أثر اصلاحات دعم الطاقة على الأداء الاقتصادي المصري مع الاشارة لتجارب بعض الدول

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

• مدرس الاقتصاد، جامعة 6 أکتوبر

المستخلص

    يمثل الدعم واحداً من أهم آليات السياسة المالية للتأثير في الوضع الاقتصادي، إلا أنه وفى ظل ما تشهده الدولة المصرية حالياً من مشکلات اقتصادية، يتمثل أهمها في تنامى عجز الموازنة العامة للدولة، وحاجة الدولة إلى المزيد من الاستثمارات العامة، التي تسهم في تحقيق التنمية الاقتصادية، فإن قضية دعم الطاقة تعُد واحدة من أهم القضايا التي يجب التعامل معها، من خلال خفض مخصصات هذا الدعم، و تحولها إلى النشاطات الاقتصادية الأخرى، التي تسهم بشکل أکبر في تحقيق التنمية، وتستهدف بصورة مباشرة الفئات الأکثر فقراً، وترفع من انتاجيتهم، إلا أن التغيرات في دعم الطاقة لن تقتصر أثرها فقط على قضيتي عجز الموازنة والنمو الاقتصادي، و أنما قد يصاحبها موجات تضخمية في الأجل القصير، کما قد ينعکس أثرها على معدلات التلوث، ومن ثم على الاستدامة البيئية، لذا تتمثل مشکلة الدراسة في التعرف على هذه الأثار المترتبة عن إصلاح منظومة دعم الطاقة، وذلک من خلال التعرف على أهم آليات هذا التحول، وأثاره على أداء الاقتصاد المصري، ومفهوم الدعم وأهم تجارب إصلاحات دعم الطاقة الدولية، يلى ذلک الترکيز على مشکلة دعم الطاقة في مصر وأثره على المتغيرات الکلية، وذلک من خلال محاولة قياس هذا الأثر على کل من عجز الموازنة، ومعدل النمو الاقتصادي، ومعدل التضخم، والاستدامة البيئية، وذلک من خلال استخدام المنهج الاستقرائي لوصف منظومة الدعم في مصر واستعراض بعض التجارب الدولية ومن ثم استخدام التحليل الإحصائي لقياس أثر هذه السياسة على المتغيرات الکلية للاقتصاد المصري وذلک خلال الفترة 2003- 2018، حيث توصلت الدراسة إلى أن عملية إلغاء دعم الطاقة في مصر قد يصاحبها زيادة في معدلات النمو الاقتصادي، وتحقق الاستدامة البيئية، وخفض معدلات التضخم وعجز الموازنة العامة في مصر، إلا أن عملية إلغاء دعم الطاقة لابد أن تکون بالتدرج، وأن توجه مخصصات هذا الدعم إلى استثمارات تنموية أخرى يکون من شأنها رفع معدلات النمو، و الحد من تضرر الفئات الأکثر فقراً.

نقاط رئيسية

    يمثل الدعم أحد المتغيرات الهامة التي تؤثر في الأوضاع الاقتصادية للدولة، ومعدلات التنمية الاقتصادية، ومشکلات الفقر، فهو أحد آليات السياسة المالية المباشرة لتحقيق العدالة الاجتماعية، والحد من معدلات الفقر، إلا أنه بالرغم من ذلک قد يؤدي إلي زيادة حجم العجز بالموازنة، مما يمثل عبء مالي على النشاطات الاقتصادية الأخرى التي قد تمارسها الدولة، وتتفاقم هذه المشکلة في الواقع المصري، في ظل ما يشهده الاقتصاد من أعباء مالية على الموازنة، وارتفاع في معدلات التضخم، وزيادة حدة مشکلات الفقر، مما دعي الدولة إلي ضرورة اصلاح منظومة الدعم، للحد من مشکلات العجز، وإعادة توزيع مخصصات الدعم وفقاً لأولويات انفاق الدولة.

إشکالية الدراسة:

   تتفاقم مشکلات دعم الطاقة في مصر، في ظل ما عانته الدولة مؤخراً من ارتفاع في معدلات العجز، والذى تزايد من 56544.7 مليون جنيه عام 2005/2006 ليبلغ أعلى قيمه 423273 مليون جنيه عام 2017/ 2018، مما يعکس ضرورة خفض مخصصات الدعم، خاصةً الدعم الموجه لمصادر الطاقة، للحد من هذا العجز، خاصةً في ظل توجه هذا الدعم لغير مستحقيه، إلا أنه وفي ظل تعدد التشابکات الاقتصادية لهذا القطاع، وفى ظل تزايد تضرر الفئات الأکثر فقراً، فإن ذل زد من المخاوف المتوقعة من عملة الإصلاح، لذا تتمثل المشکلة الرئيسية لهذه الدراسة في التعرف على أثر إلغاء دعم الطاقة على أداء الاقتصاد المصري بصفة عامة، ومدى وصول الدعم إلي مستحقيه.

   وقد تم الترکيز على أثر هذا الدعم على المتغيرات الکلية الرئيسية ألا وهي عجز الموازنة، معدل النمو الاقتصادي، معدل التضخم، والاستدامة البيئية، وذلک لکونها تمثل أهم المتغيرات الرئيسية التي قد تتأثر بإلغاء دعم الطاقة، کما أوضحت التجارب الدولية، والتي قد تؤثر على رفاهية وجودة الحياة في المجتمع المصري، ولمعرفة مدى جدوى هذه السياسات.

الكلمات الرئيسية


أثر اصلاحات دعم الطاقة على الأداء الاقتصادي المصري مع الاشارة لتجارب بعض الدول

 

 

مستخلص

    يمثل الدعم واحداً من أهم آليات السياسة المالية للتأثير في الوضع الاقتصادي، إلا أنه وفى ظل ما تشهده الدولة المصرية حالياً من مشکلات اقتصادية، يتمثل أهمها في تنامى عجز الموازنة العامة للدولة، وحاجة الدولة إلى المزيد من الاستثمارات العامة، التي تسهم في تحقيق التنمية الاقتصادية، فإن قضية دعم الطاقة تعُد واحدة من أهم القضايا التي يجب التعامل معها، من خلال خفض مخصصات هذا الدعم، و تحولها إلى النشاطات الاقتصادية الأخرى، التي تسهم بشکل أکبر في تحقيق التنمية، وتستهدف بصورة مباشرة الفئات الأکثر فقراً، وترفع من انتاجيتهم، إلا أن التغيرات في دعم الطاقة لن تقتصر أثرها فقط على قضيتي عجز الموازنة والنمو الاقتصادي، و أنما قد يصاحبها موجات تضخمية في الأجل القصير، کما قد ينعکس أثرها على معدلات التلوث، ومن ثم على الاستدامة البيئية، لذا تتمثل مشکلة الدراسة في التعرف على هذه الأثار المترتبة عن إصلاح منظومة دعم الطاقة، وذلک من خلال التعرف على أهم آليات هذا التحول، وأثاره على أداء الاقتصاد المصري، ومفهوم الدعم وأهم تجارب إصلاحات دعم الطاقة الدولية، يلى ذلک الترکيز على مشکلة دعم الطاقة في مصر وأثره على المتغيرات الکلية، وذلک من خلال محاولة قياس هذا الأثر على کل من عجز الموازنة، ومعدل النمو الاقتصادي، ومعدل التضخم، والاستدامة البيئية، وذلک من خلال استخدام المنهج الاستقرائي لوصف منظومة الدعم في مصر واستعراض بعض التجارب الدولية ومن ثم استخدام التحليل الإحصائي لقياس أثر هذه السياسة على المتغيرات الکلية للاقتصاد المصري وذلک خلال الفترة 2003- 2018، حيث توصلت الدراسة إلى أن عملية إلغاء دعم الطاقة في مصر قد يصاحبها زيادة في معدلات النمو الاقتصادي، وتحقق الاستدامة البيئية، وخفض معدلات التضخم وعجز الموازنة العامة في مصر، إلا أن عملية إلغاء دعم الطاقة لابد أن تکون بالتدرج، وأن توجه مخصصات هذا الدعم إلى استثمارات تنموية أخرى يکون من شأنها رفع معدلات النمو، و الحد من تضرر الفئات الأکثر فقراً.

کلمات مفتاحية :  دعم الطاقة، النمو الاقتصادي، عجز الموازنة العامة، التضخم، الاستدامة البيئية.

مقدمـــة

    يمثل الدعم أحد المتغيرات الهامة التي تؤثر في الأوضاع الاقتصادية للدولة، ومعدلات التنمية الاقتصادية، ومشکلات الفقر، فهو أحد آليات السياسة المالية المباشرة لتحقيق العدالة الاجتماعية، والحد من معدلات الفقر، إلا أنه بالرغم من ذلک قد يؤدي إلي زيادة حجم العجز بالموازنة، مما يمثل عبء مالي على النشاطات الاقتصادية الأخرى التي قد تمارسها الدولة، وتتفاقم هذه المشکلة في الواقع المصري، في ظل ما يشهده الاقتصاد من أعباء مالية على الموازنة، وارتفاع في معدلات التضخم، وزيادة حدة مشکلات الفقر، مما دعي الدولة إلي ضرورة اصلاح منظومة الدعم، للحد من مشکلات العجز، وإعادة توزيع مخصصات الدعم وفقاً لأولويات انفاق الدولة.

إشکالية الدراسة:

   تتفاقم مشکلات دعم الطاقة في مصر، في ظل ما عانته الدولة مؤخراً من ارتفاع في معدلات العجز، والذى تزايد من 56544.7 مليون جنيه عام 2005/2006 ليبلغ أعلى قيمه 423273 مليون جنيه عام 2017/ 2018، مما يعکس ضرورة خفض مخصصات الدعم، خاصةً الدعم الموجه لمصادر الطاقة، للحد من هذا العجز، خاصةً في ظل توجه هذا الدعم لغير مستحقيه، إلا أنه وفي ظل تعدد التشابکات الاقتصادية لهذا القطاع، وفى ظل تزايد تضرر الفئات الأکثر فقراً، فإن ذل زد من المخاوف المتوقعة من عملة الإصلاح، لذا تتمثل المشکلة الرئيسية لهذه الدراسة في التعرف على أثر إلغاء دعم الطاقة على أداء الاقتصاد المصري بصفة عامة، ومدى وصول الدعم إلي مستحقيه.

   وقد تم الترکيز على أثر هذا الدعم على المتغيرات الکلية الرئيسية ألا وهي عجز الموازنة، معدل النمو الاقتصادي، معدل التضخم، والاستدامة البيئية، وذلک لکونها تمثل أهم المتغيرات الرئيسية التي قد تتأثر بإلغاء دعم الطاقة، کما أوضحت التجارب الدولية، والتي قد تؤثر على رفاهية وجودة الحياة في المجتمع المصري، ولمعرفة مدى جدوى هذه السياسات.

أهداف الدراسة:

   تتمثل أهداف الدراسة في إلقاء الضوء على أهم التجارب الدولية في إصلاح منظومة الدعم، لاستخلاص الدروس المستفادة من هذه التجارب، ومن ثم التعرف على حجم قطاع الطاقة في مصر، وأهم التطورات داخل هذا القطاع، وفي منظومة الدعم الخاصة به، ومن ثم قياس أثر إلغاء هذا الدعم على المتغيرات الکلية والمتمثلة في عجز الموازنة، ومعدل النمو الاقتصادي، ومعدل التضخم، والاستدامة البيئية.

فروض الدراسة:

    قد هدفت الدراسة لاختبار مجموعة من الفروض والتي تمثلت فيما يلي:

-   أن علاقة إلغاء دعم الطاقة بکل من معدلات النمو الاقتصادي المصري، والاستدامة البيئية، ومعدلات التضخم علاقة موجبة.

-   أن علاقة إلغاء دعم الطاقة بعجز الموازنة العامة في مصر علاقة سالبة.

الحدود الزمنية والمکانية:

-   الحدود المکانية: ترکز الدراسة على تطور منظومة دعم قطاع الطاقة في مصر و أثرها على الأداء الاقتصادي.

-   الحدود الزمانية: فترة الدراسة تبدأ من عام2003 وحتى عام 2018 حسب المتاح من بيانات.

منهجية الدراسة:

    تعتمد الدراسة على استخدام منهجية التحليل الإحصائي والنماذج الخطية، وذلک من خلال قياس وتحليل النماذج الخطية التالية باستخدام أسلوب الانحدار المتعدد:

Bdefg = α0 +α1 Taxg +α2 wagesg +α3 Psubg + εt

Growth = α0 +α1 OPEN +α2 Psubs +α3 CF + εt

Inf = α0 +α1 Psubg +α2 IR +α3 Er + εt

CO2=a0 +a1Subs +a2Pop +a3R+µ

   بالإضافة لاستخدام الأسلوب الاستقرائي الوصفي لاستعراض بعض التجارب الدولية في إصلاح منظومة دعم الطاقة، واستعراض قطاع الطاقة في مصر.

مصادر البيانات:

   اعتمدت الدراسـة على بيانات السلاسل الزمنية المنشورة بواسطة عدة جهات مختلفة: البنک الدولي، ووزارات البترول، والکهرباء، والمالية.

الدراسات السابقة:

   تعددت الدراسات الاقتصادية التي تناولت موضوع دعم الطاقة ومشکلاته داخل الاقتصاد المصري ومنها :

• الدعم في مصر المشکلة والحل، عمر الشنيطي و آخرون، 2012.

ويعرض البحث قضية الدعم في مصر وحجم المشکلة، والأسباب الرئيسية وراء ضرورة إعادة هيکلة الدعم، ويقدم البحث نموذجاً مقترحاً لإعادة هيکلة الدعم عن طريق عرض استراتيجيات عامة لمتخذي القرار في مصر، إضافة إلى تقديم عدد من الآليات المحددة لتنفيذها.

Energy Subsidies in the Arab World, Bassam Fattouh & Laura El-Katirim, 2012.

   حيث توضح هذه الدراسة أن دعم الطاقة وسيلة مکلفة وغير فعالة لتحيق التنمية، کما أنه يشوه إشارات الأسعار، مع ما يترتب على ذلک من آثار خطيرة على الکفاءة والتخصيص الأمثل للموارد، ومع ذلک، على الرغم من هذه الآثار الضارة، فإن دعم الطاقة يشکل شبکة أمان اجتماعي مهمة للفقراء في أجزاء کثيرة من العالم العربي وأي محاولات للحد منها أو القضاء عليها في غياب برامج تعويضية من شأنها أن تؤدي إلى انخفاض في رفاهية الأسر و تآکل القدرة التنافسية لبعض الصناعات، لذلک سيکون من العوامل الحاسمة للإصلاحات الناجحة قدرة الحکومات على تعويض سکانها عن تخفيض أو إلغاء الإعانات من خلال تدابير تخفيف مصممة بعناية تحمي الأشد فقراً وتساعد الاقتصاد في تکيفه على المدى الطويل.

