مباديء وآليات الحوکمة ودورها في دعم وتطوير نظام الإدارة المحلية المصري

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

أستاذ الإدارة العامة المساعد، أکاديمية السادات للعلوم الإدارية، مصر.

المستخلص

     تزايد الاهتمام في مجال الإدارة بأحد الموضوعات الهامة التي تُمثل قلب ومحور الإدارة العامة في عصرنا الحالي وهو منهج الحوکمة علي مستوي المنظمات العامة، حتي باتت أداة لخدمة الاقتصاد والمجتمع معًا،  وعليه فإن هذا البحث يهدف إلي توضيح مفهوم منهج الحوکمة وأهميتها، مع إبراز الحاجة إليها في ضوء التحولات الإقتصادية والسياسية، حيث تم عرض     وتناول الموضوع بأسلوب علمي، إذ شمل البحث استعراضًا لمنهج الحوکمة وأبعادها وأهميتها  وتحليل العوامل المؤثرة في دعم وتطوير نظام الإدارة المحلية المصري.    
وقد انتهي البحث إلي مجموعة من التوصيات أهمها:
-    ضرورة العمل علي تفعيل منهج الحوکمة بما يُسهم في دعم وتطوير وتقوية نظام الإدارة المحلية نظراً لتزايد مهام الدولة الحديثة وما تقتضيه من البعد عن المرکزية وتوزيع هذه المهام بين سلطات الحکومة المرکزية والسلطات اللامرکزية.
-    إعادة النظر في القوانين المعدلة للقانون رقم 43 لسنة 1979 الصادر بشأن الإدارة المحلية بما يعطي المحليات سلطات أوسع تلائم و الدور المنوط بها.
من الضروري بمکان دراسة مضامين الفکر الإداري وتعميقها فيما يتصل بمنهج الحوکمة وعلاقتها بالإدارة المحلية لما لذلک من إسهام وتعزيز لقدرة المحليات في تحقيق أداء أفضل.

نقاط رئيسية

شهدت الإدارة المحلية في السنوات الأخيرة تطورًا تدريجيًا فرضته عليها التغيرات المعاصرة والتطورات السريعة والمتلاحقة حيث تقع عليها مسؤوليات وأعباء إدارية وخدمية رئيسية تطال مختلف مجالات الحياة المجتمعية، ونستطيع القول أن دعم وتطوير نظام الإدارة المحلية في أيامنا هذه ضرورة من ضروريات الديمقراطية والمشارکة الشعبية في أية دولة عصرية، وذلک باعتبار أن الإدارة المحلية أحد الأدوات الرئيسة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية للمجتمع لما لها من علاقة مباشرة بحياة المواطن، ومع تصاعد الاهتمام بالمواطن المصري في العقود الأخيرة في سياق الاستثمار البشري والتنمية المستدامة، فقد أصبح نظام الإدارة المحلية في وقتنا الحاضر من أهم مقومات الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية السليمة.

          وتستمد الإدارة المحلية ضرورة وجودها وحتميتها من الدور الفعال والملموس الذي تلعبه في حياة أفراد المجتمع ومالها من تأثير واضح علي حياة المواطن، حيث يتمثل الدور الرئيسي للإدارة المحلية في العمل علي تحقيق أهداف الدولة والمجتمع بما يتوافق واستثمار منهج الحوکمة من حيث الوسائل والأساليب المتبعة، وکذلک من حيث نوعية الخدمة والهدف المراد تحقيقه، ومن ثم نجد أن المحليات تختلف عن غيرها من حيث تطبيق نمط الإدارة المناسب لها، بهدف تطوير وتقديم الخدمات العامة لجميع أفراد المجتمع وذلک بواسطة توفير الإمکانيات البشرية المؤهلة.

          من جانب آخر فقد حاز منهج الحوکمة علي اهتمام العديد من کُتاب الإدارة خلال السنوات الأخيرة الماضية، وذهبت بعض الدراسات إلي القول: أن الحوکمة هي أحد العوامل الرئيسة التي قد تساهم في تطوير نظام الإدارة المحلية المصري، کما انه من المتوقع أن يتعاظم اهتمام الإدارات المحلية باستثمار منهج الحوکمة خلال السنوات القادمة أکثر من أي وقت مضي، وربما يعود ذلک إلي مجموعة من العوامل أهمها: محدودية الموارد المالية وکذالک محدودية المعارف والمهارات المتوافرة.

         وبناء علي ما سبق تنبع أهمية هذا البحث من أهمية استثمار منهج الحوکمة في دعم وتطوير العمل بالمحليات وزيادة قدرتها في المساهمة في حل مشاکل المجتمع وخدمة التنمية في الأجل الطويل.

          وکذلک تبرز أهمية هذا البحث من حيث إضافته العلمية للمکتبة العربية، إذ أن الدراسات التي تناولت منهج الحوکمة وعلاقتها بتطوير نظام الإدارة المحلية في مصر والعالم العربي محدودة حسب علم الباحث.

من کل ما تقدم يهتم هذا البحث بتحليل العلاقة بين متغيرين أساسيين من المتغيرات الإدارية المعاصرة هما: إمکانية استثمار منهج الحوکمة، وتطوير نظام الإدارة المحلية المصري.  

الكلمات الرئيسية


مباديء وآليات الحوکمة ودورها في دعم وتطوير نظام الإدارة المحلية المصري

 

 

 

مُستخلص

     تزايد الاهتمام في مجال الإدارة بأحد الموضوعات الهامة التي تُمثل قلب ومحور الإدارة العامة في عصرنا الحالي وهو منهج الحوکمة علي مستوي المنظمات العامة، حتي باتت أداة لخدمة الاقتصاد والمجتمع معًا،  وعليه فإن هذا البحث يهدف إلي توضيح مفهوم منهج الحوکمة وأهميتها، مع إبراز الحاجة إليها في ضوء التحولات الإقتصادية والسياسية، حيث تم عرض     وتناول الموضوع بأسلوب علمي، إذ شمل البحث استعراضًا لمنهج الحوکمة وأبعادها وأهميتها  وتحليل العوامل المؤثرة في دعم وتطوير نظام الإدارة المحلية المصري.    

وقد انتهي البحث إلي مجموعة من التوصيات أهمها:

-    ضرورة العمل علي تفعيل منهج الحوکمة بما يُسهم في دعم وتطوير وتقوية نظام الإدارة المحلية نظراً لتزايد مهام الدولة الحديثة وما تقتضيه من البعد عن المرکزية وتوزيع هذه المهام بين سلطات الحکومة المرکزية والسلطات اللامرکزية.

-    إعادة النظر في القوانين المعدلة للقانون رقم 43 لسنة 1979 الصادر بشأن الإدارة المحلية بما يعطي المحليات سلطات أوسع تلائم و الدور المنوط بها.

من الضروري بمکان دراسة مضامين الفکر الإداري وتعميقها فيما يتصل بمنهج الحوکمة وعلاقتها بالإدارة المحلية لما لذلک من إسهام وتعزيز لقدرة المحليات في تحقيق أداء أفضل.

