو ما هي محددات اختيار دولة الوصول؟؛ قليلة بشکل عام، وفي الدول النامية بشکل خاص (Fafchamps and Shilpi, 2011).
ويرى البحث الحالي أن عملية الهجرة هي نتاج للتفاعل بين عوامل الطلب في دول المقصد وعوامل العرض في دول المنشأ، وتشمل الأولى: طبيعة سوق العمل، مستوى الأجور، مستوى الخدمات،...إلخ، بينما تضم الثانية: الخصائص المهنية والمهارية والتعليمية والديموجرافية للمهاجرين. إلى جانب أن هناک عوامل تتعلق بالطبيعة الجغرافية (مثل المسافة بين الدول، وما يستتبعها من تکاليف)، والعوامل الثقافية (تباين اللغات والتقاليد) إلى جانب طبيعة العلاقات السياسية بين الدول.
ويوجد -في الواقع- کم من الأدبيات التياهتمت بمحددات الهجرة الدولية (على سبيل المثال: El-Saadani, 1991; Greenwood, 1969; David and Jarreau,2016)، وکذلک التأثيرات المختلفة لها، وعلى وجه الخصوص تحليل تدفقات تحويلات المهاجرين (على سبيل المثال: Roushdy et al., 2009; Nassar, 2005). وقد تناولت هذه الدراسات الهجرة بوصفها تيارًا واحدًا ينبع من منشأ واحد إلى مقصد وحيد وهو جميع الدول، وبذلک أغفلت هذه الدراسات وجود تباين کبير بين دول المقصد من حيث: سوق العمل، مستوى الأجور، مستوى الخدمات المتاحة، تکاليف المعيشة، تکلفة الوصول وسهولة الدخول، وکذلک الاستقرار السياسي؛ ولم تلق دراسة العوامل المؤثرة في اختيار دولة المقصد أو تباين محددات الهجرة تبعًا لها الاهتمام الکافي، ليس فقط من قبل الباحثين في مصر والعالم العربي بل أيضًا من قبل الباحثين في المجتمع الدولى.
وفي هذا الصدد تقدم دراسة فرجاني (1988)[1] تباينات خصائص المهاجرين من مصر حسب دولة الاستقبال أو المقصد بدرجة من التفصيل. فقد أشارت الدراسة إلى أن العراق والأردن في بداية الثمانينيات کانتا وجهة المهاجرين الأصغر سنًّا (بلغ متوسط عمر المهاجرين إليهما 27 سنة) مقارنة بالمهاجرين إلى السعودية والکويت (بلغ متوسط العمر عند بدء الهجرة لتلک الدولتين 32 و 31 سنة على التوالي)، ولم تکن الهجرة إلى ليبيا في منتصف الثمانينيات تجربة مقبولة لصغار المهاجرين (فرجاني، 1988)، بينما أشارت دراسة متولي ومحمد (2016) إلى انخفاض متوسط الأعمار عند الهجرة حسب دول المقصد مع احتفاظ السعودية والکويت بمتوسط عمر أکبر من نظرائهما، حيث أشارت إلى أن احتمالات الهجرة بلغت أقصى قيمة لها في الفئة العمرية 20-24 سنة في حالة الهجرة إلى ليبيا والأردن، ويرتفع العمر إلى 25-29 سنة في حالة الهجرة إلى السعودية والکويت خلال الفترة 2000-2013.
ويتشابه المهاجرون من مصر في بعض الخصائص الديموجرافية في جميع دول المقصد، فهم بشکل أساسي ذکور، ينتمون إلى المناطق الريفية أکثر من الحضرية، فقد استقبل العراق والأردن وأيضًا الکويت نسبة عالية من المهاجرين من الريف في بداية الثمانينيات مقارنة بالسعودية وليبيا، ويعود ذلک إلى مستوى المهارة المنخفض نسبيًّا الذي کان مطلوبًا في المهاجرين إليهم (فرجاني، 1988).
ووجد فرجاني فروقًا ملحوظة في المستوى التعليمي للمهاجرين حسب بلد الاستقبال، حيث کان انخفاض مستوى التعليم والمهارات هو الصفة السائدة بين المهاجرين المصريين بالأردن (فرجاني، 1988؛ Abdelfattah,2019)، بينما ترتفع نسبة المهاجرين أصحاب التعليم العالي في الکويت والسعودية. کما أشارت الدراسة نفسها إلى أن الدول النفطية الغنية (السعودية –الکويت- ليبيا) اجتذبت نسبة أعلى من المتزوجين، مقارنة بالعراق والأردن في مطلع 1985، بينما أشارت دراسة حديثة عن المهاجرين بالأردن إلى أن غالبية المصريين (70%) العاملين بالأردن من المتزوجين (Zohry et al., 2020).
ويعدُّ متغير حجم الأسرة متغيرًا ديموجرافيًّا مهمًّا لأنه يلخص کثيرًا من العوامل الاجتماعية والاقتصادية مثل عبء الإعالة، والعادات وتقاليد الأسر الممتدة. ويرتفع متوسط حجم الأسرة للمصريين العاملين في الأردن (6 أفراد) مقارنة بالمتوسط العام للأسر من واقع تعداد سنة 2017 الذي قدر بنحو 4 أفراد (Zohry et al., 2020).
وهناک إجماع بين الدراسات التي اهتمت ببحث دوافع الهجرة الدولية على أن الدافع الرئيسي للهجرة هو الدافع الاقتصادي (Amer and Fargues, 2014; Harris and Todaro, 1970; Roushdy et al., 2009 , المرکز الديموجرافي بالقاهرة، 2003) سواء في الدول النامية أو المتقدمة. أما على مستوى مصر؛ فإن الدراسات التي اهتمت بالهجرة تؤکد على أن الغرض الرئيسي لاتخاذ قرار الهجرة من مصر إلى جميع دول المقصد هو العمل، إذ تبلغ نسبة المهاجرين للعمل (94.5٪) من إجمالي المهاجرين (David and Jarreau, 2016). وذلک لتوفير نفقات التعليم وتأمين حياة أولادهم ومستقبلهم (کما هو حال المهاجرين للسعودية والکويت)، أو بهدف نفقات زواج المهاجر (کما في حالة المهاجرين إلى العراق وليبيا) (فرجاني، 1988).
وقد أسفرت ثورات الربيع العربي خلال الأعوام السابقة عن واقع جديد على العالم العربي، فقک کان لها تأثير على تيارات الهجرة بشکل عام والهجرة من مصر بشکل خاص، حيث عانت بعض الدول العربية (مصر –تونس –ليبيا –اليمن-سوريا) من عدم الاستقرار السياسي والأمني وبالتالي الاقتصادي جراء هذه الثورات. وقد کان لهذه الأوضاع غير المستقرة تأثير مباشر على قرار الهجرة، وأصبحت الأوضاع السياسية والأمنية في کلٍّمن دولة الأصل ودولة المقصد عاملًا مهمًّا بجانب الدوافع الاقتصادية في اختيار دول المقصد (متوليوربيع، 2015).
ويتباين المستوى المهني للمهاجرين حسب حاجة العمل في دول المقصد. فتشير الدراسات إلى أن أغلب المهاجرين إلى الأردن (80%) هم ممَّن يعملون في قطاع الخدمات والقطاع الزراعي (Zohry et al., 2020). بينما يغلب على المهاجرين للعراق والکويت والأردن وليبيا امتهان الزراعة (40%-50%)، وتنخفض هذه النسبة بين المهاجرين للسعودية إلى (31.9%)، وتنخفض بشکل أکبر بين المهاجرين للدول الأخرى (14.3%).
وقد کانت العراق الأعلى جذبًا للمهاجرين الذين کانوا يعملون في قطاع الصناعات التحويلية، بينما کانت السعودية الأعلى جذبًا للمهاجرين العاملين من قطاع التشييد والبناء، أما ليبيا فقد کان المهاجرون إليها ينتمون لقطاع التجارة، وغالبية المهاجرين للدول الأخرى وثلث المهاجرين للأردن کانوا من العاملين في قطاع الخدمات (فرجاني، 1988).
ومن الجدير بالذکر أن هناک تباينات بين دول الاستقبال في مدة الهجرة، حيث ترتفع مدة الهجرة لتصل إلى 3 سنوات للمهاجرين وقت المسح في کلٍّ من الکويت وليبيا والدول الأخرى، وتنخفض إلى سنتين، ثم سنة، ثم أقل من سنة في کلٍّ من السعودية والأردن والعراق على التوالي عام 1985 (فرجاني، 1988)، وتشير الدراسات الحديث إلى ارتفاع متوسط مدة الإقامة في الخارج للمهاجرين المصريينإلى نحو 6-7 سنوات (David and Jarreau, 2016، Zohry et al., 2020).
