حرية الرأى والتعبير بين المواثيق الدولية والتشريعات الوطنية دراسة حالة" لبعض التشريعات المصرية فى ظل دستورى 1971 و 2014"

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

• أستاذ مساعد القانون الدولى ، وکيل کلية الاقتصاد جامعة 6 أکتوبر، مصر.

المستخلص

مما لاشک فيه أن حرية الرأي والتعبير وما يرتبط بها من حقوق مثل الحق في التجمع السلمي، والحق فى الحصول على المعلومات من الحقوق الأصيلة التي أکدت عليها المواثيق والإعلانات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان .
وبالرغم من أن القانون الدولي يقر هذه الحقوق ويلزم الدول بإتخاذ التدابير، ووضع الآليات اللازمة لتحقيق وحماية ممارستها، إلا أن الواقع يشهد العديد  من القيود والعراقيل التى تفرضها الدول لتقييد هذه الحقوق  ، وتنقسم الدراسة  فى تناولها للحق فى حرية الرأى والتعبيرفى المواثيق الدولية والتشريعات المصرية  إلى أربعة أجزاء، يتناول الجزء الأول معالم التطور الحاصل في القانون الدولى لحقوق الإنسان ويتناول الجزء الثانى التعريف بحرية الرأي والتعبير وما يرتبط به من حقوق. ثم يتناول الجزء الثالث وضع حرية الرأي والتعبير في المواثيق الدولية ، وأخيرا يتناول الجزء الرابع وضع حرية الرأي والتعبير في مصر فى ظل دستورى1971-2014، وتنتهى الدراسة بخاتمة بأهم النتائج و التوصيات.

نقاط رئيسية

   تعتبر حرية التعبير هي أصل جميع الحريات التي تتصل بإبداء الآراء والأخبار والمعلومات وتلقيها والتعبير عنها بکافة الوسائل ولذلک تندرج ، تحت راية حرية التعبير حزمة من الحريات الأخرى ذات الصلة کحرية الصحافة ، وحرية الإعلام ، وحرية تداول المعلومات ، والحرية الأکاديمية ، وحرية الإبداع ، والحريات الرقمية ، والحق في الإضراب، والحق في التجمع (التظاهر والاعتصام .. الخ) والحق في التنظيم ، و يتوقف ممارسة هذه الحريات على کفالة حرية التعبير ابتداء ، نظراً لأنها الحرية الأصل ، التي إن انتقصت امتد هذا الانتقاص إلى سائر المنظومة ، وحمايتها بموجب الدستور تعني حماية لهذه الحريات.(1)

وقد أولى المجتمع الدولي اهتماماً کبيراً لحقوق الإنسان وحرياته الأساسية کضمانة لتحقيق السلم والأمن الدولي. وألزمت الدول باتخاذ التدابير اللازمة في دساتيرها وقوانينها الداخلية لضمان حقوق الإنسان وحرياته.

کماوتعتبر حرية الرأي والتعبير أساس من أسس الديمقراطية وهي من المبادئ المستقرة ، التي أکدتها المحکمة الدستورية العيا ونص عليها الدساتير المصرية ، وأن تکبيل وتقييد هذا الحق يؤدي إلى الثورات کما حدث في معظم الدول العربية ، إذ أن الاستبداد وتقييد الحريات کان من نتيجته ما شهدته المنطقة من ثورات وحراک أدى إلى القضاءعلى وإسقاط الأنظمة الغير ديمقراطية.(2)

وتبرز المشکلة البحثية للدراسة فى أنه بالرغم من أن المواثيق الدولية کفلت حرية الرأى والتعبير لأى إنسان إلا أن الواقع يؤکد على أن هذا الحق يتعرض لکثير من القيود من التشريعات الوطنية داخل کثير من الدول الملتزمة والموقعة على هذه المواثيق. ومن هنا تسعى الدراسة للوصول إلى مدى إلتزام التشريعات والدساتير المصرية بتمکين المواطن من الحق فى التعبير.

من هنا يأتي التساؤل الرئيسي :

ماهية المواثيق الدولية والاتفاقيات التي تناولت حرية الرأي والتعبير ، وما هي القيود التي تضعها مصرعلى ممارسة هذا الحق. ويتفرع من هذا التساؤل مجموعة من التساؤلات:

-         ماهية حرية الرأي والتعبير.

-         ما المواثيق الدولية التي تناولت حرية الرأي والتعبير.

-         ماوضع حرية الرأي والتعبير في الفترة محل الدراسة .

 

الكلمات الرئيسية


حرية الرأى والتعبير بين المواثيق الدولية والتشريعات الوطنية

دراسة حالة" لبعض التشريعات المصرية فى ظل دستورى  1971 و 2014"

 

 

 

 

مُستخلص

مما لاشک فيه أن حرية الرأي والتعبير وما يرتبط بها من حقوق مثل الحق في التجمع السلمي، والحق فى الحصول على المعلومات من الحقوق الأصيلة التي أکدت عليها المواثيق والإعلانات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان .

وبالرغم من أن القانون الدولي يقر هذه الحقوق ويلزم الدول بإتخاذ التدابير، ووضع الآليات اللازمة لتحقيق وحماية ممارستها، إلا أن الواقع يشهد العديد  من القيود والعراقيل التى تفرضها الدول لتقييد هذه الحقوق  ، وتنقسم الدراسة  فى تناولها للحق فى حرية الرأى والتعبيرفى المواثيق الدولية والتشريعات المصرية  إلى أربعة أجزاء، يتناول الجزء الأول معالم التطور الحاصل في القانون الدولى لحقوق الإنسان ويتناول الجزء الثانى التعريف بحرية الرأي والتعبير وما يرتبط به من حقوق. ثم يتناول الجزء الثالث وضع حرية الرأي والتعبير في المواثيق الدولية ، وأخيرا يتناول الجزء الرابع وضع حرية الرأي والتعبير في مصر فى ظل دستورى1971-2014، وتنتهى الدراسة بخاتمة بأهم النتائج و التوصيات.

 

کلمات مفتاحية : حرية الرأى والتعبير – الحق فى التجمع السلمى  -حقوق الإنسان

 

مقدمـــة:

   تعتبر حرية التعبير هي أصل جميع الحريات التي تتصل بإبداء الآراء والأخبار والمعلومات وتلقيها والتعبير عنها بکافة الوسائل ولذلک تندرج ، تحت راية حرية التعبير حزمة من الحريات الأخرى ذات الصلة کحرية الصحافة ، وحرية الإعلام ، وحرية تداول المعلومات ، والحرية الأکاديمية ، وحرية الإبداع ، والحريات الرقمية ، والحق في الإضراب، والحق في التجمع (التظاهر والاعتصام .. الخ) والحق في التنظيم ، و يتوقف ممارسة هذه الحريات على کفالة حرية التعبير ابتداء ، نظراً لأنها الحرية الأصل ، التي إن انتقصت امتد هذا الانتقاص إلى سائر المنظومة ، وحمايتها بموجب الدستور تعني حماية لهذه الحريات.(1)

وقد أولى المجتمع الدولي اهتماماً کبيراً لحقوق الإنسان وحرياته الأساسية کضمانة لتحقيق السلم والأمن الدولي. وألزمت الدول باتخاذ التدابير اللازمة في دساتيرها وقوانينها الداخلية لضمان حقوق الإنسان وحرياته.

کماوتعتبر حرية الرأي والتعبير أساس من أسس الديمقراطية وهي من المبادئ المستقرة ، التي أکدتها المحکمة الدستورية العيا ونص عليها الدساتير المصرية ، وأن تکبيل وتقييد هذا الحق يؤدي إلى الثورات کما حدث في معظم الدول العربية ، إذ أن الاستبداد وتقييد الحريات کان من نتيجته ما شهدته المنطقة من ثورات وحراک أدى إلى القضاءعلى وإسقاط الأنظمة الغير ديمقراطية.(2)

وتبرز المشکلة البحثية للدراسة فى أنه بالرغم من أن المواثيق الدولية کفلت حرية الرأى والتعبير لأى إنسان إلا أن الواقع يؤکد على أن هذا الحق يتعرض لکثير من القيود من التشريعات الوطنية داخل کثير من الدول الملتزمة والموقعة على هذه المواثيق. ومن هنا تسعى الدراسة للوصول إلى مدى إلتزام التشريعات والدساتير المصرية بتمکين المواطن من الحق فى التعبير.

من هنا يأتي التساؤل الرئيسي :

ماهية المواثيق الدولية والاتفاقيات التي تناولت حرية الرأي والتعبير ، وما هي القيود التي تضعها مصرعلى ممارسة هذا الحق. ويتفرع من هذا التساؤل مجموعة من التساؤلات:

-         ماهية حرية الرأي والتعبير.

-         ما المواثيق الدولية التي تناولت حرية الرأي والتعبير.

-         ماوضع حرية الرأي والتعبير في الفترة محل الدراسة .

 

منهج الدراسة :

تستخدم الدراسة المنهج القانوني ، حيث تتناول بالشرح والتحليل وضع حرية الرأي والتعبير في المواثيق الدولية ، وبعض القوانين المصرية التي طرحت قبل و بعد ثورة 25يناير 2010.

کما تعتمد أيضا الدراسة -إلى جانب المنهج القانونى سالف الذکر- على منهج دراسة الحالة الذى يرکز على دراسة حالة حرية الرأى والتعبير فى مصر ،فى ظل دستور 1971 وکذلک دستور 2014.

 تقسيم الدراسة:  فى ضوء المنهج السابق تنقسم الدراسةإلى أربعة أجزاء، يتناول الجزء الأول معالم التطور الحاصل في القانون الدولى لحقوق الإنسان ويتناول الجزء الثانى التعريف بحرية الرأي والتعبير وما يرتبط به من حقوق. ثم يتناول الجزء الثالث وضع حرية الرأي والتعبير في المواثيق الدولية ، وأخيرا يتناول الجزء الرابع وضع حرية الرأي والتعبير في مصر فى ظل دستورى1971-2014، وتنتهى الدراسة بخاتمة بأهم النتائج و التوصيات.

 

         أولا : معالم التطور الحاصل في القانون الدولى لحقوق الإنسان

يمکن القول بادئ ذي بدء ، بأن قانون حقوق الإنسان في الإطار الدولي ، باعتباره يدور حول مجموعة الحقوق والحريات اللصيقة بالإنسان کإنسان أو المرتبطة به والمترتبة على وضعه في جماعة ، هذا المفهوم إنما يتسع ليشمل القانون الدولي لحقوق الإنسان بوصفه يعني بحقوق الفرد وحرياته في مواجهة دولته وفي إطار مجتمعه بل في نطاق المجتمعات الأجنبية في أوقات السلم ، والقانون الدولي الإنساني الذي يعني بکفالة وضمان الحد الأدنى من المعاملة والکرامة الإنسانية للفرد في أوقات الحروب والنزاعات المسلحة، دولية کانت أو غير ذات طابع دولي.

