العلاقة بين معدلات التضخم ومعدل النموالاقتصادي– بالتطبيق على الحالة المصريةخلال الفترة 1961 -2018

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

مدرس بقسم الاقتصاد، کلية الإدارة والاقتصاد ونظم المعلومات، جامعة مصر للعلوم والتکنولوجيا.

المستخلص

تناول البحث أحد الموضوعات الهامة فى النمو والتنمية الاقتصادية ومدى إنعکاس ظاهرة التضخم
على الأداء الاقتصادى ومعدلات النمو الاقتصادى، حيث تمثلت إشکالية الد ا رسة فى التعرف على طبيعة
- العلاقة بين معدلات التضخم ومعدل النمو الاقتصادى وإتجاهاتها فى مصر خلال الفترة ) 1691
8112 (، وقد تم تقسيم الد ا رسة إلى أربعة مباحث بدأت بالإطار النظرى وبعض الأدبيات التى تناولت
العلاقة بين التضخم والنمو الاقتصادى ثم تلاه المبحث الثانى لتحليل هذه العلاقة فى مصر خلال الفترة
محل الدراسة، ثم فى المبحث الثالث تم تصميم وعرض نموذج قياسى لتقدير أثر التضخم على معدل
النمو الاقتصادى، ثم فى المبحث الأخير تم عرض لنتائج الد ا رسة والتوصيات.
وقد تم استخدام کل من الأسلوب الإستنباطى فى عرض الإطار النظرى لظاهرة التضخم وآثاره الإقتصادية
على النمو الاقتصادى، والأسلوب الإستق ا رئى )التحليل الکمى القياسى( من خلال إختيار النموذج
القياسى المناسب لاختبار صحة الفروض البحثية.
وقد توصلت الد ا رسة من واقع النموذج القياسى المستخدم إلى عدد من النتائج الهامة من بينها وجود
علاقة سببية فى إتجاه واحد بين معدلات التضخم ومعدل النمو الإقتصادى، وکذلک عدم وجود تأثير
معنوى للصادرات والواردات السلعية والخدمية على معدل النمو الاقتصادى، فضلا ا عن وجود تأثير سلبى
لمعدلات التضخم على معدلات النمو الاقتصادى فى مصر خلال الفترة محل الدراسة، وبناء على هذه
النتائج فقد خ لصت الد ا رسة إلى عدد من التوصيات من بينها ضرورة العمل على تقليل الإنفاق الحکومى
الاستهلاکى عند تجاوز معدلات التضخم المستويات الآمنة وکذلک ضرورة الإهتمام برفع معدلات الاستثمار
لوجود علاقة طردية بين الاستثمار وزيادة المعروض من السلع والخدمات، فضلا ا عن ضرورة توجيه
الإئتمان الممنوح للقطاع الخاص للقطاعات والأنشطة ذات العائد الاجتماعى والاقتصادى المرتفع من
منظور التنمية المستدامة فى الأجل الطويل.

نقاط رئيسية

              تعد ظاهرة التضخم من المشاکل الاقتصادية الهامة التي تُعاني منها الدول النامية والمتقدمة على حد سواء، غير أن أسباب و آثار هذه الظاهرة تختلف بين الدول، مما يترتب عليه اختلاف الآثار الاقتصادية والاجتماعيةالتي تفرزها الضغوط التضخمية على اقتصاديات تلک الدول.

الكلمات الرئيسية


 

 

 

 

 

 

                                                                             

العلاقة بين معدلات التضخم ومعدل النموالاقتصادي                                   بالتطبيق على الحالة المصرية                                                                 خلال الفترة (1961 – 2018)

 

 

بحث مقدم من الباحثة

د/ إيمان محمد عبد اللطيف مصطفى

2019

 

 

 

مقدمة:

              تعد ظاهرة التضخم من المشاکل الاقتصادية الهامة التي تُعاني منها الدول النامية والمتقدمة على حد سواء، غير أن أسباب و آثار هذه الظاهرة تختلف بين الدول، مما يترتب عليه اختلاف الآثار الاقتصادية والاجتماعيةالتي تفرزها الضغوط التضخمية على اقتصاديات تلک الدول.

 

مشکلة البحث:

لا يوجد اتفاق عام بين الاقتصاديين على  وجود تأثير مُحدّد للتضخم على النمو الاقتصادي، فيرى بعض الاقتصاديين أن التضخم يولد آثاراً إيجابية حيثيکون مُحفّزاً للنمو الاقتصادي من خلال زيادة التراکم الرأسمالي. وعلى الجانب الآخر، هناک من يرى أن التضخم يحدث تأثيراً سلبياً على الاقتصاد حيث يعمل على تراخي معدلات النمو الاقتصادي من خلال خفض کفاءة الاستثماروالميزة التنافسية للسلع الوطنية في الأسواق العالمية.

ومن هنا، تکمن إ شکالية الدراسة  في التعرف على  طبيعة العلاقة بين معدلات التضخم ومعدل النمو الاقتصادي واتجاهاتها في مصر خلال الفترة (1961 – 2018).

فروض الدراسة:

يرتکز البحث على الأسئلة البحثية الآتية  :-

  • هل يؤثر معدل التضخم في معدلات النمو الاقتصادي في مصر؟
  • هل توجد علاقة سببية في الاتجاهين بين معدلات التضخم والنمو الاقتصادي في الحالة المصرية؟

حدود البحث:

تمثلت حدود البحث فى الآتى :

-       الحدود الموضوعية : حيث يتمحور البحث حول دراسة العلاقة بين التضخم و النمو الإقتصادى فى مصر خلال الفترة الزمنية ( 1961- 2018 ) 0

-       الحدود المکانية : حيث يقتصر البحث على دراسة الحالة المصرية فقط0

-       الحدود الزمانية : حيث يُغطي البحث الفترة الزمنية المُمتدة من عام 1961 وحتى عام 2018. وقد عمدت الدراسة إلى إطالة الفترة لإتاحة أکبر قدر من البيانات.تسمح بتطبيق النموذج القياسي للحصول على نتائج سلمية ودقيقة.

منهج البحث:

أستخدم الباحث الاسلوب الاستنباطى بهدف استعراض الإطار النظري لظاهرة التضخم من حيث الآثارالاقتصادية الناتجة عن التضخم، وعلاقته بالنمو الاقتصادي، والآثار الإقتصادية للتمويل التضخمى ، فضلا عن إستعراضنظريات ونماذج النمو ومضمون العلاقة بين التضخم والنمو الاقتصادي0

 

کما أستخدم الأسلوب الاستقرائي، في تصميم نموذج قياسي مناسب لاختبار مدى صحة الفروض التي يرتکز عليها البحث، وذلک وفقاً للبيانات المتاحة عن معدلات التضخم،معدلات نمو الناتج المحلى الإجمالي الحقيقي، والمتغيرات الاقتصادية المستقلة الأخرى المؤثرة في تفسير النتائج، مثل تکوين رأس المال الثابت، والائتمان المحلى الخاص، والإنفاق الحکومي الاستهلاکي، والصادرات والواردات السلعية والخدمية، وذلک على امتداد الفترة محل الدراسة.

خطة البحث:

ينقسم البحث إلى أربعة مباحث، على النحو التالي:

 

المبحث الأول:الإطار النظري والدراسات التطبيقية للعلاقةبين التضخم والنمو الاقتصادي.

المبحث الثاني:العلاقة بين معدل التضخم ومعدل النمو الاقتصادي في مصر خلال الفترة " 1961 – 2018 ".

المبحث الثالث:النموذج القياسي لتقدير أثر  التضخم على معدل النمو الاقتصادي.

المبحث الرابع:النتائج والتوصيات.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المبحث الأول                                                                                         الإطار النظري والدراسات التطبيقية للعلاقة بين التضخم والنمو الاقتصادي

مقدمة

يُعرف التضخم بأنه الارتفاع المستمر والمتواصل في المستوى العام للأسعار، وإذا کان تزايد الأسعار النقدية يتم بمعدلات مرتفعة في المدى القصير، فيکون التضخم مُفرطاً أو جامحاً.أما إذا تحقق ارتفاع الأسعار على مدى فترة زمنية طويلة، فيُوصف التضخم بأنه مُتدرج أو زاحف. والتعريف المُبسط للتضخم مفاده أنه زيادة کمية النقود بمعدلات تفوق معدلات زيادة المعروض من السلع و الخدمات مما يؤدى إلى إنخفاض قيمة النقود  ، أو أنه الارتفاع المستمر في المستوى العام للأسعار في دولة ما والناجم عن فائض الطلب عما هو معروض من السلع والخدمات خلال فترة زمنية معينة[1].

