أثر قانون الأحزاب السياسية لعام 2015 في المشارکة الحزبية في انتخابات المجلس النيابي الأردني الثامن عشر عام 2016

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

• أستاذ مساعد، کلية عمان الجامعية، جامعة البلقاء التطبيقية، الأردن.

المستخلص

تهدف الدراسة إلى التعرف على أثر قانون الأحزاب السياسية لعام 2015،في المشارکة الحزبية في انتخابات المجلس النيابي الأردني الثامن عشر،لا سيما على مستوى المشارکة فيها،ومستوى التمثيل في مجلس النواب الأردني الثامن عشر. وتقوم الدراسة على فرضية أن هناک علاقة إيجابية بين قانون الأحزاب السياسية لعام 2015،وبين مستوى المشارکة في الانتخابات النيابية لعام 2016،ومستوى التمثيل في المجلس النيابي الأردني الثامن عشر.ولتحقيق هدف الدراسة،واختبار فرضيتها،اتبع الباحث المنهج المقارن،ومنهج تحليل النظم.وقد توصلت الدراسة إلى عدة نتائج من أهمها:عدم صحة فرضية الدراسة،حيث يُلاحظ عدم وجود علاقة إيجابية بين قانون الأحزاب السياسية لعام 2015،وبين مستوى المشارکة في انتخابات عام 2016،ومستوى التمثيل في المجلس النيابي الثامن عشر.ولذلک توصي الدراسة بتعديل بعض مواد قانون الأحزاب السياسية لعام 2015.فضلا عن تعديل بعض القوانين الناظمة للحياة السياسية في الأردن،والتي لها مساس مباشر في فعالية الأحزاب السياسية،ومنها قانون الانتخاب.

نقاط رئيسية

تعد الأحزاب السياسية من أهم مرتکزات الديمقراطية،ومطلبا حيويا من أجل العمل الديمقراطي،ونظرا لطبيعة الأدوار والوظائف التي تؤديها الأحزاب،اقتضى الأمر وجودأطر قانونية تنظم الحياة الحزبية من جميع جوانبها.وبطبيعة الحال فإن هذه الأطر تختلف من دولة إلى أخرى،تبعا لطبيعة تجربتها السياسيةوالاقتصادية والاجتماعية،ومدى تطورها.ومن الجدير بالذکر،أن التنظيم القانوني للأحزاب السياسية يعد تطورا حديثا نسبيا،إذ لم تظهر النماذج الأولية للتنظيمات المؤثرة في عمل الأحزاب حتى الأربعينيات من القرن الماضي)[i](،وذلک بعد أن أدرکت الدول المتقدمة أهمية الحياة الحزبية کنهج لإدارة شئونها،بما يتيح للشعب من خلال الأحزاب السياسية المشارکة في صنع القرار.

    يعد الأردن من الدول التي مرّ بها التنظيم الحزبي بتطورات هامة،فقد ظهرت الأحزاب السياسية فيه منذ تأسيس الدولة عام 1921،وکُرِّس الحق في تأسيسها بموجب الدستور والقوانين الناظمة للعمل الحزبي،وقد صدر منذ عام 1921 وحتى عام 2015 ثمانية قوانين حزبية.

لقد دفعت عدة عوامل باتجاه ضرورة إقرار قانون جديد للأحزاب السياسية الأردنية عام 2015،منها استمرارية مطالبة الأحزاب السياسية بإجراء تعديلات جوهرية على قانون الأحزاب متوافقة مع روح التغيير والتطور،مستغلّة الخطاب الملکي الإيجابي تجاه الأحزاب السياسية،والذي يبدو واضحا من خلال خطابات العرش السامي،وکتب التکليف السامي،عدا عن المبادرات الإصلاحية الملکية،ومنها مبادرة الأردن أولا،وکلنا الأردن،وتشکيل لجنة الحوار الوطني،والأوراق النقاشية التي دعا من خلالها الملک إلى تطوير وتحفيز الأحزاب السياسية([ii]).ومن العوامل کذلک،ضعف مشارکة المواطنين في عضوية الأحزاب السياسية،وتحقيق الأحزاب لنتائج غير مشجعة في معظم الانتخابات النيابية.وأخيرا لا بد من الإشارة إلى موجات الربيع العربي،التي دفعت باتجاه إجراء العديد من الإصلاحات السياسية في الأردن،من ضمنها إقرار قانون جديد للأحزاب السياسية.

 

الكلمات الرئيسية


أثر قانون الأحزاب السياسية لعام 2015 في المشارکة الحزبية في انتخابات المجلس النيابي الأردني الثامن عشر عام 2016

 

 

مُستخلص

تهدف الدراسة إلى التعرف على أثر قانون الأحزاب السياسية لعام 2015،في المشارکة الحزبية في انتخابات المجلس النيابي الأردني الثامن عشر،لا سيما على مستوى المشارکة فيها،ومستوى التمثيل في مجلس النواب الأردني الثامن عشر. وتقوم الدراسة على فرضية أن هناک علاقة إيجابية بين قانون الأحزاب السياسية لعام 2015،وبين مستوى المشارکة في الانتخابات النيابية لعام 2016،ومستوى التمثيل في المجلس النيابي الأردني الثامن عشر.ولتحقيق هدف الدراسة،واختبار فرضيتها،اتبع الباحث المنهج المقارن،ومنهج تحليل النظم.وقد توصلت الدراسة إلى عدة نتائج من أهمها:عدم صحة فرضية الدراسة،حيث يُلاحظ عدم وجود علاقة إيجابية بين قانون الأحزاب السياسية لعام 2015،وبين مستوى المشارکة في انتخابات عام 2016،ومستوى التمثيل في المجلس النيابي الثامن عشر.ولذلک توصي الدراسة بتعديل بعض مواد قانون الأحزاب السياسية لعام 2015.فضلا عن تعديل بعض القوانين الناظمة للحياة السياسية في الأردن،والتي لها مساس مباشر في فعالية الأحزاب السياسية،ومنها قانون الانتخاب.

کلمات مفتاحية :قانون الأحزاب السياسية، النظام الحزبي، النظام السياسي الأردني، مجلس النواب الأردني.

مقدمـــة:

تعد الأحزاب السياسية من أهم مرتکزات الديمقراطية،ومطلبا حيويا من أجل العمل الديمقراطي،ونظرا لطبيعة الأدوار والوظائف التي تؤديها الأحزاب،اقتضى الأمر وجودأطر قانونية تنظم الحياة الحزبية من جميع جوانبها.وبطبيعة الحال فإن هذه الأطر تختلف من دولة إلى أخرى،تبعا لطبيعة تجربتها السياسيةوالاقتصادية والاجتماعية،ومدى تطورها.ومن الجدير بالذکر،أن التنظيم القانوني للأحزاب السياسية يعد تطورا حديثا نسبيا،إذ لم تظهر النماذج الأولية للتنظيمات المؤثرة في عمل الأحزاب حتى الأربعينيات من القرن الماضي)[1](،وذلک بعد أن أدرکت الدول المتقدمة أهمية الحياة الحزبية کنهج لإدارة شئونها،بما يتيح للشعب من خلال الأحزاب السياسية المشارکة في صنع القرار.

    يعد الأردن من الدول التي مرّ بها التنظيم الحزبي بتطورات هامة،فقد ظهرت الأحزاب السياسية فيه منذ تأسيس الدولة عام 1921،وکُرِّس الحق في تأسيسها بموجب الدستور والقوانين الناظمة للعمل الحزبي،وقد صدر منذ عام 1921 وحتى عام 2015 ثمانية قوانين حزبية.

لقد دفعت عدة عوامل باتجاه ضرورة إقرار قانون جديد للأحزاب السياسية الأردنية عام 2015،منها استمرارية مطالبة الأحزاب السياسية بإجراء تعديلات جوهرية على قانون الأحزاب متوافقة مع روح التغيير والتطور،مستغلّة الخطاب الملکي الإيجابي تجاه الأحزاب السياسية،والذي يبدو واضحا من خلال خطابات العرش السامي،وکتب التکليف السامي،عدا عن المبادرات الإصلاحية الملکية،ومنها مبادرة الأردن أولا،وکلنا الأردن،وتشکيل لجنة الحوار الوطني،والأوراق النقاشية التي دعا من خلالها الملک إلى تطوير وتحفيز الأحزاب السياسية([2]).ومن العوامل کذلک،ضعف مشارکة المواطنين في عضوية الأحزاب السياسية،وتحقيق الأحزاب لنتائج غير مشجعة في معظم الانتخابات النيابية.وأخيرا لا بد من الإشارة إلى موجات الربيع العربي،التي دفعت باتجاه إجراء العديد من الإصلاحات السياسية في الأردن،من ضمنها إقرار قانون جديد للأحزاب السياسية.

أهمية الدراسة

يعد قانون الأحزاب السياسية من أهم القوانين الناظمة للحياة السياسية في کافة الدول،فمن خلاله تنظم الأحکام والإجراءات المتعلقة بتأسيس الأحزاب السياسية ونشاطاتها،کما أنه يضمن التعددية الحزبية،ويضمن حرية الأفراد في تأسيس الأحزاب السياسية والانضمام إليها.وعلى الرغم من کثرة القوانين التي نظّمت الحياة الحزبية في الأردن،إلا أنها لم تنعکس على واقع الحياة الحزبية فيه،حيث بقيت الأحزاب ضعيفة وبعيدة عن دائرة اهتمام المواطنين،وذلک بسبب وجود العديد من الإشکاليات الإجرائية والموضوعية التي تحد من فعالية الأحزاب السياسية.وتأتي أهمية هذه الدراسة لمعرفة الأثر الذي يمکن أن يُحدثه قانون الأحزاب السياسية لعام 2015 في المشارکة الحزبية في انتخابات عام 2016، على مستوى المشارکة في الانتخابات النيابية، ومستوى التمثيل في المجلس النيابي، سواء أکان ذلک بشکل سلبي أم إيجابي.

هدف الدراسة

    تهدف الدراسة إلى تحقيق الأهداف الآتية:

-         التعرف على تطور الإطار القانوني المنظم للأحزاب السياسية في الأردن.

-         التعرف على أهم التعديلات التي جاء بها قانون الأحزاب السياسية لعام 2015.

-         التعرف على أثر قانون الأحزاب على مستوى المشارکة في الانتخابات النيابية لعام 2016 ، ومدى تمثيل الأحزاب في المجلس النيابي الثامن عشر.

مشکلة الدراسة وتساؤلاتها

    تعتبر الأحزاب السياسية فاعلا حيويا في المجتمعات الديمقراطية،وإذا ما تم تشريع قانون خاص بها- لا يشترط في بعض الدول الديمقراطية إصدار قانون خاص بالأحزاب السياسية-فإنه يجب أن يهدف بشکل عام إلى فعالية تلک الأحزاب،وهنا تکمن مشکلة هذه الدراسة،ففي ظل التعديلات المتکررة لقانون الأحزاب السياسية في الأردن،والتي کان آخرها عام 2015،فإنه ينتظر من هذا القانون زيادة فعالية الأحزاب السياسية على الساحة المحلية،لا سيما على مستوى المشارکة في الانتخابات النيابية،ومستوى التمثيل في المجلس النيابي الثامن عشر.وتبعا لذلک سيقوم الباحث بدراسة التعديلات التي تضمنها القانون،وأثرها في فعالية الأحزاب السياسية الأردنية على المستويين السابقين،وذلک انطلاقا من متغيرين:أولهما مستقل،وهو قانون الأحزاب السياسية لعام 2015، والآخر تابع، وهو مستوى المشارکة في الانتخابات النيابية، ومستوى التمثيل في المجلس النيابي الثامن عشر.وبناء على ذلک، يمکن صياغة تساؤل الدراسة الرئيس على النحو الآتي: ما أثر قانون الأحزاب السياسية لعام 2015،في مستوى المشارکة في انتخابات عام 2016 ،ومستوى التمثيل في المجلس النيابي الأردني الثامن عشر؟ ويتفرع عنه عدة أسئلة فرعية أهمها:

-              کيف تطور الإطار القانوني المنظم للأحزاب السياسية في الأردن؟

-              ما هي أهم التعديلات التي تضمنها قانون الأحزاب السياسية لعام 2015؟

-              ما هي الفروقات الجوهرية عن القوانين الحزبية السابقة؟

-              ما هو دور قانون الأحزاب الجديد في فعالية الأحزاب السياسية على مستوى المشارکة في الانتخابات النيابية والتمثيل في مجلس النواب الثامن عشر؟

فرضية الدراسة

تنطلق الدراسة في الإجابة عن سؤالها الرئيس،من فرضية قوامها أن هناک علاقة إيجابية بين قانون الأحزاب السياسية لعام 2015،وبين زيادة نسبة المشارکة في الانتخابات النيابية لعام 2016،ومستوى التمثيل في المجلس النيابي الثامن عشر.