- تطور القانون الدولي لحقوق الإنسان

عرف القانون الدولي في مستهل نشأته ومراحل تطوره الأولى مجموعة من الوسائل والآليات لحماية حقوق الإنسان ، تمثل أهمها في: التدخل الإنساني بغرض الرقابة على تمتع الأفراد بحقوقهم وحماية هذه الحقوق من إخلال الدول بها. ولم يکن التدخل الإنساني بهذا المفهوم ليستند إلى أي أساس اتفاقي ، وغالبا ما کان يستخدم لأغراض دينية ظاهرة تخفي وراءها مطامع سياسية خاصة.(3)

وإلى جانب ذلک ، ظهر نظام الحماية الدبلوماسية للأجانب والذي يقوم على قاعدتين رئيسيتين هما : قاعدة الحد الأدنى من الحقوق التي يجب على الدولة أن تمنحها للأجانب المقيمين على أرضها ، وقاعدة استنفاد کافة إجراءات التقاضي الداخلية في الدولة المعنية قبل لجوء الأجنبي إلى دولته طلبا للحماية. ولم يکن ثمة التزام على الدولة – آنذاک – بأن تحمي رعاياها في الخارج وإنما کان ذلک يتوقف على طبيعة الظروف والملابسات السياسية المحيطة ومدى ما تراه الدولة محققا لمصالحها الذاتية.

وبالإضافة إلى ما سبق ، عرف القانون الدولي التقليدي نظام حماية الأقليات کوسيلة تحرکها أهداف سياسية ومطامع توسعية بالأساس ، ومن ثم کان التدخل لحماية الأقليات – شأنه شأن ما سبقه من وسائل – يتم وفق تقدير الدولة الضعيفة. وفضلا عما سبق، عرفت ثمة وسيلة أکثر انسجاما مع القانون الدولي المعاصر وتتمثل في إبرام المعاهدات الدولية کمعاهدة فيينا لعام 1815 ، ومعاهدة باريس لعام 1856 ومعاهدات السلام لعام 1919-1920 بين الحلفاء من جانب وبين ألمانيا والنمسا وبلغاريا وترکيا من جانب آخر ، هذه المعاهدات أکدت جميعها على ضرورة الاعتراف لکل السکان على اختلاف دياناتهم وعقائدهم بالحماية المتساوية.(4) ثم شهد القانون الدولي لحقوق الإنسان تطورا نوعيا واسعا سواء فيما يتصل بطبيعة هذه الحقوق ومضمونها أو فيما يختص بوسائل وآليات حمايتها ، وذلک على النحو التالي :

1-  حقوق الإنسان شأن داخلي :

کانت الفکرة الأساسية وراء موقف القانون الدولي التقليدي إزاء حقوق الفرد في مواجهة دولته تقوم بالأساس على کون هذه المسألة شأناً داخلياً للدولة ، بما يعني أنها هي وحدها صاحبة السلطة التقديرية في تقرير ما تمنحه لرعاياها من الحقوق والحريات وما تحجبه عنهم منها ، دون أن يکون للمجتمع الدولي أو بالأحرى القانون الدولي دور أو سلطان بهذا الخصوص ، وذلک اتساقا مع مبدأ السيادة الوطنية والذي يمثل حجر الزاوية في النظام القانوني الدولي بما يترتب عليه من حظر التدخل في الشئون الداخلية للدول.

وعديدة هي المظاهر والشواهد التي تکشف عن ذلک المبدأ الخاص باعتبار حقوق الإنسان شأنا داخليا مما يجعلها بمنأى عن التدخل الخارجي. فقد أظهرت الدول غيرة کبيرة ضد اية محاولة من شأنها المساس بمبدأ السيادة الوطنية وتقييد حق الدولة في تقرير أسلوب تعاملها مع رعاياها. يؤکد ذلک ما حرصت عليه الدول بشدة من تضمين المواثيق المنشئة للمنظمات الدولية نصوصا وأحکاما تقرر احترام مبدأ السيادة الإقليمية وتحظر التدخل فيما يسمى بالاختصاص الداخلي للدولة.

وثمة مظهر آخر لتمسک الدول بسيادتها واعتبار حقوق الإنسان مسألة وثيقة الصلة بهذه السيادة، وهو ما تمثل في ارتضاء الدول التقيد بإرادتها الحرة بالتزامات اتفاقية طبقا للقانون الدولي تفرض عليها ضمان حقوقا وحريات معينة للإنسان من خلال إبرام اتفاقات دولية تحدد هذه الحقوق وتقوم على بيانها وتفصيلها ، ولکن دون أن يتسع الأمر في ذلک ليشمل موافقة الدول على إنشاء آليات دولية لمراقبة تطبيق تلک الحقوق على أرض الواقع.(5)

 

2- دوافع ومظاهر الاهتمام الدولي بحقوق الإنسان :

شهدت الجماعة الدولية في تطورها الحديث والمعاصر – وتحديدا في الفترة الواقعة ما بين قيام منظمتي عصبة الأمم والأمم المتحدة – مجموعة من العوامل والتطورات التي کان لها کبير الأثر في تحول الحقوق والحريات الأساسية للإنسان من کونها أموراً تقع في نطاق الاختصاص الداخلي الخالص لکل دولة لتصبح موضع اهتمام الجماعة الدولية ، ذلک الاهتمام الذي بلغ ذروته في تقيد الدول بالتزامات قانونية دولية مصدرها الاتفاق تفرض عليها کفالة احترام حقوق الإنسان على أرضها وفي نطاقها الإقليمي ، فضلا عن ظهور طائفة محدودة من الحقوق والحريات ذات الطبيعة العامة والتي يتعين على أعضاء الجماعة الدولية کافة احترامها والامتثال لمقتضاها أيا ما کان مصدرها، وبغض النظر أيضا عن جنسية الأفراد المتمتعين بالحقوق والحريات ، أي سواء کانوا من مواطني الدولة أم کانوا من الأجانب الموجودين على أرضها.

وتفصيل ما تقدم ، أنه إلى جانب ما شاب الوسائل والآليات التي عرفها القانون التقليدي بشأن حماية حقوق الإنسان من الافتقار إلى العموم والشمول لقصرها على حماية الأقليات أو على مجموعة محددة من الأفراد وفي دولة معينة وتأثر تلک الوسائل في تطبيقها وأبعادها بالعوامل السياسية والاعتبارات المذهبية الفجة.(6) وإلى جانب ذلک، فقد کانت تجربة الحرب العالمية الثانية فيما يتصل بانتهاک حقوق الإنسان ماثلة بجميع أبعادها أمام الوفود المشارکة في المؤتمرات المتعلقة بإنشاء الأمم المتحدة على نحو تعزز فيه الاتجاه القائل بضرورة وضع نظام للحماية الدولية لحقوق الإنسان بما يکفل التمتع بها من قبل بني الإنسان کافة.(7)

وجاء ميثاق الأمم المتحدة ليمثل – بحق – حجر الزاوية في التنظيم القانوني الخاص بکفالة حقوق الإنسان وضمان مراعاتها في المجتمع الدولي المعاصر. إذ تطالعنا ديباجة الميثاق بالمفهوم الحقيقي لتوجه المجتمع الدولي نحو عالم تصان فيه حقوق الأفراد وحرياتهم دونما تمييز. کما وتضمن الميثاق – في أکثر من موضع – النص على حقوق الإنسان وحرياته الأساسية وضرورة تمتعه بها دون أي تمييز ، فضلا عن إلزامه – اي الميثاق – الدول الأعضاء بالتعاون مع المنظمة الدولية من أجل تحقيق مقاصد اقتصادية واجتماعية من بينها إشاعة احترام حقوق الإنسان وحرياته الأساسية دون تمييز بسبب الجنس أو اللغة أو الدين ومراعاة تلک الحقوق فعلا.(8)

وخلاصة القول في ذلک أن النظر في أحکام الميثاق ذات الصلة بحقوق الإنسان يکشف عن أنه – أي الميثاق – يرتب – بحق – التزاما قانونيا عاما على عاتق الدول يقضي باحترام حقوق الإنسان ، وأن ما ورد بالميثاق من مبادئ وأحکام في هذا الخصوص ، وإن کان يتسم بالعمومية إلا أنه يعکس في الوقت ذاته ملامح تطور – حقيقي وملموس – في طبيعة الدور الذي بات يضطلع به القانون الدولي في تنظيم العلاقات والتفاعلات الحاصلة في المجتمع الدولي على وجه العموم. فلم يعد القانون الدولي يقف في نطاق قواعده ومضمون أحکامه عند حد تنظيم العلاقات القانونية فيما بين الدول ، وإنما اتسع هذا النطاق وامتد ليشمل حماية الأفراد في ذواتهم داخل مجتمعاتهم المحلية وفي مواجهة دولهم وذلک بالنسبة إلى مسائل کانت تقع من قبل في صميم الاختصاص الداخلي للدول.(9)

ثم جاء الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في العاشر من ديسمبر عام 1948 ليتضمن تفصيلا لحقوق الإنسان وحرياته الأساسية على هدى من المبادئ والأحکام العامة التي تضمنها الميثاق بهذا الخصوص. ويجمع الشراح على أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان يعد من أعظم الأعمال أهمية وتأـثيرا حتى أن أغلب مواثيق المنظمات الدولية – التي قامت عقب صدوره – قد اشارت إليه ، کما أن غالبية القرارات الصادرة عن أجهزة الأمم المتحدة بشأن قضايا حقوق الإنسان تستشهد بالإعلان أو ببعض مواده باعتبارها معايير واجبة التطبيق ، إلى جانب أن الإعلان کان نبراسا للعديد من الاتفاقيات الدولية اللاحقة له سواء في إطار المنظمة العالمية أو خارج نطاقها في التنظيمات والتجمعات الدولية الإقليمية ، فضلا عما تواترت عليه الدول من النص في دساتيرها على المبادئ والمعايير المتضمنة في الإعلان وإصدار التشريعات الکفيلة بوضع هذه المبادئ موضع التنفيذ.(10)

3- نشوء الالتزامات الدولية في مجال حقوق الإنسان

والحق أن التطور الحاصل في مجال الاهتمام الدولي بحقوق الإنسان لم يقف عند الحدود سالفة الذکر وإنما تم تطوير الحقوق والحريات المتضمنة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في شکل نصوص وأحکام قانونية – واضحة ومحددة – وذلک بالنص عليها وتفصيلها في اتفاقات دولية لحقوق الإنسان ، منها ما هو ذو طبيعة عامة کالعهدين الدوليين للحقوق المدنية و السياسية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية واللذين اعتمدتهما الجمعية العامة في 16 ديسمبر 1966 ودخلا حيز النفاذ في 1976 ، ومنها ما هو ذو طبيعة خاصة کالاتفاقية الدولية الخاصة بحظر إبادة الجنس البشري والتي اعتمدتها الجمعية العامة في عام 1948 ودخلت حيز النفاذ في 1951 ، والاتفاقية الدولة لإزالة جميع اشکال التمييز العنصري والتي دخلت حيز النفاذ في عام 1969 ، والاتفاقية الدولية بشأن القضاء على التمييز ضد المرأة والتي اعتمدتها الجمعية العامة في عام 1979 ودخلت حيز النفاذ في 1981 ، والاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب ، وغيرها من الاتفاقات الدولية الخاصة بمجال محدد من مجالات حقوق الإنسان.(11)

وخلاصة القول في ذلک ، أنه بصدور العهدين الدوليين سالفي الذکر ودخولهما حيز النفاذ ، شهد القانون الدولي تطورا نوعيا جوهريا فيما يتصل بالطبيعة القانونية والطابع الدولي لحقوق الإنسان وذلک بالنظر إلى ما أتي به العهدان من تحديد دقيق وشامل لما يعتبر من حقوق الإنسان من ناحية ، وإنشاء الأساليب والآليات الکفيلة بمراقبة تطبيق هذه الحقوق ومواجهة حالات انتهاکها على أرض الواقع من ناحية أخرى.(12)

وبصفة عامة ، فإنه يمکن الإشارة إلى أهم المبادئ والأحکام التي يمکن استخلاصها من مصادر تطور القانون الدولي لحقوق الإنسان على النحو سالف الذکر والتي تتحصل في : مبدأ الحق في الحياة والسلامة الجسدية وما يرتبط به من حظر الإبادة الجماعية ، إلى جانب مبدأ المساواة وعدم التمييز ، ومبدأ مناهضة التعذيب ، فضلا عن مبدأ تحريم الرق في جميع صوره وأشکاله وإلغاء العمل الجبري.