وإذا کنا تطرقنا في الجزء السابق لعوامل العرض التي يمکن أن تؤثر على اتخاذ قرار الهجرة لدولة بعينها دون أخرى، فهناک جانب الطلب المتمثل بشکل أساسي في ظروف سوق العمل (على سبيل المثال: معدل التوظف – المهن المطلوبة- مستوى الأجور- شروط العمل)، ومستوى المعيشة بدولة المهجر. وتتباين الدول العربية الأکثر جذبًا للمصريين في العديد من مؤشرات سوق العمل. فعلى سبيل المثال، تشير تقديرات البنک الدولي إلى ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي (حسب تعادل القوة الشرائية بالدولار) في کلٍّ من الکويت والسعودية، ليصل إلى 54.8 ألف و41.9 ألف عام 2000 على الترتيب، وينخفض إلى 16.7 ألف و8.5 ألف في ليبيا والأردن على الترتيب للعام نفسه، واحتفظت هذه الدول بالترتيب نفسه فيعام2013.[2] کما تتباين مستويات البطالة في تلک الدول، فبينما يقدر معدل البطالة في الکويت بحوالى 3%، وفى السعودية 6%، نجد أن هذا المعدل يتراوح حول 13%-14% في الأردن، و18% إلى 19% في ليبيا خلال الفترة من 2000إلى [3]2013.
ومن العوامل التي ترتبط بعملية اختيار دولة المهجر تکلفة الهجرة، حيث أشارت الدراسات إلى تفاوت تکلفة الحصول على عمل بشکل واضح حسب دولة المقصد، فقد کانت العراق والأردن الأقل تکلفة للمصريين خلال الفترة 1974-1985، بينما کانت السعودية ثم الکويت الأعلى تکلفة (فرجاني، 1988)، وقد يرجع ذلک إلى ارتفاع العائد المادي المتوقع من العمل في هاتين الدولتين، وبالتالي فرض قيود على الإقامة والعمل بهما.
وبناء على التباينات الواضحة التي تم استعراضها في المقدمة للخصائص الاجتماعية والاقتصادية للمهاجرين ولخصائص عوامل الطلب حسب دول المقصد، يثار السؤال التالى: هل حدث تغير واختلاف في نمط التباينات التي تم رصدها منذ ما يقرب من ثلاث عقود مضت شهدت خلالها المنطقة العربية – بشکل خاص – العديد من التغييرات الاقتصادية والسياسية والتي أثرت على حرية الحرکة والتنقل بين الدول؟ وهل اختلف نمط تفضيل دول المقصد للمهاجرين المصريين؟
وتهدف الورقة إلى: التعرف على التباينات في خصائص المهاجرين من مصر حسب دولة المقصد خلال الفترة الزمنية 2000 -2013، وکذلک قياس محددات اختيارهم لتلک الدول،وقياس تأثير الوزن النسبي لکلٍّمنها في کل دولة على حدة.
وينقسم هذا البحث إلى خمسة أقسام، يتناول في قسميه الثاني والثالث -بعد المقدمة -مصدر البيانات والأسلوب الإحصائي المستخدم، وتقدم الورقة في القسم الرابع نتائج الدراسة الوصفية لخصائص المهاجرين حسب دول المقصد، وکذلک بناء نموذج التعرف على محددات اختيار دول المقصد، وأخيرًا يتم مناقشةالنتائج والتوصيات في القسم الخامس.
2.مصدر البيانات
تعتمد الدراسة على بيانات "مسح الهجرة الدولية-مصر 2013" الذي قام به الجهاز المرکزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر خلال الفترة من أبريل – يوليو 2013، کجزء من برنامج مسوح الهجرة الدولية في دول البحر المتوسط (MED-HIMS). وقد تبنى المسح تعريف الهجرة بوصفها "تحرک من دولة معينة إلى دولة أخرى والإقامة فيها لفترة تزيد على ثلاثة أشهر متواصلة"، والفترة المرجعية المعتمدة في ذلک المسح تبدأ من 1 يناير عام 2000. وجدير بالذکر أن توصيات الأمم المتحدة بشأن إحصاءات الهجرة الدولية تحدد فترة الإقامة في الخارج لمدة سنة على الأقل کمرجع أساسي، إلا أن هذا المسح استخدم فترة 3 شهور فأکثر کفترة مرجعية، وذلک لإدارج الهجرة الموسمية عبر الحدود الدولية. وبناءً عليه يجب توخي الحذر عند عقد مقارنات بين حجم الهجرة الدولية من مصر خلال السنوات المختلفة[4]. وقد تم استيفاء المقابلة مع عدد 5259 أسرةمعيشية بها فرد أو أکثر من أفرادها يقيم بالخارج.وقد أجريتالمقابلاتبالفعلمع5847منالمهاجرين الحاليين، وتم استيفاء الاستبيان من الفرد نفسه إذا کان موجودًا بالأسرة خلال فترة المسح، أو من خلال شخص بديل يکون على علم بکافة بيانات وظروف الفرد المهاجر، وبلغ متوسط عدد الأفراد المهاجرين بالأسرة الواحدة 1.11 مهاجر(فريد وراوية، 2015).
وتعرف الدراسة الحالية المهاجر الحاليبأنه "کل فرد مصري انتقل إلى دولة أخرى وأقام فيها لمدة تزيد على ثلاثة أشهر متواصلة، وذلک خلال الفترة المرجعية التي تبدأ من 1 يناير عام 2000، وکان عمره وقت الهجرة في الفئة العمرية (15-59) سنة"، وأن يکون الفرد هو متخذ قرار الهجرة، وتبلغ عينة المهاجر الحالي وفقًا لهذه القيود 4247 فردًا[5].
3. الأسلوب الإحصائى
تستخدم الدراسة أسلوب الانحدار اللوجستي الاسمي متعدد الأوجهMultinomial LogisticRegression بهدف التعرف على محددات اختيار دولة الاستقبال،ويعدهذا النموذجالأکثرملاءمةلطبيعةالمتغير التابعمحل الدراسةوأهدافها، وهو يقوم على فرض أساسي هو أن المتغير التابع وصفي ذو ثلاثة أوجه أو أکثر Polytomous بحيث تکون قيمة المتغير التابع (Y) صفر، 1 ، 2، 3،.......إلى جانب عدم وجود ارتباط بين المتغيرات المستقلة، وتکون النتائج مستقلة ومتنافية، وهو نموذج متطابق عمليًّامع نموذج الانحدار اللوجستي الثنائي باستثناء أن لدينا عدة نتائج ممکنة، کما إنه يتمتع بالخصائص التالية: (1) مناسب عندما تکون مخرجات النموذج في صورة متغير متعدد الأوجه (أکثر من وجهين)، (2) يتعامل مع کافة مقاييس المتغيرات المستقلة (اسمي- ترتيبي- فترة- نسبة)، ويأخذ المتغير التابع (وصفي) في الدراسة الحالية خمس حالات، تتمثل فيالقيم التالية:(1) مهاجر إلى السعودية، (2) مهاجر إلى ليبيا، (3) مهاجر إلى الکويت، (4) مهاجر إلى الأردن، (5) مهاجر إلى أية دولة أخرى.
ويتم اختيار مستوى واحد من المتغير التابع کفئة مرجعية (Reference Group) وتکون عادة الفئة الأکثر شيوعًا أو الأکثر تکرارًا. وکما أشرنا؛ فإن نموذج الانحدار اللوجستي متعدد الأوجه يتميز بأنه يقوم بتقدير عدد k-1 نموذج، حيث تمثل k عدد الأوجه (4 أوجه/ معادلات) للمتغيرالتابع، ويتم صياغة 4 معادلات انحدار، ويتم تقدير متجهات المعلمات المرتبطة بالمتغير التابع بافتراض أن معلمة الفئة المرجعية = صفر، وباستخدام طريقة الإمکان الأکبر maximum likelihood (Greene, 2012, pp720-724 ). وبافتراض أن الفئة المرجعية هي الفئة الأولى، فيکون احتمال أن الفرد (المهاجر) j حيث j= 1,2,3,…..N، أن يهاجر إلى دولة الاستقبال/ المقصد (i) حيث i= 1,2,3,4 and 5 يساوي،
حيث:
Pij تشير إلى احتمال أن الفرد j يهاجر إلى دولة المقصد/الاستقبال (i).
k فئات المتغير التابع (1، 2، 3، 4، 5)
Xj تشير إلى مصفوفة القيم المشاهدة للمتغيرات المستقلة
𝛽m متجه معلمات نموذج المتغير التابع (دولة المقصد) ، حيث المتغير التابع هو m، m=2,3,4 and 5
exp(Xj 𝛽i) نسب الأرجحية odds ratios، وتشير إلى التغير الذي يحدث في Odds نتيجة تغير المتغيرات المستقلة بمقدار الوحدة في حالة أن دولة الاستقبال (i) أکبر من 1
مجموع نسب الأرجحية odds ratios لدول المقصد m، حيث m= 2, 3, …k.
