الاستثمار الخاص، الاستثمار الحکومي، وعجز الموازنة العامة للدولة فى الاقتصاد المصرى خلال الفترة (1985-2017): علاقة تکامل أم تنافس؟

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

کلية الاقتصاد والعلوم السياسية - جامعة القاهرة

المستخلص

      تمثل العلاقة بين الاستثمار الحکومي والاستثمار الخاص علاقة جدلية سواء على مستوى النظريات الاقتصادية أو الدراسات التطبيقية، ولايوجد اتفاق حتى الآن ما إذا کان الاستثمار الحکومي- وما قد يتبعه من عجز للموازنة العامة للدولة لتمويل هذا الإنفاق الاستثماري- يلعب دوراً مکملاً أم منافساً للاستثمار الخاص. ومن ثم تسعى هذه الورقة إلى دراسة تأثير کلا من الاستثمار الحکومي وعجز الموازنة العامة للدولة على الاستثمار الخاص بالتطبيق على الاقتصاد المصري في الفترة من 1985 إلى 2017. وقد خلصت الدراسة إلى وجود علاقة موجبة بين الاستثمار الخاص وبين الاستثمار الحکومي. وتشير هذه النتيجة إلى أن قيام الدولة بالإنفاق على الاستثمارات فى مجال البنية التحتية الأساسية إنما يمهد الطريق بدرجة کبيرة لکى يقوم القطاع الخاص بدور أوسع فى القطاعات الاستثمارية الأخرى. کما تتفق هذه النتائج بدرجة کبيرة مع طبيعة الاقتصاد المصرى باعتباره اقتصاد نامى وبالتالى مازلت الدولة تلعب دوراً رئيسيا فى مساندة القطاع الخاص وتقديم البنية التحتية الرئيسية اللازمة لکى يقوم بالعمل والإنتاج. وتتفق تلک النتائج أيضاً مع هيکل الموازنة العامة للدولة والذى ترتفع فيه نسبة الإنفاق الجارى الحتمى بدرجة کبيرة مقارنة بالإنفاق الاستثمارى. وبالتالى يشارک القطاع الخاص بدور أساسى فى القيام بالاستثمارات اللازمة للنهوض بالاقتصاد، ورفع معدل النمو الاقتصادى بالدولة.
 

نقاط رئيسية

      تمثل العلاقة بين الاستثمار الحکومي والاستثمار الخاص علاقة جدلية سواء على مستوى النظريات الاقتصادية أو الدراسات التطبيقية، ولايوجد اتفاق حتى الآن ما إذا کان الاستثمار الحکومي- وما قد يتبعه من عجز للموازنة العامة للدولة لتمويل هذا الإنفاق الاستثماري- يلعب دوراً مکملاً أم منافساً للاستثمار الخاص. ومن ثم تسعى هذه الورقة إلى دراسة تأثير کلا من الاستثمار الحکومي وعجز الموازنة العامة للدولة على الاستثمار الخاص بالتطبيق على الاقتصاد المصري في الفترة من 1985 إلى 2017. وقد خلصت الدراسة إلى وجود علاقة موجبة بين الاستثمار الخاص وبين الاستثمار الحکومي. وتشير هذه النتيجة إلى أن قيام الدولة بالإنفاق على الاستثمارات فى مجال البنية التحتية الأساسية إنما يمهد الطريق بدرجة کبيرة لکى يقوم القطاع الخاص بدور أوسع فى القطاعات الاستثمارية الأخرى. کما تتفق هذه النتائج بدرجة کبيرة مع طبيعة الاقتصاد المصرى باعتباره اقتصاد نامى وبالتالى مازلت الدولة تلعب دوراً رئيسيا فى مساندة القطاع الخاص وتقديم البنية التحتية الرئيسية اللازمة لکى يقوم بالعمل والإنتاج. وتتفق تلک النتائج أيضاً مع هيکل الموازنة العامة للدولة والذى ترتفع فيه نسبة الإنفاق الجارى الحتمى بدرجة کبيرة مقارنة بالإنفاق الاستثمارى. وبالتالى يشارک القطاع الخاص بدور أساسى فى القيام بالاستثمارات اللازمة للنهوض بالاقتصاد، ورفع معدل النمو الاقتصادى بالدولة.

کلمات مفتاحية:الاستثمار الحکومي-الاستثمار الخاص-أثر المزاحمة-عجز الموازنة

الكلمات الرئيسية


مقدمـــة:

تمثل العلاقة بين الاستثمار الحکومي والاستثمار الخاص علاقة جدلية سواء على مستوى النظريات الاقتصادية أو الدراسات التطبيقية، حيث ترى بعض الدراسات (مثل(1989)  Aschauer و Bahmani-Oskooee (1999)) أن زيادة الاستثمار الحکومي يؤدي إلى تهيئة البنية التحتية اللازمة لعمل القطاع الخاص، ومن ثم يلعب الاستثمار الحکومي دوراً مکملاً للاستثمار الخاص. بالإضافة إلى ذلک يؤدي زيادة الاستثمار الحکومي إلى زيادة ثقة المستثمرين في الاقتصاد، وتنشيط عجلة الاقتصاد من خلال زيادة الطلب الکلي مما يؤثر إيجابياً على الاستثمار الخاص. بينما توجد اتجاهات أخرى في الأدبيات الاقتصادية (مثل (Premchand (1984 و وKibet (2013))  ترى أن الاستثمار الحکومي (وما قد يتبعه من عجز الموازنة لتمويل هذه الاستثمارات) ينافس عمل القطاع الخاص ويؤثر سلبياً على حجم الائتمان الممنوح للقطاع الخاص، وبالتالي يؤدي إلى مزاحمة الاستثمارات الخاصة. وهنا تجدر الإشارة إلى أنه لم يتم حسم هذا الجدل إلى الآن سواء على المستوى النظري أو الدراسات التطبيقية.

ومن ثم تسعى هذه الورقة إلى دراسة تأثير کلا من الاستثمار الحکومي وعجز الموازنة العامة للدولة على الاستثمار الخاص بالتطبيق على الاقتصاد المصري في الفترة من 1985 إلى 2017 للإجابة على تساؤل رئيسي وهو: هل يزاحم الاستثمار الحکومي الاستثمار الخاص أم يمهد الطريق أمام مزيد من الاستثمارات الخاصة؟ هل يؤدي ارتفاع عجز الموازنة العامة للدولة إلى انخفاض الاستثمار الخاص من خلال تأثيره على سوق الاقتراض المحلي والائتمان الممنوح للقطاع الخاص؟ ومن الجدير بالذکر أن لهذه التساؤلات أهمية خاصة في الفترة الزمنية الحالية للاقتصاد المصري حيث أن الحکومة المصرية تضطلع بضخ استثمارات في العديد من المشروعات الاستثمارية الضخمة مثل العاصمة الإدارية الجديدة، مدينة العلمين الجديدة، محور تنمية قناة السويس، وغيرها من المشروعات القومية الأخرى. ومن ثم، تبرز أهمية ما إذا کانت هذه الاستثمارات تلعب دوراً مکملاً أم منافساً للاستثمارات الخاصة.