أ- الحق في الحياة : توجب الاتفاقات الدولية لحقوق الإنسان ، العالمية منها والإقليمية، العامة والخاصة ، احترام حق کل شخص في الحياة وعدم المساس بهذا الحق عن قصد. فأعطت للمحکوم عليهم بالإعدام الحق في طلب العفو أو تخفيض الحکم، کما لم تجز إيقاع عقوبة الإعدام إلا لأشد الجرائم خطورة ولمن يزيد سنه عن ثمانية عشر عاما. ويرتبط بمضمون الحماية القانونية للحق في الحياة ما حرصت عليه الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان من إقرار حق الشخص في السلامة الجسدية. فمنعت الاسترقاق وحظرت إخضاع أي فرد للتعذيب أو لعقوبة أو معاملة سيئة أو غير إنسانية أو مهينة ، کما حظرت إخضاع أي شخص دون رضائه الحر للتجارب الطبية أو العلمية. کذلک  ، فقد ضمنت تلک الاتفاقات لکل شخص الحق في الحرية والسلامة الشخصية ومنعت القبض على الأشخاص أو إيقافهم بشکل تعسفي ومنعت حرمان أي شخص من حريته إلا وفقا للقانون وما يقرره من إجراءات ، کما وضعت ضمانات للقبض والتحقيق والمحاکمة وضعت ضوابط للمعاملة الإنسانية في السجون.(13)

ويلاحظ بصفة عامة أن حماية الحق في الحياة کما قررتها الاتفاقات الدولية لحقوق الإنسان لا تقتصر – في نطاقها ومضمونها – على عدم المساس بهذا الحق من جانب السلطات العامة ، بل يتطلب الأمر أيضا إلى جانب ذلک التزام الدول بمنع حدوث الاعتداء عليه من جانب الأفراد والهيئات والجماعات ، ووضع القوانين التي تکفل هذه الحماية وتوقيع الجزاء على من يعتدي على هذا الحق.(14)

ويرتبط بحماية الحق في الحياة ذلک المبدأ القاضي بحظر الإبادة الجماعية أو ما يعرف بإبادة الجنس البشري. وفي هذا الخصوص ، تؤکد الاتفاقية الدولية لمنع جريمة إبادة الجنس والمعاقبة عليها على الصفة الدولية لهذه الجريمة في جميع لظروف ، سواء ارتکبت وقت السلم أو إبان النزاعات المسلحة ،

وتؤکد الإتفاقية على الالتزامات الواقعة على عاتق الدول الأطراف والتي يأتي في مقدمتها الالتزام بمعاقبة مرتکبي جريمة إبادة الجنس بما فيها جميع صور الاشتراک في الجريمة وهي التحريض والاتفاق والمساعدة ، ناهيک عن أن مجرد الشروع في ارتکاب الجريمة – أي الشروع في الأفعال السابقة – يجعل من تلک الجريمة واقعة ومن ثم يقع مرتکبو الشروع تحت طائلة العقاب.

کما ألزمت الاتفاقية الدول الأطراف بأن تضع النصوص القانونية العقابية بشأن جريمة إبادة الجنس ، طبقا لأنظمتها الدستورية ، وأن تنص على تجريمها وعقوبتها ، ويذهب البعض إلى القول بأن أحکام اتفاقية منع جريمة إبادة الجنس البشري تلزم جميع الدول الأعضاء الجماعة الدولية حتى تلک الدول التي لم تقم بالتصديق عليها وذلک باعتبار أن هذه الأحکام ليست إلا من قبيل المبادئ العامة للقانون الدولي التي ينبغي الاعتراف بها من قبل کافة الدول وإقرارها في قوانينها وفقا لأحکام القانون الدولي العام.(15)

ب- مبدأ المساواة وعدم التمييز : يشکل مبدأ المساواة وعدم التمييز مبدأ وثيق الصلة بحقوق الأفراد والجماعات على حد سواء ، وإذا کانت المواثيق الدولة لحقوق الإنسان – على تعددها وتنوعها – قد نظرت إلى هذا المبدأ باعتباره من المبادئ الأساسية والجوهرية التي لا غنى عنها بالنسبة إلى ضمان حماية حقيقية وفعالة لحقوق الإنسان ، فإن الجهود الدولية في هذا الخصوص قد تمخضت عن اتفاقية دولية عامة تعني أساسا بحظر التمييز العنصري والقضاء عليه في کافة صوره وأشکاله ، ونعني بذلک الاتفاقية التي أقرتها الجمعية العامة في عام 1965 والتي دخلت حيز النفاذ في عام 1969. وقد بدأت الاتفاقية والتي تقوم في جوهرها على ما تضمنه ميثاق الأمم المتحدة من مبادئ وأحکام بشأن المساواة وعدم التمييز ، بدأت بتعريف التمييز العنصري بأنه "أي تفرقة أو استبعاد أو تقييد أو تفضيل يتم على أساس العرق أو اللون أو السلالة أو الأصل القومي أو الإثني بقصد إلغاء أو التأثير على الاعتراف أو التمتع أو الممارسة على اساس متساو لحقوق الإنسان والحريات الأساسية في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية أو في أي مجال آخر.(16)

وتفرض الاتفاقية سالفة الذکر على الدول الأطراف التزاما عاما ومحددا بحظر التمييز العنصري وضمان المساواة للکافة في التمتع بالحقوق والحريات بحيث تضمن لجميع الأشخاص الموجودين في أقاليمها وتحت سيطرتها حماية فعالة وسبلا علاجية لمواجهة أي انتهاک لهذه الحقوق. وغني عن البيان ، أنه إلى جانب الاتفاقية سالفة الذکر ، فإن المبدأ القاضي بحظر التمييز على اساس العنصر يتقي ليشکل جزءا من القانون الدولي العرفي. يؤکد ذلک ويوضحه ما تضمنته المواد (55-56) من ميثاق الأمم المتحدة ، (2 ، 7) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وکذا العهدان الدوليان لحقوق الإنسان ، فضلا عن المواثيق والاتفاقات الإقليمية وما جرى عليه العمل الدولي من قواعد وأحکام تؤکد على إعمال المساواة والقضاء على التمييز بين الأفراد والشعوب أيا ما کان المعيار أو الأساس الذي يقوم عليه. وبعبارة أخرى أکثر تفصيلا ، فإن التمييز على أسس أخرى غير العنصر کالدين أو النوع أو اللون أو اللغة أو الرأي السياسي أو الأصل القومي أو الاجتماعي أو الملکية أو صفة الميلاد أو أي وضع آخر ، کل ذلک يتعارض والقانون الدولي العرفي.(17) غير أنه إذا کانت المواد 1 ، 2 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والمادة 2 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ، والمادة 1 ، 2 من اتفاقية حقوق الطفل ، والمادة 14 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان ، إذ کانت هذه المواد تحظر التمييز في إطار حقوق وحريات محددة بذاتها ، فإن ما تقضي به المادة 26 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية من حظر التمييز على اي أساس ينهض ليشکل مبدأ عاما ومستقلا بذاته. ففي تعليقها العام رقم 18 حول عدم التمييز ، لاحظت لجنة حقوق الإنسان المعنية بتطبيق العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية أن عدم التمييز ينهض ليشکل مبدءا أساسيا وعاما في إطار الحماية الدولية لحقوق الإنسان.

وفي هذا الخصوص ، تبنت اللجنة المذکورة تعريفا لمفهوم عدم التمييز يتفق تماما والتعريف الذي تبنته للمفهوم کل من الاتفاقية الدولية للقضاء على کافة أشکال التمييز ضد المرأة والاتفاقية الدولية للقضاء على کافة أشکال التمييز العنصري.(18)

وجدير بالذکر، أن إعمال مبدأ عدم التمييز يقتضي تجاوز حدود المساواة القانونية في مفهومها المطلق والجامد إلى اتخاذ إجراءات وتدابير إيجابية تضمن تفعيل هذه المساواة على أرض الواقع. وفي ذلک ذهبت المحکمة الدائمة للعدل الدولي في قضية "مدارس الأقليات في ألبانيا أنه" إذا کانت المساواة القانونية تستبعد التمييز من اي نوع، فإن المساواة الفعلية قد تقتضي تحقيقها معاملة مختلفة للوصول في النهاية إلى نتيجة من شأنها أن تحقق نوعا من التوازن والمواءمة بين أوضاع متفاوتة ومختلفة . وعليه، فالمحک الرئيسي والملائم للتفاوت المقبول والمسموح به في مثل هذه الظروف وتلک الأوضاع يقوم على ما هو عادل ومعقول ، أي ما هو مبرر أو ما يمکن تبريره من الناحيتين الموضوعية والمنطقية.(19)

ومؤدى ذلک، بعبارة أخرى ، أن الوصول إلى المساواة الفعلية على أرض الواقع قد يقتضي اتخاذ أو القيام بإجراءات إيجابية ذات طبيعة استثنائية بغرض الحد من التمييز وعدم المساواة على نحو ما تشير إليه أحکام العديد من الاتفاقات الدولية ذات الطبيعة الخاصة في مجال حقوق الإنسان ، کالاتفاقية الدولية للقضاء على کافة أشکال التمييز ضد المرأة.(20)

جـ- مبدأ حظر التعذيب : واقع الأمر، أن تحريم التعذيب والعقوبات الاستثنائية والمعاملة غير الإنسانية أمر يرتبط مباشرة بمکونات الحق في الحياة ومقتضيات تطبيقه على أرض الواقع. وفي هذا الخصوص قد تواترت الاتفاقات الدولية لحقوق الإنسان ، العالمية منها والإقليمية(21) على النهي عن التعذيب والعقوبات غير الإنسانية أو المحطة للکرامة. ويمتد نطاق التحريم في هذا الشأن ليشمل النهي عن إخضاع أي فرد بدون رضائه الحر للتجارب الطبية أو العلمية ، وهو

ومؤدى ذلک أن اللجوء إلى التعذيب أو الإجراءات غير الإنسانية أو المذرية لکرامة الإنسان بدعوى الحصول على اعتراف المتهم أو لسبب جسامة الجرم المسند إليه، من الأمور التي تحرمها الاتفاقات الدولية لحقوق الإنسان ، وفي هذا الإطار ، يذهب البعض إلى القول بأن التفرقة بين التعذيب والمعاملة غير الإنسانية والمحطة للکرامة تستند أساسا على اختلاف الألم المادي أو المعنوي الذي يلحق بالشخص.(22) وفي ضوء ذلک ، فإن التعذيب هو الصورة الجسيمة للمعاملة غير الإنسانية ينتج عنه ألم جسدي أو معنوي حاد أو کلاهما معا. يوضح ذلک ما تضمنته توصية الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 3452 لسنة 1975 من أن "التعذيب يشکل صورة عمدية ومجسدة للمعاملة غير الإنسانية أو المحطة للکرامة.(23)

د- تحريم الاسترقاق والسخرة : مر التحريم العام للاسترقاق وأعمال السخرة وغيرهما من صور الأنظمة غير الإنسانية بمراحل عديدة حتى بات التزاما قانونيا عاما وثابتا في کنف أعضاء الجماعة الدولية قاطبة. فقد نص على تحريم تجارة الرقيق في الأعمال الختامية لمؤتمر فيينا 1815 وإکس لاشابل 1818 وبرلين 1885 وبعد الحرب العالمية الأولى تم التوقيع في سان جيرمان في 1919 على ثلاثة اتفاقات تشير – على الجملة – إلى التزام الدول الأعضاء بالقضاء على الرق وعلى تجارة الرقيق بجميع صورها وأشکالها. وفي إطار الأمم المتحدة وافقت الجمعية العامة في 4 سبتمبر 1955 على اتفاقية دولية خاصة بالعقاب على الرق والنظم المشابهة له من الناحية العملية وهي الاتفاقات التي تکمل اتفاقية 1926 " و تضع الاتفاقية على الدول التزامات تکفل منع نقل العبيد عبر موانيها البحرية والجوية وسواحلها ، ومعاقبة الأشخاص المسئولين عن ذلک. وتوسعت الاتفاقية في بيان السبل الکفيلة بالقضاء على الرق وتجارة الرقيق ونصت على أن هروب الرقيق إلى سفينة عامة تابعة لأي دولة من الدول الأطراف في الاتفاقية يجعله حرا دون حاجة لإجراء آخر.