وتشمل المتغيرات المستقلة على العوامل الفردية التالية: العمر، الحالة التعليمية، المهنة، الحالة الزواجية، محل الإقامة، شبکات المعارف، تکاليف الهجرة، وکذلک خبرات الفرد السابقة للهجرة. ونود أن نشير إلى أن طبيعة المتغير التابع لا تسمح لنا بإضافة عوامل الطلب ضمن المتغيرات المستقلة لوجود ارتباط تام بين تلک العوامل والمتغير التابع.
4. النتائج
|
4-1: خصائص المهاجرين الحاليين حسب دولة المقصد
|
وبشکل عام؛ فإن المهاجرين من مصر معظمهم شباب في سن العمل(شکل 2)، وتصل أقصى نسبة للمهاجرين عند العمر (20-24)، و(25-29) سنة، وتشير النتائج إلى أن المهاجرين إلى ليبيا والأردن أکثر شبابًا مقارنة بباقى الدول، حيث أن نحو 60% و53% من المهاجرين إلى ليبيا والأردن على التوالي، من الشباب في أعمار أقل من 25 سنة، ويأخذ نمط الهجرة للکويت حسب العمر نمطًا مختلفًا، حيث ترتفع نسبة کبار السن بين المهاجرين بها مقارنة بباقي الدول محل الدراسة، حيث تصل إلى 10.1% في الفئة العمرية (35-39) مقارنة بـــ 8.7%، و 4.5%، و 6.4% في کلٍّ من السعودية وليبيا والأردن على التوالي، وتنخفض إلى 5% تقريبًا للفئة العمرية 45 سنة فأکثر؛ بينما لا تتعدى 3% في کلٍّ من السعودية وليبيا، وتکاد تنعدم في الاردن.
وتتباين خصائص المهاجرين حسب دولة المقصد (جدول 2)، إلا إنه –وکما هو متوقع- لا توجد تفاوتات في نسبة الذکور بين المهاجرين حسب الدول محل الدراسة، حيث إن الغالبية الغالبة من المهاجرين ذکور، فقد بلغت نسبة الذکور من إجمالي المهاجرين 98%، وهو ما يؤکد أن هجرة المصريين للخارج، والتى الغالبية العظمى منها للعمل، هي هجرة ذکور فقط. کما تشير النتائج إلى ارتفاع نسبة من لم يسبق له الزواج لتصل إلى الثلثين وأکثر من الثلثين قليلًا بين المهاجرين إلى الإردن وليبيا على التوالي، ويتسق هذا مع انخفاض متوسط العمر بهاتين الدولتين مقارنة بباقي الدول. وتتعدى نسبة العزاب النصف في کل من السعودية والکويت وباقي الدول الأخرى.
والهجرة الدولية من مصر يهيمن عليها الريفيون، حيث ترتفع نسبة المهاجرين من الريف مقارنة بالحضر بشکل واضح[6]، وخاصة بين المهاجرين إلى کلٍّ من ليبيا والأردن، حيث بلغت نسبتهم 93.5% و91.7% على التوالي، وتنخفض إلى 79.1% للمهاجرين إلى الکويت، وتقدر نسبة العمالة الريفية المهاجرة إلى السعودية بنحو ثلاثة أرباع المهاجرين إليها تقريبًا.
يعد مؤشر متوسط حجم الأسرة ومؤشر معدل الإعالة مؤشرين للدلالة على حجم العبء الملقى على المهاجر. ويرتفع متوسط حجم الأسرة بين المهاجرين إلى ليبيا (6 أفراد) مقارنة بباقي الدول محل الدراسة، والذي بلغ 5 أفراد. ويرتفع معدل الإعالة (إعالة أکثر من فرد) بين أسر المهاجرين إلى الکويت (27%) بشکل واضح مقارنة بباقي الدول، وتتقارب هذه النسبة لباقي الدول حيث بلغت أقصاها (22%) لأسر المهاجرين إلى السعودية، وأدناها (19% تقريبًا) بين أسر المهاجرين إلى ليبيا.
تعکس النتائج الواردة بالجدول رقم (2) العلاقة الطردية بين المستوى التعليمي والهجرة من مصر إلى دول الاستقبال، باستثناء المستوى الجامعي فأعلى، حيث تصل نسبة المهاجرين إلى أقل قيمة بين تلک الفئة. ويترکز نصف المهاجرين تقريبًا بين ذوي التعليم الثانوي وأقل من الجامعي، وبدون اختلاف بين دول المقصد.
وتشير النتائج إلى نمطين واضحين للهجرة حسب المستويات التعليمية المختلفة، أولًا: ارتفاع نسبة الأميين (الذين لم يلتحقوا بالتعليم) بين المهاجرين المقيمين في ليبيا والأردن مقارنة بباقي الدول، حيث بلغت (14.9%) (16.2%) على التوالي، بينما بلغت نحو 9.5% و10.1% في کلٍّ من السعودية والکويت على التوالي أيضًا، وتنخفض إلى 4% في الدول الأخرى (التي تضم دولًا أوربية وأمريکية).ثانيًا: هناک انتقائية موجبة لذوي التعليم الجامعي فأکثر بين المهاجرين إلى الدول الأخرى، حيث ترتفع نسبتهم لأکثر من الربع (28%)، بينما تبلغ 21% بين المهاجرين بالسعودية و19% بين المهاجرين للکويت، وتصل أدنى قيمة لها بين المهاجرين في ليبيا (4.6%) والأردن (4.4%).
توضح النتائج أن غالبية المهاجرين کانوا يعملون -وبشکل دائم- خلال الأشهر الثلاثة السابقة على الهجرة، وترتفع هذه النسبة بين المهاجرين إلى الکويت لتصل إلى 53.5%، بينما تصل أدناها بين المهاجرين إلى ليبيا (38.1%)، وتجدر الإشارة إلى أن أغلب العمالة التي کانت قبلتها ليبيا کانت عمالة غير منتظمة (موسمية أو متقطعة) بنسبة 43%، وتنخفض هذه النسبة قليلًا بين المهاجرين إلى الأردن لتصل إلى 39%، ثم إلى 34% بين المهاجرين بالسعودية ثم إلى 32% بين المصريين المقيمين بالکويت، وتصل إلى أدنى قيمة لها (26%) بين المهاجرين إلى الدول الأخرى.