کلمات مفتاحية:الحوکمة، نظام الإدارة المحلية

مقدمـــة:

شهدت الإدارة المحلية في السنوات الأخيرة تطورًا تدريجيًا فرضته عليها التغيرات المعاصرة والتطورات السريعة والمتلاحقة حيث تقع عليها مسؤوليات وأعباء إدارية وخدمية رئيسية تطال مختلف مجالات الحياة المجتمعية، ونستطيع القول أن دعم وتطوير نظام الإدارة المحلية في أيامنا هذه ضرورة من ضروريات الديمقراطية والمشارکة الشعبية في أية دولة عصرية، وذلک باعتبار أن الإدارة المحلية أحد الأدوات الرئيسة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية للمجتمع لما لها من علاقة مباشرة بحياة المواطن، ومع تصاعد الاهتمام بالمواطن المصري في العقود الأخيرة في سياق الاستثمار البشري والتنمية المستدامة، فقد أصبح نظام الإدارة المحلية في وقتنا الحاضر من أهم مقومات الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية السليمة.

          وتستمد الإدارة المحلية ضرورة وجودها وحتميتها من الدور الفعال والملموس الذي تلعبه في حياة أفراد المجتمع ومالها من تأثير واضح علي حياة المواطن، حيث يتمثل الدور الرئيسي للإدارة المحلية في العمل علي تحقيق أهداف الدولة والمجتمع بما يتوافق واستثمار منهج الحوکمة من حيث الوسائل والأساليب المتبعة، وکذلک من حيث نوعية الخدمة والهدف المراد تحقيقه، ومن ثم نجد أن المحليات تختلف عن غيرها من حيث تطبيق نمط الإدارة المناسب لها، بهدف تطوير وتقديم الخدمات العامة لجميع أفراد المجتمع وذلک بواسطة توفير الإمکانيات البشرية المؤهلة.

          من جانب آخر فقد حاز منهج الحوکمة علي اهتمام العديد من کُتاب الإدارة خلال السنوات الأخيرة الماضية، وذهبت بعض الدراسات إلي القول: أن الحوکمة هي أحد العوامل الرئيسة التي قد تساهم في تطوير نظام الإدارة المحلية المصري، کما انه من المتوقع أن يتعاظم اهتمام الإدارات المحلية باستثمار منهج الحوکمة خلال السنوات القادمة أکثر من أي وقت مضي، وربما يعود ذلک إلي مجموعة من العوامل أهمها: محدودية الموارد المالية وکذالک محدودية المعارف والمهارات المتوافرة.

         وبناء علي ما سبق تنبع أهمية هذا البحث من أهمية استثمار منهج الحوکمة في دعم وتطوير العمل بالمحليات وزيادة قدرتها في المساهمة في حل مشاکل المجتمع وخدمة التنمية في الأجل الطويل.

          وکذلک تبرز أهمية هذا البحث من حيث إضافته العلمية للمکتبة العربية، إذ أن الدراسات التي تناولت منهج الحوکمة وعلاقتها بتطوير نظام الإدارة المحلية في مصر والعالم العربي محدودة حسب علم الباحث.

من کل ما تقدم يهتم هذا البحث بتحليل العلاقة بين متغيرين أساسيين من المتغيرات الإدارية المعاصرة هما: إمکانية استثمار منهج الحوکمة، وتطوير نظام الإدارة المحلية المصري.  

إشکالية البحث:

تبرز مشکلة البحث من مظاهر الواقع الحالي للمحليات وبيئتها المتغيرة التي تُملي عليها أن تعتمد التغيير والتطوير في مجالات شتي، من أجل رفع کفاءتها وفاعليتها – ونظراً لأهمية الدور الذي تقوم به المحليات في تقديم الخدمات للمواطنين، و لتباين الآراء والأفکار المطروحة بصدد طبيعة وقدرات المحليات علي تقديم أنشطة وخدمات للمواطنين من خلال أدواتها ووسائلها وإجراءاتها، وزيادة قدرتها علي المساهمة في حل مشاکل المجتمع وخدمة المواطنين ودفع عجلة التطوير والتنمية في الأجل الطويل.

من هنا تأتي إشکالية هذا البحث کمحاولة للتعرف علي إجابة عن التساؤل الرئيسي التالي: ماهي العلاقة بين منهج الحوکمة وبين تطوير نظام الإدارة المحلية المصري؟

يندرج تحت هذه الإشکالية مجموعة من التساؤلات الفرعية التي يمکن إيجازها علي النحو التالي:

س1: ماهيه الحوکمة، وما أهميتها بالنسبة للمحليات؟

س2: هل يوجد أثر لمنهج الحوکمة عليتطوير العمل بالمحليات؟

س3: هل يدرک القائمون علي نظام الإدارة المحلية المصري اهمية تطبيق منهج الحوکمة؟

وعلي هذا الأساس وطالما أن المحليات تواجه تحديات کبيرة، وبُغية مواجهة هذه التحديات واستثمار محتواها لصالح تطوير نظام العمل بالمحليات، فإن دراسة علاقة المتغيرين أنفي الذکر والإستفادة من نتائجها من الممکن أن يًساهم في دعم و تطوير نظام الإدارة المحلية وتحقيق أهدافها بکفاءة من جهة ويضمن لها تفعيل دورها في عملية التنمية المستدامة بصورة أفضل.

 

 

أهداف البحث:

يهدف البحث إلي تسليط الضوء علي أهمية استثمار منهج الحوکمة في تفعيل وتطوير نظام الإدارة المحلية المصري- بُغية توجيُه إلي آليات التعامل مع المجتمع المحلي بکفاءة وفعالية وبما يخدم المواطن، وانطلاقًا من هذا الهدف الرئيسي، يسعي البحث إلي تحقيق مجموعة من الأهداف أهمها:-

1- التعرف علي قوة العلاقة من عدمها بين تطبيق منهج الحوکمة و دعم وتطوير نظام الإدارة المحلية، ثم تحديد ماهية التأثيرات الناجمة عن هذه العلاقة.

2- استکشاف طبيعة العلاقة بين مدي استثمار منهج الحوکمة وتطوير نظام الإدارة المحلية بالمحليات. 

3- التقدم بتوصيات عملية للتعامل المستقبلي، فيما يختص بتفعيل منهج الحوکمة، لتکون معيناً للمحليات المبحوثة وغير المبحوثة في تعزيز فاعليتها وقدرتها علي تطوير وتحديث خدماتها والمساهمة في حل مشاکل المجتمع في الأجل الطويل.

 نموذج البحث:

         تستلزم المعالجة المنهجية لمشکلة البحث تصميم نموذج فرضي کما هو في الشکل رقم (1) والذي يشير إلي أثر مبادئ وآليات منهج الحوکمة في دعم وتطوير نظام الإدارة المحلية المصري.       