•سياسات الدعم وأثرها على الأداء الاقتصادي، أميرة أحمد، 2013.

    والتي تناولت الباحثة من خلالها أسباب دعم الطاقة في الدول النامية وتجارب بعض الدول الناجحة في إزالة الدعم، وذلک خلال الفترة 2000- 2012، للوصول إلى مجموعة من التوصيات المتعلقة بدعم الطاقة.

•دعم الطاقة لغير المستحقين استمرار دعم الصناعات کثيفة الاستهلاک للطاقة: استنزاف للموارد ومحاباة للأغنياء، رضا عيسى، وحدة العدالة الاقتصادية والاجتماعية، 2015.

    والتي حاول الباحث من خلالها إلقاء الضوء على منظومة دعم الطاقة في مصر، وکيفية توزيعه بين القطاعات، حيث توصل من خلال الدراسة إلى کون هذا الدعم يتم توزعه في غير صالح الفئات المستهدفة مما يحد من أثره على هذه الفئات، و بما يتطلب معه إعادة توجيه لهذا الدعم .

Energy Security in Egypt, Iman Al-Ayouty and Nadine Abd El-Raouf, 2015.

  وتتناول الدراسة موضوعين مختلفين: الأول هو تحرير أسعار الطاقة في مصر مع تحليل منهجيات التسعير المختلفة ووتيرة وتوقيت هذا التحرير  فضلا عن الآثار التوزيعية المتوقعة على الأسر، ومن ثم التدابير اللازمة لتخفيف هذه الآثار، والموضوع الثاني هو السيناريوهات المختلفة لمزيج الطاقة في مصر. کما تستعرض الدراسة أحدث السياسات المتعلقة بالطاقة والإصلاحات التشريعية المقترحة أو التي تم تنفيذها بالفعل، وکيف يمکن أن تساعد على الحد من عدم الأمن في مجال الطاقة.

•إمکانات تحقيق الکفاءة في استخدام الطاقة في قطاعات الصناعة والخدمات والإسکان، داليا عبد الحليم الطوخي و آخرون، 2016.

   ويناقش البحث سبل رفع کفاءة استخدام الطاقة داخل المنطقة العربية، خاصةً لدى الدول التي لديها ندرة في الموارد أو الدول المستوردة للطاقة، وذلک بالترکيز على قطاعات الصناعة والخدمات والإسکان.

   في حين ترکز هذه الدراسة على دراسة التطورات الأخيرة في الاقتصاد المصري نتيجة إصلاحات منظومة دعم الطاقة، ودراسة أثر هذه التغيرات على بعض من المتغيرات الاقتصادية الهامة، وذلک خلال الفترة من عام2003 وحتى عام 2018.

خطة الدراسة:

ولتناول هذا الموضوع سترکز الدراسة على النقاط التالية:

(1) مفهوم دعم الطاقة وأهم التجارب الدولية في اصلاحات دعم الطاقة

1-1 مفهوم وآليات تمويل دعم الطاقة

1-2 أهم التجارب الدولية في اصلاحات دعم الطاقة

1-3 سياسات الحد من اثار السلبية لرفع أسعار الطاقة

(2) اصلاحات دعم الطاقة في مصر وأثرها على الأداء الاقتصادي

2-1 اصلاحات دعم الطاقة في مصر

2-2 أثر اصلاحات دعم الطاقة على عجز الموازنة العامة في مصر

2-3 أثر اصلاحات دعم الطاقة على النمو الاقتصادي في مصر

2-4 أثر اصلاحات دعم الطاقة على التضخم في مصر

2-5 أثر اصلاحات دعم الطاقة على الاستدامة البيئية في مصر

*النتائج والتوصيات

أولاً : مفهوم دعم الطاقة وأهم التجارب الدولية في اصلاحات دعم الطاقة

1-1: مفهوم وآليات تمويل دعم الطاقة:

1-1-1: مفهوم دعم الطاقة:

    يمکن تعريف دعم الطاقة بأنه أي إجراء حکومي يخفض تکلفة إنتاج الطاقة، أو يرفع عائدات منتجي الطاقة، أو يخفض السعر الذي يدفعه مستهلکو الطاقة[1]، وقد حددت بعض الوکالات الدولية کالبنک الدولي ومنظمة الطاقة الدولية International energy agency IEA حجم الدعم بالفرق فيما بين الأسعار المحلية والدولية للطاقة، حيث عرفته منظمة الطاقة الدولية بأنه أي إجراء حکومي يخفض تکلفة إنتاج الطاقة، ويزيد السعر الذي يتلقاه منتجو الطاقة أو يخفض السعر الذي يدفعه مستهلکو الطاقة[2]، في حين حددته منظمة الأوبک OPEC بأنه السعر المرجعي الذى يمکن الاستناد إليه وهو تکلفة استخراج الطاقة المحلية، حيث يعکس السعر هنا التکاليف الحدية بالإضافة لتکلفة الفرصة البديلة، والتي تعکس مقدار التضحية التي تتحملها الأجيال المستقبلية من هذا المورد[3]، أما فيما يتعلق بأنواع الدعم فيمکن تقسيم الدعم وفقاً للمستفيدين، حيث يتم تقسيمه إلي دعم موجه للمستهلک أو المنتج، حيث ينشأ دعم المنتج عندما يحصل الموردون على أسعار أعلى من السعر المرجعي، في حين ينشأ دعم المستهلکين حين تکون الأسعار المدفوعة من المستهلکين أقل من السعر المرجعي، ويتحدد السعر المرجعي بإذا ما کان منتج الطاقة يندرج تحت سلع التجارة الدولية مثل الغاز الطبيعي ومنتجات البترول، فإن السعر المرعى في هذه الحالة يکون هو السعر الدولي المعدل لاحتساب تکاليف التوزيع والنقل، أما إذا ما کان منتج الطاقة سلعة غير تجارية کالکهرباء، فإن السعر المرجعي يکون هو سعر استرداد المنتج المحلى لما تحمله من تکاليف، بما في ذلک العائد الطبيعي على رأس المال، وينقسم دعم المستهلکين إلى دعم ما قبل الضريبة، والدعم الضريبي، حيث ينشأ دعم ما قبل الضريبة حين يدفع المستهلکين أسعار أقل من سعر تکلفة أمدادهم بها، أما الدعم الضريبي فينشأ عندما تکون ضرائب الطاقة أدنى من مستواها الکفء[4]، أو يتم تقسيم الدعم وفقاً للقنوات التي يتم من خلالها ضخ هذا الدعم، کما هو موضح بالجدول التالي، وتهدف إجراءات الدعم إلي تحسين الوصول إلي الطاقة، عن طريق خفض الأسعار، وحماية المستهلکين المحليين من تقلب الأسعار الدولية ودعم الصناعات، خاصةً الصناعات کثيفة الاستخدام للطاقة، کصناعات الصلب والتعدين، بالإضافة لأثرها على قطاع التصدير، من خلال رفع التنافسية السعرية للسلع المصنعة في السوق العالمي، هذا بالإضافة إلي الهدف الأساسي من سياسات الدعم ألا وهو حماية الفئات الأکثر فقراً، وتجنب الضغوط التضخمية، بالإضافة إلي الاعتبارات السياسية[5]، إلا أنه وعلى الرغم من أن إعانات دعم الطاقة لديها القدرة على توليد منافع قصيرة الأجل، إلا أنها تعرضت للعديد من الانتقادات، وذلک لما لها من أثار سلبية قد تؤدى إلي إعاقة وظائف السوق، والحد من الاستثمار في مصادر الطاقة النظيفة، وتقويض الجهود المبذولة للتعامل مع تغير المناخ (حيث تکون الإعانات مخصصة للنفط والغاز)[6]، وعادة ما تعتمد نتيجة دعم مصادر الطاقة على ما إذا کان هذا الدعم موجه لجانب العرض أو الطلب، فعادة ما يستهدف إصلاح منظومة الدعم التحکم في الأسعار لرفع الکفاءة والتنافسية، لمواجهة الاحتياجات المختلفة للاقتصاديات الناشئة والمتقدمة، ولإصلاح آليات السوق على مستوى العالم، ففي حال الدعم الموجه لجانب العرض، فإن هذا النوع من الدعم يخفف من وطأة المنافسة على المنتجين، ويثبط من استراتيجيات خفض التکاليف، کما قد يؤدي هذا النوع من الدعم إلي خلق العديد من التشوهات السعرية، وعدم الکفاءة في توزيع الموارد نحو الاستثمارات التي قد تکون أقل ربحية في حال إلغاء الدعم.[7]

جدول (1): أنواع دعم الطاقة وفقاً لقنوات ضخ الدعم

أنواع الدعم وفقاً لکل من IEA, OECD and WB

الوصف

مثال

أداة تجارية

الحصص و الضرائب الجمرکية

ضريبة على استيراد الإيثانول

تنظيمات

التحکم في الأسعار، ضمانات الطلب

وضع حدود لأسعار الطاقة

إعفاءات ضريبية

إعفاءات من ضرائب المنتجين أو المستهلکين، والائتمانات الضريبية

خفض الضرائب على الودائع البترولية ومصادر الطاقة

ائتمان

خفض أسعار الفائدة، أو اتباع أسعار تفضيلية للمنتجين

ضمانات قروض لتمويل مشروعات الطاقة

تحويلات مالية مباشرة

منح للمنتجين والمستهلکين

برامج للمساعدات لکبار السن وذوى الدخل المنخفض

تحول مخاطر

الحد من الخصوم المالية

حدود للخصوم المالية على مشروعات الطاقة في حال حدوث کوار ث

خدمات متعلقة بالطاقة توفرها الدولة بتکلفة أقل

الاستثمارات المباشرة في البنية التحتية للطاقة، وبرامج البحث و التطوير

توفير المعلومات اللازمة لاستخراج الطاقة

Source: World Energy Outlook 2010, International Energy Agency, IEA, Paris, 2010, P571.

   في حين أنه إذا أدى هذا الدعم إلي خفض الأسعار في جانب الطلب، فإن ذلک قد يؤدى إلي نتائج معاکسة من حيث الکفاءة، ففي تقرير عن دول الشرق الأوسط عام 2007، وجد التقرير أن کفاءة استخدام الوقود في وسائل النقل الخاصة والعامة منخفضة بشکل استثنائي، حيث وجدَّ أن متوسط استهلاک الوقود لکل مرکبة يزيد عن ضعف المتوسط في البلدان التي لا توجد بها إعانات للوقود، وبالفعل فقد تؤدى الإعانات إلي تشوهات مماثلة في جميع قطاعات الطاقة الأخرى، بما في ذلک الطاقة المتجددة والنووية، هذه الإعانات التي تقضي على الحوافز الاقتصادية[8]، لذا استهدفت العديد من التجارب الدولية خفض هذه الإعانات[9] للقضاء على التشوهات السعرية، وإن کانت العديد من المؤسسات الدولية أوصت بأن يتم هذا التحول بشکل تدريجي.

1-1-2: آليات تمويل دعم الطاقة:

   تتوقف آليات تمويل دعم الطاقة على ما إذا کان البلد مصدرًا صافياً أو مستوردًا صافياً للمنتجات البترولية؛ تنظيم قطاع الطاقة؛ هيکل ملکية أصول الطاقة؛ شبکة توزيع الغاز والمنتجات البترولية بالدولة؛ والمرکز المالي للدولة، حيث يمکن أن يتم الدعم بصورة نقدية من الدولة إلى المنتجين أو المستهلکين، أو من خلال خفض أسعار الطاقة عن تکاليف الإنتاج، وتمويل هذا الفارق من خلال الموازنة العامة للدولة، حيث تقوم الدولة بخفض إنفاقاتها في المجالات الأخرى، أو زيادة الضرائب المباشرة وغير المباشرة، أو من خلال الاستدانة من السوق الوطنية أو الدولية، کما يمکن أن تطالب الدولة الشرکات المنتجة للبترول ببيعه بسعر أعلى من تکاليف الإنتاج ولکن أقل من السعر العالمي، وذلک الإجراء يمکن اتخاذه في الدول المصدرة، وفى هذه الحالة فإن خفض السعر يمثل عبء على الشرکات المنتجة من خلال خفض أرباحها، وعلى الدولة حيث کان يمکنها استخدام هذا العائد المضحى به لخفض عجز الموازنة، أو زيادة الإنفاق على القطاعات الإنتاجية، کالبنية التحتية أو التعليم، أو الصحة، أو خفض معدلات الضريبة، وبالتالي يُعد هذا الخفض في الأسعار هو صورة للدعم الضمني، والذى يصعُب التعرف عليه، من حيث الحجم، أو التکاليف المباشرة والغير مباشرة، ومن هم المستفيدين الفعليين، مما يجعل من الصعب على الحکومات الشروع في إصلاح أسعار الطاقة[10]

1-2 أهم التجارب الدولية في اصلاحات دعم الطاقة

   على الرغم من تواجد أربعة قيود رئيسية قد أدت إلى إبطاء عملية إلغاء دعم الوقود ألا وهي: ارتفاع الأسعار، وإعاقة النمو، والمضاربة، والاضطراب السياسي، إلا أن هناک العديد من التجارب، والتي أوضحت أمکانية تخفيف الانتقال إلى أسعار السوق من خلال الطريقة التي يتم بها إزالة الإعانات، وفيما يلى سنستعرض مجموعة من أهم هذه التجارب.

    فعلى سبيل المثال أوضحت وکالة التنمية الألمانية The Deutsche Gesellschaft fur Internationale Zusammenarbeit  (GIZ) بأنه ينبغي على الحکومات تجنب قفزات الأسعار بأکثر من 10٪ لکل تعديل عند إجراء الإصلاح، وتنفيذ زيادات صغيرة على أساس منتظم (على سبيل المثال شهريًا) على إطار زمني واضح، حيث يُعد هذا التخلص التدريجي من الإعانات أمر ضروري لمنع تضخم الأسعار أو تعطيل الخدمة، وأن تشتمل عملية الإصلاح على التشاور مع أصحاب المصلحة، وضرورة مراعاة الشفافية حول أسعار الوقود، ويرجع ذلک إلى أهمية عملية الإصلاح لتحقيق التنمية فوفقاً للمعهد الدولي للتنمية المستدامة International Institute for Sustainable Development، فإن إصلاح دعم الوقود الأحفوري سيؤدي إلى زيادات إجمالية في الناتج المحلي الإجمالي في کل من منظمة التعاون والتنمية الاقتصادي والبلدان غير التابعة لمنظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي بنسبة تصل إلى 0.7 ٪ سنويا حتى عام 2050.