وتنقسم هذه الورقة إلى أربعة أقسام رئيسية بخلاف المقدمة. يعرض القسم الأول النظريات الاقتصادية والدراسات التطبيقية التي أولت اهتماماً بدراسة تأثير الإنفاق الحکومي وعجز الموازنة العامة للدولة على استثمارات القطاع الخاص. ويتناول القسم الثاني هيکل الاستثمارات الحکومية والخاصة، فضلاً عن علاقتهما بعجز الموازنة من خلال التحليل الوصفي للبيانات. بينما يختص القسم الثالث بعرض النموذج القياسي من خلال خطوات التحليل الکمي وأهم النتائج التي تم التوصل إليها. وأخيراً، تختتم الورقة في القسم الرابع بالنتائج والتوصيات التي يمکن استخلاصها من هذه النتائج.

1. الإطار النظري والدراسات التطبيقية

تزخر الأدبيات الاقتصادية بالعديد من النظريات والدراسات التطبيقية التي اهتمت بدراسة تأثير الاستثمار الحکومي وعجز الموازنة العامة للدولة على استثمارات القطاع الخاص، ويوجد جدل کبير سواء في النظريات أو الدراسات التطبيقية التي تناولت هذه العلاقة کما هو موضح أدناه.

فيما يتعلق بالنظريات التي اهتمت بدراسة هذه العلاقة، سوف نتناول ثلاث نظريات. تتمثل النظرية الأولى في النظرية الکينزية التي تؤمن أن زيادة الاستثمار الحکومي (حتى لو ترتب على هذا الإنفاق عجزاً في الموازنة العامة للدولة) يؤدي إلى زيادة الطلب الکلي وتنشيط عجلة الاقتصاد مما ينعکس إيجابياً على الاستثمار الخاص "crowding in private investment” حيث يؤدي زيادة الطلب الکلي إلى ارتفاع أرباح المشروعات الاستثمارية (Eisner and Pierper, 1984 as cited in Shetta and Kamaly, 2014)، کذلک يؤدي زيادة الاستثمار الحکومي في القطاعات الاقتصادية المختلفة إلى زيادة ثقة المستثمرين في الاقتصاد.  وفي هذا الصدد، تدعم کتابات Rostow (1971) و Musgrave (1989) as cited in Paiko (2012) الأثر الإيجابي للاستثمار الحکومي على الاستثمار الخاص، (2012) حيث توضح أن الاستثمار الحکومي يلعب دوراً مختلفاً في المراحل التنموية المختلفة التي تمر بها الدول. فعلى سبيل المثال، تظهر حاجة ملحة لزيادة الاستثمار الحکومي في البنية التحتية، الطرق والخدمات الأساسية في الدول التي مازالت في المراحل الأولى من التنمية، وفي هذه الحالة يلعب الاستثمار الحکومي دوراً مکملاً للاستثمار الخاص.

وفيما يتعلق بالنظرية الثانية، فتتمثل في النظرية النيوکلاسيکية، التي توضح أن عجز الموازنة العامة للدولة والاستثمار الحکومي يزاحم استثمارات القطاع الخاص حيث أن التوازن بين الادخار والاستثمار يتحقق من خلال سعر الفائدة التوازني، وحيث أن تمويل عجز الموازنة العامة للدولة يتم من خلال إصدار سندات حکومية تسعى الحکومة لزيادة جاذبيتها مقارنة بالأصول المالية الأخرى، تتجه إلى طرحها بقيمة اسمية منخفضة مما يؤدي إلى ارتفاع سعر الفائدة على هذه السندات، مما يترتب عليه عدم قدرة القطاع الخاص على الاتجاه للتمويل من خلال إصدار سندات ذات عائد تنافسي، ومن ثم ينشأ أثر المزاحمة "Crowding out effect" (Premchand, 1984). بالإضافة إلى ذلک، يؤدي ارتفاع العائد على السندات الحکومية إلى اتجاه القطاع المصرفي للاستثمار فيها کوعاء استثماري آمن بدلاً من إقراض القطاع الخاص "lazy banks hypothesis"، مما يؤثر سلباً على الاستثمار الخاص (Hauner, 2006).

وأخيراً، تتمثل النظرية الثالثة في نظرية التوازن الريکاردي التي تشير إلى أن الزيادة في الاستثمار الحکومي وما يتبعه من اقتراض لتمويل هذا الإنفاق يؤدي حتماً إلى زيادة مستقبلية في الضرائب. وبالتالي، فإن افتراض الرشادة الاقتصادية للأفراد وتوافر الوعي الکافي لديهم يترتب عليه أن دافعي الضرائب على دراية بأن العجز الحالي في الموازنة العامة للدولة سوف يمول من خلال ضرائب في المستقبل، ومن ثم يتجهوا إلى زيادة معدلات الادخار لتعزيز قدرتهم على دفع هذه الضرائب في المستقبل. وبالتالي، فإن أي زيادة في الاستثمار الحکومي أو عجز الموازنة العامة للدولة تترجم في زيادة مدخرات الأفراد ولا تؤدي إلى زيادة الطلب الکلي، ولا تؤثر على قرارات الاستهلاک أو الإنتاج، أو معدلات الفائدة (Buchanan, 1976)).

فيما يتعلق بالدراسات التطبيقية، فقد تفاوتت النتائج بين الدراسات التي وجدت أثراً سلبياً لعجز الموازنة والاستثمار الحکومي على استثمارات القطاع الخاص بما يدعم "أثر المزاحمة"، وبين الدراسات التي وجدت تأثيراً إيجابياً لعجز الموازنة على الاستثمارات الخاصة بما يدعم النظرية الکينزية التي تدعم الآثار الإيجابية للسياسة المالية التوسعية عن طريق الاقتراض لتحريک عجلة الاقتصاد وتنشيط الطلب الکلي مما يحفز الاستثمار.

تعددت الدراسات التي وجدت أثراً إيجابياً لعجز الموازنة والإنفاق الحکومي على الاستثمار الخاص حيث وجد کلا من(1989)  Aschauer و Bahmani-Oskooee (1999)تأثيراً إيجابياً لعجز الموازنة والاستثمار الحکومي على الاستثمار الخاص في الاقتصاد الأمريکي مما يدعم النظرية الکينزية في أن السياسات المالية التوسعية وزيادة الاستثمارات الحکومية تؤدي إلى زيادة الاستثمار الخاص. کذلک استخدمت دراسة Monadjemi and Huh (1998)  نموذج  متجه تصحيح الخطأ بالتطبيق على أستراليا، المملکة المتحدة، والولايات المتحدة الأمريکية وأوضحت النتائج عدم وجود ما يدعم "أثر المزاحمة" للاستثمارات الحکومية على الاستثمارات الخاصة، بينما وجد أثر معنوي لمعدل سعر الفائدة ومعدل الربحية على الاستثمار الخاص.

وعلى صعيد آخر، وجدت عدداً من الدراسات التطبيقية أثراً سلبياً لعجز الموازنة على استثمارات القطاع الخاص وتتمثل أبرز تلک الدراسات في دراسة Kibet (2013)، والتي قامت بدراسة العلاقة بين عجز الموازنة العامة للدولة، الفساد، والاستثمار الخاص على مجموعة کبيرة من الدول النامية باستخدام نموذج يجمع بين بيانات مقطعية وسلاسل زمنية حيث أشارت النتائج أنه کلما ارتفع عجز الموانة العامة للدولة، کلما انخفض مستوى الاستثمار الخاص. کذلک اتفقت دراسة کلاً من  Asogwa and Chetachukwu (2013) في نيجيريا و Madni (2013)  لدولة باکستان في دعم نتائج أثر مزاحمة عجز الموازنة لاستثمارات القطاع الخاص حيث قام Madni  بتطبيق نموذج التکامل ومتجه تصحيح الأخطاء، وأوضحت النتائج أن عجز الموازنة، سعر الفائدة، معدل التضخم، والدين الخارجي تؤثر سلباً على الاستثمار الخاص، بينما يؤثر سعر الصرف والصادرات تأثيرا إيجابياً على تدفقات الاستثمار.