شکل رقم (1):نموذج البحث الفرضي

 

 

 

 

المشــارکــة

المســاءلــة

الشـفـافيــة

إتباع القواعد القانونية

المســــاواة

*من إعداد الباحث

ويتضح من النموذج السابق أنه:

 – يتکون من متغيرين رئيسين هما: منهج الحوکمة، وتطوير نظام الإدارة المحلية المصري.

- يُفترض أن تکون هناک علاقة ارتباطية بين کل مبدأ من مباديء الحوکمة ( المشارکة – المساءلة – الشفافية – إتباع القواعد القانونية – المساواة ) وبين تطوير نظام الإدارة المحلية المصري

أهمية البحث:

 (أ) علي المستوي التطبيقي

تأتى أهمية هذا البحث من کونه يحاول التعرف علي حقيقة الاتجاه نحو استثمار منهج الحوکمة في تطوير نظام الإدارة المحلية، بهدف تفعيل دور المحليات لتمکينها من الوفاء باحتياجات المجتمع.

(ب) علي المستوي الأکاديمي

ندرة ما کتب، وخصوصًا في الدراسات العربية والمحلية في الموضوع، مما شجع الباحث علي الاهتمام بالموضوع لتقديم دراسة علمية متخصصة.

أدبيات الدراسـة:

من خلال الرجوع إلي بعض الدراسات السابقة التي تناولت الموضوع، يمکن الإشارة إلي الدراسات التالية :-

(1)   دراسة عبد المجيد (2014) مدي التزام المؤسسات المصرية بمنهج الحوکمة، المؤتمر السنوي الثالث عشر لإدارة الأزمات، إدارة  أزمة الدعم وفعاليات العدالة الاجتماعية[1]

تناولت الدراسة الأتي: -

-                      مفهوم الحوکمة للمؤسسات .

-                      الحوکمة وعلاقتها بالعدالة الاجتماعية.

-                      تبويب الأنشطة الاجتماعية للمنظمات.

-                      مفهوم المراجعة الاجتماعية وأهدافها وأساليبها.

(2)    دراسة محمود (2016) حوکمة منظمات الأعمال [2]

    تناولت الدراسة عدة موضوعات منها:-

-        تطور مفهوم الحوکمة.

-        الإفصاح الاجتماعي ومتطلبات نظام الإدارة المحلية.

-        الحاجة إلي صياغة نظام للرقابة الاجتماعية بمنظمات الأعمال.

(3)    دراسة دکرورى (2014) حوکمة المؤسسات في ضوء المبادرات الدولية والتجربة المصرية مع الترکيز علي دور المحليات[3]

      تناولت الدراسة الأتي:-

-        المفاهيم المختلفة لحوکمة المؤسسات.

-        التجارب الدولية للحوکمة.

(4)    دراسة زهران (2014) أساليب إدارة المدن بالتطبيق علي محافظة القاهرة[4]

هدفت الدراسة إلي معرفة المعوقات التي تواجه القائمين علي إدارة المدن الکبري مع التطبيق علي محافظة القاهرة من وجهة نظر القيادات المحلية والمسؤولين عن وضع وتنفيذ القرارات الإدارية المختلفة في مدينة القاهرة، وخلصت إلي النتائج التالية:-

-            يوجد قصور في العلاقات التنظيمية بين مديريات الخدمات والوحدات المحلية.

-             هناک قصورًا في اللامرکزية التي هي من أهداف الإدارة المحلية.

-            ضرورة تعديل قوانين الإدارة المحلية .

-            إن العلاقات التنظيمية بها کثير من المعوقات.

-            إن القصور في التمويل من أسباب ضعف الأداء في الإدارة المحلية.

(5)    دراسة شتا (2013) العلاقات التنظيمية بين أجهزة الإدارة المحلية في مصر[5]

     هدفت الدراسة إلى:-

-        توصيف وتحليل وتقييم العلاقات التنظيمية بين أجهزة الإدارة المحلية.

-        تحديد الصعوبات والمشاکل التي تؤثر في أداء الإدارة المحلية.

-        توصيف العلاقات التنظيمية الحالية في الإدارة المحلية.

-        تحديد أسباب قصور العلاقات التنظيمية بين أجهزة الإدارة المحلية.

وخلصت الدراسة إلي النتائج التالية:-

-     هناک تباين في إدراک قيادات الإدارة المحلية لمفهوم وفلسفة الإدارة المحلية.

-     وجود قصور في أداء المجالس المحلية وعدم استقرار البيئة التشريعية للإدارة المحلية.

-     تعديل العلاقة بين الوحدات المحلية ومديريات الخدمات لتعدد العلاقات الإشرافية.

-     وجود قصور في التنظيم الإداري لوحدات الإدارة المحلية.

(6)      دراسة خليل(2015) مشکلات إدارة التنمية في قطاع الخدمات، دراسة تطبيقية على محافظة سوهاج[6]

        هدفت الدراسة إلى تحليل مقومات التنمية المحلية للوقوف على أسباب ضعف الأداء بها وکذلک تحديد المعوقات التي تواجه التنمية. وقد خلصت الدراسة إلى النتائج التالية:

-        إن عدم استقرار تشريعات الإدارة المحلية يؤدي إلي ضعف معدلات الأداء المحلي.

-        غموض العلاقات التنظيمية بين الأجهزة المحلية.

-        قصور في کفاءة الأداء الفني و الکمي للعاملين بالأجهزة المحلية.

-        عدم التنسيق وضعف التعاون بين الوحدات المحلية.

-        قصور في أداء المجالس الشعبية المحلية. 

(7)  دراسة محمود (2015)  دور المحليات في اتخاذ القرارات المتعلقة ببرامج التنمية المحلية دراسة ميدانية في إطار محافظة الإسکندرية والبحيرة [7]

        هدفت الدراسة إلي تحليل مدي کفاءة وفعالية اتخاذ الإجراءات ومقوماتها باعتبارها أهم مهام الإدارة المحلية وکذلک تحليل السياسات التنظيمية في صياغة القرارات.

وقد خلصت الدراسة إلي النتائج التالية:-

-     إن کفاءة وفعالية القرار ومقوماته تعتمد علي مدي توافر المعلومات.

-     إن کفاءة وفعالية القرار تقوم بالتعاون بين السلطات الحکومية.

-     ضرورة تطوير عملية التخطيط.

-     ضرورة التنسيق بين الجهود الشعبية و الحکومية.

-     ضرورة توفير الاعتمادات وحسن توظيفها في المشروعات.

التعقيب علي الدراسات السابقة:

استفاد الباحث من الدراسات السابقة في تأصيل الجانب النظري من الدراسة، کون تلک الدراسات التي اعتمد عليها الباحث کانت في موضوعي الحوکمة ونظام الإدارة المحلية، ومن خلال مراجعة تلک الأدبيات المذکورة أنفاً تمکن الباحث من استنتاج مفاده أن منهج الحوکمة يُعد أحد الأدوات لمنح المواطنين والمنظمات إمکانية المساهمة بفعالية لتحقيق الأهداف، وتشجع وتعزز الاتجاه للمشارکة الفعالة لتحقيق التنمية المستدامة. ومن جهة أخري تحث العاملين علي تنقيح الأساليب والممارسات القديمة، وتشيع روح الثقة بين الوحدة المحلية ومنظمات المجتمع المدني وتعطي کثيراً من المرونة، مما يُساهم ويساعد بشکل فعال في تطوير ودعم وتعزيز نظام الإدارة المحلية المصري.