    کذلک الحال في بوليفيا، ففي عام 2010 أزالت بوليفيا إعانات الوقود، کما قامت بتجميد الأسعار لمدة ست سنوات، حيث أوضح رئيس بوليفيا إيفو موراليس أن قرار إنهاء الدعم قد تم في محاولة لتقليص التهريب الواسع النطاق للديزل والبنزين بأسعار منخفضة وبشکل مصطنع إلى البلدان المجاورة، وقدرت الحکومة أن 150 مليون دولار من الدعم السنوي ينتهي بها الأمر في جيوب المهربين والمستهلکين الأجانب، وبالفعل فقد تمت إزالة الدعم في بوليفيا بصورة مفاجئة حيث تزايدت أسعار الديزل بنسبة 83٪ عند الإعلان عن إلغاء الدعم ليبلغ سعر اللتر 0.96 دولار، في حين تزايدت أسعار البنزين منخفض الأوکتان بنسبة 73٪ ليبلغ 0.90 دولار للتر، إلا أن هذا الارتفاع المفاجئ في أسعار الوقود قد أدى إلى اضطرابات، مما أدى إلى إعادة الحکومة للإعانات بسرعة.

   في حين يمکن إرجاع الإصلاح في قطاع الطاقة واستدامته في شيلي لاعتمادها الشديد على الإمدادات الدولية، حيث تستورد تشيلي 80٪ من طاقتها الأساسية ولديها القليل من الوقود الأحفوري الأصلي، مما يترک البلاد عرضة لتقلبات الأسعار وتوقف العرض، وتعتبر شيلي من أهم التجارب الدولية في إصلاح قطاع الطاقة لأنها کانت واحدة من أوائل الدول في المنطقة التي حررت سوق الکهرباء بشکل فعال، حيث اعتمدت سياسات الإصلاح في شيلي على ترکز إصلاحات الطاقة على جانب الطلب في قطاع الطاقة لديها، وبينما توجد ضريبة غير مباشرة على وقود النقل، توجد سياسة حکومية واضحة للحد من تقلب الأسعار بالنسبة لمستهلکي وقود النقل من خلال نظام حماية المستهلک، حيث يتم تأسيس نطاق السعر حول متوسط ​​أسعار الوقود في الماضي والمستقبل على مدار خمسة أشهر، إذا تجاوز السعر سقف النطاق السعري، يتم تطبيق تخفيض الضريبة لإفادة مستهلکي الوقود، ومع ذلک إذا کان سعر النفط أقل من مستوى النطاق السعري، فإن معدل الضريبة المطبقة يزداد، مما يجعل هذا الإجراء أکثر عدائية بالنسبة للحکومة، کما ساعدت الشفافية مع الجمهور على فهم تقلبات الأسعار، ومهدت الطريق لتحرير سوق الوقود المحلي.

    أما في حالة الصين فعلى الرغم من اعترافها بمزايا إصلاح الدعم، فإنها ترى أيضاً قيمة في دعمها للوقود الأحفوري کعنصر أساسي في کل من أمن الطاقة والسياسة الخارجية، حيث ترى أنه من الممکن الحد من دعم الطاقة من خلال خفض الاستهلاک، والناتج عن التقدم التکنولوجي[11]، والذى قد يؤدى إلى رفع کفاءة استخدام مصادر الطاقة[12]، حيث تکمن السمات الأساسية لسياسات الطاقة الصينية في الملکية الحکومية الکبيرة للأصول والإدارة المستمرة للسوق، فالصين واحدة من البلدان القليلة التي تدعم استهلاک الفحم، کما بلغ دعم استهلاک الوقود الأحفوري لديها 21.32 مليار دولار عام 2010، اُختصت الکهرباء بالنصيب الأکبر (54٪)، ثم النفط (36٪) والفحم (9٪)، حيث شملت الإصلاحات نظام تسعير الکهرباء، فلا تزال أسعار الطبقة الأولى دون تغيير عن المستويات الحالية، لکن معدلات الزيادة تتزايد بشکل تدريجي للمستويين الثاني والثالث، کما تقوم کل مقاطعة بتأسيس شريحة الأسعار الخاصة بها وفقًاً لذلک، وقد استمرت الحکومة الصينية في توجهاتها لدعم الوقود الأحفوري، ففي نوفمبر 2012، أعلنت وزارة المالية في الصين أنها ستقدم إعانة بقيمة 0.4 يوان لکل متر مکعب من الغاز الصخري المنتج من عام 2012 إلى عام 2015 (مع دعم إضافي من الحکومات المحلية لتلبية احتياجاتها الإقليمية)، حيث تعتمد الصين هذه السياسة کآلية لدعم النمو الاقتصادي، وعلى الرغم من دعمها الجوهري للطاقة إلا أن منهجيتها في التخفيض التدريجي للدعم أثبتت مدى فاعليتها وجدواها السياسية[13]، حيث تستهدف خفض استخدام الطاقة والفحم بما يبلغ 15% و 18% لعام 2020 مقارنةً بعام 2015[14].

    وبالنظر إلى دولة غانا نلاحظ أنها أعادة توزيع الدعم الموجه للوقود لصالح تحقيق الأولويات المجتمعية، ففي فبرار 2005؛ انتهجت غانا العديد من الاستراتيجيات للتحول الناجح إلى قطاع طاقة يستند إلى آليات السوق، کما استخدمت الدولة البحوث الأولية وحملة اتصالات بالاقتران مع مجموعة من الآليات التي کان الهدف منها الحد من التدخل السياسي في أسعار الوقود والوصول إلي سياسات لمساعدة الفقراء، هذه الاستراتيجيات أدت إلى نجاح عملية التحول، حيث سبقت عملية إلغاء الدعم بعض الدراسات عن المتضررين والمستفيدين من عملية إلغاء الدعم، والتي کشفت عن کون الأغنياء هم الأکثر استفادة من الدعم، کما اتخذت الحکومة عدة خطوات لمساعدة الفقراء مالياً للتعويض عن ارتفاع أسعار الطاقة الناتجة عن إلغاء الدعم، عن طريق إلغاء رسوم المدارس الابتدائية والثانوية التي تديرها الدولة، وزيادة عدد حافلات النقل العام، ووضع سقف لأسعارها على الجمهور، بالإضافة لرفع الحد الأدنى للأجور اليومية، وبدء برامج لنشر الکهرباء إلى المناطق الريفية.

    ومع ذلک، لم تکن هذه الاستراتيجيات بدون تحديات، وشملت العواقب غير المتوقعة للتغير في أسعار الوقود نقصًا مؤقتًا في الوقود، حيث قام الموردون بتخزين الوقود قبل ارتفاع الأسعار، کما لم تحافظ الحکومة على التزامها خلال هذه الارتفاعات غير المتوقعة في الأسعار، لتعکس مدى قوة هذه السياسات[15].

    وفيما يتعلق بالوضع في إندونيسيا، فقد أدت سياسات دعم الطاقة إلى تدهور الوضع التصديري لإندونيسيا، حيث لم تصبح مصدراً صافياً للنفط، کما أدى الدعم الأحفوري إلى تزايد العبء المالي على الحکومة الإندونيسية، فأسعار البنزين في إندونيسيا تعد من بين أرخص الأسعار في آسيا، في حين بلغت تکاليف الإنتاج عام 2010 16 مليار دولار، مما زاد من عجز الموازنة في البلاد، لذا أعلنت الحکومة في مايو 2012، سياسات إضافية لخفض نفقات الدعم، بما في ذلک متابعة استخدام الوقود في المرکبات، وحظر المرکبات التابعة للدولة وبعض الشرکات من استخدام الوقود المدعوم، واستبدال الغاز الطبيعي بالکيروسين والديزل، والحد من استخدام الکهرباء في المباني المملوکة للدولة وإضاءة الشوارع، کما تضمنت خطط الإصلاح الحالية للحکومة اقتراحًا لإعادة توجيه المدخرات من إصلاح الدعم إلى أربعة مجالات رئيسية: التحويلات النقدية، وإعانات النقل العام، وزيادة الإنفاق للأنشطة الإنتاجية، وزيادة الإنفاق على التعليم.

    وإن کانت هذه الإصلاحات قد وجِهت باستياء شعبي أدى إلى قيام الحکومة بتأجيل زيادة في الأسعار المخطط لها في 1 أبريل 2012، مما عکس أهمية الحاجة إلى مجالين من الأنشطة الحيوية لبناء الدعم العام ألا وهما: استراتيجية اتصالات حکومية منسقة، ومشاورات مستمرة مع أصحاب المصلحة بهدف تصميم تدابير دعم فعالة (خاصة بالنسبة للفقراء، الذين قد يواجهون أکثر العواقب الضارة لإصلاح الدعم)[16].

     وبالنظر إلى الوضع في إيران، ففي ديسمبر 2010، أصبحت إيران أول دولة رئيسية مصدرة للنفط لتقوم بتخفيضات کبيرة في الدعم نتيجة للعقوبات التي فرضها الغرب على برنامجها النووي، الأمر الذي وضع مواردها المالية تحت الضغط، حيث أدت الإصلاحات في إيران إلى خفض دعم الوقود والکهرباء من ناحية العرض، وحولت ترکيزها إلى جانب الطلب، ففي ظل تخوف الحکومة الإيرانية من الاضطرابات الشعبية فقد لجأت الدولة إلى تعويض المتضررين  من خلال مدفوعات نقدية شهرية، وأصدرت حملة العلاقات العامة رسالة مفادها أن الإعانات تشجع الهدر والظلم الاجتماعي لأن أفقر المواطنين لا يستفيدون کما يستفيد الأثرياء، وبالفعل فمع الإصلاحات، زادت أسعار البنزين بنسبة 400 ٪، والغاز الطبيعي بنسبة أکبر من 700 ٪، والديزل 1000 ٪، والکهرباء بنسبة أقل من300 ٪، بالإضافة إلى تزايد أسعار المياه[17].

    وإن کانت أعمال الشغب لم تتحقق، وأزالت الزيادات في الأسعار ما بين 50 و60 مليار دولار أمريکي من دعم الوقود، في حين تم توزيع ما لا يقل عن 30 مليار دولار أمريکي نقداً للمواطنين، في حين تم توفير ما يقرب من 15 مليار دولار أمريکي للاستثمار في کفاءة الطاقة، وإن کان من المتوقع أن يسفر إصلاح دعم منظومة الطاقة عن تباطؤ مؤقت في النمو الاقتصادي وزيادة مؤقتة في معدل التضخم، لکنه سيحسّن بشکل ملحوظ مؤشرات الاقتصاد الإيراني على المدى المتوسط من خلال ترشيد استخدام الطاقة المحلى، وزيادة عائدات التصدير، وتعزيز القدرة التنافسية الشاملة، والوصول بالأنشطة الاقتصادية إلى حالة التوظف الکامل.

    وبالنظر إلى حالة دولة الهند؛ فمن الملاحظ أنها دعمت قطاع الطاقة لديها بهدف حماية مستهلکيها من التقلبات الدولية في الأسعار وتوفير الطاقة لهم، وخاصة الفقراء، وإن کانت هذه الإعانات قد أدت إلى زيادة العبء المالي على ميزانية الدولة، حيث تعتبر الهند  تتبعها الصين أعلى الدول المستوردة في مستويات دعم الطاقة، فقد بلغ إجمالى الدعم بها عام 2010 حوالى 22 مليار دولار أمريکي، على الرغم من تحرير الدولة لأسعار البترول خلال نفس الفترة ويعد قطاع النفط هو واحد من أکثر مصادر الطاقة المدعومة، حيث تباينت أنظمة تسعير الطاقة فى الهند فيما بين السوق الحر والنُظم المخططة.

   وفى مارس 2012؛ قامت الحکومة الهندية بمراجعة الموازنة المالية لعام 2012- 2013، والتي دعت من خلالها للتحول من الترکز على الدعم إلى المدفوعات التحويلية المباشرة کآلية لمساعدة الفقراء، وعلى الرغم من إدراک الحکومة الهندية لأهمية إصلاح منظومة الدعم، إلا أن هذه الإصلاحات مازالت متباطئة، بسبب التخوف السائد من تأثير إلغاء الدعم على رفع معدلات التضخم، ومن ثم أثاره المتتالية على الاقتصاد، خاصة على قطاعات کالنقل والزراعة والصيد، کما قامت الحکومة بإنشاء هيئة تحديد الهوية الهندية Unique Identification Authority of India (UIDAI) لضمان تحسن البنية التحتية لتسليم المدفوعات التحويلية المباشرة بدلاً من دعم الکيروسين، وإن کان هذا التوجه قد وجِه أيضاً بتخوف من تصاعد الاعتراضات الشعبية بسبب تزايد الأسعار.

   وفيما يتعلق بالأردن فقد بدء هذا التوجه عام 2005، حيث نفذت الأردن برنامج إصلاح ناجح، والذى أدى إلى الإلغاء التدريجي لدعم الطاقة خلال ثلاثة سنوات، هذا النجاح الذى أعقب فشل سياسات الاصلاحات خلال ثمانينات القرن العشرين وأوائل القرن الواحد والعشرون، عندما أجبرت المظاهرات واسعة النطاق الحکومة الأردنية على وقف خطط الإصلاح الخاصة بها، حيث شهدت خطة الإصلاح في الأردن زيادة في أسعار البنزين بنحو 10٪، إلا أنها لم تمنع زيادة دعم الطاقة، وذلک في ظل استمرار ارتفاع أسعار النفط في الأسواق الدولية، فقد کانت زيادات أسعار الطاقة في الأردن دراماتيکية.