منهج الدراسة

    نظرا لطبيعة الدراسة،فإنها ستسير على منهجين،أولهما المنهج المقارن،والذي يهدف إلى الوقوف على أوجه التشابه والاختلاف للظاهرة محل الدراسة؛وذلک لأنه ليس هناک مقارنة بين متشابهين أو مختلفين تماما،وبالتالي فإن دراسة قانون الأحزاب السياسية رقم(39) لسنة 2015 ومقارنته على الأقل بقانون الأحزاب السياسية رقم  16 لسنة 2012 کفيلة بإظهار أوجه التشابه والاختلاف بين هذين القانونين،وأثر ذلک في فعالية الأحزاب السياسية،لا سيما على مستويي المشارکة في الانتخابات النيابية،والتمثيل في المجلس النيابي الثامن عشر.أما ثاني هذه المناهج فيتمثل بمنهج تحليل النظم،الذي يستخدم في تحليل الظاهرة،وأهم المشکلات التي تواجهها،وکذلک التعرف على أهم خصائصها وکيفية تأثيرها على العناصر الأخرى داخل النظام،وفي هذه الدراسة سنتناول قانون الأحزاب السياسية لعام 2015،وأثره في فعالية الأحزاب السياسية الأردنية على المستويين السابقين، سواء أکان بشکل إيجابي أم سلبي([3]) .

مفاهيم الدراسة

الحزب السياسي:يعرف الحزب لغة بأنه جماعة من الناس،والجمع أحزاب،کما أنه يعني الطائفة([4]).أما کلمة سياسي فتُفيد القيام بشئون الرعية.کما جاءت بمعنى الإرشاد والهداية،وهي فن الحکم وإدارة أعمال الدولة الداخلية والخارجية([5]).أما اصطلاحا فيصعب النظر إلى الحزب من وجهة نظر واحدة،فهو کباقي الظواهر السياسية التي لها مدلولات متعددة، تعکس في الغالب وجهة نظر المفکرين والباحثين،ويمکن القول بضرورة توافر ثلاثة عناصر رئيسة عند تعريف الحزب السياسي ليسمى حزبا،وهي وجود تنظيم يتسم بالعمومية والاستمرارية،إضافة إلى وجود برنامج للحزب للحصول على تأييد المواطنين،وأخيرا سعي الحزب إلى الوصول إلى السلطة.وتبعا لذلک يمکن تعريف الحزب السياسي بأنه تجمع دائم لمجموعة من الأفراد يعملون معا من أجل الوصول إلى السلطة، وفق برنامج سياسي معين. 

قانون الأحزاب السياسية:يشير مفهوم قانون الأحزاب السياسية إلى مجموعة القواعد التي تضعها الدولة وتملي بها على الأحزاب للالتزام بالأعمال المشروع القيام بها،وتلک غير المشروعة.وقد حدد ريتشارد کيتز ثلاثة أهداف يجب أن ينص عليها قانون الدولة فيما يتعلق بالأحزاب السياسية وهي تحديد مقومات الحزب السياسي،وتنظيم أنواع النشاطات الحزبية،إضافة إلى الأشکال المناسبة من التنظيم والسلوک الحزبي.وتأسيسا على سالف الذکر،يعرف قانون الأحزاب بأنه أنظمة مبنية على قوانين الدولة،تحدد وضع الأحزاب القانوني،کما تحدد مقومات العضوية الحزبية،والشروط المحددة للأحزاب لتنظيم نفسها وحملاتها ولإدارة أموالها .....الخ([6]) .

المشارکة الحزبية:يمکن تعريف المشارکة الحزبية،بأنها تلک الأنشطة التي تمارسها الأحزاب السياسية بهدف تحقيق الغاية التي أنشئت من أجلها،والتي تتمثل أساسا بالوصول إلى السلطة أو الاستمرار فيها،وفقا لمبدأ التداول السلمي للسلطة.ولعل من أهم هذه الأنشطة،زيادة الوعي السياسي،والتجنيد السياسي،وطرح أفکار الحزب ومبادئه وبرنامجه السياسي،ومحاولة کسب تأييد الرأي العام للفوز بالانتخابات،وغيرها من النشاطات.وتتمثل المشارکة الحزبية في هذه الدراسة،بالمشارکة في الانتخابات النيابية،والتمثيل في مجلس النواب.

مجلس النواب:هو أحد مجلسي الأمة الأردني(الأعيان والنواب)،ويتألف من أعضاء منتخبين،انتخابا عاما وسريا ومباشرا،وفقا لقانون الانتخاب،وتبلغ مدته أربع سنوات شمسية،تبدأ من تاريخ إعلان نتائج الانتخاب العام في الجريدة الرسمية،وللملک أن يمدد مدة المجلس بإرادة ملکية،إلى مدة لا تقل عن سنة واحدة،ولا تزيد على سنتين([7]).

الدراسات السابقة

    تطرقت العديد من الدراسات السابقة إلى بعض جوانب هذه الدراسة،وإن کانت بشکل غير مباشر،وأهم هذه الدراسات ما يأتي:

  1. التطور التاريخي لقوانين الأحزاب السياسية في الأردن 1921/ 2011([8]). تناولت الدراسة تطور قوانين الأحزاب السياسية الأردنية،منذ عام 1921 وحتى عام 2011.وقد خلصت إلى أن مسألة قدرة الأحزاب السياسية على تشکيل الحکومات برلمانية،مرهونة بمراجعة جميع القوانين الناظمة للحياة السياسية،ومنها قانون الأحزاب السياسية،وذلک لإزالة المعوقات أمام العمل الحزبي.وأوصت الدراسة،بضرورة إيجاد قانون أحزاب عصري،تتفق عليه جميع الأحزاب السياسية،ويکون مدخلا لتشکيل حکومات برلمانية عمادها الأحزاب السياسية.
  2. التجربة الحزبية الراهنة وأثرها في الحياة السياسية الأردنية ما بين 1989/2008،تحليل وتقييم([9]).هدفت الدراسة إلى التعرف على معالم الحياة الحزبية في الأردن،والوقوف على أسباب تراجع فعالية الأحزاب السياسية.وقد توصلت الدراسة إلى جملة من الأسباب التي أدت إلى ذلک،منها التشريعات الأردنية الخاصة بالأحزاب السياسية،وضرورة تعديلها لتفعيل الحياة الحزبية الأردنية.
  3. التحول الديمقراطي وأثره على مشارکة الأحزاب السياسية في الأردن 1989/2013([10]).هدفت الدراسة إلى التعرف على العوامل التي ساهمت في عملية التحول الديمقراطي،والتعرف على الإطار الدستوري والقانوني المنظم للمشارکة السياسية الحزبية،ومعوقات العمل السياسي الحزبي في الأردن.وتوصلت الدراسة إلى عدة نتائج، منها أن قوانين الأحزاب السياسية في الأردن،لم تلب طموحات الأحزاب السياسية بالمشارکة السياسية والوصول إلى السلطة.
  4. القوانين الناظمة للعمل الحزبي في الأردن،موجبات المراجعة والتغيير([11]).تناولت الدراسة قانون الأحزاب السياسية الأردني لعام 2007،ومقارنته بنصوص قانون الأحزاب السياسية السابق لعام 1993،ومعرفة نقاط الاتفاق والاختلاف بينهما.کما تناولت الدراسة أثر التشريعات الناظمة للعمل العام على دور الأحزاب السياسية الأردنية.وأخيرا  تناولت الدراسة أثر قانون الأحزاب السياسية لعام 2007 على انتخابات مجلس النواب الخامس عشر عام 2007،وتشکيلة المجلس.وتوصلت الدراسة إلى عدة نتائج من أهمها:أنه لم يکن هناک أي أثر إيجابي لقانون الأحزاب السياسية لعام 2000، على مشارکة الأحزاب في انتخابات المجلس النيابي الخامس عشر
  5. مستوى المشارکة والتمثيل في المجلس النيابي الأردني السابع عشر عام 2013 ([12]).تناولت الدراسة مستوى المشارکة والتمثيل في المجلس النيابي الأردني السابع عشر عام 2013،استنادا إلى قانون الانتخاب الذي تم إقراره عام 2012.وتوصلت الدراسة إلى أن لقانون الانتخاب الجديد أثره الکبير على مستوى المشارکة والتمثيل في المجلس النيابي الأردني السابع عشر.

وتختلف هذه الدراسة عن الدراسات السابقة، بحسب اطلاع الباحث،من جانبين،أولهما أنها أول دراسة تتناول مستوى مشارکة الأحزاب في الانتخابات النيابية لعام 2016،ومستوى تمثيلها في مجلس النواب الثامن عشر،ومقارنة ذلک بمشارکة الأحزاب في الانتخابات النيابية لعام 2013،ومستوى تمثيلها في المجلس النيابي السابع عشر.أما الجانب الأخر،فيتمثل بتناول الدراسة لأثر قانون الأحزاب السياسية في مستوى المشارکة الحزبية في الانتخابات النيابية،ومستوى التمثيل في المجلس النيابي،في الوقت الذي رکزت فيه معظم الدراسات السابقة،على دراسة أثر قانون الانتخاب على فعالية الأحزاب السياسية بشکل عام.

 

أولاً: تطور الإطار القانوني المنظم للأحزاب السياسية في الأردن

يعد الاعتراف بشرعية تأسيس الأحزاب السياسية والانضمام إليها،من أهم الحقوق التي نصت عليها المواثيق والاتفاقيات الدولية،التي من أهمها،الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948 المادة 20([13]). والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لعام 1966 المادتان 20/21([14]).والاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشکال التمييز العنصري المادة 9([15]).کما رکزت العديد من الاتفاقيات الإقليمية على حق الأفراد في التنظيم على هيئة أحزاب سياسية، منها الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان عام 1950 المادة 11([16]).والاتفاقية الأمريکية لحقوق الإنسان عام 1969 المواد 13/15/16([17]).والميثاق العربي لحقوق الإنسان المادة 24([18]).والميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب المادتان 10،11([19]).

کما تعد الدساتير من أهم الأُطر القانونية التي تنظم هذا الحق،ومع ذلک نجد أن بعض الدول أغفلت ذکر الأحزاب السياسية في دساتيرها (السعودية، قطر، ماليزيا). وبالمقابل نجد دولا أخرى تناولت في دساتيرها حق تشکيل الأحزاب بأدق تفاصيلها (نيجيريا، ليبيريا).فيما تناولت دساتير دول أخرى جزئية معينة فيما يتعلق بهذا الحق منها الأردن([20]).کذلک تعد قوانين الأحزاب السياسية،من أهم الأطر القانونية التي تنظم عمل الأحزاب السياسية،ومن الجدير بالذکر أن بعض الدول تخلو من وجود قوانين حزبية شاملة ومتکاملة لضبط التنظيم الحزبي([21]) .