أولاً: الآثار الاقتصادية الناتجة عن التضخم:

يؤدي التضخم الاقتصادي إلى ظهور عديدٍ من الآثار التى تؤثر المؤثرة بشکلٍ سلبيّ على الاقتصاد، ومنها:

1-  التأثير على التوزيع الخاص بالدخل الحقيقي: وهو إجمالي کميات السلع و الخدمات التي يحصل عليها الأفراد بالاعتماد على الدخل النقديّ الخاص بهم، ويظهر تأثير التضخم على الدخل الحقيقيّ وفقاً للحالات الآتية:

أ‌-       ثبات الدخل النقديّ مع ارتفاع الأسعار بشکل مستمر، ممّا يؤدي إلى تراجع مستمر في الدخل الحقيقى 0

ب‌-  زيادة الدخل النقديّ بنسبة أقلّ من الزيادة بالأسعار، ممّا ينجم عنه تناقص الدخل الحقيقيّ ) مثلا زيادة الدخل النقدى بنسبة 6% صاحبها زيادة فى المستوى العام للأسعار بنسبة 10%0

ت‌-  زيادة الدخل النقديّ بنسبة متساوية مع زيادة الأسعار، ممّا ينتج عنه ثبات الدخل الحقيقي.

ث‌-  زيادة الدخل النقديّ بنسبة أکبر من الزيادة بالأسعار، ممّا يٌسفر عنه زيادة الدخل الحقيقيّ.

2-    تأثُّر القوة الشرائيّة الخاصة بالنقود: هو فقدان النقود لقدر من القوة الشرائيّة الخاصة بها، والناتجة عن الزيادة المستمرّة في الأسعار، ممّا يؤدّي إلى ضعف الثقة الخاصة بالعملة الوطنيّة، ويشجع ذلک الأفراد على شراء المنتجات، والعملات الأجنبيّة، والعقارات.

3-    التأثير سلباً على ميزان المدفوعات: نتيجةً لزيادة مُعدّلات التضخم تتراجع القدرة التنافسية للسلع الوطنية  في الأسواق العالمية، ممّا ينتج عنه تراجعاً في حجم الصادرات، وزيادة الطلب على المنتجات المستوردة ذات الأسعار المنخفضة نسبيا مقارنة بالمنتجات المحليّة البديلة.

4-    تأثر توزيع الثروة: هو إعادة توزيع الثروات الخاصة بالمجتمع بشکل عشوائيّ خلال فترة حدوث التضخم، فيبيع الأفراد ثرواتهم الحقيقيّة کالعقارات نتيجةً للزيادة المستمرة في الأسعار، من أجل المحافظة على مستواهم الاستهلاکيّ الذي اعتادوا عليه، أمّا الأفراد الذين يمتلکون ثروات ماليّة فيفقدون جزءاً من قيمتها الحقيقيّة، بسبب ارتفاع الأسعار وانخفاض القوة الشرائيّة للدخل.

ثانيا: الآثار الإقتصادية للتمويل التضخمى أو التمويل بالعجز:

      حيث قد تعترض التنمية الإقتصادية بعض المشاکل التى تؤدى إلى تراجع مستوياتها ، ومن بين هذه المشاکل قصور الموارد المالية اللازمة لإحداث التنمية ، وقد تضطر الدولة إلى اللجوء إلى مصادر أخرى لتوفير هذه الموارد المالية و التى من بينها " التمويل التضخمى أو التمويل بالعجز " فتقوم بزيادة وسائل الدفع و الإئتمان ،حيث يعرف التمويل بالعجز بأنه وسيلة لتحويل الموارد من الإستهلاک الجارى إلى التکوين الرأسمالى و ذلک عن طريق خلق النقود أو الإئتمان لسد الفجوة التى تظهر فى تمويل خطة التنمية الإقتصادية وفى ميزانية الحکومة ، ومن ثم فإن الشکليين الذين يمکن أن يستخدم فيهما التمويل التضخمى هما إصدار عملة جديدة و الإقتراض من الجهاز المصرفى و الهدف الأساسى منهما هو الإسراع بالتنمية الإقتصادية و النمو الإقتصادى فارضا تضحيات عاجلة من أجل رفاهية آجلة ، ولکن إمکانيات التمويل التضخمى محدودة فى الدول النامية نتيجة عدم مرونة الجهاز الإنتاجى فيها مما قد يلحق بها أضراراعديدة نتيجة الإتجاه إلى الإستثمار غير المنتج و المضاربات و الإتجاه نحو الإکتناز [2]0

وقد لا يساعد التضخم الناتج عن التمويل بالعجز فى هذه الحالة على إجتذاب رؤوس الأموال الأجنبية المستثمرة نظرا لتخوفها من إرتفاع تکاليف الإنتاج 0  

ولکن التمويل بالعجز لأغراض الإستثمار ومايسببه من التضخم قد يکون له آثارسلبية على النمو و التنمية وخاصة فى الدول النامية 0

وتتمثل أبرز الآثار الإقتصادية للتمويل التضخمى أو التمويل بالعجز و ما يولده بالضرورة من معدلات مرتفعة من التضخم فى الآتى[3] :

1-  إضعاف ثقة الأفراد فى العملة و إنخفاض الحافز على الإدخار 0

2-  إختلال ميزان المدفوعات ( عجز فى ميزان المدفوعات )0

3-  توجيه رؤوس الأموال إلى فروع النشاط الإقتصادى التى لا تفيد التنمية فى مراحلها الأولى 0

4-  خطورة الطبيعة التراکمية للتضخم ، فمتى تمکنت القوى التضخمية من النظام الإقتصادى فإنها تستشرى بصورة تراکمية ، ومن ثم يصبح  التضخم لصيقا بالإقتصاد وسمة من سماته 0

وتجدر الإشارة هنا إلى وجود آراء مختلفة فيما يتعلق بإستخدام التمويل التضخمى من أجل دفع النمو الإقتصادى ، حيث أن هذا النوع من التمويل يجعل الإستثمار يتجاوز حجم الإدخار المتاح وبالتالى يولد نوعا من التضخم من منطلق أن زيادة عرض النقد تؤدى إلى زيادة الإستثمار وذلک إستنادا إلى :

1-  أن إرتفاع الأسعار يؤدى فى قطاعات معينة إلى إرتفاع مستوى الأرباح 0

2-  أن التوسع السريع  فى الإئتمان المصرفى مع ثبات أسعار الفائدة الأسمية يجعل بعض المستثمرين يحصلون على قروض ذات فوائد حقيقية0

 

ثالثا: نظريات ونماذج النمو ومضمون العلاقة بين التضخم والنمو الاقتصادي:

تتعدد المدارس الفکرية التي تعرضت للعلاقة بين التضخم والنموالاقتصادي بدءاً من النظرية الکلاسيکية ثم النظرية النيوکلاسيکية، والنظرية الکينزية، ومروراً بنظرية کمية النقود، ثم نماذج النمو النابع من الداخل. وفيما يلي عرض مُختصر لهذه النظريات والنماذج ويتبعها استقراء لبعض الدراسات التطبيقية في ذات الخصوص.

1- النظرية الکلاسيکية

أعتبر الکلاسيک أن الادخار هو الذى يولدالاستثمار، ومن ثم النمو و توزيع الدخل، کما أنه يُحدّد أيضاً مدى سرعة أو تباطؤ النمو الاقتصادي لأى دولة ،وفي اعتقادهم أن انخفاض الأرباح ليس سبباً رئيسياًفي نقص التشغيل وإنما سبباً للمنافسة في سوق العمل، و من هنا يُمکن القول بأن النظرية الکلاسيکية لا تُقدم علاقة تفسيرية مباشرة بين التضخم والنموالاقتصادي.والافتراض الضمني هنا هو إمکانية وجود علاقة سالبة بين التضخم والنمو الاقتصادي من خلال زيادة تکلفة العمل فى حالة زيادة الأجور النقدية لتتمشى مع زيادة الأسعار ، أي أن المنافسة من جانب الرأسماليين في سوق العمل تؤدى إلى زيادة أجور العمال، ومن ثم ارتفاع تکلفة العمل، مما يؤدي بدوره إلى انخفاض مستويات أرباح الشرکات، ومن ثم مستوى تراکم رأس المال و الإنتاجية         والذى ينعکس سلباً على النمو الاقتصادي[4].

 

2- النظرية النيوکلاسيکية:

وفقاً لهذه النظرية، يتحقق النمو من خلال تراکم رأس المال، ولکن في ظل غياب عوامل خارجية، تظل عملية النمو مُقيدة، فالمُحرک الرئيسي للنمو في المدى الطويل هو التقدم الفني. أما في المدى القصير، فيظل الادخار وزيادة رأس المال العيني هما العاملان المؤثران في إحداث النمو الاقتصادي، ويتأثران بدورهما بعنصر التضخم[5].