الإطار المفاهيمي للبحث:

يرکز البحث علي مفهومين أساسين، هما: مفهوم منهج الحوکمة ومفهوم الإدارة المحلية، وفيما يلي موجز للمقصود بهذين المفهومين:

أولاً: منهج الحوکمة

شهد عقد التسعينات من القرن العشرين ظهور مفهوم الحوکمة Governance في أدبيات وبرامج مؤسسات التمويل الدولية، لاسيما البنک الدولي حتي أصبح إتباعه شرطًا أساسيًا لحصول الدول النامية علي قروض أو معونات، وکذلک لإعادة جدولة ديونها المتراکمة.

ففي تقرير البنک الدولي الصادر عام 2014 تحت عنوان من الأزمة الي التنمية المستدامة، ورد أن أزمة التنمية في العديد من الدول النامية ترتبط بصورة مباشرة بأزمة الحکم Crisis of Governance   وقدم التقرير جملة اقتراحات لتفعيل أسلوب الحکم في هذه الدول[8]                

ومنذ هذا التاريخ تزايد الإهتمام بدراسة مفهوم الحوکمة، وشهدت نهاية التسعينات من القرن العشرين بداية اهتمام الباحثين العرب بهذا المفهوم واختلفت الآراء، ليس حول مضمونة وأهدافه وکيفية تطبيقه، بل أيضًا من حيث تعريفه، فمن خلال مراجعه عدد من الکتابات العربية في هذا المجال، وُجد عدد من المفاهيم فقد تم التعبير عن Governance  بمصطلحات الحوکمة، والحکم أو فن الحکم، والحاکمية، وإدارة الحکم، والحکمانية وأسلوب الحکم الموسع، والحکم الشامل، والإدارة المجتمعية وإدارة شؤون الدولة والمجتمع.

(أ‌)   تعريف الحوکمة Governance

          علي الرغم من تنامي الاهتمام بمفهوم الحوکمة Governance إلا أنه لا يوجد اتفاق بين الباحثين لهذا المفهوم فمن الناحية اللغوية، نجد أن کلمة Governance قد أستخدمت في الکتابات الکلاسيکية للأدب تعني التربية، ومن الناحية الفنية أو الإجرائية، هناک العديد من التعريفات، منها ما ينظر الي Governance علي أنها تجسيد للتعددية والمساءلة العامة واحترام القانون وحقوق الإنسان ومباديء السوق وآلياته[9]

وهناک من يُعرف الحوکمة بإنها عقد إجتماعي جديد بين الحکومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني في إطار شراکة ثلاثية بهدف تعبئه أفضل لقدرات المجتمع وإدارة أکثر رشاده لشؤون الحکم[10].

وهناک من ينظر الي الحوکمة علي إنها مجموعة العلاقات والتفاعلات والقواعد والإجراءات التي تتم في إطار الشراکة بين المؤسسات الحکومية من جانب، ومؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص من جانب آخر من أجل إدارة شؤون الدولة والمجتمع[11]

ويعرفها البنک الدولي بأنها الحالة التي يتم من خلالها إدارة الموارد الإقتصادية والإجتماعية للمجتمع بهدف التنمية[12]

وعلى الرغم من تعدد التعريفات التي قُدمت لمفهوم الحوکمة إلا أن الباحث يتفق مع التعريف الذي قدمه البرنامج الإنمائي للإمم المتحدة UNDP والذي يُعرف الحوکمة Governance بأنها ممارسة السلطة السياسية والإقتصادية والإدارية لإدارة شؤون الدولة علي کافة المستويات من خلال آليات ومؤسسات تتيح للأفراد والجماعات تحقيق مصالحها[13]

          مما سبق يتضح أن مفهوم الحوکمة يناقش قضية هامة تتعلق بکيفية إدارة الحکومة How to Steer Direct The Government وأن هناک إختلافات جوهرية بين مفهومي الحکومة والحوکمة، فإذا کان مفهوم الحکومة Government  يستخدم للتعبير عن أنشطة تدعمها السلطة الرسمية، فإن الحوکمة Governance عبارة عن أنشطة تدعمها أهداف مشترکة، فهي ظاهرة أکثر شمولاً لأنها لا تضم المنظمات الحکومية فقط بل تشمل أيضًا آليات غير حکومية.

          وعلي الرغم من تعدد التعريفات التي قدمت لهذا المفهوم إلا أنه يکاد يکون هناک اتفاق علي أن الحوکمة Governance تعني مشارکة التنظيمات المجتمعية المختلفة للحکومة في صنع وتنفيذ السياسات العامة أو بمعني آخر الجمع بين أصحاب القرارات وأصحاب الرأي والشعب عامة، وتکون الحکومة بسلطاتها في إتخاذ القرارات جزء من هذا الکل الشامل الذي تتفاعل جميع أجزائه للوصول للقرارات المختلفة بما يتجاوب مع الإحتياجات المجتمعية، ويقوم هذا المفهوم علي ثلاث دعائم أساسية، هي:[14]

-     الدعامة الإقتصادية، وتتضمن عمليات صنع القرارات التي تؤثر علي أنشطة الدولة الإقتصادية، وعلاقتها بالإقتصاديات الأخري.

-     الدعامة السياسية، وتتضمن عمليات صنع القرارات المتعلقة بصياغة وتکوين السياسات العامة.

-     الدعامة الإدارية، وتتضمن النظام الخاص بتنفيذ هذه السياسات.

(ب‌)     أهداف الحوکمة:

يمکن إيجاز الأهداف المنشودة من الحوکمة، فيما يلي:

-     إعادة تعريف دور الدولة في إدارة المصالح العامة.

-     تشجيع سياسات وبرامج جديدة للشراکة داخل الدولة تحظي بتأييد ورعاية المنظمات الدولية، هذه الشراکة لا يمکن أن تنتج آثارها إلا في سياق مجتمع قائم علي الديمقراطية والمساءلة وإحترام حقوق الإنسان[15]

-     تعزيز قدرات المواطنين علي المشارکة والمبادرة.

-     تمکين منظمات المجتمع المختلفة من مشارکة الحکومة في نشاطات التنمية الإقتصادية والإجتماعية، سواء کان ذلک علي المستوي الکلي (القطاع الخاص، الجمعيات الأهلية، النقابات) أو علي المستوي الجزئي ( المواطنون).

-     تبادل الخبرات والمعارف وإيجاد شعور مشترک بالهوية و وحدة الهدف بين مؤسسات المجتمع المدني المختلفة.