يتضح من المراجعة السابقة للأدبيات أن نتائج الدراسات تفاوتت ولا يوجد اتفاق فيما بين الدراسات على تأثير عجز الموازنة والاستثمار الحکومي على الاستثمار الخاص. أما فيما يخص الدراسات التي تناولت الحالة المصرية، فقد توصل کلٍ من (فوزى والمغربل، 2004) إلى ﺃﻥ ﺍﻻﺳﺘﺜﻤﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺸﻭﻋﺎﺕ ﺍﻹﻧﺘﺎﺟﻴﺔ ﺧﺎﺭﺝ نطاق ﺍﻟﺒﻨﻴﺔ ﺍﻷﺳﺎﺳﻴﺔ تزاحم ﺃﻭ تنافس ﺍﻻﺳﺘﺜﻤﺎﺭ ﺍﻟﺨﺎﺹ، ﻓﻲ ﺣﻴ ﺃﻥ ﺍﻻﺳﺘﺜﻤﺎﺭ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻨﻴﺔ ﺍﻷﺳﺎﺳﻴﺔ کالطرق ﻭالموانىء ﻭﺍﻟﻜﻬﺑﺎء ﻭالتعليم ﻭﺍﻟﺼﺤﺔ ﻳﺘﻜﺎﻣﻞ ﻣﻊ ﺍﻻﺳﺘﺜﻤﺎﺭ ﺍﻟﺨﺎﺹ ويشجعه. أما دراسة Fayed (2012) فقد رکزت على أثر الاقتراض الحکومي على الائتمان الممنوح للقطاع الخاص باستخدام بيانات ربع سنوية عن الفترة من 1998 حتى عام 2010، ووجدت أن الاقتراض الحکومي يؤدي إلى انخفاض الائتمان الممنوح للقطاع الخاص. وکذلک دراسة Shetta and Kamaly (2014) التي توصلت للنتائج ذاتها باستخدام بيانات لفترة زمنية أطول منذ عام 1970.

وقد رکزت هاتين الدراستين على تأثير الاقتراض الحکومي على الائتمان الخاص، ومن ثم حجم الاستثمار، إلا أن هذه الورقة الحالية تقوم بدراسة تأثير عجز الموازنة العامة للدولة والإنفاق الحکومي الاستثماري على الاستثمار الخاص مباشرة حيث أن حجم الائتمان هو أحد العوامل المؤثرة على الاستثمار الخاص، إلا أن هناک قنوات عديدة لأثر السياسة المالية على الاستثمار الخاص لا تقتصر فقط على تأثير الاقتراض الحکومي على حجم الائتمان، ومن ثم تحاول هذه الورقة دراسة هذا الأثر بإتباع اسلوب تحليل السلاسل الزمنية لتقدير العلاقة بين الاستثمار الخاص کمتغير تابع وبين کل من عجز الموازنة، والدين الخارجى، ومعدل التضخم، وخدمة الدين العام، صافى الصادرات، والاستثمار الحکومى  کمتغيرات مستقلة، وذلک خلال الفترة الزمنية من 1985 حتى 2017.

2. تحليل هيکل الاستثمارات وعجز الموازنة فى مصر

يهدف هذا القسم إلى تحليل البيانات الخاصة بکل من هيکل الاستثمارات الحکومية والخاصة، فضلاً عن علاقتهما بعجز الموازنة. ويتم ذلک فى سبيل تحليل طبيعة التکامل أو التنافس فيما بينهما، والوقوف على مدى وجود أثر المزاحمة من عدمه بينهما.

فى هذا الإطار، يوضح شکل رقم (1) تطور کلٍ من عجز الموازنة والاستثمارات الخاصة خلال الفترة من عام 2000 إلى 2017 والذى يعکس بشکل عام وجود علاقة موجبة بينهما؛ وإن کان يمکن تقسيم تلک العلاقة إلى مرحلتين. المرحلة الأولى والتى تسبق ثورة يناير 2011 والتى تبدو فيها العلاقة الموجبة جلية؛ فمع الارتفاع فى عجز الموازنة ترتفع أيضاً الاستثمارات الخاصة. ويمکن تفسير ذلک من خلال النظرية الکينزية والتى تقضى بأن الارتفاع فى الانفاق الحکومى (والذى يؤدى إلى ارتفاع عجز الموازنة) سوف ينتج عنه تشجيع الطلب الکلى وزيادة الانتاج والاستثمارات الخاصة. واستمرت تلک العلاقة الموجبة حتى عام 2011، ومع انطلاق ثورة يناير، استمر عجز الموازنة فى الارتفاع بدرجة ملحوظة تزامناً مع تزايد الانفاق الحکومى، وتزايد المطالبات بتحقيق المساواه والعدالة الاجتماعية، وتزامناً أيضاً فى الانخفاض الهائل الذى شهدته مصادر الإيرادات المختلفة للخزانة العامة للدولة. وخلال تلک الفتره، شهدت الاستثمارات الخاصة انخفاضاً ملحوظة کنتيجة طبيعية لحالة عدم الاستقرار السياسى التى شهدتها الدولة، واستکمالاً لحالة الرکود العالمى الذى شهدها العالم فى عام 2008. وقد اقترن ذلک أيضاً بتراجع الاستثمارات الاجنبية المباشرة والتى ساهمت فى مزيد من الانخفاض فى نسبة الاستثمارات الخاصة من الناتج المحلى الإجمالى.

شکل رقم (1): عجز الموازنة والاستثمار الخاص خلال الفترة (2000-2017)

%

 

المصدر: مرسوم بواسطة الباحثين من خلال قاعدة بيانات البنک الدولى World Development Indicators

أما عن العلاقة بين عجز الموازنة والاستثمارات الحکومية، فيوضحها شکل رقم (2) والذى يعکس إتجاه الاستثمار الحکومي نحو الانخفاض خلال الفترة من 2000 إلى 2017 مع اتجاه عجز الموازنة نحو الارتفاع خلال نفس الفترة. وتتفق تلک الاتجاهات مع هيکل الموازنة العامة للدولة والذى يعکس انخفاض نسبة الإنفاق الاستثمارى من إجمالى الانفاق الحکومى، فى مقابل الارتفاع الکبير لبنود الإنفاق الجارى الحتمى مثل الأجور والمرتبات، والدعم، وفوائد القروض. ومع الإنخفاض الهائل الذى شهدته الإيرادات المصرية فى أعقاب ثورة يناير 2011، ظهر جلياً الإنخفاض المقترن فى الاستثمارات الحکومية کنتيجة طبيعية لإرتفاع عجز الموازنة خلال هذه الفترة. وذلک حيث تعتبر بنود  الإنفاق الجارى بنود لا تستطيع الدولة المساس بها، ومع تزايد المطالب بتحقيق العدالة الاجتماعية والموازنة، شهدت تلک البنود ارتفاع کبير فى ظل الاستجابة إلى هذه المطالب. وفى المقابل، کان لابد أن تشهد الاستثمارات الحکومية انخفاضًا ملحوظًا فى ظل عدم کفاية الايرادات الحکومية للوفاء بکلٍ من الانفاق الجارى والاستثمارى.