أما الأردن،فقد نظمت الحياة الحزبية فيه،استنادا إلى کثير مما جاء في المواثيق والاتفاقيات الدولية،إضافة إلى الدستور وقوانين الأحزاب السياسية الأردنية المختلفة،ويمکن في هذا الجانب تقسيم تطور الإطار القانوني المنظم للعمل الحزبي في الأردن إلى عدة مراحل:

المرحلة الأولى:مرحلة الإمارة 1921/1946

    استند الإطار القانوني المنظم للعمل الحزبي في هذه المرحلة إلى قانونين،أولهما قانون الجمعيات العثماني الصادر عام 1909،والذي عملت بموجبه الأحزاب السياسية الأردنية حتى صدور القانون الثاني،وهو قانون الجمعيات الأردني عام 1936،الذي عدّ الأحزاب السياسية القائمة بموجب القانون السابق منحلّة،مما استدعى تصويب أوضاعها وفق القانون الجديد[22].ومن الجدير بالذکر أن القانون الأساسي للإمارة(الدستور)،لم يأت على ذکر الأحزاب السياسية،وإنما نص في المادة(18)،على أن للأردنيين حق الاجتماع وتکوين الجمعيات في حدود القانون.وقد قسمت الأحزاب السياسية التي نشأت في تلک المرحلة إلى ثلاث مجموعات،أولها الأحزاب والتنظيمات التقليدية الموالية للحکومة،أما ثاني المجموعات فقد نشأت على خلفية معارضة الانتداب البريطاني،والمعاهدة الأردنية البريطانية لعام 1928.أما المجموعة الثالثة فهي الأحزاب والتنظيمات ذات الخلفية العقائدية([23]).

المرحلة الثانية:ما بعد الاستقلال وحتى عام 1957

شهد الإطار القانوني المنظم للحياة الحزبية في هذه المرحلة عدة تطورات، أهمها، صدور دستور عام 1952،الذي تضمن نصا صريحا على حق الأردنيين في تشکيل الأحزاب السياسية،على أن تکون غايتها مشروعة وذات نظم لا تخالف الدستور([24]).أما التطور الأخر فتمثل بصدور قانون تنظيم الأحزاب السياسية رقم(3) لعام 1954([25])،ومن ثم صدور قانون الأحزاب السياسية رقم (15) لعام 1955([26] ).ويذکر أن کلا القانونين عدّا الحزب السياسي هيئة مؤلفة من عشرة أشخاص فأکثر،غرضها تنظيم وتوحيد مساعيها في العمل السياسي.أما أهم الفروقات بينهما فتتمثل بأن قانون عام 1954 يعد أکثر ديمقراطية،وذلک لأنه ربط حق مجلس الوزراء في رفض ترخيص الحزب ببيان الأسباب الداعية لذلک،وإذا لم يتسلم الحزب إشعارا  بالنتيجة خلال 45 يوما،يحق له مباشرة نشاطه کما لو أنه سجّل حسب الأصول([27])،وفي حالة تبليغ الحزب بالرفض،فللحزب أن يعترض على قرار مجلس الوزراء،خلال مدة شهر لدى محکمة التمييز بوصفها محکمة عدل عليا([28]).بينما منح قانون عام 1955 الحق لمجلس الوزراء بمنح الترخيص أو رفضه،ويکون قراره قطعيا([29]).ومن جانب أخر أجاز قانون عام 1954 لمجلس الوزراء فقط الحق بوقف النشاط الحزب،مقابل حق الحزب بالاعتراض على القرار لدى محکمة التمييز بوصفها محکمة عدل عليا([30])،بينما نص قانون عام 1955،على حق مجلس الوزراء أن يقرر حل الحزب إذا اقتنع أنه خالف أحکام الدستور والقانون([31]).وقد تميزت هذه المرحلة بفعالية الحياة الحزبية،حيث تمکن الحزب الوطني الاشتراکي من التحالف مع الأحزاب القومية واليسارية،ليشکّل أول حکومة نيابية حزبية في الأردن،إلا أن تطور الأحداث لم يسمح لها بالاستمرار،وذلک بسبب دخول الأحزاب السياسية في صراع مع النظام السياسي،وخضوع الحکومة المشکّلة من قبلها لمؤثرات خارجية([32]).وبالتالي صدر قرار حظر النشاط الحزبي في 25/4/1957 في عهد حکومة إبراهيم هاشم،التي أعلنت الأحکام العرفية،استنادا إلى المادة 125 من الدستور الأردني([33]).ويذکر أن توجهات الأحزاب السياسية في تلک المرحلة،تراوحت ما بين التوجهات الدينية،واليسارية،والقومية،والوسطية([34]).

المرحلة الثالثة:حظر النشاط الحزبي 1957/1989

    بعد إقالة أول حکومة حزبية في الأردن،أُعلنت الأحکام العرفية،وصدر قرار بحل جميع الأحزاب السياسية،باستثناء جماعة الإخوان المسلمين،بوصفها جمعية،وليست حزبا،عدا عن علاقتها الجيدة من نظام الحکم،ووقوفها إلى جانبه في مواجهة القوميين والشيوعيين([35]).وقد شهدت تلک المرحلة الزجّ بقادة وناشطي الأحزاب السياسية،لا سيما القوميين والشيوعيين في السجون،ولم يفرج عنهم إلا في منتصف الستينيات في عهد حکومة وصفي التل الثانية،وبالرغم من ذلک بقيت الأحزاب السياسية تمارس نشاطها السري،حتى أواخر عام 1989،وذلک عندما أجريت انتخابات المجلس النيابي الأردني الحادي عشر([36]).

المرحلة الرابعة:ما بعد استئناف الحياة النيابية 1989/2016

    شهدت هذه المرحلة صدور أربعة قوانين حزبية،أولها قانون رقم 32 لعام 1992،والذي صدر بعد مخاض سياسي استمر منذ عام 1989 ولغاية عام 1992،حيث أفرزت انتخابات المجلس النيابي الحادي عشر عام 1989،واقعا سياسيا تطلب تنظيم العمل الحزبي وفقا للقانون([37]).وقد تأسس وفقا لهذا القانون 45 حزبا سياسيا،مثلت التيارات الإسلامية والقومية واليسارية والوسطية،إلا إنه نتيجة لکثرة الأحزاب السياسية التي أنشئت،إضافة إلى عمليات الانشقاق والاندماج في مختلف التيارات الحزبية،وتراجع مستوى مشارکة الأحزاب السياسية في الانتخابات النيابية،وکذلک مستوى تمثيلها في مجلس النواب،صدر قانون الأحزاب السياسية رقم 19 لعام 2007،مشددا على البنود الخاصة بتشکيل الأحزاب السياسية([38])،بهدف دمج وتوحيد الأحزاب الصغيرة،بالشکل الذي يؤدي إلى وجود أحزاب سياسية فعّالة،مما قلّص عدد الأحزاب الإجمالي عند صدور القانون إلى 16 حزبا([39])،وتأسّس فيما بعد 12 حزبا سياسيا([40]).إلا أن ذلک لم ينعکس على فعالية تلک الأحزاب، لا سيما على مستوى المشارکة في الانتخابات النيابية،ومستوى التمثيل في مجلس النواب.ونتيجة لذلک تم إصدار قانون جديد للأحزاب السياسية عام 2012،شمل عدة تعديلات من أهمها،إلغاء مرجعية وزارة الداخلية في الموافقة على تأسيس الأحزاب،وأسندت تلک المهمة،ولأول مرة إلى لجنة خاصة،تسمى لجنة شئون الأحزاب،ولکن برئاسة وزير الدخلية([41]).إضافة إلى إلغاء صلاحية وزير الداخلية بحل الأحزاب السياسية،وحصر ذلک بحالتين،الأولى وفقا لنظام الحزب الأساسي،والثانية بقرار قضائي وفقا لأحکام القانون([42]).وقد بقي هذا القانون السند القانوني لعمل الأحزاب،حتى صدور قانون الأحزاب السياسية رقم 39 لعام 2015.وهو ما يدفعنا إلى التساؤل في النقطة الآتية عن هذا القانون،وعن أهم التعديلات التي تضمنها.

ثانيا: أهم تعديلات قانون الأحزاب السياسية الأردنية رقم 39 لعام 2015

سوف نتناول فيما يأتي أهم التعديلات التي تضمنها قانون الأحزاب السياسية لعام 2015،ومقارنته على الأقل بالقانون السابق لعام 2012،ومعرفة ما إذا مثّل القانون الجديد تقدما أو تراجعا في موضوع تطوير وتنظيم العمل الحزبي:

  1. شروط العضوية والحد الأدنى للتأسيس

نص قانون عام 2015 في المادة6/أ،على ألا يقل عدد مؤسسي الحزب عن مائة وخمسين شخصا.ومن الجدير بالذکر أن عدد الأعضاء المؤسسين بموجب قوانين الأحزاب السياسية الأردنية السابقة،تراوح ما بين عشرة أعضاء في قانون تنظيم الأحزاب السياسية رقم(3) لعام 1954([43])،وقانون الأحزاب السياسية رقم(15) لعام 1955،وخمسين عضوا في قانون رقم(32) لعام 1992،وخمسمائة عضو بموجب قانون رقم (19) لعام 2007،وقانون رقم (16) لعام 2012،ومن ثم تراجع عدد المؤسسين في قانون رقم (39) لعام 2016 إلى مائة وخمسين عضوا. 

ومن التعديلات کذلک،ما نصت عليه المادة 6/ب،والمتعلقة بشروط المؤسسين،ومنها أن يکون قد أکمل الثامنة عشر من عمره.وهنا تتفق العديد من قوانين الأحزاب السياسية في مختلف الدول،على تحديد سن المؤسسين بما لا يتجاوز سن الرشد القانوني(18 عاما) ،وهذا من شأنه إيجاد رابط قوي في ممارسة مختلف الحقوق السياسية،لا سيما بين سن الانتخاب،والحق في تأسيس الأحزاب السياسية،کما أن من شأنه توسيع قاعدة المشارکة الشعبية للحکم،ومن ناحية أخرى يرى أخرون بأن اعتماد سن الرشد القانوني لتأسيس الأحزاب السياسية،قد يؤدي إلى تأسيس أحزاب غير فاعلة،وذلک بسبب عدم النضوج السياسي لمؤسسي الحزب،عدا عن أن ذلک يتنافى مع قانون الانتخاب الذي أعطى حق الترشح لعضوية مجلس النواب لمن بلغ سن الثلاثين.

ومن جهة أخرى لم يشترط القانون الجديد توزيعا معينا للمؤسسين،بعکس القانون السابق،الذي اشترط أن يکون المؤسسون على الأقل من سبع محافظات، وبنسبة لا تقل عن 5% من کل محافظة، وهذا من شأنه الإخلال بمبدأ المواطنة؛فالمواطن الأردني،هو أردني بغض النظر عن مکان إقامته،کما أنه يمکن تفسير ذلک بعدم الإيمان بوحدة الوطن والتعامل معه کوحدة شمولية.ومن جانب أخر،فإن هذا الشرط من شأنه أن يسهل على السلطة التنفيذية اختراق الأحزاب بهدف إضعافها، من خلال تشجيع وترسيخ الهويات الفرعية، بدلا من العمل على دمجها وفق مبدأ المواطنة.کما اشترط القانون السابق على ألّا يقل عدد النساء عن 10% من مجموع المؤسسين،بعکس القانون الحالي،الذي لم يحدد نسبة النساء من مجموع المؤسسين،وهذا ما يمثل تراجعا عن توجه الدولة نحو زيادة التمکين السياسي للمرأة الأردنية.