-     کفاءة إستخدام الموارد الطبيعية والبشرية والمالية، وکفاءة تقديم الخدمات[16]

(ج) الحوکمة الجيدة:

تعکس الحوکمة الجيدة مناخًا مجتمعيًا ديمقراطيًا يتفاعل فيه جميع أطراف المجتمع (الحکومة، القطاع الخاص، المجتمع المدني) ومکوناتها المؤسسية لتحقيق مستوي معيشي أفضل لکافة افراد المجتمع، إضافة إلي تعزيز المساءلة والشفافية في الممارسات والإجراءات التي يتم إتخاذها لتحقيق الغايات النهائية للبرامج والمشاريع الإقتصادية والإجتماعية الإنمائية. ويمکن الإستدلال علي مدي توافر الحوکمة الجيدة من خلال المظاهر التالية[17]

-     إدراک شرعية قوة السلطة العامة.

-     يُعد المواطن محور إهتمام المسؤولين ومتخذي القرار.

-     إعداد وتنفيذ البرامج المجتمعية وفقًا لأراء وإحتياجات المواطنين.

-     قدرة الإدارة العامة علي التکيف السريع لإحتياجات المواطنين.

ولقد حدد البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة UNDP عددًا من خصائص الحوکمة الجيدة، من أهمها: المشارکة، وسلطة القانون، والشفافية، والمساءلة، وسرعة الإستجابه، الکفاءة والفاعاية، والرؤية الإستراتيجية[18]

وتتضمن الحوکمة الجيدة، تقديم الخدمات العامة بکفاءة، ونظام قضائي مستقل وإطار عمل قانوني لتشجيع التعاقدات، والإدارة المسؤولة للمال العام، وإحترام القانون وحقوق الإنسان علي کافة المستويات الحکوميةـ والبناء المؤسسي الجماعي، وذلک من خلال ثلاثه معايير أساسية هي:-

-     المعيار الانظامى ٍSystemic ويتضمن توزيع کل من القوي السياسسية والإقتصادية الداخلية والخارجية.

-     المعيار السياسي Political ويشير الي تمتع الدولة بکل من السلطة والشرعية المستمدة من الديمقراطية.

-     المعيار الإداري Administration ويشير الي نظام مفتوح للخدمة العامة مسؤول ومراقب حسابيًا ولدية من البيروقراطية ما يساعد علي تصميم وتطبيق سياسات مناسبة.

ومن أجل تحقيق الفاعلية في الخدمات العامة، يحاول البنک الدولي تشجيع المنافسة وإصلاح أجهزة الخدمة المدنية في الدول النامية، والإستفادة بشکل افضل من المنظمات غير الحکومية، ومن ثم يمکن القول بأن هناک تزاوج بين کل من الحوکمة الجيدة وبين الإدارة العامة الجديدة   The New public Management.    

وبذلک يکون مفهوم الحوکمة وثيق الصلة بالإدارة العامة الجديدة، حيث أوضح کل من Osborn & Gaebler أن الدور الجديد للإدارة الحکومية يقوم علي مجموعة من الأسس، يأتي في مقدمتها[19]

-     تشجيع المنافسة في إيصال الخدمات.

-     قياس أداء المنظمات العامة اعتمادًا علي النتائج.

-     العمل علي إشباع إحتياجات ورغبات المتعاملين معها.

-     الآخذ في الإعتبار آليات السوق.

-     السعي نحو تحقيق عائد وليس مجرد الإتفاق.

-     تحفيز القطاعين الخاص والأهلي للعمل علي حل مشاکل المجتمع.

ولا شک، فإن هذا کله من شأنه التقليل من دور الحکومة، وتعزيز دور الحوکمة.

(د) مبادئ الحوکمة :[20]

  1. المشارکة:

تعني أن المشارکة هي حجر الزاوية الرئيسي للحکم الرشيد، و يمکن أن تکون إما مباشرة أو من خلال مؤسسات شرعية وسيطة أو ممثلين، کما أن الإدارة الحکومية ينبغي أن تستعين بأفکار وجهود القطاعات المختلفة للمجتمع تعزيزًا لمبدأ الديمقراطية في الأساس قبل الاستجابة لضغوط خارجية من المؤسسات الدولية المانحة، لأنها بذلک تکتسب صفة المصداقية في صنع وتنفيذ السياسات العامة والمشارکة و لا بد أن يکون لها إطارًا تنظيميًا يعضد المشارکة الحقيقية لمنظمات المجتمع المدني، وهذا يتطلب توافر الحرية لمنظمات المجتمع المدني للمشارکة الفعالة في أمور الدولة والمجتمع.

  1. التوافق في الآراء:

وتعني أن الحوکمة تقتضي الوساطة بين المصالح المختلفة في المجتمع من أجل التوصل إلي توافق آراء واسع النطاق علي ما هو في مصلحة المجتمع وکيفية تحقيق ذلک، من أجل التنمية البشرية المستدامة، وکيفية تحقيق أهداف هذه التنمية.

  1. المساءلة:

وهي تعني أن يکون متخذو القرار في کل من الحکومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني مسؤولين أمام الجمهور ودوائر محددة ذات علاقة، وکذلک أمام من يهمهم الأمر ولهم مصلحه في هذه المؤسسات، والمساءلة لا تقتصر علي مساءلة المؤسسات بل تمتد لتشمل القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني والتي يجب أن تکون مسؤولة أمام کافة الأطراف المشارکة في المجتمع.

  1. الشفافية:

الشفافية تعني في المقام الأول أن تکون عمليات صنع القرار وتنفيذه بإتباع الأسس القانونية والضوابط الحاکمة المعلنة، کما تعني حرية تدفق المعلومات بحيث تکون العمليات والمعلومات في متناول المعنيين بها، وتکون المعلومات المتوفرة کافية لفهم ومتابعة العمليات في المؤسسات، والشفافية هي مطلب يساعد علي تيسير عملية المساءلة نظرًا لتوافر کافة المعلومات المطلوب معرفتها حول القرارات والعمليات التي يقوم بها أي من فاعلي التنمية. وفي تعريف آخر للشفافية " تعني أن القرارات التي اتخذت وکيفية تنفيذها تتم بطريقة تتبع القواعد والأنظمة".

  1. الشراکة:

وتعني تألف وتحالف بين طرفين أو أکثر لتحقيق أهداف محددة أو مشروعات متفق عليها في إطار من المساواة واحترام الآخر، حيث يکون لکل طرف إمکانيات يستطيع أن يسهم بها تتکامل مع إمکانيات الطرف الآخر في عملية تعظيم للمردود.

  1. الفعالية والکفاءة:

وهي تتحقق عند حسن استغلال الموارد البشرية والمالية والمادية من قبل المؤسسات لتلبية الاحتياجات المحددة، حيث أنه من خلال التعرف علي الاحتياجات عن طريق المشارکة فإنه يجب علي کل المؤسسات المعنية بالتخطيط أو التنفيذ الاستغلال الأمثل للموارد حتي يمکن الحصول علي النتائج المرجوه.  