شکل رقم (2): عجز الموازنة والاستثمار الحکومي خلال الفترة (2000-2017)

%

 

المصدر: مرسوم بواسطة الباحثين من خلال قاعدة بيانات البنک الدولى World Development Indicators

ويشير التحليل السابق إلى نتيجة هامه ألا وهى الترابط والتکامل بين کلٍ من الاستثمار الحکومي والاستثمارات الخاصة؛ بمعنى عدم مزاحمه استثمارات الحکومة للإستثمارات التى يقوم بها القطاع الخاص. وتتأکد تلک العلاقة من خلال شکل رقم (3) والذى يعکس وجود علاقة موجبه بين الاستثمار الخاص والاستثمار الحکومي؛ أى أنه کلما زادت الاستثمارات الحکومية التى تقوم بها الدولة، ترتفع معها أيضاً استثمارات القطاع الخاص. وبالتالى من المتوقع أن يقوم القطاع الخاص بدور مساند ومساعد للحکومة من خلال المشارکة بشکل أساسى فى الاستثمارات؛ وظهر ذلک أيضاً جلياً فى الفترة التى أنخفضت فيها الاستثمارات الحکومية- فى أعقاب ثورة 2011، وقام فيها القطاع الخاص بالنهوض بإجمالى الإستثمارات فى الدولة من خلال الاستثمارات الخاصة.

 

شکل رقم (3): الاستثمار الخاص والاستثمار الحکومي خلال الفترة (2000-2017)

%

 

المصدر: مرسوم بواسطة الباحثين من خلال قاعدة بيانات البنک الدولى World Development Indicators

ويمکن تفسير تلک العلاقة الموجبة بين کلٍ من الاستثمار العام والخاص بالرجوع إلى هيکل تلک الاستثمارات؛ أى تحديد القطاعات التى يقوم کلٍ من القطاعين بتوجيه الاستثمارات نحوها. ومن خلال تحليل الشکل رقم (4) يمکن ملاحظة ترکز الاستثمارات الحکومية فى تقديم الخدمات المتعلقة بالبنية التحتية الأساسية مثل الکهرباء، والنقل، والمياه والصرف الصحى، فى حين تترکز الاستثمارات الخاصة فى الأنشطة العقارية وتجارة الجملة والتجزئة. وبالتالى يمکن استخلاص أن الإنفاق الحکومي الاستثماري على البنية التحتية، الطرق والخدمات الأساسية يلعب دوراً مکملاً للقطاع الخاص يساعده على القيام بدوره المنوط به فى النهوض بالاستثمارت  فى الاقتصاد المصرى.

وفى القسم التالى من الدراسة سيتم تحليل هذه العلاقات باستخدام نموذج قياسى لتقدير العلاقة بين عجز الموازنة والاستثمار الخاص من جهة، وبين کلٍ من الاستثمار العام والخاص من جهة أخرى وذلک باستخدام بيانات سنوية عن الاقتصاد المصرى للفترة من 1985 إلى 2017. وبالتالى يتيح ذلک التأکد من طبيعة أثر المزاحمة بين القطاعين العام والخاص.

شکل رقم (4): هيکل الاستثمارات الخاصة والحکومية فى عام 2017

%

 

المصدر: مرسوم بواسطة الباحثين من خلال قاعدة بيانات البنک الدولى World Development Indicators

3. النموذج والبيانات

يهدف هذا النموذج إلى دراسة العلاقة بين الانفاق الاستثمارى الخاص وعجز الموازنة فى مصر، بالإضافة إلى تحليل الدور الذى تقوم به الاستثمارات الحکومية فى التاثير على استثمارات القطاع الخاص. أى دراسة ما اذا کانت الاستثمار الحکومى يقوم بدور مساند أم منافس للقطاع الخاص. وفى سبيل ذلک سوف يتم اتباع اسلوب تحليل السلاسل الزمنية لتحليل ودراسة العلاقة بين المتغيرات المختلفة، وذلک على النحو التالى:

3.1 البيانات:

تستخدم الدراسة بيانات سنوية عن الاقتصاد المصرى للفترة من 1985 إلى 2017. وتضم البيانات متغيرات عن الاستثمار الخاص، عجز الموازنة، الدين الخارجى، التضخم، خدمة الدين العام، والإنفاق الحکومى الاستثمارى. ويوضح جدول رقم (1) الإحصاءات الوصفية للمتغيرات المستخدمة فى النموذج. وقد تم الحصول على البيانات من قاعدة بيانات البنک الدولى.


جدول رقم (1): الإحصاءات الوصفية للمتغيرات المستخدمة فى النموذج

المتغير

عدد المشاهدات

المتوسط

الإنحراف المعيارى

القيمة الدنيا

القيمة القصوى

 

 

 

 

 

 

نسب الاستثمار الخاص من الناتج المحلى الإجمالى

33

9.530

2.307

6.152

16.248

عجز الموازنة کنسبة من الناتج المحلى الإجمالى

33

8.682

5.259

0.900

19.100

الدين الخارجى کنسبة من إجمالى الدخل القومى

33

48.267

34.038

13.995

132.719

معدل التضخم (محسوب بالتغير فى الرقم القياسى لأسعار المستهلکين)

33

11.410

6.697

2.270

29.502

خدمة الدين العام کنسبة من الناتج المحلى الإجمالى

33

2.834

1.514

1.053

5.793

صافى الصادرات

33

-8.89E+09

9.05E+09

-3.18E+10

-1.05E+09

نسبة الانفاق الحکومى الاستثمارى کنسبة من إجمالى الانفاق الحکومى

33

11.48055

4.588989

5.154805

21.95179

                 ملحوظة: تم حسابها بواسطة الباحث باستخدام قاعدة بيانات World Development Indicators


3.2 النموذج القياسى

      تم فى هذه الدراسة الإستناد إلى المنهجية الواردة فى Asogwa and Chetachukwu (2013) والتى تقوم بإتباع أسلوب تحليل السلاسل الزمنية لتقدير العلاقة بين الاستثمار الخاص کمتغير تابع وبين عجز الموازنة، والدين الخارجى، ومعدل التضخم، وخدمة الدين العام، وصافى الصادرات. وقد تمت إضافة متغير آخر هو الإنفاق الحکومى الاستثمارى، لمعرفة ما إذا کانت الاستثمارات الحکومية تنافس وتزاحم الاستثمارات التى يقوم بها القطاع الخاص أم تفسح لها المجال وتساند الدور الذى تقوم به. وفى ذلک فإن إضافة ذلک المتغير يتسق مع الأدبيات الخاصة بدراسة العلاقة بين عجز الموازنة والاستثمار الخاص وبتحليل وجود أثر مزاحمة من عدمه، وبالتالى يخدم هدف البحث بدرجة کبيرة.