   وفي عام 2008، قررت الحکومة إزالة معظم إعانات الطاقة، مما أدى إلى المزيد من ارتفاع الأسعار، ومع ذلک وللتأکد من أن الأسعار المحلية تتوافق مع تلک الموجودة في الأسواق الدولية، فقد شکلت الحکومة لجنة لتحديد السعر على أساس شهري بناء على صيغة تعکس الأسعار الدولية وبدل الشحن، کما ساعد توقيت تنفيذ هذه الآلية لتعديل الأسعار على الحد من مخاطر وقف سياسات الإصلاح، وبالفعل وکنتيجة لهذه الجهود، فقد انخفضت إعانات الطاقة من 5.8٪ من الناتج المحلي الإجمالي إلى 0.4٪ في عام 2010، مما ساعد الحکومة الأردنية على تحسين أوضاعها المالية العامة، وإن کانت هذه السياسة قد صاحبها مجموعة من التأثيرات السلبية على الأسر والصناعات، واستجابة لهذه الآثار، رکزت الحکومة الأردنية إلى حد کبير على التدابير الرامية إلى حماية الأسر ذات الدخل المنخفض والمتوسط، فقد رفعت أجور القطاع العام والمعاشات التقاعدية وحصل أصحاب الدخل المنخفض في القطاع الخاص على نظام تعويضات منفصل.

   بالإضافة إلى ذلک، وضعت الحکومة نظم تعريفية للکهرباء، وبرنامجاً معززاً لدعم المواد الغذائية لتعويض النتائج السلبية لزيادات أسعار الطاقة، وإن کان عام 2011 قد شهد مجموعة من الاحتجاجات العامة بسبب ارتفاع تکاليف المعيشة الناتجة عن برامج إصلاح الدعم، مما دعا الحکومة الأردنية لعکس بعض خطواتها السابقة للإصلاح، والحد من المزيد من زيادات أسعار الوقود[18].

    في يناير 2012، ألغت الحکومة النيجيرية فجأة إعانات الوقود الأحفوري، مما تسبب في ارتفاع أسعار الغاز من 0.40 دولار أمريکي للتر الواحد إلى 0.86 دولار للتر، مما أدى إلى تزايد الاحتجاجات الشعبية تخوفاً من أن تکون هذه السياسة بمثابة حيلة من جانب الحکومة للاستيلاء على موارد البلاد، وإن کان الأساس المنطقي الذى استندت عليه الحکومة لإنهاء الدعم هو العبء المتزايد للدعم على التمويل العام، فقد بلغت تکاليف الدعم عام 2011 ما يقدر بنحو 8 مليارات دولار أمريکي، وتوقعت الحکومة أن ترتفع تکلفة الدعم أکثر من ذلک عام 2012 بسبب ارتفاع تکلفة الوقود[19]، إلا أن الاحتجاجات الشعبية أدت إلى تراجع الحکومة عن هذا القرار، وإعادة الدعم جزئيًا.

    کما أنه في سبتمبر 2009، اتخذ قادة مجموعة العشرين خطوة نحو إصلاح إعانات الطاقة من خلال الالتزام بترشيد وإلغاء الإعانات غير الفعالة على المدى المتوسط للوقود الأحفوري التي تشجع على الاستهلاک المهدر[20]، وذلک بغرض تشجيع خيارات الطاقة الفعالة والمستدامة لتلبية الطلب الاستهلاکي في الوقت الذي يواجه فيه الآثار البيئية لتزايد الاستهلاک، إلا أنه على الرغم من الاهتمام بالإصلاح، وجدت وکالة الطاقة الدولية (IEA) أن التشوهات لا تزال موجودة في أسواق الطاقة، کما توصلت إلى ترکز دعم الوقود الأحفوري بشکل کبير لصالح النفط والغاز والطاقة النووية والطاقة المتجددة بدلاً من الفحم، کما أوضحت الوکالة أن إعانات دعم الوقود الأحفوري قد تزايدت، فقد بلغ الإنفاق على إعانات الوقود الأحفوري 532 مليار دولار في عام 2011، بمعدل نمو بلغ 30٪ مقارنة بعام 2010.[21]

    في حين توضح الحالة السورية تجربة ارتفاع أسعار الوقود مع عمليات النقل المستهدفة، حيث قامت سوريا بإصلاح أسعار الوقود بشکل کبير في عام 2008، فقد زاد سعر الديزل بمقدار ثلاثة أضعاف (خلال جزء من هذه الزيادة في عام 2009)، ورفعت أسعار زيت الوقود والکيروسين والبنزين بأکثر من الثلث، کما رافق ارتفاع الأسعار زيادة في الأجور في القطاع العام، واتباع نظام کوبون إضافي لتوزيع الحصص يسمح لکل أسرة بشراء ما يصل إلى 1000 لتر من الديزل بسعر مدعوم، کما تم استبدال نظام القسيمة في عام 2009 بالتحويلات النقدية المستهدفة، حيث تضمنت معايير الاستهداف مجموعة من العوامل مثل الدخل وملکية الأصول وحجم فواتير الخدمات للأسر، و في يناير 2011، قبل اندلاع الاحتجاج السياسي في سوريا، أعلنت الحکومة عن إنشاء صندوق وطني للرعاية الاجتماعية، يهدف إلى تعويض الأسر ذات الدخل المنخفض عن الزيادات المستقبلية في أسعار الوقود، على الرغم من أن تنفيذه قد توقف في وقت کتابة هذا التقرير، بسبب اندلاع الاحتجاج السياسي في مارس2011[22].

    وبالتالي فإن هذه التجارب الدولية قد أوضحت أنه على الرغم من أن إلغاء الدعم الأحفوري قد يؤدى إلى رفع الکفاءة في استخدام الطاقة، وزيادة التنافسية الدولية، إلا أن ذلک لابد أن يتم بصورة تدريجية، وأن يراعى به الظروف الاقتصادية والمعيشية للمواطنين، وأن يصحب ذلک رفع درجة الشفافية والتوعية فيما بين المواطنين وصانعي القرار بالسياسات المتخذة لإلغاء الدعم وأثارها الاقتصادية.

1-3 سياسات الحد من الاثار السلبية لرفع أسعار الطاقة[23]:

    تشير الدلائل إلى أن اقتران إصلاح أسعار الطاقة المحلية بمجموعة من تدابير التخفيف الفعالة يمکن أن يساعد الحکومات على تقليل التکلفة الاجتماعية والاقتصادية لإصلاحات الدعم، حيث يمکن أن تساعد هذه السياسات في حماية الفئات ذات الدخل المنخفض من تآکل دخولها الحقيقية؛ کما يمکن حماية الطلب المحلي؛ ويمکن أن تساعد في رفع قبول الجمهور لإصلاحات الأسعار إلى حد کبير، فالحکومات لديها أدوات استراتيجية متعددة، بما في ذلک مجموعة من الخيارات لإعادة توزيع الإيرادات المتحققة من ارتفاع أسعار الطاقة، حيث يعتمد اختيار استراتيجيات الإصلاح على السياق القطري، والذي يمکن أن يشمل حجم الزيادات في الأسعار (وبالتالي عائدات الإيرادات المتاحة للتوزيع)، والسلامة المالية للميزانيات الحکومية، والجدوى الإدارية لخطط المنافع المستهدفة أو غير المستهدفة، ومدى فاعلية شبکات الرعاية الاجتماعية القائمة، وکذلک المستويات الحالية للفقر المدقع داخل البلاد، وفيما يلى أهم الإجراءات التي يمکن اتباعها:

-   إعانات الطاقة المستهدفة: وهي وسيلة لتخفيف العبء المالي الکلي للإعانات إلى جانب استمرار بعض الإعانات، والتي عادة ما تحدد الفئات المستفيدة، فوفقًا لتقرير لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، فإن "استهداف الإعانات بشکل فعال بحيث تقتصر فوائدها على مجموعة مستهدفة محددة بوضوح، يجب أن يکون أول اعتبار في تصميم أو إصلاح برنامج الإعانات"، حيث يمکن أن يشمل المستفيدون قطاعات معينة من الاقتصاد، مثل الصناعات کثيفة الاستهلاک للطاقة، والتي تستمد الکثير من قدرتها التنافسية من حيث التکلفة من توافر الوقود منخفض التکلفة، والمواد الخام اللازمة لإنتاجها، أو تحديد فئات دخل معينة يتم تأمين مستويات استهلاکها، من خلال توفير کميات محدودة من أنواع معينة من الوقود، والکهرباء منخفضة السعر، أو من خلال الاستهداف القاطع،  وذلک من خلال دعم الوقود أو الکهرباء التي تستهلکها الفئة المستهدفة بشکل أساسي، حيث يعتبر الکيروسين أکثر أنواع الوقود استخدامًا من قبل الفقراء في العديد من البلدان، کما قد يتم دعم غاز البترول المسال لمساعدة المزيد من الأسر الفقيرة على الوصول إلى هذا المصدر الأکثر نظافة وکفاءة.

 

    وإن کانت التجربة قد أوضحت أن الإعانات المستهدفة غالباً ما يصعب تنفيذها في الممارسة العملية، وذلک بسبب عوامل أو تکاليف أخرى قد تفوق فوائد الإعانات المستهدفة، من ضمنها أن الإعانات المستهدفة قد تتضمن تکاليف إدارية، مثل الحصول على معلومات حول مجموعة مستهدفة، وإجراء مسوحات لتحديد المزيد من المعلومات، وکلما زادت دقة المعلومات المطلوبة ارتفعت التکاليف الإدارية، وانخفضت الميزانية المتاحة للتوزيع، کما قد توجد إمکانية عالية للفساد ومحدودية نجاح الاستهداف، کما تتوافر دلائل في البلدان التي يتم فيها تقديم إعانات مالية کبيرة للصناعة، على ضرورة إلغاء الدعم على الوقود المستخدم في الصناعة، حيث تشير الدلائل من مصر إلى أن الإعانات المقدمة للصناعات لا تساعد في تخفيف حدة الفقر، وبدلاً من ذلک، تؤدي إعانات الوقود إلى ترکيز الأرباح في أيدي المالکين، والاستثمار المفرط في قطاعات الاقتصاد الأقل کفاءة نسبياً، من غير المحتمل أيضًا تقديم دعم الوقود للمنتجين من أجل السيطرة على الزيادات في أسعار المستهلکين، لأن تخفيض التکاليف لا يتم بالضرورة نقله بالکامل إلى المستهلکين.

التحويلات النقدية المستهدفة: يتمثل الإصلاح الأکثر طموحًا في إلغاء جميع إعانات الوقود، واستخدام مدخرات الميزانية لتمويل برامج التحويل المستهدفة الموجهة إلى الفقراء، حيث تستند عمليات النقل المستهدفة عادةً إلى نوعين من آليات الاستهداف:

  • · الاستهداف الإداري: الذي تحدد فيه الحکومة أو مسؤولو البرنامج من سيکون مؤهلاً للمشارکة أو تلقي المنفعة، على أساس مجموعة من المعايير، في معظم الحالات، تنطوي المعايير إما على شکل من أشکال اختبار الدخل، أو حالات الطوارئ المحددة مثل البطالة، أو مزيج من الاثنين معا.
  • ·      وعلى النقيض من ذلک، تستلزم آليات الاستهداف الذاتي تحويلاً مقرونا بالدعم للجميع، وهو مصمم بطريقة تجعل الفئات ذات الدخل المنخفض فقط لديها الحافز على استخدامه.

    وتتميز التحويلات المستهدفة بالعديد من المزايا مقارنة بخطط التوزيع الأخرى، فعلى عکس الإعانات المستهدفة على أسعار الطاقة، لا تربط التحويلات النقدية الفوائد باستهلاک الوقود، وبالتالي تتجنب الثغرات المرتبطة عادة بدعم الوقود لصالح الفقراء، کما أنها لا تؤدي إلى نوع من التشوهات الاقتصادية المرتبطة بدعم الوقود العام، مثل سلوک استهلاک الطاقة المهدر ونقص الکفاءة، وذلک من خلال کونها تستند إلى الدخل أو الطوارئ، کما تقلل التحويلات المستهدفة التسرب إلى الفئات غير المستهدفة، مقارنةً ببرامج الدعم أو التحويل الشاملة تعتبر التحويلات النقدية شفافة بطبيعتها، لأنها تظهر کإنفاق حکومي مدرج في الميزانية على الحسابات العامة، تميل الأسر أيضًا إلى تفضيل التحويلات النقدية على الإعانات المباشرة، بالنظر إلى أنها لا تربط الفوائد باستهلاک الطاقة، وتمکن الأسر من اختيار کيفية إنفاق فوائدها.

     ومثل الإعانات المستهدفة، يمکن أن تعاني التحويلات المستهدفة من أوجه قصور منهجية مثل التکاليف الإدارية والخاصة  ومشاکل في تقييم مستويات الدخل، وتحديد المستفيدين، مما يؤدي إلى تغطية غير کاملة، فضلاً عن أن البرامج المستهدفة غير الناجحة قد تتسبب في فقد الدعم السياسي للمخطط.

-           استخدام شبکات الأمان الاجتماعي الحالية: تتمثل إحدى الطرق السريعة والفعالة من حيث التکلفة لإصلاح أسعار الطاقة في التخفيف من الآثار باستخدام شبکات الأمان المتاحة، وذلک في حالة وجود شبکة أمان اجتماعي بالفعل، حيث يمکن استخدام مدخرات الميزانية من إلغاء الإعانات لتوسيع حجم البرامج الاجتماعية.

-           إعادة ترتيب أولويات الإنفاق العام: لدى الحکومات أيضًا خيار لاستخدام جزء من عائدات إصلاح التسعير للاستثمار بنشاط أکبر في قطاعات محددة ذات أولوية، ففي کثير من الحالات، تتجاوز حصة الإنفاق الحکومي على دعم الوقود الإنفاق الاجتماعي على القطاعات المؤيدة للفقراء مثل الصحة والتعليم، ففي مصر على سبيل المثال، بلغ إجمالي الإنفاق الحکومي على دعم الطاقة في عام 2008 إجمالى الإنفاق على الصحة والتعليم، وبلغ الإنفاق في اليمن على ميزانية دعم الوقود في عام 2008 إ أکثر من 34% من إجمالي الإنفاق الحکومي - وأکثر من مرة ونصف إنفاقها على التعليم والصحة مجتمعين، في حين تجاوز إنفاق سوريا على دعم الوقود في عام 2008 کحصة من إجمالي الإنفاق الحکومي الإنفاق على الصحة والتعليم (ما مجموعه 66.3 مليار جنيه إسترليني).