ويأخذ حکم الرقيق الأسود ما يعرف بالرقيق الأبيض ، ذلک النوع الجديد من الرقيق الذي کان محلا لطائفة من الاتفاقات الدولية ، تهدف في مجموعها إلى القضاء على الإتجار في المرأة البيضاء واعتبار ذلک جريمة دولية ، کما هو الشأن بالنسبة لاتفاقات 1902، 1904 ، 1910، 1933 التي تحرم الإتجار بالمرأة البالغة واتفاقية 1951 الخاصة بتحريم الإتجار في الأفراد والدعارة.(24)

أما فيما يتعلق بتحريم أعمال السخرة ، فالملاحظ أنه إذا کان الاسترقاق بصوره المختلفة يرتکب عادة من جانب الأفراد والجماعات الخاصة ، فإن فرض العمل الجبري وأعمال السخرة يأتي عادة من جانب السلطات العامة في الدولة. وفي هذا الإطار تضمنت المواثيق الدولية لحقوق الإنسان(25) أحکاما قاطعة ومحددة وصريحة من شأنها إلزام الدول بإلغاء العمل الجبري وهو کل عمل يفرض على الإنسان دون أن يکون لإرادته دخل في قبوله وبغض النظر عما إذا کان الفرد يقوم به نظير أجر أو بدون مقابل. وقد کان لمنظمة العمل الدولية بوصفها المنظمة الدولية المعنية بتنظيم علاقات العمل دور کبير في إبرام العديد من اتفاقات العمل الدولية التي تضع قواعد ومعايير عامة تتعلق بإلغاء العمل الجبري سواء کان ذلک بطريقة تدريجية کما هو الشأن بالنسبة للاتفاقية رقم 29 لسنة 1930 أم کان أمرا مطلوبا بصورة فورية کما هو الحال في اتفاقية العمل الدولية رقم 105 لسنة 1957.(26) غير أنه تجدر الإشارة إلى أنه إذا کانت الاتفاقات الدولية لحقوق الإنسان قد تضمنت تحريم العمل الجبري وفرضت على الدول التزاما عاما بإلغائه ، إلا أنها – في الوقت ذاته – اشارت إلى بعض الاستثناءات التي لا يعتبر مباشرة الفرد لها من قبيل أعمال السخرة المنهي عنها. من ذلک ما تقضي به المادة الثانية من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية من أنه لا يعتبر من قبيل أعمال السخرة المنهي عنها. من ذلک ما تقضي به المادة الثانية من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية من أنه لا يعتبر من قبيل أعمال السخرة العمل الذي يقوم به عادة الشخص المعتقل طبقا للشروط المنصوص عليها في المادة 14 من العهد ، ناهيک عن الأعمال التي تعد جزءا من الالتزامات المدنية العادية للأفراد.(27)

 

 

 

 

ثانياً : التعريف بحرية الرأي والتعبير :

" يعتبر الحق في حرية الرأي والتعبير من الحريات الأساسية التي لا تقوم قائمة أي نظام ديمقراطي بدونه ، ويعني هذا الحق قدرة الإنسان على تبني الآراء والأفکار التي يريدها دون أي ضغط أو إجبار ، إضافة إلى القدرة على التعبير عن هذه الآراء باستخدام وسائل مختلفة. ويفترض وجود شرطين أساسيين لممارسة هذه الحرية: أولهما غياب الموانع أو القيود الخارجية على السلوک أو النشاط المرغوب فيه ، وثانيهما غياب التهديد الخارجي ، ذلک التهديد الذي لا يستطيع أي شخص عاقل أن يقاومه ".(28)

إن حرية الرأي حرية جامعة(29) تحت ظلالها سائر الحريات الفکرية الأخرى ، فهي تعد بمثابة الحرية الأم لتلک الحريات(30) فهي تضم حريات التعليم ، والعقيدة ، والعبادة ، وحرية الاجتماع ، وتکوين الجمعيات ، وحرية الصحافة ، وحريات کثيرة أخرى ، ونجد أن هذه الحريات لا تتفرع من حرية الرأي وإنما هي من مظاهر التعبير عنها.(31)

تعد حرية الرأي من الدعامات الأساسية التي تقوم عليها النظم الديمقراطية الحرة ، وهي بهذا الوصف عُدت من الأصول الدستورية الثابتة في کل بلد ديمقراطي متحضر ، کونها من الحريات الأساسية التي تضمنتها طبيعة النظام الديمقراطي.(32) وعلى الرغم من ذلک ، فهذا الحق ليس مطلقا ، بل وضع المشرع لها قيودا لضمان صونها وممارستها في إطارها الصحيح.(33)

وتجدر الإشارة إلى أن الإقرار بحرية الرأي تعني إلى جانب الإقرار بحق الآخرين في اعتناق المعتقدات والأفکار التي يريدونها ، دون تقييد أو منع بغض النظر عن طبيعة هذا الاعتقاد ، الإقرار بحق الآخرين في المعارضة. وفي وجود تعددية سياسية تمارس نشاطاتها ضمن إطار قانوني يضمن التوازن بين الأمن والحرية وحق المعارضة والاختلاف.

کما أن الإقرار بحرية التعبير تعني الحق في نقل کافة أشکال الآراء والأفکار للآخرين، أو استلام تلک الأفکار والآراء عبر کافة القنوات والوسائل التي تتمتع بالموضوعية والمصداقية.(34) دون اعتبار للحدود الجغرافية.

ويتضمن الحق في حرية التعبير الحق في الوصول للمعلومات ونشرها، حيث يتيح ذلک للشعب الحصول على المعلومات بمختلف أنواعها. وبالتالي يبلور آراءه حول قضية معينة دون تدخل أو إکراه من جهة معينة.

وقد صاحبت حرية التعبير عن الرأي بعض أنواع الحقوق التي تعتبر من أجزاء المنظومة ذاتها ، مثل حرية العبادة ، والحق في التجمع السلمي ، إذ يعتبر هذا الحق جزءا لا يتجزأ من حرية الرأي وأحد الطرق المشروعة للتعبير عنه ، بما يضمن بلورة جماعية للرأي عند عقد الاجتماعات العامة أو المؤتمرات والمسيرات والاعتصامات.(35)

الحق في التجمع السلمي(36) :

إن التجمع السلمي هو أحد طرق التعبير عن الرأي ، لذا يعتبر من الحقوق المرتبطة بل اللصيقة بالحق في حرية الرأي والتعبير ، ، وتقييد الحق في التجمع السلمي يؤدي إلى انتهاک الحق في حرية التعبير ، ويقصد بالحق في التجمع السلمي هو أن يتمکن المواطنون من عقد الاجتماعات السلمية في أي زمان ومکان ، وذلک ليعبروا عن آرائهم بأي طريقة من الطرق ، سواء أکانت عن طريق عقد مؤتمرات أو اجتماعات عامة ، أو القيام بمظاهرات أو مسيرات سلمية ، بغض النظر عن منظميها.(37)

وکثيرا هى القيود التى يخضع له هذا الحق فى کثير من الدول، حيث يتوجب توجيه إشعار کتابي للمحافظ أو مدير الشرطة قبل عقد أي اجتماع ، وذلک للحفاظ على النظام والآداب العامة. وينحصر دور الشرطة في تنظيم المرور وذلک للحفاظ على حريات وحقوق الآخرين. ومنع أي تصرفات تحدث الفوضى وتخالف القانون ، کحمل السلاح ، أو الاعتداء على ممتلکات خاصة وعامة ، أو الدعوة إلى الکراهية وترسيخ مفاهيم تعزز النعرات العشائرية ، والطائفية ، والعرقية. ويتم هذا المنع بطرق لا تنتهک کرامتهم وحقهم في الحياة ، فيکون هناک تدرج في استخدام القوة من قبل المکلفين بإنفاذ القانون المؤهلين للتعامل مع جمهور غاضب.

 

ثالثا : حرية الرأى والتعبير فى المواثيق الدولية :

فى إطار الإهتمام الدولى بحقوق لإنسان ، وإنتقال حقوق الإنسان من الشأن الداخلى إلى الدولى ، جاءت حرية الرأى والتعبير فى مقدمة الحقوق والحريات التى تناولتها المواثيق الدولية ورکزت عليها ، ومن بين هذه المواثيق :

-         قرار الجمعية العامة رقم 59 ( د-1) والمؤرخ في 14 ديسمبر 1946، وقد جاء فيه:" إن حرية الإعلام حق من حقوق الإنسان الأساسية ، وهي المعيار الذي تقاس به جميع الحريات التي تکرس الأمم المتحدة جهودها لها ، وتعني حرية الإعلام ضمناً الحق في جمع الأنباء ونقلها ونشرها في أي مکان دون قيود. وهذه الحرية تشکل عاملاً أساسياً في أي جهد يبذل من أجل تعزيز سلم العالم وتقدمه. وأحد العناصر التي لا غنى عنها في حرية الإعلام هو توافر الإرادة والقدرة على عدم إساءة استعمالها ، ومن قواعدها الأساسية الالتزام الأدبي بنقل الوقائع دون تعرض وبنشر المعلومات دون سوء قصد ".

-         الإعلان العالمي لحقوق الإنسان: جاء الإعلان کأول وثيقة خاصة بحقوق الإنسان أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في ديسمبر 1948 ، ويتألف من ديباجة و(30) مادة خصصت لحقوق الإنسان والحريات الأساسية ، وقد جاءت المادة (ح)(38) لتنص على المبدأ الأساسي للمساواة وعدم التمييز في التمتع بالحقوق والحريات الأساسية ، حيث تحظر "التمييز من أي نوع ولاسيما التمييز بسبب العنصر(39) ، أو اللون ، أو الجنس ، أو اللغة ، أو الدين ، أو الرأي سياسياً أو غير سياسي ، أو الأصل الوطني ، أو الاجتماعي ، أو الثروة ، أو المولد ، أو أي وضع آخر ".