وفيما يلى الخطوات التى تم إتباعها فى إجراء تحليل السلاسل الزمنية:

أ. اختبارات السکون والتکامل

بالإستناد إلى اختبار جذر الوحدة Dickey Fuller Unit Root Test، تم إجراء اختبارات السکون لکل من المتغير التابع والمتغيرات المستقلة، ووجدت کل المتغيرات ساکنة عند الفرق الأول وبالتالى الشروط اللازمة لإجراء اختبار التکامل متحققة. وبالفعل بعد إجراء اختبار Johansen Co-integration Test للتکامل، وجد أن هناک علاقة تکامل واحدة فى الأجل الطويل وذلک عند مستوى إبطاء واحد. ويوضح جدولى رقم (2) و(3) نتائج اختبارات جذر الوحدة والتکامل کما يلى:


جدول رقم (2): نتائج اختبارات السکون باستخدام اختبار جذر الوحدة Unit Root Test

المتغير

القيمة الإحتمالية لإختبار Dickey-Fullerعند مستوى البيانات level data

القيمة الإحتمالية لإختبار Dickey-Fuller عند الفرق الأول first difference

النتيجة

نسب الاستثمار الخاص من الناتج المحلى الإجمالى

0.1387

0.000

I(1)

عجز الموازنة کنسبة من الناتج المحلى الإجمالى

0.1934

0.000

I(1)

الدين الخارجى کنسبة من إجمالى الدخل القومى

0.5092

0.0001

I(1)

معدل التضخم

0.4906

0.000

I(1)

خدمة الدين العام کنسبة من الناتج المحلى الإجمالى

0.2838

0.000

I(1)

صافى الصادرات

0.4296

0.0001

I(1)

نسبة الانفاق الحکومى الاستثمارى کنسبة من إجمالى الانفاق الحکومى

0.5127

0.000

I(1)

 

 

 

 


جدول رقم (3): نتائج اختبار التکامل باستخدام Johansen Test for Co-integration

عدد متجهات التکامل

المعلمات

LL

eigenvalue

trace statistic

القيمة الإحتمالية عند 5%

0

7

-1191.37

.

151.9106

124.24

1

20

-1161.87

0.84175

92.9170*

94.15

2

31

-1143.57

0.68141

56.3133

68.52

3

40

-1127.04

0.64399

23.2637

47.21

4

47

-1121.47

0.29422

12.1132

29.68

5

52

-1117.67

0.21119

4.522

15.41

6

55

-1115.54

0.12452

   

ملحوظة: تم اجراء إختبار التکامل عند مستوى إبطاء lag length (1) وفقاً لنتائج اختبارات AIC، SBIC، FPE و HQIC

ب. نموذج متجه تصحيح الخطأ:

    تم تقدير نموذج متجه تصحيح الخطأ لدراسة العلاقة بين الاستثمار الخاص وکلٍ من عجز الموازنة والإنفاق الحکومي الاستثماري فى مصر خلال الفترة من 1985 إلى 2017 وذلک فى الأجل الطويل. ووفقاً لنتائج النموذج، فإن حوالى من 26% من عدم التوازن فى الأجل القصير يتم تصحيحه فى الأجل الطويل. وقد توصل النموذج إلى عدد من النتائج الهامة والتى يوضحها جدول رقم (4) ومن أبرزها ما يلى:

 

 

 

جدول رقم (4): نتائج نموذج متجه تصحيح الخطأ Vector Error Correction Model

المتغير التابع: نسبة الاستثمار الخاص من الناتج المحلى الإجمالى

 

المتغيرات المستقلة

1.075512

عجز الموازنة کنسبة من الناتج المحلى الإجمالى

(0.000)***

.0824446

الدين الخارجى کنسبة من إجمالى الدخل القومى

(0.106)

-.27948

معدل التضخم

(0.002)***

-2.123501

خدمة الدين العام کنسبة من الناتج المحلى الإجمالى

(0.000)***

4.75e-10

صافى الصادرات

 

(0.000)***

2.320536

نسبة الانفاق الحکومى الاستثمارى من إجمالى الإنفاق الحکومى

(0.000)***

2.816785

الحد الثابت

31

عدد المشاهدات

-.257441

(0.000)**

معامل سرعة التعديل speed of adjustment

ملحوظة: القيمة الإحتمالية بين الأقواس.

*** النتائج معنوية عند درجة ثقة 99%، ** النتائج معنوية عند درجة ثقة 95%،  * النتائج معنوية عند درجة ثقة 90%

3.3 نتائج النموذج

ويوضح الجدول رقم (4) نتائج نموذج الدراسة والتى تتمثل فى الآتى:

أولاً، وجود علاقة موجبة بين الاستثمار الخاص وعجز الموازنة؛ أى أنه کلما زاد عجز الموازنة من المتوقع أن ترتفع مساهمة القطاع الخاص فى الاستثمارات. وتتفق هذه النتيجة مع النظرية الکينزية التي تؤمن أن زيادة الإنفاق الحکومي (حتى لو ترتب على هذا الإنفاق عجزاً في الموازنة العامة للدولة) يؤدي إلى زيادة الطلب الکلي وتنشيط عجلة الاقتصاد مما ينعکس إيجابياً على أرباح المشروعات الاستثمارية، وکذلک يؤدي إلى زيادة ثقة المستثمرين في الاقتصاد، ومن ثم زيادة الاستثمار الخاص "crowding in private investment”. کذلک تتفق مع نتائج الدراسات التطبيقية Aschauer (1989) وOsokooee  Bahmani- (1999)، وتتفق أيضاً مع النتائج التى تم التوصل إليها من خلال التحليل الوصفى للبيانات.

بالإضافة إلى ذلک، يمکن تفسير هذه النتيجة بالرجوع إلى هيکل الموازنة المصرية فى حد ذاتها؛ حيث أنه من الجدير بالذکر أن ما يزيد عن حوالى 60% من إجمالى الانفاق الحکومى يمثل بنود انفاق حتمية لا يمکن المساس بها ألا وهى الاجور والمرتبات، والدعم، والفوائد. ويأتى ذلک على حساب الاستثمارات الحکومية التى تقوم بها الدولة (حوالى 9% من إجمالى الانفاق الحکومى فى عام 2017) وذلک وفقاً لبيانات الموازنة العامة للدولة. وبالتالى من المتوقع أنه فى حالة ارتفاع عجز الموازنة أن تلجأ الدولة إلى القطاع الخاص لکى يساندها فى القيام بالاستثمارات المطلوبة للدولة فى ظل عدم قدرتها على المساس ببنود الإنفاق الحتمية الأخرى.

ثانياً، وجود علاقة سالبة بين الاستثمار الخاص وبين معدل التضخم؛ فکلما ارتفع معدل التضخم انخفضت الاستثمارات الخاصة. ويمکن تفسير ذلک من خلال ارتفاع تکاليف الانتاج، وارتفاع تکاليف المواد الخام، وعناصر الانتاج الأخرى التى قد تؤثر بالسالب على القرارات الاستثمارية للمستثمر الخاص.

ثالثاً، وجود علاقة سالبة بين خدمة الدين العام والاستثمار الخاص؛ ارتفاع تکلفة الدين العام يؤثر سلباً على الاستثمار الخاص. وتتفق تلک النتيجة مع نظرية تکاسل البنوک "lazy bank hypothesis"، والتى تقضى بأنه کلما زادت تکلفة الاقتراض العام، اتجهت الدولة نحو تمويل تلک التکلفة من خلال إصدار أذون الخزانة والسندات الحکومية، والتى تمثل أداه تمويل منخفضة المخاطر، ومن ثم تفضل البنوک الاستثمار في أدوات الدين الحکومية باعتباها وعاء استثماري آمن. ويأتى ذلک على حساب الموارد المتاحة للإقراض والتى قد يوجهها القطاع المصرفى فى المقابل نحو استثمارات القطاع الخاص. وبالتالى مع اتجاه الحکومة نحو التوسع في الاقتراض من السوق المحلي من خلال إصدار أذون وسندات الخزانة، تصبح النتيجة هى انخفاض الأموال التى کانت من المفترض أن توجه نحو الاستثمار الخاص، وبالتالى تنخفض بالتبعية تلک الاستثمارات.