جدول (2): التوزيع النسبي للمهاجرين من مصر حسب الخصائص الخلفية ودول المقصد
الخصائص |
السعودية |
الکويت |
ليبيا |
الأردن |
أخرى |
النوع |
|
|
|
|
|
ذکر |
99.6 |
99.0 |
99.7 |
100 |
98.3 |
متوسط العمرعند بدء الهجرة (بالسنوات) |
28.6 |
28.9 |
24.8 |
25.5 |
28.6 |
الحالة الزواجية وقت الهجرة |
|
|
|
|
|
لم يسبق له الزواج |
52.4 |
50.8 |
68.2 |
65.5 |
57.5 |
محل الإقامة |
|
|
|
|
|
الريف |
74.5 |
79.1 |
93.5 |
91.7 |
71.4 |
متوسط حجم الأسرة |
4.9 |
5.3 |
5.8 |
5.3 |
4.6 |
معدل الإعالة الکلية بالأسرة |
|
|
|
|
|
0-99 |
57.9 |
51.7 |
60.3 |
56.1 |
58.1 |
100 |
20.0 |
21.1 |
21.0 |
22.9 |
20.6 |
101+ |
22.0 |
27.1 |
18.7 |
21.0 |
21.3 |
المستوى التعليمي |
|
|
|
|
|
لم يلتحق بالتعليم |
9.5 |
10.1 |
14.9 |
16.2 |
4.7 |
ابتدائي وإعدادي |
17.8 |
17.1 |
30.6 |
25.3 |
14.0 |
ثانوي/أقل من جامعي |
51.7 |
53.9 |
50.0 |
54.3 |
53.5 |
جامعي فأعلى |
21.0 |
19.0 |
4.6 |
4.4 |
27.9 |
الحالة العملية قبل الهجرة |
|
|
|
|
|
لا يعمل |
14.1 |
15.3 |
18.8 |
17.0 |
23.1 |
يعمل بشکل دائم |
51.5 |
53.5 |
38.1 |
43.5 |
50.7 |
يعمل بشکل غير دائم |
34.4 |
32.2 |
43.1 |
39 |
26.2 |
المهنة قبل الهجرة |
|
|
|
|
|
المديرون/المهن العلمية/الفنيون |
14.8 |
12.8 |
2.7 |
2.0 |
21.0 |
أعمال کتابية/عاملون في الخدمات |
8.3 |
13.3 |
4.1 |
5.5 |
14.9 |
الزراعيون وعمال الصيد |
27.0 |
32.3 |
46.1 |
55.9 |
22.7 |
الحرفيون |
37.8 |
31.6 |
41.5 |
31.1 |
31.5 |
عمال تشغيل/ المهن العادية |
12.1 |
10.1 |
5.6 |
5.5 |
9.9 |
دوافع للهجرة |
|
|
|
|
|
دوافع خاصة بدولة الأصل |
61.8 |
58.7 |
58.4 |
58.4 |
61.7 |
دوافع خاصة بدولة الوصول |
38.2 |
41.3 |
41.6 |
41.6 |
38.3 |
الهجرات السابقة |
|
|
|
|
|
نسبة من کان لهم أکثر من هجرة |
4.2 |
4.7 |
14.3 |
10.8 |
10.0 |
شبکات ومساعدات الهجرة |
|
|
|
|
|
کان لديه أقارب/معارف بالخارج |
60.6 |
76.6 |
70.5 |
69.6 |
57.1 |
تکلفة الهجرة (بالجنيه) |
|
|
|
|
|
لم يتحمل تکلفة سفر |
15.5 |
23.3 |
22.7 |
15.9 |
37.9 |
100-9999 |
35.5 |
15.7 |
72.3 |
68.4 |
22.6 |
10,000-19,000 |
35.2 |
25.2 |
4.5 |
14.1 |
18.9 |
20,000 فأکثر |
13.8 |
35.9 |
0.6 |
1.9 |
20.6 |
متوسط فترة الهجرة (بالسنوات) |
3.7 |
5.1 |
4.0 |
4.1 |
4.4 |
وسيط فترة الهجرة (بالسنوات) |
3.0 |
5.0 |
3.0 |
3.0 |
3.0 |
العدد الإجمالي |
1593 |
516 |
1054 |
481 |
603 |
المصدر: محسوب من خلال الباحث بالاعتماد على بيانات المسح القومي للهجرة الدولية: مصر 2013
وقد انعکست الفروق في المستوى التعليمي حسب بلد المقصد في خصائص العمل، حيث يشير التوزيع النسبي للمهاجرين وفقًا للمهنة أن المهاجرين يترکزون في الأعمال الزراعية والحرفية قبل الهجرة، ولکن هناک تباينات حسب دولة المهجر، حيث لوحظ أن أکثر المهاجرين (ما يقرب من النصف) إلى کلٍّ من ليبيا والأردن هم ممن يمتهنون الأعمال الزراعية بنسبة 46.1% و55.9% على التوالي، بينما نجد أن الممتهنين للأعمال الحرفية هم أکثر المهاجرين للسعودية (37.8%)، أما بالنسبة للکويت فلم يکن هناک اختلاف حسب تلک الفئتين للمهنة، حيث نجد نحو 32.3% و31.6% من المصريين المقيمين في الکويت -وقت المسح- ممن يعملون بالزراعة والأعمال الحرفية على الترتيب. کما تشير النتائج إلى أن هناک انتقائية لمهن الياقات البيضاء (المديرون/المهن العلمية/الفنيون) للهجرة بباقي الدول الأخرى، حيث بلغت نسبتهم الخمس تقريبًا (21.0%) من المهاجرين إلى تلک الدول، بينما تنخفض تلک النسبة لتصل إلى 15% تقريبًا بين المهاجرين في السعودية، و13% بين المهاجرين للکويت، وتکاد تنعدم بين المهاجرين إلى ليبيا والأردن، حيث لم تتجاوز 3% و2% على الترتيب.
هناک العديد من الأسباب (الاقتصاية- الاجتماعية – السياسية) التي قد تدفع الفرد إلى اتخاذ قرار الهجرة، إلا أن هناک إجماعًا من الدراسات التي تناولت أسباب الهجرة حول أن الحافز الرئيسي لاتخاذ قرار الهجرة هو الحافز الاقتصادي (De Haan, 1999; Hafez and Ghaly, 2012; Wahba, 2009). وقد کان متوسط عدد الدوافع التي ذکرها المهاجر الحالي في المسح 3 أسباب، الأمر الذي يشير إلى اتساع تعددية الدوافع أو الأسباب لاتخاذ قرار الهجرة، على الرغم من أنها تدور حول عدم کفاية الدخل، وتحسين المستوى المعيشي. وتشير النتائج إلى أن الدوافع الخاصة بدولة الأصل (المنشأ) التي يمکن أن نطلق عليها (عوامل طرد) والتي تضم: "تحسين مستوى المعيشة، البطالة والبحث عن عمل، الدخل غير کافٍ في مصر، النقل عن طريق صاحب العمل، مزايا العمل في مصر غير مرضية، مشاکل شخصية مع صاحب العمل، نقص الأمان في مصر، الهروب من مشاکل الأسرة"؛ هي الأهم في اتخاذ قرار الهجرة من العوامل الخاصة بدولة المقصد. أما عوامل جذب فقد تمثلت في: "الأجور مرتفعة في أول دولة سافر إليها، توافر فرص عمل جيدة في دولة الوصول، للحصول على تعليم أفضل للأبناء، لجمع شمل الأسرة، الخدمات الصحية والاجتماعية أفضل هناک، للزواج، سهولة دخول تلک الدولة". وتشير النتائج الواردة بالجدول رقم (2) إلى أن أکثر من نصف المهاجرين المقيمين بالخارج کان دافعهم لاتخاذ قرار الهجرة متعلقًا بظروف سوق العمل والإقامة في مصر، وقد بلغت تلک النسبة 58% في کل من ليبيا والأردن، و59% في الکويت، و62% في السعودية، وکذلک في باقي الدول الأخرى. ومن بين الأسباب المتعلقة بدولة الأصل کان أکثر سبب لاتخاذ قرار الهجرة هو "أن الدخل غير کافٍ في مصر" وبدون اختلاف حسب دولة المقصد.
وتشير النتائج بالجدول رقم (2) إلى أنه لا توجد تفاوتات کبيرة في خبرات الهجرات السابقة بين المهاجرين حسب دول الاستقبال، فيما عدا المهاجرين إلى دولة ليبيا، حيث کانت لهم خبرة هجرة سابقة مقارنة بباقي الدول، فقد بلغت نسبة من سبق لهم الهجرة منهم 14.3% مقابل 11% تقريبًا لمن هاجروا للأردن وقت المسح، و10% لمن هاجروا لباقي الدول، وتشترک السعودية والکويت في أن المقيمين بها وقت المسح من المصريين لم تکن لهم خبرات هجرة، حيث لم تتعدَّ نسبتهم 5% و4% على التوالي.
وقد أدَّت شبکات الهجرة المؤقتة دورًا في اجتذاب کثير من المصريين وخاصة في دول الخليج، التي تمثل الجزء الأکبر من الهجرة المصرية، فقد کان لها دور في تقديم المساعدة اللوجستية للقادمين الجدد، وقد أشارت الدراسات السابقة إلى أهمية دور الشبکات الاجتماعية في قرار الهجرة فوجود أقارب أو أصدقاء في الخارج يسهل تدفق المعلومات عن سوق العملوالفرص المتاحة، والعائد المتوقع، وإجراءات الهجرة، وتسهيل الإقامة في بلد المقصد (Jarreau2016; Mckenzie and Rapoport 2004 (David and، وتظهر النتائج أن المهاجرين إلى الکويت يعتمدون على أقاربهم أو معارفهم للعمل بها، نحو 77% من المهاجرين المقيمين بالکويت لديهم أحد أفراد الأسرة أو الأصدقاء بالخارج قبل الهجرة، وتنخفض هذه النسبة إلى 70% للمهاجرين بليبيا والأردن وإلى 61% تقريبًا بين المهاجرين بالسعودية، بينما بلغت 57% بين المهاجرين لباقي الدول الأخرى.