 

ثانيًا- الإدارة المحلية:

     إن الإدارة المحلية لم تحظ بالدراسات الأکاديمية إلا منذ وقت قريب، فقد بدأ الاهتمام بهذا الحقل العلمي من جانب رجال القانون العام والسياسيين أواخر القرن التاسع عشر، وبقيت دراسة الإدارة المحلية فرعًا من دراسات القانون العام ليصبح علمًا قائمًا بذاتة.

 ولقد عُرف نظام الإدارة المحلية منذ زمن بعيد غير أنه لم يأخذ شکله القانوني وسمته النظامي إلا بعد قيام الدولة الحديثة، ذلک أن الدولة الحديثة ازدادت أعباؤها تجاه المواطنين، مما جعل نقل أو تفويض بعض هذه الأعباء إلي الوحدات المحلية أمراً لا محيد عنه.

وتحتل الإدارة المحلية مرکزاً هاماً في نظام الحکم الداخلي، کما تقوم بدور فعال في التنمية الاجتماعية والاقتصادية، لتميزها بأنها إدارة قريبة من المواطنين نابعة من صميم الشعب، کما إن قربها من المواطنين يجعلها أقدر علي أدراک طبيعة الظروف والحاجات المحلية، کما يمنحها دعماً لحشد الطاقات وتعبئة الموارد ويهييء لها فرص النجاح في تنفيذ السياسات القومية لتصبح واقعاً ملموساً يحقق تطلعات المواطنين. ومن ثم تعتبر الإدارة المحلية بمثابة قناة تجمع وتحلل مشکلات المجتمع وحاجاته من جانب، وتعيد إلي هذا المجتمع حل هذه المشکلات[21]         

وتعني الإدارة المحلية وجود وحدات محلية تقوم بإدارة شؤونها المحلية بنفسها من خلال هيئات أو مجالس محلية لها صلاحيات محددة لإدارة المجتمع المحلي[22].

          وتعتبر الإدارة المحلية تنظيمًا إداريًا تخضع فيه السلطات المحلية للتعليمات والسياسات العامة الصادرة من الحکومة المرکزية والمتعلقة بإدارة شؤون منطقة جغرافية معينة وتکون جزءًا من الهيکل الإداري للدولة.

کما تعتبر الإدارة المحلية في الدول النامية أسلوب يتم إتباعه بسبب الظروف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.

ويعرف البعض الإدارة المحلية بأنها أسلوب إداري بمقتضاه يقسم إقليم الدولة إلي وحدات، يشرف علي إدارة کل وحدة منها هيئة تمثل الإدارة العامة علي أن تستقل هذه الهيئات بموارد مالية ذاتية وترتبط بالحکومة المرکزية بعلاقات يحددها القانون[23]

وتعتبر الإدارة المحلية أسلوباً في اللامرکزية الإدارية تقوم بموجبة الحکومة المرکزية بتفويض جزء من صلاحيتها الإدارية إلي السلطات المحلية في المناطق الجغرافية المختلفة في الدولة، وتبعاً لذلک تعتبر الإدارة المحلية تنظيمًا إداريًا يخضع للتوجيهات والتعليمات الصادرة عن مؤسسات الحکومة المرکزية وهي بالتالي جزء من التنظيم الإداري العام للدولة، ولإيجاد إدارة محلية فعالة تقوم بممارسة نشاطاتها يتطلب تقسيم الدولة جغرافيًا إلي أقاليم حتي يتم تحديد صلاحيات الوحدات المحلية الواقعة ضمن کل إقليم منها، ويؤخذ في الاعتبار عند إجراء هذه التقسيمات عامل الکفاءة الإدارية والتنظيمية بحيث تکون هذه الوحدات ذات حجم معقول تستطيع معه تقديم الخدمات للسکان بکفاءة [24].

          کذلک يتطلب الأمر أن تتمتع هذه الوحدات بسلطات تنفيذية تضمن لها قدرًا من الاستقلال الإداري والمالي في تنظيم أمورها واتخاذ القرارات التي تراها مناسبة للمجتمع المحلي الموجودة فيه. أيضاً أن تکون هناک علاقة مع الحکومة المرکزية تعتمد علي المساعدات المالية من إعانات ومنح  تقدم للإدارة المحلية لتنفيذ برامج معينة أو لتغطية العجز في موازنتها ومواردها المحلية. 

           ويلاحظ أن العديد من دول العالم الثالث تطبق أنظمة إدارة محلية تتضمن سيطرة کبيرة للحکومة المرکزية وأجهزتها علي مقاليد الأمور، خاصة في ظل ظروف نشأة هذه الدول وتطورها ووجود العديد من التناقضات في مجتمعاتها التي تضم طوائف وفئات متباينة الأمر الذي يتطلب تقوية الوحدة والانتماء الوطني.

ولأن الإدارة المحلية  يفترض أن تکون نابعة من الشعب فهي وحدها التي تستطيع تأکيد وحدة المجتمع واستثارة الرأي العام المحلي للاهتمام بالتنمية وإشراک المواطنين في الوصول إليها، فالمساهمة الشعبية هي روح الإدارة المحلية، والمحور الذي ترتکز عليه، ولقد أصبح من الأمور المؤکدة أن علي الإدارة المحلية أن تلعب دروًا أساسيـًا في عملية التنمية الشاملة والمستدامة.

ويرى الباحث أنه من الممکن أن يعود تطبيق نظام الإدارة المحلية بفوائد عديدة علي المناطق المحلية والسلطة المرکزية مثل تخفيف الضغوط عن الإدارة المرکزية، تکوين روح المبادأة والاجتهاد وتخفيض الفترة الزمنية التي يتطلبها صنع القرار المرکزي في حالة تحويله إلي قرار محلي والتنسيق بين مختلف الأجهزة المرکزية من جهة وبين المناطق المحلية من جهة أخري.  

          وقد وقع بعض من الکتاب والممارسين في خطأ مفاهيمي وذلک باستخدام مصطلحات      " الإدارة المحلية " والحکم المحلي" و " المرکزية " کمترادفات للتعبير عن نمط الإدارة دون التمييز فيما بينهم في حين أن کلاٌ منهم يمثل نمطاً إدارياً مختلفاً.

والجدول أدناه يوضح بعض الفروق فيما بينهم: -

جدول (3) الفرق بين اللامرکزية والإدارة المحلية والحکم المحلي

اللامرکزية

الإدارة المحليــة

الحکـم المحـلي

  لا تقتصر على أقاليم محددة

   تأخذ الخصائص السکانية أو وحدة المصلحة أو الانتماء

  عـدم الاستقلالية

 الصلاحيات ممنوحة بموجب قرار إداري للأجهزة التنفيذية المحلية

  لا تتضمن مجالس منتخبة .

 الموقع ( المکان) ليس عنصراً أساسياً العنصر الأساسي هو الغرض وليس المکان.

   تنفيذية فقط

  تختص بأقاليم ذات خصائص سکانية واقتصادية محددة ومتجانسة

   تتضمن مجالس شعبية منتخبـة

   استقلال الأجهزة الإدارية التنفيذية.

   صورة من صور الحکم المحلي

  الصلاحيات ممنوحة بموجب التشريع ولا تنزع إلا بقرار تشريعي

  الموقع الجغرافي عنصر أساسي في الإدارة المحلية. 