رابعاً، وجود علاقة موجبة بين الاستثمار الخاص وصافى الصادرات؛ کلما زادت صادرات الدولة ارتفعت معها استثمارات القطاع الخاص. يعکس زيادة الصادرات زيادة الطلب على المنتجات المحلية، ومن ثم زيادة الانتاج المحلى، ويزيد معه فرص الاستثمار المتاحة لکل من القطاع العام والخاص.

خامساً، وجود علاقة موجبه بين الاستثمار الخاص والإنفاق الحکومى الاستثمارى؛ أى أنه کلما زادت الاستثمارات الحکومية التى تقوم بها الدولة، ترتفع معها أيضاً استثمارات القطاع الخاص. ولعل تلک النتيجة تعتبر من أبرز ما توصلت اليه الدراسة وتدعم النتيجة المحورية الخاصة بالعلاقة الموجبة بين الاستثمارات الخاصة وعجز الموازنة. فى هذا الإطار، تشير هذه النتائج إلى وجود علاقة تکامل – وليس تنافس- بين الاستثمارات الحکومية والاستثمارات الخاصة؛ بمعنى أن زيادة الانفاق الحکومى الموجه نحو الاستثمار يقوم بتهيئة البنية الأساسية اللازمة لعمل القطاع الخاص، ومن ثم يؤدي إلى زيادة الاستثمار الخاص.

وتتفق هذه النتيجة مع نتائج کلٍ من Rostow (1971) وMusgrave (1989) as cited in Paiko (2012) و(فوزى والمغربل، 2004) والتي توضح أن الإنفاق الحکومي الاستثماري على البنية التحتية، الطرق والخدمات الأساسية يلعب دوراً مکملاً للاستثمار الخاص، خاصة في الدول التي مازالت في المراحل الأولى من التنمية. وبالتالى يمکن استخلاص عدم مزاحمة القطاع العام لاستثمارات القطاع الخاص وذلک خلال فترة الدراسة. وتتفق تلک النتائج أيضاً مع النتائج الخاصة بالتحليل الوصفى للبيانات ومع هيکل استثمارات القطاعين العام والخاص.

ولتعظيم الاستفادة من وجود علاقة تکامل بين الاستثمارات العامة والخاصة، فإن هناک عدد من النقاط الواجب أخذها فى الإعتبار والتى من أهمها: أولاً، حتى لا تزاحم الاستثمارات الحکومية الاستثمارات التى يقوم بها القطاع الخاص، فمن الأفضل أن تقتصر النفقات التى تقوم بها الدولة خارج قطاع الاستثمار فى البنية التحتية على النفقات الخاصة بالصيانة والإحلال، ورفع کفاءة المشروعات القائمة دون القيام بمشروعات جديده. وذلک لکى تفسح المجال أمام القطاع الخاص فى التوسع فى المشاريع الانتاجية الجديدة ذات الکفاءة والربحية والأعلى (فوزى والمغربل، 2004). وثانياً، يراعى عند إعداد الخطط الاستثمارية القومية أن تتم بحيث يکون هناک رؤية مشترکة لتطوير الاستثمارات الخاصة والعامة وتخصيص الموارد لکل منها بحيث يؤدي تکاملها إلى زيادة الإنتاج والإنتاجية، ويتضمن ذلک تشجيع إقامة المشاريع المشترکة التي تمولها الحکومة وينفذها القطاع الخاص، بهدف الاستفادة من ميزة الکفاءة النسبية لدى القطاع الخاص، وفى الوقت نفسه تعزيز دور الرقابة الحکومية على تنفيذ مثل هذ المشاريع (العلى والعباسى، 2018).

وثالثاً، فيما يتعلق بالاستثمار فى قطاع البنية التحتية الأساسية، فيعتبر ذلک احدى المسئوليات الرئيسية للدولة وفقاً لما تقتضيه نظرية المالية العامة من حيث الاعتبارات المتعلقة بمردود النفقات العامة، والأثار الخارجية لهذه النفقات externalities. وإن کان هذا لا يشير إلى عدم إمکانية مشارکة القطاع الخاص فى هذه الاستثمارات؛ وإنما فى المقابل يمکن الاستفادة من آليات الشراکة المختلفة بين القطاعين العام والخاص لرفع کفاءة الاستثمارات الحکومية فى البنية التحتية، ولتوفير مصادر تمويل بديلة ترفع العبء عن عاتق موازنة الدولة، ويُمکنها من توجيه مزيد من الموارد نحو قطاعات التعليم، والصحة.

4. الخاتمة

سعت هذه الدراسة إلى تحليل العلاقة بين کلٍ من الاستثمار الخاص وعجز الموازنة من جهة، والاستثمار الخاص والانفاق الاستثمارى الحکومى من جهة أخرى وذلک بالتطبيق على الاقتصاد المصرى، وباستخدام بيانات سنوية للفترة من 1985 إلى 2017. الأمر الذى يمکن من تحليل مدى التکامل أو التنافس بين کلٍ من الاستثمارات الحکومية والخاصة، ومدى وجود أثر مزاحمة بينهما، بالإضافة إلى علاقة ذلک بعجز الموازنة العامة للدولة.

وباستخدام أسلوب تحليل السلاسل الزمنية واختبارات التکامل، توصلت الدراسة إلى عدد من النتائج الهامة، والتى تتمثل فى وجود علاقة موجبة بين الاستثمارات الخاصة وعجز الموازنة. ويقضى ذلک بأن ارتفاع الانفاق الحکومى -والذى يقود إلى ارتفاع عجز الموازنة- يؤدى بدوره إلى تشجيع الطلب الکلى والانتاج الکلى، وينتج عن ذلک زيادة الاستثمارات الخاصة. وتتفق تلک النتيجة بدرجة کبيرة مع کل من النظرية الاقتصادية المتمثلة فى النظرية الکينزية، ومع نتائج الدراسات التطبيقية، وأيضاً مع التحليل الوصفى للبيانات المصرية.

وقد توصلت الدراسة أيضاً إلى وجود علاقة موجبة بين الاستثمار الخاص وبين الانفاق الحکومى على الاستثمارات العامة، وتشير تلک النتيجة إلى أن الانفاق الحکومى على الاستثمارات يشجع ويحفز القطاع الخاص على زيادة الاستثمار. وتدعم تلک النتيجة من نتائج التحليل الوصفى للبيانات والتى تشير إلى أن قيام الدولة بالإنفاق على الاستثمارات فى مجال البنية التحتية الأساسية إنما يمهد الطريق بدرجة کبيرة لکى يقوم القطاع الخاص بدور أوسع فى القطاعات الاستثمارية الأخرى والتى من أهمها القطاع العقارى. وبالتالى تفيد تلک النتائج إلى وصول علاقة تکامل ومساندة –وليس علاقة تنافس- بين کلٍ من الاستثمارات العامة والخاصة؛ أى أن الاستثمارات التى تقوم بها الدولة تؤدى إلى تشجيع القطاع الخاص وليس مزاحمته.