أما باقي شروط المؤسسين فبقيت دون تغيير،ومنها أن يکون المؤسس أردنيا منذ عشر سنوات على الأقل،وهي مدة معقولة لاختبار مدى ولاء المتجنس،وإن کانت من ناحية أخرى تقلل من إمکانية تأسيس الأحزاب من قبل المتجنسين.ومن الشروط کذلک ألا يکون المؤسس محکوما بجناية أو جنحة مخلة بالشرف أو الأخلاق والأداب العامة،باستثناء الجرائم ذات الصبغة السياسية،ما لم يرد له اعتباره.علاوة على أن يکون متمتعا بالأهلية القانونية.کما اشترط في المؤسس أن يکون مقيما عادة في المملکة.وأن لا يکون قاضيا،وذلک لأن مدونة السلوک القضائي حظرت على القاضي الانتماء الحزبي،والذي قد يتنافى مع مبدأ استقلالية السلطة القضائية.کما حظر القانون الانتماء الحزبي لمنتسبي القوات المسلحة أو الأجهزة الأمنية أو الدفاع المدني،حيث نصت المادة 30/ج من قانون خدمة الضباط في القوات المسلحة لعام2016 على حظر انضمام الضباط للأحزاب السياسية.

2. طلب  تأسيس الحزب وترخيصه

يبدأ طلب تأسيس الحزب السياسي وترخيصه بتقديم إخطار خطي بذلک،إلى رئيس لجنة شئون الأحزاب،ومن خلال دراسة قانون عام 2015،نجد أن من أهم التعديلات الجوهرية في هذا الجانب،ما نصت عليه المادة 9/أ،التي أشارت إلى تشکيل لجنة في وزارة الشئون السياسية (لجنة شئون الأحزاب) للنظر في طلبات تأسيس الأحزاب السياسية،ومتابعة شئونها.وقد کان المشرع موفقا في إيجاد هذه اللجنة،التي تتوافق إلى حد ما مع المعايير الدولية في هذا الشأن،على الرغم من تحفظ بعض الأحزاب السياسية عليها،وذلک لعدم تمثيل السلطتين التشريعية والقضائية فيها،والإبقاء على ممثلين اثنين من خارج السلطة التنفيذية،أحدهما عن مؤسسات المجتمع المدني،والأخر عن المرکز الوطني لحقوق الإنسان،أما باقي أعضاء اللجنة،فهم ممثلون عن السلطة التنفيذية (وزارة التنمية السياسية،وزارة الثقافة ،وزارة الداخلية،ووزارة العدل)،الأمر الذي قد يفقد اللجنة مصداقيتها وحياديتها في اتخاذ القرارات([44]).

أما التعديلات الأخرى المتعلقة بتأسيس الحزب وترخيصه،فهي شکلية لا تمس جوهر القانون،لعل أهمها،ما ورد في مادتين،الأولى المادة 7،التي نصت على أنه يحق لخمسة من الأردنيين على الأقل،إخطار رئيس لجنة شئون الأحزاب رغبتهم بتأسيس حزب سياسي،على أن يتضمن الإخطار المبادئ والأفکار الأولية للحزب،بهدف تمکينهم من ممارسة أنشطتهم السياسية التحضيرية،والترويج لتأسيس الحزب السياسي،على أن يتقدموا بطلب تأسيس الحزب عند استکمال الشروط المنصوص عليها في المادة 6 من قانون الأحزاب،خلال مدة سنة من تاريخ الإخطار،وإذا لم تستکمل الشروط المنصوص عليها خلال المدة السابقة،فعلى مقدمي طلب التأسيس التوقف عن ممارسة أنشطتهم،ولا يحق لهم التقدم بطلب جديد إلا بعد انقضاء ثلاثة أشهر من تاريخ هذا التوقف.فيما نص قانون الأحزاب لعام 2012 على التقدم بطلب التأسيس خلال مدة ستة أشهر من تاريخ الإخطار،وفي حالة عدم استکمال شروط تأسيس الحزب ضمن المدة المنصوص عليها،وجب على مؤسسي الحزب التوقف عن ممارسة أنشطتهم،ولا يحق لهم التقدم بطلب جديد إلا بعد انقضاء ستة أشهر من تاريخ هذا التوقف.

أما المادة الثانية فهي المادة 13 ،التي نصت على أنه إذا نقص عدد الأعضاء المؤسسين عن الحد الأدنى المنصوص عليه في الفقرة أ من المادة 6 ،فيجب استکمال العدد خلال مدة شهر من تاريخ التبليغ،وإلا اعتبر طلب التأسيس ملغى.بعکس قانون عام 2012 الذي نص على اعتبار طلب التأسيس ملغى بمجرد نقص عدد الأعضاء عن الحد الأدنى وهو خمسمائة عضو([45])،دون إعطاء مهلة زمنية لاستکمال العدد المطلوب.

وعندما يکون طلب التأسيس مستوفيا لکافة الشروط،فإن مصير الحزب يکون أمام ثلاثة خيارات،أولها موافقة اللجنة على تأسيس الحزب خلال مدة سبعة أيام من انقضاء ستين يوما على تاريخ إيداع الإشعار بتسليم طلب التأسيس ،أو انقضاء ثلاثين يوما على تاريخ الإشعار بتسليم الوثائق والبيانات(م 14/أ).ثانيها رفض تأسيس الحزب خلال المدة المعينة،مع بيان أسباب ذلک(م 14/ب)،وفي هذه الحالة من حق المؤسسين الطعن لدى المحکمة الإدارية في قرار الرفض،وذلک خلال مدة 60 يوما من اليوم التالي لتاريخ تبليغ قرار الرفض(م 15/أ)([46])،وإذا تضّمن الحکم القضائي إلغاء قرار اللجنة بتأسيس الحزب،يصبح الحزب مسجلا من تاريخ صدور الحکم في الجريدة الرسمية وفي صحيفتين يوميتين(م 15/ب).أما ثالث الخيارات فهو في حالة عدم صدور قرار عن اللجنة خلال المدة المنصوص عليها في الفقرتين أ+ب من المادة 14 ،حيث يعتبر الحزب مسجلا وفق أحکام القانون.

  1. حل الحزب ودمجه وتعديل نظامه الأساسي

أشار قانون الأحزاب السياسية لعام 2012 إلى الحالات التي قد يتم من خلالها حل الأحزاب وهي أولا:مخالفة أحکام أي من الفقرتين الثانية والثالثة من المادة 16 من الدستور.ثانيا:إذا ثبت في دعوة جزائية ارتباط الحزب بجهة خارجية.ثالثا:إذا قبل الحزب تمويلا من جهة خارجية.وفي هذا الجانب ينبغي أن يکون حل الحزب في أضيق الحدود،ولا يطبق إلا في أخطر الحالات،وليس بناء على سلوکيات إدارية وفردية.وأضاف قانون الأحزاب لعام 2015 حالة أخرى يمکن من خلالها حل الأحزاب،وهي حالة مخالفة الحزب أي حکم من أحکام القانون،ولم يقم بتصويب المخالفة خلال ثلاثين يوما من تاريخ إشعار اللجنة له بذلک(المادة 34/أ/4)،ويتضح هنا خطورة الدور الذي قد تقوم به لجنة شئون الأحزاب،إذ لا يمکن ضمان عدم قيامه باتهام أحد الأحزاب بأن سلوکه مضر باستقلال الوطن وبأمنه،وبصون وحدته الوطنية،أو أن الحزب يتبع أساليب غير ديمقراطية في تحقيق أهدافه،أو ارتباطه التنظيمي والمالي بجهة خارجية.

أما فيما يتعلق بدمج الحزب،أو تعديل نظامه الأساسي،فقد نص قانون الأحزاب لعام 2015،على إلغاء شرط الموافقة المسبقة للجنة شئون الأحزاب على دمج الحزب،أو تعديل نظامه الأساسي،بحيث أصبح على الحزب إعلام اللجنة بذلک (م 30/أ)،ولکن يبقى قرار الموافقة أو الرفض بشأن ذلک بيد اللجنة(م 30/ب/2).وفي هذا المقام نصت المواثيق الدولية على أن صلاحية تعديل النظام الأساسي للحزب أو دمجه متاحة فقط للحزب،وعلى الجهة القائمة على شئون الأحزاب اللجوء إلى القضاء في حال کون التعديل يتعارض مع القانون أو الدستور.

4. الدعم المالي للأحزاب

إن للدعم المالي،دور أساسي في تشکيل الأحزاب واستمراريتها،وتمکينها من القيام بمختلف أنشطتها،ولذلک تجتهد الأحزاب على توفير مصادر دائمة لاستمرارية الحزب،إلا أن بعضها يقف عاجزا عن سد نفقاته،وقد يلجأ إلى مصادر دعم غير شرعية،ولتفادي ذلک تضع الکثير من الدول أحکاما قانونية صارمة تتعلق بمصادر دعم الأحزاب وإخضاعها لرقابة الدولة،وترتيب جزاءات في حالة ثبوت خروقات قانونية.وفي هذا الجانب فإن من أهم تعديلات قانون الأحزاب لعام 2015،ما نصت المادة 25/أ،من أنه على الحزب الاعتماد الکلي في موارده المالية على مصادر تمويل معروفة ومعلنة ومحددة،وبما يتفق مع أحکام هذا القانون.کما أن للحزب قبول الهبات والتبرعات المعلنة والمعروفة والمحددة من الأشخاص الأردنيين الطبيعيين والمعنويين،على أن تکون معروفة ومعلنة(المادة 25/ب)،ويشار هنا إلى عدم تحديد سقف لهذه الهبات التبرعات،بعکس قانون عام 2012، الذي نص على قبول التبرعات من الأشخاص الطبيعيين فقط؛وبما لا يزيد ما يقدمه الشخص الطبيعي الواحد،عن خمسين ألف دينار سنويا.

وبشکل عام فإن للأحزاب السياسية الأردنية مصدرين للدعم المالي،أولهما الدعم العام وهو ما تقدمه الحکومة،وله مظهران،أولهما مباشر،وهو ما يتم تخصيصه في الموازنة العامة للدولة،ولکنها حددت شروطا لتقديم هذا الدعم،ومقداره،وإجراءات صرفه،بموجب نظام يصدر لهذه الغاية([47]).وبدراسة هذا النظام نجد أن المساهمة المالية لدعم الأحزاب محتملة،وبالتالي غير منتظمة،وذلک يعود لطبيعة الشروط التي حددها النظام لتلقي هذه المساهمة.وتجدر الإشارة هنا إلى أن هذا النظام قيّد أوجه صرف المخصصات المالية برواتب العاملين،وبدل إيجارات لمقرات الأحزاب،والنفقات التشغيلية؛الأمر الذي اعتبرته الأحزاب تقييدا لعملها،لا سيما أن أوجه الصرف لم تشمل نشاطات الأحزاب السياسية.کما حدد النظام خمسين ألف دينار مبلغ إضافي على المبلغ المحدد سابقا،ولکن وفق عدة ضوابط منها ما يتعلق بالانتخابات النيابية،بحيث يخصص للحزب مبلغ ألفي دينار عن کل مقعد يفوز به أحد أعضائه،وذلک في السنة التي تجري فيها الانتخابات.ومن الضوابط ما يتعلق بفتح مقر جديد للحزب بعد مقره الرئيس ومقاره الفرعية الأربعة،وخصص لذلک خمسة ألاف دينار للإنفاق على الفرع وإدارته.أما المظهر الأخر للتمويل الحکومي فهو التمويل غير المباشر،والمتمثل بإعفاء مقار الحزب من جميع الضرائب والرسوم الحکومية التي تترتب على الأموال غير المنقولة(المادة27).