وتنص المادة (3) على أن " لکل فرد الحق في الحياة والحرية وسلامة شخصة"، وهذا الحق يعتبر حقاً أساسياً يشکل مقدمة للتمتع بکل الحقوق الأخرى ، والتي منها حرية التعبير والحق في التجمع السلمي.

کما تنص المادة (19) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بشکل مباشر على الحق في حرية الرأي والتعبير ، إذ أشارت إلى أن " لکل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير ، ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء دون أي تدخل واستقاء الأنباء والأفکار وتلقيها وإذاعتها بأي وسيلة کانت دون تقييد بالحدود الجغرافية ".

وکذلک نصت المادة (20) على أن لکل شخص کامل الحرية في الانضمام إلى الجمعيات القائمة بالفعل دون ضغط أو إکراه من أحد ومتى يشاء ".

-         العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية :

وقد أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1966 وبدأ تطبيقه 1976 ، وقد اعطى العهد الحقوق الواردة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لأول مرة صفة الإلزام القانوني ، وهو ما أکدته المادة (ح) من العهد يتم التأکيد على احترام حقوق الإنسان ، وعدم التمييز بين الأفراد بسبب العرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي سياسياً أو غير سياسي ، أو غير ذلک من الأسباب.

وبالإضافة إلى تأکيد العهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية فى المادة السالفة الذکر على مبدأعدم التمييزبين الأفراد ، جاءت المادة (19) من العهد لتنص الفقرة الأولى منها على حق الإنسان في حرية الرأي والتعبير والإعلام ، حيث نصت على " لکل إنسان حق في اعتناق آراء دون مضايقة " ، وتنص الفقرة الثانية من ذات المادة على أنه " لکل إنسان حق في حرية التعبير ويشمل هذا الحق حريته في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفکار، وتلقيها ونقلها إلى الآخرين دونما اعتبار للحدود، سواء على شکل مکتوب أو مطبوع أو في قالب فني أو بأي وسيلة أخرى يختارها". أما الفقرة الثالثة من هذه المادة، فتذکر أنه " تستتبع ممارسة الحقوق المنصوص عليها في الفقرة (ح) من هذه المادة واجبات ومسئوليات خاصة ، وعلى ذلک يجوز إخضاعها لبعض القيود ولکن شريطة أن تکون محددة  بنص القانون وأن تکون ضرورية :

أ‌-       لاحترام حقوق ألآخرين أو سمعتهم.

ب‌-     لحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة أو الآداب العامة.

- إعلان اليونسکو في 28 نوفمبر 1978:

 جاء هذا الإعلان بمجموعة من المبادىء الأساسية الخاصة بإسهام وسائل الإعلام في دعم السلام والتفاهم الدولي ، وتعزيز حقوق الإنسان ومکافحة العنصرية والفصل العنصري ، والتحريض على الحرب ، ليؤکد على الحق في التعبير عن الرأي من خلال وسائل الإعلام ، وحق الجمهور في تلقي المعلومات والوصول لها.

فقد نصت المادة (2)  على " إن ممارسة حرية الرأي وحرية التعبير وحرية الإعلام، المعترف بها کجزء لا يتجزأ من حقوق الإنسان وحرياته الأساسية ، هي عامل جوهري في دعم السلام والتفاهم الدولي " ، ودعمت الفقرة الثانية من ذات المادة الحق فى الحصول على المعلومات منن مصادرمتنوعة بالنننص على " يجب ضمان حصول الجمهور على المعلومات عن طريق تنوع مصادر ووسائل الإعلام المهيأة له ، مما يتيح لکل فرد التأکد من صحة الوقائع ، وتکوين رأيه بصورة موضوعية في الأحداث. ولهذا الغرض يجب أن يتمتع الصحفيون بحرية وسائل الإعلام ، وأن تتوفر لديهم أکبر التسهيلات الممکنة للحصول على المعلومات. وکذلک ينبغي أن تستجيب وسائل الإعلام لاهتمامات الشعوب والأفراد ، مهيأة بذلک مشارکة الجمهور في تشکيل الإعلام ".

وتؤکد الفقرة الثالثة من هذه المادة على أنه " لابد أن يتمتع الصحفيون وغيرهم من العاملين في وسائل الإعلام الذين يمارسون أنشطتهم في بلادهم أو في خارجها بحماية تکفل لهم أفضل الظروف لممارسة مهنتهم ".

کما أن الفقرة الثانية من المادة (15) من الإعلان  ذاته تؤکد على أنه " ينبغي أن يشجع التداول الحر للمعلومات ، ونشرها على نطاق أوسع وأکثر توازناً " وذلک لضمان حرية المواطنين في البحث والحصول على المعلومات التي يريدونها ، وبالتالي ضمان حرية الرأي والتعبير اللذان سيتشکلان بناء على هذه المعلومات.

 

- مبادئ جوهانسبرج حول الأمن القومي وحرية التعبير والوصول إلى المعلومات :

وهى المبادىء التى تبناها مؤتمر جوهانسبرج في 1 أکتوبر 1995 ، وقد تم الاعتراف والإقرار بحق کل شخص في حرية التعبير ، الذي يشمل حرية البحث ، وتلقي ونقل المعلومات والأفکار من کافة الأنواع ، بغض النظر عن الحدود . وسمحت هذه المبادئ بفرض قيود على هذه الحقوق في حال کان ذلک ضرورياً لحماية الأمن القومي. على أن تکون هذه القيود موجودة في القانون. الذي يجب أن يکون واضحاً ودقيقاً وأن يکون منسجماً مع مبادئ الديمقراطية.

وتناولت المادة (6) من مبادئ جوهانسبرج حدود القيود المفروضة على حرية الرأي والتعبير فيما يخص الأمن القومي حيث تنص على أنه " لا يمکن معاقبة التعبير کتهديد للأمن القومي، إلا إذا استطاعت الحکومة أن تثبت أن ذلک التعبير :

-         يهدف لإثارة العنف الوشيک.

-         من المحتمل أن يثير مثل هذا العنف.

-         هناک علاقة مباشرة بين التعبير واحتمال  أو وقوع مثل هذا العنف.

وتضيف المادة (7) من مبادئ جوهانسبرج أن العبارات التي تنتقد السلطة وسياستها والتي تکشف معلومات عن انتهاکات حقوق الإنسان من قبل هذه السلطة لا تعتبر مهددة للأمن القومي ، وبالتالي لا يجوز وضع قيود لتدفق هذه المعلومات ونشرها.

ورغم ما توضحه هذه المادة، فإن المبدأ (ح1) المتعلق بالحد الأقصى لکشف المعلومات يعطي السلطة حق تصنيف المعلومات التي يمکن حجبها وتلک التي يمکن نشرها. و کذلک المبدأ (115) يضع قواعد للآلية التي يجب أن تحدد من خلالها حجب معلومات أو نشرها. فإذا کانت لا تضر بالأمن القومي أو الوطني ، وإذا کانت المصلحة العامة في نشر هذه المعلومات تفوق الأذى الذي يمکن أن يلحق بالأمن القومي لا يجوز للسلطة أن تمنع نشر هذه المعلومات.

 

رابعا: حرية الرأي والتعبير عنها في الدستور المصري :

تجدر الإشارة هنا إلى أننا نميز بين مرحلتين تاريخيتين في مصر فيما يتعلق بممارسة الحق في حرية الرأي والتعبير ، الأولى في دستور 1971 والذي ظل العمل به حتى قيام ثورة 25 يناير 2011 ، والثانية بعد الثورة ودستورى 2012 – 2014.

فعلى مستوى دستور 1971 والذى نص صراحة على حرية الصحافة(40) إلا أننا ننجد أن الکثير من مواده جاء مقيداً للحرية حيث خولت المادة 48 من الدستور المشرع بالتدخل لفرض رقابة على الصحف والمطبوعات ووسائل الإعلام في الأمور التي تتصل "بالسلامة العامة" ، وأغراض الأمن القومي أثناء فرض حالة الطوارئ ، وهو ما يعتبر انتهاکاً صريحاً لحريتي الصحافة والإعلام بموجب الدستور والذي کان من نتائجه أن ترک المشرع يد الدولة لتسيطر على الإعلام الرسمي دون الاستناد إلى أية معايير تکفل قيامها بدورها المهني الداعم لحرية الإعلام. کما صدرت عدة قوانين أخرى تضمنت قيوداً بشأن حرية الصحافة :

- القانون رقم 34 لسنة 1972 بشأن حماية الوحدة الوطنية.

- القانون رقم 4 لسنة 1977 بشأن الأحزاب السياسية. والمعدل بالقانون رقم 36 لسنة 1979.

- القانون رقم 33 لسنة 1977 بشأن حماية الجبهة الداخلية والسلام الاجتماعي.

- القانون رقم 29 لسنة 1982.

کما صدرت عدة تشريعات بشأن المطبوعات وهي القوانين الصادرة في 1931 ، 1980 وکلها تشترط الحصول على إذن أو ترخيص مسبق قبل إصدار الصحف.

وخير دليل على إطلاق يد المشرع وفقاً للدستور لتقييد حرية الرأي والتعبير هو ماتنص عليه المواد التالية منن قانون العقوبات :

المادة 178 من قانون العقوبات:

 التي عاقبت بالحبس لمدة سنتين وبغرامة حدها الأقصى عشرة آلاف جنيه لکل من صنع أو حاز بقصد الإتجار أو التوزيع أو الإيجار أو اللصق أو العرض مطبوعات أو مخطوطات أو رسومات يدوية أو فوتوغرافية أو إشارات رمزية أو غير ذلک من الأشياء أو الصور عامة إذا کانت منافية للآداب العامة ، وذلک دون أن يکون هناک في الدستور أو القانون ما من شأنه تعريف المقصود بالآداب العامة، وهو ما يؤدي قطعاً إلى تفسيرات متعددة من جانب الجهات القائمة على تطبيق القانون بسبب غياب المعيار الموحد ، فضلاً عن تعزيز التوجيه نحو فرض وصاية أخلاقية على المجتمع.

المادة 147 من قانون العقوبات

والتى عاقب المشرع المصري فيها على التحريض على قلب نظام الحکم والتحريض على کراهيته والازدراء به والترويج للمذاهب التي ترمي إلى تغيير المبادئ الدستورية الأساسية أو النظم الأساسية للهيئة الاجتماعية بالقوة أو بالإرهاب أو بأي وسيلة أخرى غير مشروعة .

المادة 179 عقوبات:

 وقد عاقبت هذه المادة على إهانة رئيس الدولة .

  المادة 186 عقوبات : والتى تعاقب على إهانة مجلس الشعب أو الجيش أو المحاکم ، والمشرع في جميع هذه الأحوال قد حد من حرية الرأي وفقاً لأحکام الدستور(41).

وفى ذات السياق ، يأتى قانون الطوارىء، والذى فرضه نظام  الرئيس  الأسبق مبارک لمدة 30 عاما ، سيفا على رقبة حرية الرأى والتعبير، فقد کان القرار الجمهورى رقم 131لسنة 2006 والذى نص فى مادته الأولى على مد حالة الطوارىء المعلنة بقرار رئيس الجمهورية رقم 560 لسنة1981 المشار إليه لمدة سنتين إعتبارا من أول يونيو 2006حتى 31 مايو 2008أو لمدة تنتهى بصدور قانون مکافحة الإرهاب أيهما أقرب .