ومن النتائج الهامة أيضاً هى العلاقة السالبة بين خدمة الدين العام والاستثمار الخاص، والتى تشير إلى ارتفاع تکلفة الدين بالنسبة للدولة يدفعها إلى تمويل تلک التکلفة من خلال إصدار الأذون والسندات الحکومية، بما يؤثر على الأموال المتاحة للإقراض لدى البنوک بما ينعکس سلباً على تمويل الاستثمارات الخاصة بواسطة تلک الأموال. وتوجد أيضاً علاقة سالبة بين معدل التضخم والاستثمار الخاص، نظراً لارتفاع تکاليف الانتاج وتکاليف عناصر الانتاج المختلفة –سواء المحلة أو المستوردة- بما يؤثر سلباً عن القرار الاستثمارى. وأخيراً، ترتبط الاستثمارات الخاصة بعلاقة موجبة مع صافى الصادرات؛ ارتفاع الصادرات يؤدى إلى زيادة الطلب الکلى ومن زيادة الانتاج وتشجيع کلٍ من الاستثمارات الحکومية والخاصة.

ومن الجدير بالذکر، أن تلک النتائج تتفق بدرجة کبيرة مع طبيعة الاقتصاد المصرى باعتباره اقتصاد نامى وبالتالى مازلت الدولة تلعب دوراً رئيسيا فى توجيه القطاع الخاص وتقديم البنية التحتية الرئيسية اللازمة لکى يقوم بالعمل والانتاج. وتتفق تلک النتائج أيضاً مع هيکل الموازنة العامة للدولة والذى ترتفع فيه نسبة الانفاق الجارى بدرجة کبيرة مقارنة بالانفاق الاستثمارى. وبالتالى يشارک القطاع الخاص بدور أساسى فى القيام بالاستثمارات اللازمة للنهوض بالاقتصاد، ورفع معدل النمو الاقتصادى بالدولة. وقد أختتمت الدراسة بمجموعة من النقاط أو السياسات الواجب أخذها فى الإعتبار لتدعيم علاقة التکامل بين الاستثمارات الحکومية والخاصة ولتعظيم الاستفادة من کلاهما بما يعظم المردود الإيجابى للاقتصاد ککل.