       قضـائي

       شريعي

       تنفيـذي

    درجة عالية من استقلال الأجهزة       التنفيذيـة عن الجهاز المرکزي للدولة .

       يشمل الإدارة المحلية

       الصلاحيات ممنوحة بموجب التشريع.

    تتضمن مجالس منتخبة.

       الموقع عنصر أساسي

من إعداد الباحث

ولذا فالإدارة الإدارة المحلية تعتبر طريقة من طرق الإدارة وليست صورة من صور الحکم، وهي جزء من السلطة التنفيذية، لا تشمل کل وظيفة الدولة الإدارية، بل تتناول إدارة المرافق المحلية تارکة المرافق القومية للسلطة المرکزية.

بعض المصطلحات في الإدارة المحلية[25]:-

(أ) المرکزية الإدارية : تعني تجميع السلطات وحق اتخاذ القرار بيد الحکومة وعدم استقلال الوحدات الإدارية في مجال اتخاذ القرارات الإدارية وقيام ممثلي السلطة المرکزية في الأقاليم ببعض الأنشطة الإدارية حسب توجيهات الحکومة المرکزية، ويوجد نوعان من المرکزية:

1- الترکيز الإداري: أي ترکيز اتخاذ القرارات في العاصمة ولا تعطي سلطة للأقاليم حيث يکون الرجوع إلي الوزير المختص في جميع الأمـور مهما کانت بسيطة أو معقدة.

2- عدم الترکيز الإداري: ويعني عدم ترکيز کافة الصلاحيات بيد الوزير بل تفوض بعض الاختصاصات إلي العاملين في الأقاليم.

(ب) الإدارة المحلية : هي الوحدات التي تتمتع بشخصية اعتبارية ويمثلها مجالس منتخبه من المجتمع المحلي لإدارة مصالحها المحلية تحت إشراف ورقابة الحکومة المرکزية، وهنا نلاحظ أن هذا الاتجاه يرتبط بفکرتين أساسيتين هما اللامرکزية والديمقراطية .

مقوماتالمحليات:

منأهمالمقوماتالتيتستندعليهانظمالمحلياتمايأتي:-

  • ·         مساحةذاتکيانمحدد،قدتکونهذهالمساحةقريةأومدينةأوتقسيمجغرافيإداريأکبر

    کالمحافظةأوالإقليم.

  • ·         سلطةمحليةشرعيةتستندإليالدستور،ويحددالقانوناللوائحواختصاصاتهاومسؤولياتها.
  • ·         ميزانيةخاصةلکلوحدةمحلية،تتکونمواردهامنثلاثعناصررئيسية : تمويلمحلي، معونةماليةمنالسلطةالمرکزية،هباتوتبرعات.
  • ·         أجهزةإداريةتنفيذيةمحليةتخضعللسلطةالمحليةمباشرة،تتوليکافةمجالاتالأنشطةذات الطابعالمحليومايُعهدبهإليهامنالأجهزةالمرکزية.

مفهوم المشارکة المجتمعية في النظـام المحلي[26]:

          يقصد بها مساهمة المواطنين ومنظمات المجتمع المدني بدرجة أو بأخري في التصميم والإشراف علي تنفيذ السياسات المحلية سواء بجهدهم الذاتي أو بالتعاون مع المؤسسات الحکومية المرکزية أو المحلية، والجدير بالذکر أنه لا توجد دولة في مشارق العالم ومغاربه لا تهتم بالمشارکة الشعبية -  فالحکومات لا يمکن أن تدعي الشرعية إلا عن طريق المشارکة الشعبية الممثلة في الانتخابات کما لا يمکن لأي دولة أن تحقق التقدم إلا بمواردها البشرية – فالمشارکة حق المواطنين.

أنـواع المشارکة:

1- المشارکة الإنمائية : يقصد بها مشارکة المواطنين في المشاريع الإنمائية عن طريق قيام الأهالي بتمويل هذه المشاريع أو المساهمة بالمجهود مما يخفف الضغط علي الموارد المرکزية لإدارة التنمية ويزيد من قدرات التنمية، ولکي تنجح عملية التنمية لا بد أن تکون نابعة من الداخل تعتمد فيها الدولة علي أهم مواردها ألا وهو العنصر البشري.

2- المشارکة السياسية : يقصد بها مشارکة المواطنين في عملية صنع القرار أو التأثير فيه بهدف تحقيق نوع من الرقابة علي الأجهزة التنفيذية بما يضمن تحقيق التنمية من خلال المواطنين، کما ينبثق عنها المشارکة الشعبية السياسة : المتمثلة في حق الانتخاب تمثل رکن هام وأساسي من أرکان نظم الحکم المحلي، وإذا فقد أي نظام هذا الرکن أصبح هذا النظـام غير شرعي وإذا کان القائم بالعملية الانتخابية (المواطن) غير واع  قد ينتخب أشخـاص غير کفء إلي السلطة مما يؤدي إلي فشل النظام وانهياره وإن کان المواطن القائم بالعملية الانتخابية علي درجة عالية من الوعي فإن الأشخاص الذين يصلون إلي السلطة يکونون کفء لها مما يؤدي إلى رفع الکفاءة الإدارية وبالتالي رفع مستوي الخدمة الذي يؤدي بالضرورة إلي دفع عجلة التنمية بأنواعها المختلفة .

3- المشارکة الشعبية الاقتصادية : أي تعاون الجهود الشعبية مع الجهود الحکومية في المشروعات الاقتصادية مما يؤدي بدوره إلي رفع المستوي المحلي اقتصاديًا.

أهمية المشارکة المجتمعية:

المشارکة المجتمعية مهمة ومفيدة للسلطات المحلية للتعرف علي أوجـه القصور والتعرف علي رغبات المواطنين، کما تُعد المشارکة المجتمعية مفيدة للمواطنين لتوصيل رغباتهم للمسؤولين الذين يؤثرون في عملية صنع القرار بما يخدم مصالحهم ولکي تتحقق هذه الفائدة يتطلب ذلک أن تکون منظمات المجتمع المدني و المحليات علي درجة عالية من الوعي بما يحقق التنمية الشاملة والمستدامة. 

الخاتمة:

      لا يراد من هذه الخاتمة سوي أن تبرز أهم النتائج التي أسفر عنها البحث وهي:

أولاً: يهدف منهج الحوکمة الي إعادة توزيع الأدوار بين شرکاء ثلاثة هم: الحکومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني، هذه الشراکة الثلاثية تحول دون إنفراد الحکومة وجهازها الإداري بإدارة الشأن العام، وتؤکد علي أهمية الأدوار التي يمکن أن تقوم بها القطاعات الثلاثة في تحقيق التنمية في ظل إقتصاد تنافسي قائم علي مبدأ الحرية الإقتصادية من خلال إيجاد أطر قانونية تعززها وتساهم في تطوير العمل بالمحليات، وتعمل علي تنمية الموارد البشرية عبر الإهتمام بالمجالات التعليمية والصحية وضمان مساواة الأفراد أمام القانون، بينما يقوم المجتمع المدني بتعبئة جهود الأفراد في المحليات لتشارک بفعالية في الأنشطة الإجتماعية والإقتصادية، وتقوم  بدورًا فعالاً في التأثير علي السياسات العامة.