أما المصدر الأخر للدعم فهو الدعم الخاص الذي يقدمه الأشخاص،سواء أکانوا طبيعيين أم معنويين،وبالعودة إلى المادة 25 من قانون الأحزاب،نجد أن هذا التمويل محدد بالهبات والتبرعات من الأشخاص الطبيعيين والمعنويين.وقد حدد المشرع عدة شروط لهذه الهبات والتبرعات،من أهمها أن تکون أردنية المصدر،فلا يقبل أي تمويل أو هبات أو تبرعات من أي جهة خارجية.وأن تکون صادرة عن أشخاص طبيعيين أو معنويين معروفين ومحددين،ويلاحظ أن قيمة التبرعات لم تحدد کما کان عليه الوضع في قانون عام 2012،الذي حدد سقف التبرعات بخمسين ألف دينار.ومن مصادر الدعم کذلک،استثمار الحزب لأمواله وموارده داخل المملکة،بصورة معروفة ومعلنة في أي من الطرق التالية(المادة26):

-    إصدار المطبوعات الدورية،وأدبيات الحزب،وأي مطبوعات أخرى.

-    امتلاک أي من وسائل الإعلام المتاحة،واستخدامها للتعبير عن مبادئ الحزب وآرائه ومواقفه،ولأي أهداف إعلامية أخرى وفق التشريعات النافذة.

-    تملک العقار لغاية مقره الرئيسي أو مقاره الفرعية.

-    استعمال أي جزء من مقاره لاحتفالات أو مناسبات عامة أو خاصة،مقابل بدل بما يتفق مع أحکام التشريعات النافذة.

-    وضع أمواله ودائع مربوطة بفوائد أو بمشارکة لدى البنوک الأردنية.

-    شراء سندات الخزينة وفق أحکام التشريعات النافذة.

    ومما يلاحظ على الدعم العام أو الخاص،بأنه غير کاف للنشاط الحزبي،ففيما يتعلق بالتمويل العام،قد تحول الشروط التي يحددها نظام المساهمة المالية،دون دعم العديد من الأحزاب السياسية.کما أنه لا يمکن ضمان عدم تعديل قانون الأحزاب ذاته والتضييق على الأحزاب ماليا.وکذلک الأمر بما يتعلق بالتمويل الخاص،حيث تعد مسألة التبرعات متغيرة،وتحکمها رغبات المتبرعين.

ولضمان عدم تلقي الحزب أي تمويل أو تبرع أو هبة من جهات خارجية،نص القانون على فرض رقابة على الأحزاب،يتمثل أهمها بإسناد مهمة مراقبة التمويل المالي إلى لجنة شئون الأحزاب،حيث نص القانون في المادة 29/ب،على أن يرسل الحزب سنويا إلى اللجنة خلال ثلاثة أشهر من تاريخ انتهاء السنة المالية،موازنة الحزب وبياناته المالية ،إضافة إلى بيان موقّع من أمين الحزب على موارد الحزب المالية بالتفصيل.کما نص القانون على إيداع أموال الحزب في البنوک الأردنية(م 26/ب).إضافة إلى أن ينفق الحزب أمواله على الغايات والأهداف المنصوص عليها في النظام الأساسي للحزب(م 26/ج).وأخيرا اعتبار الموظفين القائمين على الأحزاب بحکم الموظفين العموميين وذلک لغايات قيام المسئولية الجزائية (26/د).

  1. العقوبات

تناولت تعديلات قانون عام 2015 بعض العقوبات التي تلحق بالأحزاب،أو بأحد أعضائها،في حال ثبوت ارتکاب تجاوزات قانونية مخالفة لأحکام القانون.حيث تتراوح العقوبات التي ينالها الحزب ما بين إلغاء التسجيل،مرورا بإيقاف الحزب(المادة 34/ب) وانتهاء بحله(المادة/أ34).أما العقوبات التي ينالها الأعضاء،فقد أشارت إليها المادة 33 والتي جاء فيها أنه يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة،کل عضو من أعضاء الحزب تسلم مالا،أو وافق على تسلمه لحساب الحزب،من أي دولة أو جهة خارجية(المادة 33/أ).کما يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر،ولا تزيد على سنة،أو بغرامة لا تتجاوز 500 دينار،أو بکلتا العقوبتين،کل عضو من أعضاء الحزب تسلم مالا من أي شخص اعتباري عام أو خاص أو من أي مصدر مجهول(المادة 33/ب).ويعاقب کذلک بالحبس مدة لا تزيد على ثلاثة أشهر،أو بغرامة لا تتجاوز 200 دينار،کل من ارتکب مخالفة لأحکام هذا القانون،ولم ينص القانون على عقوبة خاصة لها،وفي حال التکرار تجمع العقوبتين(المادة 33/ج).وتصادر الأموال المتحصلة نتيجة ارتکاب أي من الأفعال السابقة،وتؤول إلى بند الأحزاب في الموازنة العامة للدولة.ومن الجدير بالذکر،أن قانون عام 2015 لم يفرق عند تناوله للعقوبات التي ينالها أعضاء الحزب عند تلقيهم أموالا أو هبات،بين کون الشخص عضوا عاديا في الحزب أم في قيادته،بعکس قانون عام 2012،الذي شدّد على مضاعفة العقوبات على عضو قيادة الحزب. وأخيرا فقد أشار القانون إلى حرمان بعض أعضاء الأحزاب السياسية من المراکز القيادية في الحزب(المادة 35)،عند مخالفتهم لأحکام المادة 33/أ/ب/ج،من قانون الأحزاب لعام 2015.

وأخيرا، فإنه على الرغم من أن قانون الأحزاب السياسية لعام 2015،قد شُرّع بعد سلسلة من اللقاءات الحکومية المفتوحة مع الأحزاب السياسية،ومختلف قوى المجتمع المدني([48])،إلا أن العديد من مواد القانون،إضافة إلى التعديلات التي تضمنها،ما زالت دون طموح الأحزاب السياسية بجميع توجهاتها،والتي أبدت تحفظها على ما يأتي:

  1. تخفيض عدد المؤسسين من 500 عضوا إلى 150 عضوا.إضافة إلى التحفظ على شروط التأسيس،لا سيما المتعلقة بالتمثيل النسائي والشبابي والمحافظات([49]).
  2. تجاهل إضافة أن يکون من أهداف الأحزاب السياسية،التداول السلمي للسلطة،وذلک لأن من أهم أهداف الأحزاب السياسية وفق ما نصت عليه المادة 3 من قانون الأحزاب السياسية لعام 2015 المشارکة السياسية.وتبعا لذلک فإن هدف المشارکة السياسية،لا يعني بالضرورة الوصول إلى السلطة السياسية والاحتفاظ بها،وهو ما يمکن اعتباره أحد أسباب ضعف الحياة الحزبية في الأردن؛وذلک لأن هدف الأحزاب السياسية بحسب أغلب المفاهيم،هو الوصول إلى السلطة السياسية.وبالنظر إلى تعريف المشرع الأردني للحزب السياسي فإنه يختلف مع تلک المفاهيم،لا سيما على مستوى الهدف،بحيث حصر ذلک بالمشارکة السياسية.کما اکتفى بالإشارة في المادة الثالثة من القانون إلى حق الأحزاب السياسية بالمشارکة بمختلف الانتخابات التي تجري في المملکة وفق أحکام القانون(م 4/ب)،دون الإشارة إلى الوصول إلى السلطة والاحتفاظ بها،وذلک على الرغم من الرؤى الملکية التي تؤکد على ضرورة تعميق نهج الحکومات البرلمانية،من خلال إيجاد ائتلافات نيابية على أسس حزبية،يستطيع من خلالها ائتلاف الأغلبية من تشکيل الحکومة،ويقابله ائتلاف نيابي حزبي معارض،يقوم بدور حکومة الظل في مجلس النواب([50]).
  3. ربط مرجعية الأحزاب بلجنة تابعة لوزارة الشئون السياسية،بدلا من هيئة مستقلة لشئون الأحزاب،فعلى الرغم من التعديلات الجوهرية التي تضمنها القانون بخصوص هذه اللجنة،إلا أنه ما زال يغلب عليها الطابع الحکومي،من خلال هيمنة السلطة التنفيذية على تشکيل أعضائها،وقد کان الأجدر بالمشرع الأردني،إسناد مهمة الإشراف على الأحزاب السياسية،إلى هيئة مستقلة،وذلک تماشيا مع المطالبات الحزبية بذلک.
  4. عدم إشارة القانون إلى أي معايير موضوعية لبيان إجراءات تقديم الدعم المالي للأحزاب القانون.واکتفاء المشرع بالإحالة إلى نظام يصدر لهذه الغاية،وذلک في الوقت الذي کان مطلوبا أن يتضمن القانون هذه المعايير،لکي لا يتم اتخاذ أي إجراءات من شأنها التأثير على تحديد مقدار الدعم المالي.
  5. التوسع في فرض العقوبات على أعضاء الحزب،والدعوة إلى الاکتفاء بما ورد في قانون العقوبات.
  6. تزويد لجنة شئون الأحزاب بأعضاء الحزب بداية کل سنة(م 13/ب)،وهو الأمر الذي يثير مخاوف الکثير من المواطنين،ويمنعهم من الانضمام للأحزاب السياسية،ويحد بالتالي من فعالية الأحزاب السياسية.وذلک على الرغم من أن القانون نص على أنه لا يجوز التعرض لأي مواطن أو مساءلته أو محاسبته أو المساس بحقوقه الدستورية أو القانونية بسبب انتمائه الحزبي(م 19)،في الوقت الذي تعالت فيه أصوات المطالبين بتجريم التعرض للمواطن أو مساءلته أو محاسبته أو المساس بحقوقه الدستورية أو القانونية بسبب انتمائه الحزبي.

 

ثالثا: أثر قانون الأحزاب السياسية لعام 2015 على المشارکة الحزبية في انتخابات المجلس النيابي الثامن عشر

جاءت انتخابات المجلس النيابي الثامن عشر لعام 2016،في ظل استحقاق دستوري،يقضي بإجراء انتخابات نيابية،بعد حل المجلس النيابي السابع عشر([51])،الذي تم انتخابه عام 2013.وتشکّل انتخابات هذا المجلس،منعطفا هاما في تاريخ الانتخابات النيابية الأردنية،التي جرت ولأول مرة منذ عام 1993،وفق قانون انتخابي جديد يعتمد القائمة النسبية المفتوحة لانتخاب أعضاء المجلس النيابي،بعدما کانت تُجرى وفق قانون الصوت الواحد وبصيغ مختلفة([52]).کما أن هذه الانتخابات،هي ثاني انتخابات نيابية تشرف عليها الهيئة المستقلة للانتخاب،بعد انتخابات عام 2013،والتي عملت الهيئة من خلالها على تکريس دورها بإجراء انتخابات نيابية حرة ونزيهة.کما تأتي أهمية هذه الانتخابات،في ظل مشارکة کافة الأحزاب السياسية،بما فيها حزب جبهة العمل الإسلامي،الذي سبق له أن قاطع عدة انتخابات نيابية.