 

  • Ø     ماندال( Mundell )

يعتبر " ماندال" أول من تطرّق إلى الآلية التي تجمع بين التضخم والنمو الاقتصادي. ووفقاً
 ل " ماندال" فإن زيادة معدلات التضخم أو التوقعات التضخمية تؤدى إلى انخفاض السيولة لدى الأفراد، مما يُعني تخفيض العائد المتوقع من السيولة النقدية، ومن ثم زيادة تراکم رأس المال لدى المؤسسات المالية وغير المالية، وبالتالي تشجيع الاستثمار وزيادة الإنتاج، أي أن الزيادة في معدلات التضخم يمکن أن تؤدى إلى زيادة نمو الناتج. وعليه، فإن زيادة سعر الفائدة الأسمى الناجم عن التضخم يکون حافزاً على الاستثمار بدلاً من الاستهلاک مما يؤدى بالضرورة إلى زيادة تراکم رأس المال المُحفز للنمو الاقتصادي[6].

 

  • Ø     توبن( Tobin)

قام " توبن " بتفسير العلاقة بين التضخم والنمو الاقتصادي مُعتمداًفي ذلک على إحدى خصائص أو وظائف النقود، کمخزن للقيمة. ويُشير "توبن" إلى أن الأفراد قد يلجأون إلى الاحتفاظ بجزء من سيولتهم النقدية کأرصدة وقائية حتى وإن کان إنفاقها يُحقق عائداً مرتفعاً،
ويرى "توبن" أن معدل التضخم المرتفع يؤدى إلى زيادة مستمرة في مستوى الإنتاج، إلا أن هذا التأثير يکون مؤقتاً، حيث يؤدى التضخم إلى زيادة تراکم رأس المال والنمو الاقتصادي لحين انخفاض العائد من رأس المال بعد ذلک، ويؤکد " توبن " على أن کلا من قرارات الإدخار و الإستثمار يمکن أن تکون منفصلة و مستقلة عن بعضها البعض ، کما يرى" توبن " أن النقود تحدد کمية رأس المال و إنتاجيته الحدية 0

وخلاصة رأي "توبن" أن التضخم يکون سبباًلاستبدال الأفراد النقود في شکل سيولة إلى أصول مالية مُدرّة للفوائد، الأمر الذي يؤدى إلى زيادة مخزون رأس المال وتعزيز النمو الاقتصادي، أي أن التضخم يمارس تأثيراً موجباً في النمو الاقتصادي.

  • Ø     ستوکمان (Stockman)

تعتبر النقود في نموذج ( ستوکمان ) مُکمّلة لرأس المال، أي أنها جزء من رأس المال، حيث يرى أن الشرکات و المؤسسات تخصص جزءاً من سيولتها النقدية في تمويل مشاريعهاالاستثمارية، حيث يعتقد ( ستوکمان ) أن ظاهرة التضخم تؤدى إلى تآکل الأرصدة النقدية لدى الأفراد مما يدفعهم إلى الاحتفاظ بمشترياتهم من السلع ورأس المال عند ارتفاع معدلات التضخم، مما ينعکس على معدلات الإنتاج بالانخفاض، أي أن التضخم وفقا " لستوکمان " له تأثير سلبى على الإنتاج، وبالتالي على النمو الاقتصادي[7].

 

3- النظرية الکينزية:

يعتمد النموذج الکينزى في تفسير العلاقة بين التضخم والنمو الاقتصادي على کل من منحنى الطلب الکلى ومنحنى العرض الکلى. ووفقاً لهذا النموذج، فإنه في المدى القصير، يکون منحنى العرض الکلى عبارة عن خط أفقي، والتغيير في جانب الطلب في الاقتصاد يؤثر فقط على الأسعار، ولکن إذا کان هذا المنحنى الأخير مائلاً، فإن التغير في الطلب الکلى يؤثر على کل من الأسعار والإنتاج، وهذا ينطبق مع حقيقة أن العديد من العوامل تدفع معدل التضخم ومستوى الإنتاج في المدى القصير. وتشمل هذه العوامل التوقعات، القوى العاملة، أسعار عوامل الإنتاج الأخرى، والسياسة المالية والنقدية. وبما أن الأسعار والأجور تتسم بالجمود، فهي تستغرق من الوقت حتى يصل الاقتصاد إلى حالة التوازن. ونتيجة لهذا السبب، لا توجد علاقة مرئية واضحة بين التضخم والنمو الاقتصادي في المدى القصير(وهي التي تمثل الحالة المستقرة)، وبالانتقال من المدى القصير إلى المدى الطويل، فإن العوامل سالفة الذکر يکون لها مايُعرف بالصدمة Shock على الحالة المُستقرة للاقتصاد، ومن ثم، فإن العلاقة بين التضخم والنمو الاقتصادي هي علاقة موجبة في بداية الأجل الطويل ولکن في آخر المسار، تتحّول تلک العلاقة وتصبح سالبة[8].

 

4- نماذج النمو النابع من الداخل:

تُشير نماذج النموالنابع من الداخل إلى أن معدل النمو الاقتصادي يعتمد على کلا من  رأس المال البشرى و رأس المال المادي. وکما هو الوضع في النظرية الکلاسيکية، فإن هذه النظرية لا تناقش بشکل مباشر العلاقة بين التضخم والنمو الاقتصادي، إلا أن العلاقة الضمنية مابين المتغيرين تظهر من خلال عنصر رأس المال، حيث أن التضخم يُسبب انخفاضاًفي معدل العائد من رأس المال، وبالتالي يؤثر سلباً على معدل النمو الاقتصادي، حيث أن معدل التضخم يُخفّض من نسبة الربحية على الودائع إلى مستويات أقل. ونتيجة لذلک، يقل الحافز على الادخار، مما يؤدي بدوره إلى انخفاض معدل الاستثمار وبالتالي مستوى الإنتاج[9].

 

5-  نظرية کمية النقود (نظرية فريدمان):

وفقاً لهذه النظرية، فإن عرض النقود هو العامل الوحيد المحّدد لمستويات الأسعار، ويرى " فريدمان " أن ظاهرة التضخم ترجع بصفة أساسية إلى ارتفاع معدل المعروض النقدي بشکل أسرع من معدل نمو الدخل المحلى، لکن تأثير العرض النقدي يختلف في المدى القصير عنه في المدى الطويل.ففي المدى القصير، تؤثر زيادة العرض النقدي على المتغيرات الحقيقية في الاقتصاد(البطالة،الدخل الحقيقي،المستوى العام للأسعار.....وغيرها من المتغيرات الحقيقية). أما في المدى الطويل، فإن التغيير في العرض النقدي يکون أثره في المقام الأول على المستوى العام للأسعار وعلى المتغيرات الأسمية الأخرى وليس على الحقيقية، مثل الناتج الحقيقي والتوظيف، وهذا يعنى وجود علاقة موجبة بين التضخم والنمو الاقتصادي في المدى القصير، حيث يصاحبها انخفاضفي معدلات البطالة وارتفاع في تکلفة الإنتاج إلى أن تعود البطالة إلى معدلها الطبيعي في الأجل الطويل، وبالتالي تختفى العلاقة بين التضخم والنمو الاقتصادي[10].

خلاصة العرض السابق:

يُمثل التضخم أحد العوامل الرئيسية التي تتحکم في معدل العائد على رأس المال والاستثمار بحيث أن التضخم المتوقع قد يقلل من معدل العائد على رأس المال مما يُقوّض من ثقة المستثمرين حول المسار المستقبلي للسياسة النقدية، کما أن التضخم يؤثر کذلک في تراکم المُحدّدات الأخرى للنمو الاقتصادي في صورة رأس المال البشرى والاستثمارفي مجال البحث والتطوير، وتُعرف هذه التأثيرات بمصطلح "تأثير التراکم أوالاستثمار" للتضخم على النمو الاقتصادي.

ويؤدى التضخم في المدى الطويل إلى الحد من إنتاجية مختلف العوامل، وهذه القناة يُطلق عليها " قناة الکفاءة ".

ويؤدي المستوى المرتفع من التضخم إلى تغيرات مُتکرّرة في الأسعار وبالتالى زيادة التکاليف ويُقلّل من المستوى الأمثل لحيازة السيولة لدى الأفراد والمستهلکين، کما أن التضخم يولد أخطاء في عملية التنبؤ بسبب التشوه أو الغموض الذي يُحيط بالمعلومات مما يؤثر على  کفاءة تخصيص الموارد[11].

 

بعض الدراسات التطبيقية:

1- بن على حکيمة: "أثر التضخم على النمو الاقتصادي في الجزائر: دراسة قياسية للفترة (1990 – 2012)".