دعم الاتصال بشبکات الطاقة: تشير الدلائل من البلدان الفردية إلى أن دعم الوقود يمکن أن يلعب دورًا محدودًا للغاية في زيادة الوصول إلى أشکال الطاقة الحديثة مثل الکهرباء، فدعم الوقود الذي ينتج عنه خسائر کبيرة لشرکات النفط الوطنية أو الموزعين المحليين يقوض حوافز الموردين أو الموزعين لتوسيع البنية التحتية للطاقة للسکان المحليين، فبدلاً من منح إعانات الوقود يمکن زيادة الاستثمار العام في البنية التحتية للطاقة، مما يحسن من الوصول إلى أشکال الطاقة الحديثة مثل غاز البترول المسال والغاز الطبيعي والکهرباء، وبالتالي بدلاً من اختيار دعم الوقود قد تکون هناک قضية لدعم توصيل الطاقة، خاصة في المناطق ذات التغطية المنخفضة مثل المناطق الريفية في اليمن أو المناطق الحضرية في مصر.

ومع ذلک، فإن نجاح هذه السياسة يعتمد على عدد من العوامل، مثل استعداد وقدرة الموزعين على توسيع وصول الشبکات للأسر الفقيرة، فعلى سبيل المثال، في حالة مصر، ليس لدى موزعي الغاز الطبيعي حافز لتوفير الوصول إلى المناطق الفقيرة، لأن الأسر الفقيرة تستهلک کميات منخفضة من الغاز، وترفض الدخول في عقود طويلة الأجل.

ثانياً: اصلاحات دعم الطاقة في مصر وأثرها على الأداء الاقتصادي

   في ظل ما واجهته مصر من تحديات رئيسية عديدة في مجال الطاقة، تمثل أولها في الطلب المتزايد علي الطاقة والذي يضاهي في معدلاته النمو السکاني، والثاني هو الحاجة إلى تأمين إنتاج الطاقة لتحقيق الأهداف الإنمائية للبلد، وثمة تحد آخر يأتي من حاجة الحکومة إلى اتخاذ خيار استراتيجي بين تلبية احتياجات الطلب الوطني المتزايد للطاقة، وتخفيف تأثير فاتورة الدعم على عجز الميزانية، بالإضافة إلى الاهتمام الدولي المتزايد بمصادر الطاقة المستدامة، وقضايا أمن الطاقة، تأتى أهمية صياغة سياسات ملائمة لإصلاحات دعم الطاقة[24]، وقد تناولت العديد من الدراسات السابقة عملية إصلاح منظومة دعم الطاقة، وإن کنا سنرکز هنا على أثارها على أداء الاقتصاد الکلى في مصر خلال الفترة الحالية

2-1 اصلاحات دعم الطاقة في مصر

   يمثل قطاع الطاقة في مصر (بما في ذلک استخراج النفط والغاز الطبيعي، بالإضافة إلى الکهرباء) واحداً من أهم القطاعات الاقتصادية، حيث يمثل 18% من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية 2013/2014، وإن کانت مساهمة القطاع في الناتج المحلى قد انخفضت من 282.4 مليار جنيه عام 2011/2012 إلى نحو 224.6 مليار جنيه عام 2015/2016، في حين مثلت مساهمات القطاع بنهاية عام 2018 حوالى 15% من إجمالى الناتج المحلى، ويرجع ذلک لانخفاض قيمة مساهمة کل من البترول والغاز الطبيعي نظراً لطبيعتهما کموارد غير متجددة قابلة للنفاذ، وإن کانت مصر قد استطاعت تحقيق الاکتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي بنهاية سبتمبر 2018، في حين ارتفعت قيمة مساهمة قطاع الکهرباء، کما تذبذبت قيمة صادرات البترول حيث بلغت أقصاها نحو 13 مليون دولار عام 2012/ 2013 وأدناها بقيمة 5.7 مليون دولار عام 2015/2016[25]، وإن کانت قيمة صادرات الوقود قد تزايدت عام 2017/ 2018 لتبلغ 76 مليون دولار بمعدل نمو 90% مقارنةً بالسنة السابقة[26]، کذلک قيمة الواردات من البترول حيث بلغت أقصاها 13.2 مليون دولار عام 2014/2015،  وأدناها 9.3 مليون دولار عام 2015/2016، نتيجة الإصلاحات التي تنتهجها الدولة في سبيل ترشيد کل من الاستهلاک ودعم الطاقة.

    أما من حيث استهلاک الطاقة فقد زاد إجمالى کمية الطاقة المستهلکة في مصر من 86.6 مليون طن بترول مکافئ عام 2012 إلى 91.1 مليون طن بترول مکافئ عام 2016 بنسبة زيادة نحو 5.2%، وفي المقابل زادت کمية الطاقة المستهلکة في العالم من 12.6 مليار طن بترول مکافئ عام 2012 إلي نحو 13.3 مليار طن بترول مکافئ عام 2016، بنسبة زيادة نحو 5.6%، في حين لم تتغير نسبة الطاقة المستهلکة في مصر إلى إجمالي الطاقة المستهلکة بالعالم عامي 2012، 2016 إلا تغيرا ً طفيفاً، ويعتبر الغاز الطبيعي والبترول المصدرين الأساسيين لاستهلاک الطاقة في مصر حيث يمثلان نحو 95.2% من استهلاک الطاقة في مصر.[27]

    کما ارتفعت جملة الاستثمارات الکلية (کافة القطاعات) المنفذة من نحو246.1 مليار جنيه عام 2011/ 2012 إلى نحو 392 مليار جنيه عام 2015/ 2016، بمعدل نمو 59.3%، في حين انخفضت قيمة استثمارات قطاع البترول من 72.6 مليار جنيه عام 2011/ 2012، لنحو 68.7 مليار جنيه عام 2015/ 2016، بنسبة بلغت 5.37%، وبلغت نسبتها للاستثمارات الکلية المنفذة عام 2015/ 2016 نحو 17.5%، کما عملت الدولة في ظل رؤيتها الحالية لضمان أمان الطاقة، وزيادة مساهمة القطاع في الناتج المحلى الإجمالي، على توقيع 63 اتفاقية بترولية جديدة باستثمارات بلغت حوالى 14 مليار دولار، وتنفيذ أکبر مشروعين لتجميع البيانات الجيوفيزيقية بمنطقتي البحر الأحمر وجنوب مصر، وخفض مستحقات الشرکاء الأجانب إلى أقل من الثلث لتصل إلى 1.2 مليار دولار بنهاية يونيو 2018، وتنفيذ 24 مشروعاً لتنمية حقول الغاز أهمها مشروعات ظهر و أتول و نورس وشمال الاسکندرية، هذه المشروعات التي ساهمت في زيادة الإنتاج من الغاز الطبيعي بنسبة 60% مقارنةً بمتوسط عام 2015/ 2016، بالإضافة إلى رفع کفاءة معامل التکرير، والتوسع في مشروعات البنية الأساسية، وتعظيم القيمة المضافة من البترول والغاز الطبيعي من خلال الصناعات البتروکيماوية، وتنفيذ 3 مشروعات بإجمالي استمارات 4 مليارات دولار لزيادة انتاج البتروکيماويات، أما فيما يتعلق بقطاع الکهرباء، فقد انخفضت استثمارات قطاعالکهرباء، ولکن في عام 2015/2016 بلغت 18.3 مليار جنيه بنسبة 4.7% من اجمالي استثمارات ذات العام.

    في حين تزايدت فاتورة دعم مصادر الطاقة بما يقرب من 80% خلال الفترة 2009/2010-  2012/2013، حيث مثلت إجمالي فاتورة الدعم لهذا العام 29% من إجمالي الإنفاق الحکومي، شکلت إعانات الطاقة منها 70 %، وحوالي 7% من إجمالي الناتج المحلي في السنة المالية 2012/2013[28]، کما أوضحت دراسة للبنک الدولي أجراها عام 2014، أن فاتورة دعم الطاقة في مصر بعد الإصلاحات لازالت تمثل 5% من الناتج المحلى الإجمالي[29]، أما من حيث إجمالى الدعم فقد بلغ دعم الطاقة للموارد البترولية والکهرباء نحو 128.6، 139.5، 97,5 مليار جنيه عن موازنات أعوام 2012/2013، 2013/ 2014، 2014/ 2015 على التوالي، نتيجة سياسات الإصلاح، ففي عام 2014 قامت الدولة بزيادة أسعار البنزين 80، 92 بنسبة بلغت78%، 41% على التوالي في ظل توجهها لإصلاح منظومة الدعم[30]،  إلا أن فاتورة الدعم عاودت الارتفاع مرة أخرى منذ عام 2016/ 2017، لتبلغ حوالي 149.4 مليار جنيهعام 2017/ 2018، بما يمثل 3.45% من الناتج المحلي الإجمالي لهذا العام، وإن کانت عاودت التناقص في العام التالي لتبلغ 105 مليار جنيه فقط[31]، ولعل ذلک يمکن إرجاعه إلى اتخاذ الخطوة التالية في سياسات إصلاح قطاع الطاقة المتبعة، بهدف تخفيض عجز الموازنة العامة للدولة[32]، أما من حيث توزيع الدعم بين مصادر الطاقة المختلفة نخلص إلى أن الدعم يتم تخصيصه بشکل غير صحيح عبر المنتجات البترولية، حيث يذهب 19% من فاتورة دعم الطاقة إلى البنزين، المنتج الذي يستخدمه الفقراء بکثافة أقل، حيث لا يستفيد أفقر 30% من السکان إلا من 1.6% من دعم البنزين، أيضًا على الرغم من أن 23% من الإعانات تذهب إلى غاز البترول المسال الذي يهدف أساسًا إلى إفادة الفقراء، فقد قُدِّر أن أفقر 30% من السکان لا يستفيدون سوى من 25% فقط من إعانات الغاز الطبيعي المسال، وبالنظر لدعم الکهرباء، فنلاحظ أن إعانات الکهرباء تشمل إعانات مباشرة وغير مباشرة، الإعانات المباشرة هي تلک التي يقدمها قطاع الکهرباء للمستهلکين، بينما الإعانات غير المباشرة هي تلک التي تقدمها الحکومة للمنتجات البترولية المستخدمة في توليد الکهرباء، حيث بلغت الإعانات المباشرة للکهرباء 8.5 مليار جنيه في السنة المالية 2012/2013، وکان من المتوقع أن تصل إلى 13.2 مليار جنيه في السنة المالية 2013 / 2014، علاوة على ذلک، بلغت 27.2 مليار جنيه في ميزانية السنة المالية 2014/2015، أي ما يقرب من 3.4% من إجمالي النفقات الحکومية، کما ثبت أن دعم الکهرباء مستهدف بشکل سيء، حيث استفاد أغنى 20% من السکان من ثلث إعانات الکهرباء[33]، ويوضح الجدول التالي التغيرات السعرية التي طرأت على قطاع الطاقة منذ عام 2014:

جدول(2): التغيرات السعرية التي طرأت على قطاع الطاقة للفترة 2014 : 2019                          القيمة بالجنيه

السنوات

قبل 2014

2014

2016

2017

2018

2019

لتر 80

0.9

1.6

2.35

3.65

5.5

6.75

%

---

0.78

0.47

0.47

0.51

0.23

لتر 92

1.85

2.6

3.5

5

6.75

8

%

---

0.41

0.35

0.43

0.35

0.19

لتر 95

5.85

6.25

6.25

6.6

7.75

9

%

---

0.07

0

0.06

0.17

0.16

سولار

1.1

1.8

2.35

3.65

5.5

6.75

%

---

0.64

0.31

0.55

0.51

0.23

اسطوانة البوتاجاز

5

8

15

30

50

65

%

---

0.6

0.88

1

0.67

0.3

لتر الغاز للسيارات

0.4

1.1

1.6

2

2.75

3.5

%

---

1.75

0.45

0.25

0.38

0.27

المصدر: وزارة البترول، بيانات غير منشورة.

   بالنظر إلى الجدول السابق نلاحظ ما يلى، أکبر التغيرات السعرية جراء عملية الإصلاح شهدها کل من لتر 80 والسولار، حيث بلغت الزيادة المبدئية في الأسعار حوالى 78%، و 64% على التوالي، تلاهم لتر 92 بزيادة بلغت 41%، في حين بلغت الزيادة في أسعار لتر 95 حوالى 7% فقط، ولعل ذلک يعکس أن الفئات الأکثر تضرراً من سياسات الإصلاح هي الفئات الأکثر فقراً، تليها الصناعات، وإن کان يمکن تفسير ذلک بکون هذان النوعان من مصادر الطاقة، يليهم لتر 92، هي المصادر الأکثر استفادة من الدعم مقارنةً ببنزين لتر 95، کما يلاحظ تراجع الزيادات السعرية المتوالية في السنوات اللاحقة، ولعل ذلک يراعى سياسة التدرج في إصلاح منظومة دعم الطاقة کما أوضحنا سابقاَ، حيث يجب التدرج في الزيادات السعرية في مصادر الطاقة، لتجنب الزيادات السعرية السريعة في أسعار السلع، مما ينعکس على معدلات التضخم، ويزيد من الأثر السلبى لإصلاح منظومة الدعم على الفئات الأکثر فقراً، في حين يلاحظ تزايد معدلات النمو في التغيرات السعرية لبنزين لتر 95 في السنوات الأخيرة، و التي بلغت عام 2019 حوالى 16%، أما فيما يتعلق بأسطوانة البوتاجاز فمن الملاحظ التزايد السريع في أسعارها، حيث بلغت الزيادة السعرية لها عام 2017حوالى 100%، إلا أن معدل نمو الزيادات السعرية عاود الانخفاض في السنوات اللاحقة، وإن کان ذلک يعکس ضرورة تبنى الدولة لسياسات ضمان اجتماعي لحماية الفئات الأکثر فقراً في الآجل القصير، لتخطى هذه الأثار السلبية في إصلاح منظومة الدعم، وفيما يلى نستعرض التغيرات السعرية في أسعار شرائح الکهرباء.

    ففيما يتعلق بإصلاحات منظومة الدعم الخاصة بقطاع الکهرباء من الملاحظ، أن الاصلاحات بدأت بإصلاحات الدعم للشرائح العليا بدءاً من الشريحة الرابعة إلى الشريحة السابعة، وکانت الشريحة الرابعة هي أعلى الشرائح في التغيرات السعرية بمقدار 21%، في حين تراجعت هذه الزيادات بتزايد الشرائح لتبلغ 5% للشريحة السابعة، في حين أن التغيرات السعرية للشرائح الثلاثة الأولى بدأت منذ عام 2017، وإن کانت هذه الزيادات سريعة خلال هذه السنوات، وقد کانت الشريحة الأولى هي الأعلى في هذه التغيرات السعرية، حيث بلغت الزيادة السعرية للشريحة الأولى خلال هذه الثلاث سنوات 173%، مقارنةً بزيادة 96% في أسعار الشريحة السابعة منذ بدء الإصلاح، ولعل ذلک يعکس ما أوضحناه سابقاً من ضرورة اتخاذ الدولة إجراءات سريعة لحماية الفئات الأکثر فقراً، والأکثر تضرراً من سياسات الإصلاح.