کما أشارت نتائج الدراسة إلى أن تيار الهجرة إلى ليبيا أقل التيارات تکلفة، بينما کان تيار الهجرة إلى الکويت ثم إلى السعودية أکبر التيارات تکلفة، حيث تحمل 5% فقط من المهاجرين إلى ليبيا مبلغ 10 آلاف جنيه مصري أو أکثر مقابل الهجرة، بينما بلغت تلک النسبة 58% من المهاجرين إلى الکويت و49% من المهاجرين إلى السعودية.
بشکل عام يبلغ متوسط فترة الهجرة 4 سنوات في دول المقصد (جدول 2)، باستثناء الکويت حيث يرتفع متوسط فترة الهجرة بها على المتوسط العام بمقدار سنة. کما يشير وسيط فترة الهجرة أن 50% من المهاجرين هاجروا خلال السنوات الثلاث السابقة للمسح، فيما عدا الکويت حيث إن نحو نصف المهاجرين إليها انتقلوا إليها خلال السنوات الخمس السابقة للمسح.
وقد تم تکوين متغير وصفي "أثر الأحداث الاقتصادية والسياسية " -خلال الفترة المرجعية للمسح - ليعبر عن وقوع أحداث خارجية تؤثر على عملية التفاعل بين عوامل الطلب والعرض في دول المنشأ والمقصد على تيارات الهجرة، بوصفه مؤشرًا تقريبًا لقياس تأثير هذه الظروف على تيارات الهجرة، يتناول الفترات الأربع التالية: (1) ما قبل الغزو الأمريکى العراق (2000-2003)، (2) ما بعد غزو العراق وقبل الکساد الاقتصادي (2004-2008)، (3) بعد الکساد الاقتصادي، وقبل ثورات الربيع العربي (2009-2011). (4) بعد ثورات الربيع العربي (2012-2013). ومن بين المهاجرين الحاليين؛ فإن التقديرات الواردة بالشکل رقم 3 تشير إلى النتائج الاتية: (أ) 68% من المهاجرين للسعودية هاجروا إليها بعد فترة الکساد الاقتصادي، والأغلبية منهم هاجروا بعد ثورات الربيع العربية (33% خلال 2009-2010 و36% خلال 2012-2013). (ب) يتشابه النمط الزمني للمهاجرين إلى الأردن للفترات الزمنية المشار إليها مع النمط للمهاجرين للسعودية. (ج) أکثر من ثلث المهاجرين للکويت بقليل هاجروا خلال الفترة من 2004-2008، ثم انخفضت النسبة لأقل من 30% خلال الفترة 2009-2011 ثم إلى 20% خلال 2012-2013. (د) يأخذ النمط الزمني للمهاجرين إلى ليبيا اتجاهًا متذبذبًا خلال الفترات المختلفة ليشهد غلبة النسبة التي هاجرت إليها بعد عام 2011. وأخيرًا؛ فإن أعلى نسبة للمهاجرين بالدول الأخرى تمت خلال الفترة 2009-2011.
شکل (3): التوزيع النسبيللمهاجرين حسب فترة الهجرة ودول المقصد
المصدر: محسوب من خلال الباحث من واقع مسح الهجرة الدولية-مصر 2013
بلغت نسبة المهاجرين الذين غيروا أول دولة مهجر مقارنة بآخر دولة خلال الفترة من 2000- 2013 نحو 8.3% من إجمالي عينة الدراسة الحالية، ولمعرفة هل کانت بعض دول المهجر تمثل نمط هجرة مغلق، بمعنى أن المهاجرين إليها لو تکررت هجرتهم يعودون إليها مرة أخرى، قامت الدراسة بمقارنة دولة الهجرة الأولى بدولة الهجرة الأخيرة (الحالية)، آخذة في الحسبان أن عودة المهاجر لدولة ما لا تتوقف فقط على رغبة المهاجر، ولکن أيضًا على إمکانية دخول الدولة (العلاقات السياسية)، وفرصة الحصول على فرصة عمل والظروف الأمنية بها. وتشير النتائج الواردة بالجدول رقم (3) إلى وجود استقرار نسبي في توجهات المهاجرين بشکل عام، ويؤيد هذا ضآلة عدد التنقلات بين دولة الهجرة الأولى والأخيرة وقت المسح. وتحتفظ ليبيا بمنزلة الدولة الأقل استقرارًا مقارنة بباقي الدول، حيث بلغت نسبة من کانت هجرتهم الأولى والأخيرة ليبيا أو عاودا للرجوع إليها (88%) من إجمالى المهاجرين إليها، بينما کان المهاجرون إلى کلٍّ من السعودية والکويت الأکثر استقرارًا. فقد قدرت النسبة المشار إليه لتلک الدولتين 97% و98% على التوالي، وتقع الأردن والدول الأخرى في مرکز متوسط بين ليبيا من جانب والسعودية والکويت من جانب آخر.
جدول (3): توزيع المهاجرين حسب دولة الهجرة الأولى ودولة الهجرة الحالية[7]
بلد الهجرة الأولى |
بلد الإقامة الحالية |
عدد المهاجرين |
|||||
السعودية |
الکويت |
ليبيا |
الأردن |
أخرى |
المجموع |
||
السعودية |
97.2 |
0.8 |
1.1 |
0.3 |
0.7 |
100 |
1593 |
الکويت |
1.4 |
97.8 |
0.4 |
0.0 |
0.4 |
100 |
516 |
ليبيا |
7.0 |
1.1 |
88.5 |
1.8 |
1.6 |
100 |
1054 |
الأردن |
4.8 |
0.4 |
2.9 |
91.5 |
0.6 |
100 |
481 |
أخرى |
4.7 |
0.3 |
1.5 |
0.7 |
92.8 |
100 |
602 |
المصدر: محسوب من خلال الباحث بالاعتماد على بيانات المسح القومي للهجرة الدولية: مصر 2013
وهناک نتيجة تستحق الانتباه، وهي أن السعودية تعدُّ البلد المفضلة لمن لم يستقروا في دولة الوصول الأولى، فنحو 7% من المهاجرين الذين کانت قبلتهم الأولى ليبيا انتقلوا إلى السعودية بينما 5% ممن هاجروا إلى الأردن وکذلک الدول الأخرى کأول دولة استقبال کانوا مقيمين في السعودية وقت المسح.
4- 2: محددات اختيار دولة المقصد: مصر 2000-2013
يستعرض هذا الجزء محددات اختيار المهاجرين المصريين لدولة المقصد، ونظرًا لأن الغالبية العظمى من المهاجرين هم ذکور (98%)، اقتصر النموذج على الذکور فقط،ليصبح إجمالي العينة 4223 مهاجرًا وقت المسح، وتم الترکيز على المتغيرات المستقلة التي يُفترض أنها تؤثرعلى احتمال اختيار دولة المقصد[8]، والمقاسة وقت الهجرة أو قبل الهجرة،وهي: عمر المهاجر– الحالة الزواجية–المستوى التعليمي- الحالة العملية– المهنة– شبکات الهجرة - الخبرات السابقة للهجرة- الفترة الزمنية التي حدثت فيها الهجرة- محل الإقامة (وهو المتغير الوحيد بالنموذج المقاس وقت المسح)، وأخيرًاتم تحديد "دولة السعودية" الفئة المرجعية للمتغير التابع .
وتظهر نتائج نموذج الانحدار اللوجستي الاسمي متعددالأوجه والواردة بالجدول رقم (4) أن فئات متغير العمر لم تکن معنوية في اختيار دولة الکويت کدولة مقصد، بينما کانت معنوية في النماذج الأخرى. وتشير النتائج إلى أنه بالمقارنة بدولة السعودية فإن احتمال الهجرة إلى کلٍّ من ليبيا والأردن لمن هم في الفئة العمرية (15-24) يساوي ضعفيْ احتمال الهجرة إلى هاتين الدولتين لمن هم في الفئة المرجعية (35 سنة فأکثر). أما بالنسبة لنموذج الهجرة إلى الدول الأخرى؛ فإن احتمال الهجرة إلى تلک الدول لمن هم في فئتيْ العمر (15-24) و(25-34) يقل بنحو 50% و60% على التوالي عن احتمال الهجرة لمن هم في الفئة المرجعية (35 سنة فأکثر).