هدفت هذه الدراسة إلي بيان أثر التضخم على النمو الاقتصادي في الجزائر خلال الفترة (1990 – 2012) وذلک باستخدام مصفوفة الارتباط ونماذج الانحدار المتعدد. وقد خلُصت الدراسة إلى وجود تأثير سلبي للتضخم على النمو الاقتصادي في الجزائر خلال فترة الدراسة.

 

2-  محمد عبد الکريم المرعى، عماد الدين أحمد المصبح، 2013: تأثير التضخم في النمو الاقتصادي في المملکة العربية السعودية: دراسة تطبيقية باستخدام أسلوب GARCH.

هدفت هذه الدراسة لاختبار العلاقة بين التضخم والنمو الاقتصادي في المملکة العربية السعودية، وعمدت إلى تقدير معدل التضخم الحدي الذى يتغير عنده اتجاه تأثير التضخم في مؤشر النمو الاقتصادي، مع التمييز بين القيم المتوقعة والقيم المسجلة لکل منها، کما لجأت الدراسة إلي التمييز بين تطور نصيب الفرد من الناتج المحلى الإجمالي الحقيقي والنمو في نصيب الفرد من الناتج المحلى الإجمالي غير النفطي الحقيقي، واستخدمت الدراسة أسلوب GARCHفي رصد تأثير التضخم في النمو الاقتصادي خلال الفترة (1974-2010). ولقد اشتمل النموذج المستخدم على مجموعة مُتغّيرات تمثلت في معدلات التضخم، معدل نمو الناتج المحلى الإجمالي الحقيقي، معدل نمو عرض النقود بمعناه الواسع، مؤشر الإنتاج الصناعي للدول الصناعية، المؤشر العالمي لأسعار الصادرات، مؤشر درجة الانفتاح معبراً عنه بنسبة إجمالي الصادرات لأسعار الصادرات، مؤشر درجة الانفتاح معبراً عنه بنسبة إجمالي الصادرات والواردات إلى إجمالي الناتج المحلى، معدل نمو الأسعار الحقيقية للنفط، وسعر الصرف الإسمي الفعال للريال السعودي.

 

3- فواز جار الله، هيثم أکرم سعيد،2009: تأثير التضخم الرکودي على النمو الاقتصادي في الدول النامية.

هدفت هذه الدراسة إلى توضيح مسار التضخم في الدول النامية ومدى علاقة هذا المتغير بالنمو الاقتصادي، وقد استخدم الباحثان سلاسل زمنية لعينة من البلدان النامية في أمريکا اللاتينية، وخلُصت الدراسة إلى أن التضخم الرکودي " Stagflationوالذى يمثل أحد المشاکل التي تواجه السياسات العامة، وهو يرجع عادة إلى انخفاض جانب العرض الکلي والذي بدوره يؤدي إلى ارتفاع المستوى العام للأسعار (التضخم) علاوة على انخفاض مستويات الإنتاج (زيادة مستويات البطالة)". في بدايته کان له تأثير إيجابي على النمو الاقتصادي في بلدان عينة الدراسة إلا أن هذا التأثير کان بمعدلات متناقصة.

 

4-  مصطفي وائل مصطفي أبو رمضان، 2016: العلاقة بين التضخم والنمو الاقتصادي في فلسطين.

عنيت هذه الدراسة بتحليل ظاهرة التضخم في الاقتصادالفلسطيني وفحص إمکانية وجود معدلات تضخم معينة تتغير بعدها العلاقة بين التضخم والنمو الاقتصاديوالتي تُعرف بعتبة التضخم، حيث يصبح للتضخم آثارا سلبية إضافية على النمو الاقتصادي. وقد اعتمد الباحث على بيانات التضخم والنمو الاقتصادي لکل من قطاع غزة والضفة الغربية والأراضي الفلسطينية ککل خلال الفترة (2000 – 2015). وباستخدام التحليل القياسي لنموذج تم تطويره بواسطة Khan&Senhadji عام 2000، وخلُصت الدراسة إلى عدم وجود عتبة تضخم في الاقتصاد الفلسطيني، حيث لم يتوصل الباحث لمعدلات معينة تتغير عندها العلاقة بين التضخم والنمو الاقتصادي.                                                                                                               5-  Qaiser                                               

 

 Munir; KasimMansur; and Funitaka; 2009                                                                 : أثر التضخم على النمو الإقتصادى : تجربة ماليزيا 0

هدفت  هذه الدراسة إلى إختبار العلاقة بين التضخم و النمو الإقتصادى فى ماليزيا عن الفترة الزمنية الممتدة من 1970 إلى 2005 ، وقد إشتمل النموذج الخطى المستخدم على المتغيرات : (معدل نمو الناتج المحلى الإجمالى الحقيقى – معدل التضخم – معدل نمو العرض النقدى کنسبة من الناتج المحلى الإجمالى – معدل نمو إجمالى رأس المال الثابت)0

وخلصت الدراسة إلى أن هناک تأثير سلبى للتضخم على النمو الإقتصادى ، و وجود تأثير موجب و معنوى إحصائيا بين معدل الناتج المحلى الإجمالى و معدل نمو العرض النقدى کنسبة من الناتج المحلى الإجمالى ، فضلا عن وجود علاقة أو تأثير إيجابى ومعنوى إحصائيا بين معدل نمو إجمالى رأس المال الثابت و النمو الإقتصادى ولکن يتحول هذا التأثير ليصبح غير معنويا إحصائيا عند المستويات المنخفضة من التضخم 0

                                                               

Majumder,2016-6   ;  Shapan Chandra    : التضخم وأثره علي النمو الاقتصادي في بنجلاديش.

رکز منهج الدراسة بشکل أساسي على استخدام اختبار "جرانجر" للسببية، وکذلک نموذج تصحيح الخطأ وغيرها من الأساليب الإحصائية للبحث في العلاقة بين التضخم والنمو الاقتصادي خلال الفترة (1975 – 2013)، وقد تم استخدام النمو الاقتصادي والذى يعبر عنه بالناتج المحلى الإجمالي کمتغير تابع في النموذج، بينما تم استخدام المتغيرات الثلاثة (معدل التضخم – عرض النقود – تحويلات العاملين) کمتغيرات مستقلة، وباستخدام الاختبارات الإحصائية خلُصت الدراسة إلى أن هناک علاقة موجبة طويلة الأجل بين معدل التضخم و النمو الاقتصادي.

1- :Thanablaslngam Vinayagthasan,2016-7التضخم والنمو الاقتصادي: تحليل ديناميکي للاقتصادات الآسيوية.

هدفت هذه الدراسة إلى البحث عن وجود مايُعرف بمستوى عتبة التضخم وکيفية تأثير هذا  المستوى على نمو الاقتصادات الآسيوية. وقد استخدمت الدراسة نموذج "الانحدار الديناميکي للبيانات المقطعية"، وتم بحث العلاقة بين التضخم والنمو الاقتصادي على عينة مکونة من 32 دولة آسيوية کان من بينها الهند والصين وکوريا وغيرها عن الفترة (1980- 2009)، وقد تمثلت متغيرات النموذج المستخدم في المتغيرات الآتية( معدل نمو نصيب الفرد من الناتج المحلى الإجمالي، الدخل المبدئي أو الأولى، معدل الاستثمار، معدل النمو السکاني، معدل التضخم، والصادرات والواردات کنسبة من الناتج المحلى الإجمالي، بالإضافة إلي ناتج قسمة قيمة الصادرات على قيمة الواردات، والانحراف المعياري لدرجة الانفتاح التجاري، والانحراف المعياري لشروط التبادل التجاري) ، وخلصت الدراسة إلى أنه قد يکون من الفائدة بمکان تدخل البنوک المرکزية بأدواتها المختلفة من أجل التحکم فى معدلات التضخم 0

 

8-هناء خير الدين، هالة سلطان أبو علي (2008): التضخم والنمو في مصر: هل يوجد حد معين للتأثير؟