جدول(3): التغيرات السعرية التي طرأت على شرائح الکهرباء للفترة 2014: 2019                          القيمة بالقرش

السنوات

2014

2015

2016

2017

2018

2019

الشريحة الأولى

7.5

7.5

7.5

11

22

30

%

---

0

0

0.47

1

0.36

الشريحة الثانية

14.5

14.5

14.5

19

30

40

%

---

0

0

0.31

0.58

0.33

الشريحة الثالثة

16

16

16

21

36

50

%

---

0

0

0.31

0.71

0.39

الشريحة الرابعة

24

29

35

42

70

82

%

---

0.21

0.21

0.2

0.67

0.17

الشريحة الخامسة

34

39

44

55

90

100

%

---

0.15

0.13

0.25

0.64

0.11

الشريحة السادسة

60

68

71

95

135

140

%

---

0.13

0.04

0.34

0.42

0.04

الشريحة السابعة

74

78

81

95

145

145

%

---

0.05

0.04

0.17

0.53

0

المصدر: وزارة الکهرباء، بيانات غير منشورة.

    کما شملت إصلاحات قطاع الطاقة توقيع مجلس الوزراء مذکرة تفاهم حول الشراکة الاستراتيجية في مجال الطاقة فيما بين مصر والاتحاد الأوروبي خلال الفترة ٢٠١٨- ٢٠٢٢، وذلک في مجالات تتضمن دعم تطوير قطاع البترول والغاز، واستمرار الدعم لإصلاحات الکهرباء، إلى جانب تطوير مرکز تداول الطاقة، وتحقيق المزيد من الدعم في مجال الطاقة المتجددة من خلال معايير ومشروعات مشترکة، فضلاً عن دعم إضافي لاستراتيجيات وسياسات وتدابير کفاءة الطاقة عبر مختلف القطاعات، ودفع التعاون في المجالات التکنولوجية والعلمية والصناعية في مجال الطاقة، جاءت تلک الاتفاقية في ظل إشادة الاتحاد الأوروبي بالنجاحات القياسية التي تحققت في قطاع البترول واکتشافات الغاز الجديدة بالبحر المتوسط وتنامى دور مصر المحوري في هذا المجال، بالإضافة لنظرة الاتحاد الأوروبي لمصر باعتبارها البوابة الرئيسية للاستفادة من تلک الاکتشافات في ضوء توافر البنية الاساسية المطلوبة من مصانع الإسالة والموانئ وشبکات خطوط الغاز بالإضافة للموقع الاستراتيجي، کما أعلنت شرکة إينى الإيطالية بدء تشغيل وحدة الإنتاج الثانية بحقل ظهر لإنتاج الغاز الطبيعي، والتي من شأنها زيادة الطاقة الإنتاجية للحقل إلى نحو ٨٠٠ مليون قدم مکعب يومياً من الغاز الطبيعي.

   وبالتالي وفى ظل ما سبق کان لابد من تحرير قطاع الطاقة لرفع کفاءة هذا القطاع، وخفض عجز الموازنة، وإعادة توجيه الدعم إلى القطاعات المستهدفة، وذلک من خلال وضع استراتيجية ملائمة لتحرير سوق الطاقة في مصر، من خلال تحديد النهج المناسب لتسعير الطاقة، وتحديد سرعة وتوقيت إصلاح أسعار الطاقة، من المهم أيضًا تقييم التأثير الکلي على الاقتصاد، والإجراءات المخففة التي يجب على الحکومة تبنيها لحماية الفئات الأکثر فقراً، فمن حيث تسعير الطاقة فهناک خمسة أساليب رئيسية: تسعير التکلفة الحديةmarginal cost pricing، تسعير استرداد التکلفة التاريخية historical cost recovery pricing، تسعير السوق  market pricing، تسعير الطاقة التمييزية discriminatory energy pricing، وتکلفة الفرصة البديلة opportunity cost pricing، وبالتالي وفقاً لهذه الأساليب اقترح بوز ألن هاملتون Booz Allen Hamilton (2007) ثلاثة خيارات مختلفة لأنظمة تسعير الطاقة التي يمکن أن تنجح في مصر، الأول هو نظام السعر المنخفض الثابت the low fixed pricing regime، حيث تحدد الحکومة الأسعار بناءً على الاعتبارات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، ويمکن استخدامها لدعم الصناعات التي تستهلک أنواعًا معينة من الوقود، والثاني هو التسعير المستند إلى التکلفة the cost-based pricing (يُطلق عليه أيضًا نظام استرداد التکاليف the cost recovery regime) حيث يتم تحديد الأسعار وفقًا للتکلفة الفعلية لتوفير الطاقة، والثالث هو الأسعار السوقية the market-based prices، والتي تسمح لقوى السوق بتحديد الأسعار، وفي هذه الحالة تميل الأسعار نحو الأسعار الدولية، وبالتالي وفقاً لما سبق فمن الأفضل اتباع نظام تدريجي للتسعير على أساس التکلفة، وإن کان ذلک سيکون له أثر سلبى على الأسعار[34]، إلا أن أثره سيکون إيجابي على معدلات استهلاک الطاقة[35].

    وللتعرف على أثر إصلاحات دعم الطاقة على الأداء الاقتصادي المصري فسيتم دراسة ذلک من خلال دراسة أثر الدعم على کل من معدل عجز الموازنة العامة للدولة، والنمو الاقتصادي، والتضخم، والاستدامة البيئية.

2-2 أثر اصلاحات دعم الطاقة على عجز الموازنة العامة في مصر:

   تعد الموازنة العامة للدولة واحدة من أهم المتغيرات التي تتأثر بصورة مباشرة بالتغيرات في سياسات الدعم،  حيث يمثل بند المنح والإعانات واحداً من أهم بنود الإنفاق العام، لذا وللتعرف على أثر التغيرات في دعم الطاقة على عجز الموازنة العامة للدولة فيمکن قياس ذلک من خلال النموذج التالي، والذى سيتضمن کل من بنود الضرائب والأجور ودعم الطاقة کأهم البنود المؤثرة في حجم العجز:

Bdefg = α0 +α1 Taxg +α2 wagesg +α3 Psubg + εt

حيث:

Bdefg: تقيس معدل نمو عجز الموازنة العامة للدولة

Taxg: معدل نمو الايرادات الضريبية

wagesg: معدل نمو الأجور

Psubg: معدل نمو دعم الطاقة

 وبتحليل بيانات النموذج عن الفترة 2005- 2018 يمکننا التوصل إلى النتائج التالية:

جدول (4): تحليل بيانات النموذج عن الفترة 2005/ 2006 – 2017/ 2018

المتغير

المتوسط

القيمة العظمى

القيمة الدنيا

معدل نمو عجز الموازنة العامة للدولة

19.136

45.611

-26.050

معدل نمو الايرادات الضريبية

18.064

36.210

3.652

معدل نمو الأجور

17.227

46.093

5.522

معدل نمو دعم الطاقة

16.221

79.295

-30.055

المصدر: إعداد الباحث بالاعتماد على بيانات وزارة المالية، الحساب الختامي، أعداد متفرقة

  • ·   معدل نمو العجز بلغ في المتوسط 19.136%، في حين بلغ أعلى قيمة له 45.611% عام 2007/2008، کما بلغ أعلى قيمة له 423273 مليون جنيه عام 2017/ 2018، نتيجة توسع الدولة في إنفاقات الاستثمار العام، کما بلغ معدل النمو أقل قيمه -26.050% عام 2006/2007، وهي القيمة الوحيدة السالبة خلال هذه الفترة، حيث بلغ العجز أقل قيمة له خلال هذه الفترة وهي 41814.6 مليون جنيه.
  • ·   معدل نمو الايرادات الضريبيةبلغ في المتوسط 18.064%، في حين بلغ أعلى قيمة له 36.210% عام 2017/2018، وذلک نتيجة للإجراءات التي اتخذتها الدولة لتحقيق الإصلاح الضريبي، وزيادة موارد الدولة، حيث بلغت الإيرادات الضريبية أعلى قيمة لها خلال الفترة وهى 629302 مليون جنيه، کما بلغ معدل النمو أقل قيمه 3.652% عام 2013/2014، نتيجة لظروف الدولة السياسية، وبصفة عامة اتخذت الإيرادات الضريبية اتجاه متصاعد خلال فترة الدراسة، فلم تکن هناک أي معدلات نمو سالبة، حتى خلال فترات عدم الاستقرار السياسي ظلت المعدلات موجبة.
  • ·   معدل نمو الأجور بلغ في المتوسط 17.227%، في حين بلغ أعلى قيمة له 46.093% عام 2005 /2006، و أخذ اتجاه متناقص في السنوات التالية، ليبلغ أقل قيمة له 5.522% عام 2016/2017، ولعل ذلک يرجع إلى سياسات الأجور المتبعة، وخفض التعيينات في الجهاز الإداري، وإن کانت معدلات النمو ظلت موجبة.
  • ·   معدل نمو دعم الطاقة بلغ في المتوسط 16.221%، في حين بلغ أعلى قيمة له 79.295% عام 2016/2017، وبلغ أقل قيمه -30.055% عام 2014/2015، نتيجة للإجراءات التي اتخذتها الدولة لإصلاح منظومة دعم الطاقة في مصر.

وفيما يلى نتائج النموذج القياسي؛ فوفقاً لنتائج النموذج نلاحظ أن هذه العوامل مجتمعة لم تفسر سوى 15% من التغيرات التي تحدث في معدلات العجز، حيث يفسر ذلک بتوجه الدولة للترکيز على زيادة الانفاق على الاستثمار العام، والبنية التحتية، بدلاً من توجيه الدعم إلى غير مستحقيه، کما يلاحظ وجود علاقة سالبة فيما بين معدل نمو الإيرادات الضريبية ومعدل نمو عجز، فکلما زاد معدل نمو الإيرادات الضريبية بحوالي 1%، تراجعت معدلات العجز بما يقرب 0.56%.

 

 

 

 

 

   کما أوضح النموذج وجود علاقة عکسية فيما بين معدلات نمو الأجور ومعدلات نمو العجز، ولعل ذلک يمکن إرجاعه إلى تراجع أهمية بند الأجور في الموازنة، خاصة في ظل محاولة الدولة الالتزام بتعليمات صندوق النقد الأجنبى، والتخلص من تکدس الجهاز الإداري، والبطالة المقنعة للحد من العجز الناتج عن زيادة معدلات التشغيل، خاصةً وأن البيانات الفعلية أوضحت تزايد معدلات العجز على الرغم من تراجع معدلات نمو الأجور، أما فيما يتعلق بمعدلات نمو دعم الطاقة، فمن الملاحظ وجود علاقة طردية فيما بين معدل نمو دعم الطاقة ومعدل نمو العجز، فکلما زاد معدل نمو دعم الطاقة بحوالي 1%، زاد معدل نمو العجز بحوالي 0.26%، مما يعکس أهمية اصلاح منظومة دعم الطاقة لخفض معدلات العجز.

2-3 أثر اصلاحات دعم الطاقة على النمو الاقتصادي في مصر

   قد يؤدى إلغاء الدعم الأحفوري إلى رفع معدلات النمو الاقتصادي للدولة، وذلک من خلال توجيه مدخرات هذا الدعم إلى أوجه النشاط الاقتصادي الأخرى، و التي تعزز من قوى النمو داخل الدولة، وتؤدي إلى رفع معدلات التشغيل، ومن ثم رفع نصيب الفرد من الناتج، والحد من مشکلات الفقر، وإن کان هذا الأثر سيتوقف على کيفية توجيه هذه المدخرات، حيث يجب أن تستثمر الحکومة احتياطاتها من تخفيضات دعم الوقود أو الزيادات الضريبية، في استثمارات طويلة الأجل ذات عائد مرتفع تساعد على زيادة القدرة الإنتاجية، وتنشيط الاستثمارات، وذلک من خلال الاستثمار في البنية التحتية، والبحث والتطوير، والسلع العامة، ورأس المال المنتج، مع مراعاة ألا يؤثر هذا الخفض في معدلات الدعم على حجم المدخرات الخاصة، وقد أکد البنک الدولي على ذلک من خلال دراسة له أجراها على مجموعة من الدول حيث توصل إلى أن متوسط ​​زيادة قدرها 20 سنتًا في سعر الديزل والبنزين تسببت في زيادة متوسط نصيب الفرد من​​الناتج المحلي الإجمالي بنحو 0.28% و0.46% على التوالي [36]، کما يجب أن يعاد توجيه هذا الخفض في الدعم لصالح زيادة الإنفاق على جانبي الصحة والتعليم، کما قد يؤدى خفض الدعم إلى تزايد فرص التوظف من خلال التحول من الصناعات کثيفة رأس المال والطاقة، إلى الصناعات کثيفة العمل[37]، بالإضافة إلى توفير الفرصة للاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة، إلا أنه وبتطبيق دراسة عن أثر إلغاء الدعم على معدلات النمو في مصر فيما قبل عام 2009، أوضحت الدراسة أن إلغاء الدعم سيؤدى إلى خفض معدلات النمو بما يعادل 1.4%، لينخفض من 5.6% إلى ما يقرب 4.14% ( أبو العنين، 2009)، ولعل ذلک يمکن إرجاعه إلى أثر إلغاء الدعم على بعض الصناعات کثيفة الاستخدام للطاقة، حيث يتوقف هذا الأثر على آلية توزيع الدعم، وللتعرف على أثر الدعم على معدل النمو، فيمکن التعرف على ذلک من خلال النموذج التالي، والذي يتضمن مؤشرات عن التراکم الرأسمالي ودرجة انفتاح الدولة، کمتغيرات مؤثرة في النمو [38]:

Growth = α0 +α1 OPEN +α2 Psubs +α3 CF + εt

     حيث:

OPEN: تقيس درجة انفتاح الدولة کنسبة من الناتج

Psubs: إجمالى دعم الطاقة کنسبة من الناتج

CF: إجمالى التراکم الرأسمالي کنسبة من الناتج

وبتحليل بيانات النموذج عن الفترة 2003 – 2017  يمکننا التوصل إلى النتائج التالية:

جدول (5): تحليل بيانات النموذج عن الفترة 2003 – 2017

المتغير

المتوسط

القيمة العظمى

القيمة الدنيا

معدل النمو الاقتصادي

4.129

7.681

1.106

درجة انفتاح الدولة کنسبة من الناتج

49.547

71.681

30.247

إجمالى دعم الطاقة کنسبة من الناتج

6.199

8.089

3.254

إجمالى التراکم الرأسمالي کنسبة من الناتج

17.203

22.390

13.643

المصدر: إعداد الباحث بالاعتماد على بيانات البنک الدولي.