ثانيًا: يُساهم منهج الحوکمة بشکل إيجابي في تطوير نظام العمل بالمحليات، وذلک من خلال تدعيم مبدأ المساءلة الإدارية، وزيادة الشفافية وتفعيل أليات المساءلة وتمکين المواطنين، بالإضافة الي رفع کفاءة إيصال الخدمات العامة.

ثالثًا: تعدُد دوافع تطبيق منهج الحوکمة في المحليات نابع من الرغبة في تحقيق التنمية الشاملة والاهتمام بتقديم الخدمات التي تلبي إحتياجات المواطنين وتدعيم حالة الإستقرار الإجتماعي والسياسي، وتحقيق التوازن بين الدولة والمجتمع وتدعيم المشارکة الشعبية، لما لذلک من إسهام وتعزيز لقدرة المحليات في تحقيق أداء أفضل.

رابعًا: تتطلب المنظومة العامة الجيدة للحکومة تحولاً جوهريًا في دور الدولة في مقابل التحول في دور الفاعلين والأطراف أصحاب المصلحة فى التنمية، هذا التحول يتطلب إجراء سلسلة من الإصلاحات التشرعية والإدارية والسياسية ( إعادة النظر فى  القانون رقم 43 لسنة 1979 الصادر بشأن الإدارة المحلية)، بما يعطي المحليات سلطات أوسع تتلائم مع الدور المنوط بها.

تأسيسًا علي ما سبق فإنه من الأهمية بمکان تسليط الضوء علي التحديات التي تواجه المحليات بهدف فتح آفاق للدراسات الميدانية والبحث العلمي في الجزئيات والفروع ، دون غياب النظرة الشمولية المتکاملة والتوجه إلي الدراسات الميدانية الجادة في مختلف مجالات أنشطـة المحليات.

 
هوامش الدراسة
[1]- عبد المجيد، محمد محمود (2014):  مراجعة التزام المؤسسات المصرية بمنهج الحوکمة " إطار عام مفتوح" المؤتمر السنوي الثالث عشر لإدارة الأزمات ، إدارة  أزمة الدعم وفعاليات العدالة الاجتماعية – جامعة عين شمس
[2]- محمود ،سمير عبد الغني (2016) : حوکمة منظمات الأعمال، کتاب الأهرام الاقتصادي ، العدد 249
[3]-  دکروري، محمد متولي (2014) :حوکمة المؤسسات في ضوء المبادرات الدولية والتجربة المصرية مع الترکيز علي دور المحليات ، المؤتمر السنوي الثالث عشر لإدارة الأزمات إدارة أزمة الدعم وفعاليات العدالة الاجتماعية، جامعة عين شمس.
[4]-  زهران، علي السيد(2014) :أساليب إدارة المدن بالتطبيق علي محافظة القاهرة ، رسالة دکتوراه غير منشورة ، جامعة الأزهر
[5]-  شتا، محمد (2013) :العلاقات التنظيمية بين أجهزة الإدارة المحلية ، رسالة دکتوراه غير منشورة ، جامعة المنوفيـة .
[6]-  خليل ،أحمد خليل (2015) : مشکلات إدارة التنمية المحلية في قطاع الخدمات ، رسالة دکتوراه غير منشورة، جامعة أسيـوط.
[7]-  محمود، منال  (2015):  دور المحليات في اتخاذ القرارات المتعلقة ببرامج التنمية المحلية ، رسالة دکتوراه غير منشورة ، جامعة الإسکندرية.
[8]-Clayton, A. (ed) (2014). Governance, Democracy, and What Conditionality Role of NGOs, London: Intrac Publication, ,p.36
9- Friscbtak, L. & Stiyas, I. (2015).  Governance , Leadership and Communication, Washington: World Bank Publications, p.4
10- الباز،شهيدة.(2009): المنظمات الأهلية العربية علي مشارف القرن الحادي والعشرين، محددات الواقع وآفاق المستقبل، بحث مقدم الي المؤتمر الثاني للمنظمات الأهلية العربية، القاهرة. 
11- العلواني، حسن. (2011): صنع القرار المحلي في إطار مفهوم إدارة شؤون الدولة والمجتمع، دراسة للوحدات المحلية بمرکز فوه، مرکز دراسات وإستشارات الإدارة العامة ص140
12- محمد، حسين عثمان.(2011): أثر العدالة التنظيمية علي بلورة التماثل التنظيمي في المؤسسات العامة الأردنية، دروس في الإدارة العامة ، الدار الجامعية ، ص67، القاهرة.
13- رشيد، أحمد. (2011): نظرية الإدارة العامة. السياسة العامة والإدارة، دار المعارف،القاهرة.
 
14 - The World Bank. (2012). Governance and Development, Washington D.C: World Bank Publication. P.1 
15-United Nation Development Program. (2007). Governance for Sustainable Human Development, a UNDP Policy Development, New York: UNDP, P.3
16- جمعة، سلوى شعراوي.(2011): مفهوم إدارة شئون الدولة والمجتمع: إشکاليات نظرية، القاهرة.
17-David Osborn & Ted Gaebler.(2012) Reinventing Government New York: a wesly Publishing Company Inc.
18 - أفندي، عطية حسين.(2009): دور المنظمات غير الحکومية في إدارة شئون الدولة والمجتمع. ص21، القاهرة
19- Joan, C. (ed.), Governance Concepts and Applications, Brussels: United Nation Development Program, Op Cit, P4     
20- United Nation Development Program. (2007). Governance for Sustainable Human Development, a UNDP Policy Development, New York: UNDP, P.3
21 -David Osborn & Ted Gaebler.(2012) Reinventing Government New York: a wesly Publishing Company Inc..
22- الکايد، عبد الکريم.(2015): الحکمانية،  منشورات  المنظمة العربية للتنمية الإدارية، ص92، القاهرة
23- عبد الفتاح، محمد سعيد. (2015): الإدارة العامة، الطبعة الخامسة، ص68 القاهرة.
24-شيخا، إبراهيم عبد العزيز. (2011): أصول الإدارة العامة. القاهرة.
25- الصحن، محمد فريد. (2013): الإدارة العامة المباديء والتطبيق، الدار الجامعية، القاهرة
26 - رشيد، أحمد. (2011): نظرية الإدارة العامة. السياسة العامة والإدارة، دار المعارف،القاهرة.
27- محمد، حسين عثمان.(2011): أثر العدالة التنظيمية علي بلورة التماثل التنظيمي في المؤسسات العامة الأردنية، دروس في الإدارة العامة ، الدار الجامعية ، ص67، القاهرة.
28- United Nation Development Program. (2007). Governance for Sustainable Human Development, a UNDP Policy Development, New York: UNDP, P.3