تناولت هذه الدراسة العلاقة بين التضخم و النمو الإقتصادى فى مصر وذلک إستنادا إلى بيانات سنوية للربع قرن الماضى و تحديدا تقوم هذه الدراسة برصد التطورات خلال فترتين فرعيتين الأولى قبل عام 1990 ، و يرتبط فيها معدل النمو المرتفع و الأکثر تقلبا فى الناتج المحلى الإجمالى الحقيقى بإرتفاع معدل التضخم ، أما الفترة الثانية فتأتى بعد عام 1990/ 1991 ، ويرتبط فيها النمو المنخفض و الأقل تقلبا بإنخفاض ملموس فى معدل التضخم ، وقد أشتمل النموذج المستخدم في الدراسة على المتغيرات التالية (معدل التضخم – معدل نمو الناتج المحلى الإجمالي بالأسعار الثابتة   – تکوين رأس المال الثابت – الائتمان المحلى للقطاع الخاص – الصادرات والواردات من السلع والخدمات)،  وقد خلصت الدراسة إلى وقد خلُصت الدراسة إلى أن تأثير التضخم على نمو الناتج المحلى الإجمالي لايُعد مختلفاً بشکل معنوي في فترتي الدراسة،وباختبار الآثار غير الخطية للتضخم على النمو في مصر، ومع تثبيت کافة المتغيرات الأخرى المحددة للنمو الاقتصادي، کما خلُصت الدراسة بأن التضخم له تأثير سلبي على النمو عند بلوغه 15٪ فأکثر، غير أنه يلاحظ أن هذا الحد يتغير فى نطاق فترة ثقة عريضة ، ونظرا لإنخفاض التضخم يمکن أن يعود بأثار ضارة على النمو فى حين تنطوى توقعات التضخم المرتفع على خطر خروج معدل التضخم عن نطاق السيطرة مما يؤثر سلبا على النمو الإقتصادى ومن ثم خلصت الدراسة کذلک إلى ضرورة قيام البنک المرکزى بإستهداف معدل تضخم يتراوح بين 9% - 12%0

 

 

 

المبحث الثاني

تحليل العلاقة بين معدل التضخم ومعدل النمو الاقتصاديفي مصر                                       خلال الفترة " 1961 – 2018 "

تناول هذا المبحث من الدراسة تطور کل من معدل التضخم ومعدل نمو الناتج المحلى الإجمالي بالأسعار الثابتة في مصرعلى امتداد الفترة الزمنية (1961 – 2018).ونظراًلأهمية تلک الفترة على وجه التحديد لکونها فترة زمنية شهدت العديد من الأحداث، سوف يتم تقسيم الفترة الزمنية إلى فترتين زمنيتين، الأولى (1961 – 1997) وهي تلک الفترة التي شهدت أحداثاً کثيرة منها حرب1967، وحرب أکتوبر1973، وبداية تطبيق سياسات الإصلاح الاقتصادي1991. أما الفترة الثانية، فتمتد من عام 1998 وحتى عام 2018، وقد شهدت تواصل تطبيق سياسات الإصلاح الاقتصادي وبرنامج التکيّف الهيکلي.

أ‌-     الفترة (1961 –1997)

يوضح الشکل رقم (1) العلاقة بين معدل التضخم ومعدل نمو الناتج المحلى الإجمالي بالأسعار الثابتة في مصرخلال الفترة المذکورة:

شکل رقم (1)

العلاقة بين معدل التضخم ومعدل نمو الناتج المحلى الإجمالي بالأسعار الثابتة في مصر خلال الفترة (1961 – 1997)

المصدر:قاعدة بيانات البنک الدولي.

ويتضح من الشکل أنه في بداية تلک الفترة بلغ معدل التضخم ومعدل نمو الناتج المحلى الإجمالي بالأسعار الثابتة نحو 0.7٪، 5.2٪ على الترتيب، ثم أخذ معدل التضخم في الانخفاض عام 1962 ليصبح سالباً حيث بلغ نحو -3٪، وفي ذات الوقت أخذ معدل النمو في الانخفاض أيضا ليبلغ نحو 3.9٪. وفي عام 1965، بلغ معدل التضخم نحو 14.8٪، حيث کان هناک انخفاض واضح لمعدل النمو عن العام السابق مباشرة (4.9٪ مقابل 11.5٪)،  وفي عام 1968، حدث انخفاض حاد وواضح في کل من معدل التضخم ومعدل النمو ليتخذ کلاهما معدلاً سالباًحيث بلغ معدل التضخم نحو – 1.7٪ ونحو – 1.6٪ علي التوالي، ويُعد هذا أمراً منطقياً کرد فعل لأحداث حرب عام 1967، حيث انخفض کل من معدل التضخم و معدل النمو بشکل واضح ، إذ بلغ معدل التضخم و معدل النمو نحو 0.7، 0.8٪على الترتيب، ثم يلاحظ بعد ذلک اتجاه کلا المعدلين للتذبذب بين الانخفاض والارتفاع حيث يُلاحظ أنه في عام 1981، بلغ کل من معدل التضخم و معدل النمو نحو 10.3٪، 7.3٪ على الترتيب، بينما في العام التالي ارتفع المعدلان ليبلغا نحو 14.8٪ ، 9.9٪  على الترتيب، ولکن في عام 1983، أخذ معدل التضخم في الارتفاع ليبلغ نحو 16.1٪، بينما انخفض معدل النمو ليبلغ نحو 5.1٪، وفي نهاية تلک الفترة، انخفض معدل التضخم من 7.2٪ عام 1996 إلى 4.6٪ عام 1997، بينما ارتفع معدل النمو عام 1997 ليبلغ نحو 5.5٪ مقارنة بالمعدل في العام السابق والبالغ نحو 5٪.

ب‌- الفترة (1998 – 2018)

يوضح الشکل رقم (2) العلاقة بين معدل التضخم ومعدل نمو الناتج المحلى الإجمالي بالأسعار الثابتة في مصر خلال الفترة المذکورة.

 

 

 

 

 

 

 

شکل رقم (2)

 العلاقة بين معدل التضخم ومعدل نمو الناتج المحلى الإجمالي بالأسعار الثابتة في مصر خلال الفترة (1998 – 2018)                                                           

 

المصدر: قاعدة بيانات البنک الدولي.

ويتضح من الشکل أنه خلال هذه الفترة، اتخذ معدل التضخم اتجاهاً عاماً  نحو الانخفاض ليبلغ عام 1998 نحو 3.9٪، بينما بلغ عام 2001 نحو 2.3٪ فقط، في حين اتخذ معدل النمو عن ذات الفترة اتجاها نحو الارتفاع ليبلغ عام 1998 نحو 5.6٪، وعام 2000 نحو 6.4٪، ثم شهدانخفاضاً في عام 2001 ليسجل نحو 3.5٪ فقط، ويلاحظ أيضا أن کلً من معدل التضخم ومعدل النمو بلغ عام 2010 نحو 11.3٪، 5.1٪ على الترتيب، بينما في عام 2011، انخفض کل منهما لنحو10.1٪،1.8٪على الترتيب، ثم اتخذ معدل التضخم خلال الفترة
(2013 –2017) اتجاهاً واضحاً ومستمراً نحو الارتفاع (9.4٪) عام 2013 ونحو 29.5٪ عام 2017، وکذلک اتخذ معدل النمو خلال ذات الفترة اتجاها نحو الارتفاع من نحو 2.2٪ عام 2013 إلي 4.2٪ عام 2017، وأخيراً يُلاحظ أنه في عام 2018انخفض معدل التضخم بشکل واضح ليبلغ نحو 14.1٪، بينما ارتفع في المقابل معدل النمو ليبلغ نحو 5.3٪ويرجع ذلک إلى زيادة العرض الکلى من السلع والخدمات بالقدر الکافى لإحتواء الزيادة فى الطلب الکلى ومن ثم إنخفاض المستوى العام للأسعار 0

 

 

 

المبحث الثالث                                                                                              النموذج القياسي لتقدير أثر  التضخم على معدل  النمو الاقتصادي

النموذج المستخدم والبيانات:

يهدف هذا المبحث إلى تقدير أثر معدلات التضخم على معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي في مصر خلال الفترة من 1961 إلى 2018. وقد استخدم الباحث اختبار يوهانسن للتکامل المتناظر Johansen Cointegration Test ونموذج متجه تصحيح الخطأ Vector Error Correction Model  لدراسة العلاقة طويلة وقصيرة الأجل بين متغيرات النموذج. ويوضح الجدول رقم (1) المتغيرات المُتضمنة بالنموذج القياسي والرموز المستخدمة وکيفية قياسها.

جدول رقم (1) المتغيرات التي تم استخدامها في النموذج القياسي

اسم المتغير

رمز المتغير

وصف المتغير وکيفية قياسه

معدل النمو الاقتصادي

GDP_GRTH

معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة (سنةالأساس2010).

معدل التضخم

INF

التغير السنوي لأسعار المستهلکين.

الإنفاق الحکومي الاستهلاکي

GOV_EXP

الإنفاق الاستهلاکي للحکومة العامة (يشمل إنفاق الحکومة على شراء السلع والخدمات).

تکوين رأس المال الثابت

CAPITAL_FORMATION_GDP

الاستثمار الثابت الإجمالي المحلي کنسبة من الناتج المحلي الإجمالي.

الإئتمان المحلى للقطاع الخاص

DOMEST_CREDT|_GDP

المصادر التمويلية التي تُقدم إلى القطاع الخاص، مثل القروض وشراء الأوراق المالية وغيرها.