والجدير بالذکر، أن قانون الطوارىء يفرض فى حالة مؤقته وإستثنائية ، کما أنه يتيح للحاکم العسکرى العام أو من ينوب عنه من سلطات واسعة تبدأ من فض التجمعات إلى فتح الرسائل البريدية ، ووضع قيود على حرکة الأشخاص .....إلخ . وبالقرار الجمهورى السابق يکون فترة حکم مبارک کلها  وقعت فى ظل قانون الطوارىء ، وتعرض فيها الحق فى التعبير لإنتهاکات جسيمة .

وجدير بالذکر، أن هذه الفترة والتى علقت فيها الحکومة المصرية إنهاء الطوارىء على صدور قانون الإرهاب ، يرى البعض أن هذا القانون سيکون إمتداد لحالة الطوارىء ، وهو ماسوف يؤثر على حرية الرأى والتعبير ، وذلک لأن نص المادة 179 من دستور 1971قد أتاحت إصدار قانون لمکافحة الإرهاب ينظم أحکاما خاصة بإجراءات الإستدلال، والتحقيق التى تفترض ضرورة مواجهة تلک الأخطار وذلک تحت رقابة من القضاء ، وبحيث لايحول دون تطبيق تلک الأحکام الإجراء المنصوص عليه فى کل من الفقرة الأولى من المادة 41 والمادة 44 والفقرة الثانية من المادة 45 من الدستور ، ولرئيس الجمهورية أن يحيل أية جريمة من جرائم الإرهاب إلى أية جهة قضاء منصوص عليها فى الدستور والقانون وبذلک يکون نص الدستور ذاته قد سمح بصدور قانون لمکافحة الإرهاب يتحلل من کافة القيود الشرعية الإجرائية وحقوق المحاکمة العادلة الواردة فى خمس من مواد الدستور ثلاث منها بشکل مباشر وهى المواد :

- م41 التى تحمى حرية المواطنين من الإحتجاز غير القانونى .

-م44 والخاصة بدخول المنازل دون إذن .

- م45 والخاصة بحماية سرية المراسلات البريدية والإتصالات .

ومادتان يتحلل منهما بشکل غير مباشر م67-م 68 والخاصتان بضمانات المحاکمة العادلة والحق فى الإلتجاء إإلى القاضى الطبيعى، بإعطائها لرئيس الجمهورية الحق فى أن يحيل أى جريمة من جرائم الإرهاب إلى أى جهة قضائية بما فى ذلک القضاء العسکرى .  

وبالرغم من أن نظام مبارک إستجابة لدعاوى الإصلاح إدخل العديد من التعديلات  على قانون العقوبات إلا أن هذه التعديلات  قيدت حرية التعبير فهى لم تتعدى تغيير مسميات فقط .فعلى سبيل المثال التعديلات التى جرت فى 15 يوليو 2006، فقد ألغى المشرع عقوبة الحبس للصحفيينن ( وفقا للمادة الثانية من القانون 147لسنة 2006) فى المواد182-185-303-306من قانون العقوبات وتعاقب تلک الجرائم على العيب فى حق ممثل دولة أجنبية متمدة فى مصر ، وسب وقذف الموظف العام أو زى الصفة النيابية العامة .

ويعتبر إلغاء عقوبة الحبس فى دعاوى القذف والسب فى حق الأفراد أو الموظفين العموميين من الإيجابيات  ،ولکن مضاعفة الغرامات إلى مثليها هو فى حقيقته يکاد يفرغ النص من محتواه ، وبشکل أکثر توضيحا فعلى الرغم من أن المشرع قد ألغى عقوبة الحبس فى أربع مواد ، ومنهم ثلاث مواد تمثل النسبة الغالبة من قضايا النشر فى المحاکم المصرية إلا أن رفع الغرامةإلى مثليها بحيث وصلت فى بعض الأحيان إلى 20 ألف جنيه مصرى ، وإذا کان متوسط أجور الصحفيين لا يزيد عن 300-500جنيه مصرى فضلا  عن أن 46% من المصريين يعيشون تحت خط الفقر فإن ذلک يکشف لنا أن تلک العقوبة تشکل رادعا ضد أى صحفى أو إعلامى فى القيام بواجبه أو المواطن العادى نفسه الذى يستخدم الصحف کقناة للتعبير عن رأية تجاه الأحداث الحالية . فالتهديد بالعقوبة المالية القاسية يساوى التهديد بالسجن ، فوفقا لنص المادة 30 المعدلة بموجب القانون رقم 74 لسنة 2007 بتعديل بعض أحکام قانون الإجراءات الجنائية فى جميع الأحکام الصادرة فى جنح معاقب عليها بالغرامة التى لاتتجاوز20 ألف جنيه مصرى لاتقبل الطعن عليها  أمام محکمة النقض .

وفى تشديد وتقييد آخر من المشرع المصرى لحرية الرأى والتعبير، جاء تعديل المادة 178 من قانون العقوبات  شدد على نشر ماأسماه مطبوعات مخالفة للحياء العام فيصبح نص المادة بعد تعديلها " يعاقب بالحبس مدة لاتزيد على سنتين وبغرامة لاتقل عنن خمسة آلاف جنيه مصرى أو بإحدى هاتين العقوبتين کل من نشر أو صنع أو حاز بقصد الإتجار أو التوزيع أو الإيجار أو اللصق أو العرض مطبوعات أو مخطوطات أو رسومات أو إعلانات ، وصور محفورة أو مننقوشة أو رسوما يدوية أو فوتوغرافية أو إشارات رمزية أو غير ذلک من الأشياء أو الصور عامة إذا کانت خادشة للحياء العام ، ولم تکن المادة قبل التعديل تعاقب على النشر ولکنها کانت تعاقب على الصنع أو الحيازة بقصد الإتجار أو التوزيع أو العرض فقط فالمشرع أضاف الننشر ليشدد على الصحف خاصة وأن عبارة خادشة للحياء العام هى من العبارات المطاطة .

أما في فترة ما بعد ثورة 25 يناير 2011 فقد شهدت حرية الرأي والتعبير تطورات لم تختلف کثيراً عن ما قبل الثورة على النحو التالى :

-         ففي مرحلة الحکم العسکري، والتي تلت سقوط نظام حکم مبارک شهدت هذه المرحلة مايلى:

-         الإعلان الدستوري في مارس 2011 ،  والذي تضمن مادتين تدعمان حرية الرأي والتعبير هما المادة 12 ، والمادة 13، إلا أن هذه الفترة شهدت انتهاکات لحرية الرأي والتعبير منها :

-         المحاکمات العسکرية.

-         أحکام بالحبس والغرامة للنشطاء والصحفيين والمدونين.

-         الاعتداء على التجمعات السلمية.

   - مرحلة صعود الإخوان للحکم ، والتى حدث فيها العديد من الإنتهاکات لحرية الرأى والتعبير فقد جاء  دستور 2012  بنصوص غامضة تثير مخاوف على مستقبل حرية الرأي والإبداع وذلک على النحو التالى :

         -  المادة (45) المتعلقة بحرية الفکر والرأي

-         المادة (46) الخاصة بحرية الإبداع

-         المادة (47) التي تکفل حق الحصول على المعلومات والبيانات والإحصائيات فقد جاءت  هذه المواد غامضة وغير دقيقة في تحديد جوهر هذه الحقوق وکفالة والتزام الدولة بها.

-         مرحلة ما بعد صدور دستور 2014:

تجدر الإشارة إلى أن مرحلة ما بعد صدور دستور 2014 قد تم فيها إعادة النظر في العديد من القوانين ومن أبرزها- فيما يتعلق بحرية الرأي والتعبير- (قانون التظاهر { القانون رقم 107 لسنة 2013 } ، وقانون الإعلام وحرية الصحافةالصادر فى 5-12 -2016 الخاص بتنظيم الحق في الاجتماعات العامة والمواکب والتظاهرات السلمية ، وقانون مکافحة الإرهاب والذى جاءت الکثير من مواده مقيدة لحرية التعبير بضغط من الظروف التى تمر بها الدولة فى ظل محاربة الإرهاب فى الداخل والخارج ومن أبرزهذه المواد :

  • §           يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن خمس سنين کل من روج أو أعد للترويج، بطريق مباشر أو غير مباشر، لارتکاب أي جريمة إرهابية، سواء بالقول أو الکتابة أو بأي وسيلة أخرى.
  • §           يعاقب بالسجن المشدد مدة لا تقل عن خمس سنين، کل من أنشأ أو استخدم موقعا على شبکات الاتصالات أو شبکة المعلومات الدولية أو غيرها من وسائل الاتصال الحديثة، بغرض الترويج للأفکار أو المعتقدات الداعية إلى ارتکاب أعمال إرهابية، أو لبث ما يهدف إلى تضليل السلطات الأمنية، أو التأثير على سير العدالة فى شأن أي جريمة إرهابية.
  • §           يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تجاوز خمس سنين، کل من جمع دون مقتضً، معلومات عن أحد القائمين على تنفيذ أو تطبيق أحکام هذا القانون، وذلک بغرض استخدامها فى تهديده، أو فى الإعداد لإلحاق الأذى به أو بمصالحه، أو مصالح جهة عمله.
  • §           يعاقب بالحبس الذي لا تقل مدته عن سنتين، کل من تعمد نشر أخبار أو بيانات غير حقيقية عن أي عمليات إرهابية بما يخالف البيانات الرسمية الصادرة عن الجهات المعنية.
  • §           في قضايا الإرهاب المنصوص عليها في هذا القانون، يحظر، قيام أى فرد أو جهة بتسجيل أو تصوير وقائع جلسات المحاکمة بأي وسيلة کانت أو بثها عبر وسائل الإعلام المرئية أو المسموعة أو المقروءة أو على شبکات الاتصالات أو التواصل الاجتماعي أو على أي وسيلة أخرى، وذلک کله ما لم تأذن المحکمة.

وفى السياق ذاته أثارت بعض مواد قانون التظاهر العديد من التساؤلات وهو ما أدى برفع دعاوى قضائية من قبل عدد من المحامين أمام القضاء الإداري بعدم دستورية هذه المواد ومنها (م7 ، م8 ، م10 ، م19) ، فعلى سبيل المثال تنص المادة العاشرة من قانون التظاهر على أنه : " يجوز لوزير الداخلية أو مدير الأمن المختص في حالة حصول جهات الأمن – وقبل الميعاد المحدد لبدء الاجتماع العام أو الموکب أو التظاهرة – على معلومات جديدة أو دلائل على وجود ما يهدد الأمن والسلم ، أن يصدر قراراً مسبباً بمنع الاجتماع العام أو الموکب أو التظاهرة أو إرجائها أو نقلها إلى مکان آخر أو تغيير مسارها. على أن يبلغ مقدمي الإخطار بذلک القرار قبل الميعاد المحدد بأربع وعشرين ساعة على الأقل.

ومع عدم الإخلال باختصاص محکمة القضاء الإداري ، يجوز لمقدمة الإخطار التظلم من قرار المنع أو الإرجاء إلى قاضي الأمور الوقتية بالمحکمة الابتدائية المختصة على أن يصدر قراره على وجه السرعة.(42)

وقد قضت المحکمة الدستورية في 2016 ببطلان هذه المادة لأنها تتعارض مع الدستور. وجاء رأي المحکمة في الحکم أنه إذا کانت الفقرة الأولى من المادة العاشرة من القانون رقم 107 لسنة 2013 قد منحت وزير الداخلية ومدير الأمن المختص حق إصدار قرار بمنع الاجتماع أو التظاهر المخطر عنها أو إرجائها أو نقلها ، فإنها تکون بذلک قد منحت الإخطار إذناً ، مما يوقعها في مخالفة المواد ( 1/1 ، 1/73 ، 2/92 ، 1/9 ) من الدستور ، ومن ثم يتعين القضاء بعدم دستوريتها. کذلک قضت المحکمة بعدم دستورية الفقرة الثانية من نفس المادة.