وتکمن أهمية هذه الانتخابات،بصدور قانون جديد للأحزاب السياسية عام 2015،يهدف إلى تنقية اختلالات المشهد الحزبي،وزيادة فعالية الأحزاب السياسية،لا سيما على مستويي المشارکة في الانتخابات النيابية،والتمثيل في المجالس النيابية.وإذا کانت القوانين الحزبية التي شرّعت أعوام(1993،2007،2012)،لم تسهم في تحقيق هذا الهدف؛فماذا عن قانون الأحزاب السياسية لعام 2015؟الذي شرّع قبيل الانتخابات النيابية لعام 2016،ومدى إسهامه في زيادة مشارکة الأحزاب في هذه الانتخابات، ومستوى تمثيلها في مجلس النواب الثامن عشر.ومقارنة ذلک على الأقل في مستوى مشارکة الأحزاب السياسية في الانتخابات النيابية لعام 2013،ومستوى التمثيل الحزبي في المجلس النيابي السابع عشر.  

وقبل الحديث عن ذلک،لا بد من ذکر الأحزاب السياسية التي کانت قائمة عند إجراء الانتخابات النيابية لعام 2016،والتي جاءت تحت أربعة تيارات،الأول تيار الأحزاب الإسلامية،التي شملت(حزب جبهة العمل الإسلامي،حزب الشورى،حزب الوسط الإسلامي،حزب المؤتمر الوطني/زمزم).التيار الثاني،وهو تيار الأحزاب القومية،التي شملت(حزب البعث العربي الاشتراکي الأردني،حزب البعث العربي التقدمي،حزب الحرکة القومية).أما التيار الثالث،فهو تيار الأحزاب اليسارية،التي شملت(الحزب الشيوعي الأردني،حزب الشعب الديمقراطي،حزب الوحدة الشعبية الديمقراطي).وأخيرا تيار الأحزاب الوسطية،الذي شمل باقي الأحزاب السياسية.وفيما يأتي جدول يشمل جميع الأحزاب السياسية.

 

 

 

 

 

 

 

جدول رقم(1):الأحزاب السياسية القائمة حتى انتخابات عام 2016 ([53])

الرقم

اسـم الحـزب

سنة التأسيس

الرقم

اســم الحـزب

سنة التأسيس

1

جبهة العمل الإسلامي

1992

26

الشورى الإسلامي

2013

2

الشعب الديمقراطي الأردني

1993

 

27

الفرسان

3

الوحدة الشعبية الديمقراطي الأردني

28

التجمع الوطني الديمقراطي الأردني

4

الشيوعي الأردني

29

العربي الأردني

5

البعث العربي الاشتراکي الأردني

30

أردن أقوى

6

البعث العربي التقدمي

31

مساواة

7

دعاء

1997

32

البلد الأمين

2014

8

الوطني الدستوري

33

العدالة الاجتماعية

9

الحرکة القومية

34

الأنصار

10

الوسط الإسلامي

2001

35

الوفاء الوطني

2015

11

الرسالة

2002

36

العون الأردني

12

الجبهة الأردنية الموحدة

2007

37

الوحدة الوطنية

13

الوطني الدستوري

38

الديمقراطي الأردني

2016

14

الحياة الأردني

2008

39

الطبيعة

15

العدالة والتنمية الأردني

2009

40

الاتجاه الوطني

16

الحرية والمساواة

41

أحرار الأردن

17

التيار الوطني

42

العهد

18

الرفاه الأردني

43

المستقبل

19

الشباب الوطني الأردني

2011

44

جبهة العمل الوطنية

20

الاتحاد الوطني الأردني

45

المحافظين

21

الإصلاح

2012

46

الوعد

22

الإصلاح والتجديد الأردني

47

العمل الشعبي

23

جبهة العمل الوطني

48

النداء

24

العدالة والإصلاح

49

الراية الأردنية

25

الشهامة

50

المؤتمر الوطني(زمزم)

عند قراءة نتائج الانتخابات النيابية لعام 2016،نجد أن عدد الأردنيين المشارکين فيها حوالي1.492.400 ناخبا وناخبة،وهو ما يشکل 37% من إجمالي الناخبين،الذين بلغوا 4.130.145([54]).وقد شهدت هذه الانتخابات أقل نسبة تصويت من بين جميع الانتخابات النيابية السابقة.فعلى سبيل المثال،وصل عدد الناخبين في انتخابات عام 2013 إلى 1.288.043 من إجمالي الناخبين،الذين بلغوا 2.272.182 وبنسبة وصلت إلى 56.7%([55]).ويعود انخفاض نسبة المقترعين،بالرغم من زيادة أعدادهم،إلى طريقة تسجيل الناخبين ،إذ إن قوانين الانتخاب السابقة،کانت تشترط تسجيل المواطنين لممارسة حق الاقتراع،فيما أصبح التسجيل تلقائيا بموجب قانون الانتخاب لعام  2016([56])،وهذا أدى بدوره إلى زيادة کبيرة في عدد الناخبين.

أما عن مشارکة الأحزاب الأردنية في الانتخابات النيابية،ولا سيما في انتخابات عام 2016،فقد اتخذت کافة الأحزاب السياسية موقفا إيجابيا منها،حيث شارک في المنافسة الانتخابية 39 حزبا سياسيا من أصل 50 حزبا.وقد بلغ عدد المرشحين عن هذه الأحزاب نحو 253 مرشحا ومرشحة،مشکلا ما نسبته 20% من مجموع المرشحين،البالغ 1253 مرشحا ومرشحة([57]).أما باقي الأحزاب السياسية،فقد اکتفت بالمشارکة في الانتخابات دون ترشيح([58]).ومن الجدير بالذکر،أن مشارکة الأحزاب السياسية في الانتخابات النيابية الأردنية،لم تکن سمة ملازمة لکافة الأحزاب؛حيث نلاحظ أن حزب جبهة العمل الإسلامي،وأغلب الأحزاب ذات التوجهات القومية واليسارية،قد امتنعت عن المشارکة في العديد من الانتخابات النيابية،لا سيما أعوام 1997،2010،2013.

ولأهمية حزب جبهة العمل الإسلامي،کونه أکبر وأهم الأحزاب السياسية الأردنية،لا بد من الإشارة إلى قراره بالمشارکة في انتخابات المجلس النيابي الثامن عشر،انتخابا وترشحا،بخلاف موقفه المقاطع لها في دورات سابقة،وذلک على الرغم من أن هذا القرار اتخذ في ظل انقسامات داخلية شهدتها جماعة الإخوان المسلمين،تمثلت بخروج جماعة أطلقت على نفسها اسم زمزم،وتحولها إلى تنظيم سياسي مستقل عنها([59]).ثم تلا ذلک انشقاق قادة من رحم الجماعة،وسجلوا أنفسهم کجمعية تحمل اسم جماعة الإخوان.ورغم ذلک،شکل حزب جبهة العمل الإسلامي،الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين،قوائم انتخابية ضمت أعضاء الحزب،وحلفاء أخرين تنافسوا على المقاعد الإثنية والدينية(الشرکس والمسيحيين)،وقد غطت هذه القوائم معظم الدوائر الانتخابية([60])،أما عن مرشحي الحزب فقد بلغ نحو 50 مرشحا،مشکلين ما نسبته 20% من مجموع المرشحين الحزبيين([61]).

کما تقدمت أحزابا ذات توجهات إسلامية،بعدد لا بأس به من المرشحين،مثل حزب الوسط الإسلامي،الذي تقدم ب  18 مرشحا،وحزب المؤتمر الوطني(زمزم) بــ  14 مرشحا([62]).

أما على صعيد أحزاب الوسط،فقد تقدم غالبيتها بمرشحين،ولعل أکثرها ترشيحا،حزب التيار الوطني بحوالي 23 مرشحا،وبنسبة بلغت 9% من مجموع المرشحين الحزبيين.ثم حزب الجبهة الأردنية الموحدة بحوالي 20 مرشحا،يليه حزب الوفاء بعشرة مرشحين،ثم حزب العدالة والإصلاح بتسعة مرشحين،ثم حزب أردن أقوى بسبعة مرشحين،وباقي الأحزاب الوسطية تراوح عدد مرشحيها ما بين مرشح واحد إلى خمسة مرشحين([63])،وبمجموع 54 مرشحا.

أما أقل الأحزاب ترشيحا فهي الأحزاب القومية واليسارية،التي شارکت بما مجموعه 12 مرشحا،توزعوا على ثمانية قوائم انتخابية،في ستة دوائر انتخابية([64]).

ومما يجدر ذکره،أن معظم الأحزاب المشارکة في الانتخابات،لم تشکل قوائم بأسمائها،على الرغم من أن قانون الانتخاب لعام 2016 قد أتاح للأحزاب حرية تشکيل قوائم حزبية،تحمل اسم وشعار الحزب([65]) ،ويعود ذلک إلى عدة أسباب من بينها،غلبة الطابع العشائري والمناطقي في تشکيل القوائم على حساب الأحزاب السياسية،الأمر الذي أدى إلى ظهور عدد قليل من القوائم الانتخابية التي تحمل اسم الحزب السياسي،منها،قائمة الجبهة الأردنية الموحدة(حزب الجبهة الأردنية الموحدة).وقائمة زمزم،(حزب المؤتمر الوطني).وقائمة تيار التجديد،التي ضمت عدة أحزاب أهمها،حزب الإصلاح والتجديد.وبالمقابل لم تشکّل أحزابا بارزة قوائم بأسمائها،حيث نجد أن حزب جبهة العمل الإسلامي على سبيل المثال،قد أعلن عن تشکيل قائمة تحالف وطني لا تقوم على أسس حزبية،والأکثر من ذلک أن إحدى القوائم التي شکلها الحزب،تضم شخصية مؤيدة لنظام بشار الأسد،الذي تقاسمه جماعة الإخوان المسلمين عداء معلنا،وبالتالي تشير ترکيبة التحالف إلى تغليب المصالح الانتخابية على المواقف السياسية([66]).

أما عن مشارکة الأحزاب السياسية في الانتخابات النيابية لعام 2013،فقد شارک معظمها في هذه الانتخابات،حيث قدم 14 حزبا مرشحين عنها سواء على مستوى الدائرة المحلية أم على مستوى القائمة النسبية المغلقة،فيما دعت أربعة أحزاب إلى المشارکة في الانتخابات دون تقديم مرشحين،وأخيرا قاطعت خمسة أحزاب سياسية من بينها حزب جبهة العمل الإسلامي الانتخابات النيابية([67]).ومن المفيد ذکره بأن مقاطعة الکثير من الأحزاب السياسية للانتخابات النيابية،لم يکن اعتراضا على قانون الأحزاب السياسية فقط؛وإنما اعتراضا کذلک على اعتماد نظام الصوت الواحد،الذي يهدف بحسب ما صرّح به حزب جبهة العمل الإسلامي إلى تحجيم التمثيل في مجلس النواب([68]). وقد جرى بموجب هذا النظام، انتخاب خمسة مجالس نيابية أعوام(1993، 1997، 2003، 2007، 2010)،أما انتخابات عامي 2013 و 2016،فقد جرت وفق نظامين انتخابيين مختلفين،أولهما النظام الانتخابي المختلط في انتخابات عام 2013،الذي يجمع ما بين صوت للدائرة،وآخر لقائمة نسبية مغلقة،ويعد هذا بمثابة تطورا جديدا على صعيد زيادة تمثيل الأحزاب،لا سيما أن تطبيق نظام القائمة النسبية المغلقة صمم لهذه الغاية،مع الإشارة إلى أن نظام الباقي الأعلى الذي تم اعتماده في هذه الانتخابات،يهدف إلى تحسين فرصة تمثيل الأحزاب الصغيرة في مجلس النواب،وذلک مقارنة بطريقة "دي هونت"،التي تهدف إلى زيادة تمثيل الأحزاب الکبيرة،ليکون بمقدورها تأمين الأغلبية اللازمة لتشکيل حکومة دون اللجوء إلى الائتلاف مع الأحزاب الأخرى([69]).أما في انتخابات عام 2016،فقد جرى اعتماد نظام التمثيل النسبي،من خلال القائمة النسبية المفتوحة،التي تتيح للأحزاب تشکيل قوائم انتخابية بذات الشعار والاسم في جميع الدوائر الانتخابية،وهو ما يوسّع الفرص أمام الأحزاب للوصول إلى المجلس النيابي.وقد تعرض النظام الانتخابي الجديد للعديد من الانتقادات من مختلف الأحزاب السياسية،أهمها عدم تحديد نسبة العتبة،وهي النسبة التي تلغي الأصوات التي حصلت عليها القائمة إن لم تتجاوزها،الأمر الذي يعني أن جميع القوائم ستتنافس على المقاعد،مما يجعل من المستحيل فوز قائمة بأکملها([70]).