الصادرات من السلع والخدمات

EXP_GDP

قيمة الصادرات من السلع والخدمات التي يتم إرسالها إلى الدول الأخرى، کنسبة من الناتج المحلي الإجمالي.

الواردات من السلع والخدمات

IMP_GDP

قيمة الواردات من السلع والخدمات التي يتم الحصول عليها من الدول الأخرى، کنسبة من الناتج المحلي الإجمالي.

       

المصدر: قاعدة بيانات البنک الدولي للفترة ( 1961 – 2018 )

 

  • ·        اختبارات النموذج القياسي:
  • Ø     أولاً: اختبارات جذر الوحدة

تحليل جذر الوحدة للتعرف على سکون المتغيرات السبعة المذکورة في الجدول السابق بالاستعانة بأحد أشهر الأساليب المستخدمة في هذا المجال، وهو اختبار ديکي – فولر الموسع (Augmented Dickey – Fuller).ويتم اختبار سکون المتغيرات من خلال تقدير نموذج الانحدار التالي:

 

حيث يمثل  الفرق الأول للمتغير محل الدراسة ( )، و تمثل عدد فترات الإبطاء والتي سيتم تحديدها آلياً بواسطة حزمة Eviews 10 استناداً إلى معيار Akaike Info Criterion. أما بالنسبة ل ، فهو يمثل المتغيرات الخارجية الاختيارية الممکن إدخالها والتي من الممکن أن تحتوي على إما حد ثابت فقط، حد ثابت واتجاه معاً، أو لا تحتوي على أى  حد ثابت أو اتجاه على النحو التالي:

-     المعادلة باستخدام حد ثابت فقط:

-     المعادلة باستخدام حد ثابت واتجاه معاً:

-     المعادلة بدون استخدام حد ثابت أو اتجاه:

ويتمثل اختبار الفرض العدمي في ( ، أي أن السلسلة بها جذر وحدة وبالتالي غير ساکنة في حالة قبول الفرض العدمي مقابل الفرض البديل متمثلاً في .

ويوضح الجدول رقم (2) أنه عند دراسة سکون المتغيرات باستخدام واحد أو أکثر من المتغيرات الخارجية الثلاث السابقة، فإن جميع المتغيرات غير ساکنة عند المستوى، وذلک باستخدام مستوى معنوية 5٪.

 

 

 

جدول رقم (2)

 نتائج اختبار ADF عند المستوى

المتغير

إحصاء t

القيمة الحرجة عند 5%

المتغير الخارجي

GDP_GRTH

-1.542

-1.946

بلا حد ثابت أو اتجاه

INF

-2.355

-3.506

حد ثابت واتجاه

GOV_EXP

0.805

-3.508

بلا حد ثابت أو اتجاه

CAPITAL_FORMATION_GDP

-1.385

-3.174

حد ثابت واتجاه

DOMEST_CREDT|_GDP

-1.425

-3.493

حد ثابت واتجاه

EXP_GDP

-0.048

-1.947

حد ثابت واتجاه

IMP_GDP

-2.765

-3.492

حد ثابت واتجاه

      المصدر: نتائج برنامج EViews.

ولقد تم أخذ الفروق الأولى لجميع المتغيرات بالنموذج، وإعادة اختبار ADF مرة أخرى، وتم التوصل إلى سکون کافة المتغيرات، وذلک عند مستوى معنوية 5٪؛ کما هو موضح في الجدول رقم (3).

جدول رقم (3)

 نتائج اختبار ADF بعد أخذ الفروق الأولى

المتغير

إحصاء t

القيمة الحرجة عند 5%

المتغير الخارجي

GDP_GRTH

-6.498

-1.946

بلا حد ثابت أو اتجاه

INF

-1.771

-1.612*

حد ثابت واتجاه

GOV_EXP

-4.511

-1.947

بلا حد ثابت أو اتجاه

CAPITAL_FORMATION_GDP

-8.883

-3.492

حد ثابت واتجاه

DOMEST_CREDT|_GDP

-3.305

-3.175*

حد ثابت واتجاه

EXP_GDP

-4.567

-3.504

حد ثابت واتجاه

IMP_GDP

-6.611

-3.174

حد ثابت واتجاه

المصدر: نتائج برنامج EViews.

     *القيمة الحرجة عند مستوى معنوية 10٪.

 

 

 

  • Ø     ثانياً: اختيار فترات الإبطاء

نظراً لاستخدام بيانات سنوية، تم تحديد فترات الابطاء ابتداءً بعدد فترات 4وفقاً لما اتبعته معظم الأدبيات للبيانات السنوية، نجد أن معيارAkaike Info Criterion  حدد فترة الإبطاء 4، في حين وفقاً لمعيارشوارز للمعلومات(SC) Schwarz Info Criterion کانت فترة الإبطاء هي فترة واحدة. وسوف يتم الاعتماد في هذه الدراسة على معيار SC عند إجراء نموذج تصحيح الخطأ، أي اختيار فترة إبطاء واحدة.

  • Ø     ثالثاً: اختبار يوهانسن للتکامل المتناظر Johansen Cointegration Test

يوضح اختبار يوهانسن ما إذا کان هناک متجهات التکامل المشترک بين المتغيرات محل الدراسة. ويوضح هذا الاختبار أيضاً نوع النموذج الأنسب للبيانات المستخدمة، فإذا کان هناک متجهات للتکامل المشترک بين المتغيرات، فيتم استخدام نموذج متجه تصحيح الخطأ VECM حيث توجد علاقة بين المتغيرات محل الدراسة في الأجل الطويل. وفي حالة عدم وجود متجهات للتکامل المشترک، فإن العلاقة بين المتغيرات تکون في الأجل القصير فقط، ومن ثم يتم استخدام نموذج (VAR (Vector Auto Regression. ومن الجدير بالذکر أن هناک نوعين من الاختبارات وهما (Trace وMaximum Eigenvalue).

وبعد إجراء اختبار يوهانسن على المتغيرات محل الدراسة، تبين وجود ثلاثة متجهات للتکامل المشترک وفقاً لاختبارTrace، ومتجهين للتکامل المشترک وفقاً لاختبارMaximum Eigenvalue. وبناءً عليه، يتم استخدام نموذج متجه تصحيح الخطأ VECM.

  • Ø     رابعاً: نموذج متجه تصحيح الخطأ VECM

تم الاعتماد على نموذج متجه تصحيح الخطأ والذي يأخذ في اعتباره العلاقة بين المتغيرات في الأجلين القصير والطويل. وفيما يلي معادلة التکامل بين المتغيرات ومعامل تصحيح الخطأ:

GDP_GRTHt= β0 + β1 INFt + β2CAPFORMt + β3 DOMST_CRDTt + β4GOV_EXPt + β5EXP_GDPt + β6 IMP_GDPt +λECMt-1 + εt(1)

 

 

 

 

وتوضح المعادلة رقم (1) أن المتغير معدل النمو الحقيقي للناتج المحلي الإجمالي هو المتغير التابع. وتعبر λ عن معامل تصحيح الخطأ. وبعد تقدير النموذج، تم الوصول للنتائج کما في الجدول رقم (4):

جدول (4)

نتائج نموذج متجه تصحيح الخطأ

المتغير التابع معدل النمو الحقيقي للناتج المحلي الإجمالي

 

المتغير

المعلمات

الخطأ المعياري

 

 

INF

-1.058*

0.143

 

 

GOV_EXP

*6.35e11-

1.1e11-

 

 

CAPITAL_FORMATION_GDP

1.166*

0.198

 

 

DOMEST_CREDT|_GDP

-0.336*

0.068

 

 

EXP_GDP

0.017

0.176

 

 

IMP_GDP

-0.216

0.196

 

 

معامل تصحيح الخطأ λ

-0.228*

0.096

 

         

المصدر: نتائج برنامج EViews.

(*) العلاقة معنوية عند درجة ثقة 95٪.

بناءً على اختبارات النموذج القياسي؛ فإنه يتضح أن هناک أثراً سلبياً لمعدلات التضخم على معدل النمو الاقتصادي في مصر، فکلما زاد معدل التضخم بواحد في المائة يؤدي ذلک إلى تخفيض معدل النمو بنحو 1.05 في المائة. ويتفق ذلک مع أغلب الدراسات التي تناولت هذه العلاقة، سواء في مصر أو دول أخرى مثل دراسة، (Kheir El-Din and Abou-Ali, 2008) التي تم تطبيقها على مصر خلال الفترة 1981-1982 / 2005-2006 کما سبق الذکر. ويرجع ذلک إلى أن ارتفاع معدل التضخم داخل الدولة يؤدي إلى عدم الاستقرار في البيئة الاقتصادية الکلية، على سبيل المثال يضطر البنک المرکزي إلى رفع أسعار الفائدة من أجل احتواء التضخم مما يکون له أثر سلبي على القطاع الاستثماري والذي بدوره يؤثر سلباً على الناتج المحلي الإجمالي. وعلى صعيد آخر، تضطر الحکومة إلى زيادة أجور العاملين بالقطاع العام نتيجة لارتفاع معدلات التضخم مما يضغط على الموازنة العامة للدولة مما يزيد من عجز الموازنة. ومن هنا تتجه الحکومة نحو الاقتراض من أجل تغطية هذا العجز. وکل هذا يؤدي إلى نتائج سلبية على الاقتصاد ککل، ومن ثم خفض معدل النمو الاقتصادي.