مراجع  البحث
أولاً، المراجع باللغة العربية:
الجهاز المرکزى للمحاسبات. (2018). التقرير السنوى عن متابعة وتقويم نشاط خدمة وتمويل المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر، ونشاط التمويل متناهى الصغر داخل جمهورية مصر العربية خلال عام 2018، تقرير غير منشور.
الهيئة العامة للرقابة المالية (2018). الإستراتيجية الشاملة للأنشطة المالية غير المصرفية 2018-2022.
عبد الوهاب، أحمد (2019). الانفاق العام على البنية التحتية (بين الوضع الراهن والمأمول). المرکز المصرى لدراسات السياسة العامة.
يوسف، محمد. (2017). برنامج مقترح لتحفيز الاستثمار الأجنبي المباشر فى مصر. بدائل: سلسلة دراسات سياسية محکمة، مرکز الدراسات السياسية والاستراتيجية، عدد 22، مايو 2017.
ثانياً، المراجع باللغة الانجليزية:
Abbasi, W. A., Wang, Z., & Abbasi, D. A. (2017). Potential Sources of Financing for Small and Medium Enterprises (SMEs) and Role of Government in Supporting SMEs. Journal of Small Business and Entrepreneurship Development5(2), 39-47.
Achibane,Mustapha & Tlaty, J. (2018). The entrepreneurial finance and the issue of funding startup companies. European Scientific Journal14(13), 268-279.
Allen, E. Carletti, J. Qianc, and P. Valenzuela, (2013). “Financial Intermediation, Markets, and Alternative Financial Sectors,” Handb. Econ. Financ., no. PA, pp. 759–798, 2013.
Andaleeb, U., & Singh, S. D. (2016). A study of Financing Sources for Start-up Companies in India. International Review of Business and Finance8, 1-4.
Baeck, P., Collins, L., & Zhang, B. (2014). Understanding alternative finance. The UK alternative finance industry report2014.
Björkholm, J., & Johansson, V. (2015). Debt versus Equity: In a low interest rate environment.
Bovaird T (2004). “Public-Private Partnerships: from Contested Concepts to Prevalent Practice”, International Review of Administrative Sciences, vol. 70(2), pp. 199-215.
Burger, P., & Hawkesworth, I. (2011). How to attain value for money: comparing PPP and traditional infrastructure public procurement. OECD Journal on Budgeting11(1), 91-146.
Čalopa, Klačmer, M., Horvat, J., & Lalić, M. (2014). Analysis of financing sources for start-up companies. Management: journal of contemporary management issues19(2), 19-44.
Caprio, G., & Demirgüç-Kunt, A. (1999). The role of long-term finance: theory and evidence. The World Bank.
Cheng, X., & Degryse, H. (2015). The impact of bank and non-bank financial institutions on local economic growth in China. Journal of Financial Services Research37(2-3), 179-199.
Cheong, F. (2015). Equity Financing and Debt Financing. Journal of Management Accounting and Finance.
Cummings, C. (2013). Alternative finance for SMES and Mid-Market companies; ARES & CO, Strategy Consulting.
Cusmano, L. (2015). “New approaches to SME and Entrepreneurial Financing: Broadening the Range of Instruments,” OECD Anal. Rep., pp. 1–109, 2015.
Custódio, C., Ferreira, M. A., & Laureano, L. (2013). Why are US firms using more short-term debt?. Journal of Financial Economics108(1), 182-212.
Cole, R. A., Goldberg, L. G., & White, L. J. (2004). Cookie cutter vs. character: The micro structure of small business lending by large and small banks. Journal of financial and quantitative analysis, 227-251.
Cornelius, Peter (2020). Sources of Funding Innovation and Entrepreneurship. Chapter 2 in “Global Innovation Index: Who will finance innovation, 13th edition, Soumitra Dutta, Bruno Lanvin, and Sacha Wunsch-Vincent (Editors).
Dar, Showket (2015). FDI as A Source of External Finance to Developing Countries: A Special Reference to India and China, IOSR Journal of Business and Management (IOSR-JBM), Vol 17 (1), pp. 73-81.
Darrin, G., & Lewis, M. K. (2005). Public-Private Partnerships: The Worldwide Revolution in Infrastructure Provision and Project Finance.
David, D., & Venkatachalam, A. (2018). A comparative study on the role of public-private partnerships and green investment banks in boosting low-carbon 202investments (No. 870). ADBI Working Paper Series.
Davies, P., & Eustice, K. (2005). Delivering the PPP promise: A review of PPP issues and project. A PriceWaterhouse Coopers Report, 80.
de Andrade, Robson Braga (2020). Financing Innovation in Brazil. Chapter 10 in “Global Innovation Index: Who will finance innovation, 13th edition, Soumitra Dutta, Bruno Lanvin, and Sacha Wunsch-Vincent (Editors).
de la Peña, Fortunato (2020). Fillipinnovation: Financing Science for the People. Chapter 8 in “Global Innovation Index: Who will finance innovation, 13th edition, Soumitra Dutta, Bruno Lanvin, and Sacha Wunsch-Vincent (Editors).
Deloitte (2018). For developing cities, private participation crucial to financing infrastructure innovation: Deloitte Global report
Demirgüç-Kunt, A., & Levine, R. (1999). Bank-based and market-based financial systems: Cross-country comparisons. The World Bank.
Deutsche BundesBank (2003). The role of FDI in Emerging Market Economies Compared to other forms of Financing: Past developments & Implications for Financial Stability, International Relations Department, Frankfurt.
Diamond, D. W., & Verrecchia, R. E. (1991). Disclosure, liquidity, and the cost of capital. The journal of Finance46(4), 1325-1359.
Feng, Z. J. (2017). Financing strategy of PPP: The structures, Model and Tools of Project-financing. Beijing: Law publishing house.
Ferreira, David and Kanran Khatami (1996). Financing Private Infrastructure in Developing Countries, World Bank Discussion Paper No. 343, The World Bank Washington, D.C.
Gabriele, et al. (2000). Instability and Volatility of Capital Flows to Developing Countries, World Economy 23, 1031-1056.
Gatchev, V. A., Spindt, P. A., & Tarhan, V. (2009). How do firms finance their investments?: The relative importance of equity issuance and debt contracting costs. Journal of Corporate Finance15(2), 179-195.
Gianfrate, G., & Lorenzato, G. (2018). Stimulating non-bank financial institutions' participation in green investments (No. 860). ADBI Working Paper Series.
Gibson, B. 2004, 'The importance of short term financing sources in small firms', Paper published in the Proceedings of the 49th ICSB World Conference, Johannesburg, South Africa, June 2004.
Graham, J.R. and Harvey, C.R. (2001) The Theory and Practice of Corporate Finance: Evidence from the Field. Journal of Financial Economics, 60, 187-243.
Hall, B. H. (2002). The financing of research and development. Oxford review of economic policy18(1), 35-51.
Hammami, Mona, Jean-François Ruhashyankiko and Etienne B. Yehoue (2006). Determinants of Public-Private Partnerships in Infrastructure, IMF working paper, WP/06/99, International Monetary Fund.
Hao, B. J. (2017). PPP Project Debt Financing: Financing Instruments.
Hart, O., & Moore, J. (1994). Debt and seniority: An analysis of the role of hard claims in constraining management (No. w4886). National Bureau of Economic Research.
Hellwig, M.F. Systemic Risk in the Financial Sector: An Analysis of the Subprime-Mortgage Financial Crisis. De Economist 157, 129–207 (2009).
Hernandez, L. & Rudolph, H. (1995). Sustainability of Private Capital Flows to Developing Countries, World Bank Policy Research Working Paper 1518.
Hsin-Yu Liang & Alan K. Reichert (2012) The impact of banks and non-bank financial institutions on economic growth, The Service Industries Journal, 32:5, 699-717
Hovakimian, A., Opler, T., & Titman, S. (2001). The debt-equity choice. Journal of Financial and Quantitative analysis, 1-24.
IFC (2011). Public Privatequity Partnerships: Accelerating the Growth of Climate Related Private Equity Investment. IFC Advisory Services in Sustainable Business.
Isaac, G. (2016). Alternative forms of finance: A literature review (No. 170). Working paper.
Kang, J. (2009). Public-private partnership model features and functions. Economic aspect.
Krukhmal O. V. et al. (2017). Peer-to-peer lending in Ukraine: perspectives of development and challenges for banks. International scientific journal Interscience, 2(2), 93-96.
Kwarteng, F. S., & Li, Y. (2015). SMEs growth influencers: An exploratory study on the impact of entrepreneur character traits on SMEs growth in Ghana. Journal of Economics, Management and Trade, 1-14.
Lavryk, A. (2016). P2P lending as an alternative to bank lending in Ukraine. Banks & bank systems, (11, Iss. 4), 20-30.
Levine, R. (2002). Bank-based or market-based financial systems: which is better?. Journal of financial intermediation11(4), 398-428.
Leigland, James (2018). Public-Private Partnerships in Developing Countries: The Emerging Evidence-based Critique, The World Bank Research Observer, Volume 33, Issue 1, February 2018, Pages 103–134.
Linh, N. N., Wan, X., & Thuy, H. T. (2018). Financing a PPP Project: Sources and Financial Instruments—Case Study from China. International Journal of Business and Management13(10).
Magri, S. (2010). Debt maturity choice of nonpublic Italian firms. Journal of Money, Credit and Banking42(2‐3), 443-463.
Mallampally, P., & Sauvant, K. P. (1999). Foreign direct investment in developing countries. Finance and Development36, 34-37.
Markova, S., & Perkovska-Mircevska, T. (2009). Financing options for entrepreneurial ventures. Economic Interferences11(26), 597-604.
Nanda, Ramana (2020). Financing Tough Tech Innovation. Chapter 5  in “Global Innovation Index: Who will finance innovation, 13th edition, Soumitra Dutta, Bruno Lanvin, and Sacha Wunsch-Vincent (Editors).
Njegomir, V., Tepavac, R., & Ivanišević, N. (2017). Alternative sources of financing entrepreneurial undertakings in agriculture. Economics of Agriculture64(1), 295-306.
Nunnenkemp, P. (2003). FDI as a Source of Finance for Development, CUTS Centre for International Trade, Economics and Environment.
Obiora, S. C., & Csordás, T. (2017). The case of alternative versus traditional financing: A literature review. Archives of Business Research5(9).
OECD (2002). New Horizons for Foreign Direct Investment, OECD Global Forum on International Investment, Paris.
Omran, M., & Bolbol, A. (2003). Foreign direct investment, financial development, and economic growth: evidence from the Arab countries. Review of Middle East Economics and Finance1(3), 37-55.
Pessoa, A. (2010), Reviewing Public-Private Sector Partnerships Performance in Developing Countries (No. 362, Working Paper), Faculdade de Economia do Porto, Universidade do Porto
Quaye, I., Abrokwah, E., Sarbah, A., & Osei, J. Y. (2014). Bridging the SME financing gap in Ghana: the role of microfinance institutions. Open Journal of Business and Management2(04), 339.
Rajan, R. G. (1992). Insiders and outsiders: The choice between informed and arm's‐length debt. The Journal of finance47(4), 1367-1400.
Rubanov, P. M., & Marcantonio, A. (2017). Alternative finance business-models: Online platforms.
Rupeika-Apoga, R., & Danovi, A. (2015). Availability of alternative financial resources for SMEs as a critical part of the entrepreneurial eco-system: Latvia and Italy. Procedia Economics and Finance33, 200-210.
Savas, E. (2000). Privatization and Public-Private Partnerships. New York: Seven Bridges Press.
Schumpeter, Joseph A., The Theory of Economic Development (Cambridge, MA: Harvard University Press, 1911).
Segal, M. (2015). Peer-to-peer lending: A financing alternative for small businesses. Issue Brief10.
Shahiduzzaman , M.d. and Monzur Hossain, 2004. "Development of Non-Bank Financial Institutions to Strengthen the Financial System of Bangladesh," University Library of Munich, Germany.
Siddiqui, K. (2014). Flows of Foreign Capital into Developing Countries: A Critical Review, Journal of International Business and Economics, Vol. 2, No. 1.
Sontakke, K. A., & Sontakke, C. A. A. Study of Alternative Finance–Review of global literature.
UNCTAD (2011). Foreign Direct Investment in LDCs: Lessons Learned from the Decade 2001-2010 and the Ways Forward. United Nations Conference on Trade and Development: Geneva, Switzerland.
UNCTAD. (2020). World Investment Report. United Nations Conference on Trade and Development, United Nations, Geneva.
Waweru, J. N. (2017). Determinants of choice of alternative financing modes for SMEs, a Review of Literature. International Journal of Academic Research in Business and Social Sciences7(4), 608-617.
World Bank (2018). EGYPT: Enabling Private Investment and Commercial Financing in Infrastructure, World Bank Group, Funded by UK government.
Yescombe, E. (2007). Public-Private Partnership-Principle of Policy and Finance. London, UK: Elsevier Ltd.
Zidana, R. (2017). Exploring Alternative Sources of Financing Small and Medium Enterprises (SMEs) In Malawi: Lessons from Elsewhere. Afro Asian Journal of Social Sciences6(4).