کما تضمن القانون في مواده الأخرى مصطلحات فضفاضة وغامضة مثل تعطيل الإنتاج ، وعدم إيلاء التجمعات العفوية أية أهمية بخصوص الإخطار.(43) ولم يضع القانون ضوابط في حالة عدم استلام الشرطة الإخطار أو تراخيها عمداً أو إهمالاً في تحديد موقفها منه وهو ما يفتح الباب أمام الشرطة بانتهاک حقوق المواطنين ، ولم يضع أيضاً القانون المعايير التي يحدد مسئولوا الإدارة المحلية على أساسها المناطق المسموح فيها بالتظاهر ، کما سوى القانون بين الاجتماع العام والتظاهرة ، ونص القانون أيضاً على عقوبات مغلظة غير مناسبة ، ولم يتضمن القانون تحديداً لدور الشرطة حال وجود أکثر من إخطار لمظاهرات متعارضة في نفس الزمان والمکان مثلما فعلت القوانين الغربية.(44)

وفي ذات الاتجاه يأتي مشروع قانون الصحافة والإعلام (قانون الهيئات الإعلامية) لفرض مزيد من السيطرة على الإعلام في الفترة المقبلة ، إلى جانب أن الحکومة قد جمدت قانون "الصحافة الموحد" الذي کان قد تم الاتفاق عليه في حکومة المهندس إبراهيم محلب. ويقوم القانون على إعادة هيکلة للإعلام وفق أسس جديدة ، إذ تضمن إلغاء القانون رقم 13 لسنة 1979 في شأن اتحاد الإذاعة والتلفزيون ، وکذلک الباب الرابع من القانون رقم 96 لسنة 96. وهو ما يعني إلغاء الکيانات التي تدير العمل الإعلامي والصحفي واستبدالها بکيانات أخرى.

وطبقاً للقانون تم إنشاء الهيئة الوطنية للإعلام لتحل محل اتحاد الإذاعة والتلفزيون ، بما يضمن التزام المؤسسات الإعلامية المملوکة للدولة بمقتضيات الأمن القومي ، کما تنص المادة 83 على أن تحل الهيئة الوطنية للصحافة محل المجلس الأعلى للصحافة ، وتنص المادة 84 على أن تحل الهيئة الوطنية للإعلام محل اتحاد الإذاعة والتلفزيون ، کما حددت المادة 6 من مشروع القانون المقدم من الحکومة کيفية تشکيل المجلس الأعلى للإعلام ، فرئيس المجلس يختاره رئيس الجمهورية ، نائب رئيس مجلس الدولة – رئيس جهاز حماية المنافسة ومنع المنافسات الاحتکارية – ممثل عن الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات – اثنين من الصحفيين – اثنين من الإعلاميين – اثنين من الشخصيات العامة وذوي الخبرة يختارهما رئيس الجمهورية – اثنين من الشخصات العامة وذوي الخبرة يختارهما مجلس النواب من غير أعضائه ، وممثل عن المجلس الأعلى للجامعات من أساتذة الصحافة والإعلام العاملين بالجامعات المصرية.(45)

وتجدر الإشارة إلى أن هناک العديد من المطالبات بتعديل قانون العقوبات بما يتلاءم وفترة مابعد الثورة وتمثل ذلک فى  مشروع قانون مقدم للجنة التشريعية بمجلس النواب 2017بشأن تعديل بعض أحکام قانون العقوبات المصرى.(45)

  • · 

 

 

خاتمة الدراسة:

 

مما لاشک فيه أن حرية الرأي والتعبير وما يرتبط بها من حقوق مثل الحق في التجمع السلمي والحصول على المعلومات من الحقوق الأصيلة التي - وکما أوضحت الدراسة - أکدت عليها المواثيق والإعلانات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان .

ولکن وکما لوحظ أنه بالرغم من أن القانون الدولي يقر هذه الحقوق ويضع من الآليات اللازمة لتحقيق وحماية ممارستها،إلا أننا نجد أن الدول التي التزمتً بتننفيذوتطبيق هذه الحقوق تضع من القيود والعراقيل ما يقيد هذه الحقوق بل ويفرغها من محتواها بطريقة تنتهک حقوق مواطنيها في ممارسة والحصول على هذا الحق ، لذا تخرج الدراسة بالنتائج التالية :

-         أن واقع الحال فى کثير من الدول فى العالم يشهدتناقض بين ماتلتزم به الدول فى  المواثيق والإتفاقيات الدولية  والتى تؤکد على الحق فى حرية الرأى والتعبير ، وبين ماتسنه هذه الدول من تشريعات وطنية تقيد هذا الحق .

-          أن الحق فى حرية الرأى والتعبير هو جوهر وأساس کل الحقوق فمن خلالة يتم التعبير عن کافة الحقوق الأخرى .

-         أن الحق فى حرية الرأى والتعبير هو أساس الديمقراطية السليمة

أهم التوصيات :

-          يجب العمل على اتخاذ التدابير القانونية ووضع الآليات التي تمکن المواطن من حقه في حرية الرأي والتعبير الذي أقرته المواثيق الدولية.

-          يجب إعادة النظر في القوانين وخاصة بعد الثورة التي کان هدفها الأساسي هو حرية المواطن وإقامة نظام ديمقراطي سليم يقوم على المشارکة بالرأي وحرية التعبير.

-          يجب إعادة النظر في قانون العقوبات وإعطاء مزيد من الحرية في التعبير عن الرأي وتحديد المفاهيم التي تشملها القوانين بحيث لا تکون مفاهيم مطاطة تعطي المسئولين الفرصة لتقييد الحريات.

-          التقليل من هيمنة السلطة التنفيذية على الإعلام وحرية الصحافة حتى نصل إلى ديمقراطية حقيقية.

-          خلق ثقافة المشارکة لدى المواطنين ، وبناء جسور ثقة بين المواطن والنظام بتقليص القيود المفروضة على الحريات. فيجب أن نعي جيداً أن کبت حرية الرأي والتعبير أدى إلى خروج الشعب لإسقاط نظام استمر 30 عاماً.

-          إن حرية الرأى والتعبير ثقافة يجب أن تربى عليها الشعوب بأن تعى أن من حق المواطن التعبير عن رأيه، وفى نفس الوقت يعى أن حرية الرأى والتعبير حق له حدود وليس مطلقا فهو يبنى مجتمع ويحافظ على قيمه ومبادئه ولذا توصى الدراسة فى هذا الإطار بأننا فى حاجة إلى ثقافة حقوق إنسان حتى نستطيع کشعب أن نستخدم هذه الحقوق بالوجة أو بالطريقة المثلى البناءة التى تضمن للمواطن حقة وتمکن الوطن من حماية مصالحة العليا وهذا لن يتأتى إلا بتضافر کل مؤسسات الدولة وعلى رأسها الإعلام من أجل تحقيق ذلک.

فوفقا للمادة 19 من العهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية سالفة الذکر من الممکن إخضاع الحق فى حرية الرأى والتعبير لبعض القيود ولکن شريطة أن تکون محددة  بنص القانون

-         لاحترام حقوق ألآخرين أو سمعتهم.

-          لحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة أو الآداب العامة..

 

 

 