ومن الجدير بالذکر أن العلاقة بين الإنفاق الحکومي الاستهلاکي ومعدل النمو الاقتصادي موجبة ومعنوية؛ فعلى الرغم من زيادة الإنفاق الحکومي على الأجور وتعويضات العاملين، إلا أن تخفيض الدعم الذي تم خلال السنوات القليلة الماضية کان له تأثير کبير وإيجابي على معدلات النمو. فتوضح نتائج النموذج القياسي لهذه الدراسة أنه کلما زاد الإنفاق الحکومي أدى ذلک إلى زيادة معدل النمو الاقتصادي، ولکن يجب الأخذ في الاعتبار أن العلاقة الموجبة جاءت في ظل معدلات تضخم مناسبة، حيث وصل متوسط معدل التضخم خلال فترة الدراسة نحو 9,9٪، وهذا يتوافق مع هدف البنک المرکزي المصري الذي يستهدف الوصول بمعدلات التضخم إلى 9٪ (± 3٪).

وکذلک نجد أن العلاقة بين تکوين رأس المال الثابت ومعدل النمو الاقتصادي إيجابية ومعنوية، حيث يمثل تکوين رأس المال الثابت استثمار القطاع العام والخاص في المصانع والمعدات والأراضي وکذلک الإنشاءات کالطرق والمدارس والمستشفيات وغيرها. وکل ذلک يساهم بشکل کبير في تحقيق التنمية الاقتصادية في الدولة. ولهذا، فإن الاتجاه لزيادة تکوين رأس المال الثابت يؤدي إلى زيادة معدل النمو الاقتصادي الحقيقي.

وعلى الرغم من الزيادة الملحوظة في حجم الائتمان الممنوح للقطاع الخاص خلال فترة الدراسة والذي يرجع أساساً إلى أهمية دور القطاع الخاص وازدهاره خلال هذه الفترة، إلا أنه قد أظهرت نتائج النموذج أن العلاقة بين الائتمان الممنوح للقطاع الخاص ومعدل النمو سلبية. ويمکن إرجاع ذلک إلى توجيه الائتمان في مشروعات غير ضرورية للاقتصاد المصري ولکن ذات عائد مرتفع للمستثمر الخاص، فکان هناک اتجاه إلى الاستثمار والمضاربة على الأراضي والعقارات والتوجه نحو استيراد المنتجات الفاخرة بأسعار مرتفعة. هذا بالإضافة إلى ضعف الرقابة على التدفقات النقدية خارج البلاد، وقد أدى ذلک کله إلى التأثير بالسلب على الاقتصاد المصري.

وفيما يخص الصادرات والواردات المصرية، فلم يکن لها تأثيرمعنوي على معدل النمو الاقتصادي في مصر، مما يعني أن القطاع الخارجي وعلى الرغم من أهميته إلا أنه ليس المحرک الرئيسي الذي يمکن أن تعول عليه الدولة في تحفيز الاقتصاد المصري. وهذا ليس بالأمر الذي يستدعي تجنب الدولة هذا القطاع الهام بل على العکس يجب النظر بعين الاعتبار إلى أهمية القطاع الخارجي ومحاولة تنمية الصادرات المصرية وتعزيز تنافسية المنتجات المصرية في الأسواق العالمية، کي تؤدي دوراً فاعلاً في تحريک النمو الاقتصادي.

ويتضح أيضاً من النموذج أن معامل تصحيح الخطأ سالب ومعنوي، وهذا يعني أنه بنسبة 23٪ يتم تصحيح الاختلالات في الأجل القصير للعودة إلى المسار التوازني مرة أخرى في الأجل الطويل.

وفيما يتعلق بالعلاقة قصيرة الأجل بين معدل النمو الحقيقي للناتج المحلي الإجمالي ومعدل التضخم؛ وفقاً لنتائج النموذج القياسي فإن العلاقة بين المتغيرين غير معنوية في الأجل القصير. کما يتضح من الجدول رقم (5).

جدول رقم (5)

 العلاقة قصيرة الأجل بين معدل نمو الناتج المحلى الإجمالي ومعدل التضخم

 

معدل النمو الحقيقي للناتج المحلي الإجماليΔGDP_GRTH

ΔINF (-1)

0,162

 

الخطأ المعياري

(0,092)

المصدر: نتائج برنامج EViews.

 

  • Ø     خامساً: اختبار جرانجر للسببية Granger-Causality test

بعد إجراء اختبار جرانجر للسببية VEC Granger Causality/Block Exogeneity Wald Tests، تم التوصل إلى معنوية الاختبار حيث يسبب الزيادة في معدلات التضخم إلى الانخفاض في معدل النمو الحقيقي للناتج المحلي الإجمالي وذلک عند مستوى معنوية10٪، في حين أن معدل النمو الاقتصادي الحقيقي لا يسبب أي تأثير على معدل التضخم، کما هو موضح بالجدول رقم (6).

جدول رقم (6)

 نتائج اختبار جرانجر للسببية

المتغير المستبعد

المتغير التابع (معدل النمو الحقيقي للناتج المحلى الإجمالي )

إحصاء Chi-sq

الاحتمال Prob.

معدل التضخم

3.094

0.078

 

المتغير التابع (معدل التضخم)

معدل النمو الحقيقي

1.012

0.314

 المصدر: نتائج برنامج EViews.

 

  • Ø     سادساً: بعض الاختبارات الخاصة بصلاحية النموذج

تم إجراء اختبار للتأکد من أن البواقي تحقق شرط عدم وجود ارتباط ذاتي No Serial Correlation، ووفقاً لنتائج الاختبار، تم التوصل إلى عدم رفض الفرض العدمي، أي أنه لا يوجد ارتباط ذاتي بين البواقي عند مستوى معنوية 5٪.على الجانب الآخر، تم التأکد من أن البواقي تتبع التوزيع الطبيعي وأن هناک ثباتاً في التباين بين البواقي وذلک عند مستوى معنوية 5٪. وتجدر الإشارة إلى أنه تم اختبار أن البواقي تکون White Noise، کما موضح في الجدول رقم (7).

جدول رقم(7)

نتائج اختبار البواقي White Noise

الفترة

AC

PAC

إحصاء Q

الاحتمال Prob.

1

0,023

0,023

0,027

0,868

2

-0.103

-0,103

0,575

0,750

3

0,086

0,093

0,970

0,808

4

-0,010

-0,027

0,976

0,913

5

-0,033

-0,014

1,037

0,959

6

0,018

0,008

1,057

0,983

7

-0,037

-0,040

1,113

0,992

8

0,019

0,029

1,157

0,997

المصدر: نتائج برنامج EViews.

المبحث الرابع

النتائج والتوصيات

  • Ø     أولا:  النتائج:

توصلت الدراسة من واقع النموذج القياسي المستخدم إلى عدد من النتائج الهامة هي کالآتي:

1-  هناک تأثير سلبي لمعدلات التضخم على معدلات النمو الاقتصادي في مصر خلال الفترة الزمنية محل الدراسة (1961-2018)، فکلما زاد معدل التضخم بنحو 1٪،أدى ذلک إلى تخفيض معدل النمو بنحو 1.05٪، ويرجع ذلک إلى أن ارتفاع معدل التضخم داخل الدولة يؤدى إلى عدم الاستقرارفي البيئة الاقتصادية الکلية.

2-  هناک علاقة موجبة ومعنوية بين الإنفاق الحکومي الاستهلاکي ومعدل النمو الاقتصادي خلال الفترة محل الدراسة (1961-2018)، وهذا يعنى أنه کلما زاد الإنفاق الحکومي الاستهلاکي، أدى ذلک إلى زيادة معدل النمو الاقتصادي والعکس صحيح.

3-  هناک علاقة إيجابية ومعنوية بين تکوين رأس المال الثابت ومعدل النمو الاقتصادي خلال الفترة محل الدراسة لأهمية رفع معدل الاستثمار لدفع عجلة النمو الاقتصادي.