وفيما يتعلق بتمثيل الأحزاب في مجلس النواب الثامن عشر ،أظهرت النتائج عکس توقعات الحکومة،التي بشّرت بأن المجلس النيابي الجديد،سيکون فاتحة عهد للحکومات البرلمانية.فعلى الرغم من مشارکة معظم الأحزاب السياسية في الانتخابات النيابية ترشحا وانتخابا، إلا أن الأحزاب التي فازت بمقاعد لم تتجاوز 11 حزبا،أوصلت 38 حزبيا إلى مقاعد مجلس النواب،وذلک من أصل 253 مرشحا تقدمت بهم الأحزاب السياسية.انظر الجدول رقم 2

جدول رقم (2): الأحزاب الفائزة بمقاعد في مجلس النواب الثامن عشر ([71])

الرقم

اسم الحزب

عدد المقاعد

1

جبهة العمل الإسلامي

15

2

التيار الوطني

7

3

حزب المؤتمر الوطني(زمزم)

5

4

الوسط الإسلامي

2

5

العدالة والإصلاح

2

6

الجبهة الأردنية الموحدة

1

7

جبهة العمل الوطني

1

8

الوفاء

1

9

البعث العربي التقدمي

1

10

العون الأردني

1

11

الاتحاد الوطني

1

 

يظهر من خلال الجدول أن تمثيل الأحزاب في مجلس النواب الثامن عشر،لم يتجاوز30%، من مجموع أعضاء المجلس،وشکل جبهة العمل الاسلامي من خلال قائمة التحالف الوطني،أکثر الأحزاب تمثيلا،بحصوله  على 15 مقعدا نيابيا،وهو ما يشکل 39.5% من المقاعد التي فازت بها الأحزاب،أو ما نسبته 11.5% من مجموع مقاعد مجلس النواب.ومن ثم حزب التيار الوطني الذي حاز على 7 مقاعد.ثم حزب المؤتمر الوطني( زمزم) الذي أحرز خمسة مقاعد.يليه حزب الوسط الإسلامي،وحزب العدالة والإصلاح، اللذان حازا على مقعدين لکل منها.أما الأحزاب الستة الأخرى وهي(الجبهة الأردنية الموحدة، جبهة العمل الوطني،الوفاء،البعث العربي التقدمي، العون الأردني،الاتحاد الوطني)فقد فاز کل منها بمقعد واحد.

وأخيرا،فإن ضعف تمثيل الأحزاب السياسية،لا يقتصر على المجلس النيابي الثامن عشر،وإنما يمتد ليشمل معظم المجالس النيابية،باستثناء المجلس النيابي الخامس،الذي تمکن فيه الحزب الوطني الاشتراکي من التحالف مع الأحزاب القومية واليسارية لتشکيل أول حکومة نيابية حزبية في الأردن، حيث حازت تلک الأحزاب على 23 مقعدا من مقاعد مجلس النواب،وبنسبة وصلت إلى 57.5% من مجموع أعضاء المجلس([72]).أما باقي المجالس النيابية فقد تراوح تمثيل الأحزاب فيها ما بين 43.7% في المجلس النيابي الحادي عشر، و 5.5% في المجلس النيابي الخامس عشر.

الخاتمة

تناولت الدراسة الإشکالية المتعلقة بأثر قانون الأحزاب السياسية لعام 2015،في المشارکة الحزبية في انتخابات المجلس النيابي الأردني الثامن عشر،وذلک باعتباره وسيلة تسمح بزيادة تلک المشارکة،إذ إن لقانون الأحزاب المعتمد في أي نظام سياسي،دورا بارزا في مشارکة الأحزاب السياسية في الانتخابات التشريعية،لا سيما على مستوى المشارکة في الانتخابات،ومستوى التمثيل في الهيئة المنتخبة.ومن أجل الإجابة على إشکالية الدراسة،والإحاطة بموضوعها،تم تناول قانون الأحزاب السياسية الأردني لعام 2015،وأهم التعديلات التي تضمنها.کما تم تناول جانب سياسي،مستمد من الواقع العملي للأحزاب السياسية الأردنية،والمتعلق أساسا بالمشارکة في الانتخابات النيابية،والتمثيل في مجلس النواب.

وقد توصلت الدراسة إلى نتيجة عدم صحة فرضيتها،إذ إن قانون الأحزاب السياسية لعام 2015،بما تضمنه من تعديلات جوهرية،لم يؤدي إلى زيادة کبيرة في المشارکة الحزبية في الانتخابات النيابية،لا سيما على مستوى التمثيل في المجلس النيابي،الذي جاء بنسبة أقل من بعض المجالس النيابية السابقة،وکذلک الأمر بالنسبة للمشارکة في الانتخابات النيابية،حيث لم تتجاوز نسبة المرشحين الحزبيين 20% من مجموع المرشحين لمجلس النواب،وهي کذلک تشکّل نسبة أقل من بعض الترشيحات الحزبية في دورات انتخابية سابقة،على الرغم من مقاطعة بعض الأحزاب السياسية لتلک الانتخابات([73]) .

وبحسب أراء مختلف الأحزاب السياسية،فإن ذلک،يعود إلى عدة أسباب،من بينها قانون الأحزاب السياسية لعام 2015،الذي شهد مطالبات حزبية عديدة بضرورة التغلب على بعض ما تضمنه من إشکاليات.وقد سبق أن ذکرنا عند حديثنا عن أهم التعديلات التي تضمنها قانون الأحزاب السياسية لعام 2015،تحفُّظ الأحزاب على بعض مواد هذا القانون،وبعض التعديلات التي تضمنها،ومن بين المواد التي تحفظت عليها الأحزاب،ما يتعلق بتعريف الحزب السياسي،وضرورة أن يتضمن حق الحزب في التداول السلمي للسلطة،وليس فقط مجرد المشارکة السياسية.أما أهم التعديلات التي تحفّظت عليها الأحزاب- على الرغم من أهميتها- ما يتعلق بمرجعية الأحزاب،وربطها بلجنة تابعة لوزارة الشئون السياسية،حيث طالبت الأحزاب بإيجاد هيئة مستقلة لشئون الأحزاب.

کما أن من أسباب ضعف المشارکة الحزبية في الانتخابات النيابية،ما يتعلق بالأحزاب السياسية ذاتها،حيث يفتقر العديد منها إلى المقومات الأساسية،التي لا يمکن بدونها اعتبارها أحزابا سياسية حقيقية،ومن هذه المقومات:القدرات المالية للأحزاب السياسية،التي تمثل عائقا حقيقيا أمام فعالية الأحزاب السياسية بشکل عام،وأمام قدرتها على المشارکة في الانتخابات النيابية بشکل خاص.ويرتبط بذلک ضعف الانتشار الجغرافي للأحزاب،لعدم قدرة معظمها على فتح مقرات حزبية.کما تفتقر العديد من الأحزاب السياسية إلى البرامج السياسية،التي تشکل دافعا للمواطنين للوقوف إلى جانب هذا الحزب أو ذاک.فضلا عن معاناة الأحزاب من ضعف تماسکها،حيث تعد الانشقاقات والانقسامات الحزبية،من سمات الأحزاب السياسية الأردنية.إضافة إلى انفصال الأحزاب السياسية عن المواطنين،وعدم قيامها بأهم وظائفها المنوطة بها،کالتنشئة السياسية،والتثقيف السياسي،وما يترتب على ذلک من عزوف للمواطنين عن المشارکة الحقيقية في الحياة السياسية،ولا سيما في الانتخابات النيابية.

وأخيرا،فإن من أهم أسباب ضعف المشارکة الحزبية،لا سيما على مستوى التمثيل في مجلس النواب،ما يتعلق بقانون الانتخاب،الذي لطالما سعت الأحزاب السياسية إلى تعديله،ليتسنى لها زيادة تمثيلها في مجلس النواب.وقد أثبتت العديد من الدراسات الدور الفعال لقانون الانتخاب في زيادة فعالية الأحزاب السياسية،لا سيما على مستوى التمثيل في المجلس النيابي.

ولزيادة مستوى مشارکة الأحزاب في الانتخابات النيابية،ومستوى تمثيلها في مجلس النواب، توصي الدراسة بما يلي:

  1. تعديل بعض مواد القانون،لا سيما ما يتعلق منها بتعريف الحزب السياسي.کما لا بد من تشکيل هيئة مستقلة للنظر في شئون الأحزاب،إذ أن اللجنة الحالية مکونة من ستة أعضاء،أربعة منهم من السلطة التنفيذية،ومما يکرس دور هذه السلطة أن النصاب القانوني لعقد اجتماعاتها هو حضور أغلبية أعضائها،وتتخذ قراراتها بأغلبية أصوات الحاضرين،وهذا مما لا شک فيه من معوقات الحياة الحزبية.
  2. تجريم التعرض للمواطنين بسبب انتمائهم الحزبي،لا سيما أن هناک عزوفا کبيرا عن الانضمام للأحزاب السياسية،بسبب التخوف من السلطة التنفيذية.ويرتبط بذلک تعديل ما جاء في المادة 22 من القانون الحالي،والتي تنص على احتفاظ الحزب باسماء أعضائه المؤسسين والمنتسبين،وعنوان کل منهم،ومحل إقامته،وبياناته الشخصية،وذلک في الوقت الذي يرغب فيه العديد من المواطنين عدم الکشف عن انتمائهم الحزبي.
  3. لا بد أن ينص القانون على منع ظاهرة التنقل من حزب إلى أخر،علما بأنها ظاهرة متفشية في مختلف الأحزاب السياسية الأردنية،وهذا ما يدل على ضعف الانتماء الحزبي على أسس ايدولوجية.فکثيرا ما نرى نوابا حزبيين في مجلس النواب،لکنهم سرعان ما ينفون انتسابهم الحزبي،أو أن بعضهم ينشق عن حزبه لينضم إلى حزب أخر،وهذا من شانه أن يؤثر على تماسک الحزب وفعاليته.
  4. تنظيم الحزب بناء على مبادئ أيدولوجية تسمح لجميع أعضاء الحزب بالمشارکة الفعلية في إدارة مختلف أجهزة الحزب،الأمر الذي يساهم في إبعاده عن الشخصانية.
  5. ضرورة أن ينص قانون الأحزاب على نسبة معينة من النساء والشباب من مجموع المؤسسين،وذلک بالنظر إلى النسبة العالية التي يشکلها قطاعي النساء والشباب من مجموع عام السکان في الأردن،الأمر الذي من شأنه تفعيل الأحزاب السياسية.
  6. تضمين القانون معايير تقديم الدعم المالي،الذي يجب أن يکون متلائما مع الحضور الفعلي للأحزاب السياسية على الساحة السياسية،ومن هذه المعايير،ربط حجم الدعم المقدم للأحزاب،بعدد المقاعد والأصوات التي يحصل عليها الحزب في الانتخابات،الأمر الذي من شأنه زيادة حدة المنافسة في الانتخابات،ما دام أن عدد المقاعد والأصوات له مردود مادي.
  7. في ظل العدد الکبير من الأحزاب السياسية،لا يوجد تنوع في البرامج السياسية يوازي هذا العدد،الأمر الذي يدعو إلى ضرورة أن ينص القانون على تشجيع الأحزاب على التحالف أو الاندماج.
  8. عدم التشدد في فرض العقوبات التي تشکل عائقا أمام إقبال المواطنين على العمل الحزبي.
  9. تعديل قانون الانتخاب بالشکل الذي يضمن مشارکة الأحزاب في الانتخابات النيابية وحصولها على مقاعد في مجلس النواب.