  • ·   معدل النمو الاقتصادي بلغ في المتوسط 4.129%، في حين بلغ أعلى قيمة له 7.681% عام 2006، ثم تراجع في السنوات التالية، ليبلغ أقل قيمة له 1.106% عام 2011، عقب ما شاهدته الدولة من عدم استقرار سياسي، و إن کان عاود التزايد فيما بعد.
  • ·   درجة انفتاح الدولة کنسبة من الناتج بلغت في المتوسط 49.547%، في حين بلغ أعلى قيمة له 71.681% عام 2008، بسبب تزايد کل من الصادرات والواردات، إلا أنها عاودت الانخفاض في السنوات التالية، لتبلغ أقل قيمة لها 30.247% عام 2016، بسبب انخفاض کل من الصادرات والواردات، وذلک عقب قرار التعويم، وارتفاع سعر الدولار، وعقب الاجراءات التي اتخذتها الدولة للحد من الاستيراد.
  • ·   من حيث إجمالي دعم الطاقة کنسبة من الناتج فقد بلغ في المتوسط 6.199%، في حين بلغ أعلى قيمة له 8.089% عام 2007، ثم أخذ اتجاه متناقص في السنوات التالية، بسبب عدم الاستقرار السياسي الذي شاهدته الدولة، ثم عاود الارتفاع مرة اخرى، حتى عام 2013، إلا أنه عاود الانخفاض خلال السنوات التالية بسبب سياسات اصلاحات الدعم، وقد بلغ هذا المؤشر أقل قيمة له 3.254% عام  2015، عقب تخفيضات الدعم عام 2014.
  • ·   إجمالى التراکم الرأسمالي کنسبة من الناتج بلغ في المتوسط 17.203%، في حين بلغ أعلى قيمة له 22.390% عام 2008، بسبب ارتفاع معدلات النمو لهذه الفترة، إلا أنه عاود الانخفاض بعد ذلک بسبب الأزمة المالية العالمية، وعدم الاستقرار السياسي الذى عانت منه الدولة، ليبلغ أقل قيمة له 13.643% عام 2014، إلا أنه عاود الارتفاع في السنوات التالية، ويعد ذلک مؤشر جيد في طريق الاصلاح.

وفيما يلى نتائج النموذج القياسي:

 

•  وفقاً لنتائج النموذج نلاحظ أن هذه العوامل مجتمعة لم تفسر سوى 46% من التغيرات التي تحدث في معدلات النمو، حيث يُفسر ذلک بتواجد عوامل أخرى هامة في تحقيق النمو کالسياسات الحکومية، والاستثمار في التعليم والصحة، والاستثمار الخاص، بالإضافة إلى أهمية التحول القطاعي، ولعل ذلک ما عکسته القيمة السالبة لمعامل دعم الطاقة، حيث يؤثر دعم الطاقة على جودة توزيع الاستثمارات العامة إلى محاور أخرى أکثر أهمية في عملية النمو، کما أوضحنا مسبقاً، وذلک من خلال الترکيز على الاستثمارات المنتجة، التي تؤدى إلى رفع معدلات النمو، وقد أوضحت قيمة هذا المعامل أن انخفاض بنسبة 0.598% في إجمالى دعم الطاقة کنسبة من الناتج قد يؤدى إلى زيادة معدل النمو الاقتصادي بحوالي 1%، أما من حيث تأثير درجة الانفتاح الاقتصاديکنسبة من الناتج وإجمالي التراکم الرأسمالي کنسبة من الناتج فقد جاءت قيمتهما موجبة، 0.089%، 0.224% على التوالي، وإن کان من الملاحظ انخفاض معامل درجة الانفتاح الاقتصادي کنسبة من الناتج، وذلک لأن النسبة الأکبر من هذا المتغير يمثلها التغير في حجم الواردات، مما يحد من أثر هذا المتغير على عملية النمو، أما من حيث معامل تراکم رأس المال فيوضح أهمية زيادة هذا المتغير على عملية النمو، و إن کان أثر هذا المتغير لازال ضعيفاً نظراً لانخفاض إجمالى التراکم الرأسمالي کنسبة من الناتج، والذى اتسم بالانخفاض والتذبذب خلال السنوات الأخيرة.

2-4 أثر اصلاحات دعم الطاقة على التضخم في مصر

   من حيث تأثير الدعم على معدلات التضخم، فإن زيادة أسعار الطاقة قد تنخفض في الأجل المتوسط، خاصةً أن اصلاحات الدعم بمثابة زيادة في الضرائب غير المباشرة، فالزيادة في أسعار الوقود والکهرباء ستؤدى في البداية لرفع معدلات التضخم، إلا أن هذه الزيادة ستتراجع في الأجل المتوسط نتيجة تراجع الطلب على السلع و ترشيد استهلاکها، إلا أن هذا الانخفاض قد لا يتحقق في حال مطالبة العمال برفع أجورهم، أو محاولة الدولة تعويض العاملين في القطاع العام من خلال رفع أجورهم، و إن کان ذلک سيتوقف على قوة نقابات العمال، وقوة العمال في التفاوض مع أصحاب العمل، ومعدلات البطالة في الدولة[39]، وبالتالي يمکن قياس أثر إصلاحات الدعم على معدلات التضخم في مصر من خلال النموذج التالي: 

Inf = α0 +α1 Psubg +α2 IR +α3 Er + εt

حيث:

Inf: تقيس معدل التضخم

Psubg: معدل نمو دعم الطاقة

IR: سعر الفائدة

Er: سعر الصرف

وبتحليل بيانات النموذج عن الفترة 2003 – 2017  يمکننا التوصل إلى النتائج التالية:

 

 

 

جدول (6): تحليل بيانات النموذج عن الفترة 2003 – 2017

المتغير

المتوسط

القيمة العظمى

القيمة الدنيا

معدل التضخم

11.291

29.502

4.508

سعر الفائدة

12.727

18.175

11.008

سعر الصرف

7.149

17.783

5.433

المصدر: إعداد الباحث بالاعتماد على بيانات البنک الدولي.

  • ·   معدل التضخم بلغ في المتوسط 11.291%، في حين بلغ أعلى قيمة له 29.502% عام 2017، ولعل السبب في ذلک ما تشهده الدولة من اصلاحات وسياسات تقشفية، في حين بلغ أقل قيمة له 4.508% عام 2003.
  • ·   سعر الفائدة على الإقراض بلغ في المتوسط 12.727%، في حين بلغ أعلى قيمة له 18.175% عام 2017، وذلک بغرض تعبئة المدخرات المحلية، في حين بلغ أقل قيمة لها 11.008% عام 2010.
  • ·   من حيث سعر الصرف فقد بلغ في المتوسط 7.149%، في حين بلغ أعلى قيمة له 17.783% عام 2017، وذلک عقب قرار البنک المرکزي باتباع سياسة التعويم، في حين بلغ أقل قيمة لها 5.433% عام 2008، ولعل السبب في ذلک النمو الاقتصاد الذي شهدته الدولة خلال هذه الفترة.

 

وفيما يلى نتائج النموذج القياسي:

 

  • ·    وفقاً لنتائج النموذج نلاحظ أن هذه العوامل مجتمعة فسرت حوالى 68% من التغيرات التي تحدث في معدلات التضخم، حيث نلاحظ أن أثر کل من معدل نمو دعم الطاقة ومعدل سعر الفائدة على معدل التضخم جاء سالباً، حيث بلغت قيمة معامليهما على التوالي -2.467، -0.042، مما يعنى أنه في حالة نمو الدعم بحوالي 1% فإن معدل التضخم سينخفض بحوالي 2.467%، بما يعنى أن اجراءات اصلاح الدعم سيصاحبها موجات تضخمية، إن لم تتأخذ الدولة اجراءات مضادة للحد من هذا الأثر السلبي خاصةً على الفئات الفقيرة بالمجتمع، أما فيما يتعلق بسعر الفائدة فمن الملاحظ محدودية تأثيره على معدلات التضخم، حيث أن زيادة سعر الفائدة بحوالي 1% لا تؤدى إلى خفض معدل التضخم سوى بحوالي 0.042%، مما يعکس محدودية هذه الآلية من آليات السياسة النقدية داخل الاقتصاد المصري، في حين أن معامل سعر الصرف جاء موجباً ليعبر عن وجود علاقة طردية فيما بين سعر الصرف ومعدل التضخم فکلما تزايد سعر صرف الدولار مقابل الجنيه بجنيه واحداً، تزايد معدل التضخم بحوالي 1.571%، مما يزيد من الضغوط التضخمية التي تواجهها الدولة حالياً، ومما يستتبع معه ضرورة اتباع سياسات حمائية قصيرة الآجل لدعم الفئات الأکثر فقراً، للحد من تضررها من هذه الاجراءات الاصلاحية التي تشهدها الدولة.

2-5 أثر اصلاحات دعم الطاقة على الاستدامة البيئية في مصر

   حيث يعزز دعم الطاقة من استهلاک المصادر المختلفة لها، مما يؤدى إلى ارتفاع انبعاثات ثاني أکسيد الکربون (CO2)، وهذا ما أوضحته دراسة لکل من رياکاد وشياراکورن Riyakad and Chiarakorn في دراسة لهما عام  2015، و التي أوضحا من خلالها  تأثير استهلاک الطاقة على انبعاثات الغازات الضارة، والتي بلغت على التوالي لکل من محروقات غاز البترول المسال، واستهلاک الکهرباء، وتحلل کربونات الکالسيوم 80.97، 18.62، و 0.41 ٪، مما يؤثر على جودة البيئة، وتتزايد هذه المشکلة في البلدان النامية التي تمر بفترة من التصنيع، وکإحدى الدول النامية تتأثر جودة البيئة في مصر بصورة سلبية باستهلاک الطاقة، ولقياس هذا الأثر يمکنا قياس النموذج التالي، والذي يتناول تأثير دعم الطاقة، والنمو السکاني، والطاقة المتجددة على انبعاثات ثاني أکسيد الکربون في مصر من 2002 إلى 2014[40]:

CO2 = f (Subs, Pop, Fosil, R)

CO2=a0 +a1Subs +a2Pop +a3R+µ

حيث:

CO2: انبعاثات ثاني أکسيد الکربون الناتجة عن استهلاک الطاقة في مصر

Subs: دعم الطاقة في مصر

Pop: النمو السکاني

R: حصة استهلاک الطاقة المتجددة إلى إجمالي استهلاک الطاقة

وبتحليل بيانات النموذج عن الفترة 2002 – 2014 يمکننا التوصل إلى النتائج التالية:

جدول (7): تحليل بيانات النموذج عن الفترة 2002 – 2014

المتغير

المتوسط

القيمة العظمى

القيمة الدنيا

انبعاثات ثاني أکسيد الکربون الناتجة عن استهلاک الطاقة في مصر

166037.811

195528.107

113152.619

النمو السکاني

1.953

2.246

1.748

حصة استهلاک الطاقة المتجددة إلى إجمالي استهلاک الطاقة

2.318

2.883

2.079

المصدر: إعداد الباحث بالاعتماد على بيانات البنک الدولي.

  • ·   انبعاثات ثاني أکسيد الکربون الناتجة عن استهلاک الطاقة في مصر بلغت في المتوسط 166037.811 کيلو/ طن، في حين بلغ أعلى قيمة له 195528.107 کيلو عام 2011، في حين بلغ أقل قيمة له 113152.619کيلو طن عام 2002.
  • ·   النمو السکاني بلغ في المتوسط 1.953%، في حين بلغ أعلى قيمة له 2.246% عام 2013، کما بلغ أقل قيمة له 1.748% عام 2007.
  • ·   حصة استهلاک الطاقة المتجددة إلى إجمالي استهلاک الطاقة بلغت في المتوسط 2.318%، في حين بلغت أعلى قيمة لها 2.883% عام 2002، کما بلغت أقل قيمة لها 2.079% عام 2009، ومن الملاحظ انخفاض هذه الحصة بصفة عامة، مما يستلزم معه وضع سياسات لزيادة الاعتماد على هذا القطاع بدلاً من الطاقة الأحفورية.

وفيما يلى نتائج النموذج القياسي:

 

وفيما يلى نتائج النموذج القياسي:

  • ·   وفقاً لنتائج النموذج نلاحظ أن هذه العوامل مجتمعة فسرت حوالى 95% من التغيرات التي تحدث في انبعاثات ثاني أکسيد الکربون الناتجة عن استهلاک الطاقة في مصر، حيث توضح نتائج هذه النموذج أن متغير دعم الطاقة والنمو السکاني له تأثير إيجابي على انبعاثات غاز ثاني أکسيد الکربون في مصر، حيث أن زيادة حجم الدعم بمليون جنيه تؤدى إلى زيادة الانبعاثات بحوالي 0.074 کيلو لطن المحروقات، في حين أن نمو السکان بحوالي 1% يؤدي إلى زيادة الانبعاثات بحوالي 35056.08 کيلو لطن المحروقات، کما يلاحظ أن استهلاک الطاقة المتجددة له تأثير سلبي وهام على انبعاثات ثاني أکسيد الکربون في مصر، فزيادة استهلاک الطاقة المتجددة بحوالي 1% يخفضانبعاثات ثاني أکسيد الکربون بحوالي 71093.76 کيلو .