4-  هناک علاقة سالبة بين الائتمان المحلى الممنوح للقطاع الخاص ومعدل النمو الاقتصادي خلال الفترة محل الدراسة، ويمکن تفسيرها بتخصيص نسبة يُعتد بها من الائتمان الممنوح لمشاريع ذات تأثير تنموي محدود من منظور الاقتصاد الکلي، وإن کانت ربحيتها مرتفعة من منظور الاستثمار الخاص.

5-  لا توجد تأثيرمعنوي للصادرات والواردات السلعية والخدميةعلى معدل النمو الاقتصادي خلال فترة الدراسة (1961-2018).

6-  توجد علاقة سببية في اتجاه واحد بين معدلات التضخم ومعدل النمو الاقتصادي، حيث تؤدى الزيادة في معدلات التضخم إلى انخفاض معدل النمو الحقيقي للناتج المحلى الإجمالي وذلک عند مستوى معنوية 10٪،بينما لا يزاول معدل النمو الاقتصادي أي تأثير على معدل التضخم.

 

 

  • Ø     ثانياً التوصيات:

بناءً على النتائج السابقة التي توصّلت إليها الدراسة، وفي ضوء التحديات التي يواجههاالاقتصادالمصري في المرحلة الراهنة، تخلُص الدراسة إلى عددٍ من التوصيات في شأن العلاقة بين معدلات التضخم ومعدل النمو الاقتصادي.

1-    ضرورة التنسيق بين البنک المرکزي کجهة مسئولة عن تنفيذ أهداف السياسة النقدية وباقي الجهات الحکومية المسئولة عن تنفيذ السياسة المالية في إطار السياسة الاقتصادية العامة للدولة والاتفاق على الأهداف الاقتصادية، وبصفة خاصة مايتعلق بمعدلات التضخم ومعدل النمو الاقتصادي، حتى لا يضطر البنک المرکزي إلى رفع أسعار الفائدة من أجل احتواء التضخم مما ينعکس سلباً على القطاع الاستثماري، ومن ثم يؤثر على الناتج المحلي الإجمالي، وعلى صعيد آخر،حتى لا تضطر الحکومة إلى زيادة أجور العاملين بالقطاع العام نتيجة لارتفاع معدلات التضخم مما يضغط على الموازنة العامة للدولة ويدفع الحکومة إلى الاقتراض، مما يؤثر سلباً على معدل النمو الاقتصادي.

2-    ضرورة العمل على تقليل الإنفاق الحکومي الاستهلاکي عند تجاوز معدلات التضخم المستوياتالآمنة وإن کانت نتائج النموذج القياسي لهذه الدراسة  أثبتت أنه کلما زاد الإنفاق الحکومي الاستهلاکي أدى ذلک إلى زيادة معدل النمو الاقتصادي، ولکن يجب الأخذ في الاعتبار أن هذه العلاقة الموجبة والمعنوية جاءت في ظل معدلات تضخم مناسبة (أقل من 10٪)، ولکن حال استمرار تصاعد معدلات التضخم، فإن زيادة الإنفاق الاستهلاکي الحکومي سوف تعمّقمن اشتداد الاتجاهات التضخمية، بينما يساهم الحد من الإنفاق الحکومي في هذه الحالة في خفض الطلب الکلي، ومن ثم الحد من تنامي اتجاهات التضخم ذات الأثر السلبي علي النمو الاقتصادي .

3-    ضرورة الاهتمام برفع معدلات الاستثمار لوجود علاقة طردية بين الاستثمار وزيادة المعروض من السلع والخدمات (وبالتالي الحد من التضخم)، وزيادة معدلات النمو الاقتصادي بدلالة الناتج المحلي الإجمالي.

4-    ضرورة توجيه الائتمان الممنوح للقطاع الخاص للقطاعات والأنشطة ذات العائد الاجتماعي والاقتصادي المرتفع من منظور التنمية المستدامة في الأجل الطويل.

5-    رغم أن نتائج النموذج القياسي تفيد عدم معنوية تأثير الصادرات والواردات السلعية في النمو الاقتصادي إلا أنه يتعين العمل على تنمية القطاع الخارجي وتعظيم دوره کمحرک للنمو الاقتصادي، بجانب الإنفاق الاستهلاکي والاستثمار، لإمکان الاستغلال الکفء لکافة مصادر النمو الاقتصادي في دفع عجلة التنمية وتحقيق استقرار الأسعار.

6-    ضرورة الاستمرار في تطبيق سياسات الإصلاح الاقتصادي، مع العمل على نشر الوعي العام بأهمية وجدوى هذه الإصلاحات في توفير مقومات التنمية المستدامة في الأجل الطويل وما يتطلبه من استقرار في مستويات الأسعار.

 

 

 

 

 

 

 

  • هوامش الدراسة

    [1]) Doepke,M. &A.Lehnert and A.W.Sellgren.1999 ." Macroeconomics", Chicago,Illinois.

    2 ) محمد مبارک حجير 0 بدون سنة  نشر 0 " السياسات المالية و النقدية لخطط التنمية الإقتصادية " ، الدار القومية للطباعة و النشر ، القاهرة ، ص 175 0

    3 ) عبد اللطيف مصطفى ، محمد بن بوزيان 0 2015 0 " أساسيات النظام المالى وإقتصاديات الأسواق المالية " ، مکتبة حسن العصرية ، بيروت ، لبنان ، ص ص 152- 153 0

     

    4)  Andolfatto,D.2005." Macroeconomic Theory and Policy", Simon Fraser University.

    5) Solow,R.1956."A Contribution to the Theory of Economic Growth" The Quarterly Journal of Economics, Vol.70, No.1,Febraury. 

    - Swan,T.1956." Economic Growth and Capital Accumulation", Economic  Record, Vol.32,No.2,November.

    6) شلوفى عمير،"التضخم والنمو الاقتصادي-تقدير عتبة التضخم: دراسة قياسية مقارنة لدول المغرب العربي"(1980 – 2014).

    7) شلوفى عمير، المرجع السابق.

    8) Andolfatto,D.2005. "Macroeconomic Theory and Policy", Simon Fraser University.

    9) Lucas,R.1988."On The Mechanics of Economic Development", Journal of Monetary Econmics,Vol.22.

    -Romer,P.M.1989."Human Capital and Growth: Theory and Evidence",NBER,WB,No3173.

    10) David.H. 2013."The Quantity Theory of Money",Journal of Prices & Markets.                                                                                                            

    -Tsoulfidis,L. 2008."Quantity Theory of Money", University of Macedonia.

                11) Yabu, N. and N.J.Kessy. 2015. "Appropriate Threshold level of Inflation for Economic Growth: Evidence from the Three Founding EAC Country" Applied Economics and Finance", Vol.2, No.3.

     

    12) بن على حکيمة،" أثر التضخم على النمو الاقتصادي في الجزائر: دراسة قياسية للفترة (1990 – 2012)"، مجلة الاقتصاد الصناعي، المجلد السابع، العدد الرابع.

    13) محمد عبد الکريم، عماد الدين أحمد0 2013. " تأثير التضخم في النمو الاقتصادي في المملکة العربية السعودية: دراسة تطبيقية باستخدام أسلوب GARCH"، آفاق اقتصادية، المجلد رقم (33)، العدد رقم (124).

    14) فواز جار الله، هيثم أکرم سعيد0 2009 0" تأثير التضخم الرکودى على النمو الاقتصادي في الدول النامية "، کلية الحدباء الجامعة، المجلد الرابع، العدد الأول.

    15) مصطفى وائل0 2016 0 " العلاقة بين التضخم والنمو الاقتصادي في فلسطين "، دار المنظومة.

    16) Munir, Q& k. Mansur and Fumitaka . 2009." Effect of Inflation on Economic Growth; Evidence from Malaysia", SEAS; Vol.26, No.2.                                                                                                   

    17) Chandra,S; Majumder. 2016." Inflation and its Impacts on Economic Growth of Bangladesh", American Journal of Marketing Research,Vol.2, No.1                                                

    18) Vinayagthasan, T. 2013. " Inflation and Economic Growth:  a Dynamic Panel Threshold Analysis for Asian Economies", Journal of Asian Economics, Vol.26.

    19) Kheir EL Din,H. and Abou Ali;H. 2008. "Inflation and Growth in Egypt : Is There a Threshold Effect?", Egyptian Center for Economic Studies (ECES).

    20) Doepke,M.,&A.Lehnertand A.W.Sellgren.1999."Macroeconomics", Chicago,Illinois.

     

    .

    • ·        الرابط الإلکترونى الخاص بوثائق البنک الدولى :

    WWW. Bank Information center. Org/ ar/   ( فى 26/2/2020

     

    • ·        الرابط الإلکترونى الخاص بصندوق النقد الدولى IMF)) :

    WWW.mof.jo/ ar-jo     ( فى 26/2/2020 )