ولم يکن للحالة الزواجية تأثير معنوي في اختيار الکويت، وکذلک أية دولة أخرى کدولة مقصد، بينما کان لها تأثير معنوي على اختيار دولة ليبيا ودولة الأردن کدولة مقصد للمصريين، حيث أشارت النتائح إلى أنه بالمقارنة بالهجرة إلى دولة السعودية فإنه يزيد احتمال هجرة من لم يسبق له الزواج إلى ليبيا وکذلک إلى الأردن بنسبة 40% عن احتمال هجرة من سبق لهم الزواج إلى هاتين الدولتين.
وکان لمحل الإقامة (حضر/ ريف) دور في اختيار دولة ليبيا والأردن للهجرة مقارنة بالسعودية، حيث إن المقيمين بالحضر أقل عرضة من الريفيين للهجرة إلى ليبيا بنحو 70%، وتنخفض هذه النسبة إلى 60% في حالة الهجرة إلى الأردن، بينما لم يکن له تأثير في اختيار دولة الکويت أو اختيار أية دولة أخرى للهجرة مقارنة بالسعودية.
جدول (4): محددات اختيار دولة المقصد**
خصائص المهاجر
|
الکويت |
ليبيا |
الأردن |
دول أخرى |
Odds |
Odds |
Odds |
Odds |
|
العمر عند أول هجرة |
|
|
|
|
15-24 |
0.67 (0.46-0.96) |
2.4*** (1.72-3.40) |
2.1** (1.37-3.30) |
0.58** (0.41-0.84) |
25-34 |
0.68 (0.50-0.92) |
1.07 (0.79-1.44) |
1.35 (0.91-2.0) |
0.65** (0.48-0.86) |
الحالة الزواجية وقت الهجرة |
|
|
|
|
لم يسبق له الزواج |
0.99 (0.77-1.29) |
1.6*** (1.26-2.0) |
1.6** (1.18-2.08) |
1.2 (0.95-1.57) |
محل الإقامة |
|
|
|
|
الحضر |
0.79 (0.61-1.03) |
0.28*** (0.21-0.38) |
0.41*** (0.28-0.59) |
0.98 (0.78-1.23) |
المستوى التعليمي |
|
|
|
|
لم يلتحق بالتعليم |
0.96 (0.61-1.54) |
6.8*** (4.39-10.67) |
7.7*** (4.29-13.73) |
0.49** (0.29-0.80) |
ابتدائي وإعدادي |
0.96 (0.65-1.43) |
6.28*** (4.22-9.34) |
5.3*** (3.09-9.07) |
0.83 (0.57-1.19) |
ثانوي/أقل من جامعي |
1.07 (0.78-1.46) |
3.28*** (2.28-4.71) |
3.78*** (2.30-6.20) |
0.99 (0.76-1.30) |
المهنة قبل الهجرة |
|
|
|
|
لا يعمل |
1.6* (1.01-2.51) |
3.03*** (2.01-4.57) |
2.92*** (1.71-4.99) |
2.2*** (1.44-3.32) |
المديرون/المهن العلمية/الفنيون |
1.02 (0.62-1.69) |
1.02 (0.56-1.86) |
0.77 (0.33-1.85) |
1.4 (0.90-2.21) |
أعمال کتابية/عاملون في الخدمات |
2.2** (1.35-3.50) |
1.49 (0.88-2.55) |
1.9 (1.02-3.75) |
2.14** (1.36-3.37) |
الزراعيون وعمال الصيد |
1.3 (0.88-1.96) |
2.7*** (1.88-3.97) |
3.6*** (2.20-5.81) |
1.09 (0.73-1.63) |
الحرفيون |
1.02 (0.69-1.51) |
1.94*** (1.34-2.81) |
1.5* (0.95-2.56) |
1.03 (0.70-1.50) |
الهجرات السابقة |
|
|
|
|
ليس لديه هجرة سابقة |
1.09 (0.66-1.78) |
0.23*** (0.16-0.32) |
0.32*** (0.21-0.48) |
0.43*** (0.29-0.62) |
شبکات ومساعدات الهجرة |
|
|
|
|
کان لديه أقارب/معارف بالخارج |
2.1*** (1.69-2.71) |
1.23** (1.02-1.48) |
1.2 (0.93-1.47) |
0.94 (0.77-1.15) |
أثر الأحداث الاقتصادية والسياسية |
|
|
|
|
ما قبل الغزو الأمريکي للعراق (2000-2003) |
2.7*** (1.92-3.87) |
0.71** (0.54-0.96) |
0.83 (0.56-1.22) |
1.7** (1.24-2.46) |
ما بعد غزو العراق وقبل الکساد الاقتصادي (2004-2008) |
2.9*** (2.2-3.86) |
0.69** (0.55-0.87) |
0.96 (0.71-1.28) |
1.8*** (1.39-2.46) |
بعد الکساد الاقتصادي، وقبل ثورات الربيع العربي (2009-2011) |
1.4** (1.07-1.89) |
0.39*** (0.31-0.49) |
0.92 (0.70-1.19) |
1.4** (1.12-1.83) |
* P-value <.05, ** at P-value <.01, *** at P-value <.001.
- (R): الفئة المرجعية. ، - فترات الثقة بين الأقواس.
**الفئات المرجعية: العمر(35+ سنة)، الحالة الزواجية (سبق له الزواج)، محل الإقامة (الريف)، المستوى التعليمى (جامعى فأعلى)، المهنة (عمال تشغيل/ المهن العادية)، خبرة الهجرة (لديه هجرات سابقة)، شبکات الهجرة (لم يکن لديه أقارب/معارف بالخارج)، أثر الأحداث الاقتصادية والسياسية (بعد ثورات الربيع العربى)
کلما ارتفع المستوى التعليمي قل احتمال الهجرة، وتشير النتائج إلى أن الأفراد الذين لم يلتحقوا بالتعليم تکون فرصتهم للهجرة إلى ليبيا أکبر من فرصتهم للهجرة للسعودية بنحو 7 مرات، وتنخفض إلى 6 مرات، ثم إلى 3 مرات تقريبًا بين فئتيْ التعليم "ابتدائي وإعدادي"، و"ثانوي/أقل من جامعي" على التوالي مقارنة بالفئة المرجعية "ذوي التعليم الجامعي فأعلى". وترتفع فرص الهجرة إلى الأردن مقارنة باحتمال الهجرة للسعودية حسب فئات التعليم المشار إليها بنحو 8، 5، 4 فرص على التوالي. وتجدر الإشارة إلى أنه لم يکن للحالة التعليمية تأثير معنوي على اختيار الکويت کدولة مقصد، بينما تقل فرصة من "لم يلتحق بالتعليم" بمقدار 50% مقارنة بالفئة المرجعية للهجرة إلى أية دولة بخلاف الدول الأربع الأخرى عن فرصهم للهجرة للسعودية.
وتعدُّ مهنة المهاجر قبل الهجرة عاملًا هامًّا بين المتغيرات المتاحة في اختيار دولة الاستقبال، حيث تشير النتائج الواردة بالجدول رقم (4) إلى أنه مقارنة بالهجرة إلى السعودية فإن فئة "لا يعمل، أي العاطلون" لديهم فرصتين للهجرة إلى ليبيا، وثلاث فرص للهجرة إلى الکويت وکذلک الأردن وأيضًا الدول الأخرى مقارنة بالفئة المرجعية "عمال التشغيل والمهن العادية".
وتؤکد نتائج النموذج على وجود نمط واضح للهجرة إلى کلٍّ من ليبيا والأردن، فقد کانت فئة الزراعيين وفئة الحرفيين معنوية في دولتيْ ليبيا والأردن فقط. وتبلغ فرصة العاملين بالزراعة للهجرة إلى ليبيا وکذلک إلى الأردن 3 أمثال و4 أمثال فرصة هجرتهم للسعودية مقارنة بعمال التشغيل على الترتيب، بينما تبلغ فرصة هجرة الحرفيين –مقارنة بالسعودية- إلى ليبيا فرصتين وإلى الأردن نصف فرصة عمال التشغيل، على التوالي أيضًا. وقد کانت فئة العاملين بالأعمال الکتابية وفي الخدمات معنوية في نموذجيْ الکويت والدول الأخرى فقط، وقد بلغت فرصة العاملين بالأعمال الکتابية أو في الخدمات للهجرة للکويت أو الدول الأخرى ضعف فرصة الهجرة للسعودية مقارنة بالفئة المرجعية.