 

 

هوامش الدراسة
([1]) - مکتب المؤسسات الديمقراطية وحقوق الإنسان، مبادئ توجيهية لتنظيم الأحزاب السياسية،بولندا: مکتب المؤسسات الديمقراطية وحقوق الإنسان،2011. ص 9.
([2]) - الأوراق النقاشية للملک عبد الله الثاني، https://kingabdullah.jo.
([3])-  کمال المنوفي،مقدمة في مناهج وطرق البحث في علم السياسة،القاهرة: دار الغريب  للطباعة والنشر،1984.ص 25.
([4]) - ابن منظور،لسان العرب،بيروت: دار صادق،1994.ص 158.
([5]- لويس معلوف،المنجد في اللغة والإعلام،بيروت: دار المشرق،1997. ص 362
([6]) - کينيث جاندا،الأحزاب السياسية والديمقراطية من الناحيتين النظرية والعملية،ترجمة ناتالي سليمان،بيروت: المعهد الديمقراطي الوطني للشئون الدولية، 2006 ، ص 3.
([7]) - الدستور الأردني،المادة 67.
([8]) - إيمان فريحات،التطور التاريخي لقوانين الأحزاب السياسية في الأردن،1921/2011،مجلة دراسات العلوم الإنسانية والاجتماعية، الجامعة الأردنية،المجلد 39، العدد:2، 2012،ص 304.
([9]) - أحمد سلطان نعامنه،التجربة الحزبية الراهنة وأثرها في الحياة السياسية الأردنية ما بين 1989/2008،تحليل وتقييم،رسالة ماجستير غير منشورة،الجامعة الأردنية: کلية الدراسات العليا،2010.
([10])- صالح الخوالدة،التحول الديمقراطي وأثره على مشارکة الأحزاب السياسية في الأردن 1989/2013، رسالة ماجستير غير منشورة،جامعة العلوم الإسلامية العالمية:کلية الدراسات العليا،2015.
([11]) - نظام برکات وأخرون،القوانين الناظمة للعمل الحزبي في الأردن،موجبات المراجعة والتغيير،عمان: مرکز القدس للدراسات السياسية،2010.
([12]) - يوسف المسيعدين،مستوى المشارکة والتمثيل في المجلس النيابي الأردني السابع عشر،مجلة الاقتصاد والعلوم السياسية،جامعة القاهرة المجلد: السابع عشر. العدد(4).2016.ص ص 89-114.
([13]) - الإعلان العالمي لحقوق الإنسان،1948.
([14]) - العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،1966.
([15]) - الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشکال التمييز العنصري،1965.
([16]) - الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان،1955.
([17]) - الاتفاقية الأمريکية لحقوق الإنسان،1969.
([18]) - الميثاق العربي لحقوق الإنسان،2004.
([19]) - الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب،1981.
([20])- کينيث جاندا، مرجع سابق، ص 9.
([21]) - المرجع السابق، ص 25.
([22]) - إيمان فريحات،مرجع سابق،ص 304.
([23]) - عريب الرنتاوي وأخرون،تطور الحياة الحزبية في الأردن،دراسة تحليلية تاريخية 1921/2016،عمان: مرکز القدس للدراسات،2016، ص 21.
([24]) - الدستور الأردني،المادة16.
([25]) - قانون تنظيم الأحزاب السياسية رقم (3) لعام 1954،الجريدة الرسمية،العدد:1166، 17/1/1954.
([26]) - قانون الأحزاب السياسية رقم (15) لعام 1955،الجريدة الرسمية العدد:1223، 3/4/1955.
([27]) - قانون تنظيم الأحزاب السياسية،رقم(3) لعام 1954، المادة 7،مرجع سابق.
([28]) - المرجع السابق، المادة9.
([29]) - قانون الأحزاب السياسية رقم(15) لعام 1955، المادة9،مرجع سابق.
([30]) - قانون تنظيم الأحزاب السياسية،رقم(3) لعام 1954، المادة 9.مرجع سابق.
([31]) - قانون الأحزاب السياسية رقم(15) لعام 1955، المادة12.مرجع سابق.
([32]) - محمد المصالحه،التجربة الحزبية السياسية في الأردن،عمان:دار وائل للنشر والتوزيع،1999.ص 63.
([33]) - إيمان فريحات،مرجع سابق، ص 305.
([34]) - عريب الرنتاوي وأخرون،مرجع سابق،ص ص 49-63.
([35]) - المرجع السابق،ص 55.
([36]) - المرجع السابق،ص 63.
([37]) - غازي النهار،الانتخابات النيابية وظهور الأحزاب السياسية في الحياة السياسية الأردنية للفترة 1989/1991، مجلة شئون اجتماعية، العدد: 69، 2001، ص 6.
([38]) - لعل من أهم هذه البنود،اشتراط 500 عضوا عند ترخيص الحزب ،وأن يکون مقر إقامتهم المعتاد في ما لا يقل عن خمسة محافظات،وبنسبة 10% عن کل محافظة،فيما کان يشترط قانون الأحزاب لعام 1992، أن لا يقل عدد المؤسسين عن 50عضوا.
([39]) - نظام برکات وأخرون،مرجع سابق، ص 120.
([40]) - عريب الرنتاوي وأخرون، مرجع سابق، ص 114.
([41]) - قانون الأحزاب السياسية رقم (16) لعام 2012، المادة 9/ أ،الجريدة الرسمية،العدد،5161، 7/6/2012.
([42]) - المرجع السابق،المادة 17/ب.
([43]) - قانون تنظيم الأحزاب السياسية رقم (3) لعام 1954،مرجع سابق
([44]) - قانون الأحزاب السياسية،رقم (39) لسنة 2015، المادة 9/أ.الجريدة الرسمية،العدد:5358، 16/9/2015.
([45]) - قانون الأحزاب السياسية رقم (16) لعام 2012 ،المادة 13،مرجع سابق.
([46]) - يشار إلى أن قانون الأحزاب لعام 2012 قد أعطى الحق للمؤسسين بالطعن في قرار محکمة العدل العليا خلال مدة 30 يوما من اليوم التالي لتاريخ تبليغ قرار الرفض،المادة 15/أ.
([47]) - نظام المساهمة المالية في دعم الأحزاب السياسية رقم 53 لسنة 2016،الجريدة الرسمية،العدد:5397،16/5/2016.
([48]) - المرکز الوطني لحقوق الإنسان،التقرير السنوي الحادي عشر لحالة حقوق الإنسان في الأردن لعام 2014، عمان:2015،ص 80.
([49])غالبية حزبية تتحفظ على تعديلات قانون الأحزاب السياسية،http://www.alghad.com/articles
([50]) - الورقة النقاشية الثالثة،أدوار تنتظرنا لنجاح ديمقراطيتنا المتجددة.الموقع الرسمي للملک عبد الله الثاني. https://kingabdullah.jo/
([51]) – الدستور الأردني،المادة 73.
([52]) - يعد النظام الانتخابي الذي تم تطبيقه،في انتخابات عام 2013، من أهم هذه الصيغ،فهو وأن کان نظاما مختلطا،إلا أن 123 نائبا من بين 150 نائبا يتم انتخابهم بموجب نظام الصوت الواحد ، وباقي الأعضاء يتم انتخابهم بموجب نظام القائمة النسبية المغلقة.
([53])- عريب الرنتاوي،مرجع سابق،ص ص 283-284.
([54])- الهيئة المستقلة للاشراف على الانتخابات،التقرير التفصيلي لمجريات العملية الانتخابية لعام 2016،،عمان: الهيئة المستقلة للإشراف على الانتخابات،2016.ص139.
([55]) - المرجع السابق.ص 140.
([56])قانون الانتخاب رقم (6) لعام 2016،المادة 4/ب.الجريدة الرسمية، العدد: 5386، 15/3/2016.
([57]) - مرکز هوية،قراءة في خارطة المرشحين بعد انتهاء عملية التسجيل للانتخابات النيابية 2016،مرجع سابق.
([58])- تمثلت هذه الأحزاب بما يأتي:العدالة والتنمية الأردني،الرفاه الأردني،العربي الأردني،العدالة الاجتماعية،الاتجاه الوطني،جبهة النهضة الوطنية،المحافظين،العمل الشعبي،النداء،الراية الأردنية،العهد.أنظر ،مرکز هوية،قراءة في خارطة المرشحين بعد انتهاء عملية التسجيل للانتخابات النيابية 2016، www.identity-center.org/. هديل غبون،حجم ترشيحات ومقاعد الأحزاب في الانتخابات ،صحيفة الغد،23/10/2016.
([59]) -أطلق اسم زمزم على هذه الجماعة،نسبة إلى الفندق الذي کانت تعقد فيه اجتماعاتها،وقد تحولت هذه الجماعة فيما بعد لتصبح حزبا سياسيا باسم حزب المؤتمر الوطني الأردني .عريب الرنتاوي مرجع سابق، ص 162.
([60]) - مرکز الحياة لتنمية المجتمع المدني،خارطة المشهد الحزبي في الانتخابات النيابية الأردنية، www.hayatcenter.org/ar.
([61]) - مرکز هوية،قراءة في خارطة المرشحين بعد انتهاء عملية التسجيل للانتخابات النيابية 2016، www.identity-center.org/
([62]) - المرجع السابق.
([63]) - المرجع السابق.
([64]) - المرجع السابق.
([65]) - قانون الانتخاب رقم (6) لعام 2016، المادة 15/ب،مرجع سابق.
            ([66])- محمد الفضيلات،خريطة القوائم الانتخابية في الأردن:الفوضى سمة البرلمان المقبل،.https://www.alaraby.co.uk/politics/2016/8/21
([67])- يوسف المسيعدين،مرجع سابق، ص ص 89-114.
([68]) - عريب الرنتاوي،مرجع سابق، ص158.
([69])-حسين أبو رمان،أثر قانون الانتخابات لسنة 2012 وتوزيع المقاعد الانتخابية على تمثيل الأحزاب السياسية في مجلس النواب.عمان: مرکز القدس للدراسات السياسية،2014. ص 45.
([70]) - الأردن،قانون انتخابي جديد وتوقعات التغيير محدودةhttp://www.aljazeera.net/knowledgegate/opinions/2016/9/15
([71]) - وزارة الشئون السياسية والبرلمانية. http://www.moppa.gov.jo
([72])- هاني الحوراني،انتخابات تشرين الأول،1956،والمجلس النيابي الخامس عشر.في هاني الحوراني(معد)،حکومة سليمان النابلسي(1956-1957)،عمان: مرکز الأردن الجديد للدراسات،1999. ص 38.
([73]) – بلغ على سبيل المثال عدد القوائم الحزبية في انتخابات عام 2013، 21.3% من مجموع عدد القوائم المترشحة في تلک الانتخابات.أنظر،مرکز الحياة لتنمية المجتمع المدني، التقرير النهائي لمخرجات مراقبة الانتخابات البرلمانية الأردنية 2013،عمان: مرکز الحياة لتنمية المجتمع المدني،2013، ص 132.