(1)انظر : أحمد عزت ، حريات التعبير والدستور الجديد ، مؤسسة حرية الفکر والتعبير ، أبريل 2012 ، ص4.
(2)يرى روبرت دال أن النظام الديمقراطي هو النظام الذي تتوفر فيه فرص المشارکة في صنع القرار ( سليم برکات ، الديمقراطية والعدالة الاجتماعية ، رام الله).
(3)د. جعفر عبد السلام ، تطور النظام القانوني لحقوق الإنسان في إطار القانون الدولي العام ، المجلة المصرية للقانون الدولي ، المجلد 43 ، 1987 ، ص ص 35 – 38.
- د. غسان الجندي ، نظرية التدخل لصالح الإنسانية في القانون الدولي العام ، المجلة المصرية للقانون الدولي ، المجلد 43 ، 1987 ، ص 161.
(4)انظر تفاصيل ذلک في :
- د. محمد يوسف علوان ، ملاحظات حول بعض جوانب الحماية الدولية لحقوق الإنسان ، مجلة الحقوق ، السنة 6 العدد 3 ، سبتمبر 1982 ، ص ص 196 – 202.
- د. جعفر عبد السلام ، مرجع سابق ، ص ص 36 – 37.
- د. أحمد عبد الونيس شتا ، الدولة العاصية: دراسة في التعارض بين مواقف الدول والتزاماتها الدولية في الأمم المتحدة ، مع إشارة خاصة إلى إسرائيل وجنوب أفريقيا ، رسالة دکتوراة ، کلية الاقتصاد والعلوم السياسية ، جامعة القاهرة ، 1986 ، ص ص 319 – 312.
- د. أحمد الرشيدي ، حقوق الإنسان ، دراسة مقارنة في النظرية والتطبيق ، مکتبة الشرق الدولية ، القاهرة ، الطبعة الثانية ، 2005 ، ص ص 253 وما بعدها.
- د. هالة السيد إسماعيل الهلالي ، دور الأمم المتحدة في حماية حقوق المرأة ، دراسة حالة : لجنة مناهضة التمييز ضد المرأة ، رسالة ماجستير ، کلية الاقتصاد والعلوم السياسية ، جامعة القاهرة ، 2003 ، ص 18.
(5)–  د. عبد العزيز سرحان ، الإطار القانوني لحقوق الإنسان في القانون الدولي ، دار الهنا للطباعة ، القاهرة ، الطبعة الأولى ، 1987 ص 105.
- د. محمد سامي عبد الحميد ، قانون المنظمات الدولية ، دار الثقافة الجامعية ، الإسکنرية ، الطبعة الخامسة ، 1980 ، ص ص 82 – 86.
- د. صلاح الدين عامر ، مقدمة لدراسة القانون الدولي العام ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، الطبعة الثانية 1995 ، ص ص 107 – 109.
–  Hans Kelsen, The Law of the United Nations, Stevens and sons, London, 1951 P. 77.
–  J. Steiner and Philip Alston, International Human Rights in Context : Law, Politics, Morals, (Text and Materials), Carlendon press, Oxford, 1996 p.8.
(6)– محمد يوسف علوان ، مرجع سابق ، ص ص 201 – 202.
- د. جعفر عبد السلام ، مرجع سابق ، ص 38.
- د. محمد سامي عبد الحميد ، مرجع سابق ، ص 86.
- د. هالة السيد إسماعيل الهلالي ، مرجع سابق ، ص ص 19 - 20.
(7)لمزيد من التفاصيل حول العوامل والدوافع التي کانت وراء الاهتمام الدولي بحقوق الإنسان وتطور الحماية الدولية في هذا الشأن انظر :
 –Unico, vol: IV P. 118, vol: p. 372.
- Louis B. Sohn and Thomas Burgenthal, International Protection of Human Rights, The Bobbe-Merrille Co. inc, New York, 1973m P. 510.
- د. عصام زناتي ، حقوق الإنسان في إطار الأمم المتحدة ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 1997/1998 ص ص 6 – 10.
- د. عبد العزيز سرحان ، مرجع سابق ، ص 105.
- د. هالة السيد ، مرجع سابق ، ص 22.
(8)راجع – على سبيل المثال – ديباجة ميثاق الأمم المتحدة ، والمواد 1/2 ، 55 ، 56 ، 62
وانظر کذلک : Malcolm N. Shaw, International Law, Cambridge University press, Cambridge, Fourth edition, 1999, p. 196.                            
- د. أحمد عبد الونيس ، مرجع سابق ، ص ص 321 – 327.
- د. أحمد الرشيدي ، مرجع سابق ، ص ص 117 – 119.
(9)Egon Schwelb, The International Court of Justice and the Human Rights Clauses of the Charter, AJIL, vol. 66, pp. 346 – 351.
(10)Egon Schwelb, An Instance of Enforcing the Universal Declaration of Human Rights ICLQ, vol. 22, Jan 1973 pp. 161 – 162.
- Steiner and Alston, Op Cit., pp. 120 – 121.
د. جعفر عبد السلام ، مرجع سابق ، ص 45 ، وهو يشير إلى العديد من الدول کغينيا والجزائر ورواندا والسنغال التي ضمنت دساتيرها إشارات عن الإعلان.
- د. هالة السيد إسماعيل ، مرجع سابق ، ص ص 28 - 29.
(11)د. أحمد عبد الونيس ، مرجع سابق ، ص ص 332 – 333.
- د. أحمد الرشيدي ، مرجع سابق ، ص ص 120 – 123.
- L. Sohn and Burgenthal, Op Cit., pp. 511 – 512.
(12)Ibrahim Badawi Elsheikh, The Implementation of the International Covenants on Human Rights, Ph. D, Faculty of Economics & Political Sciences, Cairo Univ., 1984, p. 58.
- د. عصام زناتي ، مرجع سابق ، ص ص 82 وما بعدها.
- د. جعفر عبد السلام ، مرجع سابق ، ص ص 50 – 51.
- د. عبد العزيز سرحان ، مرجع سابق ، ص ص 123 – 125.
- عمران الشافعي ، تقرير العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية بين النظرية والتطبيق ، المجلة المصرية للقانون الدولي ، المجلد 43 ، 1987 ، ص ص 186 – 187.
- د. أحمد عبد الونيس شتا ، مرجع سابق ، ص ص 428 – 429.
- د. هالة السيد إسماعيل ، مرجع سابق ، ص ص 33 – 35.
(13)انظر على سبيل المثال : المواد 1 – 2 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ، المواد 6 – 18 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية.
(14)Medjati, Human Rights Under The European Convention on Human Rights, The European Yearbook on Human Rights, vol. 4, 1978, p. 270, and vol. 12, p. 174.
- Malcolm N. Shaw, Op. Cit., pp. 209 – 211.
(15)ICJ, Reports, 1993, pp. 324 – 325, p. 350.
- IRL, vol. 95, p. 43, p. 68.
- Shaw, Op Cit., pp. 210 – 211.
- G. Levassuer, The Prevention of Genocide, ICLQ, vol. 8. no. 2, 1969, pp. 14 – 28.
وانظر کذلک : د. أحمد عبد الونيس شتا ، مرجع سابق ، ص ص 224 – 225.
(16)انظر المادة 1 من الاتفاقية.
وانظر کذلک : د. هالة السيد إسماعيل ، مرجع سابق ، ص ص 39 – 40.
(17)انظر على سبيل المثال المواد 1 ، 2 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية.
وانظر کذلک :
- M. C. Carven, The International Convention on Economic, Social and Cultural Rights, Oxford University press, Oxford 1995, Chap. 4.
(18)Shaw, Op Cit., p. 214.
(19)PCIJ, Series. A/B 64, 1935, P. 19, IRL vol. 8, pp. 386 – 390 (cited in Ibed.,P. 214.)
(20)انظر المادة (4/1) من الاتفاقية الدولية للقضاء على التمييز ضد المرأة.
انظر بصفة اساسية : هالة السيد ، مرجع سابق ، ص ص 40 – 41 ، ص ص 88 – 93.
(21)تنص المادة السابعة من العهد الدولي للحقوق المنية والسياسية على أنه " لا يجوز إخضاع أي فرد للتعذيب أو لعقوبة أو معاملة قاسية أو غير إنسانية أو مهينة. وعلى وجه الخصوص فإنه لا يجوز إخضاع أي فرد دون رضائه الحر للتجارب الطبية أو العلمية " کما تقضي المادة الخامسة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بأن " لا يعرض أي إنسان للتعذيب ولا العقوبات أو للمعاملة القاسية أو الحشية أو المحطة للکرامة " کما تقضي المادة الثالثة من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان على أنه " لا يخضع أحد للتعذيب أو العقوبات والمعاملات غير الإنسانية أو الاستثنائية ".
(22)د. عبد العزيز سرحان ، مرجع سابق ، ص ص 229 – 230.
- د. هالة السيد ، مرجع سابق ، ص ص 42 – 43.
(23)GA. Official Records, GA Res. 3452/30
(24)د. عبد العزيز سرحان ، مرجع سابق ، ص 243.
د. هالة السيد ، مرجع سابق ، ص ص 43 – 44.
(25)انظر المادة (8) من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية.
(26)د. عدنان خليل التلاوي ، القانون الدولي للعمل ، المکتبة العربية في جنيف ، جنيف ، الطبعة الأولى ، 1990 ، ص ص 308 – 331.
- د. أحمد عبد الونيس ، القواعد والمعايير الأساسية للقانون الدولي للعمل ، في د. إبراهيم عوض ، د. أحمد عبد الونيس (محرران) ، القانون الدولي للعمل من النشأة إلى زمن العولمة ، مکتب العمل الدولي ، القاهرة ، الطبعة الأولى ، 2005 ، ص 40.
(27)د. عبد العزيز سرحان ، مرجع سابق ، ص 243.
- د. عدنان التلاوي ، مرجع سابق ص ص ، 313 – 320.
(28)إکرام بدر الدين ، الديمقراطية الليبرالية ونماذجها التطبيقية (بيروت : دار الجوهرة للطباعة والنشر والتوزيع) ، 1986 ، ص36.
(29)د. نيفين مسعد وآخرون، معجم المصطلحات السياسية ، القاهرة ، مرکز البحوث والدراسات السياسية ، 1994 ، ص244.
(30)غسان عبد الهادي إبراهيم ، التدخل الإنساني ظاهرة غير إنسانية ، الحوار المتمدن ، العدد 1319 ، 2005 ، ص6 – 19. على الرابط
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=45630-21-2-2013
(31)د. عماد جاد ، التدخل الدولي بين الإنساني والسياسي، مجلة الديمقراطية، العدد الثاني، 2001 ، ص68.
للمزيد في تعريف حرية الرأي والتعبير انظر في :
-    Thomas G. Weiss, “Military – Civilian Interactions – Intervening in Humanitarian Crisis”, (Lanham, Md: Row man and Little Field, 1999), pp. 49 – 51.
-    John Mearsheimer and Stephen Walt, The Israel Lobby and U.S Foreign Policy, In Abd El-Khabeer Mahmoud Ahmad, “Reading in Political Science”, (Asyut University, Faculty of Commerce, Six Edition, 2007), pp. 126-127, Richard N. Haass, “The New Middle East, In Prof Dr. Abd El-Khabeer Aha, op. cit, pp. 200-203.
-    Karen Hipple, “Democracy by Force: U.S Military Intervention in the Post Cold War World” (United Kingdom: Cambridge University Press, 2000, pp. 61-68.
-    The Use of Force in U.S Peace “Look at: Findlay, Trevor, Operations” (New York, Oxford University  press, 2002), pp. 262 – 263.
-    James B. Steinberg, “International Involvement in the Yugoslovia Conflict” : In Lori Fisler Damrosch, (ed) Enforcing Restraint : “Collective Intervention in International Conflicts”, (New York: Council of Foreign Relations Press, 1993), pp. 42-46.   
(32)فؤاد خورشيد ، تحليل جيوبوليتيکي نقدي ، الحوار المتمدن ، العدد : 3724 – 12 ، 2/5/2011.
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?.aid-307116.
(33)Hayder al-Khoei, Iraq Shauld back Syria’s Uprising, The Guardian, 10 June 2011.
http://www.guardian.co.uk/commentis free/2011/jun/10/iraq-support-syria-uprising-democratic-change.
انظر في ذلک السياق أيضاً :
-    Fatima Konji, Bahrain : Injustice and Violence Continuo Whilo West Keeps Quiet, 17 August 2012.
http://blogs.independent.co.uk/2012/08/17/bahrain-industice-and-violeno-continue-while-west-keeps-quiet/.
(34)المرکز الفلسطيني ، الحق في حرية الرأي والتعبير ، على : www.pchrgaza.org
(35)www.nrttv.com/ar/birura-details.aspx?3-32017.
(36)المرکز الفلسطيني ، مرجع سابق.
(37)مؤسسة الحق ، الحق في حرية التجمع ، نشرة غير دورية رقم 12 ، رام الله : مؤسسة الحق ، 1995 ، ص13.
(38)انظر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
(39)انظر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
(40)انظر : د. إبراهيم الدقاق ، حرية الإعلام، مجلة الثقافة، العدد الخامس، السنة السادسة ، بغداد 1976، ص18.
(41)د. سعيد الصديقي ، القوى السياسية عبر الوطنية : قراءة في تأثير الفاعلين غير الحکوميين في السياسة العالمية في : د. حافظ عبد الرحيم وآخرون ، السيادة والسلطة ، بيروت ، مرکز دراسات الوحدة العربية ، 2006 ، ص85.
- هناک العديد من نصوص مواد قانون العقوبات التي تشکل قيوداً على حرية الرأي والتعبير منها : المادة 160 ، 171 ، 174 ، 175 ، 176 ، 177 ، 178 ، 178 مکرر ثانياً ، 179 ، 181 ، 182 ، 184 ، 185 ، 186 ، 187 ، 188 ، 190 ، 191 ، 192 ، 193.
انظر ذلک في : حمدي الأسيوطي ، السب والقذف وحرية الرأي والتعبير ، الشبکة العربية لمعلومات حقوق الإنسان ، بدون سنة نشر ، ص16.
 
(42)انظر في نص قانون التظاهر المنشور بالجردية الرسمية ، العدد 47 مکرر الصادر في 20 محرم 1435هـ والموافق 24 نوفمبر 2013م.
(43)المرجع السابق.
(44)لجنة تقصي حقائق 30 يونيو ، عيوب بقانون التظاهره بها شبه غير دستورية. على الرابط:
http://m.almesryon.com/604507-10-%D8%B9%D9.
(45)سعيد العربي ، قانون الصحافة الجديد .. مشروع لتأميم الإعلام ، البديل ، 5 ديسمبر 2016. على الرابط :
Elbadil.com/2016/12/51%D9%82%D8%A7%D9.

(46)نور على ، مشروع مقدم لتعديل قانون العقوبات ، جريدة المصرى اليوم ، الاثنين 8 مايو 2017. على الرابط :

http://www.youm7.com/story/2017/5/8/%D9%86%D9%86%D8%B4%D8%B1-%D9%85%D8%B4%D8%B1%D9%88%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%A7%D9%86%D9%88%D9%86-