وکان لخبرة الهجرة(ويقصد بها عدد مرات الهجرة السابقة) تأثير معنوي في اختيار دولة المقصد باستثناء دولة الکويت، حيث تشير النتائج إلى أن الأفرادالذين ليس لديهم هجرة سابقة على الهجرة الحالية تقل فرصتهم للهجرة إلى ليبيا، والأردن، والدول الأخرى مقابل هجرتهم للسعودية بنسبة 80% تقريبًا، 70%، 60% على التوالي مقارنة بمن کان لديه خبرة سابقة للهجرة. ولم يکن لوجود معارف أو أقارب بالخارج (شبکات الهجرة) وقت هجرة الفرد دور في قرار اختيار دولة الاستقبال إلا في حالة دولة الکويت ودولة ليبيا فقط، حيث أشارت النتائج إلى أنه مقارنة بدولة السعودية فإن الفردالذي لديه معارف بالخارج يزيد احتمال هجرته إلى الکويت وليبيا بأکثر قليلًا من الضعف، وبنحو 20% على التوالي عن احتمال هجرةمن ليس له معارف أو أقارب.
أما بالنسبة لمتغير "أثر الأحداث الاقتصادية والسياسية"، فقد کان له تأثير معنوي في النماذج الثلاثة لکلٍّمن دولة الکويت ودولة ليبيا ونموذج باقيالدول الأخرى، بينما لم يکن له تأثير معنويعلى اختيار دولة الأردن للهجرة. وتشير النتائج إلى أن احتمال الهجرة إلى کلٍّمن الکويت والدول الأخرى کان أعلى قبل ثورات الربيع العربيمن احتمال الهجرة إليهما بعد حدوثها. وأن هذا الاحتمال کان آخذًا في الانخفاض قبل حدوث ثورات الربيع العربي. والعکس في حالة الهجرة لليبيا، حيث لم تکن منطقة جذب للمهاجرين قبل ثورات الربيع العربي. وبصفة خاصة بعد الکساد الاقتصادي (2009-2011)، فقد انخفضت فرصة الهجرة من 0.71 ما قبل الغزو الأمريکيللعراق إلى 0.4.
5. مناقشة النتائجوالتوصيات
اهتمت الدراسة بالتعرف على تباين خصائص المهاجرين للعمل من مصر في الفئة العمرية (15-59) سنة حسب دولة المقصد خلالالفترة من 2000-2013، وکذلک التعرف على محددات اختيارها بالاعتماد على بيانات المسح القومي "الهجرة الدولية في مصر 2013"[9]، الذي يعد أول مسح للهجرة الدولية من مصر على المستوى القومي بعد مدة تقترب من ثلاثة عقود من الزمن (منذ مسح الهجرة من مصر 1985)[10]، ومن المهم الإشارة إلى أن مصر مرت بالکثير من التقلبات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية خلال الفترة محل الدراسة، التي من شأنها التأثير على اتخاذ قرار الهجرة واختيار دولة الهجرة.
وتتفق نتائج البحث مع نتائج المسوح السابقة، التي تؤکد على اعتبارات القرب الجغرافي والروابط المشترکة (وهي اللغة والثقافة والدين) في اختيار دولة المقصد، فقد کان هناک تفضيل قوي للمهاجرين المصريين للعمل في الدول العربية، وقد کانت أکثر الدول المفضلة هي السعودية، وقد يعود تفضيل السعودية للعديد من الأسباب: فهي تعدُّ أکبر دول الخليج العربي من حيث عدد السکان، ومن حيث تنوع سوق العمل بها، حيث يستوعب مهارات العمالة المختلفة، بالإضافة إلى وجود الحرمين بها الأمر الذي ييسر أداء الفرائض الدينية. ثم تأتي ليبيا في المرتبة الثانية نتيجة للقرب الجغرافي وسياسة الحدود المفتوحة، التي استمرت حتى 2006 حيث کان يسمح للمصريين بالدخول والإقامة في ليبيا باستخدام البطاقة الشخصية فقط، کما أن الکثير من الشباب يعدُّها أسهل مقصد للهجرة غير النظامية (; Zohry,2005 منظمة الهجرة الدولية، 2011)، وهو ما قد يفسر الارتفاع الملحوظ في نسبة المهاجرين إلى ليبيا من نحو 3% تقريبًا عام 1985 (خلال فترة الأزمة السياسية بين مصر وليبيا وعودة الکثير منهم إلى مصر) إلى نحو 25% عام 2013. أما الکويت فجاء تفضيلها متسقًا مع العائد الفعلي أو المتوقع منها بوصفها إحدى الدول النفطية، بينما أدت سهولة الإجراءات وانخفاض تکلفة الدخول للأردن إلى زيادة المهاجرين إليها (Zohry et al., 2020).
وتتوافق نتائج التحليل الحاليمع الأنماط التاريخية للهجرة المصرية،وتؤکد على ما اتفقت عليه الدراسات السابقة وهو أن المهاجرين ليسوا عينة عشوائية (Lee 1966; Greenwood 1969; Stark 1991; Ghatak 1996 )؛ فغالبية المهاجرين من الذکور الشباب، والغالبية الساحقة من المناطق الريفية، ومن ذوي التعليم المتوسط، کما أنهم کانوا يعملون قبل الهجرة، ذوي المهن متدنية المهارات. ولکن هذه السمات العامة تخفي تباينات حسب دول الوصول.
ويمثل صغر السن أمد من الوقت والعمر للاستثمار إلى جانب ارتفاع القدرة على المخاطرة والمغامرة، وتجدر الإشارة عند مقارنة نتائج الدراسة الحالية بنتائج مسح الهجرة من مصر 1985 (فرجاني،1988، ص 311) وجد انخفاض في متوسط العمر عند الهجرة في کل دول المقصد، مع الاحتفاظ بنفس النمط لهذه الدول، فقد انخفض متوسط العمر عند الهجرة في کل من السعودية والکويت من 35 سنة تقريبًا عام 1985 إلى 29 سنة عام 2013، ومن 29 سنة في الأردن إلى 25 سنة خلال الفترة نفسها، ويظل تيار الهجرة إلى ليبيا يثير التساؤل، حيث کان الأعلى في متوسط العمر عند الهجرة عام 1985 (37 سنة) لينخفض بنحو 12 سنة خلال الفترة من 2000 إلى 2013.
وعلى الرغم من أن أدبيات الهجرة من مصر تؤکد دائمًا أن ظاهرة الهجرة يهيمن عليها الريفيون، إلا أن نتائج التحليل تشير إلى ارتفاع هذه النسب بشکل کبير، ويمکن أن يرجع هذا إلى وجود فائض في العمالة الزراعية التي شهدها سوق العمل في مصر في الآونة الأخيرة (Zohry, 2020)، إلى جانب عدم حدوث تعديلات في الحدود الإدارية بين الريف والحضر منذ الثمانينيات، حيث إن هناک الکثير من المناطق التي قد تطورت لتصبح صاحبة معالم حضرية، ولکنها مازالت حسب التصنيف الإداري مناطق ريفية (Roushday et al., 2009).
وقد أشارت نتائج الدراسة إلى وجود نمطين يميزان بين المهاجرين بحسب دولة المقصد؛ الأول: نمط الهجرة إلى ليبيا والأردن، حيث کان المهاجرون إليهما هم الأکثر شبابًا، وانعکس هذا على الحالة الزواجية – وهو متغير شديد الارتباط بالسن – حيث ترتفع بهما نسبة من لم يسبق لهم الزواج، کما کانوا الأقل تعليمًا ويمتهنون الأعمال الزراعية بشکل أساسي. أما النمط الثاني فقد کان الهجرة إلى السعودية والکويت؛ حيث کان المهاجرون لهما الأکبر سنًّا، وبالتالي فإن النسبة الأکبر منهم متزوجون، ومن ذوي التعليم المرتفع، وهناک تمثيل عالٍ للمديرين بهما مقارنة بدولتيْ ليبيا والأردن. وتزداد الانتقائية الموجبة للمهاجرين مع بعد المسافة الذي يعبر به عن تکلفة الهجرة، ويتم اختيارهم بانتقائية موجبة لتعويض ارتفاع تکلفة الانتقال (Chiswick, 1999)، ويظهر ذلک من خلال ارتفاع خصائص المهاجرين إلى السعودية والکويت مقارنة بالمهاجرين إلى ليبيا والأردن، حيث إن الدولتين الأخيرتين هما الأقرب من حيث المسافة والأقل تکلفة. بينما کانت السعودية والکويت الأکثر استقرارًا، وينعکس هذا في ارتفاع مدة الإقامة وقلة عدد مرات الهجرة، الأمر الذي يشير إلى توفيرهما لظروف عمل وتشغيل أفضل.