الفرص المتاحة للاستفادة من مصادر الطاقة المتجددة:

  • §   بالفعل اتجهت مصر خلال السنوات القليلة الماضية إلى الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة تبعاً لاستراتيجية تعتمد على تنويع مصادر الطاقة، وترشيد استخدام مصادر الطاقة التقليدية لمواکبة الارتفاع المطرد في استهلاک الطاقة.
  • §    کما تتمتع مصر بوفرة من مصادر طاقة الرياح في منطقة خليج السويس وخاصة المساحة الواقعة غرب خليج السويس التي تعد من المناطق الواعدة لإقامة مشروعات مزارع الرياح الکبرى.
  • §   بالإضافة إلي ذلک تعد مصر إحدى دول منطقة الحزام الشمسي المؤهلة لنجاح تطبيقات الطاقة الشمسية بها حيث أظهرت نتائج أطلس شمس مصر أن متوسط الاشعاع الشمسي العمودي يبلغ ما بين  2000: 3200 ک. و.س/ م2/ سنة، وأن معدل سطوع الشمس يبلغ ما بين  9: 11 ساعة / يوم [41].
  • §   هذا وقد تبنت الشرکة القابضة لکهرباء مصر وشرکاتها التابعة مشروع إنشاء محطات طاقة شمسية فوتو فولطية أعلي أسطح المباني (بعد اختيار الأماکن المناسبة والمتاحة لترکيب الخلايا الشمسية)، وتم تنفيذ عدد 80 محطة بقدرة 1800 کيلو/وات، وجاري تنفيذ عدد 48 محطة بإجمالي قدرة 1650 کيلو/وات، أعلي مباني الشرکة القابضة وشرکاتها التابعة، بالإضافة إلي قيام المشترکين عن طريق نظام تعريفة التغذية بتنفيذ عدد 51 محطة بإجمالي قدرة 1650 کيلو/وات وربطها على الشبکة الموحدة، وجاري تنفيذ عدد 33 محطة بإجمالي قدرة 2390 کيلو/وات [42].

نتائج وتوصيات الدراسة

مما سبق يمکن الوصول إلي النتائج التالية:

  • Ø      أشارت التجارب الدولية إلي أهمية تدرج عملية إلغاء دعم الطاقة، وأن يصاحبها مجموعة من الاجراءات التعويضية، وذلک باتباع خطوات معينة لتصحيح منظومة الدعم والتي تتضمن وضع خطة طويلة الأجل لإصلاح قطاع الطاقة، وتحليل أثر هذه الإصلاحات والتشاور مع الجهات المعنية، بالإضافة إلى أهمية زيادة الشفافية ونشر الوعي عن إجراءات وحجم الدعم داخل الموازنة، وأن تتلاءم الزيادات التدريجية في أسعار الطاقة مع قدرات المستهلکين، مع إمکانية اختلاف تسلسل هذه الزيادات باختلاف منتجات الطاقة، بالإضافة إلى زيادة کفاءة عمليات الإنتاج لتقليص الدعم، واتخاذ تدابير معينة لحماية الفئات الأکثر فقراً وضمان عدم تضررهم من سياسات الإصلاح، وتنفيذ إصلاحات مؤسسية لمنع تسيس تسعير منتجات الطاقة باستحداث آليات للتسعير التلقائي، وأن يصاحب عملية الإصلاحات سياسات لإعادة الاستهداف، وزيادة الاستثمارات في البنية التحتية للطاقة، والصحة والتعليم
  • Ø      في حين أثبتت النماذج صحة فرضيات الدراسة، حيث أوضح النموذج الأول وجود علاقة موجبة بين حجم دعم الطاقة وحجم العجز، فکلما زاد معدل نمو دعم الطاقة بحوالي 1%، زاد معدل نمو العجز بحوالي 0.26%، مما يتطلب معه إجراء تخفيضات متوالية في حجم هذا الدعم للحد من العجز، في حين أوضح النموذج التالي وجود علاقة سالبة بين حجم دعم الطاقة و معدلات النمو، حيث أوضحت قيمة المعامل لهذا النموذج أن انخفاض بنسبة 0.598% في إجمالى دعم الطاقة کنسبة من الناتج قد يؤدى إلى زيادة معدل النمو الاقتصادي بحوالي 1%، إلا أنه ولتحقق ذلک يجب إعادة توجيه مخصصات هذا الدعم إلي زيادة رأس المال الاجتماعي والنشاطات الاقتصادية الأخرى، التي من شأنها رفع معدلات النمو ورفع رفاهية الفئات الأکثر فقراً.
  • Ø      أما من حيث النموذج الثالث فقد أوضح وجود علاقة موجبة بين إلغاء دعم الطاقة ومعدل التضخم، ففي حال نمو الدعم بحوالي 1% فإن معدل التضخم سينخفض بحوالي 2.467%، مما يؤکد على ظهور موجات تضخمية قصيرة الأجل مصاحبة لعملية إلغاء الدعم، و بما يتطلب معه وجود سياسات تعويضية لحماية الفئات المتضررة فمن المرجح أن خفض مخصصات الدعم ستؤدى على المدى الطويل إلي خفض معدلات التضخم من خلال إعادة تخصيص هذه المخصصات إلي نشاطات إنتاجية من شأنها زيادة المعروض السلعي وخفض الأسعار، وفيما يتعلق بالنموذج الأخير فقد أوضح وجود علاقة موجبة بين مخصصات دعم الطاقة وانبعاثات غاز ثاني أکسيد الکربون بما يضر بالاستدامة البيئية وبالتالي للحفاظ على البيئة لابد من اعتماد مصادر الطاقة النظيفة و المتجددة

وبالتالي فإن إصلاح منظومة دعم الطاقة في مصر هو ضرورة اقتصادية لما له من أثر إيجابي على الأداء الاقتصادي و الاستدامة الاقتصادية و البيئية، و إن کان لابد وأن يصاحبها اجراءات تعويضية للفئات الأکثر فقراً، والتي ستتضرر من هذه السياسات.

السياسات المقترحة و التوصيات:

وفقاً لما سبق، يمکن الوصول إلي التوصيات التالية:

1     يجب على الدولة إعادة توزيع مخصصات الدعم لصالح الأنشطة الإنتاجية، والتي من شأنها رفع الإيرادات العامة للدولة.

2     تُعد الفئات الفقيرة والأکثر فقراً هي الفئات الأکثر تضرراً من سياسات اصلاح الدعم، سواء بصورة مباشرة من خلال رفع تکاليف الانتقالات، أو بصورة غير مباشرة من خلال ارتفاع معدلات التضخم وأسعار السلع الأساسية، لذا لابد من انشاء شبکة ضمان اجتماعي لحماية هذه الفئات في الأجل القصير من هذه الأثار السلبية، ولضمان عدم تدهور أحوالهم المعيشية، أو زيادة معدلات الفقر.

3     ينبغي على الدولة توجيه مخصصات الدعم للقطاعات التي تضمن رفع رفاهية المواطنين، خاصةً الفئات الفقيرة و المهمشة، وذلک من خلال الترکيز على البنية التحتية والتعليم والصحة، بما يضمن رفع الانتاجية، وبالتالي إحداث النمو الاقتصادي في الآجل الطويل.

4     يجب العمل على زيادة المعروض السلعي، للحد من الأثر التضخمي لسياسات إلغاء الدعم.

5     ينبغي على الحکومة المصرية أن توفر سياسات أکثر بيئية لتحقيق التنمية المستدامة عن طريق تخفيض دعم الوقود الأحفوري، وتحويلها إلي دعم لمصادر الطاقة المتجددة.

6     يجب على الحکومة المصرية زيادة الحوافز لتطوير الابتکارات التکنولوجية لزيادة استخدام الطاقة المتجددة، إلي جانب إتباع الدولة لسياسات تحد من استخدام الطاقة الأحفورية، وذلک للحد من الانبعاثات الضارة بالبيئة.

7     العمل على زيادة مصادر الطاقة غير المتجددة لخفض أسعارها دون اللجوء إلى سياسات دعم الطاقة، وذلک من خلال الترکيز على النقاط التالية:

  • §   تکثيف أنشطة البحث عن الزيت الخام وتشجيع الاستثمارات الخارجية وتفعيل دور القطاع الخاص وزيادة مشارکتهما في أعمال الاستکشاف والتنمية والإنتاج.
  • §   التوسع في استخدام التقنيات الحديثة في مجال تکرير البترول لتحويله الي منتجات بترولية وبتروکيماوية يمکن تصديرها والاستفادة منها في تعظيم القيمة المضافة للاقتصاد المصري.
  • §   التوسع في استخدام الغاز الطبيعي وتعظيم القيمة المضافة له والعمل على جذب الاستثمارات العالمية في مجالات البحث والاستکشاف والتنمية والاستمرار في تطبيق أحدث التکنولوجيا العالمية في مجال الحفر بالمياه العميقة.
  • §   وضع استراتيجية تعطي أولوية لتلبية احتياجات السوق المحلية ومشروعات التنمية من الغاز الطبيعي.
  • §   إعادة النظر في استراتيجية تصدير الغاز الطبيعي مع الأخذ في الاعتبار الارتفاع المتوقع عالمياً في سعر الغاز الطبيعي جراء توظيفه کمادة أولية لتوليد الطاقة باستخدام خلايا الوقود الهيدروجينية.
  • §   ادخار الاحتياطيات القليلة المتبقية من النفط لاستخدامها في أغراض تصنيع منتجات صناعية عالية القيمة المضافة من البتروکيماويات بدلاً من استخدامها کوقود.   

ويوصى الباحث باستکمال البحث في مجالات الطاقة المتجددة وکيفية الاستفادة منها لخفض استهلاک الطاقة الأحفورية في مصر

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

هوامش الدراسة
[1]- Lessons Drawn from Reforms of Energy Subsidies, World Economic Forum, 2013, p 2.
[2]- World Energy Outlook 2010, International Energy Agency, IEA, Paris, 2010, P570.
[3]-Bassam Fattouh, Laura El-Katiri, Energy Subsidies in the Arab World, United Nations Development Programme Regional Bureau for Arab States Arab Human Development Report , Research Paper Series, 2012, p11
-[4] إصلاح دعم الطاقة: الدروس المستفادة و الانعکاسات، صندوق النقد الدولي، يناير 2013، ص 6، 7.
5 -ibid, p11- 13.
[6] -Lessons Drawn from Reforms of Energy Subsidies, , op.cit, p 2.
[7]Lester, Richard K. “America’s Energy Innovation Problem (and How to Fix it)”, Energy Innovation Working Paper Series, 2009, p. 29
[8]-Lessons Drawn from Reforms of Energy Subsidies, op.cit., 2013, p 2.
-[9] وفقا للمعهد الدولي للتنمية المستدامة، فإن إصلاح منظومة دعم الوقود سيؤدي إلى زيادات إجمالية في الناتج المحلي الإجمالي في کل من منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي والبلدان غير التابعة لمنظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي بنسبة تصل إلى 0.7 ٪ سنويا حتى عام 2050.
[10] -Bassam Fattouh, Laura El-Katir, , op.cit, p16-18.
[11]- وإن کان هذا الأثر قد لا يتحقق نتيجة زيادة استخدم مصادر الطاقة، و الناتج عن التقدم الاقتصادي و التکنولوجي، وبالتالي زيادة الطلب على مصادر الطاقة بدلاً من الحد منه، وذلک فيما يعرف باسم أثر طفرة الطاقة Energy rebound  effect.
[12]- Ke Li, the impact of removing energy subsidies on economic-wide rebound effects in China: an input output analysis, energy policy, November 2016, p63
[13] - Lessons Drawn from Reforms of Energy Subsidies, , op.cit, 2013, p 5.
[14]-Ke Li, op.cit,, p63
[15] -Tara Laan, Christopher Beaton, and Bertille Presta, Strategies for Reforming Fossil-Fuel Subsidies: Practical lessons from Ghana, France and Senegal, GSI, IISD, April 2010, p 11-13.
[16] - Lessons Drawn from Reforms of Energy Subsidies, , op.cit, 2013, p 5.
[17]- Bassam Fattouh, Laura El-Katiri, , op.cit, p48.
[18]- ibid, p 51-53.
[19]- http://www.brookings.edu/research/opinions/2012/01/10-fuel-subsidies-nigeria-songwe
[20]-The scope of fossil-fuel subsidies in 2009 and a roadmap for phasing out fossil-fuel subsidies, IEA, OECD, and World Bank Joint Report, 11-12 November 2010,  p 22. 
[21] - Lessons Drawn from Reforms of Energy Subsidies, , op.cit, 2013, p 1.
[22]-  Bassam Fattouh, Laura El-Katir, , op.cit, p46.
[23]- ibid, p44-50.
[24]-Iman Al-Ayouty, Nadine Abd El-Raouf, Energy Security in Egypt, the Egyptian center for economic studies, Economic Literature Review, Review No. 1, June 2015, P2.    
[25]مني عبد القادر محمود، آفاق الطاقة في مصر، بنک الاستثمار القومي، قطاع الاستثمار والموارد، الدعم الفني للاستثمار، تقارير قطاعية، العدد السابع،   المجلد الثاني،ديسمبر 2017، ص ص 14- 16                                                            
[26]- التقرير المالي الشهري، وزارة المالية، جمهورية مصر العربية، مجلد 13، عدد 6، أبريل 2018، ص ح
[27]مني عبد القادر محمود، مرجع سبق ذکره، ص ص 10- 16                                                               
[28] - Iman Al-Ayouty, Nadine Abd El-Raouf, , op.cit, P5.
[29]-Gabriela Mundaca, Energy subsidies, public investment and endogenous growth, The World Bank, Washington D.C., United States, 2017, P694.
[30]-Erika Sulistiowati, The Impact of Fossil Fuel Subsidies on Growth, Master of arts in Development studies, The Hague, The Netherlands, August 2015, P20.
[31] -الحساب الختامي للموازنة العامة للدولة، أعداد متفرقة.
[32]-مني عبد القادر محمود، مرجع سبق ذکره، ص ص 16                                                               
[33]-Iman Al-Ayouty, Nadine Abd El-Raouf, , op.cit, P5-7.
[34] - Iman Al-Ayouty, Nadine Abd El-Raouf, , op.cit,, P7-9.
[35]- Erika Sulistiowati, op. cit., P1
[36]-Gabriela Mundac, Energy Subsidies, op. cit., p1-3.
[37]- ibid, P693
[38]- Erika Sulistiowati, op. cit., P19-3,4- 25.
[39]  Bassam Fattouh, Laura El-Katir, op. cit., p42,43.
[40] -Hadi Sasana, Achma Hendra Setiawan, Fitri Ariyanti, Imam Ghozali, The Effect of Energy Subsidy on the Environmental Quality in Indonesia, International Journal of Energy Economics and Policy, ISSN: 2146-4553, 2017, P245-247.
-[41]مني عبد القادر محمود، مرجع سبق ذکره، ص 21                                                              
-[42]المرجع السابق، ص 21