وبينما هيمن الأميون على تيارات الهجرة في الثمانينيات (فرجاني، 1988، ص 312) وخاصة بين المهاجرين إلى ليبيا، تغير الوضع وکان لذوي التعليم المتوسط الغلبة على تيارات الهجرة خلال الفترة 2000-2013، کما ارتفعت نسبة المهاجرين من ذوي التعليم الجامعي فأعلى في کل من السعودية والکويت، وانخفضت في کلٍّ من ليبيا والأردن خلال الألفية الثالثة، مقارنة بالوضع في الثمانينيات. وتشير النتائج إلى وجود انتقائية موجبة لأعلى درجات السلم التعليمي بين المهاجرين إلى الدول الأخرى، والسعودية وکذلک الکويت مقارنة بالمهاجرين إلى ليبيا والأردن، بل أيضًا مقارنة بالنسبة في مجتمع دولة المنشأ (مصر)، فقد بلغت نسبة الذکور ذوي التعليم الجامعي فأعلى 18% من واقع بيانات تعداد 2006 (الجهاز المرکزي للتعبئة العامة والإحصاء، 2019)، بينما أشارت النتائج إلى أنها بلغت في الدول المشار إليها 28%، 21%، 19% على الترتيب.
وتؤکد النتائج على ديناميکية ظاهرة الهجرة، وتغييرها وتفاعلها مع ظروف سوق العمل الدولية، والوضع السياسي والاقتصادي السائد في مصر وفي الدول المستقبلة، فلم تعد عوامل الجذب الأکثر أهمية من عوامل الطرد في تحديد قرار الهجرة کما أشار إلى ذلک "رافنشتاين" عام 1889، حيث سيطرت عوامل الطرد بوصفها دافعًا لاتخاذ قرار الهجرة من مصر، وبدون اختلاف بين الدول المستقبلة، فمنذ مسح الهجرة من مصر 1985 فإن عدم کفاية الدخل في مصر هو الدافع الغالب للهجرة.
وقد أظهر تحليل الانحدار اللوجستي الاسمي متعدد الأوجه عدة نتائج على النحو التالي: أولًا: هناک تشابه واضح بين کلٍّمن نموذجيْليبيا والأردن من حيث تأثير المتغيرات على اختيار هاتينالدولتين بوصفهما دول مقصد للمصريين، ثانيًا: ينفرد نموذج الکويتبتأثير المتغيرات کمحددات لاختيارها کدولة مقصد عن باقيالنماذج مقارنة بالدولة المرجعية (السعودية)، ثالثًا: يعد نموذج محددات الهجرة للدول الأخرى نموذجًا وسطًابين نموذج "ليبيا والأردن"، ونموذج "الکويت" من حيث أوجه الشبه أو الاختلاف في دور المتغيرات کمحددات لاختيار دولة المقصد، فلم يکن هناک متغير معنوييؤثر في اختيار دولة الکويت کدولة مقصد باستثناء المهنة وشبکات الهجرة، رابعًا: يعد متغير المهنة وقت الهجرة متغيرًا مهمًّا لاختيار دولة المقصد، وکذلک متغير الحالة التعليمية باستثناء حالة دولة الکويت. وعلى الرغم مما أشارت إليه نتائج تحليل بيانات سوق العمل المصري 2018، من ارتفاع مستوى التعليم للمهاجرين بشکل عام، إلا أن التعميم يخفي اختلافات حسب دولة المقصد.
کما أظهرت النتائج تراجع دور شبکات الهجرة في اتخاذ قرار الهجرة، فلم يکن لها تأثير معنوي على اختيار دولة الاستقبال فيما عدا دولة الکويت؛ هذا على عکس ما أشار إليه فرجاني، حيث إن شبکات الأقارب والأصدقاء قد أدّت الدور الأهم في توفير فرص عمل للمهاجرين. وقد يکون ظهور شبکات التواصل الاجتماعي في السنوات الحديثة، وکذلک التقدم التکنولوجي في شبکات المعلومات أحد الأسباب التي ساعدت على سهولة الحصول على المعلومات وتدفقها عن أسواق العمل وتفوقها على تأثير شبکات العلاقات والمعارف في تحديد وجهة الاستقبال، وقد أشارت نتائج مسح النشء والشباب بمصر 2009 إلى أن وجود الأقارب والأصدقاء الذين يعيشون في الخارج لم يعد يمثل سببًاأو دافعًامهمًّاللهجرة. حيث أشار 18% فقط من الشباب في الفئة العمرية (18-29) إلى أنهم استفادوا من الأقارب والمعارف بالخارج في تسهيل عملية الهجرة، ولم توجد اختلافات واضحة حسب وجهة المقصد (سواء کانت دولة عربية أو غير عربية) (IOM, 2011).
ويهمناأننلفتالانتباهإلىأنهذاالنمطالزمنيلتيارات الهجرة الذيأظهرته الدراسة مرتبطبالاقتصار في مجال التحليل على الهجرةالحالية. ففيهذهالحالةوفيظلمتوسطمدةالهجرةالذي يتراوحبين4-5 سنوات في بلدالمهجريُلاحظأنأغلبيةالمهاجرين هاجرواقبلالمسحبخمسسنوات،أىتقريبًامنذعام 2008. وهذاالنمطالزمنيسنشاهدهلوأجرينامسحًاآخرعام 2030،علىسبيلالمثال. وسنجدأنأغلبيةالمهاجرينوقتالمسححينئذٍسيکونون قدهاجروا في السنواتالقريبةمنسنةإجراءالمسحمادامتمدةالهجرةلاتتجاوزبضعسنوات. لذانودأننشيرأيضًاإلىأنهناکمابين 10% (بالسعودية) إلى 16% (بالکويت) منالمهاجرينوقت المسحقد تجاوزتمدةهجرتهمالسنوات العشر في بلادالمهجر،وجدير بالإشارة أيضًا أنمتوسطمدةالهجرةزادبنحوعامإلىعامين عماکانتعليه في ثمانينياتالقرنالماضي (فرجاني، 1988، ص 311).
وأخيرًا؛ نود أن نؤکد على أن ظاهرة الهجرة من مصر تنبع أهميتها من أکثر من جانب، حيث تسهم في دعم الاقتصاد على المستوىالکليمن خلال توفير العملة الصعبة، وکذلک على المستوى الجزئيمن خلال توفير الموارد المالية اللازمة لاحتياجات أسر المهاجرين (Zohry, 2020)، کما أنها تؤثر على هيکل سوق العمل في دولة الأصل. وبما أن الدراسة تشير إلى أن المهاجرين من مصر ليسوا مجموعة متجانسة، وأن تيارات الهجرة الدولية متباينة حسب دولة المقصد. لذلک؛فإن توفير قاعدة بيانات دقيقة حول حجم المهاجرين،وخصائصهم الرئيسية، وتياراتها في المجتمعات المضيفةخطوة مهمة للتخطيط للهجرة المستقبلية من مصر. وأيضًا؛ فإن إجراء مسوح تستهدف جزءًامهمًّامن مجتمع المهاجرين وهم الأسر التيانتقلت بأکملها للخارج (حيث نتوقع أنهم من ذويالخصائص المرتفعة)، يعد أمرً يستحق الاهتمام.
ومن أجل تطوير فعال لسياسات الهجرة، فلابد من الاهتمام بتتبع ما قد يفرضه الوضع الراهن بعد أزمة "جائحة کوفيد-19" العالمية، فمن المتوقع أن تتغير خريطة الهجرة من مصر، حيث لن يعود الاقتصاد في الدول المستقبلة للمصريين لسيرته الأولى، لأن الرکود الاقتصادي والبطالة اللذين جلبهما هذا الوباء، مصحوبًا بانخفاض في أسعار البترول والقيود على حرية السفر والتنقل،سوف يکون له تأثيراته على تيارات الهجرة وخصائصها،الأمر الذي سيتطلب إجراء بحوث للوقوف على انعکاسات هذه الأزمة على نمط التباين الذي رصده البحث حسب دول المقصد، وتتبع هل سيستمر بعد هذه الأزمة؟، أم سيختلف؟؛ وما هو شکل الاختلاف